فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
61

نطرز تعدديتنا بخيوط الألفة

العدد 61 - لوحة الغلاف
نطرز تعدديتنا بخيوط الألفة

 

بأزيائهم الشعبية ولغاتهم المتعددة، توافد ما يزيد على 120 شخصاً من مختلف أقطار العالم إلى «مركز المنظمات الدولية للتراث الثقافي»، مكللين بزهوٍ واعتداد بهوياتهم الوطنية الفريدة، وممثلين بلدانهم وثقافاتهم بكل ما أوتوا من حبٍ وافتخار، لحضور اجتماع الجمعية العمومية لـ «المنظمة الدولية للفن الشعبي IOV» لعام 2023، والذي عقد على مدى ثلاثة أيام (9 – 11 مارس 2023) في إمارة الشارقة البهية، بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، تحت رعاية كريمة من سمو حاكمها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وبالتعاون مع «معهد الشارقة للتراث».

في هذا الاجتماع الحافل، نوقشت مختلف أمور المنظمة، ابتداءً بالتقارير المالية العامة للأعوام الماضية، مروراً بأنشطة المكتب الرئاسي للمنظمة في مملكة البحرين، وصولاً لأنشطة الأمانة العامة للمنظمة بإيطاليا وتقارير مدراء الأقاليم بقارات العالم، عبوراً لمناقشة التعديلات على اللوائح والأنظمة الداخلية للمنظمة من قبل اللجنة القانونية، وانتخاب أعضاء المجلس التنفيذي للدورة القادمة، وغيرها من الأعمال اللازمة لضمان سير المنظمة بثبات نحو تحقيق هدفها الأسمى، وهو المحافظة على التراث والهوية المتفردة للشعوب، ودعم التبادل والتفاهم الثقافي اللازم للوصول إلى السلام العالمي.

إلّا أن تحقيق المنظمة لرؤيتها وأهدافها تجلّى في هذه الأيام الثلاثة بمظاهر المودة والصداقة والحميمية الصادقة التي بدت بين أعضاء المنظمة. كان اجتماع الجمعية العمومية تعبير حميم عن لم شمل العديد من الأعضاء اللذين باعدت بينهم الظروف خلال الأعوام الماضية، وكان فرصة ثمية للالتقاء بأصدقاء جدد انضموا مؤخراً للمنظمة، وقد أبدى المشاركون مظاهر الفرح والاحتفال، مزدانين كل يوم بطلةٍ شعبية مختلفة.

يجلس المتأمل فيرى أمامه مزيجاً زاهياً من ألوان الملابس وأشكالها، واختلاط مدهش بين الحضارات والثقافات؛ فترى الهنديّ مستغرقاً في حوار مع امرأةٍ أوكرانيّة، وشابات كرواتيات يلتقطن صوراً لعرض الوفد اليونانيّ، ومكسيكية وبحرينية تتبادلان سبل التواصل، وشخصٌ من نيبال يتبادل المزاح مع آخر من إيطاليا، فتنتابه الدهشة من حيوية موقع الاجتماع، والروحيّة التي أضفوها على مكان إقامتهم، والشوارع التي أحيوها أثناء زياراتهم للأمكنة، روحيّة شفافة مطبوعة بالتنوع والتعدد؛ باللغات المختلفة، والضحكات المتناغمة، وتهاليل استقبال الأحبة والرفاق، وما أن يرى الواحد منا هذا المشهد، إلا ويقول بينهُ وبين نفسه: إذاً هو ممكن! هذا الخليط الثقافي والحضاري المتناغم في حبٍ ووئام ممكنٌ بالفعل! كل أقطار العالم تحت سقفٍ واحد، تجمعهم الصداقة والرغبة السامية في الحفاظ على التراث والهوية... أمرٌ متحققُ في هذا الحدث.

لقد كان لافتاً في اجتماع هذا العام، الحضور البارز لفئة الشباب، من البحرين، والمكسيك، وجورجيا، وبلغاريا، وألمانيا، وأمريكا، وكندا، وكرواتيا، والباراغواي، والبرازيل، والهند، وإندونيسيا، وهندوراس، وإيطاليا، وأوكرانيا.. أتى كلٌ منهم ممثلاً بلاده في اجتماع شباب المنظمة الذي عقد ضمن اجتماعات الجمعية العمومية، وقد بدت على وجوههم، وفي نبرات أصواتهم، رغبةٌ ملحة بإحداث التغيير، وصياغة خطط عمل متقنة لترويج رسالة حفظ التراث الثقافي بين جيل الشباب، والتصدي للآثار السلبية للعولمة الطارئة التي تنحو نحو أحادية ثقافية، تهدد التنوع الثقافي، وتعدد الهويات، وتهمل صون التراث، ونقله للأجيال القادمة.

هنيئاً لشعوب العالم هذه الفئة الشابة، فلا خوف على أصالة الهوية، ما دامت الثقافة الشعبية بين يدي محبيها.

 

أعداد المجلة