بُوعامر الحضرمي.. حكيمٌ من أرض اليمن
العدد 47 - أدب شعبي
يقول بُوعامرْ رأيتَ الناسِ في الطِّينهْ عِيَـنْ
حَدْ طِينَتهْ زَينْهْ وحَدْ طِينتهُ خَسَّ الطِّيَـنْ
والطِّينِهِ الزَّينِهْ تِوَدَّي زَرعَها قبل الرَّدَنْ1
والطِّينِه العَيفِه فَلا تِبذِل بِذَكرات السِّنَن
ومن عَفَر باكِر شَكَر لِحْراثَتُه طولَ الزمـنْ2
يذهب اليمانيون في تثبيت أصالتهم وتطوير حكمتهم إلى أبعد الحدود؛ فنرى ارتباطهم بالأرض وزراعتها وفلاحتها هو ارتباط وثيق يقوم في المقام الأول على حسن رعايتها وإصلاحها وحرثها وتقليبها... الخ، ولهذا كان يلازم تلك الأعمال اليومية العديد من الأشعار والأهازيج وبيوتات الشعر الشعبي المُلحنة والمُغناة، الأحكام والأمثال الشعبية، من أجل العمل على سرعة وإنجاز الأعمال بصورةٍ سلسلة، وبل وتساعد الثقافة الشفاهية المرددة على ألسنة أولئك على زيادة الهمة والعزيـمة في التوقيت المناسب للزراعة والري، الفلاحة بجميع أوقاتها ونظمها بدءاً من البذر وانتهاءً بالحصاد.
ويُصنف الأستاذ الدكتور/ عبدالعزيز المقالح في كتابه (شعر العامية في اليمن) العديد من حكماء اليمن تحت فقرة (شعراء الأحكام)، والأحكام هنا تعني التعاليم أو الأعراف المتوارثة، كما تعني المعارف المُكتسبة شعبياً، وقد قام الشعراء الشعبيون عبر مئات السنين بنظم هذه الأحكام تسهيلاً لحفظها، وبقصد تيسير نشرها على أوسع نطاقٍ في اليمن، وفي الريف بخاصة، حيث تولت هذه الأحكام رصد تجربة الحياة الريفية، وقدَّمتها إلى الفلاحين في حكمة منظومة وموجزة تقوم على تـمجيد العمل وتقديس الأرض، وتحديد مواعيد الزراعة وأوقات المطر وتأثير الفصول3. ومن هؤلاء الشعراء الحكماء هم: (علي بن زايد) في منكث بـمحافظة إب، و(الحُميد بن منصور) في يافع، و(حزام بن مرشد الشبثي) في ذمار، و(أبو عامر الحضرمي) في منطقة هينن بحضرموت، و(أبي خيزرانة) في آنس وجهران بـمحافظة ذمار، و(أبي لؤلؤة) في مناطق يريم ورداع وعنس، و(علي بن زيد) في لحج، و(غزال المقدشية) في عنس بـمحافظة ذمار، و(ظبية النميرية) في الحداء بذمار أيضاً، (عثمان اليافعي) في يافع.... الخ؛ فكلها أسماء أعطت كماً هائلاً من الأقاويل والأحكام والأشعار بل والمواقف الحميدة التي كانت تقوم بها..
وربـما كان أهم خلاصة تجاربهم هو تـمجيدهم للأرض وتفانيهم في محبة التراب ودرايتهم بـمواسم الإنبات والحصاد ومواقيت الأمطار والصحو والبرد الميبّس الخضرة، وأملهم المتزايد في خير ما تغل الأرض حتى لو أجدبت بعض السنوات فإن آمالهم في المواسم المقبلة تتزايد. لهذا أطلقوا تسمية الأرض على كل المال، فلا يقصدون بالمال في أقاويلهم ما يـمتلك الإنسان من دورٍ وأثاث، ولا ما يحتاز من ذهبٍ وفضة، ومواشٍ وأبقار وأغنام وإبل وسلاح؛ وإنـما المال عند هؤلاء الحكماء هو الأرض وليست الأبقار والإبل إلا من أدوات حرثها وبذرها4.
فإذا كان اليمنيون يطلقون على أرضهم وأطيانهم بكلمة (المال)؛ فربـما ليس لأنها أغلى ما يـمتلكون، بل تقديراً ومحبةً لها بـما تنعم به عليهم من الخير الوفير، والرزق الكثير حتى أصبحت اليمن ولا تزال تعدُّ بلداً زراعياً بالمقام الأول.. ويقول الحكيم اليوناني (هزيود) في ملحمته الزراعية (الأعمال والأيام): «ما أسخى هذه الأرض تشقها المحاريث وهي ساكنة وتضربها الأمطار والسيول وهي صابرة، وتهبط عليها الطيور والغربان وهي مرحبة، كمائدةٍ مفتوحة لكل يد وفمٍ ومنقار، وحين تتهيأ للعطاء تجود بالوفير الوفير، ولا تسأل كم أعطت؟، ولا كيف سخت، بل تستزيد من إغداقها فتعطي كل موسمٍ أكثر من سابقه، فمنها نتعلم الحكمة وطيبة القلب، إنها المعلم الأول»5.
وهنا فالأرض هي من علمت الإنسان حبها والمثابرة عليها بل والتغزل فيها؛ مما جعلها تستحوذ على نصيبٍ كبير من تراثنا الشفاهي، فنراها مغناةً كـ(أرجع لحولك) للفنان أيوب طارش عبسي، ونراها قصائد شعرية، وأحكاماً وحِكم وأساطير خالدة في هذا التراث الذي يحتاج منا فقط التدوين والتوثيق له وإعادة الروح فيه، ويصف ذلك الدكتور المقالح بقوله: تراثنا عظيمٌ ومجيد، ولكن أعظم منه وأمجد أن نسعى إلى إحياء هذا التراث وإلى تحويله إلى أداةٍ نافعة ودافعة للخلق والابتكار6، باعتبار أن التراث الحي في أبسط تفسيرٍ له هو الرباط السري الذي يربط بين الماضي والحاضر، وهو يشكل بـمعطياته الحضارية والفكرية حزام الأمان الذي يربط المسافر عبر الأجيال إلى لغته ووطنه، ومن هنا فالحديث عنه والاهتمام به يُشكل البداية الصحيحة نحو الصحوة، وقد بدأ عهد النهضة في أوروبا معتمداً على اكتشاف التراث الأدبي والعلمي للعرب7.
رحلة فـي أرض حضرموت
يذهب المرء شرقاً أو غرباً، شـمالاً أو جنوباً باحثاً عن ألوان التراث الثقافي بنوعيه المادي وغير المادي، يستكشف الأرض اليمنية، يبحث في مكنوناتها، في جَمَالها الآخر الذي هو من النوع الخاص جداً ليجد بأن لكل منطقةٍ من مناطق هذه الأرض غنىً متعدد، وصنوفاً كثيرة، جميلةٌ في مفرداتها، وعميقةٌ في محتواها، ورائعةٌ في تفاصيلها.. إنها أرض ساحرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى!!
هذه المرة كان اتجاهنا إلى محافظة حضرموت، تلك البلاد التي حباها الله بكل أصناف وأنواع الجمال، بكل التنوع الجغرافي ما بين صحراء وجبالٍ وسواحل، خلافاً عن ما تختزنه باطنها من ثرواتٍ نفطية ومعدنية وغيرها.. وأيضاً ما تتمتع به هذه المحافظة من تراثٍ ثقافي كبير، وحضارةٍ تاريخية عريقة، ولعلها إحدى الممالك اليمنية القديـمة والتي كان لها صيتٌ كبير لا تزال كتب التاريخ تتكلم عنه بكل فخرٍ ومحبة.. كما أن موروثها الشعبي ممتلئٌ حدَّ الثُّمالة من كل صنوفه؛ فالدَّان الحضرمي8، والشبواني9، والزربادي10، والهبيش11، الغْيّة12، القطْنِي13، العِدة14،.. الخ، وأيضاً قصائد الزَّامل (الزَّف)15، والمُسْرِحات16 والقصائد المرجوزة17... كما أن النـمط المعماري الحضرمي الساحر ذو المكونات البسيطة والتي تعتمد على الطين والنورة18 بصورةٍ كبيرة، يُعطيك انطباعاً ساحراً بكل ما تحتويه هذه المحافظة الجميلة، هذا النمط المتأثر إلى حدٍّ ما بالأنـماط الشرق أسيوية كالهندية مثلاً نتيجة هجرة الحضارة إلى جزر الهند الشرقية.
وهنا لن يتسع المجال لذكر كل محاسن ومفاتن حضرموت الغنَّاء؛ ولكنني سأتحدث عن الحكيم «بُوعامر الحضرمي»، هذا الحكيم الذي اشتهر ربـما أكثر من أقرانه، فتذكر أشعاره وأحكامه في عموم اليمن، كما أنها تجاوزت الخارطة الجغرافية لليمن ليصل إلى مناطق نجران ونجد في المملكة العربية السعودية الشقيقة، كما أن البعض يردد أحكامه وأشعاره في سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة وبالذات عند طبقة الفلاحين والعاملين على زراعة النخيل على وجه الخصوص؛ أي أنه حكيمٌ عابر الحدود، وعابر الحواجز المصطنعة بين الأخ وأخيه، والشقيق وشقيقه... الخ؛ ولكنه في حقيقة الحال مغمورٌ مطمور في التدوين والتوثيق المكتبي لأشعاره وأقواله، اللهم إلا ما ندر.
سنحاول في هذا المقال أن نبحث عن الحكيم «بُوعامر الحضرمي»، عن اسمه ونسبه، وأصله وفصله – كما يقولون –، وهل ينتمي لبني هلال الكِنديين أصحاب (السيرة الهلالية)19، والذين هاجروا من أرض اليمن ليسكنوا في دول المغرب العربي؟!.. وهل هو أحد كتاب هذه السيرة الرائعة؟!
بُوعامر.. من وادي حضرموت
أبو عامر أو «بو عامر» كما يُعرف عند الحضارمِ سواءً في الداخل أو في المهجر، هو شاعرٌ شعبيٌّ من وادي حضرموت في بلادِ اليمن، اُشتهر بالحكمة وله أبياتٌ وأقوالٌ خالدة يتناقلها الناس جيلاً بعد آخر مستشهدين بها حتى يومنا هذا، عاش حياتَه فلاحاً يحرث الأرض ويزرعها.
ويذهب الدكتور المقالح إلى القول: نشأ «بُوعامر» – كما يقال – في وادي حضرموت فلاحاً يحرث الأرض، ويربي الأغنام والجمال... 20، بهذه العُجالة القصيرة والصغيرة ذكر الدكتور «المقالح» في كتابه المذكور بعاليه، للشاعر والحكيم «بُوعامر الحضرمي»، ليتضح لنا جلياً النقص في حجم التوثيق الذي يكاد يكون بسيطاً أو مُنعدماً لجوانب من تراثنا الثقافي والشعبي، لتذهب في البحث والتقصي في عموم الكتب والمجلدات عن شاعرنا هذا.. لتفاجأ أثناء ذلك ببعض المقالات التي كتبها الشاعر والمذيع الراحل/ محسن محسن الجبري21 في صحيفة الثورة في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وأخيراً تجد كتيباً صغيراً لا يتجاوز التسعين صفحة بعنوان (الشاعر والحكيم أبو عامر) من تأليف الأستاذ والأديب/ علي أحمد بارجاء22، والذي صدر في بداية القرن الواحد والعشرين. والحكيم «بُوعامر» لا يعرف ما اسمه الحقيقي وإنـما كنيته هي الطاغية على اسمه، ربـما يعود ذلك إلى أسبابٍ كثيرة منها: أن بعض مناطق حضرموت تفتخر رجالها بُالكنى أكثر من الأسماء، ولهذا نسمع البعض ينادي منهم بالكنية كـ(بوصالح، وبو عامر، وبوسالم.... الخ)، أو أن شاعرنا وحكيمنا «بُوعامر الحضرمي» هو رمزاً غير موجودا وإنـما هناك شعراء قالوا تلك الأقوال والحكم ونسبوها مباشرةً إلى هذا الاسم، ولكن ما تـمَّ البحث حوله، والالتقاء بالعديد من الشخصيات التي لها باع طويل في مجال التراث الثقافي اليمني بشقيقه المادي وغير المادي من أجل توكيد وجود شخصية الشاعر «بُوعامر الحضرمي» من عدمها.
ويذهب الأستاذ بارجاء في كتابه عن الشاعر والحكيم «بُوعامر الحضرمي» بالقول: «جميع المصادر والمراجع وألسنة الرواة تصمت، ولا تذكر شيئاً عن اسمه، وكل ما تذكر عنه، أنه «أبو عامر»، وهي كنيةٌ اشتهر بها، وبها صدر معظم شعره»23، بل ويذهب إلى القول بأن الشهرة كانت سبباً في ضياع وفقدان اسم الحكيم «بُوعامر الحضرمي»، «ولعل اشتهاره بهذه الكُنية كان سبباً في ضياع اسمه، وبخاصةً أن المؤرخين ممن جاء بعد عصر أبي عامر، أو كانوا معاصرين له لم يذكروا شيئاً عنه؛ لعدم اهتمامهم بتدوين شعره، كونه شعراً حُمًينِياً؛ وهذا ما جعلهم يهملون الترجمة لحياته، ولو فعلوا ذلك لعُرِف اسمه وتفاصيل حياته»24، ولهذا يتفاجأ الشخص من قوة الذاكرة اليمنية التي تنقل الأشعار والحِكم جيلاً بعد جيل، وتحفظها عن ظهر قلب، دونـما حفظٍ أو توثيق في كتب أو في مخطوطات.ولكن لا تخلوا تلك الذاكرة من الخلط والمزج والعشوائية في استخدام تلك الأقوال أو الأفعال.
بُوعامر.. مولده ونسبه
ولد شاعرنا وحكيمنا وعاش في المناطق اليمنية الشرقية النائية وبالأخص مناطق حضرموت التي انطلق منها الشاعر اليماني الشهير صاحب إحدى المعلقات السبع (امرؤ القيس)25 الكِندي اليمني26، ومناطق حضرموت كثيرة ومتنوعة.. ولهذا فإن العارفين من المؤرخين والرواة قد اختلفوا فيه؛ فمنهم من يرى أنه ينتسب إلى بني هلال الكنديين، وقد ذكر هذا النسب المؤرخ عبدالرحمن بن عبيد الله السقاف27 فيما نقله من رواية لعلوي بن عبدالله الحبشي أحد ساكني بلدة (رَحَاب)28 من أعمال وادي دوعن29، أن أبا عامر ينتمي إلى آل باعبدالله حُكام رَحَاب في عهدٍ ماضٍ، وأن آل باعبدالله هؤلاء يزعمون أنهم ينتمون إلى بني هلال الكنديين30. فمرجعهم وآل خليفة وآل مَرْخَه إلى قبيلة واحدة، وقد أنكر بعضهم ما اشتهر على الألسنة من هجرة بني هلال من حضرموت إلى المغرب العربي، وليس في محله، ولا سبب له إلاَّ عدم الاطلاع، وإلاَّ فقد كانت خيامهم ضاربةً من الكَسْر إلى العَبْرِ إلى الدهناء إلى نَجْد، ويتأكد ذلك بـما بين أشعارهم وأشعار الحضرميين من التشابه، وكثيراً ما يوجد في شِعر العامّة بحضرموت أنهم غزوا بَرْقَةَ وقابس31.
وذكر العلامة عبدالرحمن ابن عبيدالله السقاف في كتابه (معجم بلدان حضرموت) بأن الشاعر والحكيم المشهور «أبو عامر» من ولاية رَحَاب، بقوله: «ولمّا استولى «القُعيطي» على الوادي الأيـمن في سنة 1317م ياسَرَهُمْ وأعفاهم من الرسوم، وأبقى لهم بعض الحق في إقطاع السفوح لمن أرادوا.. ومنهم أبو عامر الشاعر المشهور»32، كما أورد ابن عبيدالله السقاف شعراً لأبي عامر يذكر فيها انتماءه إليهم في قوله:
يقول بوعامر في البلدان حيَّا الله رَحَاب
رَحَاب تعجبني وأنا قدنا لها عاشق وحاب
فيها بني عمي صِلاب الرُّوس عوجان الرِّقاب33
أما المؤرخ محمد علي باحنان فيرى أن أبا عامر ينتسب إلى «بني عامر الحضرميين» المشهورين بأعلى حضرموت، وبنو عامر هؤلاء هم آل عامر النهديين، وجدهم عمر بن عامر وابن عمه، وهو فضالة بن شماخ بن عبدالله الروضاني النهدي – جد آل عبدالله وآل بشر، وهؤلاء من نهدٍ34، ولكن الشاعر بو عامر قد قال شعراً في ذم نهد كقوله:
يا نَهِد يَا العِيبان سُودانِ الوُجِيه المِغْدِرَه
لِي شَمسُكُم غَابَت وُجِلْجِلْكُم جِسِي في المَعْصَرَه
مما يستبعد أن يكون «أبو عامر» ينتمي إليهم35 فكيف ينتمي إلى قومٍ أو بلدةٍ ثم يقوم بذمها؛ إذ لا يهجو الرجل قومه في مجتمعٍ يقوم على العصبية القبلية....
ونسبة «أبي عامر» إلى بني هلال يؤكدها «علي بن أحمد بن حسن العطاس»، فيما يرويه عن والده «أحمد بن حسن العطاس» (1257 – 1334هـ) حيث يورد شعراً لأبي عامر يُثني على ويتغزَّل في إحدى عرائس بني هلال، كان قد رأها في بلدة خنفر36 بوادي عمد، ما يؤيد أن له صلةً ما ببني هلال، في قوله:
يقول بو عامر رأيت اليوم في خَنفَر عروس
بيضا هِلاليِّة تِقِلِّب جَعدَها مِثلِ السِّلُوس37
لا تعرف الرَّمضا ولا ترعى المواشي في الشِّمُوس38
وقد أورد هذه الأبيات الأستاذ والإعلامي الراحل محسن بن محسن الجبري في مقاله عن الحكيم «أبو عامر الحضرمي» الحلقة العاشرة في صحيفة الثورة بقوله:
يقول أبو عامر لقيت اليوم في خَنفَر عروسي
بيضاء هِلاليِّة تِقِلِّب جَسدَها مِثلِ السِّلُوسي
لا تعرف الرَّمضاء ولا ترعى المواشي في الشِّمُوسي39
ويعدُّ «أبو عامر» من أشهر الرواة لملحمة بني هلال وحكاياتهم وحفَّأظة شعرهم إلى جانب كونه شاعرهم40، وبنو هلال من أعظم أفخاذ كِندَةَ وأعزّها رجالاً وأفصحها لساناً وأشدها ذكاءً وفطنةً، هاجروا إلى شمال إفريقيا بسبب القحط والجفاف الذي انتاب وادي حضرموت في عهدهم، ويظن أن رحلتهم كانت في القرن الحادي عشر الميلادي، وبقي منهم من بَقي في حضرموت كآل خليفة، وآل باحكيم، وآل ماضي، وآل باعطوة، وباعويدين، وبامقعين، والنَّسيين والنِّمَارَة، ومنازلهم الأصلية باليمن في بلدة هَينَن41 وسَدْبَة42 بكَسْرِ قَشَاقِش بحضرموت، ووادي مرخة ووادي جرادن43 بشبوة44. أما تاريخ مولده فلا يعرف، وإنـما يذكر على أنه عاش في القرن السابع للهجرة، وقد أجمع جميع الرواة والمؤخرون على ذلك العصر الذي عاش فيها «بوعامر»، أما بلدة هَينَن فتتبع اليوم مديرية القطن بوادي حضرموت.
والمعروف بأن حكيمنا «أبو عامر» كان كثير التنقل في مناطق وادي حضرموت وبخاصةٍ مناطق ومدن: (شبام45، وعمد، وخنفر، عرصًة، بايزيد، ببلدة الخَمِيلة بوادي عَمد، رَحَاب، السَّلْهَبِي، وادي سَبَاح بحُرَيضَة، مَطَار بالقرب من رَخْيَة، الكسر، المِخَيْنِيق)، وذلك بسبب عمله في حراثة الأرض وزراعتها، وقد ذكر في كل تلك المناطق أشعاراً وأحكاماً بها.. ويرى المستشرق الغربي «روبرت سارجنت» أن أبا عامر مولود في مدينة شبام، لأنه اشتهر بالحكمة، واستند «سارجنت» إلى ما يُقَال أن شباماً هي مدينة الحكمة46 مستشهداً بقوله:
يقول بُوعامر وعِزّ الرَّاية الاَّ في شِبَام
الأوَّله لِي بالقَصَب والثَّانِية لِي بِالجِفَان
والثَّالِثِة لِي بِالدَّرَاهِم تِنطِرِح وسط الثِّبَان.
وأيّ يكُن مكان ولادة وإقامة حكيمنا الكبير «أبو عامر» إلا أنه عاش وتنقل في روابي مدن ومناطق وادي حضرموت، وتغنَّى بها، وأنشد أقوالاً حكيمةً، وانتهج أفعالاً حسنةً لا يزال يتناقلها الأجيال جيلاً تلو جيل، بالرغم من تعرض هذه الأقوال للخلط والتحوير والنَسْبَ لأوقاتٍ وأماكن أخرى.
بُوعامر وفلسفته للحياة وإدارة شؤون الحكم
تأكيداً لما ذهبت إليه الملكة السبئية العظيمة (بلقيس بنت الهدهاد) (935 – 970 قبل الميلاد)47 من اختيار الحكم الشوروي في إدارتها لشؤون بلادها، تلك الإمبراطورية الكبيرة كانت تُدار بأحدث أنظمة يتكلم عنها الشرق والغرب حالياً، ومن هنا يؤكد أبو عامر الحضرمي تلك الثقافة المتناقلة أباً عن جد، وجيلاً بعد جيل ليتضح لنا جلياً بأن الشورى هي أساس الحكم، حيث يقول:
يقول أبو عامر ضياعَ الشورْ مفتاحْ الندمْ
من ضيّعهْ شورهْ تندمْ لو رسمْ لِهْ ما رسمْ
ولعادْ48 تنفعهْ الندامهْ والندامهْ كالعدم
ويقول أيضاً:
يقول أبو عامر عديمْ الشورْ من لا يستشيرْ
الشور للحاذق ولا هو عار لو شاور صغير49
كما يوصي حكيمنا بضرورة الحنكة وعدم سرد الكلام على عواهنه، والتدخل في شؤون الغير، بل أن من الفضيلة قول لا أعلم، ومن قال لا أعلم فقد أفتى!! كما يقولون.. ولهذا يعتبر من خيار العلم عدم التدخل والغيبة والنميمة في أعراض الناس ومشاكلهم:
يقول أبو عامر.. خيار العلم قوله ما دَرَيْتْ
وإن قلت شي ما قلت وان واحد حكي لي ما حكيت
وفي هذه يحذر الحكيم بوعامر من جلساء السوء بقوله:
يقول بو عامرْ رأيتَ الناسِ في الطِّينهْ عِيَـنْ
حَدْ طِينَتهْ زَينْهْ وحَدْ طِينتهُ خَسَّ الطِّيَـنْ
والطِّينِهِ الزَّينِهْ تِوَدَّي زَرعَها قبل الرَّدَنْ50
والطِّينِه العَيفِه فَلا تِبذِل بِذَكرات السِّنَن
ومن عَفَر باكِر شَكَر لِحْراثَتُه طولَ الزمـنْ51
ويندد هنا بالقلة والفقر والفاقة والبطالة.. فيقول:
يقول أبو عامر.. لِقيتْ القِلْ مزراةَ الرجالْ
من قال ما بيدِهْ تسترْ واختفى بينَ الجبالْ52
بل ويصفها بأعظم من ثالثة الأثافي – أو الثلاثي المرعب بقوله:
يقول بو عامرْ الدُّنيا ثلاثِه غُبُون
الأوَّلِ الغَبْنَ من رَاحَت عَلَيه العُيُون
والثاني الغَبْنَ من كُثرِت عَلَيهِ الدُّيُون
والثَّالِثِ الغَبْنَ من قَلَّت رِجالُه يِهُون
ويبدو هنا أن حكيمنا قد فقد نعمة البصر في نهاية عمره، هذا الشيخ الكبير يُصاب بالعمى، وقد غرق في الديون إرضاءً لزوجته، ربـما، وربـما لكرمه الحاتـمي النادر، ولكن لما قلَّت رجاله، يقصد بها بأنه من بني هلال، وأنه ممن بقيَّ منهم مع عددٍ لا يُذكر أمام رجال أفخاذ كِندة الأخرى.
بو عامر.. وفلسفته للمرأة
يعدُّ حكيمنا وشاعرنا «أبو عامر» شاعراً عاشقاً مُحباً للمرأة، متغزلاً بالصبايا البيض الحسناوات، وكان مع عشقه عذرياً عفيفاً، وكان إذا أحب وعشق فإنه لا يعشق إلا البيض من النساء، حيث يقول:
يقول بوعامر خليل البِيضِ مَا يْهُمْ عَ الأَمِه
لا يِكهَلِ الدَّحْنا ولا يِدحَق برجله في الحَمِه53.
وبالرغم من تلك المحبة إلا إننا نجد في بعض أبيات شعره الذي يقف فيه من المرأة موقفاً سلبياً، صورة من حياته؛ فلا يقف من المرأة هذا الموقف إلا لسرٍّ غامض، وأمرٍ عظيم، فهل يفتح شعر أبي عامر هذا مغاليقه ويبوح لنا بـما وراء سطوره من سرٍّ دفين؟! ربما فقد حزن كثيراً وتـملكته الدهشة حينما رأى شاباً يُقبل زوجه، فقال شعراء مؤثراً:
يقول بوعامر الدُّنيا بواطِل وحَق
من حلَّ عند آل طالب يلحقوه اللَّحَق
شَقَّوا عَلَي حِمَّةِ الدِّسمال لَمَّا انشعَق
دِسمال عَدَّيت فيه اربعمائه في طَبق
واليوم لو حد يِدِلُّه بالمِيِه ما نَفَق54.
ومن وراء هذه الأبيات يتضح لنا ما هو السر الدفين الذي أزعج حكيمنا وجعل منه يقول ما قاله، والسر يتمثل في: “ارتبط أبو عامر بزوجٍ ذات جمال ودلال وغنى، وكان أبو عامر فقيراً؛ فلم تجد لديه حياةً هانئةً كانت تجدها في بيت أبيها وأخوتها، وكان لها إخوة لا يرضون عن ذلك الفلاح البائس، وربـما عاشت معه على مضض، ربـما إرضاءً لرغبة أبيها التي لا تُعصَى، فكانت بين حينٍ وحين تتركه وحيداً في بيته، وقد خلا مما يسد رمقاً لتذهب إلى بيت أبيها تنعم بخيراته.. وإنها لا شك جميلة، والجمال تهوى إليه النفوس، فكان هذا الجمال عرضةً للإغراء، يفقد الناظر إليه سيطرته على نفسه، وكان “أبو عامر” مع زوجه ساكناً عند قوم من آل طالب، وصادف أن رأى “أبو عامر” ابنهم يُقبِّل زوجه، فثارت ثائرة أبي عامر، وغضب لشرفه الذي يراق على مرأى منه... وقد عرفت زوجته فبادرت إلى تبرئة ساحتها وسلامة شرفها وأن القبلة التي انطبعت على خدها بغير رضاها وقد ردت الصاع لذلك الشاب صاعين حين صفعته على وجهه55.
ولكن يبدو أن الحياة بين أبي عامر وزوجه قد تكدَّرت وشابها شيءٌ من الملل وعدم الثقة، مما جعل أبا عامر يفقد ثقته بالمرأة نهائياً، وهذا يتمثل في الموقف السلبي من المرأة:
يقول أبو عامر.. ولا تأمن من النسوان56 راس
لا تأمنْ العذرا ولا الفارض ولا حتى النفاس
أسرق من الهرشان وأسرق من جلابيب النعاس57
حكايات في حياة الحكيم الحضرمي
سمي «بو عامر» بشاعر الأحكام، أو بالحكيم، أو المعلم المرجع، وذلك نتيجة عدة مواقف وحكايات جميلة نتج عنها حِكم لا تزال تُروى حتى تاريخه، ويعتبر الأستاذ والأديب علي أحمد بارجاء هو أكثر شخصيةٍ قام بجمع ما استطاع جمعه من أشعار وأقوال حكيمنا «أبو عامر الحضرمي»، كما قام بسرد حكاياتٍ جميلةٍ وطريفة عن وقائع حدثت معه، ويـمكننا سرد بعضاً من تلك الحكايات كالتالي:
1) الحكاية الأولى: مع ضيوفه:
يُحكى أن جماعة من العرب قصدت «أبا عامر» في هيئة ضيوف لإعجازه وتعييره بالبخل إذا لم يكرمهم، وقد عُرف عن «أبو عامر» بكرمه وسماحته على قلة ما بيده وفقره، فتحيَّنٌوا له في يوم كانت زوجته في بيت إخوتها، وكان بيته خالياً مما يُكرم به ضيفه؛ فلما أقبلوا كان «أبو عامر» مُنهمكاً في عمله، فلما رأهم اختفى عنهم في ساقية صغيرة (بُد)؛ فلما قصدوا بيته ولم يجدوه يُسارع إليهم، رجعوا عنه، ثـم أن أبا عامر أخذته الأريحية في مخبئه وتفكَّر في أمره، وأبَتْ نفسه أن يظل مختفياً عن الأضياف، فندم وقال:
يقول بو عامرْ لقيت القِلَّ مزراة الرجال
من قل ما بيده لطففي البُدَّ ما بين الحبال
ثم ظهر لضيوفه، ورحب بهم وأدخلهم بيته، وأمرَّ بعض غلمانه أن يأتي بناقة من نياقهم (نياق الضيوف)؛ فذبحها وطبخها لهم وأطعمهم لحمها مع بُرِّ (قمح) كان عنده حتى شبعوا،وهم لا يعلمون بالحيلة التي أحتالها لإطعامهم.
وكانت زوج «أبي عامر» وإخوتها قد علموا بأمر المكيدة والضيوف الذين جاؤوا فجأة، وتذاكروا في ذلك، وظنوا أن أمره سيفضح في إكرامهم لخلو بيته من الطعام، فقالت زوجه لإخوتها: «إن أبا عامر لم ينفضح قط منذ عاشرته، ولا بد أنه سيكرم ضيوفه هذه الليلة، وسيخرجون من بيته شاكرين».. فقال لها إخوتها: «إن أكرمهم فله من كل واحدٍ منا مائة من النقد»، فقال: «وإن لم يكرمهم فلكم مني ما تركه لي أبي».
ولم تـمض هنيهة إلا وغلام «أبي عامر» يأتيهم بهديةٍ من طعام الضيوف فقدم لها إخوتها ما وعدوا به فأتت بها إلى زوجها.
فلما أصبح الصباح، اعترف «أبو عامر» لضيوفه بالحيلة التي احتالها لإطعامهم واعتذر لهم، وقدَّم لهم مائةً قيمة الناقة التي ذبحها، وأنه سيدفع لهم ما يطلبون من قيمة إن لم تكف المائة، فقال القوم لرئيسهم: اعطِّ أبا عامر النياق الثلاث الأخرى، وأعادوا له المائة قطعة نقدية التي دفعها لهم، وشكروا له صنيعه، وعرفوا بفضله وكرمه58.
2) الحكاية الثانية: فتوى جُرَبْ هيصم:
يُروى أن رجلاً – ويروى أنهما امرأتان، وقيل أنها امرأة اسمها «هيصم» – اسمه «هيصم» من بني هلال الكِنديين جعل له جُرَبَاً له (أرضاً زراعية) وقفاً لمن انقطع رزقه؛ فلما علم الناس بالأمر، أدعى كثيرٌ أن رزقهم قد انقطع، فرفع الأمر إلى العلماء؛ ولكنهم لم يهتدوا إلى تفسير لما يقصده الواقف، وبعد ذلك أُشير عليهم بتوجيه المسألة إلى الحكيم «أبي عامر»، فذهب إليه نفرٌ وألقوا عليه المسألة، ولكن أبا عامر لم يجبهم بشيء، وظلَّ منهمكاً في عمله، فعاد النفر أدراجهم إلى مدينة شبام، فلما وصلوا وأبلغوا من أرسلهم بخيبتهم، قال لهم قائل عليم: عودوا إليه مرةً أخرى واسألوه ثم انصرفوا عنه بحيث ترونه وتسمعون صوته ولا يراكم، ففعلوا بـما أُشير عليهم؛ فإذا بأبي عامر يُشرع في الغناء، وهو يحرث الأرض، بقوله:
يقول بو عامرْ نَشَدْتونا ولا عندي صِفات
ما ينقطع رزقه سِوَى من جَدَّد اكفانه ومات
تهلل النفر لما سمعوا وعادوا مسرعين بـما قاله أبو عامر، وعندما بلَّغوا من أرسلهم بهذا القول، عَلِمُوا أن من انقطع رزقه هو من مات، وأعلنوا أن جُرَبْ هيصم مقبرةٌ للأموات فكان كذلك59.
3)الحكاية الثالثة: حكايته مع بايزيد:
يُروى أن «أبا عامر» أتى مرةً إلى بلدة الخَميلة بوادي عمد في وقت مجاعة وشدة وقحط ومعه خيله، وكان قد أصابه جوعٍ شديد، فبينما هو في أرضٍ مزروعة بشجر السمسم، أخذ قبضةً منها وأكل منها ما تيسر وأعطاها لخيله، وكان شيخٌ يراه من بعد، فأتاه «أبو عامر» وسأله عن تلك الأرض (العَرَصَة).. لمن هي؟
فرد عليه ذاك الشيخ: إنها لبايزيد.
وأين بايزيد؟
أنا هُوَ.!!
أطلب منك المسامحة، لأني أخذت بعض الشجر بغير إذنك.
ومن أنت؟!
أبو عامر.
أنت مسامح وفي حِلٍّ، وزراعتي كلها مباحة لك يرعاها خيلك وتأكل منها ما تريد.. ثم أن بايزيد أضافه وأكرمه فأنشأ أبو عامر يقول:
يقول بُوعامرْ سَقَى الله عَرْصَتَك يا بايَزيد
مَولَى العمل مقيود لِلجَنّه يريد أو ما يريد
وأنشد دعاءً لله بأن يسقي الله وادي عمد بـمطرٍ غزير حيث قال:
يقول بُوعامرْ سَقَى الله عَمدِ من ماطِر غزير
هو وادي الزَّينَات يا وادي الجَلاجِل60
والحَوِيـر61
التشابه بين الحكيم بوعامر
وأقرانه من حكماء اليمن
ويورد الأستاذ والإعلامي الراحل محسن بن محسن الجبري بـمقاله: أنه لا يوجد شبه بين أحكام علي بن زايد والحُميد بن منصور وأحكام هذا الحكيم اليماني أبو عامر62... ربـما نظراً للبعد الجغرافي بين المناطق الوسطى في اليمن، وبين المنطقة الجنوبية الشرقية التي عاش فيها حكيمنا «بوعامر».
بينما يرى «عبدالعزيز عمَّار» أن ثـمَّة خلطٌ وتداخل يحدث بين أحكام «أبي عامر» وبين أحكام الحُميد بن منصور، وقد فرق بينهما بحجةٍ دامغة، بأن شعر أبي عامر يبدأ بالفعل المضارع (يقول)، بينما يبدأ شعر «الحُميد» بالفعل الماضي (قال)، وهذا الفرق قد قال به الدكتور عبدالعزيز المقالح بين شعر الحُميد بن منصور وبين شعر علي بن زايد63، وعلى ضوء ذلك التصنيف يكون الفرق بين أشعار حكيمنا «أبو عامر» وبين أشعار الحكيم «الحُميد بن منصور».
بينما يورد القول التالي في أشعار حكيمنا «أبو عامر»، ونفس القول في أشعار الحكيم المشهور «علي بن زايد»، قد يكون ذاك ناتج عن الخلط في الحفظ والنقل، وقد ذكره الأستاذ والشاعر اليمني الكبير/ عبدالله البردوني في كتابه «رجعة الحكيم ابن زايد»، وأيضاً ذكره المستشرق الروسي «أناطولي اغار يشيف» في كتابٍ أصدره باللغتين العربية والروسية وعنونه بـ«أحكام علي بن زايد»، وقد يكون ذلك ربـما يكون القول صحيحاً لواحدٍ منهما بالرغم من اختلاف اللازمة الأولى فقط وبعض الاختلاف البسيط في ثنايا الأبيات تلك، وإن كانت تحمل نفس المعنى ونفس المغزى:
يقول بُوعامرْ الدُّنيا ثلاثِه غُبُون
الأوَّلِ الغَبْنَ من رَاحَت عَلَيه العُيُون
والثاني الغَبْنَ من كُثرِت عَلَيهِ الدُّيُون
والثَّالِثِ الغَبْنَ من قَلَّت رِجالُه يِهُون
يذكرنا أديبنا الكبير/ عبدالله البرودني في كتابه «فنون الأدب الشعبي في اليمن» بحكايةٍ عن الحكيم اليماني علي بن زايد «أبو سعد»، حيث تعرض لخسارة بأنه باع ثوره لكي يشتري بثمنه عجلين يصبحان ثورين فيما بعد، وبعد شراء العجلين مات واحد بعد الآخر، فاستدان ثـمن ثور، وفي الطريق إلى السوق هجمت عليه عصابة وأخذت دراهمه، وعندما رجع إلى بيته، عرف أن زوجته في بيت أهلها نتيجة محاككة لا تكفي سبباً لحنقها، وتحت وطأة هذه المصاب لم يجد متنفساً إلا أن صعد إلى الجبل وأنشد بهذا المهيد:
يقول أبو سعد يا غبنه ثلاثِه غُبُون
الغَبْنَ الأوَّلِ لمن جارت عَلَيهِ الدُّيُون
ووغَبْن ثاني لمن ثانية قَلَّت رِجالُه يِهُون
وغبن ثالث لمن فارق كحيل العُيُون64
أمثال «بُو عامر» الـمشهورة
تتجلى عظمة الرجال في أعمالهم ومآثرهم التي يقدمونها لأمتهم ومجتمعهم، وما يتركونه من أثرٍ في النفس البشرية، وأبو عامر أحد هؤلاء الرجال العظماء؛ فقد ترك في الأمة والمجتمع أثاراً، منها الأمثال العامَّية التي انتزعت من شعره ذلك أن أبيات أبي عامر الشعرية غنيَّة بالحكم والنصائح ومصاغةً بأسلوب «يضعها في المقدمة من الأمثال الحضرمية الدَّارجة، والأمثال الشعبية والحِكم هي مبادئ أخلاقية واجتماعية مسكوبة بجمل قصيرة لطيفة تعبر في بساطتها وعفويتها عن قاعدة أخلاقية أو عن نصيحة اجتماعية أو تفسر بعض الأحداث الطبيعية، وتبرز حدوثها»65، ونورد هنا بعضاً من هذه الأمثال التي تركها أبو عامر في الذاكرة الشعبية اليمنية:
- الشور للحاذق ولاهو عيب من شاور صغير .
- عديم الشور من لا يستشير.
- ضياع الشور مفتاح الندم.
- ضياع الشور مفتاح الغيار.
- من ضيعه شوره تندم.
- لي با يبت معاد يدقق في الحساب
- مولى العمل مقيود للجنة.
- فكر في خروجك قبل دخولك.
- القل مرزات الرجال.
- ما خليلك إلا درهمك.
- ان أقبلت تنقاد بالعشرة
- من قلت رجاله يهون.
- الناس في الطينة عين
- من عفر باكر شكر66.
.
ديوان شعر أبو عامر الحضرمي
اطلعنا في ما سبق على أقوال وحِكم “أبو عامر”، ولكن يا تُرى هل كان لهذا الشاعر قصائد طويلة ومُقفاة، أم أن أشعاره كانت من نوع القصير جداً والمتمثلة في بيت أو بيتين فقط؟!! يرى كثيرون مما التقينا بهم بأن لدى “أبو عامر” قصائد كبيرة – عثرنا على واحدةٍ منها – والتي تقول أبياتها:
يـقـول بوعــامر دُموعي مثل هَشَّات الـمِـزان
كما لشابـيب الغزيره في ربانـش والزَّبان
وجرحت خـدي بدمعي سـالك يالله المُستعان
أَفكَـرتِ فِي الدُّنيا تِقِلِّب لك كَما ثَوب الصـِّــــــــبـَان67
إِن اَقـبـَلَت تِنقَــادِ بالشَّــعــرَه وتِدهِــن بالــــدِّهَــــــان
واِن أَدبـَـرَت مَا عـاد تِقعِدهَا السَّلاسِل والرِّصَان
مـن لا مُـعُـه قِطعِه68 ولا نـَخـلِـه ولاعـيسٍ سِــمَــــــان
إِن حَلَّ يا وَيله ويَا وَيلُـه إذا انْوى الانضِـعَـان
الطَّير لا ماله جناحا ترفعه لا نوى مكـان
يومـي بسـنقـوفه وهـو مطروح فـراد البيان
اول زمـانـي مـا قـمـرني ما بـي إلا آخر زمـان
لأخذت غطه في الحِمَة ثم دملغوني في الدَّمَان
لكنني بصبر ومن صبر على البلوى يُعان
بـصـبر كما البـزل إلـى جـارت حمـايـلها الــرِّزاناِن
سـار حـز الساق قيـده واِن سكن جـاه الجِنـان
مـن لاهـنا وحده لغب يسنعلها طول الـزَّمان
وسسوته دبر وقطع من مسالكها السِّهان
يعوي عوي الذيـب ذي في المسحره قِد له زمان
يمسي يردد بالعوى من بدوهم قِد له ثمان
ضمآن ثم جيعان دالع فوق مشفره اللسان
أيش الذي ردش مُطيعـه بعد ما كنتي زبان
قالت بعلي مدحك اليوم يا شيخ العرب بروي السِّنان
صقراً عبر في العول ميح قلت ايش هذا يا فِلان
قال هذا كما «بوعامر» المصيوت لزتلم واعتلى
ظهر الحصان
تغدي تذل فرسان له من خوف طعنه بالسِّنان
قال لها اِن خنت بلعش ذي مدحني لي رهيفت هِندوان
وانـتـي علـيَّ مـثل علـيَّ ذي مبــاسـمـها زِيان
ذي كنها طـوعه من المرشـوق عـود الخــيزران
ذي ملقي خالص ولا لـي مـنسبـا جـاء من مكـان
أعمامي أخوالي وجـدي من صليـــب الهِنـــدوان
لا جي مرة صاحب ولاخون الوداعه في المكان
شي عاد بوعامر مولـع بالخراعيب الزيان
سيد الـذوايـب كنها البستـان في وادي خبـان
على العتوم السـاهره ما صطان ما شـارحه خان
يَـا الله عَلَى هَـينـَن ثَـمَـاناَ فِي ثَـمَـانٍ فِي ثَـمَـان
ربـيع مقدم صيف قنفانه في القبله سمان
لا خَـالَهَا الشَّـاوِي69 وَلا الحَرَّاثِ لي قَـلبُه ضَمَان70
ما يــمدي الشـاوي يسوقه الفــــــرق يفرع للكِنان
بليلتا بـركه وبـرقه ما تكـورم عـلى اللســان
ويسقيك يا هَينَن ويخلف شعب منوب على اليمان71
وفي الأخير يعد «أبو عامر» من شعراء الأحكام في اليمن، مثله مثل غيره من شعرائها كالحُميد بن منصور وعلي بن زايد، وحزام الشبثي، وغزال المقدشية، وقد وصفه «علي عقيل بن يحيى» بأنه فيلسوف72؛ لما في شعره من حكمة تدل على رجاحة عقله وخبرته الواسعة بالحياة، وفهمه لمجريات الأحداث في عصره73.
الهوامش
1. قبل الردن: قبل الأوان.
2. د. عبدالعزيز المقالح – شعر العامية في اليمن.. دراسة تاريخية ونقدية – ص 398 – 399 – الطبعة الأولى 1978م – دار العودة – بيروت – لبنان.
3. د. عبدالعزيز المقالح – شعر العامية في اليمن.. دراسة تاريخية ونقدية – ص 386 – مصدر سابق.
4. عبدالله البردوني– الثقافة الشعبية.. تجارب وأقاويل– ص 16– الطبعة الأولى 1988م – دار المأمون للطبع والنشر – القاهرة – مصر.
5. عبدالله البردوني– الثقافة الشعبية.. تجارب وأقاويل– ص 18– مصدر سابق.
6. د. عبدالعزيز المقالح– يوميات يمانية في الأدب والفن– ص 105– الطبعة الأولى 1978م – دار العودة – بيروت – لبنان.
7. د. عبدالعزيز المقالح– يوميات يمانية في الأدب والفن– ص 101– مصدر سابق.
8. الدان الحضرمي، هو فن صوتي شعبي يحتوي على العديد من طرق الغـناء من كتابة و نظم. وفن الدان الحضرمي يشكل جزء مهم من ثقافة حضرموت و نشاطها الاجتماعي حيث يشكل جسر ثقافي يربط بين الأجيال الحضرمية.. ومن أشهر شعرائه ومؤديه: (حداد بن حسن الكاف الهاشمي العلوي – سالم عبد القادر العيدروس، وخميس كندي، ومحمد جمعة خان).
9. الشبواني: وهو رقصة شعبية تنسب في تسميتها إلى محافظة شبوة في اليمن, وهي شائعةٌ في حضرموت ومناطق أخرى من الجزيرة العربية.. وتعتبر رقصة الشبواني من أبرز الألعاب الشعبية في حضرموت، وتنطوي تحت لوائها بقية الألعاب الأخرى من شرح وزف وغيره.. وتعتبر رقصة الشبواني من أبرز الألعاب الشعبية في حضرموت وهي لعبة قديمة جداً، ولا يعرف لها تاريخاً مُحدداً من الناحية العلمية ولا المصدر الذي جاءت منه إلا أن هناك أحاديث تتناقلها الأجيال تقول أن اللعبة ذات جانب وطابع عسكري بحت، وتعتمد على فكرة الكر والفر والتحام الصفوف حيث يترأس العدة شخصٌ يُسمى (المقدم) وله مساعدين يسمون حالياً – لجنة العدة .
10. الزربادي: وهو لون من ألوان الفنون الحضرمية، بل ومن أجملها وهو شبيه بفن الصوت، وتتكون آلاته الموسيقية من:المراويس والناي والهاجر.. وصاحب الهاجر هو الذي تكون زمام الأمور بيده من حيث الكسرات... الخ، وهو الذي يؤدي الغناء، وأن يكون صاحب ذوقٍ عال وحفظٍ وبديهة؛ لأن هذا اللون يكون ارتجالي ليس فيه تحضير مسبق وتغنّى فيه القصائد والموشحات والاغاني التي تتميز بالكلمه القوية المعاني عن غيرها من الأغاني الخفيفة.
11. الهبيش: وهي رقصة حضرمية قدمت من البادية وتمتاز بنوعية الأشعار الغزلية ذات الطابع العُذري الذي لا يميل للإسفاف والتقليل من مكانة المرأة وشأنها، حيث تظهر هذه النوعية من الأشعار حب متوقد للحياة وللمرأة، وتظهر جانب الشجاعة والإقدام الذي نشأ عليه ابن البادية (علي محمد صالح المحمدي – الرقصات الشعبية اليمنية – ص123 – الطبعة الأولى 1435هـ/ 2015م – إصدارات وزارة الثقافة – صنعاء - اليمن).
12. الغيّة: وهي تعنى باللهجة الحضرمية الانسجام والتفاعل والمقصد هنا التعايش مع الشيء لدرجة الغي فيه؛ أي تفاعل الراقص لحد زوال العقل والروح من شدة انسجام الراقص في تأديته لها بصورةٍ بديعة، تشخص لها أبصار المتفرجين من جمال الأداء، وهذه الرقصة هي رقصة بحرية تُعنى بالبحارة دون سواهم إذ لا يرقصها إلا سكان الشريط الساحلي الممتد في المكلا حتى الديس الشرقي، وترقصها النساء في مدينة الشحر أيضاً (علي محمد صالح المحمدي – الرقصات الشعبية اليمنية – ص 128 – مصدر سابق).
13. القطني: وهي رقصة استمدت تسميتها من منطقة القطن الواقعة بمحافظة حضرموت، وهذه الرقصة ذات طابع سريع في إيقاعها، إذ لا بد للإيقاع السريع من أداءٍ يجاريه في السرعة والحركة والمرونة الموزونة السياق.. وهي رقصة مشتركة بين الرجال والنساء، وفي أحيانٍ قليلة ترقص من قبل الرجال وحدهم.. (علي محمد صالح المحمدي – الرقصات الشعبية اليمنية – ص 134 – مصدر سابق).
14. العِدة: وهي رقصة تعبيرية، وهي إحدى الرقصات الشعبية الجميلة التابعة لحضرموت التي تتضمن في محتواها طابع النزال؛ أي القتال إذ أنها من ذاك النوع من الرقصات الشعبية التي شكلت موروثاً حضارياً متداولاً لم تفقد رونقها وجمال الأداء، حيث توارثتها الأجيال المتعاقبة، وحافظت على هذا الموروث الخصب... (علي محمد صالح المحمدي – الرقصات الشعبية اليمنية – ص141– مصدر سابق).
15. الزامل الحضرمي (الزف): بالطبل ولكل وزن وبحر، تسير المجموعة تردد بيت أحد الشعراء الذين يتقدمون الصفوف، وكلما أراد الشاعر القول تقدم فيقف الجميع بعد ( الهوكة ) علامة الوقوف والفصل بين قولين وهي كلمات يقولها الجميع بصوت عال : ( غلابة.. كم من قبيلي كسرنا نابه.. والا كهم .. والا كهم ) فالزامل أداء عسكري يدل الفتوة... (موقع محافظة حضرموت "http://www.hadhramaut.info").
16. المسرحات: وهي من القصائد الطويلة التي يستهلها الشاعر بالحمد والثناء والشكر لله تعالى، فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يبدأ في القصيدة وتكون موجهة إلى شاعر بعينه يُطلب منه الرد، أو ان تكون قصيدة مفتوحة لمن أراد أن يرد.. ويكون موضوع القصيدة إما رثاء أو شكوى حال أو غزل، هذا في الغالب ولكن يمكن أن تكون في موضوع يراد به الدعابة... (موقع محافظة حضرموت "http://www.hadhramaut.info").
17. القصائد المرجوزة: وهي قصائد تتناول أنواع النخيل والثمار والمهن، وفيما يلي نورد منها للشاعر عبدالرحمن بن شهاب أرسلت من جاوا عام 1269هـ.
18. النورة: هي مادة بناء تستخدم في صنع أنواع من الملاط والشيد والطلاء، وهي مادةٌ كيميائية تسمى (هايدروكسيد الكالسيوم) قلوية بشكلٍ مسحوق أبيض اللون،.. وطريقة الصنع هي أن يسخن الحجر الجيري (كاربونات الكالسيوم) في أفرانٍ خاصة لإنتاج الجير الحي (أول أوكسيد الكالسيوم)، ثم يضاف الماء لتكوين النورة.. ولصنع الملاط يضاف المزيد من الماء إلى النورة لتكوين عجينة غير مستقرة كيميائياُ؛ إذ أنها تبدأ مباشرة بالتفاعل مع ثاني أوكسيد الكاربون في الجو، وتُحول النورة إلى حجر جيري مرةً أخرى. لذا فإن عجينة النورة لا يمكن تخزينها ويجب استخدامها فوراً. ولصنع طلاء النورة تضاف مواد مختلفة أخرى مثل: الملح والسكر والطباشير وغيرها، وتزاد كمية الماء كي تكون سائلاً حليبياً يمكن طلاءه فوق الشيد.. ومن أهم ميزات استخدام النورة في الملاط هو القوة، إذ أن ملاط النورة يلتصق بالحجر أو الطابوق الذي يبنى معه ويزداد قوة بمرور الزمن لتحوله إلى حجر، كما أن النورة مقاومة للمؤثرات الخارجية كالحرارة والرطوبة وتسرب المياه والتشقق لذا استخدمت أيضا كشيد وكطلاء، في هذه الحالة يفيد جداً مع البناء باللبن أو الطوب أو الخشب؛ إذ أن المواد الطبيعية تمتصه فيختلط بها ويقويها بمرور الزمن.
19. السيرة الهلالية: هي واحدة من السير الشعبية المشهورة في التراث العربي، وهي مزيجٌ من التاريخ والأدب، تاريخ لبطلٍ ومجموعة، وأدب يظهر أحوال العامة وثقافتها وذائقتها الفنية ومواقفها من الحياة، وغايتها التأثير في المتلقين وإمتاعهم، وليس إخبارهم بوقائع تاريخية، وروت السيرة الهلالية مراحل تغريبة بني هلال وانتقالهم من نجد في الجزيرة العربية إلى صعيد مصر، ومنه إلى بلدان شماليّ إفريقيا.
20. د. عبدالعزيز المقالح – شعر العامية في اليمن.. دراسة تاريخية ونقدية – ص 398 – مصدر سابق.
21. محسن محسن الجبري: شاعر وإعلامي ومناضل يمني.. ولد عام 1945م في مدينة ثلاء بمحافظة عمران، تلقَّى تعليمه الأولي في مدينته، ثم أكمل تعليمه في العاصمة (صنعاء)، عمل في إذاعة صنعاء، وقدَّم عدة برامج شعبية.. وفي 1963م صدر قرار جمهوري بتعيينه مديراً عاماً لمصلحة الإذاعة.. وفي 1967م انتقل إلى مدينة عدن، وقدَّم فيها برامج إذاعية بعد استقلالها، وفي عام 1973م عاد إلى صنعاء.. صدرت له عدة كتب ومنشورات، وله مجموعة من القصائد والأناشيد الوطنية. (موسوعة شعر الغناء اليمني في القرن العشرين – الجزء السادس – ص (245) – الطبعة الثانية – مطابع التوجيه المعنوي – صنعاء - اليمن).
22. علي أحمد بارجاء: شاعر وكاتب وباحث يعتني بتوثيق وجمع ودراسة التراث الشعبي، ولد في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت يوم الاثنين 19 فبراير 1962م الموافق 15 رمضان 1381هـ، متزوج وأب لولدين وثلاث بنات.. تخرج من قسم اللغة العربية بكلية التربية بالمكلا عام 1988م تخصص لغة عربية وآدابها، عمل في عدة مناصب آخرها مدير عام مكتب الثقافة بوادي حضرموت – له العديد من المؤلفات منها: (الدان الحضرمي .. دراسة تاريخية وصفية) – (كتابات في الأدب والتراث اليمني.. دراسات وأبحاث) – المعجم الهادي إلى لهجة الوادي – (الشاعر والحكيم أبو عامر) – (من أدب النخلة) – والدواوين الشعرية التالية: (رؤاء) – (أشرعة الروح) – (نبض يتشكل حرفاً) – (رد نجمي في سماك) (العش الصغير.. مسرح شعري) .
23. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 14 – الطبعة الثانية 2008م – دار عبادي للدراسات والنشر – صنعاء – اليمن.
24. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 14 – مصدر سابق.
25. امرؤ القيس:هو جندح بن حُجر بن الحارث الكندي (500 – 540م) اشتهر بلقب (امرؤ القيس)، وهو شاعرٌ عربي من مكانة رفيعة برز في فترة الجاهلية، ويعد رأس شعراء العرب وأحد أبرزهم في التاريخ، هو من قبيلة كِندة اليمنية، ويعرف في كتب التراث العربي بألقابٍ عدة، منها: الملك الضليل، وذو القروح، وكُنيّ بأبي وهب، وأبي زيد، وأبي الحارث، كان ملكاً على قبيلة كندة ومعد، ومن أبرز آثاره أنه نقل الشعر العربي لمستوى جديد، وتخليده لقبيلته في الذاكرة العربية، ولا زال يعتبر من أعظم الشعراء العرب الجاهليين (موقع موسوعة ويكبيديا "http://www.ar.m.wikipedia.org").
26. محسن محسن الجبري – صحيفة الثورة – الصفحة الثانية – العدد (2876) – التاريخ 17 فبراير 1977م.
27. عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف: ولد في 27 رجب 1300هـ بمدينة (سيئون).. عُرِفَ بعالم (حضرموت) ومفتي الديار الحضرمية، لديه العديد من المؤلفات، وهي: (أولاً: الفقهية: كتاب (صوب الركام في تحقيق شئون القضاء والأحكام) مجلدان وهو مطبوع – حاشية على كتاب (فتح الجواد بشرح الإرشاد) – حاشية على كتاب (منهاج الطالبين) للإمام محيي الدين النووي رحمه الله – حاشية على التحفة.. أي تحفة المحتاج بشرح المنهاج/ ثانياً: في الحديث: (بلابل التغريد فيما أفدناه أيام التجريد) – يقع في ثلاث مجلدات – حاشية على (الشمائل النبوية للإمام الترمذي)/ ثالثاً: التاريخية: كتاب (بضائع التابوت في نتف من تاريخ حضرموت) يقع في ثلاث مجلدات – كتاب (إدام القوت معجم بلدان حضرموت)/ رابعاً: مؤلفاته الأدبية النقدية: كتاب (العود الهندي عن أمالي في ديوان الكندي) – ديوان (ابن عبيدالله الشعري) – (معارضة البردة): طبعت بعدن سنة 1367هـ - (الرحلة الدوعنية): وهي عبارة عن رحلة منظومة .. وقد قام ابن عبيدالله بهذه الرحلة سنة 1360هـ .. وهي تعد من روائع أدب الرحلات – (النجم المضي في نقد عبقرية الشريف الرضي) وهو مخطوط ويقع في مجلد متوسط – (النقد العلمي الذوقي في الجواب عن أبيات شوقي):وهو جزء لطيف يقع في (32) صفحة.. توفَّي صباح يوم الأربعاء 26 جمادى الآخرة سنة 1375هـ..
28. رحاب: ولاية رحاب كانت لآل عبدالله، ومنهم الأمير «جميل». (عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف – معجم بلدان حضرموت – تحقيق: إبراهيم أحمد المقحفي وعبدالرحمن حسن السقاف – ص 173 – الطبعة الأولى 1423هـ/ 2002م – مكتبة الإرشاد – صنعاء - اليمن)..
29. دوعن: اسم أعجمي فارسي، ومن هذا الاسم تعرف انتجاع الأعجام بكثرة لبلاد حضرموت من عهد استيلاء الفُرس على اليمن.. ودوعن يطلق على واديين بأعلى حضرموت، يُقال لأحدهما (الأيمن) وهو مسيل مغروس بالنخيل الثمينة، وعلى حفافيه بلدانه وقراه، فإما شقه الغربي فأول بلاده (قرحة باحميش) وهي على رأس الوادي الأيمن، (عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف – معجم بلدان حضرموت – تحقيق: إبراهيم أحمد المقحفي وعبدالرحمن حسن السقاف – ص 142 – مصدر سابق)..
30. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 16 – مصدر سابق.
31. عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف – معجم بلدان حضرموت – تحقيق: إبراهيم أحمد المقحفي وعبدالرحمن حسن السقاف – ص 173 – مصدر سابق.
32. عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف – معجم بلدان حضرموت – تحقيق: إبراهيم أحمد المقحفي وعبدالرحمن حسن السقاف – ص 173 – مصدر سابق.
33. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 16 – مصدر سابق.
34. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 17 – مصدر سابق.
35. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 17 – مصدر سابق.
36. خنفر: وتقع في وادي عمد بحضرموت، وهناك مديرية في محافظة أبين تحمل نفس الاسم.
37. السلوس: مثل سلس الذهب.
38. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 18 – مصدر سابق.
39. محسن محسن الجبري – صحيفة الثورة – الصفحة الثانية – العدد (2876) – التاريخ 17 فبراير 1977م.
40. حسين سالم باصديق – من التراث الشعبي اليمني– ص 334 – الطبعة الأولى 1993م – مركز الدراسات والبحوث – صنعاء – اليمن.
41. هينن: وادي هينن يسكنه آل شرمان، كبيرهم فرج بن علي، وله ولأخية عمر بن علي، شِمم وهِمم، وهما الآن في ممباسه، وفيه آل سعدون من الصيعر ثم دخلوا في نهد، وفيه آل غزون وآل تيربان كلهم من نهد.
42. سدبه: أول ضمير من وادي العين، هو الذي يسقي سدبه، وهي عدة قُرى، منها (كيرعان) ومنها (عرض بوزيد) وفيها شراج ونخيل، وهي من قدامى البلدان لها ذكر عند ابن الحائك الهمداني – لسان العرب أبي محمد الحسن الهمداني – في كتابه (صفة جزيرة العرب).
43. وادي جرادن: وادٍ بين عماقين ووادي حبان، ويشتمل على قرى خرج منها جماعة من العلماء..
44. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 18 – مصدر سابق.
45. شبام: إحدى مدن وادي حضرموت، وهي بلدة أثرية تعود إلى القرن السادس عشر الميلادي كإحدى أقدم النماذج وأفضلها للتنظيم المدني الدقيق المرتكز على مبدأ البناء العموي، وتعود تسميتها "بمانهاتن الصحراء" إلى مبانيها البرجية الشاهقة المنبثقة من الصخور، وبنيت منذ حوالي (600) سنة، وقد أدخلت ضمن قائمة التراث الثقافي التابع لمنظمة اليونسكو في عام 1982م كتراث ثقافي وطبيعي...
46. روبرت سارجنت – نثر وشعر من حضرموت – ترجمة: سعيد محمد دَحَي – مراجعة: محمد عبدالقادر بامطرف ص 123 – الطبعة الأولى إبريل 1980م – منشورات فرع المركز اليمني م/ حضرموت – المكلا – اليمن.
47. الملكة بلقيس: هي بلقيس بنت الهدهاد بن شرحبيل بن بريل ذي سحر، ابن شرحبيل بن الحارث بن مالك بن زيد بن سدد بن زُرعة، وهو حمير الأصغر بن سبأ الأصغر بن كعب بن سهل بن زيد بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شـمس بن وائل بن الغوث بن جيدان بن قطن بن عُريب بن زهير بن أيـمن بن الهميسع بن حمير الأكبر بن سبأ الأكبر، وهي ملكةٌ عظيمةٌ كانت صاحبة رأيٍّ سديد وحكمة وعلم كبيرين، وقد ذكرها القرآن الكريم في سورة النمل، وذكر قصة هدهد نبي الله سليمان بن داوود عليهما السلام، وإسلامها على يد النبي سليمان – (المصدر: نشوان الحميري – ملوك حمير وأقيال اليمن (القصيدة) – تحقيق: علي بن إسـماعيل المؤيد وإسـماعيل بن أحمد الجرافي – ص 74 – 78 – الطبعة الثانية 1398هـ/ 1978م– دار العودة – بيروت).
48. ولعاد: لا يمكن.
49. د. عبدالعزيز المقالح – شعر العامية في اليمن.. دراسة تاريخية ونقدية – ص 399 – مصدر سابق.
50. قبل الردن: قبل الأوان.
51. د. عبدالعزيز المقالح – شعر العامية في اليمن.. دراسة تاريخية ونقدية – ص 398 – 399 – مصدر سابق.
52. د. عبدالعزيز المقالح – شعر العامية في اليمن.. دراسة تاريخية ونقدية – ص 400 – مصدر سابق.
53. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 32– مصدر سابق.
54. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 32– مصدر سابق.
55. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 42 - 43– مصدر سابق.
56. النسوان: النساء.
57. د. عبدالعزيز المقالح – شعر العامية في اليمن.. دراسة تاريخية ونقدية – ص 401 – مصدر سابق.
58. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 35 – 36 – مصدر سابق.
59. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 37 – 38 – مصدر سابق.
60. الجلاجل: أي السمسم.
61. (علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 38 – 39 – مصدر سابق.
62. محسن محسن الجبري – صحيفة الثورة – الصفحة الثانية – العدد (2879) – التاريخ 20 فبراير 1977م.
63. د. عبدالعزيز المقالح – شعر العامية في اليمن.. دراسة تاريخية ونقدية – ص 396 – مصدر سابق.
64. عبدالله البردوني– فنون الأدب الشعبي في اليمن– ص 91– الطبعة الثالثة 1995م – دار الفكر – دمشق – سوريا.
65. د. نبيل جورج سلامة – التراث الشفوي في الشرق الأدنى ومنهجيَّة حمايته – ص 148 – الطبعة الأولى 1986م – منشورات وزارة الثقافة – دمشق - سوريا.
66. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 64 – 65 – مصدر سابق + موقع موسوعة المحيط (http://almoheet.net/)
67. كما ثوب الصبان: كالثوب الذي يقلب أثناء غسله.
68. قطعة: أي قطعة من الأرض يزرعها.
69. الشاوي: الرياح الحارة التي تشوي الوجوه.
70. قلبه ضمان: كناية عن الحسد.
71. منوب على اليمان: مداوم على الإيمان.
72. روبرت سارجنت – نثر وشعر من حضرموت – ترجمة: سعيد محمد دَحَي – مراجعة: محمد عبدالقادر بامطرف ص 69 – مصدر سابق.
73. علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر – ص 30 – مصدر سابق.
المصادر
- د. عبدالعزيز المقالح – شعر العامية في اليمن.. دراسة تاريخية ونقدية – الطبعة الأولى 1978م – دار العودة – بيروت – لبنان.
- عبدالله البردوني– الثقافة الشعبية.. تجارب وأقاويل–الطبعة الأولى 1988م – دار المأمون للطبع والنشر – القاهرة – مصر.
- د. عبدالعزيز المقالح– يوميات يمانية في الأدب والفن – الطبعة الأولى 1978م – دار العودة – بيروت – لبنان.
- علي محمد صالح المحمدي – الرقصات الشعبية اليمنية– الطبعة الأولى 1435هـ/ 2015م – إصدارات وزارة الثقافة – صنعاء - اليمن.
- موسوعة شعر الغناء اليمني في القرن العشرين– الجزء السادس– الطبعة الثانية – مطابع التوجيه المعنوي – صنعاء - اليمن.
- علي أحمد بارجاء – الشاعر والحكيم أبو عامر– الطبعة الثانية 2008م – دار عبادي للدراسات والنشر – صنعاء – اليمن.
- عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف – معجم بلدان حضرموت – تحقيق: إبراهيم أحمد المقحفي وعبدالرحمن حسن السقاف– الطبعة الأولى 1423هـ/ 2002م – مكتبة الإرشاد – صنعاء – اليمن.
- حسين سالم باصديق – من التراث الشعبي اليمني–الطبعة الأولى 1993م – مركز الدراسات والبحوث – صنعاء – اليمن.
- روبرت سارجنت – نثر وشعر من حضرموت – ترجمة: سعيد محمد دَحَي – مراجعة: محمد عبدالقادر بامطرف – الطبعة الأولى إبريل 1980م – منشورات فرع المركز اليمني م/ حضرموت – المكلا – اليمن.
- نشوان الحميري – ملوك حمير وأقيال اليمن (القصيدة) – تحقيق: علي بن إسـماعيل المؤيد وإسـماعيل بن أحمد الجرافي – الطبعة الثانية 1398هـ/ 1978م– دار العودة – بيروت.
- د. عبدالعزيز المقالح – شعر العامية في اليمن.. دراسة تاريخية ونقدية – الطبعة الأولى 1978م – دار العودة – بيروت – لبنان.
- عبدالله البردوني– فنون الأدب الشعبي في اليمن– الطبعة الثالثة 1995م – دار الفكر – دمشق – سوريا.
- د. نبيل جورج سلامة – التراث الشفوي في الشرق الأدنى ومنهجيَّة حمايته – الطبعة الأولى 1986م – منشورات وزارة الثقافة – دمشق - سوريا.
- محسن محسن الجبري – صحيفة الثورة – الصفحة الثانية – العدد (2876) – التاريخ 17 فبراير 1977م.
- موقع محافظة حضرموت http://www.hadhramaut.info.
- موقع موسوعة ويكبيديا http://www.ar.m.wikipedia.org .
- موقع جامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا (http://www.hu.edu.ye).
- موقع موسوعة المحيط (http://almoheet.net/).
الصور
- الصور من الكاتب.
1. لوحة تشكيلية متخيلة عن الحكيم أبو عامر الحضرمي، وهي من أعمال الفنان التشكيلي الرائع زكي يافعي.
2. الصورة السادسة: منظر من الجو لمدينة شبام حضرموت في خمسينيات القرن الماضي – لا يعرف من مصورها.
3. لوحة تشكيلية متخيلة عن الحكيم أبو عامر الحضرمي، وهي من أعمال الفنان التشكيلي الرائع زكي يافعي.
4. الزراعة في حضرموت – تصوير فؤاد الحرازي.