فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
28

صورة الغلاف الأمامي - الـطــلــع النــضــيــد

العدد 28 - لوحة الغلاف
صورة الغلاف الأمامي - الـطــلــع النــضــيــد
كاتبة من البحرين

في كل البلاد العربية، أينما تذهب تجد سوقا للتمور أو ركنا خاصا من سوق كبير لبيع ثمرة النخلة، تلك الشجرة المباركة التي ورد ذكرها في التورات والإنجيل، وفي القرآن الكريم قال الله عز وجل في سورة ق: (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ).

وعلى الغلاف الأول لهذا العدد بائع تمور في سوق الكويت الشعبي رتب ونضد أنواع التمور جذبا للمشترين فشكلت بضاعته في مجملها لوحة فنية زاهية الألوان لم تستطع كاميرا الفنان جان البلوشي مقاومتها.

وللتمر أنواع عديدة تتباين جودته حسب مذاقه وحلاوته وأحجامه، ففي العراق على سبيل المثال يوجد أكثر من مائتي نوع. ومن الأنواع المشهورة عربياً: الخلاص، دقلة النور، البرحي، الخنيزي، السكري، القصيمي، الأشرسي، العجوة، المبروم.

وفي الجزيرة العربية ذات البيئة الصحراوية كان للتمر أهمية بالغة، فهو مقاوم للعطش لاحتوائه على مادة البوتاسيوم، وكان يعزى للبحارة وغواصي اللؤلؤ أكل التمر، حيث كان يمثل الوجبة الرئيسية لأهل الخليج مع الرز والسمك. كما واستخرج من خلاصة التمر السائلة “الدبس” وهو بمثابة عسل التمر.

وتؤكل التمور في جميع مراحل نضوجها، فعندما تكون حديثة النضج وتسمى “خلال” يكون لها طعم مميز به مذاق مُر يستسيغه البعض ويفضله، وفي البحرين يُشك الخلال مع زهور الرمان قلائد للفتيات. وفي المرحلة اللاحقة ينضج “الخلال” ويصبح “بسرا” قبل أن يتحول إلى “رطب”، والرطب هي المرحلة التي تحتوي فيها الثمرة على كمية كبيرة من الماء. ولذلك لا يمكن ترك الرطب دون حفظ لمدة طويلة فقد يفسد ويتعرض للتلف. أما المرحلة الأخيرة، فهي عندما ينشف الرطب ويجف منه الماء ويسمى “تمراً”. وهناك أنواع من التمر يتحول مباشرة من “الخلال” إلى “تمر” دون المرور بمرحلة “الرطب”.

ويزداد استهلاك التمر شعبياعند المسلمين خلال شهر رمضان المبارك كثمرة يبدأ بها الإفطار من بعد صيام اليوم للتبرك وللقيمة الغذائية التي تسد رمق اللحظات الأولى.

وفي وقتنا الحاضر، وصلت زراعة التمر إلى أستراليا وأمريكا، بينما يمثل إنتاج الدول العربية أكثر من 90% من محصول الإنتاج الإجمالي للتمور في العالم. وقد تطورت صناعة التمور بشكل أنيق وجذاب، وأصبحت تسوقه شركات كبرى متخصصة في تصنيع التمور بأشكال عصرية محشوة بالمكسرات وممزوجة بالطحينة “الهردة” والشوكولاتة، وتقدم كهدايا فاخرة ومغلفة بأسلوب راق. 

كان التمر قديما يرص في آنية من خوص النخيل بوزن معين تسمى “قله” لتكون وحدة التداول أثناء البيع بالجملة، ويباع التمر بالمفرد حسب وزنه بالكيلو إلى أن تم رص التمر بأنواعه المختلفة في أكياس شفافة من النايلون أو في علب كرتونية بأوزان متعددة حسب استهلاك كل سوق، لكن ظلت متعة شاري التمر هي أن يطوف ببائعي التمور في الأسواق الشعبية ليمر بفرشة مثل هذاالبائع البادي في الصورة يعاين ويتذوق ومن ثم يشتري. لذلك بقيت محلات وأسواق بيع التمور حية تتطور من زمن إلى آخر.

تصوير:
جان البلوشي

أعداد المجلة