فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

الأزياء التّقليديّة للمرأة التّونسيّة: علامات ورموز «بر الهمامة»(1) نموذجا مقاربة أنتروبولوجيّة

العدد 32 - ثقافة مادية
الأزياء التّقليديّة للمرأة التّونسيّة:  علامات ورموز «بر الهمامة»(1) نموذجا  مقاربة أنتروبولوجيّة
كاتب من تونس

 

المقدّمــة:

تمثّل الأزياء التّقليديّة للمرأة في برّ الهمامة أحد عناصر الثّقافة المادّية. وتشمل كلّا من اللّباس، والحليّ. وينتمي لباس المرأة في قبيلة الهمامة إلى صنف لباس الاشتمال أو المرط الذي يميّز البدو بصفة عامّة، وكذلك سكّان العديد من القرى التّونسيّة على غرار قرى السّاحل. ويصنّف حليّ المرأة في البلاد التونسيّة وفي شمال إفريقيا بصفة عامّة إلى صنفين حسب المواد الأوّليّة المصنوعة منه:

 حليّ من الفضّة وآخر من الذّهب. وتتميّز الأزياء بتنوّعها واختلاف وظائفها على غرار الوظيفة الحمائيّة، والجماليّة، والثّقافيّة، وخاصّة منها العلاميّة والرّمزيّة التي تجعل منها نصوصا تُقرأ، ومن خلالها نتعرّف على العديد من ملامح الهويّة الثّقافيّة لقبيلة الهمامة، ولعلّ من أهمّها كشف الحالة الاجتماعيّة وترجمة الواقع الاقتصادي للمرأة التي ترتديها (2).

وقد آثرنا التّطرّق إلى الأزياء التّقليدية خلال النّصف الأوّل من القرن العشرين لأنّه يمكّننا من التعرّف إلى ما كان سائدا حينها باستنطاق الذّاكرة الشّعبيّة من خلال عمل ميداني في شكل مقابلات مع رجال ونساء كبار السّن(3)، إلى جانب الاعتماد على الملاحظات التي تُعَدّ من أهمّ أسس المنهج الأنتروبولوجي. ولأنّ هذه الفترة تتميّز بتواصل حضور الأزياء التّقليدية في برّ الهمامة وفي المجتمعات الريفيّة بالبلاد التّونسيّة بصفة عامّة لقلّة انفتاحها على المدن الكبرى حيث كان نسق التّحوّلات في اللّباس يتسارع(4) وأصبح هنالك تداخل بين الأزياء التقليدية والأزياء الدّخيلة. أمّا خلال العشريّات الأخيرة من القرن العشرين فقد اندثرت الكثير من الأزياء التّقليديّة بسبب تأثير العولمة وانتشار ثقافة كونيّة موحّدة. وسنحاول في هذه الورقة تبيان تنوّع الأزياء التّقليديّة للمرأة في قبيلة الهمامة وكشف علاماتها ورموزها التي تمكّننا من التّعرّف إلى الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمرأة التي ترتديه.  

 

 

 اللّباس التّقليديّ للمرأة في قبيلة الهمامة:  

1. مكوّنات اللّباس:

تتميّز ألبسة المرأة في برّ الهمامة والمرأة البدويّة بصفة عامّة خلال النّصف الأوّل من القرن العشرين بتنوّعها وتنقسم إلى لباس الرّأس والبدن والقدم. وتتكوّن من عدّة قطع ذُكر أهمّها في الجدول التّالي:

جدول عدد 1: أهمّ القطع التي يتكوّن منه أثواب المرأة في برّ الهمامة (5).

القطع    التعريف بها

غطاء الرّأس

الشُّرّابة    وهي مجموع من الخيوط الصّوفيّة المضفورة يبلغ طولها حوالي المتر، وتُشدّ من أحد طرفيها مع بعضها بخيط رقيق. وعادة ما تكون حمراء أو خضراء اللّون وتستعمل لشدّ الشعر بعد تسريحه.

الوْقاية    هي محرمة رأس عادة ما تكون داكنة اللّون، وأحيانا تكون مجرّد قطعة من قماش داكن اللّون، يُغطّى بها الرأس، وتوضع مباشرة فوق الشّعر في شكل «تحْزيقَة»(6)، وأحيانا تستعمل في شكل «تخْنيـقة»(7). وسميّت كذلك لأنّها تقي بقيّة الألبسة التي تضعها المرأة فوق رأسها حتى لا تتّسخ بالزّيت الذي كانت المرأة تمسح به شعرها قبل تسريحه.

المحرمة     هي منديل رأس، يشترى من الأسواق جاهزا للاستعمال، ويتنوّع بتنوّع الأقمشة، منها الكتّان، والحرير، والصبّار و«الصّتان» وغيرها وفي ألوان مختلفة وأكثرها استعمالا الأحمر والأسود، وغالبا ما يكون أحمر وبأطرافه خطوط سوداء أو أسود وبأطرافه خطوط حمراء.

الذّرّاية أو التّـلْـثِـيمَة  وهي قطعة من القماش الرّقيق غالبا ما تكون من قطن أو من حرير أبيض اللّون، ويبلغ طولها حوالي متر ونصف، وعرضها حوالي نصف المتر، وتوضع فوق المحرمَة التي عادة ما تكون مربوطة في شكل «تحْزيقـة» ويمكن أن يبقى طرفاها يتدليان على الصدر يمينا وشمالا، ويمكن أن يُـلتثم بها وذلك بلفّها لفّتين على الرأس تحت الذقن فتغطي الأذنين، وأحيانا تُنسج من الصوف الأبيض، وعندها يكون اسمها الأكثر استعمالا «تـلْثـيمة».

العصَابَة    وهي  طريقة معيّنة في استعمال منديل الرأس، تقتضي طيّه بكيفيّة نتحصّل فيها على شكل مثلث، ثّم طيّه على نفسه عدّة مرّات حتى الحصول على ما يشبه الشريط، وعندها تتعّصب به فوق «الذرّاية»، وأحيانا فوق «الطَّرْفْ» أو«البَخْنوقْ»، وغالبا ما تُعقد من الأمام فوق الجبين.

العصَابَة “المْفَاصْلَة”    هي طريقة تعتمدها النسوة لتعصيب الرأس في المناسبات، وتقتضي التّعصّب بمِحْرَمَتيْن فوق بعضهما ومختلفتين من حيث اللّون، وغالبا ما تكون المحرمة الحمراء من الأسفل والسوداء من الأعلى. أمّا عن كيفيّة التّعصّب فتُعقد المحرمة السفلى مرّة أولى خلف الرّأس ثمّ يُترك طرفاها يتدلّيان، ثم يتمّ التّعصّب بالمحرمة السوداء فوق العصابة الحمراء مع الحرص على أن يبقى جزء منها بارزا تحت العصابة السّوداء التي تُعقد مرّة واحدة خلف الرّأس ويبقى طرفاها يتدلّيان، ثم يتمّ إرجاع طرفي المحرمة الحمراء فوق العصابة السّوداء وتُعقد مرّة ثانية فوق الجبين.

“البَخْنُوقْ” أو الطرْفْ    هو البُخنق أو الشّال الذي يوجد في أنواع مختلفة منها: «طرف» أو «بخْنُوقْ» من الصّوف يتراوح طوله بين المتر والمترين أما عرضه فلا يتجاوز عادة المتر، ونادرا ما يتجاوز هذه القياسات. كما يمكن أن ينسج من الصّوف والحرير، أي أشرطة صوفيّة وأخرى حريريّة. وتوجد أصناف أخرى منه تشترى جاهزة من الأسواق منها من الحرير ومنها من الكتّان. ويوضع البُخنق بمختلف أصنافه على الرّأس فوق «الذّراية» ويتدلّى على الكتفين.

الزْمَالَـة    قطعة من القماش الأبيض يبلغ طولها حوالي مترين ونصف، وعرضها أقل بقليل من المتر تعصّب بها المرأة المسنّة رأسها فوق «الذّرّاية».

لباس البدن

السّوريّــة    تسمّى كذلك «القِدْوارة» أو «الكتّانَة» وتعني القميص وهي من قماش رقيق وكانت تخاط من أقمشة متنوّعة منها الكتّان، والمالطي وغيره وتوجد في ألوان مختلفة، وأكثرها انتشارا اللّون الأبيض وكانت فضفاضة وتتدلّى إلى أسفل الرّكبتين ولها كمّان واسعان جدّا.

الملْحْفَــة    تعتبر من أهم ما يميّز اللّباس التقليدي للمرأة في برّ الهمامة وللبدويّات بصفة عامة، وتنتمي إلى صنف لباس المرط الذي يشتمل اشتمالا، وهي قطعة مستطيلة الشكل من أقمشة متنوعة، وألوانا مختلفة، منها ملاْحف «القُرْنَة» (8) وهي من قماش خشن قليل الجودة، وتوجد في لونين الأزرق والأسود. وملاحف «عِيْنْ حجلة» وسمّيت كذلك للونها الأسود المماثل لسواد عين طائر الحجل. وملاحف «كْرِيبْ» وهي كلمة أنقليزيّة  crepe ومعناها «قماش حريري رقيق  متغصّن، أي فيه تثنّ وتكسّر» (9). وإلى جانب الملاَحِف السّوداء توجد ملاحف أخرى وأغلبها من صنف «كْرِيبْ» ذات ألوان مختلفة منها الصفراء، والبيضاء، والخضراء، والحمراء، والوردي.

وتعتبر الملحفة إزارا واجبا على جميع الإناث منذ الطّفولة. وتُرتدى بنفس الطريقة. وتعرف الملحفة في مناطق أخرى من البلاد التونسيّة بـ«المَلْيَة» و«الخَلاّلَة» و«التَّخْلِيلَة»، مع وجود بعض الاختلافات في القياسات والألوان وفي كيفيّة الارتداء.

الحُولِي أو الحرَامْ(بترقيق الرّاء)    من ألبسة الاشتمال، وهو قطعة من قماش مستطيلة الشّكل يبلغ طولها أربعة أمتار وعرضها متر ونصف، ويمكن أن يكون من الصّبار أو «الصّتان» وأهمها من الحرير مثل الحرَامْ الجْرِيدِي نسبة إلى بلاد الجريد بالجنوب الغربي للبلاد التّونسيّة، الذي يتميّز بلونه الأحمر وبالخطوط السّوداء التي غالبا ما تكون بأطرافه بمـعدّل خطّين فـي كل طرف، و«الحولي النّي» وهـو من الحرير الصّافي ويتميّز بلونه الأزرق البنفسجي. كما يمكن أن يكون «الحولي» منسوجا من الصّوف الأبيض ثم يُصبغ ألوانا أخرى منها الأحمر والأصفر وأكثرها تداولا اللون الأسْود. ويتم ارتداء مختلف هذه الأصناف من «الحولي» بنفس طريقة ارتداء الملْحفة. وغالبا ما تستعمل لفظة «احرَامْ» للدّلالة على النوعية الجيّدة من «الحولي» خاصّة منها «حولي» الحرير.  

الحــــزام    يعتبر الحزام عنصرا ضروريا لا يمكن الاستغناء عنه لشدّ لباس الاشتمال. وتنقسم الأحزمة التي تتمنطق بها النّسوة بالبلاد التونسيّة إلى صنفين أحزمة منسوجة وأخرى غير منسوجة. ويحتوي كل حزام على حلقة تسمّى «عيْن» بأحد طرفيه تمكّن من شدّه إلى خاصرة المرأة بعد أن تديره في الغالب دورتين في مستوى أسفل البطن، وتجعل طرفه الثاني يتدلّى من إحدى الجهتين، وعادة من الجهة اليسرى أي من الجهة التي يلتقي فيها طرفا الملحفة دون التحامهما، ويسمى الجزء المتدلّى من الحزام «شَوَّاطَة». أمّا عدد الخيوط التي يتكوّن منها الحزام فيمكن أن تزيد أو تنقص وفقا لبعض المعطيات منها السّن، والمناسبة، والحالة والوضع الاجتماعيّين. وبالنّسبة للألوان يمكن أن يكون لونا واحدا أو ألوانا متعدّدة.

البريــــم    هو صنف من الأحزمة، يتكوّن من خيط واحد مضفور من الصّوف، أو من الشّعـر أو من الوبر، ويسمى وفقا للمادة المتكوّنة منها بمعنى، بريم صوف وبريم شعر، وبريم وبر، وإن كان من الصّوف غالبا ما يترك أبيض اللّون، واستعماله مرتبط بالحداد ونادرا ما يصبغ إلى ألوان أخرى، وعندها تتغيّر رمزيته. ولئن تعرّض لذكره رينهارت دوزي (DOZY (R. في معجمه، فإنّ وظيفته وخاصّة رمزيته تختلف عمّا هو سائد ببرّ الهمامة (10).

“المْطُوبِقْ”    هو من ألبسة النّساء المميّزة للأفراح ببرّ الهمامة، ويتكون من ملْحَفتين أو من ملحفة و«حُولي» أو حرَامْ. فإن كان يتكّون من ملحفتين تكون السّفلى في ألوان مختلفة باستثناء اللّون الأسود، فيمكن أن تكون خضراء أو حمراء، أو وردية، أو صفراء، وغالبا ما تكون بيضاء اللّـونّ، أمّا الملحفة العليا أو الخارجيّة، فيجب أن تكون سوداء اللّون، وغالبا ما تكون من صنف «كْرِيبْ» وليس «عين حجلة» لأنّها رقيقة ومعدة خصيصا للارتداء في  الأفراح.

وإذا كان يتكوّن من احرام وملحفة يمكن أن يكون الحرَامْ من الحرير مثل «الحْرام الجْريدي»، أو من أنواع أخرى من الأقمشة أقلّ جودة مثل الكتّان أو الصّبار.

وتلبس النسوة «المْطُوبقْ» بكيفية تكون الملْحفة السفلى بارزة من تحت الملحفة السّوداء أو «الحرام» من الجانبين. وأحيانا ثمّة بعض النّسوة اللّواتي يرتدين تحت الملحفة السوداء أو«الحرام» أكثر من ملحفة واحدة ملّونة.

لباس القدم

البَلْغَـة    وهي حذاء من الجلد، تدخل فيه مقدّمة القدم. أمّا مؤخّرته فتبقى بارزة. وتعدّ من أصناف الأحذية الأكثر استعمالا خلال المناسبات والأفراح، وتشبه كثيرا بلغة الرّجل إلاّ أنّها غالبا ما تكون مزيّنة ببعض «النوّارات» من الحرير.

الكُونْتْرَة    تشبه كثيرا البلغة، لكنّ عقبها أكثر ارتفاعا وعرضا منها. وتوجد في ألوان مختلفة، وهي من النّعال التي يرتديها كلّ من النّساء والرّجال. وكانت أقل استعمالا من البلغة وهي من صنف النّعال ذات الأصل الغربي.

الصّندال    الصّندل أو السّندل هو لباس للقدم ويتكوّن قاعه من الجلد وأعلاه من سيور جلديّة. ويشترى من الأسواق، ويتميّز بجودة صناعته مقارنة بالنّعال التي تصنع محلّيا.

الصّندال من الكوتْشُـو    هو صندل يتكوّن قاعه من مطّاط الإطارات القديمة وكذلك سيوره العلويّة. ويشترى من الأسواق.

طرباﭬـة الحلفاء    صندل يصنع محليّا من سعف الحلفاء وهي نبات طبيعي يُميّز الوسط الطّبيعي للمجال الجغرافي لقبيلة الهمامة.

طرباﭬـة الـقاعة    صندل يصنع محليّا من «القاعة» وهي جلد البعير.

 

2 . دور اللباس في إبراز الوضع الاجتماعي للمرأة في قبيلة الهمامة:

سنلقي الضّوء على أهمّ قطع اللّباس التي يمكن بالاعتماد عليها التّعرّف على الحالة الاجتماعيّة للمرأة التي ترتديه أي القطع التي لها دلالات رمزيّة واضحة، وأهمّها أغطية الرأس، والحزام الذي يشدّ لباس الاشتمال.

2 ـ 1 . أغطية الرّأس:

 تعتبر أغطية الرّأس من قطع اللّباس التي يمكن بالاعتماد عليها التّعرّف على الوضع الاجتماعي للمرأة في قبيلة الهمامة. فالمرأة المتزوّجة تنفرد بشدّ شعرها بعد تصفيفه بالشُّرّابَة(11)، التي تختلف كيفيّة استعمالها حسب نوعيّة تسريحة الشّعر التي تختلف بدورها حسب سنّ المرأة(12). كما تنفرد بلفّ رأسها بـ«التّلثيمَة» اللّثام أو «الذّرّايَة»(13) التي توضع فوق المحرمَة أو الوقاية. وتتميّز النّسوة المسنّات باستعمال الزمَالَة بيضاء اللّون مكان العصَابَة. وفوق «الذّرّاية» تلبس المرأة المتزوّجة في فصل الشّتاء «البخْنوقْ» البُخنق من الصّوف. وقد جرت العادة لدى العديد من القبائل البدويّة بالجنوب التّونسي أن يكون «البخْنوقْ» أحمر أو أصفر اللّون إذا كانت المرأة المتزوّجة مازالت شابّة وأزرق اللّون إذا كانت كبيرة السّن(14). وفي المناسبات تتجنّب المرأة المتزوّجة ارتداء البُخنق من الصّوف وترتدي البُخْنق من الحرير الذي يوجد في أصناف مختلفة(15).  

في حين لا تلبس الصّبيّة «التّلثيمة» أو «الذّرّايَة» وإنّما تكتفي بارتداء الوقاية أو محرَمة رأس سوداء(16). وفوق الوقاية كانت تستعمل «طرْفْ» أو»بَخْنُوقْ» من الكتّان أبيض اللّون في فصل الصّيف، ومن الصّوف في فصل الشتاء، تمسكه بأسنانها أو بيديها في مستوى أسفل ذقنها، ونادرا ما تتعصّب فوقه بمنديل رأس أحمر أو أسود اللّون لشدّه إلى رأسها (17). ولا تلبس الأثواب ذات الألوان الزّاهية التي يمكن أن تجلب الانتباه، وهنا تلتقي الثّقافة البدويّة مع عادات وتقاليد سكّان القرى السّاحليّة بالبلاد التّونسيّة(18). وكلّ خروج عن هذه الضّوابط يعتبر مرفوضا تماما من كلّ أفراد القبيلة.  

في حين أنّ الأرملة لا تلبس «التّلثيمة»، ولا «الذّرّاية». وغالبا ما «تتخنّقْ» بـ «الوقـاية» أو بـمحرمة رأس سوداء وتتبرقع بأخرى داكنة اللّون، مكان «التّلثيمة»، وتتعصّب بأخرى مثلها. وفي فصل الشّتاء تضيف لهذه الأغطية «طرْفْ» أو «بخْنوقْ» صوف أسود اللّون، وثمة بعض الأرامل اللّواتي يواصلن ارتداءه في مختلف الفصول ويسمّى عندها بـ «اجْلالَة»(19).

أمّا المرأة المطلّقة فتلفّ رأسها بـ«الوْقـاية» أو بمحرمة رأس داكنة اللّون، ثمّ بـ«بَخنوقْ» من الكتّان الأبيض مكان «التّلثيمة» التي كان ارتداؤها حكرا على المتزوّجات. ثمّ تتعصّب فوقه بـمحرْمة سوداء اللّون، وفي فصل الشّتاء تُعوّض «البخْنوقْ» من الكتّان بـآخر من الصّوف، وعندها يمكنها أن تحوّل العصابة فوق «بخْنوقْ» الصّوف لشدّه إلى رأسها(20).

إلى جانب أغطية الرّأس يعتبر الحزام من أبرز الألبسة المشبعة بالعلامات والرّموز، والتي يمكن استنادا إليها التعرّف بسهولة على الوضع الاجتماعي للمرأة التي ترتديه.

2 _ 2.  الحـــزام:

 الحزام هو مجموعة من الخيوط يمكن أن تكون من موادّ مختلفة(21) على غرار الصّوف أو القطن أو الحرير أو غيرها. تشدّ بها المرأة لباس الاشتمال التي ترديه في مستوى الخصر. و«المحزم والمحزمة والحزام: اسم ما حزم به، والجمع حزم، واحتزم الرّجل وتحزّم بمعنى، وذلك إذا شدّ وسطه بحبل»(22).

ويعتبر الحزام جزءا أساسيا من لباس الاشتمال. ويستعمل من قبل كلّ من النّسوة والرّجال. وتبرز أهمّية هذا العنصر من الثقافة المادّية في تنوّع أصنافه(23)، وفي تعدّد رموزه ودلالاته التي تجعل منه أبرز قطع اللّباس التي تمكّننا من التّعرّف إلى الوضع الاجتماعي للمرأة التي تتمنطق به ليس فقط في برّ الهمامة وإنّما كذلك في أغلب المجتمعات البدويّة وحتّى القرويّة.

تتميّز المرأة المتزوّجة - باستثناء المسنّة - بكبر حجم الحزام حيث يتكوّن من عدد كبير من الخيوط المظفورة التي يفوق عددها في سائر الأيّام العشرة، وقد يتجاوز ذلك بكثير في المناسبات. ويُطلقون علي هذه الخيوط اسم «القوَاطِنْ»(24) إن كانت من القطن، أو المجاديل إن كانت من الصّوف(25). ويمكن أن تكون ذات لون موحّد، أو ذات ألوان مختلفة. وتوجد عدّة مقاطع من أغاني شعبيّة نسويّة في برّ الهمامة يعود أغلبها إلى نهاية القرن التّاسع عشر وبداية القرن العشرين تؤكّد كبر حجم الحزام على غرار هذا المقطع من  الأغنية  الموسومة بـ «يا خدْ اللّي لاحْ»(26).

وأفخــاذها بنيــة جاهلـي (27)     في قصْــرْ بــاردو ومـنوبة(28)

واحزامها طــاحْ حْمـالي(29)     خـلاّ الشّــوايرْ (30) مِذْهــوبة (31)

وكذلك هذا المقطع من أغنية شعبيّة أخرى بعنوان: القلبْ باتْ يِخمّمْ(32).

عـــــــيشة واقْــــــدامَــكْ                شِبْــرينْ عُـرضْ حْزامكْ(33)

لو كان نْجي(34) لأوْهامكْ(35)     لسْمــرْ(36) يِــنوّضْ عَلِـــيّا(37)

عقلــي غْــدا(38) واتْــفــيّا(39)         هزّاتُــو(40) عـــيشة البيّــة (41)

                      القلبْ باتْ يِخَمِّمْ(42)

أمّا حزام النّسوة كبيرات السّن فيتكوّن من عدد قليل من الخيوط المضفورة سواء أكانت من القطن أم من الصّوف وغالبا ما يكون أخضر اللّون(43). وفي مناطق أخرى من البلاد التّونسيّة تفضّل العديد من النّسوة المسنّات حزاما أبيض اللّون(44).   

ويتميّز حزام الصّبيّة من قبيلة الهمامة بحجمه الصّغير إذ يتكوّن من خيط أو خيطين فقط من «القيطِنْ» أو من الصّوف المبروم والمصبوغ(45). ويبدو أنّ هذه الخصائص الثّقافيّة تختلف من جماعة إلى أخرى حسب عاداتها وتقاليدها وأعرافها. فالعديد من الجماعات تُعطي أهمّية قصوى للون الحزام مقارنة بحجمه. ففي بعض المجموعات البدويّة بالجنوب التّونسي(46)، وفي بعض القرى السّاحليّة تُفرد الصّبيّة بحزام أبيض اللّون(47). وفي بعض القبائل العربيّة الأخرى على غرار قبائل شمال سيناء بمصر تختصّ المرأة المتزوّجة بحزام أزرق اللّون، والصّبيّة بحزام بنفسجي فاتح(48).   

أمّا بالنّسبة إلى الأرملة فقد جرت العادة في قبيلة الهمامة أن تتمنطق خلال فترة الحزن التي لا تقلّ مدّتها في الغالب عن السّنة ببريم(49) أي خيط واحد من الصّوف الأبيض(50) أو من الصّوف المخلوط بشعر الماعز أو وبر الإبل. وبعد انتهاء فترة الحزن يتمّ تعويض البريم بحزام يتكوّن من خيطين أو ثلاثة خيوط من «القواطن» أو من الصّوف المضفور والمصبوغ(51). ولئن ذكره رينهارت دوزي (DOZY (R في معجمه(52)، فإنّ رمزيته تختلف عمّا هو سائد ببرّ الهمامة.

في حين تتمنطق المطلّقة بحزام متكوّن من عدد قليل من خيوط من الصّوف المضفور أو «القواطن» التي لا يتعدى عددها في الغالب ثلاثة أو أربعة(53)، فهو أقلّ حجما من حزام المتزوجة وأكبر حجما من حزام الأرملة.

ويقودنا هذا الاختلاف في حجم الحزام ولونه إلى التّطرّق إلى وظائفه المتعدّدة ومن أهمّها الوظيفة العمليّة المتمثّلة في شدّ لباس الاشتمال إلى الجسم وهي وظيفة أساسيّة تجعل من الحزام عنصرا لا يمكن الاستغناء عنه فبفضله تصبح إمكانية التّحرّك سهلة وتتحرّر اليدين ويصبح بالإمكان أداء مختلف الأعمال سواء بالنّسبة إلى النّساء أو الرّجال لأنّ لباس الاشتمال  من دون شدّ  بالحزام وبعناصر أخرى مثل الإبزيم في مستوى الكتفين - من الجهة الأماميّة - يعيق الحركة ويجعل مرتديه غير قادر على أداء الأعمال اليدويّة والبدنيّة المختلفة. وفي هذا الإطار يمكن من خلال الإكونوغرافيا(54) وتحديدا من خلال التماثيل والرّسوم والنّقوش التي تعود إلى العهدين البوني والرّوماني بالبلاد التّونسيّة(55) أنّ نميّز بين صنفين من لباس الاشتمال أحدهما مشدود بالحزام(56) والآخر غير مشدود به(57)، ويبدو أنّ الفرق بين المجموعتين من التّماثيل والرّسوم والنّقوش هو الانتماء الاجتماعي فالمجموعة الأولى ينتمي أصحابها في أغلبهم إلى الفئة العليا من المجتمع التي لا تقوم بالأعمال اليدويّة وعليه فبإمكانها ارتداء لباس الاشتمال دون شدّ، والمجموعة الثّانية ينتمي أصحابها في أغلبهم للعامّة التي تتولّى القيام بكلّ الأعمال اليدويّة باعتبارها الطّبقة المنتجة. ومن الوظائف العمليّة الثّانويّة للحزام أنّه يمثّل محملا للعديد من الأشياء على غرار كيس صغير توضع فيه النّقود، وعلبة الكبريت. كما تُعلّق به مرآة صغيرة الحجم، و«خُمْسة» وبعض الأحجبة و«الوُدَعْ» (جمع ودعة) التي تمثّل تمائم للوقاية من العين. وإلى جانب الوظيفة العمليّة، فللحزام وظيفة جماليّة تبرز في كبر حجمه وفي حفظه لقوام المرأة وإظهار رشاقتها، فالمرأة التي ترغب في إظهار رشاقتها ترتدي الحزام بطريقة معيّنة تجعلها تبدو أكثر جاذبيّة ولعلّ من أبرز هذه الطّرق جعله مرتخيا بحيث يكون في تناسق مع بقيّة الألبسة الفضفاضة والوافية وهو ما نجد له صدى في العديد من الأغاني الشّعبيّة النّسويّة ببرّ الهمامة على غرار هذا المقطع(58):

حْزامْــها مِرْخــوفْ(59)          بانْ الهوى زادْ علــيّا

بيـن العضا والجوفْ          لا عزّروكْ النّاسْ بيّ

وكذلك هذا المقطع من أغنية شعبيّة أخرى(60) بعنوان: مْرَيّضْ رَيّافْ(61).

 جـتْ واردة للشّــــطْ                        صيفةْ(62) غْزال يِنُـطْ(63)

وحْزامْها مْخرْخِطْ(64)                  مـحبوبْـتي الغَنْـــجَة(65)                                                     منّك مْريّضْ ريّافْ    

ومن أغاني المحفل التي تؤكّد الوظيفة الجماليّة للحزام هذا المقطع(66) الذي يتغنّى بكيفيّة لفّ (ليّ) الحزام على خصر مرتديته، ويؤكّد أنّ ارتداءه يتطلّب توفّر مهارات معيّنة:

يا وْخيْ ريتْ حْزامْ                 يِعْـــــجِبْ ليّـــــانه

منقوش نقْـشْ الشّام              على جـوفْ فْــلانه

وللحزام وظائف أخرى منها الوظيفة الأخلاقيّة، التي تبرز في اعتبار عدم ارتدائه من قبل المرأة المتزوّجة عيبا وخروجا عن الأعراف والعادات والتّقاليد لأنّه يستر جزءا حسّاسا من جسدها ويخفي مفاتنها(67) خاصّة إذا كان كبير الحجم. إلاّ أنّه من ناحية أخرى يجلب كبر حجم الحزام انتباه الرّجال وهو ما تؤكّده العديد من الأشعار والأغاني الشّعبيّة، كما سبق وأشرنا إلى ذلك. وفي المقابل إذا كان صغير الحجم مثل حزام الصّبايا والأرامل والمطلّقات فإنّه لن يجلب انتباه الرّجال لكنّه لا يستر الأجزاء الحسّاسة من بدن المرأة. ويبدو أنّ في الأمر نوعا من التّعارض. ولذلك فإنّ الاختلاف في اللّون المعتمد من قبل العديد من المجموعات الأخرى التي أشرنا إليها سابقا يبدو في تقديرنا أقرب إلى المنطق.

وتعكس الوظيفة الأخلاقيّة دور الحزام واللّباس بصفة عامّة في عمليّة الضّبط الاجتماعي وذلك من خلال الالتزام بجملة من العادات والتّقاليد والأعراف التي تفرض على أفراد المجتمع التّعامل بحذر مع المرأة التي تعتبر «تابو» داخل المجتمعات المحافظة بصفة عامّة.  ويبدو أنّ للحزام وظيفة صحّيّة حيث يُعتقد أنّه يجنّب المرأة برد الشّتاء ومرض الكلى لأنّه يمرّ فوقهما. ويساعد على صيانة منطقة الوسط لأنّه يسند العمود الفقري فيبقى سليما مستقيما(68)، خاصّة وأنّ المرأة البدويّة بصفة عامة تسكن الخيمة وهو ما يجعلها تنحني أثناء دخولها وخروجها منها بسبب مدخلها المنخفض. ويشدّ الظّهر ويقوّيه خاصّة عند القيام ببعض الأعمال الشّاقة(69) وهو ما نجد له صدى في بعض الأغاني النّسائيّة ببرّ الهمامة على غرار هذا المقطع من إحدى أغاني الملاّليّة(70):

يا لا لا يا مَـشْنِــي مَــرْتُـو(71)        مَرْتُو حمّارة(72)مِنْصوبَة

ثَمِّـشْ لا كارِهْ(73) مَغْصُوبَهْ

يا لاَ لاَ يَا طُحْتْ مْريضَهْ            غيرْ لِحَــزامْ مْــلايِمْـني(74)

ما نْحــبّشْ حــدْ يْكلّمني

3. دور اللّباس في إبراز الوضع الاقتصادي للمرأة في قبيلة الهمامة:

يمكن بالاعتماد على اللّباس التّمييز بين المرأة الفقيرة والمرأة الميسورة في قبيلة الهمامة، خاصّة وأنّه يعتبر إحدى العلامات الخارجية البارزة لليسر أو الثّروة في مثل هذه المجتمعات البدوية(75). ولئن كانت الفروق بين الفئتين في بداية القرن العشرين تقتصر على احتكار المرأة الميسورة لألبسة من أقمشة جيّدة ومنسوجات متقنة الصّنع، فقد توسّعت في أواخره وفي بداية النّصف الثّاني منه وأصبحت أكثر وضوحا بسبب تفاقم التّأثيرات الخارجيّة والدّاخليّة التي أشرنا إليها سابقا(76). وتبرز مظاهر التّفاوت الاقتصادي في مختلف الألبسة سواء منها لباس الرّأس أو البدن أو القدم.  

3 _ 1. لباس الرّأس:

يمكن التّمييز بين المرأة الفقيرة والمرأة الميسورة من خلال العديد من أغطية الرّأس ومن أهمّها: الوقايَة، و«الذّرّاية» أو «التَّلْثِيمة»، و«الطَّرْفْ» أو «البَخْنُوقْ».

تتمثّل وقاية المرأة أو الصّبيّة الفقيرة في مجرّد خرقة من القماش الأسود التي غالبا ما يتمّ اقتطاعها من المَلْحَفة، أمّا وقاية المرأة أو الصّبيّة الميسورة فتتمثّل في محرمة رأس غالبا ما تكون سوداء اللّون(77).   

أمّا الفروقات في «التّلثيمة» التي كانت تستعملها المرأة الهمّاميّة المتزوّجة فتكمن في جودة الصّوف ودرجة الإتقان، فـ «تلْثِيمَة» المرأة الميسورة من الصّوف الجيّد الأبيض النّاصع. وأحيانا تنسج من الصّوف والحرير بحيث تحتوي على أشرطة من الحرير وأشرطة من الصّوف. أمّا «تلثيمة» المرأة الفقيرة فقد كانت أقلّ جودة واتقانا. وفي أواخر النّصف الأوّل من القرن العشرين انتشر استعمال «الذّرّاية» في أوساط النّساء الميسورات أمّا «التّلثيمة» فبقيت مستعملة من قبل النّساء المنتميات إلى الأوساط الفقيرة(78).

وفي ما يتعلّق بـ «البَخْنوقْ» فيجب التّمييز بين البُخنق اليومي وبُخنق المناسبات. فالبُخنق اليومي في فصل الشّتاء هو البُخنق الصّوفي الذي يكون أكثر جودة بالنسبة إلى المرأة الميسورة وغالبا ما يتكوّن من أشرطة حريريّة وأشرطة صوفيّة. وفي الصّيف تتميّز المرأة الميسورة بارتدائها بُخنق من أنواع جيّدة من الأقمشة. أمّا في المناسبات فتنفرد المرأة الميسورة بارتداء أصناف مختلفة من البُخنق الحريري مثل «بَخْنُوقْ» الحَسْني و«القَرْنْ نِي»، أمّا بُخنق المرأة الفقيرة فيكون في الغالب من الكتّان(79).

3 _ 2 . لباس البدن:

 يتكوّن لباس البدن اليومي من عدّة قطع أهمّها القميص الذي يُسمّى في برّ الهمامة «السّوريّة» أو «القِدْوارة» أو «الكتّانة»، والملحفة.

تتميّز «سوريّة» المرأة الميسورة بخياطتها المتقنة لأنّها تشترى جاهزة من الأسواق. أمّا البعض من النّسوة الفقيرات فغالبا ما تقمن بفصالتها وخياطتها يدويّا لذلك تكون في الغالب غير متقنة. وقد تُضطرّ النّسوة الأكثر فقرا إلى الاستغناء عنها والاكتفاء بارتداء الملْحفة فقط(80).

أمّا المَلْحفَة التي تمثّل لباس الاشتمال الخارجي الذي تشترك فيه الأغلبيّة السّاحقة من النّسوة في برّ الهمامة كانت توجد في عدّة أنواع منها الملحفة «القُرْنة» التي توجد في لونين أسود و أزرق(81)، وتعتبر الملحفة الزّرقاء أكثر رداءة لذلك تكون أكثر  انتشارا في الأوساط  الأكثر فقرا وغالبا ما يتمّ ارتداؤها إلى أن تصبح رثّة وبالية(82). وقد تلتجئ بعض الفتيات المنتميات إلى العائلات الفقيرة إلى ارتداء شطر ملْحفة أي أنّ الملحفة الواحدة  يتمّ اقتسامها بين أختين. وفي أواخر النّصف الأوّل من القرن العشرين وجدت أصناف أخرى من المَلاحِف أكثر جودة تعرف بملاحف «عين حجْلة» وملاحف «كْريبْ» لذلك كانت أكثر استعمالا من قبل النسوة الميسورات فيما ظلّت النّسوة الفقيرات يستعملن الملحفة «قُـرْنة»(83).    

وفي سنوات الحرب العالميّة الثّانية حصل نقص كبير في المواد الأوليّة التي تصنع منها الألبسة، وتم حجز الإنتاج المحلّي من الصوف ومصادرته لتلبية حاجيات جيوش الحلفاء من الألبسة، وفُقدت الأقمشة من الأسواق وارتفعت أسعارها، الشّيء الذي اضطرّ العديد من النّسوة الفقيرات إلى الاكتفاء فقط بـ «حُولي» من الصّوف الذي غالبا ما يتم صبغه أسود اللّون. والطّريف أنّ طول «الحولي» يختلف من فئة إلى أخرى فـ»حولي» المرأة الأكثر فقرا يتراوح طوله بين أربعة وخمسة أذرع (84) أمّا «حولي» المرأة الأقلّ فقرا فيتراوح طوله بين سبعة وثمانية أذرع(85).

أمّـــــا خـــــلال الاحتفــــالات فتـــرتــــدي المـــــرأة المتـــزوّجــــــة «المْطُوبِـــقْ». إلاّ أنّ «المْطُوبِــقْ» الأكثــر انتشــارا لـــدى المــرأة المنتمية إلى العائلات الفقيرة أو المتواضعة يتكّون من ملْحَفتين «كْرِيبْ» أي ملحفة ملوّنة ومن فوقها ملحفة أخرى سوداء. أمّا المرأة الميسورة فغالبا ما تعوّض الملحفة السوداء بـ«حولي جْريدي» أو «احرامْ جْريدي» من الحرير، وأحيانا ترتدي بعض النّسوة مكان «حولي» الحرير «حولي» من أصناف أخرى من الأقمشة مثل الصّبار لأنّهنّ غير قادرات على اشتراء الحرير. وبإمكان بعض النّسوة الأكثر يسرا ارتداء أكثر من ملحفة واحدة ملّونة تحت «الحولي» الحريري(86).

3 _ 3 . لباس القــدم :

تنتعل المرأة الميسورة «الكُونْتْرَا» أو البلْغَة أو «صَنْدَالْ» صندل من الجلد يُشترى من الأسواق جاهزا(87). أمّا المرأة الفقيرة فتنتعل «طرْبَاقَة القاعَة»، أو «طرْباقَة الحلفاء»، أو «طرْباقَة الكوتْشُو»(88). كما أنّ نسبة هامة منهنّ كنّ حافيات، خاصّة وأنّ الحفاء لم يكن يجلب الانتباه لأنّه أمر مُتعوّد عليه.

 وخلال الاحتفالات كانت أغلب النسوة الفقيرات يفضّلن الحفاء على ارتداء صندل من الحلفاء أو من جلد البعير أو من «الكَوِتْشُو». لأنّ المرأة وهي حافية، تكون أكثر جمالا.

 الحلــــي:

لئن صنّفت أغلب الدّراسات التي اهتمّت بشمال إفريقيا الحليّ إلى صنفين حسب المواد الأوّليّة المصنوعة منه: حليّ من الفضّة ويميّز المناطق الرّيفيّة، وحليّ من الذّهب يميّز المناطق الحضريّة(89)، فإنّه في حقيقة الأمر وبالنّسبة إلى البلاد التونسيّة لا يمكن رسم حدود لكل صنف من هذه الأصناف. فحتّى إن كانت الفضّة أكثر انتشارا في الأرياف ولدى البدو بصفة عامّة بما في ذلك الهمامة، فإنّ ذلك لم يمنع من وجود الحليّ من الذّهب خاصة لدى العائلات الميسورة. ويعتبر الحليّ من أهمّ مكمّلات اللّباس الذي يمكن اعتماده مؤشّرا لمعرفة الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمرأة.

1 . مكوّنات الحليّ:

يتكوّن حليّ المرأة من قبيلة الهمامة من القطع الواردة في الجدول التّالي.

جدول عدد 2: قطع حليّ المرأة من قبيلة الهمامة(90).

قطع الحلي    التعريف بها

حليّ الرّأس

«النّوّاشْ»    هو قطعة من الحليّ في شكل مثلّث، ويوجد في أحجام مختلفة. ويتميّز باحتوائه على مسمار صغير في زاويته الحادّة من الجهة الدّاخليّة، وحلقة صغيرة في وسط ضلعه المقابل للزّاوية الحادة التي يربط بها خيط عادة ما يكون من الحرير ومشدودا إلى أحد أطراف «الذّرّاية» أو «البَخْنوقْ» إن كان من الحرير، أما المسمار الصّغير فتمسكه المرأة بأغطية رأسها.

 

«طواﭬـير» جمع «طّيقارْ»    وهي زوجان من الحليّ يتكوّنان من مجموعة من السلاسل «ريحانة» تنتهي كل واحدة بـ«مُشْطَة» - «خُمْسة» أو بقمر (أي قطعة في شكل دائرة تشبه شكل القمر)، يثبّتان على جانبي الرأس ويتدلّيان على الوجه من اليمين والشّمال.

 

الأخراص أو «الأزْوازْ»    تسمّى «أزْوَازْ» بمعنى اثنتين (زوج)، لأنّه لا يمكن استعمال خرص واحد. بل زوج منه كلّ واحد في أذن، ويوجد صنفان من الأخراص وهما «زُوزْ بالطّبْلة» و«زُوزْ بالكْرُومة» بمعنى خرص بالرّقبة:

- «زُوزْ بالطّبْلَة»: خرصان يتكون كل واحد منهما من سلك نصف دائري الشّكل، و صفيحة نصف دائريّة الشكل. وغالبا ما يكون من الفضة ويحتوي على نقوش بارزة.

- «زوزْ بالكْرُومة»: خرصان يتكّون كل واحد منهما من سلك نصف دائري الشّكل ينتهي بسلك أعرض منه بعض الشيء ويحتوي على ما يشبه الأسنان ويكون من الفضة وغالبا من الّذهب.

مَرَافِعْ    يتكوّن من مجموعة سلاسل تشد الخرص «الزُّوزْ» وفي طرفها الآخر «نوّاشْ» صغير الحجم يتمّ مسكه في أغطية الرأس، أو الشّعر حتى لا تلحق «الأزْوازْ»  ضررا بالأذنين بحكم ثقل وزنها.

حليّ الرّقبة والصّدر

«الشّرك» جمع «شركة»    هي التسمية العاميّة للقلادة.

ريحانة    قلادة في شكل سلسلة من الحليّ، حلقاتها عريضة وعادة ما تحمل «مُشْطَة» - «خُمْسة»، أو قمر.

خلال    هو المشبك الذي يشدّ الملحفة في مستوى النهدين وهو من حلي الصّدر، ويمكن أن يكون من الفضّة أو من الذهب وغالبا ما يتكّون من إبزيم وحلقة و«شهدة».

خْلال عينْ جْملْ    خلال يتكون من إبزيم وحلقة فقط، أي «خلالْ» بدون «شَهْدَة».

«شَهْــدَة»    الجزء الأسفل من «الخلال» وتكون مثلثة الشكل، وتحتوي على نقوش محفورة إلى درجة إحداث فراغات وثقب تمثّل أغلبها أشكالا نباتيّة. وتحتوي بعضها على 3رؤوس محدّبة في كل زاوية من المثلّث وتسمّى «كْوَاكِبْ».

«الحْجِـرْ»    من حلي الصدر يتكون من مجموعة سلاسل عادة ما يكون عددها ثلاث، ذات أطوال مختلفة، وتربط الخلالين ببعضهما وتحتوي السلسلة السفلى الأكثر طولا من البقية على «خُمستين» تتوسّطها قمر «قمرة».

حليّ اليــــــد

الخاتــــم    كان يوجد في أشكال مختلفة وغالبا ما يكون من الفضّة، ويمكن للمرأة أن تلبس عدّة خواتم في أصابعها.

«الخدّوجة»    سوار عريض من الفضة ملساء  دونما نقوش.

المقياس «المُـﭭّـاس»    سوار أقل عرضا من «الخدّوجَة» وعادة ما يحتوي على بعض النقوش.

«النّبيلــة»    سوار ذهبي يحتوي نقوشا هندسية.

حْديــدة    نوع من الأساور كانت منتشرة في بر الهمامة في أوائل القرن العشرين، ثم تركت مكانها لـ«المقّـاسْ» و«الخدّوجَة» و«النْبيلَة».

بقيـــّة الحـــــليّ

حلقــة الحــزام    حلية دائرية الشكل تثبّت في الحزام وفيها نوعان: الحلقة الممتلئة، والحلقة الفارغة أو الجوفاء التي عادة ما تحتوي عدد من السلاسل «ريحانة» تنتهي كل واحدة بـ«خُمسة» أو بقمر.

الخلــخال    حلية تلبس في القدم، وغالبا ما تكون من الفضة. وهي دائرية الشكل يبلغ قطرها حوالي 12صم. وغالبا ما تكون فارغة من الدّاخل وتحتوي على زخرفة ذات أشكال هندسيّة ونباتيّة وحيوانيّة.

2 . دور الحليّ في إبراز الوضع الاجتماعي للمرأة:

يلعب الحليّ في قبيلة الهمامة دورا أساسيّا في التّمييز بين النّسوة حسب وضعهنّ الاجتماعي.    

فالمرأة المتزوجة بإمكانها وحسب الأعراف السّائدة في قبيلة الهمامة لبس مختلف أصناف الحلّي(91) التي يمكن تصنيفها إلى حلي يومي يُلبس في سائر الأيّام مثل الخلال و«الحْجِرْ» و«النّواشْ» والأخراص «الأزّوازْ» و«الشّرَكْ» والخواتم و«المقّاسْ» و«الخدّوجة». أمّا الصّنف الثّاني فهو الحلي الذي يُلبس في المناسبات على غرار «الطّيقارْ» وحلقة الحزام والخلخال(92). وتمكّننا الأغاني الشّعبيّة في برّ الهمامة من الاطلاع على العديد من قطع الحلي التي كانت المرأة تلبسها على غرار هذا المقطع(93) من أغنية «تَلِّـفْـتْ غْزالي»(94).  

فطّـــــومْ يا مَبْهاها(95)

لبست الحلقة والحرامْ(96) واتاها(97)

قـــــدّها صـــــاري(98) فــــــي البْـــــــحَرْ يِعـــــــــــومْ(99)

شـــــرعْ اللّه فـطّــومْ

وكذلك هذا المقطع من أغنية أخرى موسومة بـ «عيشة غـثيثِـكْ»(100) الذي يشير إلى الأصوات أو الرّنين الموزون الذي تحدثه الحُصيّات التي توضع داخل الخشال من خلاخيل وأساور عندما تمشي المرأة التي ترتديه «فيتخيّل صورة ملحميّة إطارها الأسوار العالية وعنوانها الطّبول الدّاوية»(101).

عـــيـــــــــشـــة غــثـــــيـــثـك(102)         مُـــــــمْــــــــشـــــــــــــوطْ(103) أغـــــمــــــــارْ(104)                      ريـــــــــــشْ الــــظّــــــلــــــيـــمْ(105)             خــــــــفّــــــــــــــــــقْ(106) مـــــــــــــا طــــــــــــارْ(107)                     

أنـت مـا ليــــكْ مثيلْ(108)     وأنــــت دريــــزْ(109) خْــــــشــالــكْ(110)

فــــي أعْـــقابْ اللّيــــلْ(111)    طبّالْ يُضْربْ بين زوزْ أسوارْ(112)

وكذلك هذا المقطع من أغنية يا «طْوِيرَة»(113):

يا طْوِيرَة(114) ما اسْمِحْ(115) مَشْيِتْها         

                                               القايْلة(116) حَرْقِتْها(117)

خَلْخَالْها(118) مْواتـــي(119) كعْبِتْــها

                                               علــى دورْ العـــامْ(120)

  يـا طْوِيرَة

وفي مقطع آخر من أغنية شعبيّة أخرى من برّ الهمامة «لا يذكر الخلخال بذاته بل  يكنّى عنه بالصّوت الذي يحدثه مذكّرا بصهيل الخيل»(121) (الضّبّاحْ) وهذا يحيلنا على المرجعيّة المتمثّلة في المكانة الهامّة للفروسيّة في المجتمع.

يا خدْ برْقْ اللّي لاحْ           يا أمْ القَطَاطِي مضفورة

جتْ لابْسة الضّبّاحْ            ناسْ اللّي عاشو كبّورة

وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أنّ أصل الخلخال شرقي ووجوده يعود إلى فترات تاريخية قديمة(122)، وكان منتشرا لدى العرب قبل الإسلام.

ويشير هذا المقطع من أغنية «عيْنْ الشّرّادْ»(123) إلى وضع المرأة المتزوّجة لـ «الطّيقارْ» الذي يُثبّت على الرّأس من الجهتين وتتدلّى منه سلاسل (ريحانة):

لِلاَّ يا الرّاشقة الطّيقارٍ(124)         وَصْفِكْ بكرة في لنقارْ(125)

عْلِيــــها الحَـــــــــزّارْ(126)                    صغــيّرْ بالدّمْـعة بْكَى

 عيـــنْ الشّـــــرّادْ(127)

وتعتبر الأخراص أو «الأزوازْ» من قطع الحلي الأخرى التي كثيرا ما ذكرت في أغاني النّساء في برّ الهمامة ومنها هذا المقطع من أغنية  «شِبْهِتْ ريمْ الفالي»(128):  

هنيّة(129) لِبْسِتْ مْــخرّصْ(130)            وجْــحــافْــــــهـــا(131) تِـــتَّــــــرِّسْ(132)

حـــالِـــــفْ بــــوهــا مـــا تْعــرّسْ(133)         كانْ كِ (134) يِعدّوا الألفيّة(135)

حالي فاني من هنيّة

إلاّ أنّه كلمّا تقدّمت المرأة في السّن إلاّ وتخلّت تدريجيّا عن البعض من الحليّ، وغالبا ما تقتصر المرأة كبيرة السّنّ على الخلال دون «الحِجْرْ». وحلّي المعصمين مثل «المُقّاسْ» و«الخدّوجة»(136).

وفي المقابل لا تسمح  الأعراف المتداولة في قبيلة الهمامة في النّصف الأوّل من القرن العشرين لكلّ من  الصّبيّة والمطلّقة والأرملة إلاّ بلبس القليل من الحليّ، وخاصّة منه الحلي الوظيفي على غرار الخلال لشدّ الملْحفة مع الاقتصار في الغالب على خلال «عينْ جْمَلْ» المتكوّن فقط من الحلقة والإبزيم بدون «الشّهْدة». ولم يكن بإمكانهن لبس  حلقة الحزام، و«الحِجْرْ» والخلخال(137). ويدخل ارتداؤهنّ الكثير من الحلي في خانة التزيّن الذي يعتبر مرفوضا وفق الضوابط الاجتماعيّة في المجتمعات المحافظة بصفة عامّة ومنها المجتمعات ذات الثّقافة البدويّة. ولم يكن بإمكانهنّ ارتداء لباس الأفراح والتّزيّن لأنّ ليـس لهنّ أزوجا لتتبرّجن لهم، وكل خروج عن المألوف يعتبر قلّة حياء وعار. مع العلم وأنّه ثمّة بعض المطلقّات اللّواتي كنّ يرغبن في الزّواج ثانية، كنّ أكثر اهتماما بمظهرهنّ من بقية المطلّقات.

ويعتبر الحلي من أبرز مكمّلات لباس المرأة في المجتمعات البدويّة بصفة عامة. وتبدو أهمّيته في تعدّد وظائفه. ومنها الوظيفة العمليّة التي كنّا أشرنا إليها وهي وظيفة أساسيّة إلاّ أنّها لا تهم إلاّ البعض من قطع الحليّ وليس كلّه على غرار «الخلّة» التي تشدّ الملحفة، و»النّواشْ» الذي يشدّ أغطية الرّأس، والمرافع التي تساهم في رفع الأخراص حتّى لا تتمزّق الأذن، والحلقة التي تُساهم في مزيد شدّ الحزام. وللحليّ وظيفة تجميليّة(138) تتمثّل في تزيين المرأة. ووظيفة اقتصاديّة(139). ووظيفة سحريّة أو رمزيّة(140) تتمثّل في الاستعمال المكثّف لبعض الأشكال المرتبطة بالتّمائم مثل السّمكة والقمر التي ترمز إلى الخصوبة(141)، و«الخُمْسَة» أو«المُشْطَة» التي لها دلالات وقائيّة وحمائيّة تجنّب المرأة التي ترتديها شرّ عيون الحسّاد أي أنّها تمثّل رقى شعبيّة ضدّ العين. وهو ما يعكس جانبا من الثّقافة الشّعبيّة لقبيلة الهمامة التي تشترك فيها مع العديد من القبائل البدويّة الأخرى بالبلاد التّونسيّة وخارجها.

وغالبا ما كان الرّجل يوفّر الحليّ لزوجة المستقبل، ويتمثّل في الأخراص والأساور و«الخلّة» و«الحْجِر» وحلقة الحزام، وكلّها دائريّة الشّكل إلى جانب احتوائها على السّلاسل المتكوّنة من مجموعة حلقات وكلّها ترمز إلى الارتباط، وما الزّواج إلاّ ارتباط بين الزّوج وزوجته(142). أدّت التّحوّلات التي عرفها اللّباس في برّ الهمامة وفي البلاد التّونسيّة عموما إلى انحسار كبير في استعمال مختلف هذه الأنواع من الحلّي الذي أصبح مقتصرا فقط على النسّوة كبيرات السّنّ اللّواتي مازلن يرتدين الملْحفة. وأصبح الحلي الملبوس من قبل بنات هذا الجيل من الصّنف الغربيّ المنتشر استعماله في كامل أنحاء البلاد.

3 - دور الحـلي في إبراز الوضع الاقتصادي للمرأة في قبيلة الهمامة:

يعتبر الحليّ مؤشّرا أساسيّا يمكنّنا من التّمييز بين المرأة التي تنتمي إلى عائلة فقيرة والمرأة التي تنتمي إلى عائلة ميسورة. وتبرز مظاهر الاختلاف بين الفئتين في كمّية الحليّ، وفي نوعيّة معدنه.

يتكوّن أغلب الحلي المنتشر استعماله في برّ الهمامة خلال النّصف الأوّل من القرن العشرين من الفضّة كما بقيّة الجماعات البدويّة بالبلاد التّونسيّة. وعليه فإنّ التّمييز بين العائلات الفقيرة والعائلات الميسورة يكون بحسب كميّة الحلي أي تعدّد القطع وكبر الحجم وثقل الوزن، على غرار حلقة الحزام الممتلئة والخلخال و الخلال بـ «الشّهدة». وهو ما يؤكّده هذا المقطع الآخر من  أغنية «عيشة غثيثك»(143).

نَــــــا رِيــــتْ خْـــلالْ(144)           فُوقْ كْتِفْها جابوه لاّلْ

وِزْنُــــــــــو لاَمِــــــــــــينْ(145)           جــــــــاَ ثَـــــمَـــــنْـــيَ أَرْطــــــــالْ(146)

جا سُومُو غالي(147)            كــــــــــــــــــانْ الـــــــــــــتّـــــــــجــــــــارْ

أمّا خلال النّصف الثّاني من القرن العشرين فقد تخلّت العائلات الميسورة تدريجيّا عن الفضّة لفائدة الذّهب وأصبحت عمليّة التّمييز بين الفقراء والميسورين أسهل، بمعنى أنّ المرأة التي بقيت ترتدي حلي الفضّة تنتمي إلى العائلات المتواضعة والفقيرة، والمرأة التي ترتدي حليّ الذّهب تنتمي إلى العائلات الميسورة(148). ومن أبرز قطع الحليّ الذّهبيّة التي كانت منتشرة الاستعمال الخلال و«النّوّاشْ» و«الزّوزْ بالكرومة» و«النْبيلَة». ويمكن تفسير امتلاك العائلات الميسورة كمّيات هامّة من الحلي سواء أكان ذهبا أم فضّة بوظيفته الاقتصاديّة الحيويّة المتمثّلة في ادّخاره واكتنازه لوقت الحاجة(149). خاصّة وأنّ الاقتصاد النّقدي لم تكن له آنذاك مكانة لدى قبيلة الهمامة والمجتمعات البدويّة بصفة عامّة.

وفي ما يتعلّق بالحليّ الذي يتمّ ارتداؤه من قبل المرأة في قبيلة الهمامة فتوجد فوارق بين الحليّ اليومي وحليّ المناسبات. فبالنّسبة إلى لحليّ اليومي يمكن التّمييز بين المرأة المعدمة التي لا تملك الحليّ ولا تستعمل أي قطعة منه بما في ذلك الحليّ (الوظيفي) العمليّ على غرار الخلال. ولذلك كانت مجبرة على

وضع حصاة مكان كلّ خلال وربطها بخيط بعد تجميع طرفي لباس الاشتمال مع بعضهما. أمّا المرأة الأقل فقرا فكانت تستعمل «خلال عِينْ جْملْ» من الفضّة، الذي تمّ تعويضه منذ أواخر النّصف الأوّل من القرن العشرين بالخلال بـ «الشّهْدَة». ولا تستعمل «الحِجْرْ» لأنّها غير قادرة على امتلاكه. أمّا المرأة الميسورة فكانت ترتدي «الخلّة» و»الحْجِرْ» من الذّهب. وفي الأذنين غالبا ما تقتصر المرأة الفقيرة على لبس «زوزْ بالطّبْلَة» من الفضّة، أمّا المرأة الميسورة فتلبس «زوزْ بالكْرُومَة» من الذّهب. أمّا «الشّركْ» والخواتم و«الحديدة» و«الخدّوجة» و»المقّاسْ» فعددها هو الذي يُحدث الفارق بين النّسوة الفقيرات والميسورات. أمّا حلقة الحزام فغالبا ما تكون ملآنة وثقيلة الوزن بالنّسبة إلى المرأة الأكثر يسرا، أمّا المرأة الأقلّ يسرا فترتدي الحلقة الجوفاء التي تحتوي على بعض السّلاسل في شكل «ريحانة». .ويعتبر الخلخال من أهمّ قطع الحلي التي تنفرد المرأة الميسورة بارتدائه(150).  

أمّا في المناسبات وتحديدا في الأفراح فتلبس المرأة الميسورة مختلف قطع الحليّ وأكثر ما يمكن منها، من ذلك «النّوّاشْ» و«الطّواﭬـيرْ» و«زوزْ بالطّبْلة» من الفضّة في أسفل الأذن و»زوزْ بالكْرُومَة» من الذّهب في أعلى الأذن، وثمّة بعض النّسوة الميسورات واللّواتي يردن الظهور في مظهر لائق يرتدين أكثر من خرصين في كل أذن. ولكي لا تُلحق الأخراص  ضررا بالأذنين بحكم ثقل وزنها يتمّ شدّ كل اثنين منها بخيط من الحرير يُمرّر من فوق الرّأس، أو يتمّ شدّ كلّ خرص  بـ«المرافع»، أو بخيط يُربط في طرفه «نوّاشْ» صغير يتمّ مسكه في غطاء الرّأس. كما يرتدين مجموعة من العقود «الشّركْ» التي يمكن أن يصل عددها إلى عشرة عقود، ويلبسن «الريحانة» بكيفية يكون كامل الصّدّر مغّطى بالعقود. وترتدي حلقة الحزام والخلاخيل في القدمين. أمّا المرأة الفقيرة فغالبا ما لا يختلف حليّها اليومي كثيرا عن حليّها في المناسبات(151).    

وتوجد عدّة مقاطع من أغاني شعبيّة في برّ الهمامة تؤكّد انتماء النّسوة اللّواتي يرتدين الكثير من الحليّ إلى عائلات ميسورة وهو ما يمكن استنتاجه من خلال العديد من العبارات مثل «بنت خْيار النّاسْ» و«بنت سيدْ النّاسْ» على غرار هذا المقطع من أغنية: «تَلِّـفْـتْ غزالي»(152).

فطّـــــــوم يا نــــــاسْ(153)

درْبِتْ الخلجة(154) وقَرْبْعُوا(155) الأخراصْ(156)

رايْ بنتْ خْيارْ النّاسْ(157) هـــــي قمـــــــرة والـــبــنات نْــــــــجُــومْ(158)

شــــــرع اللّــــه فطّــــــومْ

وكذلك هذا المقطع من الأغنية الشّعبيّة الموسومة بـ: عمْرَة الغنْجَة(159):

رايْ عَمرة(160) يانــــاسْ        

                             درْبِتْ الخلجة وقَرْبْعُوا الأخْــراصْ

 رايْ بنتْ ســيدْ النّاسْ(161)  

                             عنّـــا ذَراري(162) يلعبــوا الميـــشانْ(163)

خاتــــمة:

بالرّغم من بساطة الأزياء التّقليديّة للمرأة في برّ الهمامة في القرن العشرين وخاصّة في النّصف الأوّل وبداية النّصف الثّاني منه، فقد كان لها العديد من الدّلالات والرّموز التي تعكس الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمرأة التي ترتديه. إلاّ أنّ التّحوّلات التي عرفتها قبيلة الهمامة منذ بداية النّصف الثّاني من القرن العشرين والتي تعمّقت منذ العشريّات الأخيرة من القرن العشرين في إطار العولمة أدّت إلى تخلّي المرأة تدريجيا عن الأزياء التّقليديّة، بحيث لم تعد مستعملة إلاّ من قبل عدد قليل من النّسوة كبار السّن  اللّواتي مازلن يرتدين الملحفة، وعددهم في تراجع من سنة إلى أخرى. وهو ما ترتّب عنه اندثار العديد من الخصوصيّات الثقافيّة المتمثّلة في العادات والتّقاليد والممارسات والطّقوس المرتبطة بالأزياء التّقليديّة، وفي المقابل تمّ تبنّي أنماط جديدة من اللّباس أفقدته رمزيّته ودلالاته السّابقة. ويمكن تلخيص هذه التّحوّلات في مثلين شعبيّين تونسيّين يشكّلان ناسخ ومنسوخ الأوّل وهو المثل المنسوخ « الكسوة ما سترْ والماكلة ما حضَرْ» (164) وفيه معنى الاختيار وفق المعايير الثّقافيّة الموروثة(165) وعليه يكون للّباس علامات ورموز مختلفة. والمثل الشّعبي الثّاني الذي يمثّل النّاسخ « كُولْ على كِيفكْ وإلبِسْ على كيفْ النّاسْ» وفي هذه الحالة يكون اختيار اللّباس وفق ذوق الآخر، أي وفق ما تقتضيه الموضة.     

 

الهوامش:

1 - ينتمي الهمامة حسب رأي أغلب الباحثين إلى القبائل الهلاليّة التي قدمت إلى إفريقيّة خلال القرن الحادي عشر ميلاديّا، ويبدو أنّهم واصلوا طريقهم نحو الغرب ثم رجعوا ليستقرّوا بإفريقيّة في أواخر القرن السّادس عشر  بعد ما أصبحت إيالة عثمانيّة.وتنقسم قبيلة الهمامة إلى عدّة عروش وهي: أولاد عزيز وأولاد معمّر وأولاد رضوان وأولاد سلامة. ولكلّ منها روايته لتفسير أصل القبيلة وهي مختلفة عن بعضها.

2 -ويمتدّ المجال الجغرافي لقبيلة الهمامة بوسط، وجنوب غرب البلاد التّونسيّة ويشمل كامل «وطن» قفصة بما في ذلك توزر و»وطن» الوديان، ويحدّه من الجنوب سلسلة جبلية قليلة الارتفاع تفصله عن نفزاوة وأولاد يعقوب وبني يزيد، ومن الشّمال الغربي كلّ من «وطن» الفراشيش وماجر، ومن الشّمال الشرقي «وطن» جلاص ومن الشّرق أراضي عروش المهاذبة ونفّات ومن الغرب أراضي أولاد سيدي عبيد، وأراضي أولاد سيدي تليل.

3 - المقصود بالحالة الاجتماعيّة التّمييز بين الصّبايا والمتزوّجات والمطلّقات والأرامل. والمقصود بالواقع الاقتصادي التّمييز بين الأوساط الفقيرة والأوساط الميسورة.

4 -  تمّ الاعتماد في هذا المقال على المادّة الإتنوغرافيّة التي جمعتها سنتي 2003 و2004. ومن الخبرة الميدانيّة خلال إعدادي لرسالة الماجستير المتعلّقة بالغذاء واللّباس في برّ الهمامة، الهيشريّة والمكناسي نموذجا: دراسة لإنشاء جناح اتنولوجي لمشروع متحف بسيدي بوزيد. التي تمّت مناقشتها في مارس 2006، بجامعة منّوبة، كلية الآداب والفنون والإنسانيّات.

5 - يُفسّر تسارع تحوّلات السّلوك اللّباسي في البلاد التّونسيّة بصفة عامّة خلال القرن العشرين وخاصّة خلال النّصف الأوّل منه والعشريّتين الأولتين من النّصف الثّاني بالعديد من العوامل منها التّأثيرات الاستعماريّة المتمثّلة في انهيار صناعة النسيج والملابس التقليديّة التّونسيّة بسبب منافسة الصّناعة الفرنسيّة. والانتشار الهام لتجارة الملابس والأقمشة الأوروبيّة المستعملة بسبب انخفاض أسعارها والتي كانت تسمّى بالروبافيكْيا نسبة إلى اسمها بالمالطيّة وهي لفظة منحوتة عن الإيطاليّة Roba vecchia عندما كانت تحت سيطرة التّجّار المالطيين. وبعد الاستقلال ومغادرة المعمّرين البلاد التّونسيّة أصبحت هذه التّجارة تحت سيطرة التّجّار التّونسيين الذين كانوا يتعاملون مع التّجّار الفرنسيين وعندها أصبحت تسمّى بـ «الفريب» نسبة إلى اسمها الفرنسي  Friperie. إلى جانب دور مدارس التكوين المهني الفرنسيّة ثم التّونسيّة المختصّة في قطاع النّسيج والملابس. و»فلكرة» اللّباس التّقليدي التونسي و»تحنيطه» في المتاحف. ودور وسائل الإعلام التي روّجت إلى الملابس الغربيّة وإتّباع الموضة. ولمزيد من التّوسّع في هذا الموضوع، أنظر بالكحلة (عادل)، « في تحولات السلوك اللّباسي التونسي»، دراسات عريبة، عدد 9 و 10، جويلية، أوت، 1997. ص. 119 - 124.

6 - المصدر: براهمي (عبد الكريم)، الغذاء واللباس في برّ الهمامة، الهيشريّة والمكناسي نموذجا، دراسة لإنشاء جناح إتنولوجي لمشروع متحف بسيدي بوزيد، شهادة ماجستير، جامعة منوبة، كليّة الآداب، 2005-2006. ص. 120 - 126 ؛ 182- 184.

7 - «تحْزيقَة»:  هي إحدى طرق استعمال منديل الرأس، تقتضي طيّه بكيفيّة نتحصّل فيها على شكل مثلث، ثم توضع فوق الرأس بكيفيّة يكون الطّرف الحادّ من الخلف، ويُعقد الطرفان الآخران فوق الجبين بعد أن يعقدا مرّة أولى حلف الرأس وأحيانا تعقد فقط خلف الرأس وتسمّى كذلك «تـقْرِيطة».

8 - «تخْنيـقة»: هي طريقة أخرى في استعمال منديل الرأس، تقتضي طيّه بكيفيّة نتحصّل فيها على شكل مثلث، ثم توضع فوق الرأس بكيفيّة يكون الطّرف الحادّ من الخلف، ويعقد الطرفان الآخران أسفل الذقن في مستوى الّرقبة.

9 - «قُـرْنة « نسبة إلى مدينة Livourne الإيطاليّة.

10 - إبراهيم (رجب عبد الجوّاد)، المعجم العربي لأسماء الملابس ، دار الآفاق العربيّة، 2002، ص. 423.

11 - DOZY (R.), Dictionnaire détaillé des noms des vêtements chez les arabes, AMSTERDAM. Jean Muller. 1845. p.71- 73.

12 - إلى جانب وظيفتها العمليّة المتمثّلة في شدّ الشّعر للشّرّابة وظيفة تجميليّة خاصّة وأنّها ذات ألوان مختلفة.

13 - براهمي (عبد الكريم)، الغذاء واللباس...، مرجع مذكور،ص. 177 – 178.

14 - لئن ميّزت «التّلثيمة» النّصف الأوّل من القرن العشرين فقد تمّ تعويضها بـ «الذّرّاية» خلال النّصف الثّاني منه.

15 - مقابلة مع محمّد لسود بن علي بن عبد اللّه براهمي، أولاد ابراهيم بالهيشريّة في 15 – 01 – 2005.

16 - مقابلة مع العائشة بنت لزهر عمامي، 65 سنة، منزل بوزيّان في  5- 12- 2004.

17 - منذ منتصف القرن العشرين نراجع استعمال الوقاية وفي المقابل تزايد استعمال المحرمة السوداء.

18 - مقابلة مع مهنيّة بنت محمد حاجي، 77 سنة، الهيشرية في 02- 01- 2005‏‏.

19 - بن ريانة (رمضان) وبالكحلة (عادل)، طبلبة التقليدية والحداثة في المجتمع العربي ،الجزء 3، مطبعة توب للطباعة شهر ماي 2003. ص. 326.

20 - مقابلة مع رقية بنت محمد جلالي، 68 سنة، الهيشرية في  03 - 11- ‏2005‏‏.

21  - مقابلة مع أحمد بن محمد المكركب ساكري، 70 سنة، ومباركة بنت فرح نصري، 65 سنة، وحدة النّصر في 06- 10- 2004.

22 - DOZY (R.), Dictionnaire détaillé… op. cit. p. 139.

23 - أبو الفضل (جمال الدين)، لسان العرب،  دار صادر بيروت، بدون تاريخ. مادة حزم.

24 - وتنقسم الأحزمة المستعملة في البلاد التّونسيّة إلى أحزمة غير منسوجة من خيوط الصوف وأخرى منسوجة مثل التكّة والشّملة وأحزمة الحرير. وتنتشر الأحزمة المنسوجة جغرافيّا من بنزرت إلى المهديّة وفي صفاقس وجربة، وتنتشر الأحزمة غير المنسوجة في بقيّة المناطق الساحليّة وفي كلّ المناطق الدّاخليّة. أنظر:  

BEN TANFOUS (A.), « Les ceintures de femmes en Tunisie », dans les cahiers des arts et traditions populaires, N° 4,1971.p. 103.

25  - نجد في الشّعر الشّعبي صدى لذلك:

أمّا خدودكْ كي بو قرعون             في ربيع مربّع زاهي النّوار

الخمــــــــري والمُــــــورْ                         واتى حزامك قيطن مضـفور     

ورد هذين البيتين من الشّعر الشّعبي في خريّف (محيّ الدّين)، الشّعر الشّعبي التّونسي: أوزانه وأنواعه، الدّار العربيّة للكتاب، 1991، ص. 116.  

26 - ورد في المعجم العربي لأسماء الملابس لرجب عبد الجوّاد إبراهيم، ص. 396 : القيطان: ما ينسج من الحرير شبه الحبال وقد يُتّخذ من الصّوف أو القطن.   

27 -  غانمي ( نعيمة) والخصخوصي ( أحمد)، أغاني النساء في بر الهمامة، تونس 2010. ص. 97.

28 - جاهلي: المقصود به العهد الرّوماني.

29 -  قصر باردو ومنوّبة: قصور للبايات الحسينيين الذين حكوا البلاد التّونسيّة من (1705 – 1957) تمثّل مقرّ إقامتهم تقع في باردو ومنّوبة غربي العاصمة تونس.

30 - حْمالي: جمع حملة وهي مقياس كمّي لما يحمله بين الصّدر واليدين متشابكتين: وتعني هنا كبر حجم الحزام.

31 -  الشّواير: جمع مفرده شيرة وهي ملكة التّمييز والاهتداء إلى الصّواب.

32 - مذهوبة: من ذهيبة وتعني ضائعة.

33 - غانمي ( نعيمة) والخصخوصي ( أحمد)، أغاني النساء...، مرجع مذكور، ص. 184-185.

34 - الشّبر: هو وحدة قيس تمتدّ من طرف إصبع الإبهام إلى طرف إصبع الوسطى عندما يكون كف اليد مفتوحا تماما، وتبلغ حوالي 25 صم. وشبرين يعني حوالي 50 صم.

35 - نْجي: أجيء.

36 -  لأوهامك: ساحاتك.

37 -  لسمر: كناية على البارود.

38 - إنوّض عليّا: يُطلق عليّ الرّصاص.

39 - غدا: ضاع.

40 - اتفيّا: تفرّق.

41 - هزّاتــو: أخذته.

42 - البيّــة: مؤنّث الباي، وهو حاكم البلاد التّونسيّة في الفترة الممتدّة من يداية حكم البايات المراديين 1631 إلى نهاية حكم البايات الحسينيين وإعلان النّظام الجمهوري بالبلاد التّونسيّة في 1957.

43 - يِخَمِّمْ: يفكّر في انشغال. ولعلّ أصلها من خمّن.

44 - مقابلة مع فجرة بنت عمر براهمي، 74 سنة، الهيشريّة في  24-08-2004.

45 - BEN TANFOUS (A.), « Les ceintures de… », op. cit. p. 103.

46 - مقابلة أحمد بن مصباح قاسمي،75 سنة،المكناسي في 8-9-2004.

47 - المرزوقي (محمّد)، مع البدو في حلّهم، وترحالهم، الدّار العربيّة للكتاب، ليبيا- تونس، الطّبعة الثّانية 1984. ص. 242.

48 -  بن ريانة (رمضان) وبالكحلة (عادل)، طبلبة التقليدية...، مرجع مذكور، الج. 3. ص. 362.

49 -  سناء (مبروك)، «التّراث الثّقافي ودور المرأة البدويّة في مجال الحرف البدويّة»، ضمن بحوث في الأنتروبولوجيا العربيّة، الطّبعة الأولى، 2002، مركز البحوث والدّراسات الاجتماعيّة، كلّيّة الآداب جامعة القاهرة.  ص. 245.

50 - من الأقوال المتداولة في برّ الهمامة والتي تؤكّد ذلك: « فلانة حزينة لابسة بريمة «.

51 - تشترك المرأة في قبيلة الهمامة مع النّسوة في  أغلب القبائل البدويّة في شبه الجزيرة العربيّة وفي شمال إفريقيا على غرار القبائل البدويّة بالصّحراء الغربيّة بمصر، أنظر حنّا (نبيل صبحي)، المجتمعات الصّحراويّة في الوطن العربي ( دراسات نظريّة وميدانيّة)، دار المعارف، الطّبعة الأولى 1984، ص. 124.

52 - مقابلة مع رقية بنت محمد جلالي، 68 سنة، الهيشرية في 03-11-‏2005‏‏.

53 - Voir, DOZY (R.), Dictionnaire détaillé… op. cit. p. 71- 73.

54 - مقابلة مع أحمد بن محمد المكركب ساكري، 70 سنة، ومباركة بنت فرح نصري، 65 سنة، وحدة النّصر في 06-10-2004.

55 - الإكونوغرافيا من الفرنسيّة iconographie وتعني الأيقنة التي تشمل الرّسوم والتّماثيل.

56 - لئن لم تسفعنا أغلب المصادر المكتوبة التي تعود إلى الفترة القديمة وحتّى الفترة الوسيطة – باستثناء التي تعود إلى أواخرها - بمعطيات تتعلّق بأصول الحزام فإنّه من المفيد الرّجوع إلى الإكونوغرافيا التي تثبت أن الحزام من الألبسة التي تعود إلى العهد القديم بالبلاد التّونسيّة، أنظرBEN TANFOUS (A.), « Les ceintures…», op. cit. p. 121، والمؤلّف الجماعي، المرأة التّونسيّة عبر العصور، الجمهوريّة التّونسيّة 1997. وتحديدا صورة كاهنة الإلاهة سيراس تعود إلى العهد الروماني ، وردت بالصّفحة 92. ورسم لإلهة الخصب على مقبض مرآة من العاج تعود إلى القرن السّابع قبل الميلاد، وردت بالصّفحة 45.

57 - يوجد نصب من حجر الكلس لكاهنة الإلاهة سيراس تلبس لباسا فضفاضا مشدودا بحزام، عثر عليه بسيدي علي المديوني (منطقة مكثر)، يعود إلى العهد الروماني، محفوظة بالمتحف الوطني بباردو،  أنظر درين (علي)، «النّساء في عبادة سيراس» ضمن مؤلّف جماعي بعنوان المرأة التّونسيّة عبر العصور، الجمهوريّة التّونسيّة 1997، ص. 92. ويوجد كذلك  رسم لإلهة الخصب وهي ترتدي حزاما على مقبض مرآة من العاج تم العثور عليه في مقبرة قرطاج، معروض بالمتحف الوطني بقرطاج ويعود إلى القرن السّابع قبل الميلاد. أنظر قرندل بن يونس (علياء)، « المرأة البونيّة إغراء وتأنّق» ضمن نفس المؤلّف الجماعي، ص. 45.

58 - توجد عدّة تماثيل تبيّن التحاف النّسوة بلباس الاشتمال دون شدّه بحزام، ومن بينها تمثال من الرّخام الأبيض لكرابريا أنولا وهي سيّدة من الطّبقة «البورجوازيّة البلديّة»، عثر عليه بحيدرة، ويعود إلى القرن الثّاني ميلاديا، محفوظ بالمتحف الوطني بباردو، أنظر صورة هذا التّمثال في العجيمي السّبعي ( ليلى)، « النّساء الرومانيات فيبتونس»، ضمن نفس المؤلّف الجماعي، ص. 60.

59 - غانمي ( نعيمة) والخصخوصي ( أحمد)، أغاني النساء...، مرجع مذكور، ص. 121.

60 -  مِرْخوفْ: مسترخ.

61 - غانمي ( نعيمة) والخصخوصي ( أحمد)، أغاني النساء...، مرجع مذكور، ص. 227.

62 - ريّافْ: شديد الشّوق والحنين.

63 - صيفة غزال: شبيهة بالغزال.

64 - ينطْ: يقفز في خفّة.

65 - مخرخطْ: مسترخ.

66 - الغنْجة: امرأة حسنة المنظر، ومليحة العينين.

67 - خريّف (محيّ الدّين)، الشّعر الشّعبي التّونسي أوزانه وأنواعه، الدّار العربيّة للكتاب،1991. ص. 134.

68 - حنّا (نبيل صبحي)، المجتمعات الصّحراويّة ...، مرجع مذكور، ص. 126؛ سناء (مبروك)، «التّراث الثّقافي...» مرجع مذكور، ص. 253.

69 - بن ريانة (رمضان) وبالكحلة (عادل)، طبلبة التقليدية...، مرجع مذكور، الج. 3. ص.

70 - سناء (مبروك)، «التّراث الثّقافي...» مرجع مذكور، ص. 253.

71 - غانمي ( نعيمة) والخصخوصي ( أحمد)، أغاني النساء...، مرجع مذكور، ص. 169.

72 - مَـشْنِــي مَــرْتُـو: لست امرأته.

73 - حمّارة: هي أعواد ثلاثة يُشدّ بعض أطرافها إلى بعض ويُخالف بين أرجلها وتُعلّق بها الشّكوة لتحريكها حتّى يتحوّل الحليب الرّائب إلى لبن.

74 - امرأة كارِهْ: امرأة تبغض زوجها لأنّها تزوّجته مكرهة.

75 - مْــلايِمْني:أصلها ملائم لي، أي يشدّها ويقيم أودها.

76 - BARDIN (P.), « Les populations arabes du contrôle civil de Gafsa et leurs genres de vie », in IBLA, 7ème année N° 27, 1944. p. 271.

77 - أنظر الهامش رقم 3.

78 - مقابلة مع العائشة بنت لزهر عمامي، 65 سنة، الاعتزاز بمنزل بوزيّان في  5- 12- 2004.

79 - مقابلة مع لطيّفة بنت أحمد بن مليك بوعزيزي، 94 سنة، الهيشرية في 21-10-2004.

80 - مقابلة مع فضّة بنت العوني طاهري، 71 سنة، الجبّاس في 1-08-2004.

81 - مقابلة مع مباركة بنت محمد الصّغير براهمي، 85 سنةّ، الهيشرية في  25- 08- 2004.

82 - الأرشيف الوطني التّونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 19، ملف 210، وثيقة عدد 17292.

83 - SEBILLOTTE (R.), Ksar el Ahmar, Imprimerie RULLIERE – LIBECCIO, 1997. t. II.p. 381.

84 - مقابلة مع العيدي بن عوينة طاهري، 74 سنة، الجبّاس في  5- 11- 2004.

85 - الذّراع: وحدة قيس تساوي حوالي 50 صم.

86 - مقابلة مع هنية بنت علي بن أحمد براهمي، 95 سنة، الهيشرية في 29-08-2004

87 -  مقابلة مع حسنية بنت عمّار طاهري، 65 سنة، المكناسي في  30-01-2005.

88 -  كانت»الكُونْتْرَا» مرغوبة أكثر من طرف النّسوة حديثات العهد بالزّواج، أمّا البلغة التي تحتوي أحيانا على بعض «النوّارات»، فكانت مرغوبة من طرف كبيرات السّن.

89 - مقابلة مع أحمد بن مصباح قاسمي، 75 سنة،المكناسي في 8- 9- 2004.

90 - GARGOURI – SETHOM (S), « Les bijoux de Tunis » in Cahiers des Arts et Traditions Populaires n°8.1984 p. 111.

91 - للتّعرّف على مزيد من التّفاصيل يمكن الرّجوع إلى براهمي (عبد الكريم)، الغذاء واللباس...، مرجع مذكور، ص. 127 – 133.

92 - مقابلة مع فجرة بنت عمر براهمي، 74 سنة، الهيشريّة في 24- 08- 2004.

93 - بن ريانة (رمضان) وبالكحلة (عادل)، طبلبة التقليدية...، مرجع مذكور، الج. 3. ص. 328.

94 - غانمي ( نعيمة) والخصخوصي ( أحمد)، أغاني النساء...، مرجع مذكور، ص. 195- 196.

95 -  تَـلِّفْتْ: أضعت وفقدت.

96 - مَبْهاها: ما أجملها

97 - الحرام بترقيق الرّاء: هو لباس اشتمال خارجي، يتميّز بألوانه الزّاهية، وغالبا ما يتمّ ارتداءه في المناسبات (الأفراح).

98 - واتاها: ناسبها

99 -  صاري: عمود السّفينة الذي يشدّ إليه الشّراع.

100 - يعومْ: يسبح.

101 – غانمي ( نعيمة) والخصخوصي ( أحمد)، أغاني النساء...، مرجع مذكور، ص. 216.  

102 -  نفس المرجع، ص. 121- 122.

100 - غثيثكْ: صفى للشّعر عندما يكون غزيرا.

10. - مُمْشوطْ: مسرّح

104 - اغمارْ: جمع مفرده غمر، وهو ما تسعه قبضة اليد.

405 - الظّليم: ذكر النّعام.

106 - خفّقْ: حرّك جناحيه وهمّ للطّيران.

107 - ما طارْ: لم يطر.

108 - أنت ما ليكْ مثيل: أنتِ ليس لك مثيل

109 - دريزْ: صوت قوي.

110 - خشال: جمع مفرده خشل وهي رؤوس الحلي من الخلاخل والأسورة، ويطلق خاصّة على ما كان منها أجوف غير مصمت. أنظر أنظر أبو الفضل (جمال الدين)، لسان ... مصدر مذكور، مادة خشل.

111 - في أعْقابْ اللّيلْ: في آخر اللّيل.

112 - طبّالْ يُضْربْ بين زوزْ أسوارْ: دوي الطّبول بين سورين اثبين.

113 - غانمي ( نعيمة) والخصخوصي ( أحمد)، أغاني النساء...، مرجع مذكور، ص. 176.

114 -  يا طْوِيرَة: مؤنّث تصغير طير.

115 - ما اسْمِحْ: ما أجمل

116 - القايْلة:شمس الظّهيرة الحارّة.

117 - حَرْقِتْها: أحرقتها.  

118 - خَلْخَالْ : قطعة من الحلي الفضّي عادة ما يكون مجوّف تلبسه المرأة فوق كعبتي ساقيها.

119 - مْواتي كعْبِتْها: متناسق مع كعبتها.

120 - على دورْ العام: على مدى العام.

121 - غانمي ( نعيمة) والخصخوصي ( أحمد)، أغاني النساء...، مرجع مذكور، ص.121.

122 - MAR AIS (G), Les bijoux musulmans de l’Afrique du Nord, Imprimerie Officielle. Alger 1958, p. 8.

123 - غانمي ( نعيمة) والخصخوصي ( أحمد)، أغاني النساء...، مرجع مذكور،ص. 215.

124 - الطّيقار: مفرد وجمعه طْواقِيرْ، وهو حلي غالبا ما يكون من الفضّة مثلّث الشّكل يثبّت في أعلى الرّأس وتتدلّى منه سلاسل.

125 - لنقار: محطّة القطار، وأصلها عبارة باللّغة الفرنسيّة La gare.

126 - الحَزّارْ: هو الرّجل الذي يشدّد الرّقابة على النّساء ويُكثر منعهنّ حتّى من مجرّد الإطلال أو النّظر.

127 - الشّرّادْ: صيغة مبالغة من شردن وهي صفة الغزال النّفور المتمنّع.

128 - غانمي ( نعيمة) والخصخوصي ( أحمد)، أغاني النساء...، مرجع مذكور،ص. 208.

129 - هنيّة: اسم علم للمرأة.

130 - مْخرّصْ: الأخراص: وهي حلي الأذن يمكن أن يكون من الفضّة أو الذّهب، ويسمّى كذلك «الزُّوزْ».

131 - جحافها: هوادجها

132 - تِتَّرِّسْ: تتهادى.

133 - حالفْ بوها ما تْعرّسْ: أقسم أبوها بألاّ تتزوّج.    

134 - كانْ ك: إلاّ إذا.

135 - يعدّوا الألفيّة: الألفيّة نسبة إلى الألف، والمقصود هنا قيمة المهر وهي ألف شاة.

136 - مقابلة مع فجرة بنت عمر براهمي، 74 سنة، الهيشريّة في 24-08- 2004.

137 - مقابلة مع رقية بنت محمد جلالي، 68 سنة، الهيشرية في 03-11-‏2005‏‏.

138 - MAR AIS (G.), « Les bijoux musulmans… », op. cit. p. 9- 12.

139 - Ibid., Idem.

140 - Ouvrage collectif, Bijoux art et culture, office national de l’artisanat. Tunis 1993. p.11.

141 - Ibid., Idem

142 - Ouvrage collectif, Bijoux…, op. cit. p.9.

143 - غانمي ( نعيمة) والخصخوصي ( أحمد)، أغاني النساء...، مرجع مذكور،ص. 217.

144 - نا رِيـتْ خْـــلالْ:أنا رأيت خلال .

145 - وِزْنُـــو لاَمِـــينْ: وزنه عريف الصّاغة.

146 - جــاَ ثَــمَــنْـيَ أَرْطـالْ: وزن ثمانية أرطال.

147 - جا سُومُو غالي: كان ثمنه غاليا.

148 - مقابلة مع أحمد بن محمّد المكركب ساكري، 70 سنة، ومباركة بنت فرح نصري، 65 سنة، وحدة النّصر في 06-10-2004.

149 - MAR AIS (G.), « Les bijoux musulmans… » op. cit. p. 9- 12.

150 - مقابلة مع فضّة بنت العوني طاهري، 71 سنة ، الجبّاس في  1-08-2004.

151 - مقابلة مع أحمد بن محمد المكركب ساكري، 70 سنة، ومباركة بنت فرح نصري، 65 سنة، وحدة النّصر في  06- 10-2004.

152 - غانمي ( نعيمة) والخصخوصي ( أحمد)، أغاني النساء...، مرجع مذكور،ص. 169.

153 - يا ناسْ: يا أيّها النّاس.

154 - درْبِتْ الخلجة:جعلت خصلة الشّعر تتدلّى بجانب الوجنة.

155 - وقَرْبْعُوا: أصدروا صوتا.

156 - الأخراصْ: جمع خرص: وهي القرط حليّ الأذن، وتُسمّى في برّ الهمامة بـ «الزّوزْ» بمعنى اثنين (زوج) وربّما لأنّها توضع في كلا الأذنين، ويوجد صنفين من «الزّوز»: «زُوزْ بالكرومة» و»زُوزْ بالطّبلة».

157 - رايْ بنت خْيار النّاسْ: إنّها (فطّوم) ابنة خيار النّاس: أي ابنة أعيان القوم.

158 - هي قمرة والـبنات نْجُومْ: هي قمر وبقيّة البنات نجوم: للدّلالة على جمالها الفائق.

159 - غانمي ( نعيمة) والخصخوصي ( أحمد)، أغاني النساء...، مرجع مذكور،ص. 121، 211.

160 - عمرة: اسم علم للمرأة.

161 - رايْ بنت سيدْ النّاس: إنّها ابنة سيّد النّاس أي سيّد القوم.     

162 - عنّا ذَراري: عندنا الأولاد (من الذّرّية).

163 - الميشانْ: عبارة تستعمل للدلالة على التّصويب عند الرّماية.

164 - المطوي (محمّد العروسي) والحنّاشي (محمّد الخمّوسي)، الأمثال العامّيّة التّونسيّة والحياة الاجتماعيّة، الطّبعة الأولى، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 2004. ص. 306.

165 - بالكحلة  (عادل) : « في تحولات ...»، مرجع مذكور، ص. 123 - 124.

الصور:

1 - https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/8/83/Fille_mariage_Djerba.jpg

2 - باقي الصور من الكااتب

أعداد المجلة