فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
61

قراءة في دوريات التراث الشعبي العربية

العدد 24 - جديد النشر
قراءة في دوريات التراث الشعبي العربية
كاتبة من مصر

إذا طالعنا فعاليات النشر بالدوريات العربية المتخصصة في التراث الشعبي العربي، سنلحظ بزوغ نجم دوريات جديدة كالتراث الشعبي السورية، ومجلة «النجع الثقافية» بتونس، وعودة دوريات أخرى كانت قد توقفت منذ سنوات كمجلة الفنون الشعبية الأردنية، والتراث الشعبي العراقية، والمأثورات الشعبية القطرية، ويدخل في هذا التصنيف أيضاً مجلة الفنون الشعبية المصرية غير أنها من أكثر الدوريات ثباتاً وعراقة في الصدور بعد عودتها عام 1987.

على حين ظل نوع ثالث منتظماً في الصدور دون عثرات حتى الآن، وهذا النوع الأخير ينطبق فقط على دورية واحدة هي مجلتنا «الثقافة الشعبية» التي احتفلنا بعيدها الخامس العام الماضي. ونأمل أن تظل صامدة دون أية عثرات إنشاء الله، ولعل اختيار الرقم خمسة للاحتفال بصدورها قد ارتبط في اللاوعي- لدى المنظمين للاحتفال- بالمعتقد الشعبي حول القوة السحرية لهذا الرقم.
غير أن النظرة العامة للدوريات العربية في المجال تشير لافتقار في اختيار العناوين، فالدورية السورية «التراث الشعبي»، تحمل الإسم نفسه الذي اتخذته الدورية العراقية عنواناً لها منذ نصف قرن تقريباً. والدورية الأردنية تحمل الإسم نفسه الذي اتخذته الدورية المصرية «الفنون الشعبية». لكن هذا الأمر لا يحول دون احتفالنا بظهور المولود الجديد. خاصة أن الدافع للاحتفال بالدوريات العربية النظيرة جاء من منطلق حرصنا على التفاعل بيننا وبين النشاط العربي المنشور في المجال، فضلاً عن أنه من واجبنا ونحن قائمين على دورية يشرف عليها أرشيف للفولكلور(أرشيف الثقافة الشعبية البحرينية) أن نوثق للجديد دون أن يقتصر  الاهتمام على إلقاء الضوء على مجلتنا فقط، بل إن فلسفة المجلة قائمة في الأساس على التأكيد على الروابط العربية المشتركة، والربط بين المؤسسات المعنية، والتعريف بما هو جديد دائماً في المجال، إذ نرى أن هذا كله سيفجر حالة من المنافسة الحميدة البناءة، وتواصلا نحن في حاجة إليه في هذه المرحلة الراهنة.

دورية جديدة بإسم قديم:
أول الدوريات الجديدة التي نعرض لها هنا هي المجلة السورية «التراث الشعبي»، وهو إسم قديم عُرفت به المجلة العراقية أيضاً كما سبقت الإشارة. وقد صدر منها حتى الآن عددان، وصلنا منها العدد الثاني، ولم نعثر على أية بيانات تشير لكون المجلة فصلية أم شهرية، غير أننا نرجح أنها تصدر فصلية، وربما تواجه المجلة بعض العثرات في الصدور حيث أن العددين المشار إليهما صدرا عام 2012 . وقد دون على غلاف المجلة العبارة التالية: مجلة دورية متخصصة تصدر عن وزارة الثقافة- مديرية التراث الشعبي في الجمهورية العربية السورية. وفي صفحة العنوان نجد شعار الهيئة العامة السورية للكتاب، مما يشير إلى اشتراك الهيئة في إعداد المجلة. وقد افتُتحت المجلة بكلمة لوزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح بعنوان «التراث ذاكرة الهويَّة» وهي إشارة للاهتمام الوطني بالتراث الشعبي، إذ أن الوزيرة هي نفسها المشرف العام على المجلة. أما رئيس التحرير فهو الأستاذ عماد أبو فخر، وأمين التحرير أحلام الترك. على حين تألفت هيئة التحرير من كل من: محمد خالد رمضان، ومنير كيال، ورولا حسن، وندى حبيب علي. وأُسند الإخراج الفني لأسامة العاني.

وقد بدأت المجلة بمقال افتتاحي لعلي القيّم بعنوان «الحرير والسر الذي كشفته إمرأة سوّرية». ثم بدأت أبواب المجلة بباب «أبحاث ودراسات» وتطالعنا فيه أربعة أبحاث، الأول لـ أحمد أوراغي بعنوان «الثقافة الشعبية الحضور المعرفي والقيمة الدراسية». والبحث الثاني لعمار نهار بعنوان «وسائل الثقافة الشعبية في عصر المماليك». والثالث لعماد أبو فخر بعنوان «سياسات وبرامج صون التراث الثقافي اللامادي في سورية». أما البحث الرابع والأخير في هذا الباب فكان لمصطفى جاد بعنوان «مكنز الفولكلور وقوائم حصر التراث غير المادي. أما الباب الثاني من المجلة فقد اتخذ عنوان «الأدب الشعبي الشفاهي». واحتوى أربع دراسات في مجال الأدب الشعبي. الأولى لقاسم وهب بعنوان «تجليات الأخلاق في الأمثال الشعبية»، والدراسة الثانية لمصطفى الصوفي بعنوان «أجواء الحكاية الشعبية بين الماضي والحاضر». والثالثة لنزار الأسود حول «تاريخ خيال الظل»، والدراسة الأخيرة في هذا الباب لمحمد سعيد ملا سعيد بعنوان «من عبق دمشق». وقد اهتمت المجلة بتخصيص باب للحرف التقليدية تحت عنوان «الحرف المهددة بالزوال» اشتمل ثلاث دراسات الأولى لمحمد فياض بعنوان «فن التكفيت»، والثانية لأحمد قشعم حول المنسوجات التدمرية: مفارش وأثاث، على حين تناولت الدراسة الثالثة موضوع «المكاييل في تراثنا الشعبي» لعوض الأحمد.

أما باب «فنون شعبية» فقد اشتمل على أربع دراسات متخصصة في فنون العرض والتشكيل الشعبي. الأولى حملت عنوان «مظاهر الفرجة عند البدو» لخالد عواد الأحمد، والثانية تناولت  الألعاب الشعبية في السويداء لفوزات رزق. والدراسة الثالثة ليوسف سامي اليوسف حول «حكاية الشاطر حسن». أما الدراسة الأخيرة في باب الفنون الشعبية فكانت بعنوان «المنمنمات في البيوت الشعبية الزبدانية» لمحمد خالد رمضان. وقد أعقب هذا الباب باب آخر بعنوان «المأكولات الشعبية» اشتمل على دراسة واحدة لمنير كيال بعنوان «كبة وقبوات من مآكل الشام». أما الباب قبل الأخير والذي حمل عنوان «المراجعات» فقد تناول ثلاثة محاور، الأول بعنوان «قراءة في كتاب» وضم قراءة قدمتها أحلام الترك لكتاب «العرس الشامي: صفحات في التّحاب والتعاضد.. صور طوتها الأيام» للمؤلف منير كيال، والذي نُشر عام 2012 بوزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتاب ضمن مشروع جمع وحفظ التراث الشعبي. والقراءة الثانية لندى حبيب علي حول كتاب «البحر الثالث الأغنية الساحلية» لفريال سليمة الشويكي والذي صدر في جزءين عام 2012 عن وزارة الثقافة- الهيئة العامة السورية للكتاب. وفي «مكتبة التراث الشعبي» تطالعنا ثلاثة عروض لثلاثة كتب الأول قدمته أحلام الترك حول كتاب «عادات ومعتقدات في محافظة حمص» الذي نٌشر أيضاً بالهيئة العامة السورية للكتاب – مديرية التراث الشعبي عام 2011 لمؤلفه خالد عواد الأحمد. والعرض الثاني قدمته أيضا أحلام الترك لكتاب «الفنون والحرف السورية»، والذي يضم عشرين دراسة متعددة العناوين، وقد نُشر عن وزارة الثقافة - مديرية التراث الشعبي عام 2012 . أما الكتاب الثالث فقد حمل عنوان «سياسات وبرامج صون التراث الثقافي اللامادي في سورية (2005-2011). والذي صدر باللغة الإنكليزية بعنوان « Policies and Programs for the Safeguarding of the Intangible Cultural Heritage in Syria (2005 – 2011)» من إعداد عماد أبو فخر ومايا الكاتب، ونُشر عام 2012 عن وزارة الثقافة – مديرية التراث الشعبي. أما المحور الثالث والأخير في باب «المراجعات» فقد تناول أنشطة التراث الشعبي في سورية،  من خلال عرض لحلقة كتاب تقاليد الرعي لمحمود مفلح البكر والتي تمت في المركز الثقافي العربي بالعدوي في أكتوبر عام 2012. كما عرضت لمهرجان شهبا الخامس للتراث والفنون الذي نظمته جمعية السويداء خلال الفترة نفسها. ويُختتم باب المراجعات بمحور بعنوان «حوار مع باحث» الذي ضم موضوعا بعنوان «في متحف الباحث برهان حيدر» وقد أعدت الحوار ندى حبيب علي. أما الباب الأخير من المجلة فقد اشتمل عنوانا «من أعلام التراث» والذي أعده محمد مروان مراد بعنوان «د. قتيبة الشهابي: عشرون كتاباً عن دمشق، ومئات اللوحات والصور التاريخية». واختتم عماد أبو فخر رئيس التحرير أبواب المجلة بمقال بعنوان «التنوّع الثقافي.. وتراثنا الثر». وقد حرصت المجلة في نهاية العدد على التنويه لموضوعات الأعداد القادمة.
وإذا كان لنا مشروعية التعليق على المجلة في مجملها، فهي ملاحظات شكلية تتمحور في تكرار أسماء بعض الكتاب بصورة ملحوظة، وتصنيف موضوع «حكاية الشاطر حسن» ضمن الفنون الشعبية رغم أن مكانه الصحيح ضمن موضوعات «الأدب الشعبي الشفاهي». أما مكتبة التراث الشعبي فقد تناولت عروض الكتب بصورة غير مفصلة لتوصيل المضمون، وتحتاج لمساحة أكبر شأنها شأن محور «قراءة في كتاب»، ويفضل ضمهما في محور واحد. أما باب الأعلام فنوجه تحيتنا للمجلة للاهتمام به، حيث سيسهم في المشروع العربي الذي نادى به أرشيف الثقافة الشعبية البحرينية للاهتمام بتوثيق أعلام التراث الشعبي العربي. وهذه الملاحظات لا تنسينا أبداً أن نوجه كل التقدير والاحترام لجميع القائمين على هذه المجلة الوليدة التي نتمنى لها الاستمرار والتألق.

مجلة تونسية بإسم جديد:
ومن سوريا إلى المغرب العربي.. إلى تونس الخضراء التي احتفلت بظهور مولود جديد في عالم دوريات التراث الشعبي، وقد اجتهد المثقفون التونسيون في نحت إسم خارج صندوق الأسماء التي اشتهرت بها دوريات الفولكلور العربية، فكانت «النجع الثقافية»، وقد ذُيلت بعبارة: مجلة ثقافية شهرية تُعنى أساساً بالتراث الشعبي. ومن الواضح أن المجلة تأسست بالجهود الذاتية للقائمين عليها. وفي بطاقة التعريف بالمجلة نجدها تبدأ بوظيفة «الباعث» وهو ورد العباسي، أما المدير المسؤول فهو أحمد العباسي، ورئيس التحرير أحمد حراثي، وسكرتير التحرير خيرة ذويب، والمدير الإداري عبد الباسط بنعباس، والمدير الفني محمد بنداود، والمستشار الثقافي للمجلة مازن الشريف. كما تضم المجلة هيئة استشارية تشمل كل من: علي سعيدان، وحفناوي عميرية، وصالح علواني، ورياض المرزوقي، وحسين بوبكري.
وقد حصلنا على العدد الثاني من المجلة الصادر في مارس 2013، والذي بدأ بافتتاحية لبوبكري بعنوان «وبها تكبر الأحلام فينا لتتتالى النجاحات»، مشيراً إلى أن كل ما يدعو إليه هو أن تُترجم أهم الدراسات في «النجع» إلى لغات أخرى، وتُجمع في دورية تخدم التراث الوطني، ومنه تنتشر الثقافة التونسية لتُحلق عالياً في كل الفضاءات ولتصبح في خدمة التنمية من الباب الكبير. ويضيف بوبكري أن لحظات الترقب قبل إصدار العدد الأول «للنجع الثقافية» هي نفس اللحظات التي تسبق في العادة انتظار المولود البكر. فسعدنا جميعاً بنجعنا في بيئته كتابة وإدارة وطباعة، زد على هذا مبدعين وأقلاماً وبحوثاً، كأننا بالنجع تبتسم وتفتح صفحاتها للمبدع والقارئ والدارس لتكبر وتترعرع في ربوعنا.. عبارات حلوة تحتفي بالجديد وتزرع الأمل في المستقبل، وندعو الله أن تتحمل هذه المجلة ما آلته على نفسها من عبء الصدور.

وقد استطعنا الحصول على العدد الثاني من المجلة والذي صدر في مارس 2013 ، والمجلة في شكلها العام ليست كباقي المجلات المتخصصة في الإخراج والطباعة والغلاف المقوى، بل إن الإخراج والطباعة اللامعة وقطعها الكبير جعلها أقرب للدوريات العامة الشهرية، الحافلة بعناوين على الغلاف والصور اللامعة. وقد اهتم الغلاف بعنوان كبير أشبه بالملف حمل اسم «اللباس التقليدي التونسي: خصوصية وتميز»، فضلاً عن بعض العناوين الأخرى بحجم صغير.

ولنستعرض محتويات العدد الذي قُسم لخمسة أبواب، الأول حمل اسم «منبر الشعر»، واحتوى ست قصائد لمجموعة من الشعراء التونسيين، وهي قصيدة «عيشة» للشاعر المرحوم محمد الصغير الساسي، وقصيدة «ظلام الفجر» للشاعر محمد الملوح  باللطيّف، وقصيدة «بلا وطن» للشاعر محمد الغزال الكثيري،  ونص غنائي بعنوان «يا مولاتي» للشاعر جليدي العويني، ثم قصيد غنائي بدوي آخر بعنوان «رجالي كبّي الفولارة» للشاعر والأديب خليفة الدريدي، وأخيراُ قصيد غنائي بدوي نسائي بعنوان «ياطير الحمام» من التراث القفصي. وجدير بالملاحظة هنا أن «الشعر الشعبي» في تونس هو مصطلح يُطلقه المبدعون على «الشعر العامي» الذي ينشرونه. أما القسم الثاني من المجلة فيحمل عنوان «مرافئ»، ويحتوي مجموعة من الدراسات المتنوعة من بينها دراستان حول الأغنية الشعبية الأولى لحفناوي عمايرية بعنوان «الأغنية العتيقة والتنشئة الاجتماعية»، والثانية للطفي قرباية حول مضامين الأغنية التقليدية الموجهة للطفل بربوع مدينة القطار. كما اشتمل هذا القسم على دراسة لناجي التبَاب بعنوان «المثل الشعبي عراقة الحديث وحداثة العريق»، ثم دراسة لمحمد الهادي فريحة حول ألعاب من ذاكرة الصحراء. كما كتب محمد أحمد حول زاوية سيدي عمر بن عبد الجوّاد بقصر قفصة فضاء للرموز والدلالات الثقافية. وأخيراً يتناول الهادي بالحاج إبراهيم موضوع بيت الشعر(الخيمة).

أما القسم الثالث من المجلة فقد خُصص لموضوع «العادات والتقاليد»، واشتمل أربعة موضوعات الأول لبديع لطيف حول أعراس السواسي، والثاني لأحمد حراثي بعنوان «الذِكر البدوي في الجنوب والوسط الغربي: مدح لخاتم الأنبياء والرسل وتعداد لخصال الأولياء والصالحين». أما أنوار الضاوي فقد تناولت نفحات من التراث في أعراس الهمامّة. وفي ركن ضيف النجع حوار مع الشاعر لزهر بلوافي. أما القسم الرابع من المجلة فقد حمل عنوان «استراحة» واحتوى ثلاثة موضوعات الأول للشريف بن محمد الذي كتب عن بلدته «دوز» أصوات في خاطري. ثم فتحية عبّاسي التي كتبت عن الأكلة الشعبية «بركوكش قفصة». وأخيرا كتب محمد بنداود عن الحرف التقليدية في القصرين كرافد أساسي للتنمية وعلامة تراثية مميزة. وتُختتم المجلة بقسم «المتابعات» الذي يعرض للأنشطة الثقافية في مجال التراث الشعبي، فيكتب الطيب الهمّامي عن الشعر الشعبي التونسي سفير الثقافة التونسية إلى عرس الزجل العربي بآزمور بالمملكة المغربية، كما يعرض عدنان بن عامر للنشاط الثقافي الشتوي بالمهدية: ثراء وتنوع يترجمان خصوصية الجهة. أما ميلاد رمضان فيتناول الملتقي الوطني للإعلام بقفصة في دورته الثانية تحت شعار الإعلام والانتقال الديموقراطي، ويكتب منصف الكريمي حول الموضوع نفسه «الإعلام الثقافي والانتقال الديمقراطي». ثم يعرض علي الصمايري لفعالية سباق الخيول تحت عنوان «الفرسان يصنعون الفرجة بمناسبة إحياء ذكرى البشير بن بشير بن سديرة، علي حين عرض أحمد حراثي لنشاط مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف، ثم يكتب منير بن نصير حول ربوع الجنوب الشرقي جسد العلامة بين الإبداع الفني والحرفة التراثية. وتُختتم المجلة «بحبّة مسك» لعلي الخليفي الذي عرض لبعض نصوص الأمثال والحكايات الشعبية.

والمجلة على هذا النحو تحوي مواد بسيطة يمكن أن تكون أقرب للقارئ العام منها للباحث المتخصص، فمعظم المقالات تحتل صفحتين أو ثلاثة على أقصى تقدير، وهذا ليس عيباً بل إننا طالما نادينا بتوجيه الجهد لمخاطبة القارئ العام وتعريفه بتراثه الشعبي. غير أن لنا بعض الملاحظات على المجلة نُسجلها من باب المودة والحب لأشقائنا في تونس من بينها أن فهرست المجلة غير مرقم مما يُصعب على القارئ الوصول للعنوان الذي يريده، كما أن بعض عناوين المقالات بالفهرست غير مطابقة لمتن المقال بالداخل. وهناك أيضاً بعض الموضوعات بعيدة الصلة بالتراث الشعبي كالإعلام والانتقال الديموقراطي. أما تصنيف أبواب المجلة فقد جاء غير واضح المعالم، فمصطلح «مرافئ» مصطلح فضفاض استوعب عدة موضوعات بين الأدب الشعبي وفنون الحركة والثقافة المادية والعادات والتقاليد. على حين اشتمل باب العادات والتقاليد على حوار مع شاعر، كما ضمت الاستراحة موضوعات ذات صلة بالعادات والتقاليد كالأكلات الشعبية. وفي جميع الحالات نحن نقدم كل التحية للقائمين على هذه المجلة، وكل الدعاء لهم بمواصلة الطريق وبلوغ الأفضل دائماً.

عودة مجلة الفنون الشعبية:
أما مجلة الفنون الشعبية الأردنية فهي ضمن فصيل الدوريات العربية المهتمة بالتراث الشعبي والتي توقفت نهاية الثمانينات من القرن الماضي. وأذكر ان اسمها كان «فنون شعبية» بدون إضافة (ألف ولام التعريف)، وكنا عند تداولها نشير إلى أنها الفنون الشعبية الأردنية-تميزاً- حتى لا يختلط على السامع أننا نقصد «الفنون الشعبية المصرية». وقد عادت المجلة للصدور من جديد بالاسم نفسه بعد إضافة ألف ولام التعريف ليصبح اسمها مطابقا تماماً للدورية المصرية.  وقد تلقيت دعوة من الدكتور حكمت النوايسة رئيس تحرير مجلة الفنون الشعبية الأردنية بعمان هذا نصها: الأصدقاء الأعزاء.. يجري العمل على استئناف إصدار مجلة الفنون الشعبية التي كانت تصدر عن وزارة الثقافة، وقد صدر منها ستة عشر عدداً لغاية العام 1989، وتوقفت لأسباب تتعلق بهيكلة وزارة الثقافة. وها هي في طريقها إلى الصدور، وقد كُلفت برئاسة تحريرها، بمعية الهيئة الاستشارية المكونة من الأفاضل: الأستاذ الدكتور هاني العمد- الأستاذ الدكتور هاني الهياجنة- الأستاذ الدكتور محمد فايز الطراونة- الأستاذ الدكتور عبدالعزيز محمود- الدكتور محمد وهيب- الدكتور أحمد شريف الزعبي. والمجلة معنية بالدرجة الأساس بنشر البحوث والمقالات المتعلقة بالتراث الثقافي غير المادي ضمن المجالات الآتية:
التقاليد وأشكال التعبير الشفهي، بما في ذلك اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي.
فنون وتقاليد أداء العروض.
الممارسات الاجتماعية  والطقوس والاحتفالات.
المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون.
المهارات المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية.
ويضيف النوايسة أن المجلة ترحّب بمساهماتكم ضمن الحقول السابقة، وتعطي الأولوية للأبحاث والدراسات الأصيلة المزوّدة بالصور والرسومات والأشكال الأصيلة، أو الموثقة توثيقاً علمياً يُراعي حقوق الملكية الفكرية، والأمانة العلمية في النقل، والإحالة. وقد أرفقت المجلة شروط النشر بها.

والمجلة على هذا النحو تُعيد للذاكرة تجربة مجلة الفنون الشعبية المصرية التي صدر عددها الأول عام 1965 ثم توقفت عند العدد السابع عشر عام 1971. ثم عادت للوجود عام 1987 وصدر عنها العدد رقم 18 بافتتاحية لعبد الحميد يونس بعنوان «مجلتنا تعود». وقد احتفت الأوساط الثقافية المصرية بعودة المجلة مرة أخرى للوجود. ومن ثم فهي فرصة نُقدم فيها أجمل التحية وبالغ الاحترام والتهنئة لحكمت النوايسة وفريق العمل الذي يعمل معه في دورهم لعودة هذه المجلة للوجود. فالمجتمع العربي في حاجة للوقوف على التراث الشعبي الأردني وما به من فعاليات ومتغيرات. غير أننا حتى صدور مجلتنا للطبع لم نتلق العدد الجديد من «مجلة الفنون الشعبية الأردنية» التي لا زالت تحت الطبع، وبالتأكيد ستكون قد خرجت للوجود عند نشر هذا المقال. وقد أرسل لنا حكمت النوايسة صورة من غلاف العدد ومحتوياته. والذي ضم الموضوعات التالية:
1.    الآلات الموسيقية الشعبية: لمصطفى خشمان
2.    توظيف الأمثولة الشعبية في المسرح: ليحيى البشتاوي
3.    العولمة والتراث: لعبدالحكيم خليل سيد أحمد
4.    الفانتازيا الاجتماعية في ألف ليلة وليلة: ليوسف يوسف
5.    المدح في مراثي النساء: لأحمد شريف الزعبي
6.    الحلاق الشعبي: لحمزة العكايلة
7.    المطبخ الشعبي: لأليدا مضاعين
8.    العرس الأردني بين الأمس واليوم: لخولة شخاترة
9.    الفخار: لمنيرة صالح
10. الزي الشعبي الخلقة السلطية: لفاطمة النسور
11. عيد النيروز: للباحث الإيراني على زائري
12. سلطة المعتقدات الشعبية: لراشد عيسى
13. المرأة في المثل الشعبي: لمحمد سلام جميعان
14. من الشفق إلى الغسق في حياة البدوي: لعارف عواد الهلال
15. ولد ولا بنت: طقوس الولادة في حوران منتصف القرن العشرين: لهاشم غرايبة
16. مكتبة الفنون الشعبية وفيه استعراض لثلاثة كتب في التراث هي: القبة الحمراء (رواية شعبية) لعارف الهلال، والفلكلور الفلسطيني الأردني للمرحوم عمر الساريسي، وديوان نمر بن عدوان/ جمع وتحقيق عليان العدوان.
17. القانون والتراث الشعبي: لمحمد أبو حسان.
18. أصل الحضارة: نص شعري للشاعر النبطي
وقد تلقينا بيانات هذه المواد دون تحديد للأبواب التي تشملها، ويلاحظ أن المجلة قد استعانت بتصنيف اليونسكو للتراث اللامادي، بل أعلنت على الغلاف أنها دورية فصلية تعنى بالتراث الثقافي غير المادي، وتصدرها وزارة الثقافة في المملكة الأردنية الهاشمية. وقد يكون هذا التصنيف مجرد تحديد للموضوعات ومجالات النشر، أو تقسيم مرتبط بتبويب المجلة. إذ أن الباب الوحيد الواضح هنا هو باب «مكتبة الفنون الشعبية». كما لاحظنا أن العدد الجديد يحمل رقم16، وليس العدد رقم17 كما فهمنا من رسالة النوايسة. وفي جميع الأحوال نحن في انتظار الاحتفال بمولود جديد آخر، أو فلنقل إعادة إحياء لجهد توقف منذ ربع قرن تقريباً.

نظرة على «التراث الشعبي» العراقية:
عندما يرد إسم مجلة التراث الشعبي العراقية فإننا نستدعي على الفور تاريخا طويلا من الفكر والعمل الدؤوب على مدى نصف قرن بالتمام والكمال، إذ أن العدد الأول من هذه المجلة صدر عام 1963، مما يعني أن المجلة تعد للاحتفال بيوبيلها الذهبي. غير أن المجلة بدأت شهرية، ثم أصبحت الآن فصلية. وقد كتب رفعة عبد الرزاق في تعليق له «أن المجلة عُرفت منذ صدورها عام 1969 وليس عام 1963 كما ذُكر في صفحتها الأولى، فالمجلة التي صدرت عام 1963 ليس لها صلة بمجلتنا وإن حملت الإسم نفسه بانتظام صدورها، ولعل الأمر فني خارج عن إرادة القائمين على إصدارها». وإذا كنا نختلف مع هذا الرأي فإننا نؤكد على أن تعثر المجلة بعض الوقت أو تحولها من كونها شهرية إلى فصلية..إلخ. فإن هذا لا يحرمها حق العراقة والتاريخ المتصل. والمجلة في حالتها الراهنة مجلة فصلية تصدر عن دار الشؤون الثقافية في وزارة  الثقافة، ويترأس تحريرها قاسم خضير عباس.

غير أن المجلة كانت ملء السمع والبصر في عقودها الأولى حتى مطلع التسعينات عندما نشبت الحرب العراقية الكويتية، وكان توزيعها نشطا جداً في العواصم العربية. أما الآن فإن حدود نشرها داخل بغداد، ومعلوماتنا عنها تأتي عبر شبكة الإنترنيت. وقد صدر العدد الجديد من المجلة وهو العدد الأول لسنة 2013 وهو يحمل ملفا خاصا عن مدينة بغداد، وقد احتوى العدد مجموعة متميزة من الدراسات الأنثروبولوجية والتاريخية والشعبية بأقلام عدد مميز من الأساتذة المتخصصين في هذه المجالات. أما موضوعات المجلة فقد جاءت على النحو التالي:
1.    دراسة تحليلية للأمثال البغدادية: لنجاح هادي كبة
2.    رواسب لغوية دخيلة على العامية البغدادية: لقاسم خضير عباس
3.    ألفاظ بغدادية اختفت من التداول: لسمية العبيدي
4.    بغداد في مشاهدات رحالة فرنسية: لكاظم باجي وناس
5.    وسائل النقل في الكرادة الشرقية: لعباس فاضل السعدي
6.    مدينة الكاظمية المقدسة أيام زمان: لرفعت مرهون الصفار
7.    صور شاردة من بغداد القديمة: لفؤاد محمد الهاشمي
8.    السينما في بغداد: لناطق العلوي
9.    صفحات من تاريخ بغداد الفولكلوري والأدبي: لفخري حميد القصاب
10. أنا وبغداد: لشفيق مهدي
11. أغاني الأطفال في بغداد والبلاد العربية: لكاظم سعد الدين
12. أغنية المقام في المجتمع البغدادي: لمهيمن ابراهيم
13. من أعلام التراث الشعبي: أُلقي الضوء على باسم عبد الحميد حمودي وأهم مؤلفاته في مجال التراث الشعبي.
14. حكاية بغدادية «يادار دار»: كتابة داود سلوم
15. ومن مكتبة التراث الشعبي: عرض لكتاب «ولاية بغداد في كتاب جغرافية الممالك العثمانية» ترجمة محمود الحاج قاسم محمد ونُشر باللغة التركية، وفيه استعراض لجغرافية جميع  الولايات العثمانية ومنها ولايات العراق.
16. وفي باب آراء وتعليقات: كتب عبد الحميد الرشودي عن كتاب «الأيام والأخبار البغدادية تصحيحات وتعليقات»، الصادر عام 2012 لفؤاد طه الهاشمي.
وتشير موضوعات المجلة لتنوع في التناول وتحديد لملف بعينه يحتاج لمزيد من الضوء وهو ملف «بغداد» العاصمة التي ملأت العالم نوراً في التاريخ العربي والإسلامي. كما أن اهتمام المجلة بأعلام التراث الشعبي يدعم فكرة أرشيف أعلام التراث الشعبي العربي أيضاً، كما أشرنا في ملف المجلة السورية. كما أن باب مكتبة التراث الشعبي اختار أيضاً موضوعاً متسقاً مع الملف، وهو ما يبرز المنهج الموحد للقائمين على المجلة في اختيار الموضوعات.

عودة جديدة للمأثورات الشعبية القطرية:
أما مجلة المأثورات الشعبية القطرية فقد عاشت نفس التجربة المريرة التي عاشتها نظيراتها المصرية والأردنية، فالمجلة بدأت قوية ومنتظمة في النشر منذ صدور عددها الأول عام 1986، وبعد مرور عشرين عاماً وتحديداً في عام 2005 توقفت عن الصدور عند العدد 72، ثم عادت للحياة متواصلة بعد ست سنوات عام 2011 مع العدد 73. والمجلة فصلية علمية متخصصة تهتم بالتراث الشعبي العربي بصفة عامة وتراث دول الخليج العربية بصفة خاصة، ويرأس الهيئة الاستشارية للمجلة حمد بن عبد العزيز الكواري، ونائبه مبارك بن ناصر آل خليفة، على حين يرأس تحرير المجلة حمد المهندي، والإشراف العام لإبراهيم عبد الرحيم السيد، ومدير التحرير حسن سرور، وسكرتير التحرير بثينة نوري، ويقوم بالترجمة عبد الودود عمراني، وأخيراً الإخراج الفني لعصام غريب. وكانت المجلة في الماضي تصدر عن مركز التراث الشعبي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، غير أن المركز نفسه قد توقف أيضاً عام 2005، واستطاعت المجلة أن تعود، وبقيت الدعوات لأن ينهض المركز ويعود هو الآخر للحياة من جديد.

وقد وصلنا العددان رقم 80 أكتوبر2012، على حين طالعنا العدد 81 يناير 2013 من المواقع الإخبارية قبل أن يصل إلى أيدينا. وفي العدد رقم 80 يقدم أحمد مرسي مفتتحا بعنوان «أرشيف المأثورات ضرورة وطنية إنسانية»، وتتوالى الدراسات التي تبدأ ببحث لنوال المسيري بعنوان «ذاكرة الشعوب: المأثورات الشعبية (الفولكلور)، ثم تكتب ميري رحمة حول مناهج حصر التراث الثقافى غير المادى بالمغرب، ويتناول ابراهيم عبد الحافظ جمع أنواع الأدب الشعبي للأرشيف الرقمي. ثم تنتهي مجموعة الأبحاث بدراسة لعقيل بن ناجي المسكين بعنوان «مضمون فقد الأحبة في الهوسة الخوزستانية: قراءة في شعر الملا عباس الملا غانم المشعلي. وفي باب التقارير يكتب محمد علي عبدالله عن سوق واقف سحر التراث و أصالته، كما يكتب هيثم يونس عن المأثورات الشعبية: صون المادة وسد الفجوة الرقمية. وفي باب متابعات يقدم علي فوزي الفنان جاسم زينى وتوظيف التراث الشعبي في لوحات فنية، وفي الباب نفسه فعاليات معرض «مال لوَّل» بعنوان الماضي يبعث من جديد. وفي باب الأرشيف مقال حول الأمثال الشعبية في قطر جمع و تدوين حسن المهندي. وفي عروض الكتب تعرض آمال القطاطي لكتاب المجامر القديمة في تيماء لمحمد بن معاضة بن معيوف. وقد أُرفق هذا العدد بكتاب هدية بعنوان «دراسات في الأدب الشعبي العربي» من تأليف مجموعة من الباحثين المتخصصين في التراث بالعالم العربي، وهو مجموعة من الدراسات التي قُدمت لندوة الأدب الشعبي التي احتضنها في ثمانينيات القرن الماضي عام 1984 مركز التراث الشعبي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي تحدثنا عنه منذ قليل.

أما العدد رقم 81 من المجلة فيُستهل بمفتتح لأحمد مرسي حول الملكية الفكرية والمأثورات الشعبية، كما يناقش هاني هياجنه مجموعة من المفاهيم الأساسية في مجال تطبيق اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي التي أعلنتها اليونسكو عام 2003 على الصعيد الوطني. ثم يتناول سميح شعلان قضية الموضوع في المأثورات الشعبية من خلال بحثه في الصيغة المثلى للجمع الميداني والتوثيق لإنشاء المراصد الثقافية الشعبية. كما يعرض العدد أيضاً لفعاليات ورشة العمل حول تحديات بناء القدرات في مجال التراث غير المادي في الدول العربية بمناسبة مرور عشر سنوات على إعلان اتفاقية 2013. وفي باب التقارير يقدم إسماعيل الفحيل عرضاً حول إدراج التغرودة «الشعر البدوي التقليدي المُغنى» على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو: تجربة في دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان. كما يشمل العدد دراسة لفاروق أوهان حول دور مسرح خيال الظل السياسي والاجتماعي في المجتمع العربي. ويقدم محمد سعيد محمد دراسة ميدانية لنماذج من الحرف اليدوية التي تعتمد على النخلة في جنوب ليبيا. كما يقدم محمد رجب السامرائي دراسة توثيقية لصور الأدب الشعبي في المصادر العربية. وتشمل المجلة أيضاً توثيقاً لبعض النصوص الشعبية من خلال حكاية شعبية قطرية تقدمها ليلى بدر. وفي باب عرض الكتب إطلالة لبثينة نوري على كتاب «البدو بعيون غربية» لعمار السنجري، على حين اشتمل الملف المصور على «البشت» كلباس تقليدي رجالي. وفي القسم الإنجليزي ترجمة لدراسة عبد العزيز رفعت حول خصائص ألعاب الأطفال الشعبية القطرية  والمنشورة في العدد 77 من المجلة. وقدمت المجلة في هذا العدد أيضاً كتابا هدية بعنوان «المأثورات الشعبية: جمع ودراسة العادات والتقاليد والمعارف الشعبية احتوى مجموعة من الدراسات العلمية لمجوعة من الباحثين قُدمت بندوة العادات والتقاليد التي احتضنها في ثمانينيات القرن الماضي مركز التراث الشعبي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

مجلة تراث الإماراتية الشهرية:
هذه المجلة موجهة في المقام الأول للجمهور العام، وحافلة بجميع المقومات المرتبطة بالجمهور من مقالات وحوارات وتحقيقات وملفات صحفية وقضايا الرأي والأخبار..إلخ. غير أننا نرى أنها تحوي مادة فولكلورية أصيلة تهم المجتمع العربي، ويكاد يلتصق مسمى شعبي بكلمة تراث. فعنوان المجلة «تراث» متبوع بعبارة «تراثية ثقافية منوعة»، وهو توصيف دقيق من القائمين عليها. والمجلة تصدر عن مركز زايد للدراسات والبحوث، ونادي تراث الإمارات (أبوظبي). ويشرف عليها راشد أحمد المزروعي، ويدير التحرير وليد علاء الدين، على حين يتولى محمد سعد النمر سكرتارية التحرير. أما هيئة تحرير المجلة فتتكون من: شمسة حمد الظاهري، وفاطمة نايع المنصوري، وموزة عويص الدرعي، وناجية الكتبي. والإخراج والتنفيذ لناصر بخيت. وتتميز المجلة بانتشارها العربي الواسع وانتظام صدورها، ومن ثم نذكر هنا أحمد عباس مسؤول التوزيع. والعدد الذي نعرض له هو العدد رقم 166 الذي صدر في أغسطس الماضي. وهذا العدد تحديداً تحتفل فيه المجلة بصدورها في ثوب جديد من حيث الشكل والمضمون. وتبدأ ببانوراما تراث حيث تلقي الضوء على بعض الأحداث التراثية العربية الجارية، والفعاليات الثقافية للمؤتمرات والندوات والمهرجانات والأمسيات الشعرية. إذ نجد عناوين مثل: أسوان تحافظ على موروثها الثقافي – ختام فعاليات مهرجان ليوا للرطب - أرشيف ألكتروني لتراث رئيس مصر المنسي – تراث الحرير اللبناني يستضيف مهرجان بعلبك 2013 – الدويك يوثق تراث المقاومة الفلسطينية – جبل ياباني في قائمة التراث العالمي. وفي باب تراث الشهر عرض للمهرجان الرمضاني الثامن الذي اختُتم فعالياته في أبو ظبي، وعرض آخر لنشاط نادي تراث الإمارات الذي اختُتم فعاليات مهرجان السمحة الرمضاني الأول، ثم عرض لملتقي السمالية الصيفي.

وتبدأ ملفات العدد بباب «وجه في المرآة» بعنوان «الوالد والقائد والبناء الأكبر» عن شخصية ومكانة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي تولى الحكم في إمارة أبو ظبي في 16 أغسطس 1966 وتوفي 2 نوفمبر 2004. ثم كتب سرور خليفة الكعبي حول رمضان تراث الأمس واليوم. أما ملف العدد فكان بعنوان «شقائق الرجال» شارك فيه عدد من الكتاب، حيث تناول خلف أحمد أبوزيد بصمات نسائية على العمارة الإسلامية، ثم طارق عباس عن المرأة العربية عالمة وباحثة باقتدار، أما سحر الموجي فقد كتبت عن المرأة من خلال فهمها للأسطورة ودورها في تجسيد حياة البشر فكان مقالها بعنوان «من بروميثيوس إلى حتحور». وفي ملف المرأة أيضاً يكتب خلف أبوزيد عن صالونات النساء الثقافية التي عرفتها العربيات قبل الأوربيات بقرون. وفي باب أوراق ثقافية تتساءل فاطمة المزروعي: لماذا يرفضون التاريخ الشفهي؟ لتجيب بأن شعوب العالم قد تلقت وجودها عبر الحكي والمشافهة، وإلا كيف انتقلت الإلياذة والإوديسة في الحضارة اليونانية. وعودة للمرأة حيث يكتب صلاح الشهاوي عن المرأة القرينة وابنة العم والصاحبة من خلال مكانتها في الحياة واللغة والتراث. وفي باب «سيمياء» نجد موضوعاً آخر حول الأساطير تكتبه عائشة الدرمكي بعنوان: الشعوب بدون أساطير.. تموت من البرد» عن الفكر الأسطوري الميتافيزيقي الذي يمثله المعتقد الشعبي، وتشير إلى أن جمع وتدوين المعتقدات الشعبية التي انقرضت أو كادت من المجتمعات ضرورة حضارية وثقافية. ثم يعود ملف المرأة من جديد باستطلاع قامت به نادية الكتبي عن «متحف المرأة في دبي» حيث توثيق حضارة الإمارات عبر تاريخ نسائها الرائدات.

وتتتابع مواد المجلة لنطالع تحقيقاً أعده أحمد الطيار حول إشكالية «التراث الحكائي العربي» وهل يصلح كذخيرة من المفاهيم والقيم والمحددات الثقافية والبيئية، سلاحاً في مواجهة سلبيات العولمة؟. وفي «نافذة على التراث» يكتب أيمن بكر حول الأمثال كفرجة للتأمل العميق. وعن أحد شعراء قبائل جزر أبو ظبي، محمد بن خليفة بن ثايب الراشدي الرميثي (1875 – 1942م) يعرض لنا راشد المزروعي عن حياته وعائلته، وأغراضه الشعرية وعدد من قصائده.

وفي باب «الوراق» وفي مقال بعنوان «هل تدع الإبل الحنين» يعرض مقداد رحيم  لإشكالية الشعر، والمشروع والمرفوض منه، متتبعاً ماورد من روايات في بعض الكتب العمدة، وما روي عن النبي (صلعم) والخلفاء الراشدين والصحابة. ثم يدير خالد بيومي حوارا مع المفكر والمؤرخ وعالم الفولكلور قاسم عبده قاسم الذي يقول أن التاريخ لايدخل بيت الطاعة ولاينتمي للماضي، ولايمكن استعادته مرة أخرى، لأن اثنين من مكوناته الرئيسية متغيران، هما الزمن والإنسان، والمكون الثالث وهو الجغرافيا يتميز بالثبات النسبي. وللحديث بقية مع وليد علاء الدين بعنوان «فراعنة وبربر» يحكي لنا حواره كمصري مع سائق تاكسي جزائري في أول يوم وصول له مع زوجته وابنه إلى الجزائر، حول العروبة والهوية. ثم يقدم جورج فهيم عرضاً لكتاب «يوميات صياد في غابات السودان» لمؤلفه جاد الله طانيوس. ثم يكتب سعيد يقطين عن الشعب، المجتمع، الوطن، وفي باب «قضايا وآراء» يشرح محمد السيد عيد كيف بدأت قصة التكفير في التاريخ الإسلامى. وفي نفس الباب كتب محمد فتحي يونس عن «السيف المقدس» كوسيلة للاستغلال السياسي للدين في التاريخ. ثم تتساءل سمر حمود الشيشكلي هل ثقافة الفقر تهدد بانسلاخ العرب عن قيمهم التقليدية؟. وفي باب «فنون» يكتب عبد الحق ميفراني وأحمد الفطناسي عن «مملكة الأقنعة» التي تكشف جزءاً مهماً من ثقافة أفريقيا وتراثها الفني. كما يشرح علاء الجابري أحد مصطلحات التراث «التضمين..المجد للسياق. ثم يقدم عبد الجليل السعد الفنون التشكيلية في الإمارات التي حفظت التراث الشعبي من الانقراض.

وفي باب «سوق الكتب» تعرض نادية بلكريش لكتاب «التشكيل والمعني في الخطاب السردي» لأحمد صبرة ومعجب العدواني، والكتاب تعريف بالحالة الراهنة للدراسات السردية في العالم العربي، من خلال 20 بحثاً لنخبة من الباحثين يمثلون مختلف البلدان العربية. ثم عرض لكتاب مسامير الذاكرة لعبد الفتاح صبري، وعرض آخر لموسوعة «قبائل سبيع الغلبا» للشيخ منصور بن ناصر النابتي المشعبي السبيعي. وتحت عنوان «اللغة المخلوطة» يتناول حسن علي البطران المخاطر التي تتعرض لها اللغة العربية، حيث يعتبر ذلك تخطيطا غير مباشر لتهميش لغتنا ومسح هويتنا العربية. ثم يعرض محمد عويس لفعاليات المؤتمر العلمي الأول لأطلس المأثورات الشعبية المصري بمناسبة مرور عشرين عاماً على نشأته. وتختتم المجلة عددها بما كتبته صفاء البيلي تحت شعار ماضينا التليد في عهد جديد «ليبيا تستعيد هويتها المفتقدة  بإقامة فعاليات «مهرجان شحات الأول للألعاب الشعبية» حيث سعت لإحياء جزء عظيم من ماضي وتاريخ الأجداد.

أما كتاب العدد الذي يوزع كهدية مع المجلة فهو الكتاب رقم 19 بعنوان: «صيد الصقور في الحضارة العربية» لمحمد رجب السامرائي. والكتاب يقع في 200 صفحة من القطع المتوسط نُشر بنادي تراث الإمارات في طبعته الأولى عام 2013 ويقع في مقدمة وأربعة فصول، تناول المؤلف في الفصل الأول موضوع الصيد في القرآن الكريم والأحاديث وأيضاً في معاجم اللغة العربية، وفي الفصل الثاني تحدث عن الصيد في ذاكرة التاريخ سواء التاريخ القديم أو عند العرب، أما الفصل الثالث فقد أفرده المؤلف للصيد عند العرب فتناول الصيد بين الجاحظ والدميري، ثم الصيد بالجوارح في جمهرة الأمثال للعسكري، ثم حكايات تراثية عن هواة الصيد بالطيور الجوارح. والفصل الأخير خصصه المؤلف لصيد الصقور عربياً، حيث تحدث عن صيد الصقور في الإمارات، والسعودية، وقطر، والعراق، وتونس.

عدد جديد من مجلة الفنون الشعبية المصرية:
ونختتم هذا الملف بعرض للمجلة الأكثر عراقة وثباتاً في الصدور نسبة إلى نظيراتها العربية، وهي مجلة «الفنون الشعبية المصرية»، وهي مجلة فصلية تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بالاشتراك مع الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية. وقد أسس المجلة ورأس تحريرها في يناير عام 1965 المرحوم الدكتور عبد الحميد يونس. ويرأس تحريرها الآن أحمد مرسي ويدير تحريرها هالة نمر. وسكرتيرا التحرير دعاء مصطفى كامل وعلي سيد علي، والمشرف الفني محمد أباظة. ونعرض هنا للعدد الجديد الذي وصلنا من المجلة، والذي يحمل رقم 92/93 (يناير2012- يناير2013).  وهذا العدد يطالعنا بملف حول الواحات المصرية، بدأته علية حسين بدراسة حول التراث الثقافي والتماسك الاجتماعي في الواحات البحرية المصرية، على حين قدم كل من حمدي سليمان وسيد الوكيل دراسة ميدانية عن أصل سكان الواحات البحرية قاما بها عام 2009. أما أحمد بدر فقد كتب حول التحولات الاجتماعية والثقافية في واحة الداخلة بالوادي الجديد من خلال التعرف على الحياة الأسرية للجماعة الشعبية هناك. ثم عرض خطري عرابي لدراسة أنثروبولوجية لصور من المعارف الشعبية في الواحات البحرية. وقدمت سونيا ولي الدين دراسة تحليلية تشكيلية من خلال مقالها «إبداع في ظلال الواحة». كما بحثت سحر أحمد منصور في الوحدات الزخرفية في الواحات واستخدامها في أعمال فنية. على حين ترجمت هالة نمر دراسة و.ج. هاردينج كينج حول عادات ومعتقدات وأغان من الواحات الغربية قدمها وراجعها عبد الحميد حواس.

وفي إطار اهتمام المجلة العربي والإفريقي بموضوعات التراث الشعبي قدم فؤاد عكود دراسة عن عادات الزواج والحمل والولادة عند سكان السودان، كما قدمت عزة عبد الخالق دراسة عن الصناعات التقليدية فى دولة مالى الحديثة. وتُختتم الدراسات ببحث حول الحرف في الأمثال الشعبية المصرية جمع وتقديم ودراسة لإبراهيم شعلان. وفي إطار الاحتفاء بأعلام التراث الشعبي كتب نبيل فرج عن الفنان التشكيلى الراحل سعد الخادم بمناسبة مرور ربع قرن على رحيله. وفي باب مكتبة التراث الشعبي قدم محمد رياض عرضاً لموسوعة التراث الشعبي التي أشرف عليها محمد الجوهري، والتي صدرت عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في ستة مجلدات هي: علم الفولكلور والمفاهيم والنظريات والمناهج- المعتقدات والمعارف الشعبية- العادات والتقاليد الشعبية- الفنون الشعبية- الأدب الشعبي- الثقافة المادية. كما اشتمل الباب عرضاً قدمه صبري عبد الحفيظ لكتاب الاحتفالات الدينية والأسرية: الهوية المصرية تقاوم الانقراض تأليف شوقي عبد القوي حبيب.

وفي باب النصوص الشعبية قدم فارس خضر نصوصاً من أشعار الدينارية التي تؤرخ لحياة جماعة شعبية بقرية القصر في واحة الداخلة. كما قام طارق فراج بتقديم جمع وتدوين لأغاني الأفراح في واحة الداخلة. وفي الختام قدم محمد مبروك ترجمة لحكايات شعبية من البرتغال.

رؤية حول دوريات الفولكلور:
وفي ختام هذه الجولة للدوريات المهتمة بالتراث الشعبي العربي لنا عدة ملاحظات من المهم تسجيلها. الملاحظة الأولى أن هذه الدوريات لا تتمتع بنصيب وافر من النشر والتوزيع العربي، بل إن هناك بعض الدوريات ربما يسمع بها القارئ لأول مرة. ومن ثم فإن القائمين عليها مطالبون ببذل مزيد من الجهد حتى يصل جهدهم للعواصم العربية. إذ يكفينا البطء الشديد في حركة نشر الكتب وتداولها العربي، ومن ثم فإن تيسير وصول دوريات التراث الشعبي العربي ربما يسهم في ربط الصلات بين المتخصصين والمبدعين العرب والتواصل بينهم.

ونحن إذ نعرض لهذا الملف فإننا نعلم أن هناك دوريات أخرى مهتمة أو متخصصة في التراث الشعبي غير أننا لم نستطع الوصول إليها، كمجلة «الراوي» ومجلة «تراثنا» اللتين تصدران عن إدارة التراث بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة. إذ نحصل عليهما عادة إذا تصادف وكنا في الشارقة في إحدى فعالياتها المهمة التي يشرف عليها الباحث والمبدع عبد العزيز المسلم. وكذا مجلة التراث المعنوي، وهي أول دورية ألكترونية في هذا المجال، والمجلة إصدار شهري كانت تصدر عن هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث بإدارة التراث المعنوي. وقد توقفت لسبب لا نعلمه ربما يتعلق الأمر بإعادة ترتيب الهيئة الإداري. كما أن هناك مجلة «تراث الشعب» الليبية التي لا ندري هل  لا زالت تصدر حتى الآن أم لا؟. وكذا الحال بالنسبة لمجلة «وازا» السودانية، ومجلة «الحداثة» اللبنانية المتخصصة في التراث الشعبي. ومؤكد أن هناك دوريات تراث شعبي أخرى تصدر ولا نعلم عنها شيئاً.

أما الملحوظة الثانية فتتعلق بدعوة الدوريات العربية المهتمة بالتراث الشعبي لتبني فكرة توثيق أعلام التراث الشعبي في كل بلد كنواة لعمل قاعدة بيانات لهم، حتى يتسنى لنا التواصل معاً وتبادل الخبرات. وقد لاحظنا أن جميع الدوريات العربية تتفق ضمنياً في نقطة مهمة وهي عدم الاقتصار على النشر الوطني فقط بل جميع الدوريات تقريباً تدعو الكتاب العرب للمشاركة، ومن ثم هي فرصة لكي يعرف بعضنا البعض من خلال باب متخصص حول أعلام التراث الشعبي العربي.

أما الملاحظة الثالثة والأخيرة فتتعلق بالترجمة، إذ لا تهتم معظم الدوريات بتخصيص باب لترجمة ملخصة لمحتويات العدد، وقد كانت بعض الدوريات تهتم بهذا الشأن وتوقفت عن ذلك كمجلة الفنون الشعبية المصرية. ونحن بحاجة لكي نقدم تراثنا للآخر. بل إنني أدعو المتخصصين في المجال إلى إعداد مشروع لدورية عربية متخصصة في التراث الشعبي العربي تصدر بالإنجليزية، وهي خطوة أتصور أنها ستكون علامة في تعرف الغرب بثقافتنا الشعبية الأصيلة.

أعداد المجلة