فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

البناء الشّكلي للقصيدة الشعبية الجزائرية

العدد 28 - أدب شعبي
البناء الشّكلي للقصيدة الشعبية الجزائرية
كاتب من الجزائر

لم تكن قصيدة الشعر الشّعبي الجزائري تخوض شكلا معقداً في الجانب الهيكلي والبنائي بل كانت تتميز بالبساطة والمرونة، وهو ما يبرز مدى تأثر هذا الشعر بالشّعر العمودي، البيتي الخليلي الفصيح، ومهما يكن فإن القصيدة الشّعبية مبنية على وحدة أساسية هي الشطر فقد تختلف القصائد من حيث بنية الأبيات والفقرات التي تكونها هذه الأبيات أو الأشطر أوالفقرات وتكون مختومة ومنتهية غالبا بقافية. وعليه سنقوم بعرض أهم وأبرز الأشكال البنائية للقصيدة الشّعبية الجزائرية، مراعين طبعًا الاختلاف في تسمياتها من منطقة إلى أخرى، 

 فهذه الأشكال ليست كلّها، بل سنحاول أن تكون بداية للبحث والتنقيب عن أشكال أخرى لم نصل إليها، وفي هذا السياق نقول إن شعراء الشّعبي أبدعوا قصائد اختلفت أشكالها وأبنيتها فمن أبرزها:
1 - المبيّــت: وهوما يعرف عند كل الشعراء الشّعبيين، وهوشكل يبنى على شطرين متقابلين وتكون هناك قافيتان واحدة في الشطر الأول والثانية في الشطر الثاني،طبعا حتى نهاية القصيدة، وهذا الشكل الشعري موجود في كل أنحاء الوطن وقد كتب فيه الشعراء الشعبيون قديما وحديثا ولا زالوا، وكنموذج على ذلك نذكر مثلا.الشاعر عبد الله بن كريو:
جيت نوسع خاطري ضيق عشية
الشطر الأول – صدر البيت
زدت عليه هموم من نظرات اصعاب
الشطر الثاني – عجز البيت
رفيقي ماله خبر صاحب نيــه
قافية الشطر الأول
ماهوداري بالبلا ما شاف عـذاب(1)
قافية الشطر الثاني

2 - مكســور الجناح (المفرد): وهو عبارة عن شكل تبتدئ فيه القصيدة بشطر، يُتبع بأربع أشطر أوثلاثة، تسمى ريالات، ثم يأتي بيت ويكون وزنه على اللازمة التي تليه وتعاد بعد كل قسم من أقسام القصيدة. ومعنى مكسور الجناح أيْ أنّ أحد جناحي القصيدة حذف من البيت الأول الذي تبتدئ به القصيدة مثال ذلك ما نظمه حليم طوبال(2)في قصيدته باسم الكريم حين يقول:  
بسم الكريم فال نظامي طول الزمان
وصلاة الحبيب خـزنة ديـواني
فاقـت اخـــزايــن العثماني
فايق عــن كل معـاني
عليك صلى وسلم رب الرحماني
يامول الـتاج يا خـاتم لدياني
طـلب بن عدنـاني3
ــــــــ ن
ـــــــــ ي  -  ي
ــــــــ ي

3/التشــحيرة:نسبة لكلمة شِحْر ومعناه ساحل البحر، أما في الاصطلاح الشعري فيقصد به حافة وجانب نهاية الشطر الأول من البيت “الفراش”، والشطر الثاني “ الغطاء” وهوشكل إما يكون في الثلاثي أوالمثنى، حيث يبدأ فيه الشاعر بثلاث أوأربع أبيات تليه اللازمة، بعدها تأتي الريالات، وهكذا تتابعاً إلى أنْ تنتهي القصيدة، مع العلم أنّ التشحيرة تكون بعد شطرين أوشطر:
بسم العلام بديت ننظم
                    وانصيــغ بحـــر النظــــام      
          مـــــي ميــــــــرة لـــريـــــــام
عـدرا بالنبل كيف قاست قلبي بسهم لـحداق
من المعمول كيف نعـــــزم
    وانشـالـــــــــي فــاللــطـــــــام
          مـــــي ميــــــــرة لـــريـام
جرحني سهـمـهـا أمـكـن ادخالـي والسـفـاق
بعساكرها صوت عــــادم
       ومــحــــــــــــاور الغـــــــرام
          مـــــي ميــــــــرة لـــريـام
لا لي قـوة ضعيف ناحل والخاطـر فيّ اضـياق
وحيد مغرب يا حبابي
        والـع فـي خلوقــي وحيـد
فريد امحـن يا عجابي
        تايـه فــي دنيتــي فــريـد
لا ليا سنيد غـيـر ربــي
            لا للــعــبـد كيفــــو سنـــيـــد(4)
ــــــ م ــــــ م  ــــــ م  ــــــ ق
ــــــ م ــــــ م  ــــــ م  ــــــ ق
ــــــ م ــــــ م  ــــــ م  ــــــ ق
ــــــــ ي ــــــــ  د
ــــــــ ي  ــــــــ د

أوكقول الشاعر لخضر بن خلوف:
يازين القد يا كريم الأجــدادي آه يا الهادي يا كانت مسلك العديم سيدي محمد الحليم
من نوروكل نور متشعشـع قاديآه يا الهادي   مصباح الخير والنعـيم سيدي محمد الحليم
الحرم الحرم يا أحمد سور اسـنادي آه يا الهادي هنيني ساعة السقـيم سيدي محمد الحليم(5)الريشة
ـــــ دي ـــــ دي ـــــ م ـــــ م
ـــــ دي ـــــ دي ـــــ م ـــــ م

وهناك شكل آخر هوالتشحيرة بدون ريالات ومثال ذلك:         
مال الدامي غير شارد واغيابوطال زاد غيب يالطالب
بعد ما كنت في اهواه والع ليلي وانهاري
اهجر رسمي والمراكح اتنوح اعليه راح غيب  يالطالب
ليمتى يضفر بالوصول أيدرك اعذاري
أنا المجفي في اغرامووابقيت في ذا الجفى منكب يا الطالب
ما اقديت عن احراب جيشوما اقدرت انداري
ـــــ ب
ـــــ ي
ـــــ ب
ـــــ ي

4 - بوحــرفين أوالقسيم:وهوشكل شعري شعبي عرف عند أغلب الدارسين، حيث(( يشطر فيه البيت الشعري إلى شطرين طويلين، ويرد أغلبه على شكل مقاطع من ثمانية أبيات إلى خمسة عشرة بيتا..))(6). كما يُعرف القسيم بتسميات تختلف باختلاف الأقطار العربية، ففي مصر يعرف بالبدوي لأنه الشكل المستعمل كثيراً عند أهل البدو، وقد عرف عند شعرائنا الشعبيين خاصة سكان البوادي في الجنوب الجزائري، ويتميز بخفة الحركة، ووحدة الإيقاع، كما يسمونه العروبي، نسبة إلى الأعراب أي سكان البادية والريف.
    وهو((نوع من الشعر يبنى أيضاً على شكل القصيدة العربية العمودية إلا أنّ الشعراء يلتزمون فيه وحدة القافية في كل من العمودين، لكنّ الروي في العمود الأول ليس هوالروي نفسه في العمود الثاني، أي أن وحدة القافية والروي يلتزمها الشعراء في كل عمود على حدة..))(7).
ويعتمد على الحرفين المختلفين في القافيتين من الشطرين الأول والثاني وهوالآخر شكل قد تختلف تسميته من منطقة إلى أخرى، وكنموذج على ذلك ما قاله بن حرزالله بن الجنيدي:
اصبر يا قلبي اتواتيك الصــبرا
 في ذا الدنيا الصامطة والدهرالطويل(8)
 ـــــ را  ـــــ ل
ويعرف هذا الشكل أيضا في مناطق الجنوب الجزائري باسم القسيم أي مقسمة شطرين.

5 - المثلــث:يعد المثلث أحد الأشكال الشّعرية، التي انتشرت في تراثنا الشّعبي عند بعض الشعراء، ولعلّ السبب يعود لصعوبة نظمه وضبط ميزانه، إذ يحتاج إلى ملكة لغوية وحسن بديهة لخلق التوافق بين الأشطر الثلاثة المتتالية.
ويتشابه المثلث مع الربوعي في الخصائص والمميّزات، ويختلف عنه في عدد الأشطر في كل بيت، إذ المثلث تندرج فيه ثلاثة أشطر فقط، حيث يتحد الشطران الأول والثاني في القافية ويخالفهما الشطر الأخير في القافية.
وهوشكل من أشكال الشعر الشّعبي في منطقة واد سوف وما جاورها ويتميز هذا الشكل من الشعر بدقة في وزنه وصعوبة في تناسق أشطره الثلاثة ففيه ثلاث أشطر:
صدر، وسط، عجز ومنها أخذ تسميته المثلث. وتكون القافية موحدة في الأشطر الثلاثة ولا تكمن الصعوبة في الصدر ولا العجز بل في العمود الأوسط والذي غالبا ما يكون خبرا لما قبله ومبتدأ لما بعده وهذا يعرف بالمثلث المطلوق.
كما يوجد هذا الشكل في بئر العاتر في تبسة ويسمونه مردف ويوجد أيضا في ليبيا وتونس ومصر، ويُغنى محليا هذا الشكل على وزن الردس مثله مثل وزن المحدور ووزن الضحضاح، حيث يغنيه الرجال وترقص عليه البنات رقصة النخ، يقول الشاعر عبد المجيد عناد ناظماً(9)على هذا الشكل:
أبطال الثورة أبطال أشداد
         رجـــــــــــــــال أزنـــــــــــــاد
        ليهم كـــل الكــون شاهــد
تحكي الجبال والـغراد(10)
         وحــــــجـــــر الــــــــــــــواد
        وكل شبر من الوطن يعد
لا ايهابوا قوة ولا عناد           (صدر)
 كثــــــــــــر أعـــــــــــداد                (وسط)
  أيهبوا كان الظيم اشتـد(11)   (عجز)
ـــــــــ د        ـــــــــ د        ـــــــــ  د
ـــــــــ د        ـــــــــ د        ـــــــــ  د
ويتواصل بناء القصيدة المثلثة على هذا الشكل والبناء حتى آخر القصيدة.  
  
6 - المثـلث باللازمة(12):وهوشبيه بالمثلث ولكن مع إضافة اللازمة التي تكون في بداية القصيدة ووسط آخرها ولهذا الشكل نفس خصائص المثلث.
يقول الشاعر عناد:
فرح عزمنا له وجمـلنا
دق طبوله حين وصلنا  
فرح جمعنا بدو وحضر    ربيــع وزهـــــر
   في عام من الشتا ومطر
فرح عزمنا له وجملنا
دق طبوله حين وصلنا
وهذا النمط من الشعر الشعبي أبدع فيه كثير من شعراء سوف وما جاورها وبعض مناطق تبسة من الذين كتبوا فيه حمادي الساسي في قصيدته الموسومة بعيد النصر.

7 - بورجــيلة(13):وهوأحد أشكال الشعر الشعبي السوفي وأيضا نجده في الجنوب الشرقي من الوطن ويتكون من اللازمة، وعدة أشطر قصيرة كل شطر في قافية ويعود إلى اللازمة مثلما أبدعه عناد بقوله:
كل وطن عنده ميزته والباسه
يحـافظـــو يحمــــوه إلا ناســـــه
لباسـنـــــــــا والألــوانـــــــــه
             التقليـدي سوى لرجالناأنسانـا
كل حد منا بجيهته وامكانه
           ايحافظ عليه في قيمتــأقياســه

8 - المبيت الأعــرج (منهوك): ويمكن أن نتعرف عليه من تسميته فهومبني على نظام أشطر الأبيات ولكنه متقاطع الشطر الأول تكون أقل من الشطر الثاني، وكمثال على ذلك يقول الشاعر الزروق ذا غفالي:
زيـــــــن زينـــــــــك اسبــــــــاني(14)
 زين زينك ما كيفـوزيـن يا زينت لعـوارم
ضـاع صبــــــري وافنـــــانــــي
  حالي حـال اللّـي في افــراشوا متســقــم
زاد الشّـــــــوق ابـــــــلادنـــي
صارلي كيف اللي مجنون مع أحوالو متخاصم(15)
ـــــ ي     ـــــ م
فنلاحظ في هذا النموذج أن أشطر هذه الأبيات جاءت منهوكة وعرجاء أما الأشطر الثانية (الأعجاز)فجاءت كاملة     وتامة في عدد مقاطعها.

9 - الّرباعــي أوالمربوع: المربع أحد الأشكال الشعرية، التي عُرفت في شعرنا الشعبي في قليل من القصائد، لصعوبة نظمه وضبط ميزانه وإخراج صورته”فلا ينظم فيه إلا فحول الشعراء ذوي النفس الطويل، في استيعاب التجربة، وذوي الثروة الّلغوية الكثيرة، وهذا النوع يسميه الباحث محمد المرزوقي “الموقف”، ولكنّه لم يذكر لنا سبب هذه التسمية.. (16). واشتهر في الشعر الشعبي الجزائري باسم “الربوعي”.
ويطلق الرواة والشعراء على هذا النوع المربوع لأن كل مقطع من القصيدة يحتوي على أربعة أشطار قصيرة يلتزم الشاعر بقافية الشطر الرابع، وينوّع من قوافي الأشطر الثلاثة التي تتوحد في الرباعية الواحدة مثل قول الشاعر عبد الحفيظ قفاف في رثاء الشيخ سيدي لزهاري عزوزي شيخ الزاوية الرحمانية بالأغواط. فقال:
جاءت العرب بكثرة
    عجمــــــي ويـهــود وكــفــرة
وبكات أهـــل مصــرا        
     من تونس لطرابلس منكوبا
فالرباعية كما نلاحظ جاءت:
ـــــــــ ة       ـــــــــ ة
ـــــــــ ة       ـــــــــ يا
ـــــــــ ة       ـــــــــ ة
ـــــــــ ة       ـــــــــ يا
ـــــــــ ل       ـــــــــ ل
ـــــــــ ل       ـــــــــ با

10/الخمــاسي:هذا الشكل مثله مثل القصيدة الرباعية غير أنه يضاف لها شطر خامس يكون بنفس القافية، كقول محبوب اسطمبولي:
تــايه ميّـــاس
تبعتوا مالان ما أرخس
        شاد في لبطاح ما احـبس
رامــي قيــاس
        واسهاموفي القلب غايسا
أعـطبني بمــواس
يبرا وجرح وجرح يندكس
             غاب النوم والجفن ما نعس
راعي لغـــــــلاس
              وانجومي فـي الحب ناعسـا
وحسب الرواة فإن هذا الشكل قليل الاستعمال ولا ينظم عليه إلا عدد قليل من الشعراء، وهذا بن الشتيوي يقول في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم:
حمد ربي الحنين      جينـا في وعد لامـيـن
صلوا بحـزاب ستـين     وقلـيل علـــى نبيــنا
ننصحكم يا الحيين ما عز من والدينا
ننصحـكم يا الحيين      محمد جاه جبرين(17)
ودوبالصوم والدين   فرضوا خمـسة علينا
من عنــد الله اليقين يلطف بالمؤمنينا(18)
ـــــــــــــ ن      ـــــــــــــ ن
ـــــــــــــ ن      ـــــــــــــ نا
ـــــــــــــ نا

11 - المظــفور:  وهوشكل شعري يحاول الشاعر من خلال نهاية الشطر الأول من البيت أن يعيد العروض في بداية الشطر الثاني من نفس البيت وهنا يأتي البيت على شكل ظفيرة، وكنموذج على ذلك ما قاله لهزيل هزيل:
ياحـكيم الجن لله داويــني
    راه طبيب الانـس عيا من دايـة
أمشـا عني راح صد وخلاني
    صد وخلاني وما صـاب دواية
     ياحـكيم الجن لله داويــني
               عزمت عليك بكل حرف من الآيـة
أحضر يا حكيم ليا طاوعني
         طـاوعني بحـق ربي مــولايـــة
نحـضر من نبقيه لابد ياتيني
       لابد ياتيني وعينـو بــكايــة(19)

12 - بوجــناح: عند ارتجال الشاعر الشّعبي لقصيدة ما، يستعين بهذا الشكل ليستند عليه، فيكون ذلك بإعادة نهاية البيت الأول في بداية الشطر الأول للبيت الثاني، وهذه التسمية استنبطها الشاعر البدوي من لباسه البرنوس فعندما يكون الجوباردا يرمي بجناح برنوسه على الخلاف ليتدفأ –أي يحس بالدفء- ومن هنا عندما يكرر الشاعر هذا الشطر وكأنه يتكأ عليه ليأتي بأبيات أخرى جديدة ومن أمثلة على ذلك ما قاله الحاج أحمد بن الأخضر بوكريكرة:
يا رب الوهاب ما عندك بـواب
        أبيدك لأسباب عارف مـا جاني
أبيدك أسباب ما ينفع كتــاب
        من طب التقلاب عنـي كما راني
من طب التقلاب منو لحمي طاب
                عالجني بعـــذاب ودواء خـلاني
عالجني بعذاب واعر يا لحـباب
        رايس لقطاب طـول ما جـــانـي
فنلاحظ تكرار إعادة لكلمات (أبيدك، من طب التقلاب، عالجني). فهي كلمات اتكأ عليها الشاعر بداية الشطر الأول من البيت الذي يليه.

13 - لباصــير(20): وهوكلام خفيف يكون جامعاً بين المقامة في سجعها والشعر في سلاسته وهوشكل شعري متناثر الأجزاء ولا تحكمه قافية ولا نسيج رسمي وبهذا الاسم للمكان يقال فيه وهوالهودج أوالباصور، حيث يضم الهودج ثلاث نساء أوأربعة وتقوم هذه النسوة بترديد هذا الكلام للتخفيف من عناء السفر ومشاقه.
وكنموذج على هذا الشكل ما أبدعته فاطنة دربالي بنت الريغيبن امعمر:
مسعودة بنت عيسى
    فايتا لجدال بوعبسا
            عنها نعطي لبسة
 مــــــا نـــــــــخــــلــي فـــــي البيــت فـــــــــراش
مسـعودة فاجديد
    يدلاه فسومة إزيد
                 كي جاء من بعيد
 سبــــــقــوا إلـيـــــــــــه أهـــــــــــل الطـــــاقـــة
مسـعودة وأم الخير
    نطيح عنهم من راس دير
               أحليلك وين الدير
جــــــــــاؤ  فــــــي نـــــاس حــــــــــــرمــــــــة(21)
نلاحظ أن هذا الشكل يشبه الرباعي ولكن القافية الرابعة ليست موحدة.

14 - الرّكــاب:  يكون في أقل من سبعة أبيات، وجاءت تسميتها من ركوب الخيل، وقد تختلف التسمية من منطقة لأخرى يقال جاء بركاب عن فلان أي جاء بقصيدة أقل من القصيدة الأولى.وكنماذج عن الرّكاب ما قاله محمد الأغواطي:
لا إله من غير المولى
        لا شريك له ولا مثله
لا شيبة ليه في الفعلة
        خالف الخـلايق قيوم
وهناك شاعرة أخرى كانت تبدع هذا الشكل من الشعر هي حدة بنت بيشانة حيث تقول في إحدى قصائدها:
يا منك في المحكمة سلطان غريد
    يا من لا ترى الخلايق ضيفاتك
يا من تأتي كل يوم برزق جديد
     يا من ترد كل سـارح(22) لمباتو
وما يمكن قوله عن شكل الركاب هوأن الشاعر عندما يكتب قصيدته على هذا الشكل، فهي لا تكتمل إذ لا يعرف مغزاها، لأنه مسموح للشاعر بأن يخرج ويغير موضوع القصيدة وحتى القافية.يقول محمد الأغواطي:
القســام إلى قسم هـذا ما دار
جاء في القسمة التالية وعطاهالي
أنت قسمتك في الجوامع والصلاة
وأنا قســمتي فـــي التبــرنـة تلقـالي

15 - المبــتور:وهو شكل شعري ينتشر في عدة مناطق من الوطن وتظهر تسميته من خلال شكله فهومبتور أي حذفت منه التفعيلة الأخيرة من عجز البيت (الشطر الثاني)، أي بترت إحدى تفعيلاته ومن ذلك كنموذج ما ذكره أحد الشعراء في قصيدة “باسمك يا معبود”:
باسمك يا معبود يا رزاق الناس
        يارب العبـاد الـكبر
أمقدر اللّي مكتوبة في الـراس
        وكل شيء عنا مسطر
يا سلاك اللّي مباصي في لحباس
        يا جبار اللّـي مكسر
جود علينا فكني من ذا التهواس
        يتهنا قــلبي ويصبر(23)
أي نجد هنا الشطر الثاني مجزوءا من كل بيت، وعدد أجزاء الشطر الثاني أقل من أجزاء الشطر الأول.

16 - المسـدّس أوالمقطوف: وهو مشكل من الشعر ويعرف ببعض مناطق الجنوب الجزائري ويتكون من أربعة أشطر متحدة القافية والإثنان الأخيران لهما نفس قافية الطالع الذي يتركب من ثلاثة أغصان متحدة القافية أوسطها ناقص ويعرف أيضا بالمقطوف وكمثال على ذلك قول الشاعرالساسي حمادي:
هل علينا عام سعيد    وفجر جديد
توحــدنا إيد مع إيد
توحدنا وحدة لحرار    محــينا العار
وبعد اللّيل ظهر النهار
الشعب اللّي ربى الثوار    عربي عنـيد
وعزيمة فولاذ حـديد
وهناك شكلٌ آخر من أشكال الشعر الشعبي الجزائري يعرف بشعر الفقرات.

17 - البيـت والصياح (استخبار):  هو شكل شعري يكون مبتدأً بخمسة أبيات أوأربعة، ثم يُتبع الشاعر ذلك بلازمة تتكرر في كامل القصيدة، بعدها يأتي ما يُعرف بالصياح وهوبمثابة استراحة للشاعر، وهكذا حتى نهاية القصيدة، ويمكن القول بأنّ هذا الشكل يتميز بإيقاع موسيقي خفيف:
بديت بسم الــــذي هـــوالغــني الـمـنـــــان   
            من اوهبني لوزان فـي ذالقسـام نبدا
ريت زيـــن اصلبنــي بالــحسن زيـــن فـتــان   
           لاحـنــي بقشـاهـــب والنــــار صـــهـدا
البيتما انطيق لهيب اجهاروا بقيت حيران   
           ما قدرت النيـــران العـشــــق واقـــدا
صادنـي فـي لـحشا بيـن الظـــلـــوع وكنان   
           سولود مــــعــي فـــــوق الــخـد شاهـدا
البيت
يا القاصد لريام أمشي زسير عجلان
    عند بوتيتيـن غصن البــان مــاجــدا      اللازمة
من ساعة القاك فكري زاد اهياج
           اتهول بحر الشواق هاجت امواجو
الصياح  العاشق سلـطان امطرق ابتـاج    وانتيا ياقـوت زينتيـلوتاجـو
           زين التاج التقات وبترصيع اخراجو
ــــــــ ن ــــــــ دا
ــــــــ ن ــــــــ دا
ــــــــ ن ــــــــ دا
ــــــــ ن ــــــــ دا
ــــــــ ج ــــــــ و
ــــــــ ج ــــــــ و
ــــــــ و
18 - النجــوعي:  من الانتجاع وطلب المرعى الخصب، موضوعه البادية والحياة فيها، ويسمى أيضا بدويا، ينسج على طريقه القصيدة العربية القصيدة في وصف الصحراء وحيواناتها والترحال وهجر الموطن والحبيب، تأتي القصيدة فيه مصرعه بمعنى اتحاد روي أشطار الأبيات الأولى والثانية إلى نهاية القصيدة(24).
ـــــــــــــ ل    ـــــــــــــ ل
ـــــــــــــ ل    ـــــــــــــ ل
ـــــــــــــ ل    ـــــــــــــ ل
19/الطــرق:  وهوعبارة عن شكل شعري يتطرق فيه الشاعر لموضوعات الغزل والفخر وتمجيد البطولة وأصحابها، وهذا الشعر تأتي كلماته خفيفة يسهل حفظها وتلحينها(25).
20/المرجــوح:  وهذا الشكل الشعري يشبه الأرجوحة، وهذا الإيقاع الشعري لا ينظم عليه في مقطع واحد بل في مجموعة من المقاطع(26).
21/الــمردوف:  وهوشكل شعري يختار له الشاعر كلمات بعض أحرفها تتكرر في أغلب الكلمات المكونة للبيت الشعري وذا إيقاع لا ينظم عليه الشاعر إلا مقطوعات قصيرة لا تتعدى خمسة عشرة بيتا والأشطر فيه تتحد رويها في الأعجاز والصدور(27).
22/الملــغوز: هوعبارة عن إيقاع شعري يطرح الشاعر من خلاله لغزا يتطلب حلا ولا يكون ذلك إلاّ بين الشعراء(28).
23/الحــوزي: يرجع اصل كلمة حوزي إلى الحوز، أي ما تحوز عليه المدينة أوما هوفي حواز المدينة، فالكلمة هنا دلت على أن النوع الشعري المسمى الحوزي هوشعر مدني، واشتهر هذا النوع في مدينة تلمسان. ويتميز هذا النوع بالوزن الخفيف وأغلب موضوعاته تتحدث عن العلاقات العاطفية ويسميه البعض «الغرامي ».
ـــــــــ هـ  ـــــــــ ن
ـــــــــ هـ  ـــــــــ ن
وفي حديثه عن بعض الأشكال الشعرية في الجنوب الجزائري يشير الكسندر جولي Alexondre jolcy والذي نشر في إحدى إعداد المجلة الإفريقية:  «إنّ الشعر البدوي الذي نقصده هنا يختلف كثيرا عن أشعار العرب في المناطق الحضرية، ومن هذه الأشكال النم lenemm ، القول legoul، الهجوة la hedjoua  ، القطاعة la guetaa ،...الخ»(29).
وفيما يلي شرح موجز لبعض هذه الأشـكال:
24/القول:  legoul : وهونوعٌ شعري يتركب من عدد قليل من الأبيات، وهوأقرب إلى الإنشاد، وفيه يتحدث الشاعر عن كل المواضيع ما عدا الهجاء.
قلبي قلبي باغي الدّنيا مستعـفي
     وعربان نشأ والخريف محـدور للتقبال
قلبي باغي النياق من الحموالطايفة
      عشرات وخلفات يتزاقزوا على النبال
ــــــــــــ ف  ــــــــــــ ل

25/النُــمْ:  lenemm: هذا الشكل يتكوّن من عدد قليل من الأبيات بقوافي مزدوجة، ومتداخلة فيما بينها.
يا ربي يا اله يا عالم القدرة
            سلك الواحلين في يوم الشدّة
ألف بيني وبين مسعودة
        هنوني يا رفقتي ما طقت علاه
حتى الصحرا اليوم راها مجذوبة
ــــــــــــــ ة ــــــــــــــ ة
ــــــــــــ ة
ــــــــــــ هـ  ــــــــــــــ ة

26/القــطاعة guetaa: وهوشكل شعري غنائي، وهوشكل ينظم في زمن السفر، وفيه يذكر سبب السفر الذي جعل المسافر بذكر هذا الشكل:
أنا في طيـطري في بلادك ســفوان   
            ونطـالع للجبال غير بعينينـا
من وحش الريم جات في قاسي لوطان
      بين الكيفان في القصور الغربية
ــــــــــــ ن ــــــــــــ ة
ــــــــــــ ن ــــــــــــ ة

27 - المـــلزّومة: لعلّ تسمية هذا الشكّل الشّعبي أخذت من تصميمه الهندسي، إذ تعتمد أبياته على نظام اللازمة»والمقصود بها هوأن يلتزم الشاعر ترتيب شطر أوبيت بعد كل مقطوعة من القصيدة، إثر كل فقرة شعرية، والتي تكون قافيتها هي نفس قافية الشطر الأول من المطلع أوقافية بين المطلع»(30)، وينقسم الملزوم إلى ملزوم ثنائي، وثلاثي ورباعي حسب عدد الأبيات التي تسبق اللازمة.
ومن نماذج هذا الشكل الشعري ما قاله أحد الشعراء:
وين أهــل المــنــور     والجبل والكاف الأصفـر
وين أهل الـقــنـاطــر   كلهم والـي وولِــيـــةْ
عبد القادر يا بوعلام     ضـاق الحـال عـلي
     اللازمة            اللازمة
وين ارجال يـنـاره  اسهاوراهم ما يفـتكروا
وين الشايع خبره   بوقبرين حرير الأولـياء
عبد القادر يا بوعلام     ضـاق الحــال عـلي
     اللازمة            اللازمة

28/القـــصيد: القصيد شكل من أشكال الشعر الشعبي، أطلق عليه هذا الاسم لمشابهته في وزنه للقصائد الشعرية العربية العمودية. ويكون هذا النوع«خاضعا للأوزان العربية الموزونة، إذ صدر عن شعراء يمتلكون زمام الثقافة الشعرية، ولكنهم يصدرونه بروح شعبية، لغةً وفكرًا وتعبيرا وأسلوباً، ويتحكم الشعراء في هذا النوع من الشعر بالموازنة بين عدد الحركات والسكنات بين عمودي القصيدة، ويبقى هذا النوع الأخير محتفظا بإحدى القوانين الشعرية المعروفة في الشعر العروبي، وهي وحدة قافية القصيد من أول بيت إلى آخره....»(31)،كما لا يشترط في القصيد وحدة القافية في الأشطر الأولى من القصيدة، ويقسم الدارسون القصيد إلى قسمين هما:  
 أ -  القصيد المتمثل في القصيد الشعبي البعيد في وزنه ولغته عن الشعر الفصيح.
 ب -  القصيد القريب من الشعر الفصيح شكلاً ولغةً ووزناً.
وكنموذج على هذا الشكل الشعري ما قاله أحد الشعراء:
 بِـســم الله نـبــدأ الشـعـار
    نـبِـيـنــا شــــــارْق الأنـــــــوار
بعثهْ الله بـشـيـر نــذيــر
    والصـلاة عـلى الـمـــخـــتـار
طـهَ خـاتــم الأنـــبـيــاء
    سـيـــــد الـزهــــرة ورْقـيـــة

29/المتنــاوب:أحد الأشكال الشعرية الشّعبية المعروفة، والمشهورة في الجزائر، إذْ يتطلب مقدرة لغوية، وتحكماً فائقًا في الوزن، والإيقاع، وتصريفا محكما وجيدا للقافية ثم الروي، ولا يتأتى إلا لشاعر غزير المعجم اللّغوي خصب الخيال دافق المعاني، إذ تتناوب فيه الفقرات الشعرية بقوافيها فقرة وراء أخرى.
وهذه التسمية التي أطلقها محمد عيلان على هذا الشكل نتيجة عدم إشارة الدارسين له، إذ يقول: «شكل المتناوب هذا – حسب اطلاعي المحدود- لم أجد أحدا من الدارسين قد أشار إليه وإنما هي تسمية ذاتية أطلقتها على هذا الشكل...»(32).
فممّا قاله أحد الشعراء في المتناوب:
فــلاس الســلاســل الحديــد
             عــــــــلاه الـــواحــــــــــد الـــــوحــــيــــــــد
اناس اصغــاوا لي نـعــيـــد
       كانت واحد العجوز عمية من الأبصار
بانية خيمة معبدة شــق الـــدوار
       سلك كامــــن يسير مـــن يــد الـخـزيـنـة
أرفع جهه على جمــيـع الأولـياء
        ليكم أعاشقــيــــــــن هــذا القـــصــــيــــة
ما ترزق غير بنت صغـيــرة بكرة
        ما عندها أهل ولا صــديق ولا عشراء
كانت هذه بعض الأشكال الشعرية الشّعبية التي أبدع فيها شعراؤنا، ولاحظنا أنها تختلف من ناحية اللغة المستعملة وكذلك في طرحها للمواضيع والتيمات.
وتجدر الإشارة إلى أن ما ذكرناه من أشكال بنائية تبقى متنوعة ومتعددة فهي دلالة قاطعة على مكانة هذا النوع الإبداعي القولي لدى الشعراء من جهة، ومن جهة أخرى نقول إن هذه الأشكال تختلف تسمياتها من منطقة إلى أخرى، كما أن انتشارها يختلف أيضا من ناحية إلى أخرى.

الهوامش

1 - بديار البشير، ديوان بن كريو-حياته، حبه وشعره-،مطبعة بن سالم، الأغواط 2009،ص74.
2 -شاعر وباحث في التراث الشعبي بين يديه بحوث ودراسات في الشعر الشعبي الجزائري.
3 - حليم طوبال، ديوان شعري مخطوط، ص45.
4 - المصدر نفسه، ص48.
5 -ديوان الأخضر بن خلوف، ص58.
6 - محمد عيلان، ((الشعر الشعبي في الجزائر - دراسة في الإيقاع -))، مجلة اللغة والأدب، معهد اللغةوالأدب العربي جامعة الجزائر، العدد11محرم 4418هـ/1997 م، ص 115.
7 - سدرات مبروك، الشعر الشعبي في الجزائر-مجموعة محاضرات-،الأيام الدراسية حول الثقافة الشعبية في الجزائر –مخطوط-جامعة عنابة1985، ص 29.
8 -بن حرزالله بن جنيدي، ديوان مطبوع، الناشر مسعود الشاهد، ص 47.
9 - معلومة قدمت لنا من طرف الشاعر والباحث عبد المجيد عناد من منطقة وادي سوف.
10 -غراد:جبال رملية.
11 - عبد المجيد عناد، ديوان شعري مخطوط، ص20.
12 -المصدر نفسه، ص20.
13 -المصدر نفسه،ص20.
14 -اسباني: أخذني وتملكني
15 - الزروق ذا غفالي، ديوان شعري مخطوط، ص40.
16 - المرجع نفسه، ص 32.
17 -جبريل –للحفاظ على وحدة القافية.
18 - قصيدة منحت لنا من الباحث حران مصطفى يوم 20ماي 2009، ببيته.
19 - لهزيل هزيل، ديوان شعري مخطوط، ص 45.
20 -معلومة مقدمة لنا من الراوية والشاعر حران مصطفى. يوم 20ماي 2009، ببيته
21 - معلوات وأبيات مقدمة من طرف الشاعر والباحث حران مصطفى. يوم 20ماي 2009، ببيته
22 -سارح:  متجول.
23 - معلومات مقدمة لنا من طرف الباحث بديار البشير. يوم14جانفي 2010ببيته.
24 -  محمد عيلان، ((الشعر الشعبي في الجزائر - دراسة في الإيقاع -))، المرجع السابق، ص 08.24
25 - المرجع نفسه، ص 10.
26 -المرجع نفسه، ص 12.
27 -المرجع نفسه، ص 13.
28 -المرجع نفسه، ص  17.
29 -joly ( A lexandre ). « remarpues sur la poesie moderne chez les nomades algiennes  »  In Revue Africaine é  ‘ Alger : OPU ‘ Revue Annaire ‘ N 44’ annee 1990 ’ deuxime edition ‘ 1996 ‘P 283.
30 -سدرات مبروك، الشعر الشعبي في الجزائر،المرجع السابق، ص 32.
31 -المرجع نفسه، ص 24.
32 -المرجع نفسه، ص37.

أعداد المجلة