الغناء البدوي «للمهاذبة» بمنطقة المزونة
العدد 31 - موسيقى وأداء حركي
المعطيات الجغرافية لمنطقة المزّونة.
المزّونة هي مدينة تقع في الوسط الشرقي للبلاد التونسية، وتحديدا في أقصى شرق سلسلة جبال قفصة، على سفح جبل النجيلات الذي يبلغ ارتفاعه 411 م عن سطح البحر. تحدها شمالا الرقاب “الرقاب كان اسمها قنيفيدة. وهي معتمدية من ولاية سيدي بوزيد بالوسط التونسي. تقع بين سهل قمودة وسهل صفاقس وبالتحديد في جنوب شرقي مدينة سيدي بوزيد، وجنوب غربي أولاد حفوز، وشمال غربي مدينة بئر علي، وشمال شرقي المكناسي.
وتمسح قرابة 105 ألاف هكتار.”(1) من ولاية سيدي بوزيد وجنوبا معتمدية منزل الحبيب “منزل الحبيب هي معتمدية تابعة لولاية قابس وكان اسمها السابق العكّزيّات ثم أطلق عليها اسمها الحالي نسبة إلى الحبيب بورقيبة، تضم 11500 ساكن وتبعد 60 كيلومتر عن مركز الولاية.”(2) من ولاية قابس ومعتمدية بلخير (معتمدية تابعة لولاية قفصة تمسح 839 كلم مربع وتضم 15200 ساكن وتبعد حوالي 65 كلم عن مركز الولاية.)(3) من ولاية قفصة وشرقا معتمديتي الصخيرة “تقع معتمدية الصخيرة بالساحل الجنوبي للبلاد التونسية على بعد 85 كيلومتر من ولاية صفاقس. وتبلغ مساحتها الجملية 10250 هكتار.”(4)وبئر علي “بئر علي هي معتمدية تابعة لولاية صفاقس تضم 50059 ساكن وتبعد 62 كيلومتر عن مركز الولاية”.(5)
أما غربا فتحدها معتمدية المكناسي “تمسح المكناسي 599 كيلومتر مربع. وتبعد حوالي 51 كيلومتر عن ولاية سيدي بوزيد وتعد 22617 ساكن.”(6) من ولاية سيدي بوزيد.
تمسح المزّونة 115 ألف هكتار. وتضمّ 09 عمادات “الغريس الشرقية، الدوارة، المزونة، الخوي، الفوني، البسباس، السد، بوهدمة والخبنة”.
كما أنّ المزّونة تتميّز باحتوائها لبقايا السباسب شبه الصحراوية، المماثلة لسباسب بلاد الساحل الإفريقي، مثل شجرة الطلح الموجودة في منطقة بوهدمة من معتمدية المزّونة.
كما يمكن تحديد مناخ معتمدية المزّونة من ناحيتين إذ يتأثّر السفح الشمالي لجبل بوهدمة (المزّونة) بعوامل المناخ المتوسطي الجاف المعتدل طقسه شتاء. بينما يتأثّر سفحه الجنوبي وكذلك سهول بلاد الطلح (المزّونة) بعامل المناخ القاري للصحراء الكبرى، وللسهول المرتفعة لمنطقة قفصة ذات الشتاء البارد. ونادرا ما يتجاوز المعدّل السنوي لنزول الأمطار 100 مم. وترتفع الحرارة في فصل الصيف إلى 45 درجة مائوية في الظل. كما يتواتر فيه هبوب رياح السموم الصحراوية، والعواصف الرملية. بينما تنزل درجة الحرارة في ليالي الشتاء المقمرة إلى ما تحت الصفر(7).
يكوّن جبل بوهدمة من منطقة المزونة جزءا من سلسلة جبال عرباط- بوهدمة الممتدة بداية من شرقي قفصة حتى غربي المزونة. وهي آخر خاصرة للأطلس الصحراوي. ويفصل جبل بوهدمة بين المنطقة القارية الصحراوية وأخدود الظهر التونسي. وللجبل شكل محدودب متكوّن من الكلس والصلصال. ويرجع أصله إلى الحقبة الطباشرية المتوسطة. ويكون حوضه الأوسط الشرقي مصرفا لمياه وادي بوهدمة التي تغذّي عين الشرشارة. كما يكوّن حوضه الأوسط - الغربي مصرفا لمياه وادي المش التي تغذّي العين المعدنية لحمام هدّاج. ويرجع عهد تكوين الحوضين إلى الفترة الممتدّة بين العهدين الجوارسي والطباشيري الأدنى. وهو ما يفسّر وجود الصلصال الملوّن، والجصّ الأبيض والكلس. ويتكوّن أسفل سفح الجبل الجنوبي من التربة المجروفة من أعالي الجبل خلال الحقبة الرابعة. وقد غُطّيت تلك الرواسب في ما بعد بقشرة من الكلس والجص(8).
ألحقت المزّونة إداريا بولاية سيدي بوزيد سنة 1973 بعد أن كانت تتبع ولاية صفاقس. وأحدثت بلدية المزّونة سنة 1984. وتعد المنطقة البلدية 6101 ساكن. بينما يبلغ تعداد المتساكني المعتمدية 33979 ساكن(9).
المعطيات التاريخية لمنطقة المزّونة.
المزّونة :أصل الكلمة كانت «المسجونة» نظرا لموقعها تحت الجبل. سكانها المسمّون بالمهاذبة الذين ينتمون إلى القبائل الرحّل المتواجدة بالبلاد التونسيّة منذ عدّة قرون. ويتواجد المهاذبة بالمناطق الخصبة (فريقة) في فصل الصّيف للحصاد. فيأتون بما يحصلون عليه من قمح وشعير. يقتاتون منه. ثمّ يستبدلون ما تبقّى لهم بالتمر في فصل الخريف أثناء هجرتهم إلى الجنوب التونسي(10).
وتمسح الأراضي التي يقطنها المهاذبة جزءا كبيرا مقارنة ببقيّة الأراضي المخصّصة لبقيّة القبائل. حيث أنّ المهاذبة نسبة للولي الصالح «سيدي مهذّب». وهو أحد الأولياء القادمين من المغرب الأقصى، تحديدا من الساقية الحمراء خلال القرن السادس عشر.
وقد عهد له الحفصيّون (الأمير زكرياء الحفصي)(11) بتهذيب مكتبة جامع الزيتونة المعمور و بذلك سمّي بالمهذّب.
وبما أنه عالم جليل وداعية سلم فقد كُلّف من طرف الحفصيين بالإقامة في مدينة الصخيرة(12) وتحديدا منطقة الحمادة(13) في الجهة القِبلية، لتسوية النزاعات التي تفاقمت بين قبائل الهمامة(14) والمثاليث “قبيلة عربية من أصل بني هلال وسليم، توزّعت على منطقة ما بين صفاقس وأطراف الساحل قبيل سوسة”(15) وبني زيد بمنطقة الأعراض. حيث تمرّ الطريق الشهيرة الرابطة بين المشرق والمغرب العربيين. وقد نجح في تهدئة الأجواء. ثمّ أقام مسجده الشّهير الذي أصبح منارة للعلم والسلم. حيث بقي ضريحه إلى اليوم قبلة للزوّار من أبنائه المنتشرين بعديد المناطق خاصة المزّونة والصخيرة والغريّبة. وقد وهب له المثاليث أراضي شاسعة أصبحت ملكا له ولأتباعه الذّين لم يتجاوزوا في ذلك الوقت 1500 نسمة(16).
وفي زاوية هذا الولي الصالح نجد شجرة النسب، دوّنت فيها سلالة الأشراف، التي ينتمي إليها، والتي تدلّ على نسبه الشريف: فهو أبو القاسم بن أحمد بن هذيل بن أحمد بن مبروك بن علي بن محمد بن سالم بن محمد بن إبراهيم بن مسعود بن علي بن سالم بن يحي بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن علي حمزة بن علي بن خالد بن صالح بن سليمان بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن عيسى بن إدريس بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حسن بن فاطمة الزهراء بنت الرسول صلّى الله عليه وسلّم(17).
ومازالت لـ«سيدي مهذّب» زاوية شهيرة تعرف بزاوية سلطان العرب وتفرّعت عنها:
- سيدي بورويس: وهو دفين نفطة(18) بالجريد.
- سيدي عثمان: وقد كان حفيده مؤسس زاوية غنّوش “ضاحية من ضواحي ولاية قابس تطل على البحر، تمسح 19 كلم مربع وتضم 22700 ساكن وتبعد حوالي 5 كلم عن مركز الولاية”(19) من ولاية قابس “ولاية تونسية تقع بالجنوب الشرقي التونسي على بعد 400 كيلومتر من تونس العاصمة. تضم 368500 ساكن وتتميز بامتداد خليجها”(20).
- سيدي طاهر: وهو مدفون بالمطوية(21) من ولاية قابس.
- سيدي علي الشتّاوي: وهو مؤسس زاوية ببوشة.
- سيدي مزهود: وهو الآخر في بوشمة(22) وانحدر منه عمر بوهلال ثم عمر بويحي، فالحاج علي ثم محمد، وبعده إبراهيم ثم خليفة، ثم محمد، وبعده إبراهيم ثم خليفة، ثم محمد والحاج خليفة الذي تقول عنه لويست فالانسي أنه في أيامها كان قائد بوشمة.
- الحاج أحمد هذا الذي أنجب ثمانية أطفال: الحاج حميدة وهو ابن بالتبعية، والمنوبيات لم ينجب ولدا، والحاج موسى، ومنه عرش أولاد موسى (المهاذبة طبعا).
- عبد اللطيف الذي انحدر منه العابد. ثمّ علي وغريب الذي سمّيت عليه الغريّبة من ولاية صفاقس. ومنهم من كان في دخلة المعاوين وكذلك في الحمّامات... ومن المهاذبة عدد كبير بمعتمدية المزونة من ولاية سيدي بوزيد(23).
الأنماط الغنائية عند المهاذبة بمنطقة المزونة
تعتبر منطقة الأعراض وتحديدا منطقة المزّونة جسر عبور بين الشمال والجنوب والشرق والغرب. وهو ما أفرز تعددا وتنوعا في الأنماط الغنائية التي يمكن أن نذكر منها ما هو متداول:
- «الموقف» بمنطقة المزونة
هو نمط موسيقي شعبي بدوي. يُسمى في بعض البقاع «بالطريق». يُغنّى في أغلب الأعراس والمحافل التقليدية في العديد من الأرياف التونسية. حيث يرتكز أساسا على الشعر الشعبي الملحون. فهو عبارة عن تسلسل غنائي ملحون بمعنى الدور أو النوبة. وهذا التسلسل يتم حسب قواعد متعارفة لدى الغنّاية والأدباء والسامعين. ولعل أهمها وحدة الغرض والصوت. فهو مجموعة من القصائد المغناة تجمعها وحدة الغرض: غزل، مكفّر(24)، وطنيات، رثاء... تتناوله موضوعا لها. وتكون هذه القصائد مرتبة في الغناء كالآتي: مهوى، قسيم، ملزومة، أو سوقة. ويُسمّى الذي يغني «الموقف» «الأديب» يرافقه اثنان يطلق عليهما اسم «السعفة» دون مصاحبة الآلات الموسيقية(25).
كما يحاول فيه الأديب إظهار حرفيته وقدرته على الارتجال وإتقانه والإتيان بأجمل الصور. وأصحاب هذا الغناء يُؤدّونه وقوفا. والأرجح أن التسمية جاءت من هنا. يؤدي الأديب هذا الغناء مراوحة بين الذهاب والإياب في ساحة الغناء(26). ومن القواعد المعمول بها في سهرات المحفل أن يبدأ بالغناء أكبر الغنّاية سنا وأمهرهم، أو أول من يحضر لدار المحفل منهم. كما يكون الأدباء الذين سيؤدون بعده ملتزمين بنفس الغرض الذي تتطرق له الغناي الأول، حسب القولة المتعارفة لديهم “الغناء بالضد اللي سمعت رد”. كما أنه غالبا و من عادات بعضهم بدء المحفل بطريق أو موقف مكفّر، أو صلاة على النبي، أو إذا توافق المحفل مع موسم الحج يؤتى بموقف في الحج. ومهما يكن من أمر فإن صاحب المحفل بالاتفاق مع الغناية يوجه الأغراض لما يتوافق مع متطلبات الحياء حسب تقاليد العائلة، واختلاط الآباء مع الأبناء والكبار مع الشباب(27).
- الأديب:
وهو الشاعر والمغني الأول في قالب الموقف. وعادة ما يكون شاعرا محنكا وله دراية ومعرفة بفن الغناء. ويمكن للأديب أن يتغنى بأشعار غيره. والأديب يفتتح المحفل أو العرس التقليدي يرافقه ما يسمون بالسعفة أو الخمّاس. وقد يكون الأديب سعيفا لأديب آخر وهذه لم نعهدها عند الشاهد الأبيض لأنه يعتبر ذلك انتقاصا من قيمته أمام الناس. فيكون لكل أديب سعفته تتنقل معه أينما غنّى(28).
- السعفة:
وهما اثنان معينان للأديب. ويكونان ملازمين له. ويحفظان كل رصيده الشعري. بل يجب أن يكون للسعيف نفس تكوين الأديب. فهو مطالب بحفظ مخزون شعري هائل. إلى جانب حسن الصوت فإنه يجب على السعفـــة أن يتقاربا في الصوت ويتناغما لكي لا يحدث خلل يحس به المستمع (نشاز). لكن يجب على السعيف أن يكون له معرفة جيدة بالموازين الشعرية والألحان المتماشية مع تلك القوالب. وكما يبين الإسم فإن السعفة يقومون بإسعاف الأديب عند ارتكابه خطأ في الغناء أو في قول الشعر. فيمكن للأديب أن ينسى اللحن أو الكلمة لذلك يجب على السعيف أن يكون يقظا ويتحلى بسرعة البديهة حتى يتلقف الأديب إثر الخطأ ودون أن يحس المستمع بذلك(29).
أما دور السعفة العادي فيتمثل في ترديد مطالع القصائد صحبة الأديب، أو غناء «رأس الركاب» في الملزومة بعد غناء الأدوار. حيث يقومون بالرجوع إلى غناء رأس الركاب الذي يمكننا تشبيهه بالرجوع إلى المذهب في القوالب الغنائية الكلاسيكية(30).
الخمّاس (مفرد خمّاسة) والخماسة يسمون أيضا بالحكّامة أو الشدادة أو الصناع. والخماس معين للأديب. لكنه أقل قيمة من السعيف، لأن الخمّاس لا يواظب على الغناء مع أديب واحد. بينما يكون السعيف ملازما لأديب فقط(31).
مراحل «الموقف»: يتكون الموقف من ثلاثة مراحل وهي:
- المهوى:
وهو يشبه إلى حد ما الموّال في الموسيقى العربية. كما يغنّى جلوسا من قبل الأديب أوّلا ويردده السعفة جلوسا. في ترديد السعفة الأخير يقف الأديب عن مكانه ويبدأ في غناء القسيم. ويكون «المهوى» في الغرض الذي سيتناوله الأديب(32).
مثال: «مهوى» في غرض الغزل والنجع للشاهد الأبيض:
فَارِسْ يا فــــــــــــارسْ عاتي ورجيـــــــــــــــلْ(33)
تُوصِلّي العَانِــــــــــسْ تَائهتْ الجيــــــــــلْ
غَادِي منْ قابــــــــسْ سبعة مْرَاحِيــــــــلْ(34)
- «مهوى» في غرض المكفّر:
نْصلّــــي ونمجِّــــــــــــدْ عـالمْولَى التــــــــــــاجْ
الهــادي مُحَمَـــــــــــــدْ نُـورَه وَلْعـــــــــــــــــــــاجْ(35)
مـــــنْ زَارَه يُسْعَــــــــــدْ يْسَّمَّـــــى الحـَــــــــاجْ
- «مهوى» في غرض الغزل :
مَعْـــرُوفْ خْيَالِـــــــكْ يَا عُومْ الجِيــــــــــلْ(36)
نَعْـــــزَمْ نَعْنَالِـــــــــــــــــكْ(37) في نُصْفْ اللِيـــــلْ
نَرْتَـــعْ فِي قدَالِـــــــــكْ(38) مِنْ دَاكْ عْلِيــــــــــلْ
- «القسيم»:
يشبه إلى حد كبير القصيدة في الشعر الفصيح. وتتكون قصيدته من أبيات دون طالع ولا مكب (الغصن الأخير يلتزم فيه الشاعر قافية الطالع). وينقسم القسيم بدوره إلى عادي ومربع(39)، يؤديه الأديب بصفة فردية(40). حيث لا يسعفه الردّادة أو الخمّاسة أو السعفة إلا عند نهاية القسيم والرجوع إلى المهوى(41).
النوع العادي: هو الذي تكون أبيات قصيدته متحدة القافية في الأشطار الأولى. وتنفرد الأشطار الأخيرة بقافية أخرى مثال قول الشاهد الأبيض:
مَقلُـــوبْ سَاعَــــاتْ الْكْلاَمْ نْقُولَــــــهْ
في فِكْــــــرِةْ السَامِـــــــعْ يْقُــــــولْ بْنِــــــــينْ
وَلِــــتْ تْخَـــوِّفْ في المْــدُن الْغُولَــــــــهْ
وفَــــجْ الْخَــلاَء اُمـَّالِيهْ مُطْمَانِيــــــــــنْ
الخِيلْ عُقْبِتْ(42) والسْبَقْ بْغُولَهْ(43)
ومُولَى البْهِيمَة فَاتْهُمْ(44) الإثْنِينْ
قسيم مربع:
ويتكون من أربعة أغصان تتحد فيها قافية الثلاثة أغصان الأولى بينما ينفرد الغصن الرابع بقافية مستقلة(45) مثاله قول الشاعر الشاهد الأبيض:
يَا مُوسْعَه فَجْ(46) يِصْعَـابْ بَـرّْ وِيــــنْ الأَرْعَـــــــــابْ(47)
يَصْعَبْ على كُـــلْ رَقَــــــــــــــابْ(48) يْخَلِّيه مَشْيًا ضبَابَـا
- «الملزومة أو السوقة»:
يتم دفعها بمساعدة اثنين أو ثلاثة من المسعفين(49). تشبه الملزومة الموشح من حيث الشكل. وتتكون الملزومة من طالع تليه أدوار متركبة من أبيات متحدة القافية. وتختم بقافية اللازمة. وتنقسم الملزومة إلى نوعين: الملزومة العادية والمسدس(50).
أ- الملزومة العادية:
ونجد فيها الملزومة المربعة المتكونة من لازمة وأدوار، تشتمل على أربعة أغصان تتحد فيها قافية الأغصان الثلاثة الأولى. ويحافظ الغصن الرابع على قافية الطالع(51) مثال عند الشاعر أحمد الغربي:
الأيام بَعْدِ ال وَاجْهُوا(52) عَكْسُونِي
فُرقِةْ غَزَالِي لِيعْتِي مَكْنُــونـــــــــــــــــــــــِي
وَاجْهُــــــونــــــــــــــــــــــــــِي مُــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدَّة
فُرْقِةْ غَزَالِي خَلّْفِتْلِي الشِــــــــــــــــــدَّة
أَمَـــــرْ مِ المُــــــرَّارْ لا َيِـــتْعَـــــــــــــــــــــــــــــــــــدَّى
في اللــيلْ لاَ تُــرْقِدْ مْنَـامْ عْيُونِـــــــــــــــي
كما نجد في النوع العادي الملزومة المسدّسة التي تتركب من ستة أغصان تتحد فيها قافية الأغصان الثلاثة الأولى والغصن الخامس. وينفرد الغصن الرابع والأخير بقافية الطالع(53). كما يسميها أيضا شعراء الوسط والجنوب بقسيم بورجيلة(54) مثاله قول الأديب الشاهد الأبيض:
غَثِيثْ(55) هَافْ عَلْ الأَكْتَافْ طَايَحْ قَامَهْ(56)
تْمَضْمَضِتْ مَضْمَضْنِي عَصِيرْ غْرَامَهْ
غَثِيثْ هَــــــــــــــــــــــــافْ طَاحْ حْمَالِـــــــــــــــــــــــــــــــــــــي
سُبْحَانْ مَــــــا خَلَقْ الْكْرِيمْ الــعَالِـــــــــــــــــــــي
كْسِي أَكْتَافْهَا رُقْـــــبِةْ غَزَالْ الجَــــالِــــــــــــــــــي
أَسْوَدْ مْدَلْهَسْ(57) لِيلْ بَــاتْ ظْلاَمَـــــــــــهْ
ومِنْ حُبِّهَا مَـكْفُوخْ(58) كِيفْ جْــــرَالِـــــــــــي
بْلاَ رُوحْ نِمْشِي مْـــــــــعَ الْعْبَادْ جْـهَامَـــــــــــهْ
ب - المسدس:
وتتركب لازمته من ثلاثة أغصان، ومقاطعه من ستة أغصان، تتحد فيها قافية الأغصان الأربعة الأولى. ويلتزم الأخيران بنفس قافية الطالع(59)، مثاله قول الشاعر أحمد البرغوثي:
لِي مُدَّة طَايْلَه نْحَوِّمْ عَ الـــزِّيــــنْ
مَــــــــــــــــــــــــــــــــــا لْقِيتَاشِ وِيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنْ
مَبْرُوكَة يَا صَاحْبِي حَازَتْ بَايِينْ
مَبْرُوكَة يَا صَاحْبِي سُبْطَه تِسْلاَسْ
فَـــــــــازِتْ فُــــــــــــوقْ الــــنَــــــــــــــــــــــــــــــاسْ
رَبّـــــي فَوَّضْ زِينْهَا مِــــــنْ غِيرْ قْيَاسْ
وَقْتِ اِنْ تَظْهَرْ فِــي لْــــــبَـــــــــــــــــــاسْ
هِــــــــــــــــــــــــي و نْسَـــــــاوِيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنْ
حْذَاهَا يَـــــبْدُوا زَيْ شْوَا شِـــــــــــينْ
وقد تتجاوز مقاطعه الستة أغصان ويسمّى مسدس عريض(60) مثاله قول الشاعر أحمد البرغوثي :
ضَحْضَاحْ ما يَقْطَعَه مِنْ تــــْوَانَى
وَاسَعْ أَرْكَـــــــــــــــــــــــانَـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهْ
جَا دُونْ مِنْ يِنْحْبُوا عَلَى جِبَانَا
ضَحْضَاحْ مــــــَا يَقْطْعَه كَـــانْ نَاوِي
سْرِيــــــــــعْ الخْـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــطَاوِي
يَقْوَى عَلَى الضِّيمْ يُصْبِرْ يْلاَوِي
مَكْرُومْ في الصِيفْ مِرْتَاحْ قَــــاوِي
مُــــــــــــــــــــــــــــــــولاَهْ شَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاوِي
بِالعُمِرْ مَا سَرْجَهْ في الــــنْوَاوِي
ذِيلَــــهْ بْدَا في الحَوَافِرْ يْسَــــــــــــــــاوِي
مِهْــــــــــــــــــــــــــتترِجْ بْـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلاَوِي
مْقَيَّدْ وْمَهْجُورْ بِــــــــــــينْ الرْسَـــاوِي
مَطْبُوعْ وِلْدْ الفْحُولَة صْـــــــرَاوِي
دَخْلِـــــــــــــــــــــــــــــــــــــي مْــــــعَـــــــــــــــــــــــــــــــــاوِي
مْنَقَّطْ كْمَا الْفَهْدْ أَزْرَقْ سْمَـــــاوِي
يَعْزَمْ مِنْ الفَجْر فُوقْ النْــــــــدَاوِي
عَلَى الـــقُـــــــــــــــــــــــــــــــــــوتْ طَاوِي
عَرْقَهْ على الدِيرْ صَوَّبْ رْغَــــاوِي
يِشْبَهْ الرِّيمْ مَنْقُوطْ خَـــــــــــــــــــــــاوِي
عَرِيـــــــــــضْ الصْـــهَـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاوِي
عَظْمَهْ عَلَى المُخْ مَقْفُولْ رَاوِي
مُولاَهْ صِنْدِيدْ مَــــــا هُوشْ حَاوِي
يُــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــومْ البْــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلاَوِي
يْشُقْ الخَنَقْ يْنْقَطِعْ في الصْوَاوِي
يُمْـــــــرِقْ على شِيخْ بِـــــــالسِّرْ ضَـاوِي
يْرِيـــــــــــــــــحْ حْــــــــــصَانَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهْ
وْيَصْبَحْ على الصُبْحْ قَاصِدْ مْكَانَهْ
أغاني المحفل بمنطقة المزونة:
يوجد نوع آخر من الأغاني البدوية. وهو ما يصطلح عليه بأغاني «المحفل». وقد نسبت هذه الأغاني إلى المحفل باعتبارها تنشد في هذه المناسبة المحددة. والمحفل من الناحية اللغوية الصرفية صيغة مشتركة بين المصدر الميمي واسم المكان تدل على الفعل بصفته حادثا معلوما. كما تدل على الظرف باعتباره إطارا معينا يجري في حيزه ذلك الحدث. والمحفل من حيث الاصطلاح عبارة عن موكب احتفالي، يقام عادة بمناسبة الزفاف أو الختان. ويضم مجموعة معتبرة من النساء مرتديات أبهى ما لديهن من ملابس وحلي متجملات بأدوات الزينة يخطرن وراء الهودج وبجانبيه. ويحمل هذا الهودج جمل هادئ بازل مكتهل أو مروّض للغرض. وتحيط بذلك الجمع المنظم كوكبة من الفرسان من جهات مختلفة. وهم يطلقون بين الفينة والأخرى من بنادقهم النيران. فتضفي على الموكب أجواء تمتزج فيها المظاهر الملحمية بإيحاءات الشعر. وتبعث في الأنفس مشاعر النخوة والبهجة.
وتنشد أغاني المحفل كذلك عند إحياء سهرات العرس التي تستمر عادة «سبعة أيام وسبع ليال» كما يقولون. وتسمى هذه السهرة «النجمة». وهي تسمية مستمدة من إيقاد النار في أولى ليال العرس إيذانا ببدئه وإعلانا له وإشهارا لأمره. فتغني النساء مبتدئات بأغنية:
سَبِقْنَاكْ وْلَا سَبِقْنَا حَدْ مْعَــــــــاكْ
آه يا ربي
سَبِقْنَاكْ وْسَبِقْنَا آلْرَسُولْ مْعَاكْ
آه يا ربي
وهذه الأغنية كما يظهر من سياقها وعباراتها أنها ذات طابع طقوسي ديني تفتح بها «النجمة» للتبرك. ثم تتوالى أغاني النساء. وقد ترافق المغنيات عند الحاجة امرأة ذات خبرة في المجال لتلقنهن بعض الأبيات إذا خيف من النسيان(61).
وعند البدء وفي الأثناء توقد نار للإضاءة ولإعلان قيام المحفل “ويقوم ذلك مقام الاستدعاء العام”. وتقطع الأغاني النسائية في غالب الأحيان بأغان رجالية قوامها أن يقوم «الغناي» (أو الأديب) بإلقاء قصيدة أو قصائد حسب ما يقتضيه المقام. يرافقه فيه اثنان من «الشدادة» يرددان مطلع القصيدة حسب ألحان وإيقاعات تختلف من شاعر إلى شاعر ومن أغنية إلى أخرى. ويكونان من أصدقائه وأتباعه ومن ذوي الحفظ السريع والصوت الحسن. كأنهما يذكّران بصاحبي الشاعر القديم اللذين يستوقفهما أو يخاطبهما في أول القول.
ويلاحظ في سهرة «النجمة» أنها تنقسم إلى فصول، إذ تغنّى الأغاني ذات المسحة الدينية وأغاني الوصف (التي تتعلق عادة بالسحاب والمطر والأنواء والصحراء وكذلك الخيل والإبل، والطبيعة في مختلف تجلياتها، بالإضافة إلى حركة النجع والمعارك الحربية والملاحم) في القسم الأول من السهرة ويحضرها جمهور من مختلف الأعمار بمن فيهم الشيوخ. ثم يأتي القسم الثاني منها ويغلب عليه غرض الغزل“بعد أن يكونوا الشيوخ قد انسحبوا”.
تؤدى أغاني المحفل أداء جماعيا والنساء واقفات. مما يضفي على الحفل طابعا رسميا يزيده وقارا وشأنا. وفي مألوف العادة تتوزع المغنيات إلى فريقين تبعا للدورين الموكلين إلى كليهما، ففريق أول يعيد المطلع وفريق ثان يردد بقية مقاطع القصيدة ترديدا مقسّطا وفقا لمفاصل الأغنية. ومن المألوف أيضا أن تتحاذى المؤديات ويضعن على رؤوسهن لحافا أبيض أو أحمر عادة. وتمسك أولاهن وآخرتهن من اليمين والشمال طرفي اللحاف. وتردد المقطع امرأتان. ثم تنشد الأخريان المقاطع الشعرية. وعندما تنتهيان من ذلك تبدأ المرأتان في ترديد المطلع. ويستمر الحال على هذا المنوال حتى تستوفى الأغنية. ومن حين لآخر تزغرد النسوة خاصة عند انتهاء الأغنية أو استيفاء مقطع منها، أو رؤية الفرسان تخطر بهم الخيول، أو سماع الأعيرة النارية وهي تطلق من فوهات البنادق(62).
وتمتاز أغاني المحفل من حيث الموسيقى باعتماها على الإمكانيات الصوتية الهائلة كقوة الحنجرة وصفائها وطول النفس وعدم التلكئ في النطق. كما تعتمد على حفظ الجمل الغنائية عن ظهر قلب بعد أن تكون وقرت في الذهن بطريقة عفوية أو رسخت في الذاكرة إثر تمرن وترديد.
تحتل هذه الأغاني في منطقة البحث التي حددناها مكانة متميزة. وتعتبر من الأغاني الأكثر ترديدا في المناسبات السعيدة كحفلات الزفاف والختان... وتؤدى أثناء قيام المرأة ببعض الأعمال المنزلية مثل غزل الصوف أو رحي الحبوب. كما تردد خلال حالات الطرب أو لمجرد الترويح عن النفس.
وتتميز بميزات فهي الأكثر عددا في المدونة التي وقع جمعها. وترتكز على قاعدة المشافهة، شأنها شأن بقية الأنماط الغنائية البدوية. وهي محافظة على هيكل موحّد يلتزم جلها بالمطلع بكل أغنية. وتتقيد في باقي القصيدة بشكل عمودي، يتمثل أساسا في انقسام البيت الشعري إلى شطرين (صدر وعجز). الأمر الذي يذكر على نحو من الأنحاء بالقصيدة العربية القديمة لا في بنيتها العمودية فحسب بل في الأغراض التي طالما رددها شعراء الفصحى في العصور القديمة جاهلية كانت أم إسلامية. فالغزل مثلا غرض غالب على ما عداه من سائر الأغراض في جميع الأغاني التي تسنى لنا جمعها، إضافة إلى ما يسبق ذلك من وقوف على الأطلال ووصف للراحلة، فضلا عن ذكر الفراق وما يصاحبه من لوعة البين وشكوى النوى، وإبراز لمنزلة الحبيبة ذاتيا وموضوعيا.
وتختلف أغاني المحفل عن غيرها من الأغاني، سواء من حيث الشكل أو من جهة المضمون. فالأغنية هنا يمكن أن يصل عدد مقاطعها إلى أكثر من عشرة مقاطع، في حين يصل عدد الأبيات في المقطع الواحد إلى ثلاثة أبيات(63).
ومن أهم الأغاني التي تندرج ضمن أغاني المحفل عند المهاذبة نذكر:
«الجحافي»:
صوت غنائي تختص بأدائه النسوة. وهو مشتق من كلمة الجحفة. وهي الهودج الذي يوضع على ظهر الجمل. يحضره أهل العريس ويغطّونه بأردّية ملوّنة لنقل العروس من بيت والديها إلى بيت زوجها. وعند وصولهم تقوم مجموعة من الشبّان والكهول بألعاب شعبية تعرف بالجّنادة ترافقها أصوات نسائيّة غير مصاحبة بأي آلة موسيقية شعبية. ويؤدّى عادة بطريقة جماعية. وينقسم المنشدون عادة إلى مجموعتين تتناول الأولى غناء المذهب أو الردّة. في حين تتناول الثانية أداء الأبيات وتجرى الألحان على نسق موحد وبدون أيّ تلوين بين المذهب والأبيات. وعادة ما يكون في طبع الصالحي ويؤدى في طبقات مرتفعة يعتمد فيها على القدرة الصوتية(64).
مثل «الجحافي»:
هَــــــــــذَا النَّهَـــــــارْ اِلِ نِبْغِيــــــــــــــــهْ وَالقَلْبْ شَاهِيــــــــــــهْ
يَجْعَلْ محمد حَاضِرْ فِيــــــــــــهْ يَبَـارِكْ وِيهَـــــــــــــــنِّي
يَنْجِيكْ يَا وَلْدِي يَنْجِيـــــــــــــكْ عَلَى مِنْ يْعَادِيــكْ
عِينْ العَدُو مَا تْحُوكِشْ فِيكْ خَوَي الضّــــــَرَارِي
«الجرّاد»:
هو نوع من الغناء عادة ما يكون على البديهة. حيث يحرّر عند قائليه ظرفيا ومن وحي اللّحظة. ويكون عادة دقيق المعنى، سهل العبارة، مصاحبا بآلة إيقاع الدربوكة، الزغاريد، التصفيق والرّقص(65). تختصّ به بنات «الدّوّار». وهو شبيه بأغنية الموقف عند الرّجال. فالمنشدة تكون منفردة وبقيّة البنات الحاضرات يقمن بدور «الشدّان» أي
«الكورال» أو «السّعفةّ». وتتغنّى هذه الأغاني في كلّ الأغراض مثال الفخر.
رفرف يا علم الخضراء هلال و قمره حمراء (66)
ويتّخذ هذا النّوع من الغناء غرضا لإحياء الأعراس ليلا وتسمّى «النّجمة»، وهي إحياء اللّيالي بالغناء والطّرب، إيذانا ببدء الأفراح البدويّة. وعادة ما يصاحبها تصفيق الحاضرين يكون إيقاعا يتماشى مع الأغنية(67).
الصالحي المهذّبي:
هو نوع من الغناء الرّجالي عرف بأدائه المهاذبة. ويغنّى عادة في الأفراح ويكون مصاحبا بآلة الزكّرة وآلات إيقاع، مثل الدربوكة أو الطبلة.
وقد تأثر هذا النوع من الغناء بطبع الصالحي المثلوثي نظرا للاحتكاك والتواصل الثقافي القائم بين المهاذبة والمثاليث، باعتبارهم قبائل متجاورة منذ العهد الحفصي. وقد تميز طبع الصالحي المهذبي بنظّم شعري خاص. حيث حافظ على الشكل الخارجي للقصيدة في الأغنية الجبلية. وكذلك يمتاز هذا الطبع بلهجة موسيقية خاصة تجمع بين نمط الصالحي المثلوثي والألحان الجبليّة. ولا يتجاوز العقد فيه الخمس درجات متتالية (خماسية) تؤدى في طبقات مرتفعة مناسبة لطبقة الزكرة وارتفاع الطبقة خاصية أساسية فيه(68).
مثال «صالحي مهذبي»
“جي مسكنك في العلو قابلتيني
بين الحياة والموت خليتيني”
أغاني الفلاحين:
الغناء عند الفلاحين لا يعتمد علي المهارة والإجادة في الغناء عادة. وتكون كلمات الأغنية بسيطة. لكنها ذات معان مختلفة مثل الحث على العمل. هذا بالإضافة إلى ما يتميز به هذا النمط من بساطة في اللّحن، وعادة يكون في طابع الصالحي أو العروبي. ويغنّى عادة في مناسبة عرس الغنم (موسم جز الصوف لقطيع الأغنام). ويكون عادة في منتصف فصل الرّبيع. ويضاهي في حجمه المهرجان. إلاّ أنّه يقام على مستوى محلّي فتتزين النسوة باللّباس التقليدي. ويشّرفن على إعداد الأكل لإطعام العمال المكلفّين بجزّ الأغنام، ولحثّهم على الإسراع في الجز تقوم مجموعة منهم بغناء «المهاجاة» (نوع من الحداء خاص بالغنم فيه تمجيد للنعجة وفحلها وفيه ذكر لمنافعها وخيراتها) (69).
وفي مناسبات الاستسقاء نظرا لكون المنطقة تعتمد بشكل شبه كلّي على الفلاحة كمصدر رزق فأنّ المطر عنصر أساسي لازدهارها، خاصّة بالنسبة لأشجار الزّياتين التي تحتاج إلى كميات وفيرة من المياه في فصل الخريف حتى يكون إنتاجها وافرا. لذلك لا غرابة في أن نرى عيون البدو كبارا وصغارا تتجه في فرحة إلى كل سحابة ممطرة تظهر في جوانب السماء(70).
وفي هذه المناسبات ترى العديد من الأهالي ينشدون ويتغنون بأغان تتعلق بالمطر وفضلها على الإنسان والنبات والحيوان مثال:
أُمَّكْ طَنْبُوا شَهْلُولاَءْ إِنْ شَاءْ اللَّه تَرَوَّحْ مَبْلُولاَءْ
ومن أهم الأنماط الغنائية البدوية للمهاذبة نذكر:
الأغنية الجبلية:
هي أصوات غنائية تكون عادة مصاحبة بآلة القصبة أو الشبابة والزغاريد. تتغنى بها النسوة وتترنمّن بأهازيج بدويّة بألحان، سمّيت بالصّوت القبلي الذي أتى بها الطرابلسيّة، وخاصة بما يسمّون «النوايل» الذي تمّ تهجيرهم أثناء الحرب الايطالية على طرابلس. وقد لقي هذا النمط من الألحان والغناء صدى لدى المهاذبة بمنطقة المزونة حيث أصبحت من مكوّنات الرصيد الموسيقي الغنائي للمنطقة(71).
وتعتبر المزّونة قلعة من قلاع الشّعر الشعبي. حيث نجد العديد من الشعراء يمتازون بقول الكلمة التعبيرية ومن بينهم نذكر:
محمد الغزال الكثيري والأزهر بالوافي والمنجي المصوري والمولدي هضب والشّاهد الأبيض والبشير خلفة ومهذّب دخيل وبوزيّان المهذّبي وعبد النبي بوزيّان وغيرهم.
إنّ الموقع الجغرافي المميّز للمنطقة أدى إلى ثراء التركيبة الاجتماعية التّي ساهمت بدورها في نحت شخصية المهذّبي. وجعلت منه شخصيّة مميّزة في أداء الطابع الجبلي، باعتبار أن المادة الأولى للغناء هي الكلام الشعري أو الشعر الغنائي الذّي عجت به ربوع المزّونة منذ مطلع القرن التاسع عشر على أيدي نخبة من الشعراء(72).
فالشعر يقال في جهة المزّونة على السّليقة والبديهة، وخاصّة من طرف النّساء اللّواتي تعبّرن عمّا يخالج عواطفهنّ في كتمان مشوب بالآداب العامّة، ومراعاة العرف الاجتماعي. حيث ترتجل إحداهن قول الشّعر وتغنّيه بصوت جبليّ. وقد وجدناه رتيب الإيقاع. حيث تتّخذ المغنّية بيتا من الشّعر متركّبا من صدر وعجز بمثابة التّصريع وهو البيت الأوّل في القصيد الفصيح ويكون متّحد القافية في جزئيه.
يغنّى بالصوت الجبلي وهو من نفس البحر (بورجيلة) مثل:
طِيرْ القطَا وَارِدْ عَلَى غَـــــــدّادَهْ
وْلُومَا العَطَشْ مَــــا تُقْتْلَهْ الصَيّادَهْ
أو
بَايِتْ انَدَقّلْ فِي الجِبَلْ ورْشّادَهْ
مَصْعِبْ علَيّا مَسْرِبْ الـــــــــوَرّادَهْ(73)
ويتألف الجزآن أو الشطران من اثنين وأربعين حرفا على كامل البيت، أي واحد وعشرين حرفا لكلّ شطر. وهي خاصيّة التزم بها الصّوت الجبلي ولا يمكن لمؤدّيه أن يتغنّى ببيت على وزن آخر من أوزان الشّعر الشّعبي. إذ يتناول البيت عادة مواضيع لها جانب عاطفي يمكن أن تكتمه المرأة في خلجات أعماقها خوفا من ردّة العرف الاجتماعيّ داخل الإطار الجغرافي الواحد مثال:
يَاخَالْ بُو مَقْرُونْ لَرْنِبْ جَاتِكْ
أذْبَحْ ودِيرْ المُوسْ فِي مِخْلاَتَكْ(74)
ويكون عادة هذا الغناء على البديهة. حيث يحرّر عند قائليه ظرفيّا ومن وحي اللّحظة في المكاشفة الشّعريّة والغنائيّة. فيغلب عليه جانب البساطة في الطّرح والأسلوب. غير أنّه دقيق المعنى سهل العبارة. وهنا تكمن وظيفة الشّعر الغنائيّ لدى المغنّين والمغنّيات البدويّات.
والغناء وسيلة بالنسبة للإنسان من ناحية الأنثروبولوجيا الثقافيّة في التعبير الحسّي. فهو القادر على تبليغ ما عجزت اللّغة عن تبليغه، ووسيلة للترويح عن النّفس والشعور بالفرح. وقد يكون وسيلة للتعبير عن الإحساس بالحزن في بعض الأحيان.
لعلّ أهمّ ما يميّز الغناء البدويّ بجهة المزّونة وخصوصا لدى «قبيلة المهاذبة» الطابع الجبلي أو الطابع «القبلي» أو «الرقراقي» كما تعارف على تسميته أهالي الجهة. ومن الأبيات الشّعرية التي تصف أهميّة هذا الغناء نذكر:
مَحْفَلْ بِلاَ شَاهِدْ يبَرّدْ فَنّهْ
في عِرْسْ بِنْتَكْ لَا شْعَرْ لاَ غَنّى(75)
وقد كان غناء النساء مشوبا بالحذر والرّيبة في العرف الاجتماعي لدى أهالي قبيلة المهاذبة. وذلك خشية افتضاح أمرهنّ إذا عبّرن عن أحاسيسهن تجاه من يحببن. لذلك يعتمدن على التعابير المجازيّة في الشعر بتضمين الكلام معان دفينة كقول أحداهن:
بْسِيفَكْ وبْمَقْرُونَكْ وبِيّ شَرّقْ
شَاعْ الخَبَرْ مَا عَادْ شَيْ مْدَرّقْ
ظاهر القول يوحي بالحرب والسّيوف والسّلاح والمعنى الضّمني يوحي بطلب المرأة من فارسها أن يتزوّج بها بعد أن شاع خبر علاقتهما(76).
من هنا نلاحظ تأصّل الأغنية الجبليّة بمنطقة المزّونة. حيث يقام في كلّ سنة مهرجان خاصّ في شهر جويلية، تؤدّى أثناءه أغان شعبيّة تعكس الواقع الاجتماعي والثقافي للجهة(77).
لقد تميّزت قبيلة المهاذبة في ثقافتها وفي لهجتها بالوسطيّة. فترى أهلها يتقنون جميع لهجات القبائل الأخرى وخاصّة في الأغنية البدويّة. فنجد أربعة شعراء متميّزين ونخص بالذكر الشاعر الشعبي «عبد النبي بوزيّان» الذّي ذاع صيته في الفترة الاستعمارية. حيث أصبح مغنّيا بدويّا و هنا قال هذا الشّاعر:
جِيتْ بْأمْرْ اللّه بْأمْرْ القَايِدْ
وْمِنْ قَبِلْ نِتْسَبّلْ عْلِيكُمْ زَايِدْ
فكان بلغتنا الحاضرة شاعرا مجازا. إذ تغنّى في كلّ الأغراض الشّعريّة الفنيّة. حيث تغنّى في الغزل بالأغنية البدويّة المعروفة لدى المهاذبة. وعمرها اليوم قرابة مائة وثمانين سنة. حيث أحبّ فتاة في برّ نفزاوة. وقد لقي ممانعة شديدة خاصّة وهي الفتاة المدلّلة وابنة عمدة المنطقة. إضافة إلى أنّه في عهد الاستعمار فكان يقول بالكلمة:
بِنْتْ الشْتِوِي هَمْلِتْلِي دِينِي
ولَا مُتِتْ قُولُوا لْسِيدْهَا بْدِينِي
وفي سياق هذه الأغنية وقع نفيه إلى شمال تونس صحبة أخيه. لكن بعد المسافةلم ينسه عشقه لحبيبته. فكان يتغنّى في أغنيته الشّهيرة(78):
جِي دُونِكْ رَقْرَاقْ وغِيمْ فَـــــجّْ يَرْتَعْ فِيهْ الرِّيـــــــــــــــــــــمْ
جِي دُونِكْ صَعْــــــــــــــــــــــدَهْ خُنْقَهْ ومْسَـــارِبْ وثْنِـيّـــــــــــــهْ
تُسْكِنْهَا الأعْــــــــــــــــــــــــــدَى نْخَافْ نْجِيكْ يطِيحُوا بِيَّــا
وعند انتهاء نفيه عاد مترجّلا صحبة أخيه سالكا طريق سيدي بوزيد. وقد شاهد هناك بعض النّخيل المتناثر بين الجبال فأغمي عليه. وعندما استفاق قال:
ابْنْ وَالْدِيّ حَسّْ العَنِيفْ تْقَاوَى
رِيتْ النّخَلْ نَحْسَابْهَا نِفْزَاوَة
فهذا الشّاعر الغنائي كان له صدى كبير عند أهالي المنطقة. وقد تأثّرت به الأجيال التي جاءت بعده.
ومازال نساء المنطقة ورجالها يردّدون ما قاله الشّعراء السّالف ذكرهم. ولعل ما شاهدناه في برنامج بيت الشّعر في التلفزة التونسية سنة 2009 عندما قدّم منطقة المزّونة خير دليل على كلامنا. حيث كانت تلك الحلقة ملمّة بتراث أجدادنا وقبيلة المهاذبة خاصّة. حيث قدّمت فيها عدّة أغان شعبيّة بصوت المطرب الشعبي «المنجي المصوري»، «أحمد سكر» و«رمضان بن عمر». وجلّ تلك الأغاني البدويّة للشّاعر الغنائي عبد النبيّ بوزيّان(79).
ومن هنا نلاحظ أن الأغنية البدوية متأصّلة في قبيلة «المهاذبة». لكنّ هذا لم يمنع الرصيد من التشويه والاندثار والتهميش الموسيقي. وفي الحقيقة نلاحظ أن الكلمة الشّعرية بقيت على حالها دون تحريفها لكن أدخلوا عليها العديد من الآلات الموسيقية كآلة الزكرة والطبل وغيّبوا استعمال آلة القصبة التّي تميّز الصوت الشهيدي (الجنوب) والألحان الجبليّة (المزّونة).
لاحظنا أن أداء هذه الأغاني من قبل النساء قد تراجع نظرا لتغير الواقع الحياتي والمعيشي للمنطقة. وإقبال الرّجال على هذا الرصيد الموسيقي، واعتماده وسيلة للشهرة والارتزاق. وذلك بإعادة صياغة بعض الأعمال الموسيقية التراثية. إذ قام عدد من المغنّين بتناول أغان تراثية بطريقة مختلفة نسبيا من خلال تغييرها وتنقيحها كلمة ولحنا، أو إعادة توزيعها موسيقيا مما أضفى عليها مسحة من التجديد، لتكون مواكبة للعصر والتطورات الموسيقية. وقد أطلق على هذا النوع من المحاولات مصطلح التهذيب فكان أحيانا بمثابة تشويه لها.
وتعتبر الأغاني المصاحبة بآلة الزكرة المؤدّاة من قبل الرّجال من أبرز الأنماط الشعبية والأكثر رواجا في المنطقة. وهو ما يؤكد هيمنة طابع الصالحي المهذّبي على الطابع الجبلي. وهذه الهيمنة أدّت إلى تحريف الرصيد الموسيقي الأصلي (الأغاني الجبليّة) واندثاره.
الهوامش
1. عيوني، (كمال)، الأذكار الدينية في الرقاب (قبيلة البحايرية نموذجا)، رسالة ختم الدروس الجامعية لنيل شهادة الأستاذية في الموسيقى والعلوم الموسيقية، صفاقس، المعهد العالي للموسيقى، 2002- 2003، ص07.
2. ديوان تنمية الجنوب، ولاية قابس بالأرقام، تونس، 2011، ص 11-17- 19.
3. ديوان تنمية الجنوب، ولاية قفصة بالأرقام، تونس، 2011، ص 12- 16- 18.
4. المهيري، (نعمان)، الحضرة العيساوية لسيدي مهذب بالصخيرة، رسالة ختم الدروس لنيل شهادة ماجستير الموسيقى وأثنولوجيا الموسيقى إختصاص أثنولوجيا الموسيقى، صفاقس، المعهد العالي للموسيقى، 2006 - 2007 ص13.
5. MOLLA (SAMIR) ,Plan D’amenagement Urbain De La Ville De BIR ALI BEN KHALIFA : Rapport De Présentation, Bureau D’étude D’architecture, pp 7-13.
6. ديوان تنمية الوسط الغربي، ولاية سيدي بوزيد في أرقام، تونس، 2008، ص17.
7. ديوان تنمية الوسط الغربي، المرجع السابق، ص 75- 76.
8. http://www.edunet.tn/ressources/site_etab/regional/cr/bouhdma.htm
9. ديوان تنمية الوسط الغربي، ولاية سيدي بوزيد في أرقام، تونس، 2010، ص 15.
10. الكامل، (سامي)، الأعمال الشعرية للأديب الشاهد الأبيض، رسالة ختم الدروس لنيل شهادة الإجازة التطبيقة في الفنون اختصاص تقنيات الصوت، صفاقس، المعهد العالي للموسيقى،2007-2008، ص 06.
11. زكرياء الحفصي: هو أحد مؤسسي أركان الدولة الحفصية بتونس وهو الذي قام ببناء جامع القصبة كما أنشأ في قصره بالقصبة دارا للكتب جمع فيها 36000 مجلّدا من أنفس المؤلفات: عبد الوهاب (حسن حسني)، خلاصة تاريخ تونس، تونس دار الجنوب للنشر، 2004، ص 92.
12. انظر التعريف ص 10.
13. عمادة تابعة لمعتمدية الصخيرة.
14. انظر التعريف ص 24.
15. الحباشي، (محمد علي)، العروش من النشأة إلى التفكيك، بحث تاريخي واجتماعي في أرياف الايالة التونسية وسكانها من 1574 إلى 1957، الشركة التونيسة للنشر وتنمية فنون الرسم، الطبعة الثانية 2006 ، ص 153.
16. VALENSI (LUCETTE), Fellahs Tunisiens, L’économie rurale et la vie des compagnes aux 18ième et 19ième siècles, Mouton, Paris, La haye, 1977, pp 59 - 63.
17. المهيري، (نعمان)، المرجع السابق ص 30-31.
18. مدينة تابعة لولاية توزر تقع في أقصى الجنوب الغربي للبلاد التونسية.
19. ديوان تنمية الجنوب، المرجع السابق، ص 11- 17- 19.
20. الصدادي، (رحاب)، أغنية الطفل في الموروث الشعبي لمنطقة قابس، رسالة ختم الدروس الجامعية لنيل شهادة الأستاذية في الموسيقى والعلوم الموسيقية، تونس، المعهد العالي للموسيقى، 2009- 2010، ص 13.
21. إحدى مدن الجنوب التابعة لولاية قابس وتقع شرقي ولاية قابس.
22. إحدى القرى التابعة لولاية قابس.
23. الهاني، (التهامي)، قمودة تاريخها و اعلامها، الطبعة الثانية، تونس، جوان 2005، ص 63.
24. المكفر وهو غرض شعري ذو طابع ديني يرتكز أساسا على الدعاء وطلب الاستغفار.
25.لقاء مع الشاعر محمد الغزال الكثيري يوم 03 جانفي 2011 ولقاء مع السيد العيدي الكامل يوم 04 جانفي 2011.
26.نصراوي، (عبير)، التقاليد الموسيقية بمنطقة القصرين (القوالب الغنائية نموذجا)، رسالة ختم الدروس لنيل شهادة الأستاذية في الموسيقى والعلوم الموسيقية، تونس، المعهد العالي للموسيقى، 2000-2001، ص 27.
27.سعيدان، (علي)، المرجع السابق ص 07.
28.لقاء مع الشاعر محمد الغزال الكثيري يوم 03 جانفي 2011.
لقاء مع السيد العيدي الكامل يوم 04 جانفي 2011.
29. المرجع السابق ص 07.
30.لقاء مع الشاعر محمد الغزال الكثيري يوم 03 جانفي 2011.
لقاء مع السيد العيدي الكامل يوم 04 جانفي 2011.
31. نفس اللقاء.
32.نفس اللقاء.
33.شجاع.
34.رحلة طويلة.
35.شديد الإشعاع.
36.أجمل الجميلات.
37.أذهب إليك.
38.مكان مصان للحبيبة.
39.بلحسن، (التهامي)، المرجع السابق، ص27.
40.اللطيفي، محمد الطاهر، ملامح الشعر الشعبي بالوسط الغربي التونسي، مجلة الحياة الثقافية، العدد 104، تونس، وزارة الشؤون الثقافية، 1999، ص 63.
42.سعيدان، (علي)، المرجع السابق، ص 07.
42.أصبحت في الوراء.
43.جمع بغل.
44.سبقهم.
45.بلحسن، (التهامي)، المرجع السابق، ص 28.
46.مكان خال.
47. أشياء مرعبة.
48.الرقيب
49.سعيدان، (علي)، المرجع السابق، ص07.
50.بلحسن، (التهامي)، المرجع السابق، ص 28.
51.المرجع السابق، ص 28.
52.طاوعوا.
53.بلحسن، (التهامي)، المرجع السابق، ص29.
54.لقاء مع الشاعر محمد الغزال الكثيري يوم 31 جانفي 2011 و الشاعر الأزهر بالوافي يوم 24 مارس 2011.
55.الشعر.
56.وحدة قيس.
57.شديد الظلام.
58.حالة بسيطة من فقدان الوعي.
59.بلحسن، (التهامي)، المرجع السابق، ص 29.
60.بلحسن، (التهامي)، المرجع السابق، ص 30.
61.الخصخوصي، (أحمد)، أغاني المحفل، مجلة الحياة الثقافية ، تونس، أفريل 2007، ص 62.
62.الخصخوصي، (أحمد)، المرجع السابق، ص 63.
63.الخصخوصي، (أحمد)، المرجع السابق، ص 63.
64.بالوافي، (الأزهر)، مجلة مرآة الوسط، المندوبية الجهوية للثقافة بسيدي بوزيد، 1992 – 1993، ص 09.
65.لقاء مع السيد المنجي المصوري يوم 25 نوفمبر 2010.
66.لقاء مع السيد المنجي المصوري يوم 25 نوفمبر 2010.
67.لقاء مع السيد بالوافي (لزهر)، يوم 20 نوفمبر 2010.
68.لقاء مع السيد المنجي المصوري يوم 25 نوفمبر 2010.
69.المرزوقي، (محمد)، مع البدو في حلّهم و ترحالهم، تونس- ليبيا، الدار العربية للكتاب، 1980، ص 136.
70.بن منصور (رضا)، أغاني بدو دوز في ترحالهم واستقرارهم، رسالة ختم الدروس الجامعية لنيل شهادة الأستاذية في الموسيقى والعلوم الموسيقية، تونس، المعهد العالي للموسيقى، 1994 – 1995، ص 162.
71.لقاء مع السيد المنجي المصوري يوم 27 نوفمبر 2010.
72.لقاء مع السيد الأزهر بالوافي يوم 25 نوفمبر 2010.
73.لقاء مع السيد الأزهر بالوافي يوم 25 مارس 2011.
74.نفس اللقاء.
75.لقاء مع السيد الأزهر بالوافي يوم 25 مارس 2010.
76.لقاء مع السيد الأزهر بالوافي يوم 20 نوفمبر 2010.
77.نفس اللقاء.
78.لقاء مع السيد المنجي المصوري يوم 27 نوفمبر2010.
79.لقاء مع السيد المنجي المصوري يوم 27 نوفمبر2010.
مصادر الصور
1. http://azwaw.net/wp-content/uploads/2009/07/dsc00464-1.jpg
2. من الكاتب.
3. www.marsad.blogspot.com/2007/08/blog-post_31.html
4. www.marsad.blogspot.com/2007/08/blog-post_31.html