فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
64

المواسم والأعياد والمناسبات الاحتفاليات في المجتمع الجزائري بين الوظائف الاجتماعية والمظاهر الفرجوية

العدد 54 - عادات وتقاليد
المواسم والأعياد والمناسبات الاحتفاليات في المجتمع الجزائري بين الوظائف الاجتماعية والمظاهر الفرجوية
كاتب من الجزائر
كاتب من الجزائر

مقدمة :

لا يخلو أي مجتمع من أعياد ومواسم ومناسبات احتفالية يتم إحياؤها في مواعيد سنوية محددة، ولعل المجتمعات العربية والإسلامية أكثرها زخما بهذه الأعياد والمناسبات التي يحتفل بها في مشارق الأرض ومغاربها، والمجتمع الجزائري يشترك مع باقي الشعوب العربية والإسلامية في إحياء هذه الأعياد الدينية والاحتفاليات العائلية والمناسبات الاجتماعية والوطنية.

هذه الأعياد والاحتفاليات التي تمثل تقليدا رسميا وشعبيا تتجلى فيها مظاهر الفرح والابتهاج والترويح عن النفس المجهدة من مشاق الحياة، بل تمثّل للبعض محطة يودعون فيها الهموم والأحزان ولو بشكل مؤقت، كما تتمظهر فيها ممارسات يختلط فيها الديني بالاجتماعي والمقدس بالدنيوي والروحي بالمادي، وهي من جهة أخرى مناسبات جليلة تساعد على تقوية التراحم والتواصل الاجتماعي المادى والمعنوى، مما يزيد من تماسك المجتمع وتقوية بنيانه وتعزيز العلاقات الاجتماعية بين أفراده، وهذا مايجعلنا نتساءل ماهي العلاقة بين الأعياد والاحتفالات والمواسم ؟ وماهي أنواع هذه الأعياد والاحتفاليات ؟ وفي ماذا تتمثل دلالاتها الرمزية ووظائفها الاجتماعية ومظاهرها الفرجوية ؟

هذا ما سنحاول الوقوف عليه في ظل مقاربة أنثروبولوجية تحاول البحث في فهم الذهنيات ورصد الممارسات وكشف المخفي منها ومساءلة الجزيئات وإن بدت صغيرة والبحث في دلالاتها وأبعادها، معتمدين في ذلك على المنهج الوصفي التحليلي من خلال تجميع البيانات والمعلومات المتعلقة بالظاهرة الاحتفالية من مصادرها المختلفة، ثم تحليلها واستخلاص النتائج منها.

الاحتفال والعيد والموسم أية علاقة ؟

1 ) الاحتفال:

يرى بعض الباحثين في التراث الشعبي أن الاحتفال هو «مجموعة من الممارسات والأفعال التي تتعلق بالمناسبات العامة فهي ترتبط بالتغيرات الكونية كتعاقب الشهور والفصول والسنين،أو بالأحداث وأزمات المجتمع ومشكلاته»1، فهو تجمّع يهدف إلى إحياء ذكرى اجتماعية أو ثقافية أو دينية أو وطنية أوفصلية تعبّر عن أواصر العلاقة الموجودة بين الأفراد المجتمعين، كما يتم من خلالها التحقّق بوظائفها وغرس قيمها في نفوس المحتفلين بها، وهذا مايتوافق مع ماذكره الباحث مصطفى شاكر سليم بقوله «الاحتفال هو تجمع عدد من أفراد المجتمع بهدف التعبير عن وجهات نظر مشتركة بفعاليات منظمة رمزية، تؤدّى في مناسبات معلومة ذات طابع ديني»2، كما يعرفه آخرون بأنه «ممارسات نمطية شعائرية ذات جوانب دينية واجتماعية وأخرى ثقافية ويشارك فيها شرائح اجتماعية دينية وثقافية وإثنية واسعة»3 فهي ذلك النشاط البشري الذي تتخلله طقوس وعادات وتقاليد يستمدها في أغلب الأحيان من فكر أو عقيدة المجتمع الذي يعيش فيه، كما ينظر إليها آخرون على أنها «ممارسات اجتماعية لها طابع الرسمية تعبّر بوضوح عن شعور الناس حيث تلتقي فيها الشعائر بالطقوس والرموز»4، فهي بذلك مناسبة تمارس فيها عادات اجتماعية معبرة عن الابتهاج والفرح وترتبط بالعواطف والأحاسيس وتعبر عن المعاني والمعتقدات التي في النفوس.

2 ) العيد :

في اللغة العيد: «هو كل يوم فيه جمع، واشتقاقه من عاد يعود، كأنهم عادوا إليه، وقيل: اشتقاقه من العادة؛ لأنهم اعتادوه، والجمع أعياد، قال ابن الأعرابي: سُمِّي العيد عيدًا؛ لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد»5.

وقد ذكر أهل اللغة أن أصل كلمة العيد (عاد، يعود)، بمعنى رجع، والعيد ما يعود من همّ أو مرض أو شوق أو نحوه، وكل يوم يحتفل فيه بذكر كريمة أو حبيبة، وجمعه أعياد»6 ومن ثمّ فالعيد سمي بالعيد لكونه يتكرر ويعود سنويا، وقال بعض أهل اللغة كما جاء في لسان العرب بأن العيد سمي بالعيد لأن المجتمع «قد اعتاده – أي من العادة – لأنهم اعتادوه»7، وكلا المعنيين قريب .

أما في الاصطلاح فإن معناه لا يختلف كثيرا عن معناه في اللغة؛ إذ العيد: اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد، فهو: «يوم الفرح والسرور والتواصل، يحتفل فيه الناس بذكرى كريمة أو مناسبة عظيمة، وسمي عيداً لأنه يعاود الناس ويرجع إليهم من حين لآخر»8، فالأعياد ظاهرة اجتماعية ودينية عامة وقديمة قدم الإنسانية ذاتها تمارس في أجواء احتفالية، وهي تعتبر من العادات الجماعية، كما تعتبر مطلبا فطريا تحتاج إليه النفوس لتستريح من عناء الحياة ومشاقّها، كما أنها ضرورة اجتماعية لما تؤدّيه من غرس للقيم وتعزيز للوحدة وتقوية للروابط الاجتماعية بين أفراد العائلة والمجتمع كما أن لبعضها أبعادا دينية تضفي على ممارساتها أجواء روحانية.

يقول الأستاذ سعيدي محمد مبينا أهمية الاحتفال بالأعياد والمناسبات: «للعيد نكهة خاصة يدعو الناس إلى التوقف عن العمل والقيام بأعمال غير مجدية على الصعيد المادي، العيد يدفع الناس إلى التمتع بالحياة والاحتفال بالعلاقات الاجتماعية خارج إطار العلاقات الاقتصادية، لذلك فالشحنة المعنوية التي يتمتع بها العيد حاجة إنسانية يشعر الناس عفويا بضرورة التمسك بها»9، فهي من القيم الثابتة للحياة الاجتماعية المحلية التي تزيد من التمتع بالحياة والفرح والابتهاج والإحساس بالانتماء .

3 ) الموالد والمواسم والوعدة تسميات مختلفة لمعاني متقاربة:

يعرفها الشيخ أبي بكر جابر الجزائري فيقول: «الموالد جمع مولد، مدلولها لا يختلف بين إقليم إسلامي وآخر إلا أن كلمة مولد لا تستعمل في كل البلاد الإسلامية إذ أهل بلاد المغرب الأقصى (مراكش) يسمونها بالمواسم فيقال: موسم مولاي إدريس مثلا، وأهل المغرب الأوسط «الجزائر» يسمونها بالزرد جمع زردة فيقال زردة سيدي أبي الحسن الشاذلي مثلا، وأهل مصر والشرق الأوسط يسمونها الموالد فيقولون مولد السيدة زينب، أو مولد السيد البدوي مثلا»10.

«وسمّاها أهل المغرب بالمواسم لأنهم يفعلوها موسميا أي في العام مرة، وسمّاها أهل الجزائر بالزردة باعتبار ما يقع فيها من ازدراد الأطعمة التي تطبخ على الذبائح التي تذبح للولي، أو عليه بحسب نيات المتقربين، وسماها من سمّاها بالحضرة إما لحضور روح الولي فيها ولو بالعناية والبركة، أو لحضور المحتفلين لها وقيامهم عليها»11.

وهكذا تتعدد التسميات والمصطلحات من منطقة إلى أخرى ولكن تتفق جميعها في المضمون تقريبا فهي «تسمى الزردة أو النشرة في منطقة الشرق الجزائري مثل قسنطينة، وتسمى الوعدة أوالطعم في منطقة الغرب الجزائري مثل مستغانم ومعسكر وغليزان، وتسمى المعروف في منطقتي عين الصفراء والبيض، وتسمى الزيارة في الجنوب الجزائري مثل أدرار كما هو الحال في المغرب،أما في مصر فيطلق عليها بالموالد»12.

إن الاحتفالات والأعياد والمواسم، وبغض النّظر عن كيفية ورود اللفظ فإنه تتعدّد مصطلحاتها ويبقى المعنى واحدا، وكظاهرة عامة فالاحتفالات والأعياد في المجتمع الجزائري كما هو الحال في بقية المجتمعات العربية والإسلامية، هي تلك الاحتفاليات الشعبية والرسمية التي تتعلق بمناسبات عائلية، دينية، موسمية ،وطنية وان اختلفت ممارساتها ومظاهرها فهي تشترك في الفرح والابتهاج والفرجة وتحقيق التواصل العائلي والتضامن الاجتماعي لأنها تمثل موروثا ثقافيا واجتماعيا وحضاريا يزخر بالعديد من التعبيرات الفنية والأشكال الفرجوية التي تشكل جانبا أساسيا من جوانب الهوية الاجتماعية والثقافية لكل المجتمع وخاصة في مايتصل بالمناسبات الدينية والعائلية .

 

 

الاحتفاليات العائلية المرتبطة بدورة الحياة :

لكل شعب من الشعوب تراثه الفكري وموروثه الثقافي الخاص به، والذي يعتبر من العوامل الأساسية التي تميّزه عن غيره من الشعوب والمجتمعات، فالتعبير عن الحياة الإنسانية يشكّل إحدى المتطلبات الضرورية في الحياة والتي تعكس مشاعر الناس وأفكارهم وتصوراتهم ومعظم مظاهر نشاطات حياتهم، كماهو الحال بالنسبة للعادات الشعبية التي لها أهمية كبيرة بالنسبة للشعوب في الحفاظ على هويتها ووحدة الثقافة بين أبنائها وربط ماضيها وحاضرها بمستقبلها.

1 ) احتفاليات دورة الحياة : من الميلاد إلى الوفاة:

الاحتفاليات العائلية المرتبطة بدورة حياة الفرد هي ذلك السلوك الاحتفالي الجمعي والممارسات الحياتية المتعلقة بميلاد الفرد وزواجه ثم وفاته بعد ذلك، بما تتضمّنه هذه الممارسات من عادات وتقاليد وشعائر وطقوس تؤكّد على طبيعة الاحتفال وترسيخ مفهومه بين الناس والذي ينتقل بعد ذلك من جيل إلى آخر على مر الأيام والسّنين، هذه الممارسات التي تعدّ انعكاسا جوهريا للمقومات البيئية والاقتصادية والاجتماعية للبناء الاجتماعي السائد في المجتمع.

تشمل دورة حياة الإنسان في أبعادها الثقافية والاجتماعية والدينية على عدة مناسبات يحتفي بها الفرد في وسطه الاجتماعي وعلى مدار السنة، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من حياته الاجتماعية والاقتصادية، وتشكّل محطّات رئيسية في رحلة الإنسان عبر الحياة من لحظة الميلاد، الختان، الزواج ثم الوفاة وما تتضمنه كل محطة احتفالية من طقوس وممارسات وعادات اجتماعية يختلط فيها المقدس بالدنيوي وتتقاطع فيها فسيفساء العادات والتقاليد الاجتماعية بالأبعاد الروحية والدينية.

وبالمقابل تعتبر احتفاليات دورة الحياة مثل (الزواج، الولادة، الختان والوفاة..الخ) من بين طقوس الانتقال والعبور «Rites de Passage» وفقاً لرؤية :«أرنولد فان جنيب»، وذلك لارتباطها بتجدّد الحياة والخصوبة والنمو، والانتقال من دور اجتماعي إلى دور جديد، ومن مرحلة عمرية إلى أخرى

2 ) احتفاليات دورة الحياة ونظرية طقوس العبور (شعائر المرور):

تمثل نظرية طقوس العبور إحدى النظريات الكلاسيكية الهامة في تاريخ الفكر الأنثروبولوجي، وقد تأسّست النظرية من طرف الأنثروبولوجي (أرنولد فان جنيب) Arnold Van Gennep () في عام 1909، وذلك في إطار دراسته الشهيرة التي حملت ذات العنوان، ولم تتم ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية إلاّ في عام 1960، ثم تطورت على يدي الأنثروبولوجي الإنجليزي ( فيكتور تيرنر) Victor Turner () في ستينات وسبعينات القرن الماضي من خلال دراساته المعمّقة لبعض القبائل الإفريقية.

تدور نظرية (فان جنيب) حول أهمية الطقوس التي تصاحب – وتؤشّر في ذات الوقت – لانتقال الفرد من مرحلة أو حالة اجتماعية إلى حالة اجتماعية مغايرة ويرى (فان جنيب) أن :« انتقال الفرد من وضع إلى وضع آخر لا يتم بشكل مباشر وإنما ثمة مرحلة وسطى بين المرحلتين لابد من اجتيازها تسمى بالمرحلة الانتقالية أو الهامشية والتي تتضمن طقوسا محددة»13.

ويشتهر المصطلح في الحقل الأنثروبولوجي الجزائري بالمصطلح الفرنسي: Rites de Passage، وقد كان المصطلح واحدا من الأدوات التحليلية الهامة لدى علماء الأنثروبولوجيا البريطانية على وجه الخصوص مثل: (أندري ريتشاردز) Andrey Richards و(ماكس جلكمان) Max Gluckman، و(إدموند ليتش) Edmund Leach و( ماري دوجلاس ) Mary Douglas و(فيكتور تيرن) Victor Turner ،الذي كان أكثرهم تأثرا بـ (فان جنيب )»14.

يعرّف (فان جنيب ) طقوس المرور بأنها: «تلك الطقوس التي تصاحب كل تغيّر في المكان والحالة والوضع الاجتماعي والعمر، فحياة الفرد تتشكل من مجموعة من المراحل المتعاقبة عبر بدايات ثم نهايات محددة، كالميلاد والبلوغ الاجتماعي والزواج والأبوّة والانضمام لطبقة اجتماعية أعلى والالتحاق بتخصص مهني أرقى، وهكذا حتى الوفاة، وثمّة طقوس مرتبطة بكل حدث من تلك الأحداث، يتحدد هدفها الجوهري في تمكين الفرد من المرور ( رسميا ) من وضع اجتماعي محدد لوضع آخر يحدده المجتمع»15.

ويحدّد ( فان جنيب) ثلاث مراحل أساسية لتلك الطقوس، أطلق على المرحلة الأولى مصطلح طقوس الانفصال (Rites of Séparation) التي تؤشّر على انفصال الفرد عن الجماعة أو المكانة التي ينتمي إليها، المرحلة الثانية سمّاها المرحلة الهامشية أو الانتقالية (Rites Of Transition) والتي تفرض حالة من الغموض الاجتماعي وعدم التحديد، حيث يبدأ الفرد في ترك طقوس معيّنة واستبدالها بطقوس جديدة، أما المرحلة الثالثة والأخيرة هي مرحلة الاندماج (Rites Of Incorporation) للجماعة أو المكانة الجديدة، حيث يبدأ من الآن فصاعدا يمارس دوره كعضو فيها»16.

وتتضمن طقوس المرور بوجه عام: «دلالة رمزية على ترك الفرد لجماعته أو مكانته، حيث يعايش نوعا من الموت الرمزي (طقوس الانفصال) ثم يمر عبر مرحلة يتم عزله من خلالها، وربما يؤدي أدوارا لا تلائم عمره، أو نوعه ( المرحلة الانتقالية )، وأخيرا الالتحاق بجماعة جديدة وشغل مكانة اجتماعية جديدة ( مرحلة الاندماج )، وقد دلّل (فان جنيب ) بأمثلة عديدة من إفريقيا وأسيا وأوروبا وأستراليا وأمريكا الشمالية»17.

ويقرر (فان جنيب) «أن المراحل الثلاثة لا تتجلى بنفس الدرجة في كافة المجالات، فطقوس الانفصال تبدو أكثر وضوحا في مراسم الجنائز، وتبدو الطقوس الهامشية أو الانتقالية في فترة الشروع في الزواج (الخطوبة) والحمل، أما طقوس الاندماج فتبدو أكثر وضوحا في حفلات الزواج، ومع ذلك فلا ينبغي النظر لكل تلك المراحل بشكل منفصل فقد تتداخل المراحل الثلاثة – واقعيا – في عملية واحدة»18 كما يرى (فان جنيب) «أن لطقوس العبور أهمية معتبرة، إذ أنها تؤشر ثقافيا لانتقال الفرد عبر مراحل معينة، ومن ثم تساعد الفرد والجماعة معا على التوافق مع المكانة الاجتماعية الجديدة بما تتضمنه من علاقات وأفعال اجتماعية، كما أنها تقلل من الغموض والتوتر المرتبط بتغير تلك المكانة، بالإضافة إلى أنها تمثل جسرا يربط بين الظروف الاجتماعية والظروف الفيسيولوجية ( كما هو الحال في عمليات الميلاد والبلوغ والزواج والحمل والموت) ويرسم خطوطا ذات مغزى خاص في دورة الحياة»19، وبهذا يكون (فان جنيب) قد وضع حجر الأساس لنظرية طقوس المرور، ولفت الانتباه لأهمية تلك الطقوس في تحقيق العديد من الوظائف الاجتماعية للمجتمع .

وقد قام (فيكتور تيرنر) بتطوير النظرية، فقام بإضافة أبعاد نظرية ومنهجية جديدة، وتطوير بعض مقولاتها وقضاياها، وهو ما أسهم في إثراء النظرية وزيادة خصوبتها الفكرية .

يعتبر العالم ( تيرنر) واحدا من أكثر الأنثروبولوجيين تأثيرا خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وقد لمع أسمه كعالم إثنوغرافي متميز لمجتمعات شرق ووسط إفريقيا، وأضحى منظّرا بارزا في قضايا البناء الاجتماعي والطقوس والرموز والأداء، «فمن خلال ما يزيد عن اثني عشر كتابا، وعددا من المقالات التي حررها، أو شارك في تحريرها ركّز على موضوعات متنوعة تتضمن الدراما الاجتماعية، الحقول الاجتماعية، البنية الرمزية للفعل الاجتماعي، المرحلة الانتقالية في طقوس العبور، ومصطلح البنية وضد البنية(Anti-Structure ) الذي قام بصياغته»20.

وقد جاءت إسهامات (تيرنر) في تطوير هذه النظرية من خلال: «كتابيه الشهيرين: (غابة الرموز). The Forest of Symbols الذي صدر في عام 1967، و(عملية الطقوس) The Ritual Process الذي صدر في عام 1969»21، من خلال توسيعه وتفصيله للمرحلة الوسطى من طقوس المرور لدى (فان جنيب) والتي تسمى بالمرحلة الانتقالية، وهي مرحلة تتسم بأنها مرحلة بينيّة ويشار لها أحيانا بأنها تشبه ( البرزخ ) والموت الرمزي أو إعادة الميلاد الرمزي»22.

يؤكد (تيرنر) «أن طقوس المرور توجد في كل المجتمعات الإنسانية، غير أن أبرز تجلياتها توجد في المجتمعات الصغيرة المستقرة نسبيا، التي يرتبط التغير فيها بالأبعاد العضوية والطبيعية أكثر من الاختراعات التكنولوجية، وتمثل تلك الطقوس انتقالا بين الحالات، ويقصد بالحالة ذلك الوضع الثابت والمستقر نسبيا، ويتضمن مفهوم الحالة بعض الثوابت الاجتماعية مثل المكانة القانونية، المهنة، المنصب، المكانة، كما أنها تؤشر لحالة الفرد حسب ما يحددها السياق الثقافي، مثلما نتكلم عن الحالة الزواجية أو العمرية للفرد، ويمكن تطبيق مفهوم الحالة كذلك على الظروف الإيكولوجية للمجتمع، وأيضا على الحالة الفيزيقية والعقلية والعاطفية التي يعيش فيها الفرد أو الجماعة في وقت محدد، فالشخص قد يكون في حالة صحية جيدة أو سيئة والمجتمع قد يكون في حالة من السلم أو الحرب، الوفرة أو الندرة، فالحالة في جوهرها مفهوم أكثر عمقا وشمولا – من الناحية الثقافية – من المفاهيم الأخرى المشابهة كالمكانة أو المنصب»23، وهكذا أصبح لمفهوم طقوس المرور وتطبيقاتها أكثر شمولا مما أشار إليه (فان جنيب) والذي كان يعتقد أن تطبيقاتها تكون حول حالات دورة الحياة فتوسع ذلك لحالات الفرد المهنية والتعليمية والاجتماعية بل تعدى ذلك إلى حالة المجتمع بين الحرب والسلم وبين التنمية والتخلف وغيرها.

وقد قام (تيرنر) بتطبيق نظريته عن طقوس المرور – خاصة في مرحلتها الوسطى – على طقوس ختان الذكور لدى قبائل (الندمبو) في زامبيا، فهو يرى «أن طقوس ختان الذكور تمثل نموذجا مثاليا لطقوس العبور، حيث يتم عزل الأطفال في مكان محدد، وتجرى تلك الطقوس، وبعدها يولد الأطفال من جديد كرجال بعد الموت الرمزي لطفولتهم، فالشخص غير المختتن يظل طفلا ويأكل وحيدا أو مع النساء ولا يستطيع مشاركة الرجال المختتنين وجباتهم، وقد رصد (تيرنر) العديد من البنى الرمزية الأخرى المرتبطة بالختان»24 .

وهكذا يمكن إسقاط مراحل نظرية (فان جنيب) و(فيكتور تيرنر) حول الاحتفاليات العائلية في مجتمعاتنا حيث تؤشر لانتقال الفرد المحتفل به من مرحلة إلى أخرى ومن وضع إلى آخر .

 

 

الأعياد والاحتفاليات المرتبطة بالمناسبات الدينية:

لا تخلو أي ديانة، سواء كانت سماوية أو غير سماوية، من أعياد ومناسبات دينية يتم إحياؤها في مواعيد سنوية محددة، ولعل الإسلام أكثر الديانات زخما بهذه الأعياد والمناسبات الدينية، التي يحتفل بها المجتمع الجزائري على غرار باقي الشعوب العربية والإسلامية .

هذه الاحتفاليات التي تأخذ مكانة هامة في حاضر وذاكرة سكان كل منطقة من مناطق الجزائر وأهمها عيد الفطر المبارك الذي يلي شهر رمضان الكريم الذي نصوم نهاره ونقوم ليله وفي النهاية نحتفل بعيده ثم تأتي مناسبة يوم عرفات ثم عيد الأضحى المبارك الذي يضحّي فيه المسلمون كما ضحّى خليل الله إبراهيم بإبنه نبي الله إسماعيل، وفي هذا اليوم يفرح المسلمون الفقراء بعطايا الأغنياء ويظهر العطف والتراحم بين أفراد المجتمع، كما توجد بعض المناسبات الأخرى التي تستدعي التذكر والتفكّر مثل مناسبة رأس السنة الهجرية وعاشوراء وموقعة بدر وذكرى المولد النبوي الشريف حيث ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى غيرها من الأعياد والمناسبات الدينية بما تتضمنه من شعائر دينية وعادات اجتماعية وممارسات مختلفة تشكل إعادة الإنتاج للدين وإبقائه حاضرا في حياة الناس عبر الأجيال من جهة وما تحققه من تقوية للروابط العائلية وتعزيز العلاقات الاجتماعية من جهة أخرى.

 

 

الظاهرة الاحتفالية والأبعاد الرمزية

والوظائف الاجتماعية:

تمثل الأعياد والاحتفالات مناسبات ذات قيم اجتماعية، دينية، اقتصادية وغيرها، تتجسّد في جوهر مضامينها معاني البعد الإنساني والحضاري، توارثته الأجيال على مدى قرون، وأحاطته بطقوس وممارسات نشأت على أساسها هذه المناسبات، بأبعادها التاريخية والإنسانية والحضارية، وتتوسط فعالياتها قيم التآخي والمحبّة وتعضيد صلة الرحم، وتعزيز مقومات التعاون، والتقارب بين شرائح المجتمع بمختلف أطيافه، وانتماءاته الاجتماعية .

إنّ البعد الإنساني يعتبر أحد المقومات الرئيسية التي تميز مظاهر الاحتفال بهذه الأعياد، حيث تشهد فعالياتها مظاهر متداخلة في مكوناتها الإنسانية، وتتمثل ثوابت ذلك في مجالس الصلح التي يتم عقدها ضمن مراسم الاحتفال بالعيد وفق التقاليد الاجتماعية المتوارثة في عدد من المناطق خاصة تلك التي تحكمها الأعراف القبلية، وتبرز في سياق ذلك مبادرات قيمة في بعدها الاجتماعي والإنساني، تسهم في حل المشكلات العالقة بين الأفراد والعائلات، ولمّ شمل الأسر المتخاصمة، كما تتفاعل في مراسم هذه الاحتفالات مظاهر تقديم المساعدات الإنسانية إلى العائلات الفقيرة.

كما أنّ البعد الاجتماعي يمثل أيضاً ظاهرة بارزة في الاحتفال بالأعياد والمواسم، ويتجسد ذلك في الأعراف والتقاليد المتوارثة المتمثلة في مظاهر التواصل بين مختلف العائلات والمكوّن المجتمعي، حيث تشهد مظاهر تبادل الزيارات، وتنشيط اللقاءات، وتبادل التبريكات في المجالس التقليدية والشعبية، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وتلك ظاهرة مجتمعية تسهم بشكل تفاعلي في القضاء على مظاهر الفرقة وتعزيز الوحدة والسلم الاجتماعي.

أمّا البعد البيئي فهو مؤشر ذو دلالة ضمن المناشط المتنوعة في الاحتفالات المختلفة، حيث تشكّل معالم البيئات الطبيعية الحاضن الرئيس لتلك الأنشطة، كمحطة رئيسة للراحة والاستجمام والاستمتاع بممارسة المناشط الترفيهية، ويمكن مشاهدة حشود من البشر تجمعها الروابط الأسرية والصداقة، وهي تزحف في زرافات إلى المناطق البرية والساحلية والفضاءات الطبيعية، وتبرز في سياق ذلك جوانب الاختلاف في ثقافة العلاقة مع معالم البيئات الطبيعية، حيث تشهد الممارسات التي تدل على الوعي المجتمعي في الحفاظ على نظافة المحيط البيئي وصون معالمه لدى بعض العائلات من جهة، وممارسات أخرى تتسبب في تلويث المحيط البيئي وتدمير نظامه الطبيعي من جهة أخرى.

وعموما فإن الاحتفال بهذه المناسبات ليس مناسبة للاحتفال فحسب، بل هي فرصة لتجسيد تلك المعاني الإنسانية، والاجتماعية والروحية من محبة وتآخي، يرتقي بالمجتمع إلى تكريس ظواهر التسامح والتضامن والتواصل بما يخدم تنمية المجتمع وازدهاره.

1 ) الهدية: رمز التضامن والتكافل الاجتماعي:

غالباً ما ترتبط الهدايا بالمواسم والأعياد والمناسبات، فالهدية تعتبر في نظر المهدي والمهدى إليه دينا واجب الوفاء، ولا يقتصر دورها على النواحي المادية فقط بل يمتد أثرها إلى الترابط والتواصل الاجتماعي حيث أن تكرار المناسبات ومواسم الهدايا سواء من حيث الأخذ أو العطاء تقوّي الصّلات الأسرية والعشائرية والاجتماعية عموما، كما إنّ صفة الإلزام التي صاحبتها في العرف الاجتماعي جعلتها واجبة الأداء وتضفي عليها هالة من الإلزام والقداسة، ومن ثمّ يمكن اعتبار الهدايا شكلا من أشكال التبادل بين الجماعات العائلية والقرابية وإن كانت تمثل عملية اقتصادية في أساسها يتم بمقتضاها انتقال المواد والخدمات بين الأفراد فهي تمثل عملية اجتماعية .

ففي المواسم والمناسبات الهامة كالزفاف والختان أو مواجهة الالتزامات التي تفرضها الطقوس قد يلتمس الشخص المساعدة من الأقارب والأصدقاء والجيران وقد تتخذ هذه المساعدات شكل النقود أو المواد الغذائية أو رؤوس الأغنام وغيرها، كما يتوقع المعطي في بعض المجتمعات أن تردّ إليه هذه الأشياء في مناسبة تالية عندما يحتاج إلى المساعدة ولا يستطيع القيام بالتزامات معينة بمفرده وهذا من باب المقابلة بالمثل.

وقد ظهرت في السنوات الأخيرة الكثير من المدارس التي تهتم بالتبادل من الناحية الاقتصادية والاجتماعية ومنها مدرسة التبادل الاجتماعي25 على يد العالمين: «فريدريك بارث وسيربل بيلشو»، وتركز نظرية التبادل الاجتماعي على فكرة التبادل في دراسة المجتمع فيرى «بيلشو» مثلا أن: «كل تفاعل بين الناس يربطهم اعتماد متبادل يمكن النظر إليه على أنه تبادل اجتماعي وأن جميع الوظائف التي تنسب إلى العائلة من التناسل والإشباع الجنسي والتنشئة الاجتماعية وغيرها من الوظائف الهامة التي تقوم بها الأسرة لا تمنع العائلة من التفكك والتشتت ولكن ما يحافظ عليها ويمنعها من التفكك هي حالة المبادلة التي تتم بين أفراد الأسرة، وينتج من عملية التبادل نوعان من السلع هي سلع مادية وسلع اجتماعية فالجانب المادي يشتمل على النقود والسلع أما الجانب الاجتماعي فيشتمل على الخدمات والمراكز والتعاون والمحبة التي تربط بين الأفراد»26.

ويرى الكثير من أنصار هذه النظرية التمييز بين المبادلات الاجتماعية والمبادلات الاقتصادية ويعتبر العالم مالينوفسكي أول من أشار إلى هذا التقسيم، وقد اعتبر الباحث الأنثروبولوجي مالينوفسكي أن «الدوافع الاقتصادية ليست لها قيمة في مجال التبادل الاجتماعي وأوضح أن قيمة السلعة المتضمنة في مجال التبادل الاجتماعي سواء كانت أساور أو عقودا هي قيمة رمزية ومادية حين تدور هذه النظرية حول ما تمثله بين الماضي والمستقبل وليست ما تستحقه السلعة في ذاتها، ومن هنا فإن مالينوفسكي ينكر قيمة الدوافع الاقتصادية في مجال التبادل الاجتماعي، حيث يرى أن سلع التبادل الاجتماعي ذات قيمة رمزية فقط، وأن وظيفتها تتمثل في إيجاد التعاون والتساند والتضامن الاجتماعي بين الأفراد والجماعات المشتركة في عمليات التبادل الاجتماعي»27 ومن ثمّ يمكن اعتبار الهدايا وأشكال التبادل والتزاور والمساعدة في وقت الحاجة وخاصة المناسبات الاحتفالية عوامل تعمل على تقوية التماسك الاجتماعي بين الجماعات، فنظام التبادل يتخلل البناء الاجتماعي ويمكن بذلك اعتباره شبكة اجتماعية تشدّ أجزاء المجتمع بعضها إلى بعض وتجعلها في حالة رائعة من التعاون والتساند

2) الحنٌاء: رمز الزينة والتميز

وردت كلمة الحناء في معاجم اللغة العربية للإشارة إلى: «شجر ورقه كورق الرمّان، له زهر أبيض كالعناقيد، يتخذ من ورقه خضاب أحمر، ونقصد بالحنّاء أو تحنأ أي تخضب»28. والحنّاء عبارة عن «مسحوق لنبات عشبي من شجرة، تشبه في أوراقها شكل ورق نبات الزيتون إلا أنها أكثر منها طولا، وهي من النباتات ذات الرائحة المميزة»29.

«الحناء هي مادة تلوينية قديمة تعرف تاريخيا عند الفراعنة بهذا الاسم، وقد شاع استعمالها في العصر الجاهلي عند العرب،والعصر الإسلامي أيضا، وساعد على انتشارها نشاط التجار العرب الذين كانوا يستوردونها من بلاد الهند على شكل صبغة نباتية، ذات لون أحمر أو أسود»30.

في ضوء هذه التعريفات فالحناء كما وردت في المصادر المتاحة هي شجرة لها خصائص مميزة من حيث الطول والأوراق، تستخدم أوراقها من خلال طريقة تحضير معينة في التخضيب والزينة واغراض علاجية وغيرها.

تأتي أهمية دراسة الحنّاء من كونها إحدى الطقوس الاحتفالية بامتياز، وهذا بما تحمله من رموز ومعان، وبما تؤدّيه من وظائف تزيينية واجتماعية وحتى نفسية تمسّ بشكل مباشر حياة العروسين قبل ليلة الزواج، أو الطفل المختون قبل عملية الختن أو غيره ممن يستعملها من النسوة والفتيات أو الأطفال في الاحتفاليات العائلية المختلفة، كما ترتبط الحناء ببعض الشعائر وغيرها من أشكال السلوك الرمزي المتعلقة بالاحتفاليات الدينية أو الاجتماعية الأخرى.

تعتبر الحناء رفيقة النساء في كل وقت وحين، خاصة في المناسبات الاجتماعية والعائلية، وأيضا لتزيين الجسد ونضارة الجلد، فهي صديقة المرأة التي لا تكاد تتخلى عنها، وهي الأصل الذي تعود إليه بالرغم من تقدم وسائل الزينة والتجميل.

ويبرز حضور الحنّاء أكثر في المجتمع الجزائري عموما وفي المجتمع التبسي خصوصا، مثله مثل المجتمعات العربية في المناسبات الاجتماعية والطقوس الاحتفالية، حيث لا تكاد تمر مناسبة الزواج أو الختان أو العقيقة مثلا دون أن تكون الحناء حاضرة تزيّن أيادي وأرجل العروس وأحيانا كثيرة يد العريس أيضا، أو كفي المولود الجديد،أو الطفل المختون، بل وتتعدّى ذلك للحاضرات المدعوات إلى هذه المناسبات الاحتفالية .

وحتى في المناسبات الدينية من قبيل عيد الأضحى تحضر الحنّاء بقوة عند العائلات، حيث تعمد العديد من النساء إلى طلي مقدمة رأس كبش العيد بالحناء تفاؤلا وتبركا به، وأيضا في عيد الفطر حيث ترسم النساء والبنات صغيرات السن على أياديهن أشكالا مميزة من الحناء .

وفي يوم اختان الطفل يعتبر طقس الحنٌاء ذروة الاحتفال، فبعد استحمام الطفل من طرف إحدى قريباته كالعمٌة أو الخالة في جو من الفرح تعلوه الزغاريد والأغاني ثم يحمل الطفل إلى فراش تمٌ تخصيصه له، ثم تحاط به النسوة من كل جانب ويبدأ الاحتفال بالأهازيج الغنائية والرقص، حيث تتقدم إحدى النساء من أقارب الطفل الذي سيختن ثم تقوم بتخضيب يديه ورجليه بالحنٌاء في جو من الفرح والابتهاج والأغاني والزغاريد كما يكون للعمبر وحرق البخور طقوس تضفي جوا مميزا له نكهته الخاصة تبرّكا بهذه النبتة وطلبا للسعادة وأملا في إطالة العمر لمشاهدة أطفالهن عرسانا بعد إحياء ختانهم .

فالحناء لون موشم على الجسد أو كما يقول الخطيبي «أنها وشم مؤقت وطابعها المؤقت هذا يمنحها تميٌزها عن الوشم من جهة وعن باقي الألوان من جهة أخرى، فالحنٌاء لون دون هوية، لذلك تكتسب الحناء كل الألوان الطقوسية فهي تحمل اللون الأخضر كلون أصلي، وهي تميل نحو الأحمر حينما تتم معاودة نقشها على اليد، ثم تنتقل نحو الأسود حينما تتم مضاعفة المعاودة، وتنتهي إلى الأصفر حينما تبتدئ نقوشها في الذبول»31.

كما أنّ للحنّاء مكانتها ورمزيتها في هذه الطقوس الاحتفالية فإنّ للبخور ورائحة العنبر دوره الجذّاب أفقيا وعموديا وقد أشار الباحث نورالدين الزاهي إلى ذلك بقوله: «أما أفقيا حيثما حضرت رائحة البخور فثمة جسد طقوسي سواء كان فاعلا أو منفعلا، حاضرا أم غائبا، وفي جميع الحالات يشكل البخور شكلا تواصليا للجسد الطقوسي مع محيطه، أما عموديا فإن البخور يعتبر شكلا تواصليا مع الكائنات القدسية التي تشارك الجسد الطقوسي مجاله، وفي كثير من الحالات تقتسم معه ذاته»32.

وهكذا فإن طقس الحناء يحمل في بنيته جملة من الرموز والدلالات والوظائف الاجتماعية من أبرزها الوظيفة التزيينية فهي تضفي على مستعملها هالة من الجمال والبهاء والجاذبية، وكذلك وظيفتها العلاجية لتلك التشققات والفطريات التي يمكن أن تتواجد على الجلد سواء في الكفين أو الأرجل وبالتالي إخفاء بعض مظاهر الشقاء ، إضافة إلى وظيفتها الاجتماعية في كونها ذات دلالة رمزية تميّز من يستعملها عن غيره من المحتفلين وبالتالي تضفي عليه شعورا بالمتعة وإحساسا بالانتماء، فهي إذن طقس اجتماعي يكرس قيم التواصل والتعاضد والتضامن الاجتماعي.

إن اهتمامنا بدراسة ظاهرة الحناء من وجهة النظر الأنثروبولوجية ينبع من أهمية هذا الطقس في الظاهرة الاحتفالية بما فيها من معان ومدلولات واجتماعية من جهة ومحاولة ربط الماضي البعيد بمعانيه وقيمه الثقافية التقليدية بهذا الحاضر القريب الذي يتعرض لرياح التغيير من كل جانب، لهذا فإن الخوض في دراسة طقس الحناء بالنسبة للطفل المختون أو بالنسبة للعروسين ليلة الزفاف أو المولود بعد الولادة أو ليلة العيد في المناسبات الدينية، كل ذلك ما هو إلا محاولة لإعادة قراءة هذا التقليد القديم ومدى حضوره في شخصية المجتمع الجزائري وفي سلوكه الاجتماعي اليومي حتى يبقى ماضي هذا المجتمع موجودا في حاضره.

3) الوليمـــــة وذبح الأضاحي :

رمز التواصل العائلي والتضامن الاجتماعي.

ما يميز الطقوس الاحتفالية وخاصة في البوادي والأرياف هو المبالغة في الكرم وحسن الضيافة وهذه من عادات أهل الريف في المناسبات الاحتفالية، فذبح الأضحية وسيلان الدم طقس أساسي في مثل هذه المناسبات، وفي هذا يقول الباحث نور الدين الزاهي: «فالطقس يبقى بدون فعالية في غياب الأضحية، ففاعلية الطقس تكمن في الأضحية، التضحية تؤسّس الظاهرة الاجتماعية، والطقس ليس له شكل بل هو لباس للتضحيات»33.

وإذا كان « هوبير» و« مارسل موس» يبرهنان على أنّ وظيفة الذبيحة هي الدخول في تواصل مع الآلهة، فإنّ الذبيحة الحيوانية هنا تواصل مع الضيوف والزائرين وهي قبل ذلك في معتقد المجتمع الجزائري –المسلم– تقرب إلى الله تعالى حيث يذكر عليها إسم الله عند الذبح، كما أنّ إكرام الضيف من تعاليم الدين ومن عادات العرب، أما في المدينة والتي انكمشت فيها الأسرة الممتدة لتسود العائلة النووية ويغلب منطق الدولة ومؤسّساتها على منطق العشيرة، ويضمحل التضامن الآلي ليحل محله التضامن العضوي، فان أغلب المدعوين هم من الأصدقاء وزملاء العمل والجيران والأقارب، حيث أن بعض الطقوس والعادات قد اختفت وأ صبحت عملية الختان تتم في المستشفيات وبصورة منظمة وعلى يد أطباء وبتقنيات حديثة.

غير أن العائلات الثرية تهتم بالاحتفالات في جو من الأبهة يسودها التفاخر من خلال كثرة الذبائح وعدد المدعوين للوليمة وتنوع الأطعمة والمشروبات والحلويات، فيكون ذلك فضاء للتفاخر والدعاية ليخرج عن إطاره الأصلي ليتمحور حول التنافس والبحث عن المكانة الاجتماعية المرموقة، وبالمقابل قد تختفي نهائيا هذه المظاهر في العائلات المعوزة والفقيرة مستغلة بذلك المناسبات الدينية كالمولد النبوي الشريف أو ليلة السابع والعشرين من رمضان للقيام بختان أبنائهم ضمن مناسبات الختان الجماعي - والمجّاني - التي تشرف عليه المستشفيات ومؤسسات المجتمع المدني .

إذا كانت الوليمة وما يتخللها من أشكال التضامن الاجتماعي في المناسبات الاحتفالية، فهي ليست مجرد وجبة غذائية تحقق الحاجات البيولوجية للأفراد، بل تتعداها إلى تحقيق أهداف أخرى من منظور أنثروبولوجي لما لها من ارتباط بهكذا مناسبات وأعياد دينية ، وأخرى اجتماعية سواء كانت مفرحة أو ذات طابع حزين.

للوليمة مكونات وأشكال ووقت تقديم وطريقة تقديم وغيرها من السّمات الثقافية المرتبطة بها والواجب الالتزام بها وفي هذا السياق نتكلم هنا عن المجال الاجتماعي الغذائي – حسب علماء أنثروبولوجيا التغذية -، وهو مجال يلتقي فيه العنصر البيولوجي بالعنصر الثقافي بل يتداخلان أحيانا ويمتزجان في تفاعل من المتعة وهذا هدف في حد ذاته تحققه الوليمة الاحتفالية وهذا ما أشارت إليه الباحثة بسنوسي شهرزاد بقولها: «المجال الاجتماعي الغذائي يتكون من أبعاد مختلفة منها : المجال المأكول، النمط الغذائي ،المجال المطبخي، مجال العادات الاستهلاكية، مجال التوقيت ومجال التمييز والاجتماع»34.

وهذا يتطابق تماما مع الوجبات التي تقدم خلال الولائم الاحتفالية، سواء ما تعلق منها بمحتواها الغذائي الذي يطغى عليه الطابع التقليدي والشعبي في كثير من الأحيان أو بمكان تقديمها أو وقت تقديمها ومضمونها الاجتماعي، كلها عناصر تتغير من مجتمع إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى، بل ومن منطقة إلى أخرى في المجتمع الواحد وفي الثقافة الواحدة ضف إليها تلك التغيرات التي أملتها التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المجتمع .

وهكذا «فالوجبات الغذائية الاحتفالية تمثل طقوسا للاستمرارية مثلها مثل الوجبات الجنائزية التي لها وظيفة إعادة الثقة، إذ أن موت أحد أفراد الأسرة يضعف النظام الاجتماعي ويستلزم تجديد قوة الرباط العائلي وتأكيد وحدته وبالتالي مقاومة كل تفكك أسري محتمل»35، فالوجبة الغذائية الجماعية من شأنها أن تذكّر بالأصول المشتركة التي يجب أن تبقى ثابتة، كما تساهم في بعث روح التضامن الاجتماعي بل تؤسّس لأنواع من القرابات وتخلق أشكالا من التماسك العائلي وتعزيز العلاقات الاجتماعية بين الناس وهو ما يؤسّس لهوية مشتركة وإحساس بالانتماء.

الظاهرة الاحتفالية والأشكال الفرجوية :

ورد في لسان العرب أن الفرجة: «مشتقة من الفعل «فرج» والفرجة بفتح الفاء تعني الراحة من الحزن أو المرض، ولذلك يقال مالهذا الغمّ من فرجة وفرّج الله عنك غمك»36، أما في القاموس المحيط: «فرج الله الغم أي فرجه وكشفه»37، وهي عند الغرب «تنحدر من كلمة فرجة أي Spectacle أي من الفعل اللاتيني Spectar بمعنى نظر وشاهد أي أنها مرتبطة بما هو مرئي»38.

ويتضح من التعريفين أن المفهوم العربي للفرجة يرتكز على زوال الهم والغم وكشف الانفراج في حين يرتكز على المشاهدة والنظر في المعنى الغربي للفرجة، ولذلك يمكن أن نجمع بين المعنيين فهي من جهة تنفيس عن الهموم وتفريج لكل المكبوتات، ومن جهة أخرى فهي عنصر للمشاهدة وشد انتباه المشاهدين وجعلهم ينغمسون في العرض المقدم ويتفاعلون معه .

أما الفرجة في المعنى الاصطلاحي فهي تمثل «نمطا فنيا يعرض لما يكون من استقراء في موروث الأمة والحضارات المختلفة»39، وقد تطلق على «كل ماهو غريب فكل غريب مثير للفرجة لأنه يجذب المتلقي ويستوقفه ويشغله عما عداه ولو لحظة ومدة قصيرة»40، وهي بذلك يمكن اعتبارها نوعا من أنواع الخروج بالمتلقي من حالة إلى أخرى أسمى وأرقى عبر عناصر التعبير الدرامي بالصورة المرئية أو السمعية، ومن هذا المنطلق «يكون للفرجة أشكال عديدة كانت في الماضي تندرج ضمن أشكال التعبير الجماعي ثم تحولت الى عدة تسميات منها الكرنفال، المهرجان، الطقوس والممارسات المنبثقة عن التقاليد والعادات الاجتماعية، ويبقى فضاء المسرح وما يتضمنه من عروض أهم الأشكال الفرجوية الحديثة»41.

يعتبر فضاء المسرح والذي يمثل هنا فضاء الحفل: «ذلك المجال الذي يتم فيه الاحتفال بكل أشكاله الطقوسية والفرجوية والمسرحية إذ يتحول هذا الفضاء مباشرة من مجال عمومي إلى مجال ثقافي أثناء الحفل، وإذا كان البعض يطلق تسمية الفضاء الثقافي على الفضاءات الحضرية من قاعات المسرح أو دار الثقافة أو قاعة الحفلات، وكلها إنجازات حديثة لا وجود لها في البوادي والأرياف، وإذا كان الفضاء الثقافي يتداخل ويتشابك أحيانا مع الفضاء العام وذلك بحسب ما يؤديه من مهام ووظائف، فالتمثيل والغناء وغيرها يحوله إلى فضاء ثقافي وممارسة الشعائر والصلوات يحوله إلى فضاء ديني، وممارسة الرياضة وغيرها يحوله إلى فضاء رياضي وهكذا يجب النظر إلى هذه الفضاءات: «على أنها فضاءات أولية للروح الجماعية تتجلى فيها الرابطة الاجتماعية أو الدينية وغيرها»42.

ويحتل المكان دورا هاما في تشكيل عنصر الفرجة، فالعروض في الميادين العامة - سواء في البوادي والأرياف أو بين التجمعات السكنية في المدن - غالبا ما تكون محاطة بحلقة من الجمهور يتشكل كل واحد منهم في موقعه الذي يمكنه من رؤية العرض والاحتفال، وتبعا لذلك يمكن أن يجلس واحد من الجمهور أو أكثر ويمكن أن يقف الباقون، فالحلقة هنا شكل من أشكال الفرجة الاحتفالية، وقد تستخدم للذكر والتسبيح والارتقاء بالنفس والروح إلى معان إيمانية مقدسة، وهكذا نرى كيف أن شكلا واحدا من أشكال الفرجة قد يكون عقديا دينيا وقد يكون ترفيهيا احتفاليا.

وهكذا تتحول الساحة الواسعة المتواجدة بين التجمعات السكنية إلى فضاء ثقافي يصطف على جنباته المتفرّجون من الرجال والأطفال في جو من البهجة والفرح وتحت أصوات البارود والغناء وزغاريد النسوة.

أما في وسط هذا الفضاء فيجتمع بعض الرجال والشباب ممن يحسنون الأغاني الشعبية والفولكلورية التي تتغنى بالأفراح والأعراس والمناسبات ليقدّموا أغانيهم الواحدة تلو الأخرى في جو من التفاعل والتناغم والفرجة، وهكذا تتقاطع الطقوس الاحتفالية بالظاهرة الفرجوية، وهي في الحقيقة تتوافق مع قول غوفمان (Goffmane) الذي يقول فيه «الطقس عبارة عن مسرح أولي يصنع مشهد حياة يومية مملوءة بتمثلات اجتماعية»43، أثناء الاحتفال الكل يقوم بدوره بحماسة وتفاعل، وحينئذ يحدث ما يسميه (أميل دور كايم) «الوسط الجياش» وبذلك يحقق المجتمع وجوده الجمعي عندما يمثل درامة انسجامه الخرافي، أو عندما يمثل سيناريو عمله»44، فعن طريق الحفل تعبّر الجماعة أو العائلة عن ما يختلج بداخلها سواء في ثباتها أو ديناميكيتها بتمثيل مسرحي الذي هو الحفل وتعرض عملا ما، في الدراما التي تجتمع فيها الأدوار الاجتماعية الهامة.

وإذا كان الاحتفال أصل المسرح، في مقاربة (غوفمان) و(ديفينيو) في دراساتهم للظواهر الاجتماعية من وجهة مسرحية انطلاقا من المجتمعات الغربية وتحديدا من المسرح الغربي، فإن هذا الطرح أشد ما يكون عليه لدى المجتمعات الشرقية ومنها المجتمعات العربية، ذلك ما أكده باحثون عرب على رأسهم (عبد الكريم برشيد) و(حسن يوسفي)45 في مقارباتهما للاحتفاليات والطقوس العربية وأشكالها الفرجوية مثل طقس عاشوراء، خيال الظل، طقوس الزار وفن الراوي والحلقة.. وغيرها من الأشكال الاحتفالية والفرجوية في المجتمعات العربية إذ يتمثّل فيها المسرح نابعا من صلب ثقافتنا العربية، إذ يرون أن المسرح شكل احتفالي بامتياز لما يقدمه عروض تتجلى فيها لغة الجسد وتطغى على لغة اللفظ46، وهذا ما تهتم به الأنثروبولوجيا المسرحية، التي تهتم بـ «دراسة الإنسان في وضعية تمثيلية»47 على غرار أنثروبولوجيا الفن، وأنثروبولوجيا الموسيقى وغيرها من الموضوعات الحديثة التي تشكل موضوعا انثروبولوجيا بامتياز.

فالفرجة في الظاهرة الاحتفالية تصنعها تلك الكرنفالات الاستعراضية للرقص التراثي النابعة من الموروث التراثي الشفهي وألوان فن الرقص الشعبي، وكنز الثقافة اللامادية، وإعادة الاعتبار للذاكرة الشعبية والحفاظ على الموروث الثقافي باعتباره رأسمالا لاماديا، وذلك عن طريق مشاركة رواة الحكاية والفنانين والفرق التراثية للأهازيج الشعبية المحلية والوطنية، إضافة إلى أندية وفرق للمسرح والرقص التعبيري وفعاليات الفرق الفنية والغنائية الشبابية التي تشارك في إحياء هذه المناسبات.

إذن الاحتفال هو «اللحظة الأرحب التي تتحقق فيها الفرجة باعتبارها نسقا من الحركات الدالة التي تقدم للمشاهدة»48، وهذا يعني أن الاحتفال بما يتضمنه من طقوس وممارسات يساهم في صنع الفرجة.

خاتمة:

إن الطقوس الاحتفالية هي نماذج للعديد من مظاهر السلوك الاجتماعي الذي لا يزال يحتفظ بالبنية التقليدية في معالم الحياة الاجتماعية في أوساط مختلف الشرائح الاجتماعية والتي يتداخل فيها المقدس بالأسطوري ويختلط فيها الموروث الثقافي بالبعد الديني مما يضفي على عاداته وتقاليده تنوعا كبيرا انتقلت حلقاته عبر الأجيال رغم مايعيشه المجتمع من تغيرات اقتصادية واجتماعية أملتها متطلبات العصر، غير أن سرعة التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المجتمع أدت إلى ظهور أنماط جديدة من السلوك الاجتماعي والعادات والتقاليد المرتبطة بالظاهرة الاحتفالية لا تتوافق بالضرورة مع ما استقرت عليه عادات الناس وتقاليدهم في مراحل سابقة، ذلك أنه في سياق سعي المجتمع لتجديد ذاته، والمحافظة على بنيته أنتج جملة جديدة من العادات والتقاليد التي من شأنها أن تساعده في هذا السعي وسط التحولات السريعة والتغيرات الواسعة التي يشهدها، وذلك في الوقت الذي تتضاءل فيه أهمية أنماط سلوكية سابقة وعادات وتقاليد لم تعد لها الوظائف ذاتها التي كانت منوطة بها في الماضي، هذه الطقوس الاحتفالية التي لها دلالاتها الاجتماعية وأبعادها الدينية والثقافية والفرجوية التي تؤسّس لتعزيز الانتماء العائلي وتقوية روابط التضامن الاجتماعي والمساهمة في بناء الشخصية الفردية وغرس أبعاد الهوية الاجتماعية للمجتمع.

الهوامش

1. فاروق أحمد مصطفى، مرفت العشماوي عثمان، دراسات في التراث الشعبي، ط1، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، مصر، 2008، ص61

2. مصطفى شاكر سليم، قاموس الانثروبولوجيا، ط1، جامعة الكويت، الكويت، 1981، ص 161

3. عامر صالح، في سيكولوجيا الاحتفالات والأعياد الدينية، الموقع الرئيسي لمؤسسة الحوار المتمدن، www.m.ahewar.org، نشر بتاريخ : 09 / 12 / 2013، زيارة بتاريخ : 12 / 02 / 2019، على الساعة : 14، 09

4. أسعد فايزة، العادات الاجتماعية و التقاليد في الوسط الحضري بين التقليد و الحداثة، مقاربة سوسيوأنثروبولوجية لعادات الختان و الزواج، مدينتي وهران و ندرومة نموذجا، أطروحة غير منشورة لنيل شهادة الدكتوراه، جامعة وهران السنة الجامعية : 2011 / 2012، ص ص 104 – 105.

5. محمد بن مكرم بن على أبو الفضل جمال الدين ابن منظور الأنصاري، لسان العرب ،ج3، دار صادر، بيروت، ط3 1993، ص393.

6. زين الدين أبوعبدالله محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر الحنفي الرازي، مختار الصحاح، ج1، تحقيق: يوسف الشيخ محمد المكتبة العصرية، الدار النموذجية، صيدا، بيروت، ط5، 1999، ص 221

7. محمد بن مكرم بن على أبو الفضل جمال الدين ابن منظور الأنصاري، لسان العرب، مرجع سابق، ص393 .

8. فرغلي هارون محمد، الأعياد و أثرها في تماسك المجتمع، http://www.diwanalarab.com، نشر بتاريخ: أكتوبر 2008، زيارة بتاريخ : 10 / 02 / 2019، على الساعة 9 : 10 .

9. محمد سعيدي، العائلة، عاداتها وتقاليدها بين الماضي والحاضر : الظاهرة الإحتفالية بالأعياد، نموذجا، مجلة انسانيات، المجلة الجزائرية في الأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية، عدد4، سنة 1998، ص 46 .

10. أبي بكر جابر الجزائري، الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف، د ط، د ت، ص 23

11. مرجع نفسه، ص 23.

12. طياقة الصديق، المقدس والقبيلة : الممارسات الاحتفالية لدى المجتمعات القصورية بالجنوب الغربي الجزائري، زيارة الرقاني نموذجا، رسالة تخرج لنيل شهادة الدكتوراه علوم في علم الاجتماع، 2013/2014، ص : 67

13. Van Gennep, A. The Rites of Passage, Translated by Vizedom, M. and Caffee G., The University of Chicago Press, Chicago, 1960, P:1.

14. حسني إبراهيم عبد العظيم، الأبعاد الاجتماعية والرمزية : تحليل سوسيولوجي لظاهرة ختان الإناث، مجلة : نقد وتنوير، مجلة فكرية تربوية فصلية محكمة، عدد 03، شتاء (ديسمبر/ يناير/ فبراير) 2015، ص : 60.

15. Van Gennep, op-cit , P : 2-3.

16. حسني إبراهيم عبد العظيم، مرجع سابق، ص 61.

17. حسني إبراهيم عبد العظيم، مرجع نفسه، ص : 61

18. Van Gennep, op-cit , P : 11.

19. Davis-Floyd, R. , Rites of Passage, In Darity, W., (ed.) International Ency-clopedia of the Social Sciences, 2nd edition, Macmillan Reference, USA, 2008, P : 256-257.

20. حسني إبراهيم عبد العظيم، مرجع سابق، ص : 62

21. حسني إبراهيم عبد العظيم، مرجع سابق، ص: 63

22. - Shipton, P, Victor Turner, In Darity, W., (ed.) International Encyclopedia of the Social Sciences, 2nd edition, Macmillan Reference, USA., 2008 , P : 470

23. حسني إبراهيم عبد العظيم، مرجع سابق، ص : 63

24. حسني إبراهيم عبد العظيم، مرجع سابق، ص : 64

25. غانم عبد الله،علم الاجتماع الاقتصادي في دراسات المسلمين ،المكتب الجامعي الحديث، 1993، ص 218.

26. مرجع نفسه، ص : 219.

27. أحمد أبو زيد، البناء الاجتماعي، ج2، المكتب الجامعي الحديث، 2001، ص 24

28. مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، ط4، 2004، ص : 251

29. المأثورات الشعبية، منشورات جامعة القدس المفتوحة، الاردن ، عمان، ط 10، 1996، ص 105

30. كامل عمران وآخرون، الحنة وظائفها وطقوسها الاجتماعية، دراسة أنثروبولوجية، مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية ،مجلد : 33، عدد : 1، سنة 2011 .

31. الزاهي نور الدين، المقدس الإسلامي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، المغرب، 2005، ص58.

32. الزاهي نور الدين، المقدس الإسلامي، مرجع نفسه، ص 60 .

33. M. Segalen , rite et rituels contemporains , ouvrages publie sous la direction de François de Singly , ed , Nathan , paris , 1988 , p:8.

34. بسنوسي شهرزاد، مدخل إلى أنثروبولوجية التغذية، مخبر المعالجة الآلية للغة العربية، فرقة الطوبونيميا، مكتبة الرشاد للطباعة والنشر والتوزيع، بلعباس، الجزائر، ط1، 2013، ص: 45 – 47 .

35. مرجع نفسه، ص 48

36. ابن منظور، لسان العرب، ج4، د ط، المكتبة التوفيقية، القاهرة، مصر، د ت، ص 232

37. الفيروزبادي، القاموس المحيط، ج1، تحقيق: مجدي فتحي السيد، د ط، المكتبة التوفيقية، القاهرة، مصر، د ت، ص 239

38. ماري الياس وحنان قصاب حسن، المعجم المسرحي، ط1، مكتبة لبنان ناشرون، لبنان ، 1997، ص32

39. مرجع نفسه، ص 36.

40. أحمد خضرة، تناغم ثنائية الفرجة والتراث في المسرح الشعبي : شايب عاشوراء نموذجا، جامعة حمة لخضر، الوادي، مجلة العلامة العدد 2، ص 217 ، وهي مجلة علميّة دوليّة محكمة تصدر عن مخبر اللسانيات النصية وتحليل الخطاب بكلية الآداب واللغات جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، الجزائر ،.

41. مرجع نفسه، ص 218

42. بوحبيب حميد، مدخل إلى الأدب الشعبي مقارنة أنثروبولوجية، دار الحكمة، الجزائر، 2009، ص: 7

43. طياقة الصديق، المقدس و القبيلة : الممارسات الاحتفالية لدى المجتمعات القصورية بالجنوب الغربي الجزائري، زيارة الرقاني نموذجا ،رسالة غير منشورة لنيل شهادة الدكتوراه علوم في علم الاجتماع، 2013/2014،ص :303

44. مرجع نفسه، ص : 16

45. أنظر : حسن يوسفي، المسرح والأنثروبولوجيا، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 2000، ص : 85

46. مرجع نفسه، ص : 186 .

47. المرجع نفسه، ص : 125

48. ماري الياس وحنان قصاب حسن، مرجع سابق، ص 32 .

الصور

1. https://al-akhbar.com/Images/ArticleIma ges/20212322273197637479880231976460.jpg

2. https://mtayouth.com/wp-content/uploads/2020/11/%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B11.jpg

3. https://pbs.twimg.com/media/DwvXlMoX0AAMDvr.jpg

أعداد المجلة