فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

حرفة الطوب الأحمر في منطقة الجريف شرق

العدد 44 - ثقافة مادية
حرفة الطوب الأحمر  في منطقة الجريف شرق

اعتمد الكاتب في مادة هذا المقال على حصيلة الجمع الميداني الذي قام به في منطقة ممارسة الحرفة في صيف 2009م، واستقى معلوماته من أفواه الحرفيين، بتسجيل كل البيانات على أشرطة الكاسيت، كما اعتمد على منهج الملاحظة لتتبع خطوات الحرفة، وتتبع توثيق مراحل هذه الحرفة بالتصوير، ومادة التسجيلات محفوظة بأرشيف قسم الفولكلور بمعهد الدراسات الإفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم، ويتناول المقال شرح وتفصيل مراحل حرفة الطوب الأحمر بمنطقة الجريف شرق، مصحوبة بالصور التوضيحية، والتي تبدأ بتجهيز الأدوات التي تستخدم في هذه الحرفة، وذلك في بداية كل موسم عقب فترة الفيضان والأمطار، ومن ثم توضيح المراحل التي تمر بها حرفة الطوب الأحمر من المادة الخام وحتى المحصلة النهائية، كما يتطرق للزمن الذي يتم فيه الإنتاج وتقسيمه (الرُّوْتِيْن اليَوْمِي) الذي يتبعه العمال لإنتاج الطوب الأحمر، بالإضافة لحجم الإنتاج نفسه والطرق المتبعة لتسويقه، وتبدأ مراحل الحرفة بإعداد الأدوات أولاً التي يتم تجهيزها قبل بداية الإنتاج، ومن أهم هذه الأدوات الطَّرَبيْزَة؛ لذلك لابد من بيان مراحل بنائها فهي التي يقوم عليها الإنتاج، ومن ثم يستعرض مراحل الحرفة وزمن الإنتاج وحجمه وتسويقه وقبل ذلك يقدم نبذة مقتضبة تبيِّن التعريف بمنطقة الجريف شرق.

 

منطقة الجريف شرق:

تقع منطقة الجريف شرق على الضفة اليمنى للنيل الأزرق، على بعد أربعة أميال جنوب شرق الخرطوم بحري، على خط عرض 35/15 درجة وخط طول 26/32 درجة، وتمتد في هيئة شريط طولي على النيل الأزرق وتنحدر المنطقة على الضفة اليمنى للنيل الأزرق بصفة عامة، وتقع في داخل حدود منطقة وحدة شرق النيل الإدارية (قطاع الجريفات الشرقية وأم دوم)، التي تتبع من الناحية الإدارية لمحلية شرق النيل. تحدها من الناحية الشمالية منطقة القادسية ومن الناحية الشرقية منطقة دار السلام المغاربة وبركات وغرباً النيل الأزرق ومن الناحية الجنوبية تحدها منطقة أم دوم، وتبلغ مساحتها حوالي 32 كيلومتراً مربعاً.

 

الطَّرَبيْزَة أهم أدوات إنتاج الطوب الأحمر:

الطَّرَبيْزَة هي أداة العمل الرئيسية في حرفة الطوب الأحمر، فبواسطتها يتم الإنتاج بحيث يقوم الأسطى باستخدامها لتشكيل الطوب اللبن (الطُّوْب الأَخْضَرْ) والعمل داخل الكَمِيْنَة يقوم على الطربيزة، وبها يحدد عدد العمال ومن المتعارف دائماً داخل الكمينة أن العمل يكون رباعا أو خماسا؛ بمعنى أربعة عمال أو خمسة عمال للطربيزة الواحدة وأقل كمينة يوجد بها طربيزتان ويمكن أن يزيد العدد عن ذلك، أما عدد العمال فيتوقف على إمكانيات صاحب الكمينة المادية بحيث يمكنه أن يقوم بتشغيل أربعة عمال أو خمسة عمال في الطربيزة الواحدة، وذلك يعتمد على رأس ماله الذي يبدأ به العمل في بداية الموسم، كما يمكنه زيادة عدد الطرابيز.

هؤلاء العمال هم الذين يقومون ببناء الطربيزة تحت إشراف الأسطى وقبل عملية البناء لا بد من تنظيف مساحة الكمينة والتي تسمى (الفَرِشْ) أو (البَرَاحَة) وذلك لتسويتها بالطواري واستخدام ما يعرف بـ(الطَفْشَة) وهي عبارة عن خشبة مستطيلة الشكل توضع تحت القالب وتساعد على حمله وتزيد عليه بقليل في مساحة القالب، فبواسطتها يتم تسوية تربة الفرش وأحياناً يستخدم الواسوق في حالة وجود كمية كبيرة من التراب، إذ لا بد من أن يكون الفرش مسطحا تماماً وخالياً من التراب، ثم بعد ذلك يقوم العمال برشه بالماء لتثبيته وأحياناً يقومون بإحضار كمية من الرمل لطرحها على الفرش ثم رشها بالماء «انظر الصورة رقم(1)».

بعد هذه العملية يقوم العمال بتقسيم الفرش إلى قسمين بالتساوي ففي النصف الأقرب إلى حفرة الطين يقوم العمال ببناء طربيزتين، الأولى قرب الطين والثانية في وسط الفرش.

خطوات بناء الطَّرَبيْزَة وأجزائها:

تبنى بالطُّوْب الأَخْضَر أو الأحمر أو الاثنين معاً في شكل مستطيل و إحدى زواياه تبنى في شكل شبه مثلث بزاوية قائمة وهو المكان الذي يقف فيه الأسطى، وهذا الانحراف شبه المثلث له ضلعان متساويان حوالي (50×50 سم) والشكل العام للطَّرَبيْزَة المستطيل يكون (2×1.5 متر) وهذه المساحة تقدر بعد تحديد المكان الذي يقف عليه الأسطى والمكان الذي يوضع عليه القالب الذي يصب عليه الأسطى الطين لتشكيل الطوب وتحديد المساحة التي يوضع عليها الطين للاستخدام ومكان وضع القالب وهو فارغ وبعد تقدير هذه المساحات يكون تخطيط الطربيزة (2×1.5 متر).

تبنى الطَّرَبيْزَة بالطوب بطريقة البناء العادية وبدون استخدام الطين بحيث يقوم العمال برصف الطوب بسمك الحائط وذلك بوضع طوبة بالطول ونصف الطوبة «انظر الصورة رقم (2)»،

ويكون ارتفاع الحائط حوالي 60 سم، وبعد عملية البناء يقوم العمال بردم المساحة الفارغة في الوسط بالتراب حتى تتساوى مع ارتفاع الحائط «انظر الصورة رقم (3)»،

وبعد ذلك يقوم العمال بعمل ما يسمى بـ (الكَفْيَة) وهي عبارة عن ضفيرة بالطوب بحيث يتم رصف الطوب لقفل كل المساحة به من أعلى ثم بعد ذلك يتم ملء الفراغات بين الطوب المرصوف بالطين والزبالة «انظر الصورة رقم (4)».

يقول الراوي زكريا إبراهيم:

«الكفية دِي لمّن أوّل حَاجَة نَبْنِي الطَّرَبيزَة دَا زَي البُنَا العَادِي زَيْ الأُوْضَة كِدا صغيِّر نكُبُوهَا تُراب غَلُوها فِي بطْنُو زاتُو تَانِي نَكْفِيهَا طُوب كَفْيَة دَا كِدَا بَسْ شُفْتَا دَا كَان قِبِيلْ بَنِيتُو بُنَا ومَلَحْتُو فِي بَطْنُو دَا تُرَاب كِدَا دَا كِدا نَجِي نَرُصْ فُوقُو كِدَا نْقفِلاَ زَي العَرِشْ»1.

بعد ذلك يتم مسح هذه (الكَفْيَة) من أعلى على السطح بالطين المخلوط بالزبالة وتسمى هذه الطبقة (الجَلِيدَة) ومن فوق الجليدة يتم مسح زبالة جافة وناعمة «انظر الصورة رقم (5)».

بعد تجليد السطح بمادة الطين والزبالة تبدأ عملية بناء أجزاء الطربيزة الأخرى من أعلى على السطح وتبدأ بـ (البَلاَّعَة) وهي عبارة عن شكل مربع يبنى بالطوب الأحمر بحيث تسع مساحتها لوضع قالبين وطفشتين وتكون بعرض الطوبة، طولها طوبتين ونصف وارتفاعها طوبتين بارتفاع الطوبة (45×45 سم) وبعد بنائها يتم تجليدها – أيضاً – بالطين المخلوط بالزبالة، والبلاعة يتم ملأها بالماء لاستخدامها في غسل قالب الطين. ومن ثم يتم بناء ما يعرف بـ (القَطَّاعَة) وتأخذ شكل منحنى يبنى بالطوب بطول الطوبة بحيث يتم رصف الطوب بشكل مائل من زاوية البلاعة لتلتف حول المكان الذي يقف عليه الأسطى ثم تمسح بالطين والزبالة، وهنا تكون مرتفعة بالطين على الطوب الذي تبنى به وتنحدر ناحية سطح الطربيزة، ومهمة القطاعة هي حينما يقف الأسطى تجعله يتمكن من سحب الطين بكلتا يديه من سطح الطربيزة ويسحبه نحو القطاعة التي تساعده على قطع الطين بالمقدار الذي يمكن صبه في القالب الذي يوضع على ما يعرف بـ (الزَّلاَّقَة)، وهي تبنى من طوبتين وتكون موازية للبلاعة بشكل مائل أيضاً بحيث تكون مرتفعة ناحية القطاعة وتثبت عليها الطفشة التي ذكرناها مقدماً بالطين على طوبتين وسميت كذلك لتساعد على انزلاق الماء من القالب بعد إخراجه من البلاعة بواسطة الأسطى مع الطفشة التي يوضع عليها، وذلك بناءً على إفادة الراوي عثمان يعقوب دهب الذي يقول فيها:

«الزَّلاَّقَة دِي بتكُونْ مَلَصّقَة بي طِين ثَابتَة وهِي نَفس الطَفشَة بتتلَصَّق فِي الطَرَبيزَة وبتكُون مِميِّله عَشَان شِنُو المويَه البتَجِي مَعَ القَالِب مَارقَه مِن البَلاَّعَة المَيلاَن بِتَاعَا بِتَجِي مَدَرْدَقَه عَشَان تدَّرْدَق»2.

تساعد – أيضاً- العامل الذي يحمل القَالِب من الطَّرَبيْزَة على سحبه من على الزَّلاَّقَة وحمله بالطَفْشَة لوضع الطُّوْبَة على الفَرِشْ، ومن أسفل الزَّلاَّقَة يخرج مجرى صغير ليلتقي بمجرى آخر يخرج من البَلاَّعَة وذلك لإخراج الماء الذي ينزل من الزَّلاَّقَة والبَلاَّعَة لينزل أسفل الطَّرَبيْزَة في حفرة عميقة مع زاوية الطَّرَبيْزَة الأمامية أسفل البَلاَّعَة وهذه الحفرة يستفاد منها – أيضاً – في إخراج ماء البَلاَّعَة لتغييرها بعد أن تتعكَّر بطين القَالِب والطَفْشَة «انظر الصورة رقم (6)».

تسمى الحفرة أسفل الطربيزة بـ (المِيْدَنَة).. (انظر الشكل 1). بعد بناء الطربيزة وتنظيف مساحة الكمينة (الفَرِش) يتم تجهيز كل الأدوات الأخرى التي تستخدم في حرفة الطوب وهي بالإضافة إلى الطفشة والقالب سالفة الذكر يتم تجهيز ما يعرف بـ (الطَّبْليَّة) و(العَرَبِيَّة)، والطَّبْلِيَّة هي عبارة عن شَيَّالَة تستخدم لحمل الطين وأحياناً أخرى قُفَفْ الزِّبَالَة التي تستخدم لتخمير مادة الطين والتي سنتعرض لها لاحقاً، وهي تصنع من عودين بطول مترين يوضعان ليكونا متوازيين والمسافة بينهما (50 سم) ويتم تثبيت أربعة ألواح من الخشب بنفس الطول على هذين العودين بالمسامير لتكون مساحة الألواح بعد جمعها (50×50سم). أما العربية فهي – أيضاً – تصنع من عودين وتشبه الطبلية في الشكل إلا أن الفرق بينها وبين الطبلية في أن العربية بها دائماً ثلاثة خشبات في الوسط وتثبت بشكل متفرق عن بعضها «انظر الصورة رقم (7)».

أما القَّالِب فيكون في شكل متوازي مستطيلات وزواياه قائمة ومفتوح من الجانبين ومصمم لكي يُصَبْ عليه طُوْبَتَان وبه فاصل في الوسط وله أيادي من الجانبين لتساعد على حمله ومقاسه (22×11×6سم)، الطول × العرض × الارتفاع، «انظر الصورة رقم (8)» والطفشة عبارة عن خشبة مستطيلة الشكل تزيد بمقدار سنتمترين من كل جوانب القالب، حينما يوضع عليها إذا كان في عملية الصب في الطربيزة أو حينما يحمله العامل الذي يأخذه من الطربيزة لوضعه في الفَرِش ويسمى هذا العامل (الدَّبَّاشِي)، وتُعْمَل لها خشبتان صغيرتان من أسفل حتى يتمكن الدَّبَّاشِي من حملها مع القالب «انظر الصورة رقم (9)»،

كما يتم تجهيز الطواري جمع طورية وهي الأداة التقليدية التي تستخدم في الزراعة، وهنا تستخدم دائماً في كسر الطين وهذه – أيضاً- من خطوات تجهيز الطين، ثم بعد ذلك تجهز المواد التي تستخدم في الحرفة مثل الزِّبَالَة (رَوَثْ الحيوانات)، ودائماً ما تستخدم زبالة الأبقار لتخمير الطين ولأغراض أخرى مرتبطة بمراحل حرفة الطوب:

«أَنَا بَجِيْب المَوَاد السَمْحَه ذَي الزّبَالَة بِتَاعَت البَقَر بِتجِيْب الطُوب سَمِح وُبَكُب الرَّمْلَه بالمَقَاسَات المَطْلُوبَة عَشَان الطُّوبَه زَاتَا لاَ تَجِي هَشَّه لاَ تَجِي نَاشْفَه تِتْكَسَّر بَرَاهَا»3.

هذا ما سيوضح في السطور القادمة، كما يجهز الرمل الذي يتم خلطه مع الطين، وتتم صيانة طلمبة الماء وتجهيز البَرَامِيل والبَاقَات التي تستخدم لحمل الماء وتجهيز حطب الوقود.

بعد تجهيز كل هذه الأدوات واكتمال عدد العمال للطربيزة تبدأ عملية الإنتاج والتي سنستعرضها بالشرح والتفصيل.

المراحل التي تمر بها حرفة الطوب الأحمر:

تمر حرفة الطوب الأحمر بمراحل عدة وكل مرحلة تعتمد على عدة خطوات ويمكن تلخيص هذه المراحل في الآتي:

مرحلة ترسيب المادة الخام.

مرحلة تجهيز الطين(التَّخْمِيْر).

مرحلة تشكيل الطوب الأَخْضَر.

مرحلة التَّجْفِيْفْ.

مرحلة بناء الكَمِيْنَة والحَرْق.

المرحلة النهائية.

1 - مرحلة ترسيب المادة الخام (الطَّمِي):

تبدأ هذه المرحلة قبل الفيضان وموسم الأمطار بوقت كافي بحيث يقوم العمال بتنظيف الحفرة وتجهيزها؛ وذلك بإزالة كل مخلفات الإنتاج في الموسم السابق من بقايا الطين والطوب والأعشاب، ويتم جمع كل هذه المخلفات التي يستفاد منها في عمل ما يسمى بـ (السِّقَالَة)، وهي عبارة عن ردمية كبيرة يتم ردمها على شاطئ النيل إلى الشمال من الحفرة مباشرة، فعند مجئ الفيضان تمتلئ الحفرة مباشرة بالماء وعندما يبدأ النيل في الانحسار تدريجياً تكون هذه الحفرة قد امتلأت بالطمي المشبع بالماء، هذا ما ذكره الزبير الجيلاني بابكرباعو:

«السِّقَالاَت دِي بِنْجِيْب حَدِيْد بِنْجِيْب خَشَبْ بِنْجِيْب عِرُوْق الشَّدَر بِنْجِيْب وَسَخ الكَمَايِن ذَاتُو بِنَعْمَلُو لَمَّن البَحَر بِجِي بِعَمْلُو يَعْنِي حَاجِز بِحَجِز الطَّمِي لَمّن إِحَجِز الطَّمِي السَنَه الجَايَّه بِكُوْن عِنْدَك طَمِي مُتْوَفِّر»4.

بعد ذلك يقوم العمال بتغطية الحفرة بطبقة من الرمل وفقاً لإفادة السراج عمر موسى الذي يقول:

«أَوَّل البَحَر مَا نَزَل بِنْغَطِّي الطِّيْن بالرَّمْلَه عَشَان مَا يشُق إِنْ شَقَّ بِبُوظ والرَّمْلَه بِتَحْفَظ الرُّطُوبَه بِتَاعَة الطِّيْن إِكُوْن لَيِّنْ»5.

2 - مرحلة تجهيز الطين(التَّخْمِيْر):

يقول الرَّاوي عبدالله عباس عبدالله: «أَنَا طَبْعَاً طَبْلَنْجِي غَايْتُو نَقُوْم أَنِحْنَا نَفَريْن طَبْعَاً طَبْلَنْجِيَّة نَفَريْن بالأُسْطَى نَكُوْنُو تَلاَتَة التُّرَاب المَلْمُوم نَقُوْم زَي دَا نَكْسِرُو نَطْرَحُو بَعَدُو نَجِيْب الزِّبَالَة بالقُفَفْ نَجِيْب نَزَبِّل، أَهَا بَعَد دَاكْ نَقُوْم نَمْشِي نَدَوِّر البَابُور نَرُشُّو بالخَرْطُوشْ بَعَد مَا يِسْتَوِي خَلاَص نَقُوْم نَجُر بالطَّوَارِي المَرَّة الأُوْلَى ثُمَّ تَانِي مَرَّة كِدَا خَلاَصْ بِنَاخُد ليْنَا زَيْ تَلاَتَة أَرْبَعَة سَاعَات كِدَة وُنَقُوْم»6.

من هذه الجزئية من كلام الراوي يمكن أن نستنتج أن مرحلة تجهيز الطين للحرفة تمر بعدة خطوات وهي: الكَسْرْ ثم طَرْح التُّرَابْ ثم التَّزْبِيْل ثم السِّقَايَة. بمعنى أن الإنتاج يبدأ بـ (الكَسِر) وذلك بحفر الطين بالطواري وجره، ودائماً هذه العملية تتم بواسطة ثلاثة عمال، كما قال الراوي سابقاً إثنين طبلنجية وهذه هي مهمتهما، حيث يقومان بتجهيز الطين بعد تخميره وحمله إلى طربيزة الأسطى الذي يشارك معهم في هذه العملية، وبعد كسر الطين يتم طرحه حتى يتفتت ومن ثم يحضر الطبلنجية قُفف الزبالة بواسطة الطبلية ويقومون بنثرها على سطح التراب بحيث تتوقف كمية الزبالة على حجم الحوض، ونوع الطين، وأحياناً تضاف كمية من الرمل. والطين ثلاثة أنواع كما يقول الراوي أحمد خليل البشير:

«طين (بَلَبَطِّي) وطين (زَافُوتْ) وطين (قُرِيرْ)»7، (انظر الصورة رقم 10).

الطين البلبطي هو الطمي اللزج ويحتاج إلى كمية من الرمل للحد من نسبة اللزوجة كما يضاف إليه كمية من الزبالة، أما الطين الزافوت فهو عبارة عن طين مخلوط بالرمل بطبيعته إذ يحتاج إلى الزبالة فقط، وكذلك القرير يحتاج إلى زبالة وقليل من الرمل. حجم الحوض يتوقف على عدد العمال في الطربيزة فإذا كان العمل رباعيا دائماً يقدر حجم الحوض بحيث ينتج سبعة ألف طوبة أو ثمانية ألف طوبة في اليوم، وإذا كان الطين بلبطي تكون نسبة الرمل كبيرة والزبالة أقل، أما إذا كان الطين زافوت فتكون نسبة الزبالة هنا أكثر قليلاً من البلبطي و القرير الذي تضاف له – أيضاً- كمية من الزبالة ونسبة قليلة من الرمل، بمعنى أنه إذا كان الحوض بلبطي وقدر لينتج ثمانية ألف طوبة يضاف له مقدار خمس وأربعين قُفَّة من الزِّبَالَة (رَوَثْ الأَبْقَارْ) أو خمسين قُفَّة والرمل ليس له مقدار محدد إنما ينثر عليه فقط بحيث يكون أكثر قليلاً من نسبة الطين، أما إذا كان الطين زافوت فتضاف إليه خمس وثلاثون قُفَّة و إذا كان الطين قرير فيأخذ مقدار أربعين قُفَّة من الزبالة وهذا بناءً على حديث الراوي حماد أحمد عبد الرحمن، إذ يقول:

«الطِّيْن دَا أَوَّل حَاجَة نِحْنا بنقُوم بِنَكسِرو تُرَاب زَي دَا زَي الحُوضْ دَا مَثلاً بِنَدِّي أربعِين قُفَّة زِبَالة وبِنْخَمِّرُو دَا بالنِّسْبَة للقُريْر أَمَّا بالنِّسْبَة للزَّافُوْتْ تَدّي خَمْسَة وُتَلاَتِين أَمَّا بالنِّسْبَة لِلْبَلَبَطِّي بِيَاخُد خَمْسَة وَاَرْبَعِيْن أَوْ خَمْسِيْن طَبْعَاً الطِّيْن دَا هُو قَبَايِلْ» 8.

بعد عملية إضافة هذه المواد من الرمل والزبالة أو الزبالة فقط يتم تدوير طلمبة الماء لرش الحوض بالخَرْطُوْش حتى تتم سقايته تماماً بالماء، مثل ما ذكر الراوي عبدالله عباس عبدالله في البداية عن التخمير، ثم بعد ذلك يتم جر الطين بالطواري مرتين حتى يتم التأكد من خلط الطين بالمواد التي أضيفت إليه تماماً وبعد ذلك يترك الحوض لمدة تتراوح ما بين ساعتين إلى خمس ساعات للتخمير حيث تتحلل المواد المختلفة وتتمازج فيما بينها، وذلك بفعل الزبالة ثم بعد ذلك يتم تقسيم الحوض إلى قسمين وكل قسم يسمى بـ (فَرْدَة) حيث تُقْلَب إحدى هاتين الفردتين لتسمى الجرة الأولى وتُقْلَب مرة أخرى ويضاف إليها بعض الماء إذا احتاجت لذلك، ثم يتم تَمْلِيسها برأس الطورية وتسمى هذه العملية بـ (المَكْوَة)، (انظر الصورة رقم 11)؛ وذلك للتأكد من درجة لزوجة الطين حتى تكتمل عملية ترحيله، كما تحافظ هذه العملية على حفظ نسبة الماء في الجرة وهذه العملية نفسها تتم في الفَرْدَة الثانية وتنثر عليها الزبالة من أعلى للغرض نفسه، وبعد ذلك يتم نقلها بواسطة الطبلية التي يحملها الطَّبْلَنْجِيَّة لترحيل الطين إلى الطربيزة للأُسْطَى لبداية تشكيل الطوب الأخضر، ويتم قطعه بواسطة الأيدي ووضعه على إناء عبارة طَسْت مخروم في قاعدته بحيث يوضع هذا الإناء على سطح الطَّبْلِيَّة ويتم نثر بعض من الزِّبَالَة على سطحه (انظر الصورة رقم 12)،

ثم تبدأ عملية قطع الطين بواسطة الأيدي ووضعه على الإناء حتى يمتلئ إلى أعلى وبعد امتلائه يقوم الطبلنجية بتشكيل الطين في شكل مخروطي وتسمى هذه العملية بـ (التَّسْرِيْحَة)، (انظر الصورة رقم 13) والإناء يطلق عليه (الدَّفَّارْ)، والتسريحة يشرحها لنا الراوي عثمان يعقوب دهب ويقول:

«التَّسْرِيْحَة عَشَانْ الطِّيْن مَا إِدَّفَّقْ نَقْعُدْ نَسَرِّح كِدَا بَعَد مَا نَخُتْ الطِّيْن عَشَانْ اِكُوْنْ قَايِمْ كِدَا مَخْرُوْطِي وُيِشِيْل كَتِيْر»9.

3 - مرحلة تشكيل الطوب الأخضر:

يتحول العمل في هذه المرحلة بعد ذلك إلى الطَرَبيْزَة التي يقف عليها الأُسْطَى بحيث يضع القالب على الطَّفْشَة في مكان الزَّلاَّقَة، والبَلاَّعَة مليئة بالماء وبها قالب آخر وطفشة أخرى استعداداً لانتاج الطوب، ويقوم الأسطى بتقليب خليط الطين على سطح الطربيزة وهذا الخليط يقوم بقطعه في البداية في الحوض قبل ترحيله إلى الطربيزة وتسمى هذه العملية (التَّسْمِيَة)، وتنتج حوالي خمسمائة طوبة في بداية العمل حيث يواصل بعد ذلك الأسطى بصب الطين على القالب بقوة مناسبة لملئ فراغ القالب ومسحه بكلتا يديه لتسوية سطح القالب ليعطي بطن الطوبة (انظر الصورة رقم 14)

وبجانبه الدَّبَّاشِي الذي مهمته حمل هذا القالب بالطفشة ووضعه على الفرش لتفريغه وذلك بتمرير الطفشة على القالب وسحبها وتسمى هذه العملية بـ (المَكْوَة)، و يضيف عثمان يعقوب دهب موضحاً هذه العملية بقوله:

«الدَّبَّاشِي إِشِيْل القَالِبْ مَعَ الطَّفْشَه بِيْ تِحِتْ يَعْنِي بِتْكُوْن حَاجْزَه الطِّيْن بِيْ تِحِتْ مَا بِنْزِل وُبَعَد دَاكْ لَمَّن اِشِيْلُو كِدَا مَعَ القَالِبْ سَوَا وَكِتْ اِوَدِّيْهُو طَبْعَاً بِكْفِي القَالِب كِدَا اِجُر الطَّفْشَه مِنْ القَالِبْ وَالجَّرَّه دِيْ اِسِمَا المَكْوَه»10.

يسحب القالب بعدها إلى أعلى وبذلك تكون الطوبة قد أخذت شكلها الهندسي وكما ذكرنا سابقاً أن الدباشي يكون قد أعد الفرش بتسويته تماماً ونظافته وهذا يساعد على استواء الطوب بعد وضعه وهنا تظهر فنيات الدباشي وقدراته في رصف الطوب على الفرش بطريقة هندسية لملئه بالطوب بعد صبه ووضعه عليه وذلك لجفافه. (انظر الصورة رقم 15)، وتكون الطوبة قد اتخذت شكلها بحيث تكون مستوية السطح بواسطة الطفشة ومستوية الجوانب بفعل القالب ومستوية الباطن – أيضاً- بفعل الفرش؛ أي الأرض. وبعد ذلك يعود الدباشي يحمل القالب فارغاً والطفشة إلى الطربيزة لوضعهما في البلاعة التي تكون مليئة بالماء التي يتم تغييرها بواسطة الأسطى بتفريغها في الميدنة لتجديدها لغسل القالب والطفشة من بقايا الطين حتى لا تؤثر على شكل الطوبة (انظر الصورة رقم 16)، وفي هذه الأثناء يكون الأسطى قد أعد قالباً آخراً ليحمله الدباشي لوضعه على الفرش وتستمر هذه العملية حتى يكتمل تشكيل كل الخليط على سطح الطربيزة، وفي هذه الأثناء – أيضاً – ينقل الطبلنجية بقية عجينة الطين بالفردة المعدة للتشكيل بالحوض إلى الطربيزة ويستمر العمل دون توقف إلى أن يكتمل إنتاج كل الخليط.

أحياناً يكون عدد العمال خمسة وفي هذه الحالة يكون مع الأسطى دباشين يعملان مع بعضهما وفي هذه الحالة يكون الإنتاج أسرع وأكبر وهذا يتوقف على إمكانيات التاجر المادية.

عملية رصف الطوب بواسطة الدباشي تكون بصورة هندسية، ولتكون كذلك يستخدم الدباشي الخيط مثل عملية البناء الذي يشده على وتدين ليكون موازياً لأحد جوانب الفرش الذي يسمى بِالبَرَاحَة – أيضاً- وهنا يذكر الراوي عبد العظيم علي الظريفي موضحاً ذلك:

«بِعَمْلُو خيْط بِيْ وَتَدَيْن فِي جَنْبَة الفَرِشْ زَيْ خيْط البُنْيَانْ بَعَدْ دَاكْ بِرُصْ الدَّبَّاشِي عَليْو الطُّوْبْ عَشَان الوَزْنَه»11

يستخدم الدباشي الخيط ليعطي وزنة صفوف الطوب في خط مستقيم، التي يواصل في رصفها ويحافظ على المسافات بينها حتى يمتلئ الفرش أو البراحة وللبراحة جناحان بجانبي الطَّرَبيْزَة، يُمْلأ الجناح شمال الأسطى على الطربيزة في اليوم الأول ويمكن أن يسع ستة ألاف طوبة أو خمسة ألف وفي اليوم الثاني يتم رصف الطوب في الجناح الآخر، واليوم الثالث يكون راحة للعمال و للتجفيف.

4 - مرحلة التجفيف:

يترك الطوب على جناحي الفَرِشْ أو البَرَاحَة لمدة يوم كامل في أشعة الشمس وذلك حتى يتم جفافه، ثم بعد ذلك يتم قلبه على إحدى جوانبه بواسطة الدَّبَّاشِي لتعريض جوانبه الأخرى للهواء وأشعة الشمس – أيضاً- وليكون جفافه أسرع (انظر الصورة رقم 17)،

بعد ذلك يقوم التاجر أو الوكيل بحساب عدد الطوب في الفرش وتدوين العدد في كراسة خاصة بالعمال يسجل بها إنتاجهم وسلفياتهم، وذلك حتى تتم محاسبتهم بأخذ أجورهم مقابل إنتاجهم، وللحساب طريقة محددة يستخدم فيها الوكيل عصا لتساعده على الحساب ويتحرك على سطح الطوب ويبدأ في الحساب بحيث يشمل الرقم زوجين من الطوب فيحسب خمسين وبعدها يضع طوبتين أو ثلاثة طوبات لأعلى وتسمى (شَاهِدَاً) ويوضع بعد كل مائتي طوبة، وبعد عملية حساب الفرش ووضع الشواهد كل مجموعة بها شاهدان تسمى بـ (الرُّوْقْ)، وفي هذا الخصوص يوضح لنا الراوي عبد العظيم علي الظريفي هذه الطريقة قائلاً:

«الحِسَابْ دَا يَا حَسَبُو صَاحِب الكَمِيْنَه يَا حَسَبُو الأُسْطَى البِضْرُب وَاحْدِيْن بِكُوْن عِنْدَهُم وَكِيْل بِحَسْب الطُّوْب الشَّاهِد بِكُوْن فِي الفَرِشْ حَاجَه اِسِمَا الرُّوْقْ الشَّاهِدْ دَا طُوْبْتيْن تَلاَتَه بِرْفَعُوْهِن فوْقْ الرُّوْقْ وَالرُّوْقْ دَا بِكُوْن فِيْو شَاهْديْن بيْ أُرْبُعُمِيَّة طُوْبَه وُكُلُّ شَاهِد بيْ مِتّيْن طُوْبَه»12.

يقوم الوكيل أو التاجر بحساب عدد الشواهد ويضربها في مائتي طوبة وهذا يعطيه المجموع الكلي للطوب بالفرش، ثم بعد ذلك يقوم بتدوينه في الكراسة (انظر الصورة رقم 18). بعد حساب عدد الطوب أحياناً يتم تجميع الطوب لرصفه بطريقة تسمى بـ (التَّكْرِيسْ)؛ وذلك لزيادة درجة تجفيف الطوب أو الإسراع بجفافه كسباً للزمن أو لضيق الفروش، وهذه الطريقة تكون بوضع طوبتين متوازيتين على جانبيهما، ثم تُوضع عليهما طوبتان أخريان من فوقهما بشكل معكوس وهكذا، حتى تصل إلى خمسة أو ستة أزواج من الطوب (انظر الصورة رقم 19). وفي هذه الأثناء يكون الدَّبَّاشِي قد قام بشد خيط على جانبي جناحي الفرش أو البراحة ويقوم برصف صف من الطوب مع هذا الخيط لوزن هذا الصف، ويرصف بعرض الطوبة ويسمى هذا الصف بـ (الجَرَّايَة)، تمهيداً لبناء ما يعرف بـ (العَنْبَر) وهذا العنبر ينقل إليه كل الطوب الموجود بالفرش بعد جفافه ويكون بالكمينة عنبران بجانبي الفرش عن اليمين وعن الشمال وهنا يضيف الراوي عبد العظيم قائلاً:

«كُلُّ طَرَبيْزَه عِنْدَهَا عَنْبَر وُبِرْفَعُوا إِنْتَاجَا فِيْو العَنْبَر بِكُوْن زَيْ الحيْطَه عَشَانْ كِدَه الكَمِينَه الفِيْهَا طَرَبيْزْتيْن بِكُوْن فِيْهَا عَنْبَريْن كُلُّ طَرَبيْزَه بِرُصُّو طُوْبَا فِي عَنْبَر يَا يَمِيْن أَوْ شَمَال»13.

هنا يوضع طوب الإنتاج بعد جفافه لمدة أسبوعين وفي العنبر يكون الطوب قد جف تماماً (انظر الصورة رقم 20)، وبعد ذلك يتم نقله إلى الكمينة توطئة لحرقه.

 

5 - مرحلة بناء الكَمِيْنَة (الكُوْشَة) والحَرْق:

بناء الكمينة يحتاج إلى عامل متخصص يقوم ببنائها وعملية حرقها ويسمى بـ (الحَرَّاق) وعملية حريق الطوب تسمى (الحُرُق) والكمينة نفسها تسمى (الكُوشَة) فقبل الحريق يقوم هذا العامل ببناء الكمينة (الكُوشَة) والتي تبدأ ببناء ما يعرف بـ (العَقِد) وذلك اعتماداً لما قاله الراوي أحمد عبدالرحمن الحاج:

«الكَمِيْنَه بِتِنْبَنِي بالمُدْمَاك وَأَوَّل حَاجَه بِخُتُّو العَقِدْ وبِبْنُو عَليْو وبِسَمُّوْهَا الكُوْشَه وبِبْنِيْهَا الحَرَّاقْ وبَعَد دَاكْ بِقُوْم بالحُرُق بِتَاعَا»14.

تختلف أحجام الكمائن بحسب عقد الكمينة وهناك ما يعرف بعَقِد سِتَّة وعَقِد سَبْعَة وعَقِد ثَمَانِيَة وهكذا… وغالباً ما يستخدم عقد ستة لبناء الكَمِيْنَة (الكُوْشَة) وهو المستخدم دائماً في منطقة الجريف وفي هذه السطور سنتناول كيفية بناء هذا النوع من العقد.

يقول الراوي الزبير الجيلاني بابكر عن بناء العقد: «تَخُتْ وِتِدْ هِنِي ووِتِد هِنِي ووِتِد هِنِي ووِتِد هِنِي، تَحَسِبْ بِالشَّبْحَة إِطْنَاشَر شَبْحَة الكَمِيْنَة دِي فِيْهَا إِطْنَاشَر عيْن يَا جَمَاعَة دَايرِينْ فِيهَا مِيَّة وعِشرِين أَلفْ طُوبَة، بِسمِ اللهِ بَدُو مِن هِنِي فِي حَاجَة إسِمَا الجرَّايَة اللَّوَّلاَنِيَّة دِي بِيخُتُّوْهَا حَاجَة إِسِمَا الجَرَّايَة خَتّيْتْ الجَرَّايَة حَاجَة بِتَاعَتْ خَمْسَه طُوبَاتْ بِالجَنْبَه الحِدَاهَا دِي بَرْضُو خَمْسَه طُوْبَاتْ تَانِي تَخُتْ طُوْبَة بِي هِنِي وُطُوْبَة بِي هِنِي مَقَرَّبَاتْ عَلى بَعَضْ يَعْنِي مَثَلاً دِي هِنِي خَمْسِينْ سَنْتِمِتِرمُوْشْ كَدِي تَخُت تَانِي طُوْبَه بِي هِنِي وُطُوبَه بِي هِنِي بِقَتْ الفَرَقَةْ تَلاَتِين سَنْتِمِتِر تَانِي لَمَّن يِكُونَنَ كَدِي بِقَنْ خَمْسَه طُوبَاتْ تَانِي تَخُت إِتنِين تَكُوْن الفَرَقَه قَرِيبَه تَاني تَقْفِلاَ بِي طُوبَه وَاحْدَه تكُون دِي العِيْن إِنْقَفَلَتْ بِي جُوَّه لِيْهَا بِتْكُونْ خَتّيْتْ حَطَبَ مَا بِتْكُونْ خَتّيْتْ ليْهَا القَرْقَفْ دَا وُمَاشِي وُمَاشِي لَغَايَت مَا تَتِمَّهِنْ إِطْنَاشَر عِينْ تَمِيتْ الإِطْنَاشَر عِين دِي دَا إِسْمُو العَقِد إِنْتَهَى عَليْ حَاجَة بِتَاعَتْ سِتَّه مَدَامِيْكْ وبَعَدْ دَاكْ بِتْكُونْ فِي مَجَارِي وَاضْحَه قُصَادْ كُلُو عِينْ يْكُونْ مَخْتُوتْ فِيهَا الحَطَب وبِيخُتُّو فِيْو القَرْقَفْ»15.

هنا يشرح لنا الراوي طريقة بناء الكمينة وخطواتها ابتداءً من تخطيطها باستخدام الأوتاد لتحديد مساحتها بعد معرفة عدد الطوب الذي يجب أن تسعه الكمينة، كما وضح لنا كيفية بناء عيون الكمينة ووضع الحطب عليها للحرق وببناء العيون يكون عقد الكمينة قد اكتمل، ويمكن أن نطلق عليه قاعدة الكمينة ومن هذه الجزئية نستنتج أن بناء الكوشة يبدأ بالعقد وهو أهم جزء فيها ويحتوي على (العِيُوْن)، وهي عبارة عن مجاري يوضع فيها حطب الوقود ومعه أحياناً (القَرْقَف)، وهو عبارة عن كتل من زبالة الأبقار المتحجرة تساعد على الحرق ويتم تخطيط العقد (عَقِد سِتّه) الذي تستخدم فيه الأوتاد لتحديد المساحة وذلك بتحديد مستطيل مساحته (10×7متر) الطول × العرض، بما يعرف بـ (الشَّبْحَة) وذلك لتكون سعة هذه الكمينة مائة وعشرين ألف طوبة، وعلى الطول يبدأ البناء بما يسمى بـ (الجَرَّايَة) وهي عبارة عن خمسة طوبات بطول الطوبة وعلى بعد 40 سم توضع الجراية الثانية وهكذا إلى الآخر يتم رصف الجرايات و تكون ممتدة بعرض الكمينة، وهنا يتم رصف الطوب بعرضه ويسمى بـ (السِّلبُويَة) لتعطي شكل مجاري العيون، ثم بعد ذلك يوضع الحطب والقرقف؛ فبالتالي يتم بناء كل عين بمفردها وبعد اكتمال بنائها يتم رصف الطوب في الفراغات، ويسمى بـ (الدَكَّة) حتى يكتمل بناء العقد، حيث يتم بناء العين بوضع الطوب بتقريب المسافات بين الجرايات في شكل شبه مثلث، وذلك كما ذكر الراوي مقدماً، والطوب الذي يتم رصفه ليقرب المسافة بين الجراية والأخرى يسمى بـ (القُودَة) بمعنى وضع قُودَة من هنا وقُودَة من هناك، استناداً على قول الراوي حسن سايق إبراهيم أحمد:

«بِتْخُتْ قُودَه مِنْ هِنَا وقُودَه مِنْ هِنَاكْ قُودْتَيْن قُودَه وَرَا و قُودَه قِدَّامْ اَهَا القُودْتَيْن ديْل بِتَربُطِن بي طُوبَه بِقُوْلُوْلاَ الأَمَانْ»16.

كما وضح الراوي تُوضع طوبة للربط وتسمى بـ (الأَمَانْ)، (انظر الشكل رقم 2).

بعد اكتمال بناء العيون وملء الفراغات بالطوب بين العيون يكتمل بناء ما يعرف بالعقد، وبداخل العيون يكون حطب الحرق قد تم رصفه بطول العين ويرصف بحيث يسند بعضه البعض، ويستند في البداية على عود يسمى (التَّكَّالْ) وهو عود له انحناءة في نهايته إلى أعلى بحيث يسند العود الذي يليه وهكذا، وهنا يضيف الراوي حسن سايق قائلاً:

«الحَطَبْ بِتْرُصُّو مِن البِدَايَه بي حَاجَه اِسِمَا التَّكَّالْ عُوْد أَعَوَجْ عَشَانْ اِكُوْن مِهَوِّي مِن الوَاطَا وبَعَديْن العُودْ البِتْكِلُو فِي قَفَاهُو اِكُوْن مِثَبِّتُو مَا بِنُوْم عَشَان اِنْ نَام فِي الوَاطَا النَّار مَا بِتْقُوْم فوْقُو لاَزِم اِكُوْن العُوْد الاَوَّلاَنِي دَا أَعَوَجْ»17.

دائماً ما يستخدم حطب السُّنُط للحرق و يعد نوعاً جيداً لأنه يمتاز بدرجة حرارة عالية واستخدامه يرتبط بنوع الطين الذي ينتج منه الطوب، فإذا كان الطين بلبطي لا بد من الحرق بحطب السنط، وهنالك أنواع أخرى من الحطب مثل الطَّلِح والكِتِر والهِجْلِيْج والهَشَاب، وهذه يمكن أن تستخدم لحرق الطوب المنتج من الأنواع الأخرى من الطين، وتحرق الألف طوبة بما يعادل قنطار من الحطب وهنا يقول الراوي عبدالعظيم علي الظريفي:

«أَحْسَن نوْع لِلْحَرِيْق السُّنُط لأَنُّو بِدِّي نَار كَتِيْرَه بَعَدُو الطَّلِح بَعَد الطَّلِح تَانِي بِجِي الكِتِر وتَانِي الهَشَاب واَلِف الطُّوب بِنَحْرِقُو بي قُنْطَار»18.

تُملأ الفراغات بشرائح تسمى (التَحْشِيَة)؛ لتساعد على اشتعال النار ومعها (القَرْقَف) الذي يساعد على الحرق، بعد ذلك يتم بناء جدار خارجي من الجهات الأربعة للعقد بمقدار طوبة وتترك فتحات العيون كما هي، ويسمى هذا الجدار (الرَّحَط) استناداً على إفادة الراوي حسن عبد الصادق الطيب المبارك الذي يقول:

«العَقِد دَا أَوَّل مَرْحَلَه لَمَّن تَجِي تَدَخِّل الطُّوْب فِي الكَمِيْنَة بَعَد مَا يِنْشَف بِنْسَمِّيْهُو العَقِد والعَقِد دَا يَعْنِي المَنْطِقَه البِنْخُتَّها فِيو بِنْسَمِّيْهَا الرَّحَط بِتَعَقِد لي حَد الرَّحَط واَمَّن تَبْنِي العَقِد دَا مِنْ بَرَّه بي طُوْبَه وَاحْدَه الجِّدَار دَا بِنْسَمِّيْو الرَّحَط»19.

بعد اكتمال العقد والرحط تأتي مهمة ما يعرف بـ (العَربَجِيّة) أو النَّقَّالَة وهم عمال مهمتهم نقل الطوب الأخضر من العنبر إلى الكمينة، ويكون عددهم أثنين، أما الأداة التي يستخدمونها لنقل الطوب فتسمى (العَرَبِيَّة)، (انظر الصورة رقم 21)، وكلما زاد عدد العربات زاد عدد العمال وذلك يتوقف على إمكانيات صاحب الكمينة المادية ويتم دائماً حمل خمسين طوبة20.

عند بداية نقل الطوب من العنبر إلى الكمينة يأتي العربجية بـ (السِّقَالَة) وهي عبارة عن خشبة طولها 4 أمتار وعرضها 20 سم وتوضع في إحدى زوايا عقد الكمينة؛ لتساعد عمال النقل على الصعود إلى أعلى العقد لرصف الطوب وبجانب مؤخرة السقالة على الأرض يبني ما يعرف بـ (العَدَّاد)، وهو مجموعة من الطوب يتم تكريسه، وعلى سطحه توضع مجموعة من الحجارة، ومن ثم تبدأ عملية الرصف، و بعد نزول العربجية بعد رصف طوب العربية أعلى الكمينة مباشرة يقومون برمي حجر من العداد على الأرض، وتستمر هذه العملية وذلك لحساب عدد الطوب في النهاية بعدد الحجارة، وكل حجر بخمسين طوبة، بحيث يتم ضرب عدد الحجارة في خمسين طوبة، وأول مدماك يوضع يكون بطول الطوبة ناحية العيون ويسمى (بَلَدِي)، ثم يوضع المدماك الثاني عكس المدماك الأول ويسمى (شَايْقِي)، (انظر الصورة رقم 22)، وتستمر هذه العملية بحيث يتم تشكيل مدرج الطوب في اتجاه السِّقَالَة ليساعد على الصعود (انظر الصورة رقم 23)، حتى يتم عدد المَدَامِيْك ثمانية عشر مُدْمَاكَاً وهو الحد الأقصى لرصفها. وبعد ذلك يتم قفل المدرج وذلك بوضع كمية من الطوب على سطح الكمينة، ومن ثم تبدأ عملية التقفيل من أعلى إلى أسفل، (انظر الصورة رقم 24) فبالتالي تكون عملية بناء الكُوْشَة (الكَمِيْنَة) قد اكتملت بالعدد المراد حرقه من الطوب وغالباً ما يكون عدد الطوب المراد حرقه مائة وعشرين ألف طوبة، وبعد اكتمال الكُوْشَة (الكَمِيْنَة) يتم ردمها بالزبالة من أعلى وتسمى (الكَفْيَة)، ثم يتم تغليفها بما يعرف بـ (الدَّوَرَانْ)، وهو جدار من كُسار الطوب الأحمر بحيث يتم بناءه من أسفل إلى أعلى حول جدار الكمينة، (انظر الصورة رقم 25)، ومن ثم يتم مسح هذا الدوران بطين معين يسمى (الرِّقِينَا)، وهو عبارة عن رملة حمراء اللون لزجة بعض الشيء، وتخلط معها نسبة من الرمل الأبيض، حيث يتم مسح الدوران من أسفل إلى أعلى الكوشة (الكَمِينَة)، حتى تتم تغطية كل الفتحات تماماً، (انظر الصورة رقم 26)21.

بعد اكتمال بناء الكمينة بصورتها النهائية ومسح الدوران يأتي (الحَرَّاق) للاستعداد لمرحلة الحرق (الحُرُق)، ويقوم بوضع ما يعرف بـ(الوَلْعَة)، وهي عبارة عن مجموعة من (شَوَّالاَت الخيْش)، جوالات بالية و شقائق الحطب و(القَرْقَف)، كل هذه الأشياء يقوم بتوزيعها على (العِيُون)، ثم يحضر باقة من الوقود ويقوم بصبها على (الوَلْعَة) بعيون الكُوْشَة (الكَمِيْنَة)؛ لتساعد على الاحتراق ثم يبدأ بالعين الأولى ويقوم بإشعال النار فيها باستخدام الكبريت، ويحمل في يده عوداً ولحظة إشعال النار في العين الأولى يأخذ قطعة من الجوالات، ويقوم بلفها في العود الذي يحمله، ويبلله بالوقود ويشعل فيه النار ويستخدمه لإشعال النار في بقية العيون بالكَمِيْنة (الكُوْشَة)، ودائماً ما يكون إشعال النار بالعيون في اتجاه حركة الهواء، كما أن تصميم الكُوْشَة (الكَمِيْنَة) يكون في هذا الاتجاه وهو شمال جنوب وذلك حتى يتم تحريك النار بواسطة الهواء لتصل إلى فتحات العيون بالجانب الآخر من الكُوْشَة (الكَمِيْنَة)، (انظر الصورة رقم 27)، وبجانب الكُوْشَة (الكَمِيْنَة) يتم إحضار عشرين قنطاراً أو ثلاثين قنطاراً من الحطب وتوضع لتستخدم في المساعدة على الحرق، وذلك بإضافتها داخل العيون كلما قلت النار بداخلها، وتسمى (الوَقْدَة)؛ وذلك للتأكد من أن النار انتقلت إلى الطوب و يقول الراوي عبد العظيم علي الظريفي هنا:

«الكَمِيْنَة العَقِدْ اللِّيْلاَ بِشِيْل أَرْبَعِيْن خَمْسِيْن سِتِّيْن عَليْ حَسَبْ الحَجِم بِتَاعَا بَعَد دَاكْ بِتْجِيْب ليْهَا عِشْرِيْن تَلاَتِيْن قُنْطَار دِي اِسِمَا الوَقْدَه البِوْقِدُو بيْها بِتْحَرِّك بيْها النَّارْ عَشَان تَوْقِدَا بيْها»22.

بعد اشتعال الحطب داخل العيون ويتحول إلى جمر مع القرقف وشقائق الحطب تكون النار قد انتقلت إلى المدماك الأول أعلى العيون، وفي هذه اللحظة يظهر الطوب في شكل جمر – أيضاً – أحمر اللون وهذه نتيجة طبيعية لاحتوائه على الزبالة وهنا يقال: إن الكَمِيْنَة أو الكُوْشَة (كَهْرَبَت)، (انظر الصورة رقم 28) وهنا يوضح الراوي حسن عبد الصادق معنى كَهْرَبَت قائلاً:

«كَهْرَبَت الكَمِيْنَة لَمَّن نَارَا تَبْقَا حَمْرَا وُتَمْسِك فِي الطُّوْب وُبِتَعَرِف بيْها اِذَا دَايْرا حَطَبْ وَلاَّ مَا دَايْرَا لَوْ لِقِيْت الطُّوب جُوَّا بِقَا نَارْ بِتْوَقِّف هِنَا نَارَك بِتْقُوْل الكَمِيْنَة دِيْ بِتْفُوْر»23.

تستغرق هذه العملية حوالي ست ساعات أو يوماً كاملاً، وهذا يتوقف على حركة الهواء، وفي هذه اللحظة يقوم الحراق بقفل عيون الكمينة من الجانبين الشمالي والجنوبي بالطوب ومسحه بطين الرِّقيْنا هذا لكي؛ ترتفع النار إلى أعلى الكَمِيْنَة، حيث إن المُدْمَاك أعلى العيون يحرق المُدْمَاك الذي يليه، ويستمر الحرق هكذا داخل الكَمِيْنَة أو الكُوْشَة حتى يصل إلى آخر مُدْمَاك ومنه إلى الكَفْيَة وتستغرق هذه العملية مدة ثلاثة أو أربعة أيام، وهنا يتغير لون زبالة الكَفْيَة أعلى الكَمِيْنَة أو الكُوْشَة إلى اللون الأبيض، وحينما يظهر هذا اللون يقال: إن الكمينة (شَابَتْ)، وهذا المعنى ذكره الراوي الزبير الجيلاني بابكر باعو قائلاً:

«لَغَايَةْ مَا تَنْجَضْ الكَمِيْنَة فِي آخِر حَاجَه فوْق بِقُوْلَّك شَابَتْ يَعْنِي طَلَّعَتْلَهَا شيْب اَبْيَض كَدِي وُمَعَنَاهَا خَلاَصْ دَا بِكُوْن النَّارْ وَصَلَتْ آخِر حَاجَه فوْق وُبِتَعْمَل بَيَاضْ»24.

هذا يعني أن الطوب الذي بداخلها قد تم حرقه تماماً، وهنا تترك الكَمِيْنَة لمدة يوم آخر حتى ينقطع الدخان المتصاعد منها، وبعد انقطاعه يتم التأكد من أن الكَمِيْنَة قد انخفضت درجة حرارتها بحيث يمكن فكها وهنا يقول الراوي أحمد عبد الرحمن الحاج:

«لَمَّنْ إِطْلَعْ الدُّخَّانْ دَا بيْ فوْق للْكَفْيَه وُتَشُوْفُو خَلاَصْ مَعَنَاهَا اَكَلَتْ النَّار الزِّبَالَه البيْ فوْق تَانِي بِتَاخُد يوْم وَالتَّانِي بِتَبْرُدْ حَتَّى بَعَد دَاكْ اِجُو اِقَشِّرُوْهَا»25. وتستغرق هذه العملية حوالي أربعة أو خمسة أيام.

6 - المرحلة النهائية:

في هذه المرحلة يتم فك دوران الكوشة أو الكمينة عن آخره بكل جوانبها بواسطة العَرْبَجِيَّة أو النَّقَّالَة الذين يكونون في غاية الاستعداد لإخراج الطوب بعد حرقه وذلك بإحضار العَرَبِيَّة لحمل الطوب والعَتَلَة والشَّاكُوْشْ ليساعدا على فك الطوب الذي يكون ملتصقاً بعض الشيء بفعل الحرق، وبعد فك الدوران تترك لبعض الوقت للتأكد من إنخفاض درجة حرارة الطوب تماماً، وفي هذه الأثناء يقوم العَربَجِيَّة بنظافة وتسوية ما يعرف بـ (الأَبْرَاجْ)، وهي المكان الذي يتم فيه رصف الطوب المحروق لعرضه وحفظه بعد تصنيفه، عبارة عن مساحة من الأرض جوار الكَمِيْنَة أو الكُوشَة مُخصصة لإخراج الطوب، ويطلق على هذه العملية (تَبْرِيْجْ الطُّوْبْ)، وقام بشرحها الراوي الزبير الجيلاني بابكر باعو قائلاً:

«بَعَدْ مَا فَكُّو الكَمِيْنَه بِطَلِّعُو الطُّوْبْ بَرَّه وُبِرُصُّو فِي أَبْرَاجْ بَعَد مَا فَتَحُو الكَمِيْنَه بِبْدُو بيْ أَلِف أَلْفيْن تَلاَتَه لَغَايَة عَشَرَه تَالاَفْ بِقُوْلُو إِبَرِّجُو إِخُتُّو بُرُجْ يَعْنِي إِعَلُّو إِطْلَع خَمْسِيْن سِتِّيْن سَبْعِيْن اَلِف إِكُوْنَنْ بَرَّه الكَمِيْنَه»26.

يبدأ العَرْبَجِيَّة بفك الطُّوْب من الكُوْشَة أو الكَمِيْنَة بواسطة الأيدي ويتم ترحيله مباشرة بواسطة العَرَبِيَّة التي تكون إلى جوارهم، بحيث يوضع عليها مقدار (80 طُوْبَة)، (انظر الصورة رقم 29).

 

وبعد اكتمال عدد الطُّوْب في العَرَبِيَّة يتم حمله إلى البُّرج ورصفه هناك، بحيث يتم تشكيل رصفة تحتوي على أربعة ألف طوبة، وتسمى (الدُّوْرْ)، وهذا العدد هو حمولة اللوري الذي يرحلها للتسويق، وتقسم الرصفة إلى ثمانية ريقان مفردها (رُوْقْ)، وكل روق به خمسمائة طوبة، يقول الراوي: حاج موسى محمد يعقوب:

«بِتَرْمِي القِشْرَة بِتَاعَتَا القِشْرَة دِي طَبْعاً لَمَّنْ تَرْمِيْهَا تَانِي بِتَبْدَا فِيْهَا شِنْو شُغُلْ تَنْزِيْل تَنَزِّلاَ تَانِي طُوبْ أَحْمَرْ تَنَزِّلاَ طَبْعَاً تَانِي شِنُو بِتَرْمِيْهَا بِالدّوْر طَبْعاً الدّوْر دَا فِيْو خَمْسَه رِيْقَان كَبِيرَة الرّوْق فِيْو تُمْنُمِيَّة»27.

هذه الأبراج التي يتم رصفها تصنف على حسب نوع الطوب المنتج في الكوشة أو الكمينة؛ وذلك لأن الطوب بعد الحرق ربما يكون نوعين أو ثلاثة أو أربعة ويتوقف هذا على عملية الحرق الذي تلعب فيه حركة الرياح الدور الأكبر ومقدار الحطب ونوعه، هذه الأنواع هي: الطوب الأحمر الذي يعرف بـ (نِمْرَة 1)، والأصفر (نِمْرَة 2)، والبَلَحِي (نِمْرَة 3)، وأحياناً يكون هنالك نوع رابع وهو ما يعرف بالطُّوْب (الفُوْرْ)، (نِمْرَة 4)، وهذا يحدث إذا تعرض الطوب لدرجة حرارة عالية أكثر مما يجب بفعل الحرق وأحياناً أخرى إذا كانت نسبة الزبالة في الطين كبيرة وهنا تزيب الطوب ويكون المنتج طوب فور.

نجد الطوب الأحمر دائماً وسط الكُّوْشَة؛ وذلك لأن النار دائماً تتصاعد إلى أعلى ولذا يتم حرق الطوب وسط الكُّوْشَة بشكل جيد، أما الأطراف فربما لا تصلها النار بالمستوى المطلوب؛ لذلك يكون لون الطوب أصفر، وأحياناً بَلَحِي وذلك في حالة تعرضها للهواء كما يوجد الطوب البلحي – أيضاً – في العَقِدْ أسفل الكَمِيْنَة؛ لأن النار دائماً تتجه إلى أعلى وغالباً ما تكون الثلاثة مَدَامِيك أسفل الكُوْشَة من الطُّوْب البَلَحِي.

يقول الراوي الزبير الجيلاني في هذا الخصوص: «الطُّوْب البَلَحِي بِيِجِي نَتِيْجَة لِي أَوَّلْ حَاجَة الجِدَارَات ديْل إِذَا الهَوَا ضَرَبُن بِطَلِّعَن الطُّوْب بَلَحِي نِمْرَة إِتْنيْن العَقِد دَا التِّحِت دَا زَاتُو مَحَل النَّار التِّحِت دَا مَرَّات النَّارْ بِتَمِش يَا فوْقْ مِنُّو الكَمِيْنَة مَا بتَاكُل نَار بِتخَلِّي التَلاتَة مَدَامِيْكْ ديْل بِتْكُون بَلَحِيَّات آيْ دَا البَلَحِي»28.

يتم تصنيف هذه الأنواع من الطوب في الأبْرَاج، الأحمر والأصفر والبَلَحِي والفُوْر إن وجد وذلك للتسويق وكل نوع له سعر يختلف عن الآخر، (انظر الصورة رقم 30، 31، 32، 33).

هنالك نوع آخر وهو الطوب (الكُسَّار) والذي يتعرض للكسر داخل الكُوْشَة وهذا يحدث إذا تم فك الدوران قبل أن تنخفض درجة حرارة الكُوْشَة، وهذه نتيجة طبيعية؛ لأنها تتعرض للهواء قبل أن تقل حرارتها تدريجياً؛ لذلك يحدث التكسير في طوب الأطراف، كما يحدث – أحياناً- أثناء الفك أو الترحيل من الكُوْشَة إلى الأَبْرَاجْ وهذا النوع من الطوب يتم تصنيفه – أيضاً – ويوضع في أكوام ويقوم بعض من العمال بمهمة تكسيره بالشَّاكُوْش لأجزاء صغيرة ويباع لاستخدامه في ما يعرف بـ (الخَافْجَة) التي تستخدم في ردم الأسقف بعد خلطها مع الإسمنت بدلاً عن الخرسانة، كما تستخدم في الردميات أو ما يعرف بالمَصَّاصَات لامتصاص مياه الصرف الصحي، و تستخدم – أيضاً – في البناء إذا كان عبارة عن طوب تم كسره إلى نصفين بالتساوي وهذا النوع يتم بيعه بسعر أقل.(انظر الصورة رقم 34).

 

تقسيم زمن العمل في اليوم

(الرُّوتِيْن اليَومي) والإنتاج

يبدأ الموسم أواخر شهر أكتوبر وبداية شهر نوفمبر ويستمر حتى نهاية شهر يونيو وخلال هذه الفترة تكون فترة الموسم سبعة أشهر، وخلالها يستمر العمل دون توقف إلا أيام الراحة.

يبدأ العمل دائماً بداية اليوم الساعة الثانية صباحاً لإنتاج حوض الطين الذي يتم تجهيزه عصر اليوم السابق، ويقسم هذا الحوض إلى جزءين وكل جزء يقسم إلى نصفين، وكل نصف يسمى (الجَرَّة) حيث يتم تجهيزها ونقلها إلى الأسطى في الطربيزة حيث يبدأ العمل فيها حتى الساعة الثامنة صباحاً، ويستمر العمل في (الجَرَّة) الثانية حتى زمن الإفطار حيث يتوقف العمال عن العمل لمدة ساعة لتناول وجبة الإفطار، ويسمى إنتاج هذا الجزء من الحوض (فَرْدَة صَبَّاحِي) التي تنتج حوالي ألفين ونصف طوبة29، وبعد تناول وجبة الإفطار يقوم العمال بمواصلة العمل في الجزء الثاني من الحوض الذي يسمى (فَرْدَة الضُهْرِي)، والذي يقسم أيضاً إلى نصفين حيث يبدأ العمل في الجرة الأولى من الفردة الثانية حتى صلاة الظهر وبعد الظهر يأخذ العمال قسطاً من الراحة وأثناءها يتناولون وجبة الغداء في فترة ساعة، ثم يتواصل العمل في الجرة الثانية حتى صلاة العصر، حيث يتم إنتاج ألفين ونصف طوبة أخرى وبذلك يكون إنتاج الحوض الكلي خمسة آلاف طوبة في اليوم، وبعد صلاة العصر يقوم الأسطى والطبلنجية بكسر حوض جديد وطرحه وخلطه مع الزِّبَالَة (رَوَثْ الحيوانات) وسقايته بالماء؛ وذلك لإعداده وتخميره للعمل فيه في اليوم التالي حيث يتم الفراغ من تجهيز هذا الحوض حتى صلاة المغرب، وهنا يتوقف هذا العمل في الفترة المسائية والتي تعتبر فترة راحة العمال الأساسية وذلك حتى يستطيعوا مزاولة العمل في اليوم التالي30: لإنتاج حوض آخر، وبعد إنتاج الحوض الثاني في اليوم التالي يتوقف العمل لمدة يوم وذلك لأن الفروش تكون قد امتلأت بالطوب وحتى يتم جفافه ورفعه إلى العنابر لتهيئة الفروش لإنتاج جديد، ويستمر العمل هكذا: يومين إنتاج واليوم الثالث راحة حتى يتم إنتاج عشرة حيضان في مدة أقصاها أسبوعين، ثم يتوقف العمل بعد محاسبة العمال بأخذ أجورهم مقابل إنتاجهم في فترة الأسبوعين من العشرة حيضان والذي يكون مدوناً في كراسة خاصة بذلك، وهنا يقول العمال اليوم (قَطْع الحِسَاب)31، وبعد ذلك يأخذ العمال إجازة عن العمل لمدة ثلاثة أيام، وبعدها يتواصل العمل ثانيةً لمدة خمسة عشر يوماً أخرى لإكمال الشهر، وهذا يعني أن الإنتاج يكون بمقدار أربعة حيضان في الأسبوع والتي تنتج عشرين ألف طوبة للطربيزة الواحدة، فخلال الشهر يكون الإنتاج لمدة ثلاثة أسابيع ويقدر باثني عشر حوضاً وهذه تنتج ستين ألف طوبة للطربيزة الواحدة وفي حالة وجود طربيزتين كحد أدنى في الكمينة يكون الإنتاج حوالي مائة وعشرين ألف طوبة وهنا يمكن للتاجر أن يقوم ببناء كمينة بمائة وعشرين ألف طوبة وعمل حرقة واحدة في الشهر32.

يمكن أن نقدر حجم الإنتاج للطربيزة الواحدة كالآتي:

الإنتــــــــاج         الزمــــــن

5000 طوبة      في اليوم

20000 طوبة    في الأسبوع

60000 طوبة    في الشهر

420000 طوبة  في الموسم

 

 

بالتالي يمكن القول إن حجم الإنتاج للطربيزتين في الموسم إذا كان التاجر يمتلك طربيزتين على الأقل هو: 840000 طوبة.

عليه يمكننا أن نقدر حجم الإنتاج بمنطقة الجريف شرق في الموسم وذلك بعدد التجار والذي يقدر بـ (272 تاجر) كما ذكر رئيس اتحاد أصحاب الكمائن قسم السيد عمر33. حيث نجد أن أقل تاجر في المنطقة يمتلك طربيزتين كحد أدنى وعليه يمكن أن نحدد عدد الطرابيز بـ (544 طربيزة).

عليه يمكن أن نقدر حجم الإنتاج بمنطقة الجريف شرق بعدد الطرابيز كالآتي:

الإنتــــــــاج              الزمــــــن

2720000 طوبة       في اليوم

10880000 طوبة     في الأسبوع

32640000 طوبة     في الشهر

228480000 طوبة   في الموسم

 

هنالك عوامل تؤثر في حجم هذا الإنتاج يمكن أن تلخص من خلال ما ذكره الراويان عبد العظيم علي الظِّريفي34، وحسن عبد الصادق35، كالآتي:

عدد العمال: لا بد أن يكون العدد مكتملاً في كل طربيزة، فإذا نقص العدد ينعكس ذلك على الأداء.

ارتفاع تكاليف المواد المضافة في الإنتاج (الحطب، الزبالة).

ارتفاع تكاليف العمال.

توقف الإنتاج في فصل الخريف حيث يغادر العمال إلى مناطقهم بالولايات للعمل بالزراعة. ويمكثون هناك حتى فترة الحصاد للاستفادة من إنتاجهم الزراعي، هذا ما يجعلهم يتأخرون في بداية الموسم الجديد.

زيادة الطلب للطوب نتيجة للتوسع العمراني.

أحياناً أثناء الحرق بالكمينة إذا زادت حركة تيار الهواء يؤثر ذلك على المنتج من الطوب بحيث يجعل النار في اتجاه واحد من الكمينة، وفي هذه الحالة يكون المنتج غير جيد.

  

التسويق

هنالك أسواق في كل من الخرطوم وأم درمان وبحري يتم فيها بيع الطوب المنتج للمستهلكين وهي كالآتي:

الخرطوم: في الصَّحَافة والكَلاَكْلَة.

أم درمان: في كَرَرِي والفِتيْحَاب وسوق ليبيا.

بحري: الحَاجْ يُوسف والسوق المركزي بشَمْبَات.

هنالك طرق محددة يتبعها أصحاب الكمائن لبيع إنتاجهم من الطوب يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

هنالك شركات تطرح عطاءات تطلب فيها كميات محددة من قبلها للتجار أو أصحاب الكمائن؛ وذلك لمن يرسو عليه العطاء، وفي هذه الحالة يتم التعاقد معه لإنتاج كميات محددة في فترة زمنية محددة لتسليمها لتلك الشركات بواسطة مهندسين يقومون بمتابعة عملية الإنتاج.

هنالك مقاولون يشرفون على بناء مواقع يقومون بشراء الطوب من الكمائن.

هنالك تجار يقومون بشراء الطوب من الكمائن لبيعه بسعر أعلى في الأسواق.

أحياناً يذهب أصحاب الكمائن إلى الأسواق للبحث عن وجود طلبيات وبموجبها يقومون بدورهم بتوريد الطوب المطلوب بالموقع المحدد.

بعض أصحاب الكمائن لديهم ترحيل (لَوَارِيْ) ويقومون بعرض إنتاجهم للبيع في الأسواق سابقة الذكر.

يتم البيع – أيضاً- بالكَمَائن حيث نجد أن هنالك مشترين مستهلكين يأتون إلى مناطق الإنتاج.

هناك عرض - أيضاً - للطوب داخل الكمائن حيث توجد مساحات يتم فيها تخزين الطوب المنتج وفي الوقت نفسه يعرض للبيع سواءً للمستهلكين أو التجار أو أصحاب الشركات أو غيرهم.

  

الخاتمة

تعتبر منطقة الجريف شرق من أكبر المناطق لإنتاج الطوب الأحمر بالعاصمة القومية الخرطوم وفي السودان بشكل عام، وأدى ذلك إلى النمو الاقتصادي بالمنطقة والمناطق الأخرى، كما أدى إلى تحسين أوضاع المواطنين الاقتصادية نتيجة لزيادة الأرباح والعائد المادي السنوي، وهذا نتيجة للتطور العمراني الذي انتظم مدينة الخرطوم والمدن الأخرى وتعتبر حرفة الطوب الأحمر بمنطقة الجريف شرق إرثاً تاريخياً قديماً، وتمثل العمود الفقري للتعمير والبناء في السودان بصفةٍ عامة، وفي العاصمة القومية لا يوجد منزل من الطوب الأحمر إلاَّ وبني من طوب منطقة الجريف، ولا توجد مدرسة ولا جامعة ولا ثكنات جيش ولا وزارة إلاَّ وبنيت من طوب الجريف.

حرفة الطوب الأحمر أحدثت كثيراً من التغييرات في المنطقة، وتعتبر إيجابية لتنمية المجتمع بالمنطقة، وتتمثل في مستوى التعليم والعمران والثقافة بشكل عام حيث ساعدت الحرفة على الاهتمام ببناء المدارس، والأندية ودور العبادة، والمعاهد الحرفية، والمدارس الصناعية، كما أن الرسوم اليومية والسنوية المتحصل عليها من الإنتاج تذهب لصالح المنطقة في شكل رواتب للمعلمين، وخدمات عامة للمنطقة وتبرعات لصالح التعليم، والصحة وبقية الخدمات الأخرى.

 

الهوامش

1 - الراوي زكريا إبراهيم، شريط رقم: م د أأ/ 4336، الجريف شرق، 29/5/2009م.

2 - الراوي يعقوب دهب، شريط رقم: م د أأ/ 4364، الجريف شرق، 21/5/2009م.

3 - الراوي السراج عمر موسى العوض، شريط رقم: م د أأ/ 4344، الجريف شرق، 26/6/2009م.

4 - الزبير الجيلاني بابكر باعو، شريط رقم: م د أأ/ 4335، الجريف شرق، 26/5/2009م.

5 - الراوي السراج عمر موسى، شريط رقم: م د أأ/ 4344، الجريف شرق، 26/6/2009م.

6 - الراوي عبدالله عباس عبدالله، شريط رقم: م د أأ/ 4362، الجريف شرق، 26/6/2009م.

7 - الراوي أحمد خليل البشير، شريط رقم: م د أأ/ 4360، الجريف شرق، 9/5/2009م.

8 - الراوي حماد أحمد عبد الرحمن، شريط رقم: م د أأ/ 4364، الجريف شرق، 21/5/2009م.

9 - الراوي عثمان يعقوب دهب، شريط رقم: م د أأ/ 4364، الجريف شرق، 21/5/2009م.

10 - الراوي عثمان يعقوب دهب، نفسه.

11 - الراوي عبد العظيم علي الظريفي، شريط رقم: م د أأ/ 4361، كرري العجيجة، 15/5/2009م.

12 - الراوي عبد العظيم علي الظريفي، نفسه.

13 - الراوي عبد العظيم علي الظريفي، شريط رقم: م د أأ/ 4361، كرري العجيجة، 15/5/2009م.

14 - الراوي أحمد عبد الرحمن الحاج، شريط رقم: م د أأ/ 4347، الجريف شرق، 8/5/2009م.

15 - الراوي الزبير الجيلاني بابكر باعو، شريط رقم: م د أأ/ 4335، الجريف شرق، 26/5/2009م.

16 - الراوي حسن سايق إبراهيم أحمد، شريط رقم: م د أأ/ 4343، الجريف شرق، 26/6/2009م.

17 - الراوي حسن سايق إبراهيم أحمد، شريط رقم: م د أأ/ 4343، الجريف شرق، 26/6/2009م.

18 - الراوي عبد العظيم علي الظريفي، شريط رقم: م د أأ/ 4361، كرري العجيجة، 15/5/2009م.

19 - الراوي حسن عبد الصادق الطيب المبارك، شريط رقم: م د أأ/ 4337، الجريف شرق، 30/5/2009م.

20 - الراوي عبد العظيم علي الظريفي، شريط رقم: م د أأ/ 4361، كرري العجيجة، 15/5/2009م.

21 - الراوي الزبير الجيلاني بابكر باعو، شريط رقم: م د أأ/ 4335، الجريف شرق، 26/5/2009م.

22 - الراوي عبد العظيم علي الظريفي، شريط رقم: م د أأ/ 4361، كرري العجيجة، 15/5/2009م.

23 - الراوي حسن عبد الصادق الطيب المبارك، شريط رقم: م د أأ/ 4337، الجريف شرق، 30/5/2009م.

24 - الراوي الزبير الجيلاني بابكر باعو، شريط رقم: م د أأ/ 4335، الجريف شرق، 26/5/2009م.

25 - الراوي أحمد عبد الرحمن الحاج، شريط رقم: م د أأ/ 4347، الجريف شرق، 8/5/2009م.

26 - الراوي الزبير الجيلاني بابكر باعو، شريط رقم: م د أأ/ 4335، الجريف شرق، 26/5/2009م.

27 - الراوي حاج موسى محمد يعقوب، شريط رقم: م د أأ/ 4365، الجريف شرق، 22/5/2009م.

28 - الراوي الزبير الجيلاني بابكر باعو، شريط رقم: م د أأ/ 4335، الجريف شرق، 26/5/2009م.

29 - الراوي الطيب محمد علي، شريط رقم: م د أأ/ 4362، الجريف شرق، 15/5/2009م.

30 - الراوي عبد العظيم علي الظريفي، شريط رقم: م د أأ/ 4361، كرري العجيجة، 15/5/2009م.

31 - الراوي الطيب محمد علي، شريط رقم: م د أأ/ 4362، الجريف شرق، 15/5/2009م.

32 - الراوي عبد العظيم علي الظريفي، شريط رقم: م د أأ/ 4361، كرري العجيجة، 15/5/2009م.

33 - الراوي قسم السيد عمر، شريط رقم: م د أأ/ 4338، الجريف شرق، 30/5/2009م.

34 - الراوي عبد العظيم علي الظريفي، شريط رقم: م د أأ/ 4361، كرري العجيجة، 15/5/2009م.

35 - الراوي حسن عبد الصادق الطيب المبارك، شريط رقم: م د أأ/ 4337، الجريف شرق، 30/5/2009م.

الصور

* تصوير الكاتب، مايو2009م، الجريف شرق.

أعداد المجلة