فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
61

إطلالة على جديد إصدارات التُّراث الشَّعبي العربي ( الجمهورية العربية السُّورية)

العدد 30 - جديد النشر
إطلالة على جديد إصدارات التُّراث الشَّعبي العربي  ( الجمهورية العربية السُّورية)
كاتب من سوريا

شهدت مكتبة التراث الشَّعبي في الجمهورية العربية السُّورية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين نهضة تراثية هامة فيما يتعلق بإصدارات التراث الشَّعبي وتوسُّع عمليات البحث التراثي الميداني ونشرها بالمقارنة مع العقدين الأخيرين من القرن العشرين الذين شهدا ركوداً في أبحاث التراث الشَّعبي، ولاسيما في جانبه الميداني وانحساراً واضحاً في إصداراته.
ولعلَّ ما ساعد على تزايد الإصدارات التراثية الشَّعبية إحداث مديرية خاصة بالتُّراث الشّعبي تابعة لوزارة الثقافة، حيث ساهمت بطباعة بعض الأبحاث، كما انبرى الباحثون لطباعة مؤلّفاتهم التراثية في مطابع خاصة على نفقتهم الخاصة.
وفيما يلي نقدم إطلالة على أهم الإصدارات الشَّعبية الأخيرة، ونظراً لكثرة هذه الإصدارات وأهميتها أعتقد بأنه من المفيد نشرها في حلقتين.

زغاريد الأعراس في بلاد الشام

ضمن سلسلة منشورات مشروع حفظ التراث الشَّعبي في سوريا صدر حديثا للدكتورة « كارين صادر» بحث أكاديمي ميداني متكامل حمل عنوان « زغاريد الأعراس في بلاد الشام» .
تقول الباحثة في مقدّمة الكتاب عن سبب اهتمامها بهذا البحث: « يرجع سبب اهتمامي بموضوع الزغرودة/ الزلغوطة، وتشنيف أذني لكل سيدة عجوز لا تزال تحمل في ذاكرتها مخزوناً ولو ضئيلاً ومكرراً من الزغاريد، لأنَّ هذا النوع من الكلام الفرح المغنَّى بدأ بالتبخر من ذاكرتنا بسبب حياة المدينة المزدحمة والمتسارعة، ولهذا وجب جمع هذه الزغاريد وتوثيقها من أفواه المعمِّرات  من النسوة » ( ص10).
وعن زمن الزغاريد تقول الباحثة «أمَّا زمن الزغرودة فهو قديم ومجهول، وقد حملته إلينا الفرحة من عرس إلى عرس على متن ذواكر نسوية حافظة. وألسنة لافظة حتى وصل إلينا في قرننا الحادي والعشرين » ( ص12).
وجعلت الباحثة الزغاريد التي جمعتها في ستة أقسام بحسب شخصيات أصحاب الفرح فأدرجت في القسم الأول الزغاريد التي تقال في العروس، وأدرجت في الفصل الثالث كما تقوله والدة العريس،والرابع كما يقال لأهل العروسين، والخامس لما يقال للأخوة والأشابين، وختمت بقسم أخير خاص بما هو موجَّه للعامة.
وما يسجّل لهذه الباحثة أنها بدأت فصول كتابها بدراسة مقارنة مختصرة عن الزغاريد في بعض أقطار الوطن العربي .
وعرَّفت الزغرودة بقولها : « هي الأغاني النِّسوية التي ترافق الفرح، ومنها ما هو موجَّه للعروس والعريس، ومنها ما هو موجه للأهل، وهم تتضمن مدح الجمال والاخلاق» ( ص 29).
ومن أهم الزغاريد الشَّامية القديمة التي تقال عندما تبدأ النسوة بتمشيط العروس:
آويها يا شعر فلانة يا قصاقيص الذهـب
آويها يا شعر فلانة شافهم العريس وقلب   
آويـها يا شعـــــر فلانـــــــة طول طول
آويها يا شعــــر فلانــة يا بنت الأصول (ص 20) .
ومن الزغاريد الشَّامية في وصف محاسن العروس:
آويها يا فم على العروس يا خاتم سليمـــــان
آويها يا أسنان العروس يا لولو ومرجـــــان آويها يا أسنان على العروس ياعنق غزلان
آويها يا صدر على العروس يا بلاط  رخام
        لي  لي  لي لي  ليش (ص88).
ومن الزغاريد الشَّامية التي تقال في وصف العريس وقوته وكرمه:
آويها يا عريــــس يا بطــــــــل الميـــــادين
آويها يا مفرّق العيش يا مطــعم  المســاكين
آويها أنت وعروسك زوج أقمار على مخدة
آويها في ميزان الجمال أنت عين وهي عين
       لي لي لي لي ليش (ص 115) .  
والكتاب هو الأول من نوعه في زغاريد الأعراس الشَّامية، يقع في
(248 صفحة) من القطع المتوسط .

الأهزوجة الشَّعبية في إدلب:

تشكل الأهزوجة الشَّعبية مع أخواتها الأغاني الشَّعبية الأخرى جانباً هاماً من جوانب التراث الشَّعبي، وفي هذا الموضوع  صدر كتاب الباحث عبد الحميد مشلح « الأغنية الشَّعبية في إدلب» عن الهيئة العامة السورية للكتاب.
يقول الباحث في مقدّمة الكتاب «سأتحدث عن الأهزوجة معتمداً على نفسي وبما أحتفظ من مخزون شعبي عن محافظتي إدلب أولاً وعن زملائي وأصدقائي المنتشرين في أرجاء المحافظة، لأنَّ هذا التراث هو جزء من تراث الأمة وصورة مصغرة عنها» ( ص 11).
من الأهازيج التي تقولها الأم  عند ولادة ابنتها:
الــحمد لله                  يــــــــــــــــــــــا الله
زال الـــــــــهم                  إن شــاء الله
وموســـــــــــى                  نــــــــاجــا ربــه
وجانا الفرح من عند الله  ( ص14).
ثم يبادر أهل الزوج بالتهنئة لكنتهم حمداً على سلامتها بقولهم:
شعـــــــــــــــــــــــــــــــــــرك          المــــدلّـــــــــــــــــى
وخــــــــــــــــــــــــــدودك          المــــرايـــــــــــــــــــا
والـــــــــــــــحمد الله          يـــا ربـــــــــــــــــي
ما خليت من بين الصبايا (ص14 ).
ومن أهازيج حفلة الخطبة:
أبو العروس ضفنا منزلك ضفنا
وعملت معنا معروف
ومعالقك من ذهب وصحونك من فضة
وعمرك طويل ولا ينقص ولا يفنى ( ص29 ).
ومن الأهازيج التي تقال في ليلة الحنّة (الحناء):
عـــروس يا عــروس          قـــــــومــي نحنيكـــــي
عــــــــــــنـــا عــــــــــلالـــي           مــــثل عــــلا لـــــــيكي
ســــــألت رب السمــــا          يحــــــنن حنــــــانيكي
بحضن ابن عمك يشيلك ويرميك ( ص 40 ).
ومن الأهازيج التي تقال يوم زفّة العروس:
حصنتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــك           بياســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــين
ويــــــــــــــا زهــــــــــــــــــظــــرة           البســاتـــــــــــــــــــــــــــــــــين
ويا مسبحة لولو بديات السلاطين ( ص 65).
ومن الأهازيج التي تقال في العريس:
زقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزق          الـعصفــــــــــــــــــــــــــــــــــور
وفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتَّح          المنتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــور
وعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــريسنا          صغـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيــــر
وصلوا على الرَّسول ( ص91) .
ويعتبر هذا البحث محاولة جادة لجمع ما تيسّر من التراث الشَّعبي الشِّفاهي حول ( الأهزوجة الشَّعبية ) في محافظة إدلب الذي ظّل بعيداً عن اهتمام الباحثين، حفظاً ودرساً وتدويناً.
يقع الكتاب في (110 صفحات) من القطع المتوسط.

البيمارستانات في دمشق

تعتبر البيمارستانات من أهم معالم التراث الشَّعبي العربي، حيث كانت مراكز إشعاع حضاري، انبثقت عن الحضارة العربية الإسلامية، فكان البيمارستان النّوري في دمشق أول بيمارستان ( مشفى ) في العالم أجمع.
حول هذا الموضوع التراثي الهام كرّست الباحثة «إلهام عزيز محفوظ «كتابها الموسوم (( البيمارستانات في دمشق )) الصَّادر حديثاً في دمشق والذي سنتناوله في هذا العرض :
الفصل الأول
البيمارستانات من روائع التراث  الشَّعبي العربي
التعريف بالبيمارستان:
كلمة بيمارستان فارسية ومعناها دار المرضى ـ بيمار (مريض) ـ ستان ( دار )، وقد اختلط استخدام كلمة بيمارستان فتأتي حيناً بمعنى المستشفى الصِّحي وحيناً بمستشفى المجانين إلاَّ أنَّ البيمارستانات كانت قد أنشئت لتحقيق ثلاثة أهداف هي:
1-  علاج المرضى بكل حالاتهم (باطنية ـ كسور ـ أمراض عينية .. الخ)
2-  تعليم الطبّ
 3-التطوير والبحث العلمي، وكانت مكرّسة لخدمة المجتمع وهي حق للجميع، للوضيع والملك والمملوك والجندي والأمير والرجال والنساء على حدٍّ سواء (ص 33).
أنواع البيمارستانات:
قسّمت المؤلّفة البيمارستانات إلى نوعين:
 البيمارستانات المتنقلة:
 وكانت أول المستشفيات في الإسلام وهي المستشفيات الحربية المتنقلة، وذُكر أنَّ النَّبي (عليه وعلى آله وأصحابه أفضل الصَّلاة والسَّلام) هو أول من أمر بالمستشفى الحربي المتنقل.
البيمارستان المحمول:
وهو الذي يُنقل من مكان إلى مكان بحسب الظروف والأمراض، يعالج المرضى في الأماكن النائية المنقطعة، أو التي يتفشى فيها وباء أو مرض مفاجئ، وعادة ما كانت هذه البيمارستانات تُحمل على ظهور الجِمال والدواب، وهناك بيمارستان الإسعاف ( يقام في مناسبة التجمعات العامة مثل صلاة الجمعة، الأعياد، المواسم).
وقد روي أنَّ البيمارستان الذي كان يصحب جيش السلطان محمود السَّلجوقي، كان قوامه أربعين جملاً، وكان يرأسه عبيد الله بن المظفر الباهلي وهو من البارعين بصناعة الطب.
البيمارستانات الثابتة:
وهي البيمارستانات العامة ،وبيمارستانات السجون، وبيمارستانات المدارس وبيمارستانات القصور ( ص 34).
البيمارستانات الخاصة:
وهي بيمارستانات دورالمجانين، والدور المخصصة لذوي العاهات من الجذام كمجذمة الوليد بن عبد الملك في دمشق (88هـ7،7م) والضعف العقلي كالبيمارستان الأرغوني بحلب (557هــ  ) ،حيث كان علاج الأمراض العصبية والنفسية عن طريق الموسيقى والغناء وصوت الناي الرقراق ومنظر الزَّهر البهيج والتراتيل الدِّينية من القرآن الكريم (ص36).
وكانت البيمارستانات مزودة بـ :
 الصيدلية:
وتسمَّى شرابخاناه وهي لفظة فارسية معناها: بيت الشراب، وفيها كل أنواع الأشربة (المحاليل الطبية المستخلصة من الأعشاب) والمعاجين النفيسة والمربيّات الفاخرة وأصناف الأدوية العشبية والعسل والعطريات.ومن أهم البيمارستانات في دمشق:
مجذمة الوليد بن عبد الملك:
روى البلاذري، أنَّ أول من أقام مجذمة هو الوليد بن عبد الملك بالقرب من باب شرقي، ، وكانت الرعاية الطبية في زمن الخليفة الوليد متمثلة في وضع تشريع خاص بمعالجة الفقراء المجانية ولجميع الفقراء والمحتاجين، كما وضع تشريعاً خاصاً بمنع اختلاط المصابين بالأمراض السَّارية بغيرهم من الأًحياء السَّالمين للوقاية من انتشار الأوبئة (ص44).
البيمارستان الدَّقاقي(495هـ ):
ويقال له البيمارستان العتيق، والصغير. ويقع هذا البيمارستان في المنطقة الجنوبية الغربية من الجدار الغربي للجامع الأموي، وورد اسمه في حوادث تعود لسنة 363 هـ ونسب أيضاً إلى شمس الملوك دقاق بن تتش، وأن ارتباط اسمه بالبيمارستان يجعلنا نميل إلى القول أنه وسَّعه وجَدَّده وأجرى أوقافه وبالتالي تصح نسبته إليه لهذا السبب واعتبار تاريخ بنائه يعود إلى سنة 495 هـ وسمِّي بدار الشفاء (ص46).
البيمارستان النوري الكبير:
بني هذا البيمارستان سنة 549هـ/1154م السلطان العادل نور الدين الزنكي، ويقع ضمن منطقة دمشق القديمة في الزقاق المسمَّى باسمه ( زقاق المارستان ) ، وهذا الزقاق يتفرَّع عن سوق الحميدية قرب الجامع الأموي.
وأخيراً لقد أجادت الباحثة «إلهام عزيز محفوظ» تقديم عرض تاريخي شامل عن بيمارستانات دمشق، وإن كانت قد توقفت وقفة مطولة عند البيمارستان النُّوري، كما زودت كتابها بالصور والرسوم التوضيحية المناسبة.

من عادات وتقاليد مدينة تدمر

صدر هذا الكتاب عن الهيئة العامة السُّورية للكتاب لمؤلفه الأستاذ الباحث «أحمد مثقال قشعم» ويتضمن دراسة توثيقية هامة لبعض العادات والتقاليد في مدينة تدمر والتي أخذ العصر المتسارع يقضمها واحدة تلو الأخرى، ويمحو خصوصيات المجتمعات ومورثاتها .
ويتألف الكتاب من الأبواب التالية:
ـ الاستسقاء .                              ـ العرس التدمري .
ـ الأحاجي والألغاز .                  ـ الأكلات التدمرية
ـ أغاني ترقيص الأطفال .        ـ الصِّناعات الشَّعبية .
وقد وثَّق الباحث في كتابه المواد التراثية الشفاهية، فمن الأناشيد التي يرددها أبناء تدمر في سنوات الجفاف لجلب الأمطار:
أم الـــغيث غـــيثيــــنا                  بلّلـــــــــــي  بشيـــــــــت راعينـــــــا
راعينا حسن اقرع                  لو سنتين ما يزرع ( ص 13).
وكان الأطفال يتجولون على البيوت ويجمعون المواد الغذائية وهم يرددون:
اللي تعطينا بالطبشي         يصبــح ولدهـــــــــــا يمشي
واللي تعطينا بالكاسي           أم  حجول رقاصي(13).
ومن الأحاجي(الألغاز) التي كان يتداولها التَّدمريون في مسامراتهم:
طــــــاسة تــــــــرن طـــــاسة          بـــــــــــــالبحــــر غــــــــــــــــطاسة
جــــــــــواتها لـــــــــــــــولــــــــــــو           وبراتها نحاسة (ص20).   
 الجواب: الرمانة.
ومن الألعاب الشَّعبية التَّدمرية التي وثَّقها المؤلِّف بالوصف والرَّسم والصُّورة: لعبة دندوشة ، ولعبة سبع تيام ، ولعبة الغميضة ، ولعبة الجبة، ولعبة الدّكة، ولعبة الحيز، ولعبة طاق طاق طاقية.
أما لعبة فتَّحت الوردة التي يتقابل فيها كل طفلان ويمسكان بأيدي بعضهما البعض، وأصابع الأيدي مرفوعة إلى الأعلى وهما يرددان هذه الأغنية:
فتّحت الوردة ... سكّرت الوردة  ... هون وردة ...  وهون وردة
 دبّ الليلة ... دبّ الليلة    (ص113).
يقع هذا الكتاب في 213 صفحة من القطع المتوسط ، وهو من الإنجازات التراثية الهامة للباحث أحمد قشعم.

أغــانـي العتــابا والنـايل والســويحـلي
كنوز منسية من تراث الجزيرة والفرات

في كتاب جديد هو الأول من نوعه على صعيد الأدب الشَّعبي العربي وتوثيقه ودراسته وفق مناهج علمية صدر للباحث عبد محمد بركو عضو لجنة التراث الشَّعبي كتابه الموسوم } أغاني العتابا والنايل والسويحلي: كنُّوز منسية  من تراث الجزيرة والفرات { ،عن دار اليازجي بدمشق بدعم من مؤسسة البابطين في الكويت، والكتاب يستمد أهميته من عدة عوامل، منها:
يشتمل على أكثر من ألف وخمسمائة أغنية شعبية قديمة من أغاني العتابا والنايل والسويحلي، وهذه الأغاني الشَّعبية هي محصلة جهد ميداني كبير بذله الباحث بركو الذي أمضى ما يقارب أربع سنوات في جمع هذه الأغاني من أفواه المعمِّرين والحَفظة وتحقيقها الشَّيء الذي تعجز عن انجازه فرق علمية متكاملة وهو ما يسجل للباحث كانجاز ثقافي وعلمي وانثربولوجي على درجة كبيرة من الأهمية.
قدَّم الباحث لكتابه بكثير من الدِّراسات والشروحات، وجاء تحقيق هذه المأثورات الغنائية على درجة عالية من الموضوعية والرصانة والاستنتاج وسواها.
إنقاذ هذا الكم الهائل من الأغاني الشَّعبية الفراتية المنسية وتحقيقها وشرحها وحفظها وتوثيقها ودرسها لغوياً وفنياً وسيكولوجياً واجتماعيا .
ولم يقتصر الكتاب على الجمع والتحقيق كسواه من كتب التراث الشَّعبي ،بل تجاوزها إلى الدِّراسة والبحث والتنظير لهذه الفنون الشَّعبية الفراتية الغنائية العريقة .
الكتاب يتضمن تراث عربي إقليمي إنساني وليس تراثاً قطرياً، فأغاني وأشعار العتابا والنايل والسويحلي تمثِّل التراث الشَّعبي الغنائي في منطقة الجزيرة والفرات التي تمتد في أراضي العراق وسورية وتركية.
ويحتوي الكتاب بين دفتيه على مقدّمة وأربعة أبواب رئيسية.
فتحت عنوان «مشروع إنقاذ التُّراث الشَّعبي الغنائي العربي: المعركة من أجل الهويّة» كتب الباحث يقول «لقد ساهمتْ الفنون الشَّعبية، ولاسيما الفنون الغنائية والقولية بتطوير الذَّوق الحسِّي والفنّي والجمالي وحفزت الإنسان دائماً على العمل والعطاء والإبداع، وعلى مرِّ القرون قدَّمت هذه الفنون للناس بمختلف لغاتهم زاداً لغوياً وثقافياً مهمَّاً، وأعطت اللغات القومية خصوصيتها، فضلاً عن غرسها وتكريسها مفاهيم الانتماء للأوطان، ودعوتها إلى الحبِّ والخيرِ والجمال»  (ص2).
وعن أهمية الكتاب يقول الباحث:
«إنَّ ظهور هذه الكنُّوز الفريدة يجعلها في متناول الباحثين والكتَّاب، وينشرها على نطاق واسع على أفواه الأجيال العربية الجديدة التي لا تعرف شيئاً عن تراثها الشَّفوي الشِّعري والغنائي.
كما أنَّ نشر هذه الألوان الغنائية الشَّعبية سيفتح الباب واسعاً نحو المزيد من التمازج اللفظي والفكري والتعبيري والفنِّي بين الفنون الشَّعبية العربية، وسيمهد الطريق نحو دراسات مقارنة في الأدب الشَّعبي العربي وسيطوّر الأغنية العربية»(ص6 ).
وفي الباب الأول يدرس الباحث المأثورالشَّعبي والأغنية الشَّعبية، والشكل الفني للعتابا والسويحلي ،ومما قاله:
يعتبر فنّ غناء العتابا من أعرق وأهم الفنون الشَّعبية الغنائية في الجزيرة الفراتية، يرد بيت العتابا على بحر الوافر، ويكون ثلاثة أشطر،الكلمة الأخيرة من كل شطر متطابقة اللفظ مع آخر كلمة من الشطرين الآخرين مختلفة المعنى معاً، أي يتحقق في بيت العتابا الجناس البديعي التام:
 ثلاث كلمات لها نفس البناء الحرفي مع اختلاف معانيها، ويبقى الشطر الأخير حراً، ويسمَّى البيت بقافية شطره الرابع والأخيرالتي تأتي أصولاً وغالباً ألف وباء ككلمة ( عتاب):
 نقط  طير الحمام وكلت بليــان
 شوارب سود جوى اللحد بليان
يحفـار اللحـد ويديــك بليــــــان
يـــــازي تهيــل عالغــالي تراب
وإذا أمعنا النظر في هذا البيت نجد اكتمال كافة شروط بناء البيت العتابا، والجناس التام البديعي متحقق فيه، وهو كما يلي: (1)
 بليان: مبتلٍ ببلوى (2) ـ بليان: اهترأن (3) ـ بليان: أصابهن البلاء(ص11).أمَّا فنّ غناء النايل فيعرِّفه الباحث بقوله «يحتل هذا الفنّ مكانة رفيعة بين الفنون الشَّعبية الفراتية، ويتميز أيضاً بحزنه الشديد»، أمَّا من الناحية الفنيّة فهذا الفنّ سهل النظم ويكتب على البحر البسيط العروضي، وشكل بناء بيته الأساسي شطرن مقفيان بقافية واحدة .
مناحر فجوج الخلا يا ريم وين تريد
هيمتنــا عالولف باول ليـــــال العيد (ص12).
ويعرِّف فنّ غناء السويحلي بأنه:  من أعذاب وأرق الأشعار الشَّعبية في الجزيرة الفراتية نظماً ولحناً وغناء، وأكثرها شجناً، ينظمه العشاق الذين أضناهم الحبّ وعذابات الوجد، فيبعث كــ «مونولوج داخلي» لمناجاة الحبيب، أو النفس، وهو أشبه برسائل حبّ مكثفة رغم قلة كلماته.
ويتألف بيت السويحلي من شطرين تتوضع قافية البيت في منتصفهما، ومن الناحية العروضية لا يردُ على بحور الشِّعر العربي:
حبر من الدموع
مكتوبكم  يا زين
من بين الظلوع
نار الفراق تزيد (ص13).
 ويتضمن الكتاب شرحاً وافياً لسمات وخصائص أغاني العتابا والنايل والسويحلي ودراسة ميدانية عن مغنِّي الرَّبابة في الجزيرة الفراتية، ودراسة أخرى عن لغة وإملاء وتدوين هذه الأغاني وأغراضها ومضامينها المختلفة.
وفي الأبواب الثاني والثالث والرابع يقدم الباحث أكثر من ألف وخمسمائة أغنية شعبية محقَّقة من أغاني العتابا والنايل والسويحلي توزعت على(371صفحة) من القطع المتوسط .

دمشق الشام ذاكرة الزمـان
( أوراق من نشوة الماضي)

ضمن منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب صدر للباحث منير كيال كتاب «دمشق ذاكرة الزمان: أوراق من نشوة الماضي» ويتضمن دور الخوجة «الشيخ» والكتاتيب في تعليم الناشئة، وكذلك دور صندوق الدُّنيا والحكواتي ومسرح الظلّ في إيصال المعلومة والحكمة إلى من فاتهم قطار التّعلم.
واهتم الكتاب بإلقاء بعض الأضواء على جوانب متعددة من حياة الناس وعاداتهم وتقاليدهم في إطار احتفالاتهم بعيد المولد النَّبوي الشَّريف، وفي عراضاتهم الشّعبية، وفي دور القهوة العربية في هذه الحياة، فضلاً عن التوقف بشيء من الإحاطة عند مقامات آل البيت والصَّحابة «رضوان الله عليهم» وحمَّامات دمشق والبيمارستانات «المشافي القديمة» والتكايا والزوايا والمدارس.
وفي حديث المؤلف «منير كيال» عن الحكواتي يذكر:
« كنتَ ترى الناس في اختلافهم إلى المقهى لسماع ما سيرويه لهم الحكواتي يتخيّرون الحكواتي الذي تتوافق براعته وسرعة بديهته وأسلوبه في الإلقاء والتعبير، وتصعيد حبكة الأحداث وحلّهامع تطلعاتهم ومزاجهم.
وهم الجمهور في جلوسهم في المقهى للاستماع إلى الحكواتي ينقسمون بين مؤيد للبطل مناصر له، ومخالف لذلك الموقف.
وقد يبلغ بهم الحماس إلى الملا سنة والعراك ومن السِّير الشَّعبية التي يرويها الحكواتي سيرة بني هلال وعنترة والظاهر بيبرس وسيف بن ذي يزن وسواها » (ص171).
ويقارن المؤلف بين الحكواتي في دمشق والحكواتي في بعض البلاد العربية كما في مصر حيث يروي الحكواتي السّير الشَّعبية هناك مترافقة مع العزف على الرَّبابة.
والكتاب محاولة هامة لتوثيق بعض العادات والتقاليد الدّمشقية التي مازالت ماثلة في الذَّاكرة الشَّعبية لحفظها من الضياع والنسيان.
يقع الكتاب في (268 صفحة) من القطع المتوسط .

نصوص ودراسات في الشِّعر الشَّعبي الغنائي

في إطار توثيق ودراسة التراث اللامادي صدر حديثاً عن وزارة الثقافة – الهيئة العامة السورية للكتاب، كتاب «دراسات ونصوص في الشِّعر الشَّعبي الغنائي» تأليف الباحث عبد الفتاح رواس قلعه جي، وهو بالرغم من كونه كاتباً وناقداً مسرحياً فإن له مؤلفات عديدة في التراث الشَّعبي و منها:
التواشيح والأغاني الدِّينية في حلب، أمير الموشحات عمر البطش، الموسيقار أحمد الإبري، أبو خليل القباني.
والباحث قلعه جي في كتابه هذا يقدم موسوعة موجزة للشِّعر الشَّعبي الغنائي في سورية تتناول:
 المطاول، الموال، العتابا والميجانا، أغاني الأطفال، المناغاة، الهناهين، الأغنية الشَّعبية الفولكلورية، أغاني الفراتين والبادية، أغاني الساحل والجبل، الموشحات والقدود، كما يرصد ألواناً من أغاني البادية ورقصاتها وحواراتها هي نوع من المسرح الغنائي البدائي المعروف في البادية وأعراس المدن.
هذه الأشعار الشعبية الغنائية كغيرها من الموروثات الشَّعبية تقدم لنا نماذج من التراث الشَّعبي العربي الأصيل الماثل في الذاكرة الشَّعبية من الحقب التاريخية البعيدة لدى طبقات شعبية بسيطة أَهمل أدبها الشَّعبي وطرائق تفكيرها الدَّارسون زمناً.
وتلقي دراسة الباحث الضوء على أنواع مختلفة من الشِّعر الشَّعبي الغنائي في سورية .
وقد قسَّم الباحث كتابه تبعاً للمناطق الجغرافية حيث تحمل كل منطقة ألوانها الغنائية وخصوصياتها الفنية. وهذه الألوان الغنائية التراثية الشَّعبية ما تزال منتشرة لها شعراؤها ومغنُّوها بالرغم من ضياع كثير منها.
وما بقي من هذه الأغاني وستبقى خالدة لأنها تشكل معلماً بارزاً في هويتنا التراثية والفنية والقومية.
يقول الباحث قلعه جي في مقدّمة كتابه: « إنَّ البحث في هذا الجانب ليس دعوة إلى تكريس العامية، وإنما يضع في دائرة الاهتمام عاملاً مشتركاً يأخذ وظيفة الرئة في حياة الشعوب العربية، وعندما نسمع الشادي في أي قطر عربي يغني الموال والعتابا والموشَّح وغيرها من الموروثات الغنائية فإننا لا نتنفس رائحة التاريخ الجامع فحسب وإنما نتنفس رائحة الدم المشترك والأمل الواحد، ونشعر بطعم العناق ودفء أنفاس الأشقاء ».


سياسات وبرامج صون التراث الشَّعبي اللامادي في سورية

صدر عن وزارة الثقافة – مديرية التراث الشعبي –كتاب باللغة الإنكليزية بعنوان « سياسات وبرامج صون التراث الشَّعبي اللامادي في سورية» ( 2005 –2011م) ، من تأليف الأستاذ الباحث عماد أبو فخر مدير التراث الشَّعبي في وزارة الثقافة، والكاتبة مايا الكاتب باحثة في التراث الشَّعبي.
يسلّط الكتاب الضوء على السياسات والأنشطة والبرامج التي تنفذّها مختلف الوزارات والمؤسسات والجهات الحكومية والمنظمات الشَّعبية الفاعلة في مجال صون التراث الشّعبي اللامادي في سورية؛ بدءاً بالوزارة المعنية بالدرجة الأولى وهي وزارة الثقافة ومديرية التراث الشَّعبي وغيرها من المديريات المعنية في الوزارة.
يستعرض الكتاب أهم عناصر التراث الشَّعبي اللامادي المتنوع في سورية وقد صنَّفها إلى خمس مجالات هي:
 التقاليد والتعابير الشَّفوية: كالحكايات الشَّعبية والشِّعر الشَّعبي والأمثال والحكواتي والزجل والقصيد الشَّعبي وغيرها.
 فنون الأداء والعروض: القدود الحلبية والدبكات والعراضة ورقص السَّماح..الخ.
 الممارسات والشَّعائر والاحتفالات الاجتماعية: الموالد والأعياد والمهرجانات والاحتفالات والعادات والتقاليد.
 المعرفة المتعلقة بالطبيعة والكون: المعتقدات والأساطير والتقاليد الزراعية وتقسيم المياه والطب الشَّعبي وغيرها.
الحِرف الشَّعبية التقليدية: يركّز هذا القسم على الحرف اليدوية التقليدية وأسواقها المختلفة وأهميتها في سورية والجهود التي تبذل لصونها وتطويرها والمحافظة عليها.

أعداد المجلة