فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
1

خطوة في الحُلم

العدد 1 - المفتتح
خطوة في الحُلم

هوَ ذا العدد الأول من "الثقافة الشعبيّة" بين أيدي قرّائه. يعلن بداية تحقق الحلم ويُنبئ عن عورة الطريق إليه وفتنتها وسحرها الآخذ بمجامع القلوب والعقول.

حلم أن نلتفت إلى أعماق الإنسان فينا رصداً لتراثنا الثقافي الشعبي, بحثاً فيه ودرساً له ونظراً في ثرائه الذي لا يحدّ وغزارته التي لا نكاد نقدّر لها بداية ولا منتهى. تنوّعٌ يستعصي على الضبط ونفاسة لا تقدر لها قيمة.

هو السعي إلى الإحاطة بأصول الأنا فينا في زمن الخشية والحيرة والاضطراب إزاءَ توجّس الآخر منّا وتخبطنا في تقديم أنفسنا إليه. وأنّى لنا أن نفعل والنماذجُ تتعاورنا كأنّها تأخذنا من جذورنا

إنّه العددُ إلى فضاءات الرمز والخيال والشخوص الجميلة التي أمتعتنا لحظات الطمأنينة إلى أجدادنا وأصولنا وينابيعنا التي يهزّنا الحنين إليها كلّما هصرت قلوبَنا حرارة الشوق ووحشة الطريق، ينابيعُ لا نكاد نرتوي منها إلا لنظمأ إليها

إنّه الأمل في أن ندرك هذا التراث الجميل قبل أن يلفه النسيان ويضيع منّا فلا نهتدي إليه.

وطموحنا يتجاوز مجرّد الجمع. فنحن نصبو إلى إمعان النظر فيه ودراسته دراسة علمية مُحكمة المنهج صارمةَ الإجراء. فقد يكشف ذلك عمّا تردّدت ريشتُنا في رسمه عن أنفسنا صورةَ الإنسان يخفق قلبُه بالحب يحلم، يكدح ويشقى من أجل الحياة، من أجل أن يَسعد الآخرون، إنسانُ الكرم والنبل والإيثار.

ولقد باتت صفة العلمية من الصفات التي لا تكاد تدرك لمضمونها معنىً في ظروف بات أيّ كلام يَنسب نفسَه فيها إلى العلمية. لكننا نتوق إليها منهجاً وأداةً في التصوّر والإجراء، استناداً إلى جملة من المرجعيات تسيّجُ مجالها فالعلمية في جوهرها انتظام ومجانبة للمعيارية واستناد إلى الوصفية وانفتاحٌ على المساءلة وطريقٌ إلى المعرفة وعرةُ المسالك صعبة الدروب.

وعلى هذا الأساس فنحن لا ندّعي العصمة لما ننشرُ ونستكشفُ من البُنى المنغلقة على ذاتها المستعصية على النقد. نرحّبُ بالنصوص التي تحتملُ في صيغة بنائها إمكانَ المراجعة واستئناف النظر.

معرفة علميةٌ لا نريد لأفق انتظارها أن يظلّ حَسيراً منحصراً في عددٍ محدودٍ من الأكاديميين والمختصين. نصبو إلى أن تكونَ على ضبطها ودقّتها يسيرةَ الإدراك يُفيدُ منها الإنسانُ العادي إفادة العالم المختص ويتطلعُ إليها الجمهورُ الواسعُ تماماً كما يرنو إليها العالم الثبتُ. كلٌ يجد بغيتَهُ من الناحية التي تُشفي غلته. صرامة في يسر وقربُ مأخذٍ في غير تهافت. إنّه نمطٌ في المعرفة يحتاجُ أن نَبنِيَه شيئاً فشيئاً مؤمّلينَ إدراكهُ على نحوٍ ما.. في يوم ما .. هذا على أرض الحلم والبناء
 
وغاية المنى أن تجسّدَ هذه الفصلية التوجهاتِ العلمية لروحِ (ميثاق العمل الوطني) في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، الذي راهنَ على الثقافة باعتبارها العُمقَ الإستراتيجي لمشروعه الإصلاحي الرائد.

أعداد المجلة