فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
19

عرض كتاب مدخل إلى الفولكلور الفلسطيني

العدد 19 - جديد الثقافة الشعبية
عرض كتاب مدخل إلى الفولكلور الفلسطيني
كاتب من مصر

تأليف / فؤاد عباس

مما لا شك فيه أن الفولكلور هو مرآة لهوية الشعوب وملامحها الخاصة وبصماتها المتميزة وقد سعت شعوب العالم كافة إلى احتضان فولكلورها ودراسته وكلمة فولكلور تنطوي على ركام يختلط فيه التراب بالتبر ويشمل الفولكلور التراث الشعبي الشفاهي وقد مر برحلة طويلة وانتقل على مر العصور ومنذ الأدب الجاهلي  الذي يحوي تراثاً شعبياً وانتقل إلى العصور التالية شفاهة حتى يومنا هذا...

وقد شغل التراث الشعبي الجاحظ مما جعله ينقل إلينا النكات (الطرف) الشعبية في عصره عن البخلاء وكتب عنها كتابه ( البخلاء ) وتبعه بديع الزمان الهمذاني وجمع قصص الشحاذين الشعبية وقدم لنا    (المقامات) وذلك بغرض المحافظة على التراث الشعبي من الاندثار .ولم نر في حياتنا وعلى مر التاريخ القديم تراثاً يتعرض للنهب والتزييف مثل التراث الشعبي الفلسطينى على يد عدوه الصهيونى وهذا ما دفع الأستاذ / فؤاد عباس دفعاً إلى تأليف كتابه (مدخل الى الفولكلور الفلسطينى1).

وحسه الوطني حثه على نشره بدار الموقف العربي، فجمع ذلك التراث بكل ألوانه المتنوعة ودراسته ونشره يعتبر مهمة وطنية جليلة لتأكيد الهوية الفلسطينية فالبحث في التراث الشعبي الفلسطيني ليس عملاً أكاديمياً سهلاً ولكنه نضال هدفه الأسمى هو المحافظة على الهوية القومية للشعب الفلسطيني أمام محاولات المسخ والتشويه التي يقوم بها العدو ضد كل ما هو عربي في الأراضي المحتلة.

 

مفتتح أول:

شمل الكتاب تسعة فصول قصيرة ولكنها شائقة تتناغم معا. فقد درج بنا الفصل الأول من الكتاب إلى (فلسطين الطبيعة والتضاريس) وهو عبارة عن رؤية فولكلورية قسمت تلك البقعة العزيزة على قلوبنا إلى أربعة أقسام رئيسية هي:

القسم الأول منها هو المنطقة الشمالية  وتشمل السهل الساحلي الممتد من رأس النافورة في أقصى الشمال إلى مدينة رفح في أقصى الجنوب ويُعد سهل فلسطين الساحلي من أهم حقول الحنطة في البلاد وتمتد فيه بساتين الفواكه خاصة البرتقال من مدنه وقراها الكنعانية الأصل إلى دجن وعليت .

القسم الثانى المنطقة الجبلية بما فيها من سهول وجبال فلسطينية أعلاها وأقصاها من الشمال مرتفعات الجليل وذروتها جبل جرمق شمالي مدينة ( صفد ) حيث تبلغ ( 3935 قدما) وهي أعلى قمة فلسطينية  ويشمل ذلك القسم مرتفعات نابلس شمالاً والقدس والخليل جنوباً ثم تنحدر جبال الخليل نحو بئر السبع بالصحراء الفلسطينية والقرى الجبلية الكنعانية مثل بيت لحم وجبع وحلحول وغيرها .

القسم الثالث الغور بما فيها وادي الغربة وتكون ذلك الغور نتيجة لخلل جيولوجي قديم نتج عنه انخفاض في الأرض ويجري هذا الغور في نهر الأردن وتتصل به ثلاث بحيرات هي بحيرة الحوله ، وبحيرة طبرية وبحيرة لوط المعروفة باسم البحر الميت وينخفض البحر الميت نحو 392 متراً عن سطح  البحر فيكون بذلك أوطأ بقعة تحت سطح البحر في العالم .

والغور الفلسطيني خاصة الجزء الشمالي منه هو من أقدم المناطق التي سكنها البشر في عصور ما قبل التاريخ ويعود تاريخ أريحا أحد مدن الغور إلى ( 7000 سنة ) قبل الميلاد وهي أول مدينة في العالم وقد نزل الكنعانيون  وهم أجداد الشعب الفلسطينى إلى الغور في الألف الثالث قبل الميلاد لذلك سميت فلسطين باسمهم أرض كنعان ويتضح من رسائل تل العمارنة2 التي تعود بتاريخها إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، والمصريون القدماء كانوا يطلقون لفظ كنعان على جميع السواحل السورية.

القسم الرابع منطقة بئر السبع والصحراء الفلسطينية وهي منطقة قليلة الأمطار ومن المدن الكنعانية في هذا القسم بئر السبع وما اندثر فيه من مدن وقرى .

ويشتهر السهل الساحلي الفلسطيني بزراعة الحبوب كالقمح والفواكه فالعرب الكنعانيون زرعوا فيه القمح والشعير والعدس والكرسنه وزرعوا من الفواكه الزيتون والعنب والتين والجميز واللوز والنخيل والجدير بالذكر أن أريحا سميت مدينة النخيل لكثرة ما بها من نخيل .

وكرمة العنب قديمة جداً وهي أول ما نبت على شواطئ الشام ومنها إلى فلسطين ثم انتشرت في مناطق أخرى .

واستعمال الثور في الدراس له جذور كنعانية كذلك استخدام المدراه الخشبية لفصل القمح عن التبن مازالت تستعمل حتى يومنا هذا.

 

قصة اكتشاف الصبغة:

من الصناعات الشعبية المنتشرة بفلسطين صباغة الأرجوان وتحكي قصة اكتشاف الصبغة أن أحد ملوك الكنعانيين كان يتنزه مع زوجته على شاطئ البحر ومعهما كلبهما وبينما كان الكلب يرتع على الشاطئ أكل صدفة بحرية وكانت بين الصخور فصبغت شفتاه بلون أحمر قان مائل إلى البنفسجي فأعجبت به الملكة وطلبت من الملك وألحت أن يأتيها بثوب مصنوع باللون ذاته ولم يكن أمام الملك إلا أن يأمر بجمع كمية من الأصداف المماثلة للصدفة التي أكلها الكلب وبعد مزيد من الاختبارات الصناعية تمكن الصناع الشعبيون الكنعانيون من استخراج المادة الأرجوانية من تلك الأصداف ومن هنا عرفت مهنة الصباغة .

وكان الكنعانيون يخبزون خبزهم في التنور وهو فرن أسطوانى يشعل فيه قش وخشب وشوك حتى إذا حمى جداره الباطن ألصق به مرقوق الخبز ومتى نضج استخرج وألصق غيره .

والفلاح الفلسطينى يتشبه بجده الفلاح الكنعاني في استخدام الوقود ونظام المائدة واستعمال عسل النحل والبلح في صنع الحلويات.

فعند الكنعانيين كان الحطب أكثر أنواع الوقود انتشاراً يليه القش الجاف والشوك وكانوا يصنعون الفحم الخشبي من بعض النباتات ومائدة الكنعانيين كانت قطعة جلد مستديرة تمتد على الأرض أو الحصيرة وفي وقت متأخر استعملوا ( الطبلية )3.

واستعملوا التدخين في جمع العسل وذلك لتهدئة النحل الشرس حتى لا يصابوا باللسع من النحل عند جمع محصول العسل وذلك بأن يطلق الدخان في خلية النحل إلى أن يهجرها النحل فيجمعون أقراص العسل الناضجة بسهولة .

ومن عادة الأجداد الكنعانيين إذا حزنوا على شهدائهم امتنعوا عن أكل أطايب الطعام كما يمتنعون عن الزينة رجالاً ونساءً لفترة من الزمن وقد قاتلوا اليهود لأنهم أعداء أرضهم كما قاتل الخلف وسيقاتل الخلف اليوم إلى أن تعود الأرض إلى أصحابها .

 

مناطق الزيتون ( المنطقة الجبلية ):

شجرة الزيتون4:

 من الأشجار الرئيسية المثمرة في المناطق الجبلية ومن الطبيعي أن يكون هناك فن شعبي يرافق جمع محصول الزيتون وقد نقل شعب فلسطين عن أجدادهم الكنعانيين الآلات الموسيقية كالعود والمزمار والربابة والقيثارة والناي والبوق والدف وكان قطف الزيتون في الغالب جماعياً لذلك غنوا للزيتون أهازيجهم ومن شكل شجرة الزيتون استوحى شعراء الثورة الفلسطينية ترنيمتهم الخالدة ( الأشجار تموت واقفة ) ومن مجاميع أشجار الزيتون التي تكلل الجبل الذي يواجه أسوار القدس الشريف من الشرق تجمعت القداسة والهيبة على الجبل فأعطت الشجرة اسمها له فأسمته الأجيال تلو الأجيال ( جبل الزيتون ).

ومن الملاحظ أن الفصل الأول من الكتاب اهتم بالتاريخ الشفاهي والمكتوب الذي يتداوله الناس عن أصول وأنساب الفلسطينية وهو يحتوى دراسة فولكلورية وافية عن المدن والقرى والأماكن التي تتسم بسمات خاصة في أرض فلسطين  .

مفتتح ثان:

 عنوان الفصل الثاني من الكتاب ( الفولكلور وأثره في المحافظة على الشخصية القومية للشعب العربي الفلسطيني) :

لقد اتخذ العدو من التقارب بين الأسماء التي وردت في الأساطير الكنعانية والعبرانية  وسيلة لمحاولة امتصاص الكلمات الكنعانية من الإرث الأسطورى لمجرد تشابه هذه الكلمات مع الكلمات العبرية كوسيلة للإيهام بأن كل تراث فلسطين القديم إنما هو تراث يهودي ، وهناك محاولة أخرى اهتمت بتهويد الفولكلور الفلسطيني ومحاولة صرف الاهتمام الفلسطينى عن التراث لذلك كان لابد من إيجاد خطوط ايجابية فلسطينية لإحياء الفولكلور العربي الفلسطيني إمعاناً في الحفاظ على الشخصية القومية الفلسطينية وحمايتها وهذا يكون بجمع التراث قبل أن ينقرض منه الجذور والأصول والمعالم بالرجوع إلى الكهول والشيوخ الثقاة قبل أن ينقرض جيلهم ويتم تسجيل ما نخاف على ضياعه والترويج له ونشره على أكبر مساحة ممكنة من الشعب الفلسطيني في فلسطين وفي المهاجر والمخيمات وفي التجمعات الفلسطينية وفي كل قطر عربي وإقامة فرق الفنون الشعبية الفلسطينية ومراكز ومعارض الفولكلور وإقامة  الندوات ونشرات الأبحاث وإعطاء الفرصة لكافة الأفراد ليصب ينبوع التراث في الألوان الفولكلورية المختلفة في بحر الشعب الفلسطيني الهادر.

 أمثلة من الفولكلور الشعبي الفلسطيني:

1) رقصة الدبكة:

تتم رقصة الدبكة في الغالب على أنغام موسيقية كأنغام ( الشبابة ) وفي الغالب ينزل الساحة في الدبكة من 5 - 7 شبان وربما  أكثر ويتقدمهم القائد ويعرف ( باللواح ) وسمي كذلك لأنه خلال رقصته يلوح بمحرمته أي منديله ويستمر في حركته في الاتجاه الدائري مع جماعة الراقصين على أنغام الموسيقى والغناء وإذا تأملنا في الحركات التي تشملها الدبكة نجدها تتألف من خمسة أجزاء رئيسية .

1- القفز إلى أعلى .

2 - دك الأرض بالأقدام  .

3 - التكاتف أي يمسك كل فرد من الراقصين بزمام الآخر .

4 - الدوران البطيء أو السريع .

5 - أية أصوات أو حركات وجدية مرافقة للرقصة5.

 

2) رقصة صمده العروسة:

وهي من الرقصات الشعبية المعروفة لدى الفلاحات خاصة في جنوب فلسطين حيث يقف صف من النساء والفتيات وأمامه صف آخر منهن  ويتقدم الصف الأول في اتجاه الصف الثاني بخطى راقصة على إيقاع من الغناء يقول ( فرشوا الحارة ريحانى فرشوا الحارة ريحانى وأعزموا كل الجيران فرشوا الحارة ريحان أخضر وأعزموا الزابط ( الضابط ) مع العسكر، فرشوا الحارة برايز ( جمع بريزه وهي عملة فضية ) وأعزموا كل العجايز وهنا رمز لاحترام الكبار.

وتدخل النشوة في قلوب النساء وهن يرقصن رقصة ( صمده العروسة ) إذ سمعن الرجال ينشدون على مسمع منهن :

يا بدريــه يـا بدريــه

                          حنــي عليــا حنـي عليـا

وعــروبتنــا بدريــه

                            غالية عليكى وغاليه عليا6

 

3) الشعر الشعبي:

من خصائص الشعر الشعبي الفلسطينى أنه مزيج من الأسس القومية العربية والأسس الدينية ويمتاز بالفخر والحماسة ومعايشة القضية الفلسطينية والتعبير عن قصص النضال وذلك كمثل قول الشاعر الشعبي ( نوح إبراهيم ):

تحيا الأمة العربيــة

                             مـن إســلام ومسيحيــة

هبوا يا أهل الحمـية

                         وأحموا الوطن وأحموا الدين

 

وقوله في رثاء المجاهد الكبير عز الدين قسام:

عز الدين يا خسارتك

                             رحـــت فــــداء لامتــك

مين بينكر شهامتــك

                            يــا زعيـــم المجاهــدين

 

وجاءت ثورة 1965 م تكرس أسساً راسخة من النضال فقال الشاعر الفولكورى صلاح الحسيني:

دم الشهيد يا نشيد

بيدور فوق التلال

دم الشهيــد

مــوال فــدا

هــز المــدا

مــــوال

فوق الجبال وفي كل بيت

بينقـال

القمح ما بيدي سبل

إلا أن داب

إلا  أن نزف دمه

وغاب في التراب

 

4) الغناء الشعبي:

غالبا ما  تغنى ألحان ( دلعونا ) ومشعل وزريف الطول مع الأهازيج والقصائد الوطنية وهنا يستجيب الشعر الشعبي المطاوع لهذه الألحان ومن الأغاني الشعبية التي تقال:

هبت النار في رأس الخروبه

                        يا أبو فلان يا حامي العروبة

هبت النار في رأس القطنا

                        يا أبو فلان يا حامــي وطنـا

 

5) رواية السير الشعبية وقراءتها:

ومن أشهر هذه السير تغريبة بني هلال ، والزير سالم، وعنترة، والأميرة ذات الهمة وقد نسج الفلسطينيون حولها وعلى منوالها قصصاً شعبية فلسطينية مثل سيرة ( أبى جلده والعرميط) وهما شخصيتان فلسطينيتان حقيقيتان ظهرتا في الثلاثينات، كانا قد أعلنا العصيان على سلطة الانتداب الغاشمة في فلسطين وتحصنا في المغاور والكهوف ومارسا الإغارات المفاجئة من وقت لآخر ضد الإنجليز وتحدثت عن مغامراتهما صحف فلسطين اليومية مثل ( الدفاع وفلسطين والجامعة الفلسطينية والجامعات العربية ) تاركة في مخيلات القراء جواً درامياً رائعاً عن مغامرات أبي جلده والعرميط .

وقد غذى الأدب الشعبي والسير الشعبية قرائح الشعراء فأبدعوا أشعاراً فولكلورية مثل الشاعر الفلسطيني خالد أبو خالد .

وفي وقت ما طور الفلسطيني من روح سيرة عنترة إذ مزج بين دفاعه عن حبيبته ووطنه كما يقول محمود درويش:

إذا خسرت الصديق

                                  فقــدت طعم السنابل

وإن فقدت الحديقة

                                  ضيعت عطر الجداول

6) الحكاية الشعبية الفلسطينية:

يحوي الإرث الفلسطيني الخاص بالحكاية الشعبية جانبا كبيرا من الخصب والوفرة والتداول حتى بعد نكبة 1948 م فلا تزال الجدة  العجوز تروي ( حواديتها الخاصة بالأرض والوطن)  وهذه الحكايات تحمل ميراثاً غير مباشر يعود إلى الآف السنين7.

وقد أضيفت إلى الحكايات أهداف تربوية ومنها هدف العودة إلى الوطن الحبيب فلسطين مثل قول الجدة  ( قطع الشاطر حسن  مسافة بين القدس ويافا في لمح البصر )

 

7) اللباس الشعبي الفلسطيني:

في أواخر عهد الانتداب البريطاني وبالنسبة لأثواب النساء كان الثوب التلحمي الشعبي ( نسبة إلى بيت لحم ) وقد تغير الرسم والتطريز في ذلك الثوب فقد استبدلت الزهرة بالقنبلة والورقة الخضراء أصبحت سكيناً ومازالت البنت تطرب  وتفخر برؤية  نماذج من الحلي الشعبية مثل حب اللبه والماشاء الله، والكردان، والخلخال وغيرهما في منزل والداتها .

مفتتح ثالث:

كان عنوان الفصل الثالث ( التراث  الشعبي رحلة الفيلسوف أبى حامد الغزالى ( 1059 - 1111م )

 إلى فلسطين فقد أوحت له بفكرة كتابة (إحياء علوم الدين ) وقد كتب الجزء الخاص بقواعد العقائد في مدينة القدس وتوجه إلى الخليل لزيارة مقام سيدنا إبراهيم وشاهد في القدس والخليل الاحتفالات الدينية.

- والحسين محمد بن أحمد بن جبير الكناني الأندلسي وضع كتابه ( تذكرة الأخبار عن اتفاقات الأسفار ) المعروف عند الجميع باسم ( رحلة ابن جبير) وقد استغرقت رحلته أكثر من ثلاث سنوات ( من 19 شوال 578هـ حتى 22 محرم  سنة 581هـ أى من 3  فبراير 1182م  حتى 25 أبريل 1185م.

- وياقوت الحموي ( 1178 - 1229م ) كتب (معجم البلدان ) بعد أن رحل للتجارة ثلاث مرات وتكلم في كتابه عن رأس النافورة في أقصى شمال فلسطين وأكد ياقوت أنه رأس جبل.

- ووصف ابن بطوطه مسجد الجاولي بمدينة غزة بفلسطين كما وصف أسواقها في كتب رحلاته.

- ومن أشهر الرحلات العربية الحديثة رحلة إبراهيم عبد القادر المازني وهو أديب معروف ونشرت الرحلة على صورة مقالات عام 1940م.

 

مفتتح رابع

( الأرض في التراث الشعبي الفلسطيني):

أرض فلسطين حمراء كخليط الدم والعسل وسوداء كلون فتاة سمراء هيفاء جميلة وتزرع الأرض غالباً بالحبوب والفاكهة والخضار وكثبان الرمال القريبة من شاطئ البحر تزرع بالعنب والتين والجميز والتوت ونخيل البلح والجوافة وعن أمثالهم في نضج العنب (في آب اقطف العنب ولا تهاب) ويقولون في فضيلة التأني والصبر (اصبر على الحصرم بتأكله عنب) ويحلف الفلاح الفلسطيني بشجرة الزيتون (وحياة شجرة النور).

ومن الأغاني الملتصقة بالزيتون قولهم :

هذا الزيت من الزيتون

                             اللي شرب من ميه كانون

 

ومثال آخر:

عــريسنـا يا زيتونه

                             والـزيـت ينقـــط منــه

عــريسنـا واحــــد

                             يـا رب كتـــــــر منــه

 

ومن أغانيهم في موسم حصاد الزيتون :

يا غزيل علـزيتونــه

                             ما أحلى هـو هلزيتونــه

يا غزيـل لا تغزلـهـا

                             والبيضـــة لا تــزعلهـا

والسمر ظـل أقتلـهـا

                             مــن الصبــح للمغــربا

يا غزيل على الجسـر

                             يمغــط مغطــة النســر

يا بنيه يالله نسـري

                             عالبــراد قبــل الشــويا

وقد وردت عبارة الأرض والتراب كثيراً في الشعر الشعبي الفلسطيني مثل

نادى المنادي في الجليل أرض العرب للعرب

                       يا حلالـــــي يا مـــالــــي

شاغورك مالك مثيل وترابك أغلى من الذهب

                       يا حلالـــــي يا مـــالــــي

 

ومثال آخر :

بعد سبعة أيام ركبنا خيولنا

                       نزلنا على أرض الخليل نرود

نزلنا بني نعيم يا عمي جميعنا

                       ألف مسلـــح كايليــن عـود

 

وقد أتى أحياناً التعبير عن الأرض بكلمة بلاد أو البلاد مثال ذلك

وبلادك المشرقة وأحنا الشباب فيها

              وأن عجعج الحرب بالبارود نحميها

 

ويقول المثل الشعبي اعتزازاً بتراب الوطن

 (من طين بلادك حط على خدادك )

 

ومثال آخر للشعر الشعبي عن الأرض:

وسجل يا قرن العشرين

                            ع اللي جـرى بفلسطيــن

تلـت سنيــن بالليالــي

                             ما نمنـــا بـالعــلالـــي

وأحنا بـدوس الجـبـال

                             للحــــرب مستـعـديــن

واحتوى الفصل الخامس

على(عادات فلسطينية في دائرة الفولكلور):

وهو أطول فصول الكتاب تقريباً حيث احتوى على العناوين التالية :

1) العادات الخاصة بالخيل والفرسان .

2) العادات الخاصة بالقهوة السادة .

3) العادات المقترنة بحوادث القتل .

4) العادات المقترنة بالأسواق الشعبية .

5) عادات التعزية .

6) عادات مرتبطة بالاحتفالات والاهتمامات الدينية.

7) عادات اقتناء أدوات البيت والحلي الشعبية.

8) العادات الخاصة بالأكل .

9) عادات الزواج .

10) الطب الشعبي والوقاية من الأمراض .

وهناك الكثير من العادات المرتبطة بالاحتفالات والاهتمامات الدينية ومن أكثر العادات ما يدور حول شهر رمضان وتقاليده فهو شهر كريم يسهر فيه الناس ويتناولون المزيد من الأكل والحلوى وينتظر الأطفال قرب المسجد في انتظار مدفع الإفطار ويترنمون بأهازيجهم حول الصيام أو حول مخالفات المفطرين الذين حرموا نعمة الصيام فيقولون أهازيجهم التي اختصت بالمناطق الساحلية:

يا مفطر وآلاك                 أيشــى مخــبا لك

حيه شويـــه                     تأكلـهــا وتنـــام

وتصبح جوعان

 

ويقولون في المناطق الجبلية :

يا مفطـــر هســا            نذبـــح لك بســه

يا مفطر في الحارة           نذبح لك حمـــارة

ويصلي الناس التراويح في المسجد وفي ليلة العيد يقول الأطفال في أهازيجهم

بكره العيد ونعيد

وندبح بقرة السيد

والسيد

ماله بقرة

نبيع بنته هالشقرة ..

تتعفنل في دمها ..

يلعن قلب عمها ..

أو يرحم قلب عمها ..

 

وفي مناسبة الحج يُودع ويستقبل حجاج القرية ويدفع لهم النقوط في الغالب نقداً ويصاحب توديع واستقبال الحجاج أغاني وأهازيج منها ما يقال في جنوب فلسطين مثل:

حجاج بين الله

حجاد الله أعطاهم

حجاج طبخوا ونفخوا

حجاج عمروا وفرشوا

حجاج الله أعطاهم

 

أما ما يقال في شمال فلسطين وفي الجبل ما يلي:

والعرس ما هو فرحه        

                                  ولا طهــور الصبيـان

ما فرحه إلا طلوع الجبل

                                  والطوف بين العمدان

حجوا ونالوا مناهم

                                  ويا سعدهم يا هناهم

حجوا ونالوا متونهم

                        ويا سعدهـــم يـا فرحـهــم

 عادات اقتناء أدوات البيت والحلي الشعبية:

عش الزوجية في القرى الفلسطينية إذا كان كاملاً فإنه لابد أن يحتوي على مجموعة كبيرة من الأواني والأدوات الشعبية الخاصة بالطعام مثل الباطية وهي من الخشب وتكون قطعة واحدة وتستعمل في العزائم ( الولائم ) ويسكب فيها الأرز واللحم .

البقولة تصنع من الفخار وتستعمل لترويب الحليب  (أي عمل الرايب8) أو يوضع فيها السمن لبيعه في السوق الشعبي أو الاحتفاظ به لحين الاستعمال

الدست قدر نحاسي يستخدم في تسخين المياه .

السلطانيات جمع سلطانية وهو الطبق الغويط المقعر وتصنع من الفخار وإذا صنعت من الصاج تستعمل لعملية القلي بالزيت.

الطابون هو الفرن البلدي ويبنى الطابون من الطين المحبوك بالتبن الناعم جداً ورغيف الخبز المصنوع في الطابون يضرب به المثل لطعمه اللذيذ لأنه محمص تحميصاً جيداً وبطريقة خاصة ويمكن طهو أطعمة في الطابون خصوصاً (المسخن ) في المناطق الجبلية بفلسطين.

 

الطب الشعبي والوقاية من الأمراض :

فله في الفولكلور الفلسطيني نصيب وافر فالوقاية موجودة بتوافر الثمار التي تقي من الأمراض فالبرتقال والليمون واليوسفي والنارنج والجريب فروت وباقي أنواع الحمضيات وهذه الفواكه الشعبية في متناول الجميع ومعروف لدى الجميع توافر زيت الزيتون وقيمته الغذائية العالية ودوره الكبير في الوقاية من أمراض القلب وتصلب الشرايين وهذا علاوة على توافر عدد كبير من الأعشاب الطبية التي تنمو في السهل وسفوح الجبال مثل المريمية والشيح البابونج والكسبرة والسماق والكمأة وتلك النباتات هي كنز من الطبيعة موجود لديهم  .

وهذه قائمة ببعض النباتات والوصفات الشعبية والأمراض التي تعالجها وأغلبها شائع في السهل والجبل والغور.

علاج الأمراض الباطنية:

1) المريمية تغلى لعلاج المغص.

2) اليانسون يستعمل مغلياً لتخفيف المغص.

3) الشيح يغلى لطرد الديدان.

4) النعناع مغليا لطرد الغازات.

5) الحلبة مغلية لتليين المعدة.

6) الليمون عصيره مع القهوة السادة لعلاج الدوسنتاريا.

7) الزعتر مغليا على جرعات لعلاج الإسهال.

8) زيت الخروع كشربة لتنظيف الجهاز الهضمي.

9) بذور القرع توخذ صباحاً لقتل الديدان في الأمعاء.

10) توت الشام يؤكل لتخفيف السعال الديكي والنزلات.

طاسة الرجفة:

لإزالة الخضة والهلع والخوف وهي صحن نحاسي مقعر مكتوب على حافته سورة يس بشكل دائري ومعلق في حافته من أعلى قطع نحاسية  صغيرة عليها حروف وأسماء الله الحسنى وتحجب الطاسة عن الشمس حيث يوضع بها ماء يبات فيها طيلة الليل ويشرب منها الخائف ثلاث مرات9.

علاج الأمراض الصدرية:

1) كاسات الهوا لفحة الهواء.

2) الزيت الساخن لفحة الهواء.

3) الزيت مغلياً لتخفيف الكحة وإزالة التشنجات الناتجة عن البرد.

4) العسل مخلوطاً بصفار البيض على الريق ضد الأمراض الصدرية.

5) الحندقوق لعلاج الأمراض الصدرية.

6) الشيح المحروق لعلاج عسر التنفس بالاستشناق منه.

علاج الحميات:

1) الكينا: تستعمل مغلى الكينا لعلاج الملاريا.

2) الشيح يستعمل مغلياً لعلاج الحمى.

3) البابونج مغلياً لجلب العرق للمريض.

 

والفصل السادس

كان بعنوان (معتقدات فلسطينية في دائرة الفلوكلور )

وعلى سبيل الأمثلة لا الحصر:

1) عادات ارتبطت بالمعتقدات مثل رفة العين اليمين بشارة خير والشمال توحي بحضور غائب والحكة في راحة اليد اليمنى تنبئ بتسليم عاجل على ضيف وغيرها.

2) الأحلام ومدلولاتها الشعبية.

3) معتقدات ارتبطت بالزمن فهم يكرهون الكناسة (نظافة البيت ليلاً ) ويكرهون ترك جثة الميت بلا دفن حتى الصباح وهناك أمثلة مرتبطة بالزمن عندهم مثل ( في تموز تغلى الميه في الكوز )، (أيلول طرفه مبلول )، ( أذار أبو الزوابع والأمطار)، (شباط خباط ما عليه رباط) إلى آخر ذلك.

4) أساطير الخلق والتكوين وأساطير الخوارق .

5) السحر .

6) أساطير دخلت فلسطين من الخارج .

7) أساطير وأمثولات على بوابات القدس10.

 

الفصل السابع من الكتاب القيم( مدخل إلى الفولكلور الفلسطينى ):

كان بعنوان (المواسم الشعبية في فلسطين)

تعتبر المواسم الشعبية ذات أهمية خاصة لدلالاتها الكثيرة والمتشعبة وهناك أربعة مواسم شعبية فلسطينية هما موسم روبين وروبين هو ابن النبي يعقوب بن إسحق بن إبراهيم وهو أحد الذين رموا يوسف في الجب بالاشتراك مع بقية إخوته من أبناء يعقوب ما عدا الأصغر بنيامين .

وموسم النبى صالح، وموسم النبى موسى، وموسم وادي النمل وتعتبر هذه الأربعة من أشهر المواسم الفلسطينية.

أما الأسواق الشعبية ونداءات الباعة كان عنوان الفصل الثامن من الكتاب بينما خُتم الفصل التاسع والأخير بالألعاب الشعبية فى جنوبى فلسطين .

والكتاب فى مجمله محاولة جادة على الطريق الصحيح ولعله صرخة تحثنا على التعرف على ذلك التراث العربي الفلسطيني ومحاولة نشره والمحافظة عليه وذلك قبل أن يكون مهمة الشعب الفلسطيني وحده فهو مهمة الشعوب العربية جميعاً وعلى الجهات والمنظمات الدولية المنوطة بالمحافظة على التراث القيام بدورها الفاعل من أجل المحافظة على حضارة شعب يحاول اللوبي الصهيوني طمس حضارته وتاريخه بكافة الطرق.

 

الهوامش و المراجع

1: فؤاد عباس - مدخل إلى الفولكلور الفلسطينى - دار الموقف العربى للصحافة والنشر والتوزيع - مصر- الكتاب الذى نحن بصدد عرضه.

2: تل العمارنه - منطقة أثرية بمحافظة المنيا بجمهورية مصر العربية وهى تحتوى مقابر أثرية كثيرة منها مقابر بنى حسن ويوجد بها الكثير من النقوش والرسوم على الجدران.

3: الطبلية - طاولة مستديرة على شكل دائرة من الخشب قائمة على أربعة أرجل من الأربع جوانب تصنع من الخشب الزان بغرض وضع الطعام والأكل عليها .

4: شجرة الزيتون - شجرة مثمرة من الفصيلة الزيتونية ورد أستخدام زيتها فى المعجم الطبى لـــ (دور لاند) فهو غنى بالقيمة الغذائية العالية وعرفت شجرة الزيتون منذ العهد البرونزى ويعتقد الباحثين أن سوريا هى أول من عرف زراعة الزيتون منذ ستة آلاف سنة وهذا ما أكدته الاكتشافات الأثرية فى أوغاريت على الساحل السورى حيث وجدت عبوات من الزيت كانت معده للتصدير إلى بلدان البحر المتوسط وذكر الزيتون فى أكثر من موقع فى الكتب السماوية وفى القرآن الكريم سورة التين (والتين والزيتون وطور سنين) وفى سورة النور شبه القرآن الكريم نور زيتها بنور المولى عز وجل (الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح فى زجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة شرقية ولا غربية) (سورة النور آية 53).

5: نمر سرحان - خمسون سنة من المقاومة فى الفولكلور الفلسطينى - مجلة شئون فلسطينية - عدد (18).

6: أسامة ناجى يوسف - ألوان من الأغانى الشعبية الفلسطينية - مجلة التراث الشعبى العراقية - عدد (2 - 3 ) السنة السادسة - العراق 1975م .

7: نمر سرحان - الحكاية الشعبية الفلسطينية - مجتمع القص فى فلسطين - مجلة التراث الشعبى العراقية - عدد ( 2) - السنة الخامسة - د . ت.

8: الرايب - نوع من الصناعات الغذائية يصنع بوضع الزبادى على اللبن وتركه فى درجة حرارة معينة 32 - 36 م5 لمدة 6 ساعات وبعد ذلك يضرب بالخلاط ويشرب مثلجاً .

9: مجلة التراث الشعبى العراقية - عدد ( 5 ) السنة الثامنة - العراق 1977م.

10: أدوار سعيد ، إبراهيم أبو الغد - الواقع الفلسطينى الماضى والحاضر والمستقبل- الطبعة الثانية - دار الفكر للدراسات والتوزيع والنشر - القاهرة 1986م .

أعداد المجلة