ملامح المشهد الموسيقي بتونس في القرن التاسع عشر من خلال مؤلفات الرحّالة الأوروبيين
العدد 48 - موسيقى وأداء حركي
المجتمع التونسي والثقافة الموسيقية في القرن التاسع عشر
تميّزت هذه الفترة بظهور عدّة أنماط موسيقية جنبا إلى جنب في مركز البلاد أي الحاضرة، وهذه الأنماط هي الموسيقى العربية الكلاسيكية (التقليدية) والموسيقى التركية والموسيقى الأوروبية، اذ ذاعت هذه الأنماط في نخب حضريّة محدودة من الناحية العدديّة حيث ارتبطت الموسيقى الأوروبية بالأقليات الأجنبية المقيمة بالعاصمة، وتواتر استخدام الموسيقي العسكرية في جنبات قصور البايات، بينما ظلّت الموسيقى العربية التقليدية رهينة نبلاء الحاضرة من البلديّة.
وعلى الرغم من المشهد المركّز في نخبة اجتماعيّة ضئيلة فإنّ الذائقة التونسية العامّة مالت الى الفنون المتواترة في مختلف البوادي والأرياف التونسية، ولا سيّما تلك الممارسات ذات الصلة بالعادات الاحتفاليّة المناسباتيّة الخاصّة والعامّة ذات الطابع الديني الطرقيّ، وقد أفضى هذا الميل الذوقي العامّ الى ترسيخ الفنّ الشعبي بأغلب جهات البلاد التونسية خاّصة في أواخر القرن التاسع عشر، وهذه هي الملاحظة الهامّة التي استرعت انتباه أغلب زائري البلاد من المستشرقين إذّاك.
وفي ضوء هذا المشهد الموسيقي المتوزّع على صنفين متباينين ارتأينا تصنيف الموسيقى في تونس في تلك الفترة الى نمطين أساسيين هما الموسيقى الدنيوية «مالوف الهزل» والموسيقى الدينية «مالوف الجدّ».
الموسيقى الدنيوية
مثّل ذيوع النشاط الموسيقي في تونس خلال القرن التاسع عشر وجهين متباينين، فمنذ منتهى النصف الأوّل من القرن كان تأسيس الحسينيين للمدرسة الحربية بباردو تتويجا لوجهة أولى في ذلك النشاط أسّسها بايات تونس تبعا لتصوّر فكري وثقافي معيّن، ممّا دعانا لإستعادة تاريخ العائلة الحسينية في تونس وخاصّة أعمالها وآثارها الفكريّة والعمرانيّة والحضاريّة العامّة خلال تلك الفترة. وقد كشفت لنا متابعة هذه الزاوية الأطر الحضريّة التي مورس فيها النشاط الموسيقي، حيث استنتجنا وجود أصناف فرعيّة من الموسيقى الدنيوية.
1) الموسيقى الأوروبية:
لقد كانت الموسيقى والغناء من مقوّمات بلاط الأمراء والملوك واحدى الخيوط التي شكّلت النسيج الفنّي للبيت السياسي في تلك الفترة، وحظيت الى حدّ ما باهتمام العائلة المالكة التي دعّمت أنشطة الموسيقيين وقرّبتهم من محيطها، حيث فتح أغلب البايات قصورهم لإقامة الحفلات واستقطاب الفنّانين، ويظهر هذا جليّا في النصف الأول من القرن التاسع عشر مع المشير أحمد باي اذ شهدت فترة حكمه نوعا من الازدهار والانفتاح نحو الثقافة الغربية، كما كان معجبا بالموسيقى الأوروبية حيث حضر في قصره مجموعة ايطاليّة قدّمت مسرحيّات غنائيّة أمام الحاشية الملكيّة، اذ يذكر «هنري دينو»/ Henry Dunant فيقول:
«لقد حضر مؤخرا بقصر الباي مجموعة ايطالية قدمت كوميديا غنائية، حيث عزفت أوبرا «الترافاتوري» وأوبرا «الموت والحكيم»، وكانت جميع الحاشية حاضرة على هذا العرض الذي كان رائعا»1.
وتواصل الاهتمام بالموسيقى من قبل البايات، فنجد محمد باي الذي كان مشجعا للفنون حيث يرجع له الفضل في تأسيس أوّل معهد فنون وحرف بتونس وعُيّن له مديرٌ فرنسيٌّ يدعى «قاربيران» Mr Garbeyron /كما جلب إلى قصره بالمرسى عازف التشللو المشهور « ماكس بوري»/ Max Baurer لإحياء حفل أمام الحاشية وقد كانت مكافأته كبيرة من قبل الباي2.
يبدو أن أول المعطيات حول تواجد ثقافة فنية وموسيقية أوروبية بتونس في القرن التاسع عشر هي تواجد الفضاءات والمسارح التي شيّدت في تلك الفترة اذ يخبرنا «ت. تابل غرنفيل» / T. Temple Grenville:
«سنة 1833 تم انشاء مسرح وفيه تقام عروض مسرحية وعروض أوبرا من قبل مجموعات ايطاليّة أربع مرّات في الأسبوع ومن حين الى آخر عروض رقص»3.
فنلاحظ أن الموسيقى الإيطالية أخذت موقعا هامّا في بداية القرن التاسع عشر، حيث أصبح نشاطها واضحا في المجتمع التونسي وله جمهوره والذي أغلبه من الطبقة الراقية ممّا يجعلها تعتبر موسيقى نخبويّة، حيث يحضر هذه الحفلات صفوة المجتمع من رجال السياسة والأجانب الأوروبيين من الجالية الإيطالية والفرنسية والمالطيّة التي يروق لها سماع ذلك النوع من الموسيقى.
«كان شتاء سنة 1856 وسنة 1857 حافلا في مدينة تونس... فكنّا نجد في المنتدى الأوروبي المسمّى «الدائرة الأوروبية التونسية» المجلاّت والجرائد، وقاعات الألعاب حيث نستقبل بكلّ ترحاب الأوروبيين المارّين من تونس، والمجموعات الفيلهارمونية المؤلّفة من الهوّاة التي كانت تعرض بين الحين والآخر حفلات أو عروضا لفنّانين من ذوي الشهرة، وكناّ نستقبل كذلك فرقة إيطالية تقدّم في الموسم الثقافي مسرحيات غنائية( الأوبرا) والروايات المسرحية والكوميديا... »4.
كما يمكن القول إن حضور الموسيقى الأوروبية وبالتحديد الإيطالية التي أخذت موقعا هاما في النصف الأول من القرن التاسع عشر أصبحت ملمحا معتادا في النشاط الموسيقي في تونس العاصمة، وقد ساهم البايات في تزايد العروض الموسيقية وتشجيع الممارسة الفنية خارج الفضاءات الرسمية، وذلك عبر إقامة السهرات والحفلات الموسيقية للتعرّف على بعض أعمال الموسيقيين.
2) الموسيقى العسكرية:
رتّب البايات الحسينيون نظاما عسكريّا مشابها للنظام المعتمد في كلّ ولايات الامبراطوريّة العثمانيّة، فكان دور الجيش الانكشاري حماية الولاية التي يتبعها، وباقي الولايات التابعة للإمبراطوريّة كلّما دعت الحاجة. ومنذ بداية القرن التاسع عشر أدخل بايات تونس تقليدا جديدا بإنشاء فرق موسيقية عسكريّة تابعة للجيش الانكشاري وظيفتها افتتاح المناسبات الرسمية التي يشرف عليها الباي بنفسه، وقد تطوّرت الفرق الموسيقية العسكريّة تدريجيّا الى فترة انشاء المشير أحمد باي للمدرسة الحربيّة بباردو سنة 1840، وهي تعد من أهم إنجازاته في المجال العسكري اذ تعتبر تلك المدرسة الانطلاقة الأولى في إحداث جيش على الطريقة الأوروبية وعلى أسس علمية .
وقد كان لها دور كبير في تدوين جانب هام من التراث الموسيقي والغنائي كما شهدت تركيبة الفرقة دخول آلات جديدة تعرف بالآلات النحاسيّة وهي آلات موجودة في الموسيقى العسكرية الأوروبية اذ يقول «سلفادور دانيال»/ Salvador Daniel عند زيارته لقصر الباي بالمرسى ومشاهدته للفرقة الموسيقية العسكرية:
«لقد سمعت الجوقة العسكرية للباي بقصره في المرسي، اذ تشتمل على حوالي ثلاثين آلة نحاسية مصنوعة في أوروبا، من بين هذه الآلات، آلة «بيستون»، «كور»، «طرمبيت»، «طرمبون»، بينما يضبط الإيقاع بواسطة «طبل كبير» و»طبلين صغيرين». واعتبر أن آلات الإيقاع هي التي أضفت روح الموسيقى العسكرية والحماس في الفرقة»5.
ويضيف «ادوارد غازلان» / Edouard Gasselin فيقول: «يتكون الطاقم الموسيقي العسكري للباي من حوالي ثلاثين عازفا، يعزفون مارشات تركية، اذ تضم الجوقة العسكرية فقط آلات نحاسية، حيث يعزفون كلهم بطريقة موحّدة»6.
وتتمثل وظيفة آلة البوق في الموسيقى العسكرية على حسب ما ذكر لنا «كود فوريد شول»/ Gott Fried Sholl هي اعطاء إشارة الوقوف في الصف وبدء التمارين7.
إلى جانب حضور الموسيقى العسكرية في الاحتفالات الوطنية فهي تسجّل حضورها أيضا في المناسبات الدينية والأعياد حيث يعلمنا «أبل كلاران دو لا ريف» / Abel Clarin de la Rive:
«بأنه سنة 1856 يوجد في باردو قصرين للباي، واحد منهما مخصص للاحتفالات الدينية»8.
وتباعا لما ذكرنا نستطيع أن نستخلص بأن الموسيقى العسكرية شهدت عدّة تغييرات منذ بداية القرن التاسع عشر على مستوى الهيئة والتنظيم، كما أخذت صورة جديدة خاصة مع المشير أحمد باي بعد تأسيسه للمدرسة الحربية ورغبته في تكوين طاقم موسيقي عسكري حديث على النمط الأوروبي وتواصلت إلى فترة حكم الصادق باي.
فقد شهد هذا الفن دخول عديد الآلات النحاسية التي لم تكن موجودة قبل ذلك لكن ليست لدينا فكرة دقيقة عن مختلف هذه الآلات في تلك الفترة سوى البعض منها حسب ما أوردنا في كتابات بعض المستشرقين الذين عايشوا تلك الفترة.
لكن بالرغم من كثرة الآلات فإن الموسيقى العسكرية التي اختصّ بها الجوق الملكي والتي تعتمد بالأساس على آلات النفخ النحاسية وبعض الآلات الإيقاعية قد اتّصفت بالموسيقى المزعجة والمشوّشة9، حسب ما ذكر لنا مترجم الكتاب قي هامش الصفحة.
ويمكن أن يعود ذلك الى طبيعة الآلات النحاسية الخالية من أرباع النغمات، اذ أن الجوقة الموسيقية تقوم بتأدية معزوفات لا تتماشى مع هذه الآلات، أو ربما يكون العكس اذ أن استخدام الآلات النحاسية والتي هي بالأساس آلات غربيّة هو دليل على خلوّ ألحان الموسيقى العسكرية من أرباع النغمات طالما أن هذه الآلات نفسها غير قادرة في تركيبها على إحداث هذه الدرجات، كما ان غياب الهرمنة في الألحان الموسيقية قصد إثرائها وإعطائها نفسا جديدا جعل منها موسيقى بسيطة جدا على مستوى الأداء، إذ تعزف جميع الآلات بطريقة موحّدة، وقد تطرّق الى ذلك «سلفادور دانيال»/ Salvador Daniel في نفس كتابه مواصلا وصفه للجوقة الموسيقية العسكرية بتونس فيقول: «بالنسبة للموسيقى العسكرية المؤدّاة من قبل الطاقم العسكري، نستطيع أن نؤكّد حاليا أنّ العرب لا يعرفون تناغم الأصوات (الهرمنة)، الآلات الوترية أو الهوائية تعزف بطريقة متزامنة في حين تصاحب آلة الطّار أو البندير أو أيّ آلة إيقاعية أخرى المقاطع الإيقاعية، وهو التناغم الصوتي الوحيد الذي يمكن سماعه»10.
ويدعّم «تيري مياغ»/ Thierry- Mieg ذلك اذ كان حاضرا اثناء تنصيب الصادق باي بعد وفاة محمّد باي بيوم بالقصبة فيقول:«اهتمّ الجنود بتنظيم الحشد الجماهيري عند مرور الموكب العسكري للباي... يمرّ الموسيقيّون المصطفّون في شكل من الغرابة حاملين طبولهم المغطّاة بقماش حريري، ومهما كانت الآلة المستعملة، فإنّ الفرقة العسكرية تؤدّي جميع الدرجات الموسيقية بطريقة جماعية وموحّدة، بحيث يظلّ التناغم الصوتي( الهرمنة) مجهولا لدى هذه الشعوب»11.
كما يمكن أن نستنتج بأن المكتب الحربي الذي رتّبه هذا المشير على غرار النمط الاوروبي اتّسم بطابع نخبوي، اذ كان التعليم بهذه المدرسة موجّها الى فئة معيّنة من أبناء المماليك، ولم تفتح المدرسة أبوابها أمام الطبقات الشعبية الذين تحمّلوا أثقال الجباية، وبقي ابناء الفقراء من عامة أهل البلاد يتلقّون تكوينهم التربوي في المساجد والمدارس القرآنية التقليدية والزوايا.
3) الموسيقى الشعبية الحضرية:
قصور البايات وثكنات الجيش الحارسة لمراكز السلطة، انتشر في الأوساط الاجتماعيّة بتونس العاصمة أوساط العمّال والتجّار الغناء والموسيقى الشعبيتين، اذ تعتبر الموسيقى الأكثر حضورا آنذاك، فالغناء الشعبي في تونس جزء لا يتجزّأ من معاش عموم الناس، لذلك لاحظها زائرو البلاد الأجانب في المقاهي والمحلاّت والساحات العموميّة، وفي شهر رمضان بصفة خاصّة، اذ يقول الطبيب السابق لحمودة باشا «لويس فرانك» Luis Frank/ والذي قدِم الى تونس سنة 1801:«نجد راقصات ومغنّيات يؤدّين الرقصات والمغنى في الأماكن العامة وخصوصا خلال شهر رمضان، كما نرى حضور عديد الفرق من المغنّين...»12.
والملاحظ أنّ هذه الموسيقى الذائعة بين شرائح المجتمع الحضري التونسي لم تكن مؤطّرة من قبل هياكل أو مؤسّسات تعليميّة أو حرفيّة، بل أنّها كانت بمثابت الترنّمات والترديدات التلقائيّة التي لا تخضع دائما وفي كل الحالات لظوابط في الآداء وأشكاله، ويفسّر هذا النشاط الموسيقي العصامي بغياب موسيقيين ذوي كفاءة ومقدرة ودراية بأصول الموسيقى وطرق تدوينها، وفي هذا السياق يقول «جون لويس لوغان»/ Jean-Louis.Luguan عند زيارته الى تونس:
«لقد اقتنعت لاحقا بأنّ هذا الشعب يحبّ الموسيقى، لكن موسيقاه التي اعتادها، موسيقى رتيبة بالنسبة إلينا، لكنّها مليئة بالسحر بالنسبة له، إذ تعبّر ببساطة عن مشاعره، وتتماشى مع حالته الروحية الطبيعية وميولاته»13.
استقطبت هذه النوعيّة الموسيقية الغنائيّة اهتمام الشرائح الاجتماعيّة في الحفلات العامّة والخاصّة وحتّى في الساحات العموميّة، اذ كانت قريبة جدّا من مشاغلها واهتماماتها امتازت ببساطة عباراتها وسهولة تداولها، الى جانب عروض «الكاراكوز» الدمى المتحركة14، التي تعتبر عروضا حيّة ترفيهيّة ارتبط حضورها خاصة بشهر رمضان.
كانت الآلات المصاحبة لتلك الأغاني شائعة الاستعمال في مدينة تونس مثل «المندالينة» (mandoline) و«الطبل» و«الدربوكة» كذلك «الصنوج» بالنسبة لعروض «الكاراكوز»15، وهي تستجيب لنوعيّة الجمهور الذي يكون غالبا من العامّة، لا يكون إلاّ لغاية الترفيه المهمّش والمشوش والرقص وعادة ما تكون ألحانهم مزعجة قائمة على إحداث ضجيج وصخب16.
إلى ذلك يضيف «لويس فرانك» أيضا أن الموسيقى الشعبية المتداولة لدى عموم الناس حظيت باهتمام الأسر التونسية خاصة منهم العنصر النسائي، فهي بمثابة متنفّس لهم حيث وجدت فيها تلك الشرائح الشعبية التونسية مناسبة لكسر حواجز التعصّب والمحافظة، إذ نجد مغنّيات وراقصات كلهن يقمن بالرقص والغناء، حيث يتّصف أداؤهن بالنشاز وعدم الإتقان17.
فيمكن القول أن الأغاني الحضرية هي أغاني متوارثة لدى الفئات الشعبية بمختلف توجّهاتها أو مشاغلها، وهي بمثابة التفاعل الوجداني التلقائي مع مجريات الحياة اليوميّة في أفراحها وأحزانها سواء كانت في المتاجر أو في الأسواق أو في المنازل، حيث أن موسيقاهم بسيطة ولا تتجاوز التغنّي ببعض الألحان المسموعة،كما ان أغلب كلماتها يعتمد اللهجة المتداولة العاميّة أو المهذّبة.
كما نجد ظاهرة انتشرت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وهي المقاهي الغنائيّة أو «الكافيشانطا» وهي كلمة اشتقت من التسمية الفرنسية (café chantant) التي تعني فضاء عاما، حانة أو مقهى بوسط العاصمة تنتج فيه عروض موسيقية مختلفة ومتنوّعة حسب الإطار والظرف والمكان، كما أنّ هذه العروض لا تخلو من الرقص والعزف والغناء، فقد كانت الموسيقى التونسية والأغاني الشعبية التقليدية بدويّة كانت أم حضريّة مسموعة ومصاحبة بالأساس بآلة الدربوكة والعود والناي والبندير18.
ويضيف الى ذلك «أوسكار كوميتون» Oscar / Comettant في وصفه لجوقة موسيقية بمقهى تونسي: «تتكون من أربعة آلات: نجد آلة العود، الرباب، الطار، الدربوكة، تعزف آلة الرباب والعود بطريقة موحّدة بحيث تقوم بقية الآلات بالمصاحبة الإيقاعية. يحمل العود أربعة أزواجا من الأوتار يعفق عليها بواسطة قطعة صغيرة من الخشب، اما الرباب فطريقة عزفها تكون فوق الركبتين وتحمل وترين يضبطان بحساب الخماسية»19.
فقد شكلت»الكافيشانطا» ظاهرة فنيّة واجتماعية، اذ كانت احدى أهم الأشكال الاحتفالية، حيث يتنوع الرصيد الموسيقي المتناول في هذا المجال بين البدوي والحضري وبين الغناء والرقص الموجّه بالخصوص للعامّة من الناس20.
كما كان لوجود اليهود المكثّف أثر واضح على الموسيقى في تونس، فمع حلول القرن التاسع عشر عرفت البلاد التونسية توافد فئات كثيرة من المهاجرين اليهود، حيث شكلت هذه المجموعة مع من سبقها طائفة موسّعة داخل البلاد التونسية انتشرت في مختلف أنحاء البلاد،كما تأقلمت مع مختلف جوانب حياتنا الاجتماعية وأسلوب عيشنا خاصة منها ما يتعلّق بالحياة الاقتصادية والموسيقية، فكثير منهم اعتبر الموسيقى بمثابة منفذ لهم للتعبير عن كيانهم داخل المجتمع التونسي، كما يمكن القول أنّها كانت وسيلة لخروج كثير من عناصر تلك الجالية من الفقر والمساهمة بشكل ما في الحياة الفنيّة في تونس في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
والملاحظ أيضا أنه نسبة كبيرة من تلك الجالية اليهوديّة أنشأت أجواقا موسيقية داخل المدن الكبرى، كما حوت موسيقيين متميزين قادرين على جلب إعجاب المستمعين في الحفلات العامّة والخاصّة، كما اعتمدت على آلات ذات استعمال واسع في تلك الفترة كآلة الرباب والمندالينة والكمنجة والدربوكة والبندير.
إلى ذلك انتشرت المقاهي الغنائية في الحارات اليهودية والأوروبية، وتعتمد هذه المقاهي إلى برمجة عروض فنيّة تتمثل في استضافة فرق للمغنى والطرب يمثّلها مجموعة من الموسيقيين اليهود حيث يتولون بأنفسهم مهام الغناء والعزف، تصاحبهم في ذلك عدد من الراقصات من نساء اليهود وهنّ اللواتي تقمن عادة بالغناء والرقص21.
وفي نفس السياق يضيف « ليون ميشال» / Lion Michel: «تكون وضعية المقاهي الموريسكية (العربي) عادة على النحو الآتي: تحدّد مساحة في الوسط للموسيقيين... أمّا الفرقة تتكوّن من ستّة أو سبعة عازفين يهود)...( ويكون قائد الفرقة عازف الرّباب الأكثر امتيازا في المدينة يتوسّط الجوقة (...) أما مصاحبيه من العازفين الماهرين فاثنين منهما يعزفان على القيثارة (العود أو المندالينة)، واثنين على آلة الدربوكة ومن حين لآخر يعزفون ويغنّون»22.
فيمكن القول بأن الجالية اليهودية برزت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وسيطرت الى حد ما على الحركة الفنيّة، كما حقّقت انتشارا واضحا وأثّرت على الذوق الجماعي من خلال المناسبات العامّة والمقاهي، وبصفة خاصّة الاحتفالات العائليّة مثل الزواج والختان، كما كان يوجد عدد وافر من المكفوفين لا ينشغلون إلا بهذه الصنعة سواء كانت من اليهود أو من المسلمين لكن حضورهم كان فقط قي الحفلات النسائيّة وأعراس المسلمين23.
وتميّزت العروض التي كان يحييها اليهود بتوفّر أركان الفرجة بحضور الراقصات والصانعات التي تمثّل مظهرا جديدا في تلك الفترة، حيث جلبت إعجاب الناس واستهوت الغرباء والأجانب العابرين بالحارات اليهوديّة، اذ نجد «رقصة المناديل» و«رقصة الخصر» أو «رقصة البطن»، اذ يقول «أرموند ترومي»/ Armand Trumet: «وفي زيارتي لمقهى غنائي راقص بعد العشاء، وجدت أربعة من النساء عربيات أو يهوديات تغنّين بأصوات صاخبة، الرقصة هي عبارة عن خطوات منظّمة وموقّعة، وتزيد الراقصة من متعة الفرجة بواسطة جلبها لمنديليْن اذ تمسك كل واحد بيد وتدور بطريقة متناوبة...»24.
فقد كان للموسيقيين اليهود مقاهيهم وحاناتهم الخاصة وكذلك مناسباتهم التي يجتمعون فيها ويؤدون الفن الشعبي التونسي اليهودي القائم على أربعة عازفين جلّهم يهود25، وأغلب الآلات هي الرباب والمندالينة أو العود والكمنجة والطار والدربوكة، ويدعّم «ليون ميشال» ذلك فيقول :
«ذهبنا إلى حيّ يهودي، وللمرّة الثالثة دخلنا إلي بيت متواضع المظهر،)...( وقد جلس أربعة موسيقيّين يهود، تقريبا هم نفس العازفين الذين رأيناهم بالمقهى اليهودي، ولعلّهم كانوا هم أنفسهم(...)، كانت آلاتهم جميعا وتريّة، إلاّ آلة الدربوكة. بعد حين تظهر «العالمات»(...) وتغنّي النساء تواترا مع الرجال، ويبدأ الرقص بحركات رتيبة متابعة للموسيقى مع إيقاع متصاعد تدريجيا»26.
الى ذلك ذكر لنا «بول جاكينو دوازي»/ D’oisy Paul Jacquinot عشرة آلات ممّا شاهدها في تونس: «الرّباب ذي الوترين، العود ذي أربعة أوتار وصوته حادّ، الجرانة ذات أربعة أوتار مجرورة بالقوس وذات صوت حادّ جدّا، الدربوكة، الرقّ، السّكرة، المزود، الشبابة، الناي، الكرنيطة، الطبل والطبل الكبير»27.
4) الموسيقى الشعبية البدويّـة:
الى جانب الأغاني الشعبية الحضرية نجد الأغاني الشعبية البدويّة في تلك الحقبة وهي أغاني أصيلة في الأرياف التونسية فهي في مجملها تردد كلمات من معجم محدود هو معجم الريف بتعبيراته المتداولة يوميّا والمستخدمة في الخطاب الاجتماعي اليومي، حيث تتميّز الأغاني البدويّة بسيادة وغلبة الأساليب التقليديّة في جانبها المتوارث والتي تعتمد على العنعنة والتواتر.
«إنّ موسيقى المور (المورسكيين) يغلب عليها الطابع الغنائي أكثر من الآلي، فهي موسيقى بربرية... معبّرة لكن ذات أصوات أنفيّة، تتصف بالرتابة لكثرة الإعادات بحيث يدوم مقياسين أو ثلاث لساعات وذلك لغياب التدوين عندهم وجهلهم للنظريات الموسيقية والهرمنة».28
وفي هذا السياق يضيف «بول جاكينو دوازي» ناقدا الموسيقى الشعبية البدوية، اذ اعتبر أن ما يراه الغرب نشازا وضوضاء يعتبره العرب موسيقى واستدل على ذلك بالغناء في موسم الحصاد حيث يراها موسيقى مملّة وغير ذات دلالة ولا نفس نغمي واضح، الى ذلك يرى أن الآلات الموسيقية آلات بدائيه، بربريّة وبسيطة29.
فالأغاني الشعبية البدوية هي أغاني متأصّلة في الأرياف التونسية ويمكن القول أنها ملتزمة بأخلاقيات تلك الأرياف وسلوكياتها، فهي تتسم ببساطة تعابيرها الجمالية التي أقل ما يمكن أن توصف به أنّها تلقائيّة، وتتصل أغلب مضامين هذه الأغاني الشعبية بالواقع المبني على الترحال، كما أنها لا تفتقر الى الخيال بل بالعكس هي غالبا ما تعطي مساحات للشاعر والمغنّي للتعبير بتلقائية عن أعماق وجدانه، اذ نجد غناء «الفانتازيا»30، وهي عبارة على جمل من الشعر العربي تتغنّى بمختلف المواضيع والأغراض كالحرب أو الفخر او الغزل، وهي من الانماط الموسيقية المحبّذة عند التونسيين اثناء السفر، ويغنَّي هذا الشعر وفق إيقاع معيّن يضبط من الاوّل وعند الانتهاء يرتجل كل واحد بعض الجمل لمدّة ساعات31.
وتكاد تشترك الأغاني الشعبية البدويّة في نوعيّة الآلات المستعملة وهي آلات شعبية موروثة، حيث نجد في الغالب آلة القصبة (وتنطق بالقاف المعقودة)، آلة الزكرة، آلة الفكرون، آلة القنبري، آلة الطْبل والبندير32.
كما يكثر استعمال آلات النفخ كالقصبة أو الشبابة البدوية في مصاحبة الأغاني الشعبية التي يؤدّيها رعاة الأغنام والإبل نظرا للمسحة النغميّة الخاصّة التي تتميزان بها، الى ذلك نجد الزكرة التي يسميها بعض المستشرقين في كتاباتهم «hautbois» الى جانب بقية الآلات التي ذكرناها والحاضرة بقوّة في المناسبات الخاصة والعامة.33
إلى ذلك فإن للغناء البدوي تأثير كبير على الغناء الحضري خاصة في أواخر القرن التاسع عشر، حيث انتقل عديد المغنّين البدويين الى الحاضرة وعملوا بها كمغنّين نظرا لتوسع المجال الحضري وانحصار الفضاء البدوي، وقد عرف هؤلاء «بالغنّاية»، كما أصبحت الفرق الموسيقية الحضرية تتغنّي ببعض أغانيهم البدويّة.
الموسيقى الدينية (الموسيقى الطرقية)
في نفس الفترة نجد تيّارا شعبيّا آخر بدأ تدريجيّا يعرض نفسه على المشهد الموسيقي بتونس وهو الطرق الصوفيّة34، والتي تناولها عدد قليل من المستشرقين بالبحث والدراسة، فهي عبارة عن مجتمعات تعبّدية ينظّمون ويغنّون المدائح والأذكار والأناشيد الدينية في الاحتفالات التعبّدية في المساجد والزوايا التي انتشرت بكثرة في الأرياف والحواضر وفي بعض المناسبات الدينية قصد التقرّب الى الله ويسمّى هذا الغناء الديني «بمالوف الجدّ»، كما لم تكن حكرا على الرجال فقط بل النساء كذلك. وفي مجتمع كالمجتمع التونسي احتلت الموسيقى الطرقية خلافا لمختلف الألوان الموسيقية الأخرى مكانة خاصة لدى الناس وذلك لارتباطها بعالم الروحانيات، فتعدّدت الطرق الصوفية واستقطبت أعدادا كبيرة من الذين يشاركون احتفالاتها وينتسبون إليها، لكن بالرغم من ذلك إلا أن المستشرقين والرحّالة تطرّقوا فقط للطريقة العيساويّة، ويمكن أن يعود ذلك بكونها الطريقة الوحيدة التي تسمح بدخول غير المسلمين في احتفالاتها الدينية.
1) الطريقة العيساويّة:
تعتمد هذه الطريقة على بعض الآلات الموسيقية التي أهمّها آلة البندير، فهو يتواجد بأعداد كثيرة في هذا النوع من الموسيقى ويمثل عنصرا أساسيا ومميزا لها كذلك الدفّ، الى جانب آلة الدربوكة أحيانا قصد أداء التنويعات الايقاعية، فتتدرّج الايقاعات في السرعة حيث يحدث العدد الهائل من الآلات الإيقاعيّة تأثيرا كبيرا على المنشدين والراقصين الى جانب التصفيق وركز الأقدام على الأرض تصل الى بلوغ حالات من الإنتشاء الروحي أو ما يسمى «بالتخميرة»35.
فتحت تأثير إيقاعات الضرب العنيف والمتلاحق على الدفوف يتخمّر الجماعة ويعتري الراقصين أحوال عجيبة تصل الى أكل الثعابين والعقارب وطحن الزجاج والمسامير دون أن يلحقهم أيّ أذى وهم في حالة من الرقص المستمر والعنيف والصراخ القوي وذلك قصد تقربهم إلى الله36.
وإضافة لما سبق يمكن القول إن الطريقة العيساوية تتم على ثلاثة مراحل حسب ما جاء في كتاب «Souvenir d’Afrique» للكاتب «أرموند تروميه دوفونتارس/Armand Trumet De Fontarce»، فالمرحلة الأولى تكون الموسيقى هادئة جدا مع مصاحبة بطيئة للإيقاع دون رقص ممهّدة للمرحلة الثانية، فيبدأ الإيقاع بالتصاعد نوعا ما مع ضرب الدفوف وتصفيق المنشدين ويتم خلالها الرقص وفي المرحلة الأخيرة يشتدّ الإيقاع مع الضرب القوي والمتسارع للدفوف والصياح الحاد للمنشدين والضرب المتواصل للأكفّ يصل إلى حالة من الاهتزاز عند الراقصين والمنشدين مصاحبة بموسيقى وصفها الكاتب بالجنونية37.
نستنتج من خلال ما توصّلنا اليه في خاتمة بحثنا المتواضع بأن القرن التاسع عشر في تونس و إن مثّل جملة من المتغيرات على جميع المستويات، فإن المشهد الموسيقي لم يكن منعدما لكنّه لم يكن كذلك فاعلا بدرجة كبيرة, فبرغم من الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية التي كان الشعب يعاني منها إلا أن اختلاف القوميات وتداخل الثقافات الناتجة عن تلاقح الحضارات المختلفة أثر الى حدّ ما على الحركة الثقافية بصفة عامة وعلى الموسيقى بصفة خاصة، كما لاحظنا ان بنية المجتمع التونسي في نظر المستشرقين من الناحية البشرية تتكون من ثلاثة فئات: الأولى تتركب من أتراك ويمثّلون الطبقة الأرستقراطية الحاكمة والثانية المور «les maures» وهم حسب ما يبدو سكان المدن والقرى إلى جانب باقي الجنسيات الأخري الوافدة والفئة الثالثة هي فئة العرب البدو والرحل الذين يعيشون البادية والأرياف.
ومما تجدر الإشارة إليه أن تعدد الجاليات المقيمة بتونس في القرن التاسع عشر من ايطالية ومالطية واسبانية وفرنسية وغيرها كوّن نوعا من المزيج الثقافي الذي كان له دور في ايجاد حركية فنيّة تتسم بالتفاوت والتنوع وكذلك بعدم الاتّساق والانتظام ما يوحي بأن العمل الموسيقي وممارسته لدى التونسيين إذّاك لم يكن من الأعمال المقبولة في النظام الأخلاقي والاجتماعي خاصة في الحاضرة التي سيطرت عليها التوجهات الحرفية مما فتح الباب للجالية اليهودية المتمركزة في عديد المدن التونسية للسيطرة على الساحة الموسيقية خاصة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر من خلال المقاهي الغنائية، الى ذلك غياب موسيقيين ذوي معرفة ودراية كافية بأصول الموسيقى وطرق تدوينها مما جعلها موسيقى بالنسبة للرحالة مليئة بالرتابة والتواتر وعدم الاتقان كما أنّها لا تتجاوز كونها وسيلة ترفيه ذات صبغة احتفالية.
الهوامش
1. DUNANT, Jean Henry, Notice sur la régence de Tunis, Genève, Jules-Gᵐᵉ Fick, 1858, p. 59. «Tout dernièrement le bey s’est fait donner la comédie par un troupe italienne, on a joué l’opéra IL Travatore, et La Mort et le Médecin : toute la cour assistait à cette représentation qui l’a fort divertie…»
2. Ibid, p. 32.
- «… Il vient de donner son autorisation pour l’établissement d’une Ecole des Arts et Métiers dont un Français, Mr Garbeyron, doit être le directeur (…), les arts sont appréciés à Tunis: le célèbre violoncelliste, Max Baurer, se trouvant dans la ville et ayant été mandé à la Marse pour jouer devant la cour, son Altesse le récompensa plus largement ... »
3. GRENVILLE T. Temple, Excursions in the Mediterranean: Algiers and Tunis, vol. I, London, Saunders and Otley, Conduit Street, 1835, p. 184.
- « …In 1833, a theatre has been established at Tunis, in which Italian operas and comedies are acted three or four times a week, and to which is occasionally added a ballet».
4. DUNANT, Jean Henry, op. cit., p. 250.
- « L’hiver 1856 à 1857 à été fort brillant à Tunis (…) on trouve un cercle européen, circolo europiodi Tunisi, avec journaux, billard, ou l’on reçoit avec beaucoup de complaisance les Européens en passage ; une société philharmonique composée d’amateurs donnant de temps en temps des concerts ou se font entendre parfois des artistes de mérite ; un théâtre ou une troupe italienne vient jouer, pendant la saison, des opéras, des vaudevilles et la comédie…»
5. SALVADOR-DANIEL, Francisco, Musique et instruments de musique du Maghreb, Paris, La boite à documents, 1986, pp. 47- 48.
- «J’ai entendu la musique de Bey de Tunis, dans la résidence princière de la Marsa, cette musique est composée d’une trentaine d’instruments de cuivre fabriqués en Europe, tels que piston, cors, trompettes, trombones, ophicléides, enfin tout ce qui compose une fanfare militaire (…), a Tunis c’est le rôle de la grosse caisse et les deux tambours qui complète le corps de la musique militaire.»
6. GASSELIN, Edouard, Petit guide de l’étranger à Tunis, Constantine, L. Marle, 1869, p. 33.
- «... La musique du Bey est composée d’environ trente indigènes, ils jouent des marches turques, n’ont que des instruments en cuivre, et jouent tous en unisson.»
7. SHOLL, Gott Fried, Une promenade A Tunis en 1842, Paris, Chez Dentu, 1844, pp. 103-104.
- « Les trompettes donnèrent le signal de l’exercice : dans un instant chaque escadron fut à sa place d’appel(…) musique et trompettes en tête pour se rendre à la place d’exercices.»
8. DE LA RIVE, Abel Clarin , Histoire générale de la Tunisie, depuis l’an 1590 avant Jésus- christ jusqu’en 1883, Tunis, E. Demoflys, 1883, p. 361.
- «en 1856- Le Bardo renferme deux châteaux dont l’un est effectué aux fêtes religieuses.»
9. MARGILL, Thomas, Nouveau voyage à Tunis, Paris, C.L.F. Panckoucke, 1815, p.101.
- «… la musique militaire, elle produit le vacarme le plus assourdissant et le moins mélodieux…»
10. SALVADOR-DANIEL, Francisco , op. cit., p. 48.
- «…d’une musique militaire jouant à l’unisson est assez concluant pour nous puissons affirmer, dés à présent, que les Arabes ne connaissent pas l’harmonie(…) les instruments à corde ou à
- vent joueront à l’unisson, tandis que le Tar, la Bendir ou autre instrument à percussion frappera l’accompagnement rythmique, la seule harmonie qu’ils apprécient.»
11. THIERRY-MIEG, Charles, Six semaines en Afrique: Souvenirs de voyage, Paris, Michel Levy Frère, 1861, pp. 81-82.
- «Ce n’était rien, en effet, que les soldats occupés à faire ranger la foule pour le passage du cortège (…) marchant avec une gravité grotesque, musique en tête, les tambours couvert d’un crêpe, les musiciens, n’importe leur instrument , jouent tous les mêmes notes à l’unisson; l’harmonie est inconnue chez ces peuple.»
12. MARCEL, Jean Joseph- FRANK, Louis, Histoire et Description de la régence de Tunis, Paris, Firmin Didot Frères, 1832, p. 113.
- «D’autres danseuses et chanteuse exécutent leurs danses et leurs chant sur les places publiques, ou, surtout pendant le mois de Ramaddan, on voit apparaitre des troupes de chanteurs…»
13. LUGAN, Jean-Louis, « une mission à Tunis» in: Revue de Paris, t. VI, Bruxelles, H. Dumont, 1836, p. 13.
- «Je pus me convaincre plus tard que ce peuple aimait beaucoup la musique, mais la sienne; une musique monotone pour nous mais plaine de charme pour lui; une musique qui est l’expression simple de ses sentiments, qui s’harmonise avec la situation ordinaire de son âme et flatte ses penchans…»
14. DUNANT, Jean Henry, op. cit., p. 152.
- «… ça et la on voit des joueurs d’instruments, des cafés chantants, des marionnettes…»
15. LA FORGE, Jacques de, Tunis- port de mer: notes humoristique d’un curieux, Paris, Marpon et Flammarion, 1894, p. 50.
16. MARCEL, Jean Joseph- FRANK, Louis, op. cit., p.111.
- « Ce chant n’est à propre parler, qu’une longue série de criaillement et si j’ose le dire, de miaulement confus, et d’une cascade de sons incohérents, le tout mêlé par intervalle d’espèce de hurlement (…) cette musique barbare, étronge à la fois à la même mélodie et à l’harmonie. »
17. DUNANT, Jean Henry, Ibid., p. 111.
- « Quoique les femmes mauresque soient la plupart du temps si strictement confinées dans leurs maisons, ou plutôt à cause de cette réclusion même (…) la seule qui leur soit permise et encore à certaine époque est de faire venir dans le harem des chanteuses ou danseuses publiques (…)
- c’est moins le chant sauvage de ces musiciennes anti harmoniques, que la vue des danseuses publiques, qui exécutent devant elles leurs danses.»
18. DUNANT, Jean Henry, op. cit., p. 40.
- «…un grand et élégant café moresque avec jardins, kiosques, et musique ou chants indigènes avec accompagnement obligé de la durbakka, de la mandoline arabe, de la flute de roseau et du tambour de basque ou tamtam …»
19. COMETTANT, Jean Pierre Oscar, La musique, Les musiciens et les instruments de musique chez les différant peuples du monde, Paris, Michel Lévy Frères, 1869, p. 286.
20. MICHEL, Léon, Tunis, Paris, Garnier Frères, 1867, p. 134.
- «A certaines heurs, des instrumentistes indigènes viennent dans les cafés, se placent sous le coupole du patio et charment la société par leurs chants et leurs morceaux d’harmonie étrange.»
21. SHOLL, Gott Fried, Une promenade à Tunis en 1842, Paris, Chez Dentu, Palais Royale, 1844, p. 133.
- «…elle était composée de quatre hommes et de trois femmes, tous juifs, et qui paraissent extrêmement misérable, un des hommes jouait d’une espèce de mandoline, l’autre d’un tambour de basque, le troisième d’un violon ou plutôt d’une pochette à deux cordes, le quatrième n’avait aucun instrument(…) une fille de quatorze à quinze ans dansait, une très grosse femme chantait... »
22. MICHEL, Léon, op.cit., p. 194.
- «La disposition ordinaire des cafés maures : une sorte de patio dans le milieu pour les musiciens (…) au nombre de six ou sept, les exécutants étaient des juifs(…) le chef d’orchestre, un excellent joueur de rebeb, le meilleur musicien de Tunis était au centre (…) le reste des virtuoses se composaient de deux guitaristes et deux gratteurs de tarbouk, de temps à autre, ils s’accompagnaient en chantant.»
23. LAPIE, Paul, Les civilisations tunisiennes: musulmans, israélites, européens: études de psychologie sociale, Paris, Germer Bailliére, 1898, p. 277.
24. TRUMET DE FONTARCE, Armand , Souvenirs d’Afrique, Algérie, Tunis, Mission officielle, journal de voyage, Bar-sur-Seine, France , C. Saillard, 1896, p. 33-34.
- «Après diner, visite à un café chantant et dansant arabe; trois ou quatre femmes arabes ou Juives, chantent d’une façon criarde en s’accompagnant d’une musique impossible(…) La danse est une sorte de pas cadencé et rythmé, la danseuse augmente ses agréments au moyen de deux mauchoires, qu’elle tient un de chaque main et qu’elle promène alternativement …»
25. بخصوص «رقصة المناديل» و«رقصة البطن» أنظر كذلك :
- LA FORGE, Jacques de, op.cit.,p. 64-65.
- D’OISY, Paul Jacquinot, Autour du Rhamadan Tunisien, Paris, G. Marpon et Flammarion, 1887, p. 74.
- «… musique dans tous les cafés, d’ordinaire le classique quartior tunisien exécuté par des juifs…»
26. MICHEL, Léon, op.cit., p. 239-241
- «Nous nous rendions au quartier juif, et pour la troisième fois nous pénétrions dans une maison de modeste apparence (…) et sur ces tréteaux quatre musiciens juifs étaient assis, c’était à peu prés la même composition que l’orchestre du café juifs, et peut être les mêmes musiciens (…) les instruments étaient tout à corde, sauf le darbouka. Bientôt les almées parurent (…) les femmes chantèrent, alternant avec les hommes, la dance commença, étrange, lascive, activée par la musique, au rythme de plus en plus entrainant.»
27. D’OISY, Paul Jacquinot, op.cit., p. 36.
- « Chez les Tunisiens j’ai compté prés de dix sortes d’instruments: r’bab, à deux cordes, aoud, à quatre cordes, sons aigus, frana à quatre cordes et archet, sons suraigus, derbouka, regg, soukra, musette, chababa, flute en roseau, carnita, flute à pavillon, tbel, gros tambour. »
- انظر كذلك :
- CHRISTIANOWITCH, Alexandre, Esquisse historique de la musique arabe au temps anciens, Cologne, M. Dumont- Schomberg, 1863, p. 30-32
28. MAGGIL, Thomas, op. cit., p. 100.
- «La musique des Maures, tant vocale qu’instrumental, est du style le plus barbares(…) La musique quoique très-monotone, et très doux et expressive en Barbarie. A la vérité les voix sont nasillardes, et la répétition assommante d’un air de deux ou trois mesures pendant des heures entières flatte peu les oreilles musicales, ce défaut de variété ne doit pas surprendre de la part d’une nation qui ignore l’art de noter, et qui est tellement étrangère à l’harmonie.»
- انظر كذلك في نفس السياق :
- LAPIE, Paul, op. cit., p. 269.
29. D’OISY, Paul Jacquinot, Op. Cit., p. 33-34.
- «Les orientaux appellent musique ce que nous nommons charivari (…) une collection d’instruments orientaux, grossier, stupidement abominable, ridicules(…) barbarie, ignorance enfantine, vagues et impuissants instincts(…) le chant assourdissant des cigales pendant les lourdes chaleurs du midi, sont le meilleur terme de comparaison qu’on puisse appliquer à cette musique trainante, monotone, nasillarde et pauvre…»
30. في تعريف آخر «للفانتازيا» نجد بأنّها مجموعة من الخيول تقدّم فنون الفروسية التقليدية في الاحتفالات الشعبيّة، انظر في هذا الصدد :
- LA FORGE, Jacques de, op.cit., p. 73-74.
31. DUNANT, Jean Henry, op. cit., p. 219.
- « Les Arabes aiment beaucoup chanter la fantasia, C’est un usage particulier aux jeunes gens : lorsque deux d’entre eux voyagent de compagnie ils charment la longueur du chemin en chantant tour à tour sur un rythme donné (…) quand le poème est fini, ils continuent en improvisant : l’un dit une courte phrase sur l’air de la chanson, puis s’arrête, l’autre reprend, et ainsi de suite pendant des heures entières. «
32. LAPIE, Paul, op. cit., p. 218.
33. Notes sur la Tunisie, Paris, Henri Muller, 1937, p. 30.
- «Dans la compagne, la flute accompagne le chant du berger, le hautbois, le tambour et le grand tambourin aux sonorité puissantes(…) il n’ya pas de réjouissances privées ou publique sans musique, les exécutants ne sont jamais plus de cinq ou six, lorsque la musique s’accompagne de chants, un des musiciens fait la partie à une voix, les autres formant les chœurs…»
34. بخصوص الطرق الصوفية ولمزيد فهمها والتعمّق فيها، انظر:
- التليلي، العجيلي، الطرق الصوفية والاستعمار الفرنسي بالبلاد التونسية (1881 - 1939)، تونس، منشورات كلية الآداب بمنوبة، 1992، ص. 378.
- الحشيشة، على، السماع عند الصوفية والحياة الموسيقية بصفاقس في القرنين التاسع عشر والعشرين، صفاقس، مطبعة سوجيك، 2000، ص. 276.
35. MICHEL, Léon, op.cit., p. 204 - 205.
- «… ceux enfin qui dansent avec une extrême rapidité jusqu’à ce qui puisés et fanatisés par leurs danses mêmes et leurs contorsions, ils tombent sur le sol (…) des Aissaouas soutenaient dans la main gauche un tarbouka (…) avec les doigts, ils exécutaient une sorte de roulement précipité, que le rythme interrompait, en méme temps qu’ils tambourinaient, ils chantaient, leurs incantations bizarres étaient parfaitement en accord avec le charge entrainante qu’ils battaient sur leurs tambours, deux ou trois lignes d’Aissaouias se contentaient de chanter».
36. D’OISY, Paul Jacquinot, op. cit., p. 20.
- « Aissaouias- Religieux se livrant à des tours d’acrobates, avalant des serpents, mâchant des scorpions, broyant des cailloux, du verre (…) l’homme, selon eux doit parvenir à un si haut degré d’absorption en Dieu que la souffrance corporelle ne peut plus avoir prise sur lui…»
37. TRUMET DE FONTARCE, Armand, op. cit., p. 117.
- «la cérémonie commence(…) c’est une musique pleine de calme, assoupie, somnolente, avec déjà quelques accents qui annoncent l’agitation prochaine. Bientôt les tambourins résonnent, les chanteurs frappent dans leurs mains, le mouvement devient moins lent, puis peu à peu s’accélère, à la mélopée trainante du début, à succédé une musique folle(…) les battements des mains font un roulement contenue, le sons vibrant du tambourin frappé à coups redoublés, la voix des chanteurs se fait aigue perçante pour se changer tout à coup en cris sauvage.»
38. أطلق الافرنجيون اسم « maures» على كل سكان المغرب العربي المسلمين الحضريين.
الصور
- الصور من الكاتبة
1. Les instruments de musique en Tunisie, Centre des Musiques Arabes et Méditerranéennes (C.M.A.M), Ministère de la Culture ; Ennejma Ezzhra, Plais du Baron d’Erlanger, Novembre, 1992, p. 56.
2. Ibid, p. 54.
3. I C.M.A.M, op, cit., p. 54.
4. Ibid, p. 32.
5. Ibid, p. 29.
6. TRUMET DE FONTARCE, Armand, op. cit., p. 405.
7. نفس المصدر.
8. نفس المصدر.