الزواج البحريني «القروي» والموروثات الثقافية المتأصلة
العدد 31 - عادات وتقاليد
تقديم:
يعدّ الزواج وفقا لما تعارفت عليه المجتمعات الإنسانية، ومن بينها مجتمعاتنا العربية والإسلامية رابطة اجتماعية عقْدية تنشأ بموجب عقد قائم على الإيجاب والقبول؛ يفضي إلى إباحة الاقتران بين الرجل والمرأة، تحل بموجبه المعاشرة الزوجية بينهما، ويتحدد ما لكليهما من حقوق ، وما عليهما من واجبات.(1)
وينطلق هذا البحث التراثي من مقاربة اجتماعية للزواج «العرس» في المجتمع البحريني، بوصفه موضوعة تكتنزفي طيات تداولها معاني الفرح والسعادة؛ وتحمل بين طياته الكثير من الدلالات والرموز التي يمكن استحضارها في ثنايا الاحتفال بهذه المناسبة والتي يختلط بين عناصرها الطابع التراثي المحليّ، والطابع الإقليمي، والعالمي، بفعل التثاقف الإنساني القيمي والحضاريّ بين الشعوب.
والعرس البحريني التقليدي؛ وإن اختلفت بعض تفاصيل الاحتفال به في حضور بعض عناصره الرئيسة في بيئة محلية، أو تشكّل حضورها في بيئة أخرى، فإن اختلاف هذا التشكّل يكمن في الشكل، وفي اختلاف بعض العادات والتقاليد، سواء كان ذلك في الريف أو المدينة.(2)
وستتناول هذه الدراسة بحثا موضوعه الزواج البحريني « القروي» والموروثات الثقافية المتأصلة فيه؛ انطلاقا من النظر إلى طبيعة التّموضع الاجتماعي للمرأة القروية، الذي به تكتسب مكانتها، وتتأسس عليه منظومة حقوقها وواجباتها، ومن بين ذلك حقها في الزواج، والنظرة القروية الاجتماعية المترسخة لدور الأنثى في الحياة الزوجية وما يترتب على ذلك من أدوار اجتماعية ترتسم بموجب هذه العلقة المقدسة على نحو يعطيها مكانة اجتماعية بين الناس، ويعطي للرجل ما يتم به عرفا وشرعا نصف دينه؛ والأمثال الشعبية تصور لنا شغف الرجل في مجتمع القرية للزواج الذي ينتظره: “ما أطول الليل على رجْلٍ بليّا «بلا» مرَه، يقضي ليله بلا ضحك ولا قشمرة”.
وستركز الدراسة - في الختام- على التحولات المجتمعية التي طرأت على مجتمع القرية البحرينية وما تركته من آثار مسّت حياة الفتاة القروية وأثرت في كيفية تعاطيها مع التحولات الكونيةالعاصفة، مغيّرة نمط تفكيرها، واتجاهاتها نحو العديد من القضايا المعاصرة ومن بينها موضوع «العرس» وما يستحضره من طقوس وممارسات وعادات وتقاليد بسيطة في مظهرها، عميقة في جذورها الحضارية والإنسانية.
أولا - الزواج القروي البحريني القديم بين أعراف المجتمع وتسلط الذكورة :
يستعرض هذا الجزء من الدراسة بعض الجوانب ذات الصلة بالمنحى الحياتي الذي يحكم الزواج القروي البحريني، وما ارتبط به من عوامل تقديس تتخذ من سنن الشريعة الإسلامية مرجعا لها، مع الالتفات إلى ما طرأ على تلك السنن من تحولات كما يتناول هذا الجزء من الدراسة الجوانب المتعلقة بأخذ رأي الفتاة القروية في الموافقة على من يتقدم لطلب يدها للزواج أو عدمه، دون إغفال الجوانب المتعلقة بالطقوس الاجتماعية المتوارثة المصاحبة لهذه المناسبة.
المرأة المتزوجة في الثقافة الشعبية لمجتمع القرية:
عاشت الفتاة القروية في الأزمنة القديمة، حالة من الجهل بسبب انتشار الأمية؛ وذلك قبل أن تنال حقها في التعليم، حيث كان من السائد في مجتمع القرية البحرينية آنذاك أن لا يكون للمرأة رأي في كل ما يتعلق بشئونها أو إدارة أمورها الشخصية، حيث اعتبرت فاقدة للأهلية، وبذلك يتم تجاهل الأخذ برأيها أو استشارتها، حتى وإن تعلق الأمر بحدث شخصي مصيري مثل الزواج.
ولوصف الحالة الضبابية التي تكتنف حياة الأنثى القروية آنذاك، تحكي لنا جداتنا وأمهاتنا عن الحالة السيئة التي كنّ يعشنها، فيصفن أنّ كل ما يتعلق بحياتهن كان يخضع لسيطرة ذكورية مباشرة من قبل ولي الأمر (الأب أو الزوج أو الأخ الأكبر)، أو غير مباشرة متمثلة في سطوة الأم «الظاهرية» المنصاعة لهيمنة ينتجها المجتمع القروي الذكوري، بوصفها ثقافة سائدة تحرص الأم على توريثها بأمانة إلى بناتها العازبات أو المتزوجات على السواء، ومن تمظهراتها ما يتردد في تداول بعض العبارات الشعبية من مثل:“من صبر قدر يا بتي، ما ليش ( إليكِ ) إلا زوجش ( زوجكِ )، أو ما ليش إلا بيت زوجكِ، اصبري –ما عطا الصابرين إلا خير .. إلخ”، كما يتكئ هذا الموروث الثقافي - القيمي على تداول بعض الأمثال الشعبية التي ترسخ هذا الموروث من مثل : “الرجال شايل عيبه” أو المثل القائل: “قاعدة ومستريحة، سوت إليها فضيحة...”.
«الحظ المايل» في مقولات تأخر زواج الفتاة القروية :
في سياق إيراد حال المرأة التي تأخر بها العمر ولم يكتب لها الزواج، تبرز ظاهرة القهر اللفظي المتمثل «سطوة» لسان الأمهات، الذي يعد بمثابة عنف لفظي يترك آثاره النفسية على الفتاة ملحقا بها أذى أشد من العنف الجسدي، وقد سمعت عن بعض الحالات التي لا تطيق فيها الأنثى غير متزوجة الحياة وتتمنى الموت باعتباره فرجاً لها خاصة عندما تستمع على لسان أمها بمعايرة «الحظ المايل» مذكرة لها بحالها في مجتمع لا يتعاطف مع كلمة «عانس».. مرددة حال المثل الشعبي الذي يحفظه المجتمع على لسان الأنثى العانس: “يا الله يا فحال، يا الله يا فحال، أشكي لك الحال، كل الفتايا/ البنات عرسوا وآني في هالحال”.
من هنا يقال :
إنچانضرب السيف يبري بالدواء «إذا كان- يلتئم ويتعافى» إن جواب اللسان في القلب ثابت
ويمكن إرجاع أسباب العنف الممارس على المرأة عموما، وعلى الفتاة غير المتزوجة خصوصا إلى توارث اقتران حضور ذلك العنف مع حضور صورة الذكر في المخيال الشعبيّ الأنثوي، والمرتبط في الكثير من تصوراته بمحنة المرأة القروية الثقافية التصورية للعنف الموجه ضدها، والمتولد بالأساس من حالة عقلية مبنية على جملة من الاستيهامات التخيلية التي أنتجتها الأعراف الثقافية السائدة تجاه الأنثى في مجتمعها القرويّ، والتي تسهم التصورات الثقافية للأنثى نفسها عن حضور الذكر في حياتها – بدرجة ما- في إعطاء تلك الاستيهامات نصيبها من الحضور؛ ذلك أن الأنثى ليست بريئة تماماً من ممارسة العنف تجاه ذاتها ونوعها.(3)
وتتجلى مظاهر ذلك في أن المرأة القروية، مثلها مثل أية امرأة في العالم تعيد إنتاج القيم التي تقمعها وتهينها كامرأة في علاقتها بذاتها بأنوثتها وبكارتها، وفقا لما اصطلح عليه “باولو فرايري في توصيفه للعملية التبادلية لمنظومة التواطؤ الاضطهادي، التي بموجبها يمكن اعتبار «الود» بالنسبة للرجل والمرأة (هم / هنّ) تتعالق صوره في التمثّل في التشبّه بالمضطهِد (أو ثقافته وعقليته) والتباهي به، والوعي الاجتماعي الذي يتكون لديهم هو وعي مزدوج لأن العبد يأوي في داخله إلى السيد”.(4)
وعليه فإن الأنثى « الإبنة» ترى في أبيها المرجع والملاذ والوجه الأوديبي ونموذج الأداء، فهي لذلك ترى وجه أمّها والنساء جميعاً من باب الأب، وترى وجه الرجال جميعاً من باب والدها الذي يختصر العالم الذكوري قاطبة، فيصبح من وجهة نظرها حامل الأمانة التي لن يتأخر من تسليمها للزوج لاحقاً؛ على أن هذا أي التسليم لا يكون كاملاً؛ لذا يبقى الأب عالقاً في أعماق ابنته ويكون هو الضمان الوجداني إذا فشلت الإبنة في إبدال الأب بذكر غيره.(5)
ومن هنا نستخلص أنّ رأي الفتاة في الشخص المتقدم لخطبتها هو رأي مصادر، تعود كلمة الفصل فيه إلى ولي أمرها، فتكون الفتاة أشبه بسلعة تباع وتشترى، بذريعة الستر «ستر البنت»، كما يقول المثل العامي «البنت ما ليها إلا بيت زوجها»، وقد تثير الأم هواجس إبنتها عندما تشربها ثقافة الخوف من العنوسة، فتقول لها: «البنية مثل الطاكة، كل من يجي ويقلبها ، لين ما تروح زهوتها»
في مثل هذا المحيط الاجتماعي والأسري القروي وما يعتور بيئته من أقوال ومعتقدات يتأكد للفتاة خوف أكثر؛ فتبدأ بالقلق من تقدمها في السن، ثم تقع في ورطة القبول بأي شكل من أشكال الزواج حتى لو كانت ضرة لإمرأة أخرى، حين يطلب يدها رجل مزواج دون النظر إلى أية اعتبارات أخرى، مثل فارق العمر، أو غيره.
لقد كانت الفتاة القروية في زمن أمهاتنا وجداتنا تزف إلى بيت الزوجية في عمر الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة، وفي حالات كثيرة في سن التاسعة من عمرها ، وكانت الكثير من الأسر تنوء بأعبائها المادية، في سبيل إعاشة أبنائها، فكانت تعمد إلى تزويج الفتاة مبكراً، لتخفيف هذا العبء، والاستجابة إلى ثقافة المجتمع السائدة، والتي ترى في عرفها أن التزويج المبكر للفتاة ستر وتحصين لها، وحتى لو مات زوجها ، يتم تزويجها بشكل إجباري، حتى لو لم ترغب بذلك، مما ينشأ عنه إمكانية تراتبية وضعها بوصفها «زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة»، خصوصاً مع شيوع ظاهرة «تعدد الزوجات» في مجتمع القرية البحرينية آنذاك.
وبالمقابل فإن الرجل -وفقا للتصور الشعبي السائد- يكون حضوره متعاليا ليسد نقص المرأة وخلل وجودها المجتمعي بوصفه «ما يعيبه شيء»، وكل ما يحتاجه في موضوع الزواج والاقتران بالأنثى لا يعدو أن يكون قيمة الصداق « المهر»، حيث يقول المثل الشعبي:
إذا حضرت البيض، تجلب كل مزيونة «ربما يقصد بالبيض: المهر سواء كان مالا أو فضة
ويقول مثل آخر: “الرجّال يعيزه حكب، ولا يعوزه مهر”الخيط الذي يثبت الإزار، وهو بمثابة الحزام.
ومما يشير إلى أن المرأة في عرف المجتمع القروي آنذاك لا تعدو أن تكون قطعة متاع وأن الزواج بمثابة عملية شراء وحضن لإنجاب الأولاد وتربيتهم لذا شاع أن يردد أهل المعرس أهزوجة متداولة في ليلة الدخلة تقول:
الولد والبنت إلينا والمهر راجع علينا..
احتكار سلطة زواج الأرامل في عرف القرية البحرينية :
- سلطة زواج الأخ من أرملة أخيه:
أيام زمان كانت هناك عادة زواج الأرملة في القرية البحرينية من حميها (أخ زوجها) حتى وإن كانت لديه زوجة أو أكثر. فلماذا تم التعارف على احتكار هذه السلطة على أخ الزوج دون سواه؟ ويأتي الجواب الاجتماعي القيميّ لأنه «عم الأولاد» وهو بذلك يحوز الأفضلية مبررة بذريعة الولاية التي تجد مسوّغها العرفي في تداول المثل الشعبي الذي يقول: “الخَالْ خَليْ ، والعَمْ وِلِيْ...”
هذا المثل يضرب ليبين ضاربه أن العم في منزلة الوالد فهو يرث أخاه بعد وفاته وعليه تحمل مسئولية زوجة أخيه المتوفى وأبنائه، بعكس الخال الذي لا يرث وليس ملزما بتحمل مسئولية أخته وأبنائها.
واستتباعا لمفهوم سلطة العم السابقة نشأت سلطة أخرى للعم في إجبار البنت بالزواج من إبن عمها، وفقا لعادات الزواج السائدة آنذاك في مجتمع القرية البحرينية القديم.
- دلالة الصمت بوصفها علامة أخذ رأي الفتاة في أمر زواجها بمجتمع القرية:
يمكن لنا من باب الإنصاف الشكليّ إيراد نماذج على لسان «إخباريات» تحدثن بأنهن: “تم أخذ رأيهن في أمر الزواج، إلا أنهن صمتن، فاحتُسب هذا الصمت على أنه موافقة حيث السائد عرفا أن «السكوت علامة الرضا»، وقولهم في تبرير هذه الحالة:« مشتهية ومستحية »”.
وهناك حالة أوضحتها لي الإخبارية «أم عبدالله» في سياق حديثها معي، حيث أُخذ برأيها في أمر الموافقة على زواجها، لأنها «يتيمة» كما قالت.
ومما تورده الباحثة سوسن اسماعيل في دراستها حول «الزواج في قرى البحرين» قرية النويدرات أنموذجاً «أن الخطّابة قديماً كانوا يتحدثون لوالد الفتاة المراد خطبتها بأنهم سوف يأتون إليه في ليلة معينة للزيارة فيرحب بهم، وعندما يأتون ليطلبوا يد ابنته للشخص الذي أوكل إليهم» مهمة البحث عن زوجة أو والد العريس نظراً لخبرتهم؛ يذهب الأب ليستشير الإبنة وهي مجرد شكليات لإبراء الذمة كونهم متمسكين -كما يرون- بكلام الله، فهي لا تبدي رأيها وإنما والدها هو الذي يقول إن كان يصلح المتقدم لخطبتها أم لا . و في هذا الصدد تقول أم محمد: كنت نائمة عندما أتى والدي ليقول لي :إن هذا الرجل جاء ليتقدم لي وعندها لم يكن لي رأي على الرغم من صغر سني، إذ كنت في الثانية عشرة من عمري، ولم تأتني الدورة الشهرية بعد، وعندها انحسم الأمر وتقول في الخطابة المثل الشعبي المشهور:“أدعي على الخطيب والخطيبة واللي قضى واللي سعى بالغيبة... أدعي عليه بالريح والتنصيبة إيموت ما عنده جفن/ كفن يوصي به” مما يعكس درجة معاناة الفتاة آنذاك في أمر زواجها معبرة عن رأيها بهذا المثل الشعبي.(7)
ويدلو علي خميس الفردان بدلوه في هذا الأمر قائلا: في تلك المرحلة ليس من حق المرأة أن تحب وتعشق رجلا، فهو أمر محرم ومعيب عليها، وعلى الشاب كذلك، بوصفه مخالفة سافرة للدين والعرف والفطرة. لذلك كان عليها أن تنتظر رجلا يتقدم لخطبتها وعليها أن تقبل بمن قبل به والدها، ومخالفة رأي والدها في هذا الشأن تعدّ مخالفة لإرادة الله. وعليها أن تتحمل تبعات ذلك بالحبس في المنزل وعدم الخروج. وغالباً ما كانت أمور الخطبة تتم دون مراعاة رأيها، فما عليها إلا أن تقول: نعم في كل الأحوال؛ إذ إنه ليس من العرف في تلك الفترة أن تطلب حقها في رؤية المتقدم لخطبتها أو اختبار مظهره ومخبره، لذا فهي غالباً ما تزف إلى بيت زوجها قبل أن تتعرف عليه، لتفاجأ في ليلة الدخلة بقدرها المقدر.
لقد ولدت الحالات التي أشرنا إليه الكثير من المشكلات الزوجية لصاحباتها ، فقد سمعت – على سبيل المثال- من نسوة عشن تلك المرحلة الزمنية ، كـ «أم فاطمة» التي شاركتنا شهادتها قائلة: بأن الكثير من النسوة قبل ما يقارب الأربعين عاماً مضى“كن يعانين من جراء التسلط من قبل الأزواج ، إلا أنهن لا يجرأن على الاعتراض على هذا الأمر”حيث يردد الرجال على مسامعهنّ دائماً كما تذكر الحاجة مريم أم عبدالله عبارة “المرأة والطفل الصغير”، أو “المرأة خلقت من ضلع أعوج” وغيرها من العبارات التي غالبا يرددها الزوج على مسامع زوجته، تسفيها جارحا لعقلها، وإهانة لمشاعر الأنثى في داخله، إذا ما سولت لها نفسها مرة الاعتراض على طريقة حياتها ومعيشتها في بيت الزوجية؛ فضلا عن تعنيف المرأة بعبارات السخرية والتهكم والغمز واللمز، واستعمال صيغ التهديد والوعيد والزجر والتوبيخ والسب الصريحة(8)
بيت الزوجية القاسي لا يغني عنه كنف الوالدين:
إزاء كل ما سبق إيراده من معاناة المرأة في كنف الزوجية وتعسف بعض الأزواج في مجتمع قرية ذلك الزمان فإن المرأة لا تجرؤ على الرجوع إلى بيت والدها، كما تقول أم فاطمة:لأنها في حال البوح بمعاناتها مع زوجها لأبويها فإنها ستضرب من قبلهما، ومن ثم تؤخذ، عنوة، إلى بيت الزوج، وهو حال عبرت عنه السيده نجيبة السبعينية قائلة: “المرأة صفعتها ببرقع ”!!
وهكذا كان المجتمع القرويّ يرفض صورة المرأة المتمردة على أوضاعها، ويضع اللوم عليها محملاً إياها أي إخفاق في مشروع زواجها. وهي الصورة السالبة الغالبة التي يتصالح معها المجتمع كأمر واجب الإقراربه!
ثانيا- الزواج القروي البحريني في مجتمع متغير:
إن الوضع الذي استعرضنا ملامحه في الجزء الأول من هذه الدراسة، والذي عاشته النسوة في ذلك الزمان، عصفت به بوادر التغيير بشكل تدريجي، خاصة بعد تعلم المرأة وانخراطها في ميادين الحياة، ومع التطور الزمني، فلم تعد للرجل القروي اليوم سلطة الأب أو الأخ الأكبر المطلقة في ذلك الزمان، ولم يعد قادرا كذلك على مصادرة حق الفتاة في اختيار شريك حياتها، إذ تحررت المرأة القروية نسبياً من الهيمنة الذكورية، وأصبح الأمر إلى حد كبير، لا الأب ولا الأخ، إلا فيما ندر، قادرا على تحديد مصيرها بشكل مطلق، في أمر زواجها، إجبارا أوإكراها، حيث أصبحت الفتاة القروية تمارس حقها في الرفض والقبول بالعريس دون وصاية، ففي السنوات العشر الأخيرة تقريباً، أصبحنا نلمس حالة مغايرة، إذ إنه عندما يتقدم رجل بطلب يد فتاة للزواج، يظل الأمر منوطاً بالسرية «بمساعدة الوسيط»، وفي الغالب يكون هذا «الوسيط» إمراة من الأقارب أو المعارف أو الأصدقاء، ممن يستعان بهم في مثل هذه المهمة، حيث تقوم بالترتيب للمقابلة بين العروسين في أحد بيوت الأقارب أو الوسيط، أو الالتقاء في أحد المطاعم، خاصة مع تمكن العديد من الفتيات القرويات من الحصول على رخصة قيادة السيارة، التي أتاحت لها حرية التنقل.
وعندما ينتهي الأمر بالموافقة بين الطرفين، يرفع الأمر إلى والديها، ويكلف الأب أو الأخ الأكبر للسؤال عن أخلاق الشخص المتقدم للزواج، ولمباركة العقد فيما بعد.
لذا فإنه في خضم تطورات المجتمع القروي البحرينيّ وتداخله مع معطيات الانفتاح الحضاري مع مجتمع المدينة نكاد نجزم أن رأي الفتاة القروية اليوم في أمر زواجها أصبح، في الأغلب الأعمّ، هو الأساس، وأن رأي ولي الأمر ثانوي ومتمم لغرض التحقق من ضمان قدر من المحافظة على الحياة الزوجية، في زمن متغير.
ولم تعد موافقة العروس في القرية اليوم مقتصرة على الأمور الشكلية للزواج، بل تعداه إلى أن يطلب منها تحديد شروط بدء حياتها الزوجية، التي تراها أساسية للمحافظة على حقوقها كزوجة وكأم. كأن تشترط الفتاة القروية إتمام دراستها الجامعية، أو الحصول على منزل أو شقة خاصة لعش الزوجية، تليق بها وتجنبها المشاكل مع أهل الزوج، لكن ذلك لم يمنع من وجود حالات أخرى تشذ عن هذا المسار إذ لا يزال هناك آباء يقومون بعضل بناتهم، انطلاقاً من الاستفادة المادية في حال كانت الفتاة عاملة.
سن الزواج في القرية البحرينية بين جيلين:
سن الزواج هو سن البلوغ، أو النضوج الطبيعي، وهو يختلف باختلاف الشعوب، ويتأثر هذا السن بعوامل المناخ وطبيعة البيئة. فهو يحصل في سن مبكرة في البلاد الحارة كأفريقيا فتبلغ الفتيات فيها في حوالي التاسعة أو العاشرة من العمر، ويبلغ الصبيان في سن الثانية عشرة أو الثالثة عشرة، ويتأخر في البلاد الباردة إلى سن السادسة عشرة بالنسبة للفتيات، وإلى السابعة عشرة أو الثامنة عشرة للفتيان. ويتوسط بينهما في المناطق ذات الطقس المعتدل.
وتعتبر الجزيرة العربية، ومن بينها مملكة البحرين، من المناطق الحارةحيث يقدر بدء سن البلوغ وظهور علاماته مبكراً عند سن التاسعة أو العاشرة بالنسبة للبنات، وعند الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة للصبيان.(9)
ووفقا للكثير من الإخباريات فإن الفتاة قديماً كانت تُزوَّج قبل سن العاشرة ويرجع ذلك إلى أن الفتاة العزباء تشكل مصدر قلق لأهلها وللمجتمع. فيتناولها المثل الشعبي، ويحذر النساء من عينها أو نظرتها «أي حسدها للأخريات المتزوجات»:
“لا صابش عين ولا نظرة ، من عين عزبه ، ولا عذرة...”
وبما أن الزواج أمر تقوم به العائلة من حيث الاختيار الذي كان يفضل أن يكون داخلياً في حدود النسق القرابي، فإن سن الزوج تبعا لذلك كان يحدد زمنه عمريا وفق مفاضلة تقوم على أنه كلما كان في سن مبكرة لكل من الذكر والأنثى كان أفضل من الناحية الدينية والاجتماعية.
فبالزواج يكتمل دين الرجل، وبه يتأهل الشاب والشابة لتحمل المسؤوليات الأسرية كاملة. خصوصاً أن المجتمعات الزراعية لا تمارس أنواعاً من الطقوس لتأهيل الشباب للدخول في الحياة العامة، أو إعلان انتقالهم من مرحلة إلى أخرى. فالزواج هو «المرور» الوحيد من مرحلة اللامسؤولية النسبية التي تتعلق بصغار السن إلى مرحلة المسؤولية الكاملة التي تتعلق بفئات الكبار، وطالما ظل الشاب غير متزوج فإنه يكون في مفهوم العائلة لا زال «جاهلاً» أي في «سن الطيش» وعدم إدراك المسؤلية. إلا أن اكتمال رجولته لا يتأتى إلا بالزواج، وخاصة بعد الإنجاب. ويعد الزواج في سن مبكرة في نظر المجتمع ضبطا للحياة الجنسية، لأن التجربة الجنسية قبل الزواج أمر محرم ومعاقب عليه بشدة(10).
لذا فإن الفتيات في ذلك الزمان كنّ يؤخذن إلى بيت الزوجية وهنّ لا يعلمن عن عالم الزواج شيئاً، خصوصاً أن الأم لا تجرؤ على البوح بالأمور «الجنسية»، ومرجع ذلك ثقافة « العيب» السائدة في المجتمع القروي المتحفظ، الذي يستند في مدارات البوح فيها إلى تداول العبارة الشعبية القائلة : “من سأل ما ضاع”.
ولتسليط الضوء على هذه الجزئية حاولنا التواصل مع الإخبارية « السيدة نجيبة » زوجة الحاج «محمد بن محسن» لتحدثنا عن زواجها المبكر؛ فأخبرتنا بأنه “عندما جاء أهل العريس لخطبتها تم كل شيْ تقريباً وهي نائمة ؟!. لكنها كما تقول: بأنها رغم زواجها في سن التاسعة «إلا أنها قامت بشؤون بيتها بمساعدة من حين لآخر من والدتها، مستشهدة بالمثل الشعبي:“زوجنا بتنا، بت ثمان وإذا عجزت على أمها التمام»! فيما تخبرنا الحاجة «مريم زوجة الحاج جعفر: بأنه تم تزويجها في سن مبكرة جداً، فقد جاءتها أعراض العادة الشهرية لأول مرة، بعد أن مضى على زواجها أربع سنوات”!
ولا يختلف الوضع المتعلق بصغر سن العروس «قديماً» لدى بعض الرجال ، حيث يحكي لنا عبد الكريم الستينيّ، قصة زواجه: «بأنه تم عقد قرانه على إحدى قريباته دون أن يعلم عن الأمر شيئاً، بالإضافة إلى أنه كان يجهل «متطلبات الزواج» لصغر سنه، وأنه استمر على حاله يخرج ليلعب مع الأطفال منذ الصباح دون الاهتمام بشأن الزوجة التي تنتظره في المنزل، ولكنه أخيراً عرف بلغز الزواج من أحد أقربائه بعد أن مضى على زواجه عدة أشهر، كما يقول»!
وهذا الأمر الذي مر به محدثنا عبد الكريم متكرر الحدوث في مجتمع القرية وقد مر به الكثير من أبناء جيله في تلك الحقبة التاريخية، وذلك لأسباب عدة تتمثل بالأساس في صغر سن العروسين، بالإضافة إلى غياب الوعي، خصوصاً أن من يقرر هذا الارتباط ويحدده ، هم الأهل وتحديداً «كبير العائلة» أو الأب، وفي الغالب يرجع إلى سلطة الجد.
وفي هذا المجال يورد الحاج جعفر في حديثنا معه عن زواجه:“أني كنت في السابعة عشرة من عمري ، عندما قرر كبير العائلة، عمي تزويجي مع اثنين من أفراد عائلتي، مصدرا أوامره: «فلان إلى فلانة». فتم الاتفاق بتحديد المهر «الصداق» بداية بـمائتين وخمسين ديناراً ولاحقاً بـثلاثمائة دينار، وبعد أن مضى على عقد قراننا ثلاثة أشهر تم التجهيز لمراسم الزواج”.
وعن زواجه الذي أصبح مضرب المثل في القرية يورد الحاج محمد بن محسن «الرجل السبعيني» من قرية كرزكان في مقابلة أجرتها معه صحيفة أخبار الخليج بتاريخ 16 فبراير 2001م قصته قائلا: “كان عمري عند زواجي عشرين سنة، وقد حصل ذلك عندما رأيت زوجتي قبل خطبتها تلعب مع الفتيات فأعجبتني، ولم أشاهد وجهها ثانية إلا في ليلة الدخلة. وقد كان مهرها حينها ثلاثمائة دينار بحريني، وأصبح مضرب المثل في قريتي «كرزكان»، فالمهور كانت لا تتجاوز الخمسين إلى ستين دينارا في تلك الأيام”.
ثالثا - بعض عادات الزواج وتقاليده في مجتمع القرية بين القدم والتحوّل:
زواج الأقارب بين الثابت الاجتماعي والمتحول الحضاري:
لقد كان الزواج في القرية البحرينية قديما بمثابة «تصاهر بين الأقارب» أي بين أبناء وبنات العم والخال؛ لكي لا يدخل طرف غريب بين العائلات فالولد يسمى لإبنة عمه والعكس. وهناك مثل شعبي متداول يوصف هذه الحالة:«حلات الثوب رقعته منه وفيه...» واستنادا إلى العصبة العائلية التي يعضدها المثل المتداول :«أنا وأخوي على إبن عمي، وأنا وإبن عمي على الغريب» وتوظيف قول الرسول (ص) في موضع الزواج:}إذا وجد الماء، بطل التيمم{.
وبالمقابل فقد شاعت في مجتمع القرية منذ السبعينيات من القرن العشرين الدعوة إلى تجنب زواج الأقارب بسبب ما يمكن أن يؤدي إلى مشاكل اجتماعية وصحية بين العوائل المتصاهرة، ويستند ذلك إلى موروث شعبي عبرت عنه ثقافة المثل الشعبي المتمثلة في قولهم:
“باعد اللحم عن اللحم ، لا يخيس”
و“ياما غريب أحسن من قريب ”
و “روح إبعيد ، وتعال سالم”.
لذا تحول المطلوب في إتمام الزواج من التركيز على المصاهرة العائلية إلى البحث عن أصل البنت من أي فخذ أو حمولة – عائلة، استنادا إلى المثل الشعبي القائل :
“إذا تبيها وتبيأصلها ...إربط الحماره، في حويبيت أهلها..”
مواصفات العروس القروية :
من المواصفات التي يحفظها التراث الشعبي ويتم الأخذ بها في تحديد مواصفات العروس، كأن تكون «قصيرة » مثلا وذلك وفقا للمثل الشعبي القائل :
“أما القصيرة إلى المنام أحلى، وأما الطويلة معلقة لحلا...”حبل يتدلى منه السمك ليجفف .
أو أن تكون العروس «طويلة»، وفقا للمثل الشعبي القائل :
“أما الطويلة تقضي حاجتها، وأما القصيرة تنادي جارتها...”
زواج المرأة بـزوج أختها بعد وفاته:
هناك مثل شعبي يستنكر «زواج المرأة بـزوج أختها» يقول:إخذي رزقش من حضن إختش. كما يحذر مثل آخر من ذلك بقوله:“طلقها وخذ أختها...قال: لا بارك الله في الثنتين”.
مشاهدة العروس ممنوع على خطيبها إلا في ليلة الدخلة:
من الأعراف الشائعة في مجتمع القرية منع مشاهدة العريس زوجته قبل ليلة الدخلة. وعليه أن لا يعترض على ذلك الأمر ويرضى بقدره كيفما كان، وفي هذا المجال يحدثنا الإخباري «الحاج معراج» بأنه مر بتلك التجربة، حيث كانت الأم أو الأب هما اللذان يقومان باختيار إحدى القريبات لإبنهم، ليتفاجأ العريس المرهون بنصيبه بعد ذلك بأن تلك المرأة لا تنسجم معه إلا أنه في ذات الوقت، غير قادر على إبداء رأيه، وعليه أن يقبل بقدره، ويعلق الحاج معراج على ذلك بقوله: «بأن هذه الأيام أفضل بكثير، حيث بإمكان الرجل أن يختار زوجته كما يريد دون أي تدخل أو ضغط من أحد..»
وخلاصة الأمر فإن تعليم فتيان القرى في المدارس الرسمية منذ مطلع الخمسينات، بالإضافة تعليم الفتيات القرويات منذ مطلع السبعينات مثل نقلة نوعية أدت بلا شك إلى تحسن طبيعة تفكير الشباب والشابات وثقافتهم، مما غير طريقة تعاطيهم مع الحياة؛ فارتفع بذلك متوسط سن زواج الفتاة نسبياً، ليصل إلى العشرين وفي السنوات الأخيرة إلى الثلاثين، لرغبة الفتيات القرويات في إكمال مشوارهن الدراسي وتحقيق شيئ من طموحاتهن العلمية والعملية.
رابعا- طقوس الزواج القروي
يعرف علماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية الطقوس بأنها “مجموعة حركات سلوكية متكررة يتفق عليها أبناء المجتمع وتكون على أنواع وأشكال مختلفة تتناسب والغاية التي دفعت الفاعل الاجتماعي أو الجماعة للقيام بها”(11).
وللحديث حول طقوس الزواج في مجتمع البحث «قرية كرزكان» تحديداً، نجد أن الأهالي قديماً كانوا يمارسون طقوساً متعددة، ومن باب (العرس إلى إثنين ، والجنون إلى ألفين) يعم الفرح أرجاء القرية بمناسبة زواج أحد أفرادها، ويشارك كل الأهالي كباراً وصغاراً ومن كلا الجنسين في تلك الاحتفالات بالزواج الذي من طقوسه المألوفة :
1 - طقس التزيين :
وهو طقس اجتماعي يسبق العرس بـأسبوع، يتجمع في أثناء إقامته الشباب من الرجال عند بيت العروس والعريس لوضع السعف على باب بيتهم وداخله للدلالة على الفرح والسرور ، وأنه يتميز عن غيره من بيوت القرية بوجود زواج في هذا البيت. فيشير الناس إليه: «هذا هو بيت المعاريس» وهو ما يطلق عليه «دندز» في نظرية التأويل الرمزي «الأفكار الشعبية»، حيث أن أفراد المجتمع الشعبي يعبرون عن فكرة وجود مناسبة الزواج في شعائرهم بتزيين منزل العريس أو العروس مما يعني أنه لو رآها شخص غريب عن هذا المجتمع لن يفهم القصد من الزينة، وقد وكلت مهمة التزيين للرجل بسبب قدرته على التنقل بسهولة فوق المنزل وأسفله ولكثرة الحركة، حيث يكون في خارج المنزل والمارة في الطريق تراهم.
ومما تجدر الإشارة إليه أن المرأة ممنوع عليها القيام بهذه المهمة لكونها في مكان عام يجول فيه الرجال. وبعد إيصال الكهرباء إلى القرية صار الأهالي يزينون بيت المعاريس بمصابيح كهربائية صغيرة ملونة توضع أعلى المنزل وأمامه، وتعكس وجود الفرح وتكون ألوانها (الأخضر والأحمر والأصفر) وكلها تعكس الفرح والسرور لمن يراها وتدخل في نفسه الراحة النفسية، كما تقوم النساء بتغطية جدران المنزل بأكمله بقطع الأقمشة الملونة مما يشعر أهل البيت بالفرح والسرور(12).
أما «الفرشة» وهي الغرفة الخاصة بالعروسين «فيتم تجهيزها في بيت والد العروس» حيث يقيم فيها العروسان سبعة أيام متتالية ، ويتم ذلك التزيين قبل أيام من مراسم حفل الزواج، ويتكفل بالمهمة رجل خبير (الفراش ) أو امرأة خبيرة «الفراشة» ويتم تزيين الفرشة بالأقمشة المزركشة، التي تغطي كل الجهات بما في ذلك السقف، ثم تعلق المرايا على شكل صفوف متتابعة، تتدلى منها الكرات الزجاجية الملونة «الرمانات» أما أرضية الحجرة فتغطى بحسب الإمكانات، سواءً بالسجاد الفاخر أو المديد «بساط مصنوع من سعف النخيل أو النايلون».
2 - طقس «التنوير»:
إن أول طقوس الزواج كما يروي لي والدي الحاج جعفر الفردان «الثمانيني» هو طقس «التنوير» والذي يتم - كما قال- قبل يوم واحد من موعد زواجي، إذ تم أخذي مع إثنين من العرسان من أقربائي للقيام بطقس التنوير، لقد خرجنا من المنزل برفقة عدد كبير من أهالي القرية واتجهنا إلى إحدى العيون للاستحمام، وفي تلك الأثناء تم حمل عيش المحمر (وهو عبارة عن رز يطبخ مع الدبس ويضاف له زبدة بقرية مع اللحم أو السمك).
ومما تجدر الإشار إليه أن النورة يعني حجر الكلس الأبيض، الذي كان يستعمل قديماً في طلاء المنازل، بينما الزرنيخ يعني الزرنيق، وهو حجر معدني أصفر اللون، يدق وينعم ويخلط مع النورة الناعمة بنسبة معينة، ويستعمل الاثنان لإزالة الشعر عند الرجال، ويباع لدى العطارين، وقد شاع تداول ذكر النورة في سياق ورود ذكر مناسبة التنوير وغاب ذكر الزرنيخ فيها، لذلك يقال في مضرب الأمثال الشعبية التي تعطي الشخص غير الفاعل ذكرا لا يستحقه في مقابل سلب الشخص الفاعل هذه الصفة: “الصيت للنورة والفعل للزرنيخ..” (13).
ويستطرد الوالد الحاج جعفر ذكرياته مع طقس التنوير قائلا : «بعد أن انتهيت من تنظيف عافيتي (جسدي) تم كسر البيضة على «الجدول» أي مجرى الماء، بينما قام «الرجال المرافقين لي» بأكل عيش المحمر تبركاً بالحدث السعيد، إلى أن خرج الجميع وهم يرددون الصلوات على محمد وآل بيته الأطهار باتجاه المنزل «منزل المعرس».
وفي مجال شرح أسباب مصاحبة عادة أكل عيش لمحمر لهذا الطقس، ثم مداومة أكله في صبيحة يوم العرس يرى الباحث أحمد سالم في دراسته “حول الحياة الاجتماعية والثقافية في البحرين قبل مائة عام” أنّ من العادات التي كانت موجودة في القرى والمتمثلة فيما يقوم به الزوج من أكل المحمر والسمك مع أصحابه في صباح يوم العرس، والعلة من ذلك سهولة هضم هذا النوع من الطعام .(14)
ولا تختلف طقوس تنوير العروس عن طقس تنوير المعرس، حيث تخرج العروس في الوقت ذاته برفقة امرأة «سيدة» ، ومعها مجموعة من النساء حاملات زبلان «عيش لمحمر» قاصدات عينا أخرى لتتم سبوحة العروس، وسط أهازيج النسوة وفرحتهن، وبعد إتمام تلك الطقوس، وأكل الحاضرات للمحمر تخرج النسوة ليواصلن أهازيجهن الغنائية التي تتصاعد في المكان، وتلك الأهازيج تغنيها إحدى النساء الكبيرات في السن أو السيدة، التي تحفظها عن الموروث البحريني الشعبي،حتى يصلن إلى بيت العروس.
أما طقس اختيار المرأة «السيدة» المصاحب لطقس تنوير العروس فيعود إلى اعتقاد التبرك «بالسادة أبناء بنت رسول الله»«ص»، السائد في ثقافة مجتمع البحث، ويشير مصطلح «السيده» هنا إلى أن أباها «سيد» متزوج من امرأة عامية «من عامة الناس» والاحتفاء بالسيادة يعد في القرية البحرينية بمثابة مرتبة اجتماعية تميز منتسبها عن عوام الناس، فيقال حينما يسأل عن أحدهم في الزواج مثلاً «عامي أو سيد» كما يشيع في نذور القرويات أن تنذر المرأة تزويج ابنتها إلى سيد؛ مما قد يعطل زواج الابنة حين يتقدم لها أحد العوام، وفاء للنذر.
ومن السيدات اللاتي عاصرن ذلك الزمان «السيدة نجيبة بنت السيد عبدالله» التي تدلي بشهادتها حول إحياء طقوس الزواج القروي آنذاك قائلة:“قديماً كان الكثير من نساء القرية «ينذرن» بأنه إذا الله رزق إبنتهم زوجا أو تزوج إبنهم، بأن أكون أنا، من تقوم بغسالة العروس، وذلك لكوني «سيدة» فأنا محل تبرك من الجميع”؛ ففي اليوم الموعود، أخرج برفقة العروس وعدد من النسوة والفتيات إلى إحدى عيون القرية المشهورة مثل «ماكينة الحسين» أو «عين التنور» نحمل معنا عيش المحمر... وبعد الانتهاء من سبوحة العروس أقوم بمساعدتها في لبس ملابسها الخاصة «بالحناء» ومشمر بريسم ذو الألوان الزاهية... ونحن نردد :
اليوم حنه وباچر غنه
ورا باچر بتنخش عنه
وكنا نردد أيضاً ..
غنوا علـــــــــــــى البيضة
يـــــــــــــــــــــا ناقش الوردي
وانچان مـــــــــــــا غنيتون
غنيت أنــــــــــــــــــــــا وحدي
وأثناء ترديد هذه الاغنية، تقوم العروس التي تلبس «المداس» في رجليها، بكسر بيضة برجلها اليسرى، حيث تتدافع النسوة بعد الانتهاء من هذا الطقس لأكل عيش المحمر بعد رمي قليل جداً منه في جداول الماء..»
وتضيف الإخبارية الحاجة أم عبدالله «السبعينية» التي تشارك السيدة نجيبة مداخلتها قائلة : “في يوم التنوير تم أخذي إلى «عين السلاط» بقرية المالكية المجاورة للقيام بالغسالة، خصوصاً أن تلك العين كانت قريبة من مقام الأمير «زيد بن صوحان» حيث تم تقميعي في المقام ، على يد «العلويّة» (ومسمى العلوية يطلق على المرأة التي يتصل نسبها بالرسول الكريم محمد (ص) من جهة الأب والأم معا”ً.
وهكذا يمكن لنا ملاحظة الدور المحوري للمرأة «العلوية أو السيدة» في طقوس الزواج في ذلك الزمان؛ فهما من تقومان بـ«غسالة العروس» و«تقميعها» وفي «تدهونة شعرها» كما تقومان بدور «الداية» لها أيضاً، وهو بمثابة دور الوصيفة لأميرة من الأميرات، حيث تخدمها وضيوفها على مدى سبعة أيام متواصلة.
ووفقا للباحث حسين محمد حسين في دراسته حول «العيون والجن وسبوحة المعرس والعروس»، فإنّ « الطقوس المصاحبة للتسبوحة والتنوير تعود إلى الاعتقاد «بأن الجن قد تسكن العيون وما أن يحدث أي حادث في عين كغرق أحد الأشخاص حتى يتم شيوع أن العين بها «جنية». فلذلك وفي أثناء عملية الغسال في العين يتم كسر بيضة، أو أكثر، في أماكن مختارة، إضافة إلى «تقسيم العذرة» المكونة من عيش المحمَّر أو البرنجوش (البرنيوش). ويؤخذ شيء منها .. فتفرق في طريق عودة موكب الغسالة برمي قبضات صغيرة منه في مجاري المياه، والزوايا، والمنعطفات، لإرضاء الجن أو كما يقال (الصالحين) واتقاء شرهم، وعادة ما تردد المرأة التي تقوم بتفريقه عبارة: «اكلوا وباركوا» وعند وصول الموكب إلى المنزل يقدم البرنجوش للحاضرات فيأكلنه، وما يقدم من العذرة لا يعد من ضمن العشاء، وإنما يقدم على سبيل البركة“وكذلك الحال بالنسبة إلى كسر بيضة، أو أكثر، على أحد جروف «عين التنوير» بالنسبة للرجال حيث يتم ذلك اعتقادا ب إرضاء الجن، ... حيث يقوم المكلف بالعذرة بتفريقها على الجن، ذهاباً وإياباً... كما يطاف بالبخور، في أثناء إشاعة الصلوات على النبي وآله، وترديد الأغاني”.
ويمكن فهم طقوس التنويرهذه وفق ماترى صوفية السحيري في دراستها «الجسد والمجتمع» إنها نابعة من “ارتباط الماء في معظم الديانات بالاغتسالات الشعائرية ذات الصلة بطقوس التطهر.. القائمة على اعتبار الماء دائماً عنصر تطهّر ونقاء، وأنه رمز الحياة النظافة والطهارة وإزالة النجاسات”(15) .
وهو ما يراه (رأي رادكلف براون) الذي يعدّ هذا النوع من الطقوس “حدثا رمزيا يعبر عن قيم اجتماعية مهمة”(16) .
ويتفق ذلك مع الرأي القائل بقدسية الآبار التي تنبثق منها كميات كبيرة من الماء مثل البئر التي انبثقت تحت أقدام موسى وبئر زمزم، وينطبق الأمر نفسه على البئر المقدس في معبد باربار، وينبوع عين السجور. وتعودهذه العادة إلى تقديس نهر النيل لدى قدماء المصريين. واستخدام المياه المقدسة للتعميد في الديانة المسيحية، وكذلك الحال لدى اليونانيين الذين يصل تقديسهم للأنهار الكبرى إلى حد اعتبارها آلهة، وغير بعيد عن ذلك طقوس تقديم القرابين والأضاحي للأنهارمثل «عروس النيل» دون إغفال ما كان بعض العرب الجاهليين من تقديسهم لبعض الآبار والعيون، وهي نظرة تعكس إلى حد كبير معتقداً غامضاً لدى الناس بالاستشفاء بالماء أو استجلاب القوة والمنفعة والخير بالطاقة الشافية التي يملكها الماء المبارك (17).
3 -طقس الحناء للعروسين:
ويقام هذا الطقس في ليلة يوم التنوير، بعد تناول النساء وجبة العشاء، ويبدأ بقيام إحدى النساء بتسريح شعر العروس وقراءة المولد عليها فيما تقوم امرأة أخرى بتمرير مكبس البخور على رأس العروس، فتعلو أهازيج النسوة لتعم المكان، وسط تصاعد دخان بخور العود، الذي يعدّ بحسب إحدى الدراسات «من المواد أو العناصر المفرحة التي تسر القلب، وتشرح الصدر، وتسعد النفس، وتزيل الهم، والكرب والحزن، كما أنه – طبقاً للمعتقد الشعبي – بركة، يحفظ الصحة، ويجذب الملائكة، ويجعل الشخص محبوباً لرائحته الزكية، كما أنه يطرد الشياطين، ويرتبط بالنظافة(18).
بعد الانتهاء من تبخير العروس، تقوم الحناية بوضع الحناء في يدي ورجلي العروس، وفي حال النذر يتم تخضيب العروس في أحد المساجد ، وهو أمر تدعى إليه إمرأة «سيدة» كما أسلفنا، تبركاً بنسبها المتصل بالرسول الكريم(ص).
وقد يتكرر وضع الحناء للعروس عدة مرات، وتحديداً ثلاث طروق «طبقات» تقريباً، الأول: ليلاً ثم الثاني: صباحاً والثالث: عصراً ، كيما يكون حناء العروس «قاتماً»، حيث يردد النسوة في الأثناء:
حلوة وجميلة يا لتشوفوها بالعافية يا اللي تحنوها
ابنيه وجميله وشحلاوتها يـــا محلاهـا بــــين أحبتها
تحضر الزهرا في زفتها يــا محلاهـا من تحنوهــا
إن وضع الحناء عدة مرات، له مبرر وهو أن حناء العروس لابد وأن يكون قاتماً «غامقا»، أما إذا صار باهتاً فيعاب ذلك على العروس وعلى من زينها وحتى على نوع الحناء «الرديئ».
أما حناء العريس وكما قال الحاج جعفر: فإنه في ذات الوقت يقوم الرجال كذلك بوضع الحناء في يدي العريس ورجليه، وسط أهازيج الحاضرين.
وبعد الانتهاء من طقس الحناء يتم قراءة المولد والصلوات على محمد وآله لاستجلاب البركة في مثل هذا اليوم.
4 - طقس الجلوة:
هذا وبعد الانتهاء من طقس الحناء، تقوم النساء بطقس آخر، وهو جلوة العروس حيث تتكفل في الغالب «سيدة» بـعملية «تدهين شعر العروس» وفي الجلوة ترتدي العروس ملابس خاصة زاهية، ويفضل البعض أن تكون ملابس العروس خضراء مطرزة بخيوط ذهبية اللون، ثم تجلّى العروس من على كرسي يضع في منتصف المكان الذي يقام فيه هذا الاحتفال وتحيط بها مجموعة كبيرة من النساء بينهم «الملاية» وهي المرأة التي تغنّي على العروس ويردد النساء والفتيات الأغاني التي تغنيها. وتلبس العروس كذلك ما يعرف بـ«إرده الصويبعي»“هذه العادة في البحرين فقط، وهو عبارة عن عباءة للرأس ملونة بمربعات حمراء وسوداء بينها خط أصفر وخط ذهبي، والرداء عادة محاك باليد يصنّع في قرية «أبوصيبع» وفي هذا الطقس يغطى وجه الفتاة بقطعة بيضاء تطرز حوافها بالخيوط الذهبية (الغشوة) فيما يفضل البعض استخدام غترة والد العروس البيضاء”.
ويلازم لباس «لرده» العروس حتى نهاية تجليتها، حيث يوضع فوق تلك القطعة سبع عباءات أخريات مختلفات الألوان أو «مشامر كما يسمون باللهجة الدارجة»، في النهاية تكون على العروس سبعة مشامر، وتغني عليها سبع أغنيات طوال، وعند الانتهاء من كل أغنية يرفع «المشمر» الذي عليها، وعند الوصول إلى آخر أغنية ترفع «الغشوة» عن وجه العروس حتى يتسنى للمدعوين السلام عليها وتهنئتها.
عند تَجْلِيَة العروس يُوضع في كفيها فنجان قهوة به شمعة، فيما يضع البعض شمعتين وسط صحن كبير توضع به بعض النقود وبعض الحلويات، وعند الانتهاء من «الجلوة» توزَّع النقود والحلويات على الأطفال.
كما تحمله العروس في «طقس الجلوة» (صحنا/ طبقا) شفافا به ماء ورد وزعفران، تقوم والدة العروس أو «الملاية» في وسط «الجلوة» بمسح وجه العروس وقدميها بماء الورد والزعفران، أما الباقي فيوزع على الفتيات العازبات ممن حضرن حفل الزفاف، وهذا تقليد اعتاد الجميع عليه كنوع من البركة. وبعد الانتهاء من طقس الجلوة بالكامل ، يتم توزيع الشربات «العصير» والسكسبال «الفول السوداني»، مع الچاكليت «الحلاوة» على جميع الحاضرات (20).
أما الأغاني الشعبية الخاصة المصاحبة لجلوة العروس القروية ، فهي عبارة عن صلوات ، وأغاني تدور مضامينها حول آل البيت رسول الله صلى الله عليه وآله، من أجل التبرك بهم في مثل هذه المناسبة السعيدة، ومن بين تلك الأغاني:
قوموا إلى اجلاها محلاها أم النبـــــي طــــــــــه محــــــلاها
قوموا لها يخوان محلاها انجليها يا نسوان محلاها
أم النبي العدنان محلاها أم النبـــــي طــــــــــه محــــــلاها
يا محلى قعدتها محلاها مـــــا بين أحبتها محـــــــلاهــا
والحــــــور جلتهــــا محـــلاهـــــا أم النبـــــي طـــــــه محــــــلاها
تمشي أو تتبختر محلاهــــــا في شالها لخضر محلاها
أنـــــــــوارهـــــــا تزهر محـلاهــــــا أم النبـــــي طــــــــه محــــــلاها
جلوها سبع جلوات محلاها بلوان مختلفات محلاهـــا
عليها زري وشالات محلاها أم النبـــــي طـــــــه محــــــلاها
وأغنية أخرى تقول :
يـــا حسنها مـــــن ليلة جليت بهـــــا
مـــن أجـــل أحمد سيـــد الأكوان
قيموا لـ آمنة على كرسي الرضا
حتـــى تراهــــا الحــور والولدان
في أخضريــــن تمايلت لمــــا انجلت
الله فضلـــــــها علـــــــى النســـــوان
قد أقبلت في حلــــة بيضــاء وهـــي
تسبي العقول وتسلب الأذهان
وهذه الجلوة :
خديجة اليوم زفوها علــى الكــرسي يقعدوهـــــا
وحور العين يجلوها علـــى شـــان النبي محمد
حناها ابرجليهـــــــــــــــــــا ونقش اخضــــاب بيديـــــها
واسوار في أياديهـــــــــــــا علــــــى شــان النبي محمد
وجلوة أخرى شهيرة تقول :
أمينـــــــة في أمــــــــــــانيــــــــها
مليحـــــــــــة في معانيــــــــــها
تجلــــت وانجلــــــت حــــتى
سألـــــــــــــــت الله يهنيــــــــــها
جبينـــها كــالبدر يـاضي
وريقها يشفي أمراضي
لهــــا رب الســـما راضـــــي
وأحســــن في معــانيـها...
5 - طقس تحسين / تحسونة المعرس:
هذا الطقس خاص بحلق شعر المعرس، ويتم وسط أهازيج الرجال والنساء الذين يرددون في أثنائه:
يا جاري الموسى على رأســــــــــه
خله ايجي خيه وجلاســــــــــــــــه
خله ايجي بيه وينفر النفور
وينفر اللؤلؤ على رأســـــــــــــــــــــه
ويتم ليلاً قراءة المولد بعد تناول وجبة العشاء ، إلى أن يتم زفاف المعرس بعد انتهاء الضيافة «لوليمة».
6 - طقس يوم الوليمة:
يخصص يوم الوليمة لضيافة المدعوين لتناول وجبتي الغداء والعشاء، ويسبقه بيوم شراء ثور محلي، يتهيأ له جزار، يتعاون مع بقية أهل القرية في طرحه أرضا لذبحه وفي بعض الحالات يهرب هذا الثور، أو ينطح أحدهم، ولكن في نهاية المطاف، يتم اصطياده، وذبحه لإيدام وجبات الوليمة، التي يدعى لها أقارب المعرس وجيرانه لمساعدة طباخ العرس، ولكن يبقى أن الوجبة الخاصة بالنساء يتكفلن هن بطبخها مع بعض الجارات والقريبات، فيخصص فيدامها مقدار من لحم الثور المذبوح.
والوليمة تقليد عربي قديم ، يعد من مستحبات الزواج، التي تشير إليها بعض الأحاديث النبوية الشريفة مثل: رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة فقال: ما هذا؟ فقال: تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: بارك الله لك أولم ولو بشاة «و» أولم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على صفية بسويق وتمر. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: “طعام أول يوم حق، وطعام الثاني سنة، وطعام الثالث سمعة ومن سمع سمع الله به”.(21)
ومن طرائف ما يروى في موضوع الوليمة حضور بعض المتسللين من غير المدعوين، الذين يحضرون العرس، ودافعهم الجوع لفقرهم، أو من المتطفلين على العرس، لكنما المثل الشعبي شرس في مواجهة هذه الحالة، إذ يقول :
“من دخل بلا عزيمة .. طلع بلا حشيمة..”
وفي هذه الأيام اتخذت ظاهرة البذخ في الإنفاق على وليمة العرس في القرية حيزا كبيرا، بحيث تنفق الأموال الكثيرة لإظهار الفرحة والتظاهر بإمكانية الفرد أوالعائلة التي ينتمي إليها المعرس واقتدارهم المادي، ولم تقتصر الوليمة على الميسورين بل شملت العوائل المندرجة تحت عباءة الفقر والعوزإذ لم تمنع تلك العوائل «حالتها المادية الصعبة» من إقامة تلك الولائم إحياء-على رأيهم- لاحتفالية تمثل عادة قديمة يحرص فيها المجتمع القروي على جمع الأهل والمعارف وأهل القرية، في ليلة من ليالي العمر مرددين:
يا أهل الوليمة يا أهل الوليمة
لا أمـــه ولا أبــوه امچدت يمينه
«أي أن المعرس هو من تحمل التكلفة المادية لزواجه»
وهناك أبيات أخرى تقول :
من إمچدت يمينه
من إمچدت يمينه
يوم عــرس المعـرس
من إمچدت يمينه
7 -طقس زفاف المعرس:
بعد الانتهاء من الوليمة يتهيأ المعرس إلى الطقس الأهم في ممارسات العرس القروي وهو زفافه إلى بيت عروسه، حيث يخرج برفقة جمع غفير من الرجال ومن ورائهم النساء في نهاية القافلة حاملات معهن «صينية مصنوعة من المعدن وبها عدد كبير من الشموع ونبات المشموم، ووسط تصفيق وأهازيج وفرحة الجميع، يتجه موكب الزفة أولاً إلى المسجد ليصلي المعرس» ركعتين خاصة بالزواج تقرباً لله تعالى في حين تستمر النسوة في مواصلة الغناء إلى أن ينتهي المعرس من أداء صلاته، بعدها يواصل الموكب مسيره بالاتجاه إلى بيت العروس، ومما تجدر الإشارة إليه أن المعرس إذا كان هو الذكر الوحيد عند أمه، يعني باللهجة الدارجة «ويحيد من مال الله» فإن النسوة يرددن:
راس مال أمه هو غنوا عليه
وإذا ما أقترب موكب الزفة من بيت العروس، ترتفع أصوات أهازيج النسوة وهن يرددن:
وين بيت العروس جايبين معرسنا
كما يرددن بعض الأغاني المشهورة الشائعة في معظم قرى البحرين ومناطقها، والتي تتجاوز الكلمات فيها، ما هو مسموح به في أعراف مجتمع القرية، كالإعلان الصريح عن مشاعر الحب والعشق، من مثل:
بــــــــــــــــان الصبح بــــــــــــــــــــان وبـــــــــــــــــان
واحبيبــــــــــــي مــــــــــــــــــا بـــــــــــــــان وايـــــــــــــــه
يحبيبــــــي كلمـــــــــــــا حبيت ملــــيتون
او كلمـــــــــا طالــــــــــت العشـرة تغاليتون
يحبيبي دود البطــــيخ مـــــــن لــــــــبه
وضعـــيف البــخت يبغضني وانا احبه
يا أسمر اللون من قلك تجي حافي
والحضن والبــوس يبغي واحد شافي
يا أسمر اللون صايبني عليك اجنون
والعشق يبغي لطافه ما يريد اجنون
والعشق لــــو تبتلي به نــاقتي حنت
ولــــو تبتلي بــــــه عجوز في القبر ونت
ولـــو يبتلي بـــه صبي خاتم القران
همل اكتابه اوظل يتصوخ الحضران
مرت علينا أو حنا في الحوي ننطر
اوجيبها امن العنبري والورد يقطر
يم لعران الذهب يم غمسة الحنا
ذبــــــــــي اعــــــــــــــرانش قتلــــــتي اربعــــــه مـــــــــــنا
مريت بحويشكم وادويچكم ما صاح
وابيــــوتكــــم عـــــــــالــــــــيه وامسقفـــه بـــــــــــلواح
لا حط چفي قفل واخنصري مفتاح
وافتح الباب الهوى او لو حتى راسي طاح
ويواصلن بترديد هذه الأغنية :
البارحـــــــــــة يعلــــــــم الله في الحلـــــم جانــــــــي
اخـــــــــــذته وبستـــــه وضمــــيته ابـــدرعــانــي
والبارحــــة يعلــــــم الله بــــــات عنــــدي ضيف
مثـــل القمــــر لـــــو تعلى في ليالي الصيف
والبارحــــــــــــه بيتـــــــــونــــــي تحــــــــت غرفتهـــــــا
اسمــــــــع ونينهــــــــا وانــا انچوي ابجمرتها
والبـــــــــارحة بيتـــــوني تحـــــت ســــرج الخيــل
او ريحتــــــــــــــه يــــــا عـــرب كلـــه زبـــاد وهيل
مـــريـت بجـــــــويـــريـــــــه تغســـــــل شـــرابيهــــــا
اوديــــــــــرم الحـــــــــار صـــابــــغ في اشافيهـــــــــا
مـــديـــــت ايـــــدي الـــى المخبــــــــــــــا ابعطيهــــــــــا
قالـــت افلـــوس العشق ماـلي غرض فيها
يمتى يغـــيب القمــــر واصعــــد لــحبي فوق
ويطيب ذاك الهوى ويطيب ذات الشوق
يـــــمتى يـــغيب القمــــــــر واتنــــــــــــــام دايتهـــــــــا
واقبــــــلك يـــــــــــــا حنچ واحــــــــــب وجنتهـــــــــا
واقف على السيف او يلفحني هوا الدوبي
غـــرقـــــان في بحركـــم يا لبيض سبحوبي
والأغنيات السالفة الذكر تحفظها غالبية نساء القرية وبخاصة «المسنات» منهن، حيث يوكل إليهن مهمة الغناء، خصوصاً إذا كنّ من ذوات النفس الطويل الذي لا يتعب فتبدأ بأول كلمة إلى أن تنتهي بآخر كلمة من الأغنية، حيث يرتفع مع ترديدهن إيقاع الطبول أو دبّات الماء «مفردها دبة» (الجرار البلاستيكية) كما تستخدم علب الصفيح، كبديل «للطبل» بعد أن حرّم رجال الدين في القرى الغناء خلف المعرس بقرع الطبول(23) وقد تستخدم «الصينية المعدنية» والتي سبق وضع الشموع فيها بديلا عن «الدّف» بعد ذوبان الشمع الذي كان مضاءً في أثناء الزفة.
هذا والنساء يرقصن بطريقتهن الشعبية «القفز إلى الأعلى والأسفل» بشكل جماعي، حيث يصفهن المثل الشعبي القائل :
«دقّ على الطبل ، ترقص المجنونة»
وهو جنون الفرح والتعبير المباح عن سعادة الإناث، اللواتي يجدن في هذه المناسبة فرصة سانحة للتعبير عما يجول في دواخلهن بعيدا عن كبت القيود والأعراف.
ومع وصول موكب «الـــــزفـــــة»، تكون سعيدة الحظ «العروس» قد جهزتها النسوة بشكل جيد لتلك الليلة، حيث الفستان الأخضر والسروال الزري و«ردى لصويبعي» والشعر المسرح «بعجفة» على الجانبين، مزينة بالمشموم. عجفة : تسريحة شعر تقليدية، يكون عددها واحد أو أكثر، ويطلق عليها في بعض قرى البحرين «الجدنة»
حينذاك، تكون العروس قد تم تجليسها في الفرشة، استعدادا لاستقبال عريسها، ويمكن اعتبار هذا الاستعداد في حد ذاته طقسا قائما بذاته، إذ يورد الباحث أحمد سالم ضمن دراسته «الحياة الاجتماعية والثقافية في البحرين قبل مائة عام» وصفا لهذا الاستعداد حيث تتم الزفة للمعرس في فترة العصر، وتغني النساء خلف الرجال أغاني خاصة بهن، فإذا حل الليل تزف العروس قبل وصول المعرس لحالها، لتدخل الحجرة المهيأة للعرس «الفرشة» يحملها بعض النسوة في سجاد أو حصير من سعف النخيل، ثم تبقى في الحجرة حتى وصول المعرس.(24)
8 - طقس التدويس :
يبدأ طقس «التدويس » الجميل بعد الانتهاء من مراسم استقبال العروس زوجها، حيث يؤتى بصحن به ماء الورد والمشموم، يتم وضع إبهام قدم الرجل فوق إبهام قدم المرأة فيه، للدلالة على بدء تهيئة الرجل والمرأة لحياة شراكة تجمع الاثنين.
عندهايقوم المعرس برمي مبلغ من المال «ربيّات خردة» في ذلك الصحن، وهذا المال يوزع فيما بعد على الدايات نظير خدمتهن طوال سبعة أيام، لكن هذا المبلغ قد لا يفي بالمطلوب - خاصة إذا كان عدد الدايات كثير- فيعترضن عليه ويطالبن العريس بدفع مبلغ أكبر، وهنا يبادر العريس بحسب إمكاناته المادية لإرضائهن بما يتيسر لديه.
9 - طقس «المتيرب»:
يعدّ هذا الطقس «المتيرب» من أجمل طقوس العرس القروي، ويتم ذلك من خلال الإتيان بمشمر أخضر مذهب “هو ذات المشمر الأخضر المذهب الذي استخدم في جلوة العروس” بعدها تقف جميع النسوة “من الأقارب غالباً» حول العريسين، الذين تم تجليسهما على كرسيين في وسط الغرفة، حيث تقوم النسوة بالإمساك بأطراف المشمر، وتلويحه على رأس العروسين تحت المشمر ، وقد تتسع دائرة المشاركة بسبب شعور النساء بالتبرك في أداء هذا الطقس المفرح الجميل؛ حيث يتجاذب النسوة رفع المشمر باتجاه الأعلى ثم الأسفل بالتناوب، على أنغام أغنية المتورب الخاصة التي تؤديها المرأة المسنة أو السيد بيتا بيتا وشطرا، شطرا؛ مرددة ومن بعدها النسوة واتريمبوه واليومي”
أول ما بدينا بالصلاة على محمد واتريمبوه واليومي
معي صلـــــــــــوا علـــى المحبوب أحمد واتـريمبوه واليومي
وثـــــــانيهم أميــــــــــــــر المــــــــــــــؤمنـــــــين واتريمبوه واليومي
وثــــــــالــــــث فــــاطمة بنـــت الأمـــــــين واتريمبوه واليومي
ورابــــــــــــع الحســن ويـــــــــــــــــا الحسين واتريمبوه واليومي
وخـــــامــــس المـــــــــــلايــــــك اجمعـــــــين واتريمبوه واليومي
وســـــــــــادس الخضـــر يــــا بــو محمدو اتريمبوه واليومي
وهكذا يتم ذكر كل أبيات المتيرب تباعاً، شطرا شطرا، حتى تنهي النسوة كل الأبيات، وهذه تكملة أبيات المتيرب المشهورة:
ألا يا البيض يا وجدي عليكــم
سبــــــع بيبـــان مغلـــــوقه عليكــــم
ولانــــي حيـــة بسعـــــــي وبجيكـــم
ولاني طير بصفق بالجناحين
ألا يــــا حسن وصلنــــــــا لحلـــــيـله
وبسـك من امزاحك هالطفيله
لازم يشفــــــي العاشــــــــق غلــــــــيله
أو يسهــــــــر ليلـــته ويــــــــــا احبابه
ألا يـــــــــــــا حمد وصلنا قلالــــــــــي
وبســـك مـن امساهــرك الليالـي
يستاهـــل بعــــــــد حبــــي الغالـــــــي
يسألنــــــــي وأنـــــــــا بــــــــارد جوابـــــه
حبيبـــي لا تقـــــول آنـــــــا سليتـــك
سلتنــــــي العافـــيه حـــين سليتك
انــــت الــــــرازقي وآنــــــا جنيتــــــك
وكــــل عـود الــدرز عندي حسابه
حبيبي لا تقـــول العب ولا اشعب
ولا تــــــــاخذ بنــــــات الناس تلعـب
ولا تجعـــل ريــــاض الحـب ملعــب
سخـــي الچــف بـين الناس ينحب
بنــــان النــــاس يبغـــون الدراهــــم
وميفيدك تعــــب تـركض وراهم
وتـــدري بالــدراهــــــــم كالمـــراهــــم
ومن غير الدراهم ماشي راهم
وما أن تنتهي المرأة السيدة من ترديد جميع «أبيات المتيرب» وأشطرها، حتى يبادر النسوة إلى رفع الرداء عن العروس والمعرس، بحركة رشيقة كأنه يطير عالياً بسرعة فيصفق النساء بصوت عال وهن يرددن:
جـــــــــازي المبـــــــــارك بينــــهم
لا فــــــــــــــــــارق الله بينـــــــــــــهم
عندها تقوم النسوة بترديد ..
الليـــــلة مــــــــــــــــــن ليــالـــيهــــا
يــــــــــــــا مـعـــرس لا تخلــــــيها
وبعدها تخرج النساء، ويبقى العروسان لوحدهما، حيث يقوم المعرس بكشف وجه العروس، حيث يدفع المعرس لعروسته مقابل هذا الطقس مبلغا من المال كهدية لها في هذه الليلة المباركة.
ومما سمعت أن بعض العرسان، يلجئون إلى ضرب «العروس» في ليلة الدخلة، لكي يعلنوا منذ اللحظة الأولى عن رجولتهم وسلطتهم، كقصة تلك العروس، التي ضربها زوجها «في ليلة دخلتها» بناءً على وصية من أهله.
وكما يقول المثل : “مرتك ، وعلى ما تعودها”
(مثل شعبي يجسد العنف الزوجي)
“عليك بها يا المعرس ، شيلها وإشدخ بها”.
10 - طقس الحراسة:
تتطلب بعض الحالات الخاصة وجود شخص ثالث مع العروسين في ليلة دخلتهما، للقيام بـمهمة «الحراسة». ويعود هذا الطقس إلى أن بعض الطفلات بعد ولادتهن وفي فترة (الأربعين يوماً) تخرج منهن قطرة دم من «الفرج أو الصدر»، و بحسب عادات مجتمع القرية وأعراف الناس فيها فإن هذه الفتاة عندما تكبر وتتزوج ، يجب أن تكون لها «حراسة في ليلة دخلتها» وتتم الحراسة من قبل امرأة ، تبقى معها إلى أذان الفجر، وبانتهاء هذه المهمة تغادر المرأة وتتم الدخلة الشرعية بين العروسين.
ووفقا لسوسن اسماعيل في دراستها حول (عادات وتقاليد الزواج في قرى البحرين قرية النويدرات أنموذجاً) أنه“عندما يكون على العروس حرس تنام معها نساء كبيرات في السن متزوجات، ومن ضمنهن الداية ، حيث يبتن مع العروس ليلة الدخلة حيث يعتقد أنه من الخطر أن تنام مع زوجها هذه الليلة لأنه في عاداتهم أنها قد تموت أو يصيبها مكروه، فهن يبتن معها حتى آذان الفجر ويخرجن بعدها من الفرشة ويدخلن زوجها إليها”(25).
وبتقصي أصل منشأ طقس «الحراسة» يرى المكاوي في دراسته “الحراسة في المأثور الشعبي القطري” أنها تشغل حيزاً من الاهتمام في المأثور الشعبي القطري والسعودي والكويتي والبحريني والإماراتي على السواء، بوصفها عنصرا ثقافيا عميق الجذور في تراث المجتمع الخليجي، حيث تمثل معتقدا شعبيا وسلوكا جماعيا كان يمارس في الماضي على نطاق واسع في المناطق البدوية والحضرية على السواء وعند مختلف الفئات الاجتماعية.. مرجعا ذلك إلى الاعتقاد بفلسفة «الحفظ» و«الاحتراس» تجنباً لخطرٍ قادم، لذا فهي تتضمن -من جهة نظره- المحافظة على الفتاة التي نزل بها منها الدم وهي دون الأربعين يوماً، حتى ليلة الزفاف ، فلا يقربها المعرس حفاظاً على حياتها، ووقاية من المكروه المحقق الذي سيحل بها –حسب الاعتقاد الشعبي– إذا أتاها قبل فجر اليوم التالي للزفاف.. ولتحقيق هذا الاحتراس ودقة تنفيذه ابتدعت الثقافة الشعبية أدواراً تقوم بها بعض النسوة المقربات من العروس – كالعچافة أو المشاطة أو الرقيدة – لتكون الواحدة منهن ثالثة العروسين طوال الليل، في نفس حجرة الزفاف، حتى لا ينفردا ببعضهما أثناء الوقت المحظور. إذن فهذه المرأة «تحرس» العروس حتى لا يقترب منها المعرس، للحفاظ على حياتها، ولذلك فهي تسمى «حارسة» والعملية نفسها تسمى «الحراسة».(26)
طقوس ما بعد ليلة الدخلة وصباحية الصبحة :
- الإقامة في الفرشة والدور المنوط بالدايات:
تعارف مجتمع البحث على أنه بعد الانتهاء من طقوس ليلة الدخلة تتفرغ الدايات «الدايات» جمع «داية» (وهي المرأة التي تقوم بخدمة العروسين) يتفرغن ليوم «الصباحية» فيقمن بإعداد الريوق (الفطور) الخاص للزوجين في هذا اليوم والمكون من «عصيدة» ( طبخة قديمة مكونة من الطحين المحمص مع سكر والدهن، وممسوحة بالزبدة ) وتأتي به إليهما متمثلة بترديد هذا المقطع:
“قولي يا علي وإكلي عصيدة، ما تقول يا علي إلا السعيدة..”
بعدها يخرج العروسان ومن ورائهما الداية التي تحمل صينية «العصيدة» إلى بيت أهل العريس، لكي يسلم المعرس على أهله الذين يتمنون له دوام السعادة والرفاه والبنين، حيث تردد الأم بعض العبارات الشائعة من مثل : «عساك السعادة، وزيارة علي وأولاده»، وفي أثناء ذلك تتسلم العروس النِحلة (مبلغ من المال تحصل عليه العروس في صباحية زواجها من «عمتها» أم زوجها)، و يرجع العروسان بعد الانتهاء من الزيارة مرة أخرى إلى الفرشة.
وبعد ذلك يتوجب على العروسين الإقامة في الفرشة سبعة أيام متتالية، تقوم في أثنائها الدايات على خدمتهما، حيث جرى العرف أن تقوم أم العروس باختيارالدايات، وتحديد أعدادهن الذي يكون غالباً سبع دايات، ويمثل عدد الدايات شيئا مهما جداَ للعوائل القروية، لأنه مرتبط في الغالب بظاهرة التفاخر ومن ثم التنافس أمام المجتمع «النسوي» فكلما زاد عدد الدايات دل ذلك على وجاهة العائلة، والتفاخر بصورتها أمام الناس والنساء تحديداً.
ومما تجدر الإشارة إليه، أن توكل إلى كل داية مهمة خاصة؛ كأن تكون داية مخصصة للقيام بخياطة ملابس العروس وتجهيزها، لارتدائها على مدى الأيام السبعة. وداية أخرى مهمتها «العزام» (دعوة الأهالي والمعارف لوجبة الغداء والعشاء «الوليمة» و «المبارك» أي الدعوة إلى تهنئة أهل العروس بهذه المناسبة السعيدة) وهذه المهمة تبدأ قبل أسبوع من الزواج تقريباً، حيث تدخل العزامة كل بيوتات القرية، وهي تردد ذات الإيقونة «تقول إليكم أم فلان تعالوا باركوا إليها» .. وقد توضح أكثر عندما تقول لهن باللهجة الدراجة «أم فلان عازمتنكم عشان اتجون اتباركون إليها بتعرس بتها «إبنتها»، أو ولدها» .. فيرددن عليها: «الله يغنيهم ويبارك إليهم».
وهناك داية ثالثة مهمتها القيام بواجب الضيافة، واستقبال النساء المهنئات بالعرس وتقديم صينية القدوع التي تتضمن الحلوى البحرينية والرهش وتصب القهوة وتجهز مستلزمات تقديم القدو للنساء، فيما تقوم الداية الرابعة العمل على خدمة العروسين وتلبية طلباتهما طيلة الأيام السبعة، وهكذا الحال بالنسبة للدايات الأخريات. وقد يتساعد جميع الدايات لإنجاز مهمة واحدة إذا تطلب الأمر ذلك.
وقد تم تحديد «سبعة الأيام» لتكون خاصة بـ «أيام لمبارك» واستقبال المهنئين من أهالي القرية وخارجها «إلا أن هذه الأيام لا تخلو من الخوف على مستقبل العروس، وتحديداً فيما يتعلق بالإنجاب؛ حيث يسود معتقد قديم لدى نساء القرية يحذر من المرأة « الفاقدة» وبخاصة تلك التي فقدت زوجها، أو المرأة التي فطمت ابنها من الرضاعة على العروس!، التي بحسب هذا الاعتقاد قد «تنربط» (أي لا تنجب الذرية).
ومما يلفت النظر أن حضور أمثال هاتين المرأتين في أيام الزواج السبعة يكون لمساعدة أهل العروس في إعداد الوليمة وطبخ الوجبات الخاصة بالأيام الـسبعة، إلا أنهن لا يأكلن شيئاً مما يساعدن في طبخه، فيصدق عليهن المثل الشعبي القائل :طباخته ما ضاقته/ ذاقته “مكتفيتن بـ «المبارك» وفي حال أكلت المرأة الفاطمة من طعام الضيافة فعليها أن تأتي في صباح اليوم التالي مبكرة، وهي تحمل أي شيء قامت بطبخه، لتأكل منه العروس درءًا لأي نحس أو ضرر قد يقع عليها ، لذا تلجأ هذه المرأة إلى وضع بضع قطرات من حليب ثدييها على ظهر العروس لكي لا تصاب بالعقم”.
ومن طريف ما يذكر إقامة الوالد الحاج جعفر الذي يصف هذه اللحظات بالمميزة من حياته بالقول: إن فرشة عرسه أقيمت في بيت والد زوجته (خاله) وكم كان سعيداً يتنعم في هذه الفرشة، وكان من الممكن أن يقيم في الفرشة حسبما تقتضي العادة سبعة أيام متواصلة، إلا أنه تفاجأ بعد انقضاء اليوم الثاني بوصول معرس آخر ليحتل مكانه وبذلك تم طرده، فنقلت حاجاته البسيطة على أثر ذلك إلى سطح البيت!..
- طقس ما بعد مرور ثلاثة أيام على الزواج :
من المتعارف عليه في القرية أنه بعد مرور ثلاثة أيام على الزواج، تقوم أم العروس بدعوة الدايات والقريبات للقيام بطقس أخذ العروس إلى بيت زوجها، وعند وصول المعرس والعروس إلى الباب الرئيس يؤتى بصحن كبير به ماء الورد، يتم وضع رجل العروس ومن فوقها رجل المعرس، بحيث تكون إبهام كلّ منها ملامسا لإبهام الآخر، عندها يقوم المعرس برمي مبلغ من المال «الربيات/ عملات معدنية» بعدها تقوم أم المعرس بأخذ العروس إلى جونية العيش «الأرز»، ثم إلى جونية الشكر «السّكر»، في طقس ظاهره التبرّك، لكنه قد يحمل دلالة أخرى مفادها أن على هذه العروس مسئوليات بيتية يتوجب عليها أن تفهمها منذ البداية، من بينها أن تحسن الطبخ بالدرجة الأولى للزوج وبعده للعائلة، وأن تحافظ على رزق زوجها وتداري نعمته.
- طقس «الحِوّال »:
وهو طقس يتم التهيئة له بعد مضي «سبعة أيام» على الزواج والإقامة في الفرشة، حيث ينتقل العروسان من بيت العروس إلى بيت والد العريس، فيتم حمل كل حاجيات العروس ومنها الصندوق الخاص بملابسها بمساعدة داياتها، وعند وصول العروس إلى بيت أهل زوجها يتم كسر بيضة أمام الباب الرئيس للبيت. وتعد هذه إشارة إلى طقس من “طقوس الدخول والخروج الواجب إتباعها عند دخول مكان أو الانتقال إلى طور جديد من أطوار الحياة كدخول العروس إلى منزل الزوجية”.(27)
واحتفاءً بهذا اليوم السعيد تقوم أم المعرس، بدعوة كل نساء القرية لتناول وجبة العشاء، كما يتداول أهل العروسين بهذه المناسبة عبارات من مثل:“احنا بعنا وانتون اشتريتون” أو عبارة “البنت بتكم والولد ولدكم وعلى هواكم” والتي تحمل دلالات رمزية لمكانة المرأة في مجتمع قروي محافظ آنذاك بوصفها سلعة منقولة يشكل وجودها في بيت أبيها هاجسا يستدعي القلق من شبح عنوستها استجابة لعرف المقولة الشائعة آنذاك في مجتمع القرية:“هم البنات إلى الممات” ولكون البنت عورة فإذا ما حاولنا أن نفكّر في أسباب الخوف من العورة، فربطنا هذا الخوف بالخوف من الفرْج. إذ أنه يمكن المماهاة بينهما لما تفيده الكلمتان من معاني متقاربة جدا مثل: خَلل، هوّة، ثغرة، وكلها معان تحيل على السلبية والخوف.(28)
لذلك لم يكن من المستغرب أن تشيع في مجتمع القرية آنذاك مقولات شعبية من مثل “لبنيّة ما ليها إلا بيت رجلها” والتي تحصر دور الفتاة اجتماعياً وتؤطره ضمن مؤسسة الزواج، حتى لو كانت ضرة (أي زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة)، وعليها أن تقبل بقدرها كيفما كان!
إلا أنه يجب أن نسجل بالمقابل حضور ظاهرة تتمثل معاني بعض الأمثال الشعبية التي تحذر من الزيجات «المتعددة»، موجه الخطاب للرجل في مجتمع القرية، من مثل:
“من كبر شاشه ... شاب رأسه»و «عتيج الصوف ... ولا جديد البريسم”.
والشارة المبطنة لذلك الرجل الذي الذي لديه أربع نساء :
“ما ترقد العين ، إلا عند من حبت”. والمثل القائل: “طول الليل ما ينكل عتبنا ، على طول قشمرة”.
وهذا مجال آخر للبحث في موضوع الزواج المتعدد في مجتمع القرية، الذي يمكن بإنجازه اكتمال صورة الزواج البحريني «القروي» والموروثات الثقافية المتأصلة
تحولات في صورة الزواج البحريني القروي وتجاوز حضور الموروثات الثقافية المتأصلة فيه
في هذا الجزء الأخير من البحث سنتناول أبرز مظاهر التحولات التي طرأت على صورة الزواج البحريني القروي، ومآلات بعض الموروثات الثقافية المتأصلة فيه من عادات وطقوس ومعتقدات متأصلة في ممارسات الأجداد والأمهات والآباء في تلك الأزمنة - نتيجة للتحولات المجتمعية التي طالت جميع مفاصل الحياة في القرية البحرينية الحديثة.
ويمكن القول إن الكثير من معالم الممارسات الثقافية المجتمعية المصاحبة للزواج القروي قدغابت اليوم عن مشهد الزواج القروي المعاصر؛ فيما حافظت ملامح بعض الموروثات الثقافية المتعلقة ذات الصلة بالزواج القروي القديم بدرجة أقل؛ فعلى سبيل المثال لم تعد ثقافة الوليمة للزواج وأسلوب إقامتها – مقترنا بـ «الجَمْعة أو اللَمّة» وعاداتها كما كان في الماضي في القرية (مجتمع البحث) تلك القرية التي كانت واسعة في لمّ شمل الأهالي وتآلفهم وتعاضدهم وفرحهم الجماعي العارم، عند زواج أيٍّ من أبنائها.
لقد استعيض عن هذه الفكرة اليوم في جميع قرى البحرين تقريبا بتقليد جديد، تعارف عليه بنمط «الزواج الجماعي» بين أفراد العائلة الواحدة (الأخوة وأبناء العمومة) والذي تحورت فكرته - منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين- إلى فكرة «الزواج الجماعي المنظّم «الذي تشرف على تنظيمه مؤسسات العمل الخيري والاجتماعي العاملة في القرية، والذي يضم العُرسان من مختلف العوائل في القرية ، ثم امتد ليشمل القرى المتجاورة.
اليوم وبحكم شيوع مشاريع الزواج الجماعي وانتشارها بشكل واسع، أصبحت وليمة الزواج أقل كلفة من الناحية المادية، فتعدت دائرة القرابة الضيقة لتصبح دعوة عشاء ليلة العرس ذات طابع عمومي للقاصي والداني، وكأنما تم إحياء شيء من عادات الماضي ولكن بوجه آخر «أقل تكلفة» وقد تصدت الصناديق الخيرية والوجهاء إلى تطبيق هذه الفكرة التي تركت تأثيرًا عميقا في المجتمع القروي وساهمت في لم اللحمة المجتمعية وإيجاد نمط من التكافل الاجتماعي الفعّال، بغية تسهيل الزواج وتيسير تكاليفه للشباب والحد من ظاهرة العنوسة في المجتمع القروي.
لكن ذلك لم يمنع الشباب المقبلين على الزواج في القرية من ابتكار شكل تنظيمي آخر للزواج برز في السنوات الأخيرة، يتمثل باتفاق مجموعة من الشباب الراغب في الزواج أو عقد القران، على تنسيق الجهود واختيار مكان الحفل ضمن ليلة واحدة، يتقاسم فيها العرسان التكاليف المالية، فكل معرس يقوم بدعوة جماعته ومعارفه ليكون الحفل ضمن مؤسسة المأتم أو النادي في القرية.
وهكذا نرى أن التغيرات المجتمعية المتسارعة في مجتمع القرية البحرينية بدرجة كبيرة أسهمت في تذويب مفاهيمنا التقليدية حول طقوس الزواج وتلك العادات الجميلة التي عكست تكاتف المجتمع والروح الحميمية التي سادت في المجتمع القرويّ خلال فترات زمنية متعاقبة، مما أدى إلى استبدال طقس التنوير - مثلا - بموضة الصالونات الحديثة وجلسات المساج ذات الطابع التجاري البحت لكلا العروسين، كما استبدلت الفرشة بغرفة نوم حديثة ذات تصاميم أجنبية يحرص العروسان «وبخاصة العروس» على اختيارها بما يتناسب وذوقها الشخصي، لتتباهى بها أمام صديقاتها وأهلها فيما بعد.
لقد انبثقت عن التغيرات المجتمعية المتسارعة في مجتمع القرية في السنوات القليلة الماضية تغيرات مجتمعية مفصلية متسارعة، تجعلنا على يقين ، بأن روح القرية لم تعد كما كانت، بل غزاها أسلوب التمدن في الكثير من جوانبها الحياتية؛ فأصبحت أفراح (الزواج) مقتصرة إلى حد ما على المقربين، والأصدقاء، والجيران أحياناً، خصوصاً أن هذه التغيرات جعلت من تلك الولائم الكبيرة - التي كانت تقام في البيوت سابقاً - مقتصرة اليوم على وجبات خفيفة «لحفلات خطوبة وزواج» تقام في صالات تابعة إلى مآتم حسينية بأسعار رمزية تتناسب ومدخول «الفرد البحريني محدود الدخل».
كما يلفت إقامة بعض العائلات الميسورة المتوسطة في القرية حفلات زواج أبنائها بطريقة «متمدنة» من خلال استئجار صالات الأفراح والفنادق الفخمة، التي ينفق على استئجارها الشيء الكثير لتصل في بعض الأحايين ما قد يزيد على الألفي دينار بحريني؛ وذلك من أجل تباهي العروسين وعائلتهما اجتماعيا، على نحو قد لايعكس في الغالب حقيقة مستوى الحالة المادية الواقعية للعريس وعائلته، حيث يلجأ العريس إلى تغطية هذا الأمر إلى «الاقتراض الميسر» من البنوك المحلية، مما يسهم في تنامي مثل هذه الحالة الاستهلاكية القائمة على تنامي سلوك «الإسراف الزائد» بين الأسر المتوسطة أو المحدودة الدخل لا لشيء سوى التسابق الكاذب على إظهار حالة معاكسة لما يعيشها المواطن البحريني بشكل عام والقروي بشكل خاص، وهي حالة نقيض لما تعارفت القرية البحرينية المتكاتفة المتآلفة القنوعة التي تعيش على الستر والتكاتف في إقامة أفراحها متمثلة بمعنى المثل الشعبي القائل:“مد ارجولك على قد الحافك”.
ومما لا يخفى على المتتبع لهذه التحولات المجتمعية ما طرأ على ثقافة الاحتفال بالزواج في القرية البحرينية من تداخل كبير بين الثقافات، أستطيع رصده كباحثة في هذا المجال، سواءً فيما يتعلق بمراسم الزواج على الطريقة الأوروبية (موسيقى كلاسيكية) تستقبل العروسين عند دخولهما قاعة الحفل، إلى جانب الأغاني التي تطرب المدعوين وتكون خليطا متنوعا بين المحلي والخليجي والعراقي... وغيره، كما يلاحظ ذلك الامتزاج الثقافي في طريقة تناول طعام الإيلام للعرس والذي صار يعتمد نمط «البوفيه» الذي يمثل مزيجا من الأطباق المحلية والشامية والعالمية، والتي تتصف كمياتها وأساليب تقديمها هي الأخرى بالبذخ المبالغ فيه.
ولم تبتعد ملابس العروس عن هذا التمازج الثقافي كذلك، فقد طرأ عليها تغير كبير استبدلت خلاله العروس البحرينية -سواء كانت في القرية أو المدينة- ملابس الزفاف التقليدية بما يعرف بـ «الشنيول وفستان العرس» اللذين جاء تقليدهما من بعض الدول العربية وخاصة جمهورية مصر العربية أو من الدول الغربية.
وقد مس هذا التغير ذو الطابع المدني منظومة العادات والتقاليد المرتبطة بتقليد العزّام للرجال والعزامة للنساء، وتنغيمهما الشفاهي التقليدي الموروث والمحبب للنفوس، والتي يرد عليها المدعوون بقولهم “منّك المال ومنها العيال” إلى الدعوات بواسطة «الكروت الورقية» بطاقات الدعوة حتى وصل الأمر إلى استخدام وسائط تقنيات التواصل الإلكترونية الحديثة مثل «الواتس أب» و«الفيس بوك» وغيرهما!!
ومما يلاحظ كذلك؛ أنه وبدل أن يتوجه التبريك للرجل بسبب بروز دوره المعهود في تحمل تبعات العرس جميعها، أصبحت كلمة «مبروك» السائدة تعبيرا عن تزايد دور العروس في المشاركة في تأسيس عش الزوجية، وإذا كانت تلك الكلمات القديمة تطلق من المدعوين حالياً فإنها فقط جاءت مجاملة للرجل ودوره الذي يفترض أن يقوم به.(29)
كما انعكست التغييرات السابقة على كيفية مشاركة قريبات العروس والعريس في حفل الزواج، في القرية البحرينية، حيث يتسابقن من أجل إبراز الموديلات الجديدة وتسريحات الشعر والماكياج الناعم أو المتطرف في الذوق أحياناً من وجهة نظرهن؛ وهي مظاهر يصرف عليها الكثير من المال من أجل التفاخر لساعات معدودات أمام المدعوات، ويمكن استقراء هذا التغير بأن الفتاة القروية تمارس بذلك نوعا من التحرر والتمرد على أعراف مجتمعها فيما هو مباح «حفلات زواج الأقارب».
إن أسلوب حياة الفتاة القروية وتعاطيها مع التغيرات المختلفة التي تعصف بعالم اليوم جعل هذه الفتاة تتحول في ممارسة نمط تفكيرها، وتغيير قناعاتها تجاه العديد من الأمور والممارسات المتعلقة بها شخصياً، مما جعلها – بفضل وسائل الاتصال الحديثة التي ألغت الكثير من حواجز ثقافة «القرية» وموروثاتها المجتمعية التقليدية؛ ومن بينها تراث الاحتفاء بثقافة «الزواج» بما يمثله استحضار طقوسها من معتقدات وتقاليد بسيطة في مظهرها، وعميقة في تمثّل دلالات جذورها الضاربة في أعماق تاريخ الحضارة البشرية، التي تمثل دلمون أحد روافد ثرائها وديمومة عطائها الإنساني.
الهوامش
1. عبد الستار ، فوزية ، حقوق المرأة في إنشاء عقد الزواج، مجلة العلوم الانسانية، العدد 7 . شتاء 2003- جامعة البحرين.
2. الخواجة، هيثم يحيى، ملامح الدراما في التراث الشعبي العربي، كتاب تراث 25، ص 33.
3. لنعمان، طارق، المرأة وعنف المحكى، مجلةالعلوم الإنسانية، جامعةالبحرين، العدد 14 ، صيف 2007م، ص 220
4. بن حتيرة – صوفية السحيري، الجسد والمجتمع، دراسة أنتروبولوجية لبعض الإعتقادات والتصورات حول الجسد، الانتشار العربي، الباب الأول، ص 65.
5. مكي، عباس، المرأة الأخرى والرجل الآخر، قضايا المرأة العربية، الشريعة – السلطة – الجسد، مجموعة مؤلفين، بدايات، سوريا، 2008، ص 150
6. الأمثال الشعبية البحرينية، وزارة الإعلام، إدارة المتاحف والتراث، قسم الدراسات والبحوث، الجزء الأول، الطبعة الأولى، 1989م، ص 152
7. إسماعيل، سوسن علي، عادات وتقاليد الزواج في قرى البحرين – قرية النويدرات إنموذجاً، الثقافة الشعبية، العدد 2.
8. النعمان، طارق، المرأة وعنف المحكي، مجلة العلوم الانسانية، جامعة البحرين، العدد 14،صيف 2007، ص 222
9. الفقيه، شبّر، المرأة العربية المعاصرة وإشكالية المجتمع الذكوري، رؤية في العلوم السياسية والفلسفة والأدب العربي، المكتبة الجامعية، دار البحار، بيروت، ص 266
10. غيث، محمد عاطف، القرية المتغيرة، دراسة في علم الاجتماع القروي، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الثانية، 1964، ص 178
11. ميتشيل، دينكن، معجم علم الاجتماع، ترجمة إحسان محمد الحسن، الطبعة الثانية، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، 1986، ص 176.
12. عبدالله، سوسن إسماعيل، عادات وتقاليد الزواج في قرى البحرين – قرية النويدرات إنموذجاً، الثقافة الشعبية، العدد 3.
13. المدني، صلاح علي، أمثال البحرين الشعبية، النظرية والتطبيق، الطبعةالثانية، ص 204، 209.
14. سالم، أحمد، الحياة الاجتماعية والثقافية في البحرين قبل مائة عام، مجلة البحرين الثقافية، وزارة الثقافة والتراث الوطني، مملكة البحرين، العدد 55 يناير 2009م، ص 118.
15. بن حتيرة، صوفية السحيري، الجسد والمجتمع، دراسة أنثروبولوجية لبعض الإعتقادات والتصورات حول الجسد، الإنتشار العربي، لبنان، الطبعة الأولى، 2008، ص 194.
16. ميتشيل، دينكن، معجم علم الاجتماع، ترجمة إحسان محمد الحسن، الطبعة الثانية، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، 1986، ص 176.
17. بن حتيرة، صوفية السحيري، الجسد والمجتمع، دراسة أنثروبولوجية لبعض الإعتقادات والتصورات حول الجسد، الإنتشارالعربي، لبنان، الطبعة الأولى، 2008، ص 194
18. المأثورات الشعبية، رموز محورية في التراث الشعبي الاماراتي، د. السيد حافظ الأسود، العدد الثامن والثلاثون، ابريل 1995م، ص، 21.
19. موسوعة الشروق، المجلد الأول، ص 143 ، دار الشروق، القاهرة، 1994.
20. إيمان عباس، الجَلْوَة أحلى ليالي العمر، ألوان الوسط، العدد 1730 السبت 02 يونيو 2007م الموافق 16 جمادى الأولى 1428هـ
21. المرتضى، محمد، المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء، الجزء الثالث والرابع، مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانية، ص 94-95
22. موسوعة الشروق، المجلد الأول، دار الشروق، القاهرة، ص 40
23. بن حربان، جاسم محمد، التغيير وآلياته في موروثاتنا الشعبية، وزارة الثقافة والتراث الوطني الطبعة الأولى ، 2010، ص 62
24. سالم، أحمد، الحياة الاجتماعية والثقافية في البحرين قبل مائة عام، مجلة البحرين الثقافية، وزارة الثقافة والتراث الوطني، مملكة البحرين، العدد 55 ، يناير 2009م، ص 118
25. عبدالله، سوسن إسماعيل، عادات وتقاليد الزواج في قرى البحرين- قرية النويدرات إنموذجاً، الثقافة الشعبية، العدد 3
26. المكاوي، علي، الحراسة في المأثور الشعبي القطري، المأثورات الشعبية، العدد الخامس والأربعون، يناير 1997م، ص 8-9.
27. عماد، عبد الغني، العادات والأعراف والتقاليد والتراث الشعبي في العلوم الاجتماعية، نسخة من كتاب الكتروني، ص 11.
28. بن حتيرة، صوفية السحيري، الجسد والمجتمع، دراسة انتربولوجية لبعض الإعتقادات والتصورات حول الجسد، الطبعة الأولى، 2008 ، ص 82 ،دار الانتشار العربي، بيروت، لبنان.
29. بن حربان، جاسم محمد، التغيير وآلياته في موروثاتنا الشعبية، مملكة البحرين، وزارة الثقافة والتراث الوطني ، الطبعة الأولى ، 2010، ص 37.
- «الحناء» اسمه العلمي Lythraceae، ويتبع النبات الفصيلة الحِنّائية وزهره يسمى بمصر «تَمْر حِنّة»، وباليمن «الحنون » وبالشام «القطب». ويزرع نبات الحناء في أماكن كثيرة من العالم، بخاصة شبه الجزيرة العربية وشمال إفريقيا وإيران، ويزرع بالعُقَل في أوائل الربيع. وقد عرف المصريون القدماء النبات واستعملوا مسحوق أوراقه. ويستعمل مسحوق أوراق الحناء على شكل عجينة ، تخَضب بها الأيدي والأظافر والشعر، ويزداد ثبات الخضاب إذا كان ذلك في وسط حمضي ؛ فيضاف إليه حمض الليمون «الستريك » أو حمض البوريك . وتستعمل عجينة الحنّاء في علاج الأمراض الجلدية والفطرية، خصوصاً الالتهابات التي توجد بين أصابع القدم والناتجة عن نمو أنواع مختلفة من الفطِريات. ولعل استعمال الحناء قبل العرس تقليد فرعوني قديم؛ فالخِضَاب بالحناء مطهر للجلد.
مصادر الصور
- من كاتبة المقال.
- من ارشيف الثقافة الشعبية.