موسيقى «السطمبالي» بين الخصائص الطقوسية والدلالات العلاجية: مقاربة أنثروبوفنية
العدد 56 - موسيقى وأداء حركي
مقدمة:
تُعتبر طريقة «السطمبالي» نمطا موسيقيا انتشر في تونس على غرار «موسيقى الديوان» في الجزائر و« فن القناوة» في المغرب، ويتميّز هذا النوع بتعدد الإيقاعات وبوجود مظاهر احتفالية ترتكز على مجموعة من الشعائر موجهة بالأساس نحو الدلالات الروحية التي تمزج بين مضامين دنيوية وأخرى مقدسة، وفي إطار شعائري تدور أحداثه وفق مجموعة من الآلات المحورية التي تستند عليها هذه الطريقة وخاصة آلتا الشقاشق والقمبري.
وفي هذا السياق يهتم هذا العمل بدراسة الخصائص الإثنية لأقلية عُرفت بنمط موسيقي له خصوصية مزجت بين عدة إيقاعات إفريقية وأخرى شرقية متوسطية، وقد كشف هذا الفن عن أهميته تقريبا منذ ستينات القرن العشرين في تونس تأثرا بما شهدته الساحة الفنية من تحولات عالمية تزامنت مع الصراع في المجتمع الأمريكي وبروز حركات تحررالزنوج التي ساهم فيها مارتن لوثر كينغ جونيور(1)، وهو ما أعطى دفعا لما يُمكن أن نُسميه بالفن الإفريقي في العالم الغربي. فبرزت مثلا موسيقات «الجاز» و«الروك» و«البلوز» و«الريغي» في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية.
وامتدت مثل هذه الفنون في العديد من المجتمعات وتشكّلت موسيقى الهُويات أو الأقليات التي أرادت أن تفرض واقعها الاجتماعي والثقافي في ظل التهميش والدفاع عن حقوقها من خلال تعبيرات فنية يُمكن أن ندرجها ضمن فنون المقاومة وفرض الذات والهويات في هذه المجتمعات. وضمن هذا الإطار تُعتبر الموسيقى «السطمبالية» من بين الفنون ذات الرصيد الإيقاعي المميّز بتقنيات وآلات موسيقية تقليدية، تستمد مكوناتها من بيئة أصلية إفريقية تهم الأقلية السوداء. كما يتمحور بحثنا هذا في إطار رؤيا إتنوموسيقية(2) نحاول من خلالها أن نُسلط الضوء على مبحث يُجسد تراث موسيقي مُهم بخصائصه اللحنية ورصيده الإيقاعي مع العمل على ربطه بالأصل الإتنولوجي الذي نسعى من خلاله الوصول إلى الإطار العقائدي لهذه الموسيقى.
لبلوغ الأهداف العلمية لهذا البحث سوف ننطلق من رصد الخصائص الإتنولوجية للأقلية السوداء بتونس بإعتبارها المرجع الأساسي لهذه الممارسة الثقافية، ولنتطرق في العنصر الثاني إلى تبيان أُسس النظام العقائدي الخاص بطريقة «السطمبالي» وهُما «الجن»(3) و«البوري»(4). كما حاولنا الوقوف على الخصائص الأنثروبولوجية المُميّزة لهذا النظام في مرحلة أولى والاهتمام بجملة المظاهر الاحتفالية الخاصة به في مرحلة ثانية. لنصل في نهاية هذا المبحث إلى التأكيد على أهمية دراسة التثاقف الموسيقي ضمن فضاء تعايش المشترك الثقافي، قصد الكشف عن الرصيد المرجعي والتحولات الوظيفية التي عرفتها الطريقة.
الخصائص الإتنولوجية للأقلية السوداء بتونس:
شهدت البلاد التونسية كغيرها من بلدان شمال إفريقيا حضور مجموعات مُهمّة من العبيد الأفارقة على امتداد قرون، وهي فئة اشتهرت لدى العامة بأهل السودان أو السوادين نسبة للموطن الأصلي وبلدان ما وراء الصحراء. وقد كانوا عبيدا وقع جلبهم إلى البلاد التونسية عبر ما يُعرف «بتجارة العبيد أو الرقيق» التي عرفت ازدهارا كبيرا دعمتها تجارة القوافل الصحراوية(5). وتُجدر الإشارة إلى أنّ هذا النوع من التجارة له قواعد تسييرية منذ العصر الإسلامي الوسيط.
وقد بدأ مصطلح تجارة الرق بين إفريقيا جنوب الصحراء وبلدان شمال إفريقيا إضافة إلى شبه الجزيرة العربية الإسلامية، حيث كوّن هؤلاء المُستجلبون مجتمعا يتميّز بخصائص اجتماعية وثقافية مختلفة ومتعددة تُفسر إلى حد ما الرؤية الإعتقادية للشعوب المحلية لبلاد السودان. كما تؤكد الدراسات التاريخية والسوسيوأنثروبولوجية أنّ هذه الأقليات السوداء قد عاشت في شكل تجمعات محدودة العدد وتوزعت بالجنوب الشرقي التونسي(6) وبصفاقس ومدن الساحل وبتونس العاصمة خاصة. والمُلفت للانتباه أنّ هذه المجموعات اختارت الاستقرار في مناطق حضرية أو شبه حضرية تتميّز بديناميكية اقتصادية وتجارية خاصة مع إلغاء قانون الرق الذي أصدره المشير أحمد باي في جانفي 1846(7). وقد ساهم هذا القانون في تحسين وضعية هؤلاء وتحوّلوا بفعل المُشرع إلى تُجار وفاعلين في الدورة الاقتصادية خاصة وأنّ أغلبهم قد كان لهم اتصال مباشر بأعيان القوم وبالطبقات الميسورة، التي كانت تمتلك النفوذ الاجتماعي والرأسمال الرمزي وهو ما ساهم في اكتساب هذه الأقلية السوداء لرصيد مادي واجتماعي مكنهم من فرض ذواتهم بعد مرحلة العتق، فالوجاهة التي ورثوها عن أسيادهم ساعدت في ممارسة بعض المهن التي كانت من احتكارات الجماعات التي انتسبوا لها وعملوا تحت رعايتها خاصة في الفضاء القبلي طيلة قرون. وبقيت بعض المصطلحات التي تشير إلى أصول هذه المجموعات السوداء الإفريقية مرتبطة بالعائلات أو القبائل المالكة على غرار الورغمية والغدامسية والورغلية الذين امتهنوا مهنا عديدة مثل الحراسة والحمالة والمهن الخدماتية بمختلف أنواعها. ومع مرور الزمن برزت بعض المشاكل نتيجة استبطان المجتمع التونسي لفكرة الوضعية الدونية للعبيد رغم سن قانون إلغاء الرق الذي تحدثنا عنه سابقا(8). وتُشير المصادر الاستعمارية إلى تواصل العبودية تقريبا إلى بدايات القرن العشرين وهو ما يعكس عدم قابلية الذهنية المحلية للمُتغيّرات السياسية والثقافية التي عرفتها المنطقة. حيث كشفت ثورة علي بن غذاهم سنة 1864 عن رفض الرعية لمشاريع الإصلاح والتحديث والتمسك بالتقاليد والأعراف لعل أبرزها امتلاك «الرقيق والعبيد»(9)، خاصّة وأنّ هذه الفئة مثّلت فاعلا اجتماعيا واقتصاديا بالنسبة للفئة المهيمنة أو المالكة. فإضافة للأعمال الفلاحية والمنزلية إلى «الشوشانة»(10) تعرضها لشتّى أنواع الاستغلال والمتعة الجنسية، إذ تكشف المعالجة الأنثروبولوجية من خلال المأثور الشعبي المغاربي الذي يشبّه الشوشانة «في النهار دابة وفي الليل شابة»(11) نظرا لبراعتها في العمل المنزلي في النهار والأداء الجنسي في الليل المرتبط بتفننها وبإشباع رغبة سيدها(12).
تكشف العديد من المصطلحات والتسميات عن مظاهر العنصرية والنظرة الدونية منها كلمة «وصيف»، «كحلوش»، «شوشان»،.... ومهما تكون الوضعية التي وجد فيها هؤلاء «المعاتيق»(13) أنفسهم بعد خروجهم من سلطة أسيادهم، لتبقى الأغلبية في وضعية تهميش وفي مراتب اجتماعية متدنية(14). وقد استوطنت هذه الفئات ضمن فضاءات التهميش مثل الوكايل والملاجئ والزوايا وهي مجالات منبوذة ومستهجنة لدى الكثيرين، حيث تنتشر فيها مظاهر الانحراف والسلوكات الشاذة والمنحرفة كالإدمان على تعاطي الممنوعات وممارسة السحر والشعوذة واستهلاك الحشيش والخمر وتعاطي البغاء وغيرها(15).
من المهم التأكيد على أنّ هذه الأقلية رغم تموقعها في مرتبة اجتماعية دونية، فإنّها استطاعت أن تحافظ على جزء مُهم من رصيدها الطقوسي والإعتقادي وهويتها الثقافية المتميّزة ولعل أبرزها «البوسعدية»(16) و«السطمبالي». وزيارة الأولياء الصالحين التي كانت يوما ما مكان استقرار هاته الفئات خاصّة في فترة ما بعد العتق على غرار زاوية سيدي سعد شوشان بضاحية مرناق وزاوية سيدي علي الأسمر في باب الجديد. كما أمكّن لها المحافظة على إعادة إنتاج هذه الصيغة المتفردة من المظاهر الاحتفالية والأطر الشعائرية داخل إطارها العقائدي.
عُموما استطاعت هذه المجموعات أن تدخل الدورة الاقتصادية لدى العائلات المُرفهة للقيام بالأعمال المنزلية والفلاحية إلى جانب استرقاق بعضهم للقيام بالأعمال الشاقة(17). وقد تواصلت تجارة الرقيق امتدت طيلة قرون « بنسق تصاعدي حيث تمكّن المسلمون من الظفر بأعداد هامّة من رقيق السودان. كما أسسّت هذه المنظومة بمعرفة شاملة للشعوب والأقاليم الإفريقية وساهمت في سيطرة المُستكشفين على الطرق والمسالك التجارية إلى غاية العصر الحديث»(18).
لا يهتم هذا البحث بالمسائل الأنثروبوتاريخية، بقدر ما يُركّز على أهمية حضور السود في النسيج الاجتماعي في شمال إفريقيا بصفة عامة وفي تونس بصفة خاصة. والغرض من ذلك استقراء الممارسات الثقافية والإرث الموسيقي الذي يُميّز هؤلاء، مع العلم أنّ الأقلية السوداء في تونس استطاعت تكوين نظام طُرقي تطور عبر الزمان والمكان وأصبح عنصرا فاعلا في الرصيد الشعبي الطرقي التونسي. وهذا ما يُميّز البحث من الناحية الأنثروبوثقافية في الموروث العقائدي والطقوسي الذي يعتمد على رُؤى سحرية ودينية وقع تطويعها ضمن الإطار الاجتماعي والثقافي المحلي، ممّا مكّنها من اكتساب خُطوة اجتماعية وعقائدية أصبحت بمرور الزمن من الموروث الشعبي. وشكّلت بالتالي رصيدا موسيقيا يعتمد على مقوّمات فنية وجمالية جد مهمة.
أسس النظام العقائدي الخاص بطريقة «السطمبالي»:
1) الجن / الجان:
يُعتبر هذا المصطلح من أكثر الكلمات المستخدمة للدلالة على المخلوقات غير المرئية، والتي تتمتع بقوى خارقة للعادة ميتاطبيعية حيث «استحوذ الإعتقاد بوجود الجن والشياطين على فكر الشعوب القديمة والحديثة بمختلف أجناسها وثقافاتها»(19). ويتميّز هذا الكائن اللامرئي بقدرة كبيرة على تطويع حياة البشر والتحكم فيها بطرق مختلفة، ممّا يمنحه سلطة وقوة سحرية خارقة تجعله مصدر الخوف والرهبة لدى العامة. وتنقسم المجموعات الجنية إلى فروع عديدة وغامضة لكنها تشترك في وجود قاسم مشترك يتحكم في كُل فرع منها يُسمّى ملكا(20).
يتميّز الجان كذلك بقدرته على التفوق على البشر. لذا يستخدم الصورة الإعتقادية في الجان والتمثّلات المرتبطة بها كخاصية تُهدد حياة الإنسان إذا ما أساء التعامل معها. وحسب الثقافات الإفريقية يُمكن أن يُصّنف الجان إلى أربع مجموعات كبرى وهي(21):
- جان الماء: ويطلق عليه محليا مصطلح «البحرية» أو «البحايرية» أو «جنّ الغواصة»، حيث يرى فيه أغلب الناس امتلاكه القدرة على الغوص في أعماق البحار والأماكن التي تتكاثر فيها التجمعات المائية والمجاري والأودية والمستنقعات. ويعتقد الأغلبية من البشر أنّ تخطي هذه الأماكن دون البسملة المسبقة بإمكانها أن تُصيب الفرد بالمسّ من الجنون لأنّه حاول أن يلج فضاء تسكن إليه هذه الكائنات. فالسبيل الوحيد للحماية من هذه المخاطر هو الإستقواء بالبسملة التي تحفظ وجود الكائن البشري.
- جان الهواء: ويُعرف هذا النوع في التسميات العامية «بلرياح» أو «الجان الطيارة»، تسكن هذه الكائنات المرتفعات والأماكن العالية والجبال. وتعرف بقدرتها على الطيران بسرعة فائقة وعدم الاستقرار في مكان واحد.
- جان الأرض: وهي الأكثر تواجدا حسب الثقافات المحلية وخاصة في الأماكن المهجورة والخالية والأماكن البعيدة والنائية في الجبال والفلاة، حيث يسود الاعتقاد بأنّ جان الأرض بإمكانه أن يتحوّل إلى حيوانات على غرار الكلاب والقطط أو زواحف كالثعابين والأفاعي، وبإمكان هذا النوع من الجان أن يتكاثر خاصة في الأماكن التي تكثر فيها الدماء أو المقابر القديمة.
- جان النار: يعتقد في هذا النوع من الجان أن يتعايش في المناطق الحارة أو في المصادر النارية كالأفران والمخابز والمردومة وهي أماكن يصعب على الإنسان التعايش فيها(22).
وبالعودة إلى هذه التصنيفات تتضح لنا أهمية الرُؤيا التصنيفية التي تُميّز نظرة البشر لهذه المخلوقات، فنقطة الاشتراك بينها هي تعايشها مع الأماكن التي تكون غامضة ولا يستسيغها البشر. وبقطع النظر عن هذه الاعتبارات والأحكام التصنيفية سوف نحاول أن نُركز في هذا المقال على طبيعة النظام العقائدي الخاص «بالسطمبالي» في علاقة بتوظيف فكرة «الجان» وتمثلاته الخارقة في الذهنية والتصور الذي يحمله الأفراد عن هذه القوى اللامرئية. والتي استطاعت أن تُؤثر وتُوجه أفكار البشر نحو مسارات معينة. فهذا النظام يحوم حول الفكرة المهيمنة التي تعتقد في «الجان» أو ما يطلق عليه بمصطلح «البوري». وهذه الكلمة تُشكّل إلى حد كبير قطب الرحى الذي تدور حوله الممارسات الاحتفالية والطرق العلاجية التي تخص هذه الطريقة، بحيث تُمثّل نظاما مُنسجما تحكمه قوانين وطرق تعامل في غاية من الدقة والمراتبية. وهذا النظام شبيه بأن يكون نظاما بشريا لكونه يتمتع بإنفتاح قريب على حياة الإنسان في مستوى التنظيم والأفكار المحيطة بنظام القرابة وعلاقات الزواج، التي تحكم العلاقات البشرية وبكل خصائصها مثلما «يتجلى هذا النظام العقائدي في الاحتفالات الشعائرية للطريقة التي يتم من خلالها استحضار الأرواح لطلب العفو وعقد الصلح منها. فهي على عادة الأولياء الصالحين قادرة على إتيان الخوارق والمعجزات ولها القدرة والنفوذ على حياة البشر»(23). ويمكنها أن تعقد أحلافا مع أرواح أخرى شريرة فتتقمص السلوكات غير المرغوب فيها، ممّا يجعلها تُشكّل خطرا على حياة البشر ولا يمكن للأشخاص العاديين أن يتعاملوا معها بصفة مباشرة فيوكّل شيخ يُدعى «المعلّم» وهو شخص يتميّز بعلمه وحكمته وقدرته على التعامل مع تلك الأرواح وترويضها. وبإمكانه كذلك أن يُوجه اختياراتها نحو تصرفات محددة في جزء كبير منها شبيهة بالسلوكات البشرية. وبالرجوع إلى التسميات التي يقع اعتمادها في تصنيف الأرواح والآلات والترديدات يتضح لنا أنّ أغلبها تتميّز بالطابع الإفريقي وفيها إشارة إلى أسماء الأمكنة على غرار السودان والبعض الآخر إلى مصطلحات غامضة مثل «شركند»، «بماشي»، «الأرنوات»..
وتحيلنا هذه المصطلحات والألفاظ إلى أهمية الدراسة الإيتمولوجية للقاموس المستعمل في طريقة «السطمبالي»، وما يتفرع عنها من إيحاءات وخصائص تميّز هذا المعتقد. فهي إلى جانب الدلالات التي تُوحي بالأصل الإفريقي نجد انفتاحا على الخاصية المحلية وخاصة في بعض التسميات التي تحيل إلى أماكن للمدينة العتيقة بتونس العاصمة مثل دار شعبان والبطحاء وغيرها من الأماكن الأخرى. وفي الأثناء يُمكن لنا أن نستشف الإطار الوظيفي والمراتبية الهرمية لأرواح «البوري» خاصة بالعودة للهيكلة العامة لهذا المعتقد، إذ يتألف من خمسة مجموعات مثلما أشار إلى ذلك الأستاذ أحمد الرحال(24). وكل مجموعة أو سلسلة تحتوي بدورها على مجموعة من الأرواح يحكمها شيخ، ومنها مثلا مجموعة «لسركين كوفة»(25) التي تنتمي إلى مجموعة «الأرنوات»(26)، بينما يتحكم «معلّم صُوفو«(27) في سلسلة «البايات»(28)، أمّا سلسلة «البحريات»(29) فيقودها الشيخ «دودوا ابراهيم»(30). كما نجد مجموعات أخرى على غرار «قنديمة»(31) وسلسلة «الصغار»(32). فهذه المجموعات أو السلاسل تخضع - كما أشرنا إلى ذلك سابقا - إلى مراتبية تفاضلية وهرمية تُحددها طبيعة كل سلسلة في المعتقد الطقوسي «للبوري». ويتوازى مع ذلك الشحنة الما ورائية التي تُحايّث تلك المجموعات.
وتتصدر على هذا الأساس، مجموعة «البايات» و«الأرنوات» سُلم التقسيم التفاضلي تليها سلسلة «البحريات» التي تُشكّل جزءا لا يتجزأ من سلسلة من «البايات»، بينما تمثّل مجموعة «الأرنوات» إطارا مرجعيا لسلسلة «قنديمة». ليختتم هذا الترتيب سلسلة «الصغار» التي تُشكّل آخر حلقة لتصنيف الأرواح. مع العلم أن كل سلسلة تتحدد بمجموعة من الملامح وبطرق تعامل تختلف بعضها عن بعض. فحتّى المواد التي تستخدم على غرار البخور وتوقيت التدخل تختلف وهو ما يجعل منها مجموعات مستقلة بذاتها رغم الولاءات الضمنية التي تحدثنا عنها سابقا.
2) الخصائص الطقوسية لمعتقد «البوري»:
تعتمد سلسلة «الأرنوات» على مجموعة لا حصر لها من الأرواح السوداء، فهي في العادة نقطة الانطلاق الأولى المخصصة للوضعية الافتتاحية أثناء إعلان إقامة الاحتفال الشعائري الخاص بالطريقة. وتُشير الدراسات المتخصصة في الإتنوموسيقى إلى أنّ الجانب الافتتاحي ضروري لمخاطبة الأرواح، وتعد المهمة الأساسية التي يتحقق بها نجاح التعامل معها. لذلك يكون الاحتفال مُقترنا بمجموعة من الاختيارات اللونية التي تُميّز الملابس. فيقع الإعداد لهذه الطريقة بإحضار «ديك» يكون إمّا من اللون الرمادي أو الأسود الذي يُمكن أن يتوافق مع وُسطاء «الجن» وخاصة «المعلّم». ويعتقد هؤلاء بأن أرواح «الأرنوات» تتشكّل وفق شبكة مراتبية على هيئة العلاقات الأسرية الموجودة عند البشر، فيمكن أن نجد مصطلح الأخ حين يتعلق الأمر بالسلسلة المُكونة لمعتقد «الأرنوات» والتي تضم «الجانمركي»(33) و«الكوري(34)» و«القروجي»(35) و«فالكوري»(36) هو زوج الأم «ينة»(37) التي استطاعت أن تُنجب الابن «سيوا»(38)(39).
تُعتبر هذه السلسلة الأصغر ضمن مجموعة «الأرنوات». لهذا السبب يكون تصديرها في آخر السلسلة وهُو ما يؤكد على وجود علاقات تنضيد تنبني عليها مجموع السلاسل والنماذج المشكّلة للإطار المرجعي لهذه المجموعات أو السلاسل. ومن المظاهر الاحتفالية التي تتكرر أثناء الاحتفال بالنوبة المتعلقة بسلسلة «الأرنوات» الاعتماد على مجموعة من السُلوكات الشاذة والغريبة على غرار استخدام قارورة من الخمر يرقص بها الشخص المصاب ثُم يتم إفراغها في مكان الذبح، وهذه النقطة بالذات تُستخدم كمكان للذبح بإستعمال أضواء خافتة أو الاكتفاء بضوء القمر بعد منتصف الليل، ثُم يتم وضع كمية من الجاوي الأكحل في فم المريض ويطلب منه التفوه بمجموعة من العبارات والطلاسم وأسامي البشر. لتختتم هذه الأهازيج والاحتفالات العلاجية(40) (العريفة) الصُوفية بترديد كلمة «الله» العديد من المرات .
ويعتقد بأنّ هذه الكلمة هي الأساس لطرد الأرواح الشريرة لأنّها لا تحبذ التكبير، والمُلفت للنظر في هذه الممارسات أنّها تضم مجموعة من المتناقضات على غرار الخمر والقرابين والعبارات غير المفهومة والطلاسم الخاصة وبعض الأذكار. وهي ممارسات تُعبّر إلى حد ما عن المعتقد الديني والممارسات المُرتبطة به عن تجليات مظاهر التفاعل بين النص الرسمي والطقس الصوفي(41). وذلك لتضمين المحتوى الديني العام في إطار ممارسات بدائية حتّى يقع إكسابها الشرعية الدينية المفقودة في مثل هذه الممارسات. وهذا يُذكرنا بفكرة الإعتقاد لدى الشعوب ما قبل دينية التي يتحدث عنها جيمس جورج فرايزر وميرسيا إلياد ووسترمارك في تناولهم لمسارات المعتقد الثقافي الذي يقترن بأسس مرجعية يعود الأصل فيها إلى ممارسات سابقة لظهور الأديان مثل الطوطمية والإحيائية في الثقافة الإفريقية(42).
وقد اعتمدنا في بحثنا هذا كذلك على قراءة مرجعية للدراسات(43) إلى جانب مجموعة من اللقاءات والمقابلات الشخصية وحضور بعض الاحتفالات لهذه الطريقة(44) بمقام الولي الصالح سيدي منصور الغلام(45) بصفاقس. وبينت المُعاينات الميدانية أهمية هذا المُعتقد في حياة الأفراد، حيث لا يقف مستوى القبول الاجتماعي لهذه المادة الموسيقية عند الإيقاع الصوتي والأهازيج المُرافقة له. بل يتعداها إلى عينات سمعية وبصرية وسائل متعلقة بالنظام العقائدي والممارسات الشعائرية للطريقة(46). وتُمثّل هذه الأخيرة سندا أنثروبولوجيا مُهما لما تحتويه على خصوصيات الممارسات الطقوسية التي تتجاوز حدود الانتماء الجغرافي لتكون بدائل موسيقية وتنميطات ثقافية تترجم القواسم المشتركة بين أصل منشأ هذا النوع من المُوسيقى والإعتقادات المُرافقة لها والتي تسعى إلى مأسسة طريقة تُراوح بين الأداء الموسيقي والوظائف الاجتماعية والثقافية لموسيقى «السطمبالي».
المظاهر الاحتفالية لطريقة «السطمبالي» بين الثابت والمُتحول: زاوية سيدي منصور الغلام نموذجا:
1) الموروث الاحتفالي والأبعاد الاجتماعية:
اعتمدنا في هذا الجزء من العمل على دراسة ميدانية شملت مقام الولي الصالح سيدي منصور(47)، وقد ركزنا على المظاهر الاحتفالية ودلالتها الرمزية والاجتماعية، مُحاولين بذلك الوقوف عند الثابت والمتحول فيه. وقد كانت الفترة التي أجرينا فيها العمل الميداني فرصة للتعرف على الوظائف الشعائرية والطقوسية المميّزة للطريقة والتي بقيت تتوارث جيلا بعد جيل.
تتعدد المظاهر الاحتفالية الخاصة بطريقة «السطمبالي»، التي تعود إلى اختلاف الطقوس الشعائرية والوظائف المميّزة لها إلى جانب الممهدات التي تشع حول إحياء الوظائف وإعادة التذكير بها. ويُطلق عليها مصطلح «الوعدة» لأنّها تكون مسبوقة بحدث يُراد إحياؤه وتكون هذه الاحتفالات عامة وتقام مرة كل سنة في الشهر الأول من فصل الربيع(48). حيث يلتقي أفراد مجموعات «السطمبالي» في إحدى الزوايا(49)، ويتم في الأثناء القيام بتدريب عناصر المجموعة الذين سيتم إدراجهم في المُمارسات الطقوسية. وتُجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنّ هذه المظاهر الاحتفالية يتم فيها إعادة إحياء عمليات التحالف مع أرواح «البوري»، ويعتقد أعضاء مجموعة «السطمبالي» أنّ غياب عملية الإحياء هذه قد تكون سببا في إيذاء المجموعة والحد من سلطانها وفقدان الأهمية ورأس المال الذي يكتسبه أعضاء الفرقة في التعامل مع الأرواح، وتدوم هذه الزيارة ثلاثة أيّام. وتتشابه تقريبا نفس هذه الممارسات في بعض الجهات الأخرى، فمثلا حينما ينتقل أفراد المجموعة إلى زيارة سيدي سعد بضاحية مرناق في بداية فصل الخريف وتستغرق هذه الزيارة بدورها ثلاثة أيّام من كل أسبوع وهي أيّام الأربعاء والخميس والجمعة. ويُطلق على هذا الاحتفال مُصطلح «الوعدة» أو«الزيارة» أين يقع ذبح الخرفان وتُقدم كعطاء للزُوار درءا لمخاطر «أرواح الماء» أو «البحريات» التي تتموقع في المجاري ومناطق وجود المياه.
- رمزية الفضاء: يتموضع معلم الولي على طرف جُزء من اليابسة المُمتدة في البحر. ولعل في اختيار الموقع الذي يرقد فيه الولي دلالاته الروحية وأبعاده التاريخية. فواجهة المقام من الخارج يطغى عليها اللون الأبيض والأخضر وهي ألوان لها بعد ديني وروحي ارتبطت بالتصوف والظاهرة الولائية في البلدان المغاربية. كما يظهر أمام المقام بناء ضخم في شكل اسطواني وهُو بُرج غزل، وقد كان في الأصل رباطا ثُم وقع ترميمه في الفترة الحديثة ويبدو أنّ اختيار الولي للاستقرار بجانب هذا الرباط يحمل رمزية دينية بإعتبار أنّ الرباطات ارتبطت بظاهرة التصوف(50) والتزوي حيث مثّلت مجال نُشوء الظاهرة.
نتبيّن من خلال الصُورة الخُصوصية التي يحظى بها الضريح في الزاوية حيث يُحاط بالخشب المتقاطع باللون الأخضر، وهُو عبارة عن قفص يحمي الضريح لإعطائه أكثر قداسة. ويُخيل لدى الزائر أنّ الحُصول على الكرامة وبركة الولي لا يمكن أن يتحقق بسهولة، فهنالك مسافة تفصله عن مرقد الولي يُمثلها ذلك الحاجز الخشبي، وهُو ما يمنح الشُعور بالهالة والاحترام والطُمأنينة التي تتشكل من خلال الانتقال من فضاء خارجي يُمثله المنزل والشارع الذي هُو بمثابة فضاء دنيوي مليء بالتوترات والتناقضات وما تحمله من غياب التوازن النفسي، نحو فضاء الزاوية الضيّق من حيث هندسته المعمارية لكن في نفس الوقت الشاسع والمليء بالتحرر والذي تتحقق فيه الذات زمن التحامها بقداسة ورُوحية المكان(51).
2) تركيبة طريقة «السطمبالي»:
نُشير هُنا إلى أنّ تركيبة طريقة «السطمبالي» تعرف نوعا من النمذجة القائمة على مراتبية وظيفية تحتل فيها «العريفة» مكانة مُتميزة يليها في ذلك المعلّم ثُم الشقاشقي، لتختتم هذه المراتبية بوجود مجموعة مرافقة يطلق عليها الأتباع. وهذه القاعدة التصنيفية سوف تكُون محور تحليلنا في هذا العنصر.
3) «العريفة»:
يُشير هذا المُصطلح إلى الاسم الدارج في اللهجة المحلية التونسية «عُرف» أو ما يُقابلها في المحليات المشرقية بإسم «المعلّم». وتعني امتلاك المعرفة والدراية بالأشياء وخاصة الماورائيات والقُدرة على التخاطب مع الأرواح وتمرير المرغوبات وعقد الهدن والتقرب منهم. وتُسمّى «العريفة»(52) أيضا «بالقوديا»(53).
يحتل مركز «العريفة» مكانة متميّزة في سُلم المراتبية المُميّزة لطريقة «السطمبالي». وتُعطى لهذه المراتبية وظيفة مهمّة على غرار الوظيفة العلاجية حيث يمتلك «القوديا» القدرة على تشخيص الأمراض وتحديد الرُوح التي تسببت فيها. وفي الأثناء يتم استخدام التبخير أو البخور بطريقة جدّ معقدة ممّا يضمن نجاعة التدخل وتمكين المعني بالأمر بالعلاج المناسب الذي تصاحبه في العادة أهازيج مُوسيقية خاصة بتلك الطريقة ومن الأغاني المشهورة:
نادي عالغلام بابا ديوان
يا بابا سلام عليك
ولد العجمية سيدي منصور
يا بابا سلام عليك
ها يا بابا ونجيك نزور
يا بابا سلام عليك
ويتم كذلك ترديد مجموعة من الكلمات الغامضة، وفي هذا التقاء وتشابُه في الممارسات من حيث العادات والأعراف بين هاته الأقليات السوداء المتواجدة بتونس. وهُو ما نستشفُه في غناء «عبيد غُبنتن» وما يحمله من معاني ورمزيات تمس مختلف مظاهر المعيش اليومي وقضايا المجتمع المحلي من اغتراب ومأساة وهجرة وطلاق، لكن ما يُميّز المأثور الشعبي لدى هذه الفئة هُو حضور بعض الأشعار المحمّلة بقضايا تغوص أحيانا في عمق المسائل ذات الطابع السوسيوسياسي(55).
وتُستعمل في الطريقة «السطمبالية» كذلك جُملة من المُفردات غامضة المعاني رُبما تُمثل آلية تواصل بين أفراد الفرقة، وهُو ما يمنحها الفرادة تجعل المُتلقي في حيرة تدفعه للاعتقاد في قُدرة هؤلاء على صنع المعجزات وامتلاك الكرامات وفق أداء فني ينبني على طقس روحي معقد أحيانا. وقد توصلت البحوث الميدانية بعد تفكيك احتفالية «السطمبالي» إلى أنّ الخطاب الموجه من «القوديا» إلى الروح التي تملّكت الشخص يُمثّل في مرحلة ما سندا مُهما في مسار الطقس العلاجي، لما يمكن أن يكسبه هذا الخطاب من ثقة ومُهادنة الرُوح المُتملكة ثُم مُطالبتها بعقد صلح مع المصاب والكف عن إيذائه للتحضير في مرحلة أخرى إلى الشفاء. ويمكن كذلك تقديم بعض الأدوية في شكل «غلوفات» (خلطة من الأعشاب الطبية) لمزيد تحصين ووقاية المريض تجنبا لإصابته من جديد بمس الأرواح الشريرة. وفي سياقات احتفالية أُخرى كشف عنها البحث الميداني، حيث تنتظم طريقة «السطمبالي» في جو مُتوتر وصاخب يُذكرنا أحيانا بطقس الحضرة الذي يُصاب فيه بعض الزُوار بحالة من التخمير على إيقاعات آلات مُوسيقية مثل «البندير»، لدرجة أنّ المرأة البدينة التي كانت تُواجه صعوبة في الحركة أو المشي تصبح قادرة على الرقص بخفة وتُصاب بحالة من الهستيريا الإيقاعية دُون توقف تنتهي بإصابتها بحالة من الصرع والإغماء، تُوحي بنهاية الطقس وزوال مس الأرواح الشريرة. ورغم تكرار هذه الحالة مع بقية الحاضرين تتعالى أصوات المُوسيقى الصاخبة ولا تتوقف إلى أن يُدرك الجميع ذات المصير(56).
هذا وتمُر عملية تكوين «العريفة» بمراحل مُتعارف عليها وهي مرحلة الانتقاء حيث تتم عملية فصل العلامات الخاصة والتنبؤ بالمستقبل ومُسايرة الماضي. وتتم العملية أثناء الاحتفالات السنوية عند تجسيد المترشح التخميرة ومنها يتم الاختبار برقابة «العرايف». ثُم يجهز المعني للمرور لمرحلة الإعداد لتملك الطُقوس والتدرب عليها، وهي من أصعب المراحل حيثُ يطالب الشخص الذي وقع عليه الاختبار بالاختلاء بنفسه في غرفة مُظلمة لمدة أربعين يوما، ويقدم له في الأثناء وصفة من الغذاء تشتمل على حشائش وأعشاب وأرواح غذائية بغية استدراج أحد أرواح «البوري» وبُلوغ مرحلة التملك. وتلي هذه المرحلة مرحلة وضع المرفع واختبار الميدان وهي عبارة عن مُرور الشخص من التدرب إلى المسايرة الميدانية. ويتم تنظيم التخميرة وتجسيد الرُوح ومن ثُمّ تقييم هذا الأداء من طرف «المعلّم». وتُرافق هذه العملية مُوسيقى النوبة واختيار الرقصة الأصلية للروح. وعند النجاح يتمُ تمكين المترشح من وضع المرفع بمعنى تبليغه هيكل أرواح «البوري» وهي طُقوس غريبة نوعا ما لأنّ هذا المرفع من الخشب يتم تعليقه بطريقة خاصة في غرفة مُميّزة يقع الاختيار عليها، ليتم بعد ذلك إكساؤُها رداء يحمل اللون الخاص بالرُوح التي اختارت أن تتعايش مع المترشح. ويُستخدم هذا المرفع كذلك في تنظيم الآلات الموسيقية الخاصة بالطريقة كالشقاشق(57) والقمبري(58) والدنفونة(59).
4) المعلّم:
يُشكّل «المعلّم» قائد الفرقة المُوسيقية وهو الذي يجيدُ استخدام آلة القمبري، كما بإمكانه العزف على الشقاشق والطبلة وغيرها من الآلات المُوسيقية المميّزة للطريقة. ويُسمّى «المعلّم» لمعارفه المتعددة وامتلاكه التقنيات التي تسمح له التعامل مع الجن. والمُتمعن في طريقة «السطمبالي» يُلاحظ أنّ الوصول إلى هذه الرتبة يستدعي المرور عبر مراحل إكساب وتدريب إلى جانب عنصر الوراثة الذي يُغني المُتدرب عن مراحل أخرى. كما تتطلب عملية بلوغ هذا المستوى إتقان العزف والغناء والقدرة على التأثير في أعضاء المجموعة وتوجيههم(60).
5) الشقاشقي:
وهُو العنصر الذي يمتلك وظيفة مُوسيقية بالأساس، ولا تتطلب وظيفته امتلاك المعارف التي تسمح بالتعامل مع الجن والطقوس والشعائر. وعادة ما تتضمن المجموعة المُوسيقية الخاصة «بالسطمبالي» وُجود ما بين أربعة إلى ستة شقاشقية. ويتم تدريبهم حتّى يمتلكون القدرة على مسايرة النسق الغنائي بشكل متناهي(61).
6) الأتباع:
عادة ما ينتمي الأتباع إلى الفئات الفقيرة والمُهمشة وخاصة النساء منهم، وينحصر نشاطهم على مسايرة نسق الطريقة والانتقال معهم من مكان إلى آخر فهُم بمثابة الجُمهور المُساير للاحتفال والمحيط بأعضاء الطريقة. ويُشاع عند هؤلاء أنّ الإخلاص للمُعتقد هُو الذي يفرض عليه مسايرة النشاط الخاص بالطريقة لامتلاك الشحنة الرمزية وإعادة إتباعها بين أفرادهم.
التثاقف المُوسيقي بين الرصيد المرجعي والتحولات الوظيفية:
ممّا لا شك فيه، يعرف هذا النمط من المُوسيقى تغيرات عديدة حتمتها الظروف التاريخية والاجتماعية للجاليات الإفريقية الوافدة على شمال القارة. ولعل التغيرات التي نتحدث عنها لم تكن بمعزل عن المعطيات الخاصة التي رافقت تواجد هؤلاء الأفراد في مجموعات إنتمائية جديدة. وقد شملت هذه الإحداثيات جوانب تتصل بالظروف الاجتماعية والعقائدية لهذه الطريقة. لذا حاولنا التركيز في القسم الأوّل من هذا العمل على الجانب التاريخي لتواجد الممارسة الطرقية والشعائرية في تونس وأهم ما تقدمه من وظائف وخاصة تلك المتصلة بالاعتقاد في «الجان».
ما يهُمنا في هذا العُنصر هُو التركيز على قُدرة هذه الأقلية على تنويع الإيقاع الموسيقي وتوظيفه في إطار الاحتفالات والوظائف العلاجية، حتّى نستطيع الوُلوج إلى الثقافة المحلية بمرجعياتها المُختلفة. وقد أمكن لهذه الأقلية بتلك التوظيفات اكتساب القدرة على النفوذ إلى المستوى العقائدي والشعائري لمجال لا بأس به من الثقافة المحلية للبلاد التونسية وخاصة الإطار العلاجي الذي سلّم به جل أفراد المجتمع نظرا لأهميته النفسية وللغموض الذي يكتنف هذه المنظومة العلاجية التقليدية التي سمحت بتوظيف وسائل بالغة التعقيد وبأدوات بدائية استطاعت أن تفتك مكانة تتجاوز حتى العلاج الحديث بالمُوسيقى والذي يُعرف بإسم Musico-thérapie. وعليه يبقى هذا الرصيد المُوسيقي لطريقة «السطمبالي» مُتعدد الثراء، بل أمكن له أن يتجاوز واقع التهميش والإقصاء الاجتماعي بقطع النظر عن الاعتبارات والأحكام التي ترى فيه مُجرد إيقاعات وشقشقات لا تخضع للنظام المُوسيقي المُتعارف عليه من حيث الأوزان والأسس الفنية. ويتضح لنا وُجود نوع من التقارب بين نمطين من المُوسيقى يختلفان من حيث الأوزان الموسيقية والخلايا الإيقاعية والدلالات الإيحائية. إلا أنّهما يشكّلان رصيدا موسيقيا ثريا يُفرز في النهاية ملامح تثاقف حاصل بين الفُنون المُتواجدة بشمال إفريقيا في إطار التعايش المشترك.
هكذا يُمكن القول، بأنّ مُوسيقي «السطمبالي» قد أثرت الرصيد الموسيقي التونسي من خلال الإضافة النوعية في مستوى الإيقاع والألحان والآلات حيث مزجت بين المحلّي والوافد ورغم أنها بقيت تدُور في فلك الألحان الصوفية المعروفة بإسم النوبة. لكن يبقى الحد الفاصل بين النمطين واضح المعالم وخاصة في طبيعة الطريقة وقدرة الأقليات السوداء على أن تجعل منها نظاما طرقيا يتطور باستمرار مع الزمان والمكان، بل ويتأثر بالمُحيط الاجتماعي والثقافي(62). وهُو ما يُميّز هذه الطريقة التي أمكن لها كذلك احتواء المورُوث العقائدي المحلي مع الإبقاء على الجُذور الإفريقية الأصيلة التي طوعت بطُرق مُختلفة لاكتساب الخُصوصية الثقافية والدينية والمُقوّمات الفنية والجمالية المحلية. وهُو ما شكّل الإطار المرجعي لهذا النمط الإتنوموسيقي المُتعدد الأبعاد.
وبصرف النظر عن كُل الاعتبارات والأحكام التقييمية لمُوسيقى «السطمبالي». تبقى هذه المُمارسة الثقافية في تواصل دائم مع الإطار الذي تعيش فيه ضمن التأثيرات المُوسيقية المتبادلة، وهُو نوع من التثاقف النابع من مُخلفات ورواسب لخليط اثني مُتجذر في التقاليد المُوسيقية المُميّزة لهذا النوع. ويُعتبر هذا تثاقف حضاري يُثري بكل تأكيد الرصيد الإيقاعي والمعالم الاحتفالية إلى جانب العناصر الأساسية لهذا النمط في حد ذاته وخاصة في نوعية الآلات المُستعملة وإمكانية دمجها مع آلات أخرى مُستحدثة قادرة على تطوير فنون الإيقاع في المُوسيقى.
كما يُمكن أن نُلاحظ التثاقف في تطور عدد عناصر الطرافة والدور الذي يقوم به كُل عنصر ومكانته في الإيقاع إلى جانب ما يُطلق عليه أخصائيو المُوسيقى بتنوع الخلايا الإيقاعية والدور النبضي للشقاشق، التي تقدم من الناحية الإيقاعية بنية مُنفردة تُدمج المحلي بالوافد وتنفتح على استيعاب مُمارسات إيقاعية أخرى قادرة على إثراء المورُوث الإيقاعي لمُوسيقى «السطمبالي».
خاتمة:
شمل هذا البحث مجموعة من الخصائص الإتنولوجية والعقائدية والطقوسية لمُوسيقى «السطمبالي» والتي ارتبط وُجُودها بالأقليات السوداء. وقد حاولنا أن نُبيّن مدى ارتباط هذا النوع المُوسيقي بالأصُول الإفريقية سواء عبر الممارسات الطُرقية والشعائرية أو من خلال النظام العقائدي الذي يشتمل على الاعتقاد في الجن بناء على مُقاربة أنثروبوفنية تحاول مُعالجة هذا النمط المُوسيقي من خلال البحث في التركيبة الاجتماعية والإثنية ومختلف ممارساتها الثقافية التي قد تكشف عن مظاهر التعايش والمشترك في الموروث الحضاري التونسي .
ويبقى هذا النوع مقترنا بالتراث اللاّمادي للأقليات السوداء والتي تمكّنت من المُحافظة على الارتباط الوثيق بين الممارسة الشعائرية لطريقة «السطمبالي» والوظائف العلاجية من خلال التعامل مع الجان وتسخيره لخدمة البشر. ولقد ارتأينا أنّ هذه الخصائص تتطلب المزيد من البحث وأنّ الرصيد المرجعي «لسطمبالي» يعرف مجموعة من التحولات والانفتاح على أنواع مُوسيقية أخرى، حيث أمكن لنا الوقوف على خصائص الإيقاع الجديدة وتوظيف آلاتها المُوسيقية التي لم تكن دارجة في هذا النوع المُوسيقي بالإضافة إلى تعدد المظاهر الاحتفالية المُميّزة لهذا النظام.
الهوامش
1. أحد أبرز الناشطين السياسين الذين عُرفوا بمطالبتهم بإنهاء التمييز العنصري ضد السود، كما اعتبر من الشخصيات التي ناضلت في سبيل الحرية ووقع اغتياله في شهر أفريل 1968.
2. تهتم الإتنوموسيقى بدراسة الدلالات الموسيقية للأنماط العرقية في سياقات الطقوس والأبعاد السيميولوجية.
- Jean - Jacques Nattiez, " Ethnomusicologie et significations musicale " ; in L’Homme n° 171-172, Musique et anthropologie, Texte intégral, 2004, p.53-81.
3. يتميّز بقدرة خارقة على تطويع حياة الكائن الإنساني والتحكم فيها.
4. يُمثّل "البوري" ركيزة أساسية تقوم عليها جل الممارسات العلاجية الخاصة بالطريقة، وهو عبارة عن نظام مقنن ومراتبي قادر على تمثل الأرواح على أنّها عبارة عن شخصيات آدمية.
5. استمرت العلاقات التجارية بين إفريقيا السوداء وشمال إفريقيا عبر ما يُعرف بتجارة العبور التي تمر عبر طرق صعبة. وقد أمكن لهؤلاء الاستقرار في هذه المناطق التي مروا عبرها. راجع:
- Zouhir Gouja, Aperçu sur la musique et la transe dans le rite de possession Stambali, Dess, Ethnométhodologie et informatique, Paris, Université Paris 8, 1997.
6. انظر لمزيد الإثراء: محمد الهادي جويلي، مجتمعات للذاكرة، مجتمعات للنسيان: دراسة مونوغرافية لأقلية سوداء بالجنوب التونسي، تونس، سيراس للنشر، 1994.
7. انظر لمزيد الإثراء: أحمد بن أبي الضياف، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تونس، الدار العربية للكتاب، 1990، ص. 97.
8. راجع : توفيق عامر، الحضارة الإسلامية وتجارة الرقيق خلال القرنين الثالث والرابع للهجرة، أطروحة دكتوراه دولة، تونس، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، سلسلة 8، مجلّد 7، 1996.
9. الهادي التيمومي، تونس والتحديث: أوّل دستور في العالم الإسلامي، صفاقس- تونس، دار محمد علي للنشر، 2009.
10. يُستخدم هذا المصطلح محليا للدلالة على العبيد الذين تمتعوا بقانون إلغاء الرق الذي أصدره المشير أحمد باي.
11. عبد الواحد المكني، الجدران اللامرئية: العنصرية ضد السود (6) - "الشوشانة": سوداء في النهار حمراء في الليل..، ضمن موقع الأوان، 08 ديسمبر 2013.
12. عبد الواحد المكني، الجدران اللامرئية....، مصدر سبق ذكره.
13. يُستعمل هذا النعت للدلالة على الخادمة ذات البشرة السوداء، وتُدعى كذلك للمكانة الدونية التي تحتلها في ذاكرة الأفراد في فترات الرق.
14. Abdelhamid Larguèche, Les ombres de Tunis : Pauvres, marginaux et minorités au XVIIIème et XIXème siècles, Paris, Arcanteres éditions, 2000.
15. Bernard Lewis, Race et couleur en pays d’Islam, Paris, Payot, 1982, p.46.
16. تُشير الروايات الشعبية المتداولة قديما بأنّ هذا الشخص هُو راقص من السُود على الطريقة "السطمبالية". حيث رُوي عنه بأنّه وقع اختطاف ابنته سعدية من طرف تجار العبيد، فقرّر التنكر للبحث عنها حيث قام بتغطية وجهه بقناع ، كما يروي البعض الآخر أنّه كان ملك مدينة مالي حيث تم خلعه من منصبه فأخذ يجوب المدن بعد فقدانه لمكانته ونفوذه. ومنذ تلك اللحظة أصبح من أهم الشخصيات التي تتكوّن منها موسيقى" السطمبالي". ونُشير في هذا السياق إلى أنّ شخصية "بوسعدية" تُعد من الركائز الأساسية لمكونات العرض وأطرفها لامتلاكها القدرة على شد المتفرج لما تُقدمه من عروض خارقة للعادة. وهي رقصة متعلقة بالفلكلور التونسي وتُصنّف ضمن التراث الشفوي. اعتمدنا في هذا التحليل على: زاهر كمون، "أغاني الزنوج في تونس أو السطمبالي"، ضمن صفحة ثقافة zaherkammoun.com ، 08 ماي 2016.
17. ذكرت ليسات فالنسي مجموعة من الأعمال التي اقترنت بالعبيد المتواجدون بتونس في تلك الفترة ووصفت أغلبها بأنّها شاقة وتحتوي على مضامين عنصرية. راجع لمزيد الإثراء:
- Lucette Valensi, " Esclaves chrétiens et esclaves noirs à Tunis aux XVIIIème siècles " ; in Annales. Economies, Sociétés, civilisations, 22e année, N° 6, Paris, Armand colin, 1967, p.1267-1288.
18. الأمجد رحيم، طريقة السطمبالي في تونس (دراسة ميدانية تحليلية)، تونس، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، 2001-2002، ص.14.
19. خالد فريد مصطفى عياش، الجن في الأدب الشعبي الفلسطيني، مذكرة ماجستير بحث في اللغة العربية وآدابها، فلسطين، جامعة النجاح الوطنية في نابلس، 2018، ص.19.
20. تُشكّل هذه الأفكار حُكما لا يقبل الشك عند أصحابها، وينشأ جراء تكرارها عبر الممارسة معتقدا مبنيا على براهين منطقية، فهي بمثابة القوة الآمرة والقاهرة التي تتحكم في حياة هؤلاء.
21. اعتمدنا في هذا على:
- Mourad Siala, La Hadra de sfax : rite sofi et musique de fête, (Thèse de Doctorat), Paris, Université Paris 10, 1994.
22. اعتمدنا في هذا التصنيف على مجموعة من الدراسات المتخصصة في هذا المجال ومنها:
- Mohamed Guettat, La musique classique du Maghreb, Paris, Bibl. arabe Sindbad, 1980.
- Zouhier Gouja, Aperçu …, op.cit.
23. محمد الخشناوي، الرصيد الإيقاعي لنمط السطمبالي، مذكرة ماجستير بحث في الموسيقى، تونس، المعهد العالي للموسيقى بتونس، 2013، ص.24.
24. Ahmed Rahal, Les Bilaliens de Tunis, Ethnographie des pratiques d’une confrérie afro-maghrébine, thèse de doctorat en Ethnologie, Paris, Université Paris 7, 1990.
25. تستخدم هذه المصطلحات للدلالة على التسلسل المراتبي في مجموعات الأرواح التي يحكمها شيخ مسن. وتُشكّل مجموعة الأرواح السوداء وهي سلسلة افتتاحية.
26. تمثّل سلسلة "الأرنوات" العائلات المحورية في معتقد "البوري".
27. معلّم سلسلة "البايات".
28. تُشكّل هذه المجموعة جُزءا مهما من الهيكل العام لمعتقد "البوري"، وتأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية. وتضم الأرواح البيضاء وتتجلّى خاصيتها من خلال الألوان المميّزة للأرواح وهما الأبيض والأصفر.
29. تُمثل مجموعة الأرواح المائية وتتواجد في مناطق المياه.
30. قائد سلسلة "البحريات".
31. يُمثّل أعلى هرم السلسلة وهو جنس من صنف الذكور.
32. آخر تصنيف في المجموعات "السطمبالية".
33. جنس ذكر من سلسلة "الأرنوات".
34. جنس ذكر من سلسلة "الأرنوات".
35. جنس ذكر من سلسلة "الأرنوات".
36. جنس ذكر من سلسلة "الأرنوات".
37. تنتمي إلى جنس الإناث من سلسلة "الأرنوات".
38. جنس ذكر من سلسلة "الأرنوات".
39. مُقابلة أجريت مع مُستجوب بالولي الصالح سيدي منصور بصفاقس يوم الخميس 21 مارس 2019. وحفاظا على المعطيات الشخصية اقتصرنا على ذكر مكان المقابلة وتاريخها.
40. Hélène Tissieres, Ecritures en transhumance entre Maghreb et Afrique subsaharienne, Paris, L’Harmattan, 2007, p.36.
41. علي المبروك، قراءة أنثروبولوجية لمفهومي السحر والدين من خلال كتابات إدموند دوتي وميرسيا إلياد، مذكرة ماجستير بحث في علم الاجتماع، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس،2014، ص. 27.
42. وجدنا تشابها واضحا بين هذه المرجعيات الماقبل دينية والطبيعة المُميّزة للطريقة. لمزيد الإثراء راجع:
- علي المبروك، الطوطمية والإحيائية في الفكر الأنثروبولوجي المعاصر: إيفانز بريتشارد وميرسيا إلياد وجيمس جورج فرايزر مثالا، أطروحة دكتوراه في الأنثروبولوجيا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية باجي مختار - عنابة وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس، 2018.
43. تُعد دراسة كريستان بوشاي وجون لمبار أحد أهم المصادر التي اهتمت بالدراسات الإتنوموسيقية المُميّزة للعالم العربي والعالم الإسلامي وقد أفردت موسيقى "السطمبالي" بإهتمام خاص في هذه الدراسة. انظر:
- Christian Poché, Jean Lambert, Musiques du monde arabe et musulman : Bibliographie et discographie, Paris, Librairie orientaliste P. Geuther, 2000.
44. لقاء قُمنا به مع مستجوب معلّم وعازف قمبري بمقام الولي المذكور يوم الجمعة 22 مارس 2019.
45. من أشهر الأولياء الصالحين بتونس عامّة وبمدينة صفاقس خاصّة. ويقع مقامه بالمنطقة المعروفة الناظور التي تبعد قرابة عشرة كيلو مترات على الطريق الذي يعرف حاليا بإسمه، كما عُرف سيدي منصور الزنجي بفضائله ويُروى أنّه كان يشتغل في غزل الصوف ليلا عند سيّده. وقد اشتهرت زاوية سيدي منصور الغلام بعلاج الأمراض النفسية وطرد الجن على إيقاع الموسيقى "السطمبالية" حتى يصل المريض حد التخمر والصرع. اعتمدنا في هذا التحليل على: زاهر كمون، "أغاني الزنوج في تونس أو السطمبالي"، مصدر سبق ذكره.
46. Georges Lapassade, Les Rites de Possession, Paris, Anthropos, 1997, p.43.
نقلا عن:
- Zineb Majdouli, Trajectoires des musiciens gnawa : Approche ethnographie des cérémonies domestiques et des festivals de Musiques du Monde, Paris, L’Harmattan, 2007.
47. امتد العمل الميداني خلال الفترة المُمتدة ما بين شهري مارس وأفريل 2019 بمقام الولي المذكور .
48. تزامن العمل الميداني مع زيارة خلال شهر مارس 2019.
49. حسب المُقابلات التي أجريناها مع مجموعة من فرقة "السطمبالي" الخاصّة بالولي الصالح سيدي منصور، حيث أكد أغلبهم على وُجود تشابه.
50. ناجي جلول، الرباطات البحرية بإفريقية في العصر الوسيط، تُونس، المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية، 1999.
51. لمزيد التعمق في رمزية المكان راجع: عماد صولة، "سيرورة الرمز من العتبة إلى وسط الدار: قراءة أنثروبولوجية في السكن التقليدي التونسي"، ضمن المجلة الجزائرية في الأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية إنسانيات، العدد 28، 2005، ص. 5 - 22.
52. Collectif, Hamadcha du Maroc, Rituels musicaux, Mystiques et de possession (coordonné par Brigitte Maréchal et Felice Dassetto); in Presses Universitaires de Louvain, Belgique, 2014, p.114.
53. تعني القُدرة على قيادة الجُنون وتوجيههم.
54. أغنية من التراث الشعبي المشهورة بالجهة. انظر : زاهر كمون، "أغاني الزنوج في تونس أو السطمبالي"، مصدر سابق.
55. محمد الهادي جويلي، مجتمعات للذاكرة، مجتمعات للنسيان.....، مصدر سابق.
56. Ahmed Rahal, La communauté Noire de Tunis, Thérapie initiatique et rite de possession, Paris, L’Harmattan, 2000 - cité dans Le Stambali, rituel de possession en Tunisie, article publié le 23 Juin 2008 ; in Lost Night in Orient.
57. هي آلة مُوسيقية من النحاس وتُسمّى أيضا القرقبو وهي من الآلات المُميّزة لموسيقى "السطمبالي".
58. هي آلة مُوسيقية فريدة تُستخدم في مُوسيقى "السطمبالي" وتتكوّن من دف وعود بثلاثة أوتار وصندوق خشبي.
59. هي آلة مُوسيقية شبيهة بالطبل.
60. أجرينا لقاء مع مُستجوب بالولي الصالح سيدي منصور بصفاقس يوم الأربعاء 27 مارس 2019.
61. لقاء قمنا به مع مُستجوبة بنفس الزاوية السابق ذكرها يوم الجمعة 29 مارس 2019.
62. Hamdi Makhlouf, Aspects musicaux du rituel thérapeutique chez le Stambali de Sfax, Paris, Université Paris 8, 2004, p.55.
المصادر والمراجع العربية
1. أحمد بن أبي الضياف، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تونس، الدار العربية للكتاب، 1990.
2. الأمجد رحيم، طريقة السطمبالي في تونس (دراسة ميدانية تحليلية)، تونس، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، 2001- 2002.
3. الهادي التيمومي، تونس والتحديث: أول دستور في العالم الإسلامي، صفاقس- تونس، دار محمد علي للنشر، 2009.
4. زاهر كمون، "أغاني الزنوج في تونس أو السطمبالي"، ضمن صفحة ثقافة (zaherkammoun.com)، 08 ماي 2016.
5. توفيق عامر، الحضارة الإسلامية وتجارة الرقيق خلال القرنين الثالث والرابع للهجرة، أطروحة دكتوراه دولة، تونس، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، سلسلة 8، مجلد 7، 1996.
6. خالد فريد مصطفى عياش، الجن في الأدب الشعبي الفلسطيني، مذكرة ماجستير بحث في اللغة العربية وآدابها، فلسطين، جامعة النجاح الوطنية في نابلس، 2018.
7. محمد الخشناوي، الرصيد الإيقاعي لنمط السطمبالي، مذكرة ماجستير بحث في الموسيقى، تونس، المعهد العالي للموسيقى بتونس، 2013.
8. محمد الهادي جويلي، مجتمعات للذاكرة، مجتمعات للنسيان: دراسة مونوغرافية لأقلية سوداء بالجنوب التونسي، تونس، سيراس للنشر، 1994.
9. ناجي جلول، الرباطات البحرية بإفريقية في العصر الوسيط، تونس، المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية، 1999.
10. عماد صولة، "سيرورة الرمز من العتبة إلى وسط الدار: قراءة أنثروبولوجية في السكن التقليدي التونسي"، ضمن المجلة الجزائرية في الأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية إنسانيات، العدد 28، 2005.
11. علي المبروك، قراءة أنثروبولوجية لمفهومي السحر والدين من خلال كتابات إدموند دوتي وميرسيا إلياد، مذكرة ماجستير بحث في علم الاجتماع، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس،2014.
12. علي المبروك، الطوطمية والإحيائية في الفكر الأنثروبولوجي المعاصر: إيفانز بريتشارد وميرسيا إلياد وجيمس جورج فرايزر مثالا، أطروحة دكتوراه في الأنثروبولوجيا، تونس- الجزائر، كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية باجي مختار- عنابة وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس، 2018.
13. عبد الواحد المكني، الجدران اللامرئية: العنصرية ضد السود (6)- "الشوشانة": سوداء في النهار حمراء في الليل..، ضمن موقع الأوان، 08 ديسمبر 2013.
المصادر والمراجع الفرنسية:
1. Ahmed Rahal, Les Bilaliens de Tunis, Ethnographie des pratiques d’une confrérie afro-maghrébine, thèse de doctorat en Ethnologie, Paris, Université Paris 7, 1990.
2. Ahmed Rahal, La communauté Noire de Tunis, Thérapie initiatique et rite de possession, Paris, L’Harmattan, 2000 - cité dans Le Stambali, rituel de possession en Tunisie, article publié le 23 Juin 2008 ; in Lost Night in Orient.
3. Abdelhamid Larguèche, Les ombres de Tunis : Pauvres, marginaux et minorités au XVIIIème et XIXème siècles, Paris, Arcanteres éditions, 2000.
4. Bernard Lewis, Race et couleur en pays d’Islam, Paris, Payot, 1982.
5. Collectif, Hamadcha du Maroc, Rituels musicaux, Mystiques et de possession (coordonné par Brigitte Maréchal et Felice Dassetto); in Presses Universitaires de Louvain, Belgique, 2014.
6. Christian Poché, Jean Lambert, Musiques du monde arabe et musulman : Bibliographie et discographie, Paris, Librairie orientaliste P. Geuther, 2000.
7. - Georges Lapassade, Les Rites de Possession, Paris, Anthropos, 1997.
8. Hamdi Makhlouf, Aspects musicaux du rituel thérapeutique chez le Stambali de Sfax, Paris, Université Paris 8, 2004.
9. Hélène Tissieres, Ecritures en transhumance entre Maghreb et Afrique subsaharienne, Paris, L’Harmattan, 2007.
10. - Jean -Jacques Nattiez, "Ethnomusicologie et significations musicales"; in L’Homme n° 171-172, Musique et anthropologie, Texte intégral, 2004.
11. - Lucette Valensi, "Esclaves chrétiens et esclaves noirs à Tunis aux XVIIIème siècles " ; in Annales. Economies, Sociétés, civilisations, 22e année, N° 6, Paris, Armand colin, 1967.
12. Mohamed Guettat, La musique classique du Maghreb, Paris, Bibl. arabe Sindbad, 1980.
13. Mourad Siala, La Hadra de sfax : rite sofi et musique de fête, (Thèse de Doctorat), Paris, Université Paris 10, 1994.
14. Zineb Majdouli, Trajectoires des musiciens gnawa : Approche ethnographie des cérémonies domestiques et des festivals de Musiques du Monde, Paris, L’Harmattan, 2007.
15. Zouhir Gouja, Aperçu sur la musique et la transe dans le rite de possession Stambali, Dess, Etnomethodologie et informatique, Paris, Université Paris 8, 1997.
الصور :
- عدسة كاميرا الكاتبة.