فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

البيئة ودورها في بناء الشكل الفني للقصص الشعبي بالمغرب

العدد 30 - أدب شعبي
البيئة ودورها في بناء الشكل الفني للقصص الشعبي بالمغرب
كاتب من المغرب

لقد بات من باب المصادرات اليوم،  القول بارتباط الظاهرة الأدبية بالبيئة التي صدرت عنها، سواء على مستوى المعنى أم على مستوى المبنى.  وفي هذا الصدد لعبت البيئة بمختلف تمظهراتها الطبيعية والاجتماعية والثقافية، دورا هاما في صياغة الشكل الفني للقصص الشعبي بالمغرب.

إن التحدث عن العلاقة التي تربط المعطيات البيئية بشكل القصص الشعبي بالمغرب يقتضي منا التوقف عند النقط التالية:

•     بساطة القصص الشعبي المغربي: 

يتسم القصص الشعبي المغربي، العربي و الأمازيغي على السواء، بظاهرة البساطة. 

وهي كما لا يخفى، ظاهرة فنية مؤثرة مارست تأثيرها على القصص الشعبي العربي، بل و حتى العالمي(1)، واستحالت بحكم التكرار إلى أساسٍ جماليٍّ عام، ساهم بشكل حاسم في رسم أهم ملامح الحدث والشخصية والزمان والمكان و اللغة والبناء الفني…بيد أن السؤال الذي يلح بذاته و بقوة، في هذا المقام هو: ما هي بواعث انتشار البساطة في القصص الشعبي المغربي؟ 

يمكن إرجاع بساطة الحكي الشعبي المغربي إلى عاملين اثنين هما: 

1.    بساطة القصص الشعبي المغربي في حد ذاته، ذلك أنه منتزَع من الشعب الذي يتميز سواده الأعظم بالبساطة في كل شيء: في نمط عيشه، وطريقة تفكيره، وطبيعة ثقافته، بل و حتى في أحلامه وتطلعاته. 

2.    نهج الرواة: فالراوي، وهو يسرد حكايته، يتملكَّه هاجس واحد هو البلوغ بالمتلقي/المستمع إلى شط الإرشاد والنصح والإفادة من المغزى المتضمَّن، أو المصرَّح به، في النص المحكي. ولكي يتسنى له ذلك ينبغي أن تكون الحكاية مجردة عن كل تعقيد لفظي أو معنوي.

يجنح إذن، كل من الراوي كمنتج للحكاية، والشعب كمتلق لها نحو البساطة. ومن ثم فهما يدخلان، وإن بشكل عفوي، في نوع من التعاقد ينصُّ، فيما ينصُّ، على تبسيط النص الحكائي الشعبي.

والبساطة من جهة أخرى، تمظهرت في القصص الشعبي المغربي من خلال تركيز الرواة على آليتين اثنتين هما:

1.     عدم الاحتفاء بالصعوبات والإكراهات التي تعترض تحقق الفعل/الحدث. فهذا الأخير يتحقق حالا بمجرد تفكير البطل في تحقيقه(2)، ومن ثمة فالراوي لا يعبأ بالحدث في حد ذاته وإنما بما ينطوي عليه من مقاصدَ، وما يؤول إليه من نتائج، تشكل في مجموعها المحصولَ الأخلاقي الذي يمكن عده الأسَّ الذي ترتكز عليه الحكاية. 

2.     اتكاء الرواة على الاقتصاد اللغوي الذي يتم على مستوى المفردات و الجمل و التراكيب…بل إن الراوي لا يتحرَّج في توظيف فعلين متتاليين، يشكل الأول المقدمة، والثاني النتيجة على الرغم من بعد الشقة بين المقدمة والنتيجة.(3)

ولتوضيح كيفية الاشتغال النصي للآليتين السابقتين  

نورد المثال التالي:

- في حكاية: «الفاهمة»(4)يرغب السلطان معرفة ماذا يقول الماء عندما يَغْلي، فيكلف وزيره بالبحث عمن يشبع فضوله، ويخرجه من حيرته. إن عملية البحث لا بد وأن تستغرق وقتا وجهدا معينين، إلا أن الراوي يحمل فعلَ البحث ونتيجتَه في بضع كلمات هي: «مْشَى لوْزيرْ، تَايْقلبْ}يَبْحَثُ{، وهو يدقْ على واحدْ الدارْ».(5) 

وبعدما عثر على الشخص الذي فك اللغز، وكان فتاة، يخبر الوزيرُ السلطان بذلك، فيقرر هذا الأخير الزواج بها.

 يقول الراوي: «هو الوزيرْ مْشَى عندْ السلطان وتا واحد ما عرف الحَل، هو يْقُوليهْ دَاكشي اللي قالت البنت}أَخْبَرَهُ بِمَا قَالَتِ البِنت{ هو يتْجَوجْهَا السلطان».(6) 

في كلام الراوي السابق ثلاثة أفعال/أحداث هي: 

1.        ذهاب الوزير إلى السلطان.

2.        إخباره بنتيجة البحث.

3.        زواج السلطان بالفتاة الجميلة الذكية.

إن الأفعال السابقة لا بد وأن يستغرق إنجازها وقتا معينا، إلا أن الراوي نحا منحى التبسيط، وابتعد عن كل التواء أو تعقيد، فقدَّم كل هذا مجملا ومكثفا، دون أن يكلف نفسه عناء التفسيرأو التحليل أو التعليل. وهو هنا مدفوع، عن قصد أو بدونه، برغبة نحو البساطة، بيد أن البساطة هنا ليست جريرة تحسب على القصص الشعبي، بقدر ما هي نزوع جمالي شعبي يضمر عمقا فنيا وثراء دلاليا كبيرا قد تفتقر إليهما الكثير من النصوص الأدبية الرسمية. 

•    الافتتاحية:  

يسمي فردريش فون ديرلاين الافتتاحية بـ»قانون البداية»(7)، وهي عبارة عن جملة/جمل نمطية تتموقع في بداية الحكاية. وعلى الرغم من اختلاف هذه الجمل لفظا وتركيبا، فقد حازت نصيبا متزايدا من الاهتمام من لدن رواة السرد العربي، نظرا لما تؤديه من أغراض، فبالرغم من أن المسافة القولية لهذه البنية لا تتعدى الجملة الأولى من النص السردي،  إلا أنها استطاعت أن تفرض ذاتها وتتحول إلى تقليد فني التزم به السرد العربي القديم، عالما كان أو شعبيا.

جملة الافتتاح إذن، أو الجملة الطقسphrase rituelle(8)8، واقع نصي لا مناص منه في القصص الشعبي كيفما كانت جنسيته أو جنسه. وإذا نحن عرجنا على افتتاحيات الحكاية المغربية فإننا نجدها تتنوع صوغا وتختلف بناء، وذلك تبعا للمناطق التي تنحدر منها. فلنتأمل الافتتاحيات الواردة بالجدول التالي:(9)

 المدينة  الحكاية الافتتاحية
 الجديدة  لْوَاكْلَة وْلِيدْهَا  قال ليك آسيدي واحد الراجل كانوا…(10)
 قلعة السراغنة البنت الزَّيْزُونَة}الخرساء {  قالِّيكْ هذا واحد الملك مَرْتُو}امرأته{ كانت…(11)
 
 قلعة السراغنة  الراجل يْلاَ طْلَعْ من المرا  و يْلاَ هْبَطْ من المرا  هذا واحد السلطان…(12)
 قلعة السراغنة  عيشة والحوتة  حَجِيتْكُمْ على واحد البنت…(13)
 مراكش لَلاَّ اللوز لَبْهية نْديرْهَا بالناسْ }أَكِيدُ للناس{ وما يْديرْهَا حَدْ بيَا  كان الله فْكُلْ مْكَانْ حْتَى كان الحْبَقْ أو السُّوسَانْ في حجر النبي عليه السلام التي كانت واحد…(14) 
 مراكش  سبعة لبنات وسبعات لولاد كان الله فْكُلْ مْكَانْ حْتَى كان الحْبَقْ أو السُّوسَانْ في حجر النبي العدنان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام اش كان واحد…(15)
 
قلعة السراغنة   البنت العالمة حَجِيتَكَ على واحد…(16)
 
 دمنات  سميميع الندى هذا سيدي كان واحد…(17) 
 فكيك  أنا فَقَّرْتُو } أَفْقَرْتُهُ{ ونْتَا غْنِيهْ  قالِّيكْ أسيدي كَاينْ واحد…(18)
 مراكش  سيدي محمد الشريف  فقديم الزمان-والله علم-على ما تا يقولوا الناس- كيحكيو لينا بحال هكذا-والله وعلم-هذا واحد…(19)
 فاس  لالَّة عيشة بنت التاجر وولد السلطان  واحد الغني كانت عنده فتاة…(20)

  إن ملاحظة  أولية للجدول السابق تجعلنا نستخلص دون كبيرعناء أن هناك تعددا و اختلافا حاصلا على مستوى الجمل الافتتاحية، إلا أن ذلك لا يمنع من الإمساك ببعض القواسم المشتركة التي تجمع بينها، ذلك أن هذه الجمل السردية ينتظمها منطق واحد هو التَّجهيل، فالراوي الشعبي المغربي يعمل على نسبة الحكاية إلى شخصية مجهولة من ناحية، كما أنه يعمد إلى تجريدها من أية مؤشرات زمانية أو مكانية تشدّها إلى واقعها الحقيقيي/ التاريخي من ناحية ثانية، ومن ثمة فقصد الراوي هو تحييد محكياته زمنيا، ومنحها أقصى قدرة ممكنة على التأقلم في البيئة الاجتماعية أو الثقافية التي أفرزتها أو احتضنتها أو استرفدتها، وذلك بعيدا عن إكراهات الزمان والمكان، مما يجعل نصه محكيا عابرا للأزمنة و اللغات و الثقافات.  

ومن زاوية أخرى، يشي تعدد الاستهلالات وتباينها بأنها «لا تفرض احترامها على جميع من يحكي حكاية في مجتمعنا}…{ إنها لا تحافظ على شكلها التقليدي إلا عند بعض الرواة من الرجال الذين تهمهم الأشكال المحددة في البدايات وفي غيرها»(21)، والدليل على هذا هو ما يُلاحظ من تغيّر ملحوظ على بنى هذه الجمل، ومن ثم على دلالتها، من تباين بيّن شكلا ودلالة ومقصدا، بيد أن كل ذلك لم يمنع من تحوّل هذه السمة إلى تقليد فني سردي راسخ عكفت على بلورته وصياغته وتكريسه، عناصر اجتماعية وثقافية حذت بالراوي بألا يَـحفلَ بشكل مفتتحه، بقدر ما يحفل بما سيليه، وكل ما يُنتظر منه هو إثارة انتباه المتلقي وإعداده ذهنيا ونفسيا وفنيا، لتقبُّل ما سيُروى.

ومن الافتتاحيات الفريدة التي احتفظت لنا بها ذاكرة القصص الشعبي بالمغرب ما نجده بمنطقة الريف، حيث نعثر على بعض النصوص التي تُصَدَّر بجمل تقديمية تستحق من الناقد المتخصص، وخاصة في مجال جمالية التلقي، أن ينظر إليها بعين التقدير، لما تَمنحه من إمكانات قرائية وتأويلية مهمة. من الجمل التي تُسْتَحضر في هذا الباب نذكر تمثيلا لا حصرا، جملة: «حجيتْ ما جيتْ، سَكْسُوا طْيَازيتْ، نش أذ ثاذ مارث، كنوا تشم اتقينصات (حكاية صغيرة، الكسكس بالدجاج، أنا آكل الصدر وأنتم تأكلون المؤخرة). ثم لحظة صمت فينطق المستمعون: سيرْ ما تْخَافْ، ماراتودار أتناف (إذا نسيت نذكرك)».(22) 

لعل أول ما يسترعي الانتباه و نحن نقرأ هذه الافتتاحية، هو اتكاؤها على السجع. إنها تعمد، عفوا أو قصدا، إلى تشكيل موسيقاها الداخلية الخاصة التي تشبه، إلى حد ما، الموسيقى التصويرية التقديمية التي نجدها في بداية الأفلام والمسلسلات، موسيقى تشتد وتيرة إيقاعها أوتخفّ، تبعا لتّغير المواقف والأحداث، الشيء الذي من شأنه أن يُمَسْرِح النص المروي ويضفي عليه مسحة من الحركية، توقظ المستمع الغافل، وتعدهّ لمتابعة ما سيُحكى وتثمينه. 

وعلى الرغم من بساطة الجَرْس الذي تحدثه صيغ البداية، فإن موسيقاه «بسيطة التركيب، ذات الأنغام الجذَّابة، نستمتع بها في العادة أيسر من الموسيقى المركبة أو معقدة التركيب، التي تستلزم منا قدرا أكبر من الانتباه للاستمتاع».(23) 

والافتتاحية الأمازيغية مرة أخرى، وكما نلاحظ في النموذج الذي قدمناه، هي عملة ذات وجهين. الأول يحمل سمة الراوي. والثاني يحمل سمة المتلقي. فالراوي لا يشرع في سرد حكيه إلا بعد أن يتلقى التطمين والتشجيع من المتلقين. ومن ثم فهو يطرح ميثاقا  acteيرجو المصادقة، شفهيا عليه، وبمقتضاه يتكفل هو بالرواية، في حين يتوجب على المستمعين إبداء الاستعداد، ليس للتّلقي والتفاعل فحسب، وإنما للمشاركة في بناء الحكاية وروايتها أيضا. وعليه فالمستمع، في الحكاية الأمازيغية، ليس من النوع السلبي الذي يقتصر دوره على التلقي والاستهلاك فقط، وإنما هو متلقّ فاعل أيضا، ويحتفظ لنفسه بحق تقويم الراوي إذا زاغ عن جادة الصواب. 

وهكذا يتحول المستمع في الحكاية إلى راوٍ يمتلك فاعلية خلاَّقة تُخوله لأن يتمتع بكل جدارة بكامل حقوقه السردية. من هنا يغدو النص المروي/المشروع ملكا سرديا مُشاعا يشترك في تشييده، و تملكّه أيضا، كل من الراوي والمستمع على حد سواء. ولعل هذا ما يُفسّر جُنوح بعض الافتتاحيات إلى استحضار المتلقي، وذلك عبر المراوحة بين توظيف ضمير المتكلم المفرد «أنا» وضمير المتكلم الجمع «نحن». وقصد الراوي من راء كل هذا هو ممارسة نوع من التَّعويم لـ»الأنا» داخل الـ«نحن»، وذلك على نحوٍ يمكنه من مخاتلة المتلقي وإقحامه نصيا ومشاركته، ولو جزئيا، في المسؤولية عن صدق ما يُسرد من وقائع، كثيرا ما اتّهم رواتها بالكذب والتخريف.

 وبهذا المعنى يمكن عدُّ الافتتاحية شكلا من التعاقد الوقائي الذي يُصرّح أو يلمّح، إلى أن «الخُبّيرةَ» أو النصَّ المسرود عموماَ، هو عملٌ تخييليٌ بحت، أو بعبارة أخرى هو«كذبٌ حقيقي» «mensonges vrais» أو«حقيقةٌ كاذبة»  vrais faux mensonges.24 ومن ثم فليس من حق المستمعين أن يحاكموه بمنطق الصّدق والكذب. إلا أن إقراره ذاك لم يمنعه من اللجوء في اختتام بعض حكاياته إلى الاستغفار(25)، ظنّا منه بأن ما قام به هو ضربٌ من الإثم المُشين، لأن التقوَّل أو عدمَ التحري في حفظ الخبر ونقله وإذاعته، هو نوع من السلوك المذموم، دينيا واجتماعيا وثقافيا. 

 وباصطناعه لجملة الافتتاح، يكون القصص الشعبي، مدفوعا بمؤثرات دينية واجتماعية و ثقافية عديدة، قد رام إلى محاكاة الخبر و الحديث و المقامة والنادرة والخرافة وحكاية المثل…وهي أجناس سردية عُرفت، في ما عرفت، بابتداعها لهذا الأسلوب السردي العتيق الذي يعود بنا إلى مناخ ديني و أدبي هيمنت عليه التقاليد الشفهية المرتبطة برواية الحديث النبوي الشريف و الشعر الجاهلي. 

والحكاية الأمازيغية، مرة أخرى، ومن خلال المُفتَتَح سالف الذكر، ارتبط سردها وتلقيها بتقديم أنواع محددة من الطعام يأتي في مقدمتها الكسكس، الذي يعد من أعرق الأطباق المعروفة عند المغاربة، و الذي حُّفَّ إعداده وتقديمه بطقوس سوسيو- ثقافية تختلف من منطقة إلى أخرى. 

و باعتبارها شَعاَئِرَ احتفالية أسرية عامّة تروم تجميع أفراد الأسرة أو العائلة أو القبيلة، بهدف المتعة أو الترويح والتسلية أو الإفادة من المحصول الأخلاقي، المصرَّح به أو المتضمَّن، فقد تخلّل رواية القصص الشعبي تقديم صنوف من الطعام والشراب تختلف باختلاف الأمصار والأقطار، إلا أن الشاذ في الحكاية الأمازيغية بالمغرب هو كون الحديث عن الطعام كان في مفتتح الحكاية لا في نهايتها كما ألفنا ذلك في نهاية بعض الحكايات العراقية(26) والمغربية.(27) 

والغاية من وراء هذا الاحتفاء هو لفت اهتمام المستمع واستثارته ذهنيا ونفسيا. من هنا يغدو الكسكس في الحكاية، أو الطعام بشكل عام، معادلا موضوعيا للذة الفنية التي يستشعرها المغربي وهو يقبل على قصص كفيل بإشباع عقله وبطنه، ولو بشكل رمزي. 

وبموازاة مع جملة الافتتاح تحضر في القصص الشعبي المغربي، والعالمي بصفة عامة، بنيةٌ أخرى مؤطِّرة تأتي في نهاية الحكاية، تسمى بالاختتامية.

•     الاختتامية: 

عني القصص الشعبي بالاختتامية(28)عناية خاصة، وهو في ذلك مدفوع بذائقة العصر الجمالية السائدة، التي استطاعت أن تفرض تقاليدها على المنجز الحكائي للمرحلة، مُسترفدة أساليبها وعناصرها الفنية من أجناس أدبية راسخة في وجدان العربي و ثقافته؛ أجناس سرعان ما هيَّأت مجتمِعة، و إلى جانب الشعر بطبيعة الحال، بيئة ثقافية وأدبية عربية متميزة، ومتمايزة، شكلت ما يصطلح عليه يوهان جوتفريد هيردر(-1744 1803) Johann Gottfried Herder ب«روح العصر»(29)، الذي يمكن عَدُّه بمثابة الموجه العام للأدب، شعبيا كان أم أدبيا.

 إلا أنه وكما هو الحال بالنسبة للافتتاحية، لم يمارس الرواة الاختتامية كفعل سردي مقدس، بدليل استغناء بعضهم عنها، ولجوء البعض الآخر إلى جمل تعكس عدم احتفالهم بهذا التقليد. فلنتأمل الجدول التالي:(30)  

المدينة  الحكاية الاختتامية 
 القواسم – الجديدة  لواكلة وليدها  خبيرتنا مشاة مع لواد وحنا بقينا مع ولاد الجواد (31)
 قلعة السراغنة جرادة و برطال   وخَلِّيتْهُمْ لْهِيهْ وْجِيتْ لَهْنا(32)
 الشاون جوج بنات   ونا خليتهم تم و جيت (33)
 مراكش  زرقة مرقة  ومْشَاةْ حَجَّايْتِي مع لوادْ لوادْ وبقيتْ أنا مع وْلاَدْ الجْوَادْ(34)
 دمنات  شَارَفْ وعَارَفْ  وصافي(35)
 فيكيكـ  أنا فَقَّرْتُو ونْتَ غْنِيهْ  ستغفر لله سبحانه إلا هو(36)
 فيكيكـ  اللي دَارْ شِي يْصِيبُو  وهنا حجايتي مْشَاةْ مع الوادْ ونا قْعَدتْ مع الجْوَاد(37)
 فيكيكـ  اللي كالْ اللحَمْ عْلَى مْرَاتُو  إيوا هذا هو(38)
 فاس  لالة عيشة بنتْ النجار Ouassalam (39)و السلام!  

من الاختتاميات الواردة في الجدول أعلاه نلاحظ حجم التنوع والاختلاف الحاصل على مستوى صياغتها، ومن ثم إدراك أهميتها من قبل رواة الحكايات المغربية، لما تؤديه من وظائف سردية يمكن تلخيص أهمها في النقط التالية:

•     الإعلان المباشر عن انتهاء الحكي. 

•     القيام بوظيفة الكشف والتنوير، إذ في نهاية بعض الحكايات يتمُّ فكُّ لغز ما أو الكشف عن هوية شخصية معينة.(40)

•     وبتأثير من بيئة اجتماعية مغربية أخذت على عاتقها التقويم المباشر أو المبطَّن، للانحرافات الأخلاقية التي قد تشوب سلوك بعض أفرادها، نزع الرّوَاة في اختتامياتهم إلى الوعظ والإرشاد، وهم بهذا التوجّه يُكسبون الحكاية معنى أخلاقيا يلتقطه المستمع، حتى وإن كان ساذجا(41)، معنى يتخذ شكل حكَم أو عبَر أو أمثال تأتي إما في ثنايا المحكي كما هو الحال في حكاية «اللي دارْ شي يْصيبُو»(42)، أو في نهايته على نحو ما نجد في حكايتي «الطَّالعْ من المْرَا والهَابَطْ من المرا»(43) و»الكَيْ بالسكينْ»(44).فالحكاية الأولى تنتهي بحكمة «الرَّاجل يْلاَ طْلَعْ من المْرَا ويْلاَ هْبَطْ مَنْ المْرَا»، في حين أن الثانية تختتم بمثل «الكَيْ بالسكينْ ولا رَاجلْ مَسْكينْ». 

وبالإضافة إلى ما سبق، تضم الاختتامية فعلين متباينين زمنيا: الأول في الماضي (مْشَاتْ)، والثاني في الحاضر(بْقيتْ- قْعَدْتْ- جيتْ - بْقينَا). الأمر الذي يشي بانتقال الراوي ومعه جمهوره، من زمن الماضي إلى الحاضر، من الخيال إلى الواقع المعيش/البئيس/الحابل بصنوف شتى من المتاعب والإكراهات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية الخانقة. يقول الراوي في حكاية «جُوجْ بْنَاتْ»: «خَلّيتْهُمْ تَمَّا وْجيتْ بْحَالي كُونْ عَنْدي المَفْتَاحْ كُونْ شبَّعْتْكُمْ تفَّاحْ(45) 

وللتخفيف من حدَّة هذه الأزمة، لجأ القاصُّ الشعبيُّ المغربيُّ إلى الحلم والخيال، المؤسَّسين على سرد عوالمَ حكائية فاتنة، حابلة بالرغبات الدفينة والعناصر المادية والاجتماعية التي يفتقر إليها المغربي البسيط في واقعه، ويجد لها بعضَ التحقق على المستويين الفني والجمالي. ومن ثمة فالقصص الشعبي يسعى من حيث كونه فنا، إلى استحداث نوع من التعويض والتوازن المفقود في عالم عدائي حابل بكل صنوف التهميش والإقصاء.

وحاصل القول، فقد عكست الاختتامية روحَ الإنسان الشعبي المغربي النزَّاعة بطبعها إلى التفاؤل، لذلك جاءت نهاياتُ حكاياته سعيدة، فالخير غالبٌ الشرَّ، والحق ماحقٌ الباطلَ، والصبر يليه الفرج، والعاقبة للأخيار الصابرين المتعفّفين البارّين بآبائهم، العاملين بنصائح شيوخهم، الرَّاغبين عن صحبة الأشرار، الزَّاهدين في الحرام، السَّاعين بجد في سبيل تحصين دينهم وأخلاقهم، و تحصيل قوتهم من عرق جبينهم.(46) 

من كل ما سلف نستخلص، بأن البيئة الاجتماعية والدينية والثقافية والأدبية كان لها عظيمُ الأثر في توجيه اختتاميات القَصص الشعبي بالمغرب، بناء وصوغا و وظيفة وتلقيا، بيد أن العوامل  المذكورة، لم يقتصر تأثيرها على جملتي الافتتاح والاختتام، وإنما سيشمل بنيةَ العرض الحكائي كذلك.

•     بنية العرض الحكائي:  

يتموقع هذا المكون البنائي بين مفتتح الحكاية و نهايتها، وتعتمل داخله مجموعة من المكونات الحكائية التي لم تتبلور هي الأخرى، بمعزل عن التأثير المباشر أو غير المباشر للبيئة التي احتضنتها، وساهمت بشكل حاسم في رسم معالمها، و نسج العلائق البنيوية الداخلية التي تحتكم كل عنصر من عناصرها. 

1 - بنية الحدث: 

يتمظهر الحدث في هذا القصص في شكل جملة من الوقائع الصغيرة التي يفضي بعضها إلى بعض. وهي خاضعة في كل ذلك لعاملي الصدفة والمفاجأة.

ومن الأحداث أيضا ما له علاقة بما هو عجيب وغريب، لذلك تجد العامَّة الكثيرَ من الحرج في تصديقها، لكنها على الرغم من ذلك، تجد متعة كبيرة في تتبعها والاستمتاع بها.

والقصص الشعبي من جهة أخرى، لم يقصد من ورائه التسجيل والتوثيق لأحداث تاريخية أو اجتماعية أو سياسية…وإنما يهدف منه التعبير عن آلام وآمال الشعب أولا، وتحقيق نوع من الضبط والتهذيب الاجتماعيين ثانيا.

ولا ينبغي أن يُفهم من هذا القول أن القصص الشعبي نأى عن الواقع والتاريخ، ذلك أن هذا التراث السردي، و إن جنح في بعض أجناسه نحو العجائبي أو الأسطوري، فإنه لم يُعرض كليا عن ملامسة الواقع والتاريخ، فهو لا يستبعد الواقع الكائنَ إلا ليستحضر واقعا ممكنا/آخرَ مليئا بالرَّغبات المكبوتة، والأحلام المؤجلة، لهذا يمكن عدُّ الحكاية، انطلاقا من هذا التصور، ديوانَ الإنسان الشعبي وذاكرتَه، فبها وعبرها، خلَّد بفخر لانجازاته وانتصاراته، و دوَّن بمداد الفجيعة والخيبة لانكساراته و كبواته.

وبصرف النظر عن تاريخيَّة الحدث من عدمها في القصص الشعبي، فانه لم يخرج هو الآخر، عن طابع البسَاطة الذي أومأنا إليه سابقا، ذلك أن الواقعةَ السرديةَ مهما كانت صعوبتُها، يتم تحقيقُها في الحال، ومن دون انتظار حتَّى تنضج وتكتمل كما هو الحال في بعض الأجناس السردية العالمة، مثل القصة والرواية والمسرحية. الأمر الذي يترك انطباعا بأن القاص الشعبي لا يهتم بالحدث في حد ذاته، وإنما بما يؤُول إليه من نتائج.

 وعموما فإن انبناء الحدث في القصص الشعبي يخضع في الغالب الأعم، لبناء تقليدي يمكن توضيحه على النحو التالي:

من خلال الشكل أعلاه يتبين لنا، أن بناء القصة الشعبية المغربية لم يخرج عن تأثير البيئة عموما، والبيئة الأدبية بصفة خاصة، فهو يستلهم البناء الفني للسرد العربي القديم مجسَّدا في القصص القرآني(47)والمقامة وحكاية المثل وحكايات «ألف ليلة وليلة»...وهي أشكال سردية استضمرها الراوي المغربي، متخذا إيَّاها نماذجَ عليا نسج قصصه على منوالها. للاقتراب أكثر من بناء الحدث في القصص الشعبي المغربي نقترح الحكاية التالية: «القائد الذكي».(48) 

 تتألف أحداث هذا المتن من ثلاث لحظات أساسية هي:

1.    اللحظة الأولى: 

وتسمى لحظة البداية، وفيها يخبرنا الراوي عن إشراف امرأة «نَكَّافَة» على تنظيم أحد الأعراس.

2.    اللحظة الثانية: 

وهي لحظة التحول التي تطرأ على الأحداث. وتنقسم بدورها إلى ثلاث لحظات صغرى هي:

•    لحظة الحدث المحرك: إن الحدث المحرك هو القوة التي تؤدي إلى خرق وضعية الاستقرار ويتجلى في الحكاية من خلال تعرض «النكافة» للسرقة. 

•    لحظة العقدة: وتتمظهر في الحكاية، من خلال المشكل الذي واجه القائد من أجل حل لغز السرقة.

•    لحظة الحل: وتتجلى في نجاح القائد الذكي في التوصل إلى السارق الذي كان أحد الأغنياء.

3.     اللحظة الثالثة: 

وتقع بعد انتهاء الأحداث. وفيها يتم عرض حالة النهاية التي استقرت عليها هذه الأحداث. إن هذه اللحظة بمثابة اختتام للحكاية، حيث يتم الكشف فيها عن دواعي سرد نص الحكاية التي لا تخرج عما هو تربوي وترفيهي. ففي حكاية «القائد الذكي» تكون حالة النهاية هي تعرض السارق للعقاب. إن الحكاية تؤشر بشكل غير مباشر، أن لا أحد يفلت من العقاب كيفما كان: فقيرا أو غنيا…ومهما اجتهد في إخفاء معالم جريمته.

وحاصل القول، فقد كان الحدث في القصص الشعبي بالمغرب محاطا بهالة من القصر والتكثيف التي تذكر بلغة القصة القصيرة و القصة الومضة، وهو وإن حمل هذه الملامح السردية الحديثة، فقد جاء في عمومه وهو مُضمَّخ بالمقومات الفنية المميزة للنص السَّردي العربي القديم، بدءا بالبساطة، ومرورا بقانوني الصدفة والمفارقة، وانتهاء بالمبالغة والتكرار. 

وبهذا يظهر، بأن بناء الشكل الفني للحدث في القصص الشعبي بالمغرب قد خضع لمؤثرات أدبية وفنية، استقَت عناصرها من المناخ الثقافي والجمالي الذي كانت تستظل به جلّ الأجناس السردية السائدة، عالمة كانت أم شعبية.

2. الشخصية: 

وهي من المكونات الفنية البنائية الهامة في القصص الشعبي، إذ يصعب الحديثُ عنه في غياب هذا العنصر. وهو فضلا عن هذا وذاك، معيار أساسي يُعتمد عليه في التمييز بين أشكال القصص الشعبي. فإذا كانت الحكاية العجيبة تحتفي بالغيلان والمردة والجن والعفاريت والأرواح الشريرة..، وإذا كانت الحكاية المرحةُ تهتم بالشخصيات المرحة، الضاحكة/المضحكة/المقاربة لمشاكل المجتمع بالكلمة والفعل الساخرين؛ فإن الحكاية الشعبية تحتضن شخصيات اجتماعية كادحة، ساعية، ليلا ونهارا، إلى كسب رزقها وبكل السبل، شرعية أو غير شرعية.

لقد زخر الموروث الحكائي الشعبي المغربي بعدد هائل من الشخصيات التي وإن انحدرت من مشاربَ اجتماعية وثقافية شتى، إلا أنها استطاعت أن تؤثث المشهد السردي المغربي، وأن تحوز اهتماما ملحوظا من لدن الراوي و المروي عنه على حد سواء. فلا أحد منا يستطيع أن يزعم أنه قرأ أو استمع، إلى قصصنا الشعبي ولم تستوقفه شخصية رصينة في حجم التاجر أحمد بن عمر، أو شخصية طريفة ومرحة كشخصيتي جحا و حديدان...       

والحقيقة أن النماذج الشخصياتية الفريدة السابقة، وغيرها كثير، استطاعت أن تترك أثرها الطيب فينا، وأن تمنحنا الفرصة للتعرف، وعن كثب، على الشخصية المغربية وهي تغوص في وحلها اليومي، ثائرة على قدرها حينا، راضية به أحايين كثيرة، وهي في كل هذا مستبشِرة حالمة بغد أفضل، فالحلم كان محرِّكها و نسغها الذي تستمد منه القوة على مجابهة الصعاب، لذلك فمن النادر أن تنتصر الحكاية لقيم اليأس، لكنه من الشائع أن تعلي من قيم الحلم والأمل، وفي هذا المضمار لعبت تيمة الحلم دورا بنائيا أكبر في تشييد الأفق الحكائي للعديد من المرويات المغربية. 

مرويات نظرت إلى كل الفئات الاجتماعية، مهما صغُر شأنها، بعين التقدير دونما إقصاء أو انتخاب، إلا أنها أولت نماذج إنسانية بعينها اهتماما خاصا، لما لها من حضور لافت في النسيج الاجتماعي المغربي. في مقدمة هذه النماذج نجد شخصية الحطاب، التي اكتست قصصيا، ملامح اجتماعية يطغى عليها الفقر والجهل والمرض. 

وهي إلى جانب هذا، شخصية مأزومة نفسيا، بسبب الحرمان الذي تستشعره جرّاء افتقادها للأبناء أو للزوجة أو هما معا. و بينما يعاني بعض الحطابين من افتقادهم للأبناء            أو الزوجة، نجد آخرين يعانون من كثرة الزوجات والأبناء، وما يترتب عن ذلك من متاعب اجتماعية ومادية لا حصر لها، فالبعض منهم له زوجتان أو ثلاث زوجات، والآخرون لهم سبع بنات أو سبعة أولاد…

وبشكل عام، فإن ظاهرة الاحتطاب في الحكي المغربي لم تخرج عن تأثير البيئة الاجتماعية التي جعلت من المغربي إنسانا يأنَف أن يمدَّ يده إلى غيره مهما كانت شدة فقره، لذلك نلحظ ندرة النصوص التي تحتفل بشخصية المتسوّل. وحتى إذا عثرنا على بعضها فإننا نلمس، من خلال قراءتها، بأنها تعمد إلى إعطاء صورة بشعة عن مهنة التسول، ففي «حكاية اللص والمتسولين الثلاثة» نجد أن اللص يكشف القناع عن ثلاثة من المتسولين دفع بهم الجشع والطمع إلى مخاتلة جيوب الفقراء، متظاهرين بشدة الفقر والحاجة. لقد تبين للصّ خديعة هؤلاء مما حدا به إلى شكواهم إلى السلطان الذي أمر ب «أن يأخذ اللص نصف أموالهم، وأن يعيشوا في أحد الملاجئ بنصف أموالهم الآخر، حتى لا يطلبوا الصدقات مرة أخرى».(49) 

وظاهرة الاحتطاب كما تأثرت بالبيئة الاجتماعية نجدها تتأثر بالدرجة الأولى بالبيئة الدينية كذلك، إذ من المعلوم أن المغاربة يدينون بالإسلام الذي يحثُّ على العمل، وينهى عن التسول ومدّ اليد إلى الآخرين، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الصدد: «لأَنْ يَحْتَزِمَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ، فَيَحْمِلَهَا عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ.»(50)

وهكذا يتبين لنا بأن البيئتين الدينية والاجتماعية كان لهما عظيمُ الأثر في اهتمام الحكاية المغربية بشخصية الحطاب التي أحيطت بهالة من الاحترام، وتحوّلت في الوعي الجمعي المغربي إلى شخصية سيزيفية/رمزية تقترن بالجدّ والكدّ والقدرة اللامحدودة على المقاومة ومجابهة الصعاب، طبيعية كانت أم اجتماعية أم نفسية.

وعلاوة على شخصية الحطاب، استأثرت الحكاية المغربية بشخصيات أخرى كالفقهاء والنجارين والصيادين والحدادين و«الشَّفْنَاجَة» و«الحصَّادة» والرعاة…؛ شخصيات وإن  فرَّقها الوضع الاجتماعي، فقد جمَعَ بينها الفقر والسعي في سبيل تحصيل قوتها من عرق جبينها. 

بيد أن قصصنا الشعبي وإن احتضن التنويعات الإنسانية السابقة، المتباينة ثقافيا واجتماعيا و قيميّا، إلا أنه أولى فئة التجار اهتماما خاصا، فئة انقسمت إلى قسمين اثنين؛ يتكون الأول من كبار التجار الذين يدورون في فلك السلطة الحاكمة وأعوانها: السلطان، الملك، القائد، الوزير، المْخَازْنِية…في حين يتشكل القسم الثاني من صغار التجار، الذين ينتمون إلى الطبقات الدنيا للمجتمع المغربي، لذلك فقد كانوا يمارسون أنشطة تجارية متواضعة كالعطارة.

ولدواع ما، ارتبطت شخصية العطار، في ما ارتبطت، في السرد الشعبي المغربي بجنس اليهود. إن الحكاية المغربية تعمد إلى تقديم اليهود كعطارين يجوبون المدن والقرى   و البوادي و الفيافي حاملين معهم كل شيء: السلع والأخبار والمكر الكامن الذي يطفح إلى السطح كلما سنحت الفرصة لذلك(51)، ففي حكاية «حْسَايْنْ الحَدَّادْ»(52)نجد يهوديا يبيع «الغَرَابِيل» يحتال على امرأة الحداد الساذجة، ويبتاع منها «مَزْوَدا»(جلدا)ثمينا مليئا بـ»اللوِيز»(الذهب)، لقاء «تَخْرِيزِ» طبق ممزق. 

والصورة السلبية عن العطار لم تقتصر على اليهود فحسب، وإنما شملت العطارين المسلمين أيضا، ففي حكاية «شَاري الهَمْ بالدّرْهَمْ»(53) يبيع العطار الهموم والمتاعب والهلاك بدرهم. في حين أنه يغدو في حكاية «لَالَّة خْلاَلَة خَضْرَا»(54)ناقلا للأخبار، حيث يخبر الأم الكائدة الْمُتَآمِرة عن مكان تواجد ابنتها، مما جعلها تبعث إليها خاتما مسموما كاد أن يذهب بحياتها. أما في حكاية «زَرْقَة مَرْقَة»(55)فيتقمَّص الفقيه المعتدي شخصية عطار للإيقاع بالفتاة الصغيرة الذكية، إلا انه سيقع في شر ما صنع. 

وعلى الرغم من تنوُّع مرجعياتها، فقد جاءت الشخصية الحكائية الشعبية المغربية في أغلب الأحيان جاهزة، تامة. فهي، من بداية الحكي إلى نهايته، لا تعرف تحولا جذريا. صحيح أنها قد تحقق أمنيتها؛ كأن تحصل على المال الذي تطلبه، أو تتزوج بمن تحبه، أو تحصل على الولد الذي تبحث عنه..إلا أنها، في نهاية المطاف، لا تعرف تطورّا فكريا أوذهنيا أو نفسيّا ملحوظا، الشيء الذي أصبغ عليها نوعا من النَّمطية، نمطية لم تمنع من تحوّل بعض هذه الشخصيات إلى نماذجَ إنسانية تتمتع بحضور ملحّ في سلوك الإنسان المغربي، وحكاياته، و نوادره، و أمثاله.

3.  الزمان: 

لعله من باب البديهيات القول باستحالة وجود نص سردي خارج مسار زماني معين. والحكاية المغربية، انطلاقا من هذا المعطى، احتفت بعنصر الزمان احتفاء خاصا. و كيف لا تحتفي به وهو الذي ساهم في بلورتها، وأثرَّ في عملية تلقيها. لقد وسمها بطابع سحري جعلها تتمتع بقوة جذب خاصة، فمتلقي هذا الجنس السردي الشعبي يشعر وكأنه يسافر عبر العصور والأزمنة ليعيش وقائعَ عجيبة فريدة لم تخطر له على بال.

لقد أدرك رواة الحكايات أهمية الزمان إذن، لذلك اهتموا به اهتماما ملحوظا، يتكشف منذ جملة الافتتاح. فهذه الجملة، فضلا عن الوظائف التي أومأنا إليها في صدر هذه الدراسة، تؤشّر بإلحاح واضح، على مكون الزمان. 

إن ملاحظة هذه الافتتاحيات تجعلنا نقر بهيمنة الفعل «كَانْ» مسندا إلى الزمان الماضي. وهي هيمنة تجد تفسيرها في رغبة الراوي ردَّ ما يسرده إلى الماضي/التاريخ حيث عاش الأجداد، الأفذاذ، الأَتقياءُ، الحكماء، الواجب الاقتداء بهم، والسير على نهجهم، معتقدا بأن سبقهم في الزمن»يمنحهم مزِّيَّة عظيمة، ثم هم حكماء حكوا ما حكوا قصد إفادة من سيأتي بعدهم و يطلع على أقوالهم. الحكمة تنبع من الماضي، والسلوك المحمود هو الذي يكرر النماذج السالفة».(56) 

والحقيقة أنه من الصعب الإمساك بزمنيَّة محددة داخل المتن الحكائي الشعبي، وإنما يمكن أن نتحدث عن أزمنة متعددة و متنوعة ومتداخلة و مرتبطة ارتباطا وثيقا بالإنسان المغربي في علاقته بالكون والأشياء من جهة، و بذاكرة الرواة التي تَمتح من الذاكرة الجمعية من جهة ثانية. 

ومن ثم فالزمان الماضي الذي يفترض أن أحداث الحكاية جرت فيه غير محدد، حيث إنه قليلا ما كان يشار فيها إلى تواريخ دقيقة كاليوم والشهر والسنة، مما يجعلها سردا مفتوحا، مطلقا، صالحا لأي زمان ومكان.

ومهما يكن، فقد خضعت الوقائع في الحكاية المغربية إلى تزمين محدد يتوزع كالآتي:

1.    زمان الغياب: ذلك أن البطل في الحكاية المغربية يفارق موطنه حيث الأهل والأحباب والأصدقاء ليسافر إلى مكان بعيد. وأما عن دوافع ذلك فهي تتوزع بين ما هو ديني (الحج-العمرة)، واقتصادي (التجارة-الاحتطاب-العطارة)، وسياسي (الحرب-استرداد ملك ضائع)، واجتماعي (البحث عن حبيبة مخطوفة، أو عن دواء مفقود…).

2.    زمان الحضور: وغالبا ما يقترن بزمان الغياب. فالبطل، وبعدما يرهقه السفر، وبعد أن يمضي سنوات في الغربة، يعود إلى وطنه ملتاعا مشتاقا. وهو حين يؤوب غالبا ما يجد أهله وهم في أسوإ حال. فالأب مثلا، في حكايتي «عيشة بنت النجار»(57)و»بنت الشيخ الكامون»(58) يسافر إلى مكة حاجا، وحينما يعود إلى بلده يجد أن بناته قد تعرضن للاغتصاب ما عدا واحدة.

•    وسوء الحال لا يصيب أهل المسافر العائد فحسب وإنما يصيب ماله أيضا. ففي حكاية «تَعْمَارْ الصْهَارَجْ»(59)مثلا نجد تاجرا يعود إلى بلده بعد غيبة طويلة، وحينما يطالب أمين التجار برد المال الذي استودعه عنده يرفض، مما جعله يلجأ إلى الحيلة من أجل استرداده.

3.     الزمان التاريخي: وعلى الرغم من افتقار الحكاية المغربية، في مجملها، إلى التحديد الزمني الدقيق، فإنها لا زالت تحتفظ لنا ببعض الآثار الزمنية التي تلمح إلى أزمنة واقعية/تاريخية. ففي حكاية «البنت العالمة»(60)يخرج السلطان لـِ«الحَرْكَة» التي لم تكن سوى عملية عسكرية كان يروم من خلالها السلاطين المغاربة تأديب القبائل الثائرة أو التي ترفض أداء الضرائب.

•    ومن آثار الزمان التاريخي أيضا ما نجده في حكايتي: «السلطان مع وْلاَدُو»(61)، و»ذياب»(62)، فبينما نجد في الأولى إشارة من السارد إلى زمان «السّيبة» الذي عاشه المغرب قبيل الغزو الاستعماري له، نعثر في الثانية على تلميح إلى قبيلة «بني هلال» التي اجتاحت مناطق هامة من المغرب إبان القرن الخامس الهجري. 

مما سبق يستشفّ، أن الزمان في القصص الشعبي المغربي لم يسلم هو الآخر من التأثير المباشر أوغير المباشر للبيئة بمختلف أنواعها.

إن البطل الشعبي يتراءى لنا في هذه النصوص السردية، وقد أذعن لزمان معين ساهمت البيئة المغربية في رسم الكثيرمن تفاصيله. فهو، أي البطل، يخضع إما لزمان ديني (موسم الحج- وقت الصلاة…)، أو زمن فلاحي (حرث الأرض وزراعتها يكون في فصل الخريف والشتاء، وحصادها يكون في الصيف)، أو زمان اجتماعي (الأعراس تستغرق سبعة أيام- العقيقة تكون في اليوم السابع من ميلاد الطفل)، أو زمان تجاري(المدة التي يستغرقها السفر إلى بلاد بعيدة قصد جلب البضائع -الوقت المناسب لعرض سلعة معينة…)، أو زمان تاريخي (أيام «السِّيبَة»-اجتياح بني هلال للمغربين الأدنى والأقصى…).

4. المكان:  

خُصّ المكان في الحكاية المغربية بعناية خاصة تجلت في حضوره اللافت في الافتتاحية (كان يا مكان). وهو، سواء من خلال هذه الجملة أم من خلال الأحداث، وُسم بمواصفات خاصة. فهو مكان مطلق، مفتوح ويفتقر إلى محدّدات ترسم معالمه، لكن ذلك لا يمنع من وجود الكثير من المؤشرات التي تشي بمحليته، محلية تجلت إما في إشارة الرواة مطالع سرودهم إلى الفضاء العام الذي جرت فيه الأحداث(مثلا: أحداث حكاية «قرطبون»(63) تجري بمدينة فاس)، أو في استحضارهم لبعض الأمكنة الخاصة التي أوحت بها البيئة المغربية كالمساجد والحمامات والموقف والمشور والسوق والرَّوضة والزنقة والدّوار والخيمة والمرعى والمَطْمورة}حفرة عميقة كانت تستعمل كمخزن للحبوب{ … 

ولئن استحضر راوي الشعب الامكنة السابقة إلا أنه خص فضاءات بعينها باهتمام خاص.من بين هذه الأمكنة التي تردد صداها كثيرا في الحكاية المغربية نذكر: الغابة.

ولهذا الفضاء في الحكاية، وظيفتان متمايزتان. فهو قد يكون عنصرا معيقا، يفصل البطل عن مبتغاه: حبيبة- دواء- كنز- تجارة…كما قد يكون عنصرا مساعدا، يوفر للبطل الملاذ الآمن للهرب من كيد كائد، أو انتقام منتقم، ف«زَرْقَة مَرْقَة»(64)، في الحكاية المسماة باسمها، تلقن الفقيه المعتدي درسا قاسيا وتفرُّ منه الى الغابة، واستطاعت بحكمتها وحذقها أن تُجمِّع وحوش الغابة و تُؤسِّس «مجتمعا حيوانيا»/ رمزيا/ بديلا وأكثر إنسانية من مجتمعها الإنساني/الحقيقي.

وهي، بالإضافة إلى هذا وذاك، فضاءٌ للنفي والإقصاء والهلاك. لقد جعلت منه المخيلة الشعبية فضاء عدائيا وغامضا ومؤثثا بالجن والعفاريت والغيلان والأرواح الشريرة…لذلك فقد تحوّل إلى سجن مفتوح للمظلومين والمعذَّبين و المّغرَّر بهم. وقد احتفظت الحكاية المغربية بأصداء غير يسيرة من ذلك. فإذا عدنا مثلا، إلى حكاية «مُشْ عينين»(65)نجد زوجة الأب تدبر مع الأب ضعيف الشخصية، مكيدة من أجل التخلص من أبناء الزوجة السابقة، ولم تكن هذه المكيدة سوى تشريدهم في الغابة.

ولأنها كانت مظلمة، كثيفة، صعبة الاختراق، فقد حوّلت المخيِّلة الشعبية الغابة إلى فضاء رمزي يقترن في الذهنية المغربية، بل وحتى العالمية، بالعالم الخفيّ المظلم للّاشعور.(66)

ولا يختلف الجبل، كفضاء، كثيرا عن الغابة. فقد اكتسى هو الآخر، ملمحين متناقضين،  فهوعنصر إعاقة من جهة اعتراضه سبيلَ المسافر من أجل تحقيق هدف ما. كما أنه، من جهة أخرى، عنصر مساعد، من خلال  اتخاذه من قبل بعض الشخصيات ملجأ أثيرا   يعصمه من اعتداء معتد، أو جبروت سلطان.

والجبل من ناحية أخرى، محاط في الذاكرة الشعبية المغربية بهالة من التقدير والتقديس، ذلك أنه ارتبط في أذهان المغاربة بركبان المتصوفة والزهّاد الذين باعوا الدنيا بالدين، ولجأوا إلى الجبال تفرُّغا لعبادة الله، والقيام بفروضه.

وبشكل عام، يمكن اختزال بنية المكان في القصص الشعبي بالمغرب في عبارتين هما: «هنا» و«هناك». فالـ«هنا» هو المكان الذي تنطلق منه أحداث الحكاية وهو مكان قريب، مألوف، نمطي يحيل إلى الواقع الرتيب الذي يبعث في النفس الملل والسآمة.أما الـ«هناك»، فهو مكان بعيد، يصعب البلوغ إليه، ويرتبط في الغالب الأعم، بتحقيق الأماني البعيدة، والأحلام السعيدة.

ومهما يكن، فقد كان المكان في الحكاية بسيطا أو متعددا، واضحا أو غامضا، خاصا أو عاما، أليفا حينا، عدائيا حيا آخر، يتقلَّص أو يتمدَّد، فجأة وفي عنف، ومعه/فيه تتقلَّص أو تتمدَّد ملامح الحدث والشخصية والزمان...

وهو، أي المكان، في كل ذلك، لمحات تضيء دون لبس ملامحَ من ذاكرة شعب انصهر في بوتقتها الواقعي والتاريخي والخيالي والرمزي...

من كل ما سبق نستخلص، أن للبيئة دورا هاما في تحديد الشكل الفني للقصص الشعبي المغربي. دور يَعِنُّ في هذا المكون الحكائي ويخبو في آخر. فهو، على سبيل المثال، يظهر في عنصر الشخصية أكثر من ظهوره في عنصري الزمان والمكان. وهو أمر عائد إلى استراتيجية الراوي الشعبي التي تعتني في حكاياته بمكون الشخصية أكثر من عنايتها بباقي المكونات الحكائية الأخرى.

وبتركيزه على بعض الشخصيات ذات الأبعاد الاجتماعية والثقافية والدينية، وبتوظيفه لبعض البنى السردية العربية العتيقة؛ يكون القاص الشعبي المغربي قد أضفى على محكيه نوعا من الخصوصية والمحلية المميزة التي ربطت على نحو وثيق، بين القصص الشعبي  وبيئته، بيئة لم تكتف بإغنائه فحسب، وانما عملت على توجيهه فنيا أيضا، وذلك برسم جملة من الأطروالأقانيم الجمالية والدينية والاجتماعية التي تحوّلت بحكم العادة، الى نوع من الموجِّهات العامة التي فرضت على الراوي نوعا من الانضباط الذي انعكس على أدبه، شكلا ودلالة ومقصدا، بيد أن هذا الانضباط يبقى نسبيا، وذلك بحكم طبيعة العلاقة المعقدة التي تربط الراوي ببيئته، فأنواع الفولكلور، ومنها القصص الشعبي هي، في نهاية المطاف، «ظواهر اجتماعية؛ ونتيجة لهذا فهي تتغير وفقا للتغير الاجتماعي، ومع ذلك فالتغير الاجتماعي لا يؤثر مباشرة على المصطلح النوعي، وتخضع الروابط بين المجتمع والأنواع لتعديلات لا بد من شرحها بكل تعقيداتها».(67)

الهوامش

1.     انظر:
•        عمر محمد الطالب: أثر البيئة في الحكاية الشعبية العراقية، سل(الموسوعة الصغيرة)، ع 86، منشورات الجاحظ للنشر، بغداد، 1981.
•        عز الدين إسماعيل: القصص الشعبي في السودان- دراسة في فنية الحكاية و وظيفتها، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، مصر، 1971. 
2.    عز الدين إسماعيل، المرجع السابق، ص:8. 
3.    المرجع والصفحة نفسهما.
4.     محمد فخر الدين: البنية السردية والمتخيل في الحكاية الشعبية المغربية،ج 2، رسالة مرقونة نوقشت لنيل دكتوراه الدولة بجامعة القاضي عياض، كلية الآداب والعلوم الإنسانية- مراكش، الموسم الجامعي (1999-2000)، تحت إشراف الدكتور محمد السرغيني، الورقة: 298. 
5.    المرجع والورقة نفسهما.
6.    نفسه.
7.     فريدريش فون دير لاين  Friedrich Von der Leyne(1873-1966): الحكاية الخرافية، تر: نبيلة إبراهيم، دار القلم، بيروت، أبريل، ط 1، 1973، ص:146. 
8.    Maud Vauleon: Anthropologie et littérature, le cas du conte(breton et martiniquais), thèse de doctorat université de Cergy pontoise 2006, p:238.
9.    انظر: محمد فخر الدين، المرجع السابق، ج 1، الأوراق:14-17. 
10.     المرجع نفسه، ج2، الورقة: 23. 
11.     نفسه، الورقة: 69. 
12.     نفسه، الورقة: 93. 
13.    نفسه، الورقة: 178. 
14.    مالكة العاصمي: الحكاية الشعبية في مراكش، ج3، رسالة مرقونة نوقشت لنيل دبلوم الدراسات العليا بجامعة محمد الخامس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية-الرباط، تحت إشراف الدكتور عباس الجراري، الموسم الجامعي (1987)، الورقة: 501. 
15.    المرجع نفسه، ج3، الورقة:472.
16.    محمد فخر الدين، المرجع السابق، ج2، الورقة: 432. 
17.    المرجع نفسه، الورقة: 271. 
18.     نفسه، الورقة:389. 
19.     نفسه، الورقة:261. 
20.     Mohammed El Fasi: contes Fasis, C.C.C.N.A, Rabat ,1988, p:59.
21.    عمر عبد الرحمان الساريسي: الحكاية الشعبية في المجتمع الفلسطيني، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط 1، 1980، ص:286. 
22.     محمد أقضاض: مدخل إلى دراسة الحكاية الشعبية الأمازيغية- نموذج الريف، مجلة(مقدمات)، ع: 27-28، صيف/خريف 2003، ص: 112. 
23.    جوردون جراهام: فلسفة الفن..مدخل إلى علم الجمال، تر: محمد يونس، سل(آفاق عالمية)، ع 114، القاهرة، ط 1، 2013، ص:134. 
24.    Maud Vauleon, ibid, p:70.
25.    انظر مثلا: حكاية «أنا فَقَّرْتُو نْتَا غْنِيهْ»، محمد فخر الدين، المرجع السابق، ج2، الورقة:390. 
26.     انظر عمر محمد الطالب، المرجع السابق، ص:7. 
27.     انظر محمد فخر الدين، المرجع السابق، ج2، الورقة:418. 
28.    يسمي فريدريش فون دير لاين الاختتامية ب»قانون النهاية». 
•    - انظر: فريدريش فون ديرلاين، المرجع السابق، ص:146. 
29.    ويسميها هيبوليت تين ب»العصر» أو «الحقبة». انظر:
•    Hippolyte Taine 1828-1893 : La fontaine et ses fables, librairie Hachette, Paris, 1924, Vingt-quatrième, édition, p:228-230.
المصادر والمراجع 
 انظر: محمد فخر الدين، المرجع السابق،ج 1، الأوراق: 14-17. 
30.     المرجع نفسه، ج2، الورقة: 27.
31.     نفسه، الورقة: 144.
32.    نفسه، الورقة:197.   
33.    نفسه، الورقة: 270. 
34.    نفسه، الورقة: 307. 
35.    نفسه، الورقة: 390. 
36.    نفسه، الورقة: 400. 
37.    نفسه، الورقة: 403. 
38.     Mohammed El Fasi: contes Fasis, p:59.
39.    في حكاية»الخْدِيمَة(القِدْر)» مثلا، تكشف النهاية عن هوية الزوجة الشرهة التي تأكل اللحم وحدها، متهمة «القِدْر» بأنه هو من كان يفعل ذلك.
•     - انظر محمد فخر الدين، المرجع السابق، ج1، الورقة: 156.
40.    نظر: أمبرتو إيكو: آليات الكتابة السردية، تر: سعيد بنكراد، دار الحوار، اللاذقية، سورية، ط 1، 2009، ص: 138.  
41.    -محمد فخر الدين، المرجع السابق، ج2،  الورقتان: 398 - 399.
42.     المرجع نفسه، الورقة: 94. 
43.    يسرى شاكر، أجمل حكايات الفولكلور المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط1 ، 2006، ص:39. 
44.    محمد فخر الدين، المرجع السابق، ج2، الورقة: 418. 
45.    الخلاصة هنا لا تعني خلوّ قصصنا الشعبي من بعض النهايات التي جاءت، وعلى غير المعتاد، منتصرة لبعض السلوكات الشاذة والمرفوضة اجتماعيا، فالأخ مثلا، يتزوج أخته في نهاية حكاية»الجازية       و خوها»، أو يمنعها من الزواج ويقتلها في نهاية حكاية»المُشْ الحَاكمْ».
•    انظر المرجع السابق، الورقتان: 353 - 209.
46.     من الحكايات التي استلهمت البناء الفني للقصص القرآني نذكر: حكايات»تاجر حْلاَبُو»  و»ذيَّاب» و»الطيرْ لْمغَنّي»... لقد تناصت النصوص السابقة و القرآنَ الكريمَ، وذلك من خلال استحضار  جوانبَ خاصة من حياة النبي موسى عليه السلام.
•     انظر المرجع نفسه، الأوراق: 244 - 247 - 310.
47.     يسرى شاكر: حكايات من الفولكلور المغربي، ج 2، دار النشر المغربية، المغرب، 1978، ص: 63. 
48.    المرجع نفسه، ج1، ص:158.   
49.    الإمام مسلم: صحيح مسلم، رقم: 1042، باب: كراهة المسالة للناس، الدار الذهبية، القاهرة، مصر، د ت، ص:474.  
50.    لعله من المهم أن نشير في هذا المقام أن القصص الشعبي المغربي قدم صورتين متناقضتين عن اليهود، الأولى ترتبط بالمكر والخديعة، والثانية بالحكمة و الذكاء وذلك على نحو ما نجد في حكايتي»سيدي موح وليهودي» و»بنت الشيخ الكامون».  
•    انظر محمد فخر الدين، المرجع السابق، ج2، الورقتان: 339 و386.
51.     المرجع نفسه، الورقة:391. 
52.     نفسه، الورقة: 185.
53.     نفسه، الورقة: 404. 
54.    نفسه، الورقتان: 269-270.
55.     عبد الفتاح كيليطو: الحكاية والتأويل- دراسات في السرد العربي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء،     ط1، 1988، ص:35. 
56.     محمد فخر الدين، المرجع السابق، ج2، الورقة:194. 
57.    لمرجع نفسه، الورقة: 386. 
58.    يسري شاكر، المرجع السابق، ج2، ص:121. 
59.     محمد فخر الدين، المرجع السابق، ج2، الورقة: 232.  
60.    المرجع نفسه، الورقة: 171. 
61.    نفسه، الورقة:247. 
62.    Mohammed El Fasi, ibid, p:60.
63.     فخر الدين، المرجع السابق، ج2، الورقة: 269.
64.     المرجع نفسه، الورقة: 321. 
65.    غراء حسين مهنا: أدب الحكاية الشعبية، الشركة المصرية العالمية للنشر، لونجمان، القاهرة، ط 1، 1997، ص: 102. 
66.    فيلموس فويجت: نحو نظرية للأنواع في الفولكلور، تر:خيري دومة، مجلة (الفنون الشعبية)، ع 54-55، يناير/يونيه، 1997، ص:76.

أعداد المجلة