فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
35

الهوية المغربية من خلال الغناء والرقصات الشعبية

العدد 35 - موسيقى وأداء حركي
الهوية المغربية  من خلال الغناء والرقصات الشعبية

إذا كان يقصد بالهوية مجموع ما يكوِّن الشيء أو الشخص أو الجماعة من صفات تجعله هو هو دائما، ومجمل السمات التي تميـّز شيئاً عن غيره أو شخصاً عن غيره أو مجموعة عن غيرها. وعناصر شيء متحرك ديناميكي يمكن أن يبرز أحدها أو بعضها في مرحلة معينة وبعضها الآخر في مرحلة أخرى لأنها بكل بساطة عناصر جمعية تجعل الشعب أو المجموعة مشتركة في: الأرض، اللغة، التاريخ، الحضارة، الثقافة، العادات، التقاليد والطموح وغيرها، فإن الأغاني والرقصات والأهازيج الشعبية في المغرب تعد عنصرا هاما، ومحددا أساسيا للهوية المغربية، فقد حدد الدستور المغربي المصادق عليه خلال سنة 2011 هوية المغاربة في مجموعة من المكونات والروافد، إذ ورد في ديباجة هذا الدستور ما يلي: «المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية - الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية». والملاحظة البسيطة لنسيج الثقافة الشعبية المغربي ويدرك كيف تتجلى كل هذه المكونات والروافد بوضوح في الرقصات، الأغاني والأهازيج الشعبية المغربية التي تجعل من المغرب بلدا متفردا عن باقي الدول العربية، الإسلامية، الإفريقية، فهو بهذا التنوع بلد إفريقي ليس كباقي البلدان الإفريقية، وبلد عربي ليس مثل كل البلدان العربية بغنى وتنوع موروثه الموسيقي والغنائي المتباين حسب المناطق والجهات، مما يجعل من الفن الشعبي المغربي فسيفياء يمتزج فيها الإفريقي العربي، الصحراوي، الأمازيغي، الإسلامي، اليهودي والأندلسي لتقدم تشكيلة من الأصوات والإيقاعات قل مثيلها في العالم ... لدرجة يكاد يكون لكل جهة خصوصيتها في الغناء والرقص تمتزج لتنتج غناء مغربيا يجهل عنه المشارقة وسكان المعمور الكثير، وهو تعبير غنائي وراقص يرافق حياة المغاربة في أفراحهم الخاصة كحفلات الزواج، الختان، الخطوبة والعقيقة أو الحفلات العامة كالمناسبات الدينية والوطنية... وفي السنوات الأخيرة حمل المجتمع المدني على عاتقه مسؤولية إحياء بعض تلك الأشكال التعبيرية المتوارثة من خلال السهر على تنظيم مهرجانات متعددة تكون مناسبة لحث الشباب على الحفاظ على الموروث المغربي المتنوع، ورافعة داعمة للقطاع السياحي لكل منطقة. فأخرجت تلك الألوان الغنائية من الحقول والمزارع والبيادر ومن المنازل الخاصة إلى المسارح وخشبات المهرجانات، بل تمكن بعض الفنانين من السفر به عبر مختلف الأقطار في العالم.

 

من أهم هذه الأشكال الفنية الشعبية:

1. العيطة :

وهي فن غنائي شعبي قديم متجذر في المغرب لـــكنه نما بقوة خلال فترة الاستعمار بعدما تم توظيفه في مقاومة المحتـل، الذي سعى إلى التضييق على مختلف أشكـال المقاومة، فاضطــرت العيطــة إلى تــــوظيـــف الـــرمـزيــــة، والهــــروب إلــــى الرسائـــل المشفــرة التــي قد لا يستوعب معانيها إلا أهل الأرض. ينتشر هذا الفن في وسط المغرب وعلى امتداد سواحله الغربية الوسطى لذلك يتم التمييز فيه بين العيطة المرساوية، العيطة الحوزية، العيطة الملالية، العيطة الحصباوية العيطة الزعرية العيطة الخريبكية العيطة الورديغية العيطة الجيلالية، وهي تقسيمات بحسب الأقاليم وأحيانا بحسب النوع، ورغم هذا التنوع في العيطة يبقى جوهرها واحدا سواء من حيث الآلات الموسيقية المستعملة فيها «الكمان أو الكنبري والتعريجة، الدف» يكون فيها العزف جماعيا والغناء فرديا، لذلك فالعيطة تتطلب قوة الصوت، ولا يمكن لأي كان تعاطي العيطة، وقد سطعت في سماء هذا الفن الشعبي أسماء عدد من المغنين منهم عبد الله البيضاوي بوشعيب البيضاوي، الحاجة الحمونية، الحاج مغيث، خديجة البيضاوية، فاطنة بنت الحسين، حجيب، بوشعيب الجديدي، عبد العزيز الستاتي، عبد الله الداودي سعيد الصنهاجي زينة الداودية بل كادت بعض الأسر يرتبط اسمها بالعيطة كأولاد البوعزاويّ، ولاد بن عكيدة، الإخوان بوركون وغيرهم من الفنانين الشعبيين الذين تجاوزت شهرتهم الحدود الوطنية الضيقة نحو الآفاق العربية والعالمية ونظرا لأهمية ومكانة هذا الفن يطلق فيه على المغني لقب الشيخ أو الشيخة تقديرا لمكانته لكن خلال مرحلة الاستعمار تم شحن هذا اللقب بشحنات سالبة مما جعل بعض الأفراد والعائلات يرفضون أن يطلق هذا اللقب على أبنائهم وبناتهم وبالتالي تتحفظ في تعاطي هذا الصنف الغنائي...  

2. الطقطوقة الجبلية:

وهي نمط غنائي نشأ في المناطق الشمالية للمغرب على قمم جبال الريف وسفوحها، والطقطوقة الجبلية في المغرب غيرُ ما هو معروف عن الطقطوقة في الشرق، لأن لها خصائص مرتبطة بِحْبَالَة (سكان المنطقة) سواء من حيث اللباس يلبس المغنون فوق ملابسهم قطعة قماش صوفية تسمى الدزة وتضع النساء فوق رؤوسهن برانيط القش المزينة بلمسات محلية تسمى «الشاشية» ويلفون نصفهم السفلي بقماش مخطط بالأحمر والأبيض يعرف بـ«التزار» ومن أشهر أعلام الطقطوقة الجبيلية حجي السريفي، الحاج محمد العروسي، عبد المالك الأندلسي، أحمد الكرفطي، ولا زالت إلى اليوم مناطق اكتامة، جبال الريف ونواحي تطوان وطنجة... مرتعا لهذا الفن العريق...

3. أحيدوس:

وهو غناء شعبي راقص ينتشر بالأطلس المتوسط وسط المغرب، خاصة في الأوساط التي يسكنها الأمازيغ، وهو فن مرتبط بالأرض (الماء، الخضرة الفلاحة والأغراس والجبال..) يؤدى في شكل دائري أو نصف دائري بخليط من الرجال والنساء ويتميز برقصاته التعبيرية الجماعية ويعتمد الإيقاع فيه بالأساس على الدفوف ولهب الأكف بالتصفيق ومرافقة ذلك برقصات وأصوات نسائية ورجالية في لوحات غاية في التناسق تحت إشراف رئيس المجموعة «المقدم» دون تمييز بين الجنسين .. وقد فقد المغرب يوم الجمعة 19 فبراير 2016 أشهر مقدم لأحيدوس في تاريخ المغرب موحا أو الحسين أشيبان والمعرف لدى المغاربة بالمايسترو عن سن يناهز 113 سنة.

4. عبيدات الرمى أو عبيد الرماة :

وهي مجموعة غنائية تتكون من خمسة إلى تسعة أفراد تؤدي أهازيج بشكل جماعي تتميز بأدوات إيقاعية خاصة كالتعريجة والمقص والدف وهي فرق مرتبطة بالأوساط الزراعية في السهول، ويعود أصل المجموعة الغنائية إلى الجماعات المولوعة بمرافقة الصيادين والقائمين على خدمتهم، في الحل والترحال يصدرون أصوات لإثارة الوحيش واستخراجه من مخابئه وتحولت تلك الأهازيج إلى أغاني شعبية تتمركز في نواحي تادلة وزعير وبني عمير وهي مجموعات غنائية رجولية بامتياز لا تشارك فيها المرأة لأن الخروج إلى الصيد كان منذ القديم من اختصاص الرجال، وقد عرف هذا اللون الغنائي الراقص في السنوات الأخيرة حركة إحيائية بفعل تعاطي الشباب ..

 

5. كناوة:

من الفرق الموسيقية ذات الأصول الإفريقية في المغرب، يعود أصلها إلى القرن السادس عشر الميلادي عندما استجلب سلاطين المغرب عبيدا مما كان يعرف بالسودان الغربي (مالي حاليا) وسرعان ما اندمجوا في الحياة اليومية وشكلوا إيقاعات خاصة بهم في كل من مدن الصويرة، أسفي، مراكش مكناس والرباط.. لتتجاوز تلك الإيقاعات الحدود المغربية إلى العالمية منذ انطلاق المهرجان السنوي لموسيقى كناوة بمدينة الصويرة في شهر يونيو من كل سنة تحت شعار «كناوة وموسيقى العالم» واللافت للانتباه أن حفلات الموسيقى الكناوية مثل مختلف الأنشطة الاحتفالية بإفريقيا تقام في هالة من الطقوس والمعتقدات الموغلة في القدم ولكل طقس من تلك الطقوس أصوله المتوارثة، فقبل حفلة كناوة الليلة يحب أن يجوب أعضاء الفرقة أزقة وأحياء المدينة بآلاتهم «الطبول والقراقب» وبملابسهم الخاصة «طاقيات نوعية، فوقيات مزدانة بأصداف، وعقود اللبان..» وعند بداية الحفل الليلي (الكويو) أو (أولاد بامبارا) يتم الاستغناء عن الطبل ليعوض بالكنبري أو الهجهوج وهو آلة موسيقية وترية إفريقية، ويتم التمييز في الليلة بين عدة محطات في الحفلة لكل محطة طقوسها، يتخلل بعضها رقص فردي وأخرى رقص جماعي وأذكار وإنشادات. وفي المرحلة الأخيرة يتم وضع طبق به بخور وأقمشة ذات ألوان متعددة كل لون يحيل على ملك من ملوك كناوة الأبيض الذي يرمز إلى «الملك» عبد القادر الجيلالي، والأحمر إلى سيدي حمو، والأسود إلى ميمونة، والأصفر إلى الأميرة، والأزرق إلى سيدي موسى. وتختتم الحفلة بمرحلة الجذبة المصحوبة بالإيقاعات الكناوية الصاخبة التي قد تصل بالبعض إلى فقدان الوعي تعبيرا عن الاندماج مع الإيقاعات ويدّعي أصحاب هذه الحفلات أنها تخلص المريدين من الأرواح الشريرة وتمنح الأجساد طاقات وتطهرها من الخمول...

6. الحساني:

وهو نمط غنائي وإيقاعي متداول جنوب المغرب وخاصة في مناطق الصحراء المغربية، ومن تم فهو غناء ورقص مرتبط بطقوس الصحراء وعاداتها، تُظهِـــــر فيــــه المــــرأة الصحــــراويــة مـــا يمــــيز المنـطـقـــة في اللباس والحلي والمجوهرات منها على سبيل التمثيل (أبغداد، أمزرد، لگـﻼيد وهي مرتبطة بتزيين الجيد و(أدبالج واللويات وتسابيح ولخواتم ولرساغ) الخاصة باليدين، ناهيك عن الخلاخل الخاصة بالساقين والطوانگ والبدلات المرتبطة بالأذنين.. هذا دون الحديث عن الظفائر والجدائل التي يتم تزيينها بالخرز والعقيق أهمها: سانمانة والراسطة بالنسبة للصغيرات ولمشنف وبف بالنسبة للكبيرات (الكهلات). ليكون الغناء والرقص الحساني غناء صحراويا لكنه مختلف عما عهدناه في الصحراء العربية بالمشرق من حيث اعتماده على المرأة...

 

7. السوسي :

وهو شكل تعبير غنائي ينتشر منطقة سوس ماسة درعة أ ي منطقتي الأطلس الكبير والصغير وعاصمتها أغادير وهو جزء من أحواش لأن اللهجة السوسية جزء من اللغة الأمازيغية ويؤدى هذا اللون بشكل جماعي غالبا في صفين متقابلين واحد يضم الذكور والآخر يضم الإناث اللواتي يشترط فيهن في الغالب أن يكن عازبات يسيرهم رايس المجموعة الذي يطلق عليه الرايس وقد يتخلل الحفلة وصلات يتبارى فيها رجل وامرأة رقصا.. ولعل من أهم أقطاب الغناء السوسي الفنانة تيحيحيت، الرايسة تابعمرانت الرايس الحاج بلعيد، الرايس الدمسيري واللائحة طويلة ومن حيث الآلات يتميز الغناء السوسي بقيامه على آلات إيقاعية ووترية أهمها الرباب السوسي... ومن مظاهر تقدير المغاربة لهذا النمط الغنائي ارتداؤهم لأحسن الملابس: فيظهر الرجال الجلباب المغربي الأصيل، والعمامة البيضاء ويتقلدون الخناجر والمحافظ الجلدية المتوارثة .... في حين تتزين العذارى بالحلي التقليدية من الفضة والذهب؛ يتم افتتاح الحفل الراقص المكون في الغالب من صفين بتمايل الرجال والعذارى يمينا وشمالا ويكون أول مقطع بذكر الله وخاتم الرسل والأمكنة المقدسة (مكة والمدينة) والصحابة، وتدريجيا تدب الـــحــــــركـــة في الأجــــســـــاد بتـــحـــريــــك الأطـــــراف العلـــويـــة والأكتاف ليزداد الإيقاع مسايرا آلات «البندير = الطر» وحنحنـــــات الـــــربـــاب الســـوســـي حتى إذا أثر الاهتزاز المتناسق للفرقة الموسيقية في الجمهور اندمج الكل في رقص جماعي.

8. الهيت :

فن غنائي يمتزج فيه الموسيقى بالغناء والرقص يوجد في عدد من الأقاليم وتعتبر جهة الشراردة بني حسن وعاصمتها مدينة القنيطرة شمالي الرباط مركز هذا الفن، يتميز الهيت بإيقاع قوي وسريع يصعب على غير المتدرب الرقص على إيقاعه لذلك غالبا ما يكون لكل مجموعة راقص واحد، يؤدي رقصاته على إيقاعات الغيطة (المزمار المغربي) والطبل، ويتميز الهيت بطابعه العربي وخصوصيته الرجالية، وقد ظل هذا النمط الشعبي محصورا في منطقة محدودة ولم يتمكن من منافسة الأشكال التعبيرية الأخرى التي استطاع عشاقها من تنظيم مهرجانات دولية للتعريف بفنونه الشعبية...

 

9. الركادة والراي:

وفي شرق المغرب على الحدود مع الجزائر يهيمن فنا الركادة والراي، والركادة نسبة لمنطقة نواحي مدينة بركان، ما يميز الغناء والرقص في الشمال الشرقي للمغرب هو توظيف البنادق والعصي، والطابع الرجولي للرقص إذ تغيب فيه المرأة وكون الفرقة موحدة في زيها، حركاتها ولباسها يقف الرجال بعباءاتهم البيضاء وعمائمهم الموحدة، والخيط الأحمر المبروم المائل على الصدر يلوحون بأسلحتهم يرقصون على إيقاعات الناي المصنوعة من القصب و قرون الماعز وقد يرافقها الغياطة والبنادر، يتم التركيز في الرقص على حركات الأكتاف وضرب الأرض بالأقدام ...

10. الدقة المراكشية:

ومن الأنماط الغنائية / الإيقاعية المرتبطة بمنطقة معينة ما يعرف في المغرب بالدقة المراكشية وهي نمط موسيقي شعبي مرتبط بمدينة مراكش والمدن المجاورة لها كتارودانت ودمنات ويطلق أهل المنطقة على هذا النوع (التقيتقات أو التقايقية) وما يميز هذا النوع كونه يؤدى من طرف مجموعة يطلق عليها اسم فرقة الدقة المراكشية. وهي فرقة تتكون في الغالب من 20 ألى 40 فنان هم في الغالب من كبار السن. موزعون على عازف القراقب، وهو في نفس الآن راقص يتنقل بين العازفين الآخرين الذي يصطفون في شكل دائري أو صفوف متراصة ليساعدهم في ضبط الإيقاع يحمل بنديرا «البندير طر خاص» فيما يغزف الآخرون على التعارج «والتعريجة آلة إيقاعية مصنوعة من الخزف في شكل اسطواني جُلِّدَت إحدى قاعدتيه بجلد خروف» وقد أصبح هذا الفن يعرف في السنوات الأخيرا انتشارا واسعا في صفوف الشباب بمختلف المدن المغربية لما يتميز به من وصلات مختصرة لا تتجاوز في الأعم الأغلب 30 دقيقة تناسب عصر السرعة، يبتدئ بحركات إيقاعية بطيئة لتنتهي سريعة.. وأصبح يوظف أكثر في الأعراس والمناسبات خاصة زف العروس أو حمل الهدايا....

إلى جانب هذه الأشكال التعبيرية الشعبية العريقة القادمة من شرق المغرب وجنوبه هناك أشكال أخرى أصيلة قدمت من الشمال (أوروبا) تشكل جزءا من الهوية الغنائية المغربية و ترسخت منذ قدوم المورسكيين، وجعلت من المغرب الوريث الشرعي للثقافة الأندلسية في اللباس، الطبخ، الأدب، والغناء أيضا، ويعتبرها المغاربة بمثابة الموسيقى الكلاسيكية المغربية. وتتعدد الأشكال الغنائية في المغرب التي لها علاقة بالموسيقى الأندلسية فمنها ما يعرف بالملحون والغرناطي وطرب الآلة أو الطرب الأندلسي ولكل خصوصية وأعلامه، وهي موسيقى راقية مضبوطة وفق عدد من الموازين تسمى (نوبة) وهي في المغرب 11 نوبة هي:

نوبة رمل الماية.

نوبة الماية.

نوبة الرصد.

نوبة رصد الذيل

نوبة الحجاز الكبير.

نوبة الحجاز المشرقي.

نوبة عراق العجم.

نوبة الأصبهان.

نوبة العشاق.

نوبة الاستهلال.

نوبة غريبة الحسين.

وتنقسم كل نوبة إلى خمسة موازين ويقصد بالميزان: الإيقاع المتبع خلال الحصة الموسيقية وهذه الموازين هي:

1. البسيط. 2. البطايحي.

3.القائم ونصف. 4. القدام. 5. الدرج.

يــــؤدي المـوســيــــقى الأنـــدلـــسـية مجموعات ترتدي اللبــــاس الـــــرســـمي المـــغـــربـــي «الــجـــلالـــيب الــبيــضــاء والطــــرابيــش الــحــــمـــراء».

كما أن الموسيقى والغناء في المغرب انفتح في السنوات الأخيرة على الموجات الغنائية الشبابية من هيب هوب وراب.. وغيرهما من صيحات الغناء والرقص المعاصرة وهي صيحات لا زالت تبحث لنفسها عن موطن قدم لتشكل جزءا من الهوية الغنائية المغربية...

لكن الغريب أن هذا التنوع الشعبي لم يُستغل في الأغنية المغربية العصرية ليبوئها المكانة التي تستحقها عربيا وعالميا فبعدما تمكن جيل معين من إيجاد آذان تستمع له، وفرض فنه داخل المغرب وخارجه، وجعل للأغنية المغربية صدى في الوطن العربي وإن ظل خافتا، فإن المسؤولية اليوم أكبر أمام الشباب الذين يمثلون المغرب في مسابقات الغناء التي تنظمها بعض الفضائيات العربية في السنوات الأخيرة الذين لا نسمعهم يؤدون أغاني مغربية في الوقت الذي لا يتوانى الخليجيون، المصريون، اللبنانيون، العراقيون والسوريون.. في أداء أغان من بلدانهم...

يكثر في المغرب اليوم الحديث عن أسباب ضعف انتشار الأغنية المغربية وعجزها عن مسايرة شقيقتها العربية والغربية، فيرجع ذلك إلى أسباب ذاتية تتعلق بالفنان «المغني والملحن والشاعر كاتب الكلمات ...» يربطها آخرون بالإعلام وتقصيره في تسويق الأغنية المغربية والتعريف بالإنتاج الوطني ونشره .. وينيط آخرون السبب بالجانب المادي وضعف الاستثمار في المجال الفني وغياب شركات مستثمرة في الغناء والموسيقى، ويرجعه آخرون إلى الجانب اللغوي .... وعلى الرغم من ظهور بعض الأصوات الشبابية التي أمالت لها جمهورا واسعا في السنوات الأخيرة، فإن الأغنية العصرية في المغرب لا زالت من حيث الانتشار دون الأغنية الخليجية والمصرية والشامية خارجيا، ودون مستوى الأغنية الشعبية داخليا ذلك أن الأغنية الشعبية استطاعت تطوير بعض الأشكال التعبيرية في صور تأخذ صورة الموضة الجارفة ما أن يطفو شكل ويكتسح الذوق الغنائي المغربي حتى يخبو وميضه ويتراجع ليشكل تراكما في الهوية الغنائية: هكذا سيطرت في نهاية السبعينات ظاهرة المجموعات «ناس الغيوان / جيل جيلالة / لمشاهب ...» وفي وسط الثمانينات ظهرت بعض الظواهر الفردية كظاهرة رويشة ونجاة اعتابو.. ثم طفت على السطح ظاهرة الأركسترا مع بداية التسعينات لتطفو بعد ذلك ظاهرة الراي ...

ومقابل هذا الاهتمام النسبي بالأغنية الشعبية والحضور الهام لفنانيها في الحياة اليومية من أعراس وحفلات وسهرات جعلت معظمهم (ومعظمهم أميون أو ذوو مستوى دراسي متدن) يغتنون بسرعة، يُـسَجَّــل فتور في الأغنية العصرية؛ فإذا كانت الأغنية العصرية قد ولدت في المغرب ناضجة مع الرعيل الأول الذي تمكن من ربط الأغنية المغربية بنبض الشارع المغربي واهتماماته الوجدانية والوطنية مع جيل: محمد البيضاوي الذي أثرى الخزانة المغربية بأغنيات خالدة وطنية قبيل وبعيد الاستقلال مثل «يا صاحب الصولة والصولجان - نشيد التحرير...» أو عاطفية «حبيبي تعال - أضحى الثنائي بديلا من تدانينا - قل لمن صد وخان..» دينية «البردة - تحية رمضان...» وعبد الوهاب أكومي الذي يعود له الفضل في تأسيس أول معهد موسيقي بالمغرب بعد عودته من القاهرة حيث أرسله محمد الخامس للبحث في الموسيقى. وخلف هو الآخر عدة أغان لا زالت خالدة إلى اليوم ومن أغانيه ما اتخذته بعض الهيئات الوطنية نشيدا لها كنشيد الكشفية الحسنية...، وعبد النبي الجراري الذي يعود له الفضل في اكتشاف عدة مواهب سيكون لها وزنها في الغناء المغربي وستشكل الجيل الثاني وقد لحن عدة أغان لهؤلاء الشباب أمثال عبد الوهاب الدكالي، إسماعيل أحمد، المعطي بنقاسم وعبد الهادي بالخياط .... ونختم من جيل الرواد بعبد القادر الراشدي الذي طبع الأغنية المغربية بطابع خاص خاصة بعد ترأسه للجوق الوطني خلفا لأحمد البيضاوي فقدّم تحفا كثيرة ستظل خالدة منها ما أداه أو ما لحنه لمحمد الحياني ومحمود الإدريسي وسميرة بن سعيد واللائحة طويلة، وإذا كان هؤلاء ومن عاصرهم كمحمد فيتح وإبراهيم العلمي وعبد السلام عامر... قد شكلوا جيل الرواد.. فقد ورثهم جيل فرض نفسه محليا مغاربيا وعربيا مثله عدد من الفنانين أمثال عبد الوهاب الدكالي - عبد الهادي بالخياط نعيمة سميح - سميرة بنسعيد - عزيزة جلال، محمود الإدريسي.....

فإن الأغنية المغربية العصرية ستدخل في مرحلة فراغ خلال عقد التسعينيات كادت تقتصر فيه على اجترار أعمال الرواد الأوائل بعد أن فترت همم الملحنين وكادت تبح حناجر المغنين الشباب وقد أصبحوا نسخا لبعضهم البعض تركز على موضوع واحد هو الحب والهوى والغرام وبعض الأغاني الوطنية المفروضة قسرا.. لكن مع مطلع الألفية الثالثة ظهر جيل من الشباب استطاع أن يعيد للأغنية المغربية العصرية بريقها مستفيدا من الانفتاح الذي أتاحه تعدد القنوات الإذاعية والفضائيات التلفزية، ومستفيدا أيضا من تراجع دور بعض الدول التي كانت رائدة غنائيا في الساحة العربية، وبعدما تنبه هؤلاء الشباب للموروث الإيقاعي المغربي المتنوع وسعوا إلى توظيفه في أغانيهم مقدمين أعمالا حققت رواجا منقطع النظير وشجعت بعض المغنين من الشرق والخليج خاصة على إعادة توزيع الأغاني المغربية القديمة والمعاصرة...

وهو ما يبشر بأن يكون للأغنية المغربية مستقبل قد يغري الفنانين العرب على الإقبال على الأغنية المغربية والاستثمار فيها بعدما غدا المغرب يشكل ساحة آمنة في عالم عربي كثير القلاقل، وخاصة أمام كثرة المهرجانات الغنائية بالمغرب التي تستضيف فنانين من مختلف أصقاع العالم،

إن تنوع الأهازيج والرقصات الشعبية في المغرب يعكس بحق مدى تنوع وأصالة تلك الأشكال التعبيرية وهو تنوع يسمح بتلاقح ثقافي سيعود لا محالة بالفائدة على الأغنية والإيقاعات العربية التي أصبحت في السنوات الأخيرة تنفتح على الفن المغربي، فبعدما ظل المشرق العربي يقتصر على استقبال فنانين مغاربة يجدون أنفسهم مجبرين على عرض مواهبهم باللهجة المشرقية (مصرية، خليجية، لبنانية) أصبح المتتبعون يلاحظون مدى إقبال المشارقة على إعادة غناء عدد من الأغاني المغربية، أو يعتمدون الإيقاعات المغربية في أغانيهم بعدما اقتنع عدد منهم بأصالة وعمق تلك الإيقاعات وكونها قد تساهم في الوقوف في وجه الاختراق الفني والثقافي والأنساق الفنية الهجينة بل ومحاربة التطرف، ما دامت نابعة من عمق هوية بلد عربي متنوع الروافد...

أعداد المجلة