فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
57

الأوبئة والأمراض في الثقافة الشعبية المغاربية: الدلالة والرمزية

العدد 57 - عادات وتقاليد
الأوبئة والأمراض في  الثقافة الشعبية المغاربية:  الدلالة والرمزية
كاتب من الجزائر

توطئة:

لقد كُتِبت في تاريخ بلاد المغارب عدد من الدراسات والأبحاث، التي تناولت موضوع الأوبئة والأمراض ببلاد المغارب في الثقافة الشعبية المغاربية عبر العصور؛ فهو موضوع له دلالته ورمزيته في كتابات المغاربة تحديدا خلال الفترة الحديثة، ويعدّ من بين أهم المواضيع التي تدخل مضامينها ضمن الوسط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي على حد سواء. فقد اجتاحت بلاد المغارب عدد من الأوبئة والأمراض على غرار باقي دول أوربا مع بداية القرن15م مرورا بالقرنين 16 و17م وصولا إلى القرنين 18 و19م.

قد يعتقد الباحث لأول وهلة أنّ الإلمام بهذا الحقل من الدراسات التاريخية؛ قد يبدو متيسرا وسهلا من خلال إمكانية تتبع الإشارات الكثيرة الواردة في المصادر المتنوعة والمختلفة عن العوامل المؤثرة في الحالة الديمغرافية زمن الأوبئة والكوارث الطبيعية المختلفة، وما يترتب عن ذلك من خوف وهلع وجزع في صفوف الساكنة المغاربية. وما ينتج عنه من خسائر فادحة في الأرواح، وبذلك تحدث عملية مد وجزر في البنية الاجتماعية والاقتصادية للساكنة. غير أنّ هذا لا يعطي الضوء الأخضر للباحث في التاريخ الاجتماعي والديمغرافي والأنثروبولوجي على حد سواء، ليغامر في هذا النوع من الدراسات الديمغرافية أو ما يصطلح عليه بالهدر الديمغرافي.

ولعلّ ظهور هذه الأوبئة والأمراض ارتبط ارتباطا وثيقا بظهور المجاعات (قلة الأقوات وغلاء الأسعار)، والكوارث الطبيعية(جفاف أو فيضانات). وهذا لا محالة سيخلف آثارا حادة تنعكس على البنية الاجتماعية والاقتصادية، مشكلة بذلك أحد عوامل الهدر الديمغرافي، الذي ينعكس هو الآخر سلبا على الوضع الصّحي والمعيشي، ومن ثم ينعكس سلبا على السلطة كذلك، ولم لا على العالم مثل جائحة كورونا، التي لاريب أنها ستكون سببا في قلب موازين القوة في العالم وبروز قوى عالمية جديدة.

وتحاول هذه الدراسة التاريخية طرح بعض الإشكالات المنهجية والقضايا المعرفية العميقة؛ المتعلقة بالذهنية المغاربية ونظرتها للأوبئة والأمراض من زوايا معينة وفي فترات زمنية مختلفة، كما تحاول إثراء الكتابة التاريخية المغاربية بمثل هذه الدراسات العلمية. نظرا لما تتميز به ظاهرة الأوبئة والأمراض من خصوصيات لدى العقلية المغاربية.

إنّ موضوع هذه الدراسة يقودنا إلى التفكير في مواضيع مفاهيمية لها علاقة بموضوع الملتقى مثلا: الوباء والأزمة، الوباء والهدر الديمغرافي، الجائحة والقضايا الاحترازية. وكلها مواضيع تحتاج منا نحن الباحثين إلى مزيد من الدراسة والتدقيق والتمحيص، وهذا بطبيعة الحال استنادا على مواد مصدرية مختلفة من مخطوطات وثائق أرشيفية، ونصوص الرحالة والقناصل والأسرى الأجانب.

أمّا عن مداخلتنا فقد حاولنا التركيز على ثلاثة نقاط رئيسة أهمها:

- أهم المصادر التقليدية التي تعرضت لموضوع الوباء.

- دلالات ومسمّيات الأوبئة والأمراض في الثقافة الشعبية المغاربية.

- أهم الإجراءات الصّحية الاحترازية المتخذة لمجابهة هذه الأوبئة والأمراض.

أهم المصادر التقليدية التي تعرضت لموضوع الوباء:

أفرزت ظاهرة الأوبئة والأمراض في تاريخ بلاد المغارب إنتاجا فكريا وأدبيا وفقهيا وطبيا، لا يستهان به، عكس لنا ذهنيات وعقليات الساكنة آنذاك اتجاه تلك الأوبئة والأمراض الفتاكة، وتصورهم لها. ولعلّ من أهم تلك المصادر التقليدية التي تحدثت عن الأوبئة والأمراض نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

1. حمدان بن عثمان خوجة: اتحاف المنصفين والأدباء بمباحث الاحتراز عن الوباء(1).

2. أحمد بن قاسم البوني: إعلام أهل القريحة في الأدوية الصحيحة(2).

3. أحمد بن سحنون الراشدي: قصيدة في الطاعون الذي اجتاح مدينة معسكر عام 1202هـ /1787م(3).

4. أحمد بن حجر: بذل الطاعون في فوائد الطاعون(4).

5. أبو راس الناصر المعسكري: ما راوه الواعون في أخبار الطاعون(5).

6. أبو راس الناصر المعسكري: الكوكب الدري في الكلام عن الجدري(6).

7. أبو حامد العربي المشرفي: أقوال المطاعين في الطعن والطواعين(7).

8. محمد بن رجب الجزائري: الدر المصون في تدبير الوباء والطاعون(8).

9. محمد بن أحمد الشريف: المنّ والسلّوى في تحقيق معنى لا عدوى(9).

10. محمد صالح العنتري: سنين القحط والمسغبة ببلاد قسنطينة(10).

إلى جانب كتابات بعض الأجانب الذين كتبوا حول الموضوع امثال: الأستاذ دانياك باتراك(Danyak Patrac)، بيرابان (BIRABEN)، مارشيكا (MARCHIKA)، راينو (RAYNAUD)، قويون (GUYON)، بيربروقجيه (BERBRUGGER)، وإميل كيرن (Emile Kern). كما لا ننسى بعض الدراسات الحديثة القيمة مثل: دراسة الأمين البزاز: تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين 18 و19م، ودراسة برنار روزنبرجي وحميد التريكي: المجاعات والأوبئة في مغرب القرنين 16 و17م، مساهمة فلة موساوي القشاعي: وباء الطاعون في الجزائر العثمانية: دوارته وسلم حدته وطرق انتشاره، حسين بوجرّة: الطاعون وبدع الطّاعون: الحراك الاجتماعي في بلاد المغرب بين الفقيه والطبيب والأمير(1350-1800هـ)، ابراهيم كريدية: أمثلة من مجاعات وأوبئة وكوارث(ضربت آسفي وباديتها).

وقد تعكس المصادر المخطوطة رؤية هؤلاء المؤلفين لظاهرة الأوبئة والأمراض، خصوصا وأنّ هذه المصادر تحوي معطيات تاريخية حيّة عن واقع هذه الأوبئة والأمراض وآثارها السلبية على الواقع المعيشي الاجتماعي والاقتصادي آنذاك، كما تصوّر لنا المشاهد اليومية من مرض وخوف وفزع، وطرق مجابهتها دينا وعلما، وحتى اختلاف مسميات تلك الأوبئة التي تركت آثارها في الوسط المغاربي.

الأوبئة والأمراض:

آراء ومواقف الفقيه، العالم والمؤرخ:

وفي القسم الثالث من كتاب الطاعون وبدع الطاعون، يرى الباحث حسين بوجرة أنّ إشكالية العدوى وبدعة التحرز من الطاعون واقع بين نص ديني وفعل سياسي وواقع تلقائي. «فقد تتبع معظم الأحاديث المقرة بالعدوى والرافضة لها، وما أثارته تلك القضايا من تأويلات وتخريجات فقهية، قبل أن ينتقل إلى البحث والكشف عن أوجه التداخل بين المقاربتين الطبية والفقهية، ولطالما كانت هاجسا أساس لتمثلات المغاربة عموما لوباء الطاعون. وهذه الثنائية مبنية على حقيقتين، فأمّا الحقيقة الأولى تتعلق بالخطاب، وهي مجموع التصورات والرؤى التي سادت طويلا في مجال علاقة العلم بالدين، والفقه بالطب، والمقدس بالمدنس، سواء تلك التي اعتبرت أنه لا حقيقة خارج النص الديني، ولا معرفة خارج المعرفة الدينية، ولا علم ولا طب إلاّ ذلك الذي مارسه الأنبياء والرسل، أو ما يعرف عند فقهائنا بالطب النبوي.

أمّا الحقيقة الثانية فهي تتعلق بواقع تاريخي متميز بالغ التعقيد، اصطدمت به تلك الخطابات السائدة. وهي حقيقة تميز بها القرن الثامن عشر وحتى التاسع عشر بتونس على وجه الخصوص وببلاد المغارب على وجه العموم، من أبرز عناوينها النمو الديمغرافي الكبير الذي عرفته بلاد المغارب عموما. فرغم ما تميزت به بلاد المغارب من هدنة طاعونية، إلاّ أنّ هذا الإحراج كما يسميه حسين بوجرة؛ تسبب فيه هذا الواقع التاريخي الخاص بالقرن الثامن عشر للخطاب السائد آنذاك في الكتابات التاريخية الأوربية سواء المصدرية منها أو المرجعية، وكذلك للخطاب السائد لدى رجال الدين والفقه. والصراع الحاد الدائر بين مختلف النخب العالمة( العلمية الطبية والدينية الفقهية) وكذلك نخب المخزن والسياسة من جهة(11).

هذه الثنائية وردت عن الرحالة الأوربيين وفي الدراسات التاريخية الأوربية، حيث نجد الطبيب «جان أندريه بايسونال» يسقط ثنائية خطاب الأوربيين في متاهات الخطاب والخطاب المضاد، فهو مثلا أثبت من ناحية سيطرة النزعة القدرية المتأصلة للسكان في تعاملهم مع كافة الأمراض ومع الطاعون تحديدا»، فقد كانوا مستسلمين أمامه وصابرين على مشيئة الله.. دون ان يسعوا إلى التحرز أو إلى وضع حد له»(12).

اعترف في الآن ذاته بأهمية المساعي التي كان يقبل عليها البايات لمواجهة تفشي الطاعون، فهروب الباي محمد بن عثمان الكبير إلى الصحراء وإقامة محلته كحاجز لدفع الوباء، وهو الأمر عينه قام محمد باي تونس، وإقامته هو الآخر لحاجز متكون من الجمال يحيط بمحلته، ومن حراس كانوا يسهرون على منع أي اتصال خارجي.

إلى جانب الإجراء العلمي الذي قام به باي تونس والقائم أساسا على اقتناعه بدعوى المسيحيين القائلة بأن الطاعون معد، وبأنّ الحل يكمن في تجنب كل اتصال بالمصابين به. زد على ذلك سياسة العزل الصّحية والتي تتنافى تماما مع ما ذهب إليه من «نزعة قدرية، واستسلام للمشيئة الالهية، وعدم السعي إلى التحرز، ووضع حد لتفشي الطاعون»(13).

ومن الإجراءات الصحية التي تضاربت حولها الآراء وتجاذبت، مسألة تفريق التجمعات خلال فترات الأوبئة. إذ نجد العربي بن علي المشرفي ينبذ الرأي القائل بمسؤولية اجتماع الناس خلال الحروب والمواسم الكبرى في نشر الوباء، حيث يقول: «كما قالوا بزعمهم الفاسد إنّ سبب الوباء اجتماع الناس للملاحم، فتراهم يفرقون جيوشهم فيه إن لم يفجأهم عدو أو يحاصرهم، وينهون عن اجتماع الجموع للمواسم في هذا الفصل الخريفي كموسمي البداوي والدسوقي المعلومين عند أهل مصر، تفزع الناس إليهما نساء وصبيانا، كهولا وشبانا، رجالا وركبانا». ويناقض في ذلك ما ورد عند محمد بن يحيى السوسي الذي صنّف التجمع في بعض المناسبات الاجتماعية ضمن الأسباب المهيجة للوباء ونصح قائلا: «وينبغي لمن نزل بهم الوباء ترك الاجتماعات المعتادة في الأفراح كالأعراس»(14).

غير أنّ الإجراء المتبع والبارز آنذاك في كامل البلاد المغاربية تقريبا، لاسيما مع انضوائها تحت وطأة القوى الأوربية، فهي خاضعة لقراراتها وإرادتها خلال القرن التاسع عشر، كان هو العزل الصّحي الذي صار إجباريا على الحجاج المغاربة الخضوع له عند عودتهم من بلاد الحجاز، وهو الإجراء الذي نصادف نعته في أدبيات الأوبئة «بالكرنتينة». ومع تطور التنظيمات الصحية الأوربية خلال القرن التاسع عشر، أصبح الحجر الصحي ضرورة ملحة وركنا أساسيا في القوانين الصحية، وفرض على البلدان المجاورة كالمغرب وتونس.

مقابل هذه الآراء المتضاربة حول التدابير الصحية المتبعة آنذاك، اتخذ الفقيه حمدان بن عثمان خوجة موقفا إيجابيا من الحجر الصحي، وتناوله بالتفصيل ضمن مؤلف خاص حلل فيه هذا الإجراء من الجانبين الشرعي والطبي. ويعرّف المحجر الصحي وأهدافه الوقائية قائلا: «اشتهر في بلاد الفرنج الاحتماء عن الوباء، وأعدوا لذلك موضعا سمّوه «كرنتينة»، وحقيقتها إنّما الاحتماء والاحتراز». كما ردّ على منكري هذا الاجراء قوله: «ولما لم يتقدم مثل هذا النمط من الاحتماء للمسلمين، لم يكن للكرنتينة اسم إسلامي، ومجرد التسمية الفرنجية لا يكون سندا للأحكام الشرعية»(15).

وقد التزم الفقيه حمدان بن عثمان خوجة بإجراءات الحجر الصحي ضمن مجتمع لم يحترم قواعد السلامة الصحية والاحتياط من الوباء، ويتضح لنا ذلك جليا من خلال قوله: «وقعت الوباء في الجزائر وأنا بها، فالتزمت باقل ممّا يحتاط الفرنج، فكنت أصلي الجمعة وأحضر الجزائر مع أصحابي وأقاربي، من غير أن أقتحم مجتمع الناس، ولا أمس أحدا ولا قماشا ثم أرجع وأتبخر فسلمني الله سبحانه أنا ومن معي»(16).

دلالات ومسمّيات الأوبئة والأمراض في الثقافة الشعبية المغاربية:

لقد كان لتكرار الأوبئة والأمراض في الثقافة الشعبية المغاربية رسوخا وحضورا، من خلال عدد من المسميات لتلك الأمراض، التي عكست معاناة الناس أفرادا وجماعات للواقع المعاش آنذاك، وهي أسماء تكاد تكون غريبة تبرز عدم فهم الناس لطبيعة الوباء والمرض وتطيرهم وخوفهم منه.

لقد كان لهده الأوبئة والأمراض وقعها ودلالاتها في الثقافة الشعبية، فهذا أبو حامد العربي المشرفي مثلا يصف وباء الطاعون الذي ضرب المغرب عام (1085هـ/1674م) في رحلته المسماة «نزهة الأبصار عن هذا الوباء قوله: «ومنهم من يكون صحيحا واقفا يمشي فيعتريه الموت فيسقط ميتا في الحين تعددت الأسباب والموت واحد ويسمون هذا الوباء «ببو اقْلَيَبْ» بالتصغير و«ببو ازَريوْطَة» والعجم الأطباء يسمونه الريح الحمراء، وفي عام اثنين وستين كان عاما هذا الوباء أيضا بهذا الوصف أيضا، وفي عام خمسة وثمانين كان بمدينة فاس بهذا الوصف. وذكر صاحب الفوائد الجمة أنّ الطاعون وقع بالمغرب سنة خمس وستة إلى ستة عشر سنة وألف وأول ما وقع بالحواضر، فأما أهل فاس فصبروا وتلقوا الأمر بالتسليم فارتفع عنهم من سنته ولم يعد إليهم، وأمّا أهل مراكش وترودانت فتفرقوا له في البادية والجبال فكان أكثر وقوعه بهم وانقرض جل أعيانهم حتى استولى الخراب من ذلك على الحاضرين ثم لم يزل يعود إليهم سنة بعد سنة وهم يفرون منه مدة من اثني عشر عاما»(17).

ويتضح مما سبق أن الأوبئة عرفت بمسميات مختلفة وهذا راجع لحدتها وشدتها، مثل: «ببو اقْلَيَبْ» أو «بوكليب» بالتصغير و«ببو ازَريوْطَة»(الذي يعني العصا) و«الريح الحمراء» و«الحبوبة الكبيرة» و«الطاعون الكبير» و«طاعون بوطابق» وغيرها من المسمّيات الأخرى التي تدل على شدة وطأتها على الواقع المعيشي آنذاك(18).

كما اختلفت المراجع والمصادر في وصف أعراض تلك الأمراض والأوبئة التي كانت تتوالى على البلاد المغاربية، ولعلّ من بين هذه الأوصاف نذكر على سبيل المثال: «الطاعون الدملي»، «الوباء الرئوي»،«الطاعون الأسود».

هذه الأوبئة والأمراض التي ارتبطت في بعض الأحيان بالقحط والمجاعات وغلاء الأسعار. والتي لا زال العوام يرددونها ويتذكرون من خلالها مدى قسوة الزمان أمام قلة ذات اليد، ويحذرون من خلالها الأجيال اللاحقة التي لا تعرف حقيقة تلك الأعوام، كل هذا كان له انعكاس واضح على زعزعةكيان البنى الاجتماعية الاقتصادية والديموغرافية. وهنا ارتبطت الذاكرة الشعبية بالوباء والمرض، حتى كان يضرب به المثل إذا أراد أحد أن يعاير أحدا أو يشتمه أو يتمنى له الموت يقول له: «اذهب الله يعطيك بوكليب» وقد اشتهر هذا التعبير في الثقافة الشعبية المغاربية.

كما يورد لنا محمد الأمين البزاز نقلًا عن صاحب الابتسام عن دولة ابن هشام، الذي قدم وصفًا دقيقًا للوباء، يقول فيه: «وهو ريح ما سمعوا به، قاتل من حينه، ويسمونه عندنا في المغرب بأسماء الكوليرا والريح الأصفر وبوقليب.. إذا أصاب الرجل تغير لونه واسود جفن عينه ويجعل يقيء من أعلاه ويسهل من أسفله، ومن الناس من يشتكي مع ما ذكر وجع رجليه ويموت في الحين»(19). وهذا الوصف هو الذي دأبت على تداوله الذاكرة الشعبية المغاربية وذكرته لنا تلك المصادر المخطوطة المشار إليها آنفا.

وللإشارة فإن أوربا لم تسلم هي الأخرى من الأوبئة والأمراض لاسيما إنجلترا على سبيل المثال، حيث يصف لنا محمد الطاهر بن عبد الرحمن الفاسي في رحلته إلى الديار الانجليزية بقوله: «وصف مكتب البرق(التلغراف): ذهبنا لمحل السلك المعدّ لورود الأخبار من المحال وتوجيهها، وسبب دخولنا إليه، أنّ أصحابنا الذين كانوا بباريز، سمعوا بخبر الريح الأصفر بفاس وما ولاها وبقوا على شكّ من ذلك، فأرادوا أن يحققوا الخبر عن ذلك ويسألونا عنه، وطلبوا من أرباب صنعته هنالك، أن يخبرونا بواسطة أرباب صنعتهم باللّندريز، ووقتوا لذلك وقتا معينا...وقيل إنه كان هنالك شيء فعافاهم الله..»(20).

ولعلّ من بين المصادر المهمة «الكناشات والتقييدات» التي احتفظ بها عدد من العلماء، والتي يمكن للمؤرخ الاجتماعي أن يعتمد عليها، كونها تحفل بذكر لأهم الأحداث والوقائع التي يحتاجها المؤرخ، فهي بمثابة كراس لتسجيل الاهتمامات الآنية والعارضة. ومن بين هذه الكناشات، كناشة الفقيه والقاضي ادريس بن المهدي المنافي المشاط(ت1730م). فهذا التقييد يغطي إحدى وعشرين سنة تبدأ بالطاعون الكبير الذي أصاب بلاد المغارب عموما ابتداء من أواخر سنة 1798م إلى غاية سنة 1819م. حيث يعطي لنا المشاط صورة عن السيكولوجية الاجتماعية السائدة عند مطلع القرن(19م)(21). (المنصور، 1998، ص:46).

وما يمكن الاشارة إليه هو أن الاعتقاد السائد في الثقافة الشعبية لدى مجتمعات بلاد المغارب آنذاك، هو إما انتقام من الله للبشر بسبب ارتكابهم للذنوب والمعاصي، وإما قضاء وقدر، فهو مكتوب عليهم، فلن يصيبهم إلا ما كتب لهم. وهناك نصوص تراثية كثيرة قد أشارت إلى دلالات ومسميات تلك الأوبئة في الثقافة المغاربية، لا يسع المقام لذكرها يمكننا أن نشير إليها مثل نصوص أبي حامد العربي المشرفي ضمن كتاباته: أثمد الجفون، ورحلته إلى شمال المغرب، ورحلته تمهيد الجبال وما وراءها من المعمور وإصلاح حال السواحل والثغور، وكتابه مشموم عرار النجد والغيطان المعد لاستنشاق الوالي وأنفاس المولى السلطان.

والغريب في الأمر أنّ السلطة والمجتمع على حد سواء وقفا عاجزين أمام ما يحدث من موت، وهلع وفزع، فربطوه بالغضب الإلهي كما ذكرنا آنفا على أنه عقابٌ بسبب بعدهم عن الطريق المستقيم، إضافة إلى انتشار نوع من التفكير الخرافي المرتبط أساسا بأمور غيبية وأخرى تتعلق بالتنجيم والسحر، لتأويل ما يحدث من موت مفاجئ للأفراد والجماعات في غياب تحليل علمي منطقي لتفسير ذلك، في المقابل نجد بعض المحاولات الوقائية(كالحجر الصحي أو الكرنتينة).

إنّ مجالية الطواعين التي ضربت بلاد المغارب خلال الفترة الحديثة، يمكن تحديدها من خلال سلم حدة نشاط تلك الأوبئة والأمراض التي كانت منتشرة بالمشرق الاسلامي ودخلت إلى بلاد المغارب، إلى جانب دورية وتكرار تلك الأوبئة والأمراض وتأثيرها على ساكنة بلاد المغارب. يمكن تحديدها كذلك من خلال بعض المصادر التي أرخت لمجالية الوباء، ونقصد بذلك مراسلات القناصل الأوربيين الذين شغلوا مهام ببلاد المغارب، أو تلك الكتابات الأجنبية التي وظفت العديد من تلك المراسلات بغية الإجابة عن بعض التساؤلات حول الوباء والمرض وما ينتج عنه، وهي كتابات شغلت حيزا مهما ضمن أبحاث الأجانب.

أهم الاجراءات الصّحية ببلاد المغارب:

لابدّ أن نشير إلى نقطة مهمّة وهي أنّ بلاد المغارب عرفت الطب الحديث وتفاعلت مجتمعاته مع الوضعية التي حملت معها ثقافة الطب الحديث الذي حاول أول الأمر مقاومة الأوبئة والأمراض المعدية، التي كانت تشكل هاجسا وشبحا مخيفا بالنسبة للغرب، وهذا حسب ما تشير إليه تقارير القنصليات الأجنبية أو معاينات الأطباء الأوائل الفرنسيين أو البريطانيين الذين باشروا مهام طبية ببلاد المغارب.

وفي المقابل تشير دراسات أخرى إلى عراقة الطبّ التقليدي في الحضارة العربية الإسلامية الغنية بمؤلفات متميزة وجادة مثل كتابات ابن سينا وابن بطلان وابن رشد وابن ميمون وابن جرار القيرواني وعبد السلام العلوي وابن الخطيب وغيرهم كثير. ونجد اليوم الطب الحديث يتحدث عنها ويؤكد عليها وكأنها من إفرازات العقل والحداثة في الغرب.

وهنا يشير الباحث التونسي أحمد خواجة إلى أنّ «الطب الحديث يعرف أكثر عندما اقتربت قضايا الصّحة والمرض بنشـأة الدولة الحديثة ببلاد المغارب، حين لم تعد الصّحة من مشمولات المجتمع الأهلي أو المؤسسات الخيرية أو المؤسسة الدينية أو الفقهية، وأضحت شأنا عاما تنفق فيه أموال الدولة، وتسيّره سياسات وتنظيمات وإدارة حديثة تسهر الدولة مباشرة على تصريف شؤونها وتدبير أمورها(22).

في حين أنّ الطبّ الشعبي في الثقافة الشعبية المغاربية، عرف بعض الإجراءات الصّحية الاحترازية للوقاية من الوباء، يمكن أن نقسمها إلى اتجاهين: اتجاه الطب الشعبي، فقد كانت مستوحاة من الطب التقليدي من وسائل علاج كانت متداولة آنذاك، وهي في مجملها عبارة عن مجموعة من المعارف والسلوكات، اكتسبت عن طريق التجربة المعاشة، وعلى ما كان يحكى ويروى ويكتب لدى الأطباء والحكماء الأقدمين. لقد كانت وسائل العلاج التقليدية (الشعبية) خلال فترات الأوبئة تتوزع بين علاجات موضعية آنية (بين تبخير وشم كالقطران، الكبريت، والشمع الخام،..) واستهلاك للأدوية المستخلصة أساسا من النباتات والأعشاب الطبيعية، لقد جسدت بعض المعتقدات والممارسات الوقائية المختلفة والمتنوعة لدى العامة، ذهنيات الأفراد في التخلص من المرض والنجاة بنفسه وبمن حوله، ولعلّ من بين تلك العلاجات الروحية تعليق التمائم والتعاويذ وقراءة الأدعية والأذكار(23)، إلى جانب إدماج بعض الطقوس كزيارة الأولياء الصالحين، والاعتقاد في كراماتهم وبركاتهم، والاعتقاد في تفسير الأحلام. وارتياد بعضهم إلى الفقهاء للتسبب بالشفاء، فهذه الممارسات الشعبية لا ترتبط بفترة تاريخية ما، بل هي موجودة بوجود الانسان في المجتمع، وتتدخل لإحلال الشفاء والطمأنينة والراحة، والانصراف عن هاجس المرض والموت.

كما كان هناك سجال فكري حول الحجر الصّحي ببعض البلاد المغاربية مثل تونس، فكان السجال بين الشيخ بيرم الثاني والشيخ محمد المناعي، فالأول يقول بضرورة التحفظ من الوباء، بينما الثاني يرفض قضية العدوى، فهذا الاختلاف بينهما حول مسالة التنظير والإفتاء مردّه إلى اختلاف انتمائهم المذهبي والفكري. كما ظهرت اجتهادات وتباينت بعض المواقف الفقهية بالمغرب الأقصى رافضة لقضية العدوى (فتوى الناصري حول الكرنتينة)(24).

لقد اتخذ الفقيه حمدان بن عثمان خوجة موقفا إيجابيا من الحجر الصحي، وتناوله بالتفصيل ضمن مؤلف خاص حلل فيه هذا الاجراء من الجانبين الشرعي والطبي. ويعرّف المحجر الصحي وأهدافه الوقائية قائلا: «اشتهر في بلاد الفرنج الاحتماء عن الوباء، وأعدوا لذلك موضعا سمّوه «كرنتينة»، وحقيقتها إنّما الاحتماء والاحتراز». كما ردّ على منكري هذا الإجراء قوله: «ولما لم يتقدم مثل هذا النمط من الاحتماء للمسلمين، لم يكن للكرنتينة اسم إسلامي، ومجرد التسمية الفرنجية لا يكون سندا للأحكام الشرعية»(25).

ومن بين الإجراءات المتخذة أيضا من طرف السلطات(الفرنسية) آنذاك، والتي تضاربت حولها الآراء، مسألة تفريق التجمعات خلال فترة الأوبئة. حيث نجد العربي المشرفي يرفض جملة وتفصيلا رأي القائلين بمسؤولية اجتماع الناس خلال الحروب والمواسم الكبرى في نشر الوباء بقوله: «كما قالوا بزعمهم الفاسد أنّ سبب الوباء اجتماع الناس للملاحم فتراهم يفرقون جيوشهم فيه.. وينهون عن اجتماع الجموع للمواسم في هذا الفصل الخريفي كموسمي البداوي والدسوقي المعلومين»، ليخلص إلى الجزم بالقول: «ولا زلنا نسمع باجتماع الناس في المواسم والملاحم ولا وقع بهم ما زعم حكماء الفلاسفة من الوباء في هذه المحافل السالفة»(26).

ومن بين أهم الإجراءات البارزة بالجزائر خلال القرن 19م، هو ما كان يعرف بالعزل الصّحي الذي صار إجباريا على الحجاج المغاربة عند عودتهم من المشرق (الكرنتينة). حيث أصبح المشرق العربي من بين المحطات الأساسية لانتقال الطاعون والكوليرا من الشرق إلى الغرب، خصوصا انتقال المرض مع الحجاج القادمين من آسيا إلى جموع الحجاج القادمين من مختلف الجهات الإسلامية ومنها دول المغارب(27).

لقد «كانت القوافل البرية بمثابة محجر صحي متنقل تخمد الأوبئة تدريجيا في الصحاري مع طول مدة السفر، وكان على الحجاج المغاربة قضاء حوالي أربعة أشهر للعودة من الإسكندرية إلى بلادهم، كما كان عامل السرعة عاملا مهما في ومساعدا على نشر تلك الأوبئة الفتاكة»(28). ومع التطور الذي شمل الإصلاحات الصحية الأوربية خلال القرن19م، أصبح الحجر الصحي عاملا أساسيا لا يستغنى عنه ضمن اللوائح الصحية، ومحاولة فرضها على الدول المجاورة لاسيما دول شمال إفريقيا.

ومن الإجراءات الصحية التي تضاربت حولها الآراء وتجاذبت، مسألة تفريق التجمعات خلال فترات الأوبئة. إذ نجد العربي بن علي المشرفي ينبذ الرأي القائل بمسؤولية اجتماع الناس خلال الحروب والمواسم الكبرى في نشر الوباء، حيث يقول: «كما قالوا بزعمهم الفاسد إنّ سبب الوباء اجتماع الناس للملاحم، فتراهم يفرقون جيوشهم فيه إن لم يفاجئهم عدو أو يحاصرهم، وينهون عن اجتماع الجموع للمواسم في هذا الفصل الخريفي كموسمي البداوي والدسوقي المعلومين عند أهل مصر، تفزع الناس إليهما نساء وصبيانا، كهولا وشبانا، رجالا وركبانا». ويناقض في ذلك ما ورد عند محمد بن يحيى السوسي الذي صنّف التجمع في بعض المناسبات الاجتماعية ضمن الأسباب المهيجة للوباء ونصح قائلا: «وينبغي لمن نزل بهم الوباء ترك الاجتماعات المعتادة في الأفراح كالأعراس»(29).

غير أنّ الإجراء المتبع والبارز آنذاك في كامل البلاد المغاربية تقريبا، لاسيما مع انضوائها تحت وطأة القوى الأوربية، فهي خاضعة لقراراتها وإرادتها خلال القرن التاسع عشر، كان هو العزل الصّحي الذي صار إجباريا على الحجاج المغاربة الخضوع له عند عودتهم من بلاد الحجاز، وهو الإجراء الذي نصادف نعته في أدبيات الأوبئة «بالكرنتينة». ومع تطور التنظيمات الصحية الأوربية خلال القرن التاسع عشر، أصبح الحجر الصحي ضرورة ملحة وركنا أساسيا في القوانين الصحية، وفرض على البلدان المجاورة كالمغرب وتونس.

وما يمكن الإشارة إليه في مجال التدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية ونحن نبحث في كتب الرحالة المغاربة وجدنا نصا يثبت ويؤكد ما اتبعته بلادنا في مجال الحجر الصحي لمدة أربعة عشر يوما، حيث نجد محمد بن عثمان المكناسي وهو يومئذ بسبتة يقول: «وموضع الكرنطينة المذكورة خارج عن المدينة بين السوار.. فأدخلونا المدينة وأنزلونا بدار هي أفضل ديارهم منسوبة إلى طاغيتهم وأخبرونا بهذا الخبر،.. وقالوا لنا: تجعلون الكرنطينة بهذه الدار أربعة عشر يوما فقط على أعين الناس،.. يبحثون عن مقتضياتنا (حوائجنا) ويتفقدون أحوالنا»(30).

خاتمة:

إنّ موضوع الأوبئة والأمراض والمجاعات وغيرها من الكوارث الطبيعية، شكل عنصرا كرّس ركود البنيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وحكم على هياكله بالثبات، بمفهوم أوسع تعتبر تلك العوامل السالفة الذكر عوامل الهدر الديمغرافي، الذي أطر مجتمعات بلاد المغارب بداية من القرن الخامس عشر مرورا بالقرن السابع عشر ووصولا إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. فبمجرد أن تحررت منه ساكنة المجتمعات الأوربية حتى دخلت مرحلة التحولات الكبرى على جميع الأصعدة، على خلاف مجتمعات بلاد المغارب.

خلاصة القول، إنّ ذاكرة الأوبئة والأمراض ببلاد المغارب، أرست ثقافتها الشعبية مجموعة من السلوكيات والأفعال التي عكست بدورها عقلية الخوف من المرض والوباء، كما رسخت تلك الموجات المتكررة والمتتالية من الأوبئة والأمراض أعمالًا تخرج عن السياق العلمي للتداوي والوقاية، وانصرافهم الى الدجالين والمشعوذين، وترددهم على الأولياء الصالحين والأضرحة، طلبًا للبركة والشفاء والنجاة من المرض والموت، وقناعتهم أن الطبيب لا يمكن أن يخلصهم من المرض.

إنّ تاريخ بلاد المغارب الحديث لابد أن يفسّر من خلال التركيز على فواجع وأزمات البلاد المغاربية الديمغرافية، وهذا بالتطرق إلى عوامل وأسباب هذه الأوبئة والأمراض والأزمات، ومظاهرها ومن آثارها وانعكاساتها السلبية على السلطة والمجتمع معا.

كما نشير في النهاية إلى مجموعة من النتائج التي توصلنا إليها من خلال تلك المخطوطات وهي كثيرة غير أننا أخذنا بعض النماذج منها. من هذه النتائج نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

لقد استطاعت الثقافة الشعبية المغاربية المختلفة بما تحويه من أغان، وأزجال، أمثال وحكايات شعبية، من أن تُخَلِّد مثل هذه الأزمات في الذاكرة الجماعية رغم بعض النقص الكبير في الثقافة العالمة.

تكاد تتفق بعض المصادر المخطوطة في البلاد المغاربية عموما وبالجزائر على وجه الخصوص على مسميات تلك الأوبئة والأمراض.

تباين الاتجاهات والمواقف حول اتخاذ موقف صريح من هذه الأوبئة والأمراض؛ لاسيما في مسألة سبل الوقاية والاحتراز من الوباء، وهذا ما جسدّه الفقيه حمدان بن عثمان خوجة في كتابه اتحاف المنصفين. أبو حامد العربي المشرفي في كتابه أقوال المطاعين.

اعتبار العامة أن الأوبئة والأمراض عقاب إلاهي نتيجة الذنوب التي اقترفوها وابتعادهم عن الدّين.

جدلية العلاقة بين الفقيه والمؤرخ في اتجاه الأوبئة والأمراض وتفسيراتها المختلفة، اعتمادا على أدلة شرعية وأخرى ممارستية شعبية.

وجّهنا بعض طلبتنا الدراسات العليا(سلك الدكتوراه الطور الثالث ل م د) إلى العمل على مواضيع الأوبئة والأمراض ببايلك الغرب، والأوبئة والمجاعات بالجزائر خلال العهد العثماني.

الهوامش

1. رسالة ألفها مصطفى بن حمدان خوجة (1255هـ/ 1840م) وقد دافع فيها عن جواز الكرنتينة ضد المعترضين، وقد طبعت باللغتين العربية والتركية في إسطنبول 1252ه/ 1835م، وعلى الرغم من أن خوجة لم يكن فقيهًا، إلا أنه كغيره من المثقفين درس العلم الشرعي وناقش الآراء الفقهية المتعلقة بالطاعون وأثبت أن العمل بالكرنتينة لا يخالف أصلاً شرعيًّا ثابتًا. ينظر: نفطي وافية، مسألة علوم الطب والصيدلة عند علماء الجزائر خلال العهد العثماني، م5، ع1، ص ص:20-53.

2. ألف أحمد بن قاسم البوني كتابه هذا سنة 1116ه/1704م، وقد حصل أبو القاسم سعد الله على جزء منه، وفيه حديث عن أمراض العين وأمراض الأذن. ينظر: مصطفى خياطي، الطب والأطباء في الجزائر العثمانية، منشورات ANEP، الجزائر، ط1، 2013، ص:421.

3. وتعد من بين المصنفات العلمية التي تناولت وباء الطاعون الذي ضرب مدينة معسكر سنة 1202هـ/1787م، حيث يصف لنا ابن سحنون كيف اضطر أهل مدينة معسكر مغادرة المدينة فارين هاربين من هول ما أصابهم.

4. أبو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، دار الغرب الاسلامي، بيروت، ط1، 1998، ص:432.

5. هذا المخطوط لا زال في حكم المفقود في حدود علمنا، ولعله كتبه في نفس الطاعون الذي ضرب مدينة معسكر، كما تطرق إلى ذلك ابن سحنون في قصيدته المشهورة. ينظر: نفطي وافية، مسألة علوم الطب والصيدلة عند علماء الجزائر خلال العهد العثماني، مجلة آفاق فكرية، مخبر الفكر الاسلامي بالجزائر، جامعة الجيلالي ليابس سيدي بلعباس، الجزائر. م5، ع1، ص:28.

6. أبو راس الناصر المعسكري،(2004.) الكوكب الدري في الكلام عن الجدري، تح: بوكعبر بلقرد، مكتبة الرشاد للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، ص:4.

7. الفرقان، حسن.(2014). ط1،أدبيات الأوبئة في مغرب القرن19 نموذج أقوال المطاعين في الطعن والطواعين للعربي المشرفي، دراسة وتحقيق، منشورات دار التوحيدي، مطبعة سليكي أخوين، طنجة، المغرب. ص ص:97 – 98.

8. محمد بن رجب الجزائري: ألف رسالة سماها” الدر المصون في تدبير الوباء والطاعون”، يقول عنها أبو القاسم يعد الله:” لا ندري حجم هذه الرسالة، لكن يبدو أنها مهمة، فقد طالع صاحبها كتبا عديدة في الطب مثل القانون لابن سينا، وتذكرة الأنطاكي، ومفردات ابن البيطار حول الوباء والطاعون. ينظر: أبو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، ص:432. ينظر كذلك: نفطي وافية، مسألة علوم الطب والصيدلة عند علماء الجزائر خلال العهد العثماني، م5، ع1، ص ص:20-53.

9. هي عبارة عن رسالة صغيرة تقع في حدود ثلاثة عشر ورقة، تطرق فيها صاحبها إلى حديث “المن والسلوى في تحقيق معنى حديث لا عدوى”، وهي رسالة أهديت إلى السلطان العثماني أحمد سنة 1149هـ/1736م. ينظر: مصطفى خياطي، الطب والأطباء في الجزائر العثمانية، ص:421.

10. عن هذا الكتاب ينظر: كمال بن صحراوي، مجاعة 1868 بالجزائر من خلال نصوص محلية وأخرى فرنسية، مجلة عصور الجديدة، مختبر تاريخ الجزائر، جامعة وهران1 أحمد بن بلة، الجزائر، م7، ع26، ص ص: 276-292.

11. آسية بنعدادة، المعرفة الطبية وتاريخ الأمراض في المغارب، مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الاسلامية والعلوم الانسانية، منشورات عكاظ، الدار البيضاء، ط2011، ص ص:11-115.

12. المرجع نفسه، ص ص:11-115.

13. المرجع نفسه، ص ص:11-115.

14. الفرقان حسن، المصدر السابق، ص:154.

15. المصدر نفسه، ص: 157.

16. لالال

17. المشرفي، أبو حامد العربي بن علي، نزهة الأبصار لذوي المعرفة والاستبصار تنفي عن المتكاسل الوسن، في مناقب سيد أحمد بن محمد وولده الحسن، مخطوط الخزانة الحسنية بالرباط، تحت رقم:5616، ص: 501.

18. المصدر نفسه، ص:65.

19. البزّاز، محمد الأمين. تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ط1، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، سلسلة: رسائل وأطروحات رقم:18، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب. 1992، ص:98.

20. بوجرة، حسن.(2011). الطاعون وبدع الطاعون، الحراك الاجتماعي في بلاد المغرب بين الفقيه والطبيب والأمير(1350-1800)، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان. ص ص:120.

21. المنصور، محمد. (1998). مصدر جديد لدراسة التاريخ الاجتماعي للمغرب عند مطلع القرن التاسع عشر: كناشة المشاط، متنوعات محمد حجي، ط1، دار الغرب الاسلامي، بيروت، لبنان. ص ص: 46-59.

22. خواجة، أحمد. (2011). التونسيون والمرض، ط1، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية، الرباط، المغرب. ص ص:145- 159.

23. الحسن الفرقان، أقوال المطاعين في الطواعين، المصدر السابق، ص:97.

24. بوجرة، حسن.(2011).المصدر السابق، ص:120.

25. الفرقان حسن، المصدر السابق، ص:157.

26. حدوش، عبد الحميد. (2002). الهدر الديموغرافي في العالم الإسلامي: وسائله وحصيلته من خلال “أقوال المطاعين في الطعـن والطواعين، للعربي المشرفي. رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية. وجدة. المغرب. ص:37.

27. البزّاز، محمد الأمين.(1992).ص:106.

28. المصدر نفسه، ص:106.

29. الفرقان حسن، المصدر السابق، ص:154.

30. حدادي، أحمد. (2001). أخبار الأوبئة والأمراض في الرحلات السفارية المغربية. مجلة كنانيش (سلسلة الديمغرافيا في تاريخ المغرب). ع3. ص ص:37-38.

المصادر والمراجع:

1. آسية بنعدادة. (2011). المعرفة الطبية وتاريخ الأمراض في المغارب، مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الاسلامية والعلوم الانسانية، منشورات عكاظ، الدار البيضاء.

2. البزّاز، محمد الأمين. (1992)تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، سلسلة: رسائل وأطروحات رقم:18، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب. ط1،

3. بوجرة، حسن.(2011). الطاعون وبدع الطاعون، الحراك الاجتماعي في بلاد المغرب بين الفقيه والطبيب والأمير(1350-1800)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان. ط1،

4. حدادي، أحمد. (2001). أخبار الأوبئة والأمراض في الرحلات السفارية المغربية. مجلة كنانيش (سلسلة الديمغرافيا في تاريخ المغرب). ع3.

5. حدوش، عبد الحميد. (2002). الهدر الديموغرافي في العالم الإسلامي: وسائله وحصيلته من خلال "أقوال المطاعين في الطعـن والطواعين، للعربي المشرفي. رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية. وجدة. المغرب.

6. خواجة، أحمد. (2011). التونسيون والمرض، ط1، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية، الرباط، المغرب.

7. أبو راس الناصر المعسكري،(2004.) الكوكب الدري في الكلام عن الجدري، تح: بوكعبر بلقرد، مكتبة الرشاد للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر،

8. الفرقان حسن، (2014). أدبيات الأوبئة في مغرب القرن19 نموذج اقوال المطاعين في الطعن والطواعين للعربي المشرفي، دراسة وتحقيق، منشورات دار التوحيدي، مطبعة سليكي أخوين، طنجة، ط1.

9. أبو القاسم سعد الله، (1998). تاريخ الجزائر الثقافي، دار الغرب الاسلامي، بيروت لبنان.

10. كمال بن صحراوي، مجاعة 1868 بالجزائر من خلال نصوص محلية وأخرى فرنسية، مجلة عصور الجديدة، مختبر تاريخ الجزائر، جامعة وهران1 أحمد بن بلة، الجزائر، م7، ع26.

11. المشرفي، أبو حامد العربي. (2020). نزهة الأبصار لذوي المعرفة والاستبصار تنفي عن المتكاسل الوسن، في مناقب سيد أحمد بن محمد وولده الحسن. دراسة وتحقيق: مولاي الزهيد علوي. ط1. مطبعة فضالة. الرباط، المغرب الأقصى.

12. مصطفى خياطي، (2013). الطب والأطباء في الجزائر العثمانية، منشورات ANEP، الجزائر، ط1.

13. المنصور، محمد. (1998). مصدر جديد لدراسة التاريخ الاجتماعي للمغرب عند مطلع القرن التاسع عشر: كناشة المشّاط، متنوعات محمد حجي، دار الغرب الاسلامي، بيروت، لبنان. ط1،

الصور:

- من الكاتب.

1. https://media.almayadeen.tv/archive/image/2020/4/2/f5566fee-d2cd-409d-8fe4-dc8826e28757.jpg?preset=w750

4. https://s.raseef22.com/storage/attac hments /1078/7e5659301c653815a9615d46927e1 7db_523290.jpg

أعداد المجلة