صناعة المديد
العدد 43 - لوحة الغلاف
المديد، والمفرد مدة، هي نوع من الحصر تصنع من سيقان نبات الأسل، وقد كانت صناعة المديد من الحرف التي لها سوق رائجة في البحرين، وقد اشتهرت بها كل من منطقة الخارجية في سترة، ومنطقة النويدرات. وتصنع المدة من سيقان نبات الأسل والحبال، التي كانت تصنع في السابق من ليف النخيل. والأسل، هو نبات عشبي له سيقان قوية اسطوانية الشكل، وينمو في البحرين بصورة طبيعية، وعادة ما يكثر تواجده حول تجمعات المياه، وخصوصاً بالقرب من قنوات تصريف ماء الري الزائد (أي المنجيات) المنتشرة في المناطق الزراعية.
ويقوم الحرفيون بجز نبات الأسل، وبعد ذلك تتم عملية تجفيفه تحت أشعة الشمس لعدة أيام، يتحول فيها لون السيقان للون الأصفر، وبعد ذلك يتم تخزينه حتى موعد استخدامه. وبعض الحرفيين يقومون بصبغ بعض أعواد الأسل بألوان خاصة لتعطي أشكالاً مختلفة ومنظراً جمالياً للمدة. يذكر، أنه على الرغم من توافر نبات الأسل في البحرين إلا أن جزءاً كبيراً من سيقان هذا النبات كانت تستورد من شرق المملكة العربية السعودية، ربما بسبب جودة المستورد من ناحية الطول أو السمك أوالقوة.
أما الآلة التي يصنع عليها المديد فهي عبارة عن «نول» بسيط ، يعمم عليه أهل الحرفة اسم «الحف»، وهو يتكون من عارضتين يتم تثبيتهما بصورة متقابلة، وذلك إما بتثبيتهما في الأرض أو بعوارض جانبية؛ وبذلك تصبح الآلة قابلة للنقل من مكان لآخر. وبالإضافة للعارضتين الثابتتين توجد خشبة أخرى، حرة الحركة، تسمى «الحف»، ويوجد على طولها عددٌ من الثقوب، والتي تمر من خلالها الحبال الطولية، أما طول الحف فيصمم بحسب عرض «المدة» المطلوب صنعها.
ويبدأ الحرفي بالتجهيز لعملية صناعة المدة وذلك بربط الخيط في العارضة المثبتة الأمامية، ومن ثم يمرره من أحد ثقوب الحف، وصولاً للعارضة الخلفية، فيدور حولها ومن ثم يعود مجدداً ليمرره من نفس الثقب الموجود في الحف، ويعود ليربطه بالعارضة الأمامية. ثم يبدأ من جديد بخيط آخر، وبنفس الطريقة، وبذلك يمرر من خلال كل ثقبٍ من ثقوب الحف خيطاً مزدوجاً ويكون مربوطاً بكلا العارضتين.
تمثل تلك الخيوط هيكل «المدة» الطولي، وبعد تجهيزها، يبدأ الحرفي بإدخال سيقان الأسل بين هذه الخيوط الطولية وذلك بحسب نمط معين، وبعد الانتهاء من إدخال كل عودٍ من عيدان الأسل يستخدم الحرفي «الحف» لرص الأعواد مع بعضها، ويكرر العمل ذاته مراراً حتى تكتمل المدة.
وتعتبر المدة من الحصر القوية وتبقى لفترة زمنية طويلة، غير أن صناعتها قاربت على الانتهاء من مملكة البحرين، فلم تعد تمارس إلا على نطاقٍ ضيقٍ جداً.