فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
61

ثقافة النخلة من خلال الأمثال الشعبية في مملكة البحرين «الجزء الثاني»

العدد 60 - أدب شعبي
ثقافة النخلة من خلال الأمثال الشعبية في مملكة البحرين «الجزء الثاني»
كاتب من البحرين

 

من خلال عدة مصادر للأمثال الشعبية في مملكة البحرين بالإضافة لعدة أمثالٍ وكناياتٍ شعبية سمعناها من خلال مجاورة ومعايشة نخبة من حاملي التراث وحفظة الأمثال الشعبية في مملكة البحرين، من خلال كل ذلك، قمنا بفرز تلك الأمثال والكنايات الشعبية التي لها علاقة بثقافة النخلة. 

هذا، وقد قمنا برصد 111 مثلاً شعبياً لها علاقة بثقافة النخلة، وقد قمنا بتقسيم هذه الأمثال في ستة أقسام، تناولنا منها قسمين في الجزء الأول من هذه الدراسة وهي: الأمثال التي ذكرت فيها النخلة أو الأكار، والأمثال التي ذكر فيها عذق النخلة أو ما يصنع منه. وفي هذا الجزء سوف نتناول ثلاثة أقسام أخرى وهي: الأمثال التي ذكر فيها ثمر النخلة أو الدبس، والأمثال التي ذكر فيها جذع النخلة أو ما يصنع منه، والأمثال التي ذكر فيها ليف النخلة أو ما يصنع منه.

القسم عدد الأمثال عدد الأمثال المتكرره
الأمثال التي ورد فيها ذكر الشيص 1  
الأمثال التي ورد فيها ذكر الحبمبو أو الخلال 3  
الأمثال التي ورد فيها ذكر الگفگاف أو الخفار 6  
الأمثال التي ورد فيها ذكر البسر أو الرطب 11 2
الأمثال التي ورد فيها ذكر التمر 14  
الأمثال التي ورد فيها ذكر الحشف أو التمر والحشف معاً 3  
الأمثال التي ورد فيها ذكر الدبس 4  
المجموع 42 2

جدول رقم (2): تقسيم الأمثال والكنايات التي ذكر فيها ثمر النخلة أو الدبس

القسم الثالث: الأمثال التي ذكر فيها ثمر النخلة أو الدبس

تم حصر 42 مثلاً شعبياً وردت فيه مسميات ثمار النخلة المختلفة، وكذلك الدبس، يذكر أن هناك العديد من الأسماء لثمرة النخلة، بحسب المرحلة التي تمر بها، وهذه المسميات هي: الحبابو، والخلال، والبسر، والرطب، والتمر، وحتى الثمر الذي يفسد، في مرحلة من مراحل النمو، تكون له مسميات خاصة، وهي: الشيص، والگفگاف، والخفار، والحشف. هذا وقد وردت جميع تلك المسميات في أمثال شعبية. ويضاف لتلك القائمة من الأمثال الشعبية أمثال شعبية أخرى ورد فيها ذكر أسماء لأنواع معينة من الرطب، كما أن هناك أمثال شعبية ورد فيها ذكر الدبس الذي يحضر من التمر (أنظر جدول رقم 2).

1)    الأمثال التي ذكر فيها الشيص :

عندما لا يتم تلقيح النخلة أو لا تُلقح بصورة جيدة، تنمو الأزهار الغير ملقحة لتتحول لثمرة لكنها لا تحتوي على بذور، وعادة ما تكون هناك ثلاث ثمرات ملتصقة في قمع واحد، تعرف حينها هذه الثمار باسم (الشيص) (صورة رقم 1). والشيص يمر بنفس مراحل الثمرة الطبيعية لكن طعمها ليس جيداً. وفي اللغة الفصحى يقال أشاصت أو شيص النخل أي أثمرت الشيص (لسان العرب، مادة شيص)، والعامة تقول (نخلة مشيصة) و(شيصت النخلة). ومن الأمثال التي ذكر فيها الشيص:

1.1   أ - الشيص في الغبة حلو (الضبيب وآخرون 1989، ص 187)، (المدني، من غير تاريخ، ص 265) .

    ب - شيص في القبة حلو (العريفي، بدون تاريخ، ص 151)

الغبة هي عرض البحر، ويضرب المثل «عندما يتوفر شيء ما رديء في وقت يعز معه الحصول على الشيء الجيد» (الضبيب وآخرون 1989، ص 187)؛ فالشيص الذي لا يؤكل في الظروف الاعتيادية يصبح عزيزاً في غبة البحر عندما لا يكون معك رطب أو تمر. وهذا المثل من الأمثال البحرية المشهورة في الخليج العربي.

2)    الأمثال التي ذكر فيها الحبمبو أو الخلال:

تعرف أول مرحلة من تكون ثمرة النخلة عند العامة باسم (الحبابو) أو (الحبمبو) حيث تكون الثمرة كروية الشكل تقريباً وخضراء اللون (صورة رقم 2). أما الخلال فهو المرحلة الثانية من تكون الثمرة؛ حيث تكبر الثمرة وتبدأ بالتحول تدريجياً للشكل البيضاوي تقريباً، ويبقى لون الثمرة في هذه المرحلة أخضر. هذا، وقد يتساقط الحبابو والخلال ويرطب ويسمى حينها (خمال) وهو يجمع ويؤكل أيضاً. ومن الأمثال التي ذكر فيها الحبابو أو الخلال:

1.    1.2     إكلي خلالة ونامي

وتأتي هذه الكناية دائماً بصورة المؤنث، فيقال فلان إكلي خلالة ونامي، للذكر والأنثى، وربما كانت هذه الكناية من كنايات النساء تقلنها لبعضهن لوسمهن بقلة العمل وعدم الإكتراث بأعمال المنزل. وتقال هذه الكناية للشخص الكسول الذي لا يحب العمل، كما تقال للشخص الذي لا يرغب في أن يعي ما يدور من حوله. فالمقصود بالكناية أن الشخص لا يكترث إلا بأكله فقط.

2.     - أ - بعد ما رَطبت ردت حبابو 

    ب - بعد ما رَطبت ردت حبمبو (عبدالله ابو جواد)

    ج - بعد ما رَطبت ردت خلالة (حبيل 2010، ص 325)

     د - عگب ما رَطبت ردت حبنبو (السليطي 1989، ص32)

هـ - عگب ما رَطبت ردت خلالة (حسين خلف).

أي بعد أن نضجت ثمرة النخلة وتحولت من حبابو أو خلالة إلى رطب، عادت لتبدأ دورة حياتها من جديد فتحولت لحبابو أو خلالة مرة أخرى. وقد ذُكر هذا المثل في كتاب «أمثال وأقوال من عامية الأحساء» بلفظ «عقب ما رطبت ردت خلاله»، وجاء في شرحه أنه «يضرب للأمر تظن أنك أفلحت فيه ولاحت لك منه تباشير النجاح ولكن النتيجة تكون مخيبة للآمال» (الرمضان 2016، ص 461). وأحياناً يضرب المثل في الرجل الكبير الذي يتصابى أو يتشبب. 

3.  من بعد العز والدلال خلونا أنلايم خلال 

    (حساب ):

أي من بعد أن كنا أصحاب نخل نعيش منه أصبحنا نجمع ثمار النخل، وهو كناية عن نقص المدخول وصعوبة البحث عن الرزق، ويضرب هذا المثل عند تغير الأحوال، من أحوال معيشية جيدة إلى أحوال أسوء منها، ومن سهولة إيجاد الرزق لصعوبة تحصيله.

3)    الأمثال التي ذكر فيها الگفگاف أو الخفار:

الگفگاف، ويسمى أيضاً الخفار، هو الحبمبو (ويقال أيضاً الحبابو) الجاف أو الخلال الجاف (صورة رقم 3)؛ حيث يحدث، أحياناً، أن يجف أو يفسد الحبمبو أو الخلال حيث ينتفخ قشره الخارجي لكن جوفه خال ليس به شيء، كما يتغير لونه إلى اللون الأحمر البني، وفي هذه الحالة تسمى الگفگاف أو الخفار. ولفظة الگفگاف أصلها قفقاف، جاء في معجم لسان العرب (مادة قفف) «قفْقَف النَّبْتُ وتَقَفْقفَ وهو قَفْقاف: يبس». 

ومن الأمثال التي ذكر فيها الگفگاف أو الخفار مايلي:

1.     أرق من قشرة الگفگافة(العرادي 2016، ص 261)

كناية عن رقاقة الشيء وهشاشته، وذلك مقارنة بقشر القفقاف الهش والذي يتكسر بسرعة عند الضغط عليه بالإصبع حتى وإن كان ضغطاً بسيطاً.

2.     أول تطيبة خفار (الناصري، بدون تاريخ، ص 196)

انفرد الناصري بهذا المثل والذي لم أسمعه ولم يرد في أي كتاب آخر للأمثال، من الكتب التي أطلعت عليها. ومصطلح «طيب النخلة» معروف قديماً ذكره داود فولاذ في كتابه «النخلة في التراث البحريني»؛ حيث قال: «هي بداية خراف النخلة (جني الرطب لأول مرة)، وتنظيف العذوق من الأوساخ والقفقاف» (فولاذ 2019، ص 122). ومعنى المثل أن أول مرة يجنون الرطب من نخلة معينة وإذا بالمحصول كله خفار أي فاسد، ويضرب المثل عند الإخفاق في بواكير الأمور، ويطلق على وجه التهكم (الناصري، بدون تاريخ، ص 196).

3.     ترعى من الگفگاف (الناصري، بدون تاريخ، ص 251)

وهذا المثل انفرد بذكره الناصري أيضاً، وذكرناه هنا لتشابهه مع المثل «ما تسمن من گفگاف» والذي سنأتي على ذكره لاحقاً. ويقول الناصري في شرح هذا المثل: «يضرب توهيناً للشيء الغير مرغوب فيه، ويطلق على وجه الذم و(ترعى) إشارة للبهيمة.. والمثل من الكنايات ومعناه إن البهيمة التي ترعى من الگفگاف هزيلة لا تصلح للذبح وليس فيها ربح عند العرض للبيع، كالأمر الذي يكون أصله ضعيف فهو بعيد عن الفائدة» (الناصري، بدون تاريخ، ص 251).

4.     عطوه گفگافة وتلمسوا چفله

ومعنى المثل أن جماعة قامت بشراء خروف ثم قامت بإعطاء الخروف علفاً رديئاً لا يسمن، وهو الگفگاف، وبكمية قليلة جداً، ولفترة زمنية قصيرة، وبعدها قاموا بتلمس كفله ليرو النتيجة، هل سمن أم لا. ويضرب المثل للشخص قليل الصبر الذي يتعجل النتيجة. 

وفي مقال نشر في صحيفة صبرة الإليكترونية (2019) (sobranews.com) أن هذا المثل معروف في القطيف، ويضرب في «من يظنّ أن نتائج عمله ستكون سريعة» وكذلك يضرب في «من يظنّ أن في فعله فائدة، لأن «القفقاف» حشف يابس غير مفيد غذائياً» (صحيفة صبرة الإلكترونية 2019).

هذا، وقد ذُكر في كتاب «أمثال وأقوال من عامية الأحساء» مثلاً شبيهاً بهذا ويضرب في نفس الموقف وهو «اعطه سحه وطق كفله»، والسحة هي التمرة (الرمضان 2016، ص 115).

5.     ما تسمن من گفگاف (العرادي 2016، ص 261)

ومعنى المثل أن الگفگاف علف رديء ولو أعطيته للماشية فإنها لن تسمن، وهذا المثل شبيه بالمثل السابق «ترعى من الگفگاف».

6.     فلان ما يستاهل خفارة (العرادي 2016، ص 107)

ومعنى الكناية أن فلان لا يستحق أن أعطيه خفارة واحدة، أي أنه لا يستحق أن أعطيه شيئاً، وهو كناية عن الرخص، ويضرب المثل «للدون من الناس» (العرادي 2016، ص 107). وربما قيلت الكناية للأشياء ايضاً وليس بالضرورة الأشخاص، وهذا شبيه بالكنايات الشعبية الأخرى المتداولة، مثل، ما يستاهل أو ما يسوى فلس.

4)    الأمثال التي ذكر فيها البسر أو الرطب:

البسر هي مرحلة تلون الثمرة فتكتسب اللون إما الأصفر، أو الأحمر، أو الأشهل، أي الأحمر المصفر. أما الرطب فهي عملية نضج البسر وتسمى مرحلة الترطيب، فيقال رَطّبت البسرة أي نضجت؛ حيث تصبح لينة ويتغير جزء منها إلى اللون البني. ومن الأمثال والكنايات الشعبية التي ذكر فيها البسر أو الرطب مايلي: 

1.     أوصيك من تاخذ مرة                   خذها من بني جمرة

الخد بسرة أخنيزي               والخشم غرة 

 (الناصري 1990، ص 144)

هذه من أقوال النساء التي تجري عندهن مجرى الأمثال، وعادة ما يشبه الخشم الجميل برطب الغرة، وهو من الأصناف المبكرة والمفضلة. أما الخنيزي فهو كذلك من الاصناف المفضلة ولون بسره أحمر، فلذلك يشبه إحمرار خدود الوجه بالخنيزي. 

2.     بسر في منسف (السليطي 1989، 27)

سبق شرحه عند الحديث عن المنسف في الجزء الأول من هذه الدراسة.

3.     بوزك مهب بوز اخلاص ذكر في: (السليطي 1989، ص27)

البوز بمعنى الفم، والخلاص نوع من أجود أنواع الرطب، ومعنى المثل أن شخص يخاطب آخر ويقول له أن فمك هذا لا يستحق الخلاص، أي أنك لا تستحق أكل الخلاص، ويضرب المثل لمن ليس أهلاً لعمل ما (السليطي 1989، ص 28). 

4.     تعففت نصرة عن بوگة البسرة (الناصري، بدون تاريخ، ص 260)، (عبدالله أبو جواد)

معنى المثل أن نصرة، وهو اسم علم مجهول جيء به لأجل التسجيع مع لفظة بسرة، قد تعففت عن سرقة البسر، ويضرب المثل في من يتجنب عن فعل مخالفة بسيطة، كسرقة بسرة على سبيل المثال، لكنه لا يتورع عن فعل مخالفات أكبر من ذلك (الناصري، بدون تاريخ، ص 260).

5.     جت إمي، جت إمي، جابت أعدوگ السلمي

     (حسين خلف) 

السلمي هو نوع من أنواع الرطب، وقد سبق شرح هذا المثل عند الحديث عن الأمثال التي ذكر فيها العذق، وذلك في الجزء الأول من هذه الدراسة.

6.     حماتي يا غناتي طعمش طعم أخوش، طعم  أخوش أخنيزي وطعمش أخلاص (الفردان  2016، ص 104)

الخنيزي والخلاص من أنواع الرطب المشهورة، وهذا المثل من أهازيج النساء والتي تجري عندهن مجرى الأمثال؛ فهو مما تتمثل به المرأة لحماتها، أي أخت زوجها، وتشير به لحبها وإخلاصها لزوجها، وكذلك لحماتها (الفردان 2016، ص 103).

7.     طالب عليي حبيبي طلبة عسرة، في الگيض  وردة وفي بنچ الشتا بسرة (الناصري 1990، ص 154)، (عباس الصفار)

هذا المثل من أهازيج النساء والتي تساق عندهن كالأمثال، ويساق المثل على لسان الزوجة التي تقول إن زوجها، أو إبنها، قد طلب منها طلب صعب، وهي وردة في الصيف، وهي لا تنبت في الصيف، وفي الشتاء طالب عليها رطب، والرطب موسمه في الصيف. ويضرب المثل عندما يطلب شخصاً من آخر طلباً من الصعب، أو من المستحيل، تحقيقه.

8.     الغرة غراني به والخنيزي ما صخى به (حساب)

هذا المثل شاهدته في مقطع فيديو تم نشره في حساب عامر مفتاح () على الإنستقرام بتاريخ (4/7/2020)، وقد جاء المثل على لسان الحاج ميرزا من قرية توبلي. ومعنى المثل أن هناك شخصا عنده نوعان من الرطب، الغرة والخنيزي، والتي تعتبر من أجود أنواع الرطب، غير أن هذا الشخص لا يهادي من هذه الأنواع من الرطب، وهي ما جرت عليه العادة لمن يمتلك النخيل سابقاً أن يفرق شيئا من رطبه في موسم الصرام على الأهل والأصحاب، وهي ظاهرة ارتبطت بمثل شعبي ذكرناه في الجزء الأول وهو «لين صار الصرام كل الناس اكرام». ولا يكتفي هذا الشخص أنه لا يهدي أحداً، بل يتفاخر أنه يمتلك نخيل غرة، فهو يفتخر بامتلاكه الغرة (يغر الآخرين به)، وكذلك (لا يصخي) بالخنيزي أي نفسه لا تطاوعه أن يعطي الآخرين من الخنيزي.

ويساق المثل على وجه التهكم للشخص الذي لا يجود على الآخرين بما أنعم الله به عليه، والأدهى أنه يتباهى بهذه النعمة. 

9.     لا تحط في الخلاصة گموع (حسين خلف) 

الگُمع أي القُمع (أنظر صورة رقم 4) هو الجزء الذي يربط الرطب بشماريخ العذق، واللفظة عربية فصحى (أنظر لسان العرب مادة قمع). ومعنى المثل أن الخلاص، وهو من أجود أنواع الرطب، لا يحتاج لوجود قمع ليعطيه جمالاً، ويضرب المثل للشيء الجيد الذي لا يحتاج لشيء آخر ليجعله أكثر جودة، أو للشيء أو الشخص الذي لن يستنقصه عيب بسيط أو زلة بسيطة. 

10.     مريسة رطب (المدني، بدون تاريخ، 332)

ذُكر هذا المثل في كتاب «الثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية» (ج5، ص 606)، وجاء في شرحه أن المريسة هي التمر الممروس بالماء، أما مريسة الرطب فلا يظهر فيها اللون ولا الطعم لعدم نضجها وتركز حلاوتها مثلما يكون في مريسة التمر العادي، ويضرب المثل في الإنسان أو الشيء يكون على غير مظهره.

كما ذُكر هذا المثل في كتاب «الأمثال الدارجة في الكويت»، وجاء في شرحه أن المثل يضرب لمن لا خير فيه أو لا رأي له (آل نوري 1981، ص 362).

11.     يا ماكل خنيزي عراد ويا شارب ماي الطُبع

 (العرادي 2016، ص 111)

هذه من الأقوال أو الأهازيج التي يوردها البعض، خصوصاً أهل عراد، كأمثال، والطُبع من العيون الطبيعية في عراد.

5)    الأمثال التي ذكر فيها التمر:

التمر ومفردها تمرة وهي الثمرة عندما يتم نضجها فيتغير لونها للأسود وتفقد جزء من رطوبتها فتصبح جافة أو شبه جافة. هذا، وتستخدم لفظة تمرة كناية عن الشخص اللين في طباعه أو الشخص الكريم، وذلك في مقابل لفظة الحشفة، وسوف نتناول ذلك بالتفصيل عند الحديث عن الحشف.

1.     إذا غلبك التمر حيسه (الناصري، بدون تاريخ، ص 62)

تحييس التمر، أي تنقيته من الأنوية التي بداخلة وبعدها يعجن مع السمن. ومعنى المثل إنك إذا لم تستطع أن تأكل التمر لأنه صلب، فقم بعجنه مع السمن فيصبح ليناً، كذلك إذا تعسر عليك إصلاح أمر بصورة معينة، فحاول إصلاحه بصورة أخرى.

2.     أكلني في غز وغز خلي (الناصري، بدون تاريخ، ص 105)

غز التمر، بصورة عامة، أي ملئ اليد من التمر، وبصورة خاصة يقصدون بغز التمر، أي التمر الذي يضاف إليه إضافات كالسمسم أو الهيل، ولذلك جاء المثل باللفظتين، الغز الخلي، وهو المعنى العام لغز التمر أي فقط ملئ الكف من التمر، أما غز التمر فقط فيُقصد به غز تمر مضاف إليه إضافات أخرى. 

ويضرب المثل عند ما يهزم شخص في النقاش، بحيث أن أحد الأطراف لا يترك مجالاً للآخر بالكلام بل يباغته بالرد السريع والكلام المتواصل. وهذا المثل من الأمثال التي انفرد بذكرها الناصري، وهو شبيه بمثل شعبي آخر وهو «أكلني بگشوري».

3.    أ- إن كنت تاكل التمر غيرك يحسب الطعام (الضبيب وآخرون 1989، ص 79)

    ب- إن كنت تاكل التمر غيرك يعد الطعام (الضبيب وآخرون 1989، 79) 

    ج- انت تاكل وأنا أحسب عليك الطعام (الناصري، بدون تاريخ، ص 175)

    د - ياكلون ونعد الطعام (المدني، بدون تاريخ، 204)

    هـ - انته تاكل التمر والناس تحسب الطعام (عبدالله أبو جواد)

الطعام هو نوى التمر، ويضرب المثل لقوة الانتباه والوعي أو للتنبيه، ومعنى المثل أن قائله واعٍ لما يدور حوله أو أن المخاطب مراقب في أفعاله (الضبيب وآخرون 1989، ص 79)، (الناصري بدون تاريخ، ص 175).  ذكره الرمضان بلفظ «أنت تاكل التمر ووراك من يعد الطعام» (الرمضان2016، ص 169). 

4.     التمر بالخص والعيش بالگص والماي بالمص (السليطي 1989، ص 101)

يشير المثل إلى آداب الأكل فلكل نوع من الأكل طريقة في أكله، فالتمر يؤكل واحدة واحدة، ويجب أن يتم اختيار تلك التمرة بالنظر ثم مد اليد مباشرة لها، فلا يتم تحسس كل التمر باليد، أما العيش أو الرز فعلى كل شخص أن يمد يده في الجزء الذي أمامه من الطبق وألا يمد يده أمام الآخرين، أما شرب الماء فيتم دون إصدار أي صوت (السليطي 1989، ص 101).

والمثل يشير إلى أن لكل عمل طريقة معينة في الأداء كما أن لكل نوع من الطعام طريقة وآداب في أكلها. وهذا المثل معروف في دول الخليج أيضاً فقد ورد في كتاب «الثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية» (مجلد 11، ص 80) بلفظ «أكل التمر خص والعيش قص». كما ورد المثل في كتاب «دراسات في التراث الشعبي لمجتمع الإمارات» بلفظ «التمر بالخص والعيش بالقص» (غباش 1994، ص 250).

5.     تمرنا العتيگ (الناصري، بدون تاريخ، ص 268)

من الأمثال التي انفرد بذكرها الناصري ومعناه هو كتمرنا العتيق أي القديم، ويضرب هذا المثل تبكيتاً بالشيء القديم الذي لم يدخل عليه تطوير وتجديد (الناصري، بدون تاريخ، ص 268).

6.     تمر في اشته (المدني، من غير تاريخ، ص 191)

يعتبر التمر من الأكلات التي يرغب الناس بأكلها في الشتاء وذلك لزعمهم أنه يعطيهم طاقة تدفئ أجسامهم وتقيهم شدة البرد، وهذا ما ورد في قصة المثل «راعي لضوية» والذي نورده لاحقاً. وهذا المثل كناية عن الشيء أو الشخص المرغوب فيه والذي لا غنى عنه.

7.     تمرك حلو يا خالي، من نحسي يا ولد أختي (العدوي 2019، غير منشور، ص 85)

في هذا المثل أحد الأشخاص يقول لخاله: «إن تمرك لذيذ»، فأجابه خاله: «هذا من سوء حظي»، وربما يقصد بهذا القول أنه لسوء حظه أن تمره لذيذ ويرغب فيه الزائر فيكرر الزيارة  فقط ليأكل من تمره اللذيذ وليس لزيارته. وهذا شبيه بالمثل الذي ذكره آل عبدالقادر في كتابه «المختار من الأمثال الشعبية في الأحساء»، وهو «وعاك يا خالي حلو، قال من قرادتي يا بن اختي» وقال في شرحه أنه يضرب «لمن يستطيب حاجة غيره ولا يفكر في مقدار مضرته وخسارته» (آل عبدالقادر 2002، 243). 

8.    أ - تمرة ما يضرها اللاحوس (المدني، من غير تاريخ، ص 210) 

      ب - مثل التمرة ما يجوز عليها التلاحيس (المدني، من غير تاريخ، ص 330)

ذكر المثل في كتاب «الأمثال الدارجة في الكويت» بلفظ «تمره ما يضرها اللاحوس»، وجاء في شرحه، أن المثل مرتبط بمعتقد شعبي وهو أن التمر لا يتسم بشيء، واللاحوس هو الطائف من الحيوان المسموم كالزواحف والحشرات، ويضرب المثل للشخص المقاوم للأمراض أو الشخص معتاد المخاطر والذي اعتاد الخروج منها بلا ضرر (آل نوري 1981، ص 89). وذكر المثل العبودي بلفظ «تمره ما تقدر عليها اللاواحيس»، وقال أن اللواحيس جمع لاحس وهو «سام أبرص» (أي الوزغة أو أبو بريص)؛ حيث زعمت العامة أن السام أبرص إذا وجد طعاماً مكشوفاً يمسه بلسانه فيصبح ساماً، أما التمر فإنهم يقولون أن اللاحس لا يصيبه بسم لأنه مستثنى من أذاه (العبودي 2010، ج1 ص 323). كما ذكر المثل آل عبدالقادر بلفظ «تمرة ما تخاف» (آل عبدالقادر 2002، ص 62).

9.     تمرة مگلاعوه (الناصري، بدون تاريخ، ص 267)

هذا من الأمثال التي انفرد بذكرها الناصري، ومگلاعوه تصغير مگلاع أي مقلاع، مشتق من فعل الإقتلاع، وهو عود من الخشب مدبب من الأمام ويستخدم في اقتلاع التمر من الجلة، وأثناء عملية الاقتلاع يحدث أن تلتصق تمرة أو أكثر بمقدمة المقلاع، وهذه التمرة يتشوه شكلها بسبب تعرضها للمقلاع مباشرة؛ فلذلك يطلق المثل على «الشيء الدنيء، ويطلق على وجه التهكم والمقت» (الناصري، بدون تاريخ، ص 267).

10.     راعي لظوية حيْه وراعي لسحيحة مات (السليطي 1989، ص 61)

راعي لظوية، أو لضوية، أي صاحب النار البسيطة، حيْه اي عاش، وراعي لسحيحة، أي صاحب التمر، فقد مات. وقالت السليطي أن هذا المثل مرتبط بقصة، وهي أن رجلين خرجا في ليلة باردة وقد اصطحب أحدهما معه تمراً، وعندما جلسا، قام صاحب التمر بإخراج التمر وبدأ يأكل ورفض أن يعطي الآخر، أما الآخر فقد قام بإشعال ناراً وعامل الأول بالمثل؛ فرفض أن يتدفأ معه بالنار التي أشعلها. وهكذا مات صاحب التمر برداً أما صاحب النار فعاش. وتضيف السليطي أن هذا المثل يضرب لأهمية التدفئة في الشتاء (السليطي 1989، ص 61 – 62).

هذا، وقد ذكر هذا المثل آل عبد المحسن في كتابه «الأمثال الشعبية في الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية» بلفظ «راعي لضوية عاش وراعي لسحيمة مات»، وفسر معنى لسحيمة أي الشخص الذي يملك كل شيء، وأضاف أن المثل يضرب إلى أن الأعمار بيد الله وهو القادر على كل شيء متى ما أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون (آل عبدالمحسن 1407 هـ، ص 248). 

كما ورد المثل في كتاب «الثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية» (ج5، ص 606)، بلفظ «راعي لضوية حيا، وراعي لتميرة مات»

11.     طبل طبله وزمر زمره وعلگو تمره على السِيف (عبدالله أبو جواد) 

ذكر هذا المثل الحاج عبدالله أبو جواد وقال في شرحه إن كناية «طبل طبله وزمر زمره» تعني أن الشخص غضب وأصابه العُجب في نفسه وتوهم أنه سوف يهزم أي شخص يتحداه، في العراك أو المناقشة، أما الكناية الثانية «علگو تمره على السِيف»، أي تم تعليق تمره على شاطئ البحر، فتعني أن الشخص تمت هزيمته، وفي الغالب تم ضربه ضرباً مبرحاً. ويضرب المثل للشخص الذي يَدّعي القوة، في العراك أو النقاش، ثم يُهزم وتذهب هيبته. 

وهذا المثل شبيه بالمثل البغدادي الذي ذكره جلال الحنفي وهو «انزمر زمره واتكال تمره»، وبرسم آخر «انزمر زمره وانَّكل تمره»، وقال الحنفي في شرحه «يضرب لمن لم يبق له طَول يُخشى ولا فضلٌ يرجى» (الحنفي 2011، ج1 ص 69)، ويفهم من كلام الحنفي أنه يقال للشخص الذي ذهبت هيبته. 

12.     طبل طبلي وزمر زمري وعلگو تمري على السِيف (الفردان 2020)  

استمعت لهذا المثل مع الشرح في مقطع فيديو لعلي خميس الفردان والذي نشره على موقع youtube.com بتاريخ 9/9/2020، كما أكد لي البعض هذه الصيغة والتي تستخدم لغرض يختلف عن المثل السابق والذي يشابهه في الكلمات ولكن تختلف صياغته. فعندما يأتي المثل بهذا الرسم يختلف المعنى وتختلف مناسبة الحديث، وفي الغالب يعتبر هذا المثل من أمثال النساء. وعندما تقول المرأة هذا المثل فإنها تعني أنها كبرت في السن وذهبت أيام شبابها، فكناية «طبل طبلي وزمر زمري» هي كناية عن الأفراح التي تكون في الأيام الأولى للزواج. ويساق المثل كجواب، على سبيل المثال، عندما يتم سؤال إحداهن «لماذا لا تلبسي الجديد؟» أو «لماذا لا تضعي الزينة؟» فتجيب «أني طبل طبلي وزمر زمري» أو «أني طبل طبلي وزمر زمري وعلگو تمري على السِيف». 

13.     أ- عندك يا حماري تمرٍ في كرّاز، گال: أطالعه وأنهگ عليه 

ب- عندك يا حماري تمر في كرّاز (المدني، بدون تاريخ، ص 190) (حسين خلف)

ج – عندك يا حماري تمر في جرة (العريفي، بدون تاريخ، ص 155)

وفي صحيفة صبرة الإليكترونية (2018) (sobranews.com)  خصص مقال لشرح هذا المثل والذي ذكر بلفظ «عندك يا حمار التمر في كراز»، وجاء في شرح المثل أن الكرّاز «من أنواع الجرار، له عُنق طويل ضيق» (صحيفة صبرة الإلكترونية 2018). فمعنى المثل، إذاً، أن شخصاً أراد أن يضع تمراً للحمار فقام بوضعه له في كرّاز، وقد عجز الحمار من الوصول للتمر؛ فعنق الكراز ضيق وبالتالي لا فائدة ترجى من وضع التمر للحمار والذي كل ما سيفعله هو النظر للتمر وتكرار النهيق. 

ويضرب هذا المثل عندما يريد شخص أن يقوم بعمل فينجزه ولكن بصورة تجعل من المستحيل الاستفادة منه، كما يضرب للشخص الذي يضع شيئا في موضع لا يمكن لأحد، لا هو ولا غيره، أن يستفيد منه. 

14.     كيف أفارگ بيتكم وتمركم عماري (حبيل 2010، ص 335)

معنى المثل أن شخصاً يخاطب جماعة من أصحابه ويقول «كيف لي أن أفارقكم وأنا أملأ جوفي من تمركم»، وفي حديثه إشارة واضحة أنه يصاحبهم فقط لأنه يستفيد منهم بالحصول على التمر. ويضرب المثل للشخص الذي يصاحب شخصاً أو جماعة فقط لأجل المصلحة.

6)    الأمثال التي ذكر فيهاالحشف أو الحشف 

    والتمر معاً:

الإحشاف، أو ظاهرة تكون الحشف، هي جفاف البسر وعدم تحوله إلى رطب، ويعرف حينها باسم الحشف والمفرد حشفة، وتكون جافة وليس فيها أي رطوبة (الصورة رقم 5). وتستخدم لفظة حشفة  كناية عن الشخص الخشن الطباع واليابس في المزاج، ويكنى عن ضده أي الشخص اللين الطباع بالتمرة (الناصري، بدون تاريخ، ص 268)، ومنهم من يكني عن البخيل بالحشفة وعن الكريم بالتمرة. وقد تم صياغة هذه الكناية في أكثر من صورة وذلك لتصوير تنافر الأشخاص المتشابهة في خشونة الطبع أو البخل وإلتقاء الضدين؛ فالحشفة مع حشفة لا تلصق، ولكن الحشفة يمكن أن تلصق بالتمرة، لأن التمرة بها لزوجة تجعلها تلتصق بحشفة أو بتمرة أخرى. ومن الأمثال التي تم صياغتها في هذا المعنى: 

1.      إذا صار حشفة صير أنته تمرة (عبدالله أبو جواد)

    وتساق هذه الكناية في صورة النصح، فإذا كان صاحبك خشن الطباع فكن انت ليناً.

2.     تمرة وحشفة (الناصري، بدون تاريخ، ص 268)

وقد أورده الناصري كصورة أخرى للمثل التالي.

3.     أ - حشفة وحشفة ما تلصق (الناصري، بدون تاريخ، ص 268) 

ب- احشفة مع احشفة ما تنلصق (الناصري، بدون تاريخ، ص 268)

ج- حشفة على حشفة ما تلصق (المدني، من غير تاريخ، 331)

د – حشفة ويا حشفة ما يتلازگون (حبيل 2010، ص 328)

وجميع الأمثال السابقة تعطي نفس المعنى، أي أن المتشابهين في الطباع الخشنة لا يلتقون، ويجب على أحدهما أن يكون لين الطباع. وهذا المثل من الأمثال المعروفة في العديد من الدول العربية ولكن بصور مختلفة؛ فقد ذكره الخليل بلفظ «احشفه على احشفه ما تلتصق» (الخليل 2012، ص42)، وذكره الحنفي بلفظ «حشفة على حشفة متلزگ» وبلفظ «حشفتين متلتزگ» (الحنفي 2011، ج1 ص 151)، وذكره العبودي بلفظ «الحشف ما يتلازقن» (العبودي 2010، ج1 ص 399). أما الرمضان فقد ذكر المثل بلفظ «جوالتين ما يتلاصقان»، والجوالة هي الحشفة (الرمضان 2016، ص 284). 

7)    الأمثال التي ذكر فيها الدبس:

1.     اگرع وطايح في جحلة دبس (الناصري 1990، ص 184)

هذا المثل كناية عن الشخص الذي عثر على شيء ثمين جداً جعله ينعزل عن الناس، وكأنه شخص يحب الدبس وقد وقع في جحلة الدبس، والجحلة إناء فخاري كبير ومن استخداماته أن يجمع فيه الدبس. وهذا شبيه بالمثل الذي ذكره الجهيمان في كتابه «الأمثال الشعبية في قلب الجزيرة العربية» وهو «فلان طايح في جفيرة الدبس»، وقال في شرحه إنه يضرب لمن وقع على شيء عذب شغله عن الناس، أو عثر على شيء ثمين بعد طول انتظار (الجهيمان 1402 هـ، ج 5 ص 119).

2.     خطار بيت خوالي يحچون عن من ضاقه

من الأمثال والقصص التي ارتبطت بالدبس قديما مقولة «خطار بيت خوالي يحچون عن من ضاگه». وقصة المثل كما يلي: يحكى ان شخصاً سألوه «تعرف الدبس»، فأجاب: «أكيد، طعمه لذيذ». فسألوه: «جربته»، فقال: «لا، لكن، خطار بيت خوالي يحچون عن من ضاگه»، أي أنه سمع من ضيوف بيت خاله يتكلمون عن من تذوق الدبس فقال أن طعمه لذيذ. وهو مثل يقال للتفريق بين من يتحدث عن خبرة وبين من ينقل الكلام دون خبرة.

هذا وقد ذكر آل نوري قصة مشابهة لهذه القصة، مع اختلاف بسيط، ضمن المثل «يا حلاة بالدبس»، ويبدو أنه نفس المثل ولكن بصيغة أخرى. انظر المثل «يا حلات الدبس». 

3.     محد ايگول دبسي حامض (السليطي 1989، ص 149)

معنى المثل أن بائع الدبس دائماً يمدح دبسه حتى وإن كان حامضاً أو فاسداً، ويضرب «المثل عند عدم الإقرار بالحقيقة والاعتراف بها، كعيب في الشخص نفسه او في أحد أقاربه» (السليطي 1989، ص 149). ذكر هذا المثل، أيضاً، الخليل بنفس اللفظ (الخليل 2012، ص 144)، ويعتبر هذا المثل أيضاً من الأمثال العامة أي أنه ليس خاصا بالدبس، فيرد المثل في بلدان عربية بصور مختلفة، على سبيل المثال ذكر الحنفي المثل «محد يگول لبني حامض»، وقال أن المثل يضرب في الغالب «لمن يطري شيئاً عنده وهو رديء لا ينبغي لمثله الإطراء» (الحنفي 2011، ج2 ص 89).  

4.     يا حلات الدبس (المدني، بدون تاريخ، 330)

ذكره آل نوري بلفظ «يا حلات بالدبس»، وروى لهذا المثل قصة، فيقال «أن بدوياً ذهب يمتار من إحدى مدن الإحساء فذاق الدبس ولم يعرف ما هو فوجده حلواً وسأل عنه فقيل هو الدبس ولما رجع إلى البادية حكى لأبن عمه عن لذة الدبس وحلاوته وبينما ابن العم كان جالساً في صحب له ذكر حلاوة الدبس وتعجب منها فسأله بعض السامعين هل ذقتها فقال لا ولكن ابن عم لي ذاقها في الأحساء» (آل نوري 1981، ص 500). وقال آل نوري المثل يضرب «لمن يتأثر بحديث غيره أو لمن يتعجب مما شاع في الناس ولا يعرفه هو» (آل نوري 1981، ص 500).

وهذا المثل والقصة شبيهة بالمثل الذي سبق أن ذكرناه وهو «خطار بيت خوالي يحچون عن من ضاگه».

القسم الرابع: الأمثال التي ذكر فيها جذع النخلة أو ما يصنع منه

جذع النخلة اسطواني الشكل ومستقيم لا يتفرع ويكون عادة ذا سمك واحد، وفي نهاية الجذع توجد السعف والتي عادة ما تقطع بعد يباسها ولكن تبقى قواعد تلك السعف أي الكرب محيطة بالجذع مما يعطي الجذع الشكل المدرج. وعادة ما ينتهي الجذع ببرعم ضخم مستدير وهو منطقة نمو النخلة وهي التي تحتوي على الجذب (تسميه العامة الجدب). وتكون القمة مغلفة بالليف والذي يعمل بمثابة عازل يحمي القمة من تقلبات الجو.

1)     جذع النخلة:

من الأمثال التي ذكر فيها الجذع ما يلي:

1.     خذ من الجذع لو سلاته (العريفي، بدون تاريخ، ص 156)

ذكر هذا المثل، أيضاً، آل عبدالمحسن في كتابه «الأمثال الشعبية في الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية» وقال في شرحه أن المثل يضرب للحث «بالأخذ بالأشياء البسيطة من الكل ففي ذلك فائدة وله أثر كبير» (آل عبد المحسن 1407 هـ، ص 211).

2.     فلان چنه جذع

وهذه كناية تقال للشخص الصلب أو ضخم الجسم.

2)     الگرو:

الگرو (القرو) هو وعاء كبير مجوف مستطيل يوضع فيه ماء لشرب البهائم أو طعام البهائم عند إطعامها. ويتم صنع (الگرو) من جذع النخلة حيث يتم قطع الجذع وتنظيفه من الخارج ومن ثم يحفر وسطه. وقد عممت العامة في البحرين لفظة الگرو حيث أطلقت على وعاء كبير مستطيل كان يصنع من البلاستيك ويستخدم للاستحمام. 

هذا، وقد وردت لفظة القرو في كتب اللغة بمعنى «قدح من خشب»، وكذلك جاء في لسان العرب «القَرْو أسفل النخلة، وقيل: أصلها ينقر وينتبذ فيه، وقيل هو نقير يجعل فيه العصير من أي خشب كان يستخدم لعدة أغراض». ومن الكنايات التي تستخدم فيها لفظة الگرو ما يلي:

1.     فلان گرو 

وتقال للشخص الأحمق من باب التشبيه؛ حيث أن الگرو مجوف من الداخل وهي كناية عن الشخص الجاهل الذي لا يمتلك رأي، وهذا كقولهم «فلان طبل» أو «فلان طبل أجوف» أي فاضي من الداخل.

القسم الخامس: الأمثال التي ذكر فيها ليف النخلة أو ما يصنع منه

يحاط جذع النخلة بغمد يتكون من قاعدة السعف، أي الكرب، والنسيج الليفي، أي الليف، ويتكون الليف من جزأين، اللُحمَة وهي عبارة عن أنسجة بيضاء، والسداة وهي عبارة عن حزم وعائية. وكلما نمت السعفة تختفي معظم أنسجة اللُحمَة تاركة الحزم الوعائية اليابسة السمراء كغلاف من الليف الخشن المحيط بالجذع (البكر 2013، ص 229) (صورة رقم 6). وقد كان الليف يستخدم في العديد من الأمور، فقد كان يستخدم في عملية دعك الأواني المعدنية لإزالة ما بها من أوساخ، كما استخدم أيضاً في دعك الجسم أثناء عملية الاستحمام، كما كان يستفاد منه في العديد من الصناعات، والتي أصبحت نادرة في الوقت الراهن، كصناعة الحبال، وصناعة الأرسن (مفردها رسن وهو حبل تقاد به الدابة)، وصناعة الكر، وصناعة البدود، وغيرها من الاستعمالات والحرف، وقد سبق أن تناولنا بالتفصيل الحرف التي تعتمد على ليف النخلة في دراسة مستقلة (حسين 2016).

ويمكننا تقسيم هذا القسم إلى قسمين، الأمثال التي ورد فيها ذكر الليف، والأمثال التي ورد فيها ذكر ما يصنع من الليف، وبالتحديد صانع الحبال، حيث أننا لم نرصد أي مثل يذكر بقية الأدوات التي تصنع من الليف.

1)     الأمثال التي ورد فيها ذكر الليف

1.    ضو ليف (حبيل 2010، ص 332)

الليف سريع الاشتعال إلا أنه إذا أشعلت فيه النار فهي لا تستمر طويلاً وسرعان ما تنطفىء. والمثل من الكنايات، يضرب للشخص الذي ينفعل بسرعة ولفترة وجيزة ثم يهدأ، وكذلك يضرب للشخص الذي يتحمس لموضوع ما، وسرعان ما يزول حماسه وتفتر عزيمته. وشبيه بذلك المثل الذي ذكره آل عبدالمحسن وهو «چلامه ضو في ليف»، ويضرب المثل «للإنسان الكاذب المنافق الذي لا يعيره الناس اهتماماً» (آل عبدالمحسن 1407 هـ، ص 175). وشبيه بهذا الكناية «بقة خوص» (جمال 2015 ص 291)، وسوف نشرحها لاحقاً في الجزء الثالث من هذه الدراسة.

2.     شعره چنه ليفة

وهذه كناية عن شدة جفاف الشعر وصعوبة تسريحه.

3.     أ- مسمار في ليف (فولاذ 2019، ص 31)

           ب – مسمار في ليفة (الذوادي 2013)

هذا المثل من الكنايات، ويقال في حالة عدم الأخذ بالكلام أو نفي حديثه (فولاذ 2019، ص 31)، أما خليل الذوادي الذي ذكر المثل بصيغة «مسمار في ليفة» فيقول إن المثل كناية عن « الكلام الذي لا يصاحبه فعل» وهو مغاير للمثل «مسمار في لوح» فالمسمار يثبت في اللوح ولا يثبت في الليف (الذوادي 2019).  وقد ذكر الجهيمان المثل «مسمار بليفة» وقال في شرحه أنه يقال للشيء الذي لم يركز ولم يثبت وإنما هو عرضة للسقوط (الجهيمان 1402 هـ، ج8 ص 62).

2)     الأمثال التي ورد فيها ذكر صناعة الحبال:

كانت الحبال قديماً تصنع، في الغالب، من ليف النخيل، كما كانت هناك أنواع أخرى من الحبال تصنع من أنسجة العسق، عراجين النخيل، وتبدأ عملية صناعة الحبال من العسق بترطيب العسق وذلك بدفنه تحت الرمل بالقرب من ساحل البحر لعدة أيام ليتشرب بالماء ويسهل تفكيكه واستخدام أنسجته، وبعدها يتم إخراج العرجون من الأرض ويتم ضربه بقطع كبيرة من الخشب حتى يتفكك ويتحول إلى ألياف (جمال 2003، ص 278)، بعد ذلك تبدأ عملية فتل الحبال بنفس طريقة صناعة الحبل من ليف النخيل. كما أن هناك حبال كانت تصنع من ألياف جوز الهند، وهي الحبال التي كانت تعرف باسم الگمبار، وقد كانت تستورد من الهند.

وفي هذه الدراسة لن نتطرق للأمثال التي ذكر فيها الحبال، ولكن سوف نكتفي بذكر الأمثال التي وردت فيها صناعة الحبال، وهي عملية فتل الحبال من ليف النخلة، ومن هذه الأمثال:

1.    كل من جا فتل احبال (حبيل 2010، ص 335) 

وفي رواية أخرى للمثل يقال «كل من أعمي فتل حبال»، ويضرب المثل للعمل أو الصنعة التي يكثر امتهانها حتى من غير المتخصصين، وربما شاع هذا المثل لكثرة من امتهن  فتل الحبال، ولأنها مهنة تحتاج للتفرغ فالعملية تأخذ وقتاً طويلاً والعامل فيها يحتاج للعزلة في المنزل، فليس لها مكان خاص للعمل. فالمثل يبدو أنه مجرد كناية لذلك الجلوس الطويل في المنزل، وليس بالضرورة أن المثل يشير للانتقاص من مهنة فتل الحبال التي توفر الحبال والكر، وهي مواد ضرورية للعمل في السفينة والعمل في الزراعة و بناء المنازل وغيرها. 

 

 

 المراجع باللغة العربية :

1.    آل خليفة، الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ومسلم، علي عطوة. زراعة النخيل في البحرين. وزارة شئون البلديات والزراعة، مملكة البحرين، الطبعة الثالثة 2004م.

2.    آل عبدالقادر، إبراهيم بن عبدالمحسن، المختار من الأمثال الشعبية في الأحساء، الدار الوطنية الجديدة، الخبر، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى 2002م.

3.    آل عبدالمحسن، عبدالله حسن منصور، الأمثال الشعبية في الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية، الجزء الأول، مطابع الصناعات المساندة المحدودة، الجبيل، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1407 هـ.

4.    آل نوري، عبدالله، الأمثال الدارجة في الكويت، منشورات ذات السلاسل، الكويت، 1981م.

5.    ابن منظور، لسان العرب. دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان

6.    البكر، عبدالجبار، نخلة التمر، ماضيها وحاضرها والجديد في زراعتها وصناعتها وتجارتها، الدار العربية للموسوعات، بيروت، لبنان، الطبعة الرابعة 2013م.

7.    الثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية، المجلد الخامس: الفلاحة، مجموعة مؤلفين، المشرف العلمي ورئيس هيئة التحرير سعد العبد الله الصويان، دار الدائرة للنشر والتوثيق، الرياض، المملكة العربية السعودية، 2000م.

8.    الثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية، المجلد الحادي عشر: الطب والعطارة، مجموعة مؤلفين، المشرف العلمي ورئيس هيئة التحرير سعد العبد الله الصويان، دار الدائرة للنشر والتوثيق، الرياض، المملكة العربية السعودية، 2000م.

9.    الجهيمان، عبدالكريم، الأمثال الشعبية في قلب جزير العرب، دار أشبال العرب، الرياض المملكة العربية السعودية، الجزء الخامس، الطبعة الثالثة، 1402 هـ.

10.    الجهيمان، عبدالكريم، الأمثال الشعبية في قلب جزير العرب، دار أشبال العرب، الرياض المملكة العربية السعودية، الجزء الثامن، 1402 هـ.

11.    الحنفي، جلال، الأمثال البغدادية، الدار العربية للموسوعات، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2011م.

12.    الخليل، أحمد محمود، حكمة الأجداد في تراث الإمارات، دراسة سوسيولوجية في الأمثال الشعبية، نادي تراث الإمارات، أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة، الطبعة الأولى 2012م.

13.    الذوادي، خليل (2013). مسمار في ليفة. صحيفة الأيام، العدد 9004 الأربعاء 04 ديسمبر 2013 الموافق 30 محرم 1435هـ.

14.    الرمضان، محمد حسين الشيخ علي، أمثال وأقوال من عامية الأحساء، جواثا للنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الرابعة، 2016م.

15.    السليطي، فاطمة عيسى، مثل ومعنى، الجزء الأول، المطبعة الحكومية لوزارة الإعلام مملكة البحرين، الطبعة الأولى 1989م.

16.    الضبيب، أحمد، وسند، إبراهيم، والسبيعي، إبراهيم، والخاطر، مبارك (جمع وإعداد)، ومراجعة: عبدالرحمن مسامح وعبدالرحيم روزبه، الأمثال الشعبية البحرينية، الجزء الأول، المطبعة الحكومية لوزارة الإعلام، مملكة البحرين، الطبعة الأولى 1989م، الطبعة الثانية 1996م.

17.    العبودي، محمد بن ناصر، الأمثال العامية في نجد، دار الثلوثية للنشر والتوزيع، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة الثانية، 2010م.

18.    العدوي، أحمد أبو ناموس، دراسة أسلوبية في اللهجة البحرينية: كرزكان نموذجاً. دراسة غير منشورة، أتم الدراسة في العام 2019م. 

19.    العرادي، عيسى محمد، مفردات لهجات مدينة المحرق وقراها، مركزابن هيثم البحراني للدراسات والتراث 2016م.

20.    العريفي، راشد، فنون بحرينية، المؤسسة العربية للطباعة والنشر، مملكة البحرين، بدون تاريخ.

21.    الفردان، أمينة، الأنثى والموروث الثقافي القروي، دراسة أنثوجرافية في قرية بحرينية، من إصدارات مجلة الثقافة الشعبية، الطبعة الأولى، 2016م.

22.    المدني، صلاح، أمثال البحرين الشعبية، النظرية والتطبيق، الطبعة الثانية، بدون تاريخ

23.    المزين، ماجد (1997م). مجتمع النخلة، مصنوعات النخيل وما يُستفاد من أجزائها. مجلة الواحة، العدد 6.

24.    الناصري، محمد علي، موسوعة الأمثال الشعبية في دول الخليج العربي، دار المشرق العربي الكبير، بيروت – لبنان، بدون تاريخ.

25.    الناصري، محمد علي: من تراث شعب البحرين، لم يذكر الناشر، المطبعة الشرقية – مملكة البحرين 1990م.

26.    جمال، محمد، معجم الألفاظ والتعابير الشعبية، مطبعة المنامة، مملكة البحرين، 2015م.

27.    جمال، محمد عبد الهادي، الحرف والمهن والأنشطة التجارية القديمة في الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، الكويت، الطبعة الأولى 2003م.

28.    حبيل، عبدعلي محمد، جزيرة سترة بين الماضي والحاضر، دراسة وتحليل، مطبعة المنار، مملكة البحرين، الطبعة الثانية 2010م.

29.    حسين، حسين محمد (2017). من الحرف التي تعتمد على ليف النخلة في مملكة البحرين، مجلة الثقافة الشعبية، أرشيف الثقافة الشعبية للدراسات والبحوث والنشر، المنامة البحرين، العدد 38، 2017م

30.    غباش، موزه عبيد. دراسات في التراث الشعبي لمجتمع الإمارات،  دار القراءة للجميع للنشر والتوزيع، دبي، الإمارات العربية المتحدة 1994م.

31.    فولاذ، داود يوسف أحمد، النخلة في التراث البحريني، الطبعة الأولى 2019م.

الصحف الإليكترونية ومواقع الإنترنت:

1.    صحيفة صبرة الإليكترونية (2019)، «عطوه قفقافة وتلمسوا كفله»، نشر بتاريخ 27/4/2019 على الرابط (تمت الزيارة بتاريخ 22/10/2020):  www.sobranews.com/sobra/36281 

2.    صحيفة صبرة الإليكترونية (2018)، “عندك- يا حمار - التمر في كرّاز”، نشر بتاريخ 31/3/2018 على الرابط (تمت الزيارة بتاريخ 26/11/2020): www.sobranews.com/sobra/7569 

الأفراد من مواقع التواصل الإجتماعي:

1.    الفردان، علي خميس (2020)، مقطع فيديو بعنوان: طبل طبلي وزمر زمري وعلقوا تمري على السيف، عرض على موقع youtube.com بتاريخ 9/9/2020، على الرابط (تمت الزيارة بتاريخ 3/6/2021):  www.youtube.com/watch?v=vw3UfK89MOM

2.     حسين جاسم خلف، من حساب (@bahranikoh) على الإنستقرام.

3.    عامر مفتاح، فيديو للحاج ميرزا من قرية توبلي نشره على حسابه على الإنستقرام (@aamer_muftah) بتاريخ (4/7/2020).

4.    عباس الصفار (أبو حسين) من حساب (@abu_hussain_bh) على الإنستقرام.

5.     عبدالله القطان، حساب الإنستقرام (@abdullaalqattan_1)

6.    عبدالله جمعة (أبو جواد)، على حساب الإنستقرام (@bahrain_proverbs)، والذي عرف سابقاَ باسم من (@abu_jawad17)، وكذلك حساب أمثال أبو جواد (@abu_jawad17) على التيك توك. 

الصور :

    -    تصوير الكاتب.

1.     تصوير علي درويش، نشرت كغلاف خلفي لمجلة الثقافة الشعبية، أرشيف الثقافة الشعبية للدراسات والبحوث والنشر، المنامة البحرين، العدد 33، 2016م.

 

أعداد المجلة