فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
61

صورة الغلاف

العدد 7 - لوحة الغلاف
صورة الغلاف

صناعة السفن من أقدم الصناعات التقليدية في البحرين، عرفها الإنسان منذ أقدم الأزمان لتكون أداته لارتياد البحر والوصول إلى أبعد الآفاق. وقد ظهرت أقدم نماذج سفن أهل البحرين على تصاوير الأختام الدلمونية والمنحوتات الحجرية التي يقدر عمرها بأكثر من 2000 سنة قبل الميلاد. صنعها الإنسان من جريد النخيل ومن أنواع مختلفة من الأخشاب مستخدما في البداية الخيوط والحبال لشد هذه الأخشاب إلى بعضها، ومن بعد ذلك استخدم المسامير والوصلات المعدنية وعني بطلاء خارج هذه السفن بمزيج من زيوت الأسماك ومواد عازلة أخرى.

ومع تطور هذه الصناعة، ومن خلال التجارب والأسفار، اكتشف الصناع نوعا من الأخشاب الصلبة الكثيفة المسام والمقاومة لتسرب الماء يطلق عليه محليا الـ (ساج) وهو من أقوى الأخشاب التي تجلب من غابات الهند وأجودها على الإطلاق ما يصدر من مدينة كولكاتا. كان للصناع البحرينيين المهرة شهرة عريقة في المنطقة وكانت ورش الصناعة تنشأ على سواحل البحرين ودول الخليج وتضم عددا كبيرا من أساتذة هذه المهنة ومساعديهم وعمالهم. ومن أضخم السفن التي بنيت قديما في البحرين لحساب أحد الممولين الخليجيين سميت (أم الحنايا) وارتبطت بها أغنية شعبية معروفة مطلعها:

أم الحنايا جدفوها على السيف . . كلها صبيان تجر المجاديف

وهي من الأغاني الشعبية التي يرددها الأطفال عادة على ظهر السفينة عند إتمام صناعتها وجرها إلى البحر في احتفال شعبي كبير.

ومع انتهاء مرحلة الغوص على اللؤلؤ وتطور وسيلة السفر بالجو ودخول مادة الـ (الفيبرجلاس) ذات الخواص الأسهل والأخف وزنا والأرخص كلفة إلى صناعة القوارب واليخوت تراجع الطلب على صناعة السفن الخشبية التقليدية في الخليج العربي، وانصرف الصناع إلى موارد رزق أخرى، ولم تبق الآن في البحرين إلا ورشة تقليدية أخيرة تنشئ سفينة كبيرة من نوع (سنبوق) على أحد سواحل المحرق ضمن مشروع لبناء ثلاث سفن خشبية بالطرق التقليدية المتوارثة لمحافظة المحرق وبتمويل من الديوان الملكي، وتقوم (الثقافة الشعبية) بتوثيق مراحل إنشاء هذه السفن الثلاث.

يفيد الصانع البحريني الأستاذ محمد علي إسماعيل الذي يتولى هندسة وتنفيذ السفينة بأن طول قاعدة الـ (سنبوق) يبلغ 40 ذراعا ويسع حمولة حوالي 100 طنا بالإضافة إلى 200 راكبا، وقدر مساعده الأستاذ وحيد راشد الدوسري آلات الدفع التي ستستخدم لتسييره بقوة 500 حصان، بدئ العمل بإنشائه في يناير 2009 ويتوقع إنجازه في فبراير من العام القادم.   

وفي هذا العدد توثيق لمراحل صناعة السفن التقليدية مع نبذة عن حياة أحد أشهر الأساتذة البحرينيين الراحلين المشهود لهم بالكفاءة والخبرة بهذه الصناعة الذاهبة إلى التلاشي والاندثار.

 

أعداد المجلة