رقصة هوارة مقاربة سيميولوجية إثنوغرافية
العدد 50 - موسيقى وأداء حركي
إن من يشاهد الرقصات الفولكلورية المغربية، وهي تذُرُّ توابلها على الأطباق الفرجوية المقدمة، سواء بالمهرجانات الثقافية أو في مختلف الاحتفالات الشعبية، لا يمكنه إلا أن يقع أسيرا لإحساس خاص تمتزج فيه المتعة والدهشة وأشياء أخرى تتجاوز حدود الوصف والتسمية. ولعل هذا المستوى الخفي هو ما يحفز بعض الباحثين، ونحن منهم، على عدم الوقوف عند عتبة الدهشة، والتجرؤ على إعمال ما بالحوزة من آليات النظر العقلي لمحاولة فهم ما تعرضه تلك الرقصات من دلالات.
وقد اخترت الاشتغال على رقصة تحيا بمنطقة هوارة المتواجدة بسهل سوس بالمغرب1، بالنظر إلى تفردها الكوريغرافي، والطابع الخاص لتركيبتها البشرية، والبعد الاستيطيقي والثقافي للحركات الجسدية لراقصيها، ورمزية الآلات الإيقاعية التي تصاحبها؛ إنها «اللّغْتة» أو «الوْناسة» أو بكل بساطة «الرقصة الهوارية»، إن نحن أردنا التجرد من كل تعيين محلي. وسأنطلق من إطار عام أعرض فيه نماذج تحليلية مقارِبة لموضوع الرقص، وبعدها سأصوغ نموذجا تحليليا خاصا يجمع بين السيميولوجيا والإثنوغرافيا، وهو الذي سأتبناه ، على اعتبار ما ينطوي عليه من جوانب بإمكانها أن تسعف في تقديم إضاءات حول الدلالات العميقة للرقصة موضوع البحث.
إطار عام:
1) توضيح إبيستيمولوجي:
ينبه كليفورد غيرتز Clifford Geertz في كتابه The Interpretation of Cultures إلى أن تحليل الثقافة ليس بحاجة إلى أن يكون علما تجريبيا يبحث عن قوانين، وإنما إلى أن يكون علما تأويليا يبحث عن دلالات2. ذلك أن ما يجدر التركيز عليه، بالأحرى، عند مقاربة مظهر ثقافي معين، هو تفسير وتأويل التعبيرات الاجتماعية التي تبدو، سطحيا، ذات طابع لغزي. وتعتبر الإثنوغرافيا، حسب غيرتز، نموذجا للتفسير المكثف للمظاهر الثفافية، على اعتبار أن الإثنوغرافي، فضلا عن قيامه بالإجراء الروتيني المتمثل في جمع المعطيات الميدانية، فإنه يسعى، فوق ذلك، إلى مقاربة بنيات معقدة ومتراكبة، عبر رصدها في مقام أول، وتفسيرها بعد ذلك3.
وارتباطا بموضوع «الفولكلور»، فإن إعادة النظر في طرق مقاربته في أوائل السبعينات قد قادت إلى الاعتراف بأهمية سياق الأداء. وهكذا، أصبحت الأهمية تولى لدراسة الفولكلور في علاقته بالجماعة التي يوجد فيها، أكثر من الاهتمام بدراسته كعلم يتتبع أثار هوية إنسانية عرقية قديمة. يقول أحمد مرسي، في هذا الصدد، موسعا مفهوم السياق إلى نطاقات تتجاوز البعد التواصلي الصرف بأنه «لا يمكننا الفصل بين المادة الشعبية وسياقها وأصحابها والبيئة التي تتداولها»4.
2)بعض النماذج التحليلية المقارِبة لموضوع الرقص:
انبثقت الدراسات المنصبة حول الرقص الفولكلوري كتخصص علمي خلال القرن 20، استجابة لفضول معرفي ركز على البعد الإثنولوجي لهذا النشاط البشري5. وقد استندت على مبادئ منهجية ونماذج بحثية استوحتها من الإثنولوجيا وتاريخ الثقافة، وفي وقت لاحق، من علم الموسيقى الإثني ونظرية الإيماءات واللسانيات6. وقد نجح أنثروبولوجيو الرقص، مع نهاية القرن 20 وبداية القرن الموالي، في إعطاء الطابع العلمي لتخصصهم، من خلال توظيفهم لمفاهيم اقتُرضت من اللسانيات البنيوية ومن السيميولوجيا7. إلا أن الدرس السيميولوجي الذي يتخذ كموضوع له الحركة المجسَّدة رقصاً، والجسد الراقص، والرقص في حد ذاته، لا يمكنه أن يستغني عن التحديدات الإثنوغرافية والاجتماعية والسياسية التي تؤطر ممارسة الرقص8.
وقد سبق لكريماص GREIMAS أن اقترح مقاربتين للتفكير في المواضيع السيميوطيقية المعقدة، وهما السيميوطيقا الإثنية التي تعُنى بما هو مقدس وجماعي والسيميوطيقا الاجتماعية التي تُعنى بما هو جمالي وأسلوبي فردي، وقد اتخذ من رقصة المحاربين في المجتمعات البدائية، في تقابلها مع عرض الأوبرا في المجتمعات العصرية الغربية، مثالا لشرح ما ينطوي عليه كل من الاتجاهين9.
غير أن وجود رقصات تجمع في نفس الوقت بين الطابع المقدس والطابع الجمالي يدعو إلى توخي بعض الحذر إزاء مقترح كريماص؛ ولعل هذا ما جعل مريم غلوز Mariem Guellouz تقترح نموذجا أكثر شمولية يتعايش فيه الأسطوري مع الجمالي أسمته «السيميوطيقا الأنثروبولوجية»10. ويقتضي هذا النموذج أن تتم دراسة موضوع معقد كالرقص بإدماج الإجراءات المنهجية الإثنوغرافية المتمثلة في البحث الميداني والملاحظة المعززة بالمشاركة وهلم جرا، مع التحليل المنصب على الرقص الطقوسي المقنن وعلى مسرحة الإبداعات الكوريغرافية11.
وقد اكتسبت أنثروبولوجيا الرقص شرعيتها مع جيل كامل من الأنثروبولوجيين الأمريكيين، وهو ما يشهد به مؤلَّف لكل من أندري غراو وجورجانا ويير-غور A. Grau et G.Wierre-Gor، ضمَّ إسهامات بحثية حول أنثروبولوجيا الرقص وما يميز هذا التخصص العلمي من ملامح12. وهكذا، أصبح بالإمكان احتواء موضوع الرقص بطريقة صورية عن طريق استخدام نماذج نظرية مستوحاة من اللسانيات، مما ترتب عنه ظهور تحليلات طالت الأنساق الداخلية للرقصات، وبموازاة ذلك انبثاق دراسات مقارنة لرقصات الثقافة الواحدة، غايتها بلورة حصيلة أنثروبولوجية ذات مدى عام وشامل. على سبيل المثال، انطلق دريد ويليامزDrid Williams من فرضية تجذر اللغة الجسدية داخل الوقائع الاجتماعية، فحاول وصف الحركات البشرية من حيث أنساقُها ونحوُها وقواعدُ اشتغالها، بربطها بالثقافة التي تنتجها13؛ من جانب آخر، درست أدريين كيبلرAdrienne Keappler الرقص بجزر تونغا Tonga، بالاعتماد على مقولات مستمدة من اللسانيات ومن السيميولوجيا الوظيفية أهمها «الكينيم» kinème و«المورفوكينيم» morphokinème و«الكوريم»14 Chorème؛ أما التحليلات التي أجراها راي ل. بيردويستل Ray L. Birdwhistell، فتعتبر من الأهمية بمكان، بالنظر إلى تركيزها على الجانب التواصلي في دراسة حركات وإيماءات الجسد البشري، وتبنيها لمنظور يقول بتماثل السلوك التواصلي الذي تدركه العين مع السلوك التواصلي الذي تدركه الأذن15.
ومع ذلك، لا يخلو تطبيق المقولات اللسانية من مشاكل نظرية ومنهجية وهو ما لاحظه جوزي جيل José Gil، لما فصل بين المستوى الجزئي للحركات الجسدية الوظيفية والمستوى الشامل للرقص، إذ تبين أن الحركات المعزولة تكون لها دلالات محددة وفقيرة، في حين أن الرقص يكون مشبعا بمعان غنية يضفيها عليه الراقصون بأدائهم16. لهذا، لا يصح اعتبار الحركات المعبر عنها رقصا بأنها مزدوجة التمفصل ولا كونها قابلة للبنينة كما هو الحال بالنسبة للغة. وقد قدم فرانسيس سبارشوت Francis Sparshott مجموعة من المظاهر التي توضح عدم قابلية إخضاع الرقص للوضع الخاص باللغة، لعل أهمها يتمثل في أن أي تقطيع للرقصة إلى وحدات حركية سيصطدم، بالضرورة، بتداخل هذه الوحدات مع بعضها البعض بصورة يصبح فيها إدراك الحدود بين الحركات أمرا غير ممكن17.
وقد حاول غوران سونيسون Göran Sonesson التخلص من هيمنة اللسانيات واللجوء إلى سيميولوجيا الجسد، فاقترح صورنة الوضعيات المكانية لجسد الراقص18؛ يعني ذلك أن ما يتمفصل في الرقص لم يعد هو الوحدات الحركية، وإنما مناطق مكانية كاملة، على أن الأمر لا يتعلق هنا بتمفصل بمعنى الكلمة، وإنما بتضمين منطقة داخل أخرى، بحيث يدخل، مثلا، المجال الحركي لليد ضمن المجال الحركي للمرفق، ومجال هذا الأخير ضمن مجال الكتف وهكذا19.
2) نحو بناء استراتيجية تحليلية
لمقاربة الرقصة الهوارية:
سنعتمد في مقاربة الرقصة الهوارية على تصور يعتبرها، على المستوى الدياكروني، كنتاج ماض أساسه واقعة ثقافية معينة، وعلى المستوى السنكروني، ككل مشكل من إيماءات وحركات وأجساد راقصة ولباس وموسيقى. ولأن هذا الكل معقد للغاية ومحكوم بمجموعة من الشفرات، فإن ملاحظته الآنية قد تحتاج إلى مُعينات تقنية؛ ولهذا، اعتمدنا على متن مشكل من فيديوهات وصور، ودعمناه بمعطيات تحصلت من إجراءات منهجية إثنوغرافية كالملاحظة المباشرة والملاحظة المعززة بالمشاركة والاستجواب. وعمدنا على تقسيم المتن إلى مجالين: مجال كوريغرافي يشمل المسلسل الحركي للراقصة، والحوار الجسدي والحركي بينها وبين الراقص، وبين هؤلاء والضابط الرئيسي للإيقاع (الرايس)، وبين هؤلاء جميعا و«اللْغايْتية»؛ ومجال موازي يشمل المكان والإيقاع والأكسسورات20.
أما على المستوى السيميوطيقي، فما من شك في أن «اللغتة» تعبير جسدي دال على شيء ما، لكن ما يتعين الكشف عنه أكثر هو الطريقة المحددة التي تنظم بها هذه الرقصة ما تدل عليه. ولأن السيميوطيقا لا يعنيها الكشف عن ما تقوله الأشياء، وإنما توضيح الكيفية التي تعني بها الأشياء ما تعنيه، فإننا سنحاول التركيز على الطريقة التي تُخلق بها الدلالات من خلال الرقص، وكذا الطريقة التي تتكشف بها تلك الدلالات أمام المتلقين، متتبعين مختلف «الكينيتوغرافات» Kinétographes (الوحدات المجسدة للأفعال، وفي سياقنا الوحدات المجسدة للجمل الحركية للراقصين)، ومختلف «البكتوغرافات» Pictographes(الوحدات التي ترسم حواف الأشياء، وفي سياقنا الوحدات الحركية التي ترسم حواف الجسد الراقص)21. وقياسا على عملية التدلال في كل من الخطاب الشعري والمسرح، سنسعى إلى البحث في الحتم المضاعف للمعاني المتواترة والمتناثرة هنا وهناك عبر متواليات حركية، بغرض الإمساك برحم دلالي كفيل بأن يقودنا إلى فهم ما تعبر عنه الرقصة الهوارية، وفي نفس الوقت إدراك طريقتها في التعبير عن ذلك. غني عن البيان أننا واعون بمبدأ عدم الحشوLa non- redondance الذي أكد عليه إميل بينفينست Emile Benveniste، والذي يقضي بأن نسقين سيميوطيقيين مختلفين (نسق الرقص والنسق اللغوي مثلا) لا يمكنهما أن يعوضا بعضهما البعض، وأن الإنسان لا يستعمل أنساقا متعددة من أجل علاقة دلالية واحدة22. لكننا واعون أيضا بأن للدليل الفني وظيفة جمالية في عمومه، ويتمتع باستقلالية تجعل قيمته كامنة في ذاته، وأن بعض الفنون التي تدور حول موضوع معين لها وظيفة ثانية هي الوظيفة التواصلية23.
بقي أن نحدد ما نراه مناسبا بخصوص الآفاق المنهجية والمفاهيمية التي بمقدور الأنثروبولوجيا أن تقدمها من أجل استيعاب أفضل للرقص ولكل الممارسات المعبر عنها رقصا، ذلك أننا نتقاسم مع ديدر سكلارDeidre Sklar منظوره المتمثل في أن أنثروبولوجيا الرقص لا ينحصر موضوعها في الرقص فقط، وإنما يشمل كلية الرقص باعتباره حدثا، وباعتباره سيرورة ثقافية24. وبناء على ذلك، سنعمل على مقاربة رقصة هوارة في سياق ممارسات اجتماعية أخرى، محاولين الذهاب أبعد من الشكل إلى الأعماق الدلالية للحدث الممثل بواسطة الرقص والذي غالبا ما يكون خارج وعي الراقصين. وسيكون سندنا في الشق الأنثروبولوجي ملاحظاتنا المباشرة وكذا بعض الملاحظات الإثنوغرافية التي عرضها عبد الرحيم ساكير Abderrahim Saguer في مقال وسمه بـ «La métaphore mâle/femelle dans l’usage des instruments de lewnasa de Houara»، ذلك أنه وثق ملاحظاته اعتمادا على شهادات ممارسين محليين قدامى لفن «اللّغْتة»، على رأسهم الشيخ علي الملقب بـ «الزبندر» من مجموعة «الكفيفات» والشيخ موسى النياري من مجموعة «أدوز»25، وعزز ذلك بصور وشروحات وملاحظة تعتمد على المشاركة.
إضاءات حول دلالة الرقصة الهوارية:
تُعْرَف منطقة هوارة المتواجدة بقلب سهل سوس بعنصرين أساسيين: الفلاحة العصرية الموجهة نحو التصدير على المستوى الاقتصادي، والرقصة المسماة بـ«اللّغْتة» على المستوى الثقافي. وتسمى رقصتهم بهذا الاسم لأن في ذروتها يعمد «اللغايتية» على أداء لازمة أساسُها «يا آ... آ...»، بحيث يتقاسمونها بينهم، فيؤدي البعض الجزء «يا آ...» والبعض الآخر الجزء «آ...»، مشكلا ذلك لدى المتلقي إحساسا باتصال صوتي بين الجزئين؛ وربما يبرِّر صوت «اللغايتية» المرتفع والحاد جدا تلك التسمية، خصوصا وأن أصل كلمة «اللغتة» يرجَّح أن يعود إلى فعل «لغط» الذي يعني إصدار ضجيج وأصوات مختلطة. كما تسمى أيضا بـ «الوناسة» التي تفيد في العربية الهوارية معنى الأنس والرفقة، وأيضا معنى الترفيه، وهو ما يقترب أكثر من المقصدية الفرجوية للرقصة الهوارية .
أما على مستوى التركيبة البشرية (انظر الصورة رقم 1)، فتتكون مجموعات «اللغتة»، حسب ما لاحظناه ولاحظه أيضا عبد الرحيم ساكير26، من «الرايس» قائد المجموعة؛ و«الشيخة» التي تؤدي دور الراقصة، مع ملاحظة أنها المرأة الوحيدة داخل المجموعة؛ و«الشدّادة» الذين يصاحبون أداء الرايس؛ إضافة إلى شخصٍ يعزف على آلة إيقاعية معدنية (الناقوس)، وآخر يعزف على أﯖْوال، وهو عبارة عن آلة إيقاعية أسطوانية الشكل مصنوعة من الطين، يكمن دورها، حسب محترفي «اللغتة»، في تخصيب المادة الإيقاعية الحادة والأنثوية بصوتها المنخفض والذكوري27؛ وأخيرا، «اللغايتية» الذين يشكلون بقية أفراد المجموعة، ويكمن دورهم في غناء اللازمات ومصاحبة الإيقاع تصفيقا، وخصوصا أداء اللازمة الأساس «يا آ... آ».
تحليل المستوى الكوريغرافي للرقصة الهوارية:
تعتمد الرقصة على مقاطع كوريغرافية مقننة يتم تكرارها كما هي، مع ملاحظة اختلافات أسلوبية بين الراقصين والراقصات؛ كما يتم تقمص الإيقاعية من طرف الجسد الراقص في إطار أداء جسدي للإيقاع. يهمنا في هذا المستوى أن نرصد تعبيرية المسلسل الحركي للراقصة، والحوار الحركي بينها وبين الراقص، والحوار بين هؤلاء وقائد المجموعة، وبين هؤلاء جميعا و«اللْغايْتية».
1) المسلسل الحركي للراقصة:
بالتركيز على سلسلة حركات الراقصة المجسَّدة في (مجموعة الصورة رقم 2) ، يتبين أن ثمة سيرورة حركية تبدأ بوضعية أولية وتنتهي بوضعية نهائية مرورا بوضعيات بينية تمثل إحداها ذروة الرقصة ومعتركها الرمزي والدلالي:
في الوضعية الأولية تتخذ الراقصة مكانا إلى جانب «اللغايتية»، مؤدية حركات خفيفة استعدادا للمرور إلى وسط الركح وأداء حركات القفز والدوران. وتتميز هذه الوضعية بالهدوء، انسجاما مع الإيقاع الخفيف الذي يصاحبها والذي يتشكل من سبعة أزمنة حسب تحديد أحمد عيدون28.
في الوضعيات البينية تخرج الراقصة من صف اللغايتية إلى وسط الركح مؤدية حركات أو كينيتوغرافات Les kinétographes أشبه بتنقلات تمسح المكان جيئة وذهابا، أو لِنَقُلْ، ترسم حدود الفضاء الذي سيكون مسرح تعبيرها الجسدي؛ من جانب آخر، يتبين، من خلال بعض الوضعيات البينية، أن الجسد الراقص يرسم حدوده الخاصة أيضا بواسطة بكتوغرافات Les pictographes معينة29، مبرزا امتداده العمودي عن طريق رفع اليدين إلى الأعلى وخفضهما في حركتين دائريتين كما هو الحال في الصورة الثالثة من (مجموعة الصورة رقم 2)، ثم بسطهما أفقيا لإبراز حدود امتداده الأفقي كما في الصورة الرابعة من نفس الوثيقة؛ وتلعب أجنحة «التݣشيطة»30 دورا هاما في توضيح هذه الحدود والمبالغة في رسم امتداداتها. ومع الانتقال من الإيقاع ذي الأزمنة السبعة إلى الإيقاع ذي الأزمنة الخمسة، تعمد الراقصة إلى أداء كينيتوغرافات أخرى مصاحبة لهذا الإيقاع، متفاعلة، باستعمال القفز والدوران، مع الضربات التي يقوم بها قائد المجموعة أو بعض مصاحبيه على «الطارة»31، فتصل بذلك الرقصة إلى ذروتها.
في الوضعية النهائية تعود الراقصة لتتخذ مكانا إلى جانب «اللغايتية»، فيهيمن الهدوء من جديد على الحركات والإيقاع معا. وهكذا دواليك.
2) الحوار الحركي بين الراقصة والراقص:
ينطبق على الراقص ما قلناه على الراقصة ما دام رقصه يقوم على تأدية نفس المسلسل الحركي الذي بيّنّاه، إلا أن الفرق يكمن في أن دوران الراقصة مدعم بواسطة دوران أجنحة «التݣشيطة» التي تكسوها، مما يجعله أكثر تميزا على المستوى البصري. لكن لا بد من الإشارة إلى أن المصاحبة الحركية للراقص، باعتبارها غير مجانية، قد لا تخلو من دلالة، وقد لا يتيسر فهمها من دون استيعاب الطابع الذكوري للرقصة. لقد بتنا نعلم أن تركيبة مجموعة اللغتة تضم عنصرا نسائيا وحيدا إلى جانب أعضاء ذكور، مما يقوي فرضية تبعيتها لهم. وعليه، يمكن القول بأن المسلسل الحركي للراقص، وإن كان يبدو، بصريا، متزامنا مع المسلسل الحركي للراقصة، فإنه سابق عليه إحاليا ورمزيا؛ مما يدفعنا إلى الانحياز إلى فكرة وجود علاقة سبب ونتيجة بينهما، أو على وجه أدق، علاقة فعل ورد فعل. وهكذا، فالمسلسل الحركي للراقص يتشكل من مجموعة من الكينيتوغرافات المولٍّدة لكينيتوغرافات أخرى تشكل المسلسل الحركي للراقصة؛ فالأولى تعبر عن أفعال والثانية تعبر عن ردود أفعال.
انطلاقا من هذا المنظور، يصبح الحوار الحركي بين الراقص والراقصة شبيها بمطاردة تحاول فيها ذاتٌ النيل من ذاتٍ أخرى، في الوقت الذي تحاول فيه هذه الأخيرة الإفلات؛ وإن شئنا أن نمطط هذا الزعم ذا النبرة التراجيدية، لقلنا بأننا إزاء ذات معاقِبة وأخرى معاقَبة، مع ما يحمله كل ذلك من رجم وجلد من جهة، وترنح والتواء من جهة أخرى (أمعن النظر في الصورة رقم 3).
3) الحوار الحركي/ الإيقاعي
بين الراقصة والراقص وقائد المجموعة:
يرتبط الحوار الحركي بين الراقص والراقصة بتوجيهات «الطّارة» وبأداء صاحبها الذي قد يكون إما «الرايس» (قائد المجموعة)، وهو الأمر الغالب، أو أحد «الشدّادة» حينما يتكلف بتوجيه الرقص عوضا عن القائد. يلاحِظ عبد الرحيم ساكر أن اسم «الطّارة» قد تكون له صلة بفعل «طرَّ» الذي يعني حسب معجم kazimirski «صفع»، بالنظر إلى العلاقة الأيقونية بين صفع الوجه وضرب «الطارة» من جهة، وبين جِلْد الخد وجِلْد «الطارة» من جهة أخرى33. تنضاف إذن دلالة الصفع إلى دلالة الرجْم والجَلْد، وتتضافر حركات «الرايس» مع حركات الراقص لتأدية وظيفة الفعل المولِّد لرد فعل الراقصة؛ فإذا كانت الحركات التي يؤديها الراقص ذات بعد بصري، فإن ما يصدر عن «الطّارة» ذو بعد سمعي، باعتباره تجسيدا صوتيا لتلك الحركات، وبالتالي يتحول كل من «الرايس» و»الراقص» إلى ذات واحدة تصوِّب فعلَها على موضوع واحد تمثله الراقصة.
4) الحوار الحركي/الإيقاعي/اللغوي
بين الراقص والراقصة وقائد المجموعة واللغايتية:
بموازاة ذلك، يقوم «اللغايتية» بحركات راقصة خفيفة مستعملين الجزء الأعلى من الجسد أو الرأس، في انسجام تام مع الإيقاع ومع ما يصدر من حناجرهم من أصوات، تحديدا، أدائِهم الصاخب والمنظم للّازمة الشهيرة «يا آ... آ». ولأن الأمر يتعلق بالصوت البشري، فإننا بصدد مستوى آخر ينضاف إلى مستوى الحركة ومستوى الإيقاع، ليُسهِم بدوره في تكريس دلالة «المعاقبة» أو، بتعبير أكثر دقة، دلالة «الإهانة». أما عندما نركز على ما يتألف منه التعبير «يا آ... آ»، فسنجد أنه يتضمن ثلاثة مقاطع هي: [يا] – [آ] – [آ]؛ وبقليل من التمعن، يمكننا أن نفطن إلى أنها تورية لكل ما يوزن من تعابير قدحية على وزن «يالْفاعْلة» أو «يالْفعْلة». وهكذا، يمكن أن ننظر إلى اللازمة كقالب يُصَب فيه ما يلي من النماذج: (في الجدول رقم1).
تلك، إذن، تعابير قدحية يُصوَّبها «اللغايتية» إلى الهدف ذاته: الراقصة، وتتخذ شكل شتائم تتوارى خلف اللازمة «يا آ آ»، فتتعزَّز بذلك تيمة «الإهانة» التي استخلصناها انطلاقا من تحليل المستويين الحركي والإيقاعي. وهكذا، فتضافر المستوى اللغوي مع المستوييْن الآخريْن يوازيه تضافر كل من «اللغايتية» و«الرايس» و«الراقص» ضد «الراقصة»، ويوازيهما معا تراكُب دلالة «الرجْم» و«الجلْد» و«الصفع» و«الشتيمة» لبناء دلالة أعم هي «العقاب» أو «إقامة الحد»34.
تحليل المستوى السياقي:
إذا كان تحليل المستوى الكوريغرافي لرقصة «اللغتة» قد انتهى عند حدود المسلسل الحركي للراقصين، وحركات «الرايس» الموجِّهة، والحركات الخفيفة التي يقوم بها «اللغايتية» وكذا أدائهم الصاخب والمنسق للازمة «يا آ آ»، فإن ذلك كله قد تم ضمن مقاربة داخلية اتخذت من المقاطع الكوريغرافية المنطلق والمنتهى، دون أن يمنع ذلك من إقامة علاقات أيقونية لربط عناصر داخلية بمواضيع نظيرة ذات طابع مرجعي إحالي. أما الآن، فسنعمل على تعزيز تحليلنا هذا بمقاربة أخرى خارجية تلامس المستوى السياقي للرقصة مستهدفين المحددات التالية: الزمان والمكان والمتفرج.
1) الزمان / المكان:
يعتبر البيدرُ المكانَ الأكثرَ اقترانا بالرقصات الفولكلورية بالمغرب، ونلاحظ أن وظيفته الفنية والثقافية لا زالت مستمرة إلى الآن في بعض المناطق الجبلية بمنطقة سوس. ولعل هذا الاقتران راجع إلى الطابع البدوي للفولكلور، وإلى ارتباط ممارسيه بالزراعة؛ ذلك أن العادة كانت تقتضي أن يُتوَّج كل موسم فلاحي بطقوس احتفالية تتخذ من البيدر مرتعا لها، باعتباره المكان الذي يمثل آخر حلقة داخل السيرورة الإنتاجية للحبوب. وربما كان لرقصة هوارة في الماضي نفس التوجه في اختيار المكان، إلا أننا لم يسبق لنا أن شهدنا، منذ طفولتنا إلى اليوم، أي «وْناسة» مقامة في بيدر؛ ما شهدناه، بالأحرى، هو عروض بـ «مْرحْ الدُّوار» أو بـ«مْرحْ الدار» أو أي فضاء واسع ملحق بالمنزل، أو عروض على «الخشبة» كشكل أكثر حداثة.
النماذج اللازمة | يا | آ | آ | |
الوزن 1 | يالْفاعْلة | يالْـ | فاعْـ | لة |
التعابير القدحية | يالزّانْية | يالزّ | زانْـ | ية |
يا.... | يا.. | ... | ... | |
الوزن 2 | يالْفعْلة | يالْـ | فعْـ | لة |
التعابير القدحية | يالْقـ... | يالْـ | قـ.. | ... |
يا.... | يا.. | ... | ... |
الجدول 1: بعض الإيحاءات القدحية التي تعبّر عنها اللازمة «يا آ آ»
فبالنسبة لـ «مْرحْ الدُّوار»35، فقد كانت عروض «اللغتة» تُقام بمناسبة عيد عاشوراء لمدة ثلاثة أيام متتالية. كما كانت تقام في بعض القرى رقصة أخرى تختلف عما وصفناه من حيث التركيبة البشرية والآلات الإيقاعية والإيقاعات والغناء، وتعرف بـ «حَماقة»، وتحتاج منا إلى بحث خاص.
أما «مْرحْ الدار»36، فكثيرا ما كان مسرحا لعروض اللغتة، خصوصا في مناسبات الزفاف والعقيقة وغيرها. ويعتبر هذا الفضاء، في نظرنا، الأنسب لرقصة هوارة، حيث تكتمل فيه الشروط المثالية للإلقاء والتلقي. ذلك أن «المْرحْ» و«السْطحْ» يندمجان ليوفرا فضاء أشبه بالمسرح الروماني أو «لا أرينا» La arena الخاصة بمصارعة الثيران، مما يضمن للمُشاهد موقعا ممتازا لمتابعة العروض من أعلى، ويضمن، بالمقابل، للمادة الصوتية التي تنتجها الحناجر والآلات الإيقاعية أن تتركز في الفناء، وبالتالي لا تتشتّت. جدير بأن نشير هنا إلى أن «السْطحْ» كان مُتاحا فقط للذكور، في الوقت الذي تبقى فيه النساء في «المْرحْ»، تتابعْن العروض عن قرب، وبمنظور أفقي، مقارنة مع المنظور العمودي الذي يتوفر للرجال. لكن ما إن تَغيّر نمط الحياة، حتى عُوضت المنازل القديمة ذات الفناء (المْرحْ) والغرف المحيطة به، بمنازل إسمنتية ذات هندسة عصرية، وبالتالي اندثر جانب مهم من الفرجة التي توفرها «اللغتة»، ولم يبق من ذلك سوى التعبير الفكاهي: «اللّي تْعَشّى يِطْلعْ لـْ السْطحْ»37، للدلالة على أن الفرجة قد بدأت، بعد أن كانت تلك الجملة أكثر مباشرة، دالة على إعلانٍ يوجّه إلى المدعوين الذين أنهوا عشاءهم لكي يغادروا مكان الأكل ويصعدوا إلى السطح لمتابعة عروض «اللغتة».
أما الآن، وبعد تلاشي فضاء «المْرحْ»، فقد أصبحت الرقصة الهوارية تؤدى في فضاءات أخرى ملحقة بالمنزل، لكن لم يعد بالإمكان تتبعها بمنظور علوي كما كان في السابق. أما الشكل الأكثر عصرية، فهو الأداء فوق الخشبة38، ويقترن بمشاركات المجموعات في المهرجانات الثقافية، وسِمَتُه البارزة أنه لا يوفر سوى إمكانية مشاهدة الرقصة من منظور سفلي.
2) المتفرج:
علِمْنا، من خلال ما عرضناه في صفحة بعيدة من هذا المقال، أن الرقصات الفولكلورية قد تطورت بالانتقال من باراديغم «المشاركة» إلى باراديغم «العرض»، مما يعني أن الأصل هو مشاركة الجميع في الرقص، باعتباره طقسا ذا غايات تعبدية، كما يعني أن هذه المشاركة قد حُصِرتْ في ما بعد في عدد محدود من الراقصين، فتغيرت الغاية، بعد هذا الحصر، من التعبد إلى تقديم عرض فرجوي لصالح متفرجين. لهذا، فالعلاقة «راقص/متفرج» يجب أن لا ينظر إليها كمعطى بديهي، وإنما كمظهر متقدم من مظاهر تطور الرقص الفولكلوري39.
إن هذه الإشارة المقتضبة تغرينا بمحاولة فحص طبيعة تلك العلاقة، ونقر بأن ذلك أمر بالغ التعقيد. إلا أن ما نستطيع قوله إزاء ذلك حتى الآن، هو أن العلاقة بين المتفرج والعرض الراقص تقوم على أساس ذاتي، خصوصا لما يتعلق الأمر بعملية إنتاج المعنى؛ ذلك أن المتفرج لا يسعه إلا الرضوخ إلى ما تمليه عليه خلفيته المعرفية والوجدانية وإيديولوجيته واستعداده النفسي. وبناء على ذلك، فإننا ننحاز أكثر إلى تبني تصور يقول بتعدد أنماط تلقي رقصة هوارة، إذ قد يعتبرها أحدٌ بنية ذات حمولة جمالية، وقد يعتبرها آخر بناء للمتخيل، وهناك من سيعتبرها انعكاسا لواقع معين، وهناك من سيعتبرها حركات ماجنة ليس إلا، وهلم جرا.. من جانب آخر، يمكن للدلالة أن تكون قصدية صادرة عن وعي الراقص، كما يمكن أن تنشأ خلال العلاقة راقص/متفرج، فتكون بالتالي خاضعة لقيود سياقية معينة40.
لكن كيف نجعل إدراكنا كمتفرجين يتحاور مع أثر مرئي كالرقص؟ وكيف يمكننا تقاسم ما ندركه مع الآخرين؟ إن أي وصف للحركة الراقصة لا يمكنه أن يكون إلا ذاتيا، وبالتالي، فما على المتفرج سوى توظيف التقمص L’empathie ، باعتباره محاكاة ذهنية لذاتية الغير41، وأن يسلِّم نفسه للعدوى الحركية للراقص إن أراد تمثُّل الحركات وتشرُّب مدلولاتها. ولا يغيب عنا هنا الرأي الذي تبناه ميرسي كونينهام Cunningham Merce والقاضي بأن دلالة الرقص تكمن في فعل الرقص ذاته42، لكننا نضيف إليه أن إدراك المتفرج للحركة لن يكون سوى إحساسا بعدواها وهي تسري داخل جسمه، ولعل هذا الإحساس هو ما يدفع أحيانا بعض متفرجي «اللغتة» إلى الانتقال، بطريقة تكاد تكون لاواعية، من وضع «متفرج» إلى وضع «مشارك».
أمــا بخـصــوص تـقــاســم مـا نــدركه مـع الآخـريـن، فـإن ر. شوسترمان R .Shusterman يشدٍّدُ على أننا لا نستطيع أن نتعلم الحركة ولا أن نفهمها على الوجه الصحيح من خلال الكلام عنها فقط43. ومع ذلك، لا بد من الإشارة إلى إمكانية تقديم المساعدة إلى المتفرج بغرض تهذيب تلقيه وترويض حساسيته تجاه مقومات الجمال التي ينطوي عليها بعض الرقص الفولكلوري. ولا نُخفي هنا أننا نهدف من هذا المقال تحقيق جزء من هذه الغاية؛ ونتصور، في ذات الاتجاه، إمكانية تنظيم ورشات لتحليل جمالية رقصة «اللغتة» ودراسة تلقيها، ونميل إلى أنْ يكون الشباب هم المستفيدون من ذلك، خصوصا وأن ما نلاحظه فيهم أنهم يزدادون تنصلا من كل ما هو محلي وارتماء في أحضان كل ما هو عالمي.
تحليل مستوى الأكسسوارات المعتمدة:
في إطار نفس المقاربة الخارجية، سنلامس هذه المرة مستوى الأكسسوارات الموظفة في الرقصة الهوارية، وسنركز على محددين أساسيين من دونهما لا تستقيم الفرجة أبدا، وهما : الآلات الإيقاعية والملابس.
1) الآلات الإيقاعية:
حصر الباحث عبد الرحيم ساكير الآلات الإيقاعية المستعملة في الرقصة الهوارية في «الطارة» و«البندير» و«أݣْوال» و«الناقوس» و«المْقصْ»، وعزز ذلك بصور توضيحية. وتكمن أهمية ما قدمه في أنه استند إلى الكيفية التي يعبر بها مستعملوها لشرح إسهام كل واحدة منها في الإيقاع العام للرقصة، وبصفة خاصة، استعمالهم للاستعارة «ذكر/انثى» لوصف ما تتميز به تلك الآلات44. وبالنظر إلى الأهمية الإثنوغرافية لملاحظات ساكير، فإنني سأعتمدها لتدعيم ملاحظاتي الخاصة التي كونتها حول الثنائيتين «الطارة/أكوال» و«الناقوس/المقص».
الثنائية «الطارة/أكوال»:
«الطارة» آلة تشبه الدف، يستعملها الرايس وبعض الشدادة لمراقصة الراقصين، إلا أنها تختلف عن الدف بعدم احتوائها على حلقات معدنية رنانة، وعن «البندير» بصغر حجمها وبصوتها الحاد الذي يشبه الصفعة أو الصوت الصادر من حركة السوط. ويتحقق التناغم الإيقاعي بواسطة «طارتين» على الأقل، تؤدي الأولى «الجُّوج»، أي ضربتين، بينما تؤدي الثانية أداء مسترسلا45. أما «أكوال» فهيكله مصنوع من الطين وشكله أسطواني؛ ويصف محترفو «اللغتة» الصوت الذي يصدره، بالانخفاض وبالطابع «الذكوري»، ذلك أنهم يوكلون له وظيفة تخصيب المادة الإيقاعية الحادة والأنثوية التي تنتجها «الطّارات»؛ ومرد هذا الاعتقاد لديهم هو العلاقة الإيقونية بين شكل أﯖْوال وشكل العضو الذكري من جهة، والعلاقة الأيقونية بين صوته «ݣْضالالالْ... لالْ» وصوت الجدي الفحل وهو يغازل المعزات، من جهة أخرى46.
الثنائية «الناقوس/المْقصْ»:
أول ما نلاحظه أنهما معدنيان على عكس عناصر الثنائية الأولى؛ ويختلف «الناقوس» عن «المقص» في كون الأول يصدر صوتا حادا ومرتفعا، بينما يصدر الثاني صوتا منخفضا؛ كما أن «الناقوس» يُقرَع بواسطة قضيبين معدنيين، بينما يقرع «المقص» بقضيب واحد، لأن تركيبته المكونة من جزأين تسمح له بإحداث صوت من تلقاء نفسه، وبالتالي، الاستغناء عن قضيب ثان. ويكمن دور «الناقوس»، حسب عبد الرحيم ساكير، في المساهمة في رفع جهارة الإيقاع47، بينما يكمن دور «المقص» في إحداث خرجات خاطفة شبَّهها أحد المستجوَبين بشيء أقرب إلى تلفظ كلمة «ݣرْمطْ... ݣرْمطْ»48. ومن عجيب المصادفة أن المقص المستعمل في الإيقاع ميزته الشكلية أن رأسيه الحادين قد أٌزيلا، وبالتالي فهو مقص «مْݣرمطْ»، أي مُقرْمَط.
من ذلك كله، يتبين أننا إزاء مجموعة تتكون من عناصر متعالقة، وتقبل أن تُصنف انطلاقا من معايير متعددة؛ فحسب معيار مادة الصنع، تتوزع هذه العناصر إلى آلات إيقاعية معدنية وأخرى غير معدنية، وتتوزع حسب ارتفاع الصوت، إلى آلات ذات صوت مرتفع وأخرى ذات صوت منخفض، وحسب معيار الحضور والأهمية، إلى آلات أساسية وأخرى ثانوية يمكن الاستغناء عنها. فلنركّبْ ذلك كله (في الجدول رقم2).
2) الملابس:
لا يمكن أن يتوافق الرقص الفولكلوري إلا مع اللباس التقليدي، والرقصة الهوارية لا تحيد عن هذا المنطق. ويتشكل لباس الرجال المشاركين فيها من جلباب (أبيض في الغالب)، وعمامة بيضاء، وسروال تقليدي فضفاض، وبلْغة49؛ ويتوج كل ذلك بتثبيت «الكُمّية»50 على الجانب الأيسر من الجسد بواسطة حبل أنيق يمر بين الكتف الأيمن والعنق فيشد السلاح بإحكام. أما المرأة، فتمثل أيقونة الرقصة، والحال كذلك بالنسبة للباسها المشكل من «القْطيب»51، و«المشبوح»52، و«التݣشيطة»53، والسروال التقليدي، و«الشربيل»54.
وتعتبر «التݣشيطة» من الأكسسوارات الأساسية داخل «اللغتة»، ذلك أنها تساهم في إضفاء بعد إستيطيقي لحركات الراقصة، خصوصا أثناء قفزها ودورانها؛ ويساعد على ذلك كون هذا اللباس يتوفر على أجنحة تُسهِم في إبراز تلك الحركات، وتضخيمها، ورسم حدود الكينيتوغرافات Les kinétographes التي يؤديها الجسد الذي يتستر فيه، وإبطاء تلاشيها أمام أعين المتفرجين. ولأن «التݣشيطة» لها كل هذا الدور في بناء جمالية الرقصة، فإنها لا يمكن أن تعوَّض بأي لباس آخر؛ حسبنا أن نتخيل الراقصة، بعد ما وصفناه من وظائف، وهي ترتدي، مثلا، «تي شورت» وسروال «دْجين» لنقدٍّر فداحة ما قد يُفقَد من جوانب جمالية ووظيفية.
قراءة تأويلية تركيبية:
رغم ما تحيل إليه تسمية «الوْناسة» من مشاعر لطيفة ودلالات تفيد الأنس والرفقة، فإنها ترسو على ماض يجر وراءه ضلال معان ذات بعد تراجيدي. وقد حاولنا أن نكشف أداء الجسد الراقص وأن نصفه بواسطة كلمات، وكلنا وعي بنسبية تلقينا وفهمنا. والحقيقة أننا ما إن نضع الرقصة الهوارية كموضوع للملاحظة، حتى يتبين لنا أننا بصدد أجساد حاضرة تكتب شيئا ما عن حركات أجساد غائبة، في إطار تجسيد فني خيالي؛ وما إن نتعرف على قيمة ودلالة هذا التجسيد حتى يمتلئ وجداننا إحساسا بالحيوية الفيزيائية لتلك الأجساد المختفية المعبر عنها رقصا.
جدير بأن نشير إلى أن هاجس وصف الحركات الجسدية، والرغبة الشديدة في نقل هذه الحركات إلى كلمات، هو في حقيقة الأمر هاجس تثبيت الحركة ومسكها من خلال البحث على إمكانية نقلها لغويا إلى نص محايث للحركة نفسها. ولن يكون الأمر، في هذه الحالة، سوى تأويل وترجمة وإعادة صياغة. والرقص كتابة بالجسد، وبالتالي، لا شيء يمنع، في تصورنا، من افتراض نص محايث لتلك الكتابة. ولأن الرقصة لها جذور ممتدة في الماضي، فإن الاكتفاء بالتلقي السطحي لها لن يمكننا من الذهاب أبعد من مشاهدة حركات راقصة، وسماع آلات إيقاعية تُقرَع، وحناجر «تلْغَط»؛ وقد ينتابنا، في حالات تلقٍّ أقوى، إحساس بالإيقاع واهتزاز وجداني يعلن عن بداية تشكل رغبة في الرقص داخلنا، أو قد تتجسد لدينا رغبة حقيقية فنندفع إلى صف الراقصين ونشاركهم رقصهم، إن سمحتْ بذلك الشروط المكانية والتنظيمية للرقصة. هذه هي أبعد حدود التلقي السطحي.
لكن إن نحن أردنا أن نغوص أكثر في أعماق الرقصة، فإننا سنجعل اهتمامنا ينصرف إلى فهم العملية الرمزية القائمة بين «التحقق الركحي»، حسب تعبير محمد العماري مترجم مقال «قضايا السيميولوجيا المسرحية»، وبين «العالم المعروض»55. يعني ذلك أننا سنضطر إلى مقاربة العرض بالسير على هدى بعض أعمال رولان بارث القائمة على استجلاء الدلالة الإيحائية التي تخلُقها علامة من العلامات في ذهن المتلقي56. وهكذا، يمكن للقارئ/السيميولوجي، في صوء هذه المقاربة، التركيز على علامات تتراكب في ما بينها في ارتباط تام بعلامة مركزية معينة، واستكناه المعاني المشتقة التي تنجم عن ذلك التعالق وذلك الارتباط؛ ويَعتبِر باتريس بافيس Patrice Pavis عمليةَ تتبع آثار الدلالة الإيحائية وسيلة مشروعة لتحليل العروض والتعليق عليها57. ونلاحظ، في هذا الصدد، أن هذا المنظور ينسجم، إلى حد ما، مع تصور ميكائيل ريفاتير Riffaterre Michael للامباشرة الدلالية في الشعر، بحيث تتحقق بانتصار التدلال على المحاكاة، وبواسطة نسق خفي ترتبط به كل سمة دالة في القصيدة58، وبواسطة رحم59 يحقق هذا النسق عبر تحوله السيميوطيقي إلى نص60.
معيار مادة الصنع | |||||
آلة غير معدنية | آلة معدنية | ||||
معيارالحضور والأهمية | آلة أساسية | الطارة | الناقوس | آلة ذات صوت مرتفع | معيار ارتفاع الصوت |
آلة ثانوية | أݣوال | المقص | آلة ذات صوت منخفض |
الجدول 2: تصنيف الآلات الإيقاعية المعتمدة في «اللغتة»
بناء على ذلك، فالحركة التي تثَبِّتُها الصورة رقم 3، والتي قلنا أعلاه أنها تمثل بؤرة الرقصة ومعتركها الرمزي هي، في منظورنا، رحمٌ أو علامةٌ مركزيةٌ تتعالق معها باقي العلامات. لقد بتنا نعلم من خلال تحليل المستوى الكوريغرافي لـ «اللغتة» أن الحوار الحركي بين الراقص والراقصة يعبِّر عن مشهد يقوم فيه جلادٌ بجلد (أو رجم) امرأة يفترض أنها ارتكبت ذنبا لا يغتفر حسب عرف القبيلة، ويُعبّر رقصُ الراقصة عن ترنح المرأة بفعل ألم العقاب الذي يقع على جسدها. إن ما تجسده الصورة رقم 3، يصبح، بهذا المعنى، المركز الذي تُشَدُّ إليه حركات باقي أفراد المجموعة الفولكلورية؛ فأداء قائد المجموعة، وخصوصا تجسيده، من خلال قرع «الطارة»، للصوت الذي يصدر عن حركات الراقص/ الجلاد، يمكن اعتباره تحققا مضاعفا لنفس البؤرة الدلالية؛ والشيء نفسه يقال أيضا على حركات «اللغايتية»، وخصوصا، أداؤهم للازمة «يا آ آ»، التي قلنا عنها أنها تورية لتعابير شاتِمة توزن على «يالْفاعْلة» أو «يالفعْلة»61. بهذا نكون أمام معان مشتقة (صوت الجلد والصفع- إطلاق وابل من الشتائم) من دلالة مركزية (معاقبة الجلاد لامرأة). وقد رأينا أن المستوى اللغوي في الرقصة يتضافر، في جانب منه، مع كل من المستوى الإيقاعي والمستوى الحركي لتكريس دلالة «الإهانة» و«التعذيب».
وقد لاحظ عبد الرحيم ساكير أن الرقصة تعبر عن إخضاع رجالي للمرأة، إلا أنه اعتمد في ذلك فقط على ملاحظة الهيمنة العددية للمشاركين الذكور أمام امرأة مشارِكة واحدة62. أما العابيد فيرى بأن حضور الأنثى الوحيدة داخل التركيبة البشرية للرقصة، إنما يعبِّر عن أسْر امرأة من قبيلة معادية63. كما توجد تفسيرات أخرى ذات طابع أسطوري منها ما يحكي عن أفعى كانت تهدد القبيلة فقضى عليها أحد الشبان، ومنها أيضا ما يحكى عن صيد غزالة. إلا أنني أنحاز إلى فكرة أن ما يعبِّر عنه الفولكلور والثقافة الشعبية بشكل عام، يكون، في الغالب، شيئا يمس الكيان العميق للقبيلة، ولا أظن أن أحداثا من قبيل قتل أفعى أو صيد غزالة قد تأسر حياة الناس ومخيلتهم لدرجةٍ تجعلهم يخلدونها بالرقص. إن ما يأسر إلى هذا الحد هو، في نظرنا قضايا ينظر إليها المجتمع التقليدي على أنها عظيمة كـ «الشرف» و«الخيانة» وغيرها، وبالتالي لا تسامحَ إزاءها. تأسيسا على ذلك، فإن الإيحاء الذي ينتجه عرض رقصة «اللغتة» هو المعاقبة الجسدية لامرأة دنست شرف القبيلة. والحقيقة أن مظاهر من هذا النوع لازالت حاضرة في بعض البلدان، ويكفي أن أضرب مثلا بالسودان، حيث يكون الجلْدُ مآلَ المرأة إذا لبست لباسا يصنفه المجتمع على أنه مخل بالحياء.
خاتمة:
قادنا تحليل المستوى الكوريغرافي للرقصة الهوارية ومستواها السياقي ومستوى الأكسسوارات المعتمدة فيها إلى النتائج التالية:
- الرقصة الهوارية عرض تتداخل فيه مجموعة من الأنساق السيميولوجية؛
- تكمن دلالتها، بالدرجة الأولى، في ذاتها، ويتحقق هذا المستوى الدلالي حينما يحس المتلقي بالعدوى الحركية للراقصين وهي تجتاحه؛ وتكمن أيضا في الإيحاءات التي تخلُقها الوحدة الحركية الأكثر تميزا على المستوى الإستيطيقي، مما يجعلها ذروة الرقصة وبؤرتها الرمزية، ومركزا مرجعيا للوحدات الحركية الأخرى؛
- يمثِّل راقصو «اللغتة» أجسادا حاضرة تكتب عن حركات أجساد أخرى غائبة، وهكذا فقد قادنا البحث عن الدلالة الإيحائية لـ «اللغتة» إلى أن العلامة المركزية التي يمكن الانطلاق منها هي الحوار الكوريغرافي بين الراقص والراقصة، ذلك أنه يضعنا أمام ذاتين: ذات معاقِبة تعبِّر حركاتها عن «الجلْد» أو «الرجم»، وذات معاقَبة تتلوى وتترنح بفعل الألم الجسدي الذي يلحقها. وتلعب «التݣشيطة» التي ترتديها الراقصة دورا وظيفيا في إبراز الحركات، وتضخيمها، وإبطاء تلاشيها أمام نظر المتفرج، ورسم الحدود الحركية للجسد الذي يتستر فيها.
- يتضافر كل من المستوى الحركي والمستوى الإيقاعي والمستوى اللغوي لتكريس الدلالة الإيحائية لـ «العقاب»؛
- يعد التحليل الذي قمنا به نسبيا، وبالتالي، لا ندعي أنه قد حسم الأمر بصفة قاطعة بخصوص الأبعاد الدلالية للرقصة الهوارية.
الهوامش
1. هي منطقة توجد بوسط سهل سوس معروفة بالفلاحة العصرية وبلهجة عربية ذات مميزات خاصة، وتعد مدينة أولاد تايمة مركزها الحضري.
2. Geertz, Clifford. La interpretacion de la culturas, trad. Alberto L. Bexio, Gedisa editorial, Barcelona, 2003, p 20.
3. Geertz, Clifford. Op Cit. p 24.
4. مرسى، أحمد. الأدب الشعبي وثقافة المجتمع، دار مصر المحروسة، القاهرة، 2008، ص 25.
5. Felföldi, László et Pávai, István. "État de la recherche sur la musique et la danse populaires", Ethnologie française, XXXVI, 2006, 2, p. 261-272, p 265.
6. Ibid.
7. Guellouz, Mariem. "Du devenir anthropologue du sémiologue : pour une anthropo-sémiologie du corps dansant", Cygne noir, revue d’exploration sémiotique, no 2, 2014, p 2.
8. Ibid.
9. Greimas, A. J. "Réflexions sur les objets ethno-sémiotiques", Actes du premier congrès international d’ethnologie européenne, Paris, Maisonneuve et Larousse, 1971, pp. 63-72, p. 67.
10. Guellouz, Mariem. Op. Cit., p 6.
11. Ibid.
12. Grau A. et Wierre-Gore G. Anthropologie de la danse. Genèse et construction d’une discipline, Pantin, Centre national de la danse, 2005
13. Williams, D. "La sémasiologie : étude des actions et des mouvements humains dans la perspective de l’anthropologie sémantique", in A. Grau & G.Wierre-Gore (dirs), Anthropologie de la danse. Genèse et construction d’une discipline, pp. 221-235.
14. Kappler, A. L. "Méthode et théorie pour l’analyse structurale de la danse avec une analyse de la danse des îles Tonga ", in A. Grau & G.Wierre-Gore (dirs), Anthropologie de la danse. Genèse et construction d’une discipline, pp. 189-221.
15. Birdwhistell R. L. " Un exercice de kinésique et de linguistique : la scène de la cigarette ", in G. Bateson, R. L. Birdwhistell, E. Goffman, E. T. Hall, D. Jackson, A. Schlefen, S. Sigman & P. Watzlawick, La nouvelle communication, textes recueillis et présentés par Y. Winkin, Paris, Seuil, 1981, p. 163.
16. Gil, J., " La danse, le corps, l’inconscient ", Terrain, no 35, 2000, de p. 57 à p. 75, p. 62.
17. Sparshott Fr. A Measured Pace, Toward a Philosophical Understanding of the Arts of Dance, University of Toronto Press, Toronto/Buffalo/London, 1995, p 253.
18. Sonesson G. " Au-delà du langage de la danse – Les signifcations du corps. Quelquesconsidérations au sujet d’une sémiotique de la danse ", Centre for Languages and Literature, Lund University. En ligne: (consulté le 12 août 2019).
19. Gil, J. Op. Cit., p. 63.
20. تجدون التوضيحات الخاصة بتركيبة الرقصة في ما يلي من الصفحات.
21. Sonesson, Göran. Op. Cit. p 4.
22. Ducrot, Oswald et Todorov, Tzvetan. Dictionnaire encyclopédique des sciences de langage, Seuil, 1972, Paris, P 120.
23. Ducrot, Oswald et Todorov, Tzvetan. Op. cit. p 118.
24. Cité par Cazemajou, Anne " Anthropologie de la danse ", LE CND - Département Patrimoine, audiovisuel et éditions, 2007, p 5.
25. Saguer, Abderrahim. " La métaphore mâle/femelle dans l’usage des instruments de lewnasa de Houara ", pp 122-133, p 124 (note n°9).
26. Saguer, Abderrahim. Op. Cit. p p 122-123.
27. تجدون مبررات هذا الاعتقاد في الفقرات الخاصة بالآلات الإيقاعية.
28. Aydoun, Ahmed. Musique du Maroc, Eddif, Casablanca, 1995, pp 103-104.
29. يمكن الرجوع إلى ما كتب من توضيحات حول هذه المفاهيم في الفقرة 2 من الصفحة 6 من هذا المقال.
30. لباس الراقصة، وهو من أشهر أنواع الألبسة النسائية التقليدية بالمغرب وأكثرها أناقة.
31. آلة إيقاعية (ستجد وصفها في الفقرات الخاصة بالآلات الإيقاعية).
32. Kazimirski, Albert de Biberstein. Dictionnaire arabe-français, Paris, Maisonneuve et Cie 1860.
33. Saguer, Abderrahim. Op. Cit. p124.
34. يمكن أن نلاحظ أن "الرجْم" و"الجلْد" و"الصفع" أفعال تنصبّ على جسد الراقصة، وبالتالي تولّد "الترنح" كرد فعل لديها. أما "الشتيمة"، وإن كانت تنطوي بدورها على معنى "التعذيب" و"الإهانة"، فإنها لا تولِّد رد فعل فيزيولوجي، وإنما تنتج عنها استجابة نفسية باطنية لا يُنتظر أن تترجم إلى حركات راقصة مرئية.
35. "مرح الدوار" هو مساحة في وسط القرية (الدّوار)، غالبا ما تكون بجوار المسجد؛ وتسمى أيضا بـ "مرح الدولة" لكونها كانت تشكل فضاء تُجمَع فيه جميع قطعان القرية من الأغنام والماعز والأبقار لكي تساق إلى المرعى من طرف راعٍ. وكلمة "الدولة" لا علاقة لها بالمفهوم الحالي، وإنما ترتبط بمفهوم "التداول"، لأن رعي القطعان المجمّعة كان يتم بالتداول، بحيث يكلف به راع من عائلة معينة، وفي اليوم الموالي يكلف راع من العائلة المجاورة وهكذا دواليك.
36. تقتضي هندسة المنزل الهواري التقليدي أن تحيط جميع الغرف بساحة تشكل فناء واسعا يسمى "مْرحْ الدار"، وأن تكون جميع الأبواب والنوافذ مواجهة إليه.
37. معناه: " فلْيصعدْ إلى السطح من تعشى".
38. ارتبط استعمال الخشبة بالمهرجانات الثقافية التي دأبت على استدعاء الفرق الفولكلورية من بينها مجموعات اللغتة الهوارية.
39. Sonesson, Göran. Op. Cit., p 11.
40. ليست "اللغتة" المؤداة بـ "مرح الدار" هي "اللغتة" المؤداة بمنصات المهرجانات، وليست معاينة الرقصة من "السْطحْ" هي المعاينة من أي موقع آخر.
41. Berthoz, Alain et Jorland Gérard. L’empathie, Paris, O. Jacob, 2004, p 10.
42. Cunningham, Merce. " The Impermanent Art ", in Vaughan D. (1998), Merce Cunningham: Fifty Years, Ed. Melissa Harris, Apertur, 1952, p 97.
43. Shusterman, R. Pragmatist Aesthetics, Cambridge, Blackwell, 1992, p 127.
44. Saguer, Abderrahim. Op. Cit. p124.
45. حسب تعبير المستعملين: "كا- تْسرَّحْ" أي تسترسل في الإيقاع.
46. Saguer, Abderrahim. p126.
47. Ibid. p 128.
48. Ibid. p 129.
49. نوع من الأحذية التقليدية المغربية.
50. نوع من الخناجر التي يعرف بها المغرب.
51. نوع من المناديل التي كانت تغطي بها النساء رأسها وغالبا ما يكون أحمر اللون.
52. نوع من الحلي الفضية التي تزين جبين المرأة.
53. انظر الهامش 45 من هذا المقال.
54. بَلْغة نسائية (نوع من الأحذية).
55. بافيس، باتريس. "قضايا السيميولوجيا المسرحية"، ترجمة محمد العماري، علامات، العدد 16. من ص 102 إلى ص 109، ص 109.
56. المرجع نفسه، ص 106.
57. الصفحة نفسها،
58. ريفاتبر. مايكل. دلائليات الشعر، ترجمة ودراسة محمد معتصم، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 1997، ص 20.
59. المرجع نفسه، ص 29.
60. المرجع نفسه، ص 32.
61. لمزيد من الشرح يمكن الرجوع إلى الجدول 1.
62. Saguer, Abderrahim. P131.
63. العبيد. دراسة احتماعية عن قبائل هوارة بين الأمس واليوم، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط 1984، ص 384.
مراجع باللغة العربية:
- - بافيس، باتريس. "قضايا السيميولوجيا المسرحية"، ترجمة محمد العماري، علامات، العدد 16، من ص102 إلى ص 109.
- - حواس، عبد الحميد. أوراق في الثقافة الشعبية، دار الأمين للنشر والتوزيع، القاهرة، 2003.
- - ريفاتبر. مايكل. دلائليات الشعر، ترجمة ودراسة محمد معتصم، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 1997.
- - مرسى، أحمد. الأدب الشعبي وثقافة المجتمع، دار مصر المحروسة، القاهرة، 2008.
- - الصباغ، مرسي. دراسات في الثقافة الشعبية، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، القاهرة، 2001.
- - العبيد. دراسة احتماعية عن قبائل هوارة بين الأمس واليوم، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط 1984، ص 384.
- - فاروق، أحمد مصطفى، الإنثروبولوجيا ودراسة التراث الشعبي، دار المعرفة الجامعية، القاهرة.
-
مراجع باللغة الفرنسية:
- Aydoun, Ahmed. Musique du Maroc, Eddif, Casablanca, 1995, pp 103-104.
- Berthoz, Alain et Jorland Gérard. L’empathie, Paris, O. Jacob, 2004.
- Birdwhistell R. L. " Un exercice de kinésique et de linguistique : la scène de la cigarette ", in G. Bateson, R. L. Birdwhistell, E. Goffman, E. T. Hall, D. Jackson, A. Schlefen, S. Sigman & P. Watzlawick, La nouvelle communication, textes recueillis et présentés par Y. Winkin, Paris, Seuil, 1981.
- Cazemajou, Anne " Anthropologie de la danse ", LE CND - Département Patrimoine, audiovisuel et éditions, 2007.
- Cunningham, Merce. " The Impermanent Art ", in Vaughan D. (1998), Merce Cunningham: Fifty Years, Ed. Melissa Harris, Apertur, 1952.
- Ducrot, Oswald et Todorov, Tzvetan. Dictionnaire encyclopédique des sciences de langage, Seuil, Paris, 1972.
- - Felföldi, László et Pávai, István. "État de la recherche sur la musique et la danse populaires", Ethnologie française, XXXVI, 2006, 2, p. 261-272.
- - Geertz, Clifford. La interpretacion de la culturas, trad. Alberto L. Bexio, Gedisa editorial, Barcelona, 2003.
- - Gil, J., " La danse, le corps, l’inconscient ", Terrain, no 35, 2000, de p. 57 à p. 75.
- - Grau A. et Wierre-Gore G. Anthropologie de la danse. Genèse et construction d’une discipline, Pantin, Centre national de la danse, 2005.
- - Greimasm A. J. GREIMAS, " Réflexions sur les objets ethno-sémiotiques ", Actes du premier congrès international d’ethnologie européenne, Paris, Maisonneuve et Larousse, 1971, pp. 63-72.
- - Guellouz, Mariem. " Du devenir anthropologue du sémiologue : pour une anthropo-sémiologie du corps dansant ", Cygne noir, revue d’exploration sémiotique, no 2, 2014.
- - Kappler, A. L. " Méthode et théorie pour l’analyse structurale de la danse avec une analyse de la danse des îles Tonga ", in A. Grau & G.Wierre-Gore (dirs), Anthropologie de la danse. Genèse et construction d’une discipline, pp. 189-221.
- - Kazimirski, Albert de Biberstein. Dictionnaire arabe-français, Paris, Maisonneuve et Cie 1860.
- - Kealiinohomoku, J. W. " Une anthropologue regarde le ballet classique comme une forme de danse ethnique ", Nouvelles de Danse, Printemps 1998.
- - Williams, D. " La sémasiologie : étude des actions et des mouvements humains dans la perspective de l’anthropologie sémantique ", in A. Grau & G.Wierre-Gore (dirs), Anthropologie de la danse. Genèse et construction d’une discipline, pp. 221-235.
- - Saguer, Abderrahim. " La métaphore mâle/femelle dans l’usage des instruments de lewnasa de Houara ", pp 122-133.
- - Shusterman, R. Pragmatist Aesthetics, Cambridge, Blackwell, 1992.
- - Sonesson G. " Au-delà du langage de la danse – Les signifcations du corps. Quelques considérations au sujet d’une sémiotique de la danse ", Centre for Languages and Literature, Lund University. En ligne : (consulté le 12 août 2019).
- - Sparshott Fr. A Measured Pace, Toward a Philosophical Understanding of the Arts of Dance, University of Toronto Press, Toronto/Buffalo/London, 1995.
الصور
- من الكاتب.