فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
55

الزربية القيروانية بين الهوية والأصالة ومقتضيات المعاصرة والتجديد «دراسة ميدانية »

العدد 55 - ثقافة مادية
الزربية القيروانية بين الهوية والأصالة ومقتضيات المعاصرة  والتجديد «دراسة ميدانية »

تُعدّ الزربية من أشهر الصناعات التقليدية في تونس وأعرقها، ولغويا هي مفردة لكلمة قرآنية فصيحة تعني «السجاد»، إذ ورد في سورة الغاشية قوله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ، لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ، فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ، لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَة، فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَة، فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَة، وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَة، وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ، وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَة}.

تنتشر صناعة الزربية في عديد المناطق التونسية التي تتوفر فيها مادة الصوف، ولكن تشتهر بها مدينة القيروان دون غيرها من بقية المدن التونسية. وتاريخيا كانت القيروان عاصمة تونس (افريقية) من سنة 184هـ/800م إلى سنة 296هـ/909م والمدينة الاسلامية الأولى في بلاد المغرب العربي، أسسها عقبة بن نافع الفهري عام 50 للهجرة وجعلها منطلقاً لفتوحاته الظافرة. ويرى عديد المؤرخين والمفكرين أن تأسيس القيروان مثّل منطلقا لتاريخ الحضارة الإسلامية في بلاد الغرب الإسلامي، لذلك لقّبوها بأقدم وأهم مدينة إسلامية في هذه المنطقة، حتى عُرفت لاحقا باسم «رابعة الثلاث» أي رابع مدينة إسلامية مقدسة بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف، وذلك لكثرة معالمها الدينية ودورها الرئيسي والحاسم في ترسيخ الدعوة الإسلامية في أنحاء عديدة من إفريقيا وبلاد الأندلس وإشعاعها كمركز للعلوم الفقهية والثقافة.

إضافة إلى قيمتها التاريخية وإشعاعها الديني والحضاري، عُرفت القيروان كذلك برواج صناعتها الحرفية التقليدية التي ظلّ سكانها يتوارثونها إلى اليوم، غير أن الزربية تظل أشهر هذه الحرف على الإطلاق لدرجة أن القيروان ارتبط اسمها بالزربية رغم انتشارها لاحقا في مناطق تونسية أخرى منها منطقة الساحل.

اختلفت الروايات وتعدّدت المصادر بشأن أصل الزربية ونشأتها في مدينة القيروان، ولكن العديد منها يُرجّح أنها تعود إلى سنة 1830 على يد المواطنة التركية كاملة بنت الشاوش التي قدمت إلى هذه المدينة مع والدها، فوجدت فيها عوامل مُحفّزة لتعاطي حرفة الزربية وترسيخها. ورغم اختلافها، فإن هذه الروايات تتفق على أن الزربية هي أجود أنواع السجاد وأحد كنوز التراث الاسلامي والثقافة العربية الأصيلة التي تميزت بها القيروان. وعرفت الزربية على امتداد السنوات اللاحقة لنشأتها عديد التقلبات تراوحت بين فترات من الازدهار وأخرى من الركود بلغت حدّتها خلال فترة الاستعمار الفرنسي الذي بسط يده على البلاد التونسية سنة 1881، وكانت له تأثيرات سلبية مباشرة على حرفة الزربية نتيجة إدخال تغييرات أثرت على طابعها الفني التراثي. ومع حصول تونس على استقلالها سنة 1956 بدأ النشاط الحرفي عموما والزربية بالخصوص يتعافى تدريجيا بفضل الجهود الكبيرة من قبل القائمين على شؤونها لتجديدها وتطويرها والمراهنة عليها في إطار رؤية تقوم على إحياء التراث وفتح مجالات إضافية للتشغيل واستقطاب العملة الصعبة. وساهمت هذه الجهود في انتعاش الزربية وتحقيق رواجها داخليا وخارجيا بلغ أوجه في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي التي يعتبرها كل الدارسين والحرفيين بمثابة العصر الذهبي للزربية القيروانية حيث ذاع صيتها وأصبحت تُصدّر إلى كل أنحاء العالم، بفضل جودتها الرفيعة وأشكالها البديعة وألوانها الزاهية التي تفننت فيها المرأة النساجة بكل تمكُّن من أصول الحياكة وفن النسيج. وتأكيدا على ذلك تشير عديد المصادر والإحصائيات إلى أن حجم مبيعات الزربية حقق خلال هذه الفترة ارتفاعات هامة بلغت 35 ألف زربية في السنة، قبل أن تعرف فترة من الركود في أواخر التسعينات امتدت على سنوات طويلة لتبلغ حدتها بعد سنة 2011 نتيجة للظروف الاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها تونس والتي كانت لها تأثيرات قاسية على قطاع الزربية التي تجعلها اليوم مهددة بالاندثار.

تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على ملابسات نشأة الزربية في مدينة القيروان وأهم العوامل التي ساهمت في ترسيخها في هذه المدينة دون غيرها، وتتبُّع مختلف مراحل وطرق إنجازها واكتشاف ما تتمتع به من رقائق فنية ومميزات تقنية وأبعاد جمالية جعلتها منسوجا فريدا من نوعه يجمع بين روح الاصالة والهوية ومتطلبات المعاصرة والحداثة، واستطاع أن يصمد أمام حركة التقلبات والتغييرات التقنية المتعاقبة.

وعلاوة على القراءة الجمالية والفنية، تغوص بنا ثنايا هذا البحث في تفاصيل واقع الزربية اليوم لتحديد كبرى المشكلات التي تواجهها مع تقديم تصور للحلول الممكنة من أجل المحافظة عليها كمنتوج تراثي عريق وفي نفس الوقت قطاع صناعي منظّم يساهم في التنمية الاقتصادية.

سيتم في هذه الدراسة المراوحة بين القراءة التحليلية للأبعاد الجمالية والفنية للزربية وبين المنهج الوصفي الذي يعتمد على توصيف ماضي هذا المنسوج واستقراء حاضره وتطلّع مستقبله في تفاعله مع واقعه الاجتماعي والاقتصادي وكيف يمكن أن يكون رافدا للاستثمار والتنمية ومساهما في الدخل الوطني عبر التصدير ومحفّزا لقطاعات أخرى كالسياحة. كما اعتمدنا أسلوب العمل الميداني من خلال لقاءات مباشرة مع عدد من المشرفين على قطاع الزربية في مدينة القيروان من الذين مارسوا هذه الحرفة وأشرفوا عليها لعقود طويلة، وذلك من باب نقل التجربة والمعرفة.

نشأة الزربية وعوامل توطنها في مدينة القيروان دون غيرها من المدن التونسية:

ارتبطت الزربية أشد الارتباط بمدينة القيروان دون غيرها من المدن التونسية، وقد ساهمت في ذلك عديد العوامل مثل النمط المعماري المميّز وتوفر الأيدي العاملة ووفرة المادة الأولية ورواج الأسواق الداخلية بالإضافة إلى تطور قطاع السياحة وما يوفره من فرص تسويقية.

1) نشأة الزربية في مدينة القيروان:

بين شحّ المصادر العلمية وتعدد الروايات:

تعتبر الزّربية الأكثر شهرة من بين المنسوجات التّقليديّة القيروانيّة، وقد تعدّدت الافتراضات حول دخولها إلى القيروان كما أن النصوص والوثائق القديمة كانت غير دقيقة وقليلة الوضوح في هذا الشأن. فمن الباحثين والمؤرخين من يُرجعها إلى حركة التبادل التجاري التي نشطت مع منطقة الشرق وبلاد فارس في القرون الوسطى1، ومنهم من يقرنها بالفترات الأولى لإحداث المدينة مستدلين في ذلك بما كانت تُقدّمه القيروان ضمن خراجها من الزرابي إلى الخليفة العباسي في مدينة بغداد، فأثناء خلافة المأمون (813-833م) كانت إفريقية توجه إلى بغداد ثلاثة عشر مليون درهم ومائة وعشرين زربية2. كما تحدث «بروسبار ريكارد»عن الزرابي ذات الأصل الواحد في شمال إفريقيا قائلا «وُجدت ثلاث أصناف من الزرابي المتشابهة في ثلاث مراكز متباعدة عن بعضها هي «القيروان» و«سطيف» و «الرباط»، تنحدر هذه الأصناف من الأصل ذاته وتشترك في تركيبة العناصر الزخرفية والألوان مع انفراد كل واحدة بخصوصياتها بالإمكان تمييزها عن بعضها منذ النظرة الأولى»3.

أما «جاك ريفولت» فقد أكّد أن الزربية التونسية سابقة في تاريخ بروزها لزربية باقي بلدان شمال إفريقيا، وتوصّل من خلال بحثه إلى أن «الزربية التونسية هي أعرق وأقدم من زربية الرباط في المغرب، وقد سبق ميلادها تاريخ زرابي بقية بلدان شمال إفريقيا وهي تعود إلى الحضارة الإغريقية، ذاكرا في هذا الصّدد أن الشعراء الإغريقيين «أنشدوا منذ القرن الخامس ق.م قصائد حول زرابي قرطاج ووساداتها المطرزة»4.

كما أكد الرحالة العربي «البكري» على «أهمية ودقّة المنسوجات ذات الألوان المتناسقة المنجزة في مدينة القيروان في القرن الحادي عشر والتي تميزت بها هذه المدينة دون غيرها من المدن العربية والإسلامية، بما يُعطي انطباعا كبيرا عن عمل تقني واع تمّ إنجازه بكلّ إتقان ودقة»5.

وتواصل الاهتمام بالزربية في فترة الحكم الحسيني في القرن الثامن عشر حين كانت «الزرابي القيروانية تُزيّن قصور الحسين بن علي وعلي باشا وبقية الخلفاء من بعدهم»6.

كما تُورد مصادر أخرى أن «كاملة بنت محمد الشاوش» استقرت في القيروان مع والدها الذي عُيَّن واليا على هذه المدينة آنذاك وهو من أصل تركي حنفيّ، فأحيت صناعة الزربية فيها وساهمت في ازدهارها بشكل كبير، وانجزت أول زربية سنة 1830 أهدتها إلى مقام الصحابي الجليل أبي زمعة البلوي. وهذه الفرضية أخذت رواجا رغم أن بعض القراءات ترى فيها «تأويلا أسطوريا». ولعلّ استقرار عدة عائلات تركية في القيروان فتح مجالات واسعة أمام المرأة القيروانية للاطلاع على ثقافة جديدة والاحتكاك بها والاستلهام من زرابي الأناضول، حتى «أضحت الأنامل القيروانية تحيك الزرابي زهورا وأشكالا هندسية وألوانا متناسقة، حتى بتن كلهن كاملة بنت الشاوش، في قصة لا تكتمل إلا لتُسند لها بدايات جديدة مع كل شروق قيرواني»7.

2) المرأة القيروانية و الزربية:

المرأة الحضرية ودورها في تكريس حرفة الزربية:

نسج الزربية في القيروان هو بالأساس نشاط أنثوي دأبت على ممارسته المرأة القيروانية منذ نعومة أظافرها داخل فضاء المنزل وفقا لترتيبات محددة ومراحل عملية متناسقة.

تُعتبر المرأة المحرك الرئيسي للعملية النسجية بكل تجلياتها ومراحلها، فيما اقتصر دور الرجل على مساعدة المرأة في صنع أدوات النسيج و«المنسج» وصباغة الصوف وبيع المنتوج.

والمُلاحظ أن صنعة الزربية كنشاط حضري، كانت في بادئ الأمر حكرا على المرأة أصيلة مدينة القيروان (المرأة البَلْدِيَّة وفقا للّهجة التونسية) قبل أن تنتشر لاحقا في كل أرباض المدينة لتتعاطاها كل النساء في المجتمع القيرواني على اختلاف طبقاتهن. ويُطلق مصطلح «البلدية» على أبناء العائلات العريقة الذين ترسَّخت جذورهم في مدينة القيروان حتى أصبحوا من أعيانها ووُجهائها، فيُعرفون من خلال ألقابهم العائلية. وكانت هذه العائلات حريصة على إبراز هذا الجانب كعلامة تميّز ومصدر للحظوة والمكانة الاجتماعية ولآداب التصرف، لأن «البلدي(ة) من هذا المنظور، هو ذلك الشخص اللّبق، بكل ما في ذلك من معاني حول آداب الرقة والذوق السليم نتيجة لتاريخ طويل من العادات والتقاليد المتراكمة»8.

ولفظ «البَلْدِيَّة» في المجال الحرفي، يقتصر على فئة محددة جدا في مدينة القيروان، تعني الحرفيين الذين يتخذون من أسواق المدينة مكانا للعمل لترويج الزرابي.

نساء الأرباض9: قوة نسجية فاعلة

شهدت القيروان نموا عمرانيا خارج أسوار المدينة العتيقة منذ بداية القرن السادس عشر، أفرز ما يُسمّى بالأرباض التي أصبحت تمثل قوة سكانية لها ثقلها الاقتصادي، تتركب أساسا من العائلات النازحة من الأرياف والتجمعات السكانية المجاورة لمدينة القيروان. وقد اندمجت نساء هذه العائلات في المجتمع القيرواني فأقبلن على تعاطي نشاط غزل الصوف وبيعه جاهزا إلى نساء المدينة قبل أن ينخرطن بدورهن في عملية إنجاز الزربية.

وشيئا فشيئا، عُرفت فتيات هذه الأرباض بتمسكهن بصنعة الزربية وانشغالهن بها بسبب الحاجة الماسّة إلى موارد مالية وعدم توجّههن إلى المدارس لضعف إمكانياتهن المادية، على عكس الفتيات من العائلات العريقة اللاتي أظهرن عزوفا تدريجيا على النسيج التقليدي بشتى أنواعه.

ساهمت هذه التحولات الاجتماعية والعمرانية في تسجيل أول حركة خروج لحرفة الزربية خارج أسوار المدينة العتيقة للقيروان، وباتت الزربية مصدرا مهما لتحقيق مداخيل مالية لعائلات الأرباض الفقيرة وذات القدرات الشرائية المتدنية.

- خروج الزربية نحو مناطق الساحل:

شهدت الزربية حركة خروج ثانية ببداية انتشارها في الأرياف المجاورة لمدينة القيروان، وفي مرحلة لاحقة في العديد من المناطق التونسية الأخرى وخاصة مدن الساحل، لتتحول بذلك إلى منسوج وطني تونسي لا يقتصر على القيروان.

3) المادة الخام:

يعتمد إنجاز الزربية على مادة الصوف بشكل كبير، وكانت المناطق المجاورة لمدينة القيروان فلاحية بالأساس تعددت فيها الأنشطة وتنوعت ومن أهمها قطاع تربية الأغنام المُزوّد الرئيسي لمادة الصوف بكل ألوانها الطبيعية المُميّزة. تخضع عملية إعداد الصوف لعدة مراحل بداية بــ»الجزّ» في فصل الربيع ثم التنظيف والغزل والتمشيط والصباغة.

4) المنشآت السكنية و الأسواق:

المنزل القيرواني و خاصياته المعمارية:

اقترن التقسيم المعماري للمدينة العتيقة في القيروان بشكل كبير ببناء جامع «عقبة بن نافع» الذي يمثل مركز المدينة ومحورها، انطلقت منه بقية المنشآت المعمارية. وفي الحقيقة أن هذه الخاصية لا تنفرد بها مدينة القيروان وإنما نجدها في كل المدن الإسلامية العتيقة التي «يشتمل تخطيطها دائما على نواة محورية تنطلق منها بقية الأحواز»10 وجميع التفرعات الأخرى، وعادة ما يمثّل الجامع هذه النقطة المحورية.

من ميزات التخطيط المعماري لمدينة القيروان ابتعاد مراكز النشاط الحرفي عن الأحياء السكنية وهي خاصية معمارية أساسية تقوم عليها المدن الإسلامية بشكل عام، حيث «تنقسم إلى منطقتين منفصلتين ذات خاصيات مختلفة: منطقة مركزية تتواجد فيها مختلف الأنشطة الاقتصادية والتجارية ومنطقة خاصة بالإنشاءات السكنية»11.

لعبت المنشآت السكنية دورا كبيرا في انتشار صنعة الزربية في مدينة القيروان، بفضل ما يتميز به المنزل القيرواني من شساعة وشكل هندسي يتركب من صحن المنزل الذي عادة ما يتم تخصيصه لإعداد الصوف، بالإضافة إلى السقيفة التي تُخصّصُ لانتصاب المنسج

سوق الزربية12 :

تتواجد في مدينة القيروان العتيقة أسواق تتميز بتسلسلها وتقاربها من بعضها البعض بما يسهّل عملية التواصل والتبادل بين مختلف الحرفيين. وينمّ موقع الأسواق في القيروان عن تنظيم وترتيب مُحكمين ودقيقين يتناسق مع تخطيط المدينة وتطوّر أنشطتها الحرفية، فتبدو للزائر وكأنها «سطح متصل تتركّز فيه جميع المتاجر والصناعات»13. تُباع الزربية في سوق يُسمّى «سوق الربع» المُخصّص لبيع كل المنسوجات التقليدية (الزربية، الكليم، المرقوم...)، ولكنه ارتبط بالزربية لذلك سُمّي بسوق الزربية، نظرا لمساهمته الكبيرة في تنشيطها وترويجها.

مراحل إنجاز الزربية وتسويقها: قراءة جمالية

وفنية لأنواع الزرابي مع إبراز عناصر تميُّزها:

1) تنوع الزرابي في القيروان:

تتعدد الزرابي القيروانية وتتنوع وفقا للاستعمالات والحاجيات اليومية، وهو ما يؤكّد أن «نسيج العقدة» في القيروان هو ممارسة متأصلة تخضع إلى كثير من الذوق والحس الفنّي وتتكيف مع الحاجة بحسب نوعية الاستعمالات إن كانت زرابي للزينة أو للافتراش أو للصلاة وغير ذلك. وهذا التنوع في الإنجاز كان أحد العوامل الرئيسية لرواج الزربية سواء في القيروان أو غيرها من المدن التونسية.

النوع القيرواني الأصيل:

يُعدّ هذا الصنف الأكثر شهرة في القيروان وخارجها، وهو ينقسم بدوره إلى النوع الكلاسيكي وزربية «العلوشة». ويشترك هذان النوعان في مختلف العناصر المؤثثة للتركيبة إلا أنهما يختلفان في لوحة الألوان.

تتكون مساحة الزربية ذات الشكل المستطيل من ثلاثة عناصر أساسية هي الحقل والأركان والأشرطة.

يتوسط حقل الزربية شكل سداسي الأضلاع يُسمى «المحراب» تحدّه الأركان التي يُطلق عليها «فرشة المحراب» وتحيط به أُطُر من الشرائط ذات الخطوط المتوازية والمرتبطة بحجم الزربية، فتُكوّن شريطة واحدة للزربية الصغرى وتصل إلى خمس شرائط للزربية الكبرى.

يمثل «المحراب» الشكل المركزي الذي تحيط به جميع العناصر المكونة للزربية فهو يتحكم في مكوناتها ويعمل على شد مختلف عناصرها وتثبيت توازنها، وهو ما يجعل من عملية زرع بقية الأشكال الزخرفية تتطلب الكثير من الانتباه والدقة، لأن أي توزيع غير محكم قد يؤدّي إلى خطإ في التنسيق بما يستوجب البحث عن حلول كإضافة شريطة صغيرة في الحاشية أو تهذيب رسم ما.

تُصنّف الزربية ضمن المنسوجات الدقيقة تكون فيها النساجة مُلزمة باعتماد نموذج مُهيّأ مسبقا، فتقوم باتباع العلامات أو «الرّشمة» المحددة بدقة بواسطة تقنية «رشم» العقدة تلو الأخرى وبالألوان المناسبة.

الزربية العلوشة:

ابتكرتها عائلة قيروانية سنة 1910 كحل لتجاوز الصباغة الكيميائية التي أثّرت سلبا على قيمة الزربية وكانت سببا في تراجع الإقبال عليها. وسُمّيت بهذا الاسم نسبة إلى «العلوش» ويعني باللهجة التونسية «الخروف» في إشارة إلى اعتمادها على الأصواف الطبيعية. وقد فرضت الألوان الطبيعية لزربية «العلوشة» نفسها وأعادت لها قيمتها وجعلتها «تحوز على إقبال الزبائن بفضل دقتها وإتقانها وخلُوّها من أية عيوب أو انحرافات في الذوق»14.

تكمن ميزة زربية «العلّوشة» وأهميتها في تخليها عن الأصباغ الكيميائية لتلوين الصوف، مقابل استعمال لوحة الألوان الطبيعية لأصواف الغنم بتدرجاتها اللونية الطبيعية من الأسود والأبيض والبني والرمادي، لأجل ذلك كان يُطلق عليها «طُعمة خليقة» أي صوف طبيعي.

غير أن تراجع كميات الأصواف الطبيعية، دفع الديوان الوطني للصناعات التقليدية في تونس إلى تطوير سُلّم ألوان كيميائية جديدة لهذه الزربية وفق مقاييس محددة. وإذا كان اللون الأحمر هو المميّز للـ«زربية الكلاسيك» فإن اللون الأبيض يُعدّ خاصية محراب «الزربية العلوشة».

الزربية نوع «اللَصْ»:

برز هذا النوع من الزرابي وبدا مختلفا عن النوع القيرواني الأصيل، لكن لا تتوفر معلومات دقيقة حول فترة ظهوره ولا تزال المرأة القيروانية تنتجها إلى اليوم.

يتميز سطح هذه الزربية بمجموعة من الأشرطة المتوازية مع حقل مستطيل، فتُسمى زربية «لص» نسبة للزخرف الذي يتوسط الحقل.

استمدت «زربية اللص» زخارفها من الزرابي الفارسية، وحافظت على خاصيات الزربية نصف الكلاسيك فيما يتعلق بالحواشي والزخرفة، لكنها اعتمدت تغييرات في العناصر الزخرفية وشكل الحقل الأوسط «زخرف اللص». ويتوسط الحقل المستطيل زخرف يتكون من رصيعة هندسية ونباتية، في حين ينتشر شكل متكرر في الأركان، أما الشرائط والأشكال التي تؤثثها فهي مستنسخة من الزربية «الكلاسيك».

الزربية، النوع العصري:

ابتكر الديوان الوطني للصناعات التقليدية منذ سنة 1981 نوعا جديدا من الزرابي سُمّيت بـ«النوع العصري» تم اقتباسها من أشكال ونماذج الزرابي التركية والايرانية.

أ. النوع العصري الأول:

يُطلق عليه في القيروان اسم زربية «ياسمين» (Jasmin Tapis) نسبة للشكل الزهري الذي يُزيّنها، وهي تُنافس إلى اليوم الزربية الأصلية ذات المحراب.

تتميز الزرابي من النوع العصري بمجموعة من الأشرطة المتوازية مع حقل مستطيل، يتوزع على أرضيتها شكل زخرفي متكرر.

يمتد على كامل حقل الزربية الزُخرف الزّهري ذو الخطوط المنحنية والمتشابكة التي تنشأ عنها وحدات زخرفية منسجمة وذات تنسيقات لونية تساهم في إبراز الأرضية البيضاء للحقل تُؤطّرها شرائط ذات الألوان الداكنة

ب. النوع العصري الثاني:

يتميز بتعدد العناصر الزخرفية التي تؤثث حقل الزربية ذا الشكل الممدود. ينقسم إلى تجاويف مستطيلة وذات اتجاهات مختلفة ومرصعة بالأشكال والألوان المأخوذة عن الزربية الأصلية ذات المحراب.

زربية الصلاة :

من خصوصيات الزرابي القيروانية، تنوعها من حيث التركيبة والأحجام واستعمالاتها المختلفة. لكن هناك العديد من الزرابي التي اندثرت مع الوقت ولم يعد لها وجود ومنها زربية «الصلاة» ذات الحجم (1.25م/1م)، بسبب انتشار زرابي الصلاة المنجزة بواسطة الآلة ذات الوزن الخفيف.

زربية العروسة:

تُعتبر أحد أهم المكونات الأساسية لجهاز العروسة في مدينة القيروان تُقدِمُ على نسجها كل فتاة مقبلة على الزواج. وتختلف زربية العروسة كلّيا عن زرابي المواصفات من حيث الهيكلة والألوان، تعتمد فيها الفتاة على حرية كاملة في اختيار الزخارف والألوان والرسوم.

تعتمد زربية العروسة ألوانا صارخة لا تستجيب للوحة ألوان محددة، لأنها زربية ذات بُعد استعمالي شخصي لذلك اصطلح على تسميتها باللهجة التونسية بــ «زربية كسيبة» أي ليست معدّة للبيع والمتاجرة وتعتمد العروسة في إنجازها على ذوقها ورؤيتها الشخصية ولا تتقيد فيها بالشروط والمقاييس التي يُحدّدها الديوان الوطني للصناعات التقليدية. من أجل ذلك تختلف زرابي العروسة من فتاة إلى أخرى من حيث الألوان والأسلوب والنقوش وهو ما يجعل هذا النوع من الزرابي لا يتم ختمه بختم الجودة للديوان الوطني للصناعات التقليدية.

تجعلنا زربية العروسة أمام لوحة مفعمة بالمعاني والدلالات فتتحول إلى شكل من أشكال التعبير أو الخطاب المنسوج15 بالنسبة للفتاة. وبدوره شهد هذا النوع من الزرابي تراجعا متواصلا على امتداد العشريات الماضية بسبب انشغال أغلب الفتيات بالدراسة والعمل.

مراحل إنجاز الزربية:

بين الطريقة التقليدية والطريقة العصرية:

كانت الزربية القيروانية تنجز على مدار السنة، بداية بالحصول على مادة الصوف من الأغنام وعادة ما يتم ذلك خلال فصل الربيع، فيما يُخصص فصلا الصيف والخريف لعملية تحضير الصوف بمختلف مراحلها من التنظيف والتمشيط إلى الغزل والصباغة. أما فصل الشتاء، فتعتكف فيه المرأة أمام منسجها لإنجاز زربيتها ثم تقوم بقطعها وبيعها في فصل الربيع. لذلك نحن إزاء «دورة إنتاجية كاملةManufacturing cycle». غير أن هذه المنظومة الزمنية فقدت بريقها تدريجيا، بفعل العديد من التغييرات التي طالت مراحل إعداد الصوف والصباغة في إطار مواكبة التطورات التقنية والعلمية بعد إدماج الآلة في ميدان النسيج وتوفر كميات الصوف الجاهزة في السوق بتعدد درجاتها اللونية.

ولا تزال أغلب العائلات في مدينة القيروان اليوم تتذكر صورا ونماذج لآلات تقليدية لتحضير الصوف على غرار «المشط» و«المغزل» و«القرداش».

تعتبر عملية إعداد «السّدوة» أي نصب المنسج في سقيفة المنزل، من المراحل المهمة في العملية النسجية. والسقيفة هي الفضاء الانتقالي الذي يربط بين الفضاءين العام والخاص في المنزل القيرواني العتيق أو بين خارج المنزل وداخله. وتتركّز السقيفة قُبالة الباب الخارجي المطلّ على الشارع والباب الذي يوصل إلى «صحن المنزل» بحيث لا يتقابل البابان مراعاة لحُرمة المنزل وعدم كشفه للشارع.

ونظرا لدوره في تحسين جودة الزربية، خضع المنسج لعديد التحسينات من قبل الديوان الوطني للصناعات التقليديه. فبعد أن كان «المنسج» القديم بسيطا ومحدود القدرات التقنية وغير قادر على مواكبة تنوع الدقّات، عرف تحسينات هامة عبر تقوية لوحاته الخشبية إلى أن تم في ثمانينات القرن الماضي اعتماد «المنسج الحديدي» الذي يتميز بقوته وصلابته التي ساعدت على حُسن شدّ خيوط «السّدي» والصوف.

بعد تركيب المنسج، تُوظّفُ العديد من التقنيات لتسهيل وتسريع عملية الإنجاز، مثل تركيب عصا خشبية طويلة ُتثبّتُ بواسطة «غرزة متكررة» تسمّى «قصبة الزينة» تقوم بتنظيم المسافات بين خيوط «السّدى»، وكذلك تقنية «النيرة» لتنظيم «العُقدة»، وتقنية «البشمار» وهي «غرزة» تُثبّت على كامل خيوط «السدى» لمنعها من التفكك وللمحافظة على شكل الزربية.

تقنيات الزربية:

تنتمي الزربية إلى صنف النسيج الخشن، وتعتمد تقنية العُقدة والقص المنتظم للصوف. تتشكل العقدة إثر لفّ خيط الصوف حول خيطين من «السدى» وهي عملية تتكرر حتى إتمام جميع الخيوط وتكوين ما يُسمّى بـ «الصف»، ثم تُدقّ بعد ذلك كل العُقد المنسوجة بآلة «الخلالة» لتثبيتها.

عرفت تقنية العقدة طريقتان في الإنجاز، العقدة التركية والعقدة الفارسية16. تعتمد الزربية القيروانية « تقنية العقدة التركية» وهي عقدة مزدوجة أو مضاعفة ومتناظرة يُطلَق عليها عقدة «غيرداس» (Point of Ghéordès) نسبة لمدينة صغيرة في جنوب تركيا اشتهرت بأجود أنواع الزرابي. ولعلّ في ذلك إشارة لـ «تأثر الزربية القيروانية بالعناصر الزخرفية للزرابي التركية مقارنة بالزرابي والمنسوجات البدوية»17.

تتطلب الزربية مهارة ودقّة في الإنجاز وترتيبا خاصا في التصميم والتنفيذ، لذلك تعتمد الفتاة على تقنية «الحساب» لرسم الأشكال، ويُطلق على هذه العملية «الرّقمة» ومن ذلك أُطلق على المرأة النساجة تسمية «الرقّامة».

ساهم اعتماد تقنية العقدة في تحسين جودة الصوف وتطويعه، فكلما ارتفع عدد العقد ارتفعت جودة الزربية. فبعد أن كانت الزربية ذات دقّة 20/20 تحتوي على 40.000 عقدة في المتر المربع، تنوعت أنواع الدقّة شيئا فشيئا عبر التحكم أكثر في عملية تجويد الخيط وتليينه بواسطة الآلة حتى بلغت دقّة 30/30 ودقّة 40/40 إلى أن بلغت دقّة 50/50 أي 250.000 عقدة في أواخر الستينات بفضل إدراج خيط الحرير الدقيق والرفيع. ثم بلغت بعد ذلك الزربية القيروانية 490.000 عقدة أي دقّة 70/70 معادلة بذلك جودة أرقى الزرابي الفارسية ذات الصيت والشهرة العالمية.

ورغم كل هذه التنويعات، حافظت النساجة على خاصيات الزرابي القيروانية الأصيلة المعروفة بدقة 20/20 التي تُنجز فقط في مدينة القيروان، بالإضافة إلى الدقات المتوسطة 30/30 و40/40، وهي زراب يتم إنجازها من الصوف، على عكس جهة الساحل ومدينة تونس التي تُفضّل إنجاز زرابي الحرير لأثمانها المرتفعة مقارنة بزرابي الصوف.

فترة من الازدهار والترويج الخارجي:

مُحرّك للاستثمار والتصدير ومحفّز للسياحة.

1) ازدهار الزربية ودخولها طور الصناعة المنظمة:

لم تكن الزربية في مدينة القيروان مجرّد منتوج تراثي تقليدي جامد، بل تأقلمت مع مختلف التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها البلاد التونسية بعد الاستقلال فدخلت تدريجيا في المنظومة الاقتصادية، مستفيدة من محاولات إعادة هيكلة قطاع الصناعات التقليدية وتنظيمه لإدماجه في الدورة الاقتصادية. وهي تجربة جديدة وتجديدية قامت بها تونس على غرار العديد من الدول الاسيوية والعربية الأخرى كالبحرين والمغرب.

وتصب هذه الرؤية التجديدية في إطار دعم قطاع الصناعات التقليدية وتنويع قاعدة الاستثمار وتحقيق التنمية عبر خلق مواطن الشغل وتحفيز قطاعات أخرى كالسياحة.

دور الديوان الوطني للصناعات التقليدية:

عمل الديوان الوطني للصّناعات التقليدية منذ تأسيسه سنة 1959 على تصنيف كل النشاطات والمنتوجات الحرفية اعتمادا على طابعها التّراثي وعلى المهارات اليدوية في كافة مراحل إنتاجها لتصنيفها كصناعة تقليدية. وتضبط الحكومة، بموجب «أوامر» تُنشر في الرائد الرّسمي للجمهورية التونسية، قائمة الصناعات والحرف التقليديّة يتم تحيينها بشكل مستمر لتشمل حرفا جديدة بعد استشارة «لجنة فنية وطنية» مختصة.

وكان الهدف من بعث الديوان الوطني للصناعات التقليدية هو حماية الموروث الحرفي والمحافظة على الهوية الوطنية التونسية. سعى الديوان إلى النهوض بقطاع الزربية ونشرها في أغلب مدن وأرياف البلاد التونسية، عبر تقديم المساعدات الفنية للحرفيات وإحداث مراكز خاصة للإنتاج والتكوين وإدخال أنواع جديدة من «الدَقّة» وإدراج مادة الحرير في صنع الزربية إلى جانب الصوف منذ أواخر الستينيات، بالإضافة إلى ضبط المقاييس والشروط المطلوبة في عملية وضع علامة ختم الجودة.

ولتسهيل عمله، بعث الديوان العديد من «الإدارات الجهوية» التي تمثّله وتُناوبه في تنفيذ مهامه في جميع الولايات التونسية لاستغلال ما تزخر به كل منطقة من موروث حرفي خاص. ومن بين هذه الإدارات نجد «الإدارة الجهوية للصناعات التقليدية بالقيروان» للنهوض بالنشاطات الحرفية في القيروان وخاصة الزربية.

المراقبة و ختم الجودة :

تتم مراقبة الزربية في القيروان في الإدارة الجهوية للصناعات التقليدية التي تُسمّى أيضا بـ«دار الطابع»، نسبة لاختصاصها في عملية طبع الزربية ومراقبة عملية إسناد هذا الختم. هناك شروط لتقييم جودة الزربية، منها كثافة العُقد في كل متر مربع ودرجة التحام خيوط الصوف ودرجة التوازن والتناسق بين مختلف الأشكال والصور التي توشّح سطح الزربية.

تهدف عملية ختم الزربية إلى ضمان مواصفات الجودة، ويُشرف عليها تقنيون مختصّون في الزربية يعملون على التأكّد من مدى استجابتها إلى مقاييس الجودة التالية:

- توفُّر العناصر الفنية المطلوبة بالنسبة للمواد الأولية المستعملة في النسج بالنسبة لكل صنف والتحقّق من حسن استعمالها.

- احترام المواصفات والمقاييس العامة لصنعة الزربية خاصّة فيما يتعلّق بــ«الدقّة» و«طول العقدة» والحاشية والوزن والصباغة.

- - التحقّق إن كان المنسوج من الصنف الممتاز أو الصنف الأول أو الصّنف الثاني. يتم تحديد ثمن الزربية بحسب صنفها.

طبع الزربية أو وضع الختم هي عملية مجانية واختيارية بالنسبة للسوق الداخلية، لكنها إجبارية عند التسويق إلى الخارج.

طرق ترويج الزربية وتسويقها في مدينة القيروان:

1) الطريقة التقليدية:

الدِّلالَة:

يُعتبر «سوق الربع» بمثابة بورصة الزربية، يتم فيه بيع الزربية بطريقة «المُزايدة» أو المزاد العلني، وهي عادة قديمة في تجارة الزرابي القيروانية.

والدِّلالةُ، هي اسم لِحرفة الدَّلاَّلْ، وهو الشخص الذي يقوم بعرض بضائع البائعين ويروّج لها أمام الملإ لبلوغ أعلى سعر ممكن، فهو بمثابة الوسيط بين البائع والمشتري18.

وقد ورد في الموسوعة الفقهية أن المزايدة هي عملية يُنادى فيها على البضاعة بصوت عال لإسماع أكبر عدد ممكن من المشترين، بما يغذّي التنافس بينهم لشرائها فيقترح كل واحد منهم سعرا أعلى من الآخر إلى أن يستقر الأمر على أعلى سعر.

ويؤكد عديد المهتمين بشأن الزربية ومن بينهم «أمين السوق» السابق19، أن للدلالة شروطا وطقوسا محدّدة، تبدأ بتسلّم الدلال للزربية من صاحبها ليتكفل ببيعها عبر عرضها وسط ساحة السوق بإبراز عناصرها الجمالية من دقة الصنع وتناسق الألوان. تبدأ إثر ذلك عملية المزايدة إلى أن تستقر على أعلى سعر يحظى بموافقة صاحبة الزربية. تتسلم بعد ذلك المرأة نقودها فيُمكّنها هذا الدخل السريع من تسديد ديونها لبائع المواد الأولية ودفع أجر «النساجة» التي تكفلت بمساعدتها، ثم تخصّص ما تبقى لتدبير شؤونها العائلية.

اضطلع الدلال بدور كبير في تنشيط السوق وتسويق الزربية، من خلال سعيه المتواصل لبيع كل الزرابي الموكلة إليه والتي تتم عادة في إطار من المنافسة تنشأ بينه وبين زملائه من بقية «الدلّالة». وقدّرت بعض الشهادات أن عدد «الدلالة» في سبعينات القرن الماضي في مدينة القيروان بلغ حوالي ثلاثين دلاّلا، وهو ما يدلّ على الرواج الكبير للزربية القيروانية في تلك الفترة.

كما أن تسيير سوق الربع عبر الدّلالة و وفقا لقواعد العرض والطلب يتلاءم مع حاجة المرأة للبيع السريع وربح الوقت وتجنيبها مشاقّ التنقل للاتصال المباشر بالتاجر أو بالحريف.

شهدت تقنية الدلالة تراجعا نتيجة لتدنّي الإقبال على إنجاز الزربية وتفشّي ظاهرة الدخلاء وعدم تقيدهم بطقوس بيع الزربية وسعيهم وراء الربح السريع.

المحلات التجارية و جمالية العرض:

يتم اعتماد طريقة البيع المباشر للزربية بإشراف أمين «سوق الربع»، ولكن أمام تزايد الإقبال على شرائها، بدأت المحلات التجارية والمُجمّعات تنتشر في الأسواق القيروانية معتمدة طريقة التزود بالجملة مباشرة من هذه السوق أو من مراكز الإنتاج الأخرى. وكان عدد التجار في مدينة القيروان سنة 1953، لا يتجاوز الستة تجار، لكنه تضاعف بشكل متواصل على امتداد السنوات الموالية. وتُحدّد نوعية الزرابي وعناصرها الجمالية، قيمتها التجارية وسعرها وطريقة دفعه.

ساهمت هذه المحلات في رواج الزربية القيروانية مستفيدة في ذلك من عدة عوامل منها أن الزربية أصبحت من مقومات الأثاث المنزلي في المجتمع القيرواني وعنصرا مهما في جهاز العروسة.

يلاحظ زائر مدينة القيروان إلى غاية اليوم، انتصاب عديد المتاجر وسط المدينة العتيقة والتي اشتهرت بتخصصها في بيع الزربية بعرضها عبر جدرانها، فيتراءى للناظر لوحة فنية بديعة تظفي على أسواق المدينة مسحة جمالية متناسقة.

السوق الخارجية وترويج الزربية:

بلغت الزربية القيروانية أزهى مراحل رواجها في الأسواق الخارجية خلال فترة السبعينات والتسعينات من القرن العشرين بفضل الرؤية التجديدية للديوان الوطني للصناعات التقليدية لدعم قطاع الزربية وإدماجه في المنظومة الاقتصادية وربطه بمتطلبات اقتصاد السوق.

استغلت وكالات الأسفار والمكاتب السياحية هذا الرواج كأحد مكونات السياحة الثقافية إلى جانب المعالم التاريخية والمتاحف والآثار المعمارية التي تزخر بها مدينة القيروان مثل الأسواق العتيقة وفسقية الأغالبة وجامع عقبة ابن نافع ومقام أبي زمعة البلوي ومتحف الزربية، وذلك لدعم حملاتها الترويجية لاستقطاب المزيد من السياح. وعادة ما يكون تاجر الزرابي في القيروان متمكّنا من تقنيات المتاجرة وأساليبها من حيث معرفته بأدق تفاصيل الزربية والتخاطب بلغات عديدة تزيد من قدرته على إقناع السياح على اقتناء ما يعرضه من زراب. ويلعب كل من الدليل السياحي ووكيل الأسفار دور الوسيط بين التاجر والسائح، حيث يقوم الدليل بالإشهار والترويج، في حين يتولى وكيل الأسفار تنظيم زيارات لمجموعات سياحية إلى التاجر مقابل عمولات محدّدة.

وأمام ما حققته الزربية من رواج وشهرة فاق بقية المنتوجات التقليدية، عمل الديوان الوطني للصناعات التقليدية على التركيز عليها مما أدّى إلى تراجع العديد من المنسوجات التقليدية الأخرى في مراكز الإنتاج وتعويضها بالزرابي القيروانية الأصيلة ذات الدقة 20/20 التي بلغ إنتاجها في مدينة القيروان سنة 1993، 97.495 متر مربع بما يعادل 19 بالمائة من جملة الزرابي المُنتجة، ثم زرابي ذات الدقة 30/30 والدقة 40/40. كما بدأ بعد ذلك إنتاج زرابي الحرير وتوسعت قاعدة التشكيلات والتنقيلات الجمالية ذات التأثير الشرقي خاصة الإيراني والتركي، وذلك بسبب انتعاش السوق السياحية وتنوع طلباتها20.

كما أن توفُّر المادة الأولية وانخفاض تكاليفها وتكلفة اليد العاملة في مجال الصناعات التقليدية، ساهم في إكساب الزربية قدرة تنافسية عالية استطاعت بفضلها التأقلم مع الأسعار العالمية. هذا بالإضافة إلى تكاثر البناءات الكبرى وسياسة التجهيز لتزويق المكاتب والمحلات. وقد استفادت الزربية القيروانية من هذا الزخم لتحقّق انتعاشا غير مسبوق فبلغت عائدات تصديرها لأول مرة 9.5 مليون دينار سنة 1993. كما استفادت الزربية من الرواج الكبير للسوق العالمية التي «شهدت ترويج 5.6 مليون متر مربع سنة 1963 و 6.7 مليون متر مربع سنة 1967. و10 متر مربع سنة 1976 برقم معاملات 641 مليون دولار، و12.5 مليون متر مربع سنة 1980 برقم معاملات بـ1500 مليون دولار21 .

فترة من الركود والتراجع: الصعوبات التي مرت بها الزربية :

لا تزال القيروان عاصمة الصناعات التقليدية تضم 28 ألف حرفي منهم حوالي 15 ألف إمرأة حرفيّة تنشط في قطاع النسيج اليدوي متحصلات على بطاقات مهنية من بينهن 7 آلاف في اختصاص الزربية والمرقوم. كما أن القيروان تُنتج حوالي 30 بالمائة من الإنتاج الوطني للزربية المراقب بعملية ختم الطابع.

غير أن هذه الأرقام، وعلى أهميتها، لا تحجب واقعا صعبا أصبحت تعيشه الصناعات التقليدية، أدّى لتراجع الانتاج طيلة السنوات الأخيرة وبالتالي تراجعت الصادرات التونسية من الزربية فمثلا لم تتجاوز سنة 2001، 2.9 مليون دينار. ويرى المهنيون والحرفيون في مدينة القيروان أن اسباب هذا التراجع عديدة منها ما هو مرتبط بواقع القطاع الحرفي عموما والسياسة الترويجية ومنها ما هو نتيجة للوضع الاجتماعي والأزمة الاقتصادية التي عرفتها تونس بعد ثورة 14 جانفي 2011 وتراجع الإقبال السياحي وصعوبات الترويج22.

وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تقوم بها الإدارة الجهوية للصناعات التقليدية، لا يزال قطاع الزربية يعاني مشاكل هيكلية نوجز أهمها في ما يلي:

- غياب رؤية شاملة خاصة بقطاع الصناعات التقليدية مقارنة مع القطاعات الأخرى كالسياحة والصناعة والخدمات مما أدّى لتشتُّت أنشطة هذا القطاع وإهدار فرص هامة للتشغيل. كما يرى بعض المتابعين أنه رغم إعادة هيكلة الديوان الوطني للصناعات التقليدية خلال التسعينات لدعم جانب التأطير والإحاطة الفنية بالقطاع والعاملين فيه، تواصل غياب الدورات التدريبية لتكوين يد عاملة مختصة يتم إدماجها في مختلف ورشات العمل بهدف تطوير مردودية قطاع الزربية ودعم قدرته التنافسية في الأسواق الداخلية والخارجية.

- الارتفاع المستمر لأسعار المواد الأولية الذي يتسبب في رفع كلفة إنتاج الزربية ويجعلها غير قادرة على منافسة أسعار بقية المنتوجات التقليدية.

- عزوف الشباب وتراجع إقبال الفتيات على صناعة الزربية مقابل الالتحاق بالمؤسسات الصناعية لضمان دخل شهري قار بالرغم من ضعف هذا المدخول مقابل ساعات العمل الشاقة طوال اليوم. يُضاف إلى ذلك موسمية العمل بقطاع الزربية الذي يقتصر على الموسم السياحي الذي يعرف ذروته في فصل الصيف.

- استفحال الاقتصاد غير المُهيكل وانتشار الأسواق الموازية والممارسات الاحتكارية من قبل الدخلاء والوسطاء أو من يُسمّون بالسماسرة، الذين يعملون على تحقيق أرباح مادية دون الاهتمام بجودة الزربية. والوسطاء هم مجموعة من الأشخاص يتولون شراء أعداد كبيرة من الزرابي لحسابهم الخاص أو لحساب التجار، فيعملون على ترصيف البضاعة حتى يقل تبادلها في السوق ليرتفع بذلك ثمنها. وقد عجز الديوان الوطني للصناعات التقليدية عن فرض رقابة صارمة لمقاومة هذه الممارسات الاحتكارية التي كانت ضحيتها الأولى المرأة النساجة التي كثيرا ما تضطر إلى بيع زرابيها بأثمان لا تغطي مصاريفها مما يسبب إحباطا لها حتى باتت الحلقة الأضعف ولم تعد الزربية مُربحة بالنسبة لها مما دفعها للتخلى تدريجيا عن صناعة الزربية مقابل التوجه لمنسوجات أخرى أقل تكلفة مثل «الكليم».

- أمام تراجع عدد السياح طيلة السنوات الماضية وضعف الإقبال المحلي بسبب غلاء الاسعار وتدهور القدرة الشرائية، اضطُرّ أغلب تُجّار الزربية في وسط مدينة القيروان إلى غلق متاجرهم. ورغم ما شهدته الوجهة السياحية التونسية من انتعاش بداية من الموسم السياحي 2017، فلا يزال قطاع الصناعات التقليدية يعاني غياب سياسة ترويجية واستراتيجية واضحة.

قراءة في مستقبل حرفة الزربية القيروانية:

الهدف من هذه الدراسة هو تقديم قراءة نقدية والدفع في اتجاه صياغة «استراتيجية للنهوض بقطاع الصناعات التقليدية عموما والزربية القيروانية بالخصوص تكون فيها المرأة النساجة الحلقة الأقوى في الدورة الانتاجية». تجدر الإشارة إلى بعض المحاولات التي قامت بها الدولة على غرار الدراسة الاستراتيجية التي انجزتها سنة 2002 لتطوير قطاع الصناعات التقليدية في أفق 2016 عبر تشجيع التجديد والابتكار وتطوير الإطار التشريعي والنهوض بالتكوين ودعم التمويل والشراكة بين الصناعات التقليدية والسياحة.

غير أن هذه الخطة بقيت حبرا على ورق ولم يتم تدارك هذا الأمر خلال السنوات الأخيرة نظرا للأوضاع العامة بالبلاد وغياب الاعتمادات المالية اللازمة.

ويمكن أن تمثل هذه الخطة نقطة بداية للمضي قُدُما في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وإحداث الزخم المطلوب على حرفة الزربية، في إطار التفاعل مع رؤى وحلول أخرى استئناسا برأي ومقترحات تقدّم بها عدد كبير من الحرفيين وأهل المهنة في مدينة القيروان من الذين تم استجوابهم في إطار هذه الدراسة، ومنها بالخصوص:

ضرورة اعتماد الديوان الوطني للصناعات التقليدية لرؤية واضحة لتنشيط الزربية تقوم على:

توفير المادة الأولية التي تكاد تندثر مع التحكم في أسعارها المشطة.

تشجيع الحرفيات على إنجاز الزربية من خلال حوافز مادية على أن يكون الديوان هو الوسيط بين الحرفية والتاجر لقطع الطريق أمام الممارسات الاحتكارية.

تقييم منظومة التدريب والتكوين وصياغة برامج تدريبية متخصصة وإدراج تصميمات جديدة للحرفيات والتنسيق بين مراكز التدريب لتبادل الخبرات.

إبرام اتفاقيات شراكة بين وزارة التعليم العالي ووزارة التكوين المهني ووزارة السياحة ممثلة في الديوان الوطني للصناعات التقليدية لإدراج تدريس الزربية كمنتوج تقليدي في مراكز التكوين المهني وفي المعاهد العليا للفنون والحرف وخاصة في اختصاص النسيج سواء على المستوى النظري أو على المستوى التطبيقي.

مزيد الاهتمام بالقرية الحرفية بـ«برُّوطة» التي تقع وسط مدينة القيروان وتقييم نشاطها كمعلم تاريخي يحتوي على عدة ورشات يتمتع بها عدة حرفيين لإنجاز منتوجاتهم والمشاركة في المعارض، والعمل على تسليم هذه الورشات للذين هم قادرون على النهوض بالزربية دون غيرهم.

تطوير الشراكة بين قطاع الزربية والسياحة ومزيد الترويج لما تتوفر عليه مدينة القيروان من مؤسسات يمكن أن تمثل عناصر جذب للسائح الأجنبي على غرار متحف الزربية.

إبرام اتفاقات شراكة مع مؤسسات عربية وأجنبية في مجال الصناعات التقليدية لمساعدة الحرفيين على ترويج منتوجهم، من خلال المشاركة في المعارض الدولية على غرار معارض الدول الخليجية ومعارض باريس و نيويورك.

تشجيع البيع الالكتروني كأحد الحلول لمزيد ترويج الزربية القيروانية و التعريف بها في الخارج.

خلاصة:

تكمن أهمية هذا البحث من الناحية الأكاديمية، في الحاجة الماسة لدراسات ميدانية حول مواضيع ذات صلة بالحياة الاجتماعية في المجتمع القيرواني تُكمّل المراجع العلمية التي تتناول موضوع الحرف التقليدية في تونس، بما يُمكّن من إماطة اللثام عن جزء من كنوز التراث العربي الاسلامي في القيروان أحد أهم المدن الاسلامية العريقة.

رغم ما شهدته الزربية من تغيرات هيكلية نتيجة لتحوُّلها لقطاع صناعي يساهم في الدورة الاقتصادية لتونس، فإن جانبها التراثي والتقليدي لم يندثر بل استمر وتواصل، فهي لا تزال أفضل ما يُفترش في البيوت القيروانية وغيرها من المدن التونسية. فحرفة الزربية في حاجة ماسة لأن تتطور وتتجدّد في إطار مواكبة روح العصر ومقتضيات التجديد، لكنها تبقى متشبثة بتاريخها لأنها ليست معادلات اقتصادية بل هي حضارة وهوية وثقافة بما تمثّله من «ذاكرة جماعية» تختزل عادات وتقاليد و فلسفة حياة تقوم على مفاهيم العمل وتقاسم المجهود واحترام الجودة واستمرارية انتقال المعرفة.

ولعل الانطباعات التي لمسناها في البحث الميداني والتي تتماهى فيها الأحاسيس المفعمة بالذوق الرفيع والفخر بالماضي التليد، لتعبير عن التواصل الحقيقي والامتداد الطبيعي بين الزربية ومحيطها الذي نشأت فيه وتطورت. من هنا تتأتى أهمية حماية هذا الموروث خاصة في خضم ما يشهده عالمنا اليوم من تسخير للتكنولوجيا الحديثة ومن ثورة اتصالية عميقة بكل ما تحمله من مخاطر ضرب الهوية وما تتيحه من فرص للترويج والتسويق.

 

الهوامش

1. Georges Marçais, L’art Musulman, Edition Quadrige, Puf, Paris, 1991, p 167.

2. ابن خلدون، المقدمة، الطبعة الأولى، مؤسسة المعارف، بيروت، 2007، ص165

3. Prosper Ricard, Tapis de Rabat, Hespéris vol3, Maroc, 1923, p131.

4. Louis Poinssot et Jacques Revault, Tapis Tunisiens, Horizons de France, Paris 1955, p12.

5. Maurois André, Les tapis de Kairouan, Imprimerie centrale, Tunis, 1912, p1.

6. Ibid., p2.

7. الكعبي (المنجي)، القيروان، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، بيروت، 1990.

8. Louis Gardet, La cité musulmane, vie sociale et politique, Librairie Philosophique, Paris, 1954, p137

9. الأرباض: جمع ربض و يطلق عليه في القيروان الرّبط. و أرباض القيروان هما الضاحيتان اللتان تقعان غرب المدينة ولا يُحيط بهما السور، وقد تأسستا منذ بداية القرن السادس عشر وتغطّي مساحتهما حوالي تسع وعشرين هكتارا. استقرت عديد القبائل النازحة بالقرب من أسوار المدينة وكانت ذات أصول مختلفة.

10. Abdelwahab Bouhdiba, Durée et changement dans la ville arabe, La ville arabe dans l’islam: Histoire et mutations, Actes du 2ème Colloque de l'A.T.P. " Espaces socioculturels et croissance urbaine, dans le monde arabe, Carthage Amilcar, 12 – 18 Mars 1979", C.E.R.E.S 1979, p 22.

11. Raymond André, Espaces publics et espaces privés dans les villes arabes traditionnelles, in: Monde Arabe Maghreb-Machrek, janvier-mars, 1989, p 194.

12. اشتهر سوق الزربية في مدينة القيروان باسم سوق الرّبَعْ

13. بو عبيد البكري، المغرب في ذكر بلاد افريقية والمغرب، ليدز، 1948، ص-ص 25-26.

14. Poinssot Louis et Revault Jacques, Tapis Tunisiens: Kairouan et imitations, Horizons de France, Paris, 1955, p27

15. خالد هرابي، الخطاب النسوي في النسيج، القيمة الجمالية والأبعاد الدلالية للزربية، دار سحر للنشر، 2006، ص 21.

16. لا تقل العقدة الفارسية أهمية عن التركية، فهي عقدة بسيطة يغيب فيها التناظر لأنها ملائمة للرسوم ذات الخطوط المنحنية والمتداخلة.

17. قاموس المعاني (http://www.almaany.com ).

18. البشير البصلي: أمين سوق الربع السابق بمدينة القيروان في سنوات التسعينات.

19. الندوة الوطنية حول مستقبل الزربية التونسية، القيروان: 27 فيفري 1996، الديوان الوطني للصناعات التقليدية، 1996، ص77

20. مستقبل الزربية التونسية، نفس المرجع السابق، ص77.

21. نفس المرجع السابق، ص70.

22. موقع الصباح نيوز بتاريخ 31ديسمبر2018 (www.assabahnews.tn)

قائمة المراجع:

- 1هرابي خالد، الخطاب النسوي في النسيج: القيمة الجمالية والأبعاد الدلالية للزربية، دار سحر، تونس، 2006.

- الزربية في مدينة القيروان من خلال المنظومتين، الجمالية والاجتماعية بين الخمسينيات والثمانينيات، ابتسامة مهذب، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في علوم وتقنيات الفنون نوقشت في فيفري2017.

- 3Masmoudi Mohamed, l’Artisanat créateur, CERES, Tunis, 1983.

- 4Poinssot Louis et Revault Jacques, Tapis Tunisiens: Kairouan et imitations, Horizons de France, Paris, 1955.

الصور

- من الكاتبة.

أعداد المجلة