العمارة السكنية بالمدن العتيقة التونسية: مدينة صفاقس نموذجا «مقاربة ثقافية حضرية»
العدد 30 - ثقافة مادية
«هذه الصناعة (البناء) أول صنائع العمران الحضري وأقدمها، وهي معرفة العمل في اتخاذ البيوت والمنازل للسكن والمأوى للأبدان في المدن»
ابن خلدون
إن العمارة التقليدية، وبخاصّة العمارة السكنية، مرتبطة شديد الارتباط بالوسط الذي تنشأ فيه، سواء كان حضريا أو ريفيا، لأنه لا وجود، مبدئيا، لمسكن خارج سياق يفسر أشكال هندسته ويبرّرها. فما يمثل سوى وحدة ضمنه، فيشمله بطريقة اشتغاله، أي بنمط عيش قاطنيه وتقاليدهم السكنية، وكذا التجمع الحضري الذي يكتنفه، سواء كان مدينة أو قرية أو ريفا.
يمثل هذا النمط تراثا عمرانيا ومعماريا على درجة من الثراء في تنوع أشكاله وفي خصوصياته المحلية وفي توزيع مجالاته ووظائفها ضمن النسيج الحضري بالمدن العتيقة، لكنه يطرح في ذات الوقت مسألة دوامه وبقائه في ظل التحولات الاجتماعية والثقافية التي تشهدها البلاد منذ ما يزيد عن نصف قرن.(1)
تخطيط حضري متوازن:
المدينة العتيقة مصطلح حديث يُـراد به التدليل على النواة التاريخية لمدن الحاضر، فكأن ليس لها وجود إلا بضدّها أي المدينة العصرية التي ظهرت بوادرها مع انتصاب الحماية الفرنسية بالبلاد، بينما هي وحدة حضرية كانت سابقا متكاملة المجالات والوظائف وقائمة بذاتها، وهي اليوم قادرة على التأقلم والاشتغال بحكم محافظتها على دينميتها الاقتصادية والاجتماعية. المدينة العتيقة مجال حضري واجتماعي يختصّ بنسيج منظم ومهيكل، يوفر جمعا من إمكانات التعايش ويحمل الذاكرة الجمعية لأنه يحيل إلى التاريخ.
يرجع ظهور هذا النمط من المدن إلى الفتوحات الإسلامية وانتشار الدين الإسلامي بالبلاد التونسية (انطلاقا من القرن الثالث الهجري، التاسع ميلادي) التي كانت تسمى في العصر الوسيط إفريقية، وقد ارتبط التعمير وفن العمارة الإسلامية ارتباطا وثيقا «بالمعجم الديني»(2)، بما يتضمّنه من قيم أفرزت أنماط عيش بلورتها تلك القيم، إضافة إلى ما تمليه الدوافع الطبيعية.
إن العوامل الثقافية والدينية هي عوامل حاسمة في تشكّل المدينة، تلك الظاهرة العمرانية المعقدة، أما العوامل الطبيعية، فهي دون شك مؤثرة، لكن بدرجة ثانية.
لقد أفرزت تلك العوامل مجتمعة تخطيطا عمرانيا محكما ومنظما بدقة، يمثل نسقا متركبا من عناصر مهيكِلة كالأبواب والأسوار التي تحدّد المجال المديني بصفة تامة ونهائية، إضافة إلى دورها الدفاعي، والمسجد الجامع بتعدد وظائفه الدينية والاجتماعية وهو الذي يحتل مركز المدينة.
يمتاز النسيج الحضري بالمدينة العتيقة باستقراره ودوامه رغم التطوّر الاجتماعي والاقتصادي والتزايد السكاني، وكذلك بكثافته وتراصّ وحداته وتجاورها بواسطة عنصر معماري مُـوَلّـِد للتعمير وهو الجدار المشترك بين المباني المجاورة لبعضها البعض(3).
جاء هذا التخطيط على نحو مركزي، ينطلق من مركز المدينة الذي يجـسّـمه المسجد الجامع، فـتُـخط أهم الأنهج في شكل تربيعي حتى تصل إلى أبواب المدينة، محدِدة المجالات الاقتصادية من أسواق وقيصريات(4)، منظمة بصفة تفاضلية بحكم القرب من المسجد الجامع أو الابتعاد عنه، وكذا المجالات السكنية التي تستقرّ وراء المسجد الجامع والمجال الاقتصادي وتأتي على شكل وحدات عمرانية ملتصقة ببعضها البعض، فتشكل بذلك الأحياء (يسمى الحي هنا حومة، بضم حرف الحاء أو بفتحه) وتـتـخلّـلها مرافق خاصّة بكل حيّ كالمسجد أو المُـصلّى والحمّام والمخبز، أما سكن الغرباء والوافدين وكذلك الفنادق أي الخانات والوكالات التجارية، فهي مركزة بأطراف المدينة باعتبار أن معظم روادها من المسافرين أو الغرباء.
كل هذه العناصر العمرانية والوحدات التي تؤثث المجالات الاقتصادية والسكنية من أسواق ومنازل ومساجد وغيرها، مرتبطة ببعضها البعض بشبكة من الأنهج والأزقة النافذة وغير النافذة، حسب نظام تفاضلي محكم، يضمن حميمية المساكن، اعتبارا أن عددا منها يفتح بتلك الأزقة التي لا يؤمها سوى الساكنين.
يذكرنا التخطيط الحضري لمدينة صفاقس العتيقة بتخطيط مدينة الكوفة بالعراق وهي أول مدينة عربية إسلامية أنشأت من عدم تقريبا، بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب في العام السابع عشر من الهجرة (638م.)، وقد جعل منها الخليفة علي بن أبي طالب عاصمة له(5)، كما أنه يذكرنا أيضا بالمدن الإغريقية ووريثاتها الرومانية القديمة، حيث يتقاطع شارعان محوريان، الكاردو والديكومنوس في مستوى مركز المدينة الذي يحتله الميدان العام (فوروم)، وقبلهما، نلاقي التخطيط نفسه تقريبا في مدينة كركوان البونية الموجودة بالوطن القبلي بتونس والتي قد يرجع تأسيسها إلى القرن السادس قبل الميلاد(6).
مهما يكن من أمر، فإن هذا النظام العمراني محكوم بالتوازن الذي يضبط مختلف المجالات ووظائفها بين سكنية واقتصادية وثقافية، وهي المنبثقة كما سبق من نسق قيم الحضارة الإسلامية، ومنظمة حسب تصوّر ثقافي منطقي، يفصل بين الحياة العائلية التي يحتضنها المسكن (الدار) وبين الحياة المهنية التي يمارسها الإنسان بدكاكين أو مشاغل منتصبة بأسواق مكشوفة أو مسقوفة أو بالقيصريات، ومجمّعة حسب اختصاصها، لذلك يبدو هذا الاشتغال المديني على درجة كبيرة من التماسك والترابط المنطقي(6).
العمارة السكنية التقليدية المدينية:
إن العمارة ظاهرة حضارية تتبلور من خلالها فنون الإنشاء وتتجسّم عبرها المضامين الثقافية والاجتماعية التي تحملها العمارة السكنية التقليدية بالخصوص. هي تشكيل خاصّ للفراغات السكنية، وهي نتيجة تحصيل معارف في فنون البناء والإنشاء وفي استحقاقات أنماط العيش ومتطلّباتها. يـتـمّ تداول تلك المعارف –»معرفة العمل كما يقول ابن خلدون»(7)- كابرا عن كابر، كل جيل يأتي بجديده، فتتراكم المعرفة وتتبلور الإضافة. إن العمارة السكنية بصفة عامة محل ثنائية متماسكة: هي في آن فضاء مبني وفضاء مسكون: أما التقليدية منها، فيتميز البناء فيها باستعمال مواد طبيعية مستخرجة من المحيط القريب، والاستعانة بمهارات إنشائية متراكمة ومتداولة، وذلك حسب تخطيط معلوم، تتكامل فيه فراغات مكشوفة وأخرى مسقوفة. والعمارة فضاء مسكون، لاحتضانه العائلة الممتدّة بنمط عيش أفرادها وممارساتهم وتقاليدهم السكنية.
تمثل التقاليد نمطا سلوكيا يتبعه الفرد أو الجماعة، اقتداء بسنن الأسلاف وتمسكا بها، وهي تحمل رواسب متوارثة ومتراكمة(8). في ميدان البناء، تحيل التقاليد إلى التجربة المتراكمة التي تحصل بتواصل الممارسة والتداول بالنقل من السلف إلى الخلف في احترام ضمني للنماذج، ولمّا كانت العمارة التقليدية شكلا من أشكال تهيئة الإنسان للمجال الذي يعيش فيه، أي نمط سكن متأثر بثقافة الجماعة وبقيمها ومؤسساتها وقاعدتها الاقتصادية، فإن التقاليد السكنية تعبير مباشر ولا واع عن تلك الثقافة في مضمونها المادي وغير المادي، وتجسيم لمعارف ومهارات متراكمة، قد أفضت إلى بلورة نماذج وأنماط معمارية أصبحت ذات صبغة معيارية موجبة ضمنيا، وبذلك تفيد التقاليد نسقا سلوكيا يحتذى ويتبع بصفة تلقائية ولكنها تكاد تكون إلزامية.
لفنون البناء وأشكاله جذور عميقة، تعود إلى العصور القديمة، لكنها تتغيّر بتغيّر المحيط الطبيعي والبيئة الاجتماعية والاقتصادية، لأن العمارة التقليدية نتيجة تفاعل بين المعطيات المناخية والإمكانات الطبيعية المحلية مع حاجيات الإنسان السكنية ومتطلبات نمط عيشه، في نطاق نسق القيم ومنظومة الأعراف السائدة، هكذا يتمّ إنتاج أنماط معمارية سكنية ذات طابع معياري، تشكل قواعد ينبغي احترامها، انطلاقا من نماذج ضمنية معلومة بصفة مسبقة(9)، فلا تتغير سوى بعض التفاصيل عند التنفيذ، بحيث تعدّ الأنماط المعمارية من الثوابت، أمّا المتغيّرات فهي شخصية صرفة، تتماشى مع أوضاع المالك المادية أو تعود إلى الاختلافات الطبيعية كالتضاريس.
إن تونس، على الرغم من صغر رقعة أرضها، على ثراء كبير من فنون البناء وأنساق الإنشاء التقليدي وتنوعها من منطقة إلى أخرى وحتى داخل المنطقة الواحدة، فالبناء بالساحل غير البناء بالجريد وإن تشابهت الأنماط المعمارية من حيث التخطيط، باعتبار تقارب أنماط العيش، ممّا يعكس عمق المعرفة المتراكمة بحكم التجربة والتداول التي اكتسبها البناؤون المحلّيون الذين حذقوا فنون تجسيدها في بناء ملائم للظروف المناخية بما يوفّره المحيط الطبيعي من مواد مندمجة في الوسط الحضري، ومستجيب لمتطلّبات أنماط العيش.
إن التقاليد تجسيم غير مادي للثقافة الشعبية بحاجياتها وقيمها، وبلورة لرغبات الإنسان وأحلامه وأهوائه، هي تصور للكون مرسوم بالمواد وتعبير عن الإنسان بتطلعاته، إذ أن شكل العمارة السكنية نتيجة تداخل عوامل عديدة ومعقّدة وهي ذات صبغة ثقافية واجتماعية وطبيعية معا. للمناخ والتضاريس ولنوع مواد البناء تأثير واضح في شكل العمارة ولكن تشكيل الفراغات السكنية يعود بالأساس إلى المعطيات الثقافية، كنمط العيش والمعتقدات والممارسات الدينية والبنية الأسرية والعلاقات الاجتماعية والتقاليد الغذائية والقاعدة الاقتصادية... هكذا، يصبح المسكن انعكاسا على الفضاء لتلك الأجوبة التي تلبّي حاجيات الإنسان المادية وغير المادية في نطاق ثقافة محدّدة. حقا، إن العمارة قبل أن تكون أنساقا إنشائية، هي ظاهرة ثقافية حضارية مميزة.
في هذا السياق، تبرز ثنائية العمارة بوصفها ثقافة غير مادية، بما وراءها من معارف وفنون بناء، وما تكتنفه من سلوكيات سكنية، وباعتبارها ثقافة مادية بعناصرها الهندسية المبنية ومواد بنائها، كالجدران والسقوف والعقود والأعمدة والأبواب. لقد حذق البناؤون كل تلك المعطيات واستوعبوها وحققوها بالمدن والقرى. إن السكن المديني مرتبط شديد الارتباط، من حيث شكل عمارته، بالوسط الحضري، هذا الوسط المتمثل في المدينة العتيقة وهو منظم بكل دقة عبر توزيع محكم للفضاء بين المجالات الاقتصادية والسكنية دون تداخل، ممّا يساعد على اشتغال الأسواق بلا عوائق ويوفّر طيب العيش وظروفه بالمساكن والدور.
إن المجال السكني الذي يكتنفه النسيج الحضري المديني يأتي في شكل وحدات سكنية متلاصقة(10)، تكوّن مقسّمات تفصل بينها وتؤدّي إليها شبكة من الأنهج والأزقة والكلّ مرتكز على التجاور بوجود الجدران المشتركة. للجدار المشترك بين الأجوار أهمّية قصوى في إنتاج النسيج الحضري، فهو يفصل بين عقارين ويوحّد بينهما في آن(11)، ممّا يعطي نسيجا متكتلا يمتن دون شك اللحمة الاجتماعية، وقد قيل(12) إن التجاور بواسطة الجدار المشترك يفضي حتما إلى انغلاق المسكن على نفسه وانفتاحه على داخله من خلال فناء مركزي يتوسط مختلف وحداته.
في حقيقة الأمر، أدّت عوامل متعدّدة إلى بلورة هذا النمط المعماري، أي مسكن يتوسّطه فناء، فإضافة إلى عنصر التجاور، وهو عامل حضري معماري، فإن الدوافع الطبيعية والثقافية لعبت دورا حاسما في إنتاج هذه العمارة، إذ يوجد تفاعل جلي وملحوظ بين العمارة السكنية التقليدية مع المناخ من حيث تخطيطها، فهي تستمدّ الهواء ونور الشمس من الفناء المركزي. لغاية تعديل درجات الحرارة بالصيف كما بالشتاء. تُبنى في الغالب أروقة تتقدّم غرف السكن أو المرفقات المشتركة فتلطّف الهواء، كما يؤدي الغلاف الخارجي الوظيفة نفسها من خلال طرق الإنشاء كسمك الجدران المبنية بالحجارة وكذا السقوف التي تُعمل من الخشب والحجارة وخرسانة الجير. من بين العناصر المتدخلة في تكييف العمارة مع محيطها الطبيعي والحضري اختيار الاتجاهات وتصميم الفتحات، حيث تخصّص الغرفة ذات المدخل القبلي (جنوبي شرقي) إلى ربّ العائلة للاستفادة من دفء الشمس شتاء ونسائم البحر صيفا، فيما تفتح المرافق (المطبخ والمطهر والمذهب وغرفة الخزن) على الجهة المقابلة، أمّا الفتحات أي الأبواب والنوافذ، فإننا لا نجد بالطابق السفلي ما يفتح منها على الواجهات الخارجية سوى المدخل وربّما باب المخزن، إذ أن النوافذ مقصورة على الطابق العلوي، بينما تفتح الغرف ونوافذها المتناظرة على الفناء، هذا يعني – وبقطع النظر عمّا يُقال عن ثقافة الانغلاق- أن البناء محمي من التيارات الهوائية الخارجية، خاصّة إذا لم يكن بالمسكن إلا واجهة فريدة في حين أن باقي الغلاف هو عبارة عن جدران مشتركة مع الجيران في نسق حضري مطبوع بالتراصّ ومبني على التجاور.
عنصران أساسيان إذن يحدّدان شكل العمارة السكنية التقليدية بالمدن العتيقة:
1. الجدار المشترك الذي يولّد التجاور
2. والفناء المركزي الذي يحتم تفاعل هندستين مختلفتين:
• هندسة الفناء نفسه وهي في جل الحالات منتظمة أي تخطيطها مربّع أو مستطيل
• وهندسة باقي الفراغات المسقوفة وهي محل التسوية حسب شكل قطعة الأرض المخصّصة للبناء وهي ليست بالضرورة منتظمة الأضلاع.
خلافا لما يؤكده بعض الدارسين(13) من حيث أن العمارة السكنية التقليدية محكومة بعدد من الثنائيات كثنائية الانغلاق والانفتاح، إن عمارة المدن العتيقة هي في حقيقة الأمر عمارة البين بين أو «البـيْـنـيات» إن صحّ التعبير، إذ تنتفي في كنفها الثنائيات التي ألصقت بها، كثنائية العام والخاص أي المجال الخاص والمجال العام، وثنائية الانغلاق والانفتاح، انغلاق على الأنهج والأزقة وانفتاح على الأفنية، وثنائية الداخل والخارج والمكشوف والمسقوف... إذا أمعنا النظر على مستوى النسيج الحضري، يبدو أن ما بين الشارع والمسكن يأتي الزقاق، وهو فضاء وسيط لا يؤمه سوى ساكنو الدور التي تفتح أبوابها على ذلك الزقاق، ثم ما بين الزقاق، وهو فضاء خارجي وسيط كما قلنا، والمسكن وما بداخله من عناصر، نجد السقيفة المنعطفة والمقسمة إلى جزأين: جزؤها الخارجي يمثل هو أيضا فضاء وسيطا يستقبل فيه رب البيت الزائرين من غير الأقارب، أما جزؤها الداخلي، فـيُـفضي إلى الفناء عبر الرواق، وقد يحتضن في بعض مدن البلاد وقرأها أشغالا منزلية تقوم بها النساء كنسج الأغطية والمفروشات أو صنع السلال والمذاب وغيرها من عمل خوص النخيل. على مستوى شكل العمارة، يفصل ويربط في آن ما بين الفناء المكشوف وفراغات السكنى والمرافق المسقوفة، فضاء وسيط آخر: هو الرواق الذي يشكل امتدادا للغرف أو المرافق ويقلص من التضاد الحراري ما بين داخل الغرف والفناء ويسمح بالتنقل بينها دون المرور ضرورة من الفناء السماوي.
يؤدي الفناء أو الحوش المركزي المكشوف وظائف عدّة في تخطيط المسكن وفي اشتغاله: هو فضاء سماوي، تفتح فيه وتتوزّع حوله كل خلايا المسكن من غرف ومرافق، ويمثّل بالتالي فضاء عبور للنفاذ إلى تلك الخلايا. بهذا الشكل، يصبح المسكن ذو الفناء المركزي ملائما لإيواء الأسرة الممتدّة المتكوّنة من الأب والأمّ والأبناء المتزوّجين وأبنائهم، إذ تنفرد كل عائلة نووية بغرفة لإقامة أفرادها ونومهم، أما المرافق، فهي مشتركة.
تشكل الأسرة وحدة اجتماعية تربط بين أفرادها جملة من العلاقات والروابط القرابية ووحدة اقتصادية إنتاجية واستهلاكية في ذات الوقت، وذلك في نطاق المجتمع التقليدي الموسوم بالدوام، إذ تفيد الأسرة بحكم تلك الروابط، الاستمرار عبر الزمان وأحيانا عبر المكان، بتعاقب أجيالها في المسكن الواحد، لتصبح أساس البناء الاجتماعي المتطابق مع البناء المعماري الذي يجسد التجليات المادية للثقافة والحضارة. إن البيئة الأسرية فاعل حاسم في تشكيل فراغات السكن وتصميم العمارة السكنية عامّة لأن وظيفة كل فراغ سكني محدّدة بالأدوار الاجتماعية والاقتصادية التي يؤديها كل فرد من أفراد الأسرة، ومن خلال علاقات القرابة التي تربط بينهم، الشيء الذي يجعل من كل حركة تحصل بالمسكن تتبع طرقا مرسومة على الأرض وعلى الجدران، في نطاق الحياة العائلية والعلاقات الاجتماعية التي تنظمها.
يشكل تفاعل هندسة الفناء وهندسة باقي فراغات المسكن ثنائية سلوكيات وممارسات أفراد تلك العائلة الممتدّة طبقا لما تمليه العلاقات القرابية التي تربط بينهم. يمثل الفناء في هذا السياق قلب المسكن ومركز الحياة الأسرية الجمعية، فهو فضاء مشترك خلافا لباقي الفراغات المسقوفة التي تنقسم إلى فضاءات مشتركة معدة للمرافق والخدمات، وفراغات خاصّة هي الغرف، بوصفها فضاء متعدد الوظائف يأوي نوى العائلة الموسّعة. بذلك تعكس العمارة السكنية المدينية النظام القرابي المرتكز على قوّة العائلة الأبوية وسلطتها، إذ تجسد الوحدة السكنية مبدأ وحدة العائلة والمجتمع برمّته إلى درجة تجلي صورة المجتمع مرسومة على الأرض من خلال تصميم العمارة، وإذا سلّمنا بأن العائلة هي التي تنتج المجتمع، فإن العمارة هي التي تنتج المدينة وإذا ما تطوّرت العائلة، تطوّر المجتمع وتغيّرت العمارة والمدينة برمّتها.
إن العمارة السكنية التقليدية بالمدن العتيقة نتاج تراكمي لحقب طويلة من الممارسات الإنشائية والسكنية ومن تحصيل بالتجربة والنقل والتداول لمعرفة العمل في فنون البناء وتخطيط العمائر، هي وعاء لتلك المعارف والفنون والخبرات والمهارات الإنشائية، تنصهر فيها القيم الثقافية والاجتماعية وتؤثر فيها المعطيات الطبيعية.
العمارة التقليدية تراث مادي وتراث غير مادي في آن واحد. هي تراث مادي بأشكالها وعناصرها ومواد بنائها، وهي تراث غير مادي بالمعارف والفنون التي أسهمت في إنشائها وبالوظائف التي تؤديها وبالرموز والمتمثلات التي تكتنفها، هي التراث بعينه، برمّته، في كماله وتمامه. لخصائصها هذه، تطرح العمارة التقليدية مسائل عدّة كالمحافظة والتوظيف. من حيث هي إنتاج مادي أي عمائر، تشكل العمارة التقليدية عبئا ماديا على مالكها سواء كان فردا أو جماعة لصيانتها، خاصة إذا لم يتمّ ذلك في نطاق برنامج استثماري يعيد توظيفها. لمّا كانت المحافظة على التراث غير المادي تستوجب إعادة توظيفه(14)، فهل يعني ذلك إعادة إنتاج هذا الموروث من معارف وفنون .
تعرف اليوم المدن العتيقة بتونس تحولات مجالية ووظيفية تتمثل خاصة في تضخم الوظيفة الاقتصادية على حساب الوظيفة السكنية التي انحسرت بدرجات متفاوتة حسب المدن، مما أدى إلى انخرام التوازن الذي كان يميزها وإلى تدهور عمائرها السكنية(15). لكن، على الرغم من ترهّل رصيدها المعماري، حافظت النوى التاريخية لمدن كتونس وصفاقس على حركيتها الحضرية وذلك بتأقلم نسيجها ومورفولوجية عمارتها، وهذا ما يؤكّد أن نموذج المدن العتيقة ما يزال صالحا للاشتغال، بل وأكثر من ذلك، فهو يعتبر مجالا مفضلا، يتنافس البعض على الانتصاب به. صحيح أن بعض النوى التاريخية، على غرار مدينة صفاقس العتيقة، شهدت إخلاء سكانيا جرّاء هيمنة الوظيفة الاقتصادية على المجالات المخصّصة أصليا للسكن، لكن ذلك لم يحد من الدينامية التي عليها تلك النواة. في حقيقة الأمر، أدّى التجاذب الذي خلقته الوظيفة الاقتصادية، بما تشمله من صناعات تقليدية وتجارة وخدمات، وبما أفرزته من اكتظاظ وربمّا من تلوّث كما في مدينة صفاقس تحديدا، أدى إلى إخلاء سكاني وزحف للوظيفة الاقتصادية واستيطان فئات جديدة وافدة، وقد رافق هذه التحوّلات الوظيفية والتغيّرات الاجتماعية تشويه للتراث المعماري وتجديد لبعض من عمائره، ممّا أفضى إلى ترهل ما تبقّى من العمائر السكنية.
يشهد النسيج العمراني التقليدي تناقضا صارخا بين نمط العيش الذي أنشأ من أجله وطرق اشتغاله الحالي في ظل التشكل الاجتماعي الجديد(16)، إذ شهد المسكن التقليدي، الذي كان يأوي كامل أفراد العائلة الموسّعة -وهي التي تكوّن في الآن نفسه وحدة اقتصادية- تفكّك ذلك النمط الأسري وبروز العائلة النووية غير القادرة ماديا على صيانته وتعهده، فأصابه الترهل والتداعي، كما أن تباين أنماط عيش السكان الأصليين والسكان الوافدين في معظمهم من الأرياف، وكذا مقتضيات التطوّر الاجتماعي والتوق إلى التمتع بحدّ أدنى من المرافق الحياتية العصرية، كل تلك العوامل أسهمت في هجر المدن العتيقة من طرف سكانها الأصليين وبالتالي إلى ترهل البناء بالمدن العتيقة. يعود إذن ومترابطة بعضها بالبعض الآخر، ولعلّ أهمّها إخلاء السكان الأصليين لمساكنهم وعدم البحث عن الحلول الكفيلة بجعلها تلائم ظروف العيش العصرية وعجزهم عن إشغالها في ظروف تفكّك البنى الاجتماعية التقليدية.
كانت المدن التي تنعت اليوم بالعتيقة تمثل كيانا عمرانيا متكاملا يكتفي بذاته في نطاق تلازم مختلف وظائفه وتوازنها، لكن إثر التحوّلات العميقة التي شهدها المجتمع التونسي منذ ما يزيد عن النصف قرن، أضحت مجرّد نواة تاريخية أو «مركزا تاريخيا» كما يقال، أي وحدة حضرية ضمن مدينة أرحب وأوسع، وبالتالي إنه غير ذي جدوى أن نحاول إعادة التوازنات السالفة داخل تلك النواة باعتبارها مجالا مغلقا ومنفصلا عن باقي المدينة، وإنما ينبغي إدماجها ضمن دينامية حضرية أشمل(17)، وأن نأخذها في الاعتبار عند إعداد مشاريع الارتقاء والإحياء.
إن نموذج المدينة العتيقة إنتاج تاريخي، ولأن التاريخ لا يعيد نفسه كما يقال، فلا مفرّ من إعادة النظر في وظائفية هذا النموذج واستيعاب تحوّلاته بدل إعادة إنتاجه بصفة قسرية، دون أن تكون وراءه الدوافع والقيم نفسها التي أنتجته في المرّة الأولى. يعني ذلك دون شك، الوصول إلى توازنات جديدة، تكون منطلقا إلى إحياء التراث المديني والارتقاء به عن طريق المحافظة على ديناميتة الاقتصادية الراهنة وتعزيزها بقطاعات جديدة كالإطعام والسياحة وبإعادة الاعتبار إلى الوظيفة السكنية، لكن دون تكثيف مفرط، وإقحام وظائف جديدة ثقافية وإدارية، بذلك يتجلّى رهان الإحياء في أبعاده الثلاثة: الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
لقد أضحى الارتقاء بالنوى التاريخية للمدن التونسية الكبرى أمرا ضروريا(18)، إن ثقافيا وإن اقتصاديا وإن اجتماعيا، وأنه يمرّ حتما عبر إعادة الاعتبار إلى تراثها المعماري وتوظيفه في مشروع تـنمية مستدامة، تأخذ في الاعتبار الرهانات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الراهنة، لأنه لا يمكن اختزال مسألة صيانة المدن العتيقة في ترميم معالمها، بل ينبغي العمل على إكسابها تنافسية حضرية، قادرة على توفير متطلّبات عيش عصرية لسكانها، تماما مثل أي مجال سكني آخر، وعلى استيعاب أنشطة جديدة مضافة، تسهم في المحافظة على دينامية عمرانية، لأن هذه الدينامية هي أساس استمرار المجال الحضري ودوامه.
من الواضح أن جانبا من هذا التراث بلغ درجة متقدمة من الترهل وأن بعضه بصدد التغيير وربّما التشويه وذلك جرّاء التحوّلات الوظيفية التي تشهدها المدن العتيقة وقد هجرها سكانها الأصليون وتحوّل عدد من دورها المخصّصة لسكن العائلة الممتدة إلى مساكن جماعية تأوي عددا من العائلات النووية، تنفرد كل عائلة بإحدى الغرف، بينما تبقى المرافق مشتركة، أو إلى محلات اقتصادية (في الصناعة والتجارة والخدمات) وبذلك تراجعت الوظيفة السكنية وهي مركزية بالنسبة إلى التوازن الحضري الذي يميز المدن العتيقة.
في هذا الصدد، وباستثناء المعالم التاريخية المرتّبة أو المحمية أو تلك التي تنتمي إلى القطاع العام، تطرح عملية الارتقاء رهانا تراثيا خاصا، يتمثل في التوصل إلى المحافظة على نمط المساكن المعماري أي شكل المسكن المنظم حول فناء مركزي، إضافة إلى المفردات المعمارية في المستويين الداخلي والخارجي، أما مواد البناء فتلك مسألة ثانوية. كما ينبغي أيضا العناية بالمرافق الحضرية كشبكات التنوير والاتصالات وغيرها وبشبكة الأنهج والأزقة والباحات وتهذيبها.
مقابل الحفاظ على ذلك النمط المعماري، يتعيّن مراعاة توق الساكن إلى مزيد من الرفاهة والرّاحة داخل مسكنه التقليدي وإلى تحسين ظروف عيشه بصفة عامّة، وكذلك الاتجاه نحو تهيئة تمكّن من استقبال سياحة ثقافية مبنية على الاقتراب من التراث الجمعي وخاصة غير المادي منه، ممّا يجرّ إلى تحديد توازن جديد داخل المدن العتيقة، يعادل بين مختلف الوظائف كالسكن والسياحة والخدمات وغيرها. تتطلّب أية عملية تهذيب وارتقاء مجهودا يبذله مالكو العقارات لمعاضدة المجهود العمومي لكنها كثيرا ما تصطدم بعوائق عدّة، منها المسألة العقارية.
يتمثل رهان الارتقاء الأساسي في إعادة الاعتبار للإرث السكني وتأهيله لكي يؤدّي وظيفته في ظروف مقبولة، لكن في معظم الحالات، وبحكم تعدّد الورثة من المالكين، لا يمكن أخذ القرار للإنفاق على الترميم والإصلاح – وهو في حقيقة الأمر ضرب من الاستثمار- إلى حدّ ترك العقار يترهّل، فتضطرّ السلطة المحلية إلى هدمه خوفا من انهيار محتمل. هكذا يتغيّب المالك وتعوّضه الجماعة المحلية ويندثر المسكن ذو الصبغة التراثية وتحل محلّه عمارة جديدة هجينة. يحتّم هذا الوضع استنباط الصيغ الملائمة لتطهير الأوضاع العقارية وتشكيل الجهاز التشريعي والإداري ثم المالي الذي يساعد على وضع استراتيجية للتدخل بالمدن ويمكن من إنجازها بمشاركة الأطراف المعنية من جماعات محلية ومالكين ومستثمرين في إطار برامج عمرانية جماعية وشاملة.
تشكل أمثلة الصيانة والإحياء الأداة المثلى للنهوض بالمدن العتيقة والارتقاء بها وهي تتجاوز التدخلات الآنية المنفردة أو المنعزلة، لتشكل تدخلا جماعيا يشمل كل المجال المعني ويحدد مختلف المتدخلين فيه من سلط وشاغلين ومستثمرين. إننا إزاء مشروع معقّد، يهدف إلى تغيير الوضع الموجود من خلال تدخلات ميدانية مختلفة، طبقا لدراسات مسبقة، تشخّص الأوضاع وتعطي التوجّهات العامّة التي تحدّد شكله القانوني ومحتواه العمراني والمعماري. يبدأ إذن هذا المشروع من تطهير الوضع العقاري وينتهي إلى استطاعة التصرف في العقارات التي يشملها الصون والمرشحة لإعادة التوظيف، كما يهتمّ هذا البرنامج بالأساس بالعقارات التي تهدّد بالانهيار ويرمي إلى تنفيذ تدخلات تهدف إلى تحسين ظروف عيش الساكنين من خلال ترميم مساكنهم وتهيئتها بحيث تستجيب لمتطلّبات العيش الحديثة وتهذيب مختلف الشبكات (التصريف، الإنارة، الكهرباء، الاتصالات، توزيع الماء الصالح للشرب...) وكذا المحلات الاقتصادية والحث على إرساء أنشطة سياحية داخل المدن العتيقة بتهيئة المسالك وترميم المعالم وتهذيب الأسواق.
لا ترمي المحافظة على المدن العتيقة إلى تحنيطها، بإيقاف تاريخها والحد من تطوّرها، وإنّما تهدف إلى الارتقاء بها من حالة الترهل والإخلاء وإعادتها إلى الاشتغال بالتأقلم مع المستجدّات الاقتصادية والاجتماعية، في دينامية تمكن من حماية النسيج الحضري والرصيد المعماري وتستوعب انعكاساته الاجتماعية والاقتصادية، من خلال تطوير الوظائف ومواكبتها لمتطلّبات العصر.
لقد أدّت التطوّرات الاقتصادية والاجتماعية وتقدم التكنولوجيات الحديثة في بلادنا وفي العالم بأسره إلى تفكّك أنماط العيش الجمعية التقليدية وانحسار أدوار العائلة الموسّعة وبروز الأسرة النووية كخلية أساسية للمجتمعات، فحتّمت تلك التحوّلات المرور من السكن التقليدي الأبوي إلى السكن الفردي الذي يحتضن الأسرة النووية المصغّرة وأدّت إلى ضرورة ملاءمة تخطيط العمارة السكنية الحاجيات المتجدّدة لتلك الأسرة. تبعا لهذا التطور، برزت في مدننا أنماط معمارية جديدة خلقت القطيعة مع الموروث وأجبرت أحيانا الساكن على ترك تقاليده للتأقلم مع تلك العمارة بكل ما في ذلك من قسر لأن التقاليد السكنية بطيئة التطوّر مثلها مثل التقاليد الغذائية وربما عكس تقاليد اللباس. هنا، حريّ أن نتساءل: هل نتخلّى بصفة لا رجعة فيها عن ذلك الموروث المعماري الذي أثبت جدواه طيلة قرون بما يمتاز به من إمكانات إنشائية وما يكتنفه من مرجعيّات ثقافية؟ من المؤكد أن ترك الأنماط المعمارية التقليدية يعني ظهور أنماط حديثة، لكن لما نزعت العمارة الحديثة نحو عالمية الأنماط وتوحيدها، وبحكم اعتمادها على ما توصّلت إليه التكنولوجيات الحديثة في ميدان الإنشاء وبالتالي التخطيط الذي تتحكّم فيه ابتكارات المعماريين وميولاتهم، فهي قد فسخت في الحقيقة التسلسل التاريخي ونفت الانتماء والهوية، كما انفصلت في الآن نفسه عن المحيط الذي نشأت فيه، فهل يجوز أن نبني كيفما اتفق وحيثما كان؟
ينمّ المشهد المعماري اليوم في تونس عن حيرة كبيرة وانفصام بين الانتماء والانتفاء، فهل تعكس العمارة ما قد يحمله المجتمع من تناقضات ثقافية؟ هل نعيش اليوم فترة مخاض وبحث، نتلمّس من خلالها الطريق ونتحسّس النمط المعماري الملائم لسلوكياتنا وممارساتنا السكنية في الوقت الراهن؟ إنه وضع غير مريح حتما، فهل مجتمعنا على هذا القدر من هشاشة الانتماء حتى تزعزعه التحوّلات الثقافية التي يشهدها العالم برمّته؟
الهوامش
1. عبد الرحمان بن خلدون، المقدّمة، مكتبة المدرسة ودار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر، بيروت، طبعة ثانية، 1979، ص. 724.
2. هشام جعيط، الكوفة : نشأة المدينة العربية الإسلامية، دار الطليعة، بيروت، 1993.
3. M. M’halla, « La Médina, un art de bâtir », Africa : Arts et Traditions Populaires XII, I.N.P. 1998, p.33.
4. هي أسواق مغلقة ترجع جذورها حسب ما يبدو إلى عهد القياصرة الرومان.
5. راجع هشام جعيط، المرجع السابق.
6. M. H. Fantar, Kerkouane : une cité punique au Cap Bon, Institut National d’Archéologie et Maison Tunisienne d’Edition, Tunis, 1987.
7. A. Baklouti et F. Fakhfakh, « La médina de Sfax : quelle revalorisation ? »
ملتقى جمعية الجغرافيين التونسيين، مارس 1966، تونس.
8. يقال اليوم باللغة الإنجليزية: know-how، وباللغة الفرنسية: savoir-faire.
9. الناصر البقلوطي، مقولات في التراث الشعبي، تبر الزمان، تونس، 2005، ص. 16.
10. A. Rapport, Anthropologie de la maison, Dunod, Paris, 1979, p. 6.
11. أبو الحسن الماوردي، الأحكام السلطانية، مطبعة الوطن العربي، القاهرة، 1298/1881، ص.170.
12. المرجع السابق، ص.54 M. Mhalla,
13. المرجع السابق، ص.59 M. Mhalla,
14. La ville arabe dans l’islam, ouvrage collectif, CERES, Tunis, CNRS, Paris, 1982
- L’architecture musulmane d’occident, Arts et Métiers Graphiques, Paris 1954.
15. انظر وثيقة منظمة اليونسكو المتعلقة باتفاقية المحا فظة على التراث غير المادي.
16. الناصر البقلوطي وأسماء البقلوطي، «مدينة صفاقس العتيقة بين ضرورة الصيانة ومقتضيات التطور، مجلة إفريقية، عدد 13، 2001، ص. 5، المعهد الوطني للتراث، تونس.
17. P. Signoles, « La place des médinas dans le fonctionnement de l’espace urbain », dans Médina, n°1, janvier, février, mars, 1995, p. 40.
18. P. Signoles, المرجع السابق، ص.13
19. وثيقة وزارة الداخلية والتنمية المحلية، أفريل 2007:
• « Présentation de la méthodologie de construction d’un cadre d’intervention et de définition de fiches-outils ».