رقصات الغوازى
العدد 45 - موسيقى وأداء حركي
من منا لم يسمع عن الغوازي، هذه الفئة المتواجدة منذ عهود داخل المجتمع المصري، والموسومة بنوع خاص من الأداء التعبيري الحركي المحبب سرا لدى الكثيرين، والممنوع علنا الاعتراف به بين الكثير من الفئات الأخرى في المجتمع، نظرا للاتفاق الضمنى المشهور بين فئات المجتمع بأن فئة الغوازي سافرات الوجوه، يأتين بأفعال وأوضاع وأعمال غير لائقة. ومع ذلك، كان لهن الحضور الكامل عبر التاريخ قديما وحديثا، وافق من وافق وأبى من أبى، وذلك من خلال التعبير الحركي الذي يؤدينه منذ زمن بعيد في معظم الاحتفالات التي يتواجدن فيها سواء العامة أو الخاصة للمصريين، وأيضا سواء للعائلات أو الأفراد. والذي أثر بدوره على الكثير من الرقصات الشعبية المصرية والرقص الشرقي، فأثرى خطواتها وساعد على ظهور أشكال حركية تعبيرية، هذا بالإضافة إلى أشكال رقصات جديدة في العواصم الكبرى كالقاهرة والإسكندرية، مما أدى بدوره إلى ظهور هذه الرقصات بشكل أو بآخر في باقي المدن المصرية من الدلتا وحتى صعيد مصر.
إن لهذه الفئة عالمها الخاص وبريقها الغريب، نظرا للشهرة المترتبة على / ومن نوع هذا الشكل الحركي التعبيري المؤدى من قِبَل وداخل تلك الفئة ذاتها، والناتج عن مدى إتقان الغوازي لهذا النوع من أشكال الأداء الحركي التعبيري، فيؤدي بالتبعية إلى شهرة اسم الراقصة وتكرار طلبها فى معظم الاحتفالات من ناحية، ولأن مصطلح الغوازي ارتبط بهن كنساء فقط من ناحية أخرى. والذى أدى بدوره في الفكر الجمعي إلى وسم كل من امتهنت الرقص بالغازية وبالتبعية ربطها بفئة الغوازي. ولقد داعبت حياة الغوازي أقلام وبنات أفكار الكثير من الأدباء مما أثمر لنا قصصا ومسرحيات ومسلسلات وأفلاما سينمائية زادت الغموض غموضا وأثَّرت سلبا وإيجابا في المجتمع. فقد كانت وما زالت الفكرة السائدة عن الغوازي أنهن غير سويات، وغير مؤتمنات الحفاظ على البناء الأسري، وملفوظات من المجتمع، نظرا للفكرة المستوطنة في الثقافة الشعبية من إباحية أدائهن الحركي وامتهانهن الرقص. فبازدياد شهرة السيدة من خلال أدائها الحركي الجسدي لامتهانها هذا الشكل التعبيري يزداد لفظها من المجتمع، وذلك لأن الفكر الجمعى يفسر هذا الأداء الحركى بالعمومية، أي أن شهرتها أتت من عمومية معرفة جسدها وهي التي يجب أن تُستر ولا يظهر من جسدها وحركاتها شيء. مع أن المجتمع دائما ما يطلب مشاهدة الراقصات في معظم احتفالاته العامة أو الخاصة.
ومع أن الإشارات الحركية هي لغة استأثر بها الجسد لتصبح لغته العامة، واستخدمها لشرح معان داخلية وخارجية. فصاغها في جمل حركية بسيطة ومركبة، لتُظِهر لنا عدة أشكال حركية، ماهي إلا تعبير لما يفيد المعنى والمضمون لكلمات أو جُمل لغوية، أو حتى تعابير حركية مفهومة ومتفق عليها من قِبَل كل جماعة داخل المجتمع. فانتقى المجتمع أجملها ونسقها في جُمل حركية مع بعضها البعض لينتج لنا هذا الكم من أشكال التعبير الحركى الجمالي تحت مسمى الرقص. ولقد قسَّمت كل فئة «جماعة» في المجتمع هذه الجُمل التعبيرية الحركية الجمالية الى عدة أقسام، كل قسم منها استحوذ بدوره على عدة جُمل حركية جمالية وما يفيد المعنى والمضمون منه لهذه الفئة. فهناك جُمل حركية جمالية وما يفيد المعنى والمضمون للفلاحين، وهناك جُمل حركية جمالية للصيادين... وهكذا جُمل حركية جمالية لكل نوع من أنواع الحرف. كما أن كل فئة من فئات المجتمع قسَّمت هي الأخرى جُملها الحركية الى أشكال حركية أقل، والتي بدورها تأثرت وما يفيد نوع الحرفة والعمل والاحتفالية الخاصة لدى هذه الفئة أو تلك، مثال التعبير الحركي لرقصات الصيادين في مدينة العريش تختلف عنها في مدن القناة عنها في مدينة الإسكندرية مع أنهم جميعا يقعون على البحر المتوسط، وأيضا التعبير الحركي لرقصات الفلاحين فى مدن الدلتا تختلف عنها فى مدن الصعيد، والتعبير الحركي لرقصات كبار القصابين تختلف عن صغارهم. كما نجد أن التعبير الحركي لأصحاب المهنة يختلف عن الصبية الذين مازالوا يتعلمون المهنة... وهكذا.
ولن نغفل في هذا الصدد الجنس من ذكر أو أنثى، والسن من صغير أو كبير. وإذ نجد أن الاحتفالات العامة في عمومها أيضا تتأثر بالاختلافات في أشكال التعبير الحركي الجمالى المؤدى فيها من منطقة لأخرى ومن فئة لأخرى داخل المجتمع. فالرقصات المؤداة في الموالد تختلف من بلد لآخر، كما أنها تختلف من مولد لآخر داخل البلدة الواحدة.
ولكن اختلاف هذه الخطوات يقل لدى فئة الغوازى. ويرجع ذلك لاعتبارات كثيرة سوف نطرحها فى هذا البحث.
لقد حاول الكثير من المتخصصين والدارسين فى العلوم الإنسانية تعريف وشرح مصطلح الغوازى وعالمهن للوصول إلى المعنى والمفهوم منه، مستخدمين فى ذلك المراجع والمخطوطات القديمة -رغم قلتها- ولكنهم اعتمدوا دون قصد على الترسبات الثقافية لديهم. فأدت إلى ظهور أبحاث إما مقطوعة أحد أوصالها أو مبتسرة، والتي أخذتنا إلى شطحات باعدت عن المغزى والمعنى منه. مما جعل الكثير من الأبحاث الأحدث والمسترشدة بها كمراجع أساسية تنحو نحوها. أيضا عند البحث عن الغوازي نجد أن الكثير من المصطلحات والأسماء تظهر أمامنا مثل البرامكة والغجر والعوالم... وغيرها، والتي تأخذنا في أحيانا كثيرة بعيدا عن المعنى والمضمون.
ولقد أخذ الحماس بعضا من الدارسين والمتخصصين حديثا على محاولات تأكيد ربط فئة الغوازي براقصات العصور المصرية القديمة، على أساس أنها عائلة واحدة لها جذورها التي انحدرت منها، أو تطورت عبر التاريخ حتى وصلت إلى ما هي عليه في العصر الحديث. والبعض الآخر منهم ربطوهن أيضا كفئه انبثقت من فئات أخرى إما شِبْه ممتهنة أو كاملة الامتهان للرقص في المجتمع، مثال فئة الغجر والعوالم، ثم ربطوا الجميع براقصات هذه العصور القديمة، نظرا للأشكال الحركية المرسومة على أوراق البردي والمنحوتة على جدران المعابد، والقريبة الشبه أيضا من ناحية الأزياء والملابس بالغوازى في العصر الحديث، دون تحليل منطقى متكامل معتمدا على منهجية علمية واضحة. مع أن خطوات الرقصات الشعبية الحديثة في عمومها هي تطور طبيعي واضح للكثير من خطوات الرقصات القديمة المنحوتة على المعابد والمرسومة على أوراق البردى، والمرتبطة – سواء القديمة أو الحديثة - بالعادات والتقاليد والمعتقدات لفئات بعينها داخل المجتمع الذي يمارسها أو الذي أتت منه. هذا بالإضافة إلى توضيح الخطأ الشائع عن العوالم و مدى ارتباطهم بالرقص1.
ونحن لا نقلل من قيمة هذه الأبحاث ولا من الباحثين بقدر ما نحاول التوضيح بحثيا مرة أخرى، وبعيدا عن النرجسية العرقية، وبحيادية مطلقة لمحاولة الوصول بأبعد من محلية البحث.
إذ نجد سعد الخادم على سبيل المثال لا الحصر يشرح ملابس العوالم وحليهن وطريقة ارتدائهن لها، فينحاز ويذهب بكتاباته إلى فِكْر المجتمع في حكمه على صوابها أو خطئها، دون حياد منه كباحث يلحظ الظاهرة فيتعامل معها بعيدا عن عاداته وتقاليده هو. ولكنه تعامل مع ظاهرة العوالم كواحد من أفراد هذا المجتمع، وذلك عندما شرح الفارق بين ثياب العوالم وبين الحلائل الطاهرات الذيل، جاعلا العوالم في المرتبة السفلى، غير واضع في الحسبان مدى التغيرات التي دائما ما تأتي بها الموضة على الدوام، والتي دائما ما تستسيغها حواء وبالأخص المشهورات منهن في أحيان كثيرة. ثم ربطهن بالغوازي بعيدا عن التنويه عما إذا كانت هناك جماعة قليلة من العوالم هن من يمتهن الرقص من عدمه2.
ذكر إدوارد وليم لاين فى كتابه أنه «لا يقتصر الأداء الموسيقي على الرجال فتزخر الحفلات «بالعوالم» (مفردها عالمة)3 اللواتى يحيين الحفلات التى تقام في حريم أحد الأغنياء. وقد يغنين في الطُقَّيْسَة أو المُغَنَّى – عبارة عن حجرة صغيرة مرتفعة مجاورة لدار الحريم- فيُعزَلن بشعرية خشبية يغنين من ورائها أو في مكان آخر مناسب يًحجَبن فيه عن أنظار سيد المنزل في حال وجوده داخل الحريم بين نسائه. تنتقل النساء في حال اقتصر الحفل على الرجال إلى الباحة أو إلى حجرة سفلية فيسمعن أغنيات العوالم اللواتى يجلسن عادة عند حافة نافذة الحريم فتحجبهن الشعريات؛ ومن العوالم من هن عازفات. وقد نصادف في القاهرة فئة في العوالم الجديرات بأن يخلع عليهن لقب (النساء المتعلمات) لإتمامهن بعض الإنجازات الأدبية ومنهن من ينتمى إلى مرتبة أدنى ويرقصن أحيانا في الحريم؛ ومن هنا خلط المسافرين بين مفهومي (العوالم) والراقصات الشعبية»4.
كما ذكر أيضا «اشتهرت مصر طويلا براقصاتها الشعبيات وأشهرهن على الإطلاق المنتميات إلى قبيلة (الغوازى) وتعرف الواحدة منهن (بالغازية) والرجل (بالغازى)؛ بيد أن عبارة (الغوازى) تطلق عامة على النساء وقد عرضت مفصلا الخطأ الذي يقع فيه معظم الوافدين إلى مصر الذين يخلطون بين العوالم -وهن المغنيات- وبين الراقصات الشعبيات المنتشرات فى هذه البلاد»5.
و«تطلق كلمة «عالمة» من الناحية اللغوية على امرأة متصفة بالعلم، ولكنها كانت تطلق على الفتيات المغنيات، وقد أطلق المستشرقون كلمة «عالمة» على جميع الراقصات دون تمييز أو استثناء، وهو إطلاق يفتقر إلى الصواب، وقد كانت العوالم يقمن بدور مهم للسيدات فى حفلات الحريم، حيث يشاركن فى حفلات العرس داخل المنازل مستخدمات فى ذلك الدربوكة والطار، كما كانت بعض العوالم يجدن العزف على الآلات الموسيقية أيضا»6.
وهنا يتضح الفارق بين فئتي العوالم والغوازي ومدى عدم انبثاق أيا منهما من الأخرى، ولن نتطرق في هذا البحث لخطوات رقصات الغوازي بشكل خاص ولكن للظاهرة ذاتها، كفئة كانت ولا زالت متواجدة في المجتمع، مع محاولة الشرح والتوضيح لماهية هذه الفئة.
إن مصطلح «الغَازِيّة Ghaziyya وجمعها الغوازي؛ هو اسم يطلق على طائفة الراقصات في مصر بخاصة. كما تطلق الغوازي على أنفسهن لقب «البرامكة». ومن العسير التحقق من أصل هذين المصطلحين. يقول بعض الدارسين إن «الغوازى» يعتقدن أنهن من طبقة مميزة عن بقية الطبقات في المجتمع، ويحرصن على ألا يتزوجن إلا من أبناء قبيلتهن. ويعمل رجال الغوازي خدماً أو يمارسون التجارة عندما لا يصحبون الغوازي فى العزف عند أداء الرقص، ويسمى الواحد منهم «غزواتي». وقد اعتادت الغوازي أداء رقصاتهن أمام الجمهور؛ في الشوارع، وفي الحفلات والمواسم»7.
«يطلق الغوازى على أنفسهم اسم (البرامكة) ويقولون أنهم ينتسبون إلى عائلة البرمكية التي كانت تشغل المناصب العليا لدى الخلفاء، وقام الخليفة هارون الرشيد بالقضاء عليهم. ويقال أيضا أن هذه الكلمة هي التى نطق بها جعفر البرمكى عندما تسبب خاتمه الممتلئ بالسم فى وقوع الحجارة على ذراع الخليفة الأموى عبد الملك، فابتدأ يثرثر بالخرافة العامة والشعبية»8.
أما مصطلح «بَرْمَكِىّ Barmaki والجمع بَرامِكة. ولقد أصبح لهذا المصطلح دلالة شعبية عند المصريين؛ فهو يُطَلق عند المصريين على الذين فقدوا الغَيْرة، وأتوا بأعمال جنسية مشينة. ومع أن البرامكة كانوا يمثلون أعلى الطبقات الأرستقراطية أيام هارون الرشيد في العصر العباسي، وما يستتبع ذلك من مزايا في الأسلوب والسلوك؛ فإن النكبة التي حلت بهم جعلتهم ينفصلون عن الانتماء الواضح للطبقات الاجتماعية المعترف بها، ومن ثم تحول المعنى إلى الخروج عن الأصول المعتبرة، والتردي في الرذائل. ومن هنا اشتهروا باحتراف الغناء والرقص والتسكع على الأسواق والدور؛ وذلك طلبا للرزق واحترافا للمجون وإشباعا للغرائز. والتحموا بالغوازي، وسقطوا عن أعين الناس، ولم يعد هناك من فارق في التمييز بين الغوازى والبرامكة، وأضحى المصطلحان مترادفين عند المصريين بصفة خاصة»9.
وسواء ما إذا كانت النكبة التي حلت بالفعل على البرامكة هي حقيقة أم محض خيال وافتراء - نظرا لوجود بعضا من المراجع التاريخية التي أكدت بدورها عدم حدوثها - إلا أن المصطلحين ظلا مرتبطين ببعضهما البعض. وإذ نجد أيضا أن هناك صعوبة لتتبع أصول الغوازى خاصة عبر التاريخ وذلك لندرة الكتابات عنهن من ناحية، ناهيك عن ندرة الكتابة فى فنون الرقص المُؤَدىَ من قِبَل النساء في الكثير من المراجع، والذى أدى بدوره إلى الوقوع في دائرة مفرغة من المعلومات المتداخلة.
«فقد اختفى أثر الرقص في المراجع بضعة قرون، ليظهر مرة أخرى فى مراجع القرنين : الثامن عشر والتاسع عشر، ولاسيما فى رسوم ووصف الرحالة الأجانب الذين زاروا مصر فى تلك الفترة التى نعثر فيها على ثيابهن وطرق معيشتهن وشرح لطرق الأداء وأنواع الحركات»10.
ورغم أن هناك القليل من المراجع التى كتبت عن فئة الغوازى، إلا أن معظمها تداولت المعلومات اقتباسا من بعضها البعض. والذي كان له عظيم الأثر على ثقافة النخبة بعد ذلك. وإذ نجد أنه من المراجع الرئيسة ما كتبه علماء الحملة الفرنسية في كتاب وصف مصر، والذي سوف نقوم بعرضه وتحليله نظرا لأهميته تاريخيا، بالإضافة إلى بعض من المراجع الأخرى للوصول إلى ماهية الغوازي وأدائهن التعبيري الحركي، ومدى ارتباطهن بالفئات الأخرى المتعاملة والممتهنة لهذا الشكل الأدائي الحركي في المجتمع.
فقد ذُكِر في كتاب وصف مصر:
1) «العوالم، مغنيات وراقصات محترفات؛ وهناك فيما يبدو صنفان منهن: الأول، ويتكون من هؤلاء اللاتي يسلكن سلوكا يتسم بالحشمة، ويحظين بتقدير أفاضل الناس، أما الثانى فيشمل أولئك اللائى يركلن بالأقدام كل لياقة، ولا يتسم سلوكهن بأى نوع من الاحتشام، ولا يوحين إلا بالازدراء، ويمتدح القوم كثيرا أغانى الأوليات، والأسلوب الفنى الذى تؤدى به، وان كنا لم نستطع لا أن نراهن ولا أن نسمعهن. فقد هجرن القاهرة، كما قيل لنا، بمجرد أن سيطر عليها الفرنسيون، ولم يعدن إلى هذه العاصمة إلا فى الأيام الأخيرة من إقامتنا بمصر»11.
وبتحليل الفقرة عاليه نجد أنه: لقد دخل الفرنسيون القاهرة فى شهر يوليو 1787 م. أي في السنة الأولى لدخول الحملة الفرنسية لمصر، ومن الطبيعي هجر معظم العوالم وغيرهم القاهرة خوفا على حياتهم من الحرب والجيش الفرنسي. ومن المرجح أن هذه الهجرة كانت إلى الجنوب، أي إلى صعيد مصر، ذلك لأن الفرنسيين دخلوا مصر من الإسكندرية والتي تقع في الشمال. وهنا تظهر عدة أسئلة:
كيف، ولماذا قسَّم الفرنسيون فئة العوالم إلى هذين القسمين قبل رؤيتهن؟
إن عادات وتقاليد المدينة تختلف كثيرا عن القرية، إذ نجد أن هذه العادات والتقاليد تزداد قوة كلما ابتعدنا عن المدينة. ذلك لأن ساكني المدينة هم في الأصل معظم من أتوا منذ فترة من القرى سواء للبيع والشراء أو نزوحا من مسقط رأسهم لأسباب أخرى، وبمرور الوقت تكونت الأسر، فالجماعات، فالعصبيات..إلخ. وبمرور الوقت تداخلت العادات والتقاليد بعضها ببعض، فكونت تعاريف ومفاهيم جديدة وازدادت العادات والتقاليد القديمة ضعفا عما كانت عليه فى أماكنها الأصلية. وعند النظر للغناء والرقص العلنى من قِبَل النساء، نجد أنه غير مستحب في معظم القرى المصرية.
فإلى أى مدينة أو قرية في مصر هاجر العوالم والراقصات؟
وهل عائلتا الغوازى المشهورتان والمتواجدتان الآن فى مصر -أولاد سنباط فى الدلتا «شمالا»، وبنات مازن في صعيد مصر «جنوبا»- هما ممن تبقى من فئة الغوازى التي هاجرت من القاهرة في ذاك الوقت؟
ولماذا لم يتبق معهن بعض من العوالم؟
تلك أسئلة كثيرة لا يوجد لها جواب واضح حتى الآن!
وقد ذكر مسيو مواريه12 «أما عن المتع والنساء، فلم نجد فى القاهرة ما نهلنا منه فى ميلانو وبادو وليفورن وروما وفيرونا وجراز.. إذ لم يكن ممكنا ولا مأمونا مقابلة نساء الطبقة الثرية، فدونهم أبواب مغلقة بالمزاليج. وهم واقعون تحت سيطرة طغاة غيورين يخشى طرفهم. وعلى الرغم من وجود بعض الدور العامة، إلا أن قبح وقذارة الغوانى وكثرة لغطهم كانت تصيبنا بالغثيان وتجعل أشد الداعرين فسقا وشجاعة يتراجع فزعا، مما حضنا على الرضا عن طيب خاطر بالحرمان على الرغم من شدة رغبتنا وحرارة الجو»13.
وإذ نجد هنا أن مسيو مواريه لم يذكر قط أي شيء عن الغوازى أو رقصهن رغم منصبه في الجيش الفرنسي والأحداث الدقيقة التي سردها في مذكراته أثناء الحملة الفرنسية.
وقد ذكر علماء الحملة الفرنسية رجوع العوالم قرب موعد رحيل الفرنسيين من مصر، ولكنهم أكدوا عدم رؤيتهن أو حتى إخضاعهن للغناء بشكل خاص أمام الفرنسيين!
2 ) ثم أكمل علماء الحملة الفرنسية: «وفي العادة فإنهن عندما يدعين للغناء في بيت واحد من السراة، بمناسبة بعض الأعياد، أو فى بعض المناسبات العائلية السعيدة، تقوم بعض النسوة بقيادتهن إلى مقر الحريم؛ وهناك يقمن بالغناء. ولا يكون لرب البيت، طيلة الوقت الذى يقضينه فى الحريم، حرية أن يدخل عليهن مهما تكن الذرائع بل يكون من المعتاد عكس ذلك، أن ينزل رب البيت مع أصدقائه إلى فناء البيت، أو الشارع، كى يستمتعوا بلذة الاستماع إليهن»14.
وهنا نجد شرحا للعادات والتقاليد أثناء تواجد فئة العوالم فى المجتمع المصرى وذلك فى أماكن تأدية الحفلات وطريقة الاستماع إليهن. والذى أكده إدوارد لين عند رصده لهذه الظاهرة بعد ذلك بعدة سنوات، مع اختلاف بسيط سوف نذكره فى حينه.
3) وقد شرح علماء الحملة الفرنسية : «أما الصنف الآخر من العوالم، كما أشرنا من قبل، فيضم راقصات عموميات لا تقاليد ولا عفة لهن، ويطلق القوم على هذا الصنف من العوالم اسم الغوازي، وهؤلاء يظهرن في الأماكن المطروقة بكثرة، وكذلك في الميادين العامة، وفي البيوت التى يدعين إليها»15.
وهنا يأتى سؤال جديد:
لماذا أصر الفرنسيون على تصنيف العوالم لهذين الصنفين، مع أن المصريين كانوا يطلقون على المغنين والمغنيات اسم العوالم، وعلى الراقصات اسم الغوازى فى ذلك الزمان وحتى بدايات القرن العشرين؟
كما نجد أن الفرنسيين لم يؤكدوا مشاهدة قسمي العوالم بعد هجرهن القاهرة. وإذ نجد أيضا أن الفرنسيين قد وقعوا في الخطأ الشائع من أن القسم الثاني من العوالم راقصات وليس بعضا منهن فقط16، وذلك حتى بعد توضيح المصريين لهم بأن القسم الثانى هن الغوازى.
وعند تحليل هذين القسمين نجد أنه من المرجح أنه كان هناك نوع ما من توظيف العوالم للغوازى أو العكس، وذلك للوصول بشكل أو بآخر إلى اتفاق مالي جيد للاحتفالية المراد إقامتها، فتؤدي الراقصة حركاتها على الموسيقى التى تعزفها الفرقة الموسيقية والأغانى التى تقوم بها العالمة. هذا بالإضافة إلى أنه لم يُثبَت فى أي من المراجع وجود راقصة تتوقف أثناء عرضها الراقص لتؤدي وصلة غنائية كاملة ثم تعود للرقص مرة أخرى أو العكس. اللهم إلا من الجائز كلمة أو جملة تقولها الراقصة أثناء الغناء ثم تعود إلى الرقص مرة أخرى، أو تؤدي هذا الشكل من الأداء على سبيل الفكاهة والضحك، مما يدل على أن فئة الغوازي هي فئة خاصة بذاتها ولا تتبع فئة العوالم كما قد ذُكِر.
وقد ذُكِر في بعض من المراجع: حتى وإن كان نادرا دعوة الغوازى للرقص فى المنازل إلا أنه «وإذا اتفق وجود الغوازى فى منازل المسلمين برسم الرقص، فإنهن لا يرقصن إلا على مشهد من الرجال وحدهم أو من النساء بمعزل عن الرجال. وسواء أكان الرقص لهذا الفريق أم ذاك فإنه يحصل فى بهو الاستقبال، والراقصات يؤدين حركاتهن على مقتضى الأنغام»17. وعند متابعة تاريخ هذه الظاهرة فى المجتمع المصرى نجد أنها كانت متواجدة بوضوح شديد وحتى الربع الأخير من القرن العشرين، وليست بندرة كما ذُكِر فى المراجع، خصوصا ما ذكر فى تلك الفترة. وإذ نجدها في القرى والمدن سواء الدلتا أو صعيد مصر أكثر وضوحا منها فى مدينتي القاهرة والإسكندرية. كما ننوه أنه كان لا يقام فرح فى أي من ربوع مصر إلا وبه مغن أو مغنية بفرقة موسيقية «عوالم» وبطبيعة الحال كانت هناك راقصة أو أكثر18.
4) ويسترسل علماء الحملة: «وعندما ترقص هؤلاء الغوازي فى الشارع، فإنهن يكن على ثقة بأن حصيلتهن ستكون وفيرة مجزية، ذلك أن النساء شغوفات للغاية برؤيتهن وسماعهن، ولا يفوتهن قط تشجيعهن وحثهن، بأن يلقين إلى هؤلاء بعض قطع النقود من خلال المشربيات الخشبية التى تحجب نوافذ الحريم، ومع ذلك فإن ضروب الغناء، وهذا الصوت الأجش النابح والصارخ لهؤلاء الراقصات لا يشكل طربا حلوا أو لحنا طيبا، كما أن رقصاتهن لا تقدم سوى مشهد مثير للغاية، ولعله لا يستطيع أن يُسَرّى إلا عن المصريات، بسبب تلك الرتابة الكئيبة التى تبعث على إملالهن وهن أسيرات الحريم»19.
وبتحليل النقاط المذكورة عالية نجد أنه من الأساسيات التى يجب على الباحث عدم الوقوع فيها خطأً عند رصد الظاهرة هى عدم الحكم عليها بمنظور مختلف أو خارج عن عادات وتقاليد منطقة البحث. وإذ نجد هنا أن الفرنسيين قد استخلصوا حكمهم على شكل هذا الأداء بعاداتهم وتقاليدهم هُم، وليس عادات وتقاليد المصريين. والدال على ذلك هو ذِكر الفرنسيين لإلقاء المصريات نقودا للراقصات من المشربيات، بما يفيد استحسانهن لهذا الشكل الأدائي بتعبيره الحركى وموسيقاه وغنائه. ولم يوضح الفرنسيون على أي أساس علمي استطاعوا التمييز بين خطوات الرقص الصحيحة من غيرها، ولكنه من الواضح أن المقارنة بين الحياتين الفرنسية والمصرية كانت هي الأساس لاستخلاص الحكم.
كما أنه أثناء الحروب داخل المدن والأماكن المأهولة نجد ظهور السيدات خارج بيوتهن هو أقل القليل، والعكس صحيح في الحياة العادية. إذ نجد أنه «ليست الزوجات حبيسات بيوتهن رغم تخصيص حجراتهن في المنزل؛ فلهن مطلق الحرية فى الخروج والقيام بالزيارات واستقبال الزائرات كما يحلو لهن. ولكن الجاريات الخاضعات للزوجات أو لسيدهن أو لهذا السيد وحده لا يمتلكن مثل هذه الحرية ؛ فهن واقعات تحت سلطة لا حدود لها»20.
5 ) ويكمل علماء الحملة شارحين شكل أداء الغوازى كالآتى: «ومن العسير أن نصف هذا النوع من الرقص في لغتنا بدقة، إذ يأتى على نحو لا يستطيع أحد أن يتخيل معه شيئا يفوق فحش حركاته ؛ ويعبر هذا الرقص الذى لا تكاد تسهم فيه سوى القدمين وأعلى الجسم، بأكبر التبذلات جسارة، عن الانفعالات الجامحة التى يمكن أن تحدثها الشهوة فى النفس، والأفعال التى يمكن أن تؤدي إلى تصاعد عاطفة شيقة، ودغدغة بالغة القوة لرغبة حسية ملحة»21.
لاحظ علماء الحملة استخدام الغوازى للقدمين وأعلى الجسم فى حركاتهن الأدائية. إن من أكثر خطوات التعبير الحركى استخداما فى رقص البطن «Belly Dance» هى رعشة الصدر- وهى أعلى الجسم-، أكثر منها لرعشة الأرداف والتى تستخدم فى الرقص الشرقى «Oriental Dance» وهذا الشكل الأدائى الأخير يستخدم بكثرة أيضا فى الرقص الشعبى.
«والرعشة هى اهتزاز لجزء، أو عدة أجزاء، أو كامل الجسد بشكل سريع خلال فترة زمنية محددة أثناء أداء التعبير الحركي الجمالي»22.
والرعشة لها الكثير من المعانى والمفاهيم، بالإضافة إلى شكل وطريقة أدائها في الرقص الشعبي سواء للراقص أو الراقصة وعلى حسب المنطقة والجماعة المؤدية لها. وهي ليست داخل بحثنا المعنون، ولكن سوف يكون لها بحث آخر سيأتي في حينه.
6) ويكمل علماء الحملة: «وفى البداية لا يبدو أن لحركات الراقصة، بالغة الوهن، لحد لا يمكن أن تفصح معه حقيقتها، من غرض سوى التسلية البريئة، ولكن حين تصبح هذه الحركات محسوسة شيئا فشيئا، فإن المرء لا يلبث أن يتعرف على صورة متوثبة لكل ما للخلاعة من عهر، فتعبيرات وجه الراقصة، وهيئة جسدها تعبر أكثر فأكثر عن ظهور الشهوة التى تنم عنها، وتجسدها حركات الجسم الخليعة، وهكذا يستمر هذا التمثيل الصامت، الخليع، حتى يزهد فى الأمر المتفرجون فينسحبون، أو حتى تسأم الراقصة نفسها فتكف»23.
«إن الرقص هو أحد أشكال التعبير المستخدمة للحركة فى شرح معان أو رموز متفق عليها بين الجماعة. فالرقص هو تعبير بالأداء الحركى التشكيلى الناتج عن تفاعل لمؤثر خارجي أو داخلي للمشاعر على جسم الإنسان خلال إيقاع محدد24.
وعند تحليل الجزء المذكور عاليه من النص الذي كتبه علماء الحملة الفرنسية، نجد أن الغزية كانت تؤدي شكلا حركيا تعبر به عن ظاهرة أساسية متواجدة ومستمرة في الحياة، مستخدمةً خطوات تعبيرية صريحة ذات إشارات ورموز معروفة ومفهومة من قِبَلْ المجتمع وما يفيد شرح هذه الظاهرة وذلك عن طريق المحاكاة. وقد بنت أدءها بشكل درامي حركي مستخدمة ًفطرتها والتي ربما لم يستسغها المشاهد الأجنبى، وهن من ناحية – أي الغوازي- على علم تام ضمنيا من فهم واستساغة أفراد مجتمعهن لهذه الأشكال التعبيرية الحركية، ومن ناحية أخرى، وبفطرتهن أيضا، معتقدات أن من يشاهدهن من الأجانب على علم تام بما تؤدين من حركات نظرا لأن ثقافتهن لم تكن بالمستوى العلمى وما يؤهلهن لمعرفة الاختلافات الفكرية بين المجتمعات البشرية.
وإذ نجد أن ظاهرة التعبير الحركى بهذا الشكل الأدائى كانت منتشرة فى ذاك الوقت، مما يدل على قبولها بين فئات المجتمع المصرى، والتى لم يفهمها أفراد المجتمع القادم من الخارج. ولكن هذا المجتمع الغريب عن مصر فهمها بعاداته وتقاليده المختلفة عن مجتمع الظاهرة. فحكم عليها بتفكيره وعقله هو وليس بِتفكير المصريين. وازداد الأمر تعقيدا عندما صنَّف الفرنسيون هذا الشكل من الأداء بالرقص الخالص.
إن جميع التعريفات التى وضعت لمصطلح «الرقص، Dance» لدينا تشير بوضوح إلى مضمون مصطلح “التعبير الحركى، مما أدى إلى هذا الخلط. ولكن «الرقص هو التعبير الحركى الجمالى. أي استخدام أجمل شكل حركي في التعبير»25. وذلك للوصول إلى المعنى المرجو منه باستخدام خطوات الرقص. وهناك فارق كبير بين التعبير الحركي الجمالي (الرقص) وفنون التمثيل الأخرى مثل (البانتومايم والمايم).
فالبانتومايم هو «التمثيل الصامت بشكل حاسم»26. ولكنه من الجائز استخدام بعضا من الكلمات والموسيقى في فن البانتومايم، مع الوضع في الاعتبار أنهما ليسا أساسيبن. أما عند استخدام جملا كلامية كاملة بدون أو بمصاحبة موسيقى، يتحول هذا الفن إلى فن المايم. وعند توظيف الموسيقى بشكل كامل في العمل الفنى بدون كلمات أو جمل كلامية مع بناء الخطوات الحركية عليها بما يفيد المعنى، يتحول هذا الفن إلى رقص. «وهذا يوضح أيضا الفارق في بناء خطوات تعبيرية لشرح كلمات أغنية، فيصبح العمل الفني مايم، أو بناء خطوات تعبيرية على الموسيقى وليس الغناء، فيصبح العمل الفني رقصا»27.
وعند النظر لشكل أداء الغوازي والذي شرحه علماء الحملة الفرنسية نجد أنه ما هو إلا نوع من التمثيل الصامت بموجب شرحهم، والذى يطلق عليه فن المايم، والمستخدم فيه خطوات تعبيرية. ولكن كان يؤدى من قِبَل الغوازى بإباحية فجة مطلقة للتعبير الواضح عن ظاهرة حياتية وبشكل هزلي مطلق، والذى يشرح بعضا من الأشكال الحركية بين الزوجين فى حياتهما الخاصة. وعند دراسة المجتمع المصرى في بعض من النكات والأمثال العامية والأحاجى التى يستخدمها أفراده فى أقوالهم، نجد استخدامهم بكثرة للكلمات التى فى ظاهرها البذاءة وفى باطنها يضمر معاني أخرى28، واستخدام الإشارات الحركية التى تستحوذ وتأخذ تفكير المشاهد لها في بادئ الأمر بعيدا عن المعنى المطلوب للوصول إليه كلعبة من ألعاب الفكر الذهني للمضمون المستتر. فمنها ما هو سريع الفهم للوصول إليه ومنها ما هو يحتاج بعضا أو مزيدا من الوقت والتفكير حتى نصل للمعنى منه وبشكل يثير الضحك فى النهاية. والأمثلة على ذلك كثيرة، منها:
أنا رَايحْ مِنْ حَدَاكْ قَالْ تِرَيّحْنى مِنْ فِسَاكْ
حداك محّرف من حذائك. والمراد من عندك. والمعنى إذا كان عزمك على الرحيل عنى هو مبلغ تهديدك لى فيها ونعمت لأنه يريحنى من فسائك، أى من من أذاك وقبحائك29.
بَعْدْ سَنْة وِسِتْ اُشهُرْ جَتْ المِعَدِّدَهْ تُشْخُرْ
المِعَدِّدَة (بكسر ففتح فكسر مع تشديد الدال الأولى): النائحة التى تُسْتَأجَرْ فى المآتم أى بعد أن مضى على من مات سنة وستة أشهر جاءت النائحة تشخر، أى تصيح وتولول. وأصل الشخير عندهم: غطيط النائم، أو صوت يخرجه المستيقظ من حلقه وأنفه عند المنازعة ونحوها ولا يفعله إلا السفلة، يضرب للأمر الذى يعمل بعد فوات وقته30.
حُزْنِ الهَلافِيت الوسخ والشَّرامِيط
الهلافيت: جمع هلفوت وهلفته، أى الأسافل الدون. والشراميط جمع شرموطة وهى الخِرْقَة31، والمعنى أن الأسافل إذا أرادوا إظهار الحزن والحداد على الميت توسلوا بالقذارة ولبس الثياب القديمة الممزقة موهمين أن الحزن ألهاهم عن النظافة والتزين32.
“ الدنيا زى الغزية، ترقص لكل واحد شوية”33.
تُمُوتِ الغازِيَّةْ وِصْبَاعْهَا يُرْقُصْ
المراد من هذا المثل المبالغة فى صعوبة ترك المرء ما تعوده. ويروى: (وكعبها) بدل صباعها ويريدون به عقبها34.
وهناك الكثير والكثير من الأمثال على ذلك والتى تخرج عن نطاق بحثنا هذا.
7 ) ويكمل علماء الحملة الفرنسية شرحا لكيفية الرقص مع الصاجات: «وعن طريق التدريب والممارسة تعرف الراقصة كيف تحدث، طبقا للأحوال، هذه التغيرات فى نغم صاجاتها، وتبعا للإيقاع الذى يأخذن به فى الموقف الذى يرون رسمه، ذلك أنهن يميزن بدقة، وبطريقة مدهشة للغاية، أثر الإحساس الذى يرون الوصول إليه فى تمثيلهن الصامت، وبينما يحدثن هذا الصليل اللطيف، يقمن ببسط أو رفع أذرعهن برخاوة راسمات دوائر بها فى الهواء، كما لو كن يلتمسن أو يتهيأن للاحتضان، ثم يقاربن أذرعهن من وجوههن، ويكاد يتم ذلك فوق عيونهن، اللاتى يغضضن منها خفرا وحياء، وكما لو كن يتخفين عن النظرات»35.
وإذ نجد هنا أن الراقصة تستخدم الصاجات التى تعلقها بين أصابع يديها، لعمل نوع من الإيقاع المصاحب للموسيقى والذي تؤديه الراقصة في بناء إيقاع مناسب لأدائها الحركي كحلية إيقاعية. إن هذه الصاجات ما زالت تستخدم وبنفس الشكل حتى الآن. والصاجات هي نوع من الأدوات تستخدم كمصفقات تعلق بين الأصابع لعمل نغمات إيقاعية تتماشى مع خطوات الرقص ومنها ما هو يحمل في كامل اليد، وهى منتشرة منذ القدم فى معظم دول العالم بأشكال وأنواع ومواد مختلفة. هذا بالإضافة إلى أن الشكل الحركي الذى كانت الغوازي تؤدينه ما زال هو نفس الأداء المستخدم حتى الآن في الرقص الشرقى ورقص البطن وبعضا من أشكال الرقصات الشعبية الأخرى.
8 ) «وباختصار، فإن كل حركات هذه الراقصة، ترمى إلى التعبير عن مجاهدة العفة للشهوة، وعن انتصار الأخيرة وهزيمة الأولى. ويحس المرء ما إن كانت المعركة أكثر أو أقل تكافؤا، أو ما إن كان الأكبر قوة هو الذى ينتصر ويجنى ثمار فوزه، وأن لا مفر للأضعف من أن يستسلم ويخضع لمشيئة المنتصر، تبعا لما إن كانت حركات الراقصة ورنين الصاجات أكثر أو أقل اعتدالا، أكبر انتظاما وأكبر رقة، وأكثر وضوحا وأكبر حيوية أو إن كانت تهدجا وأقل رنينا أو أكبر اختناقا أو أشد خفوتا»36.
إنه من ضمن أشكال التعبير الحركي:
الأداء الحركى العنيف: وهو مثال الأداء الحركي للجنود سواء في التدريب أو أثناء الحروب والمملوء بالقوة العنيفة للغلبة والنصر على الأعداء.
الأداء الحركي الرياضى: وهو الأداء الحركي المملوء بالقوة للغلبة والنصر على الخصم في أجواء رياضية حميمة.
الأداء الحركي الجمالى: وهو الأداء الحركي المملوء بالتعبير الحركى الجمالي المتولد من المشاعر والأحاسيس العاطفية37.
إن الأداء الحركي العنيف، والأداء الحركي الرياضي أساس بنائهما هو المكسب والخسارة، أما الأداء الحركي الجمالى فيبنى على المتعة. وهذا يوضح الفارق بين التعبير الحركى الجمالى للرقص وباقى أشكال التعابير الحركية الأخرى.
وإذ نجد فى النص المكتوب من قِبَل علماء الحملة الفرنسية مدى تأثير الحرب على فكرهم وذلك من خلال شرح الأحاسيس والمشاعر التى تنم عن شكل أدائى، حتى وإن لم يكن به إحساس بجمال حركي حسب الفكر الفرنسى فى ذاك الوقت، إلا أنه لا نستطيع شرح أداء حركي راقص بمعان حربية يدخل فيها القتال، والمنتصر والمهزوم بهذا الشكل التعبيري المستخدم من قِبَلِهم.
وقد ذكر إدوارد لاين أن الغوازي منتميات إلى قبيلة واحدة، وتعرف الواحدة منهن بالغازية والرجل بالغازي، ولا تمت هذه الفئة بصلة أو بأخرى وفئة العوالم.
وكما شرح (فيوتو) في كتاب وصف مصر، ذكر(لين) أيضا أن الغوازي يرقصن سافرات الوجه في الشوارع العامة فيُسلين حتى الرعاع من القوم، ولا يتسم رقصهن بأدنى لباقة أو أناقة. كما أكد أنهن يبدأن رقصهن وما يتسم دائما بشيء من الذوق، ولكنهن ما يلبثن أن يحولنه إلى استعراض راقص فيغزلن اللواحظ ويضربن الصناجات ويزدن من خفة الحركات والخطوات. ويرافقهن عادة موسيقيون معظمهم من رجال القبيلة الواحدة يعزفون على الكمنجة والربابة والطار والدربوكة والزمارة أو المزمار. وتحمل الطار عادة امرأة عجوز38.
وجدير بالذكر أن إدوارد لاين قد ذكر أيضا فى كتابه أنه «وقد تكون الغوازي المحدثات منحدرات من طبقة الراقصات اللواتي أمتعن المصريين برقصهن زمن الفراعنة الأوائل. ونستنتج من تشابه رقصة الفَنْدانغو الإسبانية Fandango وصولا إلى رقص الغوازى أن هذا النوع من الرقص أدخله الفاتحون العرب إلى إسبانيا. وقد اشتهرت نساء «قادس» (وتعرف بـ Cadiz) المعروفات بال Gaditanae بمثل هذا الأداء الراقص زمن الأباطرة الرومان الأوائل. ولا نستبعد احتمال أن تكون هذه الطريقة في الرقص قد انتقلت إلى إسبانيا من الشرق على أيدى الفينيقيين39رغم شهرة إسبانيا طويلا به»40.
إن «الفاندانغو: هي نوع من الرقص الشعبي والغناء الشعبي الإسبانى المحبب جدا فى إسبانيا، وتتصف موسيقى الفاندانغو بالحيوية وهي مبنية على ميزورات موسيقية من القياس (3 ل8) أو (6 ل8) أما رقصاتها فهي من أنواع رقص الفلامنكو ويتم رقصها بشكل ثنائي. ويتم عزف موسيقى الفاندانغو باستعمال القيثارات والصنوج الخشبية والأيدى للتصفيق، وعادة ما يتم تكرار اللازمة من حين لآخر أما مدة ميزورها الموسيقي فهو مشابه للميزور المستخدم فى البوليرو والسيغويدييا ذو القياس (6 ل8) ولاحقا تم استخدام القياس (3 ل8).
أصول الفاندانغو: أصول الرقصة الإسبانية فاندانغو مجهولة، كما أن أصل الكلمة مجهول أيضا ولكن من المحتمل بأن أصول الكلمة برتغالية تعود إلى القرن السادس عشر الميلادى، مشتقة من الكلمة البرتغالية Esfandangado والتى تحمل المعنى (أغنية شعبية). أولى الكتب التى تحدثت عن ألحان الفاندانغو فهو الكتاب المجهول المؤلف والذى يحمل عنوان (بالإسبانية: Libro de diferentes cifras de guitarra) المكتوب فى 1705م، أما أول ذكر لرقصة الفاندانغو فيعود إلى العام 1712م حيث تم ذكرها فى إحدى رسائل الراهب الإسبانى مارتن مارتى»41.
أما الغجر وحسب وصف «بولزى C.H. Polzie»: «وهو أول من سجل ما يتعلق بوجود الغجر فى مصر، فقد ذكر حين زار مصر وفلسطين عام 1598 أنه يوجد بمصر غجر ويمكن مشاهدتهم يتجولون من مكان إلى آخر فى القاهرة والإسكندرية. ويقدم لنا «سيتزن Seetzen» أيضا فى سنة 1806 محاولة مبكرة أيضا لوصف غجر مصر. فقد ذكر أن الغجر يوجدون فى مصر وسوريا وكل أنحاء المملكة العثمانية. وأشار إلى أنه قام بزيارة جماعة منهم تقيم بخيامها السوداء فى بستان للزيتون. وقد تميز بعضهم ببشرة سوداء متسخة وشعر متدلى على الجانبين فى شكل ضفيرتين، وكانت شفاههم تشبه الشفاه الخلاسية. وأكد سيتزن أن ملامحهم تشبه ملامح المصريين وأن النساء قد وشمن ذقونهن أسفل الشفاه بلون أزرق قاتم – مثل نساء البدو – كما وضعن النقاط من نفس اللون حول الفم. وكانت النساء ترتدى الأقراط»42.
وهناك بعض من الفروق فى العمل بين رجال الغجر والغوازي ولكنهم يجمعون على الأعمال البسيطة، فرجال الغجر يقومون بصناعة المناخل من شعر الخيل أو الجلد، كما يقومون بصناعة المسامير الحديد وإصلاح أباريق الشاى وغيرها من أعمال الدنيا البسيطة، وبعض منهم من يمارس العمل بالموسيقى أثناء تأدية الرقص لنسائهم، واللاتى بعض منهن تمارسن ضرب الودع ورؤية الطالع أو العلاج الشعبى43.
أما رجال الغوازي فالكثير منهم يمارسون مهنة الموسيقى مع نسائهم.
وإذ نجد سمير جابر يؤكد «أن جذور الرقص الشرقي، ورقص الغوازي، ورقص العوالم تعود إلى قدماء المصريين، حيث كانت الوظيفة الأساسية لحركاته المتنوعة هي وظيفة طبية من أجل ميلاد آمن للأم وللمولود»44.
وعند تحليل خطوات رقصات الغوازي نجد أنها تتشابه إلى حد بعيد وخطوات رقصات الغجر. كما نجد أن خطوات الغجر تتسم بالسرعة في الأداء، والناتج عن عدم الاستقرار والسكن لفترات طويلة في المكان الواحد في حياتهم العامة، وهى نفس السمة المتواجدة فى أداء رقصات الغوازى ولكن بشكل أهدأ من خطوات الغجر. والفئتان تستخدمان هز الأرداف والصدر كخطوات رئيسة فى أدائهن. أما الفئة الراقصة من العوالم والتي ظهرت بعد ذلك قد استخدمت نفس الخطوات ولكن بشكل أهدأ في الحركة بكثير والناتج عن حالة الاستقرار والسكن في المكان الواحد كباقي أفراد وعائلات المجتمع، مما ابتعد قليلا عن الإباحية والفجاجة في أدائهن الحركى، والتى أصبح لها شكلها الواضح من كلاسيكية الشياكة الحركية فى الرقص الشرقى «The Oriental Dance» الذى تلاها وذلك عند تطعيم خطوات الراقصات بخطوات الرقص الشعبى. ولكن ظل الشكل الأدائى القديم من ناحية السرعة فى الحركة وبعضا من الفجاجة والإباحية متواجد فى رقصات البطن «The Belly Dance». وإذ نجد أن سمير جابر لم يدرج رقصات الغجر فى كتابه مما يدل على دمجه لفئة الغوازي والغجر بعضهما لبعض.
ومما يؤكد ذلك أنه قد: «انتشرت الغوازي بعد ذلك في جنوب مصر أولا، ثم انتقلت هذه الحرفة بعد ذلك إلى الشمال ففي إسنا والأقصر وقنا وجرجا وإدفو كانت تجمعاتهن بكثرة، وفى الشمال كانت تجمعاتهن فى قرية «سُنباط» وفى قرية «بلقاس»45.
الخلاصة
إن هناك الكثير من الأدلة على تواجد وارتحال الغجر فى ربوع مصر كلها منذ فترة بعيدة ولكن لا توجد أدلة كافية لارتحال الغوازي كما جماعة الغجر. ولا نستطيع الجزم بأنه هناك عائلات للغوازي منتشرات في جميع المحافظات والقرى المصرية بهذا الشكل إلا عائلتين فقط، ألا وهما أولاد سنباط في الدلتا وبنات مازن في الأقصر. أما باقي القرى والمحافظات فهي جماعات غجرية وتنقسم إلى ثلاث فئات (غجر، وحلب، ونور).
ومن المرجح أنه قد حدث ارتباط أو تزاوج بعض من أبناء الغجر والغوازي مما جعل الكثير من الباحثين يخلطون بين الفئتين أو يعتقدون بوجود الغوازي في هذه المحافظات والقرى جميعا.
أيضا لممارسة الرقص من قِبَل الفئتين، ولم يتطرق أي من باحثي الرقص الشعبي في دراسة وتحليل ومقارنة لخطوات أي من الفئتين والذي أدى إلى هذا الخلط. هذا بالإضافة إلى أنه هناك بعض من أفراد المجتمع يمارسون الرقص الشعبى ويتعامل أزواجهم ببعض من أنواع الفنون كالموسيقى أو الغناء، ويلقبهم المجتمع المصري بالغوازي مع أنهم لا يتبعون هذه الفئة كما أن بعضا منهم من يسكن مع الغوازي والبعض الآخر يسكن باستقرار داخل المجتمع.
ولقد أثبتت وأكدت معظم الدراسات بوجود لهجة خاصة (سيم) بين جماعة الغجر ولم يتم إثبات هذه اللهجة أو لهجات أخرى بين جماعة الغوازى.
ومن أهم معالم تاريخ الغجر ارتباطهم بشخصية تسمى (الزير سالم)، تلك القصة التى يرددها الكثير من القصاصين، وهى قصة شعبية بدون مؤلف، وتحكى أصول الصراع الذى دار بين «الزير» وبين «جساس» وكيف حاول أعداء الزير قتله منذ طفولته46. وهذه القصة تبعد تماما عن أحداث قصة عائلة البرامكة والتي تدَّعى الغوازي انتسابهن لها.
وإذ نجد أن مهنة الغوازي هي الرقص ومعظم كبار الغوازي يتوقفن عن ممارسة الرقص ويمارسن الدق على الدفوف وغيرها من آلات الطبل مع صغار الغوازى فى حفلاتهن، أما نساء الغجر فبعض منهن يمتهن الرقص بالإضافة إلى قراءة الطالع وممارسة الطب الشعبى، أما رجال الغوازى فدائما ما يمتهنون اللعب الموسيقي مع الراقصات أو تحضير للحفلات الراقصة وغيره من النقاط المتعلقة بهذا الأمر، أما رجال الغجر فيمتهنون الأعمال الدنيا في المجتمع.
وتعليل وجود انحراف لدى فئة الغوازي والغجر يرجع إلى عدة احتمالات، منها أن حفلات الرقص لدى أيا من الفئتين دائما ما تكون خاصة، يقَدَّم فيها الخمور والمخدرات والتي يحدث في معظمها الكثير من المجون. وقد كانت هناك عدة وقائع لضلوع تورط الغجر في اختطاف الأطفال وبيعهم أو تدريبهم لأعمال التسول أو السرقة أو تدريب البنات على الرقص، هذا بالإضافة إلى استخدام البنات في الدعارة عند الكِبر. وهناك أيضا بعض الوقائع عن احتمال هروب بعض من البنات من أهلهن لأسباب كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر العنف الأسرى سواء من الأهل أنفسهم أو من الزوج، أو بسبب فضيحة ما حدثت مع الهاربة، أو في أحيان أخرى العوز المادي، فتلجأ إلى مجتمع الغوازي أو الغجر وتمارس حياتها معهم.
وهنا نجد أن هذا البحث يقودنا في توضيحه لماهية الغوازي والذي يؤدي إلى الميل بشدة نحو التأكيد من أن هذه الفئة ما هي إلا متشبهة بالغجر ولكنهن لسن منهم. كما أنه سيقودنا إلى البحث التحليلي والمقارنة بين خطوات رقصات كل من الفئتين (الغوازي والغجر) للوصول إلى مدى التقارب والتباعد في المعنى والمضمون والمفهوم بين رقصات الفئتين وأشكالها التعبيرية الحركية.
الهوامش
1 - تامر يحيى : رقصات الغنج، من أين وكيف ظهرت، مجلة الثقافة الشعبية، العدد 29
2 - سعد الخادم: الرقص الشعبى فى مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ص 15
3 - إن كلمة عالمة تنطق فى العامية بـ”العَلْمَهْ” (بفتح فسكون ففتح فسكون) ومعناها أنها تعلم كل شيئ… الباحث
4 - إدوارد وليم لاين: عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم، (مصر ما بين 1833 – 1835)، القاهرة، مكتبة مدبولى، الطبعة الأولى، 1991م، ص 367
5 - إدوارد وليم لين: مرجع سابق، ص 387
6 - محمد شبانة : أغانى الضمة فى بورسعيد، وزارة الثقافة، المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، دار الزعيم للطباعة الحديثة، 2006م، ص178
7 - عبد الحميد يونس : معجم الفولكلور، مع مسرد إنجليزى عربى، ص 341
8 - نبيل صبحى حنا: البناء الإجتماعى والثقافى فى مجتمع الغجر، دراسة أنثروبولوجية لتأثير البناء والثقافة والشخصية على التكامل الإجتماعى، دار المعارف، الطبعة الأولى، 1983، ص 120
9 - عبد الحميد يونس : مرجع سابق، ص 176 ، 177
10 - سعد الخادم : الرقص الشعبى فى مصر، مرجع سابق، ص 11
11 - زهير الشايب : وصف مصر، الموسيقى والغناء عند المصريين المحدثين، إهداءات 1993، صندوق التنمية الثقافية ج.م.ع، ص 155
12 - مسيو مواريه : هو جوزيف مارى موارية، ترك الكنيسة للالتحاق بفيلق آكتيان. ثم ما لبث أن انضم للحملة الفرنسية على مصر وكان نقيب خلال الحملة، وكابتن سابق مسئول عن الكساء باللواء الخامس والسابعين مشاة الملقب بـ”الذى لا يقهر”. وقد كتب مذكراته يوما بيوم بقدر ما كانت تسمح له الظروف، لبغطى الحملة الفرنسية بأكملها منذ إبحارها من تولون عام (1798م) وحتى عودتها إلى فرنسا فى السادس عشر من نوفمبر من عام (1801م).
13 - جوزيف مارى مواريه : مذكرات ضابط فى الحملة الفرنسية على مصر، ترجمة وتقديم كاميليا صبحى، المجلس الأعلى للثقافة 2000 ، ص 56
14 - زهير الشايب : مرجع سابق
15 - زهير الشايب : مرجع سابق
16 - تامر يحيى : رقصات الغنج، من أين وكيف ظهرت، مرجع سابق، العدد 29
17 - سعد الخادم : الرقص الشعبى فى مصر، مرجع سابق، ص 14
18 - كانت الراقصات فيما قبل القرن العشرين يتبعن فئة الغوازى والقليل منهن يتبعن فئة العوالم. أما منذ بدايات القرن العشرين أصبح هناك راقصات يتبعن العوالم أثناء تأديتهم الغناء، وأصبحت الغوازى فئة خاصة قائمة= =بذاتها تؤدى فنونها فى الحفلات التى تطلبن فيها، سواء حفلات خاصة أو عامة حتى الربع الأخير من القرن العشرين. وبمرور الوقت تقلصت فئة العوالم حتى منتصف القرن الواحد والعشرون وأصبحت شبه نادرة، وأصبح للمغنيين فئتهم الخاصة، ومثلهم فئة الرقص الشرقى” The Oriental dancers” ، وفئة راقصات البطن “The Belly Dancers”، وتقلصت فئة الغوازى حتى أصبحت هناك عائلتان هما الأشهر، واحدة فى الدلتا والأخرى فى صعيد مصر …. الباحث.
19 - زهير الشايب : مرجع سابق
20 - إدوارد وليم لاين: عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم، مصر ما بين 1833 - 1835 ، ترجمة سهير دسوم، مكتبة مدبولى، القاهرة، الطبعة الثانية 1999م ، ص 177
21 - زهير الشايب : مرجع سابق
22 - تامر يحيى: الرقصات الشعبية فى الواحات البحرية، دراسة ميدانية تحليلية، رسالة ماجستير، المعهد العالى للفنون الشعبية، القاهرة، 2015م ، ص 76
23 - زهير الشايب : مرجع سابق
24 - تامر يحيى : الرقصات الشعبية فى الواحات البحرية، دراسة ميدانية تحليلية، مرجع سابق ، ص 51
25 - تامر يحيى : الرقصات الشعبية فى الواحات البحرية، دراسة ميدانية تحليلية، المرجع السابق، ص 52
26 - توماس ليبهارت : فن المايم والبانتومايم، ترجمة بيومى قنديل، مكتبة الأسرة، 2005م، ص 9
27 - الباحث
28 ربما تكون هذه العادة هى ترسبات ثقافية من العصر الإغريقى والتى كانت تتسم فيها كومديات أريستوفان و Plut بقلة الوقار والرزانة والحياء … أنظر زهير، مرجع سابق، ص 161
29 - احمد تيمور باشا: الأمثال العامية، مطابع دار الكتاب العربى بمصر، ط الثانية، 1956، ص 97
30 - أحمد تيمور باشا: المرجع السابق، ص 143
31 - الخِرْقَة هى القطعة القديمة البالِيَة من القماش … الباحث
32 - أحمد تيمور باشا: المرجع السابق، ص 195
33 - أحمد أمين : قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية، تقديم ومراجعة محمد الجوهرى، القاهرة 2007 ، ص 113
34 - أحمد تيمور باشا: المرجع السابق، ص 165
35 - زهير الشايب : مرجع سابق
36 - زهير الشايب : مرجع سابق
37 - تامر يحيى : الرقصات الشعبية فى الواحات البحرية، دراسة ميدانية تحليلية، مرجع سابق، ص 52
38 - إدوارد وليم لاين : مرجع سابق، ص 388
39 - من المحتمل أن يكون رقص إبنة هيروديّا من نوع الرقص الموصوف فى هذه القرة (أنظر إنجيل مرقس 6/ 21-22)
40 - إدوارد وليم لاين: مرجع سابق، ص 390
41 - موسوعة ويكيبيديا الحرة: الشبكة العنكبوتية، فاندانغو/http://ar.wikipedia.org/wiki
42 - نبيل صبحى حنا: البناء الإجتماعى والثقافى فى مجتمع الغجر، مرجع سابق، ص83
43 - نبيل صبحى حنا: البناء الإجتماعى والثقافى فى مجتمع الغجر، مرجع سابق، 1983، ص138
44 - سمير جابر : أطلس الرقصات الشعبية المصرية، وزارة الثقافة، المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، الجزء الثانى، 2007م، ص70
45 - سمير جابر : أطلس الرقصات الشعبية المصرية، مرجع سابق، ص 73
46 - نبيل صبحى حنا: البناء الإجتماعى والثقافى فى مجتمع الغجر، مرجع سابق، ص 102
الصور
* الصور من الكاتب .
1 - http://www.dostor.org/1384264
2 - https://khalilthedancer.files.wordpress.com/2016/06/img_0380.jpg
3- http://oldpress.egypt.com/permalink/4088.html
4 - http://shbabbek.com/upload/81e 3017f7b20f553d9d9dcc768f2c390.jpg
5 - http://www.elmawke3.com/wp-content/uploads/2015/04/%D8%B1%D9%82%D8%B522.jpg
6 - https://gergahistory.blogspot.com/2015/10/blog-post_1.html
7 - https://alghad.com/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82%D9%8A-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A8%D8%A7/