الحضور اليومي لـ «الساري» الهندي
العدد 47 - لوحة الغلاف
يعد«الساري» -الزي التقليدي للنساء في الهند- رمزاً ثقافياً ما يزال يحافظ على حضوره اليومي، بخلاف «ثوب النشل» في الساحل الشرقي من الخليج العربي، أو الـ «كيمونو» في اليابان، والـ «هانبوكس في كوريا، وغيرها من الملابس التقليدية التي أضحت بعد إرهاصات العولمة، والـ «قرية الصغيرة» رموزاً ثقافية تُستعاد في مناسبات بعينها. إذ استطاعت المرأة الهندية، على اختلاف طبقاتها، أن تحافظ على ملبسها التقليدي، أمام هذه الإرهاصات القوية، وليس معلوماً ما إذا كانت ستستطيع الحفاظ عليها لزمن أطول في ظل نمو الاقتصاد الهندي، وصعوده كواحدٍ من أكبر عشر اقتصادات في العالم، بمعدل نمو سنوي كبير.
وعند الحديث عن الحضور اليومي لـ «الساري»، فليس مستغرباً أن تجد النساء يرتدين هذا الزي في مختلف مدن وقرى الهند، بل الأكثر من ذلك ليس مستغرباً أن تجد النساء الهنديات، خاصة من كبار السن، يرتدينهُ في مختلف شوارع الخليج العربي، نظراً للحضور الكبير للجالية الهندية فيها، فيما من النادر أن تجد امرأة كورية ترتدي الـ«هانبوك» في شوارع كوريا، مالم تكن هناك مناسبة ما.
وتؤكد لنا صورة الغلاف الأمامي لهذا العدد، معنى الحضور اليومي، ففي هذه الصورة، تقفُ امرأةٌ من مدينة (جودبور) بمعية طفلتها، وهي ترتدي (الساري) المتناسق بألوانه المتعددة مع الخلفية الزرقاء، إذ تمتاز هذه المدينة الواقعة في ولاية (راجستان)، أكبر ولايات الهند من حيثُ المساحة، ببيوتاتها المطلية بتدرجات اللون الأزرق.
ولهذه المدينة التي تسمى بـ«المدينة الزرقاء» جمالية، أكملتها هذه المرأة مع طفلتها، فأُناسُ هذه المدينة يدهنون منازلهم بتدرجات اللون الأزرق، ووراء هذا الفعل العديد من القصص التي يرويها أهل المدينة، والتي نقلتها لنا ملتقطة هذه الصورة الفوتوغرافية سوسن طاهر، إذ تقول «يُعتقد بأن أعضاء من الطبقة الكهنوتية البراهمية هم من قاموا أول الأمر بدهن منازلهم بالأزرق دلالة على موطنهم الذي قدموا منه، وليميزوا أنفسهم عن السكان المحليين، وهناك قصة أخرى تقول: أن زرقة المدينة، هو استعراض للدلالة على مرونة الإنسان تجاه الصحراء التي تحيط المدينة، فيما يذهبُ آخرون، إلى أن المسألة وظيفية؛ لعكس أشعة الشمس، وتقليل الحرارة، وطرد البعوض!».
ليس مهماً معرفة القصة الحقيقية وراء زرقة المدينة، المهم هو أن هذه الزرقة تشكلُ تناغماً بينها وبين سكانها، الذين ما يزالون يحافظون على أزيائهم التقليدية، فتجدُ النساء مرتديات «الساري» بألوانهِ المختلفة والكثيرة، ويشكل مسيرهن بين أزقة وبيوت هذه المدينة، تناغماً لوني، ينعكسُ ببهجة على عيني الناظر.