فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
17

بعد الرحيل.. يبقى الجهيمان في أساطير وأمثال الجزيرة العربية حاضراً

العدد 17 - أصداء
بعد الرحيل.. يبقى الجهيمان في أساطير	وأمثال الجزيرة العربية حاضراً
رئيس التحرير

عندما التقيت الأديب السعودي الموسوعي الشيخ عبدالكريم بن عبدالعزيز الجهيمان لأول مرة، بداية ثمانينات القرن الماضي في الدوحة بدولة قطر، الذي جاء تلبية لدعوتي إياه للمشاركة في أعمال ندوة التخطيط لجمع وتدوين وتوثيق مواد الأدب الشعبي ضمن أعمال مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية، أسرني تواضعه الجم وبساطته الشعبية وهو الرائد المعلم وأحد أبرز التنويريين السعوديين الذين جايلوا حمد الجاسر وعبدالله عبد الجبار وأحمد السباعي وعبدالله بن محمد بن خميس ومحمد حسن عواد وحمزه شحاته وغيرهم. 

وقتها، كان كتاب الجهيمان ( أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب) بأجزائه الخمسة وكتابه ( الأمثال الشعبية في قلب جزيرة العرب) بأجزائه العشرة مثار إعجاب وتقدير أوساط دارسي الأدب الشعبي والمهتمين بالثقافة الشعبية في عموم البلاد العربية التي وصلتها نسخ هذين الكتابين الموسوعيين. وقد عن لي ساعتها أن أوجه لأستاذي الشيخ سؤالا يتصل بما كان يؤرقني، فسألته كيف تهيء له أن يجمع كل هذا الكم من الأساطير والحكايات والأمثال وأن يدونها ويعمل على طباعتها؟ فنظر إلي بابتسامة الواثق قائلا ما معناه: عندما تتوثق من أن هذا طريقك، عليك أن تبدأ وأن لا تتوقف عن المسير، ماجمعته ودونته في هذين الكتابين هو معايشتي اليومية وجزء مهم من أيام حياتي وذاكرة من كانوا حولي. فكانت تلك الكلمات الموجزة المركزة درسا وحكمة.

رحل الجهيمان مساء الخميس الأول من ديسمبر 2011 عن عمر ناهز  المائة عام، بإحدى قرى نجد، تتلمذ على أيدي مشايخ الدين وأساتذة اللغة وتخرج من المعهد العلمي بالحجاز. أسس جريدة (أخبار الظهران) عام 1954 كأول جريدة في شرق المملكة العربية السعودية وتولى رئاسة تحريرها ودعا من خلالها إلى تعليم المرأة، وجاهد لتنوير المجتمع على أكثر من صعيد وتحمل من أجل ذلك الصعاب والمشقة. كما انتدب لتعليم أبناء الملك سعود وأسهم تربويا في تأسيس مدارس بعض القرى السعودية.

للجهيمان ديوان شعر مطبوع وله كتب في الرحلات ووصف المدن والأمصار وكان خلال حياته شعلة من النشاط الفكري والأدبي، فتم تكريمه أواخر حياته من قبل العديد من المنتديات والأندية الأدبية. وإبان رحيله نشرت الصحافة السعودية والعربية والمدونات الإلكترونية كلمات مؤثرة لأدباء وشعراء ونقاد اعتبروا رحيله خسارة وفقدا لا يعوض. و(الثقافة الشعبية) وقد آلمها هذا الفقد تحتسب عند الله عز وجل هذا الرجل الذي سيبقى حاضرا فيما دون ووثق وفي ما أسدى إلى الثقافة الشعبية العربية من جميل.

أعداد المجلة