العريش
العدد 37 - لوحة الغلاف
ارتبط الإنسان البحريني والخليجي، ارتباطاً وثيقاً بالنخلة، بحيثُ حاول الاستفادة منها قدر الإمكان في كل نواحي حياته، فكل جزء من النخلة لهُ وظيفته في الحياة الشعبية، ومن بين الأشياء التي أفادت هذا الإنسان، إنشاء البيوت الشعبية المختلفة التي سكنها قروناً عديدة، حتى بداية العقد السادس من القرن الماضي، عندما تم استبدالها بالتدريج، بالبيوت المبنية من الحجارة والطابوق، حتى اختفت تماماً تلك البيوت من حياتنا الشعبية، واقتصر وجودها في بعض البيوت، وفي المهرجانات التراثية، كجزء من الحفاظ على التراث الشعبي، وتعريف الجيل الحالي به.
ومن بين عيوب البيوت الشعبية تلك، سهولة نشوب الحرائق فيها، مما تسبب في حصول كوارث عديدة، كما أنها لا تحول دون تسرب ماء المطر إليها.
البيوت الشعبية تبنى بأشكال مختلفة، فمنها ما هو مبني من سعف النخيل، وآخر بجريده، ولكلٍ من هذه البيوت وظيفتهُ التي قد تختلف عن الأخرى، ومن بين البيوت ما يعرف بـ «العريش»، حيثُ يمثل بيت العريش نموذجاً لسكن الإنسان البسيط في المجتمع البحريني القديم.
تحكي صورة الغلاف الخلفي، عن أحد تلك البيوت التي أُنشئت من جريد النخل وجذوعه، ويسمى «العريش» إذ كان منتشراً في البيوت، والمقايظ الموجودة في البساتين، أو على سواحل البحر، وهو من البيوت الصيفية التي تسمحُ طريقة بنائه بمرور الهواء من جهاته الأربع، وذلك للتغلب على حرارة الطقس الملتهبة في أشهر الصيف الطويلة، كما تسمحُ هذه النوعية من البيوت للجالسين بداخلها، بالتمتع بالمناظر الخارجية، سواء كانت البساتين، أو ساحل البحر.
يوجد بداخل «العريش» صورة «جفير»، معلق ومزين بالألوان، وبرافعتين من الحبل المفتول، أما الذي في أسفل الصورة، فهو الـ «زبيل»، وهو الذي يحفظ أدوات العرسان الجدد، ويسمى بـ «زبيل المعرس، أو العروس».
يبدأ بناء «العريش» بالتخطيط لهُ على الأرض من قبل «الأستاذ» الذي يجيد بناء هذه النوعية من البيوت، ومن ثم يبدأ ببناء الهيكل العام، بمعاونة مساعديه، ليؤسس على هذا الهيكل بقية مكونات العريش، حيثُ تثبت القوائم (عبارة عن ربع من جذع النخل، أو الجندل)، في باطن الأرض، ثم تشد مع بعضها بمجموعة من العوارض، التي تمثل كتلة من الجريد، أو السعف، عن طريق ربطها مع بعضها البعض بالحبال المصنوعة من ليف النخيل، ثم تضع الجدران بين العوارض، والتي هي عبارة عن سعف النخيل، وحين ذلك تعرف بـ «رادة سعف»، باللفظ الدارج، وعندما يستخدم الجريد فقط، تسمى «رادة زفن»، كما في الصورة حيثُ إن الرادة في الصورة مكونة من زفان مربعات الجريد، المثبت بأربطة من الحبال المفتولة. أما النوافذ «الدرايش»، والأبواب، فتأتي في المرحلة ما قبل الأخيرة، ليتم بناء السقف الذي يميل إلى الانحناء، ويتكون من سعف النخيل أو الجريد، ويغطى بنوع معين من الحصير، يعرف بـ «السمة» أو يغطى بـ «المنجور». وتفترش أرضية «العريش» بالتراب أو «الحصم»، ومن ثم يفرش بالحصير أو «المديد».