فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
66

الرحى ووجدان المرأة

العدد 10 - لوحة الغلاف
الرحى ووجدان المرأة

الرحى هي الطاحون أو (الطاحونة)، عبارة عن حجرين مستديرين أحدهما يدار باليد فوق الآخر ليتم بينهما سحق أو طحن القمح والحبوب الأخرى إلى دقيق، مما أدى بعد ذلك إلى استعمال الهاون ويده ثم حلت محلهما المجرشة حيث توضع الحبوب على حجر الطحن ليطحنها حجر آخر يدور فوقه. وإلى جانب الجهد البشري المستخدم لإدارة الرحى المنزلي استخدم بعد ذلك الحيوان أو الرياح أو القوة المائية للطواحين الكبيرة. ويكاد لا يخلو بيت في البحرين والخليج العربي وربما كل البلاد العربية قديما من هذه الآلة البدائية البسيطة التي تستخدمها ربة البيت وتدرب بناتها على إتقان التعامل معها بيسر وصبر . فالجهد البشري الرقيق لإدارة قطعة ثقيلة من الصخر فوق قطعة مجرّشة أخرى ليس بالأمر الهين إذا ما استمر لساعات أو ربما لعدة أيام في المناسبات، لذلك كانت النسوة يتناوبن العمل على الرحى في البيوت الكبيرة. ولدى العائلات الميسورة كان العمل على الرحى يناط بخدم المنازل.

ولقد نشأت بين الرحى والمرأة علاقة حميمة وذات أبعاد اجتماعية ونفسية ووجدانية مختلفة، فالدوران الرتيب المستمر لهذا الحجر وهو يطحن ما تحته أوحى للمرأة بالعديد من الصور الشعرية والأمثال والأوصاف والتعابير الشعبية، وربما تمثلت المرأة حال عمرها وعزلتها في البيت والدوران الرتيب الممل للأيام والليالي عليها كحال ما تطحنه الرحى وتحيله إلى دقيق مسحوق، فكانت الفرصة لتجيش عواطف الوجدان الشعبي للتعبير عن كافة المشاعر الإنسانية المختزنة في أغان عمل شجية خاصة بالرحى تؤدى بألحان عفوية، ضاع أغلبها. وهناك فن عراقي شعبي يسمى فن (المجرشة) قد يكون وثيق الصلة بالكلمات والأبيات التي تغنى عند العمل على الرحى.

ومن أروع ما رددته امرأة بحرينية كانت تـُـعـيّـر بإنجاب البنات ولا تنجب ذكرا، وهي تؤدي عمل البيت على الرحى:

بــنيـّـه على بــنـيّـه ولا قـعـود بـطـّال

بـنــيـّـه تطحن القفة وبنيه تنافع الجار

تقول هذه المرأة المجروحة ما معناه أنها تنجب البنت بعد البنت ولم تنجب ذكرا كما يُـفضل، إلا أن هؤلاء البنات لسن عاطلات دون عمل أو نفع، فإحداهن تساعد في أعمال البيت (تطحن ما بالقفة) والأخرى تساعد الجيران.

أعداد المجلة