فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

الفرس والإنسان

العدد 30 - لوحة الغلاف
الفرس والإنسان
كاتب من تونس

الفرس والإنسان تاريخ طويل من الصحبة والتواشج  والطريق المشترك المفعم بالأداء المبدع. في لحظات الشدة والمحن وأوقات اليأس والخوف كانت صهوة الفرس الملاذ والمنجاة. وفي لحظات البهجة والفرح وأوقات الشوق والرجاء كانت محمل الفتى إلى السعادة يدركها أويعرب عنها. يرقص إذا طرب صاحبه ويشكو إذا تألم في تماه عجيب يكاد أحدهما أن يكون بديلا عن الآخر.

وكان من تمام الفتوة عندهم واكتمال الرجولة أن يكون المرء خبيرا بالخيل ثابتا على ظهورها، حاذقا بشؤونها عارفا بما يجوز معها وبما لا يجوز حتى إذا روضها ارتاضت. وإذا دربها على حركات استجابت لها فوق ماكان يتوقع منها. وكلما كانت خبرته بها أوسع استطاع أن يدرك من مهارتها ورشاقتها مايقوم دليلا شاهدا على مهارته في فنون الفروسية وركوب الخيل. فجيادها لاتدرك الجودة إلا بفضل فارس ماهر يفطن إلى نفاستها في جنسها وينتبه إلى ما ينبغي لها حتى تفصح  عن أسرار الجودة فيها. إن كرام الخيل لايسعهاالإبانة عن مزاياها إلابفضل كرام الرجال. لا يقتصدون في الإغداق عليها فلا تُقصّر في الاستجابة إلى فنون فروسيتهم. لذلك كانت مشاهد الفروسية لوحات من الفن الراقي الذي لايقف الإبداع فيه عند حد. لوحات يدرك فيها انقياد الجواد لصاحبه درجة تمكنهما معا من تجسيد الأداء المبدع الذي يبرز أن الفروسية إنما هي فن من الفنون.

فَرسان ينطلقان جنبا إلى جنب يكادان يسبحان سباحة في جهد رسمته معالم وجهيهما. لكن الفارسين يطمئنان فوق صهوتيهما. يتعانقان كأنهماعلى صعيد مطمئن.
     ما أكثر اللوحات التي يرسمها الفرسان فوق صهوات الخيل وهي في أوج انطلاقها .مدادها حركات تأخذ بالأبصار وتخطف الإعجاب. وتقوم دليلا على أن الفروسية فن، أفق الإبداع فيه ممتد إلى مالا نهاية.

أعداد المجلة