فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
36

المنظمة الدولية للفن الشعبي التغيير والتفاؤل المشروع

العدد 36 - التصدير
المنظمة الدولية للفن الشعبي  التغيير والتفاؤل المشروع

جمع الشغف بالفلكلور أفرادامن المتعلقين به على تأسيس المنظمة الدولية للفن الشعبي بالنمسا سنة 1979 حيث التقى المؤسسون حول جملة من المبادئ الفكرية والقيم الثقافية جعلتهم يتجندون طوعا لصيانة التراث الثقافي غير المادي حيثما كان للوجود الانساني نتاج ثقافي. يعقدون حوله اللقاءات ويرتبون المؤتمرات وينظمون المهرجانات. وهكذا بات حفظ التراث الشعبي هاجسا يعضد فيه الأهلي الرسمي ويلتقي فيه المحلي العالمي باعتباره إرثا نفيسا يعني البشرية ليس من حيث ماضيها فحسب. وإنما من حيث الحاضر والمستقبل أيضا فثقافة الجماعة من الجماعات شعبية كانت أو عالمة هي نسغ وجودها وروح كيانها.

سرعان ما لفتت المنظمة الانتباه بحضورها البارز وعملها النشيط المثمر عبر أنحاء العالم وغدت واحدة من أبرز المنظمات الثقافية غير الحكومية في العالم. تحظى باعتماد المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو» ورعايتها. وبعد مرحلة ذيوع وانتشار امتدت لعقود ثلاثة ؛ بدا أن المنظمة فقدت من وهجها وكأن إعياء ألم بها نتيجة سلوكيات غير موفقة في طريقة الإدارة والتسيير .

في هذا السياق جاءت «الخطة الاستراتيجية للمنظمة الدولية للفن الشعبي 2020» التي ساهم عدد من المؤسسين الرواد في تحريرها والتي صدرت في البحرين في ثماني لغات هي الانجليزية والفرنسية والاسبانية والإيطالية والروسية والصينية والعربية، جاءت بمثابة مشروع للإنقاذ بغية العودة بالمنظمةإلى القيم الأخلاقية والمبادئ الحضارية والأهداف الإنسانية التي تأسست من أجلها.

انطلقت الخطة التي حملت عنوان «حان وقت التغيير» من تحليل رباعي الأبعاد لمكامن القوة والضعف والفرص والتهديدات. وسعت إلى إبراز عناصر كل بعد منها في موضوعية لا تخفى سماتها. فاستحظرت الماضي ورازت الحاضر واستشرفت المستقبل في غير قليل من الحصافة. وهكذا صار في الإمكان تحديد عناصر السلامة والوهن ورسم آفاق التغيير في وضوح للرؤية ليست هذه الخطة إلا ثمرة من نتاجها. فقد انتهى المؤسسون بعد تشخيصهم لمواطن الضعف والإشارة إلى أسبابها إلى أنه لامناص للمنظمة من تغيير أساليب عملها وتطوير آلياته بحيث يسعها أن تعمل «كمنظمة عالمية محترفة حتى لوكان كل أعضاء مجلسها من المتطوعين» والأهم من ذلك الوعي بأن هذه الغاية لا يمكنها أن تتحقق إلا «من خلال هيكل متجدد ولوائح جديدة».

في هذا السياق حددت الخطة أهدافها الاستراتيجية التي اختزلتها في نقاط ثلاث:

- تطوير الهيكل التنظيمي.

- اعتماد هيكل مالي للمنظمة الدولية للفن الشعبي 2020.

- التواصل أساسا للتشغيل.

وانطلاقا من وضوح المعالم التي مكنت من صياغة الأهداف الاستراتيجية تيسّر لـ«خطة المنظمة الدولية للفن الشعبي 2020» أن تبلور الإجراءات العملية التي تمكنها من إدراك غاياتها حتى تعود بالمنظمة إلى ألق مراحلها الأولى . من ثمَ تحددت رؤية في تشكيل المكتب التنفيذي باعتباره جهازا أساسيا في الإدارة والتسيير والتنفيذ. وانتهت إلى تصور جديد في ضبط أعضاء مجلس الإدارة الذي بات يضم إضافة إلى أعضاء المكتب التنفيذي؛ رؤساء المفوضيات الخمس التي أوصت الخطة بتشكيلها والمديرين التنفيذيين للأقاليم الذين يمثلون «حلقة الوصل بين المجلس الإداري والأعضاء من جهة والمجلس والمناطق المختلفة من جهة أخرى».

كما ضبطت الخطة تصورا دقيقا للمستقبل المالي للمنظمة يخرج بها من حال تشح فيها الموارد إلى وضع أكثر راحة يسمح لها بالالتفات إلى تحقيق أهدافها في ثبات وتوازن.

ولم يغب عن الخطة أهمية التواصل باعتباره أساسا للتشغيل فحددت قنواته وبوبت آلياته وجعلته من أوكد مسؤوليات الأمين العام الذي ضبطت مهمته الأساسية بكونه «يشرف على الأعضاء ويعتني بالموقع الألكتروني وبتقارير الاجتماعات ويعمل على نشر الفعاليات الإقليمية والوطنية».

وفي الأخير اهتمت الخطة بالنظام الداخلي باعتباره أحد مراجع الاحتكام الأساسية في إدارة الأشغال. فهو «يوضح المسائل الناشئة عن اللوائح ولايمكن تحت أي ظرف من الظروف أن يتناقض مع اللوائح أو يبطل عملها». وقد صنف القانون الداخلي الإجراءات الترتيبية لاجتماعات المنظمة والتصويت داخلها وقيمة العضوية فيها وكيفية تمثيل كل قارة من القارات.

وبعد فقد مثلت هذه الخطة منعرجا مهمًا في تاريخ هذه المنظمة التي باتت عريقة في مجالها. مكنتها من تشخيص واقعها. وساعدتها على استلهام العناصر المضيئة في تاريخها. ويسرت لها استشراف سبل المستقبل تطويرا وإصلاحا. لذلك عدت حدثا أبرز في المؤتمر العام الأخير. لم تنجح مناورات بعضهم في التعتيم عليها. فقد تمسك بها أغلب المؤتمرين وانتهى جمعهم في غالبية أعضائه إلى اعتبارها دستورا للإنقاذ.

ويبقى التفاؤل الذي ساد الموقف بعد أن انتهى المؤتمر إلى ما انتهى إليه مشروعا مادامت خطة إصلاحها منبثقة عن روح ترى التطوع في العمل الثقافي واجبا وطنيا وحضاريا إنسانيا.

أعداد المجلة