فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
61

بخمار عروس وادي ريغ بين المعتقد والممارسة

العدد 61 - عادات وتقاليد
بخمار عروس وادي ريغ  بين المعتقد والممارسة
كاتب من الجزائر

 

مقدمة:

يقال إنّ الكائنات الحيّة ترث بيئاتها بقدر ما تَرِث الجينوم  الخاص بنوعها وتُولد مهيأةً للحياة في هذه البيئة، كذلك البشر مهيؤون للعمل في بيئة اجتماعية من نوع خاص هي بيئة ثقافية متطورة تاريخيا بفضل عمليات التكيّف الاجتماعي المضطردة، ويُولد البشر ولديهم قدرة بيولوجية تمكّنهم من الحياة، حياة ثقافية ملتزمة بالثقافة.

ويرى «توماس سيللو« أنّ الثقافة مصنوع فني اجتماعي أو أداة متطورة تتعدّل في تفاعلها مع وظيفتها الاجتماعية المتطورة والتي نشأت اجتماعياً لأدائها، وهي تُشير إلى مواقف التواصل الاجتماعي التي صمّمت لتمثيلها.

مُنحت وظيفة هامة للفلكلور وهي تأصيل القيم كما تتصوّرها البيئة الثقافية وتبرير طقوس الجماعة وممارستها، فالممارسات والمعتقدات والعادات والأفكار هي الحقائق التي تُكّون الموروثات الثقافية والتي لا زالت مستمرة بحكم العادة، ومنه جاء الاهتمام باللباس التقليدي وهو البخمار من التراث الجزائري تختص به عروس وادي ريغ.

لمحة عن تاريخ المنطقة:

«سكنت بوادي ريغ قبائل وأجناس مختلفة تعاقبت عليه وتركت بصماتها فيه، وقد تداخلت الأنساب والأصول وجمعت بين المقيمين ظروف الحياة ووحدتها مميزات وتقاليد اجتماعية واحدة، وبهذا التمايز والاختلاط في المقام والسكن والمصاهرة يصعب التمييز بين الأصول والأنساب، وقد تجلّت أصول السكان قديماً وحديثاً في ثلاث عناصر أساسية تولّد عنها عنصر رابع مع مرور الزمن واختلاط الأنساب بحكم التعايش، انصهر الجميع في تركيبة بشرية واحدة تجمع سكان وادي ريغ بعباداتهم وتقاليدهم وطبيعة حياتهم»1.

تشغل منطقة وادي ريغ الجهة الشمالية الشرقية من الصحراء الجزائرية على مسافة 600 كلم جنوب شرق عاصمة البلاد الجزائر، والمنطقة عبارة عن منخفض يبدأ من منحدر أم الطيور، وبالضبط من عين الصفراء على بُعد 80 كلم من بلاد الزاب إلى بلدة ڤوڤ على مسافة 30 كلم جنوب تڤرت ليمتد بذلك على مسافة من الشمال إلى الجنوب قدرت بحوالي 160 كلم وامتداد أفقي (عرض) ما بين 30 و40 كلم2، لتضمّ بذلك ساحة تقدر بحوالي 12000كلم2، يحدّه من الشمال بلاد الزاب، ومن الجنوب وادي ميّة، وكذا الجهة الشرقية وادي سوف ومن الغرب منطقة الحجيرة، وهو بذلك يقع ما بين خطي طول 32 ° و54 ° شرق خط غرينتش، وخط عرض 34 ° و09 ° شمال خط الاستواء2. 

إنّ سكان الصحراء الجزائرية بصفة عامّة وإقليم وادي ريغ بصفة خاصة كأغلبية سكان بلاد المغرب، ينحدرون من أصول ثلاثة هي: الأمازيغ، البربر، والزنوج، وقد تمّ بين هؤلاء السكان عبر التاريخ نوع من الاختلاط فانصهرت هذه العناصر في بوتقة واحدة وكوّنت بذلك أهالي الصحراء الجزائرية ضمن مجتمع متجانس له نفس العادات والتقاليد. 

مكانة المرأة في وادي ريغ قديماً: 

قديماً لم تكن للمرأة السلطة في اتخاذ القرارات المتعلقة بمصيرها، مثلاً في اختيار شريك حياتها.تقول إحدى المبحوثات: «الطفلة إذا لحقت تسع سنين يزوجوها ما يخلّوهاش والرجل على الأغلب يكون فايتها بخمس سنين لفوق ومفهوم الشرف في هاذاك الوقت هو أنو ما تجيبلهمش العيب مع نسيبها. (نسيبها هنا بمعنى والد زوجها) وما تهدرلهمش مهما دار فيها. وإذا رجعت لدار بوها غضبانة يضربها ويرجعها بسيف، هذا هو اللي حاسبينو شرف لأنو كاين بنات تزوجو ومازال ما بلغوش بلغو عند نسابهم؛ تلقيها معرسا وتلعب في الماري والكعاب». إنّ المكانة الاجتماعية التي تحتلها المرأة داخل الجماعة، ترتبط ارتباطا وثيقا بالتغيرات التي يعيشها جسدها، منذ الولادة إلى البلوغ ثم خلال فترة الخصوبة إلى مرحلة انقطاع الطمث؛ محطات بيولوجية بالغة الأهمية لرصد معالم البناء الثقافي للجسد الأنثوي ومن خلاله لحياة المرأة»3. تقول أيضا: كانت المرأة تساهم في الأعمال المنزلية، وتخرج إلى برك الماء لغسيل الثياب بالطين، يدسنها بالأرجل، ويجمعن الحطب أيضا. عندما يقترب مجيء الزوج تتهيأ الزوجة لاستقباله؛ تكحل عينيها بالكحل الطبيعي وتغسل أسنانها بالفحم وتمضغ السواك وتُبَخِّر البيت. أما الأكل كانوا يأكلون جماعة، الرجال في مجموعة والنساء في مجموعة، كان الأكل قليلا في ذلك الوقت، يقتصر على بعض التمر وحليب الماعز، وأحيانا الكسكسي، وكانت المرأة التي ترضع طفلها، إذا أرادت أن تستحوذ على الأكل كانت تضع ابنها في حجرها وتصوبه نحو الصحن ليبول فيه، بهذه الطريقة يتركن لها الأكل لتأكله لوحدها؛ لأن الأكل آنذاك كان قليلا. وكان لما يتوفى أحد، تجتمع النسوة ويتوجهن نحو قبة اسمها «عيسانة» يندبن وجوههن بأظافرهن ويطلونه بالفحم ، تقول أيضا: «كاين اللي تحلق شعرها» إذا كان الميت من الأقارب ولا يرجعن حتى يخيم الليل عليهن.كما كانت الفتيات هنّ المسؤولات عن أخذ الغذاء إلى المزارع المسماة في ذلك الوقت الغابة، بينما العجائز كن يطحن الحبوب والذرى وبعض الأعشاب والمستخلصات الأخرى، وأخريات كنّ ينسجن ويغزلن وكن يعشن في مجموعات يعني أعراشا. عندما يُغادر الرجل المنزل تعود السلطة بيد العجوز الكبرى. المرأة العجوز في القديم كانت تهتم بنفسها أكثر من زوجات الابن، لأنها كانت تتميّز بنوع من السلطة، بدليل أنها كانت تستعمل مادة الشمّة وكانت تسكر أيضا بشراب «اللاڤمي». أمّا النساء «الكناين» يقمن بأعمال المنزل كتحضير الطعام وكنس البيت وتربية الأطفال.

كانوا يستقبلون شهر رمضان بالطهارة ويقولون؛ «نڤرشو». في آخر أيام شهر شعبان، يمضغون اللبان ويضعون السواك والكحل والحنة ويقومون بطهي «الشخشوخة والحبات» ويقولوا «نڤرشو رمضان جانا» وإذا صادف أن تزوج أحد في آخر شعبان ولم يتسن لهم «يڤرشو» يقولون هذا المثل:«هذا عرسك يا لعروسة جانا في رمضان ما كحلنا ما سوكنا ما كلينا لبان». 

يقول الأستاذ «حسيني أحمد»: «في السابق في عهد البرابرة كان بنو ريغة يعيشون في الغابات وكانت المرأة تعمل جنباً إلى جنب مع الرجل في العمل الفلاحي، وإذا توفي زوجها كانت تخلفه في فلاحة الأرض وتُساعده في تنظيف النخل وتلقيحه وفي جني التمور وسقي المزروعات والنخيل لأنّهم، كانوا يعيشون في الغابات ثم تقدّموا قليلاً لما جاء سلطان وادي ريغ «سيدي محمد بن يحيى الإدريسي». انسحبوا من الغابات وسكنوا في البيوت كما نُشاهد الآن على مستوى وادي ريغ. كانت هناك بعض العشائر الوافدة كانت لا تحترم المرأة كما ينص عليه الشرع والدين ولكن أبناء وادي ريغ الأصليين كانوا يحترمون المرأة أكثر ممّا يحترمون أنفسهم».

لباس المرأة آنذاك كان عبارة عن لحافة تخلل من الأكتاف وتحزم من الخصر. وتختلف ربطة الحزام من امرأة شابة إلى امرأة متزوجة إلى المرأة العجوز، وفولارة ذات ألوان زاهية يغطى بها الشعر، تسمى المحرمة، العجائز يضفن «البخنوﭪ». أما الأحذية كانت من جلود الحيوانات ،يصنعها الملاخ(الإسكافي) وهو بدوره يتفنن في صنعها وزركشتها.

«تحدث عنها العدواني في تاريخه كعنصر صالح يصلح ذات البين كما فعلت زينب بنت تندلة، حيث تدخلت وأوصت بالصلح بين عدوان وطرود وآخت بينهم، كما تحدّث عن دور المرأة في الحروب القبلية؛ إذ كانت تقوم بالحراسة عند تعب الرجال وكانت تُحمِّس الرّجال للحرب، وتدفعهم إلى المزيد من البذل من أجل الشرف والعرض، مع ذكر العار الذي يلحق الأولاد والقبيلة إذا وقعت الهزيمة، وهناك قصة الجازية الهلالية والأبكار اللائي كنّ في مرافقتها ودورها في الحب والحرب وأخلاقيات الفروسية. بالإضافة إلى العديد من الحالات الأخرى التي ذكرت فيها النسوة كزوجات وأمّهات، منهنّ زوجة الشيخ البكري وزوجة العدواني نفسه وزوجة الهادف ونساء أخريات»4.

1)    المرأة ومواد التجميل:

كانت النسوة في وادي ريغ قديما يعتمدن في الاعتناء وتزيين أجسادهنّ بمواد طبيعية، مثلاً في الاعتناء بالشعر، كن يستعملن ما يسمى بـ«التلطيخة» بالطّين الطّبيعي ويتم غسله في مجاري مياه الغابة أو البرك المائية. وكنّ يضعن في قارورة زيت الزيتون الطبيعي مع حبات القرنفل والبخور لتطييب الشعر وتطويله، ويستعملن أيضا خلطة «المردوسة» التي تزيد من اسوداد الشعر وتمليسه، ويتعطرن بمادة سائلة تسمى «العطرية»5. كانت العجائز يقمن بتقسيم الشعر إلى أربعة أقسام ويظفرنه، ثم يضعن منديلا كبيرا يسمى «البخنوق» ويلف الرأس بـ«محرمة»6، تكون زاهية المنظر والبخنوق كان يُطرز بأشكال جميلة. أمّا النساء يقسمن شعرهنّ إلى قسمين مع ترك «القُصَة» الأمامية ويظفر الشعر سوالف تدور على الجهة وتدخل من جهة الأذن، وفي النهاية تُوضع سفائف أو شريط من حرير، و«القُصَة» تزيّن في الغالب بالذهب تكون فيه لويزة أو اثنين. وتُزيّن الرقبة بـ«السخاب»7 وهو مصنوع يدويا ويسمى أيضا «المحابيب» مكونه الأساسي هو العنبر، وقد تمّ استعماله في الماضي لصنع القلادات أو «سخاب».

يستعمل «السخاب» للعروس بالخصوص، لأنّه يحتوي على اللويز من الذهب وتلبس أيضا الخلاخل من الذهب أو الفضة وتتعطر بريحة خضراء والطلية والعطرية و«المدّا»8. تقول إحدى المبحوثات إنّ «الحنة والمدّا مكياج عرب وزينة الأجداد، هما يجلبان الشهوة معاً».

تقول إحدى المبحوثات: «راجلي يحبني لما نكون بالحنة،هو شارطها عليا تزيد النص في المرا، ثانيك البخور والمدّا»؛ أي أنّ رائحة البخور تجعل الرجال أكثر رغبةً للجنس. وتقول: «يزيد الرومانسية ويحلّي الجوّ تقريباً». وهذا ما يجعلنا نؤكد على مدى الترابط بين الرّوائح والعطور والرغبة الجنسية لدى الرجل، بحيث يمكن تصنيفها داخل العلاقات الزوجية سيميائيا كعلامة شمية، وهو ما يجعلنا نستنتج أن حضور الرّائحة الزكية، هو حضور جسدي بالأساس، إذ يستحيل الجسد الأنثوي المعطر في العش الزوجي ذا وظيفة مزدوجة، فهو يمارس الوظيفة الجمالية والجنسية في آن.

بالفعل قد تأكد لنا ذلك خلال دراستنا الميدانية حيث لاحظنا أنّ  المرأة تحرص على تبخير غرفة نومها يوميا وهو ما يؤكد أنّ هذه العادة، عادة البخور «مترسبة في نفسيات الأفراد منذ عصور ما قبل التاريخ، لأن الوثنيين كانو يحرقون البخور لآلهتهم ومعبوداتهم، تذرعا لها في تحقيق مقاصدهم»9. بالإضافة إلى ما للبخور والحناء علاقة بالسحر، لأنهما قد يستعملان أيضا لتحقيق أغراض طبية ،كما يمكن استعمالهما لأغراض شريرة مضرة بالبشر وهو ما يعطي للبخور أيضا روائح كريهة جدا. إنّ ما تقدم من أمثلة ميدانية وما وقع من إشارة إلى أبعادها، ثقافية، أنثروبولوجية وجمالية وكذلك أسطورية، وما تخفيه من تحقيق لرغبات جنسية بالأساس، يجعلنا نعتبر أنّ هذه العادات في استعمال البخور والحناء لا تعتبر مجرد تحقيق لمتعة شم الرائحة المنبعثة منها والزينة والتجميل، بل عبرت عند أهل هذه المنطقة موضوع الدراسة، المخزون الاجتماعي والاعتقادي، وشكل سيميائيا الدلالة الرمزية العميقة للتراث الشعبي العريق. ولا يخفى في هذا المنوال، أن الأشياء التي تستعملها المرأة وتطبقها على جسدها هي في الأخير مؤشرات جاذبة وواضحة، تظهر على نحو بارز في الأسواق مثل: «المَكْحَلَة»10 التي توضع فيها مادة الكحل، و«البخارات»، وموادها مثل البخور و«الطليات» والسواك، حيث لا يخلو بيت من البيوت أو سوق من الأسواق من هذه المواد الطبيعية. وكان البخور يُصنع في البيوت عن طريق فتله ودمجه مع مواد معطرة، وقد لاحظنا ونحن في واقع الممارسة الميدانية في إحدى الأعراس، تواجد بعض النسوة، ممن يبعن البخور وكانت ترفع صوتها قائلة: «يا حراير اشرو البخور باش رجالتكم ما يروحوش لجامعة»؛ وهي رسالة تريد البائعة أن تبلغها للمرأة بالمنطقة وتحثها على اقتناء البخور حتى تمسك بزوجها وتحافظ على عشها الزوجي وتقيه من أي ميل أو إغراء لامرأة أخرى تستهويه ويبحث عنها في دائرة جامعة وهي من مناطق وادي ريغ أو كما قالت: «باش ما يروحش لجامعة يلقى بنات ويكحل عليهم وربما يلقى الفاسقات ويخليك»، ومن جهة أخرى هي تستعمل هذه الطريقة لتروِّج لتجارتها نوعا من الحيلة الممزوجة بالمزاح، لأنها تعرف جيدا غيرة المرأة على زوجها، وأيضا تعرف عشق الرجل لرائحة البخور. وقد حدث أن سألت إحدى المبحوثات عن علاقة البخور11بالعملية الجنسية فقالت «راه البخور يحدث إثارة جنسية عند الرّجل مثل «المدّا في جسد المرأة»، هو رابط جنسي و«المرأة اللّي تستعمل البخور بزاف راجلها ما يروحش عليها».

أما فيما يخص المدا فتعتبر عاملا مهيجا للرغبة الجنسية لدى الرجال ولنا في ذلك تأكيد من خلال تعبير إحدى المبحوثات حين قالت« ما لازمش المرا تخرج بيها لأنو عندها واحد الريحة تجذب»؛ يعني حين يشم رائحة المدّا المرسومة على جسد المرأة وهي تشبه الحناء على الجلد، ينجذب نحوها وتزداد رغبته الجنسية؛ فالمرأة الريغية كانت تهتم بجسدها وبأنوثتها، لغاية قوية في داخلها، وهي إغراء زوجها لدرجة الرسم بمادة المدّا والكتابة على جسدها.

يقولون أيضا: «البخور مع ليلة الخميس والحنة والمدّا المرسومة  في المناطق الحسّاسة هي رسالة قويه».

وتتزيّن المرأة بالحناء الطبيعية والكحل العربي المصنوع في المنزل والسواك واللّبان، وتلبس في أذنيها «علالڤ»12 أو المشرف.العجوز تربط «العلالڤ» بخيط أخضر من الأذن إلى الأخرى، أمّا النساء كنّ يضعن «علالڤ» لويز وحدايد أو ما تسمى بـ«حدايد العجب»13 وكانت المرأة تربط خصرها بحزام خاص ويتنوّع من امرأة إلى أخرى، كن أيضا في تلك الفترة مهتمات كثيرا بالوشم على الجسد وخصوصا منطقة الوجه، ظناً منهنّ أنه يزيدهنّ جمالاً. تصف إيزابيل إيرهاردت، جسد النساء الصحراويات فتقول: «أما وجوه النساء فكانت أكثر اسمرارا متغضبة العجائز درداء، ببناء ثقيل من ضفائر شعر أبيض محمر بالحناء، من ضفائر الصوف الأحمر والأطواق والمناديل. أما الفتيات فقد كانت وجوههن مغرية وموصدة ذات سمات قوية نسبيا ولكن نقية ومتجانسة، في سحنة داكنة. كانت عيونهن كبيرة مندهشة ووحلة. الكل ملفوف في ملحفة زرقاء داكنة سوداء تقريبا مثنية على الطراز القديم»14.

عادات وتقاليد منطقة وادي ريغ:

تعتبر العادات والتقاليد عنصرا من عناصر التراث الشعبي والتي تتميّز بمجموعة من الخصائص من بينها أنها اجتماعية؛ أي أنها تصدر عن تفاعل مجموعة من الأفراد وتكون متوارثة.

و لكل مجتمع عاداته وهذه العادات حين نؤطرها تأطيرا جغرافيا وإيكولوجيا وأنثروبولوجيا، نجدها موضوعيا تعكس تلك المناخات وتستجيب لتلك الظروف وتجسّدها، وهذا ما يجعلنا نقر بأنّ مجتمع وادي ريغ، موضوع بحثنا الميداني، يتميز بالكثير من العادات والتقاليد التي كانت وما تزال متوارثة عبر الأجيال، ونذكر من هذه العادات والتقاليد»أساليب التحضير للزواج».

1)     التحضير للزواج:

يعتبر الزواج في مجتمع وادي ريغ أحد الروابط المقدسة وهو سُنة الحياة ودينها الأساسي، حيث نجده في صدارة انشغالات شباب المنطقة لِما له من أهمية كبيرة في الحفاظ على النسل وتواصل الأجيال؛ إذ يرتبط الزواج تقريبا بفكرة الإتيان بالمرأة التي تملأ البيت بالأولاد وتُريح الزوج من عناء الحياة وتقضي مطالبه ومطالب عائلته، فالإقدام على الزواج في هذا المجتمع التقليدي ليس بالأمر الهيّن؛ إذ يعدّ بمثابة مشروع اجتماعي يساهم في إنجازه مجموعة من الأشخاص يختلفون فقط في الغاية. 

«إنّ الزواج والممارسة الاجتماعية له هي التي تسمح للأنساق القرابية بإعادة إنتاج نفسها أو تحوّلها والزواج التقليدي الداخلي Le mariage endogamie هو الزواج الذي يتخذ في الحقيقة شكلين أساسيين: الأوّل والأهمّ يعني أبناء العمومة أو الأخوال أو ما يسمّى عادةً الزواج العربي والثاني هو الزواج الذي يتمّ داخل دائرة القرابة الضيقة المتعلقة بالعرش أو العائلات الممتدة من نفس البطن أو الأفخاذ 15. يقول الأستاذ صالح وڤادي؛ أنّه من عادات أهل المنطقة فيما يخصّ الزواج أنّه يكون من الداخل أي زواج داخلي Endogamie كان هذا في جيل الخمسينات والستينات. أهل العريس هم الذين يختارون له العروس تكون بنت العم أو بنت الخال أو من نفس العرش ونادراً ما تكون من منطقة بعيدة.

والمرأة في وادي ريغ ترى أن ابن عمها أفضل لها من أي رجل آخر وهذا ما تمثله الأمثلة التالية: 

«بن عمي بحلاسة خير من البراني بلباسه». فهي تفضل الزواج بابن عمها حتى ولو كان فقيرا بحلاسة، أحسن من الغريب الغني».

«كل زير يلقى مغطاه، كان أنايا وبنت عمي جينا مغاطا».

«بنت العم لو بارت والثنية لو دارت والمدينة لو جارت» فهو يفضل بنت عمه على الغريبة، لأن نسبها معروف أما الثنية؛ الطريق المقصور ويكون في الرمل أو على أرض مستوية ليتضح الهدف، فقد ربط بنت العم في كونها معروفة النسب له بالثنية التي تكون قريبة  واضحة الهدف. 

و يقولون أيضا هذا المثل: «اللّي يحشم من بنت عمّه ما يجيبش منها لولاد» الفتاة حين كانت تتزوج من ابن عمها كانت تناديه ابن عمي يعني كبرو مع بعض مثل الإخوة يستحون من بعضهم. مع هذا تزوّجها وأنجب منها الأولاد.

«ملّس من طينك إذا ماجات برمة، تجي كسكاس».

2)      العرس التقليدي بإقليم وادي ريغ:

كانت مواقع ومواقيت مشاهدة الفتيات المؤهلات للزواج نادرة بحكم تقييد حركاتهنّ خارج البيت وانشغال الشباب في سن الزواج بالعمل في الغابة، ولهذا كان أفضل الأماكن لمشاهدتهنّ من قِبل النّسوة في منابع الماء وأحياناً من طرف الشباب أنفسهم خلسة.

هناك قصة تداولت في منطقة تماسين بوادي ريغ، لامرأة تماسينية تغنت قصيدتها الرثائية في الأعراس والربوخيات، اسمها «وَاسَمْحَة إِتَالَة أَنْ بْرُوبَة» وقصتها هي:

«في مثل هذا المكان كانت عين بروبة أو إتالة أن بروبة «باللهجة المحلية الريغية»؛ تختار الأمّهات مصطحبات بناتهنّ الحراير البالغات في يوم مشمس لتذهبن للغسيل ويحملن كلّ ما استطعن حمله من حنابل ودفّاسات وصوف. وهناك من قربهنّ الشباب يتلصّصون ويتربصون بهنّ من بعيد قرب خندق الشريفة؛ عندما كان التلصّص فيه آداب وحُرْمَة، ليس تلصّص العنف مثل هذا الزمن، فكانت الأم حين تعجز عن إيجاد العروس تنصح الابن بالتوجّه إلى العين، لأنّ المرأة نادرة في الأماكن العامّة والشوارع، فمن ثمّ نسجت عدّة قصص جميلة رائعة عن الحب العذري والشعر والحكمة، فنجد أكثر قصة تراثية مشهورة والتي أصبحت أغنية تتداولها النساء في الربوخيات والأعراس قصة «واسمحة إتالة أن بروبة»؛ والتي كانت بطلتها تلك البنت البركة العصامية؛ «فاطمة أن حاج عمر التماسينية» والتي كانت من بين الفتيات اللواتي يذهبن إلى العين، لتنتظر حظها مثل صاحباتها اللواتي حظين بخطيب؛ لكن بقيت ولم يكتب لها الله ما حظيت به الأخريات، فرثت نفسها بأغنية أصبحت حديث الخاص والعام في منطقة وادي ريغ وخارجها حيث قالت»: 

«وَسَمْحَة إِتَالَة أَنْ بْرُوبَة، تسملش كول تكتوظة تتحيد انتي أم عمودة، وسمحة إتالة لمڤارين، تشملش كول ديكيارين تتجيد مع تيوسارين، عقبة في درب أزيرار، ملاقغ ثلاثة مريازن، واشيني اربط أم دلالن، فرحت عمبالي باياغن نتنين عمان فلا ويزين، قبع شي اندشرة إنتلوين اتاح إتا سد ثمزنين إريازن عمان فلا وايزين وَسَمْحَة إِتَالَة أَنْ بْرُوبَة».

بالعربية: 

«مَا نَسْمَحْشْ لَلْعَيْنْ بْرُوبَة، خَطْبَتْ كُلّْ البْنَاتْ وْخَلَتْنِي كِالْعمُودْ، مَا نَسْمَحْشْ لَلْعَيْنْ خَطْبَتْ كُلّْ الصْبَاياَ وْخَلَتْنِي مْعَ لعْزَايَزْ، عْقُبْتْ عْلَى شَارَعْ طْوِيلْ وَتْلَاقِيتْ ثَلْثْ رْجَالْ، أَعْطُونِي رُبْطَة نُوَّارْوَفْرَحْتْ ظَنِّيتْ بَاشْيْزُوْجُونِي وْهُومَا عْمَاوْ عْلِياَ مَا شَافُونِيشْ، دَرْتْ حْزَامْ عَشْرَ خْيُوطْ يْرُوحْ وَيْجِي عْلَى مَرْتِيْن وَالرْجَالْ عْمَاوْعْلِيا وْمَا شَافُوِنيشْ»16.

ما نستنتجه من العرض الأخير في ربطه بجوهر الموضوع، أنّ بدايات التزاوج أو الخطوة الأولى لاختيار الزوجة في مكان مخصوص تجتمع فيه البنات المؤهلات للزواج، يكون أولا خلسة ويتمحور أساسا في رؤية الشباب للفتيات المتمركز أساسا على الشكل الجسدي لا غير، فرهانات الاختيار جسدية بالأساس وإن كانت عن بعد كما يحدث في بعض المجتمعات الأخرى، دعوة أم المؤهل للزواج (العريس المرتقب) الفتاة الموعودة إلى برك الماء أو الحمام لتتسنى الملاحظة الدقيقة لجسد الفتاة شبه العاري في ذلك المكان لتحديد القرار الأخير لإمكانية الاختيار هذه دون تلك.

أ.    طقس الخطبة:

تعتبر الخطبة أولى مراحل الزواج فهي تمثل إجراء تمهيدياً أولياً من الإجراءات التي يقوم بها أهل الخاطب فهي تعني الكثير عند المرأة في وادي ريغ.

تذهب النسوة للخطبة وكن يأخذن معهن بعضاً من الأشياء الموسمية التي تنبت في الغابة مثل: (البصل، النعناع، المشمش، البندراق أو البطراف، السلق) وكذا الجمار أو بعض الحلويات سكر، شاي، كاوكاو (فول سوداني)، في منديل مصرور يسمّى «الديمينو» وهذا الطقس يسمّى «بحطان اليد». أما في اختيار المرأة يكون من طرف الأهل وتقول إحدى المبحوثات: «يأخذون اللّي طرشق اللّوبان، يقولو عليها فحلة وتجمعو مليح ويأخذون اللّي تاكل الفول المحمص يسمّى بالﭪرماش، حتى ولو كان شكلها قبيح»17.

وكذلك يأخذون بعض الملابس الداخلية والعطور والزوادة، المراية والسواك واللّوبان والحناء والحمص المطبوخ «قرماش» ولبلابي، ويطلق على هذا الطقس أيضاً «البيون» مقابل طلب يد الفتاة. وإن لم تكن أمّ الفتاة على دراية بقدومهم أي لخطبة ابنتها، فعندما ترى الجمار تعلم أو تفهم سبب القدوم والزيارة لأن الجمار يعتبر مؤشر على أن قدوم النسوة هولخطبة الفتاة. 

ب.     التبيون (القفة):

بعد التوافق والتفاهم بين عائلة العروس وعائلة العريس تقوم هذه الأخيرة بالتحضير للتبيون أو ما يسمّى بالقفة، وهذا لكي يبيّنوا أنّ الفتاة صارت مخطوبة لابنهم، فيحمل النسوة التبيون وهو عبارة عن قفة أو طبق من سعف النخيل يحتوي على بعض من العطور، حنة، سواك، لوبان، صابون، ڤندورة، سكر، شاي، كاوكاو، لبلابي، حلوى أو قطعة قماش بالإضافة إلى مبلغ مالي، فيحمل أهل العريس القفة باتجاه بيت العروس بالطبل والغيطة أو بزغاريد وأغاني النسوة، وهنّ يصلين على النبي.

جـ.    طقس الحمام:

قديماً كانت العروس تذهب إلى عيون الماء للاستحمام مثل عين توجد في منطقة سيدي ماضي وكانوا يذهبون على وسيلة نقل تسمّى «بالكريولة» ويأخذون معهم «حولي كبير» وهو غطاء يكون فيه اللّون الأحمر وملابسها تكون ملفوفة في محارم «فولار». عند وصولهم إلى العين تقوم الفتيات بشدّ هذا الغطاء لستر العروس وهي تستحم بمساعدة مَدِّيوًاتْهَا (رفيقاتها). وبعد الاستحمام يطلى جسد العروس بِما يسمّى بالطلية ويعطرونها بالعطرية ثم يحضرن لها البخور والسواك والكحل وتمضغ اللّوبان. تلف نفسها بلحاف «ملحفة» وتصطحب إلى المنزل.

نلاحظ من هذا الطقس، مدى الاهتمام بجسد العروس في تجميله وتزيينه وإعداده أحسن إعداد وبعناية فائقة ليكون محل إغراء وإعجاب الرّجل.

د.    طقس الحناء:

تُحاط العروس في ذلك اليوم بمَدِّيوًاتْهَا (رفيقاتها)، وتُحجب في إحدى غرف المنزل من هذه الليلة طيلة أيام العُرس ولا تخرج منها إلاّ للضرورة. وفي الليل تقوم الصبايا بتخضيب يدي وقدمي العروس بالحناء، وهي عبارة عن عجينة من مسحوق أوراق الحناء تستعملها المرأة في التزيين وتُحضر الحناء قبل ذلك بليلة مع بعض الأعشاب المسحوقة وبعض السوائل.

 وتعتبر الحناء مادّة تلوينية قديمة عُرفت تاريخياً عند الفراعنة بهذا الاسم، وقد شاع استعمالها في العصر الجاهلي عند العرب والعصر الإسلامي أيضا. وساعد على انتشارها نشاط التجار العرب الذين كانوا يستوردونها من بلاد الهند على شكل صبغة نباتية ذات لون أحمر18.

وقد يُصاحب تخضيب الحناء للعروس بعض الأغاني والأهازيج من بينها هذا القول الذي يبدأون به طقس الحناء:نتمنى ونتمنى أول ما نتمنى نكبر وندير الحنة وتاني ما نتمنى، نفرح والفرح يعود عنده بنة؛ ثالث ما نتمنى في حياتي نتهنى.

لَعْرُوسَة مَدِّي يَدِّيك

وَالحَنَّا وَاتَاتْ صَبْعِيكْ

وَالحَنَّا وَاتَاتْ صَبْعِيكْ

اليَوْم عُرْسَكْ مَبْرُوكْ عَلِيكْ

الخَاتَمْ ذَهَبْ مَعِيرْ

وَعَرِيسَكْ شَرِيفْ مَصِيلْ

لاَ يَحُولْ وَلاَ يَتْغَيَرْ

خَيْرْ النَسْبَة اللِّي تْوَاتِيكْ

لَعْرُوسَة هَايَ غَادِيَة

تْحَنِي وَعْرِيسْهَا فَرْحَانْ يْغَنِي

خْيَارْ النَسْبَة بِنْت عَمِي

إِنْتِ لِيَا وَأَنَا لِيكْ

لَعْرُوسَة هَامْ يْهَلُولَكْ

فِي الغَالِي هَامْ يَا حَرْجُولَكْ

لَعْرُوسَة مَا كَحَلْ شُعُورَكْ

فِي الكُرْسِي وَالنَاسْ يَهْدُولَكْ

يَسْتَنُو فِي نَهَارْ دُخُولَكْ

وَالعَايْلَة فَرْحَانَة بِيكْ

فِي الكَادُوَاتْ يَمُدُولَكْ

فَخْرَة أَهْلَكْ وَامَالِيكْ

ه.    بخمار عروس وادي ريغ من زينة جسدية إلى ظاهرة ثقافية:

    -    يوم تلباس البخمار:

في المساء بعد صلاة العصر تجتمع النسوة في بيت العروس من أجل حضور تلباس البخمار، وتقوم بهذه المهمّة امرأة متزوجة وكبيرة في السن، وتطلب من أمّ العروس إحضار المستلزمات التالية: «غلّوسة»، «غرفية» أو «إناء فخار»، البخارة، قرعة الرّيحة، السخاب المصنوع من العنبر، الزوادة والمرايا، الخلاخل، «الموس» بمعنى «الخنجر» التواقير مثل ملاقط الرأس، الحدايد، العطرية، البخور، السواك، اللّبان. ويجب أن يساعد المرأة شابتان تسميان مديوات ومعنى مديوات: المعنى الأول رفيقات العروس والمعنى الثاني يمدان للمرأة ويساعدانها ويقدّانّ لها ما تطلب وهي تلبس العروس البخمار.

يجب الإشارة هنا أنّ لباس البخمار في وادي ريغ يختلف اختلافاً طفيفاً بين قرى ومداشر المنطقة، فمثلاً بخمار تماسين ليس نفسه بخمار بلدة عمر أو تڤرت أو جامعة، يعود هذا البخمار إلى عروس منطقة جامعة إحدى المداشر القريبة. 

اللّبسة الحمراء صورة اشتهرت سابقاً من تماسين منطقة تملاحت بلباس الملحفة، تلبسها المرأة المتزوجة. أمّا البنات الغير متزوّجات فيلبسنها فقط في وقت المناسبات وتكون بألوان مختلفة، اللون الأسود غالباً ما يكون للمرأة الكبيرة، والحمراء لكليهما.

تجتمع النسوة في جوّ من التآلف والفرحة والزغاريد في بيت العروس، ويشرفن على تلبيسه كما قلنا امرأة كبيرة في السن أو عجائز صالحات في حياتهنّ، وهذا كما يقولون «للفال الطيب» لحياة العروس.

يبدأ تلباس البخمار بارتداء العروس ڤندورة (فستان) حمراء والبلغة (حذاء مفتوح) حمراء والتي قدّمت لها في الجهاز، وذلك لأنّ اللّون الأحمر يعتبر أكثر فعّالية ولما كان يزعم أنّ اللّون الأحمر هو اللّون المفضل لدى المشعوذات، فإنّه لذلك يستخدم للوقاية من السحر19.

ولأنّه يمثل القوّة والحيوية، كما يعتقد أنّ الجن يرتدي اللّون الأحمر، لذا لا يُؤذي من يقوم بارتدائه20.

تقول إحدى المبحوثات : إنّ البخمار قديماً كان عند المرأة في وادي ريغ هو تمام الزينة وما يزال يحافظ على هذه الميزة حتى يومنا هذا، لأنّه لباس مقدّس وكانت العروس قديماً تخرج به من بيتها إلى بيت زوجها.

يتكوّن من لحاف أسود جميل المنظر وغطاء خاص للرّأس، الوجه الأمامي يكون أحمر اللون والخلفي أخضر وبه خطوط سوداء، حيث ترتديه منذ أوّل يوم من أيام زفافها. أمّا اللون الأحمر في البخمار فهو يزيد من بهاء العروس.

أمّا الجزء الخلفي «الطُبّة» الخضراء (أي القطعة) اشتهرت بلباسه النسوة منذ القِدم، ويتكوّن أيضا من حزام أبيض من الصوف من صُنع المرأة ومجموعة مراحم أي «فولارات» الأمامية حمراء وخمسة مراحم من الخلف وتكون بهذه الألوان: الأسود، الأصفر، الأبيض والأزرق.

وقدام من الجنب الأيمن فولارا وردية أي مثل لون الورد. المراحم الخمس الخلفية تتشدّ بقباظة تسمّى «بڤيطة» و«البخنوڤ» الأخضر يُنْسَجْ في البيت، وخلاخل في الأرجل من اثنين إلى أربعة تَلبس جوارب و«ريحية» تونس «نتاع الطاوس» هكذا تسمّى.وفي الصدر ڤطوف مصنوع «باللّويز» والذهب (تقول الريحية بكري كانوا يجيبوها من تونس مرسوم فيها طاوس من الأمام).

 و«مناڤش» كبار توضع فوق المراحم في مكان الأذن لأنّها ثقيلة على الأذن فيها الفضة وفيها الذهب حسب مقدور العائلة. وحُلي مدور اسمه طيقار أربعة بين المرحمة الحمراء والبخنوڤ، وهلالة تتحط في نص الجبهة أو خامسة يقولون للعين ومقاييس تسمى«دح» تلبس من اثنين إلى أربعة حسب المقدور والخالالات نوع من حلّي الفضة تضعها في الصدر والآخر في الوجه ولمراية والزوّادة، تضع في الزوّادة اللّبان.

يُقسم شعرها إلى أربع وتُوضع عليه مادة مصنوعة في البيت تسمّى الخمرة رائحتها قوية. ويُظفر الشعر وتضع الكحل والسواك يعني كلّ شيء طبيعي، وتمضغ اللّبان21  وتضع الزوّادة على جنب أي على الجهة اليمنى مع المراية (مرآة صغيرة) ويفسر طقس استخدام المرآة على رأس العروس بأنها حصن منيع لكلّ من أرادت أن تعرقل مسار العرس وتسبب الأذى للعروس، فهي وسيلة لردع الشرور لأنّ المرآة تعكس صورة الشخص فإذا تعرضت إحداهنّ للأعمال السحرية تنقلب عليها الأمور لتكون هي الضحية وبالتالي تُصاب بالأذى22.

 و.     البخمار رأس مال العروس في منطقة وادي ريغ:

تستعد العروس يوم زفافها لارتداء البخمار، الذي يعبّر عن هويتها وانتمائها لمنطقتها، وممارستها لهذه العادة المتأصلة تعبّر عن رأسمال رمزي، ومن ضمن ما قدّمه «بيار بورديو» في سياق تحليلاته للمفاهيم الجديدة لعلم الاجتماع مثل الممارسة Practice والهابتوس Habitus والأشكال المختلفة للرأسمال الرّمزي والاجتماعي والثقافي، أسهم إسهاماً فعلياً في ظهور علم اجتماع الجسد23.

«بعد الانتهاء من تلباس البخمار تقوم العروس بكسر الرّمانة وتذوّقها، ويعتبر الرّمان من الصين إلى البحر الأبيض المتوسط علامة الخصب ويرمز للذرية الكثيرة، ثم تقدّم المرأة للعروس ملعقة رفيس من الصحن، وفي الأخير تبخرها بالبخور وترشها بالريحة (العطر)»، ثم يُوزع الرّفيس في أيدي الحاضرين، وهنا تكون المرأة قد أتمّت تلباس البخمار للعروس ماعدا الحزام الأبيض الذي يُحزم خارج البيت في بحيرة معروفة في المنطقة تسمّى «لالة زهرة»24.

 يقول الشاعر سالم بن تيمية في وصف عروس وادي ريغ:

بنت بلادي زينة وغاليا في الشان

محلى ديك الزينة مولات البخمار

ما بها ها ديك السمرة تمضغ في اللّبان

وكي دارت السواك شفتها تحمار

الحرقوس في الحاجب ومكحلة لعيان

مولات لعيون السود وجميلة الأنظار

زوّادة ومرايا وخلخالها رنان

دايرا لحاف كحل وبخنوق خضار

من الحيا والحشمة وجهها ما يبان

ومحرمة حمرا موصولة مع الخمار

الجبين فوق راسها تقول بنت السلطان

تمشي تدّلع تقول بنت المختار

ظفرا سوالفها ومبيضة لسنان

في يديها ورجليها الحنة تحمار25 

ز.     طقس تحنية العروسين وزيارة الأولياء:

يذهب العروسان رفقة أهليهم مع الطبل والغيطة في موكب من العربات لزيارة أضرحة الأولياء الصالحين الموجودين في القرى والمداشر المجاورة للمنطقة للتبرك بهم، ويأخذون إناء فيه الحناء الجاهزة وهم يغنون. وكلّما دخلوا إلى ضريح أولياء الصالحين تقوم امرأة صالحة كبيرة في السن بوضع القليل من الحناء في كفي العروسين، وهي تردّد عبارة «بالعمارة والثمارة» والزغاريد تتعالى من طرف النساء، وعند آخر ضريح للأولياء تقدم مديوات العروس للمزاوير ما يسمّى بالمنديل وهي إكرامات من الأكل والفواكه ويقدم المزاوير لهنّ المال تقديراً لهذه الهدية، وبعضهم يرجعون وهم يغنون لغاية وصولهم إلى بيت العروس.

ومن الأولياء الذين يزورنهم نذكر من بينهم: «سيدي علي المحجوب»، و«سيدي طلحة»، و«رجال العريانة» بوغلانة، «سيدي يحيى» بقرية سيدي يحيى، و«رجال الحشان» بجامعة القديمة، و«بحيرة عين الزرقة» بتيقديدين، «سيدي حمودة» بسيدي عمران و«سيدي راشد» بعين الشوشة.. الخ.

هناك عادة تستعملها العروس وهي تزور الوليّ الصالح وهذا لتوقف الإخصاب وهي أن تضم أصابعها وتغطس في إناء الحناء وتقوم بلعق الحنة من أصابعها وتقول: «لحست ذريتي مش حنتي» وكلّ أصبع بعام، مثلا إذا أرادت أن تبقى مدّة عام من غير أن تنجب تلعق أصبع واحد وإذا أرادت مدّة عامين تلعق أصبعين، هي عادة واعتقاد كانت العروس تستعملها لتنظيم النسل قبل ظهور حبوب منع الحمل.

ومن بين الأغاني التي ترددها النسوة عند الذهاب لزيارة الأولياء الصالحين:

جيبو البخمار وفنجان الحنة

جيبو لعروسة تحنيلها نانّا

زغرتو عليها بالصوت العالي

لابسا البخمار جايا تشالي

في ليلة عرسك يا عروسة ديري حالة

في ليلة عرسك يا عروسة ديري حالة

جيبو البخمار وفنجان الحنة

نادو لعروسة وهاتوها منا

نادو لميمة وزيدو الخالة

نوضو يا صبايا واعطونا دالة

في ليلة عرسك يا عروسة ديري حالة

في ليلة عرسك يا عروسة ديري حالة

وتعتبر الاستعانة بالولي الصالح والاستنجاد به وعنايته كأداة لدفع الأذى والشر عن أهل العرس، ويفرح الوليّ ويسعد معهم الأمر الذي يجعل الجميع يعيش في اطمئنان.

ح.     يوم الدُخلة:

هي ليلة عادةً ما يكتشف ويرى فيها العريس عروسه أوّل مرّة، ثم أنها سرت تقاليد أنّ والدة العريس تضع حزاماً على العروس قبل الدّخلة ويسمّى ذلك بالحزام طمعا في الجدّ والولد. وتُرسل والدة العريس من يفرش غرفة الدّخلة على بساطة أثاثها الذي يتمثل في صندوق خشبي به لباسها وحوائجها وحصير من السمّار وفراش من الصوف ووسادة، وهو بيت الحجبة، يحجب العروسين عن أعين الناس. كما تقوم هذه العجوز بتفتيش الفرش لعلّه دُسّ للعروس فيه شيء من السحر المعطل للدّخلة. في السابق تحديدا، يوم الدخلة حين الانتهاء من عملية «تلباس العريس» يُلَفُ السيف بمحرمة حمراء، هده المحرمة تُفْتَحْ أمام «الطالب» يوم العقد أو الفاتحة ويسمى أيضا يوم الحنة وهو جمع الدراهم، يأتي العريس ويجلس في الوسط ويبدأ «الطالب» بقراءة «إنا فتحنا لك فتحا مبينا» ويأتون بـ«قصعة» كبيرة يضع رجليه وسطها ويضعون تلك المحرمة بين رجليه، ويبدأ الطلبة في قراءة القرآن وهو يتلقى بعض الإكراميات من النقود. بعد الانتهاء من قراءة القرآن يضع الطالب أو الإمام يده في إناء ويمسح بها وجه العريس، بعد ذلك ينزع برنوسه ويُلَفُ حول السيف وتأخذه المرأة التي تجلب العروس لتغطيها به وقت خروجها من بيت أهلها... 

تخرج العروس محمولة على أكتاف أحد إخوتها أو أعمامها أو أخوالها. قديما كانت العروس تركب في الهودج أو كريطة وتتولى عجوز قبل مغادرتها المكان، بطقس التقعاد وهي أن تُوقف وتُقعد العروس في مكانها سبع مرات للثبات ودوام مقامها ببيت زوجها. وقبل الدّخلة بعد العصر يأتون بقصعة كبيرة تسمّى «لمجريوة» تُوضع بجانب الحيط، والحمص النيئ منقوع في القطران ويجب أن يكون «قطران لعروسي» هكذا يسمّى.

يضعون كل هذه الأشياء في هذه القصعة ويُؤْتى بالعروس ويُقدّمون لها سبع حبات من الحمص وتقول لها المرأة العجوز؛ اضربي رجلك في الحائط وفي القصعة، قدمها مقابلة القبلة وتقول في كلّ مرة: «أنا خيط والراجل حيط»، يعني لكي تُفتح من الرباط وفي نفس المكان يُؤتى بفتيات صغار ويقومون بنفس الطقس لكن تتغير الكلمات يقولون: «أنا حيط والراجل خيط»، ويقمنّ ببلع سبع حبات من الحمص الممزوج بمادة القطران. تقول إحدى المبحوثات «التصفيح هو نوع من أنواع السحر، وكاين اللّي ما يقفلوش، زعما وقاية من المشاكل باه يتهناو على الطفلة مع الرجال لكنّه سحر موجود عالميا والإنسان يكتشفه في محيطه. لا نجد هذه الممارسة تقريبا في المدن لأنهم تشبهوا بالغرب».

ويكون الدّخول عادةً في آخر الليل في بيت الحجبة ويكون عادة في منزل بعيد عن مكان العرس. القليل من يحجب في غرفته ويكون مكانا عاديا جدا فيه فراش عادي، وتُنقل هذه الأشياء عادة قبل المغرب وتحضر عجوزتان من الأقارب لترتيب الحجبة.يدخل العريس وهو يحمل السيف يقول مبحوث من المنطقة أن دلالة حمل السيف تعتبر ترميزية وتمييزية؛ تميز العريس الذي يدعى بمولاي السلطان يقول: «كيما قالو سلاح العريس لازم يكون معاه ومالازمش يخليه ولوكان يستغنى عليه يدفع غرامة مالية وحتى وإذا تركو لازم يكون عند الوزير».

 ويقول: «في نهاية العرس بعد الدخلة يذهب إلى الغابة ويقطع بيه سبعة من الجريد وهو في مهمة اقتنائه الجمار لعروسه» ويقول الأستاذ أحمد زغب: أنه رمز للرجولة ووظيفته حماية الذمار، أي الأهل والممتلكات لأن المرأة في المجتمع الذكوري، يحميها الرجال وزوجها وتمثل بالنسبة إليه شرفه. ويضيف أحد الإخباريين، أن دلالة حمل السيف ملفوف بالمحرمة الحمراء؛ هي عادة منتشرة في الدول العربية خاصة البدوية؛ ففي بعض مناطق السودان، يُلزم العريس حمل السيف لمدة أسبوع للدفاع عن نفسه، خاصة قبل تشكل الدولة، أي عندما كانت عبارة عن مجموعة من القبائل المتناحرة، تحول هذا الأمر إلى موروث ثقافي وهو ما ينطبق على وادي ريغ.  وكما نعلم بأن هيبة الفارس لا تكتمل إلا بالشاش والبرنوس والسيف. 

مبحوث آخر يعطينا عدة دلالات لحمل العريس للسيف؛ الدلالة الأولى يقول أيضا للتمييز وهي عادة تقام في وادي ريغ. ومن عادة السيف أنه يتماشى مع اللباس التقليدي يعني يعتبر مؤشرا، وقد يكون العريس فقيرا لأنه من الممكن أن يأتي إلي العرس شخص بلباس أحسن من لباس العريس؛ نفس الشيء بالنسبة للعروس حين تلبس لباس البخمار، هي تتميز بهذا اللباس لأنه يحجبها عن العين وفي نفس الوقت يميزها عن البقية.

 الدلالة الثانية؛ للحماية كأنه هو الفارس والأقوى ودلالة على أن المجتمع كان يستخدم السيف في القديم، وهو الرئيس أو الملك لأن الذين في جنبه يسمون بالمزاوير يقول الأستاذ أبو بكر محمد السعيد؛ أن كلمة «مزوار» كانت تعبّر في العهد العثماني على معنى «حارس دور الدعارة»، وهذا يقرب لنا الصورة والمشهد الذي يمثله الوزير أو المزوار، وهو وقوفه عند الباب ليلة الدخلة، وربما كان ذلك  تقليدا من العهد العثماني.

أما الدلالة الثالثة يقول لإخافة العروس ونوع من الهيبة للعروس.

أيضا هناك دلالات أخرى لحمل العريس للسيف تذكرها مبحوثة أخرى تقول؛ هو برهان لرجولته وشهامته لكن تدخل فيه أسباب ومعتقدات أخرى وهي سحرية بالدرجة الأولى، وهي أنّ الطفل وهو صغير يُربط لكي لا يُعتدى عليه، تُرش عليه بعض الأشياء وتلك الأشياء تربط في « محرمة حمراء» نلاحظ هنا أن لف السيف بالمحرمة الحمراء  دليل على تلك الممارسة السحرية. وبهذه الطريقة يُربط لكي لا يُعتدى عليه. نلاحظ هنا أن الخوف من الاعتداء الجنسي والاغتصاب كان يقع على الأنثى والذكر على حد سواء، هذا السحر كان يفك بالسيف.

يوم الدّخول تكون فيه فرقة موسيقية لإلهاء الناس حتى لا يهتموا بالعريس وعروسه وهذا خوفا ورهبة من المتربصين لهما. هم يسمون هذه الليلة بليلة «الطُبَّة البيضاء» أي قطعة القماش البيضاء الملطخة بالدم، كأن الليلة كلها تتوقف عليها. تقول إحدى المبحوثات أنه في السابق إذا لم يستطع العريس فض غشاء بكارة عروسه، كان يضطر لفضه بمفتاح كبير وإن صعب الأمر يستخدمون بعض الطرق السحرية كأن يُسخَّن فأس حتى الاحمرار ويتم التبول عليه،لأنه في اعتقادهم الرجل الذي لا يستطيع فض الغشاء تبقى له وصمة عار. وبعد إتمام العملية كانت هناك عادة أن يأتي العريس بالمنديل ملطخ بالدم ويرقص به في الحلقة أمام الناس، وتفسير ذلك انتصار الرّجولة، أمّا الآن فتغيّرت الأوضاع،هناك الخبر فقط ويفرح الجميع. يرى الباحث مالك شبل «أن إشكالية البكارة بكاملها تدور أساسا حول هذه التصورات المخيالية، يضاف إليها قانون ناظم في سياق عام هو حكم الدّم»26.

البكارة حسبه، بصفتها نموذجا اجتماعيا موزعة بين وضعين: أولا؛ إنجاز الرجل؛ والشخص المطلوب، هو المرأة،إذ يجب على المرأة أن تبرهن على حالة دقيقة مرتبطة بجسدها، وذلك بتقديمها لغشاء بكارة سليم، بينما يجب على الذكر أن ينقاد لمقتضى آخر؛ والقيام بوظيفة معينة.

خاتمة:

في ختام هذه الدراسة التحليلية لباخمار عروس وادي ريغ بين المعتقد والممارسة، لا يسعنا إلّا أن نؤكد على مدى تمحور الأبعاد  الاجتماعية والثقافية، وما يتبعها من طقس تحضيرات الزواج إلى حدود ليلة الدخلة. وقد بينا في جوهر التحليل وبالاعتماد على نماذج وأمثلة مأخوذة من واقع المنطقة وبشهادات بعض النسوة اللاتي عايشن هذه الطقوس، أنّ كل ما يتعلق بالمرأة يعكس الاهتمام الفائق لهذا المجتمع بالبعد الجسدي لها، تحضيرا وإعدادا للزواج والإنجاب، كما يعكس بوضوح مدى تجدّر هذه العادات والطقوس في صلب عقلية الجماعة وأسس ثقافتها التي في مجموعها تجسد ضربا من المخيال الذكوري المحدد لموقع المرأة في ذاك المجتمع، لا بما هو كائن يقوم بدوره الأسري والاجتماعي في تلك المنطقة، بل أيضا بما هي مصدر متعة جسدية لإشباع شغف الرجل ولذاته وآلية إنجاب للمحافظة على استمرارية مجتمع منطقة «وادي ريغ» بالصحراء الجزائرية.

 

 

 الهوامش :

1.    عبد الحميد إبراهيم قادري، التعريف بوادي ريغ، منشورات جمعية الوفاء للشهيد، تڤرت، ص.161.

2.    يمينة بن صغير حضري، سياسة التوغل الاستعماري بمنطقة وادي ريغ، مجلة الواحات للبحوث والدراسات، المجلد السابع، العدد 2، 2012، ص29.

3.    زينب المعادي، الجسد الأنثوي وحلم التنمية: قراءة في التصورات عن الجسد الأنثوي بمنطقة الشاوية، منشورات الفنك 2004، ص.35.

4.    محمد بن محمد العدواني، تاريخ العدواني، تحقيق وتعليق: أبو القاسم سعد الله، دار الغرب الإسلامي،1996، بيروت، ط1، ص.138.

5.    العطرية: هي بمثابة العطر الذي يستعمل اليوم، لكن كانت تفوقه رائحة ومازال يستعمل عند النساء لحدّ الآن. المواد المستعملة فيه: البخور والعنبر: يوضع داخل إناء ثقيل قليل من الحصى أو الرمل ثم يُوضع في وسطه كأس وينثر البخور حوله ويُغلق بإحكام بواسطة غطاء إبريق مصنوع من الطين ويُوضع فيه الماء، ثم يُوضع على نار خفيفة ويترك إلى أن يجف الماء وبالتالي يتجمع الماء المبخر داخل الكأس الموجود داخل الإناء، ثم يُرفع من على النار وتُضاف له ريحة خضراء هكذا تسمى، وبالتالي يتحصلون على سائل له رائحة قوية.

6.    محرمة: وشاح.

7.    السخاب: تحدد كلمة السخاب Sikhab بشكل خاص الأشرطة التي ترتديها النساء من كتف واحد إلى الورك المعاكس، ومقاطع لسلسلة من حبيبات عجينة العنبر وشكل هلالي ذو ثلاث نقاط والتي كانت من دروع "التراڤي". والدروع التي قدمتها الصور القديمة للأمازون كانت تسمى Pelta من قبل الإغريق وكذلك من قبل اللاتين. تستخدم هذه المسبحات في التلميع المخملي سحر الروائح التي ترفع الحبوب من عناق ودفئ الأصابع، يمزج عن طريق اللمس. لم يفشل هذا الزواج المعقول في إثارة بعض الاستيعابات الفضيعة بين أكثر الأرواح الشريرة، هل أظهر لهم الشيخ النفزاوي في حديقته المعطرة الطريق؟ ألا تعلم أنّ العنبر ما لم يتم تسخينه ومعالجته يحتفظ بالرائحة الموجودة به في مسامه! أنظر إلى الريحان إذا لم تقم بتسخينه بأصابعك فلا يهم، دعي الزفير يزهر. المرأة تشبه الثمرة التي لا تدع حلاها تفلت إلاّ فركتها بين يديك. ينظر:

    -    Cosmétique et maquillage du Djerid et Oued Righ: https://www.Tougourt.org

8.    المدّا: لها فخار خاص تطهى فيه، مكوناتها: العفصة، البخور، الطيب بمعنى القرنفل، والسواك واللّوبان، بخور النبي، المسك والمسكة والورد المجفف وقليل من السكر، تُوضع كلّ هذه المكونات في فخار وتغطى بغطائه بإحكام وذلك بغلقها بالعجين، ويُوضع الماء في المغطاة من فوق وتُوضع فوق نار خفيفة جدا من ساعتين إلى ما فوق.يقول أحد المبحوثين؛تصبح لديها رائحة تثير الشهوة الجنسية،كانت تستعمل قديما لرسم الحواجب ووضع الخانة على الوجه، لأن المرأة الجميلة هي التي تكون لديها خانة لأنها معلم من معالم الجمال يقول «بكري كانو يغنو عليها يا مولات الخانة».

9.    ثريا التجاني، دراسة إجتماعية لغوية للقصة الشعبية في منطقة الجنوب الجزائري، وادي سوف نموذجا، ص.49.

10.    مِكْحَلَة: التي توضع فيها مادة الكحل.

11.    البخور: أنواع مختلفة منها: الجاوي، الّبان، الجاوي الأسود (أو البخور الأكحل) بخور السودان، بخور الإسلام، المكي ولحية الشيخ أو ذقن الشيخ إنّ ما نجده في الجزيرة العربية ويتحدث عنه المؤلفون، هو بخور أنثى الصّمغ تنتجه شجرة عرعر، وفي الأهڤار (هضبة جنوبي الجزائر) يؤكد المؤرخ اليوناني، هيرودوت أن العرب كانو في أيامه يحبون البخور، بحرق العبهر، لأن أشجار البخور كانت تحرسها أقاع مجنحة فلا يستطيع غيره إبعادها. ينظر: مالك شبل معجم الرموز الإسلامية. دار الجيل للطبع و النشر والتوزيع، بيروت لبنان 2002، ص. 45.

12.    علالڤ: أقراط تُوضع في الأذن يقال لهم أيضا المشرف.

13.    حدايد: بمعنى حلقات في اليد.

14.    أحسن دواس، صورة المجتمع الصحراوي الجزائري في القرن التاسع عشر من خلال كتابات الرحالة الفرنسيين، مقاربة سوسيو ثقافية، رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في الأدب المقارن شعبة أدب الرّحلة، 2007− 2008، ص. 49.

15.    خليفة عبد القادر، تحوّلات البنى الاجتماعية وعلاقتها بالمال العمراني في مدى الصحراء الجزائرية- دراسة سوسيو أنثروبولوجية لمدينة تڤرت (وادي ريغ)-، أطروحة دكتوراه في العلوم في علم الاجتماع، تخصص أنثروبولوجيا ثقافية واجتماعية، السنة الجامعية: 2010 - 2011، ص.339 - 340.

16.    الأستاذ عبد الباسط قادير، مهتم بتاريخ المنطقة من عادات وتقاليد.

17.    مقابلة مع السيدة فاطمة ورڤلي، تڤرت، في يوم 12 مارس 2018.

18.    كمال عمران وآخرون، الحنة وظائفها وطقوسها الاجتماعية، دراسة أنثروبولوجية في قرية بلوزن الساحلية، مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات، سلسلة الآداب والعلوم الإنسانية، مج33، عدد01، 08/02/2011، ص.171.

19.    سمير شيخاني، الخرافات هل تؤمن بها؟، مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر، بيروت- لبنان، ط2، 1988، ص.106.

20.     - ينظر: لوك بنوا، إشارات ورموز وأساطير، ترجمة: فايز كم نقش، دار عويدات، بيروت- لبنان، ط1،2001، ص.72.

21.      اللبان: قبل مجيء الإسلام بكثير، كان مصدر الّبان، ذاك الصّمغ الرّاتنجي الذي تنتجه شجيرة من نوع العرعي تسمّى البخور الذكر. شبه الجزيرة العربية –منطقة ظفار –سلطنة عمان اليوم− حضرموت التابعة لليمن و الحبشة، لكن التاريخ لا يؤكّد، ما إذا كان هو اللبان الذي أهدته ملكة سبأ لسليمان و الذي نجد آثاره عبر مصر الفرعونية حتى أقاصي أوروبا، غير أن الشيء الذي يذكر في أحد الأحاديث؛ اللّبان بكلمات إطرادو تشجيع فيقول: أطعمو نساءكم الحوامل لبانا، فإذا كان الجنين ذكرا يكون نقي القلب، وإذا كانت إبنة تولد جميلة الجسم مكوّرة الرّدفين. يدخل الّلبان أيضا في تركيب مواد التجميل والمواد الطبية و في المواد التي تستعمل لإثارة العشق و الهيام ». ينظر: مالك شبل، معجم الرّموز الإسلامية، ص275.

22.    نبيل حويلي، أشعار الزواج بمنطقة المزازقة (مقاربة نياسية)، رسالة ماجستير في الأدب الشعبي، قسم الأدب العربي، جامعة مولود معمري، تيزي وزو- الجزائر، 2012، ص.42.

23.    تطور الانشغال السوسيولوجي بالجسد، حسني إبراهيم عبد العظيم، موقع الحوار المتمدّن:

    -    www.alhewal.org/debat/show.art/asp?aid.256629. 

24.    بحيرة لالة زهرة: التي يتبرك بمياهها العرسان، يلقون فيها النقود كما هو الشأن في نافورة العشاق، وتقوم عائلات العرسان الجدد بتقديم وشاح معطر بالعنبر والمزين بالحناء لرميه في مياه البحيرة لجلب الحظ والفال ولتجنب الأذى.

25.    الشاعر سالم بن تيمية من منطقة تڤرت وادي ريغ.

26.    مالك شبل، الجنس والحريم وروح السراري، السلوكات الجنسية المهمشة في المغرب الكبير، ترجمة: عبد الله زارو، إفريقيا الشرق، المغرب، د.ط، 2010، ص.8.

 

 

قائمة المراجع:

    -    ثريا التجاني، دراسة اجتماعية لغوية للقصة الشعبية في منطقة الجنوب الجزائري، وادي سوف نموذجا.

    -    سمير شيخاني، الخرافات هل تؤمن بها؟، مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر، بيروت- لبنان، ط2، 1988.

    -    عبد الحميد إبراهيم قادري، التعريف بوادي ريغ، منشورات جمعية الوفاء للشهيد، تڤرت.

    -    لوك بنوا، إشارات ورموز وأساطير، ترجمة: فايز كم نقش، دار عويدات، بيروت- لبنان، ط1، 2001.

    -    مالك شبل معجم الرموز الإسلامية. دار الجيل للطبع و النشر و التوزيع، بيروت لبنان 2002.

    -    مالك شبل، الجنس والحريم وروح السراري، السلوكات الجنسية المهمشة في المغرب الكبير، ترجمة: عبد الله زارو، إفريقيا الشرق، المغرب، د.ط، 2010.

    -    محمد بن محمد العدواني، تاريخ العدواني، تحقيق وتعليق: أبو القاسم سعد الله، دار الغرب الإسلامي،1996، بيروت، ط1. 

 

 

المذكرات والرسائل الجامعية:

    -    أحسن دواس، صورة المجتمع الصحراوي الجزائري في القرن التاسع عشر من خلال كتابات الرحالة الفرنسيين، مقاربة سوسيو ثقافية، رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في الأدب المقارن شعبة أدب الرّحلة، 2007− 2008.

    -    خليفة عبد القادر، تحوّلات البنى الاجتماعية وعلاقتها بالمال العمراني في مدى الصحراء الجزائرية- دراسة سوسيو أنثروبولوجية لمدينة تڤرت (وادي ريغ)-، أطروحة دكتوراه في العلوم في علم الاجتماع، تخصص أنثروبولوجيا ثقافية واجتماعية، السنة الجامعية: 2010-2011.

    -    زينب المعادي، الجسد الأنثوي وحلم التنمية: قراءة في التصورات عن الجسد الأنثوي بمنطقة الشاوية، منشورات الفنك 2004. 

    -    نبيل حويلي، أشعار الزواج بمنطقة المزازقة (مقاربة نياسية)، رسالة ماجستير في الأدب الشعبي، قسم الأدب العربي، جامعة مولود معمري، تيزي وزو- الجزائر، 2012.

    -    ثالثا: المجلات والمنشورات:

    -    كمال عمران وآخرون، الحنة وظائفها وطقوسها الاجتماعية، دراسة أنثروبولوجية في قرية بلوزن الساحلية، مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات، سلسلة الآداب والعلوم الإنسانية، مج33، عدد01، 08/02/2011.

    -    يمينة بن صغير حضري، سياسة التوغل الاستعماري بمنطقة وادي ريغ، مجلة الواحات للبحوث والدراسات، المجلد السابع، العدد 2، 2012.

    -    رابعا: مواقع الإنترنت

    -    Cosmétique et maquillage du Djerid et Oued Righ: https://www.Tougourt.org

    -    تطور الانشغال السوسيولوجي بالجسد، حسني إبراهيم عبد العظيم، موقع الحوار المتمدّن:

    -    www.alhewal.org/debat/show.art/asp?aid.256629. 

 

 

الصور

    -     الصور من الكاتبة 

 

أعداد المجلة