الرقصات الشعبية في الواحات البحرية
العدد 39 - موسيقى وأداء حركي
الواحات البحرية هي واحدة من خمس واحات كبرى تنتشر في صحراء مصر الغربية، وهي تجمعات تاريخية صنعت حياة منذ آلاف السنين رغم قسوة الطبيعة وعزلة المكان. وتتبع من حيث التقسيم الإداري محافظة الجيزة، وتبعد عن القاهرة بحوالى 360 كم ناحية الغرب. و(الباويطى) هي المدينة الأكبر في الواحات البحرية، بمثابة العاصمة وبها الإدارات الحكومية. كما تضم الواحات عدة قرى منها: الحيز .. وهي تبعد عن الباويطى مسافة 50 كم، وقرية القصر تقع على طريق الحيز، فضلا عن قرى صغيرة أقرب إلى دروب سكنية، منها: قرية الحارّة والعجوز ومنديشة، إضافة إلى منطقة المناجم، وهي أول منطقة تقابلها في مدخل الواحات البحرية للقادم من القاهرة، وبها مقر شركة الحديد والصلب، والمنطقة السكانية الخاصة بالعاملين فى المناجم(1).
الطريق للواحات البحرية
"حتى عام 1969 كان الطريق إلى الواحات البحرية مجرد درب صحراوي يبلغ طوله حوالى 340 كم، يبدأ من أهرامات الجيزة ويسلك طريقا قديما للقوافل، وكان يعد أصعب الطرق الصحراوية التي تؤدي الى أي من واحات صحراء مصر الغربية وأكثرها خطورة في نفس الوقت وذلك لأن مساره لم يكن محددا كما أنه في كثير من الأماكن يجتاز كثبانا رملية. وغالبا ما ضلت السيارات طريقها وتعطلت خلال سفرها وعانى كثير من المسافرين أشد المعاناة بل ولقي بعضهم حتفه. ولكن الصورة تغيرت الآن فالطريق صار مرصوفا منذ بدايته بالقرب من الأهرامات حتى موقع مناجم الحديد التي تبعد بمسافة 35كم من الباويطى عاصمة هذه الواحة.ومن المأمول أن ينتهي العمل في رصيف الجزء الباقي في عام 1973"(2).
"الطريق منذ بدايته و حتى الوصول إلى الواحات لا يوجد عليه أي عمران عدا استراحة بسيطة بمنتصف الطريق بالضبط، بجوار خط للسكك الحديدية يستخدم في نقل خام الحديد من الواحات البحرية إلى القاهرة"(3).
تعريف الواحة
"تعرف الواحة من الوجهة الجغرافية بأنها تجويف عظيم الاتساع منخفض في قلب الصحراء، ولا يزرع منه إلا جزء يسير. أما المفهوم العلمي، فهي منخفض كبير في قلب هضبة صحراوية، ويكون هذا المنخفض خصبا بينما الجزء الأكبر من مساحته صحراء. وتعنى كلمة (واحة) مكانا للراحة، وهي تعرف بالعين أو البئر الذي يمده بالمياه"(4).
"ولقد عّرف المصريون القدماء، الواحة باسم "أوتو Otou" أي "مكان التحنيط" كما عُرِفَت باسم "وَيِتْ Wait" أي "المومياء" وكلا الاسمين متصل المعنى مع الآخر.. ثم عُرِفت في اللغة القبطية باسم "واهي Wahy" ومعناها "العامرة" أو "المعمورة" وهذه التسمية تدل على ما كانت عليه الواحات في ذلك العهد من ازدهار وعمران، إذ معناها "البقعة الخضراء وسط موات الصحراء" وهذا هو التعريف الجغرافي للواحة. ولقد جاء العرب إلى مصر، فوجدوها مسماة بهذا الاسم، فلم يحاولوا تغييره.
وعندما زار المؤرخ اليونانى "هيرودوت" مصر، وجد المصريين يطلقون على الواحات "جزر الرحمة" لأنها عن جدارة الملاذ الرحيم الذي يقدم الراحة والطمأنينة، هبة لكل مرتحل في دروب الصحراء القاحلة... فليس بدعا أن يطلق عليها الرومـان اسم "أويسز Oasis" أي "نهـاية الرحلة" أو "محطة الاستراحة"(5).
لقد ذكر أحمد فخرى الكثير من الحقائق عن الواحات البحرية في الفترات الماضية، والتي كانت بالطبع عونا على معرفة الكثير من التغيرات التي حدثت على مر الوقت من 1932 وحتى فترة كتابة هذا البحث، والتي أثرت الباحث وعاونته في الكثير من معلومات البحث. فمن هذه الحقائق أن "الواحة البحرية هي إحدى منخفضات صحراء مصر الغربية وتقع بين خطي عرض 27 و 45 دقيقة شمالا ومن خطي طول 30 و10 دقائق شرقا أما قراها فهي على ارتفاع يتراوح بين 120:128 مترا فوق مستوى سطح البحر وعدد القرى الرئيسية بالواحة أربعة تقترب كل اثنين منهما لتكون مجموعة واحدة، وتقع المباني الحكومية والاستراحات في الباويطى وتوأم الباويطى هي قرية القصر ولا يوجد خط فاصل بينهما بل يشير الأهالي إلى حجر في أحد الشوارع على أنه بداية القصر وعلى مسافة ثمانية كيلو مترات شرقي الباويطى تقع المجموعة الثانية والتي تتكون من قريتي منديشة والزبو ولا يفصل بينهما أكثر من كيلو متر واحد. وإلى جانب هذه القرى الأربعة فإنه توجد ثلاث عزب صغيرة هي العجوز (أو منديشة العجوز) وتقع على الطريق بين الباويطى ومنديشة وعلى بعد ثلاث كيلو مترات من هذه الأخيرة، والحارّة تقع في الشرق قرب نهاية المنخفض على بعد 35 كم من الباويطى وأخيرا الحيز الواقعة على بعد 47 كم إلى الجنوب من الباويطى"(6).
أما موسوعة ويكيبيديا، فقد ذكرت أن "الواحات البحرية هي إحدى واحات الصحراء الغربية في مصر وتتبع محافظة الجيزة، وتقع على بعد 365 كم إلى الجنوب الغربي من الجيزة، وهي تقع على منخفض مساحته أكبر من 2000 متر مربع. ويوجد بها نحو 400 عين للمياه المعدنية والكبريتية الدافئة والباردة. وفي العصور القديمة كانت الواحات البحرية تتبع إقليم أوكسيرنخوس (البهنسا). وجنود الجيش الروماني المكون من الأقباط والرومان غالبا ما كانوا يتحركون في الوادي بين مدينة أوكسيرنخوس والواحات البحرية، حيث كانوا يحتلون الجزء الشمالي من الواحة شرق الباويطى. وخلال الفترة المسيحية عندما دخلت مصر تحت حكم الرومان، عُرِّفَتْ الواحات البحرية باسم واحة البهنسا. وهي فترة لم تكن آمنة بالنسبة للواحات. وأما القائد الروماني هادريان هو الذي كان يُشْرِفُ على القوات العسكرية في الواحات وذلك في حوالي سنة 213 ميلادية"(7).
وكما ذُكِر في كتاب أحمد فخرى عن إحصاء عام 1966، فقد "كان تعداد سكان الواحة يبلغ 9601 نسمة، موزعا كالتالي: الزبو 1047 نسمة ومنديشة (بما فيها العجوز) 2974 نسمة، وسكان البحرية عبارة عن خليط من ثلاث مجموعات: السكان الأصليون بالواحة، البدو الذين نزحوا إليها من الصحراء الغربية إما من الساحل وإما من ليبيا، وأخيرا أولئك الذين جاؤوا من مصر العليا وبوجه خاص من محافظة المنيا"(8).
وقد وصل تعداد السكان "طبقا لإحصاء 1986 عدد سكان الواحة البحرية 19570 (الباويطى والقصر 10،272، الحيز 727، منديشة 3116، الزبو 2045، الجارة 1832، المناجم 1578 وقد ذكر المراجع "شوقي عبد القوى عثمان": "وحسب بيان مكتب التموين في عام 1998 يبلغ عددهم حوالى 27000 نسمة"(9).
أما تعداد سكان الواحات البحرية وحسب البوابة الإلكترونية لمحافظة الجيزة على الإنترنت 30500 نسمة موزعين على مدينة الباويطى وقرى منديشة – الزبو – القصر – الحارة – القبالة والعجوز(10).
وإذ توضح مجلة الواحات أن الواحات البحرية تقع في الشمال الغربي من الصحراء الغربية وهي على مسافة 360 كم من الجيزة وجنوب شرق واحة سيوة بمسافة 320 كم وشمـال واحة الفرافـرة بـ200 كم ولا تربـطها طرق مرصوفة سوى بالجيزة والفرافرة، وتعد الواحات البحرية أقرب الواحات المصرية إلى عمران وادي النيل حيث تقع - جغرافيا - على مسافة 180 كم غرب محافظة المنيا.
والواحات البحرية هي إحدى واحات الصحراء الغربية، وتمتد الصحراء الغربية بين وادي النيل شرقا والحدود المصرية الليبية غربا، وبين البحر المتوسط شمالا والحدود المصرية السودانية جنوبا وهي أكبر الأقاليم الجغرافية المصرية حيث تشغل أكثر من ثلثي مساحة مصر، إذ تغطى مساحه تبلغ 681 ألف كيلومتر مربع. والصحراء الغربية جزء من الهضبة الأفريقية العظمى التي تمتد غربا متمثلة في منطقة الصحراء الكبرى حتى سواحل المحيط الأطلنطي، وهي بذلك جزء من النطاق الصحراوي الضخم الممتد من المحيط الأطلنطي في الغرب حتى أواسط آسيا شرقا. وتتكون الصحراء الغربية من سطوح صخرية واسعة بمصر فيما بينها أرض واطئه تعرف بالمنخفضات حيث الواحات المختلفة، وتوجد أعلى مناطق الصحراء الغربية في أقصى الجنوب الغربي عند التقاء حدود مصر بالسودان وليبيا في موضع جبل العوينات حيث ترتفع إلى 1500 م تقريبا تتدرج إلى ارتفاعات أقل في هضبة الجلف الكبير التي تتميز رغم ارتفاعها النسبي بعدم وعورتها وخلو مساحات منها من الغطاءات الرملية، ويلي هضبة الجلف الكبير شمالا منخفضات الواحة الخارجة ثم تظهر هضبة أخرى تتألف من صخور جيرية تحد وادي النيل من الغرب وتطل عليها بحروف واضحة وتشمل هذه الهضبة الجيرية منخفضين كبيرين هما الواحات البحرية وواحة الفرافرة. وأهمية المنخفضات الصحراوية التي تشغلها الواحات في كونها آهلة بالسكان وعامرة بأوجه النشاط الاقتصادي المختلفة وذلك بفضل وجود الآبار والعيون الطبيعية التي تستغل مياهها في الزراعة وتربيه الحيوان مما جعلها محطات هامة للراحة والتموين في الصحراء الغربية منذ أقدم العصور مع احتفاظ أهلها بنمط الحياة البسيطة.
ولذلك نجد اهتمام المصريين القدماء بالواحات البحرية المصرية منذ قديم الزمن، وجاء من بعدهم الرومان وذلك نظرا للإمكانيات الزراعية الهائلة التي وفرت سبل العيش الكريم لهم، وباتت تلك المنطقة تمثل سلة خبز للفراعنة والرومان لفترات طويلة من الزمن، والدليل الأكبر على ذلك عدد المقابر والمعابد والكنائس التي تم اكتشافها بالواحات البحرية. فمدينة الباويطى العاصمة الحالية للواحات البحرية يوجد بها العديد من الأماكن الأثرية وأهمها منطقة يوسف سليم التى يوجد بها ست مقابر فرعونية منقوشة وملونة وهي منسوبة إلى مأمور مركز الباويطى والتي كان يوجد بها القصر الذي يعيش فيه وقت اكتشاف المقابر وتوجد على عمق 5 أمتار تحت سطح الأرض وقد استغلها الرومان كذلك عند قدومهم إلى الواحات، إلى جانب ثلاث مناطق من المقابر المنقوشة والملونة التي تم الكشف عنها في منطقة الشيخ سويي، وفي منطقة الفروج يوجد بها أضخم مقبرة ترجع للعصر البطلمي مخصصة لدفن الطائر (أيبس)، كما يوجد بالمنطقة الأثرية بالحيز مجموعة من الكنائس والقصور والمقابر وجبانات ترجع للعصور المتأخرة والعصر الروماني، وكذلك في قرى الزبو ومنديشة والحارة والقبالة والعجوز، حيث تمتاز هذه القرى بوجود التلال الصخرية الرملية في أجزاء كثيرة، كما أنها اعتمدت في العهدين القديم والحديث على الزراعة التي تقوم على المياه الجوفية ومعظم آثارها تقع حول المناطق الزراعية والعيون القديمة والآثار الرومانية كما تضم المنطقة مقبرة (بينا نيتو) وهي مقبرة تم اكتشافها عام 1938 وترجع للعصر الخاص بالأسرة 26، وترجع الأهمية التاريخية لهذه المقبرة إلى معرفة الأسلوب المستعمل في طريقة الرسوم والنقوش والخطوط الفرعونية والألوان. وبالنسبة لأهم المقومات السياحية المتوفرة بالواحات البحرية كذلك أنها عبارة عن سهل منبسط فسيح ومنطقة مزروعة كثيفة، خاصة منطقة بئر المطار وهي أثر تاريخي لبئر رئيسي يمثل انكسارا صخريا طبيعيا عميقا تصل مياهه إلى مناطق الزراعة على بعد من 10 إلى 15 كيلومتر عبر مجموعة من الآبار الرومانية التاريخية، وكذلك بئر مياه الواحات وهو عبارة عن هضبة رملية تطل على مجموعة من الزراعات الشاسعة بوادي محاط بمجموعة من الجبال العالية وتمثل بانوراما للمنطقة كما يوجد معبد جنائزي فرعوني بمصدرين للمياه أحدهما بارد والآخر ساخن يلتقيان في مسار واحد في تجويف صخري عميق داخل كهف جبل.
تعد زراعة أشجار النخيل ويليها أشجار الزيتون هما فقط النشاط السائد في المنطقة دون زراعات محصولية أخرى نظرا لتناقص مياه الآبار القديمة وعدم اهتمام الأهالي بحفر آبار جديدة بالإضافة إلى نزوع الشباب نحو العمل الحكومى والاستثمارى خاصة في مجال العمل السياحي والتي تشهد الواحات البحرية فيه طفرة كبيرة في هذه المرحلة.
يسكن الواحات البحرية 35 ألف نسمة ( تعداد 2008 ) موزعون على مدينة الباويطى العاصمة والقصر التي أصبحت ملاصقة تماما لها وقريتي منديشة والحارّة وقرية الزبو (شرق الباويطى) وقرى الحيز التى تقع جنوب الباويطى بمسافة 50 كم جنوب العاصمة على طريق الفرافرة ثم تأتي أخيرا ( مستعمرة ) مناجم الحديد وهي تضم خليطا سكانيا من وادي النيل بالإضافة الى نسبة سكانية ضئيلة من المحليين وتقع على مسافة 45 كم شرق الباويطى (على طريق المسافر من الجيزة)(11) .
أصل سكان الواحات البحرية:
ذكر أحمد فخري أنه "عند سؤال أي شخص لأهل البحرية عن الأصل الذى ينحدرون منه فإنه يتلقى نفس الإجابة التى يتلقاها في كافة الواحات الأخرى: أنهم ينحدرون من قبائل بدوية عربية. غير أننا لا نأخذ هذه الإجابة مأخذ الجد. حقا أن أصولا بدوية عربية ربما توفرت على نطاق محدود ولكن حتى هذه الأقلية القليلة اختلطت بالآخرين على مدى قرون حتى أنها لا تختلف الآن عنهم، فسكان الواحة الحاليون في الواقع جماعات ذات حضارة موحدة، إذا بحثنا أعمق فإننا سنأتي إلى نتيجة خلاصها أنهم خليط من سكان الواحات القدماء الذين اعتنقوا الدين الإسلامي وقليل من البدو العرب الذين استقر بهم المقام هناك فضلا عن النازحين من الواحات الداخلة. وبالإضافة إلى هذا لا ينبغي أن ننسى أنه عبر السنين حتى وقتنا الحاضر يأتي إلى البحرية أناس من مصر الوسطى بحثا عن عمل ويستقرون فيها كتجار والكثيرون منهم يبقون فيها إلى الأبد"(12).
"وبالإضافة إلى هذا لا ينبغي أن ننسى أنه عبر السنين حتى وقتنا الحاضر، يأتي إلى الواحات البحرية الناس من جميع محافظات مصر، خاصة الفيوم والجيزة والقاهرة والمنيا وبنى سويف بحثا عن عمل، ويستقرون فيها كتجار ومزارعين وموظفين ومستثمرين، والكثير منهم يبقى فيها إلى الأبد، ومنهم من يتزوج من بناتها أو يزوج بناته لأحد أبناء الواحة، وقبول الآخر الوافد إلى حد المصاهرة وهو ملمح حضارى يميز سكان الواحة عن البدو"(13).
أيضا لاحظ الباحث عند زياراته الميدانية أن هناك عددا لا بأس به من شباب الواحات قد تزوج من أجنبيات وإقامة الكثير من المشروعات السياحية كالفنادق والشركات السياحية وغيرها، مما سيؤدى في المستقبل القريب من تغير لعادات وتقاليد أهل الواحات.
النمط الاقتصادي للواحات البحرية:
"رسمال(14) الواحات في النخل والمواشي".
هذه عبارة تكررت كثيرا على ألسنة الكبار، ولكن الشباب لهم رأي آخر، يقولون:
"السياحة تُدِرْ مكاسب كبيرة على أهل الواحات".
والفارق بين الرأيين مهم وخطير؛ حيث يجسد طبيعة المتغير فى النمط الاقتصادي، والصراع بين نمطين، أحدهما قديم تقليدي يتمثل في الزراعة، والآخر حديث لم تتحدد معالمه بوضوح فهو حائر بين السياحة والصناعات الصغيرة والمهن اليدوية البسيطة(15).
وهذا بالتبعية له مردوده على الألعاب الشعبية والأدوات المستخدمة والتي يتوارثها الأجيال كنتيجة فعلية لاحتكاك ثقافة أهل الواحات والثقافات الآتية من خارجه والتي سوف يكون لها بحث آخر فى القريب العاجل.
الحياة الثقافية والفنية الشعبية:
ذكر أحمد فخري أن "أهل البحرية مغرمون باللهو، فهم لا يملون سماع موسيقاهم التي تتكون أدواتها من الطبلة والأرغول المزدوج ونوع بدائي من الناي، وأكثر مناسبات الطرب عندهم ترتبط بالزواج، وخلال الاحتفالات تشترك العذراوات في الرقص الواحدة تلو الأخرى ولكنهم لا يرقصن أبدا كجماعة. وهن ينحنين بأيديهن على عصي وعلى الإيقاع يحركن ظهورهن وأقدامهن، ويعجب الرجال بهذا النوع من الرقص وإن كنت أجده دون رقص البدويات والقرويات في وادى النيل وسيوة، ولأي مشاهد من غير أهل البحرية فإنه رتيب ممل وللمثقف ربما بدا خال من الذوق. ويرقص أهل البحرية كذلك في مناسبات ختان الأطفال وغيرها من المناسبات"(16).
وما زالت هذه الأدوات الموسيقية هي المستخدمة حتى الآن، ولم يزد عليها إلا أجهزة التكبير الصوتية الحديثة. أما شكل الأداء الحركي للعذراوات والذي شرحه أحمد فخري فمازال تقريبا كما هو ولكن يُؤدى من قِبل الشباب والرجال مع عدم وجود النساء نظرا للفكر والمد الديني الآتى من الغرب والذي أثر على أهل الواحات البحرية(17).
"ومن المعروف أنه في قرى الوادي وفي الواحات الأخرى حينما تقوم النساء بزيارة ضريح ولي من أولياء الله فمن عاداتهن أن يبقين ساكنات إظهارا لاحترامهن العميق للمكان ولأهميته الدينية، ولكن الأمر مختلف فى البحرية، ففى مساء كل خميس، وبمجرد غروب الشمس تقوم النسوة ومعظمهن من المتزوجات، بزيارة ضريح الشيخ السويبى أو الشيخ على أبو رمالة فى الباويطى أو ضريح الشيخ بدوى فى القصر، وهناك يشعلن شموعا أحضرنها معهن وبدلا من أن يحافظن على هدوئهن وسكونهن أو يتلين بعض الدعوات فإنهن يصفقن ويرقصن الواحدة تلو الأخرى، وتفسيرهن لذلك بسيط ومنطقي، على الأقل في نظرهن: أن مولى الله لن يهتم بمديد العوان لهن إلا إذا رضي وسعد قلبه، وإرضاؤه يكون عن طريق غنائهن ورقصهن"(18).
وعند سؤال الباحث لأهل الباويطى عن هذه الظاهرة، أنكرها معظمهم إلا قلة قليلة والتى قالت أنها كانت ظاهرة قديمة نظرا لعدم فهم الجدود للدين مفهوما صحيحا. ولا يوجد شكل أدائي راقص للأطفال حتى سن البلوغ، ولكن الألعاب الشعبية هي السمة الواضحة في أدائهم الحركي لهذا السن. كما لا يوجد أي نوع من التحفظ على عدم لعب البنات مع الأولاد، ولكن هناك بعض الألعاب التى يمارسها الأولاد دون البنات والعكس صحيح، مثال الألعاب التى تحتاج إلى العنف كألعاب المصارعة أو الاشتباك بالأيدي وغيرها من ألعاب العنف والتي تعلمها الأولاد بعد دخول البث التليفزيوني والذي تأثر به أهل الواحات حديثا. أيضا لعبت أجهزة الكومبيوتر دورا هاما في الحياة الثقافية في الواحات البحرية من خلال محورين أساسيين، المحور الأول هو الألعاب الحديثة والتي أصبحت الهاجس الرئيس للأولاد والشباب ومدى تأثرهم بها، أما المحور الثاني فهو الولوج على الإنترنت ومدى اتصال الشباب بالثقافات الأخرى. وبملاحظة الباحث للألعاب الشعبية ومدى تواجدها في مجتمع الواحات البحرية أنها أصبحت قليلة، نسبة إلى ظهور أجهزة الكومبيوتر والفيديو جيم المتواجدة فى الكثير من المنازل، وذلك بالأخص فى مدينة الباويطى والقصر، مما أدى إلى عدم ظهور وتواجد الأطفال لفترات طويلة بالشوارع وممارسة اللعب كما الماضي. أيضا من السهل التواصل مع أطفال هذه المدن سريعا وبدون أي عوائق، ويرجح الباحث هذه الظاهرة نتيجة تواجد الكثير من الزائرين الأجانب الذين يذهبون للسياحة هناك. أما في الحيز والحارّة فمازال الأطفال يمارسون ألعابهم أمام المنازل وفي الساحات والحقول. وأما القرى والمدن البعيدة عن الباويطى والقصر فيصعب التواصل السريع مع أطفالها وكسر حدة الخجل لديهم. وعند زيارة الباحث لهذه القرى البعيدة استطاع مع مجموعة الباحثين الآخرين عمل بعض من الخدع لجعل الأطفال يتجاوبون في الحديث، وذلك عن طريق طلب بعض من الأطفال فى الدخول معنا في لعبة الاستغماية، والتي اختبأ واحدٌ منا وطلبنا من الأطفال البحث عنه، ومن سيجده منهم، له منا هدية. وهكذا حتى أتى معظم الأطفال حولنا وبدأنا جميعا اللعب. أيضا لاحظ الباحث أنه ابتداء من وقت الظهيرة وحتى العصر "حوالى من الساعة الواحدة وحتى الرابعة والنصف" لا يمارس الأطفال الألعاب ذات الحركة القوية أو العنيفة، نظرا لحرارة الجو المرتفعة أثناء النهار - حيث كانت هذه الرحلة العلمية في شهر أبريل - ذلك في جميع المدن والقرى التي ذهبنا لها. أما الألعاب الأساسية التي يمارسونها في العموم هي ألعاب الكرة على عمومها وركوب الدراجات والسباحة في مياه الآبار. وهناك ألعاب أخرى قد جمعها الباحث سيأتي ذكرها في بحث آخر. والسواد الأعظم من الأطفال يمارسون ألعابهم منتعلين شباشب، أما القليل منهم فينتعلون أحذية خفيفة، أما الباقي، فهم يلعبون حفاة، ولا توجد ملابس خاصة لتأدية الألعاب، والجميع على سجيته.
رقصة البرمية البحرية(19)
نظرا لندرة الأبحاث حول التعبير الحركى الجمالي وأشكال أدائه وخطواته الفنية لمنطقة الواحات البحرية، مما أدى إلى وضعها من قِبل الباحث على أولويات البحث. ولقد كان من الصعوبة رصد هذه الظاهرة الشعبية والتي تطلبت الكثير من الزيارات لبناء تواصل بين الباحث وأهل المنطقة محل البحث. ذلك لأنه بعد المد الديني أصبح أهل الواحات شديدي الاعتقاد بأن الرقص من الوثنية، ولكن الفئة الكبيرة منهم يمارسونه بعيدا عن أعين الغرباء. وأما السيدات فلا يمارسن الرقص مطلقا خارج بيوتهن كعاداتهن التي رصدها أحمد فكري لهذا الأداء في أربعينات القرن المنصرم. والشيئ المثير للدهشة أن أشكال خطوات الرقص وآدائها من قِبل رجال الواحات والتي رصدها الباحث في رحلته العلمية في 2014 كانت شديدة الشبه تماما وما شرحه أحمد فكري عند رصده للرقصات الشعبية من قبل السيدات.
نظرة عامة على أماكن الاحتفالات
وملابس أهل البلد
ارتبط الرقص الشعبي بالعاملين، الجغرافي والبيئي، وتحددت أشكال خطواته وأدائها في الكثير من الأحيان بنوع العمل الذي تؤديه الجماعة الشعبية، أما المعنى من الأداء فيذهب إلى العادات والتقاليد والتي تظهر جلية من خلال الشعور والأحاسيس للمؤدي.
إذ نجد أن الواحات البحرية ما هي إلا بقعة مختلفة درجات ألوانها وحسب نوع الزراعة، تقع في منطقة صحراوية أيضا مختلفة ألوانها بين الأصفر الفاتح وحتى الغامق في تناسق عجيب رائع، والجو دائما جاف مما كان له تأثير على أهل الواحات. فأداؤهم الحركي اليومي بطيئ عن أهل الحضر. ومعظم المحال التجارية والمطاعم والمقاهي وغيرها تُغلَق وقت الظهيرة وحتى حوالي الساعة الرابعة بعد الظهر، وأهل الواحات لا يتكلمون بصوت مرتفع، وقليلا ما يحدث عراك مع بعضهم البعض. وعند حدوث نزاع، يلجأ المتنازعون لكبير البلد فيُتَقبل منه كل ما يقوله دون أي رجوع أو مخالفة. إن هذه العادات سببها الأساسي هو الحياة الصحراوية، ولكنها ازدادت عند أهل الواحات نظرا لوجود الزراعة والتي تطبع الهدوء والسكينة في النفس، مما كان لها تأثير كبير على أدائهم الحركي، ورقصاتهم الشعبية. ولأن درجات الحرارة دائما مرتفعة في فصول السنة وأيضا وجود الجو الجاف مما يؤثر على الحركة والتي بدورها تؤثر على أشكال خطوات الرقص الشعبية، إذ نجد أنها خطوات ذات حركات بطيئة ويستخدم فيها الجزع أكثر من أي منطقة أخرى بالجسد.
أماكن الاحتفالات:
الأماكن التي يقيم أهل الواحات احتفالاتهم بها دائما ما نجدها على أطراف الحقول أو بعيدا عن أماكن السكن، ومعظم المواد المستخدمة في بنائها من البيئة. ماعدا احتفالات الزواج والتي تقام أمام المنازل، وأيضا احتفالات الموالد والتي تقام أمام الأضرحة.
الشباب والرجال هم من يمارسون الرقص الشعبي في الاحتفالات، أما النساء فلا يمارسن الرقص الشعبي خارج المنازل، والأولاد يقلدون آباءهم أثناء الاحتفالات كما سيرد في شرح خطوات الرقص الشعبي.
أما الحوائط المستخدمة في بناء أماكن الاحتفالات خارج أو داخل البلد تتكون من:
الطوب المصنع من البيئة.
أو من الخوص المجدول مع بعضه البعض.
أو من الخيامية المطبوعة.
أو من الأحجار الجيرية الكبيرة والمقطعة بطريقة غير منتظمة، تُرَص فوق بعضها البعض ويوضع بينها الأسمنت لتتماسك وتُكوِّن أشكالا جميلة لا تبعد عن البيئة. وهذا الشكل نجده قريبا من المنازل أو في الفنادق الموجودة في الواحات.
وتفرش الأرض إما بسجاجيد من البلاستيك، أو من السجاد المصنوع يدويا من بواقي الملابس القديمة. وتوضع السجاجيد إما بجانب الحوائط مع ترك المنطقة الوسطى عارية وحتى الباب الرئيسي، أو تغطى كامل الأرض بالسجاجيد ماعدا مكان واحد يترك دائما بدون غطاء على الأرض ويستخدم في عمل الشاي وذلك عن طريق وضع أعواد من أغصان الأشجار الناشفة والتي ينتقونها مسبقا من الحقل فوق بعضها البعض داخل حفرة في الأرض ليست عميقة - حوالى 15 سم- ثم يشعلونها بعد سكب القليل من الجازولين عليها ليساعد في عملية الاشتعال، ويتركونها قليلا حتى تشتعل جميع الأغصان ثم يضعون إبريقا كبيرا من المعدن المملوء بالماء والشاي فوق النار.
الأزياء :
ملابس الرجال: معظم أهل البلد ينتعلون شباشب مصنوعة من سيور من الجلد والقليل منهم ينتعلون أحذية. ويخلع أهل البلد أحذيتهم على مقدمة السجاد قبل الدخول لأماكن الاحتفال، ذلك لأنهم لا يستخدمون الكراسي للجلوس في أماكن احتفالاتهم، ولكن يجلس الجميع على السجاجيد المفروشة على الأرض. وهم لا يأخذون بناتهم أو نساءهم معهم في الاحتفالات التي يقيمونها خارج البلد ولكن لا يمنعون أي بنات أو نساء أخريات - أجنبيات - من خارج البلد للدخول ومشاهدة الاحتفالية. والجلابية من الملابس المفضلة عند أهل الواحات ودائما ما تكون ألوانها فاتحة، غير أنها لا تختلف عن غيرها من أشكال الجلابيات المصرية الأخرى غير أنه معظم الجلابيات لا يوجد بها ياقة، ويُلبَس تحتها بنطلون من نفس نوع القماش، وقليلا ما نشاهد الجلابيات القصيرة والتي تصل حتى ما بين الركبة والقدم والمشهورة في منطقة سيوة. وسواء الجلابية القصيرة أو الطويلة، يلبسون فوقها صديرى دائما ما يكون لونه غامقا عن لون الجلابية. ويضع أهل الواحات غطاء يغلب عليه اللون الواحد على الرأس وبدون طاقية. ولهم طريقة خاصة في ربط هذا الغطاء. كما أنهم يضعون هذا الغطاء أحيانا على أكتافهم مثل الكوفية.
ملابس السيدات: تتواجد السيدات في احتفالات الزواج أمام باب المنزل المقام عنده الاحتفال، ودائما ما تلبسن الجلابية الطويلة ذات فتحة الكم الواسعة قليلا، وتضع معظم النساء النقاب على رؤوسهن. أما الباقيات، فيضعن طرحة على رؤوسهن أو يلبسن حجابا. أما الجلابية والتي كانت مشهورة قديما في البلد، فليس لها تواجد في الوقت الحالي إلآ عند بعض من السيدات القلائل وأشهرهن السيدة "أمنة" والتى ينادينها بـ "يامنة" وهي ما زالت تصنعها ولكن للسياح أو لمن يطلب هذا الشكل القديم فقط. ويتواجد الأطفال دائما مع أمهاتهم أثناء الاحتفالات، ولم يشاهد الباحث أيا من الأطفال البنات تلبسن النقاب أو الحجاب.
العصا المستخدمة في الرقص:
طول العصا حوالى"1.15 سم" متر وخمسة عشر سنت، ولا يستخدم أهل الواحات عصا خاصة، ولكن معظم العصي من البيئة المحلية.
الموسيقى:
لا يوجد تعدد للآلات الموسيقية في قرية الباويطى كما في معظم قرى ومحافظات جمهورية مصر العربية. إذ نجد أن أهم ما في موسيقاهم هو الإيقاع، لذلك يستخدمون الطبلة والطار كآلتين أساسيتين في ذلك، وإيقاعهم دائما هو إيقاع عشوائي في زمن رباعي 4/4 ، أما النغم الموسيقي فيستخدمون فيه آلة الأرغول، وهو أُوكتاف واحد يكَرَّر معظم الوقت أثناء اللعب الموسيقي، ولا يستخدمون الغناء في معظم رقصاتهم الشعبية، ولكن الأداء الغنائي يكون إما قبل أو بعد الرقصات. ويبدأ العزف الموسيقي دائما بأداء صولو على آلة الأرغول ثم يليه الغناء مع العزف للفرقة أو العزف الجماعي للفرقة الموسيقية إذا لم يكن هناك غناء. كما يستخدمون آلات تضخيم الصوت والميكروفونات. ولقد لاحظ الباحث أن جميع العازفين والمغنين من الرجال فقط ولا وجود للنساء في العزف أو الغناء.
الآلات الموسيقية المستخدمة في الواحات البحرية:
آلة الطبلة: وهي الشكل الحديث من الدربكة و"الدربكة آلة طرق شعبية مصرية الأصل من الطبول ذات الرق الواحد، ويصنع جسم الدربكة من الفخار على شكل اسطوانه واسعة الفوهة ناحية الرق الذي يصنع من جلد الماعز أو سمك البياض الكبير، ويلصق هذا الجلد على حافة الآلة ويشد بواسطة خيط متين على الجزء الأوسط من الآلة، ويضبط صوتها وتشد بالتسخين أو التدفئة أو بدلكها بقطعة من الصوف. بينما بقية جسم الآلة يكون ضيقا من الناحية السفلية الأخرى المفتوحة". وهذا الشكل هو بالضبط شكل آلة الطبلة الحديثة والتي يشد على فوهتها بلاستيك بدلا من الرق الجلد داخل إطار يربط بمسامير على جدران فوهة الآلة ولا يحتاج إلى تسخين. ويستخدم العازف الآلة وهي مستندة على فخده الأيسر واضعا رجله اليسرى على كرسي واليمنى على الأرض، بينما ينقر الآلة بأصابع اليدين معا، اليد اليمنى للضرب على وسط الـرق لتـعطي الدرجة الأغلظ (الـدُمْ)، واليد اليسرى للنقـر على الحافة، أو بـاليدين معا لإصدار الدرجة الأحد (التِكْ).
آلة الدهلة: وهي لا تختلف عن آلة الطبلة إلا في أنها أكبر حجما.
آلة الطار: وهي من آلات الطرق الإيقاعية ذات الرق الواحد، وتتميز بإطار دائرى رفيع نوعا من الخشب، ويتراوح عرضه حوالى 15 سم ويشد عليه رق من جلود الحيوانات الرقيق المرن. ويطرق الدف باليد اليمنى بينما يمسك باليد اليسرى، وهذا الدف له مقبض يمسك به.
آلة الأرغول: "الأرغول آلة نفخ شعبية مصرية مزدوجة الأنبوبة صنعت وتصنع من الغاب، عرفها الفراعنة منذ سبعة آلاف عام وسميت (المزمار المزدوج) ثم أخذها عنهم الأشوريون والبابليون ثم الإغريق والرومان تحت اسم (الأولوس)"(20).
والأرغول الذي يستخدمونه هو عبارة عن قصبتين من الغاب متلاصقتين تماما، إحداهما طويلة - ما بين 60 الى 85 سم - وهذه الأنبوب الطويلة بدون ثقوب، وتعطى درجة صوتية واحدة ثابتة هي القرار بالنسبة للقصبة الثانية القصيرة والتي تبلغ ثلث الكبيرة تقريبا، والتي توجد بها ستة ثقوب والتي تؤدى عليها الميلودى. ولا يوجد بالأرغول أي قصبات إضافية.
وتتكون القصبة الطويلة من:
البلابل: وهي الريش التي تتذبذب داخل فم العازف. وهي عبارة عن قصبة صغيرة واحدة من الغاب طولها يتراوح من 3 الى 5 سم وقطرها 1 سم مقفلة من أعلاها، وتشرط من أحد جوانبها لكي يتذبذب الجزء المشروط فتنتقل بذلك الذبذبات والصوت الى الأجزاء الأخرى من الأرغول لتكبيره.وللأرغول اثنان من البلابل، لكل أنبوبة من أنبوبتيه واحدة وهي توضع من الناحية المفتوحة في الجزء التالي من الأرغول والمعروف بالركب.
الركب: وهي عقلة أطول وأغلظ قليلا من البلابل وسمكها حوالى 1.5 سم لكي تكون وسطا بين البلابل والجزء الرئيسي لجسم الأرغول في كل أنبوبة من الأنبوبتين، لذا توضع الركب في كلا من القصبة الصغيرة والقصبة الكبيرة.
البدال: وهو القصبة القصيرة ذات الثقوب السـت والتـي تخـتـص بـإصـدار الـحـركة اللحنية، وأداء الجمل الموسيقية الميلودية وتسمى أيضا (القوال).
الزنان: وهو القصبة الطويلة ذات الصوت الثابت الممتد.
الأداء الموسقي للفرقة
إن الأداء الموسيقي للفرقة ما هو إلا تقاسيم حرة من مقام راست ومطعمة بجمل موسيقية من البياتي وذلك في زمن رباعي 4/4 بها بعض الخروج والنشاز، وهي تعتبر ارتجالا عشوائيا.
خطوات الأداء لرقصة البرمية البحرية:
تؤدى خطوات الرقص من قِبَل الرجال في الواحات البحرية على العزف الموسيقي فقط، وليس لهذا الشكل الأدائي التعبيري الحركي أي نوع من الغناء. ويتحدد شكل أداء الخطوات الراقصة ونوع العمل للجماعة الشعبية المؤدية لهذا التعبير الحركي الجمالي، ومعنى أدائها بالعادات والتقاليد والتي تظهر جلية من خلال شعور وأحاسيس المؤدين، والتي تضفي المعنى والمغزى من هذه الخطوات. وهناك بعض التشابه أثناء تأدية الخطوات في الشكل العام لمؤديى الرقص الشعبي في معظم الواحات البحرية، إذ يقوم المؤدي بانحناء للأمام قليلا أثناء الحركة، أما عند تأدية الخطوات بالحركة في المكان وبدون أدوات، يكون الجذع على استقامته مع ثني الركبتين قليلا أثناء تأدية الرقص. وتستقيم الركبتان ثانيا وينحني الجذع للأمام إذا ما استخدم المؤدي العصا.
أما الحركة الرئيسية للجذع والوسط فهي دائما ما تتم في شكل نصف دائري لليمين واليسار بالتتابع، وقليلا ما تأخذ الشكل النصف دائري للأمام والخلف مع ثني الركبتين أثناء تأدية الخطوة الحركية مع ثني الجذع للأمام، والذي نجده واضحا كل الوضوح في واحة سيوة. فهي تعطي شكلا كالبَرم، لذلك اقترح الباحث تسميتها برقصة البُرمية البحرية ...
وهناك شكلان من الأداء التعبيري الحركي الجمالي في الباويطى:
رقصة البُرمية البحرية بدون أدوات: وهي دائما رقص فردي.
رقصة البُرمية البحرية بأدوات: وهي تبدأ فردي ثم تنتهي برقص جماعي. ويستخدم فيها الراقص عصا من البيئة.
خطوات رقصة البُرمية البحرية بدون عصا:
يبدأ المؤدي برفع يديه مستقيمتين على الجانبين بمحاذاة كتفيه وأصابع اليدين مفرودة على استقامتها، ومع استقامة الجسم والجذع مع انثناء خفيف بالركبتين. يتحرك الجذع ليرسم شكل 8 بالإنجليزية، فيبدأ الجذع من الجهة اليمنى بالرجوع للخلف ثم الاتجاه للخارج فللأمام مع رفع كعب الرجل اليمنى قليلا عن الأرض ثم العودة، وفي منتصف هذه الحركة يضع المؤدي يديه على مؤخرة رأسه فاتحا الكوعين للخارج، ليبدأ الجزع من الجهة اليسرى للرجوع للخلف ثم الاتجاه للخارج يسارا ثم للأمام مع رفع كعب الرجل اليسرى قليلا عن الأرض ثم العودة وهكذا.
ثم ينتقل المؤدي للخطوة الثانية في أدائه وهي وضع الرجل اليسرى للخلف قليلا وهو مازال في وضع ثني الركبتين قليلا ثم يحرك الجذع للخارج ناحية الجهة اليمنى ثم العودة مع التحرك للجهة اليمنى ولكن بشكل نصف دائري، ثم يغير الحركة من الجهة اليمنى إلى الجهة اليسرى والتحرك في مسار النصف دائري العكسي.
ثم ينتقل المؤدي للخطوة الثالثة وهي فتح الذراعين على الجانبين بمحاذاة الكتف وهو في وضع ثني الركبتين قليلا، ثم يحرك الجذع لأعلى ثم للأمام ثم لأسفل ثم لأعلى ثم للخلف ثم لأسفل وهكذا(21).
ثم يعاود أداء الحركة الأولى مرة أخرى، ثم الحركة الثانية وهكذا.
وهناك شكل أدائي آخر وبنفس الخطوة الأدائية وهو المشي بالخطوة الأولى حتى الوصول لأقرب جدار أو جذع شجرة ثم يضع المؤدي يديه عليها، وإما الكفين فوق بعضهما البعض إذا ما كانتا على جزع الشجرة، أو بجانب بعضهما البعض إذا ما كانتا على الجدار، ثم ينحني الجسم للأمام قليلا، ثم يحرك المؤدي جزعه ناحية اليمين وللخارج تارة ثم ناحية اليسار وللخارج تارة أخرى وهكذا.
ملاحظة: إن هذا الشكل من الأداء لحركة الجزع هو شكل الحركة الأساسي والذي يؤديه الراقصون باستخدام العصي.
خطوات رقصة البرمية البحرية بالعصا:
أداة الرقص الأساسية في الواحات البحرية هي العصا. وهذا الشكل من الأداء تقوم به الجماعة وليس أداء فرديا خالصا كما في الرقصة السابقة. هناك عدة أشكال من الأداء سواء للوصول الى المنطقة التي سوف يؤدي فيها المؤدي رقصته بالعصا وأيضا طريقة وقوف المؤديين:
الشكل الأول: يتحرك المؤدي بخطوات جانبية وهو في وضع ثني الركبتين قليلا ممسكا العصا بيديه الإثنين أعلى الرأس حتى يصل للمكان الذي سوف يؤدي فيه رقصته. فيضع طرفا من العصا على الأرض ويمسك بالطرف الآخر ثم يقوم بأداء باقي خطوات الرقصة.
الشكل الثاني: يتحرك فيه المؤدي بخطوات صغيرة على النغم الموسيقي وهو في وضع ثني الركبتين قليلا، رافعا ذراعيه والكوعين للخارج - تقريبا أسفل الكتفين - واليدين لأعلى بمحاذاة الرأس. أما الجذع فيتحرك للخارج وجهة اليمين عكس القدم وهكذا حتى يصل للمؤدي الممسك بالعصا، ليصبح الإثنان ممسكين العصا من الطرف الأعلى، ثم يبدآن بأداء خطوات الرقصة. وفي أحيان كثيرة يأتي مؤد ثالث بنفس طريقة الأداء ليصبح الثلاثة ممسكين بالعصا من طرفها الأعلى ويؤديان الرقصة مع بعضهم البعض.
الشكل الثالث: يتحرك فيه المؤدي بنفس شكل الأداء الأول حتى الوصول للمؤدي الممسك بالعصا، ولكن بدلا من أن يمسك العصا معه، يذهب إلى خلفه ويضع يديه على كتف الممسك بالعصا من الخلف ويبدأ بنفس طريقة الأداء كما لو كان واضعا يديه على جذع الشجر أو على الجدار.
الشكل الرابع: يقف المؤدون إما إثنان بجانب بعضهما البعض ويقف الثالث أمامهما ممسكا بعصا كل منهما، أو تقف المجموعة بجانب بعضهم وكل ممسك بعصاه من الطرف الأعلى والطرف الآخر على الأرض، ثم يؤدون سويا خطوات الرقصة.
نتائج البحث:
1. إن معظم أوقات العمل لأهل الواحات دائما ما تكون في الحقول ما بين الفلاحة في الأرض وتلقيح النخيل وجني البلح. وعند عمل تحليل حركي لهذا العمل نجد أن مؤديه في معظم الأوقات في حالة انحناء للأمام وثني قليل للركبتين، مع بطء الحركة والذي ينقسم إلى العمل بأعلى النخيل لفترات طويلة وأيضا نتيجة الجفاف والحرارة العالية معظم أوقات العام، بالإضافة إلى العمل في جني البلح في الحقول بهذا النمط الأدائي، مما يؤدي بمرور الوقت إلى تأثير على الشكل العام للحركة الإنسان والتي بالتبعية ظهر في التعبير الحركي لأهل الواحات.
2. والخطوة التماوجية المنبثقة من خطوة الرعشة هي المستخدمة في الواحات البحرية من قبل الرجال، وقد كانت مستخدمة من النساء في أربعينات القرن المنصرم.
3. تلعب العصا الدور الأساسي في رقصة البرمية البحرية حيث أن جميع الراقصين سواء الفردي أو الثنائي أو الثلاثي أو الجماعي يعتمدون عليها في التعبير عند حركة الرعشة.
4. إن طريقة انحناء الجذع عند مسك العصا وطريقة وضع المؤدي يديه على جذع الشجر أو على الحائط أو على المؤدي الآخر ناتج عن نوع العمل لأهل الواحات نظرا لتطلب انحناء الجزع لفترات طويلة.
الهوامش:
1. حمدى سليمان/ سيد الوكيل: الواحات البحرية، دراسة ميدانية (2009)، مجلة الفنون الشعبية، العددان 92/ 93 ، ديسمبر 2012، يناير 2013، ص 18
2. كان ذلك آخر ما كتب عن الطريق المؤدى للواحات البحرية فى البحث الشامل من:
أحمد فخرى: الصحراوات المصرية، وزارة الثقافة، المجلس الأعلى للآثار، ص 13
3. مجلة الواحات البحرية - الإنترنت
4. سحر أحمد إبراهيم منصور: الوحدات الزخرفية فى الواحات، مجلة الفنون الشعبية، العددان 92/ 93 ديسمبر 2012 ، يناير 2013، ص99
5. عبد اللطيف واكد / حسن مرعى: واحات مصر، جزر الرحمة وجنات الصحراء، دار الطباعة الحديثة، الطبعة الأولى 1957، مكتبة الأنجلو المصرية، ص 11، 12، 13
6. أحمد فخرى: مرجع سابق، ص 36
7. الواحات البحرية، موسوعة ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
8. أحمد فخرى: مرجع سابق، ص 36، 37
9. أحمد فخرى: المرجع السابق، ص 36
10. البوابة الإلكترونية لمحافظة الجيزة على الإنترنت.
11. مجلة الواحات البحرية- الإنترنت .
12. أحمد فخرى: مرجع سابق، ص 55
13. حمدى سليمان / سيد الوكيل: مرجع سابق، ص 18
14. (رسمال) هى كلمة تقال فى العامية المصرية ومعناها “رأس مال”
15. حمدى سليمان / سيد الوكيل: مرجع سابق، ص 19
16. أحمد فخرى : مرجع سابق، ص62، 63
17. الباحث
18. أحمد فخرى : مرجع سابق، ص63
19. اقترح البحث إسم (البُرمية البحرية) على هذا الشكل من الأداء الحركى فى الرسالة التى قدمت فى أكاديمية الفنون بالقاهرة فى 2016 م. وقد كان من الصعوبة اكتشاف هذا الأداء نظرا لأن أهل الواحات البحرية لا يؤدونه كاملا أمام من هم خارج الواحات.
20 . فتحى الصنفاوى: تاريخ الآلات الشعبية المصرية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، فرع الصحافة 2000، ص 78
21. لاحظ الباحث أن هناك بعضا من المؤديين يؤدون هذه الخطوات بشكل عكسى. أى يبدؤن من الأمام وللخلف.
الصور :
* من الكاتب