فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
6

الأعراس في المغرب تعدد الطقوس والهدف واحد

العدد 48 - عادات وتقاليد
الأعراس في المغرب تعدد الطقوس والهدف واحد
كاتب من المغرب

الزواج من أسمى الروابط الإنسانية، ففيه تتمثل أروع صور الوفاء والحب والتضحية، وهو دليل على النضج النفسي والعاطفي، والإحساس بالمسؤولية والاستقرار. وتعتمد السعادة الزوجية على الاحترام المتبادل للطرفين. وجاء في القرآن الكريم «هن لباس لكم وأنتم لباس لهن» ومن شروط نجاح الزواج التكافؤ، وهو معيار شامل ينبني على عدة مستويات، كالتكافؤ الاجتماعي والفكري والعمري، وإذا كان التكافؤ الاجتماعي يفرض تقاربا على المستوى المادي والمكانة الإجتماعية والنسب على مستوى العائلتين المتصاهرتين، فإن بعض الزيجات قد استطاعت تجاوز هذا المعيار، فتزوج الغني من الفقيرة والعكس، واقترنت ذات النسب الرفيع وبنت العائلة العريقة من زوج وضيع الأصل والعائلة، رغم ما قد يعترض مثل هذا الزواج من عقبات ومشاكل، تنشأ أساسا من تأثيرات الاختلافات الحاصلة بين البيئيتن والتربيتين. المهم كما يقال في المغرب «الزواج والموت هم لا يفوت» أما طقوسه وعاداته وتقاليده فهي تكاد كل جهة من جهاته في الشمال والجنوب والشرق والغرب تختص وتتميز بتطبيقها، سواء في الحواضر أو القبائل، رغم التطور الذي عرفته الكثير من المجتمعات على مختلف مستوياتها، ويختلف بين التباهي والبساطة وذلك حسب المستوى المادي للأسرة. وسوف نقوم برصد مجموعة من طقوس الأعراس المغربية، دون أن ننسى دور إمرأتين أساسيتين داخل هذه الممارسات، وهي تكاد تنتشر في غالب المدن والقرى المغربية وإن اختلفت المهمة التي تقومان بها. والمرأتان هما:

1) العراضة:

وهي من العادات الشائعة في هذه المناسبات، تختص بها نساء محترفات، خبيرات بأمور ومجريات الحي أو الزقاق وسكانه والعلاقات الاجتماعية التي تربط بين أهل الحي أو الزقاق وسكانه والعلاقات الإجتماعية التي تربط بين أهل الحي أو الزقاق وأسماؤهم، تقمن باستدعاء الضيوف (النساء بالخصوص) المرغوب بحضورهن إلى حفل العرس قبل أيام المناسبة بأسبوع أو أقل من ذلك لتتمكن النساء من تهيئة أنفسهن لليوم الموعود سواء فيما يتعلق بالملابس والحلي والتزيين. وتقوم العراضة وهي تجوب الأحياء والأزقة بدق أبواب بيوت الأسر المستدعية في وقت مناسب عادة ما يكون بعد صلاة العصر مخاطبة إياها بعد إلقاء التحية وبأسلوب مهذب قائلة: «إن الأسرة الفلانية تستدعيكم للحضور إلى حفل العرس يوم كذا على الساعة كذا»، ويرد عليها أهل البيت بالدعاء بأن يجعل الله البركة ويكمل بالخير على أهله. وبعد إتمام مراسيم (العراضة) تقدم لها العائلة المعنية أجرتها نقدا وقطعة من القماش، مقابل عملها.

2) النكافة/ المشاطة:

وهي المرأة التي تتولى شؤون العرائس وتسهر على زينتهن ولباسهن، وتقديمها للحاضرات، وتهتم بأدق التفاصيل المتعلقة بالعروس للرحيل إلى بيت الزوجية، وهي غالبا ما تكون من غير القريبات للعروسة، وفوق الشبهات، خبيرة بشؤون الزواج وتوابعه، وقد يحتاج إليها في بعض الأحيان إذا تعقدت الأمور وأختلفت الأراء لسبب من الأسباب كما كان سائدا - وما زال- في المدن والقرى وتسمى اليوم (الزيانة) وقد تطور دورها وأصبحت تتقاضى أجرا باهضا عن عملها يتفاوت من أسرة إلى أخرى، وعملها يتطلب مهارة وكياسة وهو بالغ الأهمية يساعدها في ذلك مساعدات من واحدة إلى إثنتين من النساء.

ولا بد من الإشارة هنا إلى لباس يكاد يوحد جميع طقوس الزفاف في المدن والقرى، الأول خاص بالعروسة وهو (القفطان) الذي يجسد أصالة اللباس المغربي الخاص بالنساء وخصوصا في المناسبات والأفراح. وهو ضروري في الزفاف، بل ويبقى حلم كل عروسة مهما كان إنتماؤها الطبقي، وهو القطعة المحملة بالتاريخ والحضارة. ويقال إنه ظهر في العهد المريني، وظل صامدا في وجه كل موجات التغيير، وازدهر في المدن التاريخية العريقة كفاس وتطوان وسلا ومراكش وطنجة والرباط ومكناس. وعادة ما يكون من أفخر الأثواب، ويحتاج إلى خياطات ماهرات يتقن حياكته وتطريزه بالحرير والخمل والصقلي.

أما بالنسبة للعريس فإن الجلباب الأبيض يبقى خير ما يميزه في هذه المناسبة، فهو ضروري إلى جانب الطربوش الأحمر والبلغة البيضاء، ولا بد من خياط ماهر يتقن خياطة وتطريز هذا الجلباب ويسمى (جلباب العروس) لأنه يختلف عن باقي الجلاليب الأخرى.

وعلى العموم فإن عاداتنا، شمالا، وجنوبا، وشرقا، وغربا، «هي واحدة وجوهرها واحد، وإن كان الاختلاف في بعض الجزئيات، فعادات الخطبة أو الزواج ربما تكون أكثر هذه العادات ثباتا واستقرارا في الذهن المغربي. لأنها ترتبط بحياة بكاملها أو كما جرت بها العادة الكلامية (زواج ليلة تدبيره عام)... وعادات الزواج لا تقف عند حدود العقد أو التعاقد بالاتفاق المعلن بين أسرتي الزوجين لأن هذه المرحلة ليست سوى مشروعا بدئيا لابد من خلق بعده الحقيقي بإشهار هذا الزواج كما جاء في السنة وكما درجت العادة على ذلك».

ولإشهار الزواج لابد من (عرس / زفاف) يحضره الأقرباء والجيران والأصدقاء كشهود عيان على مشروعية هذا الزواج. فكيف إذن تتم طقوسية الأعراس؟ والبداية من شمال المغرب ومن مدينة تطوان بالذات.

العرس التطواني

تقع مدينة تطوان الحديثة شمال المغرب على ساحل البحر الأبيض المتوسط، على بعد من مدينة سبتة المحتلة بأربعين كيلومترا. يقول مؤرخها المرحوم محمد داود في كتابة (تاريخ تطوان): «بناها مهاجرو الأندلس في أواخر القرن التاسع الهجري... وذلك إنه لما ضاق الحال بمسلمي الأندلس عند استيلاء الأفرنج على جل بلادهم، صار كثير منهم يفضلون الاحتفاظ بدينهم على البقاء في وطنهم» [الجزء الأول / ص:83].

لقد حافظت المدينة على طابعها الأندلسي، وتميزت بخصوصيات جعلتها تختلف عن باقي المدن المغربية في العادات والتقاليد والطقوس ومنها (الأعراس).

كان من عادة العائلات التطوانية أن تختار لأبنائها عروسا تنتمي لعائلة عريقة ومعروفة ذات وجاهة، أو من بيت شريف النسب. ويبدأ العرس التطواني التقليدي كما هو مدون في كتاب أحمد الرهوني1. غير أنه ومع تواتر الأيام والتطورات التي طالت مختلف مناحي الحياة بالمدينة، ثم الهجرة التي عرفتها في السنوات الأخيرة من مناطق الريف وجبالة والجنوب، بدأت تتلاشى هذه الطقوس. ولكن الجوهر ما زال متجذرا عند أغلب الأسر التطوانية، وتكون البداية. بالخطابة هي المرأة التي تربط الصلة بين الأسرتين، وعادة ما تكون مسنة وتتكلف بجس النبض بالبحث عن عائلة الفتاة التي يريد الشاب الزواج بها. وبعد الاختيار والموافقة على الخطبة، تليها مرحلة (عقد القران) ويسمى في شمال المغرب (الملاك) وهو الحفل الذي يسبق (الزفاف) والذي قد يكون في أقصى مدة لا تتجاوز السنة.

ويتم حفل عقد القران عادة في بيت أهل العروس، ولا يستدعى له إلا أهل العريسين وبعض الأصدقاء المقربين (وخصوصا النساء) والجيران. وفي الغالب ما يتم بعد صلاة العصر، والغالب أيضا وقوع ذلك يوم الجمعة، بحضور عدلين. ويقدم الخطيب (العريس) (النبالة) وهي سوار من ذهب أو فضة، ويضع الخاتم في أصبعها، ثم يتبادلان شرب الحليب والتمر (الحليب وبياضه والتمر وحلاوته) قد ينعكسا على حياتهما معا. وهذا تقليد أصبح شائعا في جميع المدن المغربية. يعقب ذلك الإتفاق على موعد الزفاف وشروطه. ثم يقرأون الفاتحة، ويقومون بعد ذلك لتهنئة الزوج، وأولياء الزوجة قائلين: «مبارك سعيد ما عملتم». «الله يوفق بالخير»، «الله يسعد البعض بالبعض». ويجيبهم الآخرون: «بارك الله فيكم»، «كما تكونون إن شاء الله مع أنفسكم».إن كانوا عزابا، أو مع أولادكم، إن كانوا متزوجين.

أما المهر فهو مختلف، فأهل الطبقة العليا يشترطون غالبا الثياب والحلي، ولا يشترطون الدراهم.

أما أهل الطبقة الوسطى فيقومون ذلك أو بعضه بالدراهم يدفعونها نقدا لوالد العروسة. ويقام الاحتفال بعد عقد القران في بيت العروس، ويحضره أهالي الفريقين ويبسطون فيه موائد الأكل، وكانت العروسة تحمل إلى بيت زوجها بعد صلاة المغرب في هودج (العمارية) وعند الوصول، تستقبلها أم العريس عند الباب، بالورود والزغاريد. وبعد قراءة الفاتحة من طرف المدعوين المصاحبين للعمارية، ثم يليها الدعاء للعروسين، يتفرق الجمع، ليستمر حفل العريس ليلا، حيث يستدعى له أفراد العائلة والأصدقاء، وجوق الطرب الأندلسي، الذي يطرب الحاضرين رجالا ونساء ولكن كل في طبقة خاصة، وفي نهاية الحفل يلبس العريس لباسه التقليدي (الجلباب الأبيض وطربوش أحمر وبلغة (حذاء تقليدي) أبيض) ثم يجلس على كرسي وسط صديقين له (الوزراء) ويطلق على العريس (السلطان) ويحمل هؤلاء شمعتين مشتعلتين طويلتين، وعند نهاية الحفل تتم الدخلة على العروسة. (يتقدمها الجوق الموسيقي وأصدقاء أسرة العروسين، وهو يرددون بعض الأناشيد الدينية، ويتقدم (العمارية) مجموعة من أطفال وفي أيديهم شموع مشتعلة.

العرش الشفشاوني

تقع مدينة شفشاون في أقصى الشمال الغربي للمغرب، تبعد عن مدينة سبتة بمائة كيلومتر وعن تطوان بستين كيلومتر. وهي ذات موقع استراتيجي واقتصادي لمنطقة «جبالة».

كانت النواة الأولى لتأسيس المدينة قد بدأت على يد الحسن بن عثمان المشهور بأبي جمعة في المكان المعروف بالعدوة فوق واد الفوارة في الطريق المؤدي إلى الدردارة وذلك سنة 1471م (876هـ).

لشفشاون علاقة وثيقة بالأندلس والأندلسيين، فقد هاجر إليها العديد من الأسر الأندلسية بعد سقوط غرناطة وكان لها التأثير الكبير في حياة السكان بعد اندماجهم معهم، وما زالت بصمات أندلسية بارزة في العادات والتقاليد...) من بينها حفلات وطقوس الأعراس.

ومن عادات الزواج في المدينة أن طقوسه كانت تخضع لميقات معين بالنسبة للعريس بحيث يبدأ يوم الأربعاء وينتهي يوم الجمعة (النزول - الدخلة - الصبحي) وبالنسبة للعروسة كذلك يضاف إليها حفلة (الظهر) وهو خاص بالنساء ويبدأ يوم الصبحية بعد الزوال وينتهي بعد صلاة العشاء، وفيه تدفع المدعوات هدايا نقدية لأم العروسة.

وتذكر السيدة الحاجة عائشة أبراق قيدومة الحضرة النسائية بالمدينة «أن الأعراس كانت تمتد أسبوعا كاملا، إذ تنطلق من يوم الثلاثاء بذهاب العروس إلى الحمام، ويكون يوم الأربعاء ويسمى (النزول)، لقد كانت النية حاضرة في كل تجليات الحياة، بحيث كنا نقوم بمزج البيضة بالعسل بعد تكسيرها بمفتاح قديم وصبها على شعر العروسة تفاؤلا بدخولها حياة جديدة ولإبعاد النحس عنها. (وما زالت هذه العادة تمارس إلى اليوم من طرف الأسر المتجذرة والعريقة بالمدينة) وكانت أم العروسة بعد مدة من عرس ابنتها تقوم بزيارتها حاملة إليها طاجينا من اللحم و( طيفور): (مائدة مستديرة مسيجة بالخشب) من الإسفنج»2.

كانت العروسة - وما زالت - تحمل إلى بيت الزوج في هودج يسمى (العمارية) وتمارس نفس طقوس مدينة تطوان.

وبعد يومين من اختتام الحفل، يكون يوم (الملقى) بين عائلتي العروس والعروسة في بيت الأول، ويقوم العروس بإهداء أم العروسة هدية هي عبارة عن (السبنية) (غطاء الرأس) من الحرير وحراز (يلف حول الرأس تستعمله النساء للزينة على الجبهة ويكون مطرزا بالحرير وهو تقليد (أندلسي) والشربيل (حذاء مطرز خاص بالنساء يلبس في المناسبات والحفلات، وهو (أندلسي الأصل). إلا أن هذه الطقوس عرفت تطورات اجتماعية وافدة على المدينة حاملة لعادات وتقاليد جديدة، ثم المصاهرة التي تمت بين الأسر التي استقرت بالمدينة في العقود الأخيرة.

العرس الفاسي

(فاس مدينة الألف وجه)

لأهل فاس المدينة العريقة بالمغرب طقوس وعادات وتقاليد حافظوا عليها منذ قرون. وينطلق مشروع الزواج عادة لدى أهل فاس بالخطوبة، بحيث يتوجه أهل العريس إلى منزل العروسة، طالبين يدها لابنهم. وفي حالة رضا والدي البنت، فإن الأم تعهد إلى ثلة من القريبات بالذهاب إلى منزل العروسة بعد أن تحدد معهن موعدا بذلك، وفي الوقت ذاته تشعر أهل العروسة بالوقت المحدد لهذه الزيارة، ويتم هذا الاتصال في جو من الابتهاج، وتقام في العادة ضيافة على شرف الزائرات اللاتي تكون من ضمنهن الخطابة الأولى. فيتم الحديث بين الأسرتين والغاية من الزيارة، والفتاة يطغى عليها الحياء لدرجة كبيرة، وكثيرا ما تختفي عن الأنظار، وهي تشعر بالفرح وتطمئن إلى هذا الزواج الذي اختاره أبوها.

تتفق الأسرتان على «موعد (نهار الفاتحة) وغالبا ما يكون يوم الجمعة بعد صلاة العصر، حيث تجتمع الأسرتان في ضريح المولى إدريس، ويتوسطها عالم أو شريف أو إمام، ويقرأ سورة الفاتحة بصوت منخفض، ويبارك الحاضرون عمله، ثم يتبادل الناس آيات التهاني ويبعث العريس إلى عروسه بالحليب والتمر والشمع وحناء الخطبة وبعض القطع من الثياب»3.

بعد ذلك تحدد الأسرتان موعدا للعرس، وقد لا يتجاوز في الغالب السنة أو السنتين من هذا التاريخ وخلال هذه الفترة، يتم تقديم الهدايا وتسمى (التفكيرة) من طرف الخطيب للخطيبة بمناسبة الأعياد والمواسم، وهي غالبا ما تكون عبارة عن بعض الحلي الذهبية أو الفضية وقطع من الثياب. يلي ذلك الاستعداد للزواج والذي يبدأ ب (دفع النقدة) واقترن هذا اليوم بتحرير عقد النكاح في حفل بهيج يحضره أقارب الأسرتين، ويتحلى بمعالم الزينة، ويتم فيه دفع الصداق المتفق عليه، ويكون مناسبا للوضع المالي للأسرتين ويسمى (شوار) العروس، حيث يقوم والد العروسة باقتناء ما يلزم ابنته من ذهب وثياب ويسمى (يوم الشراء). بعد كل هذه المراحل يحدد يوم الزفاف ويبدأ بيوم (التقبيب) نسبة للقب الخشبي الذي كان يستعمل في الغسل بالحمام، حيث يتم كراء الحمام الموجود في الحي نصف يوم من طرف أهل العروسة، ولا يدخله سوى المدعوات من الأقارب وأصدقاء العروسة. تنطلق بعد ذلك عملية الحناء وفق طقوس وتقاليد معينة، وتقوم بها (الحناية) وهي إمرأة خبيرة في النقش والتزويق، وعند نهاية الحناء تقيم أسرة العروسة حفلا ساهرا بعشاء ينتهى حتى حدود الفجر في غياب العريس.

أما أسرة العروس فتقوم بتهيئ ليلة (الدخلة) إما بمنزلها أو بقاعة الأفراح المكترية، حيث يتم استقبال المدعوين مساء بعد صلاة العصر ليقدم لهم كؤوس الشاي والحلويات على نغمات الطرب الأندلسي، ويستمر الحفل ليلا مع أًصدقاء وأقارب العريس إلى ما بعد الثانية عشر ليلا، والكل يرقص ويغني، بعدها يتوجه المدعوون رفقة العريس وأهله للمطالبة بالعروسة، حيث يردد الجميع «أعطيونا ديالنا ما بقاشي ديالكوم» «هنا طاح لويز هنا ندورو عليه»... وطيلة الطريق الممتدة بين دار العريس ومنزل العروسة، تسمع كلمات تلو أخرى.

وكثيرا ما تودع أم العروسة ابنتها بالدموع. بعد ذلك تدخل العروسة بجلباب، وقبل ذلك كانت ترتدي (الحايك) لا يظهر منه أي شيء فتجلس بين المدعوات لمدة قصيرة، ويتم ذلك بواسطة «النكافة» التي تقودها إلى ما يطلق عليه «الدخشوشة» التي تخصص لتهيء العروسة لاستقبال العريس ليدخل بها. وبعد ذلك تهلل الأفراح على أهل العروسة.

العرس السوسي

(أكادير وضواحيه نموذجا)

تعتبر مدينة أكادير عاصمة جهة سوس، وتقع في جنوب المغرب وسط سلسلة جبال الأطلس. ويحيط بها «إيدا وتنان» و«أولاد تايمة» و«قبيلة إيدا وزكي» وترتبط جهويا بمدينة تارودانت وتزنيت. السكان كلهم برابرة، يتحدثون لغتهم الأمازيغية، منطقتهم غنية بموروثاتها الثقافية والدلالية، مواسمهم وطقوسهم تتميز بخصوصيات ينفردون بها. ومنها مراسيم الاحتفالات وطقوس الزواج التقليدي، بحيث تنطلق هذه الإحتفالات، كما هو سائد في جميع جهات المغرب بطقوس «الخطوبة» التي يسميها أهل المنطقة (أمازيغيا أسيكل) وتعني (الطلب) فبعد إختيار الفتاة طبقا لشروط العريس (النسب - الصبر - الحشمة...) يقوم أهله بتحديد يوم الخطوبة، كما يجري تحديد الأفراد الذين سيسهرون على مراسيم الخطوبة وغالبا ما يتكونون من المتزوجين والمتزوجات من أقارب أهل العريس. «ويتكلف أعضاء هذه المجموعة حسب المعمول به وسط الأسر بشراء الهدايا الرمزية كالكبش والسكر والتمر والحناء والثوب... وبعض الملابس النسائية كالحذاء والخمار (القضيب) والكسوة والحلي».

وتختلف القيمة المالية لهذه المشتريات من عائلة إلى أخرى، حسب مستوى الدخل الفردي للعريس أو مستوى الدخل الجماعي للعائلة. وبعد تحضير مراسيم رسميات حفل الخطوبة وإخبار عائلة الفتاة بالموعد، يتوجه أهل العريس مع المجموعة إلى بيت أهل العروسة ويعتبر استقبالهم من طرفها موافقة مبدئية، حيث يعبرون عن فرحتهم بالمقطع الشعري بالأمازيغية الذي يقول: (التفتي يا حماتي لأنني، أتيت لك بالعزيز الأبيض، لقد كنت في مراكش، فاشتريت بها حذاء جديد كهدية لك). ويتناول الجميع وجبة الغذاء، ثم يفتح الحوار البروتكولي بين ولي الفتى من جهة وولي الفتاة من جهة ثانية حول تحديد أهم المتطلبات المادية لفائدة العروسة وأهلها حسب نظام العرف القبلي»4.

وكعادة جميع الأعراس المغربية فإن الحناء حاضرة بطقوسها وإن اختلفت، ومن بين شعائر ومراسيم وطقوس الإعداد لحفل الزفاف، نقف عند ليلة الحناء وتسمى بالأمازيغية (غييض لحناء)، بحيث يتم استدعاء (تيمزوورا) أي المتزوجات لكي يقمن بتحضير عجين الحناء في إناءين استعدادا لمراسيم الشعيرة التي تجري فيها استدعاء صديقات العروسة لمشاركة صديقتهن في حفلة ليلة الحناء. ويقدمن لها بعض الهدايا الرمزية من طرف أهل العريس كالكبش والمواد التجميلية وبعض الملابس وغيرها. بعد ذلك يطلب من العروسة التعرف على الهدايا المقدمة لها. وتجسيدا لهذا الطلب تركب العروسة الكبش الذي اشتراه أهل العروس بالمناسبة، وذلك قبل أن يذبح لتهيء مأدبة حفلة الحناء. وتشارك الحاضرات العروسة في هذه الليلة بتزيين أيديهن فقط بالحناء، بينما تزين العروسة اليدين والقدمين في جو احتفالي بهيج5.

كما يعمد أهل العريس بدورهم إلى تنظيم حفل خاص تشارك فيه فتاتان عن طريق مشط شعرهما بالحناء بطريقة تسمى (تاكفوت) بحيث يوضع المشط فوق رأس كل واحدة منهما، وبعد تعطير الشعر بماء الورد وتلطيخه بماء الحناء، يلتو المشط بشعر الفتاة ويتشكل على شكل قبة مرتفعة فيغطى رأس كل واحدة بالخمار المزين بالحباق، كما ترتديان الألبسة الجديدة.

بعد ذلك تخرجان من الغرفة إلى بهو المنزل، حيث تستقبلان بالزغاريد وبالمناسبة يستدعى العريس، الذي يجب عليه أن يرتدي الزي التقليدي الرسمي (جلابة بيضاء وحذاء أبيض وخنجر) ويطلب منه أن يركب دابة من جهة اليمين، على أن ينزل من فوقها من جهة اليسار. وتتكرر العملية ثلاث مرات نظرا لما لرقم ثلاثة من حمولة ودلالات رمزية في المعتقدات العامة، وبعد هذه الإجراءات تنظم مسيرة صوب منزل أهل العروسة. يلي ذلك ليلة الجهر بروابط العلاقة بين العائلتين، وإحياء طقوس (أكراط) إيذانا بتوديع بيت العائلة وذلك برقصة الوداع يختلط فيها الفرح ولحظة القلق، وتتداخل فيها ملامح الضحك بمظاهر البكاء (تحقيق التمني ومقاومة حرارة الفراق).

ومباشرة بعد ارتداء العروسة اللباس تتغطى بالإزار كما تغطي وجهها وشعرها بما يسمى (أعبروق) أي خمار المزين بـ(تاوكيت) وهو نوع من الحلي بالإضافة إلى الحبق والخنجر. وبعد تجهيز الزي الرسمي يستدعى أحد أقرباء العروسة لينتعل لها الحذاء قبل مغادرتها لمنزل أهلها، ويشترط عليه أن يضع بداخل الحذاء درهما واحدا، ويجري ذلك على ألحان شعرية ترددها النسوة.

وعندما تتهيأ العروسة لمغادرة بيت أهلها، يطلب من والدها أو وليها أن يقدم لها ثلاثة أمداد من الماء للشرب بطريقة متتابعة، بعد ذلك تقبل رأس ويد والدها قبلة الوداع. بينما يكون أهل العريس ورفاقه ينتظرونها خارج البيت. وأثناء خروجها من المنزل تتجه صوب دابة لتركب خلف أخيها وهي مغطية وجهها وتمسك الخنجر بيدها اليمنى، وأخاها باليد اليسرى لكي لا تسقط. وتجرى هذه المراسم على إيقاع ألحان النساء اللواتي ينشدن أشعارا خاصة. ينطلق الجميع نحو بيت العريس، مارا بطريق غير طريق الإياب، وأثناء الاقتراب من المنزل يقوم أهله بإخلائه من جميع الأفراد ثم يغلقون الباب على العامة بمن فيهم الوفد المرافق للعروسة. وبهذه المناسبة تردد النساء أبياتا شعرية حول وصول العروسة وطلب إنزالها. ولتلبية نداء الإنزال عن ظهر الفرس يقتضي منح مقدار من المال من طرف أهل العريس لأخ العروسة. وإثر ذلك تنزل العروسة متجهة مع الوفد الرسمي، وتتخطى حسب العرف، عتبة الباب بالرجل اليمنى وتتجه لزاوية داخل المنزل تسمى بالأمازيغية (أشاموش) فتدور حولها ثلاث دورات متتالية لتتجه إلى غرفتها الجديدة بالبيت الجديد6.

العرس الوجدي

تقع مدينة وجدة في الجزء الشرقي من المغرب، قريبة من الحدود الجزائرية، ولهذا يكاد طابعها يختص بمميزات اجتماعية وثقافية يجمع بين المجتمعين المغربي والجزائري. وعاداته وتقاليده بل وحتى طقوس حفلاته تختلف عن باقي جهات المغرب. وهذا ما سنلاحظه في طقوس الزواج التقليدي والذي كان يبدأ باختيار العروسة وكانت أم العريس من يقوم بهذه المهمة دون أن يعرفها أو يشاهدها، فتتأهب أسرة العريس لزيارة أسرة العروسة (طالبين ضيف الله) وخطبة ابنتهم وتقرأ الفاتحة بعد الموافقة، ثم يتفقان على (الصداق أو المهر) وهو المقدار المالي الذي سيدفعه والد العريس لأسرة العروسة، ويختلف من أسرة إلى إسرة. والذي يستغل في شراء الملابس والحلي الذهبية. علما بأن المرأة الوجدية (الشرقية) تركز كثيرا على إقتناء الذهب ضمن حاجيات (الجهاز) وأثاث بيت الزوجية.

بعد ذلك يحدد يوم (الخطوبة) ولوازمها وكانت في الماضي بسيطة وهي (الحناء) كرمز للحب والفرح والخبز، والسكر (أي الحلاوة التي تؤلف بين القلوب)، ويقام الحفل الذي يجمع بين الأسرتين في منزل العروسة عادة، يحضره أقاربهما وأصدقائهما، بحيث يتم لبس الخواتم رمزا لتوثيق الخطوبة وكتابة عقد النكاح، ثم يحدد موعد الزفاف لتبدأ مرحلة جديدة من الطقوس مع النزل و (تانكافت) التي تتكلف بتزيين العروسة ونقش الحناء على يديها ورجليها ويليها (طرز الغرزة) أو الطرز الفاسي.

وبعد نقش الحناء، تشرع النكافة في تزيين العروسة فتلبسها اللباس التقليدي الوجدي المشهور، ثم (التكاشط) و (التخليلة) والقفطان ويوضع على صدرها الحلي والمجوهرات كل ذلك في (يوم الحناء) وتحمل العروسة خلال نفس الليلة على (الطيفور) مائدة مستديرة كبيرة مسيجة فوق أكتاف مساعدات النكافة وذلك كرمز للقيمة السامية التي تحظى بها العروسة في تلك الليلة تحت إيقاعات (الدقة المراكشية). تليها ليلة (الرواح) وهي الفترة الأخيرة في بيت أسرتها. فتنطلق وسط موكب من السيارات إلى بيت العريس كما تقوم النكافة بنفس العمل خلال اليوم الثاني بعد الزفاف، وهو ما يعرف بيوم (التقييل) وهذا عرف متأصل في المجتمع الوجدي ولابد للنكافة أن تتوفر على المنصة أو الكرسي الخاص بالعروسة والملابس والمجوهرات والهودج (العمارية) ومائدتان كبيرتان، وصدفية عملاقة، واللباس الأبيض والحناء بزيها الذي هو القفطان ومستلزماته. كما تحضر المائدة وما يلزمها من صحن به حناء وقالبان من السكر والبيض والنعناع، وماء الورد.

وكانت هناك رموز تقليدية خاصة بالزواج الوجدي وهي (الرهينة) ورقة العروسة لتشجيع (الغرامة) وتنظيف جلد الكبش من طرف أم العروسة وتسمى (الهيدورة) وتجفيفها ثم تقعد عليها إبنتها لأول مرة وذلك حتى يكون العريس طوع أمرها. إضافة إلى تسليحها ببعض العقاقير والعطور رغبة في قتل (العين والنفس) وحجبها عن (الثقاف) و (إبعاد الشياطين والأشرار كما تضع شيئا من (الفاسوخ ) بحذاء عريسها لأبطال الأعمال الشريرة7.

العرس المراكشي

لكل مدينة تفاصيلها التي تعكس هويتها، لكن مراكش غير ذلك، فهي مدينة تعشقها قبل أن تراها، وتغريك بعالمها العجيب وموقعها الجميل، وحمولة تاريخها العظيم. وأفضل حل لسبر أغوارها هو التجول على مهل وبدون أية وجهة محددة داخل أزقتها ودروبها، لتلقي بك في النهاية الى ساحتها العجيبة إنها (جامع الفنا).

والحديث عن العادات والتقاليد بمراكش لا يخلو من الغرابة، لأنها مزهوة بذلك فهي تختزل في ذاكرتها الكثير والكثير من العادات والطقوس.

أما عن مراسيم الزواج في مراكش، فإنها تبدأ بـ(الخطابة) وهي إمرأة غالبا ما تكون عجوزا، لها خبرة ودراية واسعة، تكون صلة بين من يرغب في الزواج سواء كان شابا أو شابة أو غيرهما، ونظرا لخبرتها وحصافة عقلها وبعد نظرها واحتكاكها المتواصل بهذه العادة فإنها غالبا ما تتوفق في اختيار الزوجة المناسبة للزوج المناسب، وأنها تستطيع أن تميز بين المرأة القادرة على شقاء أعمال البيت من (بنت الفشوش) المدللة نؤوم الضحى وذلك من خلال المصافحة ولمس اليد يؤكد لها أي نوع من النساء هي8.

وبعد اللقاء والتفاهم بين الأسرتين، يذاع الخبر المرتقب بينهما ويحدد موعد الزفاف، حيث تحفل البيوت بألوان الزينة والبهجة استعدادا لذلك، والغالب أن تقام الاحتفالات خلال أشهر الصيف بصفة خاصة، وتستمر ثلاثة أيام. ويعتبر يوم الجمعة اليوم الأول نظرا لمكانته الدينية وتبركا به. وخلاله تقام حفلة الحناء، حيث تحضرها القريبات والصديقات، تتوسطهن العروسة في جلستها، ومن حولها شموع مضيئة معدة خصيصا للمناسبة، فتقوم (النقاشة) بتحضير الحناء ووضعها على شكل زخارف على يديها وقدميها. وفي المساء يصل أهل العريس لتقديم هداياه المتعددة فوق (كارو) عربة يجرها خيل بصحبة (الطبالة) والغياطة (تاراكت) يتقدمهم أصحاب (الدقة المراكشية)، وهم أناس يعزفون على الطبول والمزامير والنفار والزغاريد وهم يقطعون الطريق بين منزل أهل العريس إلى بيت أهل العروسة ليتم الحفل في بيت العروسة. وخلال نفس اليوم ينشغل العريس بترتيب آخر اللوازم في بيت الزوجية، وإظهار علامات الفرح بمقدم العروسة في اليوم الموالي، وهو يوم السبت حيث يتوافد المدعوون عادة في أول المساء ويرحب بمقدمهم عند الباب من طرف أسرة العريس (والده وأعمامه وأخواله وأشقاؤه).

ويستغرق الحفل الليلة كلها حتى قبيل فجر يوم الأحد، ويقدم للحاضرين كؤوس الشاي والحلويات المغربية بأصنافها وألوانها، قد تصل إلى ثمانية أو عشرة أصناف.

وعند العشاء تنضد الموائد، وهي مغطاة بأثواب مطرزة، يلتف حولها مجموعة من الحاضرين، وتقدم لهم الأطعمة والأشربة وعادة ما تكون من أطباق اللحوم بالبرقوق، وأطباق الدجاج وأحيانا الكسكس أو (البسطيلة) والفواكه. ويتوسط قاعة الحفل جوق من الطرب الأندلسي أو الشعبي. فيتعالى الغناء في أجواء البيت.

وفي الساعات الأولى بعد منتصف الليل يتشكل موكب العروسة بطريقة احتفالية بعد حضور أهل العريس وأصدقائه لمصاحبتها إلى بيت العريس محمولة في العمارية (الهودج) يتقدمه جوق من الموسيقيين (الغياطة والطبالين والنفارين). وعند الوصول يستقبلها العريس بلباسه المغربي التقليدي وباقي الأهل، في مقدمتهم والدته أو شقيقته الكبرى أو جدته، ومن حولها فتيات صغيرات تحملن الشموع، وتسمى هذه الليلة (ليلة الرواح) أو (ليلة الدخلة).

وفي الصباح تقدم أم العروسة الفطور للعروسين ويسمى (فطور العروسة) ومن جملته (الحريرة) وهي شربة مغربية معروفة. ثم يعود الجوق الموسيقي إلى البيت مرة أخرى ليحيي (الصبحية) في جو عائلي يجمع أسرة العريسين. وفي المساء، حيث تبرز العروسة في لباسها التقليدي للحاضرات المدعوات (البرزة) حيث تجلس في مكان خاص مزين أنيق من جنبات البيت، وعند مدخل القاعة تستقبل أمها المدعوات ويقدمن لها هدية (عبارة عن نقود) وتسمى (الهنا). يلي ذلك كله (يوم الحزام) حيث يتم فيه وضع الحزام للعروسة بعد اليوم السابع من العرس وذلك استعدادا للقيام بأشغال البيت حيث تقوم خلالها الأسرة بحفلة تبدأ فيها العروس بطهو الطعام وغسل الأواني وغيرها من أعمال المنزل9.

ومما هو شائع في مراكش:

1) حنة المزوارات:

ويتعلق الأمر بالعوانس اللواتي فاتهن قطار الزواج فيذهبن إلى ضريح (للا مبيضت السعد) وهي أسطورة قديمة تتعلق بالوالية (للا عويش) المجدوبة قرب حومة (حي) عرصة الملاك... فتذهب العوانس لهذا الضريح ويخضبن أياديهن بالحناء التي جمعت من المزوارات (الزائرات) وهن العرائس اللواتي تزوجن حديثا ولم يسبق لهن أو لأزواجهن أن تزوجوا من قبل. ويعتقد بذلك - أي العوانس - أنهن سيتزوجن قريبا10.

2) التنكية:

وهي من طقوس العرس المراكشي فقبل ليلة العرس بأسبوع يحضر أهل العرس الكمية المطلوبة للاستهلاك من القمح، وتمزج بها سبع حبات من التمر ومثلها من الجوز وسبع بيضات. ثم يستدعى الأٌقارب والجيران من النساء وخصوصا العازبات منهن وتبدأ عملية (التنكية) أي عزل القمح عما اختلط به من أحجار أو أعشاب وغيرها، ويكون الهدف من العملية هو أن تبحث كل عازبة عن واحدة من العناصر الثلاثة المذكورة (التمر، البيض، الجوز) وكل من وجدت ذلك تعتبر أن الخطاب سيدقون بابها طالبين يدها للزواج وذلك إيذانا بمغادرتها لعالم العزوبة واقتحام فضاء الزوجية والدخول إلى القفص الذهبي11.

العرس الجبلي (شمال المغرب)

هي منطقة كلها جبال وهضاب، بل هي الامتداد الطبيعي لسلسلة جبال الريف الممتدة من تخوم المغرب الشرقي حتى بلاد الهبط غربا (القصر الكبير) وهي عبارة عن فسيفساء قبلية شكلت خليطا غير متجانس في البداية لكنها سرعان ما انصهرت في بوتقة واحدة، وكونت المجتمع ذي المميزات الخاصة، لغة ولباسا وعادات وتقاليد، وقد امتزج فيه العنصر العربي بالأمازيغي. يشتغلون في الفلاحة وتربية المواشي ويتسوقون بضاعتهم في المدن والحواضر القريبة منهم. احتفظوا بعاداتهم وتقاليدهم المتأصلة في جذور تراثهم ومنها طقوس الأفراح في الأعراس.

البداية بالخطبة، حيث يأتي أهل العريس ومعه فقيه القرية أو الدوار وبعض الوجهاء أو الأعيان إلى بيت أسرة العروسة بعد إشعار مسبق، فتستقبل هذه الأخيرة ضيوفها ويبدأ الحديث عن الرغبة في المصاهرة. وبعد قبول عائلة البنت يتم الاتفاق على الصداق والشوار ويضرب موعد للعرس، وعادة ما كان يتم ذلك بعد موسم الحصاد وجمع المحصول، وكانت مراسم العرس والحناء تدوم أسبوعا كاملا في بيت العروسة والعريس ويمكن اختزال العرس بالبادية فيما يلي: «الماكلة بالنهار ولفراجة بالليل): (الأكل بالنهار والفرجة بالليل). ففي النهار يتم إطعام المدعوين وحضور حفظة القرآن (الطلبة) ويكون هو الافتتاح الرسمي، ثم النساء. وبالليل يتم إطعام بعض المدعوين للحفل الفني.

وترتدي العروسة (منصورية الحناء) وتحضر (لوزيرات) مراسم (تبغير وتبليط الحناء) في جو من الغناء والطرب، وبعده يقدم الطعام للمدعوات وتحمل العروسة من جديد إلى غرفتها لتتناول العشاء مع الوزيرات، ثم تخرج من جديد مع اقتراب الفجر لإعادة مراسيم طلاء الحناء. بعد ذلك يحضر لها (حمام) وهو عبارة عن غرفة صغيرة تشبه حماما صغيرا.

تهيء العروسة نفسها وعائلتها للحظة الفراق في اليوم الذي كان فيه العريس ويسمى (مولاي السلطان) يفرح فيه بنفسه ويحني وتزغرد له أمه وخالاته وعماته... وتحل اللحظة المهيبة، وجاء يوم الرواح أو الركبة أو (العمارية)، ويذهب أهل العريس لأخذ العروسة وعادة يكون ذلك بعد صلاة العصر، يسبقهم الغياطة والطبالة، وتبدأ النكافة في تجهيز العروسة بوسائل الزينة المختلفة (العكار البلدي ونبات الطيب والسواك والكحل والورد). ثم تفك شعرها وتضعه في ست ظفائر لتجمعه في ظفيرة سابعة، ثم يصب فوق رأسها قليل من الماء المخلط بالورد والسنبل وما تبقى ترش به (البنات العواتق) حتى يتزوجن قريبا. تلبسها منصورية بيضاء خفيفة ومنصوريتان من نفس اللون دون حزام، وفوق كل هذا تضع إزارا بيض يشد فوق الكتفين بقطعة سكر حتى تكون حياتها دائما حلوة مع زوجها، ويغطي شعرها بسنية تثبت بـ(حراز) حتى لا تسقط ثم تلبس سلهاما أو جلباب أخيها أو عمها. وقبل الخروج من بيت أبيها لابد أن تأكل بيضتين مسلوقتين مغموستين في حجر (الشب) لأن ذلك يسبب لها إمساكا ولا تضطر للخروج من غرفتها لقضاء حاجتها الطبيعية. كما أنه لا يمكن للمرأة أن تغادر مكانها قبل إنتهاء السبعة أيام. بعد ذلك يدخل أخوها أو عمها أو خالها لإخراجها من غرفتها وإركابها فوق بغلة (قبل أن تظهر العمارية) وتحملها إلى بيت أهل زوجها. قبل خروجها، تعانق أفراد عائلتها وتبكي بحرقة.

وعند الوصول إلى بيت الزوجية يجد الموكب العريس في استقباله، لابسا لباسا أبيض، يوضع فوق رأسه الكوفية والعقال، تقف العمارية التي يمسك بها أحد أقرباء العروسة على بعد أمتار ويصمت الكل لتعطي الكلمة للفقيه كي يتضرع إلى الله بالذرية الصالحة ويطعمهما حلالا ويجنبهما الخلاف والفرقة. بعد ذلك يتابع الموكب طريقه إلى البيت لتنزل العروسة مرفوقة (بالنكافة) وبمجرد دخولها إلى خبائها ينطق الشبان إلى إحدى الساحات للرقص واللهو والصخب والضوضاء ومن العادات الخاصة والمتوارثة هي استعراض الترف المادي لدى البعض عن طريق (الغرامة) أو التعلاق أي وضع الأوراق المالية من فئتي (100 أو 200) درهم على شعر الراقصات وتحت طواقي (جمع طاقية) الملحنين (الروايس في بوادي سوس). وكذلك لاستعراض (الصنعة) في الرقص على (القعدة) بالنسبة للشبان من سكان البادية. وبعد أن يأخذ التعب مأخذه من الجميع يتفرق الجمع وسط الإحساس بأن كل شيء قد أنتهى.

وأخيرا يبقى احتفالات الصباح الرسمية في العرس الجبلي، وإحياءه يكاد أن يكون مشتركا بين العديد من المناطق المغربية. ويبدأ بعد صلاة الظهر، حيث تتقاطر النسوة زرافات على بيت العروسة الجديدة للاحتفاء بها، والبداية مع طقس (الحزام) الذي يجري في منتهى السرية، حيث تتمنطق العروسة بالحزام التقليدي ويسمى (الكرزية) صبيحة اليوم السابع من الدخول، وله أصول وقواعد متوارثة منذ القديم، وتتلخص العملية في جلب صبي أو إثنين من صبيان الكتاب (المسيد) دون العاشرة من العمر لمساعدتها على تدوير الحزام في الظاهر، أما عمق المسألة فإن ذلك ماهو إلا تيمنا بأن يكون أول مولود تضعه ذكرا. وبعد لبس الحزام تبدأ العروسة القيام بالأعمال داخل بيتها الجديد 12

وعلى العموم فإن أعراس منطقة جبالة تبقى نموذجا لتجذر الأصالة ودليل خير ورفاهية.

أعراس الأطلس المتوسط

هي قبائل ومدن متناثرة وسط جبال وهضاب الأطلس المتوسط، تكسوها الثلوج لشهور، فقيرة إلا مما تنتجه من محصول زراعي متوسط، وتربية الماعز وبعض المواشي. تتعايش فيما بينها ببساطة محافظة على تقاليدها وعاداتها.

ومنها طقوس حفل الزفاف، وخصوصا القبائل، مع اختلافات بسيطة تميز كل قبيلة على حدة، توحدها الأمازيغية، لغتهم التي يتجاوبون بها في طقوسهم وأهازيجهم ونغماتهم تحمل أحاسيسهم ومشاعرهم. إنها حفلة تستغرق عادة ثلاثة أيام، وتتم في فصل الصيف خاصة، وذلك بعد الانتهاء من عملية الحصاد وجمع وتخزين الغلة من الشعير والقمح وتهيئ ما يتطلبه العرس من الفحم الخشبي للطهي من خلال إعداده بطريقة تقليدية. وذلك من أجل منح الحفلة ما تستحقه من الاهتمام.

اليوم الأول من العرس، وينطلق من بيت العريس ويسمى بالأمازيغية (إضن لعلامت) أي ليلة الحناء حيث تقوم الفتيات من أقارب العريس بإعداد الوليمة المكونة أساسا من الكسكس وتنظيم الغرف وتنظيف المحيط الخارجي للمنزل. والأهم في هذا اليوم ما يصطلح عليه (بلعلامت) حيث يرسل العريس إلى منزل خطيبته ما تحتاجه من جميع مستلزمات نفقة العرس من لباس، ومواد التنظيف ومواد غذائية إلى جانب خروف يهدى لعائلتها.

يستقبل أهل العروسة (لعلامت) بكل بهجة وسرور بينما تجلس العروسة مع مجموعة من فتيان عائلتها يتبادلن الحديث معها كي لا تشعر بألم الفراق الأسري، ويرافق هذا أهازيج ونغمات أمازيغية تحمل في طياتها القيم الإجتماعية للزواج. وفي نفس الليلة تخضب العروسة بالحناء.

أما في اليوم الثاني، وفي منزل العريس، ويدعى بيوم (سازال نتغمرا) أي يوم العريس، وتذبح فيه ذبيحة كبيرة (الثور) أو (العجل). وتكثر الحركة بالبيت، والنساء يهيئن طعام الغداء أو العشاء، والفتيات ينشدن أغاني مختلفة مرتبطة بالمحيط الذي يجمعهم (أغاني سوسية). وفي الليل يقدم طعام العشاء للمدعوين الذين يدخلون من باب منعزل عن المنزل بهوا مفروشا دون اختلاطهم بالنساء.

وفي اليوم الثالث يتكرر نفس المشهد تقريبا حيث يقدم الغذاء بنفس الطريقة وأهازيج الفتيات مستمر. إلا أن الجديد في هذا اليوم هو دعوة الفقهاء أو كما يسمى (بالطلبة) حيث يكتب فقيه القبيلة رسالة ويتكلف أحد تلامذته بإيصالها إلى كل حافظ للقرآن الكريم في القبيلة قصد حضور الوليمة13.

وبالنسبة لمناطق (إبزو - إقليم أزيلال) فعندما يدخل العروس على عروسته تستقبله بضربه بقطعة ملح، ويحذر من أن تلمسه حتى لا يخضع لسيطرتها. وفي الصباح تدخل أم العروسة على ابنتها حاملة ماء وتحثها على الاستحمام بسرعة قبل أن يستحم العروس، فمن يستحم أولا ينجب أطفالا يشبهونه. وتبقى العروسة سبعة أيام في البيت متجنبة الالتقاء بأهل العروس من الذكور.

وفي اليوم الخامس تذهب العروسة إلى النهر لتسقي الماء وتعود وأثناء العودة يقدم لها طفل رضيع تعود به إلى البيت، فتقدم لها قطعة من الصوف لتتعرف على جيده من قبيحه ثم تغزله ويؤخذ لتخاط به بردعة الدواب.

عرس ريفي

(إقليم الحسيمة نموذجا)

هي من المدن المغربية الحديثة بشمال المغرب، تتمتع بموقع استراتيجي مهم في سلسلة جبال الريف، وتحديدا في الجزء الشمالي الأوسط على ساحل البحر الأبيض المتوسط، تبعد عن مدينة تطوان 280 كلم وعن مليلية 162 كلم، وهي عاصمة إقليم الريف. والثابت تاريخيا أن سكان المدينة وضواحيها من الريفيين الذين يشكلون جزء من البربر سكان المغرب الأوائل، وقد احتفظوا بعاداتهم وتقاليدهم وطقوس أفراحهم، ومنها أعراسهم، إلا أن الملاحظ هو التزام الجميع بطقوس مشتركة - أوتكاد - يختلط الواقع بالخيال والمعقول باللامعقول والمعتقدات الدينية الممزوجة بالخرافات تارة وبالشعوذة والسحر تارة أخرى. ويرى الباحث المتخصص في تاريخ منطقة الحسيمة الأستاذ (المفتوحي أحمد بوقرب) في كتابه (منطقة الحسيمة عبر التاريخ - مساهمتها في بناء الحضارة المغربية) الجزء الأول، أن طقوس العرس الريفي التقليدي بالنسبة لقبائل الريف المحيطة بإقليم الحسيمة وباقي القبائل الريفية تقريبا، وهي: (بني ورياغل: أجدير - إمزورن - بني عبد الله - بني بوعياش - أزغار - نكور - سيدي بوخيار - تارجيست - بني عمارت - بني حذيفة - بني يطفت - أربعاء تروكت...

ويبدأ بالتعارف بين الطرفين في أماكن الرعي أو عند جلب الماء من البئر أو في الاحتفالات العائلية أو عند قيام الفتيات العازبات بجلب الأعشاب من الضيعة، فيبدأ التعارف، ويتم إخبار العائلة بما ينوي العازب القيام به، فتقوم بجس النبض والتحري عن ظروف هذه العائلة التي تنوي مصاهرتها وإذا وقع المراد عند ذلك تتم حفلة الخطوبة، وفيها يجري الاتفاق على كل مستلزمات العرس بما فيها موعد العرس ومبلغ الصداق والمأكولات، وهي على عاتق (أسرة العريس). ثم تقوم أم العريس بتكليف صانعة الخزف بصنع حصون الفخار الصغيرة التي ستوزع على الزائرات وهن يعدن من حفل العرس لإشراك عائلتهن بالأكل المأخوذ في الصحون من طرف كل امرأة بعد ذلك توصل إلى عائلة العروسة بكل ما اتفق عليه في موكب غنائي يسمى (أدفوع) قبل أيام قليلة من موعد العرس، فيقوم أبو العريس بإخبار الجماعة بموعد العرس ودعوتهم للحضور، بمن فيهم الفقيه.

1) انطلاق العرس:

في البداية تقوم عائلة العروس بإثبات خرقة بيضاء فوق السطح، ونفس الشيء تقوم به عائلة العريس بإثبات خرقة حمراء مزركشة كإشعار ببداية العرس عند العائلتين. فتذبح الذبائح ويحضر مع (العريس ويسمى مولاي) الأصدقاء المقربين و( وزارئه) وتطبخ البيصارة أكلة من الفول المجمد المطحون، مشهورة في شمال المغرب بالخصوص، بل وتعتبر أكلة رئيسية فقط، وفي النهار تحضر عائلة العريس المحملة بالهدايا. وفي الليل تحمل عائلة العريس إلى بيت العروسة في موكب غنائي مكون من فتيات وفتيان والكل يغني أنواعا مختلفة من الأغاني الشعبية (لالابويا) وزغاريد النساء من أعالي المنازل وعند الوصول يطلب الجميع (ضيف الله) بالأغاني المختلفة فيختلط الجميع وتبدأ الفرجة هذه الليلة في بيت العروس فيتم فيها خضب الأيدي وفق طقوس ومعتقدات عريقة مشحونة بدلالات رمزية وتمثلات يتداخل فيها المقدس بالأسطوري والأرجل بالحناء بطقوس مختلفة لدى العريس والعروسة يجلس العريس على كرسي وأمامه ثلاثة أواني: في الواحدة منها حلوى وبيض، وأخرى الحنة، والثالثة دقيق مغروس فيه شمعة مشتعلة وبيضتان. وتقوم أخته بخضب الخنصر الأيمن بالحناء أما العروسة، فيتم هي الأخرى في بيت أسرتها تخضيبها بالحناء في هذه الليلة، وذلك في أجواء احتفالية، تتخللها الزغاريد والرقص في فناء المنزل (أزقاق) بمشاركة العروسة.

أما طقوس اليوم الثاني فيمكن تلخيصها فيما يلي: تقام الحفلات في البيتين (العروس والعروسة) بحضور الوفود الحاملة للهدايا، وفي الليل يحضر الموكب الخاص إلى بيت العروسة لأخذها إلى منزل زوجها فوق دابة خاصة في موكب من المغنيات وصديقات العروسة، وقد ألبست لباسا خاصا ووضعت فوق رأسها (رقوبت: وهو تاج من قضيب الزيتون أو اللوز مغطى بخيوط ملونة وبثوب يشدها فوق رأسها ليظهر وكأنه تاج حقيقي).

يرافقها وهي راكبة على الدابة إثنان من أقاربها. وعند مرور الموكب أمام المنازل تقوم النساء برشه بالماء، والزغاريد والنقر على البنادير والدفوف، وترديد الأهازيج...

وعند وصول الموكب الحامل للعلم الأبيض، تقف الدابة في فناء البيت، وينزل العلم الأبيض فوق منزل العروس لتتم عملية رمي علم العروسة أولا إلى داخل المنزل من أعلى باب الدخول، ثم يرمى علم العروس الأحمر من الداخل إلى الخارج، وهكذا ثلاث مرات دون أن يقعا على الأرض، وإلا فالوقوع شؤم للعروسين، ثم تتقدم أم العروس لتسليم طبق مملوء بالشعير والحلويات لتقوم العروسة برمي حفنة منه إلى يمينها وأخرى إلى يسارها وحفنة خلفها، ثم يقوم أخوها بإنزالها من فوق الدابة وإدخالها إلى بيت الزوجية، ثم يدخل عليها العروس بمساعدة المرأة (تحنكوفت) ويزيح عن وجهها الغطاء ويرفع عن رأسها التاج ويكسره. وبعد أسبوع من العرس، تقيم العائلتان حفل (تاضيافت) في منزل عائلة العروس حيث ترسل إليها كل مستلزمات هذا الحفل لإقامته بحضور أفراد العائلتين والمقربين منها وبعد ذلك تقوم الزوجة رفقة زوجها بزيارة ذويها، لتنتهي بذلك مراسيم العرس الأمازيغي في شمال المغرب14.

وأخيرا نستنتج من كل ما طرحناه من الطقوس المتنوعة في مناطق مختلفة من جهات المغرب.

طقوس غريبة

1) موسم (ماطا):

موسم استعراضي للفروسية، يشارك فيه الفرسان القادمون من مختلف قبائل جبالة الكبرى بشمال المغرب، وهو أقدم تقليد للاحتفال بموسم الحصاد. أطلق عليه (ماطا) العروس المشتهاة) وهي دمية من قصب وورق يجري وراءها خيرة الفرسان يمسك بيده اليمنى فارس متميز بلباسه ويمسك لجام حصانه. مكان انعقاده في قبيلة بني عروس (إقليم العرائش) هذه الدمية ترمز لأجمل جميلات القبيلة، تلبس قفطانا يمثل لباس المنطقة وتزين بمجوهرات حقيقية، مما يعطي للمتنافسين حولها حافزا مهما، وتبدأ المطاردة، يحضر هذا الموسم جمهور غفير رجالا ونساء وشبابا وشابات أطفالا... من جميع القبائل الجبلية والزوار من المدن الشمالية (العرائش- القصر الكبير - تطوان - شفشاون...) تقف النساء على شكل صفوف في عرف يسمى (دق الزرع)، وينطلق بالصلاة على النبي ص، والزغاريد (والعيوع) وهو مجموعة صرخات إيقاعية تأتي بعد (العدان) وهو زجل محلي يتغنى بالأرض والشرف والمجد القبلي، تلتهب الطبول ويتردد صدى الغيطة في الجبال، وتجري الخيول وراء (ماطا)15.

2) موسم الخطوبة في إملشيل:

يبقى موسم إملشيل (أكدود) في جبال الأطلس الوحيد الذي يمتاز بعدة خصوصيات منحته شهرة عالمية، وبات مقصدا يحج إليه السياح من الداخل والخارج. وما تزال قبائل (آيت أحديدو) متشبثة بعاداتها وتقاليدها. فهو موسم يختلط فيه الخيال بالحقيقة منذ آلاف السنين، في مكان وعالم تتداخل فيه الصور المختلفة مع تباين كبير بين معالم الحياة المدنية مع معالم الحضارة والتاريخ.

وتبدأ قصة الموسم في (سيدي أحماد أو لمغني) الولي الصالح الذي يقام الموسم بجوار ضريحه. وقد وصل صدى الموسم إلى كل القبائل المجاورة واكتسب شهرة كبيرة، وبدأت القوافل المجاورة تصل إليه من ورزازات وبني ملال وخنيفرة وأزيلال. ومن أهم ما اشتهر به كونه (موسم الخطوبة) والزواج، تبعا لأعراف وعادات لا مناص منها، فبعد الاتفاق على الزواج بين أهل القبائل يتم خلال السنة، ولكن العقود تكتب في الموسم بشكل جماعي 16.

3) مفتاح الخير والبركة:

من عادات العرس الأصيلي (نسبة إلى مدينة أصيلا) شمال المغرب. أن أهل العريس تستقبل العروسة بأداة أو آنية من نبات الحلفاء يسمى (الغربال) مليء بالدقيق وفوقه مفتاح، فتأخذه العروسة، ويعتقد في هذه العادة أنها تولت مسؤولية دارها، وأن تكون أيامها مفتاح خير وبركة، ويقدم للعروس قلب ذبيحة هدية العريس الذي كان محتفظا به لتعظ منه ثلاث عظات، حتى يكون قلبها على زوجها. من المعتقدات السائدة في المجتمع الصويري (جنوب المغرب) أن العروس التي لا تملك الأخمص فإنها تجلب النحس لزوجها طيلة مدة زواجهما. وإذا هبت الريح وكثر الضباب في يوم الزفاف دون آخر فهذا يدل على أن العروس تأكل خنشوش.

الهوامش

1. عمدة الراوين في تاريخ تطاوين، الجزء الثاني / ص: 190 - 191.

2. حوار معها في جريدة (العلم) عدد 9 / 4 / 2003م، ص: 5.

3. انظر ما كتبه المرحوم عبد الهادي التازي عن أعراس فاس / في صحيفة (الشرق الأوسط) عدد: 8 / 9 / 1994م، ص:15.

4. انظر صحيفة (المغربية) عدد: 23/ 10 / 2005م، ص: 7 محمد إبراهمي (الزواج التقليدي بأكادير).

5. نفس المرجع.

6. موضوع للأستاذ محمد إبراهمي المنشور في جريدة (المغربية عدد: 23/10/2005م، ص:7).

7. انظر: جريدة "العلم" عدد: 4 - 5 / يولويز 2009، ص:8. تحقيق عن أعراس الصيف في وجدة قام به محمد بلبشير.

8. انظر جريدة الاتحاد الاشتراكي : عدد 5 يونيو 2004 صفحة 12

9. أنظر مجلة (هنا لندن) عدد: 421، نوفمبر 1983م، ص:20 (كشكول المغرب): حفلات الأفراح في المغرب.

10. جريدة "الاتحاد الإشتراكي" عدد5 / 3 / 1994م، ص: 7، (عادات مراكش / المبارك البومسهولي).

11. نفس المرجع.

12. باختصار من موضوع لعبد اللطيف الوهابي عن (العرس في منطقة جبالة) جريدة العلم / عدد: 6/ 8 / 2005م، ص:6 ثم دراسة الدكتور كنزة الغالي / المرأة في جبالة، جريدة العلم / عدد: 23 / 4 / 2008، ص:4.

13. انظر جريدة "العلم" عدد/ 8 / 7 / 2011م، ص:6.

14. باختصار من كتاب (منطقة الحسية عبر التاريخ) المفتوحي أحمد بوقرب، الجزء الأول.

15. انظر صحيفة أخبار اليوم عدد: 2 - 3 / 6 / 2012، ص:7 (ماطا...) محمد أحمد عدة.

16. صحيفة الرأي العام الكويتية / عدد، 25 / 10 / 1987م، ص: 22 (هاني العلمي).

الصور

- الصور من الكاتب

أعداد المجلة