فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

لمحات من تاريخ وتراث الموسيقى العربية

العدد 52 - موسيقى وأداء حركي
لمحات من تاريخ وتراث  الموسيقى العربية
كاتب من البحرين

لم يأتِ نهوض الحركة الفنية للغناء والموسيقى العربية الذي شهده تاريخنا المعاصر، بدءا من عصر النهضة العربية في أواخر القرن التاسع عشر، ومروراً بالربع الأول من القرن العشرين، وانتهاء بنهاية الربع الثالث منه حيث بدأ العد التنازلي لاُفول عصرها الذهبي؛ نقول: لم يأتِ هذا النهوض من فراغ لولا أنه وليد تراث فني عظيم العراقة يضرب بجذوره التاريخية القريبة إلى حضارتنا العربية الإسلامية التي كانت بدورها وريثة تراث من فنون الحضارات الكبرى التي نشأت على أراضي الوطن العربي، وعلى الأخص في مشرقه، كالفرعونية في مصر والبابلية والسومرية في وادي الرافدين.

واللافت ثمة خاصية مشتركة لنشأة الموسيقى ليست بين الحضارة العربية - الإسلامية والحضارات التي سبقتها فحسب، بل وبينها مجتمعة وبين سائر الحضارات الموسيقية العالمية؛ وتتمثل في ارتباط نشأة الموسيقى العالمية بالدين منذ أقدم العبادات والحضارات القديمة. فقد ارتبط فن الموسيقى الذي بلغ درجة من التطور والإتقان بطقوس المعابد في بابل وسومر في حضارات العراق. كما كانت الموسيقى مزدهرة في بلاد فارس المجاورة لبلاد الرافدين1. كما كانت ذات علاقة بعباداتهم واهتم ملوكهم بها، وكذلك الحال في بلاد الروم، وقد تأثر العرب بتيارات هذه المدنيات الموسيقية تأثراً عظيماً، انعكس على الشعر الجاهلي2. وكانت الجزيرة العربية على اتصال وثيق بالشعوب والأقوام المجاورة في بلاد الرافدين، وجماعات اليهود، والإغريق. وكان عرب الجزيرة واليمن معتادين على الحداء للتغلب في رحلاتهم على وحشة الصحراء ويحرص الحدّاء العربي على أن يكون إيقاع أقدام ناقته متفقة وأوزان الحداء. ولعل أول إشارة واضحة إلى قدِم الموسيقى العربية هي على نقش آشوري يعود إلى القرن السابع قبلا الميلاد3.

العلاقة بين الشعر والموسيقى والرقص والغناء :
ويتضح لنا جلياً مما تقدم عما هو متعارف عليه لدى المؤرخين والباحثين الموسيقيين ما يجمع الشعر والغناء والموسيقى والرقص من ترابط وتداخل متينين؛ فمن جهة الشعر من المتعذر أن تجد اُمة من الاُمم تمتلك تراثاً شعرياً عظيماً وليس لها عشقاً للموسيقى، وهذا ما يؤكد عليه على سبيل المثال المفكر وأستاذ الفلسفة المصري فؤاد زكريا: «إن العلاقة بين الموسيقى والشعر تبلغ من التشابك حداً أصبح من العسير معه.. تحديد أيهما الأسبق» فهناك نظريات تؤكد أن اللغة التي يصاغ فيها الشعر أسبق. وأن أصل الموسيقى هو القدرة الصوتية اللغوية. وهناك نظرية أخرى ترى ان الموسيقى هي أصل الإيقاعات جميعاً4. كما أن إيقاع اللغة الكلامية، والشعرية بوجه خاص، كان له تأثيره في عدد غير قليل من الموسيقيين، وكثرة من الشعراء هم من ذوي النزعة الموسيقية5. لذا نجد الموسيقى تعتمد على الغناء والغناء يعتمد على موسيقى الألفاظ، وكما يُقال: أنشد الشاعر قصيدته، يُقال أيضاً: أنشد المطرب أغنيته، وهذه ما هي إلا صورة من صور التداخل في اللفظ والمعنى بين القصيدة والأغنية.

كما يُضيف زكريا بأن الرقص مرتبط بالموسيقى منذ أقدم العصور ولا يكاد يوجد حد فاصل في التجارب الفنية التي تتسم حياتها بالبساطة، وكان جزءاً لا يتجزأ من صميم الشعائر الدينية التي تؤديها الشعوب البدائية6. وليس مصادفةً أن جمع أبو الفرج الإصفهاني في كتاب واحد يُعد أهم المراجع في تاريخ الغناء والشعر العربيين معاً وأسماه «الأغاني». وقد فطن الموسيقيون العرب لأوزان الشعر العربي الدقيقة الضبط في توافقها وتوقيتها مع الإيقاع الموسيقي مما ساعد في أن يكون ذلك أحد الاُسس الهامة في نهضتهم الموسيقية. ويصف الباحث الموسيقي العراقي فوزي كريم علاقة الشاعر بالموسيقى بأنها تتجلى داخل كلماته وجمله وصيغه الشعرية، وأن الشاعر والموسيقي كانا واحداً، وأن لافاصل بين معنى الشعر والموسيقى في كلمة AOIDOS اليونانية، ويضيف: وأن الشاعرة اليونانية سافو كانت موسيقية بذات المعنى، وأن الشاعر العربي كان منشداً، وأن القصيدة العربية كانت تُنشد، وأن الشاعر العربي كان يستعين بآلة وترية أو إيقاعية في إنشاده، وكذلك الأمر في الثقافات الشرقية القديمة، الهندية والصينية7.

الموسيقى والطرب العربي قبل الإسلام:
مع أن تاريخ الغناء والموسيقى العربية بلغ أوج ازدهاره خلال الحضارة العربية الإسلامية، وعلى وجه الخصوص خلال العصرين العباسي والأ ندلسي، كما سنأتي على ذلك لاحقاً، إلا أن ازدهار الحركة الموسيقية في هذين العصرين لم يأتِ من فراغ، إذ ترجع جذورهما إلى فترة ما قبل الإسلام التي عّرفت بـ«العصر الجاهلي» والذي شهد رقياً في الغناء وعلى الأخص على أيدي ما كُن يُعرفن بـ«القيان». والقيان جمع «قينة» وهي الجارية الأمة، وعادة ما تُطلق القينة على الفتاة الجارية المغنية إذا كان الغناء حرفةً أو صناعةً لها8.

وكانت القيان تزهو بهنّ مدن وحواضر الجزيرة العربية، ومثلما كُن زينة القصور المترفة فقد كُن أيضاً بهجة الخيام الجافية. وكانت هؤلاء القيان في العصر الجاهلي من الكثرة والانتشار، ومن التحضر والترف، ومن الرقي الفني في الطرب إلى درجة أن كانت لهن مكانة خاصة و متميزة في حياة عرب الجاهلية عامةً والشعراء منهم خاصةً. وكانت القينة ملهمة في تجييش عواطف الشاعر تثير فيه دواعي القول فينظم فيها متغزلاً متشوقاً أو ناسباً واصفاً9.

الموسيقى والغناء خلال صدر الإسلام:
شهدت حركة الغناء العربي خلال البعثة النبوية ضموراً نسبياً لأسباب مفهومة تتعلق بمقتضيات تبليغ رسالة الإسلام السامية وتكملة مكارم الأخلاق والتي كان من عدادها نشر قيم الفضيلة والعدالة وتهذيب السلوك والتي نادى بها رسولنا الأكرمﷺ. وإن كانت ثمة مظاهر من الغناء الرصين لا تتعارض مع سمو الدعوة، ومن أمثلتها ما نوّه به الباحث محمود بن حنفي بأن أقدم من ضرب بالدف عند ظهور الإسلام بالمدينة فتيات من بني النجار حيث استقبلن الرسول عند قدومه للمدينة10.

وفي عصر الخلفاء الراشدين حمل هؤلاء مسؤلية المحافظة على القيّم السامية للإسلام وترسيخها واستكمال نشر رسالته، ولذا ففي ضوء ما مرت به حركة الغناء من بعض مظاهر التفسخ والانحلال خلال هذه الفترة، حيث طفحت على السطح ظاهرة من عُرفوا بـ«المخَنَّثين المغنين» وهي ظاهرة طارئة لم تكن موجودة خلال العصر الجاهلي كما يذهب إلى ذلك المستشرق الموسيقي الكبير المعروف بعشقه للتراث الموسيقى العربي جورج فارمر، وحيث كان هؤلاء المخنثون يتشبهون بالفتيات فيخضبون أيديهم بالحناء ويتشبهون بعادات وزينة النساء، ولا شك بأن هؤلاء يتحملون مسؤولية الإساءة إلى الفن الموسيقي، فهم من أعطوا مبرراً خلال هذا العصر للتشدد في تحريمه بالمطلق نظراً لخطورة الظاهرة والخوف من تكرسها واستفحالها، لا سيما مع ظهور قيان مغنيات ارتبطت سمعتهن بالفجور والدعارة حيث كُن يتغنين بفحشاء الكلام السوقي الهابط11.

لكن وبالرغم من تلك النماذج الغنائية المسفة برزت -ولو بشكل محدود- نماذج مُبدعة تباهت بنفسها بأنها وريثة التقاليد الغنائية الإبداعية للعصر الجاهلي، ومن هؤلاء عزة الميلاء التي كانت من أشهر الموسيقيات المحترفات وكانت تفتخر بأن فنها الغنائي يُعد امتداداً سارت عليها القيان المغنيات في العصر الجاهلي من أمثال سيرين، وزرنب، وخولة، والرباب، وسلمى ورائقة، وغيرهن12.

الموسيقى في العصر الأموي:
استشعر خلفاء الدولة الأموية الجديدة حاجتهم للظهور بمظهر التجرد والإستقامة الدينية كامتداد لعصر الخلفاء الراشدين، ولذا كانوا متفاوتين من خليفة إلى آخر في درجة المرونة أو التشدد في تحريم الغناء والموسيقى. وكان الخليفة الأكثر تسامحاً الوليد بن يزيد حيث وصل الغناء في عهده إلى أوج ازدهاره، وكان شاعراً وذوّاقة للفن الرفيع في عصره .واشتمل الغناء في العصر الأموي على عدد من الأغراض أهمها مديح الخلفاء الأمويين، والغزل، والرثاء، والمجون الذي يتضمن ذكر اللهو والشراب13. وصدر خلال هذا العصر أول كتاب عربي عن الأصوات والغناء عنوانه «كتاب النغم» ليونس الكاتب، الذي سبق به كتاب الاغاني لأبي فرج الأصبهاني14. ومن أشهر موسيقيي هذا العصر إبن مسجح، وبديح المليح اللذين حظيا بتشجيع ودعم من الخليفة الأموي عبد الملك (685 - 705) الذي قيل بأنه كان ملحناً جيداً15.

كما كان من أبرز المغنين في أوائل الحكم الأموي سائب خائر الذي قيل بأنه أضفى الروح العربية على الغناء الفارسي واستخدم العود بدلاً من القضيب في الغناء، وسار على نهجه من تتلمذوا عليه أمثال إبن سريج ومعبد، ومن النساء عزة الميلاء وجميلة16. وعبّر إبن سريج أجمل تعبير وأدقه في وصف المغني المبدع الجيد، فقد سُئل عن قول الناس: «فلانٌ يُصيبُ، وفلانٌ يخطيءُ، وفلان يُحسنُ وفلان يُسيءُ. فقال: المُصيب المُحسنُ من المغنين هو الذي يشبع الألحان ويملأ الأنفاس، ويُعدّل الأوزان، ويُفخّم الألفاظ، ويعرف الصواب، ويقيم الإعراب، ويستوفي النغم الطِوال، ويُحسن مقاطع النغمِ القِصارِ ويصيب أجناس الإيقاع، ويختلس مواقع النبراتِ، ويستوفي ما شاكلهما في الضربِ على النقرات»17.
ومن مشاهير المطربات اللواتي برزن خلال العصر الأموي جميلة وسلامة القس. ويرى عميد الأدب العربي طه حسين أن الموسيقيين في العصر الأموي هم الذين كانوا يبتكرون الوزن الذي يلائمهم، فيصنع لهم الشعراء القصائد الغنائية على هذا الوزن، ثم يلحنها الموسيقيون18.

ومن سمات التطور الموسيقي لهذا العصر ظهور الأغنية الفردية التي كانت تؤدى بمصاحبة العود الخشبي، وبخاصة خلال عهد يزيد الأول (ت 683). ويرجع لإبن سريج الذي لُقب بـ «أبي الموسيقى العربية» الفضل في قواعد للعزف والأداء والتلحين، وساعده في ذلك ما تعلمه من نظريات وقواعد موسيقية كثيرة اكتسبها من خلال جولاته في سوريا ورحلاته إلى بلاد فارس. أما فيما يتعلق بتطور الآلات الموسيقية فقد بقي العود سيد الآلات رغم بروز آلات أخرى19.

الموسيقى في العصر العباسي:
وما أن انهارت الدولة الأموية وأقام العباسيون دولتهم وأطل عهد المهدي حتى اُسست داراً كبيرة للغناء، جذبت إليها المغنيين والمغنيات من كل فج، ونُثرت عليهم الأموال نثراً، بل كالتها كيلاً على حد تعبير اُستاذ اللغة العربية شوقي ضيف20. ولا غرو إذا ما شهدت حركة الموسيقى والغناء العربية في هذا العصر نهوضاً ذا تطور نوعي حتى عدّه المستشرق فارمر، وازدحم البلاط العباسي خلال هذا العصر بالموسيقيين والقيان الذين أغدق الخلفاء العباسيون عليهم بسخاء كبير من العطايا المالية إلى درجة أثارت حفيظة وحسد طائفة كبيرة من الشعراء والفقهاء الذين وقف العديد منهم موقف المتشدد من الموسيقى وتحريمها جملةً وتفصيلاً21. وقسّم فارمر هذا العصر إلى ثلاث حقب تاريخية: (العصر الذهبي من 750 م - 847 م) و(عصر الانحطاط من 847 م - 945 م) و(عصر السقوط من 945 م - 1285 م). ففي عهد أبي العباس السفّاح (750 - 745) عُرف عنه تشجيعه الموسيقى والفنون وعشق الفن، وتواصل هذا الإهتمام خلال عهد أخيه المنصور (745 - 775) حيث لعب خالد البرمكي وإبنه يحيى وحفيداه جعفر والفضل أدواراً هامة في نشر الفنون والموسيقى، وكذا الحال في عهد المهدي (775 - 785). ومع أنه لم يسمح لإبنيه الهادي والمأمون بالإنشغال بالموسيقى، فقد كان مغرماً غراماً خاصاً بها، وعُرف بإزدحام قصره بالموسيقيين، ومن بينهم: حكم الوادي، وسياط، وإبراهيم الموصلي، ويزيد حوراء22.

كما عُرف عن عهد الرشيد(786م - 809م)ازدهار الغناء العربي خلاله، وكان يؤدىٰ على طريقتين: الأولى طريقة شيخ الصناعة إبراهيم الموصلي، وكان من تقاليد مدرسته المحافظة على أصوات القدماء كما رُويت، والالتزام بالأداء دونما زيادة أو نقصان، والثانية طريقة إبن جامع، وهو على النقيض من المدرسة الأولى حيث يبيح لنفسه التصرف في الأداء والإنطلاق مع صوته إلى أقصى المدى بحيث يطّوع أو يخضع النغم لصوته متوخياً استحسان السامعين لهذه الطريقة التي لا يقدر على الإتيان بها إلا من امتلكوا ملكات وموهبة مقومات التنغيم والقدرة على التصرف في مقامات الطرب23.

وعُرف عن عهد المأمون (813م - 833م) تشجيعه أيضاً النهل من الثقافة الموسيقية الإغريقية وشتى العلوم عامة، كما كان يرعى الفنون، ويعتبر عمه إبراهيم المهدي من موسيقيي عصره. كما اُعتبر عصر المعتصم (833م - 842م ) يعادل المأمون في عشق الفنون، وكان صديقاً للفيلسوف العربي والعالم الموسيقي المشهور الكندي (ت 873) الذي ظلت دراساته تّدّرس لقرون.

أما في عهد الواثق (842 م - 847م) فقد كان أول خليفة عباسي شديد الولع بالموسيقى، وقال عنه حمّاد بن إسحاق الموصلي بأنه أعلم الخلفاء بهذا الفن، وأنه كان بارعا وعازفاً ماهراً على العود. ومن الموسيقيين الكبار في السن الذين أدركوا عهده: إسحاق الموصلي، ومخارق، وعلوية، ومحمد بن الحارث، وعمرو بن بانة. أما من المحدثين: عبدالله بن العباس الربيعي، وبن فيلاء الطنبوري، وإبراهيم بن الحسن بن سهل، والحسن المسدود24. ويُعتبر إسحاق الموصلي نجم العصر العباسي، ووُصف بأنه عبقري زمانه موسيقياً، وكان متواضعاً يُعظّم من سبقه من أعلام الغناء العربي. «ولم يستوحِ إسحاق ثروته الغنائية من التراث التقليدي ومن الألحان المنهجية وحدها، بل كان مثالاً للفنان العبقري يلتقط الجوهرة أينما عثر بها، ويتلقف الأغنية من أي حنجرة، ومن أي لون»25. ويورد الحسن بن أحمد الكاتب على لسان إسحاق الموصلي: «إذا أكمل المغني ثلاث خصال، لم يحتج إلى رابعة: الرواية، والحكاية، والدراية»26.
ومن أشهر المغنين الذين تتلمذوا على إسحاق الموصلي وذاع صيته الحسن بن علي بن نافع الملقّب «زرياب»، وهو أعظم المغنين والموسيقيين في عصره، حتى عُد بأن له من النبوغ والموهبة في صناعة الموسيقى والغناء ورخامة الصوت ما تفوّق به على استاذه الموصلي، وكان يحفظ عشرة آلاف مقطوعة من الأغاني بألحانها27. وقد انتقل بعد ذلك إلى الأندلس وبزغ نجمه فيها كما سنأتي على ذلك لاحقاً.

مآثر الكندي والفارابي وإبن سيناء الموسيقية:
مما لا شك فيه أن الكندي (ت 874) كان في طليعة المنظّرين المجددين العرب في الموسيقى وقد برز نبوغه العلمي في دراساته ومؤلفاته التي تناول فيها السلم الموسيقي في ضوء إلمامه بالمصادر اليونانية، مع أن عرضه الموسيقي يعتمد على المصطلحات المستعملة في دساتين العود العربي. كما خصص الكندي جانباً كبيراً من كتاباته لآلة العود من خلال التدقيق في وصفها وذكر مقاييسها وخصوصياتها النغمية. ففي رسالته المنشورة بعنوان «رسالة في اللحون والنغم» كان ضمن ما تناوله فيها: الصناعة الخاصة بالعود، وكيفية استخراج النغمات وصناعة الأوتار انطلاقاً من دساتين العود، أما الجزء الأهم في الرسالة فهو الذي نظّر فيه لقواعد ومنهج تدريس العود28.

أما الفارابي فهو صاحب العمل الموسوعي الضخم «كتاب الموسيقى الكبير» والمكوّن من جزأين رئيسيين، لكن جزءه الثاني المخصص لتحليل تاريخ نظرية الموسيقى مازال مفقوداً، علماً بأن المخطوط الأصلي للكتاب محفوظ في مخطوطات ليدن 1423، وإن كان العالم الفرنسي البارون ديرلانجي خصص مجلدين من موسوعته «موسيقى العرب» المكونة من ستة مجلدات لكتاب الموسيقى الكبير للفارابي29.

وقد تناول الفارابي في الجزء الأول تعريف اللحن، وأصل الموسيقى، واختلاف هيئاتها، العملية والنظرية في الإنسان وتعدد أصناف الألحان، وغاياتها، ونشأة الآلات الموسيقية، ومبادئ المعرفة بصناعة النغم، ومناسبات النغم واتفاقاتها، وعدد النغم المتجانسة في الألحان، وطبقات الأصوات الطبيعية30.كما أن من مزايا هذا المؤلف الموسيقي الموسوعي للفارابي أن صاحبه تناول فيه بإسهاب دقيق مفصّل الآلات الموسيقية البغدادية في عصره وأشهرها العود ذو الأوتار الأربعة: البم، والمثلث، والمثنى، والزير، وأضاف إلى العود وتراً خامساً أسماه «الحاد»، وقد وثّق هذه الإضافة في ص 591 من كتابه الموسيقى الكبير نفسه، كذلك آلة الطنبور بأنواعها وأشهرها البغدادي، والمزامير بأنواعها، وآلة الرباب31. وقد أضحى العود الآلة الرئيسية في تفسير العلاقة بين الموسيقى والعلوم الأخرى.

وكان صفي الدين الأرموي الذي عاش عشية انهيار الدولة العباسية (ت 1294) أول منظّر موسيقار مهم بعد إبن زيلة ومن أشهر مؤلفاته «كتاب الأدوار في معرفة النغم والأدوار» و«الرسالة الشرفية في علم النسب التأليفية والأوزان الإيقاعية»32. كما كان الأرموي من أمهر العازفين على العود، وقيل أنه أبدل السلم الموسيقي العربي الذي كان معمولاً به قبله33.

أما إبن سينا (ت 1037) فقد خصص فصلاً مهماً عظيم المنفعة في كتابه «الشفاء» عن أثر الموسيقى في العلاج34. ويرجع الفضل لأخوان الصفا في تفسير الموسيقى بأسس رياضية. فهم من بث قواعد الأنغام على الرياضيات وتحدثوا عن النغمات الصوتية (الذبذبات) المنبعثة من الأجرام السماوية. ووضعوا قوانين الغناء على ثلاثة أصول: السبب، والوتد، والفاصلة35.

وبمرور الدولة العباسية بعصر الانحطاط والوهن والتفتت أفل العصر الذهبي للحركة الموسيقية والفنية كما هو الحال لمختلف العلوم الحضارية الذي ميّزها.

الموسيقى في العصر الأندلسي:
شهدت الأندلس مابين القرن الثامن عشر والخامس عشر نهضة موسيقية عظيمة منذ أن دخلها العرب عام 713م وتم تأسيس خلافة أموية عاصمتها قرطبة، فمنذ القرن التاسع أنشأوا مدارس موسيقية تبز مدارس الخلافة العباسية في بغداد، ولقد أشرنا آنفاً إلى المكانة التي كان يتمتع بها زرياب خلال حكم هارون الرشيد، وقد بلغ أوج صعود نجمه بعد فراره إلى الأندلس عام 822م حيث أحسن وفادته الخليفة الأموي عبد الرحمن بن الحكم الذي انبهر بعبقريته الموسيقية والغنائية، وجعله واحداً من حاشيته المدللة. وقام زرياب بإدخال العديد من التعديلات على الفنون الموسيقية، وهو من جعل مضارب آلة العود من ريش النسور بعدما كانت من الخشب وابتكر مقامات موسيقية جديدة لم تكن معروفة في السابق، كما ابتكر طريقة افتتاح الغناء بالأصوات بدلاً من الأنغام الموسيقية36. على أننا نرى ثمة تناقض في المصادر العربية حول صاحب الفضل في ابتكار الوتر الخامس لآلة العود، ففي الوقت الذي ينسبه بعضها للفارابي - كما مر بنا - وبشكل توثيقي قاطع، نرى مصادر أخرى تنسبه لزرياب خلال إقامته في الأندلس، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، ما أورده الباحث المغربي محمد القاضي في دراسته المعنونة «الموسيقى الأندلسية المغربية نموذج للتفاعل والامتزاج» ومن الآلات الموسيقية التي شاع استخدامها في منطقة إشبيلية بوجه خاص: الخيال والكريح العود والروطة والرباب والقانون والمؤنس والكثيرة والنضارة والزلامي والشقرة والنورة والبوق، وإن كانت المناطق الاخرى من الاندلس عرفت استخدام هذه الآلات. وإلى جانب ذلك عرفت الأندلس الطبلة والنقارة والطسوت التي تقرع بالقضبان37.

وحظيت مؤلفات الفارابي في الأندلس بمكانة مرموقة لدى الباحثين الموسيقيين والفنانين، وبخاصة كتابه الموسيقى الكبير. أما عن الآلات الموسيقية الأخرى التي شاع العزف عليها في الأندلس بالإضافة إلى ما تقدم ذكرها: الطنبور، والشهرود، والقيثارة، والزهر والكنّارة، والقانون، والرباب، والكمنجة، والمزمار، والسرناي التركية، والناي، والشبابة، والصفارة.. وغيرها من الآلات الإيقاعية وآلات النفخ النحاسية. ولعل أهم فن غنائي ابتكره الأندلسيون العرب هو «فن الموشحات»، ولعلنا نلمس في لغة هذا الفن الشعرية الجديدة أول تحرر من قيود أوزان الشعر التي طالما تقيدوا بها على مدى قرون طويلة منذ الجاهلية في أغانيهم؛ فقد نُظمت الموشحات دون إلتزام صارم بعلوم العروض والقافية التي خضع لها الشعر العربي عامةً والغنائي خاصةً منذ نشأته38. ومن أبرز من برع في الموشحات الشعرية عبادة القزاز، وأبوبكر بن زهر، وابن بقي، والأعمى، التطيلي، وابن باجة، وابن سهل الاسرائيلي، وابن الخطيب، وابن زمرك وغيرهم. وكانت لغة الموشح تتميز بسهولتها وعذوبتها وبموسيقى ألفاظها وسلاستها والتي تأتي أحياناً ملحونة وأحياناً اخرى عامية أو حتى أعجمية39. وحسب الباحث مقداد رحيم ثمة إشارات كثيرة إلى وجود الموشحات خارج حدود الغناء والتلاحين شأنها شأن القصائد التي تُنشد وتُستنشد في المخاطبات، وإن كان ذلك لا يمنع من اتخاذها مادةً للغناء طالما أن الشعر مصدر أساسي للغناء والموشحات كما هو معروف فن من فنون الشعر بل المادة الشعرية الممتازة الأكثر تهيئةً للغناء40.

ومن أعلام الموسيقى والغناء في هذا العصر الموسيقار الكبير إبن باجة أول منظم للألحان المعتمدة في الأندلس والتي أدخلها فيما بعد إلى المغرب، وهو واحد من أشهر الموشحين الذين يجمعون بين الموسيقى والغناء في موشحاته41. وكذلك عبد الوهاب الحسين بن جعفر الحاجب الذي وُصف بأنه نسيج وحده في الغناء الرائق، وأعلم الناس بضرب العود، واختلاف طرائقه، ومقدرته في صنع الألحان اختراعاً وحذقاً، وهو من عائلة جميعها موسيقيون. وأيضاً أبو الحسن علي بن الحمارة الذي لم يكن فقط عوّاد ماهراً بل فاق نظراءه في تأليف الألحان42.

وقصارى القول كانت النهضة العربية الموسيقية في الأندلس تبز نظيرتها في بغداد العباسية وتركت تراثاً عظيماً فيها بعد اُفول شمس العرب فيها، وهذا باعتراف الكثير من المستشرقين الغربيين والباحثين العلميين الموضوعيين منهم، حتى أن الأب اليسوعي المعروف أندريس وهو ممن طُردوا من أسبانيا مع العرب أقر في كتاب نشره بالإيطالية ثم تُرجم إلى الأسبانية بأن «موسيقى التروبادر وآراء الفونسو العالم في هذا الفن عربية كلها»، وهذا الأب هو نفسه صاحب كتاب «رسائل في الموسيقى العربية43. مع ملاحظة إن الإيقاع ليس طابعاً ضرورياً لكل أنواع الموسيقى، كما قد يتبادر إلى الأذهان. «فموسيقى الأغاني عند الرومان والأغريق لم يكن طابعها الإيقاع بل قسمت تماماً كأشعارهم تبعاً للطول والقصر» ومن ثم فإن الإيقاع كما تخلص مستشرقة ألمانية عاشقة للتراث العربي ألا هي هونكه: أضحى سمة شرقية عربية الأصل أفضت إلى تنظيم حقول النغم44.

الموسيقى العربية في التاريخ الحديث :
يرتبط نهوض الحركة الموسيقية في التاريخ العربي الحديث بالنهضة العربية الحديثة التي تعود بواكيرها الأولى إلى القرن 19 م في مختلف مجالات العلوم والمعرفة، وتاريخ وتراث الموسيقى العربية المعاصرة يمتد على مدى القرنين الماضيين. فمنذ بدايات القرن التاسع عشر شهدت مصر ازدهار التخت المصري الذي يعزف مقطوعات موسيقية، وكان المطرب يغني وصلات تفصلهما استراحة، وكل وصلة تبدأ بمقطوعة موسيقية استهلالية يُطلق عليها «دولاب» تليها مقطوعة آلية، ثم يؤدي المنشدون موشحاً من نفس المقام السابق مع اشتراك المطرب معهم ثم يُقدّم كل عازف تقاسيم على آلة موسيقية ثم يبدأ المغني في استعراض مهاراته بأداء الليالي والآهات والمواويل بمصاحبة القانون ليؤدي الدور وهو ختام الوصلة ويجاوب المنشدون بمصاحبة العازفين لتعقبها الوصلة الثانية على نفس منوال النظام السابق.. بينما تختتم الوصلة الثالثة بقصيدة من قصائد الشعر العربي الفصيح الغزلية45. ومن أشهر مطربي القرن التاسع عشر الذين سطعت أسماؤهم في الحياة الموسيقية: المعلم شعبان، ومحمد عبد الرحيم المسلوب، ومحمد الشلشلموني، وأحمد أبو خليل القباني، ومحمد صابر، ومحمد سالم العجوز، والشنتوري، وإبراهيم حسن، وإبراهيم عثمان46. وكان المعلم شعبان شيخاً لطائفة من المغنين في عصر محمد علي باشا ولكنه كان يدين بالولاء ويعترف بالاستاذية لإثنين من المشايخ هما: الشيخ شهاب الدين إسماعيل والشيخ محمد عبد الرحيم المسلوب، وبفضل هذين الشيخين الأزهريين شهد الغناء المصري نهوضاً امتد منذ الربع الأول للقرن التاسع عشر حتى بلغ أوج ازدهاره بدءاً من عشرينيات القرن العشرين حتى ستينياته47.

ولا غرو في أن يتطور الفن على أيدي مشايخ من الأزهر، فقد اختص مرتلوا القرآن والإنشاد الديني بموهبة ونبوغ برعت فيهما أجيال من المقرئين المصريين لتفهمهم الدقيق لطبيعة المقامات وحسن استخدامهم لها، وأصبح هؤلاء المشايخ المرتلون مثار إعجاب المصريين ثم العرب في القرن العشرين. ومن تحت عباءة الترتيل القرآني والإنشاد الديني أمثال أبو العلا محمد، وإبراهيم الفران وعلى محمود برزت كوكبة من أجيال المطربين والموسيقيين الكبار، فهؤلاء إنما تلقوا تكوينهم الموسيقي الخام الأول في رحاب الترتيل والإرشادالديني48.

وفي شهادة لها تفتخر اُم كلثوم بأن ثلاثة من أربعة أثّروا في مسيرتها مرتبطين بالدين: الأول القرآن الكريم الذي تعلمته منه سلامة مخارج الأصوات، والثاني والدها الشيخ البلتاجي الذي اكتشف موهبة صوتها مبكراً وتعهدها بالرعاية الفنية الكاملة، والثالث الشيخ أبو العلا محمد والذي تعتبره من أساتذتها في بدايات إنطلاقة المسيرة وخير من لحن أغانيها في تلك الفترة49.

الموسيقى خلال النصف الأول من القرن العشرين:
باستثناء الأغاني الصوفية والشعبية فقد ظلت الموسيقى التقليدية الموروثة عن القرن التاسع عشر سائدة طوال العقدين الأولين تقريباً من القرن العشرين بين الباشوات والطبقات العليا في المجتمع، وبخاصة في سهراتهم وأفراحهم العائلية، ولم تهب رياح التغيير لكسر هذا الاحتكار إلا في أعقاب ثورة 1919 الشعبية. ويرى الناقد والمؤرخ الموسيقي سليم سحاب بأن دخول الإسطوانة إلى مصر عام 1903 ساهم في تسجيل وحفظ تراث أغاني القرن التاسع عشر على اسطوانات بواسطة مطربي بدايات هذا القرن والذين ساروا على منهجية كبار مطربي أسلافهم الذين برزوا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر مثل عبده الحامولي ومحمد عثمان وأحمد أبو خليل القباني الدمشقي الذي يعود إليه الفضل في تأسيس المسرح الغنائي في ستينيات القرن نفسه50.

وإذا كانت الإسطوانة لعبت دوراً، كما عبّر سحاب، في تسجيل وحفظ أغاني القرن التاسع، فإننا نرى ظهور بعض وسائل الإتصال الجماهيري في النصف الأول من القرن العشرين لعبت هي الأخرى دوراً في حفظ أغاني هذه الفترة، ولا سيما أغاني الثلاثينيات بعد تأسيس الإذاعة المصرية وانتشار أجهزة الراديو منذ منتصف هذا العقد حيث ساهمت في تسجيل الأغاني والنقل المباشر لكبار النجوم، كما كان لظهور السينما الناطقة وصناعة الأفلام الدرامية دور أيضاً في حفظ العديد من الأغاني السينمائية وتوثيقها حيث ظهرت في العديد من أفلام تلك الفترة من النصف الأول من القرن العشرين، وصولاً إلى عصر الكاسيت في السبعينيات الذي سمح بنشر أغاني مطربي الأغنية السياسية المحظورة، كالشيخ إمام عيسى وعدلي فخري في مصر إبان عهد أنور السادات، ومارسيل خليفة نفسه المحظورة أغانيه خارج لبنان، وكذلك جعفر حسن وفرقة العراقية داخل العراق وخارجه إبان عهد صدّام حسين51.

كما ظل الإنشاد على الذكر مدرسةً فنيةً يُعتد بها، كما كان الحال في القرن التاسع عشر، ففي هذه المدرسة كانت «تُكتشف المواهب، وتتثقف الحناجر، وتتدرب الأصوات في مختلف مقامات النغم، وفي هذه المدرسة تخرّج عدد كبير من أعلام الغناء والتلحين الذين حفظوا أصول الغناء العربي من الضياع، وطوروا هذه الاُصول ونموها بما أضافوا إليها اقتباساً من الأنغام الأجنبية أو بما هدتهم إليه براعتهم الفطرية، وقدرتهم الفنية»52.

وينوّه سليم سحاب بحقيقة تاريخية تراثية هامة مفادها أن جذور تراث الغناء العربي الحديث منذ بدايات القرن العشرين، وخصوصاً في مصر، كان الذين نظموا أغاني عبده الحمولي، الذي كان أعظم مطرب في القرن التاسع عشر، هم من كبار مشايخ الأزهر أمثال علي الليثي (نديم الخديوي وشاعره) وعلي أبو النصر وعبد الرحمن قراعة (مفتي الديار المصرية حينذاك)، بل قام بعضهم بتلحين موشحات غزلية لاتخلو أشعارها من ذكر الحُب والحبيب والخمر والعشق والحرمان والهجر، وقد كانت هذه الموشحات في الأصل لملحنين أزهريين مجهولين في القرن التاسع عشر تحاشوا ذكر أسمائهم عليها. ومع الوقت انفصل مشايخ من خريجي الأزهر عن ارتباطهم بالتدريس في الأزهر نفسه وشكلوا فيما بينهم طائفة من المغنين العارفين بكل أسرار الغناء مستمدين خبراتهم من دروس تلاوة القرآن الكريم في جامعة الأزهر وممارستها لفترة طويلة. وليس سراً أن الشيخ زكريا أحمد المعروف بهيامه وعشقه الصوفي عُرف أيضاً بتجويد وتلاوة القرآن، هو الذي طلب من الأزهر الشريف تلحين كل سور القرآن الكريم لكن طلبه جوبه بالرفض53. وكان للشيخ زكريا أسلوبه في التلحين لا ينازعه فيه أحد ولم يتزحزح عنه وكان شديد الإعتزاز بشرقيته ومصريته، في حين كان للملحن محمد القصبجي الفضل في تعليم محمد عبد الوهاب العزف على العود مثلما كان له الفضل في تعليم اُم كلثوم العزف على أوتار القلوب، على حد تعبير المؤلف الموسيقي اللبناني جورج روفايل54.

ولقد كانت التلاوة المجودة للقرآن الكريم تأتي على قمة التسلسل الهرمي للتعبيرات الموسيقية أو أنماط هندسة الصوت، حائزة على أعلى درجات الأهمية والقبول والشرعية55.

أما عن كبار نجوم الغناء في مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين إلى أوائل الخمسينيات فمن أبرزهم: اُم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، ومنيرة المهدية، وإسمهان، وزكريا أحمد، وليلى مراد، وفريد الأطرش، ومحمد فوزي، وشادية، وصباح، وراقية إبراهيم، وهدى سلطان، ونور الهدى، ومحمد عبد المطلب، وشكوكو، وبدايات إنطلاقة نجاة الصغيرة. وغيرهم56.

واللافت أيضاً أن آباء بعض أبرز هؤلاء النجوم هم أيضاً من مرتلي القرآن الكريم أو سدنة في المساجد الشهيرة، وكانوا يتميزون بطلاوة وعذوبة الصوت في الترتيل وفي رفع آذان الصلوات الخمس، وممن ذكرهم الباحث الموسيقي المصري حنفي المحلاوي: الشيخ عبد الوهاب محمد أبو عيسى (والد الموسيقار والمطرب محمد عبد الوهاب)، والشيخ إبراهيم البلتاجي (والد أم كلثوم)، والشيخ علي إسماعيل شبانة (والد عبد الحليم حافظ)57.

و يؤكد الباحث في دراسات الإنشاد الديني ورئيس مهرجان الإنشاد الديني في تونس لطفي المرايحي أن الموسيقى الدينية الإسلامية، والعربية منها على وجه التحديد، ظلت على ارتباط مع ما أسماها «الموسيقي الدنيوية»، وأن كلتيهما إنما تستندان إلى نفس المرجعيات التعبيرية من مقامات وموازين أو ضروب، ملفتاً النظر إلى أن رموز الإنشاد مارسوا الغناء زمناً ما أو جمعوا بينهما. كما يلفت المرايحي النظر أيضاً إلى نقطة على درجة من الأهمية في دلالاتها على تواصل تراثنا الموسيقي العربي وانقاذه من الانقطاع التام حتى في مراحل كبوتنا الحضارية وهي أن فضاءات العبادات، من مساجد وزوايا وتكايا، ظلت تمثل حصناً على امتداد قرون ضد مخاطر التلاشي والاندثار وهو ما يُحسب لها، وإن كانت في عصر التجديد والنهوض الموسيقي إبان القرن العشرين انقطعت عن التلاقح مع الموسيقى الدنيوية58.

على أن التطور الأبرز الذي يميّز الموسيقى العربية، وبخاصة المصرية، خلال الثلث الأول من القرن العشرين، يتمثل في ظهور المسرحية الغنائية، وعلى الأخص بعد ثورة 1919 والتي كان أحد روّادها سيد درويش الذي تأثر بشدة بتراث سلفه الشيخ سلامة حجازي في هذا الفن تحديداً، وحيث ارتبط صعود نجم درويش أيضاً بالمد الوطني العارم الذي خلقته هذه الثورة، لكن المسرح الغنائي الموسيقي اختفى تقريباً بعدئذٍ خلال عقدي الثلاثينيات والأربعينيات ليخلي الساحة بعدئذ إلى انتشار وتكرس الغناء الفردي طوال القرن العشرين. لكن ثمة تطور هام في النهضة الموسيقية في مصر تمثل في إدخال مادة الموسيقى خلال الثلاثينيات في مناهج التعليم الدراسية59. وباختفاء المسرح الغنائي ظلت شخصية المغني هي الشخصية المحورية المركزية للعملية الموسيقية برمتها. وعلى الرغم من ظهور نقّاد انتقدوا هذه الظاهرة، كما انتقدوا نظراءهم النقّاد المدافعين عنها، كالناقد وقائد الأوركسترا سليم سحاب الذي انتقد المؤرخ والناقد الموسيقي الشهير كمال النجمي لتجاهله قيمة محمد عبد الوهاب ريادته في التلحين والفكر الموسيقي في كتابه الذي كتبه عن سيرته بعد وفاته والذي يُقرأ من عنوانه «محمد عبد الوهاب مطرب المائة سنة»60.

ولم يتغيّر الحال بعد ثورة يوليو التي كرّست قيادتها الكارزماتية، ممثلةً في جمال عبد الناصر، هذا النوع من الأغاني باعتبارها الوسيلة الأمثل والأسهل لتأليه وتمجيد حكم الفرد الزعيم وتسطيح العقل على حساب الارتقاء بالمضمون والذائقة الموسيقية61.

الموسيقى خلال النصف الثاني من القرن :
شهد مطلع خمسينيات القرن العشرين تطوراً لافتاً في الأغنية والموسيقى العربيتين برز من لبنان بإنبعاث الأغنية المسرحية في لون جديد مع بروز ما عُرف بظاهرة أو مدرسة الرحابنة، والمكوّن من الملحنين الشقيقين عاصي ومنصور الرحباني والنجمة الشابة الصاعدة ذات الصوت الملائكي فيروز. لقد اكتشف هذان الأخوان صوت هذه الشابة ووظفوه لتطوير المضمون الفكري لمسرحهم الغنائي وسعوا لإيصال رسائل غنية بمضامينها السياسية والإجتماعية الحاضة على التغيير، منطلقين من رغبة عميقة في تقديم فن جديد للأغنية العربية بعيد عن الشكل التخديري الطويل في العتاب والنوح والهجر والغدر. والتذلل أمام الحبيب والمقدمات الموسيقية الطويلة وترديد فقرات الأغنية وهو الشكل الذي ظل يميّز الأغنية المصرية حتى نهاية القرن تقريباً، بل قدموا فناً يقوم على الأغنية القصيرة المكثفة كلماتها، سواء في مضامينها العاطفية أم في مضامينها الإجتماعية ذات الدلالات السياسية. ثم رقي الرحابنة بالموسيقى والألحان وبالمسرح الغنائي. ومن أبرز المسرحيات الغنائية التي برزت للرحابنة: بياع الخواتم، جسر القمر، جبل الصوان، يعيش.. يعيش.. يعيش، المحطة. وكل هذه المسرحيات وغيرها غنية بعمق مضامينها السياسية والنقد الإجتماعي ونقد الظواهر الاستبدادية والفسادي62.

ولم يكن غريباً على الرحابنة هذا البُعد الوطني والسياسي الإجتماعي في أعمالهم الموسيقية فقد عايش هذا الثلاثي فترةً من أخصب فترات النضال الوطني والقومي الذي استمر حتى اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في نهاية الربع الثالث من القرن العشرين. وبالتوازي مع ظهور المسرح الغنائي ظهر واحد من أهم النقّاد الشباب الذي احتفى واهتم بظاهرة المسرح الغنائي للرحابنة منذ بدء المسيرة الغنائية مطلع الخمسينيات، ألا هو نزار مروة إبن المفكر اللبناني السياسي - التراثي الراحل حسين مروة، لكن هذا الشاب الذي رحل في سن مبكر نسبياً عن عمر يناهز الستين (ت 1992) لم يأخذ حظه للأسف من البروز والشهرة، وقدّم حينها ملاحظات أولية على أعمالهم، وفي عام 1957 كتب يقول: «إن الحل الملائم الآن هو أن يتجه الموسيقيون إلى تلحين المسرحيات الغنائية القصيرة، ثم تلحين الأوبرا ذات المواضيع المأخوذة من التراث الفني الشعبي»63. كما كتب مروة في مجلتي «الثقافة الوطنية»، و«الطريق» منتقداً حصر التطور الموسيقي العربي في قالب الأغنية الفردية والتي عادةً ما تُعرف بمطربها أكثر من ملحنها وموسيقاها وناظم كلماتها، معتبراً تسييد الصوت البشري للموسيقى والألحان يسد اُفق التطور الموسيقي العربي، في حين أن العمل المسرحي يبرز عدة أشكال من التطور الموسيقي في آن واحد، ومنها الموسيقى التصويرية، وتلحين أداء كل شخصية بما يتوافق مع طبيعته الشخصية والمسار العام للمسرحية، وهذا ما يساعد في ابتكار وإبداع الفنون الموسيقية المعقدة وتطوير الآلات الموسيقية وخلق أجيال من تعاقب العازفين بهذا الفن الجميل64. وهو من دعا مبكراً إلى تلحين المسرحيات الغنائية قبل أن يخرج الأخوان الرحباني مسرحيتهما الغنائية الأولى، وكان نزار مهتماً للغاية بمسألة التوازن بين الموسيقى والمسرح. كما كان مهتماً بأهمية «التأليف الموسيقي» الذي عرّفته الاستاذة الموسيقية سمحة الخولي بأنه «إبداع فني متعدد العناصر يقوم على اللحن والإيقاع والتكثيف النغمي والبناء الموسيقي والتلوين الصوتي، وهو يختلف جذرياً عن «التلحين الشرقي» الذي يعتمد على عنصري اللحن والإيقاع وحدهما، وتبرز فيه كلمات الغناء لتحتل مكان الصدارة»65. ولعل هذا التعريف -في تقديرنا - ينطبق على تأليف الغناء المسرحي.

وبعد هزيمة عام 1967 بدأ العد التنازلي لنهاية العصر الذهبي للأغنية العربية، وبخاصة بعد رحيل الرئيس عبد الناصر المفاجيء عام 1970 والذي تبعه بعد أعوام قليلة رحيل ثلاثة من قامات نجوم الطرب الكبار خلال ثلاث سنوات فقط: فريد الأطرش عام 1974، اُم كلثوم عام 1975، وأخيراً عبد الحليم حافظ عام 1977. ثم برز تدريجياً ما عُرف بـ «الأغنية السطحية التجارية أو أغنية السندويتش ولحقتها ما عُرف بأغنية «الڤيديو كليب» في العقد الأخير من القرن».

كما برز لون آخر من الغناء بعد هزيمة 1967 اُطلق عليه «الأغنية السياسية» ذات الكلمات الهجائية اللاذعة ضد الهزيمة واحتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية والإجتماعية والتضييق على الحريات، وكان من أبرز نجومها في مصر الشيخ إمام عيسى، وعدلي فخري، وفي لبنان الموسيقار والمغني الشهير مارسيل خليفة الذي برز على وجه الخصوص خلال سني الحرب الأهلية ( 1975 - 1990 )، كما غنى كلاهما أيضاً للقضية الفلسطينية، ومن أبرز وجوه الأغنية السياسية في العراق جعفر حسن وفرقة الطريق، وغيرها من الفرق والمطربين الآخرين الذين تبنوا هذا االلون من الغناء ذي الهجاء السياسي في معظم الأقطار العربية.

مستقبل الحركة الموسيقية العربية :
والحاصل من هذه المسيرة الموسيقية التي استعرضنا لمحات خاطفة على أبرز محطاتها منذ بداياتها قبل الإسلام وبجذورها الضاربة في الحضارات الكبرى التي قامت في المنطقة، مروراً عابراً بصدر الإسلام، فالعصر الأموي، وصولاً إلى فترتها الذهبية خلال العصرين العباسي والأندلسي، ثم في عصرها الذهبي الجديد المتقطع على امتداد ثلاثة أرباع القرن العشرين لم يكن غرضنا منه مجرد السرد التاريخي فقط، بل ولنستخلص من ذلك باعتبارنا ورثة تجربة حضارية اغتنت من تلك المسيرة التاريخية الطويلة دروسها وعِبرها وبما مرت به من صعود وانتكاسات لعل تشرق على أجيالنا الشابة الحاضرة وأجيال المستقبل شمس جديدة من الموسيقى تربطهم بماضي حضارتهم الموسيقية المجيدة مطعمة بعناصر الحداثة المتوافقة مع خصوصياتها، هذا إذا ما أردنا حقاً النهوض من الكبوة الموسيقية التي تمر بها ثقافتنا الموسيقية، ومن ذلك أن تعيد وزارات الثقافة والإعلام بدولنا العربية الإعتبار لتراثنا وتاريخنا الموسيقي العربي، ومن ضمنها المعاهد الموسيقية في التعليم العالي، وأن تجعل وزارات التربية والتعليم الموسيقى والتراث الموسيقي العربي، مادة مقررة ضمن المناهج الدراسية، وبتوسع أكبر في المعاهد الموسيقية التي تتبع التعليم العالي، وأن تولي وزارات الإعلام بدولنا العربية اهتماماً أكبر في قنواتها الفضائية وإذاعاتها بمثل هذه البرامج، ويتم تقديم مسابقات وبرامج تحفيزية من شأنها أن تجذب إليها جيلاً ترتفع بثقافته وذائقته الموسيقية معتزاً بتاريخه وتراثه الموسيقي العربيين القديم والحديث، لا جيلاً مغترباً عليهما تجذبه الأغنيات والموسيقى الغربيتان أو في أحسن الأحوال الأغاني الهابطة التي تُسمى «شبابية»، وكذلك تأسيس أو إعادة احياء الفرق الشعبية الموسيقية66. وختاماً من الأهمية بمكان أن يتم كل ذلك بمعزل وقطيعة مع التراث الذي يسفّه من الثقافة الموسيقية جملةً وتفصيلاً، سواء في وسائل الإعلام العربية، أم في المناهج الدراسية الإسلامية والتاريخية، باعتبار تراثاً كهذا ليس غلواً في الدين فحسب؛ بل ومن عناصر البيئة المفرخة للإرهاب التكفيري، وبدون ذلك سيبقى للأسف مستقبل نهوض حركتنا الموسيقية قاتماً يراوح مكانه.

الهوامش

1. كوثر رستم، موسيقى بابل وسومر، جذوة اللحن ورقة المعنى، صحيفة البيان في 12 فبراير 2012 .
2. محمود أحمد الحفني، إسحاق الموصلي الموسيقار النديم، القاهرة، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والنشر، ص 18 .
3. ترجمة وتلخيص شاهر عبيد، من تاريخ الموسيقى العربية، الفكر العربي، يناير / مارس، بيروت، ص 229 .
4. فؤاد زكريا، مع الموسيقى ذكريات ودراسات، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، ص 67 - 68 .
5. المصدر نفسه، ص 70.
6. المصدر نفسه، ص 81.
7. فوزي كريم، الفضائل الموسيقية، دار المدى للثقافة والنشر، دمشق، 2002، ص 59 .
8. ناصر الدين الأسد، القيان والغناء في العصر الجاهلي، الطبعة الثالثة، دار الجيل، بيروت، ص 18 .
9. الأسد، المصدر نفسه، ص 163.
10. محمود الحنفي، مرجع سبق ذكره، ص 20.
11. هنري جورج فارمر، تاريخ الموسيقى العربية، سنة الإصدار 2010، المركز القومي للترجمة، القاهرة، ص 52 - 62 .
12. المصدر نفسه، ص 60.
13. عبد الحميد حمام، غناء الشيخ الشامي في العصر الأموي، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، 1986، ص 284 - 292.
14. محمد بركات، الموسيقى العربية. رؤية تراثية فلسفية، الثقافة الشعبية، مملكة البحرين، العدد الثامن، شتاء 2010، ص 127.
15. فارمر ، مرجع سابق، ص 76.
16. الموسيقى في العصر الاموي، موقع الحكواتي الاليكتروني
17. الخوري يوسف عون، أغاني الأغاني، مختصر أغاني الأصفهاني، المجلد الأول، دمشق، طلاس للدراسات والترجمة والنشر، ص 105.
18. حول المعري وتراث العرب الثقافي ومستقبل الأدب العربي الحديث، حوار مع طه حسين، الطريق، أيار / مايو 1993، بيروت، ص195 .
19. شاهر عبيد، ص 230.
20. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، العصر العباسي الأول، دار المعارف بمصر، ص 59 .
21. إنظر : فارمر، ص 120 .
22. فارمر، مرجع سابق : ص 109 - 111 .
23. محمد فهمي عبد اللطيف، الفن الآلهي، ص 57 - 58 .
24. فارمر : ص 112 - 116.
25. محمود الحفني ، ص 236 - 237 .
26. فراس الطرابلسي، بدايات التأسيس العربي للطرح السيمولوجي في الموسيقى : الحسن الكاتب أنموذجاً، البحرين الثقافية، يناير 2019، ص 103 .
27. ميخائيل عوّاد، صور مشرقة من حضارة بغداد في العصر العباسي، الطبعة الثانية، بغداد، دار الشؤون الثقافية، 1989، ص 91 - 94.
28. عزيز الورتاني، آلة العود في الحضارة العربية الإسلامية بين التنظير العلمي والممارسة الموسيقية، الثقافة الشعبية، مملكة البحرين العدد 27، خريف 2014، ص 124.
29. قاسماجنوف، الفارابي، دار التقدم، موسكو، 1986 ص 220.
30. صبيح صادق، الفارابي وأثره في الفكر الاوروبي، المورد، العدد الثالث 1975، دار الحرية للطباعة، بغداد، ص 124 .
31. عبد الأمير الصرّاف، الفارابي والآلات الموسيقية المشهورة في بغداد، المورد، المصدر نفسه ، ص 89 - 90 .
32. تصنيف جوزيف شاخت، كليفورد بوزورث، تراث الإسلام، الجزء الثاني، الطبعة الثالثة ،الكويت، عالم المعرفة، يونيو / حزيران 1998، ص 229 - 230.
33. عادل كامل الألوسي، المخطوطات الموسيقية العربية في مكتبة دائرة الفنون الموسيقية في بغداد، المورد، العدد الثاني 1980، دار الحرية للطباعة، بغداد، ص 328.
34. شاهر عبيد، ص 233.
35. عبد الغني الملاح، الموسيقى العربية في التراث ورأي اخوان الصفا، مجلة آفاق عربية، تشرين الثاني، بغداد، ص 126 - 127 .
36. 36 - نوفل الشرقاوي، الموسيقى الأندلسية تراث ازدهر في المغرب، 14 أبريل 2019، موقع " إندبنت عربية " الإليكتروني .
37. محمد القاضي، الموسيقى الاندلسية المغربية نموذج للتفاعل والامتزاج الحضاري، الثقافة الشعبية، مملكة البحرين، العدد السابع عشر، ربيع 2012، مملكة البحرين، ص 136 .
38. إنظر : الموسيقى في عصر الأندلس، موقع " الحكواتي" الإليكتروني، 28 / 12 / 2011 .
39. الموسيقى في الإندلس، موقع "المعرفة الاندلسية" الإليكتروني .
40. مقداد رحيم، الموشحات الاندلسية وعلاقتها بالغناء، مجلة آفاق عربية، بغداد، أيار 1984 ص 83 .
41. المصدر نفسه، ص 84 .
42. فارمر، ص 250 - 251.
43. حكمت الآلوسي، التأثير العربي في الثقافة الأسبانية، دائرة الشؤون الثقافية والنشر، دار الحرية، 1984، 36 .
44. زنغريد هونكه، شمس العرب تسطع على الغرب، الطبعة العاشرة، بيروت، دار صادر، 2002 م، ص 491 .
45. إيمان مهران، قراءة في ذاكرة الامة .. الأغنية المصرية ومؤلفوها في مائتي عام، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2007، ص 17 .
46. المصدر نفسه، ص 18 .
47. كمال النجمي، تراث الغناء العربي بين الموصلي وزرياب .. وأم كلثوم وعبد الوهاب، القاهرة، دار الشروق، بلا تاريخ، ص 67 - 73).
48. د. عواطف عبد الكريم وآخرون، تحت إشراف الاستاذة د. سمحة الخولي، التأليف الموسيقي المعاصر، الجزء الأول ، وزارة الثقافة، القاهرة، ص 33 .
49. رجاء النقاش، لغز أم كلثوم، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2009، ص 40 .
50. سليم سحاب، معزوفات محمد عبد الوهاب الموسيقية، شؤون عربية، صيف 2015، الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، القاهرة، ص 144 .
51. أنظر : أحمد مغربي، عرض تحليلي لكتاب الياس سحاب الموسيقى العربية في القرن العشرين، المستقبل العربي، شباط / فبراير ) 2010 .
52. محمد فهمي عبد اللطيف، الفن الآلهي ، القاهرة، الهيئة العامة للكتاب، بدون تاريخ، ص 57 .
53. أنظر : سليم سحاب، أثر التجويد القرآني في الموسيقى الراقية، مجلة الكواكب المصرية، 19 اكتوبر، 2010 .
54. جورج روفايل، نظرة في تاريخ الموسيقا والغناء في مصر الحديثة، المستقبل العربي، 11 / 2002، ص 2 10 و ص 107 .
55. بركات محمد مراد، الثقافة الشعبية ، شتاء 210، ص 126 - 127 ).
56. أنظر على سبيل المثال لا الحصر : " موسوعة الغناء المصري في القرن العشرين " للملحن والمطرب محمد قابيل .
57. إنظر : حنفي المحلاوي، الأربعة الكبار في الأغنية والألحان، القاهرة، نهضة مصر، سنة 2000، ص 14 - ص 15 .
58. لطفي المرايحي، الموسيقى العربية إلى أين ؟ الطبعة الأولى، بيروت، دار الفارابي، 2007 ص 125- 127 .
59. التأليف الموسيقي المعاصر، الجزء الأول، ص 37 - 39 .
60. إنظر مقاله : معزوفات محمد عبد الوهاب الموسيقية، شؤون عربية، صيف 2015، جامعة الدول العربية، القاهرة، ص ص 144 - ص 145 .
61. إنظر : وطفاء حمادي هاشم، " هموم المسرح وهمومي " تأليف علي الراعي، الطريق، بيروت، آذار - حزيران / مارس - يونيو 1995، ص 273 - 274 .
62. محمد منصور، فيروز والفن الرحباني، الطبعة الأولى، بيروت، دار كنعان، 2004، ص 7 - 13) .
63. نزار مروة، في الموسيقى اللبنانية والمسرح الغنائي الرحباني ، الطبعة الأولى، بيروت، دار الفارابي، 1998، ص 9 .
64. أنظر المصدر نفسه، ص 9 - 11.
65. التأليف الموسيقي المصري المعاصر، الجزء الأول، القاهرة، ص 8 .
66. علي عبد الله خليفة، تأسيس فرقة بحرينية للفنون الشعبية، مجلة الثقافة الشعبية، العدد 44.

الصور
1. https://wahooart.com/Art.nsf/O/AQR97F/$File/Paul-Alexandre-Alfred-Leroy-The-Musicians.jpg
2. https://i.pinimg.com/564x/ff/d5/db/ffd5dbbb7f66b1d400bb1e70967d4860.jpg
3. https://i.pinimg.com/originals/d4/d8/9c/d4d89c0ea97e9c1debd4a04827b75bb1.jpg
4. https://www.weladelbalad.com/app/uploads/sites/17/2017/12/1514729978_670_28771_.jpg
5. https://i.pinimg.com/564x/d9/a2/15/d9a2154e2ce09cff1ad02148dd9a9ed0.jpg

أعداد المجلة