فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

من تاريخ الحُلِيِّ في الإسلام

العدد 33 - ثقافة مادية
من تاريخ الحُلِيِّ في الإسلام
كاتبة من لبنان

أوْجَدَ الباري سبحانه وتعالى الحُلِيَّ من ضِمْنِ ما أوْجَدَ لسعادة الإنسان، ليُضفي على حياته زينةً وجَمالاً، وَفْقَ ضوابِطَ خَصَّ بها الجنس البشريّ، رِجالاً ونِساءً، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى ذلك في أماكن متعدِّدَةٍ من القرآن الكريم والسُّنَّة المُطَهَّرَة التي لا ينطِقُ صاحبُها صلّى الله عليه وسلّم عن الهَوى. وتناوَلَت هذه الإشارات جوانبَ مختلفةً في صناعة الحُلِيّ، من حيث استخراجُها وصياغتُها واستخدامُها وعلاقتُها بأحكامٍ فقهيَّة.

1. الحُلِيُّ في اللُّغة:
الحُلِيُّ: هو اسم لكل ما يتزين به من مصاغ الذهب والفضة(1)، وسَمَّتِ العَرَبُ «اللُّؤْلُؤَةَ» التي لم تُثْقَب «الخَريدَة»، كما سَمَّتِ اللُّؤْلُؤَةَ الكبيرة «الدُّرَّة»(2).
ويُسَمّى صانِعُ الحُلِيِّ «الصّائِغ»، لأنَّهُ هو مَنْ يَعمل في الذَّهَب والفِضَّة، ويُغَيِّرُهُ من صِفَةٍ إلى صِفَة، على حَسْبِ رغبة الطّالِب، ويُزَيِّنُهُ بالأحجارِ الكريمة حَسْبَ الطَّلَب(3).

2. الحُلِيُّ في القرآن الكريم والسُّنَّة الَّنبويَّة:
ورد ذِكْرُ الحُلِيِّ في كتاب اللهِ وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، صَراحَةً أو تَلْميحاً، وجاء التَّعبيرُ عنها بعِدَّةِ مقاصِد، منها:

2. 1 . حُلِيُّ الجَنَّة:
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿جنّات عَدْنِ يَدْخُلونَها يُحَلَّوْنَ فيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ َذهَبٍ ولُؤْلُؤاً، ولِباسُهُمْ فيها حَرير﴾(4)، وقال عَزَّ مِنْ  قائِلٍ أيضاً: ﴿يُطافُ عَلَيْهِمْ بصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وأَكْوابٍ﴾(5).

2 .2.  حُلِيُّ النّار:
أنزل الله عزَّ وجلّ في أُمِّ جَميلٍ امرأةُ أبي لَهَب: ﴿وامْرَأَتُهُ حَمّالَةُ الحَطَب. في جيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾(6). والمَسَد: هو حَبْلٌ مِن صوف، وهذا وَصْفُهُ في الدُّنْيا، أمّا مَسَدُ أُمِّ جَميلٍ في الآخِرَةِ فهو حَبْلٌ مِن نارٍ في رَقَبَتِها حيث موضِع الزّينّة(7).

2 .3 . أنواعُ الحُلِيّ:
تتنوّع المواد التي تُصنعُ منها الحُلِيّ، فهي ليست مقتصرة على الذَّهَب أو الفِضَّة فقط، بل تتكوّن أيضاً من موادَّ أخرى متعدّدة، ومنها: اللُّؤْلُؤُ والمَرْجانُ اللّذانِ يُسْتَخْرَجانِ من البحرِ المالِحِ أو من الأنهار الكبيرة ذات الماءِ العَذْبِ الفُرات. وقد أشار البارىءُ سبحانه وتعالى بقوله عزَّ مِن قائِل: ﴿وما يَسْتَوي البَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وهذا مِلْحٌ أُجاج، ومِنْ كُلٍّ تَأْكُلونَ لَحْماً طَرِيّاً وتَسْتَخْرِجونَ حِلْيَةً تَلْبَسونَها، وتَرى الفُلْكَ فيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغوا مِنْ فَضْلِهِ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرون﴾(8). وكلمةُ «تَلْبَسونَها» دليلٌ على أنَّ لِباسَ كُلِّ شيءٍ بحَسْبِه، فالخاتَم يُجْعَلُ في الإصبع، والسِّوارُ في الذِّراع، والقِلادَةُ(9)في العُنُق، إلخ(10).

2 .4.  صِياغَةُ الحُلِيّ:
تَتِمُّ تَنْقِيَةُ الذَّهَبِ مِن الشَّوائِبِ ثمَّ صِياغَتُهُ بوضعِه على نارٍ قويّة، وقد وَصَفَ الله سبحانه وتعالى هذا الأمر بقوله: ﴿ومِمّا يوقِدونَ عَلَيْهِ في النّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُه، كذلكَ يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ والباطِلَ، فأمّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً، وأمّا ما يَنْفَعُ النّاسَ فيَمْكُثُ في الأَرْضِ، كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأمْثال﴾(11).

2. 5 . إهداءُ الحُلِيّ:
-  خَطَبَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم السيدة «رَمْلَةَ أُمِّ حَبيبَةَ» رضي الله عنها، وهي في أرض الحبشة، عن طريق «النَّجاشِيِّ» ملك الحبشة، الذي أرسلَ الجارِيَةَ «أَبْرَهَةَ» لتُبَشِّرَها بالنَّبَإِ السّعيد. فأكْرَمَتْ أُمُّ المؤْمِنينَ السيدة «رَمْلَةُ أُمُّ حَبيبَةَ» رضي الله عنها الجاريةَ «أَبْرَهَةَ» بإهدائِها«سِوارَيْنِ من فِضَّة، وخِدْمَتَيْنِ(12) كانتا في رِجْلَيْها، وخواتيمَ فِضَّةٍ كانت في أصابِعِ رِجْلَيْها سُروراً بما بَشَّرَتْها»(13) به.
-  ورد عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم «أنَّه دَخَلَ على أهْلِهِ ومعه قِلادَةُ جَزَع(14)، فقال: (لأُعْطِيَنَّها أَحَبَّكُنَّ إِلَيّ). فَقُلْنَ يَدفَعُها إلى ابنةِ أبي بكر. فدعا بابنةِ العاصِ من زينبَ وعَقَدَها لها»(15). وفي روايةٍ عن أُمِّ المؤمنين السيدة عائشةَ رضي الله عنها قالت: «قَدِمَتْ على النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم حِلْيَةٌ مِن عِند النَّجاشِيِّ أهداها له فيها خاتَمٌ مِن ذَهَب، فيه فُصٌّ حَبَشِيّ». قالت: «فأخَذَهُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بِعودٍ مُعْرِضاً عنهُ، أو ببَعْضِ أصابِعِه، ثمَّ دعا أُمامَةَ ابنةَ ابنتِهِ زينب، فقال: (تَحَلّي بهذا يا بُنَيَّة)»(16).

3. أحكام استخدامِ الحُلِيّ:
3 .1 .  حدودُ التَّزَيُّنِ بالحُلِيّ:
- حدَّد الله سبحانه وتعالى ما يجب إظهاره من زينة النّساء بقوله جلَّ وعلا: ﴿ولا يُبْدينَ زينَتَهُنَّ إلاّ ما ظَهَرَ منها، ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جُيوبِهِنَّ، ولا يُبْدينَ زينَتَهُنَّ إلاّ لبُعولَتِهِنَّ أو آبائِهِنَّ ... ولا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفينَ مِنْ زينَتِهِنَّ ...﴾(17)، وجاء عن عبد الله بن عمرَ رضي الله عنهما أنّه قال في شرح هذه الآية: «لا خِلْخال، ولا شَنَف(18)، ولا قِرْط، ولا قِلادَة، إلاّ ما ظَهَرَ منها»(19).
- خَفَّفَ رَبُّ العِزَّةِ جلَّ جَلالُه عن العجائِزِ اللاّتي قَطَعْنَ سِنَّ الإخَصاب، ولا يَطْمَعْنَ في الزّواج لكِبَرِ سِنِّهِنّ، فأذِنَ لهنَّ بأن يَخْلَعْنَ ثيابَهُنَّ الظّاهرة، كالجِلبابِ والرِّداءِ والقِناعِ فوق الخِمار، لا ثيابَ العَوْرَة، غَيْرَ مُظْهِراتٍ زينَةً خَفِيَّةً كسِوارٍ وقِلادَةٍ وخِلْخال، وذلك بقوله سبحانه وتعالى: ﴿والقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاّتي لا يَرْجونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بزينَةٍ﴾(20).

3 .2 . حُلِيُّ زينَةِ الرِّجال:
 - نهى النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم عن لُبْسِ الذَّهَبِ للرِّجال، وفي ذلك ورد عن عبد الله بن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنَّه قال: «إنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم رأى خاتَماً من ذَهَبٍ في يَدِ رجلٍ، فنَزَعَهُ فطَرَحَه وقال: (يَعْمَدُ أَحَدُكُمْ إلى جَمْرَةٍ من نارٍ فيَجْعَلُها في يَدِه). فقيلَ للرّجلِ بعدَ ما ذهبَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: خُذْ خاتَمَكَ انْتَفِعْ به. قال: لا والله، لا آخُذُهُ أبداً وقد طَرَحَهُ رسول الله»(21).
وقـــال صلّـــــى الله علــيــــه وســلّـــــم: (حُـرِّمَ لِـباسُ الحــريــرِ والـذَّهَبِ على ذُكورِ أُمَّتي، وأُحِلَّ لإناثِهِم)(22).
 - لَبِسَ الرّسولُ صلّى الله عليه وسلّم خاتَماً من فِضّة، فقد روى أنَسُ بن مالكٍ رضي الله عنه أنّ «رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم لَبِسَ خاتَمَ فِضَّةٍ في يَمينِه، فيه فُصٌّ حَبَشِيٌّ كانَ يَجْعَلُ فُصَّهُ مِمّا يَلي كَفَّه»(23). ووَرَدَ في السنة الشريفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتماً من ذهب ثم ألقاه من يده وذلك قبل تحريم لبس الذهب على الرجال وفي ذلك ورد عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنّه قال: «إنَّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم اتَّخَذَ خاتَماً مِن ذَهَب، فكان يَجْعَلُ فُصَّهُ مِمّا يَلي بَطْنَ كَفِّه. فاتَّخَذَ النّاسُ الخواتيم، فألقاهُ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وقال: (لا ألْبِسُهُ أبداً)، فنَبَذَ النّاسُ خواتيمَهُم، ثمَّ اتَّخَذَ خاتَماً من فِضّة. وكان في يده، ثمَّ في يد أبي بكر، ثمَّ في يد عمر، ثمَّ في يد عثمانَ حتّى هلكَ منه في بئر أريس»(24). وقد اتَّخَذّ رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم خاتَماً من فِضَّة، مَنْقوشاً عليه: «محمَّدٌ رسولُ الله»، لخَتْمِ الرّسائلِ عندما عَلِمَ أنَّ الأعاجِمَ لا يَقْرؤونَ كتاباً غيرَ مَخْتوم. وورد في ذلك عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه أنّه قال: «أرادَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أنْ يَكْتُبَ إلى بعضِ الأعاجِم، فقيل له: إنَّهُمْ لا يَقْرؤونَ كِتاباً إلاّ بخاتَم. فاتَّخَذَ خاتَماً من فِضَّة، ونَقَشَ فيه: «محمَّدٌ رسولُ الله»(25). وورد عن أنَسٍ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم كان إذا دَخَلَ الخَلاءَ نَزَعَ خاتَمَه(26). وكان خاتَمُ عَلِيٍّ رضي الله عنه من وَرِق(27)، ونَقْشُه: «نِعْمَ القادِرُ الله»(28).
 -  شَجَّعَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلَّم على التَّخَتُّمِ بالعَقيقِ لحديث عمرَ رضي الله عنه: (تَخَتَّموا بالعَقيق، فإنَّ جِبْريلَ أتاني به من الجَنَّة)(29).

3 .3 . استخدامُ الحُلِيِّ في التَّكَبُّرِ، وعُقوبَتُه:
 - سخِر فرعونُ وهو في أُبَّهَةِ مُلْكِهِ من نبيِّ اللهِ موسى عليه السَّلام ورسالَتِه، وقد ذكر الله عزَّ وجلَّ ذلك في القرآن الكريم بقوله على لسان فرعون: ﴿فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ المَلائِكَةُ مُقْتَرِنين﴾(30).
 - خرج قارون على قومه مُسْرِفاً في زينَتِه، مُتَكَبِّراًً على قومه، جاحِداُ بنِعَمِ الله عليه، فعاقبه الله العزيز الجبّار بأن خسفَ به الأرض. وقد قال الله سبحانه وتعالى في تَكَبُّرِه: ﴿فَخَرَجَ على قَوْمِهِ في زينَتِهِ، قالَ الذينَ يُريدونَ الحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أوتِيَ قارونُ إنَّهُ لَذو حَظٍّ عَظيم﴾(31)، وقال سبحانه وتعالى في عقوبته: ﴿فَخَسَفْنا بِهِ وبِدارِهِ الأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصًرونَهُ مِنْ دونِ اللهِ وما كان مِنَ المُنْتَصرين. وأَصْبَحَ الذينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بالأَمْسِ يَقولونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ويَقْدِر، لَوْلا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا، وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الكافِرونَ. تِلْكَ الدّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُها للّذينَ لا يُريدونَ عُلُوّاً في الأَرْضِ ولا فَساداً، والعاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ﴾(32).
 - إنَّ مَنْ يَنْشَاُ في بيئَةِ رَفاهِيَةٍ وَسْطَ الزّينَة، يَكونُ عاجِزاً عن إظْهارِ حُجَّتِهِ في الخِصامِ والجِدالِ لضّعْفِهِ وعَجْزِهِ عن الجَدَلِ والنِّقاش، بسبب غَلَبَة طَبْعِ الأنوثة عليه عادة(33)، وقال الله سبحانه وتعالى في وَصْفِه: ﴿أَوَ مَنْ يُنَشّأُ في الحِلْيَةِ وهُوَ في الخِصامِ غَيْرُ مُبينٍ﴾(34).

3 .4 . التَّبرُّعُ بالحُلِيّ:
- شَجَّعَ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم النساء على الصَّدَقَةِ ولو من حُلِيِّهِنَّ، وأخبَرَهُنَّ بأنّه إن كانت الصَّدقة لقريب فلَهُنَّ أجْران: أَجْرُ الصَّدقة وأَجْرُ القَرابة. وقد رَوَتْ ذلك زينبُ امرأةُ عبدِ اللهِ بن مسعود فقالت: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم: (تَصَدَّقْنَ يا مَعْشَرَ النِّساءِ ولَوْ مِنْ حُلِيِّكُنّ)». قالت: «فَرَجَعْتُ إلى عبدِ اللهِ فقلت: إنَّكَ رجلٌ خفيفُ ذاتِ اليد، وإنَّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلَّم قد أَمَرَنا بالصَّدقة، فَأْتِهِ فَاسْأَلْه، فإنْ كانَ ذلكَ يُجزي عنّي، وإلاّ صَرَفْتُها إلى غَيْرِكُم». قالت: «فقال لي عبدُ الله: بَلِ ائْتيهِ أنت». قالت: «فانْطَلَقْت، فإذا امرأةٌ من الأنصارِ ببابِ رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلَّم، حاجَتي حاجَتُها». قالت: «وكان رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قد أُلْقِيَتْ عليه المَهابَة». قالت: «فخرجَ علينا بلال، فقلنا له: ائْتِ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فأَخْبِرْهُ أنَّ امرأتَيْنِ بالباب تَسْأَلانِك: أَتُجْزي الصَّدقةُ عنهُما، على أزواجِهِما، وعلى أيتامٍ في حُجورِهِما؟ ولا تُخْبِرْهُ مَنْ نَحْن». قالت: فدخلَ بلالٌ رضي الله عنه على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسَأَلَه. فقال له رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (مَنْ هُما؟). فقال: امرأةٌ من الأنصارِ وزينب. فقال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (أيُّ الزَّيانِب؟). قال: امرأةُ عبدِ الله. فقال له رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (لَهُما أجْران: أجْرُ القَرابَة، وأجْرُ الصَّدَقَة)(35).
-  وعظ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم النِّساءَ في يوم عيد فِطْرٍ وأمَرَهُنَّ بالتَّصَدُّق. وفي ذلك ورد عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنّه قال: «خرجَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم يومَ فِطْر، فصلّى ركعتينِ لم يُصَلِّ قَبْلَهُما ولا بَعْدَهُما، ثمَّ أتى النِّساءَ، ومعه بلال، فأمَرَهُنَّ بالصَّدَقَة، فجَعَلَتِ المرأةُ تُلقي خِرْصَها وسِخابَها»(36)(37). وفي رواية أُخرى قال صلّى الله عليه وسلّم: «(فَتَصَدَّقْنَ)، وبسطَ بلالٌ ثوبَه، فجَعَلْنَ يُلْقينَ الفَتَخَ(38) والخواتيمَ في ثوبِ بلال»(39). وعن ثَوْبانَ مَوْلى رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: «جاءتِ ابنةُ هُبَيْرَةَ إلى رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وفي يدها فَتَخٌ من ذَهَب، فجعلَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَضْرِبُ بيَدِها، فأتَتْ فاطمةَ بنتَ رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فشَكَتْ إليها ما صَنَعَ بها رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم. فدخلَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم على فاطمةَ، وأنا معه، وقد أخَذَتْ مِن عُنُقِها سلسلةً من ذَهَب، فقالت: هذه أهداها إلَيَّ أبو حَسَن، والسِّلسلةُ في يدها. فقال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (يا فاطمة، أيَسُرُّكِ أنْ يقولَ النّاسُ: فاطمةُ بنتُ محمَّدٍ وفي يدِها سلسلةٌ مِن نار؟). ثمَّ خرجَ رسولُ اللهِ ولم يَقْعُد، فعَمِدَتْ فاطمةُ إلى السلسلةِ فاشْتَرَتْ بها غُلاماً فأعْتَقَتْه. فبَلَغَ ذلك النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: (الحمدُ للهِ الذي نَجّى فاطمةَ مِن النّار)»(40).

3 .5 . حبِشارَةُ الحُلِيِّ بالنَّصر:
جعل الله عزّ وجلّ في كتابه الكريم وفي أحاديث نبِيِّهِ عليه الصلاة والسلام أدلةً عديدةً على صِدقِ الرسالة الإسلامية، ومن ذلك ما بَشَّرَ به المصطفى صلّى الله عليه وسلّم المسلمين من النَّصر على دولة الفُرْس، أثناء تَوَجُّهِهِ مُتَخَفِّياً إلى المدينة المنوّرة مُهاجراً، بعد خروجه من مكّة المكرّمة سِرّاً، عندما وَعَدَ الأعْرابِيَّ سُراقَةَ بن جَعْشَم، الذي تَتَبَّعَهُ للقبض عليه وتسليمه إلى قريش، بسِوارَيْ كِسْرى ملك الفرس. وجاء مِصداقُ وعدِهِ صلّى الله عليه وسلّم عندما فُتِحَتْ بلادُ فارِسَ في عهد أمير المؤمنين عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه، الذي قال عند استلامه غنائم بلادِ فارِس: أين سُراقة بن جَعشم؟ «فأُتِيَ به أَشْعَرَ الذِّراعَيْنِ دَقيقَهُما، فأعطاهُ سِوارَيْ كِسْرى، فقال: الْبِسْهُما، ففَعَل. فقال: قُلْ اللهُ أكبر. قال: اللهُ أكبر. قال: قُلْ الحمدُ للهِ الذي سَلَبَهُما مِن كِسْرى بنِ هُرْمُزَ وأَلْبَسَهُما سُراقة بن جُعشم، أعْرابِيّاً من بَني مِدْلِج. وجعلَ يُقَلِّبُ بعضَ ذلك بعضاً، فقال: إنَّ الذي أدّى هذا لأمين. فقال له رجلٌ: أنا أُخْبِرُك: أنتَ أمينُ الله، وهُم يُؤَدّونَ إليكَ ما أدَّيْتَ إلى الله، فإذا رَتَعْتَ رَتَعوا. قال: صَدَقْت. ثمَّ فَرَّقَه». قال الشّافِعِيُّ راوي الحديث: وإنّما أَلْبَسَهُما سُراقةَ، لأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال لسُراقَةَ، ونظر إلى ذِراعَيْه: (كَأَنّي بكَ قد لَبْسْتَ سِوارَيْ كِسْرى). قال: ولم يَجْعَلْ لهُ إلاّ سِوارَيْن(41).

3 .6 . الحُلِيُّ سَبَبٌ لإنْزال حُكْمِ التَّيَمُّم:
أنْزَلَ الله سبحانه وتعالى حُكْمَ التَّيَمُّمِ، عندما افْتَقَدَ النّاس الماء للصلاة أثناء بحثهم عن عِقْدٍ فَقَدَتْهُ أُمُّ المؤمنين السيدة عائشةُ رضي الله عنها. فقد ورد عن أُمِّ المؤمنين السيدة عائشةُ رضي الله عنها أنَّها "استعارَتْ من أسماءَ قِلادَةً فهَلَكَت، فأرسلَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم ناساً من أصحابه في طَلَبِها، فأَدْرَكَتْهُمُ الصَلاة، فصَلّوا بغَيْرِ وُضوء. فلمّا أَتَوُا النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم شَكَوْا ذلكَ إلَيْه، فنَزَلَتْ آيةُ التَّيَمُّم"(42).

3 .7 . زكاة الحُلِيّ:
فرض ربُّ العِزَّةِ سبحانه وتعالى على كلِّ مسلمٍ دفع نسبة معيَّنة مما يملِكُ في سبيل الله، تطهيراً لنفسه ومالِه ممّا شابَهُما من حرام، بقوله عَزَّ مِنْ قائِل: ﴿خُذْ مِنْ أموالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهم وتُزَكّيهِمْ بها﴾(43). والحُلِيُّ من الأموال التي فرض الله عليها الزّكاة. وقد ورد هذا التكليف في أحاديث نبويّة شريفة عدّة، ومن هذه الأحاديث:
- عن عبد الله بن شدّاد بن الهاد أنّه قال: «دَخَلْنا على عائشةَ زوجِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فقالت: دَخَلَ عَلَيَّ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فرأى في يَدَيَّ فَتَخاتٍ من فِضَّة، فقال: (ما هذا يا عائشة؟). فقلت: صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لكَ يا رسولَ الله. قال: (أتُؤَدّينَ زَكاتَهُنّ؟). قلت: لا، أو ما شاء الله. قال: (هو حَسْبُكِ مِن النَار)»(44).
- ورد عن أُمِّ المؤمنينَ السيدة أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها «أنّها كانت تَلْبِسُ أَوْضاحاً(45) من ذَهَب، فسألَتِ عن ذلك رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فقالت: أَكَنْزٌ هو؟ فقال: (إذا أَدَّيْتِ زَكاتَهُ فَلَيْسَ بكَنْز)»(46). وفي رواية أخرى عنها أنّها قالت: «كنتُ أَلْبِسُ أَوْضاحاً من ذَهَبٍ فقلت: يا رسولَ الله، أَكَنْزٌ هو؟ فقال: (ما بَلَغَ أنْ تُؤَدّى زَكاتُهُ فزُكِّيَ فلَيْسَ بكَنْز)»(47).
- ورد عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ «أنَّ امرأةً من اليَمَنِ أتَتْ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم ومعها ابنةٌ لها، وفي يَدِ ابْنَتِها مَسْكَتانِ غَليظتانِ من ذَهَب. فقال لها: (أَتُعْطينَ زكاةَ هذا؟). قالت: لا. قال: (أَيَسُرُّكِ أنْ يُسَوِّرَكِ اللهُ بِهِما يومَ القيامَةِ سِوارَيْنِ مِن نار؟). قال: فخَلَعَتْهُما فأَلْقَتْهُما إلى النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم وقالت: هُما للهِ ولرسولِه»(48).

3 .8 . سَرِقَةُ الحُلِيّ، وتأثيرُ المالِ الحرامِ على السّارق:
أخَذَ بَنو إسرائيلَ حُلِيَّ قومِ فِرْعَوْنَ يومَ خروجِهِم من مِصْرَ بحُجَّةِ الاستعارة، مع نِيَّتِهِم سَرِقَتَها، فكانت عاقبةُ المالِ الحرامِ أنْ كَفَروا باللهِ وعَبَدوا العِجْلَ الذي صَنَعَهُ السّامِرِيُّ مِن تلكَ الحُلِيّ. وقد ذَكَرَ الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم التَّبْريرَ الذي بَرَّروا به فَعْلَتَهُمْ لنبيِّهِم موسى عليه السّلام: ﴿قالوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بمَلْكِنا ولَكِنّا حُمِّلْنا أوْزاراً مِن زينَةِ القَوْمِ فقَذَفْناها فكَذَلِكَ أَلْقى السّامِرِيُّ. فأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فقالوا هذا إلَهُكُمْ وإلَهُ موسى فنَسِيَ﴾ (49).

3 .9 . استخدامُ الحُلِيِّ في الدَّعوةِ إلى الله:
أشار اللهُ سبحانه وتعالى إلى أنّ على الدّاعي إلى دينه أن يُحْسِنَ اختيارَ أساليبَ وأماكنَ ومواعيدَ الدَّعوةِ حتّى ينجحَ بإذن الله في دعوته. وجاءت هذه الإشارة على لسان نبِيِّهِ موسى عليه السَّلام حين خاطب فرعونَ مُحَدِّداً زمانَ مُواجَهَتِهِ سَحَرَةَ فرعونَ بقولِه: ﴿مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزّينَةِ وأنْ يُحْشَرَ النّاسُ ضُحى﴾(50). وقد اختارَ نبيُّ اللهِ موسى عليه السلامُ يومَ الزّينَةِ لأنّه يومُ عيدٍ عند المِصرِيّينَ لا عَمَلَ فيه، يَلْبَسونَ فيهِ أفْخَرَ ثيابِهم ونَفائِسَ حُلِيِّهِم، وحدَّدَ الوقت في ضُحى ذلك اليومِ لأنّ الناسَ يتكاسلونَ عادةً عن الحركةِ والخروجِ من المَنازلِ صباحَ أيّامِ العُطَلِ والأعياد، وعند الضُّحى يمكنُ تَوَقُّعُ حُضورِ أكبرِ عددٍ ممكنٍ من النّاسِ لشُهودِ المواجَهَة.

3 .10 . حُلِيُّ الزَوجة عند الطّلاق:
حَرَّمَ الله عزَّ وجلَّ على الأزواج إذا طلَّقوا زوجاتِهِم بعد الدّخول بهنَّ، أن يسترجعوا منهُنَّ أيَّ شيءٍ أهْدوهُ إليهنّ، أموالاً وحُلِيّاً وغير ذلك من الإهداءات، بقوله سبحانه وتعالى: ﴿وإنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مًكانَ زَوْجٍ وآتَيْتُمْ إحْداهُنَّ قِنْطاراً فلا تَأْخُذوا مِنْهُ شَيْئاً، أَتَأْخُذونَهُ بُهْتاناً وإثْماً مُبيناً. وكيفَ تَأْخُذونَهُ وقد أَفْضى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ وأَخَذْنَ منكُمْ ميثاقاً غَليظاً﴾(51).

3 .11 . الحُلِيُّ سَبَبٌ لتَحْذيرِ النّاسِ مِن تَصديقِ الإشاعات:
كان لأُمِّ المؤمنينَ السيدةُ عائشةُ رضي الله عنها عِقْدٌ مِن جَزَعِ ظُفار، فَقَدَتْهُ في إحدى الغزوات، وكان فَقْدُهُ وبَحْثُها عنه سبباً في قِصَّةِ الإفكِ المشهورة، التي تَبِعَها توجيهٌ من ربِّ العِزَّةِ سبحانه وتعالى للمسلمينَ بعدم تصديق الإشاعات والنَّظَرِ فيها: هل يَقبَلُها الشّرع، وهل يَقبَلونَها على أنفُسِهم وأهْلِهِم؟ فإذا كانوا لا يَقبَلونها على أنفُسِهم وأهْلِهِم، فكيف يَقبَلونَها على أُمِّ المؤمنينَ السيدة عائشةَ رضي الله عنها؟ وقد جاء فيما تَرْويهِ السيدة عائشةُ رضي الله عنها عن هذا الأمر: «فخَرَجْتُ معَ رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم بعدما أُنْزِلَ الحِجاب، فكُنتُ أُحْمَلُ في هَوْدَجي وأُنْزَلُ فيه. فَسِرْنا حتّى إذا فَرَغَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم من غزوَتِه تلك وقَفَلَ ودَنَوْنا من المدينة قافِلين، آذَنَ ليلةً بالرّحيل. فقُمتُ حين آذنوا بالرّحيل، فمشيتُ حتّى جاوَزْتُ الجيش، فلمّا قَضَيْتُ شَأْني، أَقْبَلْتُ إلى رَحْلي فلَمَسْتُ صَدْري، فإذا عِقْدٌ لي مِن جَزَعِ ظُفار قد انْقَطع، فرَجَعْتُ فالْتَمَسْتُ عِقْدي فحَبَسَني ابْتِغاؤُه. قالت: وأَقْبَلَ الرَّهْطُ الذينَ كانوا يُرَحِّلونَ لي، فاحْتَمَلوا هَوْدَجي فرَحَّلوهُ على بعيري الذي كُنتُ أَرْكَبُ عليه وهم يَحْسَبونَ أنّي فيه، وكان النِّساءُ إذْ ذاكَ خِفافاً لَمْ يَهْبِلْنَ ولَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْم، إنّما يَأْكُلْنَ العَلَقَةَ من الطَّعام، فلَمْ يَسْتَنْكِرِ القومُ خِفَّةَ الهَوْدَج حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ فَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي، غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَوَاللَّهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ، وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وَهَوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وَهُمْ نُزُولٌ، قَالَتْ: فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ»(52). وقد ذَكَرَ الله سبحانه وتعالى قِصَّةَ الإفْكِ وتوجيهَهُ للمسلمين المذكور أعلاه في القرآن الكريم بقوله عزَّ مِن قائِل: «لولا إذ سمعتموه ظَنَّ المؤمنون والمؤمنات بأنفُسِهِم خيراً وقالوا هذا إِفْكٌ مُبِين»(53).

3 .12 . الحُلِيُّ فِداءٌ للأسْرى:
ساهَمَتِ الحُلِيُّ في عملية فِداءِ أحدِ المشركين الذي أُسِرَ في غزوة «بَدْر»، وحدث ذلك عندما أرسلت زينبُ رضي الله عنها بنتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «في فِداءِ زوجها عِقْداً لها من جَزَعِ ظُفار، كان في الأصل لخديجةَ بنت خُوَيْلِدٍ أهْدَتْها إلى زينبَ عند زواجها من أبي العاص بن الرّبيع. فلمّا رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم القِلادَةَ عَرَفَها، فذَكَرَ خديجةَ وتَرَحَّمَها، وأمَرَ أنْ يُطْلَقَ زوجُها وتُرَدُّ القِلادَةُ لزينب»(54). وورد عن أُمِّ المؤمنين السيدة عائشةُ رضي الله عنها أنّها قالت: «لمّا بَعَثَ أهل مكّة في فِداءِ أُسَرائِهِم، بَعَثَتْ زينبُ بنتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في فِداءِ أبي العاص بن الرّبيع بمال، وبعثت فيه قِلادَةً لها كانت خديجةُ أدْخَلَتْها بها على أبي العاص حين بَنى عليها». قالت: «فلمّا رآها رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم رَقَّ لها رِقَّةً شديدةً وقال: (إنْ رَأَيْتُمْ أنْ تُطْلِقوا لها أسيرَها، وتَرُدّوا عليها مالها، فافْعَلوا). فقالوا: نعم يا رسول الله. فأطْلَقوهُ ورَدّوا عليها الذي لها»(55).

3 .13 . تجارة الحُلِيّ:
حدّد الإسلام كيفية بيعِ الذّهَبِ وشرائِه، بأن يكون مِثْلاً بمِثْل. فقد ورد عن حَنَشٍ أنّه قال: «كُنّا معَ فُضالَةَ بن عُبَيْدٍ في غَزوة، فطارَتْ لي ولأصحابي قِلادَةٌ فيها ذَهَبٌ ووَرِقٌ وجَوْهَر، فأَرَدْتُ أن أشْتَريها. فسألتُ فُضالة بن عُبيد فقال: انْزَعْ ذَهَبَها فاجْعَلْهُ في كَفَّة، واجْعَلْ ذَهَبَكَ في كَفَّة، ثمَّ لا تَأْخُذَنَّ إلاّ مِثْلاً بمِثْل، فإنّي سمعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: (مَن كان يُؤْمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يَأْخُذَنَّ إلاّ مِثْلاً بمِثْل)»(56).

4.الصَّناعَةُ الذَّهَبِيَّة:
4 .1 .  تاريخ صِناعة الحُلِيّ:
انتشَرَت صِناعة الحُلِيِّ منذ القِدَم، وكان منها ما صُنِعَ من العَظْمِ والأحجار، وتطَوَّرَت مع الأيام حتى كان منها ما صُنِعَ من الذَّهّبِ أو الفِضَّةِ المُطَعَّمِ بالماسِ(57) أو اللُّؤْلُؤِ أو المَرْجان، إلخ..

4 .2 .   أمْكِنَةُ اسْتِخْراجِ الذَّهَبِ وطريقةُ اسْتِخْراجِه:
تعَدَّدَت أمكنةُ وجودِ الذَّهَبِ وطُرُقِ اسْتِخْراجِهِ في العالَمِ الإسلاميّ، ومنها على سبيل المِثال ما هو على نهر «جَيْحون»، فأحَدُ فروعِ هذا النّهر يمُرُّ على جبلِ الذَّهَبِ، ويمُرُّ بالحجارة العِظامِ والصّخر، ويَحُكُّ منه الذَّهَبَ شِبْهَ فِلْسِ(58) جِلْدِ السَّمَكِ وأصْغَرَ وأكْبَر.
وعلى هذا النَّهر أسفلَ من هذا المعبرِ قريةٌ تُسَمّى «وَخَد»، لهم مُخْتَرَقٌ من ناحية «وَيْشَجَرْد»، يُسَمّى نهر «باخْشوا»، يقع في «جيحون»، فيخرُجُ أهلُها من «باخشوا» حتّى ينزِلوا على شَطِّ «جيحون».
ويمُدّونَ على شَطِّ النّهر مُسوكَ(59) المَعِزِ الشَّعْرَ إلى أعلاه، ويشُدّونَ ويَسْتَوْثِقونَ منها بالأوْتادِ حَوالَيْها، فيَنزِلُ أحدُهُم في النّهر على الشَّطّ، فينفُخُ الماءَ على تلك المُسوك، والآخرُ يمسَحُ الماءَ من المُسوك ويُرْسِلُه، والماءُ كَدِرٌ ثَقيل، فإذا عَرَفوا أنّ أصولَ شَعْرِ المِسْكِ قد امتلأت من الرَّمْلِ والذَّهَبِ أخَذوهُ وبَسَطوهُ على وجهِ الأرض في عَيْنِ الشَّمس، حتّى إذا جَفَّ أخَذوها، ولهُم أنْطاعٌ مفروشَة، فنَفَضوها هناك، وأخَذوا منها الذَّهَب، ويُذْكَرُ بـ «بَلْخٍ» أنَّه أجْوَدُ الذَّهَبِ وأحْمَرُهُ وأصْفاه"(60).

4 .3 .  صِناعة الحُلِيّ:
يُضافُ إلى الذَّهَب، عند صِياغتِه، نسبةٌ ضئيلةٌ من معادِنَ أخرى، كالفِضَّة أو النُّحاسِ أو النّيكْل، كما يُضافُ إلى الصِّناعاتِ الفِضِّيَّةِ كميَّةٌ من النُّحاسِ أو الزِّنْكِ أو الرَّصاص(61).

4 .4 .   أمثلةٌ عن صِناعة الحُلِيّ:
بَرَعَ المسلمون عبر تاريخهم في الصّناعات المختلفة، ومن ذلك أنّهم بَرَعوا وتَفَنَّنوا بالصِّناعة الذَّهَبِيَّةِ على كافة المستويات. وفي تعليقٍ للمُسْتَشْرِقِ ي. هِل، عن مدى براعَةِ المسلمينِ في مُنتَجاتِ هذه الصِّناعة قال: «فنَقْرَأُ عن شَجَرَةٍ ذَهَبِيَّةٍ في إحدى قاعات الخُلَفاء، وعن فيلٍ ذَهَبِيٍّ له عينانِ من الياقوت. ولكنْ لا نعرِفُ على وَجْهِ التَّحقيقِ ما إذا كانت تلك التُّحَفُ من الذَّهَبِ الخالِصِ أو المَطْلِيَّةِ بالذَّهَبِ فقط»(62).

4 .5 .   أمكنةُ التِّجارة بالذَّهَب:
شَغَلَتِ المَصنوعاتُ الذَّهَبِيَّةُ والفِضِّيَّةُ حَيِّزاً من التِّجارة العامّة، واشْتَهَرَت مناطقُ الجزيرةِ العربيَّةِ بالذَّهَبِ والفِضَّة، ومنها بلادُ "اليَمَنِ" التي اسْتَفادَتْ من مَوْقِعِها الجغرافيِّ على شواطِىءِ بحرِ العربِ واتِّصالِها بالأقاليمِ البحرِيَّةِ الأخرى، كالهِنْدِ وأفْريقِيَة. ووُجِدَت في بلاد اليَمَنِ أسواقٌ خاصَّةٌ لبَيْعِ الفِضَّةِ وتَداوُلِها إلى جانب المُتاجَرَةِ بالمَصنوعاتِ الذَّهَبِيَّة. ولم يكن إنتاج الفِضَّةِ وصِناعتُها مُقْتَصِراً على البلاد العربيَّة، بل شَمِلَ ذلك أقاليمَ أخرى مثلَ بلادِ "فارِسَ" وغيرِها(63).

5. نماذجُ من الأمْثالِ الشَّعْبِيَّةِ في الحُلِيّ:
تناوَلَتِ الأمثالُ الشَّعْبِيَّةُ الحُلِيَّ بطُرُقٍ متعدِّدَة، ومن هذه الأمثال:
- «إنَّ السَّماءَ لا تُمْطِرُ ذَهَباً ولا فِضَّة»، وهي مَقَولَةُ عمرَ بن الخطّاب رضي الله عنه. ويُقال هذا المَثَلُ في مَجالِ الحَثِّ على العملِ والسَّعْيِ على الرِّزْق، بَدَلاً من الجلوسِ وانتظارِ الرِّزْق.
- «بْحِبَّـــكْ يــــا سْــــواري(64)، ولكــــن قَــــدّْ(65) زِنْـــدي لأ». ويُقـــال هـــذا المَثَلُ عندمــــا يَضـــــيقُ السِّــــــوارُ علــــى الـمـِعْــــصَمِ، ويجــب عنــــدَئِذٍ قَطْـــعُ السِّــــوارِ الذَّهَـــبِيِّ كَــــيْ لا تَتَــــأذّى اليَــــدُ التـــــي تَلْبِــــسُه.

5 .1 . نماذجُ من الحُلِيِّ في العَهْدِ الأُمَوِيّ:
أنواع الحُلِيّ:
أخَـــــذَتِ المجــــوهـــراتُ والزّينــــةُ حَظَّــــها في فــــترة العَــــهْدِ الأُمَـــــوِيّ، ولــــم يَصِــــلْ منـــــها إلاّ مــــا ذُكـــِرَ في بُطـــونِ الكــــــــتبِ علــــى الغــــالــــب، أو في النّـــــادِرِ مــــن الرُّســـــومِ كمــــا في «قُصَـــيِّرِ عُمْرَة»(66)، لأنّ الصَّاغةَ كانوا يأخُذونَ الحُلِيَّ ويُعيدونَ صِياغَتَـــــها مــــن جــــديــــد بــــأشــــــكالٍ أخـرى تَتَناغَمُ مع العَصْرِ الذي يَعيشونَه.
ولعلَّ من أهمِّ المُقتَنَياتِ في العهد الأُمَوِيِّ ما كان عند بعض أفراد الطبقة الحاكمة والثَّرِيَّة، وما اقْتًناه بعض الخلفاءِ من الجَوْهَرِ المُثْمِن.
ومن المعروف آنَذاكَ استعمالُ التّاجِ كحِلْيَةٍ للرَّأسِ عند المرأة، ومن ذلك ما ذُكِرَ من أنَّ المُغَنِّيَةَ «جميلةَ» كانت تَضَعُ على رُؤوسِ جواريها التّيجان(67).
واستعملت المرأة في العهد الأُمَوِيِّ الأقراطَ في زينتها، فقد وُجِدَتْ في التماثيل النِّسائيَّة المُكتَشَفَةِ في قصر هشامٍ نماذجُ عديدة منها، تُشْبِهُ أقْراطَ المُصَوَّراتِ السّاسانيّة. وقد بالغَ الفنّانُ بعض الشَّيءِ في حُجومِ تلك الأقراط، وهناك بعض الحبّات في تلك الأقراط مَخْروطِيَّةٌ قليلاً، وهذه أيضاً كانت معروفة عند السّاسانيّين. ومن نماذج هذه الأقراط ما كان يُزَيِّنُ أُذُنَيْ راقِصَةٍ في صورةٍ على إناءٍ من الفِضَّةِ في متحف «الأرْميتاجِ» بلينِنْغْراد(68).
ومن أنواعَِ الحُلِيِّ التي استُخدِمَتْ لتزيين الرَّقَبَةِ «القَلائِد»، وهي أنواعٌ عِدَّة، ومنها «المُنْخَنِقَة»، و«المَخانِقُ» كانت على نوعين، كما بدا في آثار العهد الأُمَوِيّ، وهذان النّوعان هما:
- سَمْطُ واحدٌ من الأحجار، أو الخَرَز، ظَهَرَ في رسم سيدةٍ ضِمنَ رسومٍ «قُصَيِّرِ عُمْرَةَ» الجِدارِيَّة.
- دَلايَةٌ على هيئةِ وُرَيْقَةٍ نَباتِيَّةٍ تُشَدُّ على الرَّقبةِ بواسطة شريطٍ أو خَيْط. وظَهَرَ هذا النّوع أيضاً في رَسْمِ سيّدةٍ أخرى كان يُزَيِّنُ بعضَ جدرانِ «قُصَيِّرِ عُمْرَة»(69).
وقد عُثِرَ أيضاً في آثار العهد الأُمَوِيِّ الفَنِّيَّة، في «قُصَيِّرِ عُمْرَةَ» وغيرِه من القُصورِ الأُمَوِيَّة، على الكثيرِ من الرُّسوم النِّسائيَّة التي تَتَحَلّى صاحِباتُها بأطواقٍ بسيطةٍ في مَظْهَرِها(70).
مالِكو الحُلِيّ:
تعدَّدَ مالِكو الحُلِيّ في العهد الأُمَوِيّ، فمنهمُ الحُكّامُ ومنهمُ العامّة، ومنهمُ الرِّجالُ ومنهمُ النِّساء، وفيما يلي نماذج عن هذه الحُلِيِّ ومالِكيها:
1. كان من زينَةِ بعضِ الرِّجالِ في العهد الأُمَوِيِّ قِلادَةٌ مَصنوعَةٌ من وَدَعٍ(71) وعِظامٍ وخَزَف، ومن طرائف هذا النّوع من القَلائِدِ ما حصل معَ «هَبَنَّقَةَ» أحَدُ بَني قيسِ بن ثَعْلَبَة، فقد كان أحْمَقاً وبلغَ من حُمْقِهِ أنَّه جَعَلَ في عُنُقِهِ قِلادَةً من هذه القلائِد، المصنوعة من وَدَعٍ وعِظامٍ وخَزَف، وقال: «أخشى أن أضِلَّ نَفْسي، ففعلتُ ذلك لأعْرِفَها به». فحُوِّلَتِ القِلادَةُ ذاتَ ليلةٍ من عُنُقِهِ لعُنُقِ أخيه، فلمّا أصْبَحَ قال: «يا أخي، أنتَ أنا، فمَنْ أنا؟»(72).
2.  كانت حِلْيَةُ إحدى النِّساء تُسمّى «بُدْنَةَ(73) عَبْدَة»، وكان في ظَهْرِها وصَدْرِها خَطّانِ ياقوت(74)، وباقيها من الدُّرِّ الكِبار، وكانت هذه الحِلْيَةُ وَبالاً على صاحِبَتِها «عَبْدَةَ» زوجةِ «هشامِ بن عبد الملِكِ» لأنّها كانت سبباً في قتلها. فقد ذَكَرَ «أصحابُ التَّواريخِ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ يزيدَ بنَ مُعاوِيَةَ بنَ أبي سُفْيانَ ماتَ وخَلَّفَ عاتِكَةَ بنتَ يزيد، وكانت تحت عبدِ الملِكِ بن مروان(75). فلمّا ماتت عاتِكَةُ أوْصَتْ بأنْ يُفَرَّقَ مالُها على أولادِ أخيها، فقَسَمَ عبدُ الملِك تَرِكَتَها بينَ عُشامَةَ وعَبْدَة، فتَزَوَّجَ عبدُ الملِكِ عُشامة، وتَزَوَّجَ هشامٌ عَبْدَة، فرآها يَوْماً هشامُ وقد أَلْقَتْ حُلِيَّها، وإذا في نَحْرِها خالٌ، فبَكى وقال: لأَنْتِ هي؟ فقالت: وما معنى هذا القول؟ فقال: إنّا نَرْوي أنَّ امْرَأَةَ خليفةٍ وابْنَةَ خليفةٍ في جيدِها خالٌ تُذْبَحُ كما تُذْبَحُ الشّاة. فقالت: لا يَجْزيكَ الله، إنْ كانَ الأمرُ صَحيحاً، فلا حيلَةَ لي في دَفْعِ القَضاء، وإنْ لَمْ يَكُن، فلا مَعْنى لتَعْجيلِ الهَمّ. فلَمّا قَتَلَ عبدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ بَني أُمَيَّةَ، واسْتَباحَ أموالَهُم أخَذَ بُدْنَةَ عَبْدَة، وبَعَثَ بجَواهِرَ إلى السَّفّاح، فعَرَضَها على امْرَأَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ بنتِ يَعْقوبَ المَخْزومِيَّة، فقالت: ما لي لا أرى بُدْنَةَ عَبْدَة؟
فكتبَ إليه بذلك وأمَرَهُ بإنفاذِ بُدْنَةِ عَبْدَة، فأنْفَذَ إليه بُدْنَةً وزَعَمَ أنَّها هي. فعَرَضَها على امرأته، فقالت: ليست هي، هذه بُدْنَةُ الرّائِقَةِ جارِيَةِ هشام، وحَبَّةٌ واحِدَةٌ من بُدْنَةِ عَبْدَةَ أفضَلُ من هذه كُلِّها، وعلامَتُها أنَّ في ظَهْرِها وصَدْرِها خَطَّيْنِ من كِبارِ الياقوتِ الأحمر، فكتبَ أبو العبّاسِ إلى عبدِ اللهِ يَعْزِمُ عليهِ في البَعْثِ ببُدْنَةِ عَبْدَة، فكتبَ إليه أنَّه لا يَعْرِفُها.
فقالت أُمُّ سَلَمَةَ لأبي العبّاس: مُرْهُ يبعثُ لنا بعَبْدَةَ فهي تَعْرِفُ أينَ بُدْنَتُها. فكتبَ إليه بذلك، فكَرِهَ أن يبعثَ بعَبْدَةَ لِئَلاّ تُقِرَّ عليه، ولم يَجِدْ بُدّاً، فبعثَ بها ودسَّ بعضَ أجنادِه، وقال: إذا صِرْتَ بمَوْضِعِ كذا فاقْتُلوها. فلمّا صارَتْ بمَوْضِعٍ من طريقِ الشّامِ يُعْرَفُ اليومَ بجُبِّ عَبْدَة، وأرادوا قَتْلَها، قالت لَهُم: إنْ كُنْتُمْ عَزَمْتُمْ على هذا، فاتْرُكوني حتّى أُصَلّي وأَسْتَتِر. فتَركوها فصَلَّتْ، وشَدَّتْ إزارَها على يَدَيْها ورِجْلَيْها وأبْرَزَتْ لهُم نَحْرَها فذَبَحوها. وكتبَ عبد اللهِ إلى السَّفّاح: إنّي أَنْفَذْتُ عَبْدَةَ فقَتَلَها بعض الأعْرابِ بالطّريق. فلمّا أوْقَعَ أبو مُسْلِمٍ الخُراسانِيُّ بعبدِ اللهِ وهَرَبَ منه، وأخَذَ مالَهُ وأنْفَذَهُ إلى المَنْصور، أخَذَ البُدْنَة، فكانت في خَزائِنِ العَبّاسِ إلى أنْ صارَتْ إلى زُبَيْدَةَ بنتُ جَعْفَر، ثمَّ بَعَثَ بها المُتَوَكِّلُ إلى ابنةِ عبدِ اللهِ بن طاهِرٍ التي زَوَّجَها من المُعْتَزِّ وَلَدِه(76).
3.  تفاوَتَتْ قيمة الحُلِيِّ من حيث مادَّتِها وصِناعتِها، ووصَلَ الأمرُ ببعضها إلى أنَّه لم يُمكِنْ تَقْديرُ ثمنِها لنَفاسَتِها. ومن هذه الحُلِيّ:
- قيل: «إنَّ قِرْطَيْ مارِيَةَ بنتِ ظالِمِ بنِ وَهْبِ بنِ الحَرْثِ بنِ مُعاوِيَةَ كان فيهِما دُرَّتانِ كبَيْضِ الحَمام، لم يُرِ مِثْلُهُما، ولم يُدْرَ قيمَتُهُما»(77).
- وقال محمّد رسول يوسف بن عمر: «بعثَني يوسفُ بن عُمَرَ إلى هشامٍ بياقوتَةٍ حمراءَ يخرجُ طَرَفاها من كَفّي، كانت للرّائِقَةِ جارِيَةِ خالدِ بن عبدِ اللهِ القَسْرِيّ، اشْتَرَتْها بثَلاثَةٍ وسَبْعينَ ألفِ دينار، وحَبَّةِ لُؤْلُؤٍ أَعْظَمَ ما يكونُ من الحَبّ. فدخَلْتُ عليه بهما فقال: اكتُبْ معكَ بوَزْنِهِما. فقلت: يا أميرَ المؤمنين، هُما أَعْظَمُ مِن أنْ يُكتَبَ بوَزْنِهِما، فقال: صَدَقْت»(78).
4. بعث معاويةُ رضي الله عنه إلى أُمِّ المؤمنين السيدة عائشةَ رضي الله عنها طَوْقاً من ذَهَبٍ فيه جَوْهَرَةٌ قُوِّمَتْ بمائَةِ ألفِ دينار، فقَسَمَتْهُ بينَ أزواجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم(79).
5. كان ملكُ العربِ كُلَّما مَرَّتْ عليه سنةٌ من سِني مُلْكِهِ زيدَتْ في تاجِهِ خَرْزَة، وكان يُقالُ لها: خَرْزاتُ المُلْك"(80).
6. حينما تَوَلّى عمرُ بن عبد العزيز رحمه الله الخلافة طلب من زوجته فاطمةَ بنت عبد المَلِكِ أن تتنازَلَ عن حُلِيِّها لبيتِ المال، لاعتقادِهِ بأنَّ طريقة حصولها عليها لم تَكُنْ شرعِيَّة، وخَيَّرَها بينه وبين تلك الحُلِيّ، فاخْتارَتْهُ وكانت عَوْناً له على الخَيْر. ولمّا مات قال لها أخوها هشامُ الذي تولّى المُلْكَ بعده: «إنْ شِئْتِ اسْتَعَدْتِ حُلِيِّكِ من بيت المال»، فقالت: «لستُ أُطيعُهُ حَيّاً وأُخالِفُهُ مَيْتاً».
7. بَلَغَ عمرَ بن عبد العزيز رحمه الله أنَّ ابنَهُ اشترى فُصَّ خاتَمٍ بألفِ دينار، فكتبَ إليه: «عَزَمْتُ عليكَ إلاّ ما بِعْتَ خاتَمَكَ بألفِ دينارٍ وجَعَلْتَها في بَطْنِ جائِع، واسْتَعْمِلْ خاتَماً من وَرِقٍ وانْقُشْ عليه: رَحِمَ اللهُ امْرَأً عَرَفَ قَدْرَ نَفْسِه»(81).

5 . 2 . نماذج من الحُلِيِّ في العَهْدِ العبّاسِيّ:
 أنواع الحُلِيّ:
تطَوَّرَتْ صِناعَةُ الحُلِيِّ في العهد العبّاسِيّ، فاسْتُخْدِمَ اللُّؤْلُؤ، والياقوت، والمَرْجان، والعَقيق، والزُّمُرُّدُ أو الزَّبَرْجَد، والفَيروز، والوَدَع، مع الذَّهب والفضَّة(82).
وكان من أنواعِ الحُلِيِّ المستخدَمَةِ في العهد العبّاسيّ: «التّيجان»، ومما ذُكِرَ في هذا الشَّأن أنَّ الرَّشيدَ جَهَّزَ زُبَيْدَةَ، بالإضافة إلى الجَوْهَرِ والحُلِيّ، بعَدَدٍ من التّيجان. وتَدُلُّ الإشاراتُ التّاريخيّة إلى أنَّ «التّاجَ» اسْتُعْمِلَ كحِلْيَةٍ نسائيَّةٍ طيلَةَ العصر العبّاسيّ، ومِن تلك الإشارات ما ذُكِرَ عن جارِيَةٍ عُرِضَتْ أمام المأمون كان على رأسها تاجٌ من الذَّهَب. وذُكِرَ أيضاً أنَّ الخليفةَ القائِمَ بأمْرِ اللهِ أرسلَ إلى خديجةَ أرْسَلان، حوالَيْ سنة 400 هـ/1009 م، تاجاً مُرَصَّعاً بالجَوْهَر. و«تَمَيَّزَتْ أغلبُ التّيجانِ النِّسائيَّةِ بأنَّها تُغَطّي الرَّأْس، أو الجُزْءَ العُلْوِيَّ منه، بشكلٍ تامّ. كما تَمَيَّزَتْ ببُروزٍ جانِبِيَّةٍ شبهَ مُدَبَّبَةٍ وببُروزٍ وَسَطِيٍّ مُشابِه. وفي كثيرٍ من الأحيانِ نجدُ أنَّ البُروزَ الوَسَطِيَّ أعْلى قليلاً من البُروزَيْنِ  الجانِبِيَّيْن. وطبيعيٌّ أن نَجِدَ أنواعاً عديدةً من التّيجانِ النِّسائيَّةِ، ومختلِفٌ بعضُها عن البعض. فبينما نجدُ أنَّ بعضها بسيطةٌ في مَظْهَرِها، نجدُ أنَّ البعضَ الآخَرَ منها على جانبٍ كبيرٍ من التَّعقيد. كما أنَّ الكثيرَ من رُسومِ تلكَ التّيجانِ مُزَيَّنَةٌ بما يَرْمِزُ إلى الأحجارِ الكريمَةِ من لآلِىءَ وغيرها»(83).
كما كان من أنواع الحُلِيِّ أيضاً حُلِيُّ الآذان، من «الأقراطِ» و«الشُّنوفِ» التي كانت تُزَيَّنُ بـ «البَلْخَش(84)، إضافَةً إلى الدُّرِّ والياقوت».
ومن أنواع الحُلِيِّ أيضاً: «القَلائِد»، وهي من أنواع الحُلِيِّ الرّئيسَةِ عند المرأة في جميع العُهودِ الإسلاميَّة. وكانتِ القَلائِدُ في العهدِ العبّاسيِّ على أنواعٍ عديدة، ومنها:
1. المُنْخَنِقَة: هي قِلادَةٌ ضَيِّقَة تَلْتَصِقُ بالرَّقَبَة، ويبدو أنَّ هذه التَّسْمِيَةَ جاءت من الخَنْق.
2. الطَّوْق: هو حِلْيَةٌ مُستديرةٌ تُحيطُ بالعُنُق(85).
3. العِقْد: هو خَيْطٌ يُنْظَمُ فيه اللُّؤْلُؤُ والخَرَز، ويُعْقَدُ حولَ الرَّقَبة. أمّا النِّظامُ فهو «كُلُّ شَيْءٍ مَنْظوم»(86).
4. البَريم: هو خَيْطانِ مُخْتَلِفانِ: أحْمَرُ وأبْيَضُ، مُزَيَّنانِ بالجَوْهَر، تَشُدُّهُما المرأةُ على وَسْطِها وعِقْدِها(87).
5. الخاتَم: تَنَوَّعَتْ فُصوصُ الخواتيم المستَعمَلَةِ في العهدِ العبّاسيّ، ومن هذه الخواتيم:
- المَجْنيد: يُشيرُ اسم هذا الخاتَم إلى أنَّه قد قُطِعتْ على شَكْلِ زَهْرَةٍ قبلَ أن تَتَفَتَّح، وذُكِرَ أنَّه كان للخَيْزَرانِ خاتَمٌ بهذا الشّكل من الياقوت الأحمر.
- المِنْقار: لعلَّ هذا الخاتَم سُمِّيَ بهذا الاسم لشَبَهِهِ بالمِنْقار من حيثُ تَدَبُّبِ وانْحِناءِ شَكْلِه، وكان للمُتَوَكِّلِ خاتَمٌ فيه فُصٌّ من هذا النّوع.
- الجَبَل: لعلَّ هذا الخاتَم سُمِّيَ بهذا الاسم لِكِبَرِه، أو لِتَقَبُّبِهِ مع ضَخامَةٍ غيرِ معهودَةٍ في فصوص الخواتيم، وكان لدى الرَّشيدِ فُصٌّ من هذا النّوع(88).
وكان للخليفةِ المأمونِ صندوقٌ «أوْدَعَهُ خواتِمَ الخلفاءِ جميعاً، من العَباسِيّينَ والأُمَوِيّينَ والخلفاءِ الرّاشِدين، ومَنْ كان يَقومُ بدَعْوَةِ الخَوارِجِ بَعْدَهُم، وفي صَدْرِ الدَّوْلَتَيْن، فكان جامِعاً لجميع خواتِمِهِم إلاّ خاتَمَ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، الذي ضاعَ من عثمانَ في بِئْرِ أريس»(89).
ولم تَقْتَصِرِ الحُلِيِّ على النِّساءِ في العهدِ العبّاسيّ، بل كانت تَظْهَرُ في مواكِبِ الخُلفاءِ أيضاً، ومن ذلك ما ظهر في موكبِ المنصورِ في خروجه إلى الحجّ. وفي ذلك ورد أنَّه «لمّا صارَتِ الشّمسُ على ارتفاعِ قامَة، وقد غَصَّتْ بالنّاسِ المواقِف، وضاقَتْ بهِمُ السّاحات، ضُرِبَ البوقُ إيذاناً برُكوبِ الخليفة، ثمَّ لم يَلْبَثْ أنْ أقْبَلَ مُرْتَفِعاً على فيلٍ أبيضَ قَدِ اسْتَرْسَلَت عليه الفِضَّةُ في الحِلْيَةِ الثَّقيلة، وهو جالِسٌ في هَوْدَجٍ مُنَزَّلٍ(90) بالأصدافِ اللاّمِعَة، وعلى القُبَّةِ أسْتارٌ من الدّيباجِ يَتَخَلَّلُها رُسومٌ من الذَّهَب، وفي يده قضيبُ الخِلافة وفي الأخرى الخاتَم، وعليه جُبَّةُ وَشْيٍ من فَوْقِها بُرْدَةٌ خَضراءُ للنَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم»(91).
مالِكو الحُلِيّ:
كان للمجوهرات والزّينة حَظْوَةٌ عند النّاس في العهد العبّاسيّ، خاصَّةً عند الأثرياء منهم، ولا سِيَّما عند أفراد الطَّبقة الحاكِمَة. وفيما يلي نماذج عن هذه الحُلِيِّ ومالِكيها:
1.  قيلَ لأُمِّ جعفرٍ البَرْمَكِيّ، وهي بالكوفةِ في يومِ أضْحى، بعد نكبةِ البَرامِكَةِ في عهد الرّشيد: ما أعجبُ ما رأيتِ؟ فقالت: «لقد رَأَيْتُني في مثلِ هذا اليوم وعلى رَأْسي مِئَةُ وَصيفَة، لَبوسُ كُلِّ واحِدَةٍ منهنَّ وحَلْيُها خِلافُ لَبوسِ الأُخْرى وحَلْيِها، وأنا في يَوْمي هذا أشْتَهي لَحْماً، فما أَقْدِرُ عليه»(92).
2. أعَدَّ الرَّشيد عند زواجِه من زُبَيْدَةَ ما لم يُعَدَّ لامرأةٍ من قبلُ من الجوهرِ والحُلِيِّ والتّيجانِ وقِبابَ الفِضَّةِ والذَّهَب(93).
3. حُمِلَتْ إلى الرَّشيد «الدُّرَّةُ اليَتيمَة»، وسُمِّيَت بذلك لأنَّها لم يوجَدْ لها نَظير، حَمَلَها إليه مسلمُ بن عبدِ اللهِ العِراقِيّ، فباعَها عليهِ بتسعينَ ألفَ دينار(94).
4. أهدى بعضُ ملوكِ الهند إلى الرّشيدِ قَضيبَ زُمُرُّدٍ أطْوَلَ من ذِراع، وعلى رأسهِ تمثالُ طائِرِ ياقوتٍ أحمر، لا قَدْرَ لهُ نَفاسَة، وقُوِّمَ هذا الطّائِرُ على حِدَتِهِ بمائَةِ ألفِ دينار(95).
5. دَفَعَ مُصْعَبُ بن الزُّبَيْر، حينَ أحَسَّ بالقتل، إلى مَوْلاهُ زيّادٍ فُصّاً من الياقوتِ الأحمرِ وقال له: بَخٍ بهذا، وكانت قيمتُهُ ألفَ ألفِ دِرْهَم. وسقط هذا الخاتَمُ من يدِ الرَّشيدِ في أرضٍ كان يَتَصَيَّدُ فيها، فاغْتَمَّ لفَقْدِه، فذُكِرَ لهُ فُصٌّ ابْتاعَهُ «صالِحٌ» صاحبُ المُصَلّى بعشرينَ ألفَ دينار، فأحْضَرَهُ ليكونَ عِوَضاً عمّا سَقَطَ منه، فلَمْ يَرَهُ عِوَضاً عنه(96).
6. بَلَغَ عددُ السّراري والقِيانِ في دار الرّشيدِ «زُهاءَ أَلْفَيْ جارِيَةٍ يَرْفُلْنَ في أحْسَنِ زِيٍّ مِن كُلِّ نَوْعٍ من أنواعِ الجواهرِ والوَشْيِ المُذَهَّب»(97).
7. كانت «الجواري من خَدَمِ الهاشِميّاتِ يَتَقَلَّبْنَ في أطيبِ العيشِ والنَّعيم، ويتَّخِذْنَ العَصائِبَ مُكَلَّلَةً بالجوهرِ اقْتِداءً بعُلَيَّةَ أختِ الرَّشيد، إذ كانتْ أوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ العَصابَةَ لعَيْبٍ في جبينِها، فسَتَرَتْهُ بها، فكانَ أحسنَ ما ابْتَدَعَتْهُ النِّساء»(98).
8. صَرَفَ «المأمونُ من الحُلِيِّ والجواهِرِ عند زَواجِهِ من بورانَ بنتِ الحَسَنِ بنِ سَهْلٍ أمْوالاً طائِلَة، فقد فَرَشَ لها حَصيراً مِن الذَّهَب، ونَثَرَ على مَنْ حَضَرَ من النِّساءِ كِبارَ الدُّرّ»(99).
9. وَهَبَ المأمونُ للحَسَنِ بن سَهْلِ عِقْداً قيمتُهُ ألفُ ألفِ درهم(100).
10. قُوِّمَ الجوهرُ الذي سَلِمَ من النَّهْبِ عند فتنةِ المأمونِ بألفِ ألفِ ألفٍ ومائَةِ ألفٍ وسِتَّةَ عَشَرَ ألفَ دِرْهَم(101).
11. ذُكِرَ أنّ جاريةَ المُتَوَكِّلِ أهْدَتْهُ هَدِيَّةً كانت سَبَباً في قَتْلِها، وتفصيلُ ذلك أنّ «من طرائِفِ الهَدايا ما أهْدَتْهُ «شَجَرَةُ الدُّرِّ» جاريةُ المُتَوَكِّلِ، وكان يَميلُ إليها مَيْلاً كَبيراً ويُفَضِّلُها على سائِرِ حَظاياه، فلمّا كان يومُ المِهْرَجانِ أهدى إليهِ حَظاياهُ هَدايا نَفيسَةً واحْتَفَلْنَ في ذلك. فجاءتْ «شَجَرَةُ الدُّرِّ» بعشرينَ غَزالاً تَرْبِيَة، عَلَيْهِنَّ عِشرونَ سِراجاً صينِيّاً، على كُلِّ غَزالٍ خَرْجٌ صغيرٌ مُشَبَّكٌ حَرير فيه المِسْكُ والعَنْبَرُ والغالِيَةُ وأصنافُ الطّيب، ومعَ كُلِّ غَزالٍ وَصيفَةٌ بمِنْطَقَةٍ ذَهَب، وفي يدها قَضيبٌ ذَهَبٌ في رأسهِ جوهرة. فقال المُتَوَكِّلُ لحَظاياه، وقد سُرَّ بالهدِيَّة: ما فيكُنَّ مَنْ تُحْسِنُ مثلَ هذا وتَقْدِرُ عليه. فحَسَدْنَها وعَمِلْنً على قتلِها بشيءٍ سَقَيْنَهُ لها فماتت»(102).
12. كان للمُتَوَكِّلِ فُصُّ ياقوتٍ أحمر، وَزْنُهُ سِتَّةُ قَراريط، اشْتَراه بسِتَّةِ آلافِ دينار، وكانتْ له سُبْحَةٌ فيها مائَةُ حَبَّةِ جَوْهَر، وَزْنُ كُلِّ حَبَّةٍ مِثْقال، اشْتُرِيَتْ كُلُّ حَبَّةٍ منها بألفِ دينار(103).
13. ذُكِرَ أنَّ الخليفةَ المُعْتَضِدَ باللهِ كان قد أهدى في سنة «280هـ/ 893 م» إلى خَمارَوَيْهِ كيساً من الجوهر، مِن جُمْلَةِ ما فيه دُرٌّ وياقوتٌ وأنواعٌ من الجواهر(104).

5 . 3 .نماذجُ من الحُلِيِّ في العَهْدِ اليَمَنِيّ:
 أنواع الحُلِيّ:
انْتَشَرَتِ الحُلِيُّ اليَمَنِيَّةُ في سائر الأصقاعِ الإسلاميّة، وتعدَّدَت أنواعها، ووَرَدَ ذِكْرُ بعضِ هذه الأنواعِ في وَصِيَّةٍ من العهدِ الرّسوليّ، هي وَصِيَّةُ المَلِكَةِ الحُرَّةِ الصُّلَيْحِيَّةِ سَيِّدَةُ بنتُ أحمد، التي تَرَكَتْ بمُقْتَضاها كُلَّ ما تَمْلِكُهُ من جواهرَ وحُلِيٍّ إلى الإمام الطَّيِّبِ، وذلك في سنة «531هـ/1136م». وقد شَمِلَتِ الأشياءُ الموصوفةُ في الوَصِيَّةِ ما يلي:
1. العَصائِب: كانت تُصنعُ من الذَّهَب، وكانت تُحَلّى بالياقوتِ واللُّؤْلُؤ، وبَلَغَ وَزْنُ بعضِها سبعون مثقالاً.
2. الدُّرَرُ والأفْلال: كانت تُحَلّى بفَرائِدَ ذَهَب.
3. الضَّبَب: كان بعضٌ منها يُحَلّى بفَرائِدَ ذَهَبٍ إلى جانِبِ اللُّؤْلُؤِ والخَرَز.
4. المَداري: كان فيها ألواحُ ذَهَب، وهِلالُ ذَهَب، وبَلَغَ عددُ حبّاتِ اللُّؤْلُؤِ فيها ألفاً وتِسْعُمائَةِ لُؤْلُؤَةٍ وثَمانٍ وثَمانونَ لُؤْلُؤَة، وبَلَغَ وَزْنُ الجميعِ من ذلك مائَةُ مِثْقالٍ وواحِدٌ وتِسعونَ مِثْقالاً.
ومن أنواعِ الحُلِيِّ الأنواع التالية:
1. تَنَوَّعَتْ أعمالُ اللُّؤْلُؤِ واتَّخَذَتْ مُسَمَّياتٍ مختلفةٍ منها: قَمارى لُؤْلًؤ، لازِمُ لُؤْلُؤ، شَيّالُ لُؤْلُؤ، دَمْلَجُ لُؤْلُؤ، شَماريخُ لُؤْلُؤ، وكان في بعضِها ألواحُ ذَهَبٍ وياقوت.
2. الذُّبابَةُ والجَديلَة.
3. أساوِرُ برُؤوسٍ ذَهَب.
4. خَلاخيلُ برُؤوسٍ ذَهَب.
5. شَبَكَةُ إبْرَشيمَ مَنْظومَةٍ باللُّؤْلُؤِ ومُكَلَّلَةٍ بالذَّهَب.
6. تاجٌ مُرَصَّعٌ بالياقوتِ والدُّرَر.
7. أساوِرُ ذَهَبٍ مَزْروعَةٍ أو مَفْتولَةٍ أو مُفَصَّصَة.
8. دُقَقُ ذَهَب، كِبارٌ وصِغار، وبعضُها من عَمَلِ الهِنْد.
9. لوازِمُ ذَهَبٍ دُخْنِيَّة.
10. خواتيمُ ذَهَبٍ بعضُها من عَمَلِ الهِنْد.
11. أخراصٌ من الذَّهَب(105).
ولعلَّ من أبرَزِ مُسَمَّياتِ الحُلِيِّ الذَّهَبِيَّةِ والفِضِّيَّةِ في أوائِلِ ذلك العهدِ «690-695هـ»/«1291-1295م». المُسَمَّياتُ التّالية:
1. مُسَمَّياتُ الحُلِيِّ الذَّهَبِيَّة: العَصابة، الكَلابَنْد، والمَرابِط، قِبْلَةُ اللاّزِم، الشَّمّاس، المارّ، لازِمُ الحَلْق، السِّوار، الدَّسْتَينقات، الخَلاخيل، الأحْجال، الحُزاق، الأخْراص، المُرَكَّبَة، الجَمايِن، السَّلاليق، البَدْبَدات، الحَسَك، البَريم، الخَواتِم، زَيْنُ الخَدّ، القُفّازَة، السَّلوس، المُصْحَف، الشَّعْرِيَّة، الشَّمْسَة، الحَيّاصَة.
2. مُسَمَّياتُ الحُلِيِّ الفِضِّيَّة: الحَجَل، الحَجّالَة، الأخْراص، الإسْوِرَة. وكان من أنواع الأساوِرِ إسْوِرَةٌ سُمِّيَتْ «قُبورُ العُشّاق»، أما الحُجولُ فكانت تُصْنَعُ برَأْسِ أو رَأْسَيْ ثُعْبانٍ مُتَقابِلَيْن، «حَجَلٌ بثُعْبانٍ» وأخرى بدون ذلك. كما كانت هناك أيضاً حُلِيٌّ أخرى، منها:
 - «زَيْنُ الخَدّ»، ويبدو أنَّها سُمِّيَتْ كذلك لأنَّها كانت تَتَدَلّى من الرَّأْسِ على الخَدّ.
 - «أبو زُرَيْق»، والتَّسْمِيَةُ هي لثُعْبانٍ سامّ(106).
 صُنّاعُ الحُلِيّ:
كان من أبْرَزِ صُنّاعِ الحُلِيِّ في العاصمةِ اليَمَنِيَّةِ في ذلك العَهْد: ابن شَرَف، عِيالُ الأَعْجَمِ وكانا اثْنان، يَهودِيُّ اسمه سالِم، محمّدُ بن عَلِيِّ بن عِمْرانَ وكان يعْمَلُ في ذِمار، منصورُ محمّدُ بن خِوانِ السَّكاكينِيّ. وتَخَصَّصَ بعضُ صُنّاعِ الحُلِيِّ في صِناعَةِ نوعٍ مُعَيَّنٍ من الحُلِيّ، أمثالَ يحيى بوساني، الذي تَخَصَّصَ في صُنْعِ قَلائِدِ الصَّدْرِ الفِضِّيَّة التي كانت تُصْنَعُ بالأسْلاك، أو ما يُسَمّى «الشَّبَك»، وصارَتْ تُعْرَفُ بالبوسانيِّ نِسْبَةً إليه. كما تَخَصَّصَ صُنّاعٌ آخَرونَ في «الكَحّال»، وهي أعمالُ النَّقْشِ والكتابةِ على الحُلِيِّ والأدواتِ الذَّهَبِيَّة والفِضِّيَّة، أمثالَ عَلِيَّ بن مَأْمونٍ وأخوهُ محمّد(107).
وكانتِ الزَّخارِفُ الكتابيَّةُ «الكَحّالُ» تُنْقَشُ على المُنتَجاتِ الذَّهَبِيَّةِ أو الفِضِّيَّةِ بطريقةِ الصَّبّ. وهي إمّا أن تكونَ بارِزَةً «مُنْبَتَةً» وتُنَفَّذُ بواسطة قالِبٍ سَبَقَ إعْدادُهُ وحُفِرَتِ الكتابةُ المطلوبةُ عليه، وإمّا أن تكونَ مُنَفَّذَةً على أَرْضِيَّةٍ غيرِ بارِزَةٍ وتُسَمّى «قَلْعٌ ودَفْن»(108).

5 . 4. نماذج من الحُلِيِّ في العَهْدِ الفاطِمِيّ:
 أنواعُ الحُلِيّ:
تَنَوَّعَتْ صناعة الحُلِيِّ في العهد الفاطِمِيّ، فتمََّتْ صِناعتُها من الذَّهَبِ والفِضَّة والنُّحاس. وكان من حُلِيِّ ذلك العهد: دَلَّاياتٌ وخَواتِمُ وأقْراطٌ ذَهَبِيَّةٌ وفِضِّيَّةٌ وقَلائِدُ وأساوِرُ ودَمالِجُ وخَلاخيل. وتوجدُ نماذجُ من هذه الحُلِيِّ في «متحفِ الفَنِّ الإسلاميِّ» بمدينة القاهرة في مِصْر، و«متحفِ المِتْروبوليتان» بمدينة نيويورك في الولاياتِ المُتَّحِدَةِ الأميرِكِيَّة، و«المتحفِ الوطنِيِّ» بمدينة دمشق في سوريا، و«دارِ الآثارِ الإسلاميَّةِ» بمدينة الكُوَيْت في الكُوَيْت، و«قَصْرِ بارْجِلّو» بمدينة فْلورَنْسا بإيطاليا، و«متحف بَناكي» بمدينة أثينا في اليونان(109).
وكان من الأقْراطِ التي تعودُ إلى العهدِ الفاطِمِيّ، والمصنوعَةِ في مِصْر، تلك التي شَكْلُها نِصْفُ دائِرِيٍّ والزَّخْرَفَةُ فيها مُفْرغة، وقَوامُها مَراوِحُ نَخيلِيَّةٌ خُماسِيَّةُ الفُصوصِ وُضِعَتْ بصُفوفٍ متعاكِسَة، تُحيطُ بها أشْرِطَةٌ مُؤَلِّفَةً دوائِرَ وُضِعَتْ بصُفوفٍ متعاكِسَة، تُحيطُ بها أشرِطَةٌ مُؤَلَّفَةٌ من دوائِرَ صغيرَةٍ مُفْرَغَة(110).
صِناعَةُ الحُلِيّ:
تَمَّتْ صِناعَةُ الحُلِيِّ وزَخْرَفَتُها في العهد الفاطمي بعِدَّةِ طُرُق، منها:
1. التّشْبيك المعروفةِ باسمِ «الشَّفْتيشي»: يَتِمُّ إعدادُ أسلاكٍ دقيقةٍ من الذَّهَبِ أو الفِضَّة، ثمَّ تُشَكَّلُ منها أشكالٌ متنوِّعَةٌ يَرْبِطُ بينها لِحامٌ خاصٌّ يُثَبَّتُ فوقَ صفائِحَ دقيقةٍ من المَعْدَنِ لتَقْوِيَةِ قطعةِ الحُلِيّ، وتُتْرَكُ الزَّخارِفُ مُفْرَغَةً بلا تَصْفيح.
2. الحَزُّ، والحَفْرُ، والتَّرْصيعُ بالأحجارِ الكريمةِ، والتَّنْزيلُ بالمَيْنا(111): يَتِمَّ سَحْقُ أكاسيدَ مَعْدَنِيَّةٍ مُخْتَلِفَةٍ وتُخْلَطُ معَ قِطَعٍ صغيرةٍ من الزُّجاج، ثمَّ تُخْلَطُ بمادَّةٍ زَيْتِيَّةٍ، ثمَّ تَتَحَوَّلُ إلى مَحْلولٍ بواسِطَةِ الصَّهْرِ في درجةِ حرارَةٍ مُعَيَّنَة، وتختلفُ ألْوانُها باختلافِ الأكاسيدِ التي تُسْتَعْمَلُ فيها.
وكانت هناك طريقتان للزَّخْرَفَةِ بالمَيْنا:
1. مَيْنا الفُصوص: تَتِمُّ بصَبِّ المَيْنا السّائِلَةِ في فُصوصٍ مَعْدَنِيَّةٍ صغيرةٍ أشبَهَ بالقوالِبِ الصَّغيرَة، وبعدَ حَرْقِها في أفْرانٍ خاصَّةٍ تُلْصَقُ على سطحِ قِطْعَةِ الحُلِيّ.
2. مَيْنا الحَفْر، أو الكَشْط: تَتِمُّ بحَفْرِ العناصِرِ الزُّخْرُفِيَّةِ حَفْراً عَميقاً على قِطْعَةِ الحُلِيِّ المُرادِ زَخْرَفَتُها، ثمَّ تُصَبُّ المَيْنا في الأماكِنِ المحفورَةِ، وتُحْرَقُ في فرنٍ خاصٍ لتثبيتِ المَيْنا، وهذه الطَّريقَةُ هي الأسهلُ تَناوُلاً(112).
مالكو الحلي:
«وُجِدَ في تَرِكَةِ السيدة بنتُ المُعِزِّ العُبَيْدِيِّ طِسْتٌ وإبريقٌ من البِلَّوْر، ومِدْهَنُ ياقوتٍ أحمرَ وزنُهُ تسعةٌ وعشرونَ مِثْقالاً. وكان النّاس يَسْتَعْظِمونَ الطِّسْتَ والإبريقَ إلى أن قُبِضَ على أبي محمّدٍ البازورِيِّ وزيرِ المُسْتَنْصِرِ العُبَيْدِيّ، فوُجِدَ عندهُ تِسْعونَ طِسْتاً بأباريقِها من صافي البِلَّوْر وجَيِّدِه، كِباراً وصِغاراً، فهانَ عليهِمْ ما اسْتَعْظَموه»(113).

5. 6 . نماذجُ من الحُلِيِّ في العَهْد ِالعُثْمانيّ:
 أنواعُ الحُلِيّ:
اسْتُعْمِلَتِ الحُلِيُّ في العهدِ العُثْمانِيّ، شأنَ العهودِ السّابقة، وتَزَيَّنَتِ المرأةُ بأنواعِ الحُلِيِّ والمجوهراتِ في العُنُقِ والأُذُنَيْنِ والمِعْصَم وغيرها، ومن هذه الحُلِيّ: الأقراصُ الذَّهبيَّة، والأقراصُ المُرَصَّعَةُ بالماس، والرّيشاتُ الذَّهَبِيَّةُ التي اسْتُعْمِلَتْ لتَزْيينِ الشَّعْر، وكانت هذه الحُلِيُّ تُحْفَظُ في صُندوقٍ يُسَمّى "شَكْمَجِيَّة".
ومن نماذجِ الحُلِيِّ في ذلك العهد:
1. الأساوِر: تعدَّدَتْ أنواع الأساوِر، ومنها:
- إسْوِرَةٌ من ذَهَب، مُكَوَّنَةٌ من قِطَعٍ مُرَبَّعَةِ الشَّكْل، ومُزَخْرَفَة، وفي نِهايَتِها مِفْصَلَة.
- إسْوِرَةٌ من ذَهَب، مُكَوَّنَةٌ من شَرائِطَ رَفيعَةٍ بها حَبّاتٌ أُفُقِيَّة، ولها مِفْصَلَةٌ كَبيرَة.
- إسْوِرَةٌ من ذَهَب، مُكَوَّنَةٌ من شَرائِطَ أُفُقِيَّة، ولها مِفْصَلَة.
- إسْوِرَةٌ عَريضَةٌ من الذَّهَب، ومُزَخْرَفَةٌ بزَخارِفَ غايَةٍ في الدَّقَّةِ والجَمال.
- إسْوِرَةٌ من فِضَّة، مُكَوَّنَةٍ من شَريطَيْنِ مَجْدولَيْنِ على الطَّرَفَيْن.
2. الخَواتِم: تعدَّدَتِ أنواعُ الخَواتِم، وكان منها خاتَمٌ من فِضَّة، يَتَوَسَّطُهُ فُصُّ كَبيرٌ من العَقيقِ الأبْيَض(114).
3. القَلائِـــد: تعـــدّدت أنــواع القَلائِد، ومنـــــهــا مـــا سُـــــمِّيَ بـ «الكِرْدان»، وهو أيضاً على أنواع، ومن هذه الأنواع:
- كِرْدانٌ مَصنوعٌ من الذَّهَب، وهو عبارةٌ عن سَلاسِلَ مُتشابِكَة، تَتَدَلّى منها عُمْلاتٌ ذَهَبِيَّةٌ عُثْمانِيَّة، وفيه أحْجِبَةٌ(115) مُرَصَّعَةٌ بالفُصوص.
- كِرْدانٌ تَتَدَلّى منهُ سَلاسِلُ كثيرة، ومُزَخْرَفٌ بزَخارِفَ مُخَرَّمَةٍ غايَةٍ في الدِّقَّةِ والجَمال.
- كِرْدانٌ يَتَكَوَّنُ من دائِرَة، بها فُصوصٌ يَتَدَلّى منها سَلاسِلُ مُثَبَّتَةٌ على قِطْعَةٍ مُسْتَطيلَة، ثمَّ يَتَدَلّى منها سَلاسِلُ مُحَلاّةٍ بالعُملاتِ الذَّهَبِيَّةِ العُثْمانِيَّة.
4. الأقْراط: كان من الأقْرِاط ما يُصنَعُ من الذَهَب، ويَتَدَلّى منهُ السَّلاسِلُ والعُمْلاتُ الذَّهَبِيَّة.
5. المَصاحِف: اسْتُخْدِمَتِ المصاحِفُ الصَّغيرةُ، التي تَمَّتْ كِتابتُها بالخَطِّ الغُبارِيّ(116)، واسِطَةً للعِقْدِ في القِلاداتِ التي كانتِ النِّساءُ يُزَيِّنَّ بها نُحورَهُنّ، ووُضِعَت تلك المَصاحِـــفُ في عُلَــــبٍ صَغــــيرةٍ مـــن الفِـــضَّةِ أو الــذَّهَــبِ المُطَعَّمِ بالمينا.
6. الأحْجِبَة: كانت الأحْجِبَةُ توضَعُ في عُلَبٍ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ تَتَدَلّى من سِلْسِلَة(117).
 مالِكو الحُلِيّ:
تعدَّدَ مالِكو الحُلِيّ في العهد العُثْمانِيّ، وفيما يلي نماذج عن هذه الحُلِيِّ ومالِكيها:
1. زَيَّنَتْ بعضُ النِّساءِ مَلابِسَهُنَّ بالحُلِيّ، ومن ذلك تَزْيينُ غِطاءِ الرَّأْس، والأَحْزِمَة، والمَلابِس(118).
2. كانتِ الحُلِيُّ أحْياناً سَبَباً في تَعاسَةِ أصْحابِها، ومن ذلك ما ذَكَرَهُ الجَبَرْتِيُّ في حوادِثِ سنة 1135 هـ. في مِصْر، من أنَّ جَماعَةً من الجُنْدِ سَطَوْا وهم سُكارى، على نِسْوَةٍ من «نِساءِ الأكابِر»، كُنَّ يَتَنَزَّهْنَ عند الأزْبَكِيَّة، فسَلَبوهُنَّ ثِيابَهُنَّ وحُلِيَّهُنَ، ثمَّ جاءَ آخَرونَ ومعهُم كَبيرٌ مِنهم، فأكْمَلوا سَلْبَهُم. ويَذْكُرُ الجَبَرْتِيُّ شَيْئاً كَثيراً من الذَّهَبِ والجَوْهَر، كُنَّ يَتَحَّلْيَن به ويَضَعْنَهُ في ثِيابِهِنَّ التي نُهِبَت. وكانَ مع إحْداهُنَّ غُلامٌ سُلِبَتْ من على رَأْسِهِ طاقِيَّةٌ فيها جواهرُ وذَهَب، وسُلِبَ منها سِرْوالٌ شَبَكِيَّةٌ من الحَريرِ الأصفَر، وفي كل عَيْنٍ من الشَّبَكِيَّةِ لُؤْلُؤَة، وفي تَكَّةْ السِّرْوالِ أيضاً.
3. حينَ هَرَبَ علي بك إلى الشّام، بعدَ أنْ خَذَلَهُ أنْصارُه، أخَذَ معهُ من الأموالِ ثَمانِمائَةِ ألفِ مَحْبوبٍ(119)ذَهَباً على خَمْسَةٍ وعِشْرينَ جَمَلاً. ونَقَلَ معهُ أيضاً، من المَصوغِ والحُلِيّ، ما قُدِّرَتْ قيمَتُهُ بثلاثةِ ملايينِ مَحْبوبٍ ذَهَباً.
4. حَرَصَتِ المرأةُ العُثْمانِيَّةُ على اقْتِناءِ أدواتِ الزّينَة، ومنها المَرايا التي زُخْرِفَتْ ورُصِّعَتْ بالأحجارِ الكَريمة(120)، إلى جانبِ حِرْصِها على التَّزَيُّنِ بالحُلِيِّ والمجوهرات.

5. 7. نماذج من الحُلِيِّ في العَهْدِ الجَزائِرِيّ:
أنواعُ الحُلِيّ:
وُجِدَتْ الحًلِىُّ الجزائِرِيَّةُ في شمالِ أفريقِيَةَ منذُ القِدَم، كما في سائِرِ أصْقاعِ العالَم، ودَخَلَ على صِناعَةِ تلك الحُلِيِّ تَأَثُّرٌ بصِناعاتِ شعوبٍ أخرى مَرَّتْ على الجزائر، منها: الرّومانِيَّةُ - البيزَنْطِيَّة، والإسلامِيَّةُ بأعْراقِها المختلفةِ منذُ الفَتْحِ الإسلاميِّ حتّى نِهايةِ العُثمانيّين، والفرنْسِيَّةِ وغيرِها.
ومعَ هذا التَّأَثُّر، فقد حافَظَتْ صِناعةُ الحُلِيِّ الجزائريَّةُ على خاصِّيَّتِها، فالأسلوبُ المستعملُ في الأساوِر، مثلاً، مَطْبوعٌ بقُوَّةٍ بإسْهاماتٍ فرنْسِيَّة، إسْبانِيَّة، إيطالِيَّة، حيثُ أنّ كُلَّ مجموعَةٍ تَنْفَرِدُ بهذا الفَنِّ لتُعْطي له صِبْغَةً خاصّة، تُؤَدّي إلى مَزْجِ الفَنِّ العَصْرِيِّ، عندَ الصِّناعة، بالتَّقْليدِيِّ دونَ أّيِّ مَساسٍ بالجَمال(121).
وتعدَّدَتْ أنواعُ الحُلِيِّ الجزائريّة تَبَعاً لمَناطِقِ الجزائِرِ المختلفة ولبيئة سُكّانها، ومن هذه الأنواع:
1. أنواعُ البيئَةِ الصَّحْراوِيَّة: تعدَّدَت أنواعُ حُلِيِّ البيئَةِ الصَّحْراوِيَّة، ومنها:
- التروت نازْراف: هو أُنْبوبٌ لحِجاباتٍ يعتقدون أنَّها تَقيهِمْ من السِّحْر.
- التزاباتين: هي أشْنافٌ من فِضَّة، تُلْبَسُ فوق ضَفيرَةِ شَعْرٍ عندَ الأُذُن.
- الأَهْبَسان: هي نوعٌ من الأساوِرِ يَلْبَسُهُ الرِّجالُ والنِّساء، وتكونُ مَصنوعَةً غالِباً من الزُّجاج، القَرْن(122)، النُّحاس، الفِضَّة.
2. أنواع بيئة الهضاب العليا «منطقةُ المَسيلَة»: تعدَّدَت أنواعُ حُلِيِّ بيئَةِ الهضاب العليا،  ومنها:
- الأمْقيس: هي أساوِرُ مُحَلاّةٍ في طَرَفِها بنُقاطٍ لكُرَياتٍ صَغيرةٍ من الفِضَّةِ والزُّجاج.
- الإبْزيمت: له شَبَهٌ مع الإبزيمِ القَبائِلِيّ، ويوضَعُ فوقَ ثَنْياتِ الصَّدْر، ويُستعمَلُ أيضاً كغِلافٍ للحِجابِ وللفَساتين، عَكْساً للإبزيمِ القَبائِلِيِّ الذي هو مُزَيِّنٌ الرَّأْسَ بالمَرْجان.
- الإمساك: إبزيمٌ له شكلٌ مُشَبَّكٌ مُستَديرٌ مُزَخْرَفٌ بسَلاسِلَ صَغيرَةٍ ودَقيقَة، ويُثَبَّتُ على المَلابِس بواسطة لِسانِ إبزيمٍ مَرْكَزِيّ.
- التَّناهْسين: يُستعمَلُ لتَزْيينِ تَسْريحَةِ الشَّعْر.
- الشَّرِكَة، أو سِمْ سِم: يتَكَوَّنُ من فَتيلَةٍ مَعْدَنِيَّة، وزُجاجٍ مُمَدَّدٌ بسِلْسِلاتٍ طَويلَةٍ مُزَيَّنَةٍ على شَكْلِ واقِيَةِ صَدْر.
- الخِلْخال: هو على شَكْلِ سِوارٍ يَضَعُهُ النِّساءُ في الكَعْبَيْن، طولُهُ 8 سم ومُحيطُهُ 26 سم، ويُقْفَلُ بواسِطَةِ قِطْعَةِ خَيْطٍ مَعْدَنِيّ، ونِساءُ المنطقةِ لا يَنْزَعونَهُ أبَداً.
- القِران: يَتَشَكَّلُ من إبْزيمَيْنِ مُزَخْرَفَيْنِ بزُجاجٍ أحمرَ وكُرَياتٍ من فِضَّة، ومجموعَةٍ من السَّلاسِل. ويُزَيِّنُ القِرانُ صَدْرَ النِّساءِ الشّاوِيّات "منطقة باتْنَة"، إضافة إلى نساءِ الهِضابِ العُلْيا.
- السَّخاب: هو من العُقودِ الأكثرُ استعمالاً في "جبال الأوراس"، وهو مُتَشَكِّلٌ من عَجينَةٍ مُعَطَّرَة، وغالِباً ما يكونُ مُزَخْرَفاً باللُؤْلًؤِ والمَرْجان.
- الحِرْز: هو عُلْبَةٌ للحِجاب، وهو مَوْجودٌ في كُلِّ شمالِ أَفريقِيا(123).
3. أنواعُ البيئةِ الزُّنْجِيَّة: من هذه الأنواعِ نوعٌ مُعَيَّنٌ من أساوِرِ الفِضَّةِ مُحَبَّبٌ إلى النِّساءِ الزُّنْجِيّات، وهو مُثَمَّنُ الأضْلاعِ ومُزَوَّدٌ بكَعْبٍ من فِضَّة(124).
صِناعَةُ الحُلِيّ:
تَطَوَّرَتْ صِناعَةُ الحُلِيِّ في المدن الكبيرة، لدرجة أنّ الجزائِرَ العاصِمَةِ وُجِدَ فيها وَحْدَها في وقت من الأوقات حوالَيْ 200 نَقْشٍ للجَواهِر.
كما اشْتَهَرَتِ هذه الصِّناعةُ في مناطق أخرى، ومنها:
1. منطقة القَبائِل، خاصَّةً «آيَتُ يَني»، التي بَرَعَ أهْلوها في سَبْكِ نُسَخٍ دقيقَةِ الصُّنْعِ لقِطَعٍ من النُّقود(125).
2. جبالُ الأوراس «باتْنَة»، مع الهِضابِ العُلْيا «مَسيلَة».
3. «تامنغاست» في الجنوب الأقصى.
 4. مركز «بَني يَني»، وهو أحَدُ أشْهَرِ المناطقِ القَبَلِيَّةِ إنْتاجاً لأنواعِ الأساوِرِ والأقراط. وتُعَدُّ الحُلِيُّ المُسَمّاةُ مَحَلِّيّاً بـ: «تاساحْت»، «أدْوير»، «تَهارارْت» و«تابْزيمْت» وما شاكَلَها، من أبْرَزِ الإبداعاتِ الفَنِّيَّةِ التي ازْدَهَرَتْ في هذه المنطقة.
واشْتَهَرَتِ هذه الصِّناعةُ أيضاً في مناطق: مَداشِر، وقرى تاوْريرْتِ مَيْمون، آيَتُ الأرْبُعاء، آيَتُ لْحَسَن، أَقونُ أحمد، وتاوْريرْتِ الحجّاج.
وأبرزُ مُسَمَّياتِ الحُلِيِّ في المناطق القَبَلِيَّةِ هي:
1.  إحْلِحْلِنْ «مِعْصَمِيّات»: هي من أكْبَرِ الحُلِيّ، ولَفَتَتْ هذه المجَوْهَرَةُ الانتباهَ بارتِفاعِها الذي يبلغُ أحياناً ثلاثةَ عشر سنتيمتراً.
2. الدّام: هو سِوارٌ أصغَرُ من المِعْصَمِيَّة، مَطْلِيٌّ بالمينا، أو مَنْقوشٌ على الرَّصاص.
3. الأبازيم القبائِلِيّة: تحمل كلمة «الأبازيم» مَعانٍ عِدّة، لذا أُطْلِقَتْ عليها تَسمِياتٌ مختلفة.
4. تابزيمت: هي القطعة الرئيسية للمُجَوْهَرَةِ القبائِلِيَّةِ بلا مُنازع، وهي عبارةٌ عن إبريمٍ كبيرٍ مُستَدير، دَقيقِ التَّنْميق، تُزَيِّنُ به المرأةُ صَدْرَها. وتَشْتَمِلُ هذه القطعة على رسوماتٍ عديدة، من تَحْبيبٍ فِضِّيّ، وطَلْيٍ بالمينا، وزَخْرَفَةٍ بالخُيوط، وعَناصِرَ عَديدَةٍ من المَرْجان.
5. تاساحْت «إكْليل»: هي من الحُلِيِّ القَبَلِيَّةِ السّائِرَةِ نحو الاندثار، وهي عبارةٌ عن زَخْرَفَةٍ مَطْلِيَّةٍ بالمَواني ووَشائِحَ رَئيسيَّةٍ من المَرْجان وحُبَيْباتٍ من الفِضَّة.
6. لتراك: هي حِلْيَةٌ قديمة، تُستعمَلُ كأقْراطٍ للأُذَنَيْن، وتَشْتَمِلُ على حَلَقَةٍ بَيْضاوِيَّةِ الشَّكْل، مُكَلَّلَةً في طَرَفِها بالمَرْجانِ والمينا.
7. تيقودماتين: هي أقْراطٌ ذاتُ حَلَقاتٍ مُنَمْنَمَةٍ مُرَصَّعَةٍ بصَفائِحَ مُستَديرَة، تَتَدَلّى منها عَناقيدُ مَمْدودَة(126).
ومن المجوهراتِ الجزائِرِيَّةِ أيضاً مجوهراتُ الشّاوِيّة «منطقة باتْنَة»، التي بَقِيَتْ مُحافِظَةً على أصالَتِها العريقة، وحتّى تِقَنِّيّاتِ صُنْعِها، ولذلك ظَلَّتْ مُحافِظَةً على رَوْنَقَها العَتيق. وقد اشْتَهَرَتْ عند الأوراسِيّاتِ الحُلِيُّ الفِضِّيَّةُ دونَ الذَّهَبِيَّة، والمرأةُ منهنَّ ترتدي على الأقَلِّ سِوارَيْن، أو خِلْخالَيْن، أو قِرْطَيْن. والمجوهراتُ مصنوعةٌ أصْلاً من الفِضَّة، أو من قِطَعٍ نقدِيَّةٍ مَسْبوكَة، يَبْلُغُ عِيارُها تِسْعَةً من عَشَرَةٍ (10/ 9) بصورةٍ عامَّة. والفَرْقُ بينَ الحُلِيِّ الشّاوِيَّةِ والحُلِيِّ القَبائِلِيَّةِ يَنْحَصِرُ في أنَّ الحُلِيَّ الشّاوِيَّةِ «مَمْلوءَةٌ» أو «مُقَعَّرَةٌ» أو «مُفْرَّغَة»، عَكْساً للصِّناعةِ القبائِلِيَّةِ التي تُعْرَفُ أساساً  بكَوْنِها مُزَيَّنَةً ومَطْلِيَّةً بالمَيْناء(127).
ومن أبْرَزِ الحُلِيِّ في هذه المنطقة: العَلَقَةُ التّشوتْشانَة، التّْمَشْرَفْت وهي أقْراط، الخَميسَةُ وهي مُتَكَوِّنَةٌ من خمسةِ مُعَيَّنات، ويعتقدُ أهل المنطقة بأنّ للخميسةِ خِصالٌ سِحْرِيَّةٌ وِقائِيَّة.

 

الهوامش:

1. ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت - لبنان، 1388هـ. / 1968م.، ج 14، ص 195.

2. ابن منظور، لسان العرب، ج4، ص 282.

3. لمزيد من التفصيل انظر محمد سعيد القاسِميّ وآخرون، قاموس الصّناعات الشّاميَّة، دار طلاس للداراسات، ط1، دمشق - سورية، 1988م.، ص 264.

4. سورة فاطِر، الآية 33.

5.سورة الزُّخْرُف، الآية 71.

6. سورة المَسَد، الآيتان 4 - 5.

7. محّمد كْرَيِّمْ راجِح، مُختصَرُ تفسيرِ القُرْطُبِيّ، دار الكتاب العربي، ط2، بيروت - لبنان، 1406هـ. / 1986م.، ج5، ص 455.

8. سورة فاطِر، الآية 12.

9. القِلاَدَة: حُلِيّ يُجعَلُ في العُنُق.

10. محمّد كْرَيِّمْ راجِح، مختصرُ تفسيرِ القُرْطُبِيّ، ج4، ص 190.

11. سورة الرَّعْد، من الآية 17.

12. الخِدْمَة: خلخال.

13. ابن سعد، الطَّبقات الكبرى، دار صادر، بيروت - لبنان، ل. ت.، ج 8، ص 97.

14. الجَزَع: من العَقيق.

15. ابن سعد، الطَّبقات الكبرى، ج 8، ص 27.

16. أبو داود، سُنَنُ أبي داود، دار الفكر، ل. ت.، ج 4، ص 92، حديث رقم 4235.

17. سورة النّور، الآية 31.

18. الشُّنوف: مُفرَدُها "شَنَف"، وهو ما يُلْبَسُ في أعلى الأُذُن.

19. الحاكِمُ النَّيْسابورِيّ، المُسْتَدْرَكُ على الصَّحيحَيْن، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، ط1، بيروت - لبنان، 1411هـ. / 1990م.، ج2، ص 431، حديث رقم 3499.

20. سورة النّور، الآية 60.

21. مُسلمُ بن الحَجّاجِ، صحيحُ مُسلم، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ل. ت.، ج3، ص1655، حديث رقم 2090.

22. التِّرْمِذي، سُنَنُ التِّرْمِذِيّ، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، ل. ت.، ج 4، ص 217، حديث 1720.

23. مسلم، صحيح مسلم، ج 3، ص 1658، رقم 2094.

24. ابن حِبّان، صحيحُ ابن حِبّان، مؤسسة الرسالة، ط2، بيروت - لبنان، 1414هـ. / 1993م.، ج 12، ص 307، حديث رقم 5495.

25. أبو داود، سُنَنُ أبي داود، ج 4، ص 88، حديث رقم 4214.

26. التِّرْمِذِيّ، سُنَنُ التِّرْمِذِيّ، ج 4، ص 229، حديث رقم 1746.

27. الوَرِق: الفِضَّة.

28. الأبْشيهيّ، المُسْتَطرَفُ في كُلِّ فَنٍّ مُسْتَظْرَف، دار الكتب العلمية، ط1، بيروت - لبنان، 1423هـ. / 2002م.، ج2، ص 62.

29. ابن حَجَرٍ العَسْقَلانِيّ، فَتْحُ الباري، دار المعرفة، بيروت – لبنان، 1379هـ.، ج 3، ص 392، حديث رقم 1460.

30. سورة الزُّخْرُف، الآية 53.

31. سورة القَصَص، الآية 79.

32. سورة القصص، الآيات 81- 83.

33. د. وَهْبَة الزُّحَيْلي، التَّفْسيرُ الوَجيز، دار الفكر، دمشق - سورية، ل. ت.، ص 491 (بتصرّف).

34. سورة الزُّخْرُف، الآية 18.

35. مُسلم، صحيحُ مُسلم ، ج2، ص 694، حديث رقم 1000.

36. الخِرْص: الحَلَقَةُ التي تُعَلَّقُ في الأُذُن. والسِّخاب: القِلادَة.

37. أبو داود، سُنَنُ أبي داود، ج 1، ص 301، حديث رقم 1159.

38. الفَتَخ: الخواتيم.

39. البُخارِيّ، صحيحُ البُخارِيّ، دار ابن كثير، ط3، اليمامة - البحرين، 1407هـ. / 1987م.، ج 4، ص 1457، حديث رقم 4613.

40. الحاكِمُ النَّيْسابورِيّ، المُسْتَدْرَكُ على الصَّحيحَيْن، ج 3، ص 166، حديث رقم 4729.

41. البَيْهَقِيّ، سُنَنُ البَيْهَقِيِّ الكُبرى، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة - السعودية، 1414هـ. / 1994م.، ج6، ص 357، حديث رقم  12812.

42. مُسلم، صحيحُ مُسلم، ج1، ص 279، رقم 367 - وآيةُ التَّيَمُّمَ هيَ قولُهُ تعالى: ﴿يا أَيُّها الذينَ آمَنوا لا تَقْرَبوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكارى حتّى تَعْلَموا ما تَقولونَ ولا جُنُباً إلاّ عابِري سَبيلٍ حتّى تَغْتَسِلوا، وإنْ كُنْتُمْ مَرْضى أو على سَفَرٍ أو جاءَ أحَدٌ منكُم من الغائِطِ أو لامَسْتُمُ النِّساءَ فلَمْ تَجِدوا ماءً فتَيَمَّموا صَعيداً طَيِّباً فامْسَحوا بوُجوهِكُمْ وأيْديكُم، إنَّ اللهَ كانَ عَفُوّاً غَفوراً﴾، سورة النِّساء، آية 43.

43. سورة التوبة، الآية 103.

44. أبو داود، سُنَنُ أبي داود، ج 2، ص 95، حديث رقم 1565.

45. الأوْضاح: حُلِيٌّ من الفِضَّة.

46. الدّارَقُطْنِيّ، سُنَنُ الدّارُقُطْنِيّ، دار المعرفة، بيروت - لبنان، 1386 هـ. / 1966م.، ج2، ص105، حديث رقم1.

47. أبو داود، سُنَنُ أبي داود، ج 2، ص 95، حديث رقم 1564.

48. أبو داود، سُنَنُ أبي داود، ج 2، ص 95، حديث رقم 1563.

49. سورة طه، الآيتان 87  - 88.

50. سورة طه، الآية 59.

51. سورة النِّساء، الآيتان 20 - 21.

52. البُخارِيّ، صحيحُ البُخارِيّ، ج 4، ص 1517، حديث رقم 3910.

53. سورة النور، الآية 12.

54. ابن سعد، الطَّبقات الكُبرى، ج 8، ص 20.

55. ابن هشام، السّيرة النَّبوِيَّة، دار الجيل، ط1، بيروت - لبنان، 1411هـ.، ص 653.

56. مُسلم، صحيحُ مُسلم، ج3، ص 1214، حديث رقم 1591.

57. الماسُ نَوْعان: الزَّيْتِيُّ والبِلَّوْرِيّ، والزَّيْتِيُّ أجْوَدُهُما، بَياضُهُ صُفْرَة، والبِلَّوْرِيُّ أبيضُ شديدُ البَياضِ كالبِلَّوْرِيّ - الغَزولِيّ، مَطالِعُ البُدورِ في منازِلِ السُّرور، ج 2، ص 468.

58. فِلْس: قِشْر.

59. المُسوك: الجُلود.

60. الاصْطَخَرِيّ، المَسالِكُ والمَمالِك، دار صادر، بيروت - لبنان، 1937م.، ص 242.

61. http://alaa2900.ahlamontada.net/t10-topic

62. ي. هل، الحضارة العربيَّة، دار الهلال، سلسلة ثقافية شهرية، القاهرة- مصر، 1399هـ./ 1979م.، ص 106.

63. الاصْطَخَرِيّ، المَسالِكُ والمَمالِك، ص 155.

64. سْواري: سِواري، إسوِرَتي.

65. قَدْ: قَدْر، وتُلْفَظُ في العامِيَّة: "أدّ" مع تفخيم الألِف.

66. قُصَيِّرُ عُمْرَة: يبعُدُ حوالي 75 كلم عن العاصمة الأردنيَّة عمّان، وسُمّي "قُصَيِّر" بالتَّصْغيرِ لِصِغَرِ حَجْمِه.

67. زَكِيَّة عُمَرُ العَلِيّ، التَّزَيُّقُ والحُلِيُّ عند المرأةِ في العصرِ العبّاسِيّ، وزارة الإعلام، بغداد - العراق، 1976م.، ص114.

68. زَكِيَّة عُمَرُ العَلِيّ، التَّزَيُّقُ والحُلِيُّ عند المرأةِ في العصرِ العبّاسِيّ، ص 139.

69. زَكِيَّة عُمَرُ العَلِيّ، المرجع السابق، ص 156.

70. زَكِيَّة عُمَرُ العَلِيّ، المرجع نفسه، ص 158.

71. الوَدَع: نوعٌ من الأصْداف، شِقُّهُ المُسَنَّنُ كما لو كان عَيْناً نصفَ مفْتوحَة.

72. ابن الجَوْزِيّ، أخْبارُ الحَمْقى والمُغَفَّلين، دار الكتب العلمية، ط 1، بيروت - لبنان، 1405هـ. /1985م، ص 30.

73. البُدْنَة: نوعٌ من القُمْصانِ تَرْتَديهِ النِّساء.

74. الياقوت: يُؤْتى به من مَعْدَنٍ يُقالُ له: "سَجْران" من جزيرةٍ خَلْفَ "سَرَنْديبَ (سِري لانْكا) بنَحْوٍ من أربعينَ فَرْسَخاً، والجزيرةُ تكونُ نَحْواً من سِتّينَ فَرْسَخاً في مِثْلِها، وفيها جبلٌ عظيمٌ يُقالُ له: "الرّاهون"، تَحْدُرُ منه الرِّياحُ والسُّيولُ الياقوت، فيُلْقَطُ وهو حَجَرٌ من أرضِ ذلك المَوْضِع - الغَزولِيّ، مطالِعُ البدورِ في منازلِ السُّرور، ج 2، ص 463 -464.

75. تحتَ عبد الملِك: زوجَةُ عبد الملِك.

76. الغَزولِيّ، مطالِعُ البُدورِ في منازلِ السُّرور، ج 2، ص 455 - 456.

77. الأَبْشيهي، المُسْتَطرَفُ في كُلِّ فَنٍّ مُسْتَظْرَف، ج 2، ص 63.

78. الأَبْشيهي، المرجع السابق، ج 2، ص 63.

79. الأَبْشيهي، المرجع نفسه، ج 2، ص 63.

80. الأَبْشيهي، المرجع السابق، ج 2، ص 63.

81. الأَبْشيهي، المرجع نفسه، ج 2، ص 62.

82. لمزيد من التفصيل انظر زكِيَّة عمرُ العَلِيّ، التَّزَيُّقُ والحُلِيُّ عند المرأةِ في العصرِ العبّاسِيّ، ص 108 - 110.

83. زكِيَّة عمرُ العَلِيّ، المرجع السابق، ص 113 - 115.

84. البَلْخَش: نوعٌ من الجَوْهَرِ يُؤْتى به من "بَلْخَشان" في بلاد التُّرْك.

85. زكِيَّة عمرُ العَلِيّ، التَّزَيُّقُ والحُلِيُّ عند المرأةِ في العصرِ العبّاسِيّ،، ص 158.

86. زكِيَّة عمرُ العَلِيّ، المرجع السابق، ص 166.

87. زكِيَّة عمرُ العَلِيّ، المرجع نفسه، ص 174.

89. زكِيَّة عمرُ العَلِيّ، التَّزَيُّقُ والحُلِيُّ عند المرأةِ في العصرِ العبّاسِيّ، ص 178 (بتصرّف)، ولمزيد من التفصيل انظر ص 179 من المرجع نفسه وما بعدها.

90. جميل نخلة المُدَوَّر، حضارة الإسلام في دار السَّلام، دار العالم العربي، ط1، القاهرة - مصر، 1429هـ. / 2008م.، ص 126.

91. مُنَزَّلٍ: مُطَعَّم.

92. هذه البُرْدَةُ هي غيرُ البُرْدَةِ التي كانت لمُلوكِ بَني أُمَيَّةَ يُلْقونَها على أكتافِهِمْ في جُلوسِهِمْ ورُكوبِهِم، لأنَّها فُقِدَتْ بفُقْدانِ الخلافة منهم. وكان قد اشتراها معاويةُ من آل زُهَيْرِ بن أبي سُلْمى بأربعينَ ألفَ درهَم - جميل نخلة المُدَوَّر، حضارة الإسلام في دار السَّلام،  ص 50.

93. الجِهْشْياري، كتاب الوُزراء والكُتّاب، دار الفكر، بيروت - لبنان، 1408هـ. / 1988م.، ص241.

94. زكِيَّة عمرُ العَلِيّ، التَّزَيُّقُ والحُلِيُّ عند المرأةِ في العصرِ العبّاسِيّ، ص 99.

95. الغزولي، مطالع البدور في منازل السرور، ج 2، ص 454.

96. الغزولي، المرجع السابق، ج 2، ص 454.

97. الغَزولِيّ، المرجع نفسه، ج 2، ص 454.

98. جميل نخلة المدور، حضارة الإسلام في دار السلام، ص 121 - 122.

99. جميل نخلة المُدَوَّر، المرجع السابق، ص 121 - 122.

100. الغزولي، مَطالِعُ البُدورِ في منازلِ السُّرور، ج 2، ص 454.

101. الغَزولِيّ، المرجع السابق، ج 2، ص 454.

102. الغَزولِيّ، المرجع نفسه، ج 2، ص 454.

103. الغزولي، المرجع نفسه، ج 2، ص 452 - 454.

104. الغَزولِيّ، المرجع السابق، ج 2، ص 452 - 454.

105. زكِيَّة عمرُ العَلِيّ، التَّزَيُّقُ والحُلِيُّ عند المرأةِ في العصرِ العبّاسِيّ، ص 99.

106. د. ربيع حامِد خليفة، الفنونُ الزُّخْرُفِيَّةُ اليَمَنِيَّةُ في العصرِ الإسلاميّ، الدار المصرية اللبنانية، ط1، بيروت - لبنان، 1412هـ. / 1992م.، ص 225- 226.

107. د. ربيع حامِد خليفة، الفنونُ الزُّخْرُفِيَّةُ اليَمَنِيَّةُ في العصرِ الإسلاميّ، ص 228.

108. د. ربيع حامِد خليفة، المرجع السابق، ص 28 - 29 (بتصرّف).

109. د. ربيع حامِد خليفة، المرجع السابق، ص29 - 30 (بتصرّف).

110. (فنون إسلامية)، المعادن في العصر الفاطمي، الأحد 27/ 9/ 2009م.، http://alaa.2900.ahlamontada.net/t10-topic

111. زكِيَّة عمرُ العَلِيّ، المرجع السابق، ص 147- 148.

112. المينا: مادة على شكل مسحوق وذات ألوان مختلفة.

113. (فنون إسلامية)، المعادن في العصر الفاطمي، الأحد 27/ 9/ 2009م.، http://alaa.2900.ahlamontada.net/t10-topic

114. الغَزولِيّ، المرجع السابق، ج 2، ص 454.

115. د. ثُرَيّا نَصْر، أزياءُ النِّساء في العصرِ العُثْمانِيّ، عالم الكتب، ط1، القاهرة،  1420 هـ. /2000م.، ص 79 - 81.

116. أحْجِبَةٌ جمع حجاب: حرز يلبسه صاحبه وقاية من الشر.

117. الخط الغباري: هو صورة مصغرة من خط النسخ.

118. د. ثُرَيّا نَصْر، المرجع السابق، ص 82 - 83.

119. د. ثُرَيّا نَصْر، المرجع السابق، ص 83.

   محبوب: نوع من العملة الذهبية العثمانية.

120. د. ثُرَيّا نَصْر، المرجع السابق، ص 83 - 84.

121. بدون مُؤَلِّف، الصِّناعاتُ التَّقليدِيَّةُ الجَزائِرِيَّة، المؤسسة الوطنية للاتصال: النشر والإشهار، الجزائر - الجزائر، 1998م.، ص 56.

122. القَرْن: وجمعه قرون وهي قرون الحيوانات.

123. بدون مُؤَلِّف، الصِّناعاتُ التَّقليدِيَّةُ الجَزائِرِيَّة، ص 63- 66 (بتصرّف).

124. بدون مُؤَلِّف، الصِّناعاتُ التَّقليدِيَّةُ الجَزائِرِيَّة، ص 62 - 63.

125. بدون مُؤَلِّف، الصِّناعاتُ التَّقليدِيَّةُ الجَزائِرِيَّة، ص 56- 57 (بتصرّف).

126. بدونِ مُؤَلِّف، الصِّناعاتُ التَّقليدِيَّة الجَزائِرِيَّة، ص 58 - 59.

127. بدونِ مُؤَلِّف، الصِّناعاتُ التَّقليدِيَّةُ الجَزائِرِيَّة، ص 59 - 61 (بتصرّف).

الصور:

1.https://thepinupgypsy.files.wordpress.com/2012/01/met4.jpg

2. http://beirutnationalmuseum.org/wp-content/uploads/2012/05/DSC_6652.jpg

3.http://www.arab-ency.com/servers/artifacts/216/3.gif

4. حلي يمنية «د. ربيع حامد خليفة، الفنون الزخرفية اليمنية في العصر الإسلامي»، لوحة 68.

5. حلي يمنية «د. ربيع حامد خليفة، الفنون الزخرفية اليمنية في العصر الإسلامي»، لوحة 67.

6. حلي فاطمية «د. زكي محمد حسن، الأعمال الكاملة كنوز الفاطميين، لوحة 64».

7. «فنون الإسلام، كنوز من مجموعة ناصر الخليلي»، ص 83.

8. «فنون الإسلام، كنوز من مجموعة ناصر الخليلي»، ص 83.

9. «فنون الإسلام، كنوز من مجموعة ناصر الخليلي»، ص 85.

10. «فنون الإسلام، كنوز من مجموعة ناصر الخليلي»، ص 85.

 

أعداد المجلة