الإبل والإنسان
العدد 30 - لوحة الغلاف
ما نعرفه عن الجمل العربي، أنه ظل دائما طوع بنان الإنسان، يحمله مع ما لديه من الأثقال عابرا الفيافي والقفار محتملا بقدرة إلهية عجيبة حرارة الشمس والعطش لفترات طويلة. اعتمدت عليه القوافل التجارية في الأماكن المجدبة الوعرة التي لا تتوفر فيها وسائل المواصلات. واستخدم في أغلب البلاد العربية للنقل وحمل الأثقال والعمليات الزراعية، واستخدم في البحرين لنقل قرب الماء من العيون إلى بيوت الأحياء الشعبية.
اشتهرت الإبل عند العرب ثروة يقاس بأنواعها النادرة وبأعدادها وألوانها ثراء القبائل ومقدار ما يملك الأفراد. وتستخدم الإبل عند البدو قديما مهورا للزواج ومقايظة الأمتعة وتبادل المصالح، إلى جانب أكل لحومها كغذاء، ففي المملكة العربية السعودية وغيرها مطاعم تختص بتقديم وجبات من لحوم صغار الإبل.
وقد نشأت بين الإنسان والجمل علاقة ود حميمة، فهو رفيق مفيد ومطواع للسفر والترحال، يطربه الحداء ويرسم على تواقيعه الوزنية واللحنية الخطوات، فللإبل أنواع معروفة في طريقة المشي أو الجري، لها أسماء شهيرة عبّر عنها تراث الشعر النبطي باعتداد.
وفي يومنا هذا ما زالت للإبل مكانة أينماحل بدوي، وقد شجعت بعض الدول في الخليج العربي تربية الإبل، ونظموا لها مهرجانات السباق بجوائز مالية كبيرة، مما شجع المربين وعلْية القوم على اقتناء أجود الأنواع بأغلى الأثمان، والتنافس على رعايتها وتدليلها، حتى وصل سعر أندر أنواعها إلى ملايين الدراهم بدولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر.
ويحكى عن الجمل أنه مسالم ودود، و وفي وفاء نادرا لصاحبه، إلا أنه لا ينسى الإساءة والقسوة في المعاملة ولا يقبل تكرار الإهانة، وقد يضمر الشر وينتقم ممن أساء إليه.
وعلى الغلاف الأول من هذا العدد صورة فوتوغرافية بعدسة الفنان العماني ماجد العامري لراع صغير يجمع في يده مطمئنا حزمة من أعنة الإبل التي تقف خلفه بشموخ واستسلام، يعبر عما بين الجمل والانسان رغم كل شيئ من ألفة وود.