فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

الأدب الشعبي في العصر المملوكي - الزجل نموذجاً-

العدد 30 - أدب شعبي
الأدب الشعبي في العصر المملوكي - الزجل نموذجاً-
فلسطين

مقدمة:
الزجل من الفنون الشعبية العامية، التي نشأت في العصر الأندلسي، ومنه انتشرت إلى البيئات العربية الأخرى، كمصر والشام؛ وذلك تمشياً مع روح العصر ومتطلباته، وقد تناوله الشعراء في أشعارهم، وطوّروه واستعملوه في أغراض مختلفة.
وقد تحدثت في هذا البحث عن مفهوم الزجل، ونشأته، وأهم أسباب ازدهاره في العصر المملوكي، والتي تعود لسيطرة المغول والمماليك على المشرق العربي، وجميعهم لا يتقنون العربية، فلجأ إليه الشعراء؛ لاستعادة مكانتهم عند الحكام. ثم تحدثت عن أهم الموضوعات التي نظم فيها الزجالون، مثل: الغزل، والوصف، والمواعظ والحكمة، والمديح، والرثاء. وقد أطلت قليلاً في الحديث عن الغزل؛ لأن له النصيب الأوفر من النظم عند الزجالين، وتحدثت عن أوزان الزجل التي وصفت بأنها متشعبة ولا يحصر عددها.

على أن هناك أنواعاً أخرى من الفنون الشعبية الشعرية المستحدثة في العصر المملوكي، والتي يمكن أن تندرج تحت أنواع الزجل، وفقاً لمضمونها، كالقوما، والكان كان، والبليق...الخ، إلا أن المجال هنا يضيق بنا لتناولها؛ وذلك لاشتهارها في هذا العصر؛ ولكثرة النظم فيها، بحيث تستحق أن تطرق في بحث مستقل.
وقد اتبعت في بحثي هذا المنهج التكاملي، الذي يقوم على دراسة الظاهرة ونشأتها وتاريخها، ثم استقصائها من خلال النماذج الزجلية لأشهر شعراء هذا العصر وتحليلها.

الأدب الشعبي في العصر المملوكي:
يقصد بالأدب الشعبي: ذلك الأدب الذي يكتب بلغة عامية «ملحونة»، قريبة من أفهام الشعب وعامتهم، وأحاديثهم اليومية الدارجة، والمتداولة فيما بينهم، يعبرون فيها عن احتياجاتهم، أو الأدب الذي يتناول في الحديث حياة الناس، ويعبر عن وجدانهم ومشاعرهم، واهتماماتهم، «وربما كان هذا الضرب من الأدب من صنع مجهول، أو من صنع جماعة من الناس اشتركوا فيه في جيل واحد، أو من أجيال متعاقبة، في بلد واحد، أو بلاد متفرقة، وربما كان من صنع علم معروف مشهور من رجال الأدب والفن، ولكن سار، وتناقلته ألسنة الناس»(1).

وقد ظهر الاتجاه إلى هذا اللون من الأدب منذ القرن السادس الهجري، في الأدب العربي بشكل عام، والأدب المصري على وجه الخصوص، حيث نجد ألواناً كثيرة منه في «المشرق والمغرب، في بلاد العراق وفارس، وفي الأندلس والمغرب، ثم ما بينهما»(2).

تنوعت التيارات الأدبية في العصر المملوكي، وتطورت تطوراً كبيراً، فتيار تقليدي سار فيه أصحابه على الموروث من التراث العربي القديم، مقلّدين لهم في أسلوبهم ومنهجهم، مضيفين إليه ما استجد من الحياة الجديدة وظروفها، من معانٍ وألفاظ وتيار أدبي جديد، «استمد أصوله من المشرق والمغرب على السواء، بالإضافة إلى المصادر المحلية المؤثرة، أما المشرق فأمره معروف، إذ كانت بغداد حاضرة العالم الإسلامي، ومركز الخلافة العباسية، وكانت قبلة العلماء ومهوى الفئات الأعجمية، من سائر الأمصار. وأما المغرب فأمره هام، فإن كانت «بضاعتنا ردّت إلينا»، كما قال ابن عباد عندما اطلع على العقد الفريد، فمما لا شك فيه أن هذه البضاعة التقليدية حملت إلينا مع أصحابها بعض هذه الفنون الشعرية، واطلعت المشارقة على أنماط وأساليب جديدة في التعبير»(3).

ومن هنا واكب الأدب أحداث العصر وظروفه، وظهر التجديد في موضوعاته وأغراضه، تمشياً مع روح العصر ومتطلباته، فطور الشعراء في أساليبهم وفي طرائق تعبيرهم، وفي أوزان أشعارهم، «كما استحدثوا مذاهب وطرقاً وفنون عدة لم تكن معروفة أيام الفاطميين، وإن كان منها ما قد عرف فإنه كان في دوره البدائي، أو أن استخدامه كان على قلة، فلم يك لذلك منتشراً، ولا ذاع أمره بين الشعراء»(4).
ومن أشهر الفنون التي شاعت في هذا العصر وكثر النظم فيها «القوما، والكان وكان، والمواليا، والزجل، والموشح، وفي المنثور «المقامة، والقصة الشعبية، والسيرة»(5)، وقد امتد هذا النظم إلى الشعراء الذين ينظمون بالفصحى، ليقلدوا أدباء العامية في ألفاظهم وأساليبهم، وصورهم وتعابيرهم(6).

وقد بين صفي الدين الحلي هذه الأنواع من النظم، التي كانت سائدة في عصره، في المشرق والمغرب، وذهب إلى أنها جاءت على سبعة أنواع، فقال: «ومجموع فنون النظم عند سائر المحققين سبعة فنون، لا اختلاف في عددها بين أهل البلاد، وإنما الخلاف بين المغاربة والمشارقة في فنين منها، والسبعة المذكورة عند أهل المغرب ومصر والشام، هي: «الشعر، القريض، والموشح، والدوبيت، والزجل، والمواليا، والكان كان، والحماق، وأهل العراق، وديار بكر، ومن يليهم يثبتون الخمسة منها، ويبدلون الزجل والحماق بالحجازي، والقوما، وهما فنّان اخترعهما البغاددة للغناء بهما في سحور شهر رمضان، خاصة في عصر خلفاء بني العباس»(7). وقد أسقطوا الزجل لمشاكلته للموشح وعدم التفريق بينهما عند الكثيرين، واستبدلوه بالحجازي، «كما اقتطع الواسطيون المواليا، وهذا يشبه الزجل في كونه ملحوناً»، وأسقطوا الحماق لعدم سماعهم إياه(8).

يتضح من كلام صفي الدين الحلي، أن تلك النظم اختلطت على الباحثين؛ لكثرتها، فرغم محاولتهم لتحديدها وحصرها، إلا أن تشابك الأسماء فيها كان حائلاً بينهم وبين تحديد قاطع لهذه الأسماء من حيث الوزن والشكل والمضمون»(9).

وقد فرق صفي الدين الحلي بين هذه النظم الشائعة باللغة الدارجة، حسب موضوعاتها، غير أن إحسان عباس يذهب إلى أن «هذه التفرقة لم تكن موجودة بين الأندلسيين؛ وذلك لأن الزجل مثلاً لم يقتصر عندهم على الغزل والنسيب والخمري والزهري»، فأزجال ابن قزمان تتنوع موضوعاتها بين المدح والرثاء والأحماض الذي «أطلق عليه المشارقة اسم البليق»، والهجاء الذي سمي عند المشارقة بالقرقي، «والزجل الأندلسي لم يعرف هذه التقسيمات بحسب الموضوعات، بل كان في الإمكان أن يشمل اسم الزجل تلك الموضوعات جميعاً»(10).

والمهم في الأمر أن هذه الفنون الشعبية انتشرت في مصر، وتناولها الشعراء المصريون في أشعارهم، وإن سبق المصريون إليها إلا أن الفضل يعود لهم في تطويرها ، واستعمالها في أغراض مختلفة(11). يقول ابن حجة الحموي في ذلك: «لما أن دخل الزجل الديار المصرية ونظمه المصريون حلّوا موارده بعذوبة ألفاظهم ورشاقتها، وزادوا محاسنه بالزوائد المصرية، وحلّوه في الأذواق لما صارت حلاوته قاهرية، ثم تفكّه بعد ذلك من أهل الشام بثمرات المعاني الشهية، وحلّوه بشعار التورية والنكت الأدبية، كقول الحاج علي بن مقاتل في بيت:
وي الذي وصالوا عمري نرتجي
ما ندري في عشقو لمن نلتجي
وعد يوم الاثنين لعندي يجي
راح اثنين في اثنين وما ريت أحد(12)

تعريف الزجل:
«الزجل فن يتمكن الناظم فيه من المعاني لجولانه في ميادين الأغصان والخرجات، وهو لا يحسن رسمه في الكتابة، الا من عرف اصطلاحه»(13).
الزجل لغةً:
«الزجل، بالتحريك: اللعب والجلبة ورفع الصوت، وخصَّ به التطريب وأنشد سيبويه:
له زجلٌ كأنه صوتُ حادٍ
إذا طَلَبَ الوَسِيقة أو زمير
وقد زجل زجلاً، فهو زجلٌ، وزاجلٌ، وربما أوقع الزاجل على الغناء، قال:وهو يغنّيها غناءً زاجلاً.
والزجل: رفع الصوت الطَّرِب، وقال:
يا ليتنا كُنّا حَمَامَيْ زاجِل
وفي حديث الملائكة: لهم زَجَلٌ بالتسبيح، أي صوتٌ رفيع عالٍ.
وسحاب ذو زَجلَ، أي ذو رعْد، وغيثٌ زَجِلٌ: لرعده صوت.
ونبتٌ زَجِلٌ: صوتت فيه الريح، قال الأعشى:
كما استعان بريحٍ عِشْرِقٌ زجِلٌ
والزَّجْلة: صوت الناس، أنشد الأعرابي:
شديدة أزّ الآخِرين كأنها
إذا ابتدأها العِلْجانِ زجْلهُ قافِل(14)

ويقول ابن حجة الحموي: «إنما سمي هذا الفن زجلاً؛ لأنه يلتذ به، وتفهم مقاطع أوزانه حتى يغنى به ويصوت»(15).
وقد وضعه صفي الدين الحلي «في أرفع الفنون رتبة، وأشرفها نسبة، وأكثرها أوزاناً، وأرجحها ميزاناً»(16).

 نشأة الزجل:
الزجل وليد البيئة الأندلسية، ومنها انتشر إلى البيئات العربية الأخرى، وهو من الفنون الشعرية المستحدثة في العصر الأندلسي، ولم تشر المصادر إلى مخترع هذا الفن، إلا أن المؤرخين قد أجمعوا على أن ابن قزمان هو أول من أرسى قواعد هذا الفن(17).

وقد ورد عن المقري قوله عن ابن قزمان: «كان أديباً بارعاً، حلو الكلام، مليح التندر، مبرزاً في نظم الزجل... وهذه الطريقة الزجلية بديعة تتحكم فيها ألفاظ البديع... وبلغ فيها أبو بكر... مبلغاً حجره الله عمن سواه، فهو آيتها المعجزة، وفارسها المعلم، والمبتدئ فيها والمتمم»(18).

يؤكد ذلك قول ابن خلدون في حديثه عن نشأة الزجل، فهو يرى أن انتشار التوشيح في الأندلس، وإقبال الجمهور عليه، «لسلاسة وتنميق كلامه، وترصيع أجزائه، نسجت العامة من أهل الأمصار فيها إعراباً، واستحدثوه فنّاً سموه بالزجل»(19). وهو يرى أنه بالرغم من شيوع الأزجال وانتشارها في الأندلس، قبل ابن قزمان، إلا أن معظم الروايات تجمع على أن أبا بكر بن قزمان هو أول من أرسى قواعد هذا الفن، وقيل أن الأزجال «لم يظهر حلاها، ولا انسكبت معانيها، واشتهرت رشاقتها، إلا في زمانه، وكان لعهد الملثمين، وهو إمام الزجالين على الإطلاق»(20)، وسبب ذلك ما روي عنه من عشقه لبعض الصبيان، وعندما وصل الأمر إلى المؤدِّب «زجره، ومنعه من مجالسة الصبي، فكتب في لوحة:
المــــــــــلاح ولادْ أمـــــــــــاره           }ولاوْحاش{ ولاد نَصاره
وابن قزمان جا يغفر            مــا قبلــوا الشــــيـخ غفــــــاره
فاطلع عليه المؤدب (فقال): قد هجوتنا بكلام مزجول، فيقال إنه سُمِّي  زجلاً من هذه الكلمة»(21).
ومما روي من أزجاله قوله وقد خرج يتنزّه مع أصحابه، «فجلسوا تحت شجرة عريش وأمامهم تمثال أسد من رخام يصب الماء من فيه على صفائح من الحجر مدرجة»، فقال:
وعريش قد قام على دكان       بحال                 رواق
وأسد قد ابتلع ثعبان               في غلظ             ساق
وفتح فمه بحال إنسان            فيه                    الفواق
وانطلق يجري على الصفاح    ولقى                  الصباح(22).
ومن أزجال ابن قزمان في المدح وحده، زجله الذي «يمدح فيه القاضي ابن الحاج، ويرسم له ولمجلسه صورة واقعية بعيدة عن المبالغة»، وقد امتاز بالورع، والعلم، والدين، ويدوم الحق بدوامه، حيث يقول:
وصـــــل المظلـــــوم لحــــــــــقُّ                      وانتصــف غـــنـي ومسكــينْ
يحضر الإنكار والإقـرار                     ويقـــــع الفصـــــل فالحـــــــينْ
اجتمـــــع فيـــــه الثلاثــــة:                     الـــــورعْ والعلـــــــمْ والــــــدِّينْ
فـــــــيــزول الحـــــق إذا زالْ                      ويـــــدوم الـحــــقّ إذا دامْ(23)
إلا أن الدكتور إحسان عباس يرى أنه من الصعب أن نحدد مخترع هذا الفن، «لأن الأغنية الشعبية تظل في العادة جهد «جنود مجهولين»، وتحتاج إلى وقت لتصبح بأيدي أفراد زجالين، ويكتسب قوته من شخصيتهم وفنهم(24). ولعل الحاجة الشعبية إلى الغناء، كانت من أهم الأسباب التي ساهمت في نشوء الزجل الشعبي، «بالإضافة إلى التأثر بالأغنيات الشعبة الأعجمية الشائعة يومئذٍ في الأندلس»(25).
«فالزجل في بدايته أغنية شعبية لم تبدأ إلا حين تم ازدواج اللغة العربية في الأندلس، لانقسامها بين لهجة دارجة، وأخرى مكتوبة»(26).

ويمكن القول أن الزجل الأندلسي كان نوعين هما: زجل العامة، وزجل الشعراء المعربين، تمثل الأول «في الأغنية الشعبية العامية»، التي تنبعث من تجارب شخصية، أو من موقف معين خاص وعام، ثم يتغنى به الناس، ويكثر انتشارها على ألسنتهم لتعكس لنا آراءهم ومعتقداتهم، وأخلاقهم ونفسياتهم، والنوع الثاني من الزجل، وهو زجل الشعراء المعربين، الذي تلا زجل العامة في نشأته، وقد نظم الشعراء هذا اللون من الزجل رغبة منهم في ذيوع أزجالهم، وانتشارها بين المثقفين، «كنوع من الطرافة»، وليشتهروا بينهم كشهرتهم عند العامة، وليتميزوا عندهم في أزجالهم(27).

وقد عاب ابن قزمان على هؤلاء عدم قدرتهم على التخلص الكلي من الإعراب، حيث يقول فيهم: «إنهم يأتون بالإعراب، وهو أقبح ما يكون في الزجل، ولم يشهد ابن قزمان لأحد من الزجالين الذين جاءوا قبله بإجادة الزجل، والتفوق فيه إلا لزجّال واحد، وهو الشيخ أخطل بن نُماره؛ وذلك لسلاسة طبعه، وإشراق معانيه، وتصرّفه بأقسام الزجل وقوافيه»(28).

وقد ضعفت الأزجال في الأندلس بعد ما أصابها من ويلات، في الوقت الذي اشتهرت به وانتشرت في المشرق، ولاسيما في مصر والشام، ولاقت قبولاً واستحساناً في مختلف الفئات الشعبية؛ وذلك لسهولتها وتحللها من قواعد اللغة والإعراب، وتعبيرها عن نفسياتهم(29)، حتى قيل أنها صارت في القرن السابع «مروية في بغداد أكثر مما هي في حواضر المغرب»(30).

«رحل الزجل إلى المشرق، وأقبل عليه أدباء العصر المملوكي، لاستشراء العامية، واستعجام الخاصة والعامة، حتى كان بعض الخاصة يشجعون أهله»(31)، كآل قلاوون، وآل برقوق وغيرهم(32)، هذا فضلاً عن الأثر الذي تركه كتاب (دار الطراز) لابن سناء الملك، في « الساحة الإبداعية في مصر»، فقد تناول فيه مؤلفه نماذج من الموشحات الأندلسية، وبين خصائصها وتراكيبها»، فانسجمت مع الطبيعة المصرية نظراً لسهولتها وبساطة تراكيبها»(33).

ومن أهم الأسباب التي ساهمت في انتشار الزجل في العصر المملوكي، «سيطرة الموحدين –البربر- على شمال إفريقية والأندلس، وهيمنة المغول والمماليك على المشرق العربي»(34). وإمام الزجالين في هذا العصر هو أحمد بن الحاج المعروف باسم (مَدْغلِّيس) الزجال، الذي اعتبر خليفة ابن قزمان في فن الزجل(35)، ويقول فيه ابن خلدون: هو «الذي وقعت له العجائب في هذه الطريقة»، فمن قوله في زجله المشهور:
ورذاذ دق   ينزل  ...  وشعاع  الشمس يضرب ... فترى
الواحد   يفضض وتري الآخر يذهب  ... والنبات يشرب
ويسكر...والغصون ترقص وتطرب وتريد تجي إلينا   ...
ثم تستحي وتهرب(36).

وقد تميّز ابن مدغلِّيس عن ابن قزمان «بصبغة ألفاظه»، حتى ذاع صيته واشتهر، ويقول أهل الأندلس «ابن قزمان من الزجالين بمنزلة المتنبي في الشعراء، ومدغلِّيس بمنزلة أبي تمام، بالنظر إلى الانطباع والصناعة، فابن قزمان ملتفت إلى المعنى، ومدغلِّيس ملتفت إلى اللفظ»(37). وقد اقتصر في نظمه على الزجل، حين أبدع فيه وتفوق، بعد أن كان يعرب في كلامه(38). وظل أمره مشتهراً في القرن السادس إلى أن خلفه «ابن حجدر الإشبيلي في النصف الأول من القرن السابع، وكان إمام الزجالين في عصره...» (39).

ومن الزجالين المشهورين في هذا العصر أيضاً المَعْمَع تلميذ ابن جُحدُر الإشبيلي المتوفى سنة 638هـ(40)، ومن زجل المعمع المشهور قوله:
يا ليتني إن رأيت حبيبي                أقبـــل أذنــو بـالـرُّسَيـلا
ليش أخــــذ عنــــق الغُزَيــــِّلْ               وأسرق فمْ الحُجيلا(41)
وجميعهم لا يتقنون العربية، لذا لجأ الشعراء إلى نظم الزجل لعلّه يلاقي إقبالاً من الحكام والملوك، ليستعيدوا مكانتهم، كما كان عليه الحال سابقاً، فنظموا الأزجال في العامية، دون تقيّد في الإعراب.«ويكاد معظم الدارسين أن يجمعوا على أن انتشار الزجل في المشرق، بخاصة في مصر والشام، قد بدأ من النقطة التي وقف عندها في المغرب»(42)، حتى كاد يطغى على غيره من فنون الشعر عند الشعراء، ووضعت فيه الدواوين، وانتشر انتشاراً واسعاً بين الشعب بمختلف فئاته؛ لأنه نظم بلغتهم العامية التي يسهل فهمها لديهم. إلا أن الزجل لم يحظ بالتقدير والاهتمام، ولم يحافظ عليه كغيره من فنون الشعر الأخرى، مما جعل هذه الدواوين عرضة للإهمال والضياع، ولم يصل إلينا منها إلا القليل(43).

 موضوعات الزجل:
تنوعت موضوعات الزجل التي طرقها الزجالون في أشعارهم من غزل، ومدح، ووصف، وخمريات، ومجون، وغيرها(44). وقد أطلق بعض الباحثين مسميات عدة للزجل حسب مضمونه، فمصطلح الزجل أطلق على «ما تضمن الغزل والنسيب والخمر والزهر وحكاية الحال. وما تضمن الهزل والخلاعة منه سمي البليق، وما تضمن الهجو والثلب والنكت قيل له الحماق أو القرقيا، وما تضمن الحكمة والموعظة فاسمه المكفّر»(45). وسأتحدث في هذا البحث –بالتفصيل – عن أهم الموضوعات التي تطرق إليها الزجالون في أشعارهم وهي :

الغزل:
لقد اقتصر الزجل «في أول نشأته على الغزل واللهو والمجون»، باعتباره شعرا عاميا شعبيا، وهو بذلك يقترب من الشعب(46)، والغزل يحاكي وجدانهم وعواطفهم، وبذلك نجد مقطوعات زجلية كثيرة كانت قد اختصت في موضوع الغزل وحده، فهذا ابن قزمان ينظم قصيدة زجلية مختصة في الغزل، نظمت بلغة عامية، يصف فيها الشاعر هجر محبوبه، وعدم احتماله لهذا الصدِّ والبعد، على الرغم مما عرف عنه من ودّ وحنان، مكثراً فيها من التشبيه في استعماله أدوات الخياطة، كالكستبان، والإبر، والمقص، والخيط، ويبين فيها قصته مع هذا المحبوب، وقد خاط نقض العهد الذي كان بينهما؛ ليطيل سهره قلقاً وأرقاً على بعده، وتزداد أشجانه؛ لتصبح كوخز الإبر من سهام جفونه، مشبهاً المنون بالمقص الذي حال بينهما، والخيط بالقضاء والقدر، يقول ابن قزمان:
هجــرن حبيبــي هجــر ْ                     وأنـــا لــــسْ لـــــي بعـــــدُ صَبـَـــرْ
لـــــسْ حبيبــي إلاّ  ودودْ                     قطع لي قميص من صدودْ
وخـاط بنقض العهـود                     وحــــــــــــــبَّبْ إلـــــــــــــــيَّ السهـــــــــرْ
وكـــان َّ المقــــصّ المنـــــونْ                     والــخيط الــقضـا والقــدرْ(47)
راج هذا الفن بين الفئات الشعبية، وبين الأدباء والنقاد، واستشهد به مؤرخو الأدب في كتبهم، كأمثلة على أنواع البديع، كما نلحظ عند ابن حجة الحموي وغيره. وقد تحدث صفي الدين الحلي عن فضل الزجالين المتأخرين على من سبقهم، وذلك «بسلامة النظم، ورقة اللفظ، والبعد عن الركاكة، وتتبع صنائع البديع» ويضيف قائلاً: «فمثل أزجالهم عندي لرقة ألفاظها، ومثل أزجال المتقدمين كمثل أشعار المولدين، وأشعار الجاهليين في رقة الألفاظ ووحشيتها، لا في الصحة والسقم، ولقد رأيت جماعة منهم يعيبون ألفاظ القدماء؛ لبعدها عن الصنائع، وسلامة الألفاظ، وأنا على مذهبهم وللناس فيما يعشقون مذاهب»(48).
ومثال ذلك عند ابن حجة الحموي، ما أورده من زجل لعلاء الدين بن مقاتل، الذي يقول فيه: «وكان الشيخ علاء الدين بن مقاتل، إذا ذكر الزجل، كان ابن جدته، وأبا عذرته، وممن سلمت إليه مقاليد هذا الفن»(47).

وقد روى له زجلاً غزلياً في باب الجناس اللفظي، جانس فيه ابن مقاتل «بالظاء والضاد، لم يسبق إليه»(50). ويصور ابن مقاتل في هذا الزجل جفون معشوقه، وسهامه التي قد يقع فيها العابد ويهيم بلحاظها، وبسحر عينيه، وبفتور حورها، بحيث كانت تسحر من ينظر إليهما، ويعتقد أن بهما رقودا، وهما في غاية اليقظة، وجفون تكاد أن تتكلم لقوتها، وقد علا خدّ هذا المحبوب (شامة)، لتظهر على وجنتيه كاللوحة الفنية، مستعملاً البديع في تعبيراته، من طباق في مثل قوله: (حضرني-يغيب)، والجناس؛ ليزيد النص جمالاً وإشراقاً، وليشعر بقرب الحبيب، ودنوه منه، حتى وإن كان بعيداً عنه، نظم الشاعر ذلك كله بتعبيرات عامية تصلح للزجل، يقول ابن مقاتل:
إن مـــع معشوقـــي جفـون ولحاظ
لـــــو رآهــــم عــــابــد لــــهام وحـــاض
ومــع أنوار مــــن سحــــر عينـــيه إذا
 حفظوه بــاب أنســاه صــلاتو أدا
إن مـــــــاعو عيـــــــون فــــــــواتر حـــــــور
 في بحـور ولــدانها بـواتــر جفون
كيف لا يفتن عشاقو ذاك الفتور  
وعلـى خده شـامـة بنقطــة فنون
من نظرهم  نظرة بقي مسحور
وكــيف إنو ما ينسحر من عيون
يعتقدهــــــم رقــــــود  وهــــــم إيقـــــاظ
 قـــــــــــــاض الصــــــــــــــــوت: صــــــــــــــوّت
حضـــرنــــــي لمــــــا أن يغـــــــيب  عــــــــني   
في غيــابو يامــا بتحفظ فصــول
حتـــــى نــــوا يصـــير قـــريب مـــــني
ولــو أنه يكــون في ميـدان  يـجول(51)
ويرى ابن حجة الحموي أن سبب الإجماع على تقديم ابن مقاتل على غيره في فن الزجل هو نظمه لهذا الزجل المذكور، حتى أن الحريري لم ينسج على شاكلته في التفريق بين الضاد والظاء(52).
ويضيف الحموي قائلاً: «هذا الزجل الذي أينع زهره في حدائق الأدب حفظته، ورياحين الشبيبة غضة، ... ولما بهر المصنف رحمه الله تعالى به عقول أئمة هذا الفن، وقالوا: إنه ما نسج على منواله ولا ينسج، شفعه بزجل ثان حير فيه الأفهام، وقالت علماء هذا الفن: ما نشك أن عليّاً إمام»(53).

والزجل الثاني:
مــــــــا الفـــــــراق في الهــــــــــــوى//  إلا خصموا ألد
على تركو إذ هو قوى حظي   //  نلق وصلو من كل لذة   ألذ
نسأل الله منو يزيد حظي.. (54)
ولابن مقاتل أيضاً زجل «سارت به الركبان أنشده المصنف في حماه، بحضرة الملك المؤيد، والشيخ صفي الدين، والشيخ جمال الدين بن نباته، يقول فيه:
 قلبي بحب تياه ... ليس يعشق إلا إياه ...
فاز من وقف وحياه ... يرصد على محياه
بدر السما لو يطبع ... من رام وصالو يعطب
(يصاب  باعطب والهلاك)
 صغير بحير في أمرو ... غزال قهر بسمرو ...
ليث الهوى ونمرو ... فاعجب لصغر عمرو
ريم ابن عشر وأربع ... أردى الأسود وأرعب
أذكر نهار تبعتو ... وروحي كنت بعتو ...
وخيب ما فيه طمعتو ... فقال وقد سمعتو
 ارجع ولا لي تتبع ... أخشى عليك لا تتعب
كم قدامو وخلفو ... مشيت مطيع لحلفو ...
ورمت لثم كفو ... قال دع مناك وكفو
 فإن لثم أصبع ... من الثريا أصعب
ما زلت لو نداري ... حتى حصل في داري ...
ناديت ودمعي جاري إيش ... كان يصيب يا جاري
 لو كنت من فيك أشبع ... قال إيش يكن لك أشعب
 من حاز حسن خدو ... لحظو لقتلي حدو ...
 وورد خد وندو ... ما في الرياض شيء
روض الحيا مبرقع ... عليه ساج معقرب
من في الجمال فريدو ... للصب من وريدو ...
يذبح ولو يزيدو ... وكم ذا شيخ مريدو
خلاه دموعو يبلع ... وهو بعقلو يلعب
كم خصم في المقاتل ... صابو ابن مقاتل ...
وكم ذا في المحافل ... قد أنشالوا جحافل
من كل بيت مربع ... ملحون بألف معرب (56)
وعندما وصل ابن مقاتل إلى قوله: «ملحون بألف معرب» صار الشيخ جمال الدين بن نباته ينظر إلى الشيخ علاء الدين بن مقاتل، ويشير إلى الشيخ صفي الدين الحلي، ويقول:ملحون بألف معرب، والملك المؤيد يبتسم»(57).

وقد كتب الزجل بهذه الطريقة عند ابن حجة الحموي؛ لأن «شرط رسمه أن يوضع كذا لأجل تحرير وزنه»(58).

ويندرج تحت هذا النوع من الزجل ما قاله تقي الدين الأسنائي، وهو «عبد الملك بن الأعز بن عمران الثقفي الأسنائي، كان أديباً شاعراً، قرأ النحو والأدب على الشمس الرومي، وله ديوان شعر»، توفي سنة 707هـ(59).

يصف الأسنائي حاله في قصيدة زجلية له، وقد جفا النوم عينيه؛ لبعد محبوبته عنه، وقد اشتد شوقه لرؤيتها، واشتعلت النار في قلبه، تلك المحبوبة المنقطعة النظير في حسنها وجمالها، فهي تسكن قلبه، ولا مكان عند الشاعر للصد والهجران والبعد والحرمان، فهي ذو قدِّ جميل، تارة يشبهه بغصن الأراك، وتارة بغصن البان، ويطلب الشاعر منها أن تجود بالوصل على المحب الهائم الولهان، فهو يقول فيها:
جفونــــي  مـــــــا تنـــــــــــــــــــــام                         إلاّ لعلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــّي أن أراكْ
فزر قد براني الشـــــــــوق                        يــــــــــــــــــــــــــا غُصــــــــــــــــــــــــن الأراكْ
وطرفي ما رأى مثــــــــــلك                        وقلــــــــــــــــــــبي قــــد حـــــــــــــــــــــواكْ
فهوْ لك لم يزل مسكنْ                       فسبحـــــــــان الــــــــــذي أسكــــــــــنْ
وحسنك كم به أفــــــــــــــتنْ                      ومـــــــــــــــــــا قصــــــــــدي ســـــــــــــواكْ
حبيبي آه  ما أحلــــــــــــــــــــى                       هــــــــــــــــــــــواني في هـــــــــــــــــــــــــــواكْ
فخلِّي الصدَّ والهجران                       ولا تسمــــــــــــــــــــــــــع مــــــــــــــــــــــــــلامْ
وصلني يا قضيب البان                       ففــــــــــــــــي قلـــــــــــــــبي ضـــــــــــــــرامْ
وَجُـدْ للهائم الولهــــــــــــان                     يـــــــــــا بـــــــــدر التمــام . إلخ(60)
ومن الزجل في الغزل أيضاً قول «ابن مبارك شاه في سفينته وزن مستفعلاتن»(61)، يهنئ الشاعر فيها محبوبه بجماله الذي تفرّد به، ولم يشاركه فيه غيره، فهو كالدرِّ الثمين، وله عيون حادة كالسيوف، مكثراً فيها من استعمال البديع، من الجناس اللفظي بين كلمتي(حوى)، و(جوى)، و(طوارق)، و(بوارق)، فهو يقول:
محبوبي، يهنيك جمـــالـه              وتملكْ شيئين  لغيركْ ما تليق
الله  يهنيـك
ما عدت تقرأ جوى حـــــــــوى               درّ الحـــــــــقائــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق
ولك عيون سيفين جــــــــــــــــوا               هـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــو لا بــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوارق
لكن وحياتك حواليها طوا             رق لهــــــــــــــــــــــــــا طــــــــــــــــــــــــــوارق(62 )
وهذا يؤكد ما ذهب إليه عمر موسى باشا، من أن زجل هذا العصر انطبع بطابع العصر، فتأثر بالأساليب «البيانية والبديعية والأسلوبية»(63).
وقد اشتهر الزجل عند المصريين لموافقة طباعهم، لما فيه «من اللين، ومشايعة الكلام بشيء من التهكم الذي تنبعث عليه صفة (الفتور) الطبيعية بينهم، وهي التي يقال فيها إنها ذوق حلوة النيل»(64). وقد عرف لديهم من نوابغ الزجالين المشهورين الغُبارى، الذي اشتهر في زمن السلطان حسن، واشتهرت أزجاله كثيراً بما تميزت به «من دقة الصنعة، وإبداع المعاني، وكثرة (التفنن)» (65). وقد اشتهر أمره في العصر المملوكي، وقد عرف عنه أنه «كان فقيهاً وعالماً وأديباً وشاعراً ينظم الفصيح، ولكنه اشتهر بنظم الزجل... ونظم أزجالاً مختلفة في أحداث مصر، وهو يعد أستاذ فن الزجل لزمنه»، وأخذه عنه كثير من المصريين، وقد نظمه في موضوعات عدة، كالمديح والرثاء والأحداث السياسية وغيره(66)، وعرف عن الغُبارى بأنه كان «زجال بيت قلاوون»(67). ومن أزجال الغُبارى في الغزل قوله:
قل لغزلان وادي مصر والشام  يقصروا ذا النفارلهم اجعل حشاشتي مرعى وفؤادي قفار
مصر والشام فيها ملامح أقمار بالمحاسن تسود ذا أبيض وذا أحمر وذا مليح أسمر لو عيون نجل سود
وذا غزال صار يفوق  على الغزلان  ويصيد الأسود وذا غصن بان أهيف  قوام قد وقد الأغصان جهار
وذا بدر الكمال ظهر   في الليل   وذا شمس النهار(68).
يشبه الشاعر في زجله السابق بنات مصر والشام في جمالهن في الغزلان؛ ليجعل من أحشائه مرعى لها، ومن فؤاده ساحة لهن؛ ليصلن ويجلن فيه، وقد تفوقن على الأسود بخفة الحركة والرشاقة، وقد اكتمل حسنهن، حيث العيون السود، والقدّ الأهيف، وكالقمر في الليل، وكالشمس في النهار، وقد بلغن حداً في جمالهن حتى صورهن الشاعر كأنهن ورثن الجمال عن سيدنا يوسف-عليه السلام-. على أن الشاعر لم يخصص هذا الغزل للون معين من النساء، فقد تغزل بالبيضاء والحمراء والسمراء على حد سواء، ولعل هذا النمط من الغزل كان شائعاً في عصر الشاعر، كما نلحظه في شعر البهاء زهير وغيره.
ويضيف الغُبارى في زجله هذا قائلاً:
وملاح مصر قالت إحنا أصحاب الوجوه الملاح
 والحلاوة وطيبة الأخلاق في الخلائق مباح
إحنا أقمار وإحنا بدور الليل وشموس الصباح
 وفي الألفاظ والظرف والمعنى ليس لنا حد صار
وورثنا الحسن من يوسف واكتسبنا الفخار(69)
وله أيضاً قوله وقد شبه الوصال بالجنة، والفراق بالنار، فهو يقول:
الفـــراق نـــار والوصـــال جنــــــــّة والــخلائـــق بعضهـــم يعشـــــــــــق
ذا حبيـــب قلــــبـو علــــيه راضـــي  ودا محبوبــو علــــيه يشـفـــــــــــق
ولهــــيب الهجـــــــر يتوقــــــد والوصـــــــال مـــــن المــــــــلاح يشتـــــــــــق
والمليـح عنــدي وأنـــا مطمن وسط روضا زهر لها معطــار في
نعيم مع حور ومع ولدان والعذول مسكين صبح في نار(70)
وقد أورد الإبشيهي نماذج كثيرة من أزجال الغُبارى(71).

وممن عرف في هذا العصر من الزجالين المشهورين صفي الدين الحلي، ويصوّر الشاعر في زجله المصريين «وخفة روحهم ورقتهم ولطفهم وظرفهم»(72)، ويتضح ذلك في زجل له يصور فيه بعد محبوبه عنه، رغم قربه منه في سكنه، إلا أنه قد حُجب عنه، وأسرف أهله في بعده، والحفاظ عليه، وقد أحاط به الرقيب والعدو، ليحولا بينهما في اللقاء، ولا حتى في إرسال مكتوب، فيظل خائفاً مرعوباً، متمنياً لقاءه ليسرح ويمرح معه، مضمناً الشاعر زجله بعض الأمثال الشعبية العامية، في قوله: (من لقي أحبابو نسي أصحابو)، وقد صاغ الشاعر ذلك كله بألفاظ عامية متداولة، فهو يقول:
لسْ غريبْ مَنْ فارَقْ  أوطانو       أوْ بَـِعِـــــدْ عــــن نــــــــاظرو المـــــحبوبْ
إلا مَـــــــــــــــنْ دارو قـــــــــــــُــبـَلْ دارُو        والـــحَبيب عــن نــاظرو محجوبْ
حـــــــبّي عــــــنِّي حجبوه  أهـــــــــلو       وأســرفـــــــــوا في  جَـــمـْعْ حُفَّــــــــــاظـــو
والـــــرَّقيب قــــد غيّـــــَبوا عــــــني          حــــــتى عــــــــــــني قـــــــيدَ ألــــــــــــفاظـــُو
كــــل يـــوم لأجـــلو يغــيظ قلبو          ربِّ غـــــــيظ قـــــلب الــــــــذي غـــــاظو
مـــــــا خَطـــــَرْ إلا وَهُــــــو خـــــائف        أو عـــــــــــبر إلا وهُــــــو مـــــــــــــــرعـــــوبْ
لـسْ نطيقْ نلفظ مَعُو لــفظهْ        لا ولا نُـــــــــرْسِــلْ إلــــــــــيه مكــــــــــتوبْ
ريـــــــت   حبيبــــي في الــــــرياض        يَمــــرح بــــــــين أقـــــرانـــو وأتــــــرابـُو
قـــــلتُ قــــد صـــــَحَّ المثــــــل فـــــــينا       مِنْ لقــــي  أحْبابو  نِسي أصْحابو
قـــــال لـــــــــي قــــــد ضَــــجَّت بنـــــــا       أعْدانا ورمونا قلت ما صابوا(73)
وقد أطلت في الحديث عن الزجل في الغزل؛ لأن الغزل كان من أكثر الموضوعات التي أسهب فيها الزجالون، ونظموا فيها أكثر من غيرها، هذا فضلاً عن أن المصادر والمراجع التي تحدثت عن الأدب الشعبي في العصر المملوكي، ولاسيما الزجل، ركزت في موضوعاتها على الزجل في الغزل، وأوردتْ بعض الأمثلة كنماذج على الزجل في الموضوعات الأخرى.
ويروي ابن حجة الحموي زجلاً من هذا النوع للشاب الظريف محمد بن العفيف، مصوراً فيه معشوقه، وقد عيب عليه حمرة شعره؛ ليرد عليهم بأن ضفائرها نسجت من دماء العشاق، وقد هام في حب محبوبه، وامتلأ قلبه حزناً لبعده، يقول الشاعر:
عبتم من المحبوب حمرة شعره . وأظنكــــــم بدليله لـــــــــم تشعروا
لا تُنكروا ما احمــــرّ منه فـــــإنـــــّه . بدمــــــاء أربــــــــاب الغــــــــرام مضفّر
خاطرت في عشقي يـــــــــــا مهجتي .لا تشغلي قلبي الحزين وخاطري
فالطرف شاهد منه ناضر قدّه  . فغدا يهيم بكل غصن ناضر(74)
أغراض أخرى:

1 - الزجل في التصوف:
ازدهر الزجل في بلاد الشام مباشرة بعد ركوده في الأندلس، وذلك على أيدي المتصوفة، من أمثال: ابن عربي والششتري وغيره، ومن زجليات ابن عربي الصوفية قوله:
يـــــــا طــالب التحـــــــققْ                           انـــــظـــــــــــــــــــرْ وجـــــــــــــــودكْ  
تــــــرى جـــميع الـــناسْ                           عـــــــــــــــــــــــبيد عــــــــــــــــــبيدكْ
قَــــــــــعَدت في ســـــــــــــاحل                      البحــــــــــــــــــــر الأخضـــــــــــر
أرمـــــــت لـــــي أمـــــواجه                            الـــــــــــــــــــــــــــدرّ الأزهـــــــــــــــــــر
فقــــــــــــــلت: لا تــــــــــفعـل                           يـــــــــا قـــــــــوتي الأصفـــــــــر
وارم فــــــــــــــــيه تـــــــــــطلع                             إلــــــــــــــــــى مـــــــــحيدك(75)
ولشعراء الصوفية نماذج زجلية كثيرة، تندرج تحت ما يسمى في البليق، وهو نوع من أنواع الزجل الشعبي الذي كان منتشراً في العصر المملوكي.
ورغم ما ورد من نظم ابن دقيق العيد لهذه الفنون الشعبية، إلا أن علي صافي حسين يذهب إلى أنه في دراسته لابن دقيق العيد، لم يعثر له على شيء من الفنون الشعرية الشعبية، «كالموشح والزجل وكان كان والمواليا»(76).

ولتقي الدين المغربي البغدادي زجل في الخلاعة والمجون، وقد وصف البغدادي بأنه «كان من أظرف خلق الله تعالى، وأخفهم روحاً»(77)، فهو يرى أن وقت اللهو والمجون قد حان، هو ينادي ندماءه، ويستنهض أصحابه على عجل، لمجلس الشراب، الذي توافرت فيه كل ما يبغونه، فهو يقول:
الــــــــــــــــوقت يــــــــــــــــا نديمي                 قــــــــــــــد طــــــــــــــاب واعــــــــــــــتدلْ
والــــــــــــــشمس مذ ليالـــــــي               قــــــــــــــد حــــــــــــــلت الــــــــــــــحَمَل
فـــــــــــــانهض إلـــــــــى الحميا               واستنهــــــــــــض الصـــــــــــــحابْ  
والــــــــــــــــوقت قــــــــــــــــد تــــهيا               ومـــــــــــــــجلس الــــــــــــــــــــــــشراب
فيه كــــــــــــــــلّ مــــــــــــــــا تريده               فــــــــــــــانهض عــــــــــــــلى عجلْ
مــــــــــــــــا قــــــــــــــــد بقي يــعوزه               غــــــــــــــيرك وقـــــــد كمل(78)
وقد يأتي الزجل بشكل رباعي أو دوبيت، ومن هذا النوع قول إبراهيم المعمار معقباً على ابن دانيال ورثائه لأهل الخلاعة والمجون، قائلاً: «لو أني أدركت ذلك الزمان لرثيت الخلاعة والمجون بهذا الزجل المصون»(79)،  ويسخر الشاعر في زجله من هؤلاء قائلاً: منعنا ماء العنب، ولعله يقصد في ذلك النبيذ المستخلص من العنب، وما بقي إلا أن نمنع من التين، وماذا لو منع من (الراح) -وهي الخمرة-، ومن الوجوه الصباح، ويتساءل مستنكراً: كيف يمكن للخليع أن يستجلب الفرح بدون ذلك كله؟ يصور الشاعر ذلك «في مطلع لطيف»(80):
منعونا ماء العنب يا سين        رب سلم لم يمنعونا الـــــــــــــتين
هات قل لي إذا مُنعنا الراحْ       وحرُمنا من الوجوه الصِّباحْ
بيش بَقَي نستجلبْ الأفْراح        والخليع كيف تـــــــراه مسكـــينْ(81)
وقد عرف إبراهيم المعمار بظرافته، وبأنه «عامي مطبوع، تقع له التوريات المليحة المتمكنة المطبوعة الجيدة، ولاسيما في الأزجال والبلاليق، بحيث أنه في ذلك غاية لا تدرك»(82).
وهو يعد في مقدمة الزجالين، وفيه يقول الحموي: «فإن المعمار –رحمه الله- ما شيد بيوت أزجاله بغير التورية، والنكت الأدبية... وما كان يعد نفسه من فرسان العربية، ولكن نبات الأدب الحلو كان مغروساً في طباعه»، فمن ذلك قوله في مطلع زجل هو:
نيلــــــنا أوفــــى وزاد بـــــــحمد الله      ذي الــــــزيادة حديثها د شـــــــــاع
فرحوا  الناس  وعبس  الخزان    بقا وجهو ذراع  وقمحو   باع(83)

2 - في الحكمة والموعظة:
ومن زجل الغُبارى في الوصايا والنصائح والحكم النابعة من تجربته في الحياة، والتي تهدف إلى تقويم السلوك والإفادة من خبرة آبائنا وأسلافنا في الحياة، يقول فيه بأن الناس معادن، فمنهم من هو كالدر وكالجوهر في حسن أفعالهم، وفي صحة معانيهم، أولئك الذين يمتازون بحسن أصلهم وفصلهم، فظاهرهم يعكس باطنهم، فالشجرة الطيبة أصلها طيب، وتؤتي ثماراً طيبة، فلو زرع الحنظل شديد المرارة في أرض عنبر، وسقي بماء شجر البان ذي الأغصان المقدودة، أو بماء الورد والزهر، وحلِّي بالسكر، لبقيت ثماره مرّة؛ لأن الفرع يرجع إلى الأصل، يقول الغُبارى «في زجل طويل»:
في  الـــناس رَأينـــــا للخير معــــــــــادنْ .. والـــدرّ يــــوجد  في كَنز مِثْلــــُهْ
وأنْ رُمْت جوهر في الشخص مكنون..فجوهر الشَّخص حسن فِعْلهْ
وأن كــــــان تـــريد صـــحة المــــــــعانـي..وشـــــرّح مــــا في الــــــبيان مـــــحرَّرْ
خُدْ فرع بإيدك من أصل حنظل .. وازرع جذوره في أرض عنبرْ
واسقـيه بــماء بــان وورد ممــزوج .. وعـــقــد جُـــــلاّب وحَـــلِّ سُكّـــــــــَرْ
وحــــين تـــــــشوفـــه عـــــقد  ثمـــاره .. وآن أوان وحــــــــــــــــــــلّ فصــــــــــــلُهْ
ذوقُهْ تــراه مــرّْ والـــسبب فــــيه .. مـــا يــــرجع الـــــفرع إلا لأصـلـهْ(84)
وتمتاز لغة هذا الزجل بقربها من اللهجة المصرية العامية، وكثرة الصور البيانية فيها، «وكأننا بإزاء شاعر بارع يحسن تأليف الصور وإيرادها في موضع البراهين الساطعة»(85). وقد عرف المشارقة أنهم تفننوا في زجلهم في ألوان البديع المختلفة، كما يتضح في زجل علاء الدين بن المقاتل وغيره(86).
وتتضح الحكمة والموعظة عند تقي الدين ابن المغربي البغدادي في رسمه لنهج العلاقة مع الغير، بأن يتمسك الإنسان بمن يهواه، ويكون عبداً له ويطيعه، لا بمن يضيعه ويبيعه. وعليه أن يبتعد عنه، قبل أن يدركه الوقت، وفي ذلك تضمين للمثل الشعبي العامي الدارج، الذي يقول: «إللي ببيعك بيعه حتى لو بخسارة»، وينهي حديثه بحكمه مبيناً فيها أهمية الوقت للإنسان، فهو كالسيف إن لم يقطعه قطعك، فهو يقول:
لا تـــــهو من أضـــاعـــــــك                  لا كـــــــــــــان ولا استكـــــــــــان
واعـــــــتز بـــــــاقتناعـــــــــــك                    إنَّ الــــــــــــــــهوى هـــــــــــــــوان
كن عبد مَنْ أطـــــاعــــــكْ                  لا تنتظـــــــــــر فـــــــــــــــــــــــلانْ
فالوقت سيفْ مجـــــــــرّد                  قـــــــــــــاطع بيد بطــــــــــــــــــــل
والـــــــعاقل المـــــــــــــجرب                     يبطش بمن حصــل(87)
وكثيراً ما كان الزجالون يسيرون الأمثال في أزجالهم، ومن هذا الضرب قول: «شمس الدين محمد بن الطراح قيم الشام في بعض أزجاله:
شــــــــــــدة مــــــــــــا تــــــــــــدوم                  يــــــــــــــا بنــــــــــــي لا تـــــــــــــــــسوم
إن العُســــــــــــر شـــــــــــــــــــــــوم                 والسمــــــــــــــــــــــــاح ربــــــــــــــــــــــــاح
فإن في هذا البيت ثلاثة أمثال سيارة ولفظة يا بني لا تسوم يصلح أن يكون مثلاً رابعاً»(88).
وتتضح الحكمة والموعظة في زجل الغُبارى في عدم الاستهانة والاستخفاف في الناس، وبمعشر البسطاء، فقد يكونون أسطع نوراً في حلكة ظلام تمر بها أكثر من غيرهم ممن يبدو عليهم حسن الظهور، فالإنسان بجوهره لا بشكله. ويشبه الشاعر هؤلاء بالروض المليء بالأشواك، ومن تحتها الورود، وفي البحر الذي تعلو سطحه الرمم، ويترسب في قاعه الدرر(الجواهر الثمينة)، حيث يقول الشاعر:
لا تــــــــــــــــــــحتقر أيّ ابـــــــــــــــــــــــن آدم .. في طــــول حيــــــاتك ولا تــذمُّـــــــــــــــــهْ
كــــــم حــــــــــيّ خـــامــــــــــــل تقــول عـليه  ..  ما يعرف اسم البهيم من اسمـــــــهْ
وأن جيت صاحبته في يوم يبان لك  .. تظهر معارفه وينجلي علمــــــــــــهْ
ويشبه الروض حين يبدو شوكـــــــه ... والورد مستور   من تحت سِلّـــــــُهْ
والبحر تلقى الرِّمَمْ تعومْ بـــــــــــــــــــه ... والدرّ غايص مخلوط بِرَملُهْ( 89)
«وهي وصية نفسية أن لا يبادر الإنسان إلى الحكم سريعاً على شخص دون تبيّن حقيقته، ومعرفة جوهره»، وقد كان الغُبارى الرائد في هذا المجال من الزجل في زمنه(90).
وتحمل هذه الأبيات معنى قول المتنبي:
لا تحقّرن صغيراً في مخاصمةٍ...إن البعوضة تُدمي مقلة الأسد

3 - في المديح:
ولخلف الغُبارى زجل في مديح السلطان الأشرف شعبان(91)، وكان الملك الأشرف شعبان ابن حسين قد تولى السلطنة في مصر سنة 764هـ، بعد خلع الملك المنصور محمد من السلطنة(92). وكان شعبان هذا محبوباً من رعيته، وفيه يقول الغُبارى:
حُـــــــــبّ قـــــلبي شعـــــبان مــــــــــوفَّق  رشيـــــد
وجمــــــــــــــــالو أشـــــــــــرق ومــــــــــــــالو حــــــــدود
وأبــــــــــوه الــــــــــحسن وعـــمــــــــــه الــــــــحسين
وارث الملـــــــــــــــك مــــــــــن جــــــــــدود لـــــجدود
زَعِـــــــــق الـــــسعــــد بـــــين يَــــديك شـــــاويش
فــــــــــرح الـــــقلـــــب بــــــــــعد مـــــا كان حــزين
وَنَصـــــــــــَب لـــــك كــــــــــرسي على المــــــــملكة
وَظَهَــــــــــرْ لـــــك نصـــــره بفتحو المــــــــــــبين
والعصــــــــــايب من حــــــــــولك اشتــــــــــالتْ
خـــــفقت في الــــــــــركوب عـــــليك الـــــــــبنود
فـــــاحكم احــــــــكم في مصـــــر يا سلـــــــطان
فـــــجميع الـــــجنود لــــــــــحسنك جــــــــــنود( 93)
«ويريد الغُبارى أن السعد مثل بين يدي السلطان شعبان، مؤتمراً بأمره، ويقول أن العصابات أو جماعات الفرسان والرجالة، اشتالت أي رفعت البنود والأعلام كناية عن أنه أصبح في مصر صاحب الأمر والنهي والسلطان»(94).

لقد نظم الغُبارى الزجل في مناسبات عدة، فكان بمثابة شاعر البلاط الرسمي في زمنه، في العصر المملوكي، يؤرخ لوقائع السلطان في كل حدث، ومن ذلك تصويره لتلك الوقعة التي دارت بين العربان والمماليك(95)، وقد جرت هذه الوقعة سنة 681هـ، حيث «جاء إلى دمنهور جماعة من العرب يقدرون بخمسة آلاف بزعامة بدر بن سلام، فكبسوها، ونهبوا أسواقها وبيوتها وقراها، ولم يظفر بهم السلطان إلا بمكيدة ووشاية، وفي سنة 782هـ تحالف عربان البحيرة على العصيان، ونهبوا البلاد، فخرجت إليهم قوة فكسروها، ثم خرج نائب الإسكندرية ومعه عربان الغربية فكسروهم وألجأوا معظم هؤلاء العربان إلى الفرار نحو برقة»(96). ويصور الغُبارى هذه الوقعة في زجل له، حيث يقول:
جـــــا الــخَبرْ يوم الأربـعا         جــــــــــــا دمنهـــــور عـــرب خــدوا
وابـــــن ســــلام أمــيرهــــم           فبــــــــــرز أتيمـــــــــش ســـريــــــــــــع
وَعُـــــــدَد مــــــــــالها عـــــــــــــدد         حـــــــضوا مــــا التقــــــــــوا أحــــــــدْ
بـــــــــأنُّو في ليلـــــــــة الأحــد          ســـوقهــــــا وأخربـــــــوا البلـــــــــــد
هو الذي للجميع حشدْ         بممالــــــــــــــيك وجنــــــد نُـــــــــوَبْ
ويــــطلبوا لـهــــــــم طلـــــب        من جميع العربْ حضر(97 )

4 - في الرثاء:
وعندما توفي السلطان الأشرف، اتضح حزن خلف الغُبارى الشديد عليه(98)، فقد غاب السعد بغيابه، وانطفأ نور القلعة من بعده، وقد شبهه الشاعر وكأنه شمس الضحى، وقد أصابها الكسوف بغيابه، يقول الشاعر:
كوكب السعد غاب من القلعة     وَزُحَــــلْ قــــَدْ قـــــارَنْ المــــرّيــــــــخ
وهــــــلالو قد انطفا بأمان     لكسوف شمس الضُّحى شعبان( 98)
وفي سنة 764هـ، وقع الطاعون في بلاد الشام ومصر، ومات فيه كثير من الناس، «لكنه كان أخف من الطاعون الأول الذي كان في سنة تسع وأربعين وسبعمائة»(100)، وقد تناول هذا الحدث الكثير من الزجالين، فصوروه، ورثوا من هلكوا فيه من أهل مصر، فهذا بدر الدين الزيتوني يرثي غيابهم، وقد استسلم لحكم القضاء والقدر في الموت، الذي لا يستطيع أحد دفعه، وقد اختفوا عن أعين الأنظار، بعد أن كانوا كالأقمار في جمالهم وطلعتهم، فلتظل العين تدمع عليهم، والأهل يبكون ألماً وحسرة وحزناً على فقدانهم، يقول الشاعر:
وحّـــدوا مَـــنْ قـد حـكَمْ بـالموتْ      واحتجـــب عـــن الــعيون سبحانـــه
بـــــــــــــالمــــمات ربّ الـــــــــبشر لمّــــــــا       اختفوا في ذا الـــــــــوجود وأضحــــــوا
جـا أحـد مــنهم مـلامح كانوا      فــانــدبوا يـــا أهل الــــحمى وابـــكوا
واحــزنوا عـــلى الـذين مــاتوا         ونفــــــــــــذْ حكمـــــــــه بمــــــــا يـختـــــــــارْ
جـل مـن لا تــدركو الابــــصارْ       قــــد حـــكم بـــين الـكائنات بــأجمعْ
مـا لـهم مـن ذا الـقضا مَدْفعْ        شبـــــــــــه أقمـــــــــار الــــــــــبدور طلّـــــــع
واجـعلوا دمــع العيـون مِـدْرار      واختفــوا  عن أعين النظّـــــارْ(101 )

5 - في الوصف:
وامتد الزجل في العصر المملوكي لينظم فيه كبار شعراء العصر، فهذا النصير الحمامي المتوفى سنة 712هـ، يصف حمامه، وسوء أحواله، بلون من السخرية والتفكه الذي عهدناه عند الكثير من شعراء هذا العصر، فهم يسخرون من حرفتهم، وبيوتهم، مصورين في ذلك فقرهم، وسوء معيشتهم، فهو يقول:
حمـــــــــــام الأديـــــــب الــــعـــــــــارف        مـــــــــــا تجـــــــــري وَحــــــــــــــــــالَ واقـــــــفْ
بها أسطولْ وما فيه أسطــالْ        والمــــــــــــاء يتــــــــّزنْ بــــــــــالــقسطـــــــــالْْ
والعَمّـــــــــــال رأيـــــــــــــه بطَّــــــــــــال           والإسكنـــــــــــــــــــدرانـــي نــــــــــــــــــــــاشـــف
ومــــــا رأيــــــت فيـــــــهــا بــــــــــــــلاّن         يـــســـــــــــــــــــــرّح لأحــــــــــــد بإحســـــــــــــــان
والـــزبّال يعــــر القوســــــــــــــــــان        قال والخاتمة يتصالف.الخ( 102)
ويصف علاء الدين بن مقاتل (خياط) في زجل له، تظهر فيه السخرية والتفكه والتضمين من القرآن الكريم، جرياً على عادة شعراء العصر، فيقول: سبحان من جمّل هذا الخياط، وخلقه بهذا الشكل، الذي يستحق فيه الرّقية، بآيات القرآن البينة الواضحة، وبآية الكرسي. وقد أخاط له هذا الخياط ثوباً قصيراً، ولا ندري كيف طال بقدرة قادر، حتى ضاع فيه جسم ابن مقاتل السقيم الضعيف، وحاول عذوله أن يستقصي خبر هذا الثوب، فجاء مذبوح القلب، ناسياً ما قاله له الشاعر، يقول ابن مقاتل:
تهوى خياط سبحانك تبارك مـــن        بـــــــــــــالـــجمــــــــــال جملـــــــــــــــــــوا
بــــــالمفـصـــــــــــل وآيـــــــــــة الكرســــــــــــــــي           نــــــــــرقــــــــــى شكلــــــــــه الحلـــــــو
خاط لـــي ثوب سقـام قصــر نسجـو        طــــــــــــال بــــــــــــــحكم القـــــــــــدر
حــــــــتى إن البـــــدن لــضعفي ضــــــــاع          في عيـــــــــــــــــــــــون الإبـــــــــــــــــــــــــــــر
راح عـــذولـــــــــــــي يشكــلــــــــــو شكلــــــــــــو          ويــــــــــــــــــــقــــص  الــــــــــــــــــــــــــخبر
وجــــــا مذبــــــــوح القلـــــــــب متمــــــزق        ونــــسي إيـــش قــلــــت لـــه( 103)
ولا يجوز عند الزجالين تضمين آية من القرآن الكريم بنصها، حيث يقول الحموي في ذلك: «ومن الممنوعات عندهم تضمين آية من كتاب الله عز وجل، فقد نقلوا عن ابن قزمان أنه قال: «القرآن الكريم لا يكون إلا معرباً، والزجل لا ينبغي أن يدخله الإعراب، فمن ضمن آية من كتاب الله فقد زنم، وقد وجد له زجل في تهنئة بمولود مطلعه:
محســــن أخـــــلاقو تـــجد        مـــــــن يهنا بــــــــــــــولد
وقال في بعض أبياته:
اخبئــــــوه خــــــلف   الـستـــــــــــور
وأكثــــــــــــــروا  مــــن  الـنـــــــــــــذور
وأطلقــــــوا حـــــولو  البخــــــور
مـــــــن  حــــــــــوالــــــين  المـــــــــــــــهد        قــــل هــــو الله أحـــد(104).
لقد تأثرت الأزجال في القصيدة العربية في موضوعاتها وأغراضها الشعرية، ومعانيها، وأساليب التعبير، والتشبيهات وغيرها، «حتى ليصح القول بأن كل ما هنالك من فرق بين القصيدة العربية القديمة والأزجال هو اللغة فقط، فالأولى تنظم بلغة مُعربة، والثانية تنظم بلغة عامية»(105).

وتكمن أهمية هذا الفن الشعبي في المعاني والألفاظ والحكم والأمثال، التي تناولها الزجالون في أشعارهم، والمستمدة من واقع حياتهم، فعكست صورة واضحة لحياتهم، «بجدّها وهزلها، وأفراحها وأحزانها، واهتماماتها وهمومها»، وبهذا يكتسب الزجل «صفة الشعبية»؛ ليصبح فنّاً من فنون الأدب الشعبي(106).

 أوزان الزجل:
تنوعت أوزان الزجل وتعددت؛ لارتباطه بالغناء، وطرافة الموضوعات التي طرقها الزجالون في أزجالهم، والمعاني والأفكار التي عبروا فيها عن أغراضهم(107)، حتى قيل: «صاحب ألف وزن ليس بزجال، والمتأخرون من أهل هذا الفن يقولون إنه لم يتصل بهم أكثر من خمسين وزناً»(108). وبذلك لم يراع عمود الشعر العربي في الزجل؛ لأن الزجال لم يجمع «بين أصول الطرب، وصحة الوزن الموسيقي في زجله سوى مقدرته الفنية، وسلامة طبعه، فالزجل وإن كان قد بعد عن الوزن الشعري، إلا أنه اقترب، بل اصطبغ بالوزن التوقيعي»(109).
والأصل في الزجل هو خلوه من الإعراب الذي يعد «أكبر عيوب الزجل، بل محور رسمه وإخراجه من قاعدة المصنف الإعراب»(110)،  وقد ذكر ابن قزمان ذلك في مقدمة ديوانه عن الزجل، فهو يقول:
جــــــــــــردت فنـــــي مــــن الإعـــــــراب        كما يجرد السيف من القراب
فــــمن دخـــل علـــيّ مـــن ذا البــــاب       فــــقد أخطـــأ ومـــا أصــاب(111 )
وقد سموا ما أعرب من ألفاظ الزجل (مزنّم) (112). ومن أمثله ذلك في قول الغُبارى:
الـــــــــــــحمد  لله  الــــــــــــــــحميد المــــــــــجيد                 
 قـــــــادر ومعـــــــلا قـــــــدر مــــــــن مجّـــــدو
مقصــود وموجود في العدم والوجود
في الـــــسر والجهـــر أقصــــدو تـوجدو
فالربع الأول من المطلع السابق جاء شعراً صحيحاً معرباً، من البحر السريع، وقوله في الربع الثاني (قادر ومعلا قدر من مجدو)، فهذا منوال الزجل، وبقوله: «ومعلا شرع الزجل في الوزن والرسم، فإنه لو قال وما أعلى أتى بهمزة القطع التي هي من أكبر عيوب الزجل، ومن الممنوعات عندهم الانتقال من كللي إلى قمري، وهو الخبن عند العروضيين، كالانتقال من فاعلن إلى فعيلن، فإن كان في الحشو جاز، وإن كان في القافية التي هي العروض والضرب عده الزجالة خطأ في الوزن، كقول الأمشاطي في بعض مطالعه:
يــــــــــــا قلبي الــــــهوى طيعـو وطيع أمـــــــره
 وعصــــب مـــــن رجـــع لـك في المحبة يلوم
وإن كــــان مـــن تحبو بعــــد وصلــو هجــــــر
 كن صابر فلا ذاك دام ولا ذا يدوم(113 )
ولا تعني حرية الزجال في تنوع أوزانه وقوافيه خلوه «من القيود والنظم الرتيبة»(114)، فالزجل فنّ غنائي يسير في وزنه على حسب ما يتفق مع الغناء، لا يلتزم في ذلك بحور الشعر المعروفة، وهو في محاكاته اللفظية يعتمد على صور الحياة الشعبية، فيستقي منها ألفاظه وتراكيبه، ثم يبرزها في صورة فنية»(115).
فالزجل في أول نظمه كان عبارة عن «قصائد وأبيات محررة في أبحر عروض العرب بقافية واحدة، كالقريض، لا يغايره بغير اللحن واللفظ العربي، وسموها القصائد الزجلية، ومن ذلك قول أبي عبد الله مدغليس في قصيدة له على بحر الرمل، ومطلعها:
الهـــــــوى حملني مــــا لا يحتمــــــل
  تــــرد الحق ليس لمن يهوى عقل
ليس نقع في مثلها ما دمت حــــي
   إن حماني من ذا تأخير الأجل
ومنها قوله:
اشتغــــــــل قــلبــــــي بـــــذا العشــــق زمــــــــان
فسقط لي نقطة العين واشتعل( 116)
ولما كثرت هذه القصائد، واختلفت أوزانها وتفرعت، عدلوا عن الأوزان العربية الواحدة، حتى صار الزجل فنّاً مستقلاً بذاته(117).
وقد عد علماء الزجل الزحافات العروضية خطأ في الوزن، وإن كانت جائزة في الشعر، وزادوا على بحور الشعر التي هي ستة عشر بحراً من الأوزان ما لا ينحصر، ويقول الشيخ عز الدين الموصلي في بعض أزجال ابن حجة الحموي: «فإن الزجل أوزانه ما انحصرت عدداً، وسبله متشعبة، فهو تتلو طرائق قددا، قال الشاعر:
ولــــــــــه محاسن كلهن بدائع        ولـــــــــــه جمــــــوع فرقــــت وطــــــرائق
فكأنه الثوب المجندر طرفـــه      لا تستقيم وفيه معنى رائق(118 )

الخاتمة:
النتائج والتوصيات:
كانت أهم النتائج التي توصلت إليها في بحثي هذا:
أن الزجل الشعبي فن، ذاع وانتشر في العصر المملوكي، وإن كانت بدايته قبل هذا العصر، ونظم فيه كثير من الشعراء المشهورين، وبرز فيه زجالون كبار، من أمثال علاء الدين بن المقاتل، وخلف الغبارى، وغيرهم، وطرقوا فيه أغراضاً شعرية مختلفة.
إلا أن ما كتب حول هذا الموضوع، يظل شيئاً لا يذكر بالقياس إلى ما نظم، فالفنون الشعرية الشعبية في هذا العصر، وخاصة الزجل بأنواعه، تحتاج إلى دراسات عدة، لنفض الغبار عن تراث قديم مدفون، يحتاج منا إلى المزيد من الدراسة والبحث، في حقبة زمنية، لم يولها الدارسون حقها في البحث والدراسة، أسوة بغيرها من العصور التاريخية.

 

الهوامش

1.    سلام، محمد زغلول، الأدب في العصر المملوكي، دار المعارف بمصر، ط3، 1994، ج1، ص:301 .

2.    نفسه، ج1، ص:301.

3.     باشا، عمر موسى، الأدب في بلاد الشام عصور الزنكيين والأيوبيين والمماليك، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان، دار الفكر، دمشق، سورية، ط1، 1409هـ/1989م، ص:600.

4.    حسين، علي صافي، الأدب الصوفي في مصر، ابن الصباغ القومي، دار المعارف بمصر، (د.ت)، ص:44 .

5.     سلام، محمد زغلول، الأدب في العصر المملوكي، ج1، ص:301 .

6.     نفسه، ج1، ص:302 .

7.     نفسه، ج1، ص:302. نقلاً عن العاطل الحالي لصفي الدين الحلي، ص:8 .

8.    نفسه، ص:302 . نقلاً عن العاطل الحالي، ص:8.

9.    نفسه، ج1، ص:313 .

10.     عباس، إحسان، تاريخ الأدب الأندلسي، عصر الطوائف والمرابطين، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1997، ص:203.

11.     حسين، صافي، الأدب الصوفي في القرن السابع الهجري، دار المعارف بمصر، 1964، ص:177 .

12.    الحموي، ابن حجة، بلوغ الأمل في فن الزجل، ص:28  نسخة إلكترونية: www.al-mostafa.info/data/arabic/depot/gap.php?file=001362...al...pdf. .

13.     الحموي، ابن حجة الشيخ تقي الدين أبي بكر علي، خزانة الأدب، شرح عصام شعيتو، دار ومكتبة الهلال، بيروت، لبنان، ط2، 1991، ج1، ص:90.

14.     ابن منظور، لسان العرب، مادة زجل(نسخة إلكترونية) www.alwaraq.net/core/waraq/coverpage?bookid=89&option=1 .

15.    الحموي، ابن حجة، بلوغ الأمل في فن الزجل، نسخة إلكترونية، ص:40 .

16.     الصباغ، مرسي، قراءة جديدة في الشعر العربي، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الإسكندرية، 2002، ص:68. نقلاً عن العاطل الحالي، ص:9.

      ينظر: الحموي، ابن حجة، بلوغ الأمل في فن الزجل، ص:40- نسخة إلكترونية.

17.     نفسه، ص:395 .

18.     التلمساني، المقري، نفح الطيب، ج4، ص:24 .

19.     ابن خلدون، المقدمة، ص:441 .

20.     ابن خلدون، المقدمة، ص:441 .

21.    الرافعي، مصطفى صادق: تاريخ آداب العرب، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، 1394هـ/1974م، ج3، ص:172 .

22.     ابن خلدون، المقدمة، دار ابن خلدون، الإسكندرية، (د.ت)، ص:441-442 .

23.     عتيق، عبد العزيز، الأدب العربي في الأندلس، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان، ص:405 .

24.     عباس، إحسان، تاريخ الأدب الأندلسي-عصر الطوائف والمرابطين، ص:206.

25.     نفسه، ص:205.

26.     نفسه، ص:206.

27.     عتيق، عبد العزيز، الأدب العربي في الأندلس، ص:396-397.

28.     نفسه. ص:398.

29.     باشا، عمر موسى، الأدب في بلاد الشام عصور الزنكيين والأيوبيين والمماليك، ص:629.

30.    الرافعي، مصطفى صادق: تاريخ آداب العرب. ج3 ص:172 .

31.     سليم، محمود رزق، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي، مكتبة الآداب ومطبعتها بالجمافير، دار الحمامي للطباعة، ط1، 1385هـ/1965م، ص:508

32.     نفسه.

33.     نجم، السيد، العصر المملوكي كان مفصلياً في نشأة فن الزجل على اللسان العامي المصري، http://faculty.ksu.edu.sa/D.weaam/Doclib/...  

34.    يوسف، خالد إبراهيم، الشعر العربي أيام المماليك ومن عاصرهم من ذوي السلطان، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان، ط1، 2003، ص:212.

35.     عتيق، عبد العزيز، الأدب العربي في الأندلس، ص:399.

36.    ابن خلدون، المقدمة، ص:442.

37.     الرافعي، مصطفى صادق، تاريخ آداب العرب، ج3، ص:173 .

38.     نفسه، ج3، ص:173 .

39.     نفسه، ج3، ص:173 .

40.    عتيق، عبد العزيز، الأدب في الأندلس، ص:356.

41.     ابن خلدون، المقدمة، ص:443.

42.     يوسف، خالد إبراهيم، الشعر العربي أيام المماليك ومن عاصرهم من ذوي السلطان، ص:213.

43.    نفسه، ص:213. عتيق، عبد العزيز، الأدب العربي في الأندلس، ص:403.

44.     يوسف، خالد إبراهيم، الشعر العربي أيام المماليك ومن عاصرهم من ذوي السلطان، ص:215. 

- ينظر: الحموي، ابن حجة، بلوغ الأمل في فن الزجل، ص:40.

45.    يوسف، خالد إبراهيم، الشعر العربي أيام المماليك ومن عاصرهم من ذوي السلطان، ص:219.

46.     عتيق، عبد العزيز، الأدب العربي في الأندلس، ص:403 .

47.     باشا، عمر موسى، الأدب في بلاد الشام عصور الزنكيين والأيوبيين والمماليك، ص:640. نقلاً عن العاطل الحالي، ص:98-99 .

48.    لحموي، ابن حجة، خزانة الأدب، ج1، ص:90 .

49.     نفسه، ج1، ص:91 .

50.     نفسه، ج1، ص:91 .

51.    الحموي، ابن حجة، بلوغ الأمل في فن الزجل، ص:16 .

52.     نفسه، ص:17 .

53.     نفسه،  ص: 17.

54.     يصاب بالعطب والهلاك.

55.     الحموي، ابن حجة، خزانة الأدب، ج1، ص:94 .

56.     نفسه، ج1، ص:95 .

57.     نفسه، ج1، ص:95 .

58.     الكتبي، محمد بن شاكر، فوات الوفيات، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، (د.ت)، ج2، ص:396 .

59.     نفسه، ج2، ص:396 .

60.    باشا، عمر موسى، الأدب في بلاد الشام عصور الزنكيين والأيوبيين والمماليك، ص:637. 

61.    نفسه، ص:637 .

62.     نفسه، ص:640 .

63.    الرافعي، مصطفى صادق، تاريخ آداب العرب، ج3، ص:174. 

64.    نفسه، ج3، ص:175. 

65.     ضيف، شوقي، تاريخ الأدب العربي(7)-عصر الدول والإمارات، مصر، دار المعارف، القاهرة، ط4، 1990، ص:393 .

66.     الجمال، أحمد صادق، الأدب العامي في مصر في العصر المملوكي، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، 1385هـ/1966م، ص:95 .

67.    الإبشيهي، شهاب الدين محمد بن أحمد أحمد أبي الفتح، المستطرف في كل فن مستظرف، المكتبة التوفيقية، ص:533 .

68.    المرجع السابق نفسه، ص:534 .

69.    نفسه، ص:535 .

70.     ينظر: نفسه، ص:533-538 .

71.    ضيف، شوقي، تاريخ الأدب العربي(7)-عصر الدول والإمارات، ص:388 .

72.    المرجع السابق، ص:388، نقلاً عن العاطل الحالي، ص:109 

73.     الحموي، ابن حجة، خزانة الأدب، ج1، ص:91.

74.    باشا، عمر موسى، الأدب في بلاد الشام عصور الزنكيين والأيوبيين والمماليك، ص:630 .

75.    حسين، علي صافي، ابن دقيق العيد-حياته وديوانه، دار المعارف، مصر، ص: 109.

76.     الكتبي، محمد بن شاكر، فوات الوفيات، ج3، ص:32 .

77.     نفسه، ج3، ص:34 .

78.    سلام، محمد زغلول، الأدب في العصر المملوكي، ج1، ص:312 

79.    ينظر: الحموي، ابن حجة، بلوغ الأمل في فن الزجل، ص:37 .

80.     سلام، محمد زغلول، الأدب في العصر المملوكي، ج1، ص:312 .

81.    الأتابكي، يوسف بن تغري بردى، المنهل الصافي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، تحقيق: محمد محمد أمين، تقديم: سعيد عبد الفتاح عاشور، 1984، ج1، ص:188 .

82.    الحموي، ابن حجة، بلوغ الأمل في فن الزجل، ص:35 .

83.     ضيف، شوقي، تاريخ الأدب العربي(7)-عصر الدول والإمارات-مصر-، ص:394-395 .

84.     نفسه، ص:395 .

85.    الرافعي، مصطفى صادق: تاريخ آداب العرب. ج3، ص:73 .

86.    لكتبي، محمد بن شاكر، فوات الوفيات، ج3، ص:35 .

87.     الحموي، ابن حجة، بلوغ الأمل في فن الزجل، ص:30 .

88.    ضيف، شوقي، تاريخ الأدب العربي(7)-عصر الدول والإمارات-مصر- ص:395 .

89.    نفسه، ص:395 .

90.     ضيف، شوقي، تاريخ الأدب العربي(7)-عصر الدول والإمارات-مصر-، ص:394 .

91.     بردى، يوسف بن تغري، أبو المحاسن جمال الدين، النجوم الزاهرة، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب، مصر، ج11، ص:17 .

92.      ضيف، شوقي، تاريخ الأدب العربي(7)-عصر الدول والإمارات-مصر-، ص:394 .

93.     نفسه، ص:394 .

94.     سلام، محمد زغلول، الأدب في العصر المملوكي، ج1، ص:314-315 .

95.     الهمامية في كتاب العرب والعروبة. www.alwaraq.com 

96.    ضيف، شوقي، تاريخ الأدب العربي(7)-عصر الدول والإمارات-مصر-، ص:394 .

97.     نفسه، ص:388 .

98.     نفسه، ص:388 .

99.    بردى، ابن تغرى، النجوم الزاهرة، ج 11 ، ص:17 .

100.    سلام، محمد زغلول، الأدب في العصر المملوكي، ج1، ص:314 .

101.     ينظر: الكتبي، محمد بن شاكر، فوات الوفيات، ج4، ص:215-216.

102.     الحموي، ابن حجة، خزانة الأدب، ج1، ص:314 .

103.    لحموي، ابن حجة، بلوغ الأمل في فن الزجل، ص:15 .

104.    عتيق، عبد العزيز، الأدب العربي في الأندلس، ص:411 

105.    نفسه، ص:411 .

106.    لصباغ، موسي، قراءة جديدة في الشعر العربي، ص:69 

107.    الرافعي، مصطفى صادق: تاريخ آداب العرب. ج3، ص:174 

108.    الجمال، أحمد صادق، الأدب العامي في مصر، ص:121 .

109.    الحموي، ابن حجة، بلوغ الأمل في فن الزجل، ص:3 .

110.     نفسه، ص:3 .

111.    نفسه، ص:3 .

112.    نفسه، ص:24 .

113.    سليم، محمود رزق، عصر سلاطين  المماليك ونتاجه العلمي والأدبي، م7، ص:508.

114.    الجمال، أحمد صادق، الأدب العامي في مصر، ص:119 .116 - لحموي، ابن حجة، بلوغ الأمل في فن الزجل، ص:26 .

115.    نفسه، ص:26 .

116.     نفسه، ص:24 .

المصادر والمراجع

•    الإبشيهي، شهاب الدين محمد بن أحمد أحمد أبي الفتح، المستطرف في كل فن مستظرف، المكتبة التوفيقية.

•    الأتابكي، يوسف بن تغري بردى، المنهل الصافي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، تحقيق: محمد محمد أمين، تقديم: سعيد عبد الفتاح عاشور، 1984، ج1.

•    باشا، عمر موسى، الأدب في بلاد الشام عصور الزنكيين والأيوبيين والمماليك، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان، دار الفكر، دمشق، سورية، ط1، 1409هـ/1989م.

•    بردى، يوسف بن تغري، أبو المحاسن جمال الدين، النجوم الزاهرة، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب، مصر، ج11.

•    التلمساني، الشيخ أحمد بن محمد المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق: إحسان عباس، ج4، دار صادر، بيروت.

•    الجمال، أحمد صادق، الأدب العامي في مصر في العصر المملوكي، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، 1385هـ/1966م.

•    حسين، صافي، الأدب الصوفي في القرن السابع الهجري، دار المعارف بمصر، 1964.

•    حسين، علي صافي، ابن دقيق العيد-حياته وديوانه، دار المعارف، مصر.

•    حسين، علي صافي، الأدب الصوفي في مصر، ابن الصباغ القومي، دار المعارف بمصر، (د.ت).

•    الحموي، ابن حجة الشيخ تقي الدين أبي بكر علي، خزانة الأدب، شرح عصام شعيتو، دار ومكتبة الهلال، بيروت، لبنان، ط2، 1991، ج1.

•    ابن خلدون، المقدمة، دار ابن خلدون، الإسكندرية، (د.ت).

•    الرافعي، مصطفى صادق: تاريخ آداب العرب، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، 1394هـ/1974م، ج3.

•    سلام، محمد زغلول، الأدب في العصر المملوكي، دار المعارف بمصر، ط3، 1994، ج1.

•    سليم، محمود رزق، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي، مكتبة الآداب ومطبعتها بالجمافير، دار الحمامي للطباعة، ط1، 1385هـ/1965م.

•    الصباغ، مرسي، قراءة جديدة في الشعر العربي، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الإسكندرية، 2002.

•    ضيف، شوقي، تاريخ الأدب العربي(7)-عصر الدول والإمارات-مصر-، دار المعارف، القاهرة، ط4، 1990.

•    عباس، إحسان، تاريخ الأدب الأندلسي، عصر الطوائف والمرابطين، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1997.

•    عتيق، عبد العزيز، الأدب العربي في الأندلس، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان.

•    الكتبي، محمد بن شاكر، فوات الوفيات، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، (د.ت)، ج2.

•    يوسف، خالد إبراهيم، الشعر العربي أيام المماليك ومن عاصرهم من ذوي السلطان، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان، ط1، 2003.

مواقع إلكترونية

•    العصر المملوكي كان مفصلياً في نشأة فن الزجل على اللسان العامي المصري: نجم، السيد http://faculty.ksu.edu.sa/D.weaam/Doclib/..  

•    الحموي، ابن حجة، بلوغ الأمل في فن الزجل.  نسخة إلكترونية: www.al-mostafa.info/data/arabic/depot/gap.php?file=001362...al...pdf. .

•    www.alwarraq.com موقع إلكتروني، (مكتبة الوراق)، الهمامية في كتاب العرب والعروبة.

•    ابن منظور، لسان العرب، مادة زجل(نسخة إلكترونية) www.alwaraq.net/core/waraq/coverpage?bookid=89&option=1 .

•    نجم، السيد، العصر المملوكي كان مفصلياً في نشأة فن الزجل على اللسان العامي المصري، http://faculty.ksu.edu.sa/D.weaam/Doclib/.

مصادر  الصور

1.     http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/e/ec/1004-CoffeeSceneCairo18th.jpg

2.    www.wikipedia.org

3.    www.wikipedia.org

4.    https://fashionblogwordpess83.files.wordpress.com/2014/04/daher_el-omar_001.jpg

5.    http://museumsalama.com/vb/uploaded/2_11260395455.jpg

6.    http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/2/20/Mamluk.jpg

 

أعداد المجلة