فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
33

السبحة ..أو المسبحة أيقونة الذكر والتذكر من الغراند بازار بإسطنبول إلى قصر الشوق بالقاهرة

العدد 33 - ثقافة مادية
السبحة ..أو المسبحة  أيقونة الذكر والتذكر من الغراند بازار بإسطنبول إلى قصر الشوق بالقاهرة
كاتبة من مصر

ماهية السبحة أو المسبحة؟
المسبحة هي خرزات للتسبيح تُعدٌ، والتسبيح تعني الصلاة أي «كان من المسبحين(المصلين)»، وسبُوٌحٌ قدوس ويفتحان من صفاته تعالى لأنه يسبح ويُقدّس(1).
وأشهر المسابح في التاريخ سبحة زبيدة بنت جعفر المنصور وهي من مسبحة فريدة في شكلها إذ صنعت من تواقيت رمانية كالبنادق، وقد اشترتها زبيدة بخمسين ألف دينار.
 كما اشتهرت مسبحة هارون الرشيد، وهي مؤلفة من عشر حبات من اللؤلؤ وتم شراؤها بثلاثين ألف دينار. بينما أغلى مسبحة في العالم يملكها سعودي وهي مصنوعة من الزمرد ويبلغ ثمنها 156000 ألف دولار، ويحتفظ رجل كويتي بأندر السبح في العالم حتى الآن .


ولم تجد الكاتبة كتاب عن المسبحة سوى كتاب صدر في المملكة السعودية ، وقد تضمن الكتاب(2) تاريخ المسبحة وحكمها وإنقسم لقسمين: في بيان المشروع وهو عد الذكر بالأنامل، و في بيان غير المشروع وهو عد الذكر بغير الأنامل.
تصنيع المسابح في قاهرة المعز:
(زيارة ميدانية في إبريل 2015)
تنتشر الورش حول مقام مسجد الحسين، وتحديداً من حارة أم الغلام، حيث تتعدد الحواري والأزقة التي تملأها الورش، وقد كان جمع المادة هنا من (قصر الشوق)، وتحديداً من داخل القصر حيث يسكن واحد ممن تربوا في المهنة (الإخباري 1).
ولا يوجد تحديد لعدد العاملين، لكن أغلب العاملين في السبح (الوحدات)، وملئ الثقوب بالمعدن بنات وسيدات، بينما الورش والتثقيب في يد الرجال، بينما التسويق في يد محلات وتجار منطقة الحسين فهم المرآة الحقيقية لهذا المنتج.

1. الخامات:
تعتمد خامات المسبحة على خامات الطبيعة سواء الأحجار أو الأخشاب أو المعادن أو العظام أو غيرها، كما تعتمد على الخامات الصناعية سواء البترولية أو غيرها.
كانـــت خامــــة  المسابـــح في الماضـــي مـــن الطبــيعة مـــثل القواقع والطين الأحمر والأبيض والعاج والبذور والعظام والزجاج والأحجار الكريمة، ومن خرزات العمود الفقري للسمك أحياناً.
يحتاج العامل في تلك المهنة للتركيز والتفرغ، ودخل الحرفي يبدأ بمائة وخمسين جنيه في الأسبوع (عشرون دولار)، ويتم زراعة اليُسر في صفائح فوق الأرض لتنتج اليُسر الصناعي، والخامة تكون على ثلاث مستويات:

1.1.  الخامات الطبيعية:
الأحجار الكريمة(3):
 يستخـــدم الإنســـان منـــذ القــــدم الأحجــــار الكـــريــمة، لاعتقادهم بقدرتها السحرية، فالفيروز لجلب الحظ، والياقوت لتقوية الدم، والعقيق لدرء الحسد والعين، واليسر ضد الغيرة. كما تختلف ألوان المسابح باختلاف لون الحجر المستخدم فيها.
أما العرب فقد استعملوا المسابح في التسبيح، لكنها بدأت بالبسيط الذي وفرته الطبيعة، حيث استخدم البذور، والقواقع البحرية، والأحجار الطبيعية كالحصي.
المـــــرجـــان: الأحــــمر والأســــود ومـــوطــــنه بحــــار الخــلـــيج والمتــــوســــط.
العقيق: الأحمر والأزرق والأبيض.
الفيروز: لون أخضر وأزرق وأنواعه المصري والفارسي والمكسيكي.
الكهرمان: مصدره ألمانيا، وروسيا، وأوكرانيا، وله رائحة محببة عند فركه باليدين.
الزمرد: أول من جلبوه من جبال الصعيد الفراعنة بمصر، وكان يوليوس يحب جمعه.
الأحجار شبه الكريمة (4):
الفاتوران: وهي خليط من الكهرمان (الباكالاتين المؤكسد).
خامات صناعية: تحمل رائحة مخدرة، ولونها أحمر أو أصفر أو برتقالي.
 الأخشاب : وهي خامة طبيعية التى تناسب كل الفئات، و هناك أخشاب ملائمة للسبح أشهرها:
خشب الزيتون : معروف بتدريج لونه
 خشب الأبنوس: ويتم جلبه من السودان وجنوب شرق آسيا وهو لونه أسود داكن.
خشب الكوك: ويجلب من جنوب شرق آسيا، ومن أمريكا اللاتينية (البرازيل والأرجنتين)، وهو من فصيلة أشجار جوز الهند، والمسابح تستخدم فيها ثمرة كوك جوز الهند، ويعتقد أن النبي نوح صنع منه سفينته قبل الطوفان.
شجرة العود - شجر الصندل وبرائحته الطيبة - شجر الورد.
 العظام سواء عاج الفيل، أوعظم الجمال:
وتنتجها مصر وهي المعروفة بالعاج المصري، وهو من عظم الجمال، حيث يملك الجمل أربعة أرجل (توزة)، الزوج الأمامي ضعيف والزوج الخلفي قوي. يتم تطهير العظام بماء الأكسجين ثم يُخرط في ورشة الخراطة.
 اليسر: من الأعشاب المائية ومصدره البحر مصدره  الصين واليابان والسعودية، وهي شعاب مرجانية لونها أسود ويعتقد أنه يبشر بالرزق
 الزجاج .
 المعادن:
وأنواع منها:
الذهب: ولا يفضل استعماله إلا للنساء، و يُطعم بالأحجار الكريمة.
الفضة: الفضة المصري الأشهر ويفضلها الحرفي والبائع على السواء.
الألومونيوم:  تقليد الفضة من أسلاك الألومنيوم تستخدم لرخصها وهى تزداد في اللمعة.
المخلفات المعدنية: وهناك تصنيع يتم من (هيد) المسجل القديم، وما يتم جلبه من الخردة وسبكه لأسلاك، وإستعماله يشبه الفضة المؤكسدة.

1. 2  .الخامات الصناعية:
 المشتقات البترولية: ومنها السبح البلاستيكية التي نافست اليدوية فهى صناعية رخيصة جداً وملونة، وحلت محل السبح الطبيعية لدى أغلب المستعملين للسبحة وأشهرها (نور الصباح)، والتى تضئ في الظلام لتجلب بهذه الخاصية ملايين المستخدمين لها منذ عشرات السنين.
الخزف: وتنتج بأحجام كبيرة وتغطى فيه حبة الفخار بالجليز وتحرق، وتستخدم في الزينة.
الجبس: وتنتج بأحجام كبيرة وتغطى بالجليز وتحرق، وتستخدم في الزينة.

2. تشكيل المسبحة:
تتشكل المسبحة من خامة رئيسية هي خامة الحبات، ويمكن تطعيمها بخامة أخرى، والخامة هنا تخضع لمواصفات منها السلاسة فى الملمس وعدم التعرض للكسر بسهولة حيث أن المسبحة تتحرك من مكان لمكان، وبالتالي يفضل متانة الخامة، كما يهم أن يكون جمع حبات السبح بخيط قوي، وليس بخيط يتسبب في انفراط حباتها.
الخامات:
تتعدد الخامات وهي كالتالي:
- خامة المسبحة الرئيسية
- الصنفرة
- المقص
الأدوات:
تتعدد الأدوات وهي كالتالي:
- المقص.
- الزاوية.
- الإبرة.
- الخيط من البلاستيك أو القطن أو المعدن، ويراعى تخانته.
العدد والآلات:
- فرشاة التلميع.
- المثقاب.
- المنشار.
- ماكينة تدوير حبة المسبحة.
- تشكيل للسبحة.
  في الغالب تأتي الخامة مخروطة، وتعتمد على تصميم يتم وضعه بمعرفة مصممين، وأشهر مصممي السبح الفنان سامي لطفي وهو معروف بين المنتجين وله شعبية ويقوم بتشكيل الحبة وتصميمها، وهو من أبناء أكاديمية الفنون (المعهد العالي للفنون المسرحيةـ قسم ديكور - تخرج أول تسعينات القرن العشرين).

2 .1. وتعتمد مراحل التشكيل على:
1. التثقيب (ماكينة تثقيب)
2. الرسم بقلم الرابيدو والتحديد بالقلم الرصاص، هو القلم المجدد للرسوم والتشكيل على الحبة، ثم يتم التثقيب. والدق فوق النقش بالبنطة (نصف مللي، أو 60 من المللى الواحد)، تطعيمها بالفضة (أو بالأحجار والمعادن) ثم التلميع.
3. يتم إدخال المعدن بالقصافة.
4. تجهيز الكوك بالخرط والصباغة.
5. التلميع (موتور تلميع).
6. تشكيل المأذنة (بالمبرد مع موتور لف القطعة).

2 .2. مرحلة تجميع الوحدات (الحبات):
ويتم ذلك باستخدام التالي:
 الخيوط المعدنية أو الخيوط القطنية أو الخيوط البلاستيكية.

2 .3 . أشكال الوحدة الأساسية (الحبة):
يختلف الحجم من بلد لآخر، فلكل ثقافة حجم تفضله لحباتها، ولأشكالها، وللوزن، واللون، والملمس وغيرها، وهو ما يجعل تنوع السبح جزءا من جمالياتها.
الحجم: يختلف من بلد لآخر فيفضل العراقيون  الحبة الكبيرة (12مللى)، بينما المصريون يفضلون الحبة الوسطى (8مللي)، ويميل الأتراك للحبة الصغيرة (6مللي).
الشكل: تتنوع الأشكال، ويرتبط الإسم بالشكل المستلهم منه، وذلك كالتالي:
- زيتون.
- عين الكتكوت.
- كمثرى.
- ترمس.
- بيضاوي.
- تركى (إسطمبولى مسحوبة).
- خرطة فلاحي (برميلي).
- بلية.
- زتونة إستمبولي.
- زتونة سايحة.
- هندسي:
مربع - دائري.
الوزن: تبعاً للخامة وحجم الحبة، ويستحب المسبحة الخفيفة للنساء، والأكثر وزناً للرجال.
اللون: تتفق الألوان مع لون الأحجار الطبيعية، ولا يحبذ الألوان اللامعة أو اللافتة.
الملمس: النعومة والسلاسة من المؤثر في مدى تجاوب المقتني للسبح.
الرائحة: هناك أشجار وأحجار تتميز بالروائح الطبيعية المحببة لدى المستعملين للسبحة.

2 .4 . الفواصل(المئذنة) :
 وهي تقترب من روح السبح والذكر بها. وتكون على هيئة جزء من مئذنة.
النهايات يوجد في نهاية المسبحة (المئذنة أو المشربية أو الدلاية)
هناك نهاية من مئذنة، وهي التقليدية في تصنيع السبح، واليوم اشتهرت السلاسل المعدنية التي تنتهي بأهلة أو أشكال مختلفة ترتبط بالعقيدة الإسلامية

2 .5 . الشرابة كمكمل جمالي:
تعتبر (الشرابة) مكملا جماليا ووظيفيا للمسبحة وهي تحمل تماثلاً مع تشكيل نهاية المآذن والتي ترتبط بالتشكيل المعماري لمكان العبادة لدى المسلمين ، وللشرابة أشكال وأحجام، وقد تنوعت في العصر الحديث لتكون كحلية أكثر إرتباطاً بفنون الحلي لتصبح في أحيان كثيرة سلاسل تحمل مفردات من البيئة المحلية.

3. معتقدات مرتبطة بتصنيع المسبحة:
3 . 1 .طهارة يد الحرفي:
   هناك محاذير في تصنيع السبح فالمرأة لا تصنع أسماء الله الحسنى، نتيجة وجود احتمال إصابتها بأيام الحيض، وهو مايمس الطهارة، لذا تعمل المرأة في كل التصميمات ما عدا ما يحمل أسماء الله العظمى.

3 .2 .تأثير البيئة على تصنيع المسبحة:
   أثرت البيئة على تصنيع المسابح، حيث تختلف أنواع الخامات والحجم لحبات المسبحة من مكان لمكان ومن ثقافة لأخرى، وثمن المسبحة هو جزء من المقدرة الشرائية التي ترتبط بالوضع الاقتصادي لفئات المجتمع، وهناك ملامح بعينها للمجتمعات في تسويق السبح.

4. وظيفة المسبحة:
4 .1. وظيفة دينية:
المسلمين: كمظهر من مظاهر التقرب إلى الله لدى عامة المسلمين، وذلك كالتالي:
«الذكر - التذكر  - مظهر للتقوى»
المسيحين: تخص رجال الدين والمتدينين.
اليهود: للتقرب الي الله، وهي دلالة التدين.

4 .2. وظيفة دنيوية:
العمارة: تزين بها قبور الأولياء والصالحين.
الديكور: حيث تزين بها حوائط المنازل، وتكون مؤلفةً من 33 أو 45 أو 66 حبة
زينة الدراويش: حملها في الأعناق حيث قيل أن ذلك يعتبر مكانا أطهر من اليد ويعبر في الوقت نفسه عن نوع من المكابدة والعشق الإلهي والتعلق الشديد (انظر كتاب الشيخ الشعراني - لطائف المهن، بولاق، 1912، ص (83) وهنالك قصص وحكايات عديدة تدور حول مسبحة الراهب أو الملّا أو الدرويش والناسك والتي تضفي جوا رومانسيا على هذا التولّه بشكل عام (انظر إلى كتاب، السيد ادوارلين).
عادات الزواج: ونجدها في طقوس الزواج السودانية حيث يرتديها العريس في رقبته ضمن أشكال التبرك المرتبطة بذكر الله.
دلالة اجتماعية:  بهدف إظهار التدين ولفت نظر.
علاج نفسي: يعتقد البعض أن هناك علاقة بين السبح وراحة النفوس، وكعلاج نفسي (للقلق - التركيز - التأمل)، كما كان البعض يغسل السبح في ماء يستعملونه بعد ذلك في العلاج كدواء.
ضد السحر: حيث تستخدم المسبحة كتعويذة ضد السحر في بعض الثقافات.
الحسد: (رد العين) حيث تستخدم المسبحة لرد العين ضد الحسد.
تميمة حظ: وتستخدم كتميمة لجلب الخير والحظ.
الموضة: اهتمت بيوت الأزياء في العواصم العالمية باستخدام حبات السبح المختلفة في الزينة (مثل حبات الكهرب) واستخدمتها كزينة، واستلهام أشكال تراثية تعتمد على توظيف حبات السبح، أو استخدامها بشكل كامل بتوظيف مختلف على معصم اليد أو حول الرقبة، ويقبل الشباب من كافة الجنسيات على استخدام المسبحة كشكل مختلف.ولعلّ المسبحة التي عرفت باسم «المسبحة الألمانية» هي من أكثر السبحات النسائية إقبالاً من جانب الفتيات في المنطقة، وهي سبحة نسائية.
المسبحة والشباب: أغرب أنواع السبحات المنتشرة بين الشباب هي المعروفة بسبحة الحشرات، والتي تقتطع من أحجار تكوّنت من مادة الصمغ الذي تفرزه أشجار الصنوبر، بعد أن يغطي الصمغ الحشرات الموجودة على هذه الأشجار، لتموت وتبقى داخله.

5. تسويق السبح في العالم:
تتحكم  مصر وتركيا والصين في أسواق السبح في العالم، بينما هناك دول من جنوب شرق آسيا تنتجها أيضاً كأندونسيا والهند وغيرها. وتعد الأسواق المصرية الأكثر رواجاً واستهلاكاً للسبح، بينما تنافسها في الاستهلاك من الدول الإسلامية السعودية ودول الخليج، وفي التصنيع تركيا، ولا توجد أرقام واضحة للتصنيع ولا للاستهلاك ولا للتوزيع النسب بين المنتج والمستهلك من السبح، وهي ضمن أزمة المنتجات اليدوية في مصر التي لا تحتكم لمواصفات ولكنها تعتمد على المجهودات والمشاريع الفردية.
ويتأثر السوق المنتج للسبحة بالمواسم التالية:
- مواسم الحج والعمرة والمجلوب من السبح المنتجة من جنوب شرق آسيا
- مواسم الموالد وتسويق السبح لطبقة الفلاحين والقرويين.
- موسم شهر رمضان.
- حيث يتأثر سوق السبح بالتالي:
- العرض
- السعر
- المكان
- المستهلك

6. أسواق المسابح في العالم:
تعد مصر السوق الرئيسي للمسبحة في العالم، رغم أن مكة والمدينة هما المزارات الدينية الرئيسية عند المسلمين، والقدس لدى المسيحيين واليهود، وذلك للأسباب التالية:
- الصنعة وتمركزها في الورش الموجودة في العديد من أحياء القاهرة الفاطمية.
- الصوفية وانتشار الأولياء في أغلب مناطق الجمهورية تروج من تجارة السبح.
- عدد السكان الذي يتعدى التسعين مليون نسمة، وطـــريــقة الحياة الاستــهـلاكية تـزيد من اقتناء المسابح.

6 .1.  السوق العربي:
تقترن المسبحة بمظهر الرجل عند أغلب الدول العربية خاصة دول الخليج، ويوم الجمعة نجد المظهر التقليدى لأغلب المسلمين هو صلاة الجمعة بصحبة الأبناء وفي يدهم المسبحة كتقليد مرتبط بالعقيدة.
مصر:  تغلب على طبيعة المصريين المجاملة بالسبح، وربطها بزيارة المقامات والموالد كذكرى من حرم المقام، ولدى المصريين عادة التهادي (بسبحة وطاقية وسجادة صلاة) يجلبها المعتمر أو الحاج للمقربين.
مكة والمدينة:  تعتبر تلك المدن السوق الكبير للسبح في السعودية، وهي قبلة رئيسية لدى المسلمين في العالم.
العراق:  يذكر التجار أن رجال العراق يرتدون العباءة بلون المسبحة، ولا تنتشر في العراق سبح أسماء الله الحسنى لتعدد المذاهب.
سوريا(قبل الحرب):  كانت سوريا تنتج بكثافة السبح، لكنها في ظل الراهن من  وضع أمني وعسكري ما باتت على الساحة، لكنها كانت تنتج المتميز من السبح والذي ميز بلاد الشام منذ العهد الأموي، حين خرجت أغلى السبح من دمشق وهي المرصعة بالأحجار للسيدة زبيدة.
الخلـيج:   المسبحة في الخليج مصدر تباه وهي إكسسوار مكمل للرداء الرجالي (الجلابية - الدشداشة)، وهى تختلف من بلد لبلد، ومن طبقة خليجية لأخرى لكن سبح الأحجار هي الغالبة لديهم أو الفضة المرصعة بالأحجار.
المغـرب العربـي: معروف علاقة المغرب العربي بأسبانيا وفرنسا، لذا ساهم ارتفاع العمالة المغربية في تلك الدول الأوربية، في فتح سوق للسبحة بين مسلميها خاصة الجيل الأول من المهاجرين، وترتبط المغرب بتجارة المصلية والترويج للسبح المصرية والصينية خاصة.

6 .2. السوق الصيني:
الصين منتج كبير للسبح، حيث تتعدد مستويات الإنتاج، تبعاً لطبيعة اقتصاد البلد المستورد، ولدخل الفرد الذي يستهدف في بيع المسبحة له، وتعد الصين أهم الأسواق المنتجة للسبح، عرفت الصين بمسابح الكهرمان الأسود.

6 .3 .السوق التركي:
معروف بين دارسي التاريخ أن الحرفيين المصريين تم تهجير الكثير منهم في كل الحرف منذ 1517 حين احتلت الدولة العثمانية مصر، ولما كان ضمنهم صانعو السبح فإن المسبحة التركى تنافس المصري ولكن الرواج السياحي في تركيا، ونظام السوق وتنظيم مجال الحرف ساهم لحد كبير في تميز نوعي في المنج التركي بينما نجد أن السوق المصري عشوائى فردي لا يستطيع المنافسة إلا من خلال التجديد في التصميم والمختلف في اللون والتصميم. الحبات في تركيا صغيرة والسوق التركى يجلب سبحا تحمل أسماء الله الحسنى.

6 .4. السوق الأفريقي:
تشتهر أفريفيا بإنتشار الصوفية وخاصة السودان والسنغال ومالي، وقد شاهدت الكاتبة في بعض الاحتفاليات كيف يتم توظيف السبح في الرقصات المرتبطة بالولي، وترى الكاتبة أن استخدام الأفريقي للسبح في أدائه الراقص ترتبط برقصاته التقليدية، التي كان للحلي التي تشبه خرط السبح والتي تتدلى من رقبته، وبعلاقته الوجدانية بشكل المسبحة القريب من تراثه القديم. إن بعض الدول الأفريقية تنتج المسبحة كزائير وتنزانيا.

6 .5. بعض دول جنوب شرق آسيا:
أندونسيا وماليزيا وتايلاند والفلبين مصادر خامة وتصنيع للمسابح، لكنها أكثر جلباً للحبات فقط، حيث يجلبوها مخروطة كحبة فقط للسوق المصري، ويتم تثقيبها بتصميم بعينه وإتمام مراحل العمل فيها. كما تنتج السبح باكستان وأفغانستان وبعض أجزاء الهند وجنوب الاتحاد السوفياتي (طاجقستان) وأذربيجان.

6.6 . الدول الاوربية :
اشتهرت البندقية بالمسابح الزجاجية، بينما عرفت ألمانيا بمسابح الكهرمان، وتنتج قبرص واليونان يوغسلافيا وألبانيا وغيرها المسابح في حدود ضيقة.

7. تراجع تصنيع السبح في العالم الإسلامي:
7 .1.  تراجع تصنيع في مصر:
 هناك أسباب لتراجع إنتاج المسابح اليدوي المصرية منها:
- رخص وتوافر السبح المستوردة من الصين ودول جنوب شرق آسيا.
- قلة الأيدي العاملة
- ظروف السوق المصري الغير مستقرة.
وحتى تستقر صناعة السبح في مصر يحتاج الحرفي التالي:
1. التأمين الصحي حيث يتأثر الحرفي بالمواد المستعملة في الصباغة واللصق مما يجعله عرضة للأمراض الصدرية.
2. مشاكـــل في فواتـــير عـداد الكهرباء: حيث أن المواتير الموجودة للتثقيب والتلميع والتنعيم كلها تعتمد على الكهرباء مما يحمل الحرفة عبئا مع زيادة أسعار فواتير الكهرباء في الآونة الأخيرة.
3.  تسويق منظم للسبح ولمنتجاتها حيث تعتمد المسبحة على حرفي قد لا ينتظم في العمل معها، فهي حرفة طاردة لا جاذبة للعمالة.

7 .2 . انهيار تصنيع المسابح في سوريا والعراق:
في ظل الأحداث السياسية وأحداث الحرب في سوربا والعراق، تأثرت تلك البلدان بشكل كبير بالنزوح لسكان المدن وتغير شكل المدن مع ما يدوى على الأرض من تبديد لتراث تلك الدول، وبالتالي راح معها الصناع واختفت الخريطة القديمة للصناعات التقليدية في تلك البلدان ولذا فقدت أمتنا العربية جزءا حيا من تراثها التشكيلي.

 7 . 3 . رقمنة المسبحة «المسبحة العداد»:
انتشر في الآونة الأخيرة عداد تسبيح، وهو كساعة رقمية بذراع صغير يُلف حول الأصبع، وثمنه قليل ما جعله ينتشر. وهو وارد من الصين، يباع لشريحة متعلمة من الممارسين للتسبيح، وقد لاحظت الكاتبة أن أكثر المستعملين له من المعتنقين للأصولية ويباع لدى البائعين المتجولين وفي المحلات .

8. المسبحة في بعض المعتقدات الإنسانية:
8 .1. المسبحة في الأديان اللاسماوية.
المسبحة عند الهندوس: وتسمى لديهم رودراشكا، وهي جزء من عقيدة التأمل لديهم.
المسبحة عند البوذيين: وتسمى لديهم مالا
وهي عند الهندوس أوالبوذيين تتكون من (اثنين وثلاثين الى مائة وثمانية حبة).

8 .2 .  المسبحة في الأديان السماوية.
1. المسبحة في الدين اليهودي: تتكون من 45 حبة
2. المسبحة في الدين المسيحي: ترتبط المسبحة في الدين المسيحي برموز ودلالات عديدة، وفيما يلي سنذكر بعض من دلالات المسبحة لدى مسيحي الشرق والغرب، وسنبدأ بالشرق حيث بدأ استعمال المسبحة في أرضه. وليست المسبحة للرهبان فقط بل للعلمانيين أيضاً، وهي لكل نفس مصلّية.
-  المسبحة في الكنيسة الشرقيّة: استعملها المسيحيّون الأوائل كعلامة ليعرف بعضهم بعضًا. فما كان لهم أن يجاهروا بدينهم ولا أن يمارسوا شعائرهم الدينيّة، فكانوا يلجأون إلى أساليب سرّيّة يتعرّفون بها على بعضهم البعض، وكان من بينها المسبحة ليعلن بطريقة خفيّة إيمانه بالإله الواحد، وبالثالوث الأقدس، وبالربّ يسوع المسيح(5).
ويعتقد الأرتدوكس أن الأقسام المتساوية من حبات المسبحة تنتهي بحبّة واحدة رئيسيّة أكبر من سائر الحبّات (الشرابة)، إشارة إلى الإله الواحد في ثلاثة أقانيم (الأب والابن والروح القدس)، وإشارة إلى الكنيسة الواحدة وهذا إعلان البسملة(6).
وهناك صلاة المسبحـــة والـــتي تـــرتبـــط بـــالأرتدوكس والكاثـــولـــيك علـــى الســـواء، بينــــما لا تقيـــــمها الكــــنائــــس البروتســـــتانتية (الأنجـــيــلـــية) لأنــها غـــير مــــذكــــــورة في الكتــاب المقـــدس.
-  المسبحة في الكنيسة الغربية: صلاة المسبحة عند الكنيسة الكاثوليكية: نشأت صلاة المسبحة عند الكنيسة الكاثوليكية في مطلع القرن الثالث عشر على يد القديس «دومنيك  الكاهن الأسباني مؤسس الدومنيكان»، حيث كان يستعمل في تعبده للسيدة العذراء حبلاً معقداً بعقد معدودة فينقلون إبهامهم على العقدة تلو الأخرى. أو أن يضع في جيبه كمية من الحبوب أو الحجارة فينـقلونـها بالتـــــتابــــــع إلــــى الجـــــــيب، ويُدعي الرهبان الدومنيكان بأن العذراء مريم ظهرت لمؤسسهم وبيدها أيقونة صغيرة، وقالت له: «لن تنجح ببراعة الكلام، بل بهذه المسبحة التي بيدك. فأنا معك، ومتى هديتهم علِّمــــهم أن يصــــــلوهــــا». وفي ســـــــنة 1216 أسَّس الكاهن دومنـــيك رهبنـــــته(7).

8 .3 .  المسبحة في المعتقدات الإسلامية:
ذكر د. بكر أبو زيد في كتاب ه«المسبحة عند ظهور الإِسلام» أن المسلمين لم يعرفوا المسابح، يرجع انتشار المسبحة - في العصر الأموي والعباسي وما بعدهما - في بعض البلاد الإِسلامية. وانتشرت نتيجة استخدام الصوفية لها، واستخدامها في الأوراد والأذكار - ويعرفون بـ«شيوخ المسبحة» وبعض طوائف الصوفية ترى ضرورة وضع المسبحة في العنق؛ لأَن هذا عندهم أحفظ وَأَثْوَبُ - وهذا التقليد واجب عند بعض طوائف الصوفية - وبعض الطوائف تنكر هذا التقليد.
وقد قال الشيخ محمد العثيمين عن استعمال المسبحة ليست بدعة دينية، وذلك لأن الإنسان لا يقصد التعبد، وإنما يقصد ضبط عدد التسبيح الذي يقوله، أو التهليل، أو التحميد، أو التكبير، فهي وسيلة وليس مقصودة، ولكن الأفضل منها أن يعقد الإنسان التسبيح بأنامله، استعمال المسبحة قد يدخله الرياء، فإننا نجد كثيراً من الناس الذين يحبون كثرة التسبيح يعلقون في أعناقهم مسابح طويلة كثيرة الخرزات، وكأن لسان حالهم يقول: انظروا إلينا فإننا نسبح الله بقدر هذه الخرزات.
المسبحة والتسبيح في القرآن:
 ورد التسبيح في عدة سور وآيات، وقد أتت كلمة التسبيح بمعاني وأماكن مختلفة في كل سورة وآية ومن أمثلة ذلك: سورة الحديد (الآية الأولى) قال تعالى: ﴿سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم﴾. ومن صور التسبيح، القول: ﴿سبحان الله والحمد لله﴾، كذلك ذكر الأسماء الحسنى لله عز وجل.
كما ثبت من هدي النبي (ص)  عَدَّ الذكر بالأنامل. «أصابع اليد» لا غير. ودرجَ على ذلك الصحابة  ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا - فهو من السُّنن المؤكد.
وقد دَلَّ هديُ النبي (ص) على أَنَّ ذكر العبد لربه بالتهليل والتسبيح والتكبير والحمد والتعظيم.
من كتب التراث الإسلامي في السبح والتسبيح:
عرفت عناويين لكتب تراثية في الدين الإسلامي منها التالي (8):
- رسالة السيوطي «المنحة في المسبحة»، والمتوفى سنة 911.
-  ابن طولون «الملحة فيما ورد في أصل المسبحة» مخطوطة في مكتبة البلدية في الإِسكندرية.
-  ابن علان الشافعي رسالة باسم «إيقاد المصابيح لمشروعية اتخاذ المسابيح»، والمتوفى سنة 1057.
-  محمد بن عبد السلام بن حمدون الفاسي «تحفة أهل الفتوحات والأذواق في اتخاذ المسبحة وجعلها في الأعناق»، والمتوفى سنة 1353.
- الكنوي رسالة باسم «نزهة الفِكْر في سبحة الذِّكر» مطبوعة في الهند سنة 1304.
المسبحة عند أهل الشيعة من المسلمين:
يرى الشيعة من المسلمين أن للسبحة قدرات تمنحها للمؤمن،  وأشهر تلك السبح هي المسبحة الحسينية(9)، حيث تحقق التالي:
1. تحقق الأمان من كل خوف:
لما ورد الإمام الصادق  عليه السلام إلى العراق، اجتمع إليه الناس، فقالوا: يا مولانا تربة قبر الإمام الحسين شفاء من كل داء، فهل من أمان من كل خوف؟ فقال: «نعم إذا أراد أحدكم أن تكون أمانا من كل خوف فليأخذ المسبحة من تربته ويدعو بدعاء المبيت على فراشه ثلاث مرات.
2.  في كون المسبحة الحسينية تسبح في يد صاحبها ويضاعف الله تعالى أجر المسبّح بها:
-  روي عن الإمام الصادق عليه السلام، أنه قال: «من كانت معه سبحة من طين قبر الحسين كتب مسبّحا وإن لم يسبح بها». ( فلاح السائل للسيد ابن طاووس: ص224).
- عن عبد الله بن جعفر الحميري قال: كتبت إلى الفقيه (يقصدالإمام الكاظم ) اسأله هل يجوز أن يسبح الرجل بطين قبر الحسين  عليه السلام وهل فيه فضل؟، فأجاب: «يسبح به، فما شيء من التسبيح أفضل منه ومن فضله أن المسبح ينسى التسبيح ويدير المسبحة فيكتب له ذلك التسبيح». ( تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي: ج 6، ص 76).

9. المقولات المرتبطة باستخدام المسبحة في العقائد السماوية:
 9 .1.  المسلمين:
- العامة:  سبحان الله وتكرر 33 مرة - الحمد لله وتكرر 33 مرة - الله أكبر وتكرر 33 مرة -  أسماء الله وتكرر 99 مرة.
- المتصوفة:عند البرهامية(كمثال): 100 حبة (لها عددان الأول بالمئات والثاني بالألوف وتحسب لمئات الألوف) - 102 حبة (99 وثلاثة فاصل بين كل 33 على هيئة مئذنة).

9 .2 . المسحيين:
- (33) ومرجعه عمر سيدنا عيسي ونهاية سبحة يُعلق صليب.
- (45) وهو عدد أيام الصيام الصغير.
- (55) وهو عدد أيام الصيام الكبير.

9 .3.  اليهود: (21:17)    

الإخباريون:
1.محمد صلاح: مواليد 1972 من حي الجمالية، يعمل منذ عام 1983 وهو من دارسي المدارس الأزهرية.
2.سامي لطفي: تخرج من أكاديمية الفنون (المعهد العالي للفنون المسرحية ـ قسم ديكور- خريح بداية التسعينات).
3.السيدة رقية محمود، الخرنفش، شارع المعز لدين الله، السن 80 عام، أمية ومولودة بالحي.
4.إيناس محمود، طالبة بالإعدادي، مواليد 1999، من منشية ناصر، تعمل في مجال السبح.
5.محمد شاهين، بائع متجول، مواليد 1955، يبيع سبح وسواك، أمي، يبيع حول الاضرحة بالقاهرة.

 

الهوامش:

1. المعجم الوجيز.

2. السبحة تاريخها وحكمها، بكر بن عبد الله أبو زيد، دار العاصمة للنشر والتوزيع، 1998.

3. عبد الرحمن زكي، الأحجار الكريمة في الفن والتاريخ، 1964م، المكتبة الثقافية، ص 9:ص101.  

5. .www.calam1.org/a. الأب جان حنا توما رئيس الدير البطريركي. 21/02/2012.

6. خواطر راهب من الجبل المقدس آثوس نقلها إلى العربية الأب فايز منصور   

7. https://www.linga.org

-  http://coptcatholic.net

8.  النهار زياد سامي عيتاني تموز 2014

9. السيد نبيل الحسني، الآثار الغيبية في حمل السبحة الحسينية، http://www.ihplib.org

 

المراجع:

1. بكر بن عبد الله أبو زيد، المسبحة تاريخها وحكمها، دار العاصمة للنشر والتوزيع،1998 .

2.المعجم الوجيز.

3.المصريون المحدثون ، القاهرة الفجالة 1926.

4. عبد الرحمن زكي، الأحجار الكريمة في الفن والتاريخ، 1964م، المكتبة الثقافية.

5. عبد العزيز إسماعيل أحمد، المسبحة في التراث العربي والإسلامي، مجلة المأثورات الشعبية، العدد72، يوليو 2004.

مواقع إلكترونية:

6.www.calam1.org/a.

7.www.linga.org

8.www.coptcatholic.net

 

الصور:

1. www.religmuseum.com/imgs/a/a/s/e/b/huge_baltic_amber_islamic_rosary___33_pressed_beads___tasbih_prayer_23mm_271g_7_lgw.jpg

2. https://img1.etsystatic.com/057/0/9590307/i l_fullxfull.737700761_h8dd.jpg

3. https://img1.etsystatic.com/046/0/9590307/il _fullxfull.671795043_4ena .jpg

4. http://www.mstaml.com/imagesData/%D8%B 3%D8%A8%D8%AD%D8%A9_%D9%83%D9%87%D8%B1%D9%85%D8%A7%D9%86_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87%D8%A7_%D8%AD%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D8%AA-i143747506101580014.jpg?&origin=1

5. http://www.eagalco.com/wp-content/uploads/ 2014/09/1955-3786.jpg

6. http://vividvault.com/wp-content/uploads/20 12/11/MAR54b-bereber-rosary.jpg

7. http://www.ethnicadornment.com/wp-conten t/uploads/2013/02/HIM02f-ladakh-rosary.jpg

8. http://cdn.shopify.com/s/files/1/0288/9278/pr oducts/MG_7746_d31b242e-c29d-4ebf-aef3-0d9e20c7f2c0_2048x2048.jpg?v=1392793145

9. http://www.rosarycard.net/images/D/juj ube1-6.jpg

 

أعداد المجلة