مهارات ومعارف النجار التقليدي في صناعة الأبواب العتيقة بمنطقة نفزاوة
العدد 43 - ثقافة مادية
تقع منطقة نفزاوة في الجنوب الغربي التونسي، وهي ما يعرف اليوم بولاية قبلي على المستوى الإداري، تنقسم جغرافيا إلى جزئين: الأول شمالي انتشرت به واحات النخيل تبعا لوفرة المياه الطبيعية التي تنبع في شكل عيون عديدة مما أدى إلى استقرار الإنسان منذ القديم وليس وجود أقدم أثر بالبلاد التونسية حول عين بريمبة بالمنطقة إلا دليلا على ذلك1. والثاني جنوبي تمتد فيه الكثبان الرملية إلى حدود غدامس جنوبا وواد سوف غربا2، كانت تتنقل داخل هذا المجال مجموعة من القبائل ذات الأصل العربي وأخرى بربرية معتمدة على تربية الماشية في نشاطها الاقتصادي.
لقد انعكس هذا التباين في نمط العيش على طبيعة الحرف في كل جهة، فبينما ساد في الأولى حرف البناء وصناعة الخوص مثلا، انتشر في الثانية النسيج والأواني الجلدية... وقد ساهمت هذه العزلة الجغرافية للمنطقة في الحفاظ على التقنيات الحرفية، وهو ما نلاحظه أيضا في البلدان المغربية في المناطق الجبلية والصحراوية، وحتى في أكثر البلدان تقدما توجد الحرف التقليدية أكثر في الأرياف مما هو موجود بالمدن والقرى.
تتعلق هذه الدراسة بالأبواب العتيقة بمنطقة نفزاوة الشمالية خلال الفترة الممتدة من أواخر القرن التاسع عشر إلى أوائل القرن العشرين وهي ثمرة عمل ميداني ضمن موضوع عام يعنى بالمسكن التقليدي بقرى الواحات الصحراوية بالجنوب التونسي والتي امتدت من صائفة سنة 2006 إلى أوائل سنة2011.
ستتناول هذه الورقة العلمية هذا الموضوع من خلال عنصرين يهتم أولهما بالوصف الاتنوغرافي للأبواب التقليدية للمنطقة موضوع الدرس بأصنافها المختلفة وأجزائها المتعددة، دون أن ننسى أن نلقي نظرة عن الصنعة والصانع، في حين سيعمل الجزء الثاني على إبراز مواهبه ومعارفه و تطور تقنياته بما تكون لديه من خبرة وتجربة ومهارة... على اعتبار أن «اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي» لسنة 2003، ركزت بالأساس على «المهارات والمعارف المتصلة بالفنون الحرفية أكثر من المنتجات في حد ذاتها، إذ يقصد بالتراث الثقافي غير المادي تلك الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية التي تعتبرها الجماعات والمجموعات وأحيانا الأفراد: جزء من تراثهم الثقافي»3.
النِّجَارةُ و«النَّجَّارهْ»
1 - لمحة تاريخية عن النّجارة:
ورد في لسان العرب بأن « النَّجَرُ: القطع، ومنه نجر النّجار، وقد نّجر العود نجرا، التهذيب، والنجر نحت الخشبة، نجرها ينجرها نجرا: نحتها، ونُجارة العود ما انتحت منه عند النجرّ. والنجّار: صاحب النّجر وحرفته النّجارة»4. ويضيف ابن خلدون في «فصل في صناعة النجارة بأن «هذه الصناعة من (ضرورات) العمران، ومادتها الخشب»5.
أما عن تاريخ هذه المهنة يحدثنا ابن خلدون أن أقدم ذكر للنجارة ورد عند الحديث عن سفينة نوح6، كما أكد على أن عدّة فلاسفة حكماء من اليونان القديم كانوا يشتغلون هذه المهنة7. أما في العصر الوسيط فتحدثنا المصادر عن استخدم المسلمين لنجارة الخشب في صنع المنابر و «المقاصير» ببعض الجوامع8. ثم وفي العهد التركي عمت البلاد منتجات خشبية جديدة أهمها الصناديق والمحامل9، ومع مطلع القرن العشرين غزت البلاد التونسية منتجات القارة الأوروبية من الخشب، خاصة الايطالية والفرنسية في إطار التغلغل الاقتصادي الاستعماري وإغراق الأسواق بالبضائع المنافسة للمنتجات الخشبية المحلية.
كانت الحرف في المدن الكبرى تنقسم الى طوائف مهنية تتمركز بحسب توزيع تفاضلي على كامل مساحة المدينة10، حيث تكون صناعة الذهب مثلا بالقرب من المسجد ومقرّات الحكم، ثم تأتي فيما بعد البقية بتدرج يرتكز على إبعاد الصناعات الملوثة للبيئة الى «الأرباض» وحتى خارج الأسوار. كانت النجارة من بين الحرف التي تقع في أطراف المدينة مثلها مثل صناعة النحاس والبرادع والغرابيل11.
يشرع الطفل في التعلم والتكوين المهني في النجارة منذ الصغر، عادة ما يكون في البداية اختياريا وعفويا، ثم يصبح إلزاميا، وتتطلب هذه الحرفة مهارة وممارسة طويلة لوصول مرحلة الخبرة لتوفير منتج ذي جودة عالية. كان التعليم يقتصر على الابن أو الطفل المتبنى، وقد كانت ظاهرة توارث المهن ظاهرة راسخة في المجتمعات التقليدية الريفية و الحضرية على حد السواء ويعود ذلك بالأساس إلى سعي بعض العائلات إلى تنمية رأس مالها الاجتماعي وتدعيم المكانة المادية الأمر الذي لا يتيسر إلا عبر الحفاظ على الإرث المهني.
2 - حرفة النَّجَارَة في نفزاوة:
تعود أصول «النَّجارة» بنفزاوة إلى منطقة تطاوين من الجنوب الغربي التونسي وبالتحديد من قصر أولاد دباب، وإذا ما عرفنا أنهم سود البشرة، فان ذلك يحيلنا على أنه ربما تكون أصولهم الأولى من افريقيا جنوب الصحراء، مما يدفعنا إلى التأكيد، من الآن، على التنوع الاثني للمرجعيات المتدخلة في هذه الحرفة. فبالإضافة للبربر السكان الأصليين والعرب الوافدين منذ القرن السابع ميلادي، ثم في القرن الحادي عشر مع قدوم بني هلال وبني سليم، تتجمع بالمنطقة عدّة عائلات ذات أصول افريقية تمتهن خدمة الأرض في إطار ما عرف بنظام «الخماسة» في الواحات(أي الحصول على نصيب الخمس من المحصول)، وخاصة مهن النجارة والحدادة، ويعرف هؤلاء محليا باسم « الشواشين».
هذه الأصول المختلفة لمكونات المجتمع المحلي بنفزاوة كان له تأثير كبير في تراثها الحرفي، لذلك نراها مشابهة لتلك التي توجد في أصقاع مختلفة من العالم سواء في مادة الصنع ومراحله أو في الشكل والتقنيات، توارثتها الأجيال في المكان والزمان وتطورت تبعا لحاجياتهم التي تلائم بيئتهم، مما يمنحها بعدين اثنين في الانتماء للخاص، المحلي وفي نفس الوقت العام، الكوني.
استقر نجارو الخشب في بداية الأمر بقرية بوعبدالله على السفح الجنوبي لجبل حلّوص ثم انتقل عدد كبير منهم إلى القرى المجاورة ولاسيما الكبرى والبعيدة منها مثل قبلي القديمة والمنصورة ودوز في بداية القرن العشرين، بل هناك من هاجر نحو مدن أخرى أبعد مثل مدينة قفصة حيث شجعهم إقبال فلاحي هذه الجهة على المحاريث التي يصنعها على الاستقرار هناك. لكن أغلبيتهم ظل في القرية الأولى والتصقت بهم المهنة إلى أن غدت لقبا عائليا رسميا لمعظمهم، ولم تشهد هذه المهنة التقليدية تغيرا في مسارها نحو عائلات أخرى بل ظلت في نطاق نفس المجموعة القروية والعائلية.
كانت الطلبات على منتجاتهم قليلة لذلك كان الواحد منهم يعمل في توفير مختلف المصنوعات، لكن مع تطور الطلب أصبح يوجد فيما بينهم ما يشبه الاختصاص حيث حذق بعضهم نجارة «الزبوسي» أو «نجارة العود» أو ما يسمى أيضا «نجارة الحطب»، أو النجارة العربي (مقابل النجارة الممكننة المعاصرة). يوفر المختص في هذا المجال كل ما ينتج من خشب الأشجار المثمرة مثل الرمان والمشماش وخاصة شجر الزيتون من المهاريس والقصاع وأيادي الأدوات الفلاحية.
أما الزبوسي أو الزبوزي أو كما حرّفت بالمنطقة الى «نجارة الدبوس»، مشتقة من لفظة «الزبوسة» L’oléastre وهي شجرة الزيتون البرّية التي تتميز بالصلابة والقدرة على مقاومة التسوس12.
في حين اكتسب البعض الآخر مهارة فائقة في نجارة خشب النخيل وبالتحديد في صنع الأبواب وألواح السقوف التي تسمى «رِبْعِي»، تسمى نجارة الخشب في الحواضر «نجارة البيوضي» وتختص في توفير الأثاث المنزلي مثل الأسرة والخزائن والكراسي والطاولات... تتخذ من الخشب الأبيض والأحمر مادة لها والمتأتي من أشجار الصنوبر والفلين وغيرهما من الغابات الجبلية وحتى من خارج البلاد.
كان النّجار في ربوع واحات نفزاوة يمارس نشاطه في مسكنه، فتارة يجلس في ركن من أركان صحن «الحوش» أي المسكن وتارة في السقيفة، كما يمكن أن تشاهده في بعض الأحيان أمام بيته أو في إحدى الساحات العامة وخاصة في الأسواق الأسبوعية منتصبا مثل غيره من الباعة، يباشر مهنته و يبيع منتوجه.
لم يكن نجار هذه القرى مثل نظيره في الحواضر الكبرى، فقد كان هذا الأخير يوفر لنفسه ورشة قارة ربما تكون ضمن سوق خاص مثلما كان في مدينة تونس العتيقة أو في الأزقة الفرعية، بل كان، في كثير من الأحيان، يفضل العمل مباشرة عند الحريف خاصة إذا ما وفر هذا الأخير المادة الأولية. لذلك فهو يتجول في أزقة وأنهج القرى ومخلاته التي تحتوي أدواته على ظهره، كان يتنقل عند الطلب لصنع الأبواب الكبيرة على عين المكان نظرا لثقل وزنها وعدم توفر الطرقات التي تربط بين القرى ووسائل النقل القادرة على حملها، كما أن أغلب النجارين لم يكن باستطاعتهم توفير المواد الأولية لقلة ذات اليد لشراء المادة الأولية، ثم إن أغلبهم لا يملك نخيلا في الواحة توفر له مادة الخشب الضرورية.
3 - أدوات النِّجارة في نفزاوة:
يعمل النجار بأدوات تقليدية بسيطة وحتى بدائية في كثير من الأحيان «وظلّت تقنياتها الحالية قريبة من تلك التي كانت سائدة في الأزمنة البعيدة»13، يصنعها بنفسه بعد أن يوفر له الحداد أجزائها الحديدية، ومن أهم ما يميز أدواته رغم قلة عددها وخفة وزنها أنها متعددة الوظائف، تساهم، كما سنرى، في تطوير التقنيات المعتمدة في نجارة الأبواب، أدوات محدودة العدد وصغيرة الحجم وخفيفة الوزن لكنها ذات قدرة إنتاجية كبيرة جدا، فلا توجد واحدة منها يقتصر استعمالها على مهمة واحدة. ومنها حسب تصنيف وظيفي:
أ - أدوات القص والثقب:
المنشار: بأنواعه المختلفة ومنها منشار «بوزوز» الخاص بقص الألواح الخشبية، وسمي «بوزوز» لأن استعماله يتم عن طريق شخصين، ويستعمل في تجزئة جذع النخلة الى ألواح. أما المنشار الثاني فيعرف بـ «التِستِرة» ويوجد منها صنفان: الأول محدب الظهر ويستعمل لقص العود والثاني مستقيم الظهر ويوظف في قص خشب النخيل.
المشعب: أداة الثقب، وتتكون من جزأين، ينقسم الأول بدوره إلى مقبض خشبي وقضيب حديدي صغير حاد الرأس وهو المشعب، أما الجزء الثاني فيتركب من قطعتين من الخشب في شكل زاوية قائما وتسمي «عصاة السير»، وخيط عادة ما يكون من الجلد ويسمى «سير».
المشفرة: تتكون من مقبض خشبي وقطعة حديد حادة الرأس، تستعمل بالطرق على الجزء الخشبي باليد إن كان الخشب هشا وبالمطرقة إن كان صلبا.
ب - أدوات التنظيف:
القادومة: وتتكون من مجموعة أصناف بحسب المهمة والحجم:
« قادومة» الخشب: وهي الخاصة بنجارة خشب النخيل، عادة ما تكون كبيرة الحجم نظرا لما يتطلبه قطع الأخشاب الكبيرة من أداة ذات فاعلية وجدوى في المساحات المهمة. تستعمل هذه القادومة لعمل الزوايا القائمة أي «تربيع» الألواح أي الزاوية القائمة.
«قادومة» العود: وتسمى «قادومة اسطمبولي»، تكون صغيرة أو متوسطة الحجم، إضافة لنجارة العود تقوم بدور المطرقة نظرا لكون قعرها بمثابة كتلة حديدية مسطحة وبدور الكلاّب عندما يتعلق الأمر بنزع المسامير العالقة في الخشب، نظرا لوجود ثقب في وسطها.
هذا النوع من الأدوات، انطلاقا من الاسم، يحيل على صناعة السفن في تركيا وفي عدّة دول أخرى، مما يدل على عالمية الأدوات والتقنيات وانعدام الحدود والمركزية، فربما توجد أداة معينة لدى شعب من شعوب ساحل البحر كما يمكن أن تؤدي نفس الدور في أعماق الصحراء. هذا الالتقاء في الثقافة المادية إنما يدل على أن تناقل الخبرات والمعارف يتم بكل يسر ويدعم التوجه نحو الاقتناع بالتثاقف والالتقاء الحضاري، ودور عامل الاحتكاك أو التواصل مع الآخر في اختراق مسار الصنائعي أينما كان14.
المخرطة: يدل اسمها عن مهمتها، حيث تقوم بالخراطة أي إزالة الشوائب التي تتركها القادومة على الخشب، وهناك المخرطة الصغيرة الخاصة بالعود والمخرطة الكبيرة الخاصة بخشب النخيل.
المبرد: يستعمل للـ «finition»، أي للمسات الفنية الأخيرة. أي وضع اللمسات الأخيرة والقضاء نهائيا على الشوائب، وهو أداة من جزئين: أول خشبي وهو المقبض، وثاني حديدي وهو المبرد، وهناك شكلين للمبرد: مبرد ذو حواشي مستقيمة والذي يستعمل في بري الأشكال المكعبة والمبرد المحدب للمساحات المجوفة والمحدبة والاسطوانية.
جـ - أدوات التقسيم والربط:
« الصبنّار»: وهي مسامير غليظة من خشب الزيتون، تستعمل لشق الجذوع بعد إسقاط النخلة أرضا. لا يقل عددها عن ثلاثة: اثنان صغيران وواحد أكبر منهما بقليل ويسمى «كِلُوفِي» لأن استعماله يتم عندما يعجز الأولين عن شق الجذع فيضعه النجار بينهما، لذلك يسمى أيضا «داسُوسْ».
الفأس: آلة حادة تستعمل لقطع النخيل.
المسامير: تستعمل المسامير الخشبية والحديدية للربط.
الحبل: يقوم بدور «serre et joint»، أي شد وربط أجزاء الباب بعضها ببعض، حيث يلف الحبل على الباب في مرحلته النهائية ويربط بقوة ليبقى لمدة قد تتجاوز يومين، مما يساهم في تثبيت أماكن الربط أكثر.
د - أدوات الطرق والقيس:
المطرقة: تستعمل لتثبيت المسامير في أماكنها.
الخيط: يستعمل خيط مصنوع من الصوف لرسم الخطوط، فبعد أن يغطَّس في الماء، يغمس في الرماد لكي تبقى آثاره مرسومة على الخشب، مما يساهم في التحديد الدقيق للأبعاد والزوايا والمقاسات.
الـيـد: تستعمل اليد لقيس الأطوال ومنها: الذراع وهي المسافة الفاصلة بين المرفق والإصبع الأوسط، ثم العظمة وهي المسافة الفاصلة بين المرفق وآخر نقطة من قبضة اليد، ثم الشبر وهو المسافة الفاصلة بين الإبهام والخنصر عندما تكون أصابع اليد مفتوحة على أقصى اتساعها، وأخيرا «فم كلب» وهي المسافة بين الإبهام والسبابة في انفتاح عادي.
كما تستعمل أصابع اليد في وضعية الضم فيقال: إصبع وإصبعان وثلاثة أو أربعة أو خمسة أصابع، وهنا نلاحظ القيمة المضافة ليد الحرفي التي تصبح أداة قيس إضافة لكونها الأداة الرئيسية في الحرف التقليدية، كما أن الأدوات في حد ذاتها لا تعدو أن تكون إلا امتدادا لليد15، التي تظل الأداة الأساسية في الإنتاج التقليدي16، وربما من خلال هذه المعطيات نرى أن أغلب التصنيفات لهذه المهن تفضل مصطلح الصناعات أو الحرف اليدوية أكثر من تداول مصطلحات كالفنون الشعبية أو الصناعات التقليدية.
نلاحظ هنا مدى ارتبط هذه الحرفة، مثل عدّة حرف أخرى، باليد، فلا يكتفي هذا الجزء من جسم الإنسان بالقص والحفر والشق، إنما يوظفه الحرفي للقيام بعملية قيس الأطوال، مما يضاعف في منح الحرفة طابعه اليدوي بامتياز. كما أن اليد ستتمتع بقيمة مضافة عندما يكون صاحبها ذو مهارة عالية ومعرفة دقيقة لأنها لا تتحرك إراديا إنما تأتيها الأوامر من عند العقل المفكر، ولتصبح عندئذ اليد بدورها مجرد أداة، وبالتالي فان اليد ذات العضلات المفتولة غير ذي جدوى ما لم تصاحبها فطنة وذكاء. حذق الحداد أيضا توظيف الأدوات بحركات متنوعة، سريعة أو بطيئة بحسب ما تتطلبه مرحلة الصنع أولا وبحسب ما لدى الحرفي من مهارة ثانيا.
المعارف والمهارات وتطوير التقنيات
يتكون الباب من جزأين: «السلوم» وألواح خشب النخيل. يصنع النجار، أولا، «السلوم» من أعواد شجر الزيتون بقياسات مختلفة ثم يلصق عليه الألواح الخشبية، ليثبت فيما بعد الأقفال والصفائح الحديدية. ثم يقوم بتركيبه بنفسه في مكانه بمداخل المساكن والدور. تتعدد الأبواب بالمنطقة موضوع الدراسة، فهناك باب بمصراع واحد عادة ما يكون للدور في أحجام مختلفة، باب بمصراعين ويثبت في مداخل المساكن وفي أغلب الأحيان تبقى إحدى مصراعيه مفتوحة، وباب بمصراعين و»خوخة»، و هي باب صغير في إحدى الدفتين تفتح لدخول الإنسان لتلافي تكرار فتح المصارع نظرا لثقل حجمه.
يُعتبر الباب نتاج طبيعي للظروف البيئية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع والفترة التي ظهر فيها فمن خلاله يمكن لنا اكتشاف الطابع المحلي للمعمار ولاسيما الحرف المساهمة في مجال البناء. أما الأبواب العتيقة فتعني تلك الأبواب القديمة، فـ» العتيق: القديم من كل شيء حتى قالوا رجل عتيق أي قديم... والبيت العتيق بمكة لقدمه لأنه أول بيت وضع للناس»17.
هذا العنصر المعماري، المانع الكاشف كما يقال، تطور مع الزمن وغدا اليوم يصنع من مختلف المواد نظرا لتطور العلوم والتقنيات، وقد تمكننا هذه الدراسة ملاحظة التغيير والتبدل الذي طرأ فيه خلال فترة زمنية محددة، فلم يكن الجنوب التونسي بمعزل عن هذه التحولات التي تدعمت بتطور المستوى المعيشي للسكان ورغبتهم في «مواكبة العصر». كما كان دور النجار سببا من أسباب تدهور صناعة أبواب خشب النخيل بانسياقه خلف رغبات الحريف فترك ارث الأجداد وبدّل أدواته بآلات كهربائية أرهقته ماديا بسبب القروض ومعنويا بجهله لكيفية تشغيلها وجسديا ببتر أصابعه. كان عليه عدم إهدار رأسماله الحرفي المتكون من المهارات والمعارف والخبرات واستثمارها في النجارة العصرية.
لم يتراوح النجار التقليدي مكانه فيما يتعلق بالتقنيات بل حاول تطويرها بما اكتسبه من خبرة وما لديه من مهارة وما وفد عليه من خارج المنطقة أو بما طلبه المستهلك من إضافات رأى فيها ابتكارا تقنيا جديدا يمكن أن يساهم في مزيد من الجودة على منتوجه. استفاد النجار التقليدي في مستوى بعض الجزئيات التي لم تفقد الأبواب طابعها المحلي ووظيفتها الأصلية بل دعمت جودتها وضاعفت من أناقتها وفاعليتها وطول عمرها. كما مكنت هذه المعارف التجريبية من تجنب الأخطاء وعدم تكرارها في حقل حذق المهارة18.
لسنا ندعي هنا بكون النجار النفزاوي قد خلق لوحده هذه التطورات التقنية، فالمعالم الأثرية المنتشرة في الجنوب التونسي وفي كل الصحراء تكثر بها الأبواب التي تحمل ملامح التحولات، كما تحدثنا المصادر عن توافد السوافة من الجزائر والغدامسية من ليبيا على المنطقة، لكننا سنتقدم نتائج لبحث ميداني تمّ مع نجارين من المنطقة وعلى أبواب لا تزال مثبتة في معمار المنطقة السكني والديني، فالتقنيات عندئذ طوعها النجار المحلي وأصبحت من مصادر مهنته وجزء من هويته. فالتراث الثقافي غير المادي يتميز بكونه تراث جامع ليس له حدود، تتناقله الشعوب وتتداوله الحضارات المتزامنة أو المتلاحقة فيما بينها بما يلاءم خصوصياتها ودون أن ينتزع منها صفة الانتماء.
استعمل النجار التقليدي في صناعة أبوابه مجموعة من التقنيات التي تطورت عبر الزمن، ويبدو ربط الخشب المكون للباب وحماية هذا الأخير كانت من أولويات الحرفي، كما لم يترك جانبا بعض العناصر المملة له مثل الأقفال والمطارق.
1 - الربط:
أ- المسامير:
كان الأوائل من النجارين يستعملون جلود الحيوانات لربط أجزاء الباب بعضها ببعض مثل جيرانهم في بلاد الجريد19، ثم بمرور الزمن أصبحوا يعتمدون على المسامير الخشبية، فبعد ثقب الخشب بالمشعب يتم إدخال المسمار المصنوع من خشب الزيتون المقوى وطرقه بقوة، عندما يأخذ مكانه يتم قص الشوائب الزائدة بالمنشار.
شرع بعض النجارين فيما بعد في استعمال المسمار الحديدي اثر انتشار ورشات الحدادة التقليدية بالمنطقة ويسمى «مسمار حدّادي»، تصنع المسامير ذات الرؤوس المسطحة، ثم بدأ عدد منهم يجلب المسامير ذات الرؤوس المحدبة من حدادي مدينة صفاقس. كانت أحجام المسامير تختلف من حيث حجمها كلما تغير حجم الباب، كما أنها تختلف من موضع لآخر في الباب الواحد، فهي صغيرة عندما يتعلق الأمر بربط ألواح خشب النخيل بالسلوم العود مثلا، ويكبر حجمها ويتضاعف طولها عندما يتم ربط أنف الباب على ألواح النخيل والملطم وربما يكون بأعداد أكبر لمضاعفة متانة الربط.
تبدو المسامير من خارج الباب في شكل صفوف مستقيمة حينا ومقوسة حينا آخر تبعا لاستقامة أو اعوجاج العوارض الداخلية للباب. كما يمكن أن يضيف النجار بعض المسامير للزينة في أشكال مختلفة كالمثلث والدائرة نظرا لتوفر الفراغات والمساحات التي يمكن استغلالها.
ب- الأنثى والذكر:
وهي من أقدم وسائل الربط في النجارة، وتتمثل هذه التقنية في نحت تجويف في قطعة ويسمى «أنثى» وإفريز في الأخرى ويسمى «ذكر» ليتم وصلهما مع بعضهما، وقد ذكر ابن خلدون هذه التقنية عند نجاري عصره «ومثل تهيئة القطع من الخشب بصناعة الخرط يحكم بريها وتشكيلها، ثم تؤلف على نسب مقدرة وتلحم الدساتير فتبدو لمرأى العين ملتحمة»20. تستعمل هذه التقنية في الأبواب العتيقة بنفزاوة في ربط الألواح الخشبية بعضها ببعض.
جـ- الحز والنقر:
يستعمل النجار هذه التقنية في ربط أجزاء «السلوم»، فقد كان النجار يحدث حزا في رجل الباب عن طريق المنشار بحسب عرض وسمك العارضة، تطورت التقنية فيما بعد عندما أصبح ينقر أي يحفر الرجل باستعمال المشفرة ليحدث ثقبا يدخل فيه «اللسان» الذي نحته في طرف العارضة. مما أضفى على الجزء الداخلي من الباب مسحة من الجمال كانت غائبة عند توظيف التقنية الأولى.
2 - إجراءات حماية:
أ- من التآكل:
وظّف النجار بعض المواد الأخرى لحماية الباب الخشبي من المخاطر الطبيعية والصعوبات التقنية، ومن أهمها القصدير والحديد. ففي الأماكن من الباب التي تتعرض أكثر من غيرها للتآكل بفعل احتكاكها بالجدران يتم وضع قطع من الحديد، هذه المادة الصلبة.
يستغل النجار نفس هذا الامتياز لمادة الحديد لمقاومة الرطوبة التي قد تتصاعد من الأرض، فيتمي الباب من الأسفل بقطع من الحديد.
ب- من التلف:
لم يكن النجار يدهن أبوابه من أجل الزينة إنما لأجل حمايتها من التلف وخاصة لكي لا تبرز ألياف الخشب من مكانها فتؤذي من يلمسها. كان النجار يوظف لأجل هذه المهمة في بادئ الأمر الشمع الذي يتم جلبه من مناطق مختلفة من البلاد ومن خارجها من قبل تجار متجولون بين القرى يسمون «شَيَّادَةْ» ومفردها «شَيَّادْ».
بعد هذه المرحلة أصبح يستعمل الصابون الأخضر الذي يصنع على عين المكان من طرف نساء اختصصن في هذه الحرفة باستعمال بقايا زيت الزيتون، ثم منذ حلول المستعمر الفرنسي بالمنطقة بدأ النجار والأهالي استخدام الدهن الاصطناعي الذي قطع كليا مع اللون الطبيعي للأبواب فأصبحت ترى ألوانا مختلفة للمساكن، تميزت من بينها أبواب الزوايا والمساجد باللون الأخضر.
3 - الأقفال والمطارق:
هناك أقفال من الخشب وأخرى من الحديد، كما توجد أقفال تستعمل فيها مفاتيح وأخرى بدونها، وهذه الأخيرة أكثر عددا في الباب الواحد من الأولى وتتركز جميعها من الداخل.
أ - الأقفال:
تتعدد الأقفال في الباب الواحد من الأبواب العتيقة لدور ومساكن قرى واحات نفزاوة، ويعود ذلك أساسا لانعدام الأمن في المنطقة خلال فترات طويلة، بداية من حكم العثماني وصولا الى الاستعمار الفرنسي. لذلك عمل النجار على تنويعها والبحث عن الجديد القادم إليه من خارج المنطقة أو الذي عمل على تطويره بنفسه.
القفل الخشبي: يتكون هذا القفل من: جزء مثبت بالباب يحتوي على مزلاج وثان بالجدار وجزء ثالث وهو المفتاح، ويحفر في المزلاج ثقوبا بقياس معلوم ثم يثبت في الباب من الداخل ويحمل المفتاح الخشبي أيضا مسامير ناتئة تقابل تلك الثقوب، يدخل المفتاح من خلال كوّة بالجدار ولا يمكن لمفتاح أن يفتح باب آخر مطلقا.
القفل الحديدي: هناك نوعين من الأقفال الحديدية: «قفل أنثى» وعادة ما يستعمل للغرف داخل المسكن لأنه لا يمكن فتحه إلا من الخارج، و»قفل ذكر» يستعمل في الباب الرئيسي للمسكن لأنه يمكّن من فتح الباب من الداخل والخارج. يتغير حجم المفتاح بتغير حجم الباب. ويُقد للفتحة التي يلج منها المفتاح للفقل المثبت من الداخل قطعة من القصدير تسمى وردة لتمنع تآكل الخشب أثناء استعمال المفتاح.
الغِراب: وهو قفل من الخشب يتم وضعه عموديا من داخل الباب، يشد عند الغلق بطرق مختلفة:
عن طريق قطعة خشب صغير تثبت بجانب «الغراب» وتمرر تحته عندما يرفع مما يمنعه من النزول.
عن طريق لوحة صغيرة تلصق بالغراب وتكون متحركة عن طريق تمفصل يمكنها من تثبيته مرفوعا.
عن طريق مفتاح خشبي يعمل بنفس طريقة المفتاح الخشبي المذكور أعلاه، وتكون الثقوب الثلاثة في اللوحة الخشبية المقابلة مباشرة للغراب من الداخل.
المِهج: هو قفل من الخشب يتم وضعه أفقيا من داخل الباب، وفي أغلب الأحيان يكون هناك اثنتان واحدة في كل مصراع أو دفة بالتعبير المحلي، حيث يمرر عند الرغبة في إغلاقه نحو الدفة الأخرى عن طريق ثغرة أولى في الملطم الأول وثغرة ثانية في الملطم الثاني.
البِلج: وهو قضيب حديدي يثبت عادة في المصراع الثابت من الباب عن طريق حلقتين، وتكون الحلقة الثالثة في الدفة المقابلة، ويكفي تحريكه عن طريق المقبض الحديدي فيه حتى يتحرك في اتجاهها ليغلق الباب من الداخل.
الغانجو : وهو من حديد ويربط بين الجدار ومصراع الباب، إذ يثبت في حلقة حديدية في الجدار الجانبي وعند الغلق يؤخذ جزأه الثاني وهو عبارة عن قضيب حديدي رأسه معقوف ويوضع في حلقة ثانية مثبتة بدفة الباب.
ب- المطارق:
رغم كون المطرقة من صنع الحداد الذي تفنن في إتقانها إلا أن النجار من يقوم بتثبيتها، وتسمى في هذه المنطقة «دقاقة» أو «طبطابة». وقد تنوعت أشكالها وتعددت أحجامها بين باب مدخل المسكن الرئيسي وباب الغرف غير أن دورها واحد، إذ هي بمثابة الجرس في أبواب أيامنا هذه، وعادة ما يكون للباب مطرقتين، لكننا وجدنا أبوابا في منطقة نفزاوة تحمل ثلاثة مطارق، وهي:
مطـرقة على الـدفة اليسرى وهـي المسـمـاة «الشَـنْـدَلـِي» ويستـعـمـلـهـا حـسـب الاتـفـاق الــرجــال.
مطرقة على الدفة اليمنى للباب وتسمى «الرَدَّاسَة» وتستعملها النساء.
مطرقة أصـغر منهـما بقلـيل ومثبتة أسفل مطـرقة النـسـاء وهـي تخـصـص لــلأطـفـال الصغار.
تختلف حلقات هذه الأنواع الثلاث من المطارق عند طرقها لأن كل منها يحدث رنينا مختلفا ومميزا يعرّف بجنس الطارق وبسنّه سواء كان امرأة أو رجل أو طفلا. كما تختلف أحجامها وأشكالها وأشكال الزينة التي تحتويها.
لقد مس هذا التنوع في تطور التقنيات مختلف مكونات الباب ومراحل صنعه، إن دل على شيء فهو يدل على القيمة المهمة للصانع الذي هو جزء من المجتمع المحلي، ولكونه فرد منه فهو يعبر عن ثقافته من خلال الأبواب العتيقة التي تصبح إرثا للمجموعة وليس فقط للمجموعة الحرفية المنتجة التي وضعت لفترات طويلة في مراتب دنيا اجتماعيا ووقع تهميشها معرفيا. قد تنصفها مثل هذه الدراسات في مستوى التدليل على قدراتها الذهنية التي ساهمت في التطور التقني ومدى تمثلها لعادات وتقاليد المجتمع من خلال تنويع دلالات الرموز والأشكال التي يحتويها الباب.
لم تكن الطبيعة بخيلة مع سكان الصحراء والفيافي فوفرت لهم مواد استفادوا منها قدر المستطاع لسد حاجياتهم الطبيعية، فلتوفير المسكن اللائق الذي يؤمن حرمة البيت عمل سكان قرى واحات نفزاوة ونجاريها خاصة على استغلال جذوع النخيل المتوفرة بكثرة فصنعوا منها ألواحا ومن الزياتين هياكل تشدها لتكون معا أبوابا.
كما لم يكد النجار «يشرب صنعته» حتى سعى إلى تطوير ما أمكن تطويره مستفيدا بخبرة طويلة ومهارة عالية لأجل مزيد من الجودة وتماشيا مع العصر، هذا العصر الذي أقفل أبوابه أما هذا المنتوج التقليدي لما يزيد عن ثلاثين سنة بداعي العولمة، ليتمّ فتحها عنوة بفضل تضافر جهود العاملين في قطاع الصناعات التقليدية من سلطة رسمية بالتشريعات القانونية والتشجيعات المادية والباحثين بمزيد من التعمق في البحث وخاصة بعزيمة بعض النجارين الأوفياء لتراث أسلافهم، مما مكن من العودة لخشب النخيل في صنع أبواب عصرية متجذرة في أصولها مستفيدة من «ذاكرة تقنية» تقليدية21.
الهوامش
1 - Gragueb (A.) et Mtimet (A.), La préhistoire en Tunisie et au Maghreb, Alif Edition, Tunis1989, p. 32.
2 - أنظر الخريطة المصاحبة.
3 - المادة الثانية من اتفاقية بشأن صون التراث الثقافي غير المادي، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، باريس، 2003.
4 - ابن منظور(جمال الدين)، لسان العرب، دار صادر، بيروت 2004، الطبعة03، المجلد 14، ص197.
5 - ابن خلدون عبد الرحمان)، المقدمة، دار الفجر للتراث، الطبعة الأولى، القاهرة 2004، ص 493.
6 - نفس المصدر، ص 494.
7 - نفس المصدر، نفس الصفحة.
8 - Marcais (G.), L’art musulman, Quadrige/ Presses universitaires de France, 1991,p. 6.
9 - Bayram(A.), « L’artisanat du bois en Tunisie, Le mobilier traditionnel tunisien aux 19éme et 20éme siècles », Cahiers des Arts et Traditions populaires, N 10, 1990, p. 238.
10 - Djait (H.), « La conquête arabe et l’émirat », In : l’histoire de la Tunisie : Le moyen Age, Collectif, Ed. STD, 1975, p55.
11 - Revault (J.), Arts traditionnels en Tunisie, ONA, 1967, p. 09.
12 - صولة (عماد)، «مهنة النجارة: الهوية والتغيّر»، أعمال منتدى نور الدين سريب للتاريخ الاجتماعي، الكتاب السادس: المهن، إشراف الدكتور سالم الأبيض، منشورات اللجنة الثقافية المحلية بجرجيس، الطبعة الأولى 2009، ص 152.
13 - Ginestous (P.), «Introduction à l’étude de l’industrie du bois en Tunisie», 70éme Congrès de l’Association française pour l’avancement des sciences, Tunis, Mai1951, p. 12.
14 - أيوب (عبد الرحمان)، «الحرف التقليدية ومواترة حذق المهارات»، مجلة الحياة الثقافية، تونس، 2008، ع 182، ص25.
15 - البقلوطي (الناصر)، « العمارة السكنية والسكن التقليدي بالجنوب التونسي»، مجلة المأثورات الشعبية، قطر، جويلية 1994، عدد 35، ص23.
16 - أيوب، الحِرف، نفس المرجع، ص 24.
17 - ابن منظور، لسان العرب، نفس الصدر، المجلد 10، ص27.
18 - أيوب، الحِرف، نفس المرجع، ص 26.
19 - M’rabet (A.), L’art de bâtir au Jérid ; étude d’une architecture vernaculaire du sud tunisien, Contraste édition, Sousse, 2004, p. 50.
20 - ابن خلدون، المقدمة، نفس المصدر، ص 494.
21 - أيوب، الحِرف، نفس المرجع، ص 26.
الصور
* الصور من الكاتب .