فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
9

علي الدليوي العياري: الفارس الشاعر

العدد 9 - أدب شعبي
علي الدليوي العياري: الفارس الشاعر
كاتب من تونس

ما زال أولاد عيّار1 إلى يوم الناس هذا- سواء أكانوا شيوخا أم كهولا أم شبابا- إذا سألتهم عن علي الدليوي2  يذكرونه رغم طول العهد واتصال البعد ذكر الإعجاب والتوقير3 والفخر والزهو رغم أنّ بعضهم يتحفّظ على ما يمكن عدّه نقصا في التقوى أو قلّة ورع باعتبار ما كان ينسب إلى الرجل من أنّه «تِبْعُ نساء» له من المغامرات العاطفية ما تجاوز موطنه المألوف ليصل إلى عاصمة تونس4 وبعض أطراف القطر الجزائري5.

والواقع أنّ شخصيّة الرجل ذات أبعاد معيّنة قد جعلت منه أبرز بطل من أبطال قبيلته المذكورين. ولا غرو فهو من حيث القيمة الشخصية فارس شاعر جمع بين عدد من الخصال والفضائل لعلّ من أهمّها إقدام الفرسان وعبقريّة الشعراء.

وهو – إذ يشترك في هذين البعدين المتّصلين بعالم الفعل الحربي والقول الشعري مع سائر الفرسان والشعراء- يتميّز عن عمومهم بالنظر إلى ما أثر عنه من أشعار مخصوصة في عدد من أغراضها ومعانيها منها ما تعلّق بالمساجلات من جهة والتأملات من جهة ثانية ومنها ما يذكّر –على نحو من الأنحاء- بعدد من أعلام الأدب العربي القديم وخاصّة عنترة بن شدّاد العبسي6 ومالك بن الرّيب المازني7.

ولعلّه يجـدر بالمرء- قبل تناول جانب المقارنة هذا وما يتّصل به- أن يقدّم لمحة مجملة عن سيـرة الرجل وما أثـر عنه، فقد عاش علي الدليوي- وفق ما احتفظت به الرواية الشفوية – خلال القرن التاسع عشر للميلاد8 إذ ولد فـي أوائله. نشأ يتيم الأب فـي عائلة فقيرة 9 وزاول

 تعلّمه على يدي مؤدّب الدوّار10 حتى حفظ القرآن في سنّ مبكّرة، وصار كما يقال «حامل الستّين»11 وكأنّما عدّ ذلك علامة من جملة العلامات الدّالة على مدى فطنته وبروزه فضلا عن تعويله على نفسه12.

ويبدو من المعطيات الشحيحة المتوفّرة13 أنّ حياة علي الدليوي كانت مضطربة بعض الاضطراب، ذلك أنّ الروايات المتداولة تشاء – زيادة على ما تقدّم ذكره- أن تجعل أفعاله وردود أفعاله تتراوح بين متطلّبات الفتوّة وما يقتضيه تمثيل القبيلة من أعمال تتصل بالعالم الدنيوي من ناحية وجانب آخر شبه غيبي يجعل منه رجلا أشبه ما يكون بأصحاب الخطرات والكرامات لاسيّما بالنظر إلى ما ينسب إليه من رؤى يراها في المنام وشبهه لا تلبث أحداثها أن تتحقّق في مجرى الواقع. وتشاء إحدى الروايات أن تجسّد هذين المظهرين برؤيا رآها في ما يمكن اعتباره حلما من أحلام اليقظة كما يقال. كان في صباه- وهو يمحو الألواح في أحد الأودية المجاورة الجارية عيونها- حتى وقف عليه شيخ وقور أبيض اللحية والملبس ثمّ أخذ حفنة من ماء كدر وأخرى من ماء صاف وسأل الصبيّ مخيّرا إيّاه قائلا: «من أيّهما تشرب؟» فأجابه الصبيّ قائلا دون تردّد: «من كليهما». وقد أوّل بعض معبّري الرؤيا هذا المشهد بأنّ محتوى الحفنتين المختلف هو جانب الصفاء والنقاوة والورع والتقوى والطّهر والصلاح من ناحية وجانب الغثارة والعتمة والكدر الذي من شأنه أن يقود إلى الغواية وما إليها من مغامرات عاطفيّة من ناحية أخرى.

وإذا التفت المرء إلى ما أثر عنه وجد أنّ أشعاره يمكن تصنيفها صنفين: أولهما مقطّعات تتراوح أبيات الواحدة منهما بين بيت أو بيتين أو أكثر، وثانيهما ما يجوز اعتباره قصائد تمتاز بنوع من الطول النسبي لاسيّما إذا قورنت بصنف الأشعار الأوّل. وتعتبر المدوّنة الشعرية التي أثرت عن الرجل ثريّة نسبيا ولعلّ تناولها بالإحصاء من شأنه أن يقدّم عنها صورة واضحة بعض الوضوح على الأقلّ. وفي ما يلي جدول يتضمّن المقطّعات وعدد أبياتها ومجموعها وأمثلة منها:

المقطّعات

مجموع الأبيات      

ذات البيت الواحد      2

2

ذات البيتين             21

42

ذات الأبيات الثلاثة     7

21

ذات الأربعة أبيات      4

16

ذات الخمسة أبيات     3

15

ذات الستة أبيات       2

12

جملة الأبيات

108

 

ولعلّه من المفيد أن نسوق على سبيل التمثيل المجسّم عددا من النماذج التي تمثّلها المقطّعات على اختلاف عدد أبياتها. فمن أمثلة المقطّعات ذات الأبيات المفردة قول الشاعر:

أنثى شارف14 تصعب على العريف واللي عارف

حلقه زادوها أربعة طوارف هزّوها15 للولاّم16 ولّمها

ومن أمثلة المقطّعات ثنائيّة التركيب قوله:

سقّدت17 من تونس الصبح

صلّيت في بوعراده18

هزّيت19 صوت20 من السرس21

نبحت كلاب الحمادة22

ومن أمثلة المقطّعات الثلاثية قوله:

على فايزه الأزرق23 يعبّ24

وخاشّ وطن الصحاري

على فايزة واش السبب غير فزّع25

قوم الذراري

اسمي على راكب الصّوش26

وسيفي برق اللي يشالي27

ومن أمثلة المقطّعات الرباعيّة قوله:

طلعت من ماطر28 الصبح

عشّيت كان بوعراده

نكرت29 فيه زوز براريم30

جوا تحت عذار القلادة

خايف من بحت31 القفزات

ليتمزّق رداه32 في فؤاده

مولاه يموت مقتول

وإلاّ على غير راده33

ومن أمثلة المقطّعات الخماسيّة قول الشاعر:

نا ساير في مدينة صبره

عرضني فارس في الثنية قال

كي قلتلو ما تردّ لي خيره

يا فارس ماك سيد الرجال

ولّي دبّق34 شاش35 فيّ بنظره

وقالّي تقول هذا المحال

كي تفتفت36 على سيف القدره

وشقّيت37 راسه من الوسط شقّان

نزلت وغسلت ايدي على مساين38 قبره

وتمّيت ساير في الهوا 39 مطمان

ومن أمثلة المقطّعات السداسيّة قول صاحبها:

بتنا سيدي بوزيد40

وعزمنا41 عقب الليله

وصبحت جرّته42 في القماميد43

وفرزوه من وسط خيله44

ونا نزهر45 عليهم كيف الصيد46

يا خيل اخطو كحيله47

وشعلت فيهم قبص48 في

وسط محاصيد49 الريح

غربي50 والدنيا شهيله51

يا الماشي سلّملي على أولاد عيّار

والبعض من دريد52

وقلّهم الأزرق مات

البسوا الهداهيد53 وزيدوا العديلة54

1) المقـطّعــات:

أ)  المساجلات

يلاحظ أنّ مقطّعات الشعر جاءت بصفة عامّة في شكل مساجلات ومن أمثلة ذلك ما وقع بينه وبين سعد الأزرق55 وهو شاعر مثله، وهي مساجلات تشبه الأحاجي إذ هي عبارة عن لغز ينشئه الشاعر شعرا وعلى مساجِلِه أن يفكّ ذلك اللغز ببيت أو ببضعة أبيات تكون على الوزن نفسه وعلى القافية ذاتها. وهذا المظهر يذكّرنا بصورة أو بأخرى بالنقائض56 لاسيّما أنّ بعضها قد أشرب شيئا من معاني الهجاء مثلما تؤكّده مناظراته مع سعد الأزرق ومنها أن نظر مُسَاجِلُهُ إلى صفيحة مثبتة بأسفل حافر الحصان الذي كان يركبه علي الدليوي فقال:

على أنثى قديمة تحت القدم قدمها

تصعب على العرّاف لا تنجّمها

فأجابه علي الدليوي بقوله:

أنثى شارف تصعب على العريف

واللي عارف

حلقه زادوها أربعة طوارف

 هزّها للولاّم يولمّها

وهذه الطريقة في تناول الشعر وتداوله تذكّر –على نحو من الأنحاء- بالمعارضات الشعرية كما تذكّر بصورة أو بأخرى بشعر أصحاب النقائض57.

وإذا كان هذا النوع يذكّر بذينك الفنين فإنّ له مصطلحه الخاصّ به إذ تطلق عليه عبارة المسقّف58 وهو بمثابة الأحجية يوردها صاحبها شعرا ويتعيّن على الطرف المقابل أن يجيب عنها شعرا أيضا، وإن لم يفعل ذلك بتوفيق ظلّ مقيّدا مغلوبا على صعيد القول الشعري ويعتبر «مربوطا» كما يقال أي أنه مقيّد لا فكاك له إلا إذا وفّق في فكّ اللغز بالفهم من جهة وبالصياغة الشعرية المناسبة من جهة أخرى.

ومن المساجلات ما دار بينه وبين مساجلين آخرين من شعراء وفقهاء وأصحاب بركات59 وأطراف اجتماعيين، فقد شاءت الروايات المتداولة أن يلتقي علي الدليوي بسعد الأزرق وتدور بينهما مفاخرات موضوعها المفاضلة بين المَواطن وساكنيها فهذا شاعر الجنوب يقدم على ذمّ موطن الشمال لعدم اعتدال تضاريسه وكثرة منحدراته ووفرة وحله الذي لا يثبت عليه وتد حتى تنتصب الخيام انتصابها المألوف. يقول الشاعر اليزيدي:

بلادك لا زاهيه ولا ما يزهّيها

ولا وين يرزموا الاوتاد

ماذا من حداري وشعب تصبّ فيها

من حدره لحدره تجي60 في واد

وما هي إلا أن يجيبه علي الدليوي في نوع من التعيير الحادّ والعبارات المؤذية قائلا:

دعوة من الأنبياء سابقة فيها

بناتك يا خاين61 يا قفر 62 يا مرماد63

كلّ عام يجو مصيّفين64 فيها

وانت ظلّيت بمنجلك كدّاد65

أما الصحراء آش اللّي فيها

لا معلم فيها ولا واد.

وفي رواية أخرى يقول سعد الأزرق:

افريقيا 66 آش اللي فيها

تطلع من شعبة تجي في واد

كان القطرة67 غالقة ظلاليها68

واليمّ 69سادّ الاهواد70

نا ولله ما نشتّي71

فيها كيف نرحل على الاكباد72

وفي رواية أخرى يجيبه علي الدليوي بقوله:

لو كان تعرف خصايلها73

ما تبوح بفعايلها74 يا قفر  يا مرماد

أسواق ترسم75 كل خير فيها

ناسها فراسين76 فوق ظهور أعياد77

واحد كيفك جا 78مصيّف فيها

يحصد فيها بمنجل كدّاد

نا بلادي الحمادة79شاسعة وعريضة

كلّ عام يوقع فيها حصاد

أمّا الصحرا80 آش اللي فيها

كان الغيم81 سادّ الاهواد

ويبدو علي الدليوي –حسب الروايات المتوفرة – حاضر البديهة كلّما سأله أحد شعرا أجابه شعرا، ولا تخلو إجاباته الشعرية من بعض الإلمام بالمعارف الضرورية للمعاش والمعاد. سأله شيخ جامع بمدينة تونس عن الوضوء والتيمّم قائلا:

يا ساير82 علاش تخمّم83

أما أفضل الوضوء ولاّ التيمّم

فما كان من علي الدليوي إلا أن أجابه على الفور قائلا:

الوضوء لأهل الفريضة

جامع وميضة84 وبركة عريضة

أمّا التيمّم على اللّي

محتاج قلبه يخمّم

منقوصة صلاتو كي85

يعوم86 في بير87 زمزم

 

وغير بعيد من هذا ما دار بين الشاعر ووالد فايزة التي عزم على الزواج منها لجمالها الفتّان ومرتبتها الاجتماعية الرفيعة في قبيلة النمامشة إذ أجاب علي الدليوي والدها بقوله:

على فايزه الأزرق88 يعبّ89

وخاشّ90 وطن الصحاري

على فايزه واش91 السّبب

غير فزّع92 قوم الذراري93

اسمي علي راكب الصّوش

وسيفي برق اللّي94 يشالي95

ب) التـأملات:

ويبدو من خلال المدوّنة المتوفّرة أنّ الشاعر تناول عددا من الأغراض كالهجاء والفخر ووصف الخيل. غير أنّ ما يسترعي الانتباه بصورة عامّة هو أنّ مثل هذه الأغراض ترد في غير استقلال ولا انفصال حتى إنّ الغرض الواحد لا يكاد يمثّل وحدة بنائية ومعنوية منفردة قائمة بذاتها بل نجده موزّعا منجّما على عدّة مقطّعات. أمّا المعاني فتتراوح بين التأمّل في أحوال الناس وصروف الدهر ونواميس الحياة بما هي قوانين كليّة متحكمة في الكون عامّة وفي مصائر بني الإنسان خاصّة.

ومن عجب أنّ مثل هذه اللوحات قد تنطلق من اللمحة الهزلية الحاملة لنفحات من السخرية المرحة لتصل إلى ما يمكن اعتباره حٍكَما بالغة، فهذه مقطّعة ثنائية يعرض فيها الدليوي فرق ما بين الخليّ والمهموم ويقرن ذلك بقرينة واحدة دالّة معبّرة هي الليل في حالتي القصر والطول، وهو ما يعبّر عنه في أيامنا هذه بمصطلح « الزمن النفسي «الذي لا صلة له تذكر بمدّة الزمن المادي بقدر ما له من علاقة بالحالة النفسية وما يترتب عليها من إحساس بالزمن96. يقول الشاعر في ذلك:

ما اقصر الليل على المتهنّي97

ومطول الليل على الكاثرات اوجاعه

يا ويل من ياخذ98 مباركة بنتي

ما تعرفشي الحنظلة م الدلاّعه99

هاهو الشاعر – في لحظة من لحظات الصفاء الذهني – يسعى إلى أن يتجرّد ويتخلّص من ميل الأهواء والاعتبارات الذاتية ليقول الحق على نفسه أو على بعض أفراد أسرته ولو كان ذلك الحقّ في منتهى المرارة. فهو – إذ يسخر سخرية حقيقية من ابنته المسمّاة مباركة- كأنّما يردّد –على نحو من الأنحاء- الفكرة القائلة بشقاء العاقل وسعادة الغافل100، فابنته – لشدّة غفلتها وتمام سذاجتها- لا تكاد تميّز بين الأشياء ولا تفرّق بين الموجودات ولا تكاد تنفذ ببصيرتها إلى جواهر الأشياء بل تتوقّف معرفتها لسطحيّتها عند الظاهر. لذلك كان الويل والثبور من نصيب الشخص الذي سيكتب له أن يتزوّجها.

وقد ينتقل الدليوي من الظواهر الفردية إلى الظواهر الجماعيّة، فمن بين الأمور التي لفتت انتباهه وشغلت باله حال المجتمع في تبّدله وتحوّله اللذين لا يرضيانه بأيّة صفة من الصفات، ذلك أنّ القيم الكيفيّة أضحت في تراجع وتدهور بينما صارت القيم الكمّية إلى تقدّم وتمكّن وسواد. يستنتج ذلك من ذهاب الحياء وأفوله وقد حلّ محلّه عدم التقدير وقلّة الاحترام وفقد «الحشمة». يقول علي الدليوي وقد ضاق صدره واضطربت نفسه ودبّ إليه اليأس بعد انعدام الأمل في هذا الجيل الجديد الذي لم يعد قابلا للنصيحة بل تراه متوثّبا للجدال متحفّزا للمخاصمة والمنازعة والشرار.

يقول الشاعر في ذلك:

الصبر لله والخواطر فدّوا101

والقلب واجي102 ما يريد خمام

لا عاد البو103 يستحار 104من ولدو

ولا عاد الولد يحبّر105 بوه في الكلام

اللّي106 تندهو107 للصلاح يصدّك

وهذا جيل ما عليه ملام

وربّما اهتدى الدليوي -في بعض الأحيان- ببديهته المتيقّظة وفطنته المتوقّدة إلى أن يصوغ من الحكم البالغة ما يظلّ شائعا ساريا يتردّد من بعده. يقول في ذهاب الأبطال العظام وحلول الأراذل اللئام محلّهم :

تموت الاحناش108 المسمّة109

وتعطي الزرازيم110 فوعه111

ناري على مضرب112 الصّيد113

ولّى 114مقيل115 للضبوعه116

على هذا النحو يستمدّ الشاعر صوره من عالم الطبيعة بما فيها من أساود شجاعة ذات سموم ناقعة فتّاكة وسورات خارقة للعادة، فإذا بالزّواحف الخاملة العاجزة لها سطوة من القوّة وسكرة من الاقتدار، وإذا بالعرائن الحصينة المهيبة (وقد كانت تسكنها اللّيوث وتحمي حماها الأسود) تصبح مقيلا للضباع المغفّلة. ذلك هو مبعث الحسرة ومصدر اللّوعة اللتين أصبح يحسّ بهما الشاعر نظرا إلى تبدّل الأوضاع وانقلاب الأدوار وتغيّر الأزمان في اتجاه الرداءة والانحطاط.

على أنّ البيتين المتقدّمين ربّما اتخذا –من حيث المغزى- بعدا آخر غير الذي سبق لاسيّما بالنظر إلى السياق الواقعي الذي أنشدا فيه. تقول رواية الأستاذ الجامعي الشّاعر حسين العوري نقلا عن والده ( وقد كانا يمرّان بجهة تستور117 في طريقهما من الكاف118 إلى تونس العاصمة في منتصف الستّينات من القرن الماضي) إنّ الشيخ إبراهيم الرياحي 119 بعد أن أنهى بناء قصره بتستور دعا الشعراء لينشئوا في القصر أشعارا فكان أن أنشدوا عددا من القصائد في أبّهة القصر وفخامته وبهائه وجماله وعظمته. وكان من بين الحاضرين علي الدليوي فالتفت إليه الشيخ إبراهيم الرياحي بعد أن أنشد الشعراء ما أنشدوا وقال له: «وأنت يا علي ماذا تقول؟» فكان أن خالف الشّاعر جميع من تقدّم وأنشده ذينك البيتين. ولعلّ متأوّل مغزاهما هو أنّ الآثار الماديّة والمظاهر الفاخرة مهما تكن عظمتها لا قيمة لها بالمقياس الزماني والمعيار الجوهري لأنّ مآلها البلى والاندثار والزوال ولا بقاء إلا للأعمال الصالحة ولا خلود إلا لما ينفع العباد ويفيد البلاد.

ومهما يكن من أمر سياق المقطّعة المذكورة وتأويل مغزاها الحقيقي فإنّ النّاس عامّة والشعراء خاصّة ما يزالون يذكرونها بالقلب وباللسان لاسيّما في عظيم المناسبات وجليل المواقف حتّى إنّ بعضهم ليصدّر بها قصيدته120 ويجعلها بمثابة القلادة النفيسة يعلّقها على عنق عروسه لتزيدها جمالا وبهاء ومهابة.

وكأنّما يتّجه الشاعر بعد ذلك –بصفة تدريجية وعلى نحو طبيعي إلى حدّ ما- إلى التأمّل العميق في نواميس الكون مستندا إلى فكره وتجربته من ناحية، وإلى محيطه الديني وخلفيته العقديّة من ناحية أخرى، فينظر إلى الحياة بجانبيها العسير واليسير، ويرى فيما يمكن اعتباره مزيجا متآلفا من قيم الفتوّة العربيّة ومبادىء الإيمان الإسلامي فيقضي بأن لا يذلّ الإنسان لبشر ولا يخضع لآدميّ وأن لا يطلب من أحد طلبا لأنّ ذلك ينال من قيمته وكأنّما ينقص من عمره نصفا، ويقرّر في آخر الأمر أن يتّجه على سبيل الاقتصار إلى المولى سبحانه وتعالى باعتبار أنّ الله يعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء وبيده جميع الخير 121. يقول في بعض ذلك:

ربّي ماني122  عبدك

ومن الطّين ملّست123 ذاتي124

الكبس125  والرّخف126  بيدك

وساعات بالخير تاتي

وطلبتي في حدّ127  غيرك

تنحّي128  الشّطر129  من حياتي

ويخلص الشّاعر بعد ذلك إلى أنّ حياة الإنسان عبارة عن قدر مقدور وسطر مسطور ويقرّر أنّ من لا يسلّم بذلك عبارة عن معاند مستكبر لا يخلو فكره من جحود وكفر. يقول علي الدليوي في مثل هذه المعاني:

مكتوب على الجبين130 مسطّر

واللّي عندو مكتوب131  لازم يقاسيه132

واللّي يعاند في هذا يكفر

يقدّم للّي في الجبين ويمحيه133

ولعلّ مثل هذا الاقتناع هو الأساس الذي سيكون محددا في الجوانب الوجودية التي سلّم بها الشاعر وأذعن لها على سبيل الاعتقاد والانقياد، وفي مقدّمتها مصير الإنسان المحتوم ألا وهو الموت الذي سيكون محورا أساسيا تدور حوله القصائد بصفة خاصّة.

ذلك ما يتعلّق بالمقطّعات، أمّا ما يتّصل بالقصائد فيجمله الجدول التالي:

القصائد

العناوين

عدد الأبيات

عدد الأبيات في رواية أخرى

1

هذا هوى

39

+3 10+3

2

عبادة

19

 

3

بالوعد نموت محروق

32

 

4

أولاد عيّار

45

 

5

مسير السباط يفلّّط

10

 

6

سحابي

13

 

7

عيش الغلب

11

 

الجملة:      7

130

 

 

تضاف إلى ذلك ثلاث روايات أخرى تحتوي على ستة عشر بيتا، فيكون عدد أبيات القصائد السبع 146.

وهكذا يبلغ عدد الأبيات بين مقطّعات وقصائد254. وتكون نسبة أبيات المقطّعات 42,51 بالمائة ونسبة أبيات القصائد 57,48 بالمائة. ويكون بذلك علي الدليوي شاعر مقطّعات وشاعر قصائد في ذات الآن. ويعتبر الشّاعر بهذا المقياس شاعر قصائد طِوَالٍ، ذلك أنّه يطيل « ليسمع منـ[ـه]134 عندما تدعو إلى الإطالة الدّواعي و«يوجز ليحفظ عنـ[ـه]135 عندما يتطلّب المقام الإيجاز. فشعره يطوَّل و» يُكَثّر ليُفهم ويوجز ويختصر ليُحفظ»136. فهو في الحالة الأولى يكتفي بـ«غرّة لائحة وسبّة فاضحة»137 لحذقه بالفصول وحذفه للفضول.138 ولعلّ ذلك ما جعل قصاره « أولج في المسامع وأجول في المحافل»139 وهو ما جعل طواله «أهيب في النفوس»140. من هنا جاز أن يقال إنّ علي الدليوي -إذا ما قيس بمقياس قول الشعر- قد احتلّ منزلة رفيعة لأنّه يتصرّف في فنون الشعر إذا شاء قطّع141 وإذا شاء قصّد142، ولذلك فهو في هذا المجال الكامل143 أو يكاد.

ومن نماذج القصائد التي اخترناها قصيدة «هذا هوى « وهي في ما يبدو مرتبطة بحادثة واقعية أثّرت في الشّاعر تأثيرا بالغا باعتبار أنّها كادت أن تريه الموت الزؤام رأي عين. وتتصّل بهذه الواقعة –في حقيقة الأمر – روايات عدّة اخترنا أقربها إلى الواقع وأوثقها اتصالا بمجريات الأمور في ذلك الزمن. تقول الباحثة جيهان كرعود في دراستها المشار إليها آنفا: « لقد حيكت ضدّ علي الدليوي عدّة مكائد، وكانت مصادرها مختلفة باختلاف رواياتها... مثال ذلك محاولة قتله « بكأس السمّ «. وهذا ما أشار إليه في قصيدته «هذا هوى يدوّخ الراس» إذ اتُّـهم بتحريض قبيلته على عدم تقديم الشكاوى إلى الباي. لقد تعوّد الشّاعر التردّد على مجلس الباي (الصادق باي) وقد كان معجبا بشعره مغرما بسماعه، وذات مرّة بينما كان جماعة من عرش أولاد عيّار بصدد الانصراف من مجلس الباي إثر قدومهم للتشكّي أبدى سخريته منهم وطلب من الدليوي أن يرشدهم إلى تنظيم لباسهم وتحسين هيئتهم، فحزّ ذلك في نفس الشّاعر. وعندما رجع أعلن فيهم قراره عدم التشكّي للباي وأنّه سيتكفّل بفضّ نزاعاتهم بنفسه، فاستغلّ حسّاده هذا التصرّف ووشوا به إلى الباي الذي دعاه للحضور إلى مجلسه جريا على العادة. وقد أراد –في حقيقة الأمر- التحقيق معه في ما بلغه عنه، وإذا تأكّد من صحّة الخبر أوعز بوضع شيء من السمّ في كأس الدليوي. بذلك يتخلّص منه بيسر. ويذكر الرواة أنّ الدليوي تفطّن للأمر في مجلس الباي، فاشتدّ كربه ونفث همّه في قصيدة تأثّر لها الباي فأسرع –في اللحظة المناسبة»144 فكبّ الكأس وأهرق ما فيها، ومطلع القصيدة هو:

هذا هوى يدوّخ الراس

يا نفس كوني صبورة

والعمر عندو قياس

مقيّدة ثابتة سطورة

وفيها يقول أيضا:

كبّوا من ايدي الكاس

عرفوني نخلّف الضرورة

سمعت ناس تتلاصّ

كلّ حاجبة وكل محزورة

ولعلّه من المفيد أن نورد القصيدة بنصها كاملة:

هذا هوى يدوّخ145 الراس

يا نفس كوني صبورة

والعمر عندو قياس146

مقيّدة ثابتة اسطورة

من الله خالق الناس

وهو قـادر قـدورة

هذا حنظل147 ومعاه درياس148

م المرّ صنعوا مـروره

صحنوه149 داروه 150في كاس

نسبوه للعيّاري151 قطوره152

عقار153 يطيّح154 السـاس155     يطيّح الجمال العقـورة156

صنعوه ناس نقّاص157

هوّنوا158 الرجال الذكوره159

باعوني بأقرع160 فرطاس161

لا عندو ثواب مطهوره

ركبتهم غيرة162 وحماس163

ودبّارهم164 دبّر بـزوره

 

يا ساكن فاس165 ومكناس166

شاهي167 مقامك168 نزوره

بعد ما ينام كلّ راس

البـي169 والوزارة الكبورة170

كبّوا171 من ايدي الكاس

عرفوني نخلّف الضرورة

سمعت ناس تتلاصّ172

كلّ حاجبة173 وكل محزورة174

وشمّيت طيب الأنفاس

كلّ باب طالق بخـوره175

تاقوني176 من عالي الساس

مناظر باهية الصـورة

زغرتوا177 في قصب النحاس

ع178 السبع دقداق179 النمورة180

عيّاري عزّة الناس

ملحوظ181 الرجال النغورة182

تبّاع زين اللباس183

للزين لا للخضورة184

لا نحكّر185 في البر186 ترّاس187 شجاع ليّ188 الوعورة189

يا صميدة190 يا مصماص191

حبالك بايدة192 غرورة

وحصلت بين لقفاص

وبانت عليك كل عورة193

يا صميدة فالس الفلاّس194

يا اللي مكسبك جادورة195

يا هامل196 في بلاد الناس

عندكش بلاد مشهورة

يا اللي مكسبك بل197 تتهاسّ198

ومنك تشوف الضرورة

عديم الفكر والاحساس

الجاهل يعيش بالغورة

ولا فلحت في قمح الدراس

وعمرك لا خزنت مطمورة

عايش عيشة المنقاص199

ثلثين حياتك شرورة

عيشتك لبن يقراص200

وحسا201 أفاحو202 حرورة

سفل وقفر وميّاص203

حياتك حياة الجبورة204

مثلك كلب تنتاس205

تعشّب206 في كل بورة

أمّا الدليوي طير قرناص207

نا208 ربّيت الطيورة

صيد209 الخنق210 دعاس211

ثلب212 تهواني السمورة213

نركب عودات214 الافراس

وإلاّ الحصُنَّ الذكورة

دخلتها حروبات واعراس

والبر نعرف خبورة

يوم البلا215 كيف ترداس216

نعمل على العدو غورة217

نحلف لَنخليك أركاس218

نجعك219 تاكلوا النسوره220

في حلقك نذوّب الرصاص

ودفايفك221 ظال منشوره

وفي ريقك تبدا غاصّ222

وكبدك ظال مجموره223

على خاطر في الناس مسّاس224

ومسّيت الأصول225 العبوره226

2) القصــائــد:

أ) وصف الجواد

لئن كادت المقطّعات تخلو من وصف للجواد فإنّ القصائد زخرت بنعت لونه ووصفه ماديّا وتصوير بعض أعضائه، من ذلك قول الشاعر:

أزرق كي227 مثيل كدرون228

وكفل229 كي واد جارح

شاف القمر يحسبو نور

طلق الزغاريت فارح

غير أن وصفه لم يرد مستقلاّ حتى ينطبق عليه مصطلح « الكوت» 230، بل جاء في معرض فخر الشاعر بنفسه. وانطلاقا من هذا المستوى، تبدأ الصلة الوثيقة بين الطرفين في التبلور والاكتمال لا سيّما أنّ الحصان هو العون الحقيقي الذي يمكّن الفارس من الإغارة على الأقوام، لذلك يتناول الشاعر بالوصف لونه وطبعه وشربه ومرعاه وعلفه وصوته وسرعته. يقول مفتخرا بضربه في الآفاق وتجواله في البلدان وفي غارته الموفّقة:

من سوف231 نزغب232 نسوق

ونشقّ غيم الصحاري

ونركب أزرق قلوق233

مشهور سابق وجاري

لا يشرب مالح شلوق234

ولا يرعى مرج العذاري

يعلف في شعير مدقوق

لا تلوط235 تبنه المذاري

كي الطّير236 زعواط237 الفروق238

صهيله يحيّر الجواري

ولا يكاد يفارق الحصان صاحبه فهما –فضلا عن ترافقهما في الواقع، 239 يتواجدان في حيّز نصّي واحد هو القصيدة إذ تجمع بين فخر الشاعر ووصف الجواد باعتباره مكمّلا لذلك الفخر مدعّما له. ولولا الحصان ما كان للشاعر وجود على تلك الصفة ولما استطاع أن يدرك تلك الأماكن النائية ولا أن يطوي تلك المسافات البعيدة ولما تمكّن من أن يفعل ما فعل. يقول الشاعر في بعض ذلك:

تعرف عليّة240 راكب الصّوش

من الحماده241 يجي لعمرة242

يشقّ مقيل الحنوش243

بسيف ماضي الشفرة

إذا عرفني الحصان مغشوش244

يصهل تحتي بنزرة245

عرق على الدّير246 كشكوش247

حوافره تقسم الحجرة

أزرق بالشّهب248 مرشوش249

مخلّط شعرة بشعرة

إلا250 يلوطه الرّكاب251 وينوش252

لا يكُنّ253 ولا تجيه عثرة254

على لعب255 الجحاف256 مرعوش257

لا زغردت عليه بشرة258

يفكّ 259عرايس 260العطّوش261

من قبلة262 يردّها لظهره263.

والعجب أنّ بعض هذه الأبيات تذكّر -بصفة أو بأخرى- ببعض شعر عنترة العبسي في جواده، وذلك حين يقول (الكامل):

ما زلت أرميهم بثغرة نحره

ولبانه حتى تسربل بالدم

فازورّ من وقع القنا بلبانه

وشكا إليّ بعبرة وتحمحم

لو كان يدري ما المحاورة اشتكى

ولكان لو علم الكلام مكلّمي264.

 

وكذلك   ما قاله عنترة (الطويل):

وقلت لمهري والقنا يقرع

تنبّه وكن مستيقظا غير ناعس

فجاوبني مهري الكريم وقال لي

أنا من جياد الخيل كن أنت فارسي265

وقد وقع تداول مثل هذا المعنى في ما بعد266 حتّى من قبل الشعراء الذين لا صلة لهم تذكر بالفروسيّة

وبالعودة إلى الائتلاف الحاصل بين شعر عنترة العبسي وشعر علي الدليوي، يمكن القول إنهما يشتركان في التجاوب الحاصل بين الجواد وصاحبه أو التواصل القائم بينهما، غير أنّ العلاقة بينهما كانت من قبيل الشكوى، ذلك أنّ الفارس أجهد حصانه وألحّ عليه حتى أُثخن جراحا وكُسِيَ دما إلى درجة أنّه مال مزورّا وكأنّه يتّقي ظبات السيوف وإصابات الرماح بينما –وهذا هو وجه الاختلاف- يظهر الانسجام كليّا بين الجواد وراكبه علي الدليوي وكأنّ عواطف الشّاعر تنبض في قلب جواده فإذا هما متآلفان لا في الأحاسيس فحسب بل في التعبير عنها أيضا تعبيرا أليفا دقيقا، ذلك أنّ الحصان إذا ما أحسّ بأنّ الشاعر غاضب غضب لغضبه وعبّر عن ذلك بصهيله القويّ الذي يتّخذ نبرة خاصّة فيها الكثير من الزجر والوعيد.

ولا يقف الأمر عند هذا الحدّ بل يتجاوزه إلى خلجات الوجدان. فمثلما يحرص الشاعر على اتباع النساء في مغامراته العاطفية، يهتزّ الحصان إذا رأى الهوادج ولا يملك السيطرة على حركاته، بل تراه لنشاطه ومراحه وأرنه بمثابة المجنون إذ يؤزّه الطرب أزّا وترتعد فرائصه ارتعادا، وإذا به يندفع من تلقاء نفسه اندفاعا ليشارك صاحبه في « خطف العرائس» من «العطاطيش « للفوز بها بعد تحويل وجهاتها.

 وهذا النوع من التجاوب العاطفي الذي يعبّر عنه الشاعر ليس في ما نقدّر إلا مظهرا من مظاهر التلاحم الوجداني الذي ربّما عبّرت عنه بعض اللوحات من الرقص الفنّي وهي تحاكي حركات الفارس من ناحية وحركات الجواد من ناحية أخرى. وهذا الأمر في ما نرى يمكن أن يلحظه المرء في نوع من اليسر ودون الالتجاء إلى عميق فكر أو عسير تأويل. يكفي المشاهد أن يتتبّع في شيء من البساطة حركات البدن الراقص، فالرجلان بصفة عامّة إنّما تحاكيان في نوع من التوقيع الدقيق قوائم الجواد وهو يعدو أو يركض أو «يربع»267 أو يخبّ أو يسير. وهذه القوائم كأنما تحاكي الجواد في تقدّمه وتأخّره وفي كرّه وفرّه كما تحاكي أرنه ومراحه في حالات الانطلاق والزهو. أمّا الجزء الأعلى من البدن فحركاته هي حركات الفارس وهو ممتط صهوة فرسه فالرأس واليدان والصدر والحيزوم تستجيب من ناحية لحركات الحصان في مختلف وضعياته وأنشطته كما تستجيب للحركات الوظيفية التي يقوم بها الفارس في مختلف وضعياته الحربيّة وما تقتضيه من دفاع وهجوم أو السلمية وهو يتنقّل مصطادا أو مرتحلا.

وقد يتجاوز التجاوب العاطفي مجرّد التلاحم الوجداني ليصبح الطرفان المتمايزان في الأصل في نوع من التلاحم البدني، فلا يكاد الرّائي يميّز بين الجسمين حتى لكأنهما في انسجام الحركات وتناغم الوظائف عبارة عن بدن واحد: إنّه ببساطة هذا الخلق المركّب تركيبا طبيعيا ألا وهو الفارس الجواد أو الجواد الفارس. وهذه الظاهرة يمكن أن يلحظها المشاهد في ألوان من الغناء والرقص الشعبيين268 من بلاد اليمن269 إلى بلاد المغرب العربي270 مرورا بسائر الأقطار التي بينهما.

 والواقع أنّ مثل هذا المبحث قد يحتاج –في ما نقدّر- إلى دراسلة شاملة مفردة تطرح على نفسها مهمة تدقيق النظر تدقيقا موضوعيا في صلة الجواد العربي الأصيل بفنون العرب على اختلافها ومن بينها الغناء والرقص الشعبيان.

ب) رثاء النفس:

لئن احتضنت القصائد نبأ الموت المفصّل فإنّ إعلانه انطلق من إحدى المقطّعات القليلة التي تناولت مثل هذا الموضوع. يخاطب علي الدليوي ابنته «قوتة» ويطلب منها أن تبكيه مصوّتة نائحة معوِلة وينبئها بوفاته ومكانها «مسيوتة»271  وهي موطن من مواطن جلاص القبيلة المجاورة المنافسة.

وما هي إلا أن يستخلص في البيت الثاني قاعدة من قواعد الصراع في الحياة الإنسانية فيوم له ويوم عليه، بل تتمثل القاعدة المألوفة الخاصة به في أن يكون غالبا دائما باستثناء هذه المرّة التي ظهر فيها أعداؤه عليه وأوقعوا به على إثر غدر وتواطؤ وتآمر، ولكلّ فاعدة استثناء. يقول الشاعر:

نوحي يا قوته272

على ابيّك مات في مسيوتة

ديما يجي من فوق273

ها274 المرّة جا275 م276 اللوطه277

غير أنّ ظروف موته ومراحلها وتفاصيلها إنما نجدها خاصّة في قصيدتي: «بالوعد نموت محروق«و«أولاد عيّار»، وهما قصيدتان في غاية الطول تمتازان بتعدد المعاني المطروقة، فمن تقريع الشّاعر لقبيلته وتعزيره إيّاها جرّاء موقفها السلبـي بعد موته غيلة إلى حثهم على الأخذ بثأره إلى الفخر بخصاله الفريدة على مختلف الأصعدة، فهو المقدام العفيف وهو الشّاعر الخنذيذ وهو الجليس المرغوب في مجالسته وهو الرجل الضرب والفتى المثالي الذي تشرئبّ إليه أعناق الغيد الحسان، وهو صاحب الذكر المحمود والآثار الباقية وكأنّ لسان حاله يقول على سبيل التصبّر والتسلّي وطمأنة النّفس: « إنّما المرء ذكر بعده».

وفي القصيدة الثانية يبدأ بتقريع أهله من «أولاد عيار»  فيشبههم -من فرط غيظه وحنقه على خذلانهم إيّاه- بالدواب278 العجماء التي لا تعي ولا تحسّ، وكأنما ينزع منهم مقوّمات الآدمية وفي مقدّمتها الحميّة والغيرة اللتين تتطلبان الأخذ بالثأر وتستدعيان عدم السكوت على الضيم بما يدفع الظلم مهما تكن التضحيات لأنّ المسألة –كما يؤكّد ذلك- مسألة مبدئية وعملية279 تتعلق بالقيم من ناحية وتتّصل بمهابة القبيلة وسلامتها وبقائها.

وفي هذه القصيدة المؤثّرة المثيرة في الآن نفسه معاني الرثاء الأساسية إذ فيها التفجّع وفيها التأبين يضيف إليهما وصيّته. يقول علي الدليوي متفجّعا:

بالوعد نموت محروق

ولا من يفدي280 ثاري

حازوني281 مثيل282 مسروق

وتقصّت283 عليه اخباري

لا نيش284 لصّ ميثوق285

ولا آذيت جاري

ولانيش محتاج محقوق286

ولا جاعوا الذراري287

نتكنّى صيد288 معشوق

اللبّات289 يجوا في خياري

خدعوني في نهار سوق290

ولا حد من العرش291 داري

باعوني رخيص بالطلوق292

وشمتت فيّ الدوّاري293

والباعني علج 294مرهوق295

هوّن296 فحل البكاري297

وكان جا يحسّ ويذوق298

ويعرف قيمة عباري299

من سوف نزغب ونسوق

ونشقّ غيم الصحاري

وينتقل الشاعر إلى عنصر التأبين فيقول:

سيفي والذراع مطلوق

ولا من يقالد300 حواري301

صعيب على من يتوق302

اسمي علي العيّاري

اللّي عاندني مات مغروق

ولو يحاذر ويباري303

نا عمتها شطوط304 وغروق305

شقّيتها جبال وبحاري306

ونفتح الباب مغلوق

ويهربوا النّاس من غماري307

ونسهر في عالي الطّوق308

الملوك يحبّوا أشعاري

الاعيان309  يدوروا حلوق310

والنّاس يهزّوا311 شكاري312

على النّساء نصبوا313  الدروق314

على الثِّلب يربّوا البكاري

من صبيغهم315 تضوي البروق316

يصعب على كل شاري

ساعات نسمع طروق317

من حاف318 صفّ المهاري319

ومثل هذه المعاني المتقدمة التي تناولت التأبين أوردها من قبله مالك بن الرّيب ضمن قصيدته الرثائية المشهورة إذ يقول[الطويل]:

وقد كنت عطّافا إذا الخيل أدبرت

سريعا إلى الهيجا إلى من دعانيا

وقد كنت محمودا لذي الزّاد والقرى

وعن شتميَ ابن العمّ والجار وانيا

وقد كنت صبّارا على القرن في الوغى

ثقيلا على الأعداء عضبا لسانيا

وطورا تراني في ظلال ومجمع

وطورا تراني والعتاق ركابيا

وطورا تراني في رحاً مستديرة

تخرّق أطراف الرماح ثيابا

ويختم الدليوي القول ببعض اللمحات الحكَميّة بما هي عصارة لرأيه الخمير وثمرة لتأملاته المليّة فيقول:

سجدي320 تحييه العروق

وقلبي يبيع ويشاري321

الحياة في الدنيا شوقّمآك347 اللي348 ما يفهموش فسه

في قصيدتين طويلتين أيضا (تبلغ الأولى اثنين وثلاثين بيتا والثانية خمسة وأربعين بيتا)، وهذا أمر فيه ما فيه من الغرابة التي تثير عددا من الأسئلة أكثر مما تقدّم أجوبة معلومة. ومهما يكن من أمر فإن هذا التماثل لا نردّه إلى تأثر الدليوي بمن سبقه من الشعراء ولكن نعزوه- على الأرجح- إلى اشتراك الشاعرين في تجربة من تجارب الحياة مخصوصة باعتبار أنّ الموت يهزّ الإنسان هزّا من جهة الفكر ومن جهة العاطفة بالإضافة إلى أنّه متّصل بغريزة من غرائز بني الإنسان ألا وهي حبّ البقاء، ذلك أنّ علي الدليوي محدود الاطلاع على الأدب القديم في ما يظهر وتكاد تقتصر ثقافته العلمية والأدبية على حفظ القرآن الكريم، ولا وجود لما يدلّ على أنّه كان يطالع الكتب الأدبيّة إلى جانب أنّ حياته عامرة بالأحداث والاضطرابات زاخرة بالمغامرات والهزّات التي لا تتيح له وقتا كافيا ولا توفّر له مجالا فسيحا لكي يطّلع على المأثورات الأدبية والأشعار المتداولة. وبهذا المقياس يمكن للمرء أن يعتبره مبدعا إبداعا لا أثر فيه للاتّباع، فهو في عدم احتذائه غيره كأنّما « يعتسف الفلاة بغير دليل»354.

وإذا التفت الباحث إلى الآلية التي أنتجت مثل هذه الأشعار أمكنه أن يلمس بعض المشابه. يقول أبو عبيدة متحدّثا عن قصيدة مالك بن الريب: «الذي قاله ثلاثة عشر بيتا، والباقي منحول ولّده الناس عليه»355. ولعلّه يمكن إلى حدّ ما أن يسحب قانون هذه الآلية على قصيدتيْ علي الدليوي لاسيّما أنهما طويلتان طولا عجيبا فضلا عن أنّهما مفعمتان بالأحداث والتفاصيل والمعاني الهجائية356

والفخرية357والرثائية358، ولعلّه من الجائز أن يكون النّاس خاصّة المعجبين به وبسيرته وبشخصيته قد نحلوا مقاطع من تينك القصيدتين سواء بدافع الإعجاب به أو التحسّر عليه أو التكفير عن ذنوبهم لاعتقادهم الكمال فيه وانقياد أنفسهم له عساهم يوفّونه بعض حقوقه التي لم يدركها في حياته ولا نالها بعد مماته.

وهذا الأمر مهمّ لأنّه يمثّل جانبا من الجوانب التي يلتقي فيها الأدب العربي القديم والأدب الشعبيّ لا في ما يتّصل بالسجلّ المعجمي فحسب بل في ما يتعلّق بسائر المعاني ومجمل الأغراض وبسائر الأشكال البنائية والصور الشعرية والصياغة الفنيّة عموما، ذلك أنّ الإنسان مهما تختلف صيغ تعبيره وتتعدّد طرق أدائه هو الإنسان في أفعاله وردود أفعاله وفي فكره ووجدانه يستوي في ذلك الفرد بما هو قريحة مبدعة والمجموعة بما هي ضمير خلاّق.

المصادر

أ- المصدر:

جيهان كرعود، الذاكرة والمأثور الشفوي: دراسة في أخبار علي الدليوي (العيّاري) وأشعاره. رسالة ماجستير في العلوم الثقافية (السنة الجامعية 2005/2006).

  ب – المراجع:

2- باللّغة العربية

* أبو الفرج الأصبهانـي، الأغاني، شرحه وكتب هوامشه الأستاذ سمير جابر، الطبعة الثانية، بيروت، دار الكتب العلمية، 1412هـ/1992 م .

* أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، شرح القصائد السبع الطوال، تحقيق عبد السلام محمد هارون، الطبعة السادسة، القاهرة، دار المعارف،  1383 هـ /1963 م .

* عبد الرزاق بنور، « لغة التواصل مع الحيوان»، (مقال غير منشور).

* أبو تمّام، نقائض جرير والأخطل، عني بطبعها وعلق حواشيها الأب أنطون صالحاني اليسوعي، بيروت، الطبعة الكاثوليكية للآباء الياسوعيين، 1922.

* ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، تحقيق الدكتور محمد قرقزان، الطبعة الأولى، بيروت، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، 1408 هـ/1988م.

*أبو عبيدة (معمر بن المثنّى): نقائض جرير والفرزدق، ليدن، مطبعة بريل، 1905 هـ/1909 م.

*حفناوي عمايرية، « الخيل والفروسية في التراث الشعبي بتونس «، الحياة الثقافية، العدد 174، السنة 2006

* عنترة بن شدّاد، شرح ديوان عنترة بن شدّاد، بيروت، المكتبة الثقافية، د.ت.

* ابن قتيبة الدينوري، الشعر والشعراء، الطبعة الرابعة، بيروت، دار الثقافة، 1400 هـ/1980م.

* أبو زيد القرشي، جمهرة أشعار العرب، بيروت، دار بيروت للطباعة والنشر، 1398هـ/1978م . 

*  خالد الكاتب، الديوان، تحقيق يونس أحمد السامرائي، الطبعة الأولى، بغداد، مطبعة دار الرسالة، 1400 هـ/ 1981م.

* عمر رضا كحالة، معجم قبائل العرب القديمة والحديثة، الطبعة الخامسة، بيروت،1987 هـ / 1985م.

* الأزهر الماجري، قبائل ماجر والفراشيش خلال القرنين الثامن والتاسع عشر: في جدلية العلاقة بين المحلّي والمركزي، تونس، منشورات كليّة الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة.

*  عبد القادر الهاني، ورقات من تاريخ سليانة الحديث، الطبعة الأولى، دار الشيماء للنشر والتوزيع، تونس، 1991.

* ياقوت الحموي، معجم البلدان، بيروت، دار صادر، 1399هـ/1979م.

3- باللغة الفرنسية

- Bardin (P.), La vie d’un douar, essai sur la vie rurale des grandes prairies de la haute medjerda, Tunisie, Paris, Mouton, La Haye 1965.                                                                                      

-Encyclopédie de l’Islam, seconde édition,Leiden, Paris1975 article « Naq aid ».

 

المراجع والهوامش

1    أولاد عيّار:قبيلة معروفة مستقرّها في الشمال الغربي من القطر التونسي. مركزها مدينة مكثر (وهي معتمدية من معتمديات ولاية سليانة) الواقعة في مرتفع جبلي يعلو سطح البحر بحوالي 944 م وتبعد مسافة 160 كم عن الموانئ التونسية الثلاثة: طبرقة (في الشمال) وتونس (في الشمال الشرقي) وسوسة (في الشرق) وتبعد عن مدينة قفصة (الجنوبية) التي تعدّ «عتبة الصحراء» حوالي 230 كم. وتجاور أولاد عيّار قبائل الفراشيش وماجر وورتان وجلاص ودريد. (انظر مثلا: الأزهر الماجري، قبائل ماجر والفراشيش خلال القرنين الثامن والتاسع عشر: في جدلية العلاقة بين المحلّي والمركزي، منشورات كليّة الآداب والفنون والإنسانيات، منوبة، 2005)

2     هو علي بن علي الأنداري بن عمر بوعجيلة. وهو كما يبدو مسمّى باسم أبيه. وهذه التسمية النادرة تستعمل في مجرى العادة لدى عدد من القبائل العربيّة عندما يتوفّى الأب والابن ما يزال جنينا في بطن أمّه. وهذا دليل آخر على أنه كان يتيم الأب يتما مبكّرا ويقال له الدليوي نسبة إلى الدليوات وهم فرع من فروع أولا عيّار القبالة ( خلافا لأولاد عيّار الظهارة) يقطنون حاليّا عمادة بوعجيلة وهي تابعة لمعتمدية الروحيّة وتبعد عنها حوالي 7 كم، وعدد هذه الفروع (القبالة) تسعة عشر نذكر منهم على سبيل المثال: الحبابسة وسّيار والقراوة والسوالم والزنايد وأولاد سباع والصمادحيّة والجميلات.

3    يذكره أولاد عيّار عامّة بكثير من الإكبار والتمجيد (عبد القادر الهاني، ورقات من تاريخ سليانة الحديث، الطبعة الأولى دار الشيماء للنشر والتوزيع، تونس، 1991، 108).

4    يقول علي الدليوي في بعض أشعاره ما مؤدّاه أنّ عددا من نساء البلاط الملكي كنّ معجبات به ويزعم أنّه إنّما يتتبّع الجمال لا المخابث. يقول في ذلك:

سمعت ناس تتلاصّ

كلّ حاجبة وكلّ محزوره

وشمّيت طيب الأنفاس

كلّ باب طالق بخوره

تاقوني من عالي السّاس

مناظر باهية الصّورة

زغرتوا في قصب النّحاس

ع السّبع دقداق النموره

عيّاري عزّة النّاس

ملحوظ الّرجال النغوره

تبّاع زين اللّباس

للزّين لا للخضورة

لا نحكّر في البرّ ترّاس

شجاع ليّا الوعورة.

5    لعلّ ممّا يدلّ على ذلك مساجلته لوالد « فايزة « وهي فتاة جميلة من قبيلة «النمامشة « ومركزها شرق الجزائر. يقول له والد فايزة رافضا في بادئ الأمر تزويجه ابنته:

يا هيق ما لزّك ضيق

ارحل بلادك  وسيعه

لعبناه سيق في سيق

في فايزه ما لك طميعه

ويقرّ والد فايزة بعد مباراة ذهنيّة بجدارة علي الدليوي وتفوّقه الذهني وفتوّته فينشد:

خذيتها ياخذك قوم

وياخذ صفّ العمومه

عرفت ملّي قمت اليوم

هازّ سخاب المشومه

6     هو عنترة بن شدّاد، وقيل: ابن عمرو بن شدّاد، وقيل: عنترة بن شدّاد بن عمرو بن معاوية بن قراد بن مخزوم بن ربيعة. وقيل: مخزوم بن عوف بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن الرّيث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر (الأصبهاني، الأغاني، 237:8) توفي سنة 22 قبل الهجرة / نحو سنة 600 للميلاد.

7    «هو مالك بن الرّيب بن حوط بن قرط بن حسل بن ربيعة بن كابية بن حرقوس بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم»( الأصبهاني، الأغاني، 288:22). توفي نحو سنة 60 للهجرة / 680 ميلادي. وانظر أخباره أيضا في الشعر والشعراء لابن قتيبة، 270:1-272.

8    كان معاصرا لمحمد الصادق باي وهو أبو عبد الله محمد الصادق باشا باي، ابن حسين بن محمود بن محمد باي بن حسين باي ابن علي (وقد حكم البلاد التونسية بين سنتي 1859-1882)

9    من الأمارات الدالّة على فقره أنّه كان يمحو ألواح زملائه ليتمكّن من تسديد مقابل تعلمه يسلمّه لمؤدب الحي.

10   الدوّارّ تسمية الحي الشائعة في بلاد المغرب العربي عموما. ويظهر أنّ هذه التسمية متداولة أيضا في عدد من بلدان الخليج العربي. وربّما عاد أصل هذه التسمية إلى أنّ موقع الخيام المنصوبة عند النزول بأرض ما والإقامة بها يكون على شكل شبه دائري. وانظر لمزيد التفاصيل:

Bardin (P.). La vie d’un douar, essai sur la vie rurale des grandes prairies de la haute medjerda, Tunisie,Paris,Mouton, La Haye, 1905.

11    حامل بمعنى حافظ. والستون تعني ستين حزبا (وهي أحزاب القرآن الكريم). ولحامل الستين مرتبة اجتماعية معتبرة إذ هو مفضّل على غيره ممن لا يحفظ القرآن الكريم.ومما قاله علي الدليوي في معنى حفظه للقرآن:

باليقين وحروف ياسين

اسمي علي وندرك الستّين.

 وممّا قاله أيضا في حفظه كتاب الله:

نسبوا لي شيئ ما عملتوش

من كيفي صدره مليان

12    ممّا يدلّ على ذلك ما سبق من أنّه كان يمحو ألواح زملائه من الصبيان ليسدّد معلوم دراسته لدى مؤدّب الدوّار.

13    اعتمدنا في استقاء مثل هذه المعطيات والمعلومات على بحث إحدى الدارسات المجتهدات، وقد اعتنت بجمع ما بقي من أخبار علي الدليوي وأشعاره ووثّقته. وهي الباحثة جيهان كرعود إذ أعدّت خلال السنة الجامعية 2005/2006 رسالة ماجستير في العلوم الثقافية أشرف عليها الأستاذ الدكتور حفناوي عمايرية المتخصص في التاريخ الثقافي والمهتم بالتراث الشعبي. عنوان الرسالة هو « الذاكرة والمأثور الشفوي: دراسة في أخبار علي الدليوي (العيّاري) وأشعاره «. ويعود الفضل إلى الباحثة جيهان كرعود وإلى أستاذها الدكتور حفناوي عمايرية في حفظ هذا المأثور الشعري الذي كان مهدّدا جدّيا بالتلاشي والاندثار.

14    شارف: مسنّة

.15    هزّوها: أخذوها، حملوها.

16    الولاّم: صيغة مبالغة من فعل ولّم بمعنى سوّى وصنع، والولاّم هو الحدّاد.

17    سقّدت: انطلقت.

18    بوعرادة: معتمدية من معتمديات ولاية سليانة وتقع غرب العاصمة تونس وتبعد عنها حوالي 80 كلم.

19    هزّيت: رفعت عقيرتي بالغناء.

20    صوت: لحن، نغمة.

21    السرس: معتمدية من معتمديات ولاية الكاف وتقع في الجنوب الشرقي لولاية الكاف وتبعد عنها حوالي 35 كلم .

22    الحمادة: مرتفع قرب مدينة مكثر.

23    الأزرق: صفة الحصان ذي اللون الأدكن.

24    يعبّ: يجري بسرعة.

25    فزّع: استصرخ القوم على سبيل الاستنجاد والاستغاثة.

26    الصّوش: صفة من صفات الحصان ويقال إن هذه العبارة « بربرية الأصل». ويرى اللساني التونسي الأستاذ عبد الرزاق بنور أنّ عبارة «الصّوش» اسم من أسماء الحصان مأخوذ من عبارة «صوص» التي يناديه بها صاحبه حتى يتوقّف عن المسير. وهذه العبارة ذاتها تستعمل أيضا لمناداة الجمل (ولمزيد التفصيل انظر: عبد الرزاق بنور، «لغة التواصل مع الحيوان»، وهو مقال غير منشور).

27    يشالي: يشير وميضا.

28    ماطر: معتمدية من معتمديات ولاية بنزرت وتقع غرب بنزرت وتبعد عن العاصمة تونس حوالي 60 كلم.

29    نكرت: أنكرت على سبيل التطيّر.

30    براريم: جمع مفرده برّيمة وهي أماكن مفترق شعر الفرس، ويستدلون بها في مألوف عادتهم على صفة الفرس وقيمتها ومدى بركتها وما تجلبه من خير لأهلها.

31    بحت: يعض.

32    الردى: الشحم الذي يكون بين البطن والجلد.

33    على غير راده: دون إرادة أو دون قصد أو أمر في غير محلّه.

34    دبق: حدّق محددا النظر.

35    شاش: انتبه فجأة في حيرة واضطراب.

36    تفتف: قبض على الشيء وأخذه بسرعة وقوّة.

37    شقّيت: شققت.

38    مساين: لحود، واللّحد الحجر الذي يغطى به القبر قبل أن يها فوقه التراب.

39    الهوا: أصلها الهواء.

منا: عزم بمعنى انطلق.

42    جرّته: الجرّة : آثار الأقدام، و» قطران الجرّة « هو القيافة بمعنى تتبّع آثار الأقدام للوقوف على أمكنة الوصول ومآل الأحداث عامّة.

43    القماميد: مفردها قمودي نسبة إلى قمودة وهم سكانها. وقمودة هو الاسم القديم لمدينة سيدي بوزيد، يقال إنّ أصل التسمية هو تقموته وهي في ما يقال كلمة بربرية الأصل تعني الزهرة البرّية.

44    خيله: الخيل كناية عن الفرسان المحاربين.

45    نزهر: أصلها نرأر (وقد أبدلت الهمزة هاء) ومن مألوف العادة عند العرب أن يقلبوا الهمزة هاء أو واوا أو ياء.

46    الصيد: الأسد.

47    كحيله: قطيع الإبل.

48    قبص: القبس (وقد أبدلت السين صادا وهي لهجة).

49    محاصيد: جمع محصدة أو حصيد.

50    غربي: ريح حارّة تهبّ من الغرب (قادمة من الصحراء).

51    شهيله: صفة من عبارة الشهيلي وهو ريح السموم الآتية من الصحراء (من جهة الغرب).

52    دريد: قبيلة من الأتبج، من هلال بن عامر من العدنانية. كانوا أعزّ الأتبج وأعلاهم كعبا، بهم كانت الرياسة على الأتبج كلّهم عند دخولهم إلى إفريقية لحسن بن سرحان بن وبرة إحدى بطونهم، وكانت مواطنهم ما بين العتاب إلى قسنطينة إلى طارف مصقلة وما يحاذيها من القفر، وكانت بينهم وبين كرفة الفتنة التي هلك فيها سرحان، وكانوا بطونا كثيرة منهم أولاد عطيّة بن دريد وأولاد سرور بن دريد، أولاد جابر الله من ولد عبد الله دريد، وتوبة من ولد عبد الله أيضا، وهو توبة بن عطاف بن جبر بن عكاف بن عبد الله، وكانت لهم ببني هلال رياسة كثيرة، ومدحهم شعراؤهم». (عمر رضا كحالة، معجم قبائل العرب القديمة والحديثة، 379:1).

53    الهداهيد: جمع مفرده هدهود أو هدهودة، والهداهيد هي الملابس البالية. وليس الهاهيد بمعنى لبس الحداد أو أعلن الحزن.

54    العديلة: الغراره : العدلان اللذان يوضعان على ظهر الدّابة وتحمل فيها الحبوب أو الملابس أوغيرها، وقد يصنع من شعر ووبر وصوف.

55     هو شاعر معروف من جنوب القطر التونسي ينتسب إلى قبيلة بني زيد ومركزها الحامّة وهي معتمدية من معتمديات ولاية قابس.

56    انظر في هذا الخصوص مثلا دائرة المعارف الإسلامية ( الطبعة الثانية)، مقال « نقائض».

Encyclopédie de l’Islam, (Seconde édition), article Naqã’d

57    مثال ذلك نقائض جرير والفرزدق، تأليف الإمام الشاعر الأديب الماهر أبي تمّام، عُني بطبعها لأوّل مرّة من نسخة الأستانة الوحيدة وعلّق على حواشيها الأب أنطون صالحاني اليسوعي، بيروت، المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين، 1922. ومثال ذلك أيضا نقائض جرير والفرزدق، ليدن، مطبعة بريل 1905-1909.

58    يشير إلى أنّ هذا الشعر في صياغته بمثابة البناء المغطّى بسقف، فهو يحتاج إلى رفع الغطاء لكشفه والنفاذ إلى مغزاه وفهم كنهه.

59    منهم على وجه الخصوص عمر عبادة، وقد فصّلت القول في ما تبادله الرجلان من أشعار الباحثة جيهان كرعود في رسالتها الجامعية وعنوانها الذاكرة والمأثور الشفوي: دراسة في أخبار علي الدليوي (العيّاري) وأشعاره، 57-58.

60    تجي: أصلها تجيء.

61    خاين بمعنى : لص وسارق.

62    القَفِرُ: الغليظ الجافي منطقه.

63  المرماد: قليل الهمّة ناقص الأنفة والكرامة حتى لكأنّه يمرّر بدنه في التراب ويعفّر به ملبسه.

64 مصيّفين: يقضون فصل الصيف.

65    كدّاد: صيغة مبالغة من كدّ : أجهده العمل، والملاحظ أنّ الاشتغال بالأعمال اليدوية مهجّن عند أهل البادية مذموم عامّة.

66    افريقيا: اسم أطلقه الرومان فيما يبدو على شمال القطر التونسي عامّة وهو منطقة خصبة تنتج الحبوب بأنواعها.

67    القطرة: كناية عن المطر.

68    الآفاق مدلهمّة من كثرة السحب وغزارة الأمطار النازلة.

69    اليمّ: كناية عن الماء الغزير.

70    سادّ الاهواد: ملأ الجداول بما يمنع المرور والتنقّل.

71    نشتّي: اسم فاعل من شتّى: قضى فصل الشتاء.

72    الأكباد: جمع كبد،كناية عن الأبناء باعتبارهم فلذات الأكباد.

73    خصايلها: خصالها ومناقبها.

74    فعايلها: أفعالها.

75    ترسم: تنتصب.

76    فراسين: فرسان.

77    أعياد: جمع مفرده عودة، وهي الفرس الكريمة، وعبارة العودة تطلق أحيانا على المرأة البرْزة لجمالها وكرم أصلها.

78    جا: أصلها جاء.

79    الحمادة: ما ارتفع من الأرض.

80    الصحرا: أصلها الصحراء.

81    الغيم: مفرد الغيوم والمقصود به الرياح الرملية.

82    ساير: أصلها سائر بمعنى مارّ.

83    يخمّم : يفكّر مهتمّا مغتمّا ولعلّ أصلها يخمّن.

84    ميضة: أصلها ميضأة « والميضأة : الموضع الذي يتوضّأ فيه « (ابن منظور لسان العرب، مادة وضأ).

85    كي: أصلها كيف ومعناها ولو أو وإن .

86    يعوم: يسبح ويغتسل.

87    بير: أصلها بئر.

88    صفة للحصان ذي اللون الأدكن.

89    يعبّ: يسرع في عدوه.

90    خاش: «داخل وأصلها من فعل خش» (لسان العرب، مادة خشش)، يقول طرفة بن العبد من معلّقته [الطويل]:

أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه                     خشاش كرأس الحيّة المتوقّد

(الأنباري، شرح القصائد السبع الطوال، 212)

91    واش: أصلها وأيّ شيء، بمعنى ما هو.

92    فزّع: أعلن الفزع استصراخا لقومه على سبيل الاستغاثة والاستنجاد.

93    الذراري: الذريّة.

94    اللّي : الذي.

95     يشالي: يشير في حركة ويومئ في اضطراب.

96    انظر في مثل هذه المعاني: علي الغيضاوي، الإحساس بالزمان في الشعر العربي من الأصول حتّى نهاية القرن الثاني للهجرة، تونس ، منشورات كليّة الآداب بمنّوبة، 2001.وقد قال عدد من الشعراء في مثل هذه المعاني منهم الرّاعي النميري (شعر الراعي النميري) وجرير ( الديوان، 163) وخالد الكاتب حين قال:

 يا ليلة طالت على ناظري

كأنها كــانت بــــلا آخر.

(خالد الكاتب، الديوان، 102) وانظر أيضا الديوان، 141، 142، 236، 274).

وقد قال جعيفران الموسوس في المهموم والخليّ :

 تؤرقني الهموم وأنت خلو                 لعمرك ما تؤرّقك الهموم.

 (الأصبهاني، الأغاني، 201:2)

97    المتهنّي: أصلها المتهنّئ، وتفيد من كان خالي البال غير مهموم ولا مشغول.

98    ياخذ: أصلها يأخذ وفي هذا المقام تفيد يتزوّج.

99    الدلاّعة: عبارة مستعملة في منطقة البحث خاصّة وفي منطقة المغرب العربي عموما وتفيد البطيخة. أمّا عبارة البطّيخة فهي مستعملة أيضا وتفيد في مجال بحثنا «الشمّام» وهي تلك الثمرة ذات الرائحة الذكيّة.

100    مثال ذلك قول الشّاعر:[الكامل]

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله                        وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم.

(المتنبّي، الديوان، 571).

101    فدّوا : ضاقت الصدور حتّى لكأنّها أصيبت بداء الربو وكادت الأنفاس تنقطع. وتستعمل في مجال بحثنا عبارة «الفدّة» وتعني داء الربو .

102    القلب الواجي: هو القلب المريض. وأصل الوجا: الحفا، وقيل شدّ الحفا... والوجا أن يشتكي البعير باطن خفّه والفرس باطن حافره... ووَجِيَ الفرس بالكسر وهو: أن يجد وجعا في حافره (ابن منظور، لسان العرب، مادّة وجا).

103    البو: الأب. وأصله أبو...

104    يستحار: يحتار على سبيل الحياء فيلبّي رغبة والده ولو كان غير راض تمام الرضا.

105  يحبّر: يقدّر الشخص حياء. والمعنى قريب من عبّر (أي أعطاه اعتبارا وأقام له وزنا) وحكّر ( أي قدّره اعتبارا ومهابة).

106    اللّي: أصلها الذي.

107    تندهو: تندهه تأمره بفعل شيء أو تشير عليه بعمل أمر. و«النده: الزجر عن كل شيء والطرد عنه بالصيّاح» (ابن منظور، لسان العرب، مادة نده).

108    الأحناش: جمع مفرده حنش و«الحنش : الحيّة، وقيل : الأفعى وبها سمّي الرجل حنشا» (ابن منظور، لسان العرب، مادة حنش).

109    المسمّة: ذات السموم.

110    الزرازيم: جمع مفرده زرزوميّة، وهي دابّة على خلقة الورل أو الضبّ ولكنها أقلّ حجما وليست بمؤذية. يقال إنّها تسبّب مرض البرص لمن يمسّها، ومن هنا سمّيت في بعض المواطن (بريصة ) مثلما هو الشأن في غزّة.ويقال لها أيضا الوزعة و«الوزغة: سامّ أبرص» (ابن منظور، لسان العرب، مادة وزغ).

111    الفوعة: الفَوْرة والاندفاع. ويقال: «وجدت فوعة الطيب وفوغته بالعين والغين وهو الطيب رائحته تطير إلى خياشمك. وفوعة السمّ حدّته وحرارته» (ابن منظور، لسان العرب، مادة فوع).

112    مضرب: اسم مكان من ضرب وهو مكان الإقامة أو المرقد.

113    الصيد: الأسد.

114    ولاّ: أصبح ، صار، ولّى، عاد.

115    مقيل: اسم مكان من قَيَلَ، وهو مكان قضاء القيلولة اتقاء لحرّ الشمس.

116    الضبوعة: جمع ضبع، والمقصود الضباع و«الضّبُعُ ضرب من السّباع أنثى... والذكر ضبعان» (ابن منظور، لسان العرب، مادة ضبع).

117    مدينة تستور ذات الأصول الأندلسية المشهورة بالغناء الأصيل المعروف بـ « المالوف « الذي يقام له كل سنة مهرجان صيفي، تحضره عديد الفرق من البلدان العربية ومن إسبانيا. ومن بين الذين واظبوا على حضور المهرجان دوريّا نذكر خاصّة: شيخ الفن بقسنطينة الحاج محمد الطاهر الفرقاني، ومن طرابلس الغرب الدكتور حسن العريبي وتستور تبعد عن تونس العاصمة في اتجاه الغرب حوالي 78 كم.

118    الكاف: مدينة مشهورة بالشمال الغربي تبعد عن العاصمة التونسية مسافة 170 كم. ومن بين ما اشتهرت به ذه المدينة تراثها الغنائي البدوي الذي كان بمثابة المعين للتراث الغنائي المدني، إليها تنتسب الفنانة المشهورة المرحومة صليحة والمطرب الضرير المرحوم بلقاسم الحمروني وعازف الكمنجة البارع المرحوم بلقاسم عمّار الذي قاد فرقة الإذاعة والتلفزة لفترة طويلة.

119    إبراهيم الرياحي: ولد سنة 1767 وتوفي سنة 1850( محمد محفوظ، تراجم المؤلّفين التونسيين، 2: 387-400).

120    مثال ذلك ما قام به الشاعر حسين العوري حين صدّر بالمقطّعة المذكورة قصيدته التي رثى فيها أحدهم فقال [الكامل]:

لم أبكه فالمجد تاج جبينه

والعزّ بعض من صدى نبراته            121    ذلك بعض ما يفهم من الآية الكريمة : «قل اللهم مالك الملك توتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كلّ شيء قدير» (سورة آل عمران الآية 26) .

122    ماني: إنّي، بما أنّي.

123    ملّست: صوّرت من مادّة الطين.

 124  ذاتي: صورتي، هيئتي ، شكلي.

125    الكبس: العسر وهو الشدّة والضيق.

126    الرّخف: اليسر خلاف الشدّة والضيق.

127    حدّ : أصلها أحد.

128    تنحّي : تزيل وتنقص وتمحو وتبعد.

129    الشطر: النصف.

130    الجبين: يُعْتَقَد أنّ قدر الإنسان مكتوب بأحرف على جبينه.

131    المكتوب: ما كتب على الجبين وهو القَدر.

132    يقاسيه: يقضيه، يؤدّيه.

133    يمحيه: لهجة من يمحوه بمعنى يفسخه ويزيله.

134    ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، 346:1.

135    ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، 346:1.

136    ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، 346:1.

137    ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، 347:1.

138    ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، 347:1.

139    ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، 347:1.

140    ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، 349:1.

141    ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، 350:1.

142    ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، 350:1.

143  ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، 350:1.

144  جيهان كرعود، الذاكرة والمأثور الشفوي: دراسة في أخبار علي الدليوي (العيّاري) وأشعاره، 60-61 .

عقار والعقير: ما يتداوى به من النبات والشجر «(لسان العرب، مادّة عقر)

154  طيّح: أسقط.

155    الساس: الأساس، الحائط، الجدار، الأسّ.

156    العقورة: جمع عقور وهي صفة مشبهة من عقر بمعنى جدّع وقطّع الرأس.

157    نقّاص: جمع ناقص، وهو خلاف الكامل.

158    هوّنه: تخلى عنه ووضعه في موقع دون منزلته.

159    الذكورة: جمع ذكر بمعنى الشجاع.

160    القرع: « قرع الرأس وهو أن يصلع فلا يبقى على رأسه شعر» (لسان العرب، مادّة قرع)

161    فرطاس: أقرع.

162    الغيرة: الغيرة التي تشتدّ حتى تلامس حدود البغض والحسد.

163    حماس: حمى النفس المشرب بغيرة.

164    دبّار: صيغة مبالغة، الذي يشير بالأمر على سبيل النصيحة والحكمة.

165    فاس: « مدينة مشهورة كبيرة على برّ المغرب من بلاد البربر، وهي حاضرة البحر وأجلّ مدنه قبل أن تختطّ بمراكش. وفاس مختطة بين ثنيّتين عظيمتين وقد تصاعدت العمارة في جنبيها على الجبل حتى بلغت مستواها من رأسه وقد تفجّرت كلها عيونا تسيل إلى قرارة واديها إلى نهر متوسط مستنبط على الأرض منبجس من عيون في غربيّها على ثلثي فرسخ منها بجزيرة دَوِي ثم ينساب يمينا وشمالا في مروج خضر فإذا انتهى النهر إلى المدينة طلب قرارتها فيفترق منه ثمانية أنهار تشتق المدينة. عليها نحو ستمائة رحى في داخل المدينة كلها دائرة لا تبطل ليلا ولا نهارا. تدخل من تلك الأنهار في كل دار ساقية ماء كبار وصغار. وليس بالمغرب مدينة يتخللها الماء غيرها إلا غرناطة بالأندلس. وبفاس يصنع الأرجوان والأكسية القرمزية. وقلعتها في أرفع موضع فيها يشقّها نهر يسمّى الماء المفروش إذا تجاوز القلعة أدرك رحى هناك. وفيها ثلاثة جوامع يُخطب يوم الجمعة في جميعها» (ياقوت الحموي، معجم البلدان، 230:4)

166    ومكناس مدينة بالمغرب الأقصى الشقيق تقع في الوسط الغربي منه، والأغلب على الظنّ أنّ التسمية تعود إلى الأصل اللغوي الذي يدلّ على مرقد الغزال. وربّما كانت لها صلة بقبيلة مكناسة البربريّة. وقد جاء في معجم البلدان ما يلي: « مكناسة : مدينة بالمغرب في بلاد البربر على البرّ الأعظم، بينها وبين مراّكش أربع عشرة مرحلة نحو المشرق. وهي مدينتان صغيرتان على ثنيّة بيضاء بينهما حصن جواد. اختطّت يوسف بن تاشفين ملك المغرب من الملثّمين، والأخرى قديمة وأكثر شجرها الزيتون، ومنها إلى فاس مرحلة واحدة. وقال أبو الإصبع سعد الخير الأندلسي: مكناسة حصن بالأندلس من مكناسة حصن بالأندلس من أعمال ماردة. قال: وبالمغرب بلدة أخرى مشهورة يقال لها مكناسة الزيتون حصينة مكينة في طريق المارّ من فاس إلى سلا على شاطئ البحر فيه مرسى للمراكب ومنها تجلب الحنطة إلى شرق الأندلس.» (ياقوت الحموي، معجم البلدان، 181:5).

167    شاهي: اسم فاعل من شها. من الشهوة، وهي الرغبة في الشيء أو الأمر.

168    المقام : المقصود به الضريح.

169    البـيْ: أصلها الباي وهو ملك تونس، وقد حكم بايات تونس البلاد من 1750 إلى سنة 1957م.

170    كبورة: الوزارة الكبورة: كبار الوزراء.

171    كبّوا: كبّ الكاس حتى أفرغه.

172    تتلاصّ: على وزن تفاعل بمعنى يتآمرون سرّا.

173  حاجبة: متحجّبة.

174    محزورة: ممنوعة من الخروج غيرة عليها.

175    بخوره: «البخور ما يتبخّر به، وتبخّر بالطيب ونحوه: تدخّن ويقال بخّر علينا من بخور العود أي طيّب» ابن منظور لسان العرب، مادّة بخر).

176    تاقوني: أشرقوا عليّ. من التوق: «تؤوق النفس إلى الشيء. وهو نزاعها إليه». (ابن منظور لسان العرب، مادّة توق).

177    زغرتوا: زغردن. من الزغردة وهي الصوت التي تردّده المرأة على سبيل الفرح أو الحماسة.

178 ع: مختصر على.

179    دقداق: كثير الدقّ لأقرانه على سبيل التهشيم والفتك.

180    النمورة: جمع نمر، وهو « ضرب من السباع أخبث من الأسد سمّي بذلك لنُمر فيه» (ابن منظور،لسان العرب، مادّة نمر).

181     ملحوظ: مميّز يجلب الانتباه لتميّزه وتفرّده.

182 النغورة: النغورة جمع لصيغة المبالغة نغور من نغر « غلى وغضب»،(ابن منظور، لسان العرب، مادّة نغر)، والمقصود أصحاب الحميّة.

183    تبّاع زين اللبّاس: تبع نساء من أجل الجمال لا طلبا لغيره من الأغراض الحسيّة والإباحيّة.

184    الخضورة: المطلب الحسّي والإباحي.

185    نحكّر: قدّر على سبيل التخوّف والتهيّب.

186   البر: البلاد.

187    ترّاس: رجل ترّاس: «صاحب ترس» (ابن منظور، لسان العرب، مادة ترس). وترّاس في منطقة البحث بمعنى رجل راجل (يسير على رجليه محاربا كان أو غير محارب، وهو خلاف الفارس).

188    لـيّ: بمعنى لي وإليَّ أي تنسب إليّ الوعورة.

189   الوعورة:الصعوبة التي تجعل الفتى مهيبا جليلا مقدّرا.

190   صميدة: هو قائد نجع دريد: أي الرئيس الإداري لقبيلة دريد.

191 مصماص: غير متعفّف.

192  بايدة: بالية. وأصلها بائدة.

193  عورة: بمعنى عيب ونقيصة.

94   فالس الفلاّس: مفلس المفلسين.

195  جادورة:مؤنث جادور وهو الحصان الكودن.

196    هامل: تائه قد ضلّ عن أهله فأضحى بلا قيمة وكأنّه لا أصل له.

97    بِل: (بكسر الباء) أصلها إبل.

198   تتهاسّ: تكاد تنهار من الهزال، فكأنّها لشدّة مرضها تنتظر الموت.

199    منقاص: النقص والمذلّة.

200   لبن يقراص: بمعنى يعيش على اللبن الحامض دون غيره، واللّبن القارص أقلّ الأبان قيمة.

201    حسا: الحسا، يعيش عليه أيضا، وهو أقلّ أنواع المآكل باعتباره قليلا من دقيق في كثير من الماء.

202    أفّاح: توابل.

203    ميّاص: يعيش على الميص وهو دون اللبن الحامض. والميص هو الماء الحامض الذي يسيل بعد استخلاص الجبن من اللبن.

204    جبورة: غير المهذّبين (مفردها جبريّ) وهو الفظّ الفجّ الغليظ الذي لا يحسن معاملة الآخرين.

205    تنتاس:كثير البحث والتنقير عن النقائص والمثالب.

206    تعشّب: يكتري أرض غيره لترعاها مواشيه، كناية عن أنه لا يملك أرضا خاصّة به.

207    قرناص: لغة من قرناس (وقد أبدلت السين صادا) الذي يقع على المرتفعات وأعالي الجبال على سبيل الإشراف والمراقبة.

208 نا: أصلها أنا.

209 صيد: أسد

210 الخنق: مفردها خنقه، وهي الفتحة الضيقة بين جبلين، ومن يرتادها يعتبر شجاعا غير هيّاب للمخاطر.

211    دعّاس: صيغة مبالغة من دعس، شديد الإقدام. و«دعسه بالرمح يدعسه دعسا طعنه» (لسان العرب، مادة دعس).

212    ثلب: فحل الجمال. والثلب«من ذكور الإبل الذي هرم وتكسّرت أسنانه» (لسان العرب، مادة ثلب).

213    تهواني السمورة: أشرب لون وجهه سمرة.

214    عودات: جمع مفرده عوده: الفرس الأنثى والعودة عبارة تطلق عادة على الفرس الكريمة( لسان العرب، مادّة عود ).

215    البلا: أصلها البلاء، مصدر من بلا يبلوه وهو الاختبار والامتحان. (لسان العرب، مادة بلو)، والمقصود في هذا المقام هو الحرب حيث تعرف قيمة الرجل القتاليّة خاصّة والأخلاقيّة عامّة.

216    ترداس: يشتدّ أوار الحرب. و«ردس الشيء يردسه ... دكّه بشيء صلب» (لسان العرب، مادة ردس).

217    غورة: غارة.

218    أركاس: جمع مفرده ركس، والركس قلب الشيء على رأسه أو ردّ أوّله على آخره « (لسان العرب، مادة ركس).

219    نجعك: النجع القبيلة أو المجموعة المرتحلة.

220    النسورة: النسور وجمعه نسر، «والنسر طائر معروف» (لسان العرب، مادة نسر).

221    دفايف: جمع مفرده دفّ: «والدفّ والدفّة: الجنب من كلّ شيء» (لسان العرب، مادة دفف).

222    غاصّ: اسم فاعل من غصّ: امتلأ الحلق بالطعام أو الشراب وضاق به.

223    مجمورة: اسم مفعول من جمر محروق كأنما أصيب بالجمر.

224    مسّاس: صيغة مبالغة من مسّ بمعنى شتّام ثلاّب.

225    الاصول: أي الأصول وهي المبادئ والقواعد والضوابط الاجتماعية.

226    العبورة: المعبّر، الجدير بالمهابة.

227    كي: أصلها كيف، ومعناها مثل أو شبيه.

228    كدرون: لباس صوفي يجعل للعمل عادة ويكون لونه أدكن، وهذا اللباس أكثر ما يشيع في «الساحل التونسي» (سوسة والمنستير والمهدية) وفي جزيرة جربة.

229    « الكَفَلُ بالتحريك: العجز، وقيل: ردف العجز. وقيل: القَطَن يكون للإنسان والدابّة». (ابن منظور، لسان العرب مادّة كفل).

230    حفناوي عمايرية، « الخيل والفروسية في التراث الشعبي بتونس «، الحياة الثقافية، العدد 174، السنة 2006،45. والدليل على ذلك أنّ الشّاعر لا يتناول وصف الجواد وصفا مستقلاّ عن غيره من الأغراض الشعرية بل يضمّنه معاني أخرى في مقدّمتها الفخر. من ذلك قوله:

مسير البساط يفلّط

وغيمه على الأرض واطى

ما نركب كان الملهّط

من ساس عالي الملاطه

لا هو طويل الصرنقط

لا هو قصير الحطاطه

لا بوه م الخيل لنبط

لا جدّته جنبلاطه

راكب الطفل المشبّط

على الجوف كابس حناطه

ما زال شاربه كيف خطّط

جدودي عرب من قماطه

ربّص كلامك تعقّل

إذا كنت باغي الزّياطه

من قبّة الراس نشبّط

نشق العظم بالشلاطه

راني كيف النمر الارقط

اللي من ايده تعاطى

وبالك يا الخو تغلط

بحديثك معاه النشاطه

231    سوف أو وادي سوف: منطقة بالجنوب الشرقي للقطر الجزائري. وتحده شرقا جهة الجريد بالقطر التونسي (ولاية توزر).

232    نزغب: زغب يزغب بمعنى أغار (على الإبل عادة) ليسوقها على سبيل تملّكها عنوة.

233    قلوق: صيغة مبالغة للحصان من قلق بمعنى كثير النشاط شديد المراح والاندفاع.

234    شلوق: صفة مشبّهة للماء الذي فيه طعم الملوحة.

235    تلوط: لاط بمعنى لصق(لسان العرب، مادة لوط) لكنّها تفيد في هذا السياق معنى مسّ.

236    الطّير: بمعنى الطائر والمقصود به الصقر، وأنثاه تسمّى العارم.

237    زعواط: لعلّ المقصود به مفزع بمعنى أنه يخيف فرق الطيور ويرعب أسرابها فيفرّقها.

238    الفروق: فرق الطير وأسرابها.

239    لا يذكر الشاعر جواده في حياته فحسب بل يذكره أيضا بعد وفاته ذكر التعطف والتحنن ويوكل إليه مهام لا يكلف بها عادة إلاّ الإنسان لما له من ملكة الإدراك والإبلاغ والإعلام لإفهام  « أولاد عيّار « ما لم يفهموه. يقول علي الدليوي مخاطبا خادمه موصيا إيّاه:

واركب حصاني ما تردّوش

ودوّر عنانه لظهره

وصول السوق ما يكيدوش

يلمدوا صعادي وحدره

يفهّم آك اللي ما يفهموش

في السّوق نايضة الغبرة.

وربّما ذكّر هذا المقطع – على نحو أو آخر- بتحسّر مالك بن الريب على جواده الباكي وقد فقد صاحبه فصار إلى إهمال بعد اعتناء ووكس بعد غلاء وذلّة بعد عزّة. يقول الشاعر [الطويل]:

تذكّرت من يبكي عليّ فلم أجد سوى السيف والرمح الرديني باكيا

وأشقر خنديد يجرّ عنانه

إلى الماء لم يترك له الدّهر ساقيا

يقاد ذليلا بعد ما مات ربّه

يباع بوكس بعدما كان غاليا.

(أبو زيد القرشي، جمهرة أشعار العرب، 247-248).

240    عليّة: تصغير علي ويفيد معنى التربيج (والمقصود هو علي الدليوي).

241    الحمادة: المرتفع من الأرض والمقصود به مرتفعات مكثر من بلاد أولاد عيّار. والحمادة معروفة برجالها إذ يقال « رجال الحمادة، والمقصود بذلك الأولياء الصالحون.

242    عمرة أو عمرا أو عمراء: اسم علم للمرأة وهو في الأصل منطقة متّسعة تقع شرق مدينة قفصة وشمالها.

الحنوش بمعنى الأحناش: جمع مفرده حنش و» الحنش : الحيّة، وقيل : الأفعى وبها سمّي الرجل حنشا» (ابن منظور، لسان العرب، مادة حنش).

243    الحنوش بمعنى الأحناش: جمع مفرده حنش و» الحنش : الحيّة، وقيل : الأفعى وبها سمّي الرجل حنشا» (ابن منظور، لسان العرب، مادة حنش).

244    مغشوش: غاضب مغتاظ.

245    النزرة: الصيحة الحازمة أو الغاضبة (عند الكلام).الدّير: جلد عريض سميك مصنوع يتّخذ ليشدّ السرج إلى صدر الفرس.

246    الدّير: جلد عريض سميك مصنوع يتّخذ ليشدّ السرج إلى صدر الفرس.

247    كشكوش: ما علا الماء أو السائل عامّة من فقاقيع.

248    الشهب: اللون الأبيض ويقال للحصان الأبيض أشهب وللفرس البيضاء شهباء وقد تستعمل عبارة شهباء لتسمية البنت كناية عن بياض بشرتها.

249    مرشوش: منقّط كما لو رشّ عليه لونان أبيض وأسود.

250    إلا: إذا، عندما.

251    الركاب: « الركاب للسرج كالغرز للرحل، والجمع رُكُب « يكون عادة من معدن، وهو ما يضع فيه الفارس قدميه على جانبي الفرس، ويكون الركاب

يكون عادة من معدن، وهو ما يضع فيه الفارس قدميه على جانبي الفرس، ويكون الركاب في العادة مشدودا إلى السرج بسير من جلد « (ابن منظور، لسان العرب، مادّة ركب).

252    ينوش: ناش ينوش، مسّ مسّا خفيفا.

253    يكُنّ: من كنّ بمعنى توقّف فجأة على سبيل الخوف والتهيّب، وهي صفة ذميمة من صفات الخيول لأنها تهدّد الراكب بالسقوط.

254    عثرة: اسم مرّة من عثر « يعثِر ويعثُر عثرا وعثارا، وتعثّر كبا... والعثرة الزلّة «(ابن منظور، لسان العرب، مادّة عثر). ويعتبر العثار عيبا من عيوب الدواب لا سيّما الخيل لأنّ العثرة تسقط الفرس وربما أسقطت الفارس أيضا. « ويقال عثر به فرسه فسقط « (ابن منظور، لسان العرب، مادّة عثر).

255    لعب: تطلق على جري الحصان عند الاستعراض في المناسبات الكبرى وخاصة أمام المحفل.

256    الجحاف:جمع جحفة، وهي الهودج (الذي تحمل فيه العروس).

257    مرعوش: اسم مفعول من رعش، بمعنى مرتعد لا يملك أن يسيطر على حركاته وأعماله ( فهو بمثابة من أصابه مسّ).

258    بَشرة: اسم علم للمرأة ولعل أصله بُشرى.

259    يفكّ: فكّ بمعنى انتزع بالقوّة.

260    عرايس: أصلها عرائس ومفردها عروس.

261    عطّوش: جمعه عطاطيش وهو الإطار الخشبي للهودج.

262    قبلة: جهة القبلة والمقصود بها الجنوب الشرقي.

263    ظهره: عكس القبلة أي الشمال الغربي.

264    عنترة بن شدّاد، الديوان 125.

265    عنترة بن شدّاد، شرح ديوان عنترة بن شداد، 76.

266    من ذلك قول عمر بن أبي ربيعة[الطويل]:

تشكّى الكميت الجري لما جهدته

وبيّن لو يستطيع أن يتكلّما

لذلك أدني دون خيلي مكانه

وأوصي به ألا يهان ويكرما

فقلت له: إن ألق للعين قرّة

فهان عليّ أن تكلّ وتسأما

عدمت إذا وفري وفارقت مهجتي

لئن لم أقل قرنا إن الله سلّما.

(الأصبهاني، الأغاني، 67:1-68).

67:1-68).

267 يربع : يعدو عدوا دون الركض.

268    يمكن للمرء على سبيل التمثيل لا الحصر أن يلاحظ مثل ذلك خاصة لدى الفرق الحربية لبعض بلدان الخليج العربي في لوحات ما يسمّى بـ«الجولة» مثلما هو الشأن بالنسبة إلى فرقة المقابيل الحربية للشاعر سالم مصبح المقبالي وفرقة المزيود الحربية بقيادة الشاعر سعيد المزيود الشحّي أو فرقة المدحاني الحربية بقيادة الشاعر المدحاني وفرقة دار الزين الحربية بقيادة الشاعر محمد البادي أو فرقة الشحوح الحربية بقيادة الشاعر أحمد بن سعدين الشحّي وفرقة دبي الحربيّة بقيادة سعيد الكعبي وغيرها من الفرق الحماسيّة الكثيرة.

269    يمكن أن يذكر على سبيل المثال الفنّان اليمني فؤاد الكبسي والفرق الراقصة التي ترافق غناءه من حين لآخر بلوحاتها الفنّية المعبّرة.

270    يمكن كذلك أن تذكر بعض فرق الرقص الشعبي بالجزائر وبعض المغنين الشعبيين من أمثال عبد الله المنّاعي الذي يجد رواجا كبيرا في عدد من أقطار المغرب العربي وكذلك الفنان التونسي المشهور المرحوم إسماعيل الحطّاب.

271    مسيوتة : مكان يقع شمال مدينة العلا (ولاية القيروان).

272    قوتة : إحدى ابنتي علي الدليوي.

273    يجي من فوق : كناية عن أنّه غالب منتصر.          

274  ها : هذه.

275  جا : أصلها جاء.

276  م : أصلها من.

277   م اللوطة : أصلها من وطأ من الوطء والوطاء وهي كناية عن أنّه وقع مغلوبا مهزوما.

278    يقول في مفتتح قصيدته:

أولاد عيّار شكّيتكم هوش

ولا تكسبوا م النبيّ شعره

يموت علي راكب الصّوش

صيد الخنق ليه وهره

غريم العدوّ وقت العروش

يزدم عليهم بجهره

قتلوه ذبّاحة اللّوش

وصلوه صليان هبره

ذبحوه ذبحات علّوش

وحرقوه في وسط حجره

أولاد عيّار ما فطنتوش

راقدين رقدان بقره

يا ناري مت مغشوش

الرجال تموت بغدره

279    يقول في منزلة أهله من نفسه وفي عمله من أجلهم وتضحيته في سبيلهم:

لو منهم مات بكّوش

وإلا المنقوص فكره

نحلّ حرب بين العروش

ونشعّل النّار حمره

ونشرّبهم سمّ الحنوش

ونهتّك المحجوب ستره

نخلّيهم مجاريح ونعوش

 بدمّهم نورّد الصحره

نطيّح السور والحوش          نتخمّر كواقف الحضره

280   يفدي: يثأر لي

281  حازوني: حاصروني وحالوا دون خلاصي

282  مثيل : مثل

283 تقصّت: انقطعت.

284  لانيش: ما أنا، لست.

285  ميثوق: أصلها موثوق ( وقد ابدلت الواو ياء).

286  محقوق: محتاج فقير معدم.

287  الذراري: الذرية والأولاد.

288    الصّيد: الأسد.

289  اللبّات: اللبؤات، واللّبؤة أنثى الأسد.

290  سوق: المقصود هو السوق الأسبوعية.

291    العرش: القبيلة الكبرى أو مجموعة القبائل.

292    الطلوق: البيع بتأجيل الدفع كناية عن أنه سلّم بثمن بخس بل بلا ثمن.

293  الدواري: المقصود بها الدواوير جمع دوّار وهو عبارة مستعملة في أقطار المغرب العربي وفي الخليج العربي، ومعناها الحي يتألف في  الأصل من مجموعة من الخيام المنصوبة في شكل شبه دائري.

294    علج: وهوالرومي المملوك عادة، سمّي بذلك لبياضه وضخامة جسمه. (لسان العرب، مادة علج) والمقصود به الجبان.

295    مرهوق: جاهل مغلوب ذليل.

296    هوّن: فرّط فيه جهلا بقيمته .

297    البكاري: مفردها بكرة وهي أنثى القعود أو الفصيل.

298    يذوق: بمعنى يدرك و يميّز ويحسّ.

299 عباري: قيمتي وقدري.

300  يقالد: يطاول ويقف ندّا له.

301  أحواري: محاورتي في مجال الفعل الحربي.

302  يتوق: يحاول التجرؤ.

303  يباري: يتجنّب اتّقاء للخطر.

304    شطوط: جمع شاطئ وهو ضفة البحر.

305    غروق: مياه عميقة.

306    بحاري: مفردها بحيرة والمقصود بها السهول حيث تجتمع المياه عند نزول الغيث.

307    غماري: غمار الحرب.

308    الطّوق: البناية العالية.

309    الاعيان: الأعيان والمقصود الباي وحاشيته.

310    حلوق: حلقات.

311    يهزّوا : يشيعون شهرته ويذيعونها.

312    شكاري: من الشكر، وتفيد مدحه والثناء عليه.

313    نصبوا: أقاموا.

314  الدروق: مفردها دراقة والمقصود بها الستار الذي يقام بين الرجال والنساء

315    صبيغهم: زينة النساء.

316    البروق: لمعان البرق ووميضه كناية عن تلألؤ الوجوه وألقها.

317    طروق: مفردها طرق ويفيد الصوت أو النغمة ويدل على نوع من الأغاني يقع موقع الوسط بين أغاني الملالية وأغاني المحفل.

318    الحاف: الساحة.

319    مهاري: جمع مهرة وهي الفرس الصغيرة وقد استعملت المهاري هنا للدلالة على الفتيات الحسناوات.

320    سجدي: أصلها جسدي (وقد طرأت على الكلمة عملية قلب)

321    يبيع ويشاري: يبيع ويشتري وتدل على معنى التخمين والحيرة.

322    جباري: جبّار عتيد

323    قدّاش: كم وتدلّ على الكثرة.

324    فروق: فرق وجماعات.

325    أوهامها: أماكن إقامتها.

326    آثاري: آثار وأطلال.

327    ملزوم: مضطر مجبر.

328    أفّاري: الحيوية، كناية عن سكون الموت.

329    ضيق الضيوق: القبر.

330    فناري: الفانوس أو المصباح ويطفى فناري: يتوقف نبض الحياة .

331    مدقوق: مدعوّ عليه من الصالحين فتعس وصار شقيا.

332    قراري: خالية.

333  وممّا يمكن اعتباره وصيّة من الوصايا قوله:

على جالهم متّ محموش

منى وفاطمة وزعره

قولوا لهم بالله ما تلوموش

نفضت عليهم الغبره

نا غيظي غيظ بكّوش

وقدمي عافس الجمره

لو تلقوا لحمي مرّوش

هزّوه لتراب صبره

الجاب الكلام نقوش        عيّاري

وقصر عمره

ومن بعدي قعدت جحوش

لا من يطيّر الوبره

نسبوا لي شي ماعملتوش

من كيفي مليان صدره.

334    موحوش: أصابته وحشة واعتراه خوف.

335    مرعوب: محترق من الخوف.

336    جدرة: أصلها الجذر وهو جذع الشجرة.

337    ما تسيّبوش: لا تطلقه.

338    طقتوش: لم أطقه ولم أتحمله.

339    كنيني: أحشائي، باطني.

340    مبشوش: مشحوذ.

341    ماضي: حادّ.

342    تنجموش: لا تستطيعون ذلك.

343    نفاد: نفد الوعد حمّ القضاء وحلّ الأجل.

344    ما يكيدوش: لا يصعب عليه.

345    صعادي: الطريق في مرتفع.

346    حدره: منحدر.

347    آك: أولئك.

348    اللّي: الذين.

349    نايضة الغبرة: ثار الغبار كناية عن الحرب المشتعلة.           

350    لعلّه في تناول ذلك يتذكّر مضمون عدد من آيات القرآن الكريم مثل قوله تعالى : « فإذا ما جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون « (سورة الأعراف، الآية 34، وسورة النحل، الآية 61) أو « إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (سورة يونس، الآية 49).

351    الأصبهاني، الأغاني، 286:22-287.

352    أورد أبو زيد القرشي في جمهرته اثنين وستين بيتا تألفت منها قصيدة مالك بن الريب الرثائية.

353    انظر رأي أبي عبيدة في الأصبهاني، الأغاني، 303:22.

354    الأصبهاني، الأغاني 176:24.

355    الأصبهاني، الأغاني، 303:22.

356    مثال ذلك قوله في تعيير قبيلة جلاص بوفرة ما تنتجه جهتهم (ولاية القيروان) من ثمرة التين الشوكي وهو ما يعبّر عنه اختصارا في منطقة البحث بالهندي ولو أنّ من النّاس من يمدحه كثيرا وينعته بـ « سلطان الغلّة «:

قتلوه ذبّاحة اللّوش

وصلوه صليان هبره.

357 مثال ذلك قوله:

غريم العدوّ وقت العروش

يزدم عليهم بجهره

أو قوله كذلك:

نتكنّى أسد معشوق

اللبّات يجوا في خياري

أو قوله أيضا:

من سوف نزغب نسوق

ونشقّ غيم الصحاري.

358 مثال ذلك قوله:

يموت علي راكب الصّوش

صيد الخنق ليه وهره

أو قوله كذلك:

ذبحوه ذبحات علّوش

وحرقوه في وسط حجره

أعداد المجلة