فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
58

الشعر الشعبي العربي أساليب وأغراض

العدد 58 - أدب شعبي
الشعر الشعبي العربي  أساليب وأغراض
المملكة العربية السعودية

المقدمة:

عند الحديث عن الشعر الشعبي، فيكون الموضوع متعلقا بأحد أنواع الأدب الشعبي، لذلك سنبدأ من الأصل، ونعطي فكرة سريعة عن الأدب الشعبي، وبعض ما يتعلق به من مصطلحات وبدايات وغيرها من النقاط التي تمهد للانتقال إلى الحديث عن الشعر الشعبي بعد توضيح مرجعيته وأهم ما يمكن طرحه من معلومات سريعة تثري الموضوع وترسم حدوده.

الأدب الشعبي:

يرادف مصطلح الأدب الشعبي في الثقافة العالمية مصطلح (الفلكلور- folklore)، فقد التقطت الثقافة العربية هذا المصطلح وأصبح شائع الاستخدام في المجتمعات العربية(1).

إلا أن هناك من يرى أن مصطلح (الفلكلور- folklore)، ليس مرادفاً للأدب الشعبي، فالفلكلور أشمل من الأدب الشعبي، وبذلك يكون الأدب الشعبي، جزءا من الفلكلور، الذي يشمل كذلك الأزياء التقليدية والفنون الأدائية مثل العرضات والأهازيج والأساطير والخرافات وغيرها من الأشياء المرتبطة بماضي مجتمع معين ولها علاقة بتاريخه المادي أو المعنوي(2)

مصطلح (الفلكلور- folklore) تاريخ ومعنى:

هناك ما يمكن أن نعتبره إجماعا على أن الأنجليزي (وليام جون تومز) هو من صاغ هذا المصطلح المكون من كلمتين «Folk» وتعني «الناس»، و«Lore» وتعني «حكمة»، حيث ورد هذا المصطلح في الرسالة التي وجهها (تومز) إلى رئيس تحرير مجلة «ذي أثينيوم»(3).

مصطلح (الأدب الشعبي) تاريخ ومعنى:

مصطلح الأدب الشعبي من مبتكرات عرب العصر الحديث، وإن حدث ورودها على لسان أو قلم عربي قديم في أي عصر من عصور الجاهلية أو صدر الإسلام أو العهد الأموي والعباسي أو غيرها من العصور السابقة، فهي لا تدل على ما نفهمه الآن ونعنيه بها(4).

ومن خلال تتبع الآراء والتعريفات التي تناولت أو عرفت الأدب الشعبي، نستطيع أن نؤكد على الصورة الذهنية التي تبرز في الذهن عند ورود هذا المصطلح، وهو أن الأدب الشعبي يشير إلى كل قول إبداعي مكتوب أو منطوق يستخدم اللغة الدارجة «اللهجة»، ويشمل الشعر والنثر بكافة أنواعهما.

وبالطبع فإن لكل جماعة من الناس آدابها الخاصة التي قد لا توجد إلا عندها، وإن وجدت عند غيرها فتكون في الغالب بشكل مختلف إلى حدٍ ما.

وهذه الأنواع تدخل ضمن التعريف العام للأدب الشعبي الذي أوردناه بالأعلى من وجهة نظرنا.

فعلى سبيل المثال يوجد عند بعض قبائل رجال الحجر «باللسمر، باللحمر، بني شهر، بني عمرو» جنوب المملكة العربية السعودية، ما يسمى بـ«السيرة»، وليس المقصود بها سيرة ذاتية لشخص معين، وإن كانت تلامس شيئا من هذا المعنى لكنها محددة بزمان ومكان وسبب، فعند سفر شخص من مكان إلى آخر، يخبر الجماعة التي يصل إليها عن أخبار المنطقة التي قدم منها، ويسرد ما يشبه التقرير الاقتصادي السياسي الإنساني الإخباري عن أحوال المنطقة وأوضاع أهلها وما استجد في طبيعة حياتهم، وعند عودته يسرد تقريرا مشابها عن المنطقة والجماعة التي زارها وعاد منها، وهناك لها عدة أشكال وأسباب غير ما ذكر أعلاه.

وهناك ما يسمى بالروية عند قبائل أخرى من قبائل جنوب المملكة العربية السعودية، وهي مشابهة للسيرة على حد علمي، والأمر يحتاج لبحث حول هذا الموضوع، لأنه يحمل قيمة تراثية أدبية جديرة بالاهتمام.

الشعر الشعبي:

حتى لا نتشعب ويطول الحديث في موضوع الأدب الشعبي، وهو موضوع جدير بالاهتمام والتوسع، لكن لأننا حددنا موضوع الشعر كأحد أنواع الأدب الشعبي، فسنعتبر ما ذكر أعلاه كافياً، لإيصال التعريف المقصود بالشعر الشعبي، وهو أنه الشعر المكتوب أو المنطوق باللهجات الدارجة للبلد العربي، ويقابله الشعر الفصيح الجامع للهوية العربية الواحدة من حيث اللغة التي تتخذ من العربية بقواعدها اللغوية المعتبرة خطا له، ومرجعها اللغوي الأول الكتاب المبين من قبل رب العالمين.

فهذه المادة مرتبطة بنوع من نوعي الشعر العربي، وهو الشعر الشعبي بمختلف مسمياته من شعر شعبي أو عامي أو نبطي أو ملحون أو قومي أو أي مسمى يشير إلى هذا النوع من الشعر. كما يشمل كل ما يسمى شعراً في العرف الشعبي وإن اختلفت قوالبه وأشكاله وطريقة بنائه عن القصيدة الفصحى.

ونود أن نشير إلى أننا تحررنا من قيود البحث العلمي، ولجأنا إلى رحابة المقال، من حيث الاقتباس وضوابطه ونسبته، والهدف من هذه المادة أن تكون تأسيسا لبحث علمي تسخر له الأسباب من كافة الجوانب للخروج ببحث واسع عن الشعر الشعبي يشمل جميع الدول العربية بما في ذلك تفاصيل شعرها الشعبي بكافة قوالبه وأغراضه، فالمجهود الذي بُذل في هذا العمل، وهو مستوحى من فكرة عامة ومعطيات جزئية لرسالة علمية أكاديمية، جعلنا نخرج بتصور واضح عن مدى الجهد والوقت والكلفة المادية، والعمل المقارن المضني المرهق للخروج بمادة ثرية تخدم هذا الجانب.

الدول العربية:

يبلغ عدد الدول العربية (22) دولة تتوزع بين قارتي أسيا وأفريقبا، وسوف نقسمها إلى أقاليم ودول ونرتب ورودها وفق التسلسل الأبجدي.

- دول الأطراف (جيبوتي- الصومال- القًمر «جمهورية القمر المتحدة»- موريتانيا).

- دول الخليج العربي (الإمارات- البحرين- السعودية- عمان- قطر- الكويت)

- السودان.

- دول الشام (الأردن- سوريا- فلسطين- لبنان).

- العراق.

- مصر.

- دول المغرب العربي (تونس- الجزائر- ليبيا- المغرب).

- اليمن.

الشعر الشعبي في دول الأطراف (جيبوتي- الصومال

- القُمر «جمهورية القمر المتحدة» - موريتانيا).

بالتأكيد أن جميع الدول العربية غنية بإرثها الشعري، لكن في بعض الأحيان يصعب على الباحث الوصول إلى ما يخدم بحثه، وسوف نورد هنا بعض ما استشهدت به من كتابات في رسالتي للماجستير(5)عن صعوبة الحصول على أمثلة للشعر الشعبي بشكل ثري وأمين من هذه المناطق العزيزة والمهمة في الكيان العربي:

ذكر شلش في معرض حديثه عن صعوبة حصر الحصول على مادة شعرية من بعض مناطق أفريقيا رغم وفرتها على مستوى الحقيقة الثقافية:

وإذا كانت ملاحظة تيبل هذه تنطبق على الشعر الشعبي غير المدون فهي تنطبق أيضا على الشعر المدون الذي يبدعه الشاعر بلغة معروفة، ويسجله باسمه. وإذا كانت اللغات في هذه المناطق تقدر بأكثر من 700 لغة فلنا أن نتخيل عدد الشعراء في كل لغة ومجموعهم النهائي في هذه اللغات(6).

ويقول الناقد محمد دكروب «والسؤال المطروح حول مدى معرفتنا بثقافة الأطراف صار يخص دولاً مثل: الصومال وجزر القمر وجيبوتي وموريتانيا... رغم أن الأخيرة وضعها أفضل بكثير من الثلاث الأخريات. من وجهة نظري، أعتقد أن الصورة مختلفة قليلاً عما كان سائداً في السابق، فهذه الدول (باستثناء موريتانيا إلى حد ما) كانت علاقاتها، ولا تزال، رجراجة بالوطن العربي. نحن نعرف أن الصومال بلد عربي وكذلك جيبوتي وجزر القمر، ولكننا عملياً نكاد لا نعرف شيئاً عنها، ليس عن ثقافاتها المحلية فحسب، بل حتى عن أنماط الحياة الاجتماعية السائدة فيها»(7).

وعن أسباب ابتعادنا عن ثقافات دول الأطراف تقول الكاتبة السورية كلاديس مطر: إما بسبب عجزها الاقتصادي والحضاري وانشغالها في حروب تحريرية أو دينية، أو بسبب تعدد لهجاتها ولغاتها واقتراب تراثها المعرفي من بيئات لا تلتقي كثيرا مع مواصفات المجتمع العربي بأبعاده الحالية. كل هذا ربما جعل من الاهتمام بالواقع الثقافي في هذه الدول ترفا لا تقدر عليه، ولكن مطر ترى هذا البعد سببا جوهريا في ازدهار الأدب في تلك الدول فتقول: بسبب هذه التحديات التي ذكرتها برعت أجناس أدبية بعينها في كل دولة من تلك الدول (جيبوتي، الصومال، اريتريا، موريتانيا، جزر القمر) بينما خبت أجناس أخرى.فمثلا، يعتبر الشعر طاغيا أكثر في الصومال، إذ يذكر النائب والباحث الصومالي محمد الأمين محمد الهادي في تعريف له عن الشعر الصومالي، أن القافية على سبيل المثال في الشعر الصومالي تختلف اختلافا كاملا عن الشعر العربي، فالقافية تكون في بداية الكلمات، فإذا بدأت بحرف فينبغي أن تبدأ معظم الكلمات بنفس ذلك الحرف. ولكن في الشعر الساحلي البراوي أو الباجوني تسير القافية على نظام القافية العربية وإن كانت على شكل رباعيات أو خماسيات، وهو يلحق بالأدب السواحلي وليس الصومالي.

ويقول الباحث فاضل الربيعي « إن جهلنا بما يدور هناك، ليس ناجماً عن رغبتنا، ولا عن هيمنة ثقافية قوية على ثقافات ضعيفة؛ بل عن خلل في التعرّف. وقد يتطلب الأمر عقوداً كاملة من البحث والتواصل، قبل أن نكتشف مثل الأمريكيين القيمة الحقيقية للخزان الثقافي في الساحل»(8).

الشعر الشعبي في دول الخليج العربي (الإمارات-

البحرين- السعودية- عمان- قطر- الكويت)

يعتبر سكان دول الخليج العربي ذووا أصول واحدة في الغالب إلا من بعض الاستثناءات، ومن واقع هذه الحقيقة فإن التشابه كبير بل نستطيع أن نقول أنه متطابق من حيث قواعد الشعر الشعبي مع وجود فنون شعرية خاصة لكل دولة من دول الخليج بل وداخل الدولة الواحدة يوجد العديد من الفنون الشعرية بقوالب خاصة إلا أننا اخترنا أكثر هذه الفنون شهرة واوردناه وفق وزنه الشعري مع إعطاء أمثله مرتبطة بالوزن وليس بدولة لأن المثال الواحد يعبر عن الحالة الإبداعية وقواعدها في الدول الخليجية.

والشعر الشعبي يسمى كذلك النبطي وفي حالات قليلة بالشعر العامي، وهو موجود بالإضافة إلى دول الخليج العربي في بوادي وبعض مناطق الشام والعراق وربما في غيرها من الدول العربية.

أوزان الشعر النبطي:

الميزان النبطي هو الغناء «الهيجنة» التي توزن بها الاشعار النبطية بإرجاع القصيدة إلى بحرها بالغناء عليه حتى تستطيع الحكم... و للشعر النبطي بحوره التي عرف بها ونظم شعراء النبط أشعارهم عليها منذ نشأة هذا الشعر حتى الآن وقد تعارف الشعراء على النظم عليها وأصبحت عرفا متبعا تتوارثه الأجيال دون أن تكتب هذه البحور نظرا للبساطة والعفوية التي عرف بها الشعر النبطي(9).

1) الهلالي :

جاءت تسميته على اسم بني هلال القبيلة المعروفة في التراث العربي من خلال سيرة بني هلال، ولا تصاحب الطرق الهلالية فنون حركية مع إمكانية أدائه على الربابة.

سمى ابن خلدون في مقدمته وتاريخه هذا الشعر بالبدوي أو الحوراني(10).

وهو من أقرب البحورالنبطية للفصيح، و يراه شعراء النبط صعباً لايركبه إلا الفحول ، وأكثر المأثور القديم من الشعر النبطي هو من هذا (الطرق) ، ومن أمثلة ابن خلدون له من الطويل ولك أن تقرأها فصيحة [ترك لك حرية التشكيل]:

محبرة كالدر في يد صانه

إذا كان في سلك الحرير نظام

وللكليف من أهل القرن الحادي عشر الهجري:

صليب على الدنيا صبور إلى قست

ليالي سنينٍ قد عوى اليوم ذيبها(11)

ويذكر شعراء النبط أن بني هلال هم أول من قال الشعر النبطي، وأن النمط الذي كان بنو هلال يستخدمونه في أشعارهم هو النمط الذي يسمونه بالهلالي ، ومنه نوعان؛ احدهما قافيته ممدودة والآخر قافيته اقصر من الأولى، وكلاهما لايجوز فيه التزام الناعشة، ومن النوع الأول قول الشاعر حميدان الشويعر ( ت 1139هـ ) :

الاموال ترفع من ذراريه خانسه

والقل يهفي مارفع من مغارسه

الا يا وِلدي صفر الدنانير عندنا

ترفع رجال بالموازين باخسه(12)

2) المسحوب:

أكثر البحور رواجا لدى شعراء النبط(13)، وهو لحن مشابه للهلالي، غير أنه ملتزم الناعشة إضافة إلى القارعة، كما أن نغمه أطول من الهلالي(14).

وقد سمي بالمسحوب نظراً للمد والتطويل في آخر شطريه الأول والثاني، وهو ناجم عن وجود حرف مد قبل الروي أو بعده في الناعشة والقارعة. وهذا السبب هو نفسه الذي جعل المسحوب يتناسب مع الربابة وجراتها وغنائها وجعل له نصيباً واسعاً من الانتشار في ساحات الشعر النبطي. وأول ماظهر من وزن المسحوب كان في أشعار الشريف بركات الشريف في القرن الحادي عشر الهجري(15).

وهو على وزن (مستفعلن مستفعلن فاعلاتن) الموافق لبحر المديد الفصيح بإسقاط سبب خفيف في أول الشطر، ومن أمثلته قصيدة للأمير محمد الأحمد السديري (1915-1979م):

يقول من عدى على راس عالي

رجم طويل يدهله كل قرناس

في راس مرجومٍ عسير المنالي

تلعب به الأرياح مع كلّ نسناس(16)

3) الصخري:

وهو لحن منتشر بين البدو والحضر في كل بيئات الشعر النبطي. كما أنه من الألحان التي بنيت عليها تغريبة بني هلال.

ومنه قول الشاعر ابن لعبون:

علامه ما ينابيني علامه

ويخفي مابقلبه من غرامه

ويخلف سنة العشاق عنها

ومثله مايغابي في كلامه(17)

4) الهجيني:

وهو من أشهر الألحان النبطية والبدوية(18)، وهو مشتق من (الهجن: الإبل ) لأنه يغنى على ظهور الإبل أثناء سيرها(19)، ويلاحظ من قصائد الهجيني أنها مقطوعات قصيرة في الغالب وهذا اللحن واسع الانتشار في البيئات البدوية، فمن بادية الشام هذه الهجينية للشاعر نمر عبدالقادر النصيرات:

يامحلا حبة السني

لى صارت النفس مشتاقة(20)

ووزن الهجيني هو من مجزوء البسيط طوّعه الذوق الشعبي في البيئة البدوية(21).

5) الحداء:

أما أصل الحداء، فان المسعودي يقول فيه: «وكان الحداء في العرب قبل الغناء، وقد كان مضر ابن نزار بن معد سقط عن بعير في بعض أسفاره فانكسرت يده، فجعل يقول: يايدله يايدله يايداه، وكان من أحسن الناس صوتاً فاستوسقت الابل وطاب لها السير، فاتخذه العرب حداءً ... فكان الحداء أول السماع والترجيع في العرب ، ثم اشتق الغناء من الحداء ..»(22).

وقد وجد هذا اللحن وهو الحداء في بيئات بدوية أخرى، كما في الأردن، ومنه:

عشيرتي زعلت علي ومبارحة رضيتها

تحـرم علـي عيشـتي ان كان ما حبيتها(23)

6) السامري:

السامري من حيث نغماته التي يؤدى بها أنواعا مختلفة من منطقة إلى اخرى تبعاً للمؤثرات التي يخضع، فيما يظهر ، لتطويراتها باستمرار ، «والسامري يلتزم – إلا النادر الأقل – بحر الرمل»(24).

أما عبد الله الدويش فيقول «أن أول من نظم في السامري هو الشاعر المبدع عبد المحسن عثمان الهزاني أمير الحريق في المملكة العربية السعودية وشاع وانتشر في قرى منطقة نجد ومدنها وانتقل من هناك إلى الكويت وبقية مناطق الخليج العربي»(25).

ومن أمثلته :

الله أكبر ياعيون ناظرني

قاتراتٍ فاتناتٍ ناعسات(26)

7) الفن:

أول من نظم به وغناه ولحنه الشاعر محمد حمد اللعبون.. وقد ابدع فيه وحلق(27)، وقد اشتقه من السامري حيث يؤدى بنفس الطريقة(28)، وعنه اخذ الذين نشروه وتناقلوه ورددوه في الأعراس والحفلات الشعبية «وادخل عليه الكثيرون إضافات في اللحن والوزن فصار منه الخماري والنجدي والزبيري والحساوي والبحري...الخ»(29).

8) العرضة:

مأخوذة فيما يبدو من الاستعراض الحربي، استعدادا لملاقاة العدو، بإظهار القوة، وتشجيع القلوب، فهي (رقصة الحرب)، والمرجح أنها أنواع مختلفة فمنها البرية والبحرية، والبرية تختلف إيقاعات طبولها بين منطقة وأخرى، وهذا معناه اختلاف أوزانها(30).

9) الزهيري:

وهو فن الموال، وانتشاره واسع على ساحة الخليج والعراق ومصر وبلاد الشام، ولكنه يختلف من بيئة إلى بيئة، حين أن الموال أو الزهيري في الخليج العربي مكون من سبعة أشطر، فانه في العراق ومصر وبلاد الشام مكون من خمسة أشطر(31).

أما الدكتور رضا القريشي في كتابه «المواليا» من سلسلة الفنون الشعرية غير المعربة فانه يلقي ضوءا عاما على فن الموال في البلاد العربية فيذكر أن فن الموال السباعي «الزهيري» يطلق عليه في مصر وسوريا «النعماني» وهوبنفس الشكل الذي يكتب به الموال الزهيري(32).

وقد ذكر السيد عبدالله عبدالعزيز الدويش ان سبب تسمة الموال الخليجي بالزهيري إنما يعود إلى ان «أول من قاله المرحوم علي باشا يحيى الزهير المتوفى 1236م والمرحوم عبدالرزاق الزهير المتوفى عام 1252م»(33).

ومن الزهيري، قول الشاعر القطري محمد عبدالوهاب الفيحاني:

يامن فؤاده من الليعات خالي سال

عما جرالي من احداث الليالي سال

جسم سقيم وجفن بالدمع سال

وتشوف من ليعة الخلان ماهالك

وعقب الموده ترى حتى وصل مالك

وتزور نيران خازن بابها مالك

من هجر خل دهر سيف القطيعة سال(34)

10) بحر الشيباني:

يعتبر هذا البحر او الوزن من أطول أوزان الشعر الشعبي المعروفة ويقال إنه يقابله من بحور الشعر العربي الفصيح بحر الهزج ..

وقد كان في بداياته ينسب الى شاعر المحاورة الشهير عبدالله بن لويحان حتى أطلق عليه البعض اسم (لويحاني ) نسبة الى الشاعر .. وهو كما قلت من أطول البحور المعروفة، غير أن هناك بحوراً مشتقة منه تزيد عليه ومن اطلع على ديواني الشاعرين سليمان بن شريم و عبدالله بن دويرج سيجد أمثلة لذلك. ومن أمثلة بحر الشيباني قول الأمير عبدالله الفيصل:

الا واشيب عيني يوم قالوا لي فمان الله

وحققت انهم من بعد جمعاهم مقفيني(35)

والحديث عن أوزان الشعر الشعبي، ليس بالأمر المتفق عليه ، فهناك وجهات نظر متباينة حول عددها وطريقة وزنها وتصنيفها، ويكفي أن نشير إلى ماكتبه الكاتب الكبير سعد الصويان في كتابه (الشعر النبطي ذائقة الشعب وسلطة النص) عندما قال «فيما يلي سوف أقدم للقارىء قائمة بما استطعت حصره من قوالب عروضية بلغت ستة وسبعين قالبا حصلت عليها بعدما قمت بمسح عشرات الدواوين وآلاف القصائد النبطية. ولاأدعي أنني بذلك حصرت كل مايمكن حصره من بحور الشعر النبطي وأوزانه ، لكنني أعتقد أنني أتيت على معظمها»(36).

والبحور الشعرية فيما يبدو ليست محدودة بما ابتكره الأوائل، فقد قرأت أثناء القراءة المكثفة في كافة أوعية المعرفة التي احتوت وتناولت هذا النوع من الشعر أثناء جمع مادة هذا البحث في (موقع منتدى العروض رقمياً،على الشبكة العنكبوتية، والمشاركة للكاتبة ،نادية حسين)(37) أن الشاعر السعودي ناصر الفراعنة قد كتب على (بحر الرميحي) وأنه بحر جديد ومبتكر ابتكره الشاعر الفراعنة، وأوردت القصيدة التي نورد هنا بعض أبياتها:

حسبك حمامٍ تدنّ الهاشمية على نايف التّل

وش مكسبك يوم تحيي جمر الاحرار بقلوب الأسرى.

الشعر الشعبي السوداني :

أشهر أشكال الشعر الشعبي في السودان المديح النبوي هو ذلك الشعر الذي ينصب على مدح النبي صلى الله عليه وسلم بتعداد صفاته الخَلقية والخُلقية وإظهار الشوق لرؤيته وزيارة قبره والأماكن المقدسة التي ترتبط بحياة الرسولﷺ، مع ذكر منجزاته المادية والمعنوية ونظم سيرته شعراً والإشادة بغزواته وصفاته المثلى والصلاة عليه تقديراً وتعظيماً(38).

هذا فيما يخص الغرض الشعري ، أما من حيث الشكل فهناك عدة أنواع للشعر الشعبي السوداني نذكر منها:

1) الدوبيت:

أشكال الدوبيت :

هناك ثلاثة أشكال للدوبيت:

الشكل الأول :

هو البدوي المغرق في البدواة والذي لا يستطيع سكان المدن فهم معانيه مباشرة إلا بعد الشرح .

والأنموذج لهذا النوع:

قال الشاعر الطيب ود مصطفى المسلمي:

الليلة القلب شعن جروحُو جُدا دْ

وهفّت لي البجازنْ عركسن بولادْ

كمًّيع البراطمة تحبَّكن بي سوادْ

يا مُحافظ حواك من لحْظك الحُسّادْ

( عركسن : حركة الخيول ، كميع البراطمة:تقبيل الخدود، بواد:الفولاذ )

الشكل الثاني :

وهو الذي تأثر قائله بروح الحضارة فأصبحت معانيه سهلة نوعا ما وهو قول الحار دلو يصف شعر محبوبته وكتفها وعنقها :

قال الحار دلو:

شعرا ريش نعام والوجه سمح مصقول

وعنقن صبّ قزاز صانعنو في اسطنبول

اكتافا هُدُل والليد تقول مجدول

قامتْ في القياس بين القُصُر والطول

الشكل الثالث :

وهو الدوبيت المدني حيث تتلاشى كل آثار البدواة من الناحيتين اللفظية والمعنوية واحتفظ بالإطار الشكلي الصرف.

الشاعر حسن خلف الله يحيي. علم البلاد :

الوطن العزيز علمو بيرفرف فوقو

والغاصب طلع يبكي ويحن لسوقو

يا مالك الحلو مر الحناظل ضوقو

سودانا العظيم فتح الطريق لسوقو

وهذه المستويات تتعاصر جميعها في السودان في وقتنا الحالي(39).

2) المسدار:

يعتبر المسدار تطور طبيعي لفن الدوبيت مثلما كانت المعلقات تطوراً طبيعيا للشعر الجاهلي،إذا المسدار دوبيت طويل يصل أحياناً إلى أربعين بيتاً.

الشعر الشعبي في دول الشام (الأردن- سوريا- فلسطين- لبنان):

تتمتع بلاد الشام بمخزونٍ شعري ثري وبديع ومن الصعب نسبة أحد الأنواع الشعرية لأحدها دون أن يكون لبقية بلدان الشام نصيب منه، لذلك سنورد بعض الأنواع الشعرية دون أن ننسبها لبلد دون آخر من بلدان الشام:

1) المطاول:

يعتبر المطاول أرفع أنواع الشعر الشعبي ، لايجيده إلا المتمكنون في فن القصيد ، ويقابل القصيدة التقليدية في شعر الفصحى، وسمي بالمطاول تفريقاً له عن الموال، فما زاد عن اثني عشر بيتاً فهو مطاول، كما أنه يتميز عنه باستيفائه لعدة أغراض شعرية(40).

يقول أحد الشعراء الشعبيين:

ناديت يادار وين أحبابكي والعم

صفق عليهم غراب البين بجناح

فصاحت الدار لا ياأديب افهم

إن كنت ذا فهم من قوم فصاح

كنا بخير وسخى وشملنا ملتم

والسعد مقبل وعنا سرور وأفراح

السعد عنا غدا جُنح الدجى مُظلم

ولي مشيل حمولو ضل مرتاح(41)

ومن الأنواع دراما الحزن والسلوان – أوفـ . يابا – الإرث الحزين في أغاني العتابا، وكذلك الميجنا.

الشعر الشعبي في العراق:

توجد في العراق عدة أنواع من الشعر الشعبي، مثل الموال والأبوذية والمربع والموشح والتجليبة والمذيل ،ونوع يسمى جلمة ونص، وسنتحدث عن نوعين من هذه الأنواع لإعطاء فكرة عامة مقتضبة عنها، وسنتحدث عن فني الموال والأبوذية:

1) الموال:

وقد اصطلح أهل بغداد ومدن شمالي العراق في تسمية الموال ب(الزهيري) نسبة إلى رجل اشتهر في بغداد بحسن نظمه وغنائه له يسمى (ملا جادر الزهيري). وقد تنوع الشعراء في استخدام المقاصد العامة في الموال(42).

و للشاعر الشهير عبدالغني جميل مخاطبا صديقه الحاج جواد حسس باشى قوله:

ابيك ياصاح روحك بالصبر علها

عل الليالي تعود او ترتشف علها

ان جان طير السعد رفرف ولي علها

وهناك نبني بيوت للمجد وعراف

ونجيد أهل الرده بمشذبات عراف

ياحسرتي كوطروا عني الولف وعراف

واليوم جم عام روحي مابرت علها(43)

2) الأبوذية:

وهذا الفن أكثر شيوعا من سائر فنون الأدب الشعبي ،ففيه تتجلى البراعة، وقوة الديباجة،والارهاف الحسي الدقيق. وهو أقرب الفنون الى المشاعر والنفوس الرقيقة التي صهرها الحب المجهد، والعشق القاتل،وقد استخدم هذا الفن في الغناء الريفي فهيمن على الاحساس وصفد العقل وأضاف عنصرا حيا الى عناصر الغناء، خاصة اذا كان المغني يجيد أحد أكواره وهي:

1 -اللامي. 2 -الصبى.

3 -اعيسي بالتصغير. 4 -مشموم.

5 -الهوسة. 6 -الحياوى.

ومن أمثلة الأبوذية:

في الغزل قول الشيخ عبدالأمير الفتلاوي:

حبيبي الما سمع لايم ولامه

أمر ما بالهوه وصعب ولامه

جريب اتمثله مبعد ولامه

رصد وشجم شرك منصوب ليه(44).

الشعر الشعبي المصري:

نستطيع ونحن نتحدث عن الشعر الشعبي المصري أن نشير إلى الشعر الغنائي الذي تناوله الكاتب اللبناني حسين احمد صبرا في دراسة بعنوان «دراسة في اللغة والموسيقى» حيث كتب:ولا بُدَّ لنا الآن من تناول الشِعر الغنائي باللهجة المصرية، حيث نجده كلَّه قائماً على أوزان أكـثر بحور الشِعر العربية الستة عشر استعمالاً، كالبسيط والهزج والرجز والمديد والمتقارب والمتدارك والرمل والمنسرح والوافر (أما البحر السريع فقد قامت عليه رباعيات صلاح جاهين بأكملها، ولم نعثر على السريع في أي شعرٍ عامّيٍّ مصريٍّ آخر)، ومن ثم استعرض بعض النماذج على ماذكره نورد منها:

المتقارب (منصور الشادي):

غرامَكْ مزيَّف ضميرَكْ عَدَمْ

هَوِيْتَكْ عِشِقْتَكْ كِرِهْتَكْ نَعَمْ

كِرِهْتَكْ لأَنَّكْ مُجَرَّدْ قِنَاعْ

وِكَمْ مسرحِيَّة بَطَلْها الأَلَمْ..

المتدارك (بـيرم التونسي):

غـنّي لي شْوَيِّ شْوَيْ غنّي لي وخُدْ عَيْـنَيْ

والبسيط، وما نلاحظه أنَّ البحر البسيط كثيراً ما يُستعمل في الشعر العامّي المصري في الأزجال والمواويل الشعبية، ونذكر منها هذه الأبيات الزجلية الشهيرة لبيرم التونسي:

قـالْ إيـه مُـرادِ ابـنِ آدمْ قُلْـتِ لُـه شَقَّة

قـالْ إيه يِكَفِّي لِقُوتُه قُلْـتِ لُـه وَقَّــة

قـالْ إيـه يِعَجِّلْ بِمُـوتُه قُلْـتِ لُـه زَقَّــة

قـالْ حَـدِّ فـيهـا مُخَلَّـدْ قُلْـتِ لُـــه لَأَّ..

ويقول أحمد شوقي:

والنيل نجاشي حليوة واسمر

عَجَبْ للونه دَهَبْ ومرمر

ومن أغنيات أم كلثوم القصيرة من بحر الهزج للشاعر (أحمد رامي):

يا ليلة العيد آنستينا وِجَدِّدتي الأمل فينا

ومن أغنيات نجاة الصغيرة للشاعر (عبد الرحمن الأبنودي):

عيون القلب سهرانة ما بتنمشي

لا انا صاحية ولا نايمة ما باقدرشي

ومن الأمثلة على الرجز من الشعر الغنائي العامي أنشودة أم كلثوم الوطنية للشاعر (صلاح جاهين):

راجعين بقوة السلاح راجعين نحرَّر الحمى..

في الختام لا بد أن نشير إلى ما قام به شاعرٌ من وزن أحمد رامي من تنويعٍ في بحور الشعر العربية في الأغاني التي كتبها لأم كلثوم بالعاميَّة، مستخدماً تشكيلةً واسعةً منها في الأغنية الواحدة(45).

الشعر الشعبي في دول المغرب العربي (تونس- الجزائر- ليبيا- المغرب):

1) الشعر الشعبي التونسي:

جاء الشعر الشعبي التونسي بالاحتكاك مع قبائل بني هلال والاندماج في وسطهم.

ومن ذلك الوقت حذا الشعر الشعبي التونسي حذو الشعر الشعبي الهلالي في شكله وموضوعاته، وعندما احتلت فرنسا تونس سنة 1881م فقد نطقت ألسنة الشعراء وتدفق الشعر واصفا كل ماوقع من كوارث سببها الاستعمار.

أوزان الشعر الشعبي:

إن الأوزان التي اتبعها الشعراء في نظمهم لشعرهم الشعبي بعيدة كل البعد عن أوزان القصيدة العربية فيما عدا الشكل فهو مماثل للقصيدة العمودية القديمة ثم بعد ذلك للموشح الأندلسي. والأوزان في الشعر الشعبي التونسي لاتتعدى الأصول الأربعة وهي:

القسيم:

وله فروع عديدة ومثاله : « برق »

بــرق اللـعـج لاح ســـيـار مــبروك بـشــار

كي اتشاوفت ليه الأنظار زدم وزادت رعوده

الموقف:

وسمي « موقف» لأن الذي يغنيه يكون واقفا، ومثاله:

موقف نجيبه بتحكـار مـرتـوب مــاصــار

كي نخش للبيت والدار نترجم بنغمة ذكية

الملزومة:

ويتفرع عنها انواع عدة وهي أكثر الأوزان تداولا ومثالها:

قامت مشت حلفوا عليها اتولي

ضوا خدّها قام الإمام يصلي

وهي تشبه في شكلها الموشح. وتأخذ من توزيعه الشىء الكثير.

وتبقى موازين الشعر الشعبي التونسي خاضعة للإيقاع. فلا غريب أن نسمع كل يوم وزنا جديدا(46).

المسدس:

عبارة عن منظومة تتركب من طالع ثلاثي الأشطار يتحد في القافية وله أدوار تتركب من ستة أغصان في الغالب ألاربعه الأولى متحدة القافية والأخيران لهما نفس قافية الطالع مثال قصيد المرحوم محمد البرغوثي: الطالع او العنوان او رأس البيت:

انا القلب حاير ودايخ وهايم ** فيض مرايم

** سهران لانرقد النوم دايم

الدور او المقطع:

انا القلب حاير ودايخ وفــاني ** كثرت محاني

** ساهر منام الليالي جفاني

ياقلب اصبرعلى الضيم عاني**طيق الهزايم

**هاني مثيلك على القوت صايم(47).

2) الشعر الشعبي الجزائري:

إنّ جذور الشعر في الجزائر، كانت مرافقة للإنسان الجزائري عبر عصور مختلفة، لكنها لم تكن واضحة المعالم، إلاّ مع الحملة الهلالية على شمال إفريقيا، ومع الجاليات العربية الإسلامية، النازحة عن الأندلس، بعد اجتياحها من قبل الإسبان.

والحقيقة أن عدم تحديد فترة ظهور الشعر الشعبي، لا تخص الجزائر وحدها، بل يعني ذلك كلّ الأقطار العربية، يقول الرافعي:

«إننا لا نعرف بالتحديد أصل الشعر العامي، ولا نشأته، ولكننا نشك أنه قديم، وأنَّ ظهوره كان في أواخر القرن الأول للهجرة»(48).

أنواع الشعر الشعبي الجزائري على مستوى الشكل

الرباعيات:

فهذا «بن قيطون» يقول في مطلع قصيدة

« حيزية »

عـزونــي یــا مــلاح في رایس لبنات

سكنت تحت لحود نــاري مقـــدیــا

یـا أخــي أنــا ضـریـر بیـــا مـــــا بیــا

قلــبي ســافـــر مــع الضـامر حـیزیـة

إلى أن يقول :

یـا حـفـــار الـقبــور سایس ریم البور

مـا طیحش الصخـور علــى حـــیزیــة

قسمتك بالكتاب وحروف الوھاب

لا تطــــیح الـــتراب علــى حـــیزیــة

القصيدة رباعية الشكل، ويسمي الشعراء والرواة هذا النوع ب: المربوع أو الرباعية، ذلك أن كل مقطع فيها يحتوي على أربعة أشطار قصيرة، يلتزم فيها الشاعر بقافية الشطر الرابع، وينوع من قوافي الأشطار الثلاثة التي تتشابه حد التوحيد في الرباعية الواحدة(49).

القصائد: تختلف القصيدة تماما عن الرباعيات أو المقطوعات، ذلك أنها معروفة المؤلف في غالب الأحيان، ويتمتع فيها هذا الأخير بمستوى ثقافي معين، إضافة للموهبة التي تفتح له آفاق الكتابة والإبداع، وهذا ما لا نجده في الرباعيات، التي يُجهل صاحبها و تُجهل بيئته ومستواه الثقافي، وهو الأمر الذي أكسبها صفة الجماعية في الملكية والتداول.

يقول «عبد الحفيظ عبد الغفار» في إحدى قصائده.

دهشني شمل لعرب مابا یتلم

مهما دارو ما یفیدش تلمادو

مانفعتش الجامعة ما ینفع دم

اللغة والعادات فیھم مافادو(50).

3) الشعر الشعبي الليبي:

ومن أشكال الشعر الشعبي، أو الملحون وجدنا التسميات التالية:

المجرودة - القسيم - بيت الطق أو الطبيلة - البوطويل الشتاوة - غناوة علم - الملزومة - القصيدة - الرطيز أو تحبيس الجمل - ضمة القشة - مهاجاة الرحى- التهيليم - المهاجاة - التعديد والنواح- التربيج - أغاني العمل: الحصاد والدراس والرغاطة(51).

غناوة العلم والشتاوة:

جمعنا هذين اللونين من الغناء للمقارنة بينهما من حيث البناء الفني، والمضامين والايجاز والغرض فهما دائماً وفي الغالب في العاطفة وصفاً وتشبباً وهجراناً، وإن قيلت كل من أغنية العلم والشتاوة في أغراض اجتماعية، وسياسية، واستخدمت في الرمز لإيصال معانيها بطريقة غير مباشرة ومن أمثلة أغنية العلم هذا النص:

الخاطر وحل في ناس نوا تركهم زادوا غلا

ومعنى النص أن قائل الأغنية : قلب الأمر على جميع وجوهه في أن يترك حبيبه لسبب من الأسباب، وعقد العزم على التخلي عنه، لكن وجد كل مشاعره تزداد به تعلقاً فتتوثق به ارتباطاً، فتزداد محبته والهيام به.

وفي نص آخر:

اللي غلاه بالترويم انساه يادليلي واتركه

ومعناه : أن من تسعى نحوه بالود والتذلل وهو ينفر منك ويزداد ابتعاداً، خير لك تركه ونسيانه إلى الأبد.

أما عن الشتاوة ، فهي تأخذ الشكل الفني الآتي:

نقـول لها يـاعـين انسيه

تساهيـني وتسيل عليه

و«قطاطيها ريم الجفال

غرنبة حامن فوق رمال»(52).

4) الشعر الشعبي في المغرب:

كتب محمد الفاسي «انكببت منذ أكثر من خمسين سنة على دراسة هذا التراث الأدبي جامعا الانتاجات المختلفة من قصائد وسرابات وعروبيات وبراول، وباحثا عن أخبار الشعراء الذين نبغوا في المغرب منذ القرن العاشر الهجري.

وكان من أهم مااتجهت إليه أبحاثي معرفة قواعد العروض التي يتبعها أهل الملحون في نظم قصائدهم. وقد هالني مافيها من تنوع في النظم وفي عدد أشطار الأبيات وفي أشكال القوافي وفي كيفية تقسيم القصيدة، فحاولت أولا أن أرى هل هناك شبه بأساليب عروض الشعر الفصيح، وتبين لي أن لاعلاقة مطلقا للملحون ببحور الخليل بن أحمد التي تظهر بالمقارنة مع التنوع المشار إليه بسيطة لحد بعيد، لأنها لاتخرج عن بناء البيت العربي على شطرين بأوتاد وأسباب يتكون من مزجها وعددها تفعيلات خاصة لكل من البحور الستة عشر، وخاطبت رجال الملحون من (أشياخ القريحة) و(حفاظه) و(خزانة) و(ذكارة) فوجدتهم كشعراء الجاهلية ينظمون شعرهم سجية ولايعرفون لذلك قاعدة وإن كانوا يطلقون على بعض البحور أسماء خاصة كبحر المشرقي مثلا وهو أبسطها، ويستعملونه في مواطن الوعظ والحِكم والأدعية والتصليات . وهو عندهم كالرجز في الشعر الفصيح ولكنهم لايعلمون كيف يقطع، ولا للتقطيع عندهم معنى ، ولا لفظ للتعبير عنه.

ففكرت في استعمال أساليب الشعر الأوربي، خصوصا الفرنسي منه، أي الاعتماد على عدد التقاطيع في كل بيت فتبين لي أن هذا صحيح بالنسبة لعدد كبير من القصائد ، ولكن هناك قصائد أخرى لها تركيب معقد، وحتى هذا الشكل لايتفق في كل القصائد التي ليست من النوع الأول الذي توصلت لتحديد بحوره.

وطالت هذه الأبحاث وتشعبت وأنا أذاكر رجال الملحون وأقصدهم في مدن المغرب، أولاً لكتابة مايحفظون أو اقتناء الكنانيش القديم وهم يضنون بها: فإن لم أستطع شراءها استنسخها أو أكلف من ينسخها، ثم لسؤالهم عن الفرق بين كل نوع من الأنواع التي توصلت لتحديد مميزاتها حتى تكونت عندي فكرة واضحة في الموضوع.

فوضعت أسس عروض الملحون. وهذه نتيجة ماتوصلت إليه في ذلك. وأول ماينبغي التنبيه إليه هو أن كل قصيدة تقسم إلى عدة أقسام وأن لكل قصيدة حربة أي لازمة تعاد بعد كل قسم، وتعرف القصائد غالبا بحرباتها.

وأساس النظم عندهم يرتكز على عدد التقاطيع، وهم يفعلون ذلك عفواً بدون أن يعلموا مطلقاً أن قياس القصيدة الفلانية من بحر المشرقي مثلا، وهو أبسطها كما قدمنا، تتركب أبياته من شطرين في كل واحد منهما عشرة تقاطيع وبالأحرى قياس الدربلة مثلا وأبياته تتركب من خمسة أشطار هكذا : 9 - 6 – 3 – 8 – 3.

ثم أن للملحون خمسة أنواع من حيث العروض، في حين أن القصيدة بالفصحى لاتخرج عن نوع واحد لايختلف فيه البحر عن غيره إلا بترتيب الأوتاد والأسباب في تفعيلات معينة، وهذه الأنواع الخمسة هي المبيت ومكسور الجناح والمشثب والسوسي المزلوك والذكر»(53).

وقد أوردنا كلام الفاسي نظراً لأهميته فيما يتعلق بالشعر الشعبي المغربي وكذلك لأهمية الدور الذي قام به وضخامة مُنجزه في هذا المجال.

أمثلة على بعض أنواع الشعر الشعبي المغربي:

1) المبيت:

يسمى عندهم المبيت لأنه يتركب من أبيات على غرار نظام القصيدة العربية ولكن داخل هذا الإطار نجد بحورا ذات شطرين وأخرى ذات ثلاثة أشطار وأربعة أشطار وخمسة، وحيث أن للشاعر الحرية المطلقة في اختراع مايشاء من البحور لأنه شاعر وموسيقار في نفس الوقت ، فإن عدد البحور في هذا النوع الأول وكذلك أيضا في الأنواع الأخرى غير محصور(54). من ذلك قصيدة ( تسبيح البخوش) للفقيه العميري ونظامها هكذا 7 – 7 – 4 – 7 – 4 وحربتها:

يا اللطيف لم تزل ** الطُف بنا في ما نزل **

رب تعالى * * انت اللطيف لم تزل (55).

2) مكسور الجناح:

وهو يختلف تمام عن القصيدة العربية الفصيحة وحتى عن المبيت لأنه لايتركب من أبيات وإنما كل قسم كأنه بيت بذاته.

ومن أمثلته:

حُب الرْيامْ ساكَن فَ قْلوبْ اهَل الَغْرام

وانَا فْى سايرْ اسْياري

قِيطان مالك افكاري

ياصاح صْغَ لاخْباري

عراضْ ريتْ باشْوافي

ما ريتْ زينها فَي عْربْ وْلاَ في الاعجامْ

سُبحان ناشْىء بهاها

جمَع المحاسنْ اعطاها

تسبي جْميعْ من راها

بِها ازْداد تَشْـغَـافي

وَ اجْمارْ حُبْها فَي حْشاي تُضْرامْ

ماريتْ دْوا للصبْ دونْ المراحمة

زدت بزمامي * * لها وقلت ياأصيلة الشيام **

يمتى تعطف وتجي لمرسمي عازمة .

الحربة:

واصل ارسامي * * بقدومك السعيد نفوز بالمرام

** أمشموم الخوضات لالة فاطمة.

وهكذا ترى أنه ابتدأ بشطر ذي 10 تقاطيع هو المزراك ثم جاء بالمطيلعات ثم بالبيت الأخير الذي يوازي الحربة تماما، وهكذا يفعل في الأقسام كلها(56).

الشعر الشعبي اليمني:

(الحميني) وهو شعر الخاصة، بل وشعر الصفوة من الخاصة ، أي أولئك الأدباء الكبار، والعلماء الأعلام، وأصحاب الحظ الكبير من المعارف التراثية، والعلوم العربية الإسلامية،وثقافات عهودهم، واليوم من أصحاب الثقافات الحديثة الواسعة.

وكلمة (حُميني) غير معروفة المعنى على وجه اليقين.

أن الشعر الذي يلتزم العمود الخليلي وقواعد اللغة العربية، يسمى في اليمن الشعر (الحكمي) –بفتحتين خفيفتين على الحاء والكاف-نسبة إلى قبيلة (حكم)، وبمقابل ذلك يطلق على الشعر الملحون اسم (الحميني).

وكان الشعر (الملحون) بصفة عامة، يتعرض للغمط والأطراح عبر أجيال وأجيال، ولكن اليمن شهد انفتاحاً فكرياً، وتحرراً اجتماعياً، في عهد الدولة (الرسولية) –دولة بني رسول من أوائل القرن السابع الهجري إلى أواخر القرن التاسع – وفي ظل ما ساد هذا العهد من النهوض العلمي والثقافي سطعت نجوم شعراء (الحميني)، وأصبح قائلوه من أعلام الدب ورموز للحركة الثقافية والفكرية.

ومنذ ئذ ازدهر (الحميني) وجميع أنواع الشعر الملحون في اليمن، وحفلت ساحته بالعشرات بل المئات من الشعراء الأعلام البارزين.

ومن أمثلة الحميني للقاضي العلامة عبدالرحمن بن يحيي الآنسي (1167-1250هـ). في نمط (القصيدة على النسق الحميني المصرع – الملتزم بقافيتين في الصدر والعجز- وقد استهلها برأيه وفلسفته حول قضية جدلية من علم الكلام بدلاً عن الاستهلالات المعهودة في الشعر العربي:

ليت الحذر يدفع المقدور

هيهات ماقدر الله كان

وعبده المنهي المأمور

الخير والشر له قد بان(57).

وكتب الشاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني «كما أن للشعر الفصيح عدة تشكيلات، وكما أن للشعر العامي المتطور عن الفصيح عدة تشكيلات، كذلك الشعر الشعبي بكل فنونه فإنه مختلف الأشكال والايقاع والتعريفات، واختلاف التشكيلات والتسميات تقع أحيانا على مسمى واحد: كالزامل مثلا، فمناطق شمال الشمال تسميه «مغرد» على مختلف نغمه ،ومناطق «تهامة» وما حولها تسميه «مهيد» أما المناطق الوسطى فتسميه «زامل» على مختلف أدائه، وتسميه «راجز» اذا كان حماسيا وكثير الاصوات، ومثل الزامل (المهجل) فقد يسمى (مغرد) في «مغرب عنس» ، ويسمى «تهييد» في مناطق البدو الرحل ، ويسمى «مجاوبة» في بعض المناطق(58).

ومن أمثلة المهجل:

وعندما تنطلق القافلة يرددون إيقاعهم من غبش الصبح والشعور ببداية يوم جديد:

يامحسن العيس تسرح والطيور واكره

والليل تأوي على أحمالها صابره

تجوع وتعطش ولا تبدي لها خابره

ولاتقل: آح من الشوكه ولا حاسره(59).

الهوامش

1. حسين نصار، الشعر الشعبي العربي، ط2، منشورات اقرأ، بيروت- لبنان 1980، ص10.

2. عبدالنبي اصطيف، الأدب الشعبي، الموسوعة العربية، المجلد الأول، صفحة ويب رقم الصفحة 622، بتصرف وإضافة.

3. محمد عبدالسلام، أبحاث مؤتمر ديرب نجم الأدبي، الهيئة العامة لقصور الثقافة، 5 مارس 2007، ص16- 15.

4. حسين نصار، الشعر الشعبي العربي، ط2، منشورات إقرأ، بيروت- لبنان (1980)، ص10-11.

5. عبدالله محمد العمري، تعزيز الشعر الشعبي للقيم الاجتماعية في المجتمعات الخليجية، رسالة ماجستير، جامعة الملك سعود، 2018م، المملكة العربية السعودية.

6. علي شلش، الأدب الأفريقي، سلسلة عالم المعرفة (112)، الكويت (1993)، ص 35-36.

7. تقرير صحفي، بين المراكز والأطراف «ماذا تعرف عن ثقافة الصومال وجيبوتي وجزر القمر»، الملحق الثقافي، صحيفة الخليج الأماراتية، 11-7-2009م.

8. تقرير صحفي، بين المراكز والأطراف «ماذا تعرف عن ثقافة الصومال وجيبوتي وجزر القمر»، الملحق الثقافي، صحيفة الخليج الأماراتية، 11-7-2009م.

9. محمود عطية، الشعر النبطي تحول من حداء للأبل على ديوان كامل للبادية، الوثيقة مجلد 30 عدد60 يوليو- شعبان (2011)، مجلة محكمة، البحرين.

10. غسان الحسن، الشعر النبطي في منطقة الخليج والجزيرة العربية «دراسة علمية»، ط2، وزارة الإعلام والثقافة، الإمارات العربية المتحدة، ص498.

11. محمد المجيدل، أهم أوزان الشعر النبطي، الدارة، مجلد5 عدد3 يناير- جمادى الأخرة (1990)، مجلة محكمة، المملكة العربية السعودية، ص220.

12. غسان الحسن، 2003، مرجع سابق، ص498.

13. محمد المجيدل، 1990، مرجع سابق، ص216.

14. غسان الحسن، 2003، مرجع سابق، ص499.

15. غسان الحسن، 2003، مرجع سابق، ص500- 501.

16. محمد العرفج، أشهر أربع قصائد قيلت في نصف القرن الأخير، صحيفة الرياض، عدد16456 الأحد 5 رمضان 1434هـ- 14 يوليو 2013م، المملكة العربية السعودية.

17. غسان الحسن، 2003، مرجع سابق، ص502.

18. غسان الحسن، 2003، مرجع سابق، ص502.

19. محمد المجيدل، 1990، مرجع سابق، ص215.

20. غسان الحسن، 2003، مرجع سابق، ص504.

21. محمود البكر، في الغناء البدوي «الهجيني»، كتاب الرياض (87)، فبراير 2001م، مؤسسة اليمامة الصحفية، المملكة العربية السعودية.

22. غسان الحسن، 2003، مرجع سابق، ص521.

23. غسان الحسن، 2003، مرجع سابق، ص520.

24. محمد المجيدل، 1990، مرجع سابق، ص216.

25. غسان الحسن، 2003، مرجع سابق، ص535.

26. محمد المجيدل، 1990، مرجع سابق، ص216.

27. غسان الحسن، 2003، مرجع سابق، ص535.

28. محمود عطية، 2011، مرجع سابق، ص136.

29. غسان الحسن، 2003، مرجع سابق، ص-534.

30. محمد المجيدل، 1990، مرجع سابق، ص218.

31. غسان الحسن، 2003، مرجع سابق، ص-524.

32. حسن يوسف، ارتباط فن الموال الزهيري بحياة أهل الخليج العربي مع عرض بعض النصوص البحرينية، التراث الشعبي، مجلد12 عدد6،7 تموز1981، وزارة الثقافة ولإعلام، مجلة محكمة.

33. غسان الحسن، 2003، مرجع سابق، ص525.

34. غسان الحسن، 2003، مرجع سابق، ص525.

35. قناة التراثية على الفيس بوك، 10يونيو2012م.

36. سعد الصويان، الشعر النبطي ذائقة الشعب وسلطة النص «دراسة تاريخية لغوية مقارنة»، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1421هـ، ص158.

37. موقع منتدى العروض رقمياً، مشاركة للكاتبة: نادية حسين.

38. محمد فتح الرحمن أدريس، دور الشعر الشعبي في التوثيق لرجال الدين بمحلة مروى، الدراسات الإنسانية عدد16 يوليو2016، مجلة محكمة، السودان، ص115.

39. تهاني محمد بورصلي، بين الشعر العربي الفصيح والشعر الشعبي السوداني، رسالة ماجستير، جامعة أم درمان الإسلامية، ص213.

40. عبدالفتاح قلعه جي، دراسات ونصوص في الشعر الشعبي الغنائي، alkottob.com، ص4.

41. عبدالفتاح قلعه جي، مرجع سابق، ص8.

42. علي الخاقاني، فنون الأدب الشعبي «الحلقة الأولى»، ط3، مكتب دار المعاني، بغداد، 1989، ص16.

43. علي الخاقاني، م1989، مرجع سابق، ص47.

44. علي الخاقاني، م1989، مرجع سابق، ص55.

45. حسين أحمد صبر، دراسة في اللغة والموسيقى، موقع الكاتب على الشبكة، 2013م.

46. محيي الدين خريف، أغراض الشعر الشعبي التونسي، مجلة الثقافة الشعبية، السنة الثانية عدد6 صيف2009، المنامة- البحرين، ص72.

47. عبدالسلام عاشور، الشعر الشعبي التونسي وأوزانه وأنواعه، مرصد الذاكرة الشعبية على الويب 18 juillet2010م.

48. حياة بو خلط، صورة المرأة في الشعر الشعبي الجزائري، رسالة ماجستير، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة المسلية، الجزائر، ص14.

49. حياة بوخلط، 2009، مرجع سابق، ص25.

50. حياة بوخلط، 2009، مرجع سابق، ص28.

51. أحمد النويري، الأدب الشعبي وفنونه، منتديات بدو ليبيا، منقول بواسطة الزنبقة السوداء 15 أبريل 2009، التراث الليبي.

52. أحمد النويري، 2009، مرجع سابق.

53. محمد الفاسي، معلمة الملحون، أكاديمية المملكة المغربية، السفر الرابع عشر، القسم الأول من الجزء الأول أبريل 1986م- 1406هـ، مطبوعات الأكاديمية، ص138.

54. محمد الفاسي، 1986، مرجع سابق، ص140.

55. محمد الفاسي، 1986، مرجع سابق، ص142.

56. محمد الفاسي، 1986، مرجع سابق، ص144.

57. مطهر الإرياني، الحميني فن الشعر الملحون في اليمن، دراسات يمنية عدد 49 في 1993م، ص125.

58. عبدالله الردوني، فنون الأدب الشعبي في اليمن، ط2، دار الحداثة، بيروت- لبنان 1988، ص145.

59. عبدالله البردوني، 1988، مرجع سابق، ص151.

الصور

1. https://i.pinimg.com/564x/dd/da/ab/dddaabe41294f26801755bff67b63c94.jpg

2. https://i.pinimg.com/564x/d5/78/3a/d5783aa490bbf2bfc3e4abea2de51d20.jpg

3. https://pin.it/6DPfa9a

أعداد المجلة