الحُمَيد بن منصور.. الأصالة والحكمة اليمانية
العدد 38 - أدب شعبي
لا يزال اليمنيون بمختلف مناطقهم ومحافظاتهم يرددون أشعار وأقوال الحكيم اليماني الكبير/ الحُمَيد بن منصور، سواءً في أثناء تأديتهم للأعمال الزراعية أو في انتهاج مجالاتهم الحياتية الأخرى، ويرون بأنها دافع حماسي وتشجيعي لهم لإنجاز تلك الأعمال بسرعةٍ كبيرةٍ وبعزمٍ لا يلين؛ كما أن هذه الحكم تعدُّ نابعةً من عمق التقاليد والعادات والأعراف الشعبية اليمنية، فتراهم يرددونها في مجالسهم وأسمارهم، بل ووصل الأمر أن جيلاً من الشعراء الجُدُد بدأوا في نسج قصائدهم على نفس تلك الحكم فيوردون حكمةً من حكم الحُمَيد بن منصور لتكون لازمة افتتاح لقصائدهم التي يواصلون سرد أبياتها الشعرية.
ويُورد الأستاذ/ خالد الرويشان في دراسةً سابقة(5): بأن "الثقافة الشفهية في اليمن تُمثل رُكناً مُهماً في بنيان الثقافةِ اليمنيةِ، وأن نوعاً واحداً منها والمتمثل في الأمثال الشعبية والتي يتداولها الناس عبر أجيالٍ متعددةٍ، وبعضها بيتُ شعرٍ أو حتى نصف بيت، وهي بالآلاف، تتشابه وتختلف وتأتلف بين مختلف المناطق اليمنية؛ لأنها خِبرةُ قرونٍ، وخلاصةُ تجربةٍ، فإن تأثيرها كبير، وآثارها في النظام الاجتماعي والثقافي مُتعدّد".
أما الدكتور/ أحمد علي الهمداني فيرى "أن الثقافة الشفاهية تشكِّل حياة الشعب، فهمه للعالم المحيط به، أراؤه الجمالية - الأخلاقية، مفاهيمه الاجتماعية - التاريخية والسياسية، الفلسفية والجمالية الفنية؛ فتمتاز بعمق الفكرة، كما تمتاز بكونها ذات مواصفاتٍ فنيةٍ عالية، متنوعةٍ كل التنوع، ومتعددةٍ كل التعدد»(6)..
ويرى الأستاذ/ حسين سالم باصديق في كتابه (في التراث الشعبي اليمني) بقوله: "لقد ساهم تراثنا الشعبي في إحياء ذِكرانا الماضية، ذِكرى الأجداد القُدامى، فكل قطعةٍ من تراثنا تعطي الدلالات التاريخية على ماضينا وعلينا أن ندرسه سواءً كان تمجيداً أو تنكيلاً.. ولأن التراث الشعبي يفخر به الناس فلذلك تحب الجماهير ترديد هذا التراث باستمرار لما في ذلك من شعورٍ بالفخر والاعتزاز بالماضي المليء بالبطولات والحضارات والمفاخر"(7).
وهنا سنتحدث عن شخصيةٍ يمنيةٍ مغمورةٍ جداً، ربما لا يعرفها الكثير من أبناء الإقليم الذي نعيش فيه، ولكنه محفوظٌ في قلوب كل اليمنيين، سواءً في ريفهم والحضر، فعندما يدندن المرء ببعضٍ من حكم الحُمَيد بن منصور حتى يلتفت إليك بعض من حولك ويرددون معك مقطوعاتٍ أخرى من تلك الحكم والأقوال الشهيرة.. وقد يورد بعض الكُتَّاب والباحثين بأن الحُمَيد بن منصور هو حكيمٌ زراعيٌّ فحسب؛ ولكن من يبحث ويتقصَّى عنه سيجد بأنه ابنُ الريف اليمني وباني مدرجاته وصانع إنجازاته؛ فهو الحكيم الزراعي، والعالم الفلكي، وفيلسوف الحياة وذاكرتها، وهو الأديب والشاعر الذي قلما تجد له مثيل، كان وما يزال محفوظاً إسماً ومواقف، أقوالاً وقصصاً حية في ذاكرة اليمن وأبنائه منذ قديم الزمان وحتى الآن، بل وصارت أقواله أمثالاً وحِكماً تُسافر عبر عشرات السنين، وتسكن في أعماق التاريخ.
1. فيا ترى من هو الحُمَيد بن منصور؟!
(الحُمَيد) بضمِ الحاء وفتحٍ للميم، لا يعرف إن كان اسم (منصور) هو اسم والده أم هو اسمٌ لعائلته (لقبه) والأصح أنه لقبٌ لأسرةٍ يمنيةٍ عريقة، كثيرة العدد، عاشت وتعيش في مناطق كثيرة على امتداد الخارطة اليمنية، وعند البحث عن أسرة منصور(8) نجد بأنهم من أفخاذ قبائل قيفة، ويقطنون في مديرية السوادية حالياً، كما نجد بأن هناك أفرعٍا من أسرة (منصور) تقطن مديرية حبيش بمحافظة إب، وفي مديرية السودة بمحافظة عمران، وفي مديرية الرجم بمحافظة المحويت.. كما أن منهم فخذاً آخر يقطنون في مديرية ذي السفال جنوب غرب مدينة إب.. ويرجعون إلى قبيلةٍ من قبائل يافع هم (اليحاويون)، نسبةً إلى (يحيى) وهم الساكنون في الرخمة من بلاد يافع.
ويذكُر المؤرخ العلامة القاضي/ محمد بن علي الأكوع الحوالي: أن نسبهم ينتهي إلى الوزير موفق الدين علي بن محمد اليحيوي المعروف بالصَّاحب الذي كان وزيراً للملك المؤيد داوود بن الملك المظفر يوسف الرسولي، وهذا الوزير يرتفع نسبه إلى يافع القبيلة المشهورة والمنسوبة إلى يافع السرور بن زيد بن ناعته بن شرحبيل بن الحارث بن زيد بن يريم ذي رُعَيْن الأكبر ثم إلى جُشم الكبرى بن عبد شمس ثم إلى حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن نبي الله هود عليه السلام.
وعُرِفُوا بهذا اللقب - أي منصور - باسم جدهم الشيخ منصور بن نصر بن عبدالله بن علوان بن عبدالرحمن بن زيد بن أسعد اليحيوي اليافعي الحميري، وكان جدهم المذكور من علماء الفقه، متمكناً من علوم العربية، أديباً وشاعراً.. وهو مع ذلك من كبار رؤساء بلاده، متميزاً بالجود والكرم، فكان يتقاطر إليه بعض العلماء من زبيد(9).
2. مولده ومكان نشأته
ينسب العديد من المؤرخين وكُتَّاب التراث الشفاهي في بلادنا بأن مولده في مدينة رداع أو في مكيراس بمحافظة البيضاء، ولعل من التقيناهم يروون بأنه ولد في مدينة جبن بمحافظة الضالع، بينما هناك من يقول بأنه عوذلي والآخر يقول يافعي والبعض يقولون أنه من أبناء محافظة إب أو من أبناء منطقة الحجرية بمحافظة تعز، وهناك من ينسبه إلى قبيلة بني هلال المعروفة تاريخياً ب"سيرة بني هلال" التي عاشت في مرخة بشبوة قبل الإسلام، ومن ثم هاجرت إلى شمال أفريقيا، ومنها انحدر الحُمَيد بن منصور الهلالي.
كما أن شاعر اليمن الكبير/ عبدالله البردوني أورد في كتابه (فنون الأدب الشعبي في اليمن) بأنه من تهامة، حيث اعتبره - البرودني - بأنه حكيم تهامة الموازي في رأيه لحكيم الجبال (علي بن زايد)، ويقول الأستاذ الدكتور/ عبد العزيز المقالح: "بعض الذين كتبوا عن الحُمَيد بن منصور لا يذكرون إلاَّ أنه نشأ في المنطقة الشرقية، والمنطقة الشرقية من البلاد تمتد من عُمان إلى عدن"(10).. أما الأديب الكبير/ عمر الجاوي فيرى "أنه مزارعٌ من شرق مدينة البيضاء كما يبدو من أحكامه ومن التسميات التي أوردها"(11).
بل ويذكر الأستاذ المرحوم/ عبدالرحمن طيب بعكر الحضرمي في كتابه (كيف غنَّت تهامة) "بأن اسم الحُمَيد بن منصور يكثر وروده على الألسن في سائر تهامة وتتداول ما يؤثر عنه من أقوالٍ حكيمةٍ وتجاربٍ نافعة إلى حدّ أن يتوهم السامع أنه حكيم هذا الإقليم" ولكنه تلافى ذلك بقوله "غير أن البحث عن أبسط معالم حياته أين وَلِدَ؟ ومتى؟ وأين مات ومتى؟ يكشف عن عدم وجود هذا الرجل في سائر الإقليم ومن ثم عدم ولادته فيه أو وفاته به أو الانتماء إليه...."(12).
ولعل المرحوم/ الحضرمي قد ذهب بعيداً أيضاً في تحديد مكان ولادة حكيمنا (الحُمَيد بن منصور) حيث أشار إلى أن المؤلف السوداني/ محمد صالح ضِرار (1892-1972م) وقد أورد في كتابه (تاريخ سواكن والبحر الأحمر) "أن شخصية الحُمَيد بن منصور عاش عبر عقود القرن التاسع عشر الميلادي، وأن مهده الأول هو مدينة ينبع الحجازية الساحلية المعروفة، فيها ولد، ومنها خرج إلى البحر وأصبح ذا خبرةٍ في البحر الأحمر والخليج والمحيط الهندي تُضَارع خبرة ابن ماجد..." (13).
وهنا من يعرف شخصية الحُمَيد بن منصور ويحفظ أشعاره وأقاويله، ويُدرك فرادة وجزالة المعاني التي تحملها تلك الأقوال والأشعار حتماً سيعرف بأن حكيمنا هذا لم يعش في تهامة - كما قال البردوني - ولم يعش أيضاً في الحجاز أو في مدينة سواكن السودانية - كما أورده المؤرخ الحضرمي والمؤلف السوداني ضِرار، فالحُمَيد ومن خلال أشعاره وأقواله لم يذكر البحر إطلاقاً، كما لم يذكر بعض المناطق بالتحديد كالمناطق الساحلية أو الصحراوية.. ويتضح هنا بأن هناك التباساً واضحاً بين شخصيتنا (الحُمَيد بن منصور) وبين بعض الشخصيات الأخرى؛ فمثلاً ورد في كتاب (شعر ونثر من حضرموت) للمستشرق الأوروبي/ روبرت سارجنت نبذةً عن شاعر القول والحكمة (بو عامر) ونسبه على أنه هو الحُمَيد بن منصور، وأنه عاش في منطقة (بور) - وهي بلدةٌ واقعة في الوادي الرئيسي بين مدينتي تريم وسيئون بمحافظة حضرموت-، وقد وصل بالبعض إلى الخلط بين شخصية "الحُمَيد بن منصور" وبين شخصية "علي بن زايد" واعتبرهما شخصيةً واحدةً وليسوا بشخصين، وهذه غلطةٌ كبيرةٌ يدحضها الشاعر البرودني في كتابه (الثقافة الشعبية.. تجارب وأقاويل يمنية) بقوله: "نجد أن جانبا مهما من الثقافة الشعبية تتمثل في وصايا الحكماء الذين كانوا ينبغون من فترةٍ إلى فترة، وعلى كثرة الحكماء في كل جيل، فإن الحكماء المعدودين المعتبرين ثلاثة هم: علي بن زايد، والحُمَيد بن منصور، وحزام بن مرشد الشبثي..."(14).
وكما سبق وأن أشرت فإن الباحث يستطيع تحديد مكان ولادة ونشأة حياته سواءً من خلال أشعاره وأقواله أو من خلال معرفته باللهجات اليمنية المحلية المتعددة والمتنوعة سيعرف من أي المناطق هو والتي دونت بها أشعاره وغلبت على أقواله، أو من خلال السفر والترحال(15) إلى السلسلة الجبلية الممتدة بين البيضاء ويافع والضالع والتي تحمل نفس الطِباع ونفس النسيج المجتمعي مع المنطقة الشرقية والجنوبية وبعض المناطق الوسطى وهي ما كانت تُسمَّى ب"اليمن الأسفل" على عكس الحكيم علي بن زايد الذي تُردّد أشعاره وأقواله بكثرةٍ في ما يُسمَّى ب"اليمن الأعلى"، فعند السفر إلى هذه المنطقة تحديداً تجد آلاف الأقوال التي تتحدث عن سيرة الحُمَيد بن منصور وعن أحاديثه وقصصه وحكاياته التي سنورد بعضاً منها في سياق دراستنا هذه.
3. زمانه وسيرة حياته
لا يُعرف بالتحديد في أي عصرٍ عاش حكيمنا الحُمَيد بن منصور ولكن تجد بأنه مغمورٌ ومطمورٌ بالفعل لا مجازاً، فقد لا تجدُّ مراجع ومؤلفاتٍ مطبوعةٍ عن الحُمَيد إلا ما ندر؛ وإن وِجد فمن باب السرد لقسمٍ خاصٍ من حياة اليمنيين وأعمالهم.. ويورد الأستاذ/ حسين سالم باصديق في مقدمة كتابه (في التراث الشعبي اليمني) بأنه "من الصعب على المرء أن يجد العون السهل لتحصيل المعلومات حول التراث الشعبي اليمني وهو يجمعه من كل مكان، فذلك أمرٌ عسيرٌ يتطلب جهداً كبيراً وسعياً متواصلاً واهتماماً عظيماً سيما وأنه تنعدم في الساحة اليمنية المعلومات المطلوبة مجموعةً في كتاب أو كتبٍ معينة إلا ما ندر جداً..."(16).
ولا أعرف لماذا شاعرنا الكبير/ البردوني لم يورد في كتبه المتخصصة في الأدب الشعبي ولم يفرد فصلاً أو جزءاً منها للحُمَيد بن منصور؛ فلربما كان (علي بن زايد) أقرب إليه من الحُمَيد، فهو من منطقةٍ قريبةٍ جداً من منطقة ومسقط رأس المرحوم البرودني، فهو أسرد لابن زايد الكثير من فصول كتبه، بل ووصل به الحال إلى إصدار كتابٍ منفردٍ وخاصٍ هو (أقوال علي بن زايد).
ومؤخرا صدر كتاب للأكاديمي الدكتور/ علي صالح الخلاقي بعنوان (الحكيم الفلاح الحميد بن منصور.. شخصيته وأقواله) حيث أشار بقوله: «منذ طفولتي المبكرة في يافع (سَرْوْ حِمْيَرْ) وفي بيئة زراعية، حيث الأرض هي المصدر الأساس للرزق ومجال العمل لغالبية السكان، كنت أستمتع بمواويل المزارعين وهم يرددون أقوال الحُمَيد بن منصور بألحانٍ بديعةٍ ومواويل عذبةٍ أثناء قيامهم بحرث الأرض وتسويتها وتهيئتها وبذرها...»(17).
ويذهب بعض المؤلفين والكُتَّاب بأن الحُمَيد بن منصور قد عاش في العصور الإسلامية الأولى ويُستدل على ذلك عند مخاطبته لابنه (محمد):-
قال الحُمَيد بن منصور
ما أحلى البلد يا محمد
ما أحلى البلد بالشواجب
أما الدكتور الخلاقي ففي كتابه يسرد بأن "مِمن ذكروا العصر الذي عاش فيه الحُمَيد بن منصور المؤرخ/ محمد علي بن عوض باحنان حيث يعتبره من أهل القرن السابع الهجري، ويضعه مع الحكيم (بو عامر) أول من عُرِفَ من قدماء الحضارم من شعراء العامية أو الشعر الدارجي، وذكر أنه أورد نزراً يسيراً من أشعارهما وأخبارهما في كتابه "تاريخ الأحقاف"... ومثله ذهب علي بن أحمد العطاس إذ يشير إلى أنه عاش في القرن السابع الهجري/الرابع عشر الميلادي، أما الشاعر الحضرمي "أبو بشر" فيرجعه إلى وقتٍ متأخرٍ وتحديداً يذكر أن زمن حياته كان في أواسط القرن الثامن عشر الميلادي، أما الباحث الروسي أناطولي أغاريشيف الذي جَمَعَ (أحكام علي بن زايد) في كتابٍ، حيث يذكر أن الحُمَيد بن منصور قد عاصر الحكيم (علي بن زايد) وكان صديقاً له، ويعتقد أنهما عاشا على الأرجح في النصف الأول من القرن السادس عشر الميلادي.
ومما تقدم نرى اتساع شقة الخلاف في تحديد عصر الحُمَيد بن منصور وزمن حياته، ومِثل هذا الخلاف نجده في تحديد عصر أمثاله من الحكماء كعلي بن زايد وأبو عامر وغيرهما»(18).
ولكن ويتضح من بعض القصص والحكايات أو الأقاويل التي سردت من بعض كبار السن الذين التقينا بهم فيحكون بأنه عاش ما بين عقود القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي، وأنه لم يهاجر إلى مدينة خارج منطقته ولم يذهب إلى البحر ولم يتعلم الملاحة وركوب واستخدام السفن، فهو ابن منطقته الجبلية ذات المناظر الزراعية الخلابة ومدرجاتها الممشوقة والمتراتبة جمالاً وتنسيقاً وروحاً هائمة، كرَّس حياته كلها من أجل أن يقدم خبراته وفلسفاته لزملائه المزارعين، غنيهم وفقيرهم، صغيرهم وكبيرهم، دونما تمييزٍ أو تقديمٍ أو تأخير.
4. أقواله في الزراعة والفلاحة
يتغزَّل حكيمنا الحُمَيد بن منصور في الزراعة والفلاحة والتي تبدأ من وقت البذر والحراثة في فصل الصيف وحتى موسم الحصاد في فصل الخريف، وقد اتسمت أقواله بلازمة افتتاح تبدأ بقوله: "يقول الحُمَيد بن منصور"، كما كان يفعل قرينه في الحكمة والأقوال المأثورة الحكيم (علي بن زايد) والتي تبدأ بالقول: "يقول علي وِلْد زايد" - فيا لهذه الحكمة في ذلك؛ وكأن الموضوع عبارة عن حفظٍ للحقوق الفكرية من جهة، وخوفاً من السرقة والاستغلال وأيضاً التمييز عن أقوال الآخرين من جهةٍ أخرى، وهذه الدلالة قد اسنتتجها الكاتب الروسي/ أغاريشيف في كتابه الصغير (أحكام علي بن زايد).. وأصبحت هذه اللازمة الآن تنتهج من قبل الكثير من الشعراء الشعبيين في بلادنا حيث يقومون ببدء كتابتها كلازمةٍ لافتتاح قصائدهم، ومن ثم يواصلون سرد أبياتهم الشعرية فمثلاً: "يقول يحيى عمر"، "يقول ابن سحلول"، "اليافعي قال".... وخلافهم.
يقول الحُمَيد بن منصور: (19)
لولا العتب والملامَهْ
لا قول للثور يا باه(20)
لا قول: يا بو عيالي
باعمل على ثور زاحف(21)
ولا تكاليف(22) الأصْحاب
سَوَّيت للحَبْ(23) مفتاحْ
والطُعْم(24) سبعة مفاتيح
ويواصل الحُمَيد إصراره على الاهتمام بالزراعة، والقيام بتنفيذ مواسمه أولاً بأول، وأن يخرج المزراعون للعمل باكراً، وها هو يوصي أولاده الأربعة بأن يخرجوا عندما يذهب الفلاحون للعمل في حقولهم ووديانهم في الصباح الباكر حتى يعودوا إلى المنازل في المساء، وذلك في موسم الصيف والحراثة وإصلاح ما أحدثته سيول الأمطار من خرابٍ وتلفٍ للمدرجات الزراعية، ويورد القاضي/ يحيى بن يحيى العنسي في كتابه (المواقيت الزراعية)(25) بعضاً من الأمثال والحِكم للحُمَيد بن منصور والتي يتداولها الناس في مديرية مكيراس بالبيضاء:
يقول الحُمَيد بن منصور
يا مربعه(26) يا عيال(27)
لا تُرقِدُوا مسرح(28) الناس
وتسرحوا احلُ(29) يأووا(30)
ويوصي حكيمنا بضرورة الانتباه لمواقيت موسم بذر الذرة في الصيف، وتوقيت موسم البذر على المعالم الزراعية هو أحد العوامل الأساسية في جودة ثمار المحاصيل الزراعية حيث يورد القاضي العنسي(31) بأقوالٍ لا زالت تردد في منطقة لودر بمحافظة أبين وما جاورها:
يقول الحُمَيد بن منصور:
الحبُّ كل تنابيت(32)
غير المواسم لها حلال(33)
أما في ضواحي مدينة تعز فيورد القاضي العنسي(34) بأمثلةٍ للحُمَيد بن منصور، توضح بأنه إذا فطرت أشجار التين وصارت الأوراق كبيرة، فلينصرف المزارعون إلى حراثة أراضيهم تمهيداً وإعداداً لموسم الصيف والذي يبدأ في أواخر شهر فبراير/ شباط والأول من شهر مارس/ آذار:
يقول الحُمَيد بن منصور:
إذا قِدْ ورق البلس(35)
مثل آذان الفرس(36)
لَعْنَ أبو(37) من زَاد جلس
ليستدرك ضرورة الانتباه أيضاً للمواسم الزراعية موسماً موسما فيورد القاضي العنسي(38) أيضاً قولاً للحُمَيد بن منصور وهو:
يقول الحُمَيد بن منصور:
عَلِبْ(39) علابها(40)
وسُهيل(41) ربَّاها
وآب(42) أبوها وأمها
والمال عند الحميد بن منصور له أهمية كبيرة؛ فأي حكيمٍ يعبر عن المال فلا يقصد الحلي والمجوهرات الذهبية والفضية وذات الأحجار الكريمة، وإنما يقصد بالمال المزارع الخصبة والمرافق التي تسقيها حتى اقترن المال بالرجال لاضطرار كلٌّ منهما إلى الآخر، وإن إجادة الأرض بفضل إجادة الحرث، ومن هنا فالحُمَيد يُقدِّس الأرض، بل إنه يرفع عظمة سلطان الأرض فوق كل السلطانات، فهو سلطانُ السلاطين؛ لأنه لا يَرخُص كبضائع السوق أيام الكساد، ولا تَضُرّه المعارك الحربية كالناس، ولا يتعرَّض للأمراض الوبائية التي تتعرض لها المواشي فتسقط لذبح السكاكين، فيدعو الحُمَيد إلى الصبر والمصابرة على الأرض والذوبان في أعماقها لأنها أسخى عطاءً من أصحاب الدكاكين - جمع دُكان وهو البقالة الصغيرة(43):
يقول الحُمَيد بن منصور
المال(44) شيخُ السَّلاطين
لا ينقصه رخصُ الأسعار
ولا تضرُّه سكاكين
من كان عالمال صبَّار
ما يلتجي للدكاكين
وفي مقطع آخر يوضح معنى (المال) حيث يقول:
يقول الحُمَيد بن منصور
المال ما هو دراهم
ولا الغِنى في المواشي
المال عَوْجَات لِسوام
مترادفه شي على شي
إذا برق بارق الخوف
فلا تحمل ولا شي
ولا برق بارق الصيف
ظلت جفنها جهاشي(45)
ويريد الحُمَيد أن يلفتنا إلى أن المال - الأراضي الزراعية - هي مصدر الدخل لعموم اليمنيين على امتداد الخارطة، فهي التي تساعدهم على تربية أبنائهم، وعلى تكفل حاجياتهم من مأكلٍ ومشربٍ وملابس، حيث يستطيع المرء الشراء لكل حاجيات أسرته مقابل بيع جزء من حبوبها.
يقول الحُمَيد بن منصور
إنْ جِربتي(46) رأس مالي
هي ذي تربي عيالي
يُعبر هنا عن ما يفكر به كل مزارع في وقت الصيف حيث تكثر الأعمال, وخاصة في أيام البذار (الذَّري) حيث يتمنى الفلاح أن يقوم بما يقوم به ثلاثة مزارعين في آنٍ واحدة، وهذه الأقوال الحماسية التي تشجع المزارعين عند سماعها على خوض غمار المواسم برباطة جأشٍ وبعزمٍ لا يلين.
يقول الحُمَيد بن منصور
يا ليتني وقت صيفي
بَتُول وأقع(47) ثلاثه
سَالِقْ(48) وذَارِيْ(49) ودَكَّاك(50)
واسْلُق(51) سُلق مِثْل لَمْيَال(52)
مِثْل السِّهُوم الْقَدِيِّهْ(53)
ويروي الدكتور الخلاقي في كتابه "الآنف الذكر" قصةً عن الحُمَيد وحبه للأرض والحراثة، حيث يقول: يُروى أن امرأة مرَّت مصادفةً بجانب الحُمَيد ابن منصور وهو يحرث الأرض، وكانت الثيران (الضمد) تسير بسرعة وهي تجرُّ المِحراث، والحُمَيد يسير بعدها منتشياً وبيده مقبض المِحراث، فظنت تلك المرأة أن الحُميد قد دخلته النشوة بمجرد رؤيته لها، فقالت له:
يا ذا البتُول دَلاَ دَلَا(54) بأثوارك
مانا بهَوْدَكْ(55) ولا أحد بأخوارك(56)
فرد عليها الحُمَيد فور سماعها قائلاً:
الأرض أرضي والضَّمَيْد(57) ضَمَيْدي
والمال بخَصْري من حيث ماشا أتْنَقِّيْ(58)
فخاب ظن تلك المرأة المتطفلة، حين فاجأها بأنه لم يلتفت إليها كما تظن، وظلَّ الحُمَيد يعزف أنشودة حبه للأرض، على أنغام المِحراث الذي يشق به الأرض.
وهنا يدعو الذَّاري - من يضع الحب في الأتلام - بأن يرقُ الذري وينسق الخطوات حتى لا يتكاثر النبات فيأكل بعضه بعضا.
يقول الحُمَيد بن منصور
يا ذاري الحب رقه(59)
على الخِطِى والبناني
كما يقول:
قال الحُمَيد بن منصور
طلعت أنا رأس مِشْوَاف(60)
طلعت بَعْجَبْ على أبتال(61)
الجِيْد لا هَجَّر اليوم
شَمَّر(62) وعَكّى(63) غُبَاره
والفسل(64) لا هَجَّر(65) اليوم
دوَّر(66) لرأسه ظلاله
وهنا يعاتب في هذا القول الحارس السيء الذي يلحق ضرراً بالمحاصيل التي يفترض أنه يحميها من أذى وأضرار غيره.
قال الحُمَيد بن منصور
وا شارحه(67) راس ذَا الحَيْد(68)
كَمَّلَشْ(69) زرع الشواجب(70)
على سَبُوْلَهْ سَبُوْلَهْ(71)
يلفت الحُمَيد انتباه الشارحة وهي المرأة التي تحرس المزروعات إلى أنها قد أخطأت في التركيز على مراقبة الغراب وهو عادةً لا يأكل الزرع فيما تغض الطرف عن أسراب الطيور التي أكلت من الحبوب ملاحه أي أحسنه من أطراف الأرض.
قال الحُمَيد بن منصور
وا شارحه رأس ذَا الحيد
كم با تكون الشراحه؟(72)
قالت لما الزرع ينجح(73)
ينجح بليلة صُرابه(74)
5. حِكَمِه في فلسفة الحياة
المتابع لكل أقوال وأحاديث وقصص الحميد بن منصور، يجد أن حكمه الحياتية والفلسفية كثيرةٌ وغزيرةٌ فهو ليس بحكيمٍ زراعيٍّ فقط وإنما فيلسوفٍ وأديبٍ وشاعر؛ ليتساءل المرء يا ترى لماذا يحفظ عامة الناس لتلك الحِكم والأقوال؟! هل لقصرها أم لعمق معانيها ودلالاتها المجازية؟ والإجابة على هذه التساؤلات تتكون من شقين هامين هما: الحُمَيد بن منصور وإن كان مغموراً مطموراً فهو الحكيم المجدُّ المُثابر، محبٌّ لأرضه وناسه، مُقدِّماً الخير للناس من حوله، مُصلِحاً اجتماعياً يسعى لنشر الخير والسلم بين أبناء قومه، فهو شبيهٌ بلقمان الحكيم وأكثم بن صيفي وبيدبا - صاحب كليلة ودمنة - والأحنف بن قيس، بل وأرسطو وأفلاطون، وإن لم يكن شبيها فهو وصيفٌ بهم تماماً... أما الشق الثاني فلعظمة وجزالة وعمق أقواله وحِكمه؛ وإن كان الحُمَيد قد رحل في زمنٍ غابرٍ وسنواتٍ ماضية، ولكن حِكمه باقيةٌ ومتوارثةٌ من جيلٍ إلى أجيال، بل وتتغلغل في نفس المرء بقدر تغلغلها في الوصف الجمالي من اللغة والمعنى والصورة الجمالية.
يقول الحُمَيد بن منصور
مَنْ يَحْمَدْ الرَّبْ زَادَهْ
زَادَهْ مِنْ الخَيْر زَادَهْ
زَادَهْ مَزِيْد(75) الجَرَادَهْ
ذِيْ لا بَدَت(76) نَجْد زَادَهْ
وبعد الحمد لله ها هو يوضح معنى الصداقة ويحدد معالمها وأوصاف صديقه وضرورة أن يكون شخصاً محترماً وذا أخلاقٍ حميدة، كما يوصي بحفظ اللسان من كل نابئة قد ينطق بها المرء.
يقول الحُمَيد بن منصور
إنْ صاحبي جيدْ أنا جيدْ
وإن صاحبي فسلْ ذليتْ
احفظ لسانَكْ لتسلمْ
وإلاَّ يِدقُون لِهْ قَيدْ
الذِيبْ لا تأمنْ الذِيبْ
ولا عَرجْ لك بِرجلِهْ
فيا ترى هل هذه الأمثال والأقوال والحكم نابعةً عن حكاياتٍ زمنيةٍ أو وقائع تاريخية حدثت في ذاك الزمان؟! أم أنها تدوينٌ وتوثيقٌ لزمنٍ كان الرقي المجتمعي في أوج زمانه ورقيه وتقدمه؟! والإجابة هنا لشاعر اليمن الكبير المرحوم/ عبدالله البردوني حيث يقول: "يتساءل هواة الأدب عند سماع كل نصٍ عن مناسبة قوله، لأنهم اعتادوا سماع الآداب في مناسبات: كالأحداث، والمواسم، والأعياد، لذلك فإن الأمثال تنبع من حكاياتٍ أو تنعزل فيها الحكايات، أو يخلق الحكاؤون كل مثلٍ خلفية حكاياتية، لأن الشيء يأتي من مثيله، حتى الشكوى العامة فإنها ذات حكاية..."(77).
وهنا يوضح أهمية التربية للأبناء والاعتناء بهم كما يعتني المرء بأرضه؛ فتربية الأبناء تغني النفس عن الأموال الكثيرة والطائلة، فلا ينفع المرء إلا ماله ولا يخدمه وينفعه إلا أبناؤه.
يقول الحُمَيد بن منصور
دَعَيْتْ يَامَالْ يَامَالْ
ماجَابَنِيْ غير مَالي
ولانفعني سوى ابْنِيْ
ويقول أيضاً:
يقول الحُمَيد بن منصور
آخر زماني خياره
من حين شبّوا(78) عيالي
والمال وَدَّى(79) ثماره
ويوضح حكيمنا أهمية العلاقات الأسرية داخل مكون الأسرة الواحدة بل يشير إلى أسلوب التعامل مع الزوجة وضرورة الأخذ بخاطرها وجعلها سعيدةً هانئة، وسينعكس ذلك حتماً في مساعدتها لزوجها في أعماله، وإذا حدث العكس تجعل من حياته جحيماً لا يطاق بل ويصل الأمر بها إلى الدعوة عليه بالويل والثبور، وأن تأخذه الساحرة ذاك الكائن المرعب في حياة المجتمع الريفي والتي تأتي على شكل طائر أسود كبير ذي منظرٍ بشعٍ وكئيب وذات مخالب كبيرة، وتأخذ من تريد وتذهب به إلى الجبل ليتزوجها ولا يعود نهائياً لأسرته، وإن عاد فيكون فاقد العقل والإحساس - أي مجنوناً بالمرَّة :
قال الحُمَيد بن منصور
لا نامت الزَّوجه أوَّل
تِصْبُح تناديك باسمك
وَتَخْرِجْ الثَّوْر قَبْلَكْ
تِنْذُق(80) له الطُعْم باكر(81)
وان نمت قبل المُرَيِّهْ(82)
تصبح تِدَعِّيْ(83) على ابْنَكْ
تقُول جِنِّي يشلَّك(84)
تِشِلّ أبُوك السَّواحر
وله أيضاً:
يقول الحُمَيد بن منصور
لا قد سَبَرْ(85) هاجس(86) البيت
تَسْبُرْ جميع الهواجس
وان قد عُطِلْ هاجس البيت
ضاعت جميع الهواجس
وهنا يُفسِّر أحلام الراعيات الصبايا ويستقرئ ما يتمنين في المستقبل، وكأنه يسرد لهن بعضاً من قصص عالم ألف ليلة وليلة:
قال الحُمَيد بن منصور
وا ذه(87) الثلاث الرَّواعي(88)
لو كان لكن ما تمنين
الأوله قد تِمَنَّهْ(89)
حُصناً منيعاً بِحُراس
والثانية ذي تِمَنَّهْ
وادي بنا(90) يزرع أهْدَاس(91)
يزرع حَنَانِيْ وهِدَّاس
والثالثة قد تِمَنَّهْ
شاباً مليحاً أحسن الناس
وهنا يُغازل فتاةً جميلةً مليحةً، ويعرض عليها الزواج به وأنه على استعدادٍ لدفع ما يريده والدها من مهرٍ لها:
يقول الحُمَيد بن منصور
وَا بِنْت وا ذِه المَلِيْحِهْ
يا رَيْت أبُوْش(92) با يِبِيْعش(93)
باربعميه وا مليحه
وِلاَ تِرَجَّلْ(94) فزدناه
قرشين والاَّ ثلاثة
ولا يغفل عن الحُمَيد بن منصور ذكر الموت وأن هذه الحياة ستنتهي حتماً، حيث يورد بعضاً من أقواله وحِكمه في هذا المجال:
يقول الحُمَيد بن منصور
لا حَول يا مالك الموت
ذي ما نِجي منك هارب
حُمَيْدْ قد جا المحَجَّهْ(95)
والموت قد جا المُقارب(96)
6. نظراته للمجتمع وأسلوب التعايش
وينتقل بنا الحُمَيد بن منصور في سرد فلسفته العجيبة للحياة بحيث يواصل الدخول إلى أعمق الأماكن أهميةً في الحياة، ويحاول شرح وتوضيح أسلوب التعايش فيما بين الناس؛ فهاهو يحارب الطمع والجشع فيما لدى الناس الآخرين، بل ويطالب بأن يتمتع المرء بالقناعة والرضا بما قسمه الله له وإن كان قليلاً.
يقول الحُمَيد بن منصور
لو كان حق(97) ابن عمك
مثل الجبل ما ينالك
ما ينفعك ذي مع خُوك
ولا سِراجه يُضي لك
ومن القناعة ينتقل بنا إلى حب الوطن ، حيث يقدم دروساً في الوطنية والإيثار بالنفس من أجل أن ينعم الوطن بالأمن والاستقرار والازدهار، ويتضح هنا – للقارئ الكريم – بأنه يخاطب ولده (محمد) فقط، ولكنه يخاطب كل إنسانٍ فينا بضرورة الحفاظ على الوطن حتى وصل التشبيه بأن جعل الوطن محروساً بالأراضي الزراعية التي تحميه وتحافظ عليه كما تعمل حواجب النساء الجميلات في حمايتها للعيون.. ولا شك هنا أن الحُمَيد الذي جُبِلَ على حبِّ الأرض لا يرى جمالها وهي تُحرث إلاَّ باكتمال زينتها النهائية عند إتمام العمل.
يقول الحُمَيد بن منصور
ما أحلى البلد يا محمد
ما أحلى البلد بالشواجب(98)
مثل النساء بالحواجب
الطين كله حلاوه
حاله توريد(99) حاله
ماشي(100) من الطِّيب خيبه(101)
إن كان لا خاب مولاه(102)
ومن ثم يتعمق بنا أكثر فأكثر، فها هو يصف لنا بعضاً من رحلاته وتنقلاته في بعض المناطق اليمنية، سارداً جمالها وما حباها الله من النعم كالوديان والجداول المائية، ويتضح لنا أيضاً أن الحُمَيد يحب الأرض كل الأرض بلا استثناء
يقول الحُمَيد بن منصور
خِيْرِةْ لِوِدِّهْ (ضريان)(103)
واثنين ذي يلحقينه
وادي (بنا) هو و(حسَّان)(104)
ويلحقينه ثلاثه
(مرخَهْ)(105) و(خَوْرَهْ) 106) و(بَيْحَان)(107)
ومن حبه للأرض اليمنية إلى كرهه للغربة ومرارة الاغتراب عن الوطن الذي هو بحاجةٍ ماسةٍ لجهود كل أبنائه ومساهمتهم في بنائه وعمرانه، بل ويعدِّد ظروف الامتهان والذُّل في بلاد الغربة والاغتراب عن الوطن.
يقول الحُمَيد بن منصور
يا مَنْ خَرَجْ مِنْ بلاده
يصبر على ما جرى له
يصبر على البرد والجوع
والحَارِقَات الجَوافي(108)
ويضرب هنا مثلاً بحنينه وشوقه إلى بلاده حيث يقول:
يقول الحُمَيد بن منصور
كلاً أوَى(109) لا بلاده
وأنا بلادي بعيده
بعيد من خَلْف رَدْمَانْ(110)
ومن خلف ردمان وادي
ومن الشوق لبلاده إلى الدعوة إلى الإصلاح بين الناس والعمل على حلحلة مشاكلهم وقضاياهم التي عادةً ما تكون من الدَّين حيث يرفض المدينون رد الديون لأصحابها، بل ويدعو الدائن للقبول بما جاء من المدين والمسامحة في الجزء المتبقي حتى يخرجا (الدائن والمدين) إلى الصلح بدلاً من نشوب المعارك والاقتتال فيما بينهما، أو ذهابهما إلى التقاضي حيث حبال التقاضي طويلة جداً
يقول الحُمَيد بن منصور
خيار لحكام(111) لصلاح(112)
يدي(113) من الدين نصفه
والنصف لا راح له راح
7. الوصايا.. الدُّرر المضيئة
كعادة الحكماء في كل زمانٍ ومكان، يحرصون على ترك موروثٍ خالد، وسفرٍ جميلٍ من الوصايا والموعظات التي تعلم الناس من بعدهم لشؤون حياتهم سواءً في أمورهم الخاصة أو علاقتهم مع المجتمع..
يقول الحُمَيد بن منصور
أوصيك يا محمد ابني ..
أوصيك أربع وصايا
في الأوله بِر(114) نفسك..
وأخرج من الصوت الأول(115)
والثانية في ابن عمك..
قاتل معه قبل يقتل
والثالثة في دخيلك(116)..
عجل نعيشه ولو قل
والرابعة حرمة الويل(117)..
طلاقها قبل تحبل
أما الوصية الثانية فهي:-
يقول الحُمَيد بن منصور
يا سالم اليوم يا بني
واش(118) باتسوي(119) قفا(120) ابوك
في النسب والصهر والجار
وهنا يرد عليه إبنه:
يابه(121) ولو جاك(122) موتك
قد خذت(123) لك سبعة أعمار
الصهر لا جا لحرويه(124)
من البنيات لخيار(125)
والضيف لا جا لعشيه(126)
من خيرة الضأن لثبار(127)
والجار يخطي(128) علينا
وليس نخطي على الجار
ومن دخل بيت جاره
من غير حاجة فقد بار
ان كان شي وليمه
يعلم بها الطارش المار(129)
أما الوصية الثالثة فهي خليطٌ بين الزراعة وبين إكرام الضيف ولبس الملابس النظيفة وحضور اجتماعات القوم، ومن يفعل عكس كل ذلك يصبح مهاناً ومطروداً بل ويقعد في نهاية المجالس:
يقول الحُمَيد بن منصور
ذي ما بتل(130) ما تجمَّل(131)
ولا اَدْخَلْ الضَّيف لَوَّلْ(132)
ولا لبس ثوب ساتر
ولا حضر بالمحاضر
ولا دخل قالوا اخرج
ومجلسه بأسْفَلْ البيت(133)
وفي الختام ندرك جميعاً بأن الحكم والأمثال والأقوال تدل على عمق المعاني وعلى الدلالة الإيحائية، كما أنها تقوم على اختصار مجمل الحدث في كلماتٍ قليلةٍ متخذةٍ من القول المأثور (خير الكلام ما قلَّ ودلَّ) كما أن لهذه الحكم العديد من الأغراض والمعالجات لشتى نواحي الحياة ودروبها، فغلبت عليها اللهجة المحلية المقاربة للغة الفصحى، والحُمَيد يعدُّ واحداً ممن كتبوا الحِكم والمقولات المأثورة في بلادنا اليمن؛ إن لم يكن زعيمهم وقائدهم الحَكَمي، وفيلسوفهم الأدبي، ومرجعهم التاريخي؛ فهو ولِدَ في زمنٍ كان الرقي المجتمعي والتطور الأخلاقي في أوجهما ولهذا ترك لنا هذا الموروث الغني الذي يتوارثه الأجيال تلو الأجيال.
الهوامش
1 جيد: أي كريم السجايا، وعظيم الموقف.
2 فسل: أي دنيء وتافه.
3 يدقون: أي يصنعون له قيد.
4 ولا عرج: ولو عرج.
5 خالد الرويشان.. وزير الثقافة والسياحة الأسبق وعضو مجلس الشورى حالياً – الثقافة اليمنية.. الواقع وآفاق المستقبل – دراسة مقدمة لمجلس الشورى اليمني – 2009م.
6 أحمد علي الهمداني – الفلكلور اليمني.. بعض الحقائق والملاحظات – ص 14 – 15 – الطبعة الأولى – إصدارات وزارة الثقافة والسياحة (صنعاء عاصمة الثقافة العربية 2004م– اليمن.
7 حسين سالم باصديق – في التراث الشعبي اليمني – ص 17 – 18 – الطبعة الأولى 1414هـ/ 1993م– مركز الدراسات والبحوث اليمني - صنعاء.
8 في اليمن تتواجد أسرٍ كثيرة تحمل أسـماء (منصور) و(بامنصور) و(المنصوري) و(المنصور)، فالأسر الثلاث الأولى قحطانية حميرية سبئية من عرب الجنوب، وتختلف تـماماً عن أسرة (المنصور) التي هي عدنانية من عرب الشمال.
9 إبراهيم المقحفي – موسوعة الألقاب والأسر اليمنية – الجزء الرابع – ص 819 -823 – الطبعة الأولى 2008م – مكتبة خالد بن الوليد – صنعاء.
10 د.عبدالعزيز المقالح: شعر العامية في اليمن, ص 379.
11 مجلة "الكلمة" العدد الأول, ديسمبر 1971م, ص46.
12 عبدالرحمن طيب بعكر الحضرمي – كيف غنَّت تهامة – ص 58 – 59 – الطبعة الأولى 1427هـ/ 2006م – مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون - صنعاء.
13 محمد صالح ضرار – تاريخ سواكن والبحر الأحمر – ص 93 – الطبعة الأولى 1401هـ/ 1981م – السودان.
14 عبدالله البردوني – الثقافية الشعبية.. تجارب وأقاويل يمنية – ص 16 – الطبعة الأولى 1409هـ/ 1988م – دار المأمون للطبع والنشر - مصر.
15 دفعني الشوق إلى زيارة مدينة رداع في شهر يونيو من عام 2014م للاطلاع عن قرب عن حياة الحكيم والفيلسوف الزراعي (الحُمَيد بن منصور)، حيث ألتقيت بالعديد من أهالي هذه المناطق وكنت استمع إليهم وأسجل أحاديثهم وقصصهم عن حكيمنا (الحُمَيد)، ومدينة رداع تقع في الشرق الجنوبي من العاصمة صنعاء، على بعد (150كم)، وهي من المدن اليمنية القديمة ورد ذكرها في نقش النصر الموسوم بـ (RES3945) الذي دونه الملك السبئي "كرب إل وتر" مُكرب سبأ في القرن السابع قبل الميلاد، ويقال بأن الملك الحميري شـمر يهرعش سكن مدينة رداع، وهو من أشهر ملوك الدولة الحميرية، وهذا دليل على قدم هذه المدينة، وبها يقع قلعة شـمر يهرعش ومدرسة العامرية.. وكانت هذه المنطقة تحت سيطرة القاعدة، وكنت حينها لا أعرف بأنهم يـمنعون التصوير بالكاميرات الفوتوغرافية وعند أقرب نقطة تفتيش لهم تفحصوا كاميرتي وقاموا بأخذ ذاكرتها الصغيرة.
كما أنني ذهبت مع صديقٍ من أبناء هذه المنطقة إلى مدينة جبن وهي المدينة التاريخية التي تقع بالقرب من مدينة رداع، وكان يطلق عليها (مدينة الملوك) نسبةً إلى كثرة الملوك الذين سكنوا وعاشوا فيها وحكموا منها، وهي حالياً تتبع محافظة الضالع...
16 حسين سالم باصديق – في التراث الشعبي اليمني – ص 5 – مصدر سابق.
17 د/ علي صالح الخلاقي – الحكيم الفلاح الحميد بن منصور.. شخصيته وأقواله – ص 11 – الطبعة الثانية 2011م – دار عبادي للدراسات والنشر – صنعاء.
18 د/ علي صالح الخلاقي – الحكيم الفلاح الحميد بن منصور.. شخصيته وأقواله – ص 11 – مصدر سابق.
19 أ.د. عبدالعزيز المقالح – الموسوعة اليمنية – إعداد وإشراف: أحمد جابر عفيف –ص 2865 – 2867 – الطبعة الثانية – مؤسسة العفيف الثقافية – صنعاء – اليمن.
20 يا باه: أي يا والدي.
21 ثور زاحف: أي ثور متعب حتى لو زحف زحيف.
22 ولا تكاليف: أي سخرية ومماطلة الأصدقاء.
23 سويت للحب: أي عملت مفتاحاً واحداً للخزنة الخاصة بالحبوب.
24 الطُعم: طعام وأعلاف المواشي، أي سأعمل عليها سبعة مفاتيح لأنها مصدر الغذاء للثور الذي يشق الأرض بالحراثة.
25 يحيى بن يحيى العنسي – المواقيت الزراعية في أقوال علي بن زايد والحميد بن منصور وآخرين–ص 89– الطبعة الأولى 1425هـ/ 2004م– إصدارات وزارة الثقافة والسياحة– صنعاء.
26 مربعه: أي الأربعة من الأولاد.
27 يا عيال: يا أولادي.
28 مسرح: أي وقت ذهاب الناس في الصباح باكراً.
29 احل: بمعنى حين أو عندما.
30 يأووا: بمعنى يعودوا إلى منازلهم.
31 يحيى بن يحيى العنسي – المواقيت الزراعية في أقوال علي بن زايد والحميد بن منصور وآخرين–ص 119– مصدر سابق.
32 تنابيت: تصغير نبتة، أي أن الحب عندما يوضع في التربة تبنت.
33 حلال: أي أوقات وتواريخ محددة.
34 يحيى بن يحيى العنسي – المواقيت الزراعية في أقوال علي بن زايد والحميد بن منصور وآخرين–ص 85– مصدر سابق.
35 البلس: التين الشوكي شجراً وثـمراً.
36 الفرس: أنثى الخيل.
37 لعن ابو: من اللعن.
38 يحيى بن يحيى العنسي – المواقيت الزراعية في أقوال علي بن زايد والحميد بن منصور وآخرين–ص 152– مصدر سابق.
39 (علب) وهو موسم زراعي يبدأ من 19يوليو/ 6 تـموز وينتهي في 31 يوليو/ 19 تـموز.
40 علابها: أي هطلت الأمطار وفيه يحيا زرع الذرة.
41 سهيل: موسم زراعي يبدأ من الفاتح من أغسطس/ (19) تـموز، وينتهي في (13) أغسطس/ (31) تموز.
42 آب: شهر روماني يبدأ من منتصف شهر أغسطس وينتهي في العاشر من سبتمبر.
43 عبدالله البردوني – الثقافية الشعبية.. تجارب وأقاويل يمنية – ص 16 – مصدر سابق.
44 المال: المال عند الحكماء الأرض الزراعية سواءً المزارع الخصبة أوالمدرجات وقد أصبحت دارجة عند كل اليمنيين.
45 جهاشي: أي ممطرة بالدموع التي تهطل على الوجه كالجهيش، والجهيش هو عناقيد الذرة الرفيعة أو الشامية التي تؤكل شوياً على الجمر.
46 جربتي: أي مزرعتي أو مالي.
47 أقع: أكون.
48 سالق: هو من يُمسك بالمحراث ويشق الأتلام في الأرض, والسلق (فصيحة)وهو مسيل الماءَ بينَ الصَّمْدَيْنِ من الأرْضِ أو المُسْتَوِي المُطْمَئنُّ من الأرْضِ.
49 ذاري: من يقوم بنثر الذريء, وفي الفصيح: بذار الزَّرْعُ أَوّلُ ما تَزْرَعُه ويسمى الذَّرِيءَ وذَرَأْنا الارض بَذَرْناها وزَرْعٌ ذَرِيءٌ على فَعِيل والصحيح ثم ذَرَيْتَ غير مهموز.
50 دكاك: من يقوم بردم التربة على البذور أو كسر الكتل الترابية الناشئة بعد الحرث وتسويتها بالأرض. وفي الفصيح: دَكَكْتُ الشيء أَدُكُّه دَكّاً إذا ضربته وكسرته حتى سوّيته بالأَرض... ومنه قوله عز وجل (فَدُكَّتا دَكَّةً واحدة).
51 اسلق: أي أحرث.
52 لميال: الأميال، أي مستقيم كميل المُكحلة – كما يقول المثل – أو كمثل السهم الممشوق.
53 القديه: الممشوقة القد.
54 دلا دلا: أي مهلاً رويداً رويدا بأثوارك.
55 بهودك: فلا أحد يفكر بك.
56 بأخوارك: ولا أحد يشتهيك.
57 الضميد: هو الربط والعصب بين ثورين عندما يجمع بينهما الفلاح تحت النير لجر المحراث.
58 ماشا: ما أريد – أتنقي: أي أختار.
59 رقه: أي قله، وضعه قليلاً ومده على الخطوات والبنان.
60 مشواف: منطقة يمنية .
61 أبتال: جمع بتل، أي الخط الذي يصنعه المحراث في الأرض عند حراثتها.
62 شمَّر: أي شد أزره.
63 عكَّى: أي نفض الغبار.
64 الفسل: أي الضعيف المنشغل الذي يبحث عن ظلال يستظل بها من حر الشمس.
65 هجر: أي بدأ بالحراثة للأرض.
66 دوَّر: أي بحث عن مكانٍ يستظل به.
67 واشارحه: الشارحة هي من تحفظ الزرع من الناس والطيور والبهائم.
68 الحيد: هو النتوء الزائد في الجبل، وهو من المهاوي التي تردي من يهوى فيها.
69 كملش: كَمَّلَشْ أي كمَّلتِ،إذ تحل الشين محل التاء في مخاطبة المؤنث.
70 الشواجب: أطراف الأرض الزراعية.
71 سبوله: وهي السُّنْبُلة الزَّرْعة المائلة والجمع سُبُول (فصيحة).
72 الشراحه: الحراسة للزرع من الطيور ونحوها.
73 ينجح: أي ينضج، أو يكمل.
74 صرابه: الصراب هو الحصاد.
75 مزيد: أي معطي، مانح الزيادة.
76 بدت: أي ظهرت وبانت.
77 عبدالله البردوني – أقوال علي بن زايد.. دراسة نصوص – ص 9 – الطبعة الثانية 1427هـ/ 2006م – مكتبة الإرشاد – اليمن.
78 شبوا: أي كبروا.
79 ودى: أي أدّى وجاب من الثمار والحبوب.
80 تنذق: أي تضع له.
81 الطُّعم: أي علف المواشي – باكر: أي في الصباح الباكر.
82 المريه: أي المرأة، وهو مصطلح لتصغير المرأة.
83 تدعي: أي تدعو الله على أبنك.
84 يشلك: يأخذك.
85 سبر: أي صلح.
86 هاجس: الهاجس كناية عن المرأة.
87 واذه: يا هذه.
88 الرواعي: الراعيات الصبايا.
89 تـمنه: أي تـمنت
90 وادي بنا: أحد أودية محافظة إب المشهورة ويبلغ ارتفاعه ما يقارب (30) متر وهو في منطقة ذات خضرة منقطعة النظير، ومنطقة ذات طبيعة خلابة.
91 أهداس: جمع هدس، والهَدَسْ هو الآسُ، ضرب من الرياحين ورقه عَطِرٌ وخضرته دائمة أَبداً واحدته آسَةٌ (هَدَسَةْ).
92 أبوش: أباكِ، أبيكِ، أبوكِ.
93 بايبيعش: يزوجك.
94 ترجَّل: طالب بالزيادة أو التحاذق في المهر.
95 المحجة: أي الحجة والبرهان.
96 المقارب: أي حان موعده ووقته.
97 حق: أي ملك أو أملاك، من مالٍ وحلي ومجوهرات وخلافهما.
98 الشواجب: الأرض الزراعية، ومفردها شَاجِبِهْ وهي أتلام تختتم بها حراثة الأرض الزراعية من طرفيها عرضياً.
99 توريد: أي تورِّد، تتبع حالة جديدة.
100 ماشي: لا، لا يمكن.
101 خيبه: سيئة أو معفنة.
102 لا خاب مولاه: أي إلا إذا خاب المزارع بحيث لم يزرعه بالطرق الصحيحة وفي مواسـمه.
103 لواده: أي وادي ضـريان، وهو وادي يقع بالقرب من منطقته، وهنا يتغزَّل بهذا الوادي ويقارنه بوادي بناء ووادي حسان... الخ.
104 حسَّان: وادي في محافظة أبين.
105 مرخه: وادي مرخة ويقع في مديرية مرخة بـمحافظة شبوة، وهو وادي مشهور وبه الكثير من القلاع والمواقع الأثرية القديمة.
106 خوره: وادي خوره ويقع في مديرية مرخة بـمحافظة شبوة، وهو وادي مشهور وبه الكثير من القلاع والمواقع الأثرية القديمة.
107 بيحان: وادي بيحان ويقع في مديرية بيحان بـمحافظة شبوة، وهو وادي مشهور به العديد من المواقع الأثرية ومن أهمها: مدينة (تـمنع – هجر كحلان) وهي عاصمة المملكة اليمنية القديـمة (قتبان) التي ازدهرت في القرن (4 ق.م)، والتي تقع على الضفة اليسرى للوادي.
108 الحارقات الجوافي: أي المشاكل والمعضلات الكبيرة كونه بعيداً عن أهله ومحبيه الذين سيهبون حتماً للدفاع عنه عند تعرضه لأي ضرر؛ ولكنه في بلاد الغربة فما عليه إلا تحمل كل ذلك وأكثر.
109 أوى: رجع إلى بلاده.
110 ردمان: بفتح أوله وإسكان ثانيه وفتح ثالثه، وهي منطقة قديمة تقع إلى الشرق من رداع ضمن مديرية السوادية، وتسميها النقوش المسندية بـ(ردمان وذي خولان) أو منطقة (ردمان وقرن) كما يسميها الهمداني، وبها تقع مدينة وعلان وقصر وعلان اللذان يعودان إلى أيام الدولة القتبانية..
111 خيار: أفضل – لحكام: الحكام والقضاة.
112 لصلاح: أي المصلحين بين الناس
113 يدي: يعطي.
114 بر: أي انبته لنفسك وأرحمها ولا تهلكها.
115 أجب الداعي من أول صوتٍ له.
116 دخيلك: أي دخلك ومعاشك.
117 حُرمة الوَيْل: وهي المرأة السيئة، والتي ما تكون عادةً سبباً لكثير من الويلات والمصائب، فقد تشتت شـمل الأسرة وتفرق بين الأخ وأخوته وبين الأب وأولاده لما تجلبه من ويلات على زوجها وأهلها، ويوصي بطلاق (حُرمة الويل) قبل أن تنجب أولاداً..
118 واش: ماذا؟!.
119 باتسوي: أي با تعمل.
120 قفا: أي خلف أو بعد رحيل والدك ووفاته.
121 يا به: أي يا والدي، يا أبي.
122 لو جاك: أي أتاك.
123 خذت: أي أخذت وتعمرت كثيراً..
124 لحرويه: العروسة.
125 البنيات: أي البنات – لخيار: البنت الخيرة والصالحة.
126 لعشيه: أي في المساء.
127 لثبار: أي الحسن والكبير.
128 يخطي: أي يغلط علينا.
129 الطارش المار: أي الساعي بحذق لرزقه.
130 بتل: أي حرث الأرض.
131 تجمل: أن يكون كريماً معطاءً حتى يحترمه الناس لأنه صاحب مواقف.
132 لول: أي الضيف الأول.
133 أسفل البيت: أي بأسفل مكان الاجتماع أو الديوان.
المراجع
أولاً: الكتب:
أحمد علي الهمداني "الفلكلور اليمني.. بعض الحقائق والملاحظات" الطبعة الأولى، إصدارات وزارة الثقافة والسياحة (صنعاء عاصمة الثقافة العربية 2004م)، اليمن.
حسين سالم باصديق "في التراث الشعبي اليمني"، الطبعة الأولى 1414هـ/ 1993م، مركز الدراسات والبحوث اليمني، صنعاء.
إبراهيم المقحفي "موسوعة الألقاب والأسر اليمنية" الجزء الرابع - الطبعة الأولى 2008م مكتبة خالد بن الوليد، صنعاء.
د.عبدالعزيز المقالح "شعر العامية في اليمن".
عبدالرحمن طيب بعكر الحضرمي " كيف غنَّت تهامة"، الطبعة الأولى 1427هـ/ 2006م، مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون، صنعاء.
محمد صالح ضرار "تاريخ سواكن والبحر الأحمر" الطبعة الأولى 1401هـ/ 1981م، السودان.
عبدالله البردوني "الثقافية الشعبية.. تجارب وأقاويل يمنية"، الطبعة الأولى 1409هـ/ 1988م، دار المأمون للطبع والنشر، مصر.
د/ علي صالح الخلاقي "الحكيم الفلاح الحميد بن منصور.. شخصيته وأقواله"، الطبعة الثانية 2011م، دار عبادي للدراسات والنشر ، صنعاء.
أ.د. عبدالعزيز المقالح "الموسوعة اليمنية" إعداد وإشراف: أحمد جابر عفيف، الطبعة الثانية، مؤسسة العفيف الثقافية، صنعاء، اليمن.
يحيى بن يحيى العنسي "المواقيت الزراعية في أقوال علي بن زايد والحميد بن منصور وآخرين"، الطبعة الأولى 1425هـ/ 2004م، إصدارات وزارة الثقافة والسياحة، صنعاء.
عبدالله البردوني "أقوال علي بن زايد.. دراسة نصوص" الطبعة الثانية 1427هـ/2006م، مكتبة الإرشاد، اليمن.
محمد ضيف الله الشماري "لهجة خبان"، الطبعة الأولى، إصدارات وزارة الثقافة والسياحة، صنعاء 2004م.
ثانياً: الدراسات والمجلات:
خالد الرويشان.. وزير الثقافة والسياحة الأسبق وعضو مجلس الشورى حالياً – الثقافة اليمنية.. الواقع وآفاق المستقبل – دراسة مقدمة لمجلس الشورى اليمني – 2009م.
مجلة «الكلمة» العدد الأول, ديسمبر 1971م.
الأطلس الأثري اليمني – إعداد الإدارة العامة للإحصاء الثقافي بوزارة الثقافة - صنعاء.
الصور
من الكاتب