يخرج منتصرا .. رغم الهزيمة
العدد 50 - لوحة الغلاف
لا شك بأن وقوع الإنسان تحت براثن الوباء من جديد أصبح ورطة محيّرة، خصوصاً وأن هذا العالم بالكاد تقع أقدامه على عتبات قرن تخطى بعلومه ومنجزات تقنياته الرقمية كل التصورات، إلاّ أن هذا العالم بأسره وقف عاجزاً مذهولاً أمام فيروس ضئيل الحجم قلَب كل موازين حياته، وقد حار في وقف زحفه لحصد مئات آلاف البشر دون هوادة.
وفي خضم مقاومة هذا الوباء، حاول الإنسان بكل ما أوتي من الممكنات، اتقاء الإصابة أمام عجزه الراهن عن اكتشاف لقاح مضاد يوقف زحف الوباء أو الحد من انتشاره .. حاول تسيير الأمور بإرادته العجيبة في حب الحياة. وفي أغلب البلدان تكاتفت الشعوب مع حكوماتها وأظهرت جنودا شجعان في الخنادق الأمامية للمقاومة، صنعوا بطولات إنسانية.
صحيح تعطلت حركة السفر، ومُنيت السياحة بنكسة، وصحيح تم ضرب الأسواق، ومُني الاقتصاد بخسائر فادحة، وتحمّلت الحكومات أعباء السحب من مدخرات أجيالها، إلا أن الاحترازات الرسمية المشددة لم تُوقف عقد الاجتماعات الرسمية والأهلية الملحة باستخدام تقنيات التخاطب عن بعد، كما أن المباريات ما لبثت أن أقيمت حتى بدون جمهور بهتافات وتصفيق حي، وتم التحايل على العديد من الأمور ، بين فتح وإغلاق وبين حجر وتباعد وحضر تجول متقطع.
مهرجانات الفنون الشعبية الموسمية التي تقيمها المنظمة الدولية للفن الشعبي IOV المعلن عنها مسبقا والتي تنتظرها شعوب محبة للفرح والرقص والغناء .. منظمون وموسيقيون وراقصون وطبول ومعازف وأزياء شباب وكهول يتحينون فرصة المهرجانات للانطلاق والتعبير عما يتوق إليه الإنسان من فرح وما يختزنه من أمل وجمال.. كان لا بد من أن ينتصر كل ذلك رغم الشعور بالهزيمة.
صحيح بعض المهرجانات ترددت في تأجيل موعد بدئها المعتاد، إلاّ أن أغلب المهرجانات أصرّت على أن تقيم احتفالاتها بالبث المباشر عبر القنوات المتلفزة، وبعضها ظل ينتظر أن يتغير الحال وأن ينتصر ما بداخل الإنسان من أمل.
في الصورة على غلافنا الأول وجهين باسمين لفتاتين بعمر الزهور الرائعة حوليهما جاءتا في بهجة الدعوة لمهرجان «موجات أوهريد» الذي سيقام للمرة الحادية عشرة خلال الفترة 11 – 14 يوليو 2020. و«أوهريد» مدينة خالدة تقع على تلة سحرية بجمهورية مقدونيا الواقعة في الجنوب الشرقي للقارة الأوربية شمال اليونان. تربط مدينة «أوهريد» العصور القديمة بالعصر الحديث، كانت حية منذ 2400 سنة، تتميز بوجود 365 كنيسة، واحدة لكل يوم من أيام السنة، ويشار إليها بالقدس المقدونية. وهي مركز ثقافي وروحي وسياحي مدرج على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو منذ 1980.
الجميل في معنى الدعوة التي حملت هذه الصورة المشرقة إلينا هو الإلحاح على التفاؤل بزوال غمة الوباء، وبأن الإنسان سيخرج منتصرا في القريب ليقيم المهرجانات .. لتظل ابتسامات الصبايا في الصميم.