فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
34

الأسس النظرية والعملية لتطور تصاميم أنوال حياكة الســـدو

العدد 34 - ثقافة مادية
الأسس النظرية والعملية لتطور تصاميم أنوال حياكة الســـدو
أستاذ مشارك بقسم التصميم الداخلي - كلية التربية الأساسية، الكويت

«السدو» كلمة تستخدم عند سكان بادية الكويت وعدد من دول الخليج العربي كمصطلح ذي ثلاثة معاني مرتبطة بحياكة النسيج التقليدي للسدو. حيث تطلق بنات القبائل (نساء أهل البادية) في الكويت كلمة السدو على عملية حياكة السدو (Sadu Weaving)، وعلى اسم نول حياكة السدو التقليدي(Sadu Loom)، وعلى منتجات السدو الخام (Sadu Textiles) التى تصنع منها بيوت الشعر والبسط والزل وما إلى ذلك.

 

يقصد بكلمة السدو في اللغة العربية الإمتداد أو الإتساع في مد الشيء، فقد ذكر الجوهري في كتاب الصحاح (1990، الطبعة الرابعة) سدت الناقة (أنثى الإبل) أي مشت ومدت ذراعاها للأمام باتساع أو بخطوات واسعة.  كذلك فقد ذكر ابن منظور (2003) في كتابه لسان العرب أن السدو يعني مد اليد نحو الشيء، فالإبل تسدو في مشيها بمد أذرعها باتساع وطرحها في لين للأمام، والصبية يسدون بمد أذرعهم بأقصى ما يمكنهم عند لعبهم ورميهم بالجوز. أما كلمة السداة (Warp) فهي من مصطلحات النسيج وتعنى الخيوط الممتدة على طول القطعة المنسوجة، وهي خلاف اللحمة (Weft) أو الخيوط الممتدة بعرض القطعة المنسوجة (نصر والزغبي، 1993).

وعليه يمكن القول بأن أهل البادية قد استعملوا كلمة السدو بما تشمله من معاني متنوعة ولكن محددة وواضحة على عملية حياكة السدو لأن المشتغلة بها تنسج بامتداد للأمام، حيث أنه مع استمرار عملية النسج يزيد طول قطعة النسيج، وهذا مما يؤكد معنى الاتساع للأمام الذي ذكر عند كل من الجوهري وابن منظور. أما استخدام كلمة السدو لتعريف آلة حياكة السدو أو نولها فهي كلمة تعريف وصفية مرتبط بتصميم النول.  يمكن تعريف نول السدو التقليدي على أنه آلة نسيج بسيطة وبدائية تطرح وتثبت على الأرض بإمتداد أفقي (Horizontal Loom) يقصر أويزيد حسب الحاجة. هذه المرونة في تحديد الطول المطلوب للنول، والمتأثرة في الغالب بطول القطعة المراد أو المطلوب نسجها، يجعل من نول السدو آلة عملية في وظيفتها وإقتصاديةفي مكوناتها ولا حاجة لاستبدالها كلما دعت الضرورة لتغيير طول أو عرض القطع المراد نسجها.

تعد حرفة السدو من أهم وأشهر الحرف اليدوية التقليدية التي كانت تمارسها إلى وقت قريب الغالبية من بنات القبائل ذوات الأصول البدوية في الكويت بكل براعة وإتقان (الصباح، 2000). استخدمت النساء هذه الحرفة لتوفيراحتياجاتهن الأسرية الضرورية من نسيج السدو لإنشاء مساكنهن الصحراوية أو ما يطلق عليه «بيوت الشعر». كذلك، استخدم ذلك النسيج كقاطع لفصل حرم النساء عن ربعة أومضيف الرجال في بيت الشعر (Al-Sabah, 2006). أيضا، استخدمت هذه الحرفة لحياكة مختلف أنواع البسط والزل.

(السجاد) لفرش الأرض وأقمشة التنجيد لمفروشات بيت الشعر من مراتب ووسائد. كذلك، استخدم السدو كقماش متين لصنع أمتعة تخزين الطعام وحفظ الملابس ونقل الحاجيات الخاصة بالأسرة البدوية في حلها وعند ترحالها من موقع لآخر، ولإنتاج الكثير من حليات الزينة لتجميل الخيول والجمال وبيوت الشعر وبناء الهوادج وغير ذلك. كل تلك المنسوجات التي استعملت في تصميم وبناء بيت الشعر البدوي وساهمت في إثراء التصميم الداخلي لهذا البيت الصحراوي المتنقل كانت تنفذ على آلة بسيطة مثبتة بأربعة أوتاد على أرض الصحراء الرملية بشكل أفقي تسمى «نول السدو» (النجاده، 1998).

مع تبدل الحال وانتقال أغلب سكان البادية في الكويت للعيش في المدن والضواحي في بيوت طينية قديمة أوخرسانية حديثة، واستعمالهم لأنواع مختلفة من الأثاث الحديث، واتجاه أغلب نساء أهل البادية الحديثات في السن للتعلم والتوظف في مجالات العمل المختلفة في البلاد، فقد انحسرت ممارسة حرفة السدو إلى حدودها الدنيا وأصبحت هذه الحرفة مهددة بالزوال.

في عام 1979م تأسس مشروع وطني طموح وجريء للمحافظة على حرفة ومنتجات السدو، وبمرور الأيام تطور هذا المشروع وازدهر تحت رعاية ورئاسة من الشيخة ألطاف سالم العلي الصباح، الرئيسة الفخرية الحالية، لهذا المشروع الوطني المتميز. وفي عام 1991م طور هذا المشروع ليصبح اسمه «الجمعية التعاونية الحرفية للسدو».

«يعمل بيت السدو، بيت النسيج التقليدي في الكويت من أجل الحفاظ على تراث المنسوجات الغني والمتنوع في الكويت: البدوي والحضري، وتوثيقه والتعريف به. كما يسعى للاحتفال بقيم الماضي الجميل من تفاني في العطاء وهمة وإبداع في العمل، ناسجا بذلك رابطا وهوية ثقافية لأجيال الحاضر والمستقبل». من أهم أهداف هذه الجمعية ما يلي:

1. الحفاظ على تراث الحياكة والنسيج التقليدي في الكويت وتوثيقه للأجيال القادمة.

2. تعزيز تقاليد وقيم العمل اليدوي ومعاني الإبداع والابتكار.

3. تقديم البرامج التعليمية وورش العمل الخاصة بالحياكة والنسيج.

4. تجهــــيز أرشـــيف خاص بالتصاميم والنقـوش التقليدية للباحثين والفنانين.

5. توفـــير الإطار المريح والحضاري للزائريـــن للتعـــرف والاستمتاع بالتراث الفني الكويتي وتقديره (الجمعية التعاونية الحرفية للسدو، 4/10/2015م).

ونظرا لكون هذا المشروع الحرفي الوطني الهام قد قام على أهداف سامية وعديدة منها تطوير حرفة السدوالتقليدية وتنمية الإنتاج اليدوي فيها، فمن هذا المنطلق وللمساهمة في تشجيع الأجيال الناشئة مــن نــاســجــات الســدو الشــابــات عـلى العــمــل في هــذه الحرفة التقليدية والصناعة التراثية بشكل يتناسب مع التطورات الحالية توجهت العديد من الجهود والخبرات لتطوير نول السدو التقليدي.

الأهداف:

تهدف هذه الورقة البحثية لاستعراض الأسس النظرية والعملية والفلسفة التي بني على أساسها تطور أنوال السدو منذ بداية التسعينات من القرن الماضي وحتى نهاية العام 2014م وذلك من خلال ما يلي:

1. تحديد مشكلة البحث والأصل في فكرته.

2. دراسة أنوال السدوالسابقة.

3. تبيان الأسس النظرية والعملية لتصميم نول السدو الرأسي.

4. اســتــعـــــراض مــــــراحـــــل اخـــــتــــراع وتــــطـــــويـــــر نـــول الســدو الــرأسي.

5. اســتــعـــــراض الـــوصـــف التفــصــيلي لأجـــزاء نــــول السدو الرأسي.

6. شرح طريقة استعمال نول السدو الرأسي.

7. إستعراض الأنوال الجديدة التي صممت ونفذت بعد نول السدو الرأسي.

مشكلة البحث والأصل في فكرته:

يعـــتبر نــــول الســـــدو الأرضـــي (الأفقـي) هوالنول التقليدي الذي عملت ولازالت تعمل عليهالعديد من ناسجات السدو التقليديات. هذا النول عادة ما يثبت مباشرة على الأرض الرملية من خلال أربعة أوتاد تـــدق في الأرض وتجلــس الناسجــة المتمــرسة أوالمبتدئــــة علــى الســواء علـــى الأرض أمـــامـــه لســـاعـــــات طـــــويـلة كل يوم لتمارس عملية النسيج. هذا الجلوس اليومي والـــدوري الطويـــل مــــرهق ومــؤلـــم لقدمـــي الناسجـــة وســاقــيـــهــا وركــبــتــيـــهــا وفـخــذيـهـــا وعـجـزهــــا وظهـــرهـــا وأكتافها ورقبتها. غالبا ما تحدث تلك الآلام المتعبة للناسجة بسبب جلوسها لساعات طويلة على الأرض ورجلاها مثنيتان للداخل مما يتسبب في الضغط على أعصاب الرجلين وحبس الدورة الدموية عن الساقين والقدمين. أما بالنسبة لآلام العجز والظهر والكتفين والرقبة فمردها لانحناء الناسجة للأمام باتجاه النول لمتابعة عملية النسج مما يشكل جهدا بدنيا يتزايد مع طول مدة الجلوس للنسج ويتعاظم مع استمرار وقوع النصف العلوي من الجسم تحت وطأة الجاذبية الأرضية التي تشد الجسم للأسفل والناسجة تحاول رفع جسمها للأعلى لمتابعة عملية النسيــــج. لهـــذه الأســـباب ولأسبـــاب أخـــري فـــرديــــة أو شخصـــية تتفـــاوت مـــن نـــاســجــة لأخـــرى حســـب بنــيــتـــهــا الجسدية ومرونة عضلاتها وقدرتها على تحمل الإجهادات البدنية بالإضافة إلى الظروف المعيشية المختلفة لكل منهن، فقد عزفن عن الاستمرار في حيــاكـــة الـــســــــدو.

 

 

 

كذلك، فإنه بعد انتقال الناسجات المتمرسات والمبتدئات للسكن في مساكن حديثة بأرضيات مكسوة بمواد صلبة كبلاط الموزاييك أو الرخام أوالسيراميك أوغيرها، وغرف محكومة الأحجام بدلا من السكن في بيوت الشعر التقليدية التي عادة ما تنصب على رمال الصحراء حيث يمتد الفضاء أمامها وخلفها بشكل كبير، فقد ظهرت الحاجة لأنوال تكون أكثر ملائمة للظروف المعيشية الجديدة وأكثر عملية وأصـــغر في الحـــجم لتتــناســـب مع صغر مساحات بيوت الغالبية العظمى منهن. من هنا جاءت الفكرة العملية لتطوير «تصميم وبناء» نول السدو الأرضي الأفقي التقليدي بشكل عملي لمساعدة ناسجات السدو في التغلب على مشاكلهن الجسمانية (البدنية) وتحدياتهن المكانية لممارسة حرفتهن اليدوية المحببة والهامة لديهن بأقصى مدى من الراحة وأدنى مستوى من الجهد.

 

 

 

 

1. دراسة أنوال السدوالسابقة:

 

النول هو الآلة اليدوية المستخدمة في عملية النسج. يتم من خلال النول تثبيت خيوط النسيج الطولية (السداة) للتشابك مع خيوط النسيج العرضية (اللحمة) للتماسك معا وتكوين قطعة النسيج المطلوبة. للتدرج في التعرف على أنواع أنوال النسيج اليدوي التي صممت خصيصا لنسج السدو نذكر ما يأتي:

 

1. 1. الجيل الأول: نول السدو  الأرضي الأفقي  (التقليدي):

 

لعل أقدم نول نسيج أرضي أفقي عرف في التاريخ يرجع إلى عام 1900 قبل الميلاد في عهد الملك سنوسرت الثاني من الأسرة المصرية الثانية عشر التي حكمت مصر القديمة (Held, 1978, 2nd ed)، لكنه لم يكن لنسج السدو وإنما استخدم لحياكة المنسوجات القطنية والكتانية. أما أقدم رسمه لنول سدو تقليدي فربما تكون تلك التي تم تبيان تفاصيلها بالرسم اليدوي بواسطة المبعوث البريطاني لدولة الكويت السيد هارولد ريتشار دكسون في كتابه التوثيقي المكتوب باللغة الإنجليزية تحت عنوان «The Arab of the Desert» أو«عرب الصحراء» (Dickson, 1959, 2nd ed). كذلك شرح النول ووثقت أجزاؤه مرة أخرى من قبل السيدة رونا كرايتن في كتابها المترجم للعربية بواسطة السيدة عزة محمد كرارة تحت عنوان «السدو: الأساليب الفنية للحياكة البدوية» (كرايتن، 1989). هذا وقد تم في هذا البحث عمل رسمة توضيحية مفصلة (الشكل 1) لكافة تفاصيل نول السدو الأرضي التقليدي حيث أضيف فيها على ما ورد في الرسمتين التوضحيتين السابقتي الذكر.

يتــكـون نــول الســـدو الأفــقــي الأرضـي  (الشكل 1) من غصن خشبي أوقضيب معدني يمد عرضيا في مقدمة (قاع) النول أو مطواه الأمامي وقطعة أخرى مشابهة في مؤخرة (رأس) أو المطوى الخلفي للنول. تشد كلتا القطعتان على أوتاد خشبية أوحديدية مثبتة في الأرض ويمتد بينهما طوليا خيوط صوفية وقطنية ملونة تسمى «خيوط السداة». على بعد ذراع أوأكثر يوضع على جانبي النول حجران أوطابوقتان (مركبان) مرتفعتان نسبيا لتثبت فوقهما عصاة (النيرة) التي تمتد بعرض النول وتحمل خيوط السداة الفردية لترفعها نحو 10 سنتمترات عن مستوى خيوط السداة الزوجية. يتكون بين خيوط السداة الفردية والزوجية فراغ مثلث الشكل يسمى «النفس» الذي تمر من خلاله خيوط «اللحمة» التي تكون ملتفة حول عصا إسطوانية أخرى تسمي «الميشع». ترفع خيوط السداة الفردية ثم الخيوط الزوجية بالتناوب لتمر من خلال الفراغ المشكل بينهما خيوط اللحمة الملفوفة على الميشع، ثم يحكم رص خيوط اللحمة من خلال ضربها بقطعةخشبية بعرض 8-10سم وبطول 80سم تقريبا تسمى «المنشزة» ثم تشد خيوط السداة مرة ثانية من خلال سحبها بواسطة «قرن غزال». هذا النول غالبا ما تنسج عليه قطع سدو بعرض مقداره 60 - 70 سم وبطول أقله متر واحد وأقصاه نحو 25 مترا. ينصب نول السدو التقليدي في الصحراء أمام ربعة النساء في بيت الشعر لتمارس عليه المرأة البدوية حرفتها وتنسج ما تحتاج إليه لبناء بيت الشعر أو تصنيع أي من مفروشاته وقطع تزيينه المنسوجة.

من مميزات هذا النول أنه سهل النصب والطوي حيث يمكن لناسجة واحدة أن تثبته على الأرض للنسج عليه، ومتى ما دعت الحاجة لرفعه فإنه بإمكانها رفع أوتاده عن الأرض ولفه ونقله للعمل عليه في مكان آخر بسبب كثرة الترحال والتنقل في حياة أهل البادية. إلا أن من عيوب هذا النول أنه يتطلب ساعات طويلة من العمل جلوسا على الأرض مما يتسبب بالآلام الكثيرة في قدمي الناسجة وساقيها وفخذيها وعجزها وظهرها وأكتافها ورقبتها، إما لاحتباس جريان الدم في الأطراف السفلى من الجسم، أوبسبب طول فترة الضغط على أعصاب الرجلين، أوبسبب الإنهاك الذي يصيب عضلات الجسم نتيجة لجلوس الناسجة بانحناء تجاه نول السدو والمحاولة المستمرة من قبل جسم الناسجة لمقاومة أثر قوة الجاذبية الأرضية التي تجذب جسمها تجاه الأرض. كذلك يعاب على هذا النول خاصة عند مده لمسافة طويلة حاجته لأكثر من ناسجة لمد خيوط السداة عليه. ففي الغالب تحتاج هذه العملية لناسجة عند مقدمة النول (القاع) وأخرى عن مؤخرة النول (الرأس)، وثالثة أو طفلة تحمل لفة خيوط الصوف التي تؤخذ منها خيوط السداة ذهابا وإيابا بين الناسجتين الجالستين بين قاع النول ورأسه لتسهل عليهما «تسدية النول» وإعداده لعملية النسج.

آخرا وليس أخيرا، فإن نصب هذا النول في البيوت الحديثة المبلطة الأراضي ببلاط الموزاييك أو الرخام أو السيراميك ونحوها يضر بالكسوات الأرضية ضررا بالغا نتيجة قيام الناسجات في تثبيت أوتاده بدقها في أرضية المنزل.

 

 

1. 2. الجيل الثاني:  نول السدو الأفقي  الأرضي المعدني:

نظرا لانتقال معظم الناسجات من سكان البادية الكويتية للعيش في المدن،والسكن في منازل حديثة ذات أرضيات مغطاة بالبلاط فقد أصبح من المتعذر عليهن استعمال نفس النول التقليدي.لذا، تم من خلال الجمعية التعاونية الحرفية للسدوتصميم نول معدني من أنابيب الحديد الإسطوانية الملحومة على شكل برواز معدني بعرض 60 سم وبطول 150سم له أربعة قوائم طول كل واحد منها 25 سم يوضع واحد منها في كل زاوية من زوايا البرواز الحديدي لتؤدي في مجملها نفس وظيفة أوتاد النول التقليدي الأرضي دون الحاجة لنفس حيز الفراغ أو لتثبيت أوتاد النول في البلاط (الشكل 2).

يتميز هذا النول عن سابقه من الجيل الأول بعدم حاجته للتثبيت بأوتاد على الأرض. كذلك فهويمتاز بخفته وسهولة نقله من مكان لآخر دون الحاجة لرفع قطعة النسيج من عليه. أما أهم عيوبه فمنها استمرار الآثار السلبية على جسم الناسجة نتيجة جلوسها على الأرض للنسج لفترات طويلة وهي نفس النتائج السلبية التي تم استعراض أهمها عند تناول نول السدوالتقليدي المذكور سالفا بالشرح. كذلك فإن أقصى طول لقطعة السدو المنسوجة على هذا النول مترتبط بطول البرواز المعدني للنول نفسه ما لم يتم التغيير في طريقة تسدية النول وهذا أمر ليس محل الشرح هنا.

 

1. 3. الجيل الثالث: نول ريف  (نول السدو الرأسي للمهندس  الأمريكي السيد ريف):

 

نتيجة لتعب وشكاية معظم الناسجات الصغيرات في السن والغير متمرسات على النسج من استخدام نول السدو التقليدي والنول المعدني المطور، بالإضافة إلى وجود الناسجات الأجنبيات الراغبات في التدرب على طريقة نسج السدو، فقد اقترحت الشيخة ألطاف الصباح على مهندس أمريكي يدعى السيد ريف التفكير في تصميم نول لحياكة السدويمكن العمل عليه في وضع رأسي. قام المهندس ريف بتصميم وتنفيذ نول السدو الرأسي الأول (الشكل3).

يتميز هذا النول باختلافه عن النولين السابقين في التصميم وطريقة العمل حيث جاء بناؤه رأسيا بدلا من أن يكون أفقيا مثلهما، مما جعله يأخذ حيزا مكانيا أصغر من سابقيه. كذلك فقد بني جسم النول من الخشب وجعلت له مفاصل متحركة للتمكن من شد خيوط السداة حسب الحاجة عند النسج، إلا أن هذا النول وبعد تجربته وجد غير متماسك وغير ثابت على الأرض بشكل عملي يمكن الناسجات من العمل عليه. بالإضافة إلى ذلك، فإن الناسجات لم يستسغن العمل عليه لكونه غريبا عليهن في طريقتي التسدية والنسج ولا يمكنهن نسج قطع سدو طويلة عليه. كذلك احتاجت الناسجات للعمل على هذا النول للجلوس على كراسي منفصلة للارتفاع على سطح الأرض بالمقدار الذي يساعدهن في الوصول إلى نيرة النول.

 

 

1. 4. الجيل الرابع: نول السدو الرأسي:

تم في عام 1997م اللقاء بين الشيخة ألطاف الصباح ومصمم نول السدو الرأسي (الجيل الرابع) الدكتور علي صالح النجاده، الأستاذ المشارك في قسم التصميم الداخلي في كلية التربية الأساسية التابعة للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ومستشار النسيج في الجمعية التعاونية الحرفية للسدو خلال الفترة من يناير 1998م وحتى يونيو 2015م، بهدف البحث في إمكانيات تطوير نول السدو. تم في ذلك اللقاء استعراض ما قامت به الجمعية من جهود في سبيل تطوير آلة نسج السدو. كذلك تم عرض نول السدو الرأسي الأول للمهندس ريف مع تبيان فكرته وأهم المآخذ عليه، وأبديت الحاجة لتصميم نول رأسي جديد يلبي احتياجات الناسجات المتمرسات والمبتدئات على أن يتم تلافي كافة المآخذ التي ظهرت في نول ريف. تم العمل على النول الرأسي (الجيل الرابع) لمدة قاربت الثلاثة أشهر، وبعدها تم إنتاج النموذج الأول من نول السدو الرأسي (الشكل 4). زود هذا النول بجهاز للتسدية ومقعد ثابت متصل بقاعدة النول لجلوس الناسجات عليه ومخزن صغير أسفل مقعد الجلوس لتخزين الخامات والأدوات المستخدمة للنسج على النول. تم في هذا النول تلافي العديد من مشاكل وعيوب الأنوال السابقة وسوف يتم تناول كل ذلك بالتفصيل فيما بعد.

 

 

مراحل اختراع نول السدوالرأسي (الجيل الرابع):

قبل وضع اللمسات الأخيرة لتصميم وتنفيذ النموذج الأول من نول السدو الرأسي فقد مرت عملية اختراعه في مراحل عديدة موجزها فيما يلي:

 

1. مرحلة دراسة الأنوال السابقة:

 

تم عمل دراسة مستفيضة لأجزاء وتراكيب وطرق استعمال أنوال السدوالثلاثة السابقة وذلك من خلال معاينة تلك الأنوال على الطبيعة وأخذ العديد من الصور الفوتوغرافية لتلك الأنوال من جوانب وزوايا متعددة لدراستها ودراسة طريقة وآلية العمل عليها.

 

2.  مقابلة عدد من ناسجات السدو المتمرسات:

 

أجري عدد مع المقابلات الشخصية مع ناسجات متمرسات من جمعية السدو بهدف التعرف بشكل مباشر منهن على ملاحظاتهن على الأنوال الثلاثة السابقة وما يأملن أن يتحقق في النول الجديد لزيادة راحتهن البدنية والنفسية عند استعمال مع عدم الإخلال بسهولة ووفرة الإنتاج عليه.

 

3. وضع الأسس العلمية والعملية والفلسفية لتصميم نول السدو الرأسي:

 

كمحصلة نهائية لدراسة أنوال السدو السابقة ومقابلات ناسجات السدو المتمرسات، فقد تم الوصول إلى ثلاثة نتائج مهمة كونت بمجملها الأسس العلمية والعملية والفلسفية لتصميم نول السدو الرأسي وهي على النحو الآتي:

- تدني مستوى راحة الناسجات البدنية. لوحظ أن أنوال السدوالسابقة كانت غير مريحة بدنيا، بل وحتى أن النول الأرضي بتصميميه المختلفين في الجيلين الأول والثاني كان يتضمن خطورة في الاستعمال على الناسجات لأنه يمكن أن يتسبب لهن في إعاقات بدنية مؤقتة وربما أخري دائمة. تتمثل الإعاقات المؤقتة في إحساسهن بالآلام الموضعية المؤقتة في القدمين والساقين والفخذين والعجز والظهر والأكتاف والرقبة نتيجة لصعوبة جريان الدم في الرجلين وبسبب طول فترة الضغط على أعصاب الرجلين، وبسبب الإنهاك العام الذي يصيب عضلات الجسم نتيجة الجلوس بانحناء تجاه نول السدو والمحاولة المستمرة من قبل جسم الناسجة لمقاومة أثر قوة الجاذبية الأرضية التي تجذب جسم الناسجة تجاه الأرض. أما الإعاقة الدائمة فهي ما قد يصيب تلك الأطراف من آلام مزمنة في الرجلين والرقبة والأكتاف وتحدب في الظهر نتيجة استمرار وتحمل تلك الآلام لفترة طويلة ولمرات متكررة على مدى سنوات عديدة.

- اختلاف مستويات ثبات الأنوال على الأرض. تباينت مستويات ثبات أنوال النسيج الثلاثة الأولى على الأرض بشكـــل واضـــح، فـــالنــول التقليـــدي ثـــابـــت علــــى الأرض ولا يمكـــن تحـــريــكــه بسهــولــــــة إلا بعد فكه وإعادة تركيب أوتاده لتثبيته على الأرض مرة أخرى. أما نول السدو المعدني فيتم تثبيته على الأرض بجلـــوس الناسجــة عـــلـــى مخـــدة (مســــند) توضع على امتداد النول الأمامي أوبالجلوس على الجزء المنسوج منه (الشكل 5). وأخيرا، فإن نول ريف لم يكن ثابتا على الأرض بشكل عملي بل كان كثير التمايل والحركة عند مزاولة النسج عليه مما يجعل هذه العملية غير مريحة وربما فيها نوع من الخطورة المتمثلة باحتمال سقوط النول على الناسجة أثناء عملية النسج.

- تباين عدد الأشخاص المطلوبين لتسدية أنوال السدوالأرضية ونول ريف الرأسي. مما سبق ذكره، فإن نول السدو التقليدي غالبا ما يحتاج إلى ثلاثة أشخاص لتسديته حيث تجلس الأولى عند المطوى الأمامي أو صدر النول والثانية عند المطوى الخلفي أو رأس النول ويستعان بناسجة ثالثة أو بطفل أو بطفلة صغيرة لنقل كرة خيط النســيج بـــين المرأتيـــن الجالستـــين عند طــــرفــي النـــول لتســـديته. فــي المقابــل، يمكــن تسـديــة نول السدوالأرضي المعدني بشخص واحد أوشخصين حسب طول امتداد النول على الأرض. أما تسدية نول ريف فيمكن أن تتم بجهد شخص واحد. وللسهولة والفاعلية فقد كان الجهد منصبا على تصميم نول جديد يحتاج لأقل عدد ممكن من الأشخاص أوالناسجات لتسديته وتجهيزه بمرونة وسهولة وفاعلية لعملية النسج.

وعليه فقد أسس تصميم نول السدو الرأسي على فلسفة حيوية جديدة تقوم على رؤية مستقبلية مبنية على فكرة «الاستمتاع بعملية نسج السدو والإبداع في تصاميمه في راحة بدنية عالية للمحافظة على حرفة السدو اليدوية التقليدية، ونقلها من جيل كويتي إلى آخر بهدف الاستفادة الشخصية والمجتمعية والاقتصادية منها، وللمحافظة عليها كأحدأهم عناصر الحرف اليدوية النسائية التقليدية في الكويت وكوسيلة عملية للمساهمة في تأصيل الهوية الوطنية المميزة».

 

4. وضع الرسومات الأولية لتصميم نول السدوالرأسي:

 

بدأ العمل في نول السدو الرأسي الجديد بوضع الرسومات الأولية للشكل الابتدائي لذلك النول. بني أساس فكرة تصميم النول الرأسي على استعمال أصل فكرة وتصميم نول السدو التقليدي مع التعديل، لكيلا يكون النول الجديد غريبا جدا على الناسجات فيصعب عليهن عمليا ونفسيا تقبله واستعماله. صمم نول السدو الرأسي ليقف على الأرض بوضع يميل عن سطح الأرض الأفقي بنحو خمس وسبعين 75 درجة (الشكل 4). كذلك روعي في تصميم نول السدو الرأسي تحقيق الآتي:

- توظيف ثقل جسم الناسجة في المساعدة على تثبيت نول السدو الرأسي على الأرض من خلال جلوس الناسجة على الكرسي المتصل بقاعدة النول فتثبته إلى حد كبير بوضع ثقل جسمها على الكرسي.

- بناء نول السدو في وضع شبه رأسي مائل للخلف (مائـــل بدرجـــة 75 عــــن مــســـتــوى ســطــح الأرض) لتتمكن الناسجة من الجلوس على كرسي النول بظهر مستقيم فتحافظ على راحتها البدنية أثنـــاء عملـــية النســـج لفــتــرة أطــول مــن المــعـــتاد. كذلك فإن هذه الجلسة الصحـــية ســوف تخـــفــف من إحساس الناســجــة بـــآلام القــدمـــين والســـاقــــين والركبتين والفخذين والعــجز والظــهر والكتــفـــين والــــرقبة.

- وضع النول الرأسي بشكل شبه قائم ليساعد الناسجة على الاستفادة من قوة الجاذبية الأرضية في حركة اليد إلى الأسفل عند إدخال المنشزة بين خيوط السداة في النفس وضربها للأسفل لضمها ورصها في النسيج بشكل جيد.

- زيادة إنتاجية الناسجة كمحصلة نهائية لرفع مستوى راحتها الجسمية وبالتالي المساهمة في زيادة فترة عملها على النول.

- تصميم النول على أصغر مساحة أرضية ممكنة دون الإضرار بكسوة تلك الأرضية.

- بناء النول بأقل قدر من الوزن لتسهيل عملية تحريكه ونقله من مكان لآخر عند الحاجة.

- بناء النول بطريقة يمكن فيها لناسجة واحدة فقط تسدية النول والنسج عليه.

 

5.  تنفيذ وبناء نول السدوالرأسي:

 

بني نول السدو الرأسي في ورشة النجارة بقسم التصميم الداخلي بكلية التربية الأساسية التابعة للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب من خشب الصنوبر الأبيض على أساس أن يكون جهازا مركبا من أربعة أجزاء أساسية مختلفة هي:

 1. نول السدو.

2. جهاز التسدية.

 3. مقعد الناسجة.

 4. مخزن للخيوط والأدوات المساعدة على النسج (الشكل 4).

لاحــقــا سيــقدم وصــف تفصــيلي مــوجــز لـلــبناء التركيبي للنول مع عرض مصور لمساقطه الأمامية والجـــانبية والخـــلفية.

 

6. تجربة النموذج الأول لنول السدوالرأسي:

 

تم في شهر أكتوبر من عام 1997م تجربة النموذج الأول من نول السدوالرأسي في ورشة النسيج التابعة لقسم التصميم الداخلي من قبل ناسجتين متمرستين ومتميزتين في نسج السدوهما «أم ناصر» و«أم تركي» وبحضور كل من الشيخة ألطاف الصباح الرئيسة الفخرية للجمعية التعاونية الحرفية للسدو والدكتور محمود زكي ريحان رئيس قسم التصميم الداخلي آنذاك، وبحضور الصحافة ممثلة في وكالة الأنباء الكويتية (كونا). استمع الجميع لشرح مقتضب من مصمم النول عن فلسفة بناء النول ومكونات أجزائه الأربعة، تلى ذلك شرح عملي لكيفية تسدية النول والنسج عليه. وأخيرا، قامت الناسجتان بتجربة النسج على النول الرأسي واختبار سهولة وكفاءة العمل عليه. من أهم ما قالته الناسجتان عن النول: «لأول مرة نجرب نولا مريحا ويشابه في عمله إلى حد كبير طريقة النسج على نول السدو التقليدي... إلا أننا نفضل العمل على النول التقليدي لأننا تربينا معه وتعودنا عليه ويصعب علينا في هذا العمر وبعد كل هذه السنين أن نتعود على غيره». لقد كانت هذه الجمل بالنسبة للمصمم كافية ووافية كبداية لأن يعرف بأن النول الذي تم تصميمه وبنائه يتناسب مع الوظيفة التي تم تصميمه من أجلها. أما بالنسبة لعدم رغبة الناسجات بالعمل على النول الجديد فهذا أمر متعارف عليه ومسلم به لأنهما وفي مثل عمريهما المتقدمين لا تشعران بالراحة والاستعداد لتعلم النسج على نول جديد، كما أنهما ترتاحان من العمل على الأرض وهذا أمر طبيعي لأنه كما قيل في المثل الكويتي «عتيج (قديم) الصوف ولا جديد البريسم (الحرير)» أوكما قيل عربيا «الطبع غلب التطبع». قبل ختام تجربة نول السدوالرأسي تم أخذ كافة الملاحظات التي يمكن أن تساهم في تطوير النول وكان من أهمها أن يفصل النول بكرسي متحرك ليتم تحريكه بما يتناسب مع الفروق الفردية في أطوال سيقان وأفخاذ وقامات الناسجات. كذلك أقترح أن يكون للنيرة  أكثر من مركب للتمكن من تثبتها على ارتفاعات مختلفة تتناسب أيضا مع الفروق الفردية في أطوال أذرع الناسجات. وأخيرا اقترح أن يركب للكرسي ظهر لزيادة مستوى الراحة البدنية عند الجلوس للنسج على النول لفترة طويلة.

 

2. الوصف التفصيلي لأجزاء نول السدو الرأسي:

 

يتكون نول السدوالرأسي كما هومبين في (الشكل 6) من ثلاثة أجزاء رئيسية. ففي الأمام يوجد نول السدو ومقعد الناسجة أما في الخلف فتوجد آله تسدية النول. يقوم نول السدوالرأسي على قاعدة مربعة طول ضلعها 100سم ويبلغ إجمالي ارتفاع النول 190سم. يتكون الجزء الأمامي من نول السدو من كرسي مثبت بقاعدة النول وفي أسفله مخزن مفتوح من الأمام والخلف لتخزين بعض خيوط النسيج وأدوات النسج كقرن الغزال والمغزل وأمشاط تنظيف الصوف ونحوها. كذلك، يمكن أيضا تخزين عدد من كرات خيوط الصوف التي سوف تلف حول الميشع وتستعمل لخيط اللحمة.

أمام الكرسي ينتصب نول السدو الرأسي المائل قليلا للخلف بأجزائه الرئيسية الأربعة وجزء خامس مضاف في الخلف وهي على النحو الآتي:

1. القاعة أوالمطوى الأمامي أومطوى الصدر.

2. المراكب.

3. عصاة النيرة.

4. الرأس أوالمطوى الخلفي.

 5. بكرة المشد الخلفي.

تثبت قاعدة النول أومطواه الأمامي على ما يشبه الأوتاد الخشبية البارزة المثبتة على جانبي النول من الأسفل كما هوظاهر في (الشكل 6) فوق الكرسي. أما رأس النول أومطواه الخلفي فيمكن أن يثبت على الأوتاد الخشبية المثبتة والظاهرة في الجزء العلوي من النول.

كذلك يمكن أن يربط المطوى الخلفي في المشد بحبل ثم يشد بعد تسدية النول للخلف ببكرة ذات كابح مثبتة في قاعدة النول الخشبية إذا كانت خيوط السداة الممدودة على النول طويلة كما هومبين في (الشكل 7) وذلك للمحافظة على ثبات قوة شد خيوط السداة. تعمل البكرة ذات الكابح كأداة تحكم في الطول المرغوب به في خيوط السداة المعدة للنسج.

يقع جهاز تسدية النول خلفه (الشكلان 7 و 8)، حيث يتكون من 12 إسطوانة خشبية ممتدة للخلف بطول 50سم وبقطر 22ملم لكل واحدة منها. يمكن أن يمد على جهاز التسدية خيوط سداة للنسج بطول يقرب من 9 أمتار في المرة الواحدة. هذا الجهاز ألحق بالنول خصيصا ليتيح الفرصة لشخص واحد فقط تسدية النول بدلا من ثلاثة أشخاص كما هو الحال في نول السدو التقليدي الأرضي، وفي هذا توفير للجهود البشرية المطلوبة لتسدية النول وتجهيزه لعملية النسج.

 

 

طريقة استعمال نول السدو الرأسي:

يمكن أن ينسج على نول السدو الرأسي جميع قطع السدو التي تنسج على نول السدو التقليدي وبعرض يصل إلى 80سم. لاستخدام نول السدو الرأسي بفاعلية، على الناسجة مد خيوط السداة على جهاز التسدية مع ملاحظة أن بداية تمرير خيط السداة تبدأ بربطه في الأسطوانة الخشبية العليا من اليسار (رقم 1) على جهاز التسدية (الشكل 7) ثم يمرر خيط السداة من أسفل الأسطوانة الخشبية رقم (2) ثم من أعلى الأسطوانة الخشبية رقم (3) وهكذا بالتبادل حتى الوصول لأخر أسطوانة خشبية ثم يلف خيط السداة حولها ويرجع به مخالفا في الاتجاهات لما سبق حتىعند الإسطوانات (1) و (2) و (3). تعاد هذه العملية بعدد المرات اللازمة للوصول للعرض المطلوب لمنسوجة السدو. من المهم ملاحظة أنه في حال رغبة الناسجة في تغيير لون خيوط السداة المطلوبة للنسج فإن عليها أن تبدأ بربط خيط اللون الجديد في نهاية الخيط القديم وتبدأ لف خيط السداة من الأسطوانة الخشبية رقم (1) على النحو الذي ذكر سالفا.

تنزع خيوط السداة من على جهاز التسدية مع المحافظة على نفس ترتيبها في منطقة تقاطعها، ثم يثبت الطرف الأول (المقدمة) من خيوط السداة على عصاة قاع النول الرأسي (المطوى الأمامي) وهي التي تثبت على الوتدين القريبين من ركبتي الناسجة. أما الطرف الآخر من خيوط السداة فتثبت وتربط على عصاة المطوى الخلفي أو رأس النول التي تثبت على الأوتاد العلوية على النول. في حالة زيادة طول خيوط السداة وتجاوزها للمسافة الطولية الممتدة بين أوتاد النول تربط خيوط السداة على عصاة الرأس، فإنه يرمى بها خلف النول لتشد إلى بكرة المشد (الشكل 7).

يلي عملية تثبيت خيوط السداة بين قاع النول ورأسه عملية تنيير خيوط السداة في نيرة النول. من خلال هذه الخطوة الهامة يتم رفع خيوط السداة الفردية بمقدار 10سم عن مستوى خيوط السداة الزوجية ثم تشد الخيوط الفردية إلى عصاة النيرة الموجودة في منتصف النول من الأمام بخيوط قطنية فينفرج بين مجموع خيوط السداة الفردية والزوجية فراغ مثلث بزاوية حادة يسمى «النفس» (الشكل 9). تتغير عملية تنيير خيوط السداة حسب نوع النقوش المطلوب إظهارها على قطعة السدو.

وأخيرا لبدأ عملية النسج يتم إدخال خيط اللحمة الملفوف حول الميشع «البوبن» لينتقل من يمين القطعة المنسوجة إلى يسارها وبالعكس وذلك من خلال إدخال الميشع في «النفس» المتكون نتيجة إنفراج خيوط السداة الفردية عن الخيوط الزوجية. بعد مرور أول خيط لحمة في النفس من تحت خيوط السداة الفردية، ترفع الخيوط الزوجية للأعلى وتخفض الخيوط الفردية ليظهر «النفس المقابل» ويدخل من خلاله الميشع مرة ثانية ملفوفا حوله خيط اللحمة. تكرر هذه العملية مرات ومرات وبذلك تتواصل عملية نسج السدو إلى أن تكتمل القطعة المراد نسجها.     

 

 

3. تعديل النموذج الأول من نول السدو الرأسي:

في النموذج الثاني من نول السدو (الشكل 9)، تم الأخذ بملاحظات الناسجتين المتمرستين اللتين قامتا بتجربة النموذج الأول (الشكل 6) والإستئناس بإفادتيهما لعمل النموذج الثاني من نول السدو الرأسي. تم في هذا النول عمل التعديلات الآتية:

- فصــل كرســــي النــول عـــن قاعـــدته ليكــون متحركا على مجرى مصمم للتحكم بقرب وبعد الكرسي عن جسم النول ليتناسب مع طول وقصر ساقي وفخذي وذراعي الناسجة، مع استمرار استخدام ثقل جسم الناسجة في تثبيت النول على الأرض ومنع عملية اهتزازه وسقوطه.

- أضيف للكرسي ظهر أرجونومي مقعر يتناسب في درجة تقوسه مع تقوس ظهر الناسجة وأكتافها وعمودها الفقري ليسند ويدعم ظهر الناسجة ويساعد على زيادة مستوى راحتها عند النسج علـــى النــول وبهـــذا يمكــن أن تــزيــد فـــتــرة جلـــوس الناسجة للنسج عــلـى النــول الـــرأســي عــــن الفـــترة التي تستغرقها في النـــسج عــلـــى الــنــول الأرضـــي التقلـــيــدي ويـــؤدي ذلــك إلــــى زيــــادة إنــتـاجــــــيــتــها اليــومــية مــن نســيج الســـدو.

- تم تصميم مركبين جديدين للنول بحيث يمكن أن توضع عليهما النيرة بثلاثة فتحات فوق بعضها البعض وعلى مسافات متفاوتة لتناسب مع الفروق الفردية في أطوال أذرع الناسجات.

 

 

3. 1. الجيل الخامس: نول السدو الهرمي– النموذج الأول:

جاءت فكرة تصميم نول السدو الهرمي تلبية لطلب بعض المتدربات على حياكة السدو من النساء الأجنبيات وذلك بهدف توفير نول للسدو خفيف الحمل، وصغير الحجم نسبيا، وقابل للإنتقال به من مكان لآخر من خلال السيارة، وذلك بهدف ممارسة عملية حياكة السدو في المنزل أو خارجه. وعليه قام الباحث بتصميم نول السدو الهرمي معتمدا على فكرة «نول الكعب» أو ما يعرف «Inkle Loom» وذلك بغرض توفير أكبر طول ممكن لمد خيوط حياكة السدو على النول الجديد.

أنتج النموذج الأول من نول السدو الهرمي (الشكل 10) بهذا الشكل لأن البناء الهرمي بناء متين إنشائيا وجميل هندسيا، وثابت على سطح الأرض. كذلك فإن حجم تصميم هذا النول كان مناسبا لنقله بالسيارة، وتخزينه في المنزل بطريق عرض جيدة ليكون جزءا جميلا من إكسسوارت المنزل. يمكن التحكم بقوة شد خيوط السداة على هذا النول من مشده الأمام المتمثل في الإسطوانة الأمامية السفلى من النول حيث يمكن تحريكها للأعلى والأسفل من خلال فتح أو ربط البراغي المشدودة على جانبي النول بمفتاح حديد خاص.

 

 

3. 2. الجيل الخامس: نول السدو الهرمي– النموذج المطور:

جاءت فكرة تطوير هذا النول وتصغير حجمه بطريقة الطي تلبية لاحتياجات بعض الناسجات المتدربات اللاتي فكرن في أخذ هذا النول معهن في حال السفر إلى بلدانهن وذلك من خلال وضعه في حقيبة مناسبة. لذلك تمت دراسة تلك الإحتياجات وإمكانية تلبيتها أيضا للناسجات اللاتي يسكن في شقق صغيرة نسبيا وليس لديهن المكان الكافي لتخزين النموذج الأول من النول الهرمي،  فجاءت فكرة الطي لتجعل من مكان تخزينه أصغر ما يمكن كأن يدس تحت سرير النوم على سبيل المثال أو في أحد جوانب أي خزانة في المنزل (الشكل 11).

لا يختلف هذا النول عن سابقه سوى في أن عارضته السفلية قابلة للطي (الثني) مما يجعله يأخذ مكان أقل في التخزين. إلا أنه بعد اكتمال التصميم وشد خيوط السداة عليه وتجربة طيه ظهرت الحاجة لمعالجة مشكلة تدلي خيوط السداة التي ارتخت بسبب طي النول. تمت معاجة هذه المشكلة بتركيب إسطوانة خشبية متصلة بين العارضتين المنثنيتين في أسفل النول للأعلى بحيث ترتفع تلك الإسطوانة أسفل خيوط السداة لتقوم برفع المتدلي منها عند طي النول. كذلك استبدلت براغي ربط المشد الأمامي بقبضتين كرويتين تستعملان لشد البراغي بدلا عن استخدام مفتاح الشد الحديدي المتعارف عليه.

 

3. 3. الجيل السادس: نول السدو التعليمي للأطفال– النموذج الأول:

 

إنتـــج نـــول الســـدو للطـــــاولــــة الــــصـــــغـــير (The Miniature Al-Sadu Table Loom) كنول تعلمي يمكن أن يستعمل لتعليم الأطفال حياكة السدو من خلال تنفيذ قطع صغيرة عليه(الشكل 12). هذا النول هو نسخة مصغرة عن نول السدو التقليدي مع التعديل الطفيف، إلا أنه يتميز بصغر حجمه الذي لا يزيد عن 50سم عرضا بطول لا يزيد عن 75سم. صمم هذا النول بحيث تستخدم قطعتان من الخشب توضعان على جانبي النول ليوضع في أولهما إسطوانة خشبية تمثل قاعة النول (طرفه الأمامي) وتشد الثانية في رأس النول (طرفه الخلفي) وتوضع مراكب النول في مجرى خاص محفور على قطعتي الخشب الجانبيتين لتسهيل عملية تثبيتهما وتحريكهما كيفما دعت الحاجة لذلك. إيضا استخدم المركبان لوضع عصاة النيرة عليهم.

 

 

3. 4. الجيل السادس: نول السدو التعليمي الأطفال – النموذج المطور:

نظرا للحاجة الملحة للانفتاح في تعليم حياكة السدو على طالبات المدارس التعلمية سواء الحكومية أو الخاصة فقد قام الباحث بتطوير نول السدو التعليمي للأطفال من خلال تكبير حجمه قليلا بحيث أصبحت قياساته الجديدة بعرض 60 سم وطول 110سم. كذلك أضيف للنول الجديد أربعة مرابط خاصة لتثبيته على طاولة العمل و تسهيل عملية النسج عليه (الشكل 13).

بعد نجاح فكرة التصميم المطور لهذا النول، فقد تم استخدامه لتعليم الكبار أيضا عملية حياكة السدو بعد تثبيته على طاولات تم اختيارها مسبقا لهذا الغرض بهدف تسهيل تعليم وممارسة حياكة السدو أثناء الجلوس على كرسي بدلا من النسج على النول التقليدي والجلوس على الأرض. هذا النول استطاع أن يوفر للمتعلمات الجدد الراحة المطلوبة أثناء عملية النسج والمتعة في حياكة قطع نسيج ذات جودة عالية وجمال جذاب.

الخاتمة:

لقد توالت افكار اختراع أنوال السدو المختلفة لتلبية الإحتياجات المتزايدة والمتنوعة لمثل تلك الآلات المتخصصة وذلك بهدف المحافظة على حرفة السدو التقلـــيدية مــن الانــدثـــار ومــحـــاولــة نقـــلها لــلأجــيال الجديدة من الناسجات بكل سهولة ويسر. كذلك فإنه يتوقع أن تكون تلك الأنوال المختلفة أكثر مناسبة لأجيال الناسجات الجدد لكون العمل عليها مشابه للجلوس على مكتب الدراسة وهذا أمر اعتادت عليه الطالبات. وأخيرا فإن تصميم كل من نول السدو الرأسي ونول السدو الهرمي ونول السدو التعليمي بالطريقة التي تم عليها كان يهدف لحماية أجسام الناسجات من الآلام التي كان يسببها لهن العمل على نول السدو الأرضي والذي كان ينفرهن من المساهمة في المحافظة على هذه الحرفة الوطنية والتقليدية الهامة، بالإضافة لتسهيل زيادة عدد ساعات النسج على تلك الأنوال، ومن ثم زيادة الإنتاج من منسوجات السدو.

 

 

المراجع:

المراجع العربية:

-    إبن منظور (2003)، لسان العرب.دار الكتب العلمية، بيروت: لبنان.

-     الجوهري،إسماعيل بن حماد (1990، الطبعة الرابعة)،الصحاح.دار العلم للملايين: لبنان.

-    الجمعية التعاونية الحرفية للسدو(http://www.alsadu.org.kw/home.php) تم الإسترجاع في 4/10/2015م.

-    الصباح، ألطاف سالم العلي (2000)، تقاليد: قراءات في الثقافة والفنون التقليدية الكويتية. مؤسسة فهد المرزوق الصحفية، الكويت.

-    النجاده، علي صالح. (1998). «أثر البيئة الصحراوية و الثقافة البدوية على فن حياكة المنسوجات التقليدية في الكويت: دراسة خاصة حول السدو»، مؤتمر الفن والحضارة، كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان. حلوان، جمهورية مصر العربية.

-    كرايتن، رونا (1989). السدو: الأساليب الفنية وللحياكة البدوية. ترجمة عزة محمد كرارة.  بيت السدو: الكويت.

-    نصر,إنصافوالزغبى، كوثر (1993، الطبعة 4). دراسات في النسيج. دارالفكرالعربى : مصر.

المراجع الأجنبية:

-    Al-Sabah, Altaf Salem Al-Ali. (2006). Ibjad: ornate tent dividers and weavings of the Kuwait desert. Al-Assriya Printing Press Publishing and Distribution Company: Kuwait.

-    Dickson, H.R.P. (1959). The Arab of the Desert. George Allen and Unwin: London, UK.

الصور:

من الكاتب.

 

أعداد المجلة