فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
45

التنظيمات الحرفية التقليدية من منظور مقاربة النوع الاجتماعي

العدد 45 - ثقافة مادية
التنظيمات الحرفية التقليدية  من منظور مقاربة النوع الاجتماعي
كاتب من المغرب

مــقــدمــة

تحتل مقاربة النوع الاجتماعي وكذا قضية المساواة بين الجنسين الصدارة في جدول الأعمال العالمي، حيث أصبحت أولى أولويات الدول والحكومات والمجتمعات والأفراد على حد سواء. ومع تزايد حجم التطور الاقتصادي والاجتماعي والحضاري الذي عرفته البشرية، اتسع الوعي بأهمية استحضار البعد التحليلي لسوسيولوجيا النوع الاجتماعي للإحاطة بعالم العلاقات الاجتماعية بين الرجال والنساء كمحدد وعامل فاعل في التنظيمات الاقتصادية، خاصة التنظيمات الحرفية التقليدية موضوع هذه الدراسة، كما شهدت العقود الأخيرة اعترافا متزايدا بالدور الهام الذي تلعبه المرأة في مجتمعها، حيث أصبح من العبث الحديث عن التنمية ومصير الإنسانية وتقدمها بمعزل عن أوضاع المرأة ومختلف المشاكل التي تقف حجر عثرة أمام تقدمها ومشاركتها الفعلية في مسار التنمية. هذا ما أكدته مختلف المواثيق والمعاهدات والمؤتمرات الدولية، انطلاقا من ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (1979)، مرورا ببرنامج عمل فيينا (1993) والمؤتمر الدولي الرابع المنعقد في بيكين (1995)، وغيرها من المعاهدات والمؤتمرات التي شكلت، ولا زالت تشكل، مرجعا للحكومات والمنظمات الدولية وغير الحكومية، من أجل النهوض بأوضاع المرأة وإزالة مختلف العقبات التي تعترض مسألة تحقيق المساواة بين الجنسين.

لكن، بالرغم من كل ما تحقق من إنجازات في قضية المساواة بين الجنسين، لازال التمييز ضد المرأة وعدم المساواة، متأصلا في مجموعة من المجالات والبنيات الاجتماعية، أهمها، ذلك الموروث الشعبي والثقافي -السلبي- الذي يكرس المركزية الذكورية ويرسخ تبعية المرأة للرجل ويحصر دورها في إطار محدد، ومتأصلا كذلك في إطار البحث الأكاديمي، حيث لا زالت مقاربة النوع الاجتماعي حديثة العهد من حيث الاستعمال الأكاديمي في مجموعة من البلدان من ضمنها المغرب، ومتأصلا أيضا في الإطار القانوني، حيث تغيب التشريعات المناسبة والفعالة للقضاء على العنف والتمييز ضد النساء، وهذا ما يفسر تزايد مطالب الحركة النسائية في المغرب خاصة فيما يتعلق بحماية النساء من العنف ومختلف أشكال التمييز وتنظيم مسيرات احتجاجية لإيصال صوت المرأة المغربية الرافض للذل والمطالب بتفعيل وأجرأة مقتضيات الفصل 19 من الدستور خاصة ما يتعلق بتفعيل المناصفة والمساواة بين النساء والرجال.

في ظل هذه الظروف، تظهر أهمية المشاركة بهذا المقال، الذي حاولنا من خلاله تقديم فهم صحيح حول واقع المساواة بين الجنسين في إطار العمل داخل تنظيمات الحرف التقليدية بمدينة فاس، والاعتماد على مقاربة النوع الاجتماعي لرصد مختلف العقبات التي تقف في وجه تمكين النساء الحرفيات وتحول دون إبراز قدراتهن -المعطلة- ودورهن في تنمية قطاع الصناعة التقليدية بالمغرب وتحقيق استقلاليتهن، بالإضافة إلى دراسة إشكالية التوزيع الجنسي للعمل الحرفي الذي برز بشكل كبير مع مختلف التحولات التي شهدها عالم الحرف التقليدية بمدينة فاس.

كما حاولنا من خلال التحقيق الميداني تحليل ودراسة، ليس فقط سلطة الرجل داخل التنظيم الحرفي التي تبعد المرأة عن كل التزام في العلاقات داخل الجماعة الحرفية ولا تترك لها مجالا للإبداع، بل أيضا سلطة المرأة المستعادة من خلال ولوجها واختراقها لبعض المهن الحرفية التي يهيمن عليها الرجل، حيث استطاعت مجموعة من الحرفيات إبراز وجودهن وقدرتهن على العمل بكفاءة، واستطعن أيضا احتواء الثقافة الذكورية والتمييز الاجتماعي والمهني الذي يمارس في حقهن، ورفض النمطية والتقليد والدفاع عن حق المرأة الحرفية في العمل جنبا إلى جنب مع الرجل في إطار ينبني على العدل والإنصاف والمساواة لكلا الجنسين.

إشـكـالـيـة الـدراســة

وأهـمـيـتـهـا الـتـطـبـيـقـيـة

يؤكد الطرح الإشكالي الذي يؤطر هذا البحث، على ضرورة دراسة التنظيم الحرفي التقليدي ليس فقط كفضاء للإنتاج والعمل كما نجد في مجموعة من البحوث والدراسات، بل كوسط اجتماعي وكواقع تنظيمي له خصوصياته ومحدداته النوعية التي ظهرت بفعل التحولات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية داخل المجتمع بشكل عام، وبفعل مختلف التحولات السوسيو- مجالية وكذا ديناميكيات العولمة التي أحدثت، بشكل خاص، مجموعة من التغيرات البنيوية داخل فضاء الحرف، تمثلت أساسا في ولوج النساء إلى بعض الحرف التي كانت حكرا على الرجال فقط كحرفة النحاس والخزف.

على هذا الأساس، ركزت إشكالية هذا البحث على دراسة الفصل المهني بين الرجال والنساء داخل الحرفة، ودراسة التوزيع الجنسي للعمل الحرفي الذي برز بشكل كبير مع مختلف التحولات التي شهدها عالم الحرف التقليدية بمدينة فاس، وذلك باعتمادنا على مقاربة النوع الاجتماعي التي هي نسبيا حديثة العهد من حيث الاستعمال الأكاديمي والبحثي في المغرب خصوصا فيما يتعلق بموضوع البحث المقترح، والتي مكنتنا من الإحاطة بعالم العلاقات الاجتماعية بين الرجال والنساء كمحدد وعامل فاعل في التنظيم الحرفي، ومن فهم واقع المساواة بين الجنسين ومختلف العقبات التي تواجه النساء العاملات في حرف توصف بالذكورية، والمتمثلة أساسا في الممارسات التمييزية التي تمارس في حقهن وأيضا في نظرة المجتمع البطريركية/الأبوية (Patriarcat).

في ذات السياق، حاولنا طرح مجموعة من التساؤلات الدقيقة، التي تترجم إشكالية البحث وتعكس توجهاته الفكرية والمعرفية، وهي كالتالي:

ماهي الأسباب والدوافع التي تدفع النساء إلى العمل في المهن الحرفية التقليدية التي يسيطر عليها الرجال؟

ماهي المعوقات التي تواجه النساء الحرفيات أثناء عملهن في حرف تصنف تقليديا بأنها من اختصاص الرجال؟

ماهي تصورات الحرفيات حول عملهن تحت تأثير مهام العمل الذكوري؟

هل تتعرض النساء العاملات داخل هذه الحرف إلى التمييز وإلى تقسيم غير عادل للأدوار؟

كل هذه التساؤلات، نطمح إلى الإجابة عليها من خلال دراستنا الميدانية التي حاولنا على أساسها توخي الموضوعية والابتعاد عن كل أنماط التفكير الجاهزة والأحكام المتسرعة والقيمية، بهدف إبراز تحدي بعض النساء الحرفيات في تكوين اتجاهات وأنماط مهنية جديدة تتجاوز الفهم التقليدي للأدوار الجنسية الذي دائما ما يقيد اختياراتهن الوظيفية، وإعادة النظر في الثقافة الذكورية التي تتحكم في العمل الحرفي التقليدي، من أجل تشخيص دقيق وموضوعي لواقع المساواة بين الجنسين داخل تنظيمات الحرف التقليدية، وكشف تحديات المرأة الحرفية ومختلف العقبات التي تواجهها داخل هذه التنظيمات وسبل تجاوزها، مع إبراز مستقبل الحرفيات وأهمية إشراكهن في البرامج والمشاريع الخاصة بقطاع الصناعة التقليدية وقدرتهن على المساهمة في تنمية هذا القطاع.

الإطـار الـمـفـاهــيـمـي للـدراســة

تعتبر عملية تحديد المصطلحات والمفاهيم من أهم الخطوات التي تبرز مضمون الدراسة وبنائها الفكري والمنهجي، حيث كان لا بد من تحديد أهم المفاهيم والمصطلحات التي ينبني عليها موضوعنا، وتحديدها تحديدا إجرائيا دقيقا حتى يتسنى فهم مختلف أهداف وأبعاد هذا المقال.

تماشيا مع الطرح الإشكالي السابق، كان لابد من الوقوف عند مفهومين رئيسيين داخل هذا البحث، وهما كالآتي:

مفهوم النوع الاجتماعي: إن ضعف الوعي المجتمعي بهذا المفهوم، يؤكد على أننا لازلنا نحتاج إلى مجموعة من الدراسات والأبحاث لإبراز خصوصياته وأهميته في فهم مجموعة من القضايا ودراسة مختلف العلاقات الاجتماعية والاختلافات بين الجنسين.

لذلك، اعتمدنا هذا المفهوم داخل بحثنا كأداة تحليلية، لفهم أدوار وإمكانيات وحقوق وواجبات كل من الحرفيات والحرفيين، وأيضا لكشف واقع المساواة بينهما داخل تنظيمات الحرف التقليدية، ومدى إدماج النوع في الأوراش والمخططات والمشاريع الخاصة بمجال الحرف التقليدية؛

مـفهوم العـمل الحـرفي: تحديد هذا المفهوم داخل البحث ساهم في بناء تصور واضح وموضوعي حول قيمة العمل بشكل عام، والوقوف عند مختلف التصورات التي انقسمت بين من اعتبره أصل بؤس الإنسان وبين من اعتبره خاصية اجتماعية وشرط أولي للوجود الإنساني. وهذا ما مكننا من الوصول إلى تعريف إجرائي للعمل الحرفي الذي لاحظنا أنه يعتمد بشكل رئيسي على الأعراف والتقاليد المتوارثة التي شكلت داخل هذا البحث أكثر التحديات عند النساء اللواتي يسعين لإثبات عدم صحة مجموعة من المعتقدات والتصورات النمطية ضدهن، وممارسة عملهن الحرفي بالرغم من كل الأفكار المسبقة المتحيزة ضد النساء حول عجزهن عن ممارسة هذا العمل.

مفهوم النوع الاجتماعي

يحيل مفهوم النوع الاجتماعي إلى ذلك «التصنيف الاجتماعي وترتيبه للمذكر والمؤنث»1، باعتباره معطى ثقافيا الغرض منه تجاوز مختلف التصورات والتمثلات النمطية التقليدية حول الجنسين، وتجاوز الاختلافات البيولوجية التي حددتها الطبيعة.

وقد جاء تعريف صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (UNIFEM) للنوع الاجتماعي (الجندر) كما يلي: «يشير هذا المصطلح إلى الأدوات والمسؤوليات التي يحددها المجتمع للمرأة والرجل. ويعني (الجندر)، الصورة التي ينظر لها المجتمع إلينا كنساء ورجال، والأسلوب الذي يتوقعه في تفكيرنا/تصرفاتنا ويرجع ذلك إلى أسلوب تنظيم المجتمع، وليس إلى الاختلافات البيولوجية (الجنسية) بين الرجل والمرأة»2.

انطلاقا من هذا التعريف، يتبين أن النوع لا يتحدد بالجنس وإنما بثقافة المجتمع، بحيث تبنى هوية كل من الرجل والمرأة انطلاقا مما يتعارف عليه المجتمع من عادات وتقاليد وأعراف وتمثلات تختلف من مجتمع لآخر ومن ثقافة لأخرى. حيث أكدت في هذا السياق مجموعة من الدراسات الأنتروبولوجية3، على أن علاقات النوع الاجتماعي وهويته ومختلف القوالب النمطية التقليدية لخصائص وسمات الأنوثة والذكورة، ليست كونية أو فطرية، بل هي بالأساس نتاج للتنشئة الاجتماعية وللتكيف الثقافي مع أعراف وعادات المجتمع4.

من هذا المنطلق، أكد مجموعة من الأكاديميين والأكاديميات والمفكرات النسويات، على ضرورة استخدام مفهوم النوع الاجتماعي كأداة تحليلية وتطبيقية مهمة في فهم مختلف القضايا، خاصة تلك المتعلقة بقضية المساواة بين الجنسين، وإعادة النظر في مجموعة من المفاهيم المتوارثة والتصورات التقليدية وتأثيراتها على طبيعة العلاقات الاجتماعية وتقسيم الأدوار بين الرجال والنساء داخل المجتمع، وذلك من أجل تحرير عقول الأفراد من مختلف القوالب النمطية السلبية وإعادة تحريرها عن طريق صياغة سياسات جديدة، تأخذ بعين الاعتبار أهمية تعزيز مبادئ وقيم المساواة النوعية داخل المجتمع ككل، وتساهم في تكوين مفاهيم جديدة ومتوازنة حول الأدوار الاجتماعية للمرأة والرجل.

على هذا الأساس، تزايد الاهتمام في الفترة الأخيرة بدور النساء الحرفيات في الحفاظ على تراث وخصوصيات الصناعة التقليدية، وأصبح الاهتمام بدورهن وإشراكهن في مختلف المشاريع والسياسات العمومية مطلبا ضروريا يقضي بإدراج بعد النوع الاجتماعي في إطار الإصلاح الشامل لميزانية الصناعة التقليدية، على اعتبار أن غياب الاهتمام الخاص بمسائل النوع الاجتماعي بإمكانه أن يرسخ حالات اللامساواة بين النساء والرجال، وأن يساهم أيضا في تعميق حالات التفاوت على صعيد النوع الاجتماعي.

في ذات المنحى، قامت وزارة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالمغرب، بإعداد برامج ومشاريع تهدف إلى تحقيق المساواة والإنصاف بين الحرفيين والحرفيات (إنشاء تعاونيات نسوية في قطاع الحرف التقليدية/ التكوين لفائدة النساء/ خلق دار الصانعة من أجل تثمين حضور المرأة في قطاع الصناعة التقليدية ومنحها فضاء ملائما للإنتاج والعرض والتسويق والتكوين،...)، بالإضافة إلى تخصيصها ميزانية للنوع الاجتماعي قصد تكريس ثقافة جديدة للإنفاق العمومي المرتكز على المساواة بين الجنسين، وعلى منطق النتائج والنجاعة والمسائلة.

لكن، وبالرغم من كل المجهودات المبذولة، تبقى مجموعة من التساؤلات مطروحة حول مدى إدماج النوع الاجتماعي كمقاربة أساسية للنهوض بأوضاع الحرفيات داخل قطاع الصناعة التقليدية، أهمها:

ما مدى استفادة النساء الحرفيات من مختلف البرامج والأوراش والسياسات الحكومية داخل قطاع الصناعة التقليدية؟

ما هي المكانة الحقيقية للمرأة الحرفية داخل أوراش الإصلاح والتحديث؟ وما هي درجة حضورها، ليس على مستوى التخطيط والبرمجة فقط، بل كذلك على مستوى التطبيق وتنفيذ السياسات العمومية؟

وأخيرا، كيف هو واقع المساواة بين الحرفيات والحرفيين؟ وإلى أي حد تم بلوغ درجات الإنصاف والمساواة بين الجنسين داخل تنظيمات الحرف التقليدية؟

مفهوم العمل الحرفي

يعتبر مفهوم العمل الحرفي من المفاهيم، التي لقيت اهتماما عميقا وعريقا داخل الفلسفات الاجتماعية القديمة، وعرفت جدالا حادا بين مختلف الحقول المعرفية والمرجعيات النظرية والفكرية. فهناك من اعتبر العمل الحرفي آلية من آليات تحقيق ماهية الإنسان وتأسيس النظام الاجتماعي، في حين اعتبره آخرون فاعلية محتقرة من نصيب العبيد. كما انقسمت التصورات حول العمل الحرفي للمرأة، بين مؤيد يؤكد حقها وحريتها في اختيار ميولاتها المهنية ويرفض تقسيم المهن إلى رجالية وأخرى نسائية، ومعارض يرى في امتهان المرأة لحرف كانت حكرا على الرجال، خرقا للتقاليد والأعراف المتوارثة، والتي تؤكد ذلك التفكير التقليدي الذي يربط عمل المرأة بالبيت ورعاية الأسرة والأطفال.

لأجل ذلك، حاولنا البحث أولا في ماهية العمل، باعتباره مطلبا فكريا متشعبا، ومجالا لاختلاف الاجتهادات في تعريفه، لنخلص في الأخير إلى تعريف إجرائي للعمل الحرفي، مع إبراز أهم خصوصياته وتصورات الحرفيات والحرفيين حول عمل المرأة في مهن حرفية يهيمن عليها الرجل.

مفهوم العمل، من الناحية اللغوية، من «عمل-عملا والجمع أعمال، يقصد به المهنة والفعل، والعامل من يعمل في مهنة أو صنعة»5، أما في الاصطلاح، العمل هو «شرط أولي للوجود الإنساني، وبفضله خلق الإنسان نفسه وحقق وجوده»6.

في ذات المنحى، أعطى «ابن خلدون» لمقولة العمل أهمية خاصة في المجال الاقتصادي والاجتماعي، حيث أكد في مقدمته على ضرورة العمل، باعتباره ظاهرة اجتماعية لازمة للعمران البشري، واستنادا إلى أن «الإنسان لا بد له من القوت الذي لا يحصل إلا بالتعاون الجمعي»7.

هذه النظرة الإيجابية حول ماهية العمل، لم تكن موجودة في العهود القديمة، خاصة عند الإغريق والرومان، إذ كان ينظر للعمل بوصفه استعبادا للإنسان وأصل بؤسه، وعقاب كذلك من الآلهة مسلط على الجنس البشري.

إلا أنه مع قيام الثورة الصناعية والعلمية والتقنية، وما أحدثته من تحولات عميقة عاشتها المجتمعات في العصر الحديث، تم تجاوز تلك الصورة التحقيرية للعمل اليدوي وذلك التقدير السلبي الذي طبع ماهيته.فقد اعتبر «هيجل» Hegel، العمل، نشاطا اجتماعيا ينجزه الناس بعضهم لصالح بعض من أجل التلبية المتبادلة لحاجياتهم، ولحمة حقيقية للعلاقات الاجتماعية واستمرارها. بمعنى، أن أهمية العمل تأتي من خاصيته الجمعية، فالفرد لا يعمل وحده بل هو في علاقة دائمة مع الآخرين8.

على هذا الأساس، فإن العمل الحرفي، كشكل من أشكال العمل، لا يحقق مهمته على نحو أفضل إلا في حياة جمعية يسودها التضامن والتعاون بين الحرفيات والحرفيين، ولعل من أهم خصوصياته أنه يعتمد في تنظيم سير العمليات الإنتاجية على الأعراف والتقاليد المتوارثة وليس على التعليمات والقوانين الرسمية القابلة للتغيير، وهو ما عبر عنه «روجي لوطورنو»Roger le Tourneau بقوله: «يرتكز العمل الحرفي على عرف غير مكتوب، ولعله عرف أشد قوة من الأنظمة القانونية، إذ كان يعرفه الجميع ويقبله بدون نقاش»9.

فالعمل الحرفي، بهذا المعنى، اكتسب قوانينه وأعرافه ومختلف القيم الموجهة للسلوكيات الحرفية، من الثقافة الحرفية الضاربة في عمق التاريخ، وهي ثقافة تستمد شرعيتها من الثقافة الذكورية (كما أبان تحليل بعض المقابلات الميدانية)، حيث أكد مجموعة من الحرفيين على أن الخاصية الجمعية للعمل الحرفي هي أمر ضروري لنجاعة هذا العمل لكن من دون إشراك للنساء، لأن عملهن، في اعتقاد بعض الحرفيين، مرتبط بالبيت وتربية الأبناء، وهذا ما يفسر التحديات التي تواجهها النساء داخل تنظيمات الحرف التقليدية من أجل تجاوز هذه التصورات النمطية، وإيجاد مكان لهن في بعض الحرف التي توصف بأنها ذكورية.

الإطـــــار الـمـنـهـجـي للـدراســة

اعتمدنا داخل هذا البحث على المقاربة السوسيو- أنتروبولوجية المستحضرة للبعد التحليلي لسوسيولوجيا النوع الاجتماعي. من أهم مميزات هذه المقاربة أنها تؤلف بين اتجاهين مهمين هما: السوسيولوجيا والأنتروبولوجيا.

لقد مكننا التحليل الأنتروبولوجي، من الاعتماد على ذاكرة كبار السن من الحرفيين والحرفيات من خلال المقابلات الميدانية بالإضافة إلى دراسة بعض الحالات وتسجيل تاريخهم المهني داخل الحرف للحصول على المادة الإثنوغرافية والمعطيات الدقيقة التي ساعدتنا في التحليل، ومقاربة الموضوع في إطار الواقع الحقيقي الذي تعيشه النساء الحرفيات داخل التنظيمات الحرفية.

في حين فادنا التحليل السوسيولوجي، في تحليل واعتماد بعض الوثائق والاحصاءات الرسمية، بالإضافة إلى الوقوف، بالدراسة والتحليل، عند مختلف التحولات السانكرونية الحالية التي شهدها قطاع الحرف التقليدية، بقصد فهم انعكاساتها على واقع المساواة بين النساء الحرفيات والحرفيين داخل هذا القطاع.

تقنيات وأدوات الدراسة الميدانية

1) دراســـةالـحــالــة:

اعتماد هذه التقنية في هذه الدراسة مكننا من فهم الظاهرة المدروسة والوصول إلى مجموعة من المعطيات الدقيقة، حيث اعتمدنا على دراسة بعض الحالات الحرفية على انفراد ذكورا وإناثا، مما مكننا من الوقوف عند مختلف الخبرات الداخلية للحرفيين والحرفيات وطريقة سلوكهم وتنشئتهم الاجتماعية، وباقي خبراتهم السابقة وحتى تاريخهم التربوي والتعليمي والصحي والأسري المحيط بهم.

2 ) الملاحظة المباشرة:

اعتمدنا هذه التقنية في البحث الميداني، باعتبارها من أكثر الأدوات أهمية للإحاطة بالحقائق وتجميع المعطيات، حيث مكنتنا من ملاحظة سلوك الحرفيين والحرفيات أثناء العمل، وكذلك ملاحظة طبيعة العلاقات الاجتماعية وتقسيم العمل داخل التنظيم الحرفي التقليدي، ومختلف عمليات ومراحل الإنتاج والتصنيع وما يرافقها من ممارسات تستدعي الكشف والبحث لفهمها وتفسيرها والوقوف عند مختلف أشكالها.

3) المقابلة نصف موجهة:

اعتماد هذه التقنية في دراستنا الميدانية، مكننا من الوصول إلى بعض الحقائق المتعلقة بموضوع الدراسة والتي لا يمكن معرفتها من دون النزول إلى واقع الحرفيات والحرفيين والاطلاع على ظروفهم المختلفة؛ وهي نصف موجهة لأن نظام طرح الأسئلة لا يتبع المسار المسبق الذي أعددناه في دليل المقابلة، بالإضافة إلى أنها تترك حرية للمستجوب(ة) في الإجابة على الأسئلة المفتوحة بكل تلقائية. وقد تضمن دليل المقابلة بيانات عامة «رقم المقابلة/ تاريخ ومكان إجراء المقابلة...»، بالإضافة إلى معلومات أساسية حول المبحوث(ة) ونوع الحرفة المدروسة «سن وجنس الحرفي(ة)/ الأقدمية في العمل/ مرتبة الحرفي(ة)...». كما أن أسئلة المقابلة ركزت أساسا على الأبعاد النوعية والاجتماعية لهذه الدراسة قصد الوصول إلى معلومات ومعطيات تفيد في فهم واقع المساواة بين الجنسين داخل بعض التنظيمات الحرفية.

أما بخصوص العينة التي شملتها هذه المقابلات، فقد تكونت من مجموعة من الحرفيات والحرفيين العاملين في مهن حرفية مختلفة داخل المدينة العتيقة لمدينة فاس، تمثلت أساسا في حرفة النحاس والنسيج والخزف، وقد قمنا بإنجاز أغلب المقابلات الميدانية في أهم الأحياء التي تنشط بها هذه الحرف، وهي: «حي الصفارين، حي بين المدن، حي سيدي مغيت، سيدي العواد، الخراشفيين، حي الصناعة التقليدية بعين النقبي».

4) تقنية تحليل المضمون:

هي من أكثر التقنيات استعمالا في تحليل المقابلات، تجسدت غايتها داخل هذا البحث في تحليل الخطاب الشفوي للمستجوبين والمستجوبات، وتفسير محتوى الإجابات، بغاية الوصول إلى معطيات تفيد في التحليل وتقدم إضافة علمية لهذا البحث.

نــتـائــج الــدراســة الــمـيــدانــيــة

1) أسباب ولوج النساء لمهن حرفية يهيمن عليها الرجال:

كشفت الدراسة الميدانية، عن تعدد الأسباب والدوافع التي دفعت النساء إلى امتهان بعض الحرف التي توصف تقليديا بأنها ذكورية. حيث أكدت أغلبية النساء اللواتي أجرينا معهن مقابلات على أن عاملا الفقر والبطالة، من أبرز العوامل التي دفعتهن إلى اقتحام هذه المهن، خصوصا وأنهن يعانين من مستويات متدنية من التحصيل العلمي، وفي أغلب الحالات نجدهن غير متمدرسات، بالإضافة إلى أنهن لم يمارسن أي عمل في السابق.

في حين، تؤكد نتائج بعض المقابلات، أنه بالرغم من وجود بعض الحرفيات اللواتي أشرن إلى أن العوز المالي والظروف الاجتماعية القاهرة من أهم أسباب عملهن في تلك المهن الحرفية، هناك أسباب أخرى مرتبطة برغبة مجموعة من النساء الحرفيات في التميز مهنيا وإبراز قدراتهن على العمل بكفاءة، وفرض ذواتهن داخل الوسط الحرفي الذكوري.

في ذات المنحى، كشفت لنا السيدة (لطيفة.ك)10 عن أبرز العوامل التي أثرت في اختيارها للعمل داخل حرفة النحاس، والتي ارتبطت بدروس أستاذتها المشرفة على تكوينات محو الأمية وعلى بعض اللقاءات والدروس التحسيسية حول قضية رد الاعتبار لمكانة المرأة ودورها داخل المجتمع وتجاوز التصورات النمطية والتقليدية حول أدوار النساء وعملهن. تقول (لطيفة) في هذا السياق: «لقد أحسست في كل يوم أحضر فيه إلى دروس محو الأمية، بمكانتي كامرأة داخل المجتمع وقدرتي على العطاء، وأني لست أقل شأنا من الرجل. لذلك، قررت الخروج للعمل أنا ومجموعة من الصديقات، واقتحام عالم الصناعة التقليدية في حرف متعددة كالنحاس والخزف بالرغم من كونها حرف مقتصرة على الرجال»11.

انطلاقا من هذه الشهادة وغيرها من الشهادات الأخرى، تبين لنا رغبة مجموعة من النساء في تحدي الأيديولوجيات التمييزية التي تؤثر سلبا على مسارهن واختيارهن المهني، وفي مواجهة المجتمع الذكوري وإثبات ذاتهن مهنيا واجتماعيا، ومنافسة الرجل في مختلف الحرف المصنفة ذكوريا.

لكن، بالرغم من وجود هذا الوعي بضرورة تحدي التصورات والتمثلات الذكورية لدى بعض الحرفيات، فهو يبقى بنسب قليلة جدا ولم تتحدث عنه أغلبية المستجوبات في حديثنا معهن، حيث أبان تحليل المعطيات الميدانية أن معظم النساء الحرفيات لم يشرن إلى مسألة تحدي الرجل في الحرف التي يهيمن عليها، أو تحدي التصورات الدونية حول المرأة (كما أشارت السيدة «لطيفة.ك» من قبل)، بل أشرن فقط إلى أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي هو الدافع الأساسي بالمرأة لمزاولة أي مهنة، لإعالة أسرتها في ضل ارتفاع مستوى العيش وغلاء الأسعار. وهذا ما أكدته الحرفية بقطاع الخزف «السعدية.م» بقولها: «غلاء المعيشة وانقطاع زوجي عن العمل، دفعا بي إلى البحث عن عمل داخل قطاع الحرف التقليدية. ولم أبالي إن كانت هذه المهنة تقتصر على الرجال أو النساء، لأن هدفي الوحيد هو الحصول على مهنة وراتب مالي لإعالة أسرتي التي كانت مهددة بالفقر والتشرد»12.

من بين الأسباب الأخرى التي ساهمت في ولوج النساء لتلك الحرف المسيطر عليها من طرف الرجال، تلك التحولات السوسيو-اقتصادية التي أدت إلى عصرنة العمل الحرفي بشكل كبير، بحيث بدأ استخدام وسائل وأدوات إنتاج عصرية وتقنيات جديدة من آلات ومواد كيماوية، وتم التخلي داخل مجموعة من الحرف عن أدوات الإنتاج التقليدية التي كانت تتطلب مجهودا عضليا كبيرا، وبذلك أصبح سهلا التعامل مع هذه التقنيات واستخدامها في التصنيع سواء من قبل الرجل أو المرأة؛ وهذا ما عبرت عنه «فاطمة.ي» بقولها: «التكنولوجيا واستعمال الحاسوب في إعداد نماذج للرسومات وتصاميم للنقش الخاصة بمنتجاتنا الحرفية، أتاح لي فرصة العمل داخل حرفة النحاس التي لم تشهد عبر تاريخها مشاركة للمرأة، على اعتبار أن النقش والرسم على الأواني النحاسية كانا في السابق مرتبطان بمجهود عضلي قوي لا تقوى عليه المرأة»13.

وبفعل هذه التحولات السوسيو - اقتصادية وديناميكيات العولمة، غزت الحرف التقليدية بعض المفاهيم الرأسمالية كالحرية في الإنتاج، ومبادئ أخرى مثل الحصول على الربح بأيسر السبل وفي أقل وقت وجهد، وباعتماد تقنيات وآلات حديثة لا تتطلب ذلك الجهد العضلي الكبير، مما جعل بعض أرباب العمل الحرفي يفضلون في بعض الأحيان عمل المرأة عوض الرجل، وذلك بسبب مطالبهن القليلة مقابل كثرة مهامهن وإخلاصهن في العمل.

يقول السيد «محمد.د» في هذا السياق: «إن المنافسة الشديدة التي يعرفها قطاع الصناعة التقليدية بالإضافة إلى قلة الموارد المالية، دفعتني في حرفة النحاس إلى توظيف بعض النساء اللواتي يقمن بأدوارهن على أحسن وجه والمتمثلة في نقش المنتجات الحرفية وتلميعها وتنظيفها وابتكار بعض الأشكال والرسومات التي تلقى استحسانا لدى الزبناء، كما أن رغبتهن في التميز والإخلاص في العمل بدون مطالب كثيرة خاصة المالية منها، شجعني على أن أتنازل عن موقفي الرافض لتوظيف النساء بسبب عجزهن عن تنمية هذه الحرفة»14.

بناء على ما سبق وعلى باقي المعطيات الميدانية، يتبين أن من أهم الدوافع التي ساهمت في اقتحام المرأة مهنا حرفية تعرف احتكارا للرجال، الدافع الاقتصادي والاجتماعي، نتيجة لنمط العيش الذي عرف تحولا سريعا بالإضافة إلى غلاء المعيشة والأسعار، كما أن مختلف التحولات الاجتماعية التي حدثت داخل المجتمع المغربي وعوامل الفقر والهجرة من القرية إلى المدينة، وارتفاع نسبة المطلقات والعازبات الباحثات عن مصدر للرزق والعيش الكريم، بالإضافة إلى مختلف التحولات السوسيو - اقتصادية وديناميكيات العولمة التي شهدها فضاء الحرف التقليدية، كل هذه الأسباب وغيرها، ساهمت بدرجات متفاوتة في الرفع من وتيرة مشاركة المرأة في العمل الحرفي، وتغيير نمط حياتها اليومي واقتحامها حرفا توصف بالمنطق التقليدي بأنها ذكورية.

على هذا الأساس، إذا اعتبرنا أن امتهان بعض النساء لحرف يهيمن عليها الرجال معطى ذي طبيعة اقتصادية من جهة، ومن جهة أخرى ذي طبيعة سوسيو- أنتروبولوجية مرتبطة بتطور تقسيم العمل والأدوار الاجتماعية بين الجنسين، ومرتبط كذلك بوعي المرأة بذاتها وقدرتها -المعطلة- على منافسة الرجل في مجموعة من المجالات؛ بناء على هذه الاعتبارات، هل يمكن القول أن نظرة المجتمع والرجل وحتى نظرة المرأة حول طبيعة عملها الحرفي، أصبحت مقبولة اجتماعيا وتجاوزت التصورات النمطية التقليدية؟ أم لازالت المرأة تعاني من التهميش والتمييز القائم على النوع الاجتماعي داخل هذه الحرف، ومن مجموعة من التحديات والعقبات تحول دون مساواتها مع الرجل داخل هذه الحرف التقليدية؟

2) تحديات المرأة الحرفية داخل تنظيمات الحرف التقليدية: قراءة في العقبات الاجتماعية-الثقافية:

لاتزال النساء الحرفيات تتعثر خطواتهن في السلم المهني للحرف التقليدية، بالرغم من التقدم الذي عرفته قضية المساواة بين الجنسين وبالرغم من اقتحام المرأة عالم الحرف، خصوصا بعض الحرف التي كانت تشهد لعقود طويلة احتكارا من طرف الرجل فقط.

وقد تبين من خلال المقابلات الميدانية، أن أكثر التحديات التي واجهتها النساء الحرفيات بمدينة فاس، تتمثل أساسا في العقبات الاجتماعية والثقافية. من بين هذه العقبات كما أكدت الحرفية «الباتول.ت»15، تلك المعاكسات والتعليقات من قبل الحرفيين الذين يرون أن عمل النساء الحرفي، غير ملائم للمرأة ويعتبر تحديا للعادات والمعتقدات المتوارثة من جيل إلى جيل.

في ذات السياق، يقول «نورالدين.ب»: «المرأة كائن ضعيف وعاطفي لا يتحمل ظروف العمل الحرفي القاسية، كما أن المرأة باقتحامها لهذه الحرف، تغلق باب العمل والرزق أمام مجموعة من الرجال باعتبارهم أولى بهذه المهن لمسؤولياتهم الاقتصادية تجاه أسرهم ونسائهم وأولادهم»16.

من المؤكد إذن أن هذه الشهادة وغيرها، تكرس تلك المعتقدات المنسوجة حول عمل المرأة في إطار المنظومة الأبوية وعقلية الهيمنة الذكورية، وهو ما يشكل بالنسبة للحرفيات المستجوبات، أكبر التحديات والعقبات التي تعيق مسارهن المهني داخل الحرفة.

إن هذه المعتقدات والعادات والتقاليد الداعمة للتمييز على أساس النوع، والتي تعلي من قيمة الرجل وقدرته على العمل الحرفي عكس المرأة التي دائما ما يتم حصر أدوارها في تحمل أعباء البيت والرعاية، تساهم كلها في انتشار النموذج الذكوري داخل المجتمع ليمتد نحو تشكيل تصورات سلبية حول عمل المرأة داخل الحرف المصنفة ذكوريا، كما يساهم في انتشار الأفكار المسبقة المتحيزة ضد النساء حول عجزهن وعدم قدرتهن على ممارسة العمل الحرفي، بالإضافة إلى ضغط الايديولوجيات الشوفينية على النساء التي تجردهن من قيمهن، كقيمة الشرف التي شكلت أكثر التحديات والعقبات التي واجهتها بعض النساء الحرفيات.

في ذات المنحى، تقول «مليكة.خ»: «أعاني من تعليقات الأهل والناس بسبب طبيعة عملي داخل حرفة النحاس إلى جانب الرجل. فكثيرا ما أسمع أنني بدون شرف ولست محترمة، بسبب اختياري العمل داخل هذه الحرفة التي يحتكرها الرجال. هذا المس في شرفي وقيمتي سبب لي ضغطا نفسيا داخل مكان العمل وحتى داخل البيت، وكثيرا ما قررت ترك هذا العمل إلا أن الدوافع الاقتصادية وقلة فرص الشغل حالت دون ذلك، وبدأت أحاول التأقلم مع كل هذه الشائعات والتعليقات ومواصلة العمل لضمان العيش الكريم»17.

تبين هذه الشهادة، أن ثقافة الشرف ذات الصلة بجنسانية المرأة، لازالت تتحكم في تحديد الأدوار النمطية للمرأة داخل المجتمع وتربط خروج المرأة للعمل في مهن تعتبر رجالية بثقافة «العيب والعار». وهذا ما يفسر التحديات التي تواجهها المرأة داخل التنظيمات الحرفية حيث وجدت نفسها مجبرة على تحدي الأدوار الاجتماعية التقليدية التي رسمت لها مسبقا من قبل النظام الاجتماعي التقليدي.

من أكبر التحديات التي تواجهها النساء أيضا داخل هذه التنظيمات الحرفية، ذلك التقسيم غير العادل للأدوار المبني على ثقافة ذكورية، والذي أدى إلى إخضاع بعض الحرفيات لقبول أدوار ثانوية داخل التنظيم الحرفي.

فمن خلال الملاحظة المباشرة، تبين لنا أن بعض الحرفيات اقتصرت مشاركتهن في أدوار تتطلب مستوى أدنى من المهارة والتنوع قياسا على ما يمارسه الرجل الحرفي. حيث لاحظنا أن مجموعة من النساء يقمن ببعض الأدوار كتلك التي يقمن بها داخل المنزل، كتنظيف المنتجات الحرفية وتلميعها وترتيب مكان العمل وإعداد الشاي في بعض الأحيان، وهذا ما دفعنا لاستجواب السيدة «أمينة.ك» حول طبيعة عملها داخل الحرفة، خصوصا وأننا وجدناها منهمكة في ترتيب المنتجات الحرفية وإعداد وجبة الغذاء لباقي الحرفيين، فأجابت قائلة: «حرفة النحاس حرفة ذكورية تتطلب مجهودا عضليا قويا لا يمكن لي أن أقوم به، أنا فقط أقوم ببعض الأعمال البسيطة كالتنظيف والتلميع وإعداد الوجبات لباقي الحرفيين ومساعدتهم عند الضرورة أو عندما يطلبون مساعدتي»18.

هذه الشهادة، تؤكد على أن من أكثر التحديات والعقبات التي تحول دون تحقيق المساواة بين الجنسين داخل تنظيمات الحرف التقليدية، استسلام بعض النساء الحرفيات للأدوار التقليدية ومشاركتهن في ترسيخ قيم الهيمنة الذكورية وإعادة إنتاجها بطريقة غير واعية، من خلال قبولهن بتلك الأدوار الثانوية التي تجد تبريراتها داخل ثقافة تقليدية تحرم المرأة من التميز واعتلاء الأدوار الرئيسية.

وفي الأخير، أشارت النساء اللواتي أجريت معهن المقابلات الميدانية، إلى أن أكثر التحديات التي تواجههن، تكمن في صعوبة تحقيق التوازن بين عملهن داخل الحرفة وبين مسؤولياتهن المنزلية. وقد تبين من خلال تحليل مضمون المقابلات الميدانية، أن النساء بالرغم من عملهن في مهن مصنفة تقليديا بأنها للرجال، فبعضهن لم يرفض القيم والأدوار التقليدية المرتبطة بتربية الأبناء وتحمل أعباء البيت ورعاية الأسرة، حيث اعتبرت مجموعة من الحرفيات أن هذه الأدوار هي من مسؤوليات المرأة فقط.

هذا الاعتقاد شكل ضغطا قويا على النساء الحرفيات من خلال الإيمان بضرورة الالتزام بهذه التوقعات التقليدية والتقسيم غير العادل لأدوار كل من الرجل والمرأة، والذي يؤثر بشكل مباشر في التطور المهني للنساء ويكرس مبدأ التمييز وعدم المساواة بين الجنسين داخل تنظيمات الحرف التقليدية. فعدم المساواة هذه لا تقف فقط أمام الاختيارات المهنية للمرأة الحرفية، وإنما تؤثر على بقائها في هذه المهن الحرفية وعلى إنجازاتها وطموحاتها المستقبلية.

فما هو مستقبل المرأة العاملة في مهن حرفية توصف تقليديا بأنها ذكورية؟ وما هي سبل التحرر من القوالب النمطية التي شكلت أبرز التحديات والعقبات في وجه النساء الحرفيات أمام تحقيق تميزهن؟

3) مستقبل المرأة الحرفية وسبل تجاوز القوالب النمطية:

من خلال تحليل المعطيات الميدانية، تبين لنا أن واقع المساواة بين الجنسين داخل تنظيمات الحرف التقليدية بمدينة فاس، لازال متعثرا ومحكوما بقوالب وتصورات نمطية تقليدية تحول دون تحرر المرأة وتميزها مهنيا واجتماعيا وحتى اقتصاديا داخل مختلف الحرف.

على هذا الأساس، ومن أجل الوصول إلى سبل التحرر من مختلف التصورات التقليدية، وضمان مستقبل عادل وديمقراطي للنساء الحرفيات وللرجال على حد سواء، حاولنا انطلاقا من نتائج الدراسة الميدانية الوقوف عند بعض القضايا الأساسية التي يمكن أن تساهم مناقشتها وتفعيلها في دعم تمكين المرأة الحرفية وتحقيق المساواة بين الحرفيين والحرفيات، وفي رسم مستقبل خال من التمثلات والتصورات التقليدية حول طبيعة العمل الحرفي للمرأة.

من بين أهم هذه القضايا، نذكر:

4) تحدي الأدوار التقليدية واقتحام المهن الحرفية التي يهيمن عليها الرجال:

إن ارتفاع نسبة امتهان المرأة للمهن الحرفية التي يهيمن عليها الرجل، وإثبات وجودها وقدرتها على العمل بكفاءة، يعتبر من أهم الوسائل التي تساهم في تحقيق المساواة والقضاء على التمييز بين الجنسين.

من خلال المقابلات الميدانية، اتضح لنا أن هناك رغبة شديدة لدى بعض النساء الحرفيات في مواجهة الأدوار والمهام التقليدية والبسيطة التي توكل إليهن أثناء العمل الحرفي بحجة ضعف أجسادهن. وقد انقسمت عينة الدراسة بين من لا يرون أية مبررات تكرس الاختلاف والتمييز بين الجنسين من حيث تقسيم وتوزيع الأدوار الحرفية، وأبدون رغبتهن الشديدة وقدراتهن على ممارسة نفس المهام التي يمارسها الرجال؛ في حين أكدت باقي الحرفيات، على أن هناك مجموعة من الاختلافات بين الرجال والنساء، وأن الحرف التي يشتغلن وسطها هي حرف ذكورية بامتياز، وأنهن عمدن إلى اقتحامها من أجل كسب الرزق فقط وليس لمنافسة الرجل.

أما فيما يخص مضمون بعض المقابلات التي أجريناها مع عينة من الحرفيين، فقد تبين أن الرجل الحرفي لازال يتبع (بوعي أو بدون وعي) تلك الأنماط السلوكية التي نشأت اجتماعيا والتي تزيد من دونية وتبعية المرأة، مما صعب من تحقيق المساواة المرجوة للنساء الحرفيات التي لا يمكنها أن تتحقق من دون أن يقتنع الرجل بأن هذه الأنماط غير عادلة له كما للمرأة أيضا، وأنه يعاني هو الآخر من الأدوار والمهام التي سطرها له المجتمع بناء على مختلف العوامل التاريخية والثقافية والاجتماعية والسياسية التي قيدت حريته وحرية المرأة أيضا في اختيار أدوارهم داخل المجتمع بشكل عام، وداخل تنظيمات الحرف التقليدية بشكل خاص.

على ضوء هذه التصورات والمواقف المتناقضة، تتبين ضرورة وعي كلا الجنسين بأهمية تجاوز بعض الأنماط الاجتماعية والثقافية التقليدية، وهنا تبرز أهمية تحسيس كل من الحرفيات والحرفيين بضرورة الانقلاب على الثقافة الذكورية القائمة على مبدأ التمييز واللامساواة، والمشاركة في بث ثقافة المساواة والتقسيم العادل للأدوار بين الرجل والمرأة في إطار العمل الحرفي.

5) وعي الحرفيات بذواتهن وبدورهن الفعال في تنمية قطاع الحرف التقليدية:

من خلال الملاحظة المباشرة ونتائج دراسة الحالة لبعض الحرفيات، تبين لنا أنه بالرغم من بعض المكتسبات التي حققتها المرأة الحرفية، فهي لازالت تعاني من غياب وعي متطور بذاتها ودورها الفعال إلى جانب الرجل، وانعدام هذا الوعي شكل في كثير من الحالات وسيلة من وسائل تدعيم التمييز القائم على أساس النوع والعمل، وعلى تناقله من جيل إلى جيل بطرق مغلوطة ومفاهيم خاطئة لا تخدم قضية المساواة بين الجنسين كقضية نبيلة ومشروعة داخل المجتمع.

وبما أن قطاع الحرف التقليدية يعاني من نسبة الأمية بشكل كبير، سواء بالنسبة للحرفيات أو الحرفيين، فإن ذلك ساهم في تكريس الوعي الخاطئ حول الذات وحول الآخر. بالتالي، لابد من القيام ببعض المبادرات المستعجلة، أهمها تكثيف دروس محو الأمية والدورات التكوينية والتحسيسية حول قضية المساواة بين الجنسين، من أجل تنمية الوعي بأهمية مشاركة المرأة الفعالة والضرورية داخل فضاء الحرف، وضرورة المشاركة في القضاء على كل أشكال التمييز ضد الجنسين والتعاون على تكريس مبدأ المساواة داخل التنظيمات الحرفية، وبالتالي تجاوز الموروث الشعبي والتصورات النمطية السلبية التي تدعم تبعية المرأة للرجل وتحاصر طموحاتها.

وفي ختام هذه الدراسة الميدانية، لا يسعنا سوى أن نؤكد على أن قضية المساواة بين الجنسين داخل تنظيمات الحرف التقليدية بمدينة فاس تحتاج، لكي تحقق مكاسبها المنصفة والمشروعة، إلى تغيير جذري في العقليات والسلوكيات والتصورات والمواقف السلبية والتقليدية لدى كل من الرجال والنساء على حد سواء، وإلى تفكيك عميق لمختلف التمايزات الاجتماعية السائدة على مستوى العلاقات الاجتماعية داخل هذه التنظيمات.

خــلاصـــة عــامـــة

كشفت هذه الدراسة عن أهمية قضية المساواة بين الجنسين داخل التنظيمات الحرفية التقليدية، ودراستها كنقطة تحليلية سوسيوأنثروبولوجية، كما حاولت رصد مختلف العقبات التي تقف حجر عثرة أمام تمكين النساء الحرفيات وتحول دون إبراز قدراتهن -المعطلة- ودورهن في تنمية قطاع الصناعة التقليدية بالمغرب وتحقيق استقلاليتهن. 

وقد خلصت الدراسة إلى أن ولوج النساء لمهن حرفية يهيمن عليها الرجال كان ولايزال وراءه دائما ثلاث عوامل أساسية: العامل الأول هو العامل الاقتصادي، وهو الأكثر فعالية، تمثل أساسا في الفقر وقلة فرص الشغل وغلاء المعيشة، مما دفع بالنساء إلى اقتحام فضاء هذه الحرف؛ والعامل الثاني ثقافي، تمثل في رغبة بعض النساء في تجاوز التصورات النمطية والتقليدية حول أدوار المرأة وعملها، وأيضا إبراز قدراتها -المعطلة- على العمل بجدية وكفاءة؛ والعامل الثالث والأخير مرتبط بالتحولات السوسيو-اقتصادية وديناميكيات العولمة، وهو ما أدى إلى دخول تقنيات جديدة وأدوات تكنولوجية في التصنيع والإنتاج، ساهمت في ارتفاع المشاركة النسائية التي كانت منعدمة في بعض الحرف التي كانت تتطلب مراحل إنتاجها في السابق مجهودا جسديا كبيرا.

كما أشارت الدراسة إلى تعليقات الأهل والحرفيين وتصوراتهم حول عمل المرأة الحرفي، والتي شكلت أبرز التحديات بالإضافة إلى باقي الصعوبات الاجتماعية والثقافية التي واجهت النساء اللاتي أجرينا معهن المقابلات الميدانية داخل العمل، والتي تمثلت أساسا في المعتقدات والتقاليد الداعمة للتمييز بين الجنسين، وأيضا صعوبة تحقيق التوازن بين العمل الحرفي والعمل داخل البيت. هذا الأخير شكل أكبر التحديات والعوائق أمام النساء في تحقيق تميزهن المهني وإبراز مشاركتهن الفعالة داخل التنظيمات الحرفية التقليدية.

وقد ختمت الدراسة بطرح أهم القضايا التي يجب تعميق البحث من خلالها، بغرض تجاوز التصورات النمطية التي تعيق مسيرة تحرر المرأة وتحقيق المساواة في توزيع الأدوار، وتحول دون تحقيق مبدأ التقسيم العادل للعمل الحرفي بين الرجال والنساء. تمثلت هذه القضايا بشكل أساسي، في ضرورة تحدي الأدوار التقليدية وزيادة عدد النساء في امتهان المهن الحرفية التي يهيمن عليها الرجال من جهة، والتأكيد على ضرورة وعي الحرفيات بذواتهن وبدورهن الفعال في تنمية قطاع الحرف التقليدية من جهة أخرى.

وفي الختام، لابد من التأكيد على أن دراسة واقع المساواة بين الجنسين داخل المهن الحرفية التي يسيطر عليها الرجال، برؤية متعمقة وشمولية، تتطلب مزيدا من الدراسات والبحوث قصد النهوض بالمرأة من ذلك النمط التقليدي إلى مكانها الحقيقي الذي ينبني على العدل والإنصاف والمساواة.

الهوامش

1 - Anne Okley, « SEX , GENDER, AND SOCIETY », london, Temple smith, 1972.

2 - مسرد مفاهيم ومصطلحات النوع الاجتماعي، صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، المكتب الإقليمي للدول العربية، الطبعة الأولى، 2001، ص4.

3 - من بين هذه الدراسات نجد دراسة آن أواكليAnn Oakly على شعب "الأرابيش" Arapesh الذين بعتبرون مثلا أن الحمل والولادة وتربية الأطفال من اختصاص كل من الرجل والمرأة؛ بالإضافة إلى دراسة مارغريت ميد Mead Margaret على قبيلة "شامبيلي" Chambili في غينيا الجديدة حيث وجدت النساء تعملن في الزراعة والتجارة وصيد الأسماك بينما الرجال يهتمون بالتصوير والنحت والتزين.

4 - العربي وافي، "مقاربة النوع الاجتماعي"، سلسلة المعرفة للجميع، منشورات رمسيس، العدد 35، دجنبر 2008، ص 19.

5 - إبراهيم مصطفى(وآخرون)، "المعجم الوسيط"، الجزء1، المكتبة الإسلامية- إستانبول،(بدون سنة نشر)، ص628.

6 - سمير كرم، " الموسوعة الفلسفية"، دار الطليعة – بيروت، الطبعة 6، 1987، ص314 .

7 - لفهم مقولة العمل عند ابن خلدون، راجع كتاب: ابن خلدون، "المقدمة"، الجزء 2 ، تحقيق عبد السلام الشدادي، بيت الفنون والعلوم والآداب – الدار البيضاء، الطبعة 1، 2005، ص 282-283.

8 - محمد عابد الجابري (وآخرون)، " دروس الفلسفة لطلاب الباكالوريا المغربية"، مرجع سابق، ص543.

9 - روجي لوطورنو، " فاس قبل الحماية"، الجزء 1، مرجع سابق، ص426 .

10 - المقابلة رقم 9: السيدة (لطيفة.ك)، عاملة حرفية بقطاع النحاس، 36 سنة، عازبة، منخرطة في دروس محو الأموية، تم إنجاز المقابلة في حي بين المدن بالمدينة العتيقة لفاس.

11 - نفس المقابلة.

12 - المقابلة رقم 11: (السعدية.م)، عاملة حرفية بقطاع الخرازة، 30 سنة، متزوجة وأم لثلاث أولاد، غير متمدرسة، أجريت المقابلة قرب الحي الصناعي الجديد بعين النقبي-فاس.

13 - المقابلة رقم 24: (فاطمة.ي )، 30 سنة، عاملة حرفية بقطاع النحاس، متزوجة، متمدرسة وحاصلة على ديبلوم الإعلاميات، أجريت المقابلة بحي سيدي مغيت.

14 - المقابلة رقم 30: (محمد.د)، 56 سنة، رب عمل إحدى ورشات قطاع النحاس بمدينة فاس، متمدرس، متزوج، أجريت المقابلة بحي الصفارين بفاس.

15 - المقابلة رقم 17: (الباتول.ت)، حرفية بقطاع الخرازة، 29 سنة، غير متمدرسة، عازبة، أجربيت المقابلة بحي سيدي العواد بالمدينة العتيقة لفاس,

16 - المقابلة رقم 20: (نورالدين.ب)، حرفي بقطاع النحاس، 38 سنة، غير متمدرس، متزوج وأب لطفلين، أجريت المقابلة بحي الصفارين بمدينة فاس.

17 - المقابلة رقم 1: (مليكة.خ)، حرفية بقطاع النحاس، 30 سنة، غير متزوجة، متمدرسة، أجريت المقابلة بحي الخراشفيين بمدينة فاس.

18 - المقابلة رقم 6: (أمينة,ك)، عاملة حرفية بقطاع النحاس، 33 سنة، متزوجة وأم لطفلين، غير متمدرسة، أجريت المقابلة بحي الصفارين بفاس.

المراجع

* أنتوني غدنز، «علم الاجتماع»، ترجمة فايز الصياغ، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت 2005.

* إيميل دروكهايم، «في تقسيم العمل الاجتماعي»، ترجمة حافظ الجمالي، اللجنة اللبنانية لترجمة الروائع، بيروت 1982.

* بيار بورديو، «الهيمنة الذكورية»، ترجمة سلمان قعفراني، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت 2009.

* بيار بورديو وجان كلود باسرون، «إعادة الإنتاج»، ترجمة ماهر تريمش، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت2007.

* بيير بورديو، «الرمز والسلطة»، ترجمة عبد السلام بن عبد العالي، دار توبقال للنشر، الطبعة الثالثة، الدار البيضاء 2007.

* خديجة صبار، «المرأة بين الميتولوجيا والحداثة»، أفريقيا الشرق، بيروت 1999.

* دوني كوش، «مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية»، ترجمة قاسم المقداد، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق 2002.

* روجي لوطورنو، «فاس قبل الحماية»، الجزء الأول، ترجمة محمد حجي ومحمد الأخضر، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1992.

* سيمون دي بوفوار، «الجنس الآخر»، ترجمة محمد علي شرف الدين، المكتبة الحديثة للطباعة والنشر، بيروت 1979.

- عبد الصمد الديالمي، «سوسيولوجيا الجنسانية العربية»، دار الطليعة للطباعة والنشر، 2009.

* علي الجزنائي، « جنى زهرة الآس في بناء مدينة فاس»، تحقيق عبد الوهاب بن منصور، المطبعة الملكية، الطبعة الثانية، الرباط 1991.

* كليفور دغيرتز، «تأويل الثقافات»، ترجمة محمد بدوي، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت 2009.

* محمد مزين وآخرون، «تاريخ مدينة فاس: من التأسيس إلى أواخر القرن العشرين، الثوابت والمتغيرات»، مطبعة سيباما، الطبعة الأولى، فاس 2010.

* محمد عابد الجابري وآخرون، «دروس الفلسفة لطلاب الباكالوريا المغربية، نشر وطبع دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1971.

* مصطفى الفيلالي، «مجتمع العمل»، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت 2006.

* ميشيل فوكو، «جنيالوجيا المعرفة»، ترجمة أحمد السطاتي وعبد السلام بنعبد العالي، دار توبقال للنشر، الطبعة الثانية، 2008.

* ميشيل فوكو، «تاريخ الجنسانية، إرادة المعرفة I»، ترجمة جورج أبي صالح ومراجعة وتقديم مطاع الصفدي، إنتاج ومنشورات مركز الإنماء القومي، بيروت، 1990.

* ميشال فوكو، «تاريخ الجنسانية»، ترجمة محمد هشام، أفريقيا الشرق،2004 .

*ميشيل فوكو، «يجب الدفاع عن المجتمع، دروس ألقيت بكوليج دي فرانس سنة 1976»، ترجمة وتقديم الزواوي بغوره، دار الطليعة- بيروت، الطبعة الأولى، أكتوبر 2003.

* نور الدين رايص، « ألفاظ الصناعات التقليدية الفاسية: دراسة معجمية ميدانية، الصناعات النسائية نموذجا»، الجزء الأول، منشورات جامعة سيدي محمد بن عبد الله – فاس، 2007.

* يوسف سونة، «المغرب وحقوق الانسان والمواطن: بين التشريع و التطبيق والممارسة»، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى، الدار البيضاء 2002.

دوريــات ونــدوات

* العربي وافي، «مقاربة النوع و التنمية»، منشورات رمسيس، العدد الخامس والثلاثون، الرباط 2008.

* محمد مزين، « فاس وباديتها: مساهمة في تاريخ المغرب السعدي(1594 – 1637م)»، الجزء الأول والثاني، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة رسائل وأطروحات رقم12، الطبعة الأولى، 1986.

رسائل وأطروحات جامعية

* أحمد الأديب، « الحرف والحرفيون بفاس خلال القرن19»، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في التاريخ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز – فاس، السنة الجامعية 1996 – 1995.

* أحمد الغازي الحسيني، « طوائف الصناعة التقليدية وأنظمتها المهنية بمدينة فاس»، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، سنة 1976.

* آيت عبيبي محمد، « إدارة الصناعة التقليدية بالمغرب»، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، سنة 1991.

* بورج فوزية، « تشغيل الأطفال في القطاع غير المهيكل: دراسة سوسيولوجية في تنظيمات الصناعة التقليدية بفاس»، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز – فاس، السنة الجامعية 2009 – 2008.

* رضوان خديد، «تراث الإنتاجية والإبداعية والمنظور المتحفي»، دراسة أنتروبولوجية وتاريخية لوقائع الصناعة التقليدية بمراكش، المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث- الرباط، 2001.

* عبد اللطيف خلابي، « الحرف والصنائع وأدوارها الاقتصادية والاجتماعية بمدينة فاس: خلال العصرين المريني والوطاسي 1270 – 1550م»، أطروحة لنيل شهادة دكتوراه وطنية في التاريخ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز – فاس، السنة الجامعية 2008 – 2007.

* عادل خالص، « الصناعة التقليدية بفاس خلال القرن العشرين»، رسالة لنيل شهادة الماستر في التاريخ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز – فاس، السنة الجامعية 2010-2009 .

* فاطمة العيساوي، « جوانب من علاقة المخزن بالحرف (1822 – 1894)»، الجزء الثاني، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في التاريخ، جامعة محمد الخامس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سنة 1989.

* محمد اعطيطي، « الحرف والصنائع في المغرب من قيام الدولة العلوية إلى 1822م: مساهمة في دراسة بعض قضايا النضام الحرفي في علاقته بالدولة والمجتمع»، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز – فاس، السنة الجامعية 2002 – 2001.

* محمد تلوزت، « التجارة والتجار بفاس على عهد الحماية (1912 – 1956)»، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه الوطنية في التاريخ المعاصر، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز – فاس، السنة الجامعية 2001- 2000.

* يوسف بواتاون، «دور الخصوصيات الاجتماعية والثقافية في تنظيم العمل الحرفي: حرفة النحاس بمدينة فاس نموذجا»، بحث لنيل شهادة الماستر، جامعة ابن طفيل، كلية الآداب والعلوم الإنسانية- القنيطرة، السنة الجامعية 2011-2012

مــــقــالات

* إدريس عميرة، «تحولات الصناعة التقليدية بفاس وانعكاساتها السوسيو – اقتصادية والمجالية»، مجلة دفاتر جغرافية، العدد الثالث – الرابع، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز – فاس، 2007.

* بوعسرية بوشتى، «الحرف والحرفيون بمكناس من الازدهار إلى الانحطاط1936 – 1900»، مجلة أمل، العدد السابع، السنة الثالثة، 1996.

* بول باسكون، «الأساطير والمعتقدات بالمغرب»، مجلة بيت الحكمة، العدد الثالث، السنة الأولى، أكتوبر 1986.

* جواد أبو زيد، «المدينة القديمة لفاس: تراث وركيزة للتنمية»، دفاتر جغرافية، العدد الثالث – الرابع، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز – فاس، 2007.

* الطيب الداودي، «نظرية القيمة عند ابن خلدون»، مجلة العلوم الإنسانية، العدد الأول، منشورات جامعة محمد خيضر، بسكرة – الجزائر، نوفمبر 2001.

* غادة محمد أحمد يونس، «تمكين المرأة والأداء البرلماني، دراسة ميدانية لعينة من الدوائر الانتخابية في مصر»، مجلة إضافات (المجلة العربية لعلم الاجتماع)، العددان 26-27، مركز دراسات الوحدة العربية، 2014.

* مي الدباغ وأسماء رمضان، «النوع الاجتماعي: نحو تأصيل المفهوم في الوطن العربي واستخدامه في صوغ سياسات عامة فعالة»، مجلة إضافات،(المجلة العربية لعلم الاجتماع) العددان 23-24، مركز دراسات الوحدة العربية، 2013.

* ميسا الشوا: «ظاهرة العاملات في مهن يسيطر عليها الرجال في لبنان: تحدي لغز العيب من خلال إعادة تشكيل الجندر»، مجلة إضافات (المجلة العربية لعلم الاجتماع)، العددان 26-27، مركز دراسات الوحدة العربية، 2014.

الصور

* الصور من الكاتب.

أعداد المجلة