فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

فن العرضة من الفنون الاحتفالية في البحرين

العدد 27 - موسيقى وأداء حركي
فن العرضة  من الفنون الاحتفالية في البحرين
كاتب من البحرين

من الفنون التي تعتبر ذات جذور عربية موغلة في القدم ولها خصوصية حيث أنها تعبر عن الجانب الفني والاستعراضي لدى القبائل العربية القديمة ، وهي تتخذ من النص الشعري والإيقاع واللحن الشجي المتكرر وسيلة لتوصيل نمط من أنماط الأداء العام المرتبط بتراث القبيلة وتقاليدها المتوارثة من ملابس واستعراض لقوة السلاح وما لديها من رجال قادرين على الدفاع وحماية القبيلة من أي اعتداء خارجي.

يذكر الراوي سعادة الشيخ عبدالله بن خالد بن علي آل خليفة: ( العرضة هي استعراض للقوة وكانت مشهورة في جزيرة العرب من قديم الزمان،  يدل عليها الكثير من أبيات الشعر التي قيلت حولها، العرضة مشتقة من العرض والجيش الكبير والتجمع للاستعداد للحرب، فهي تقام عندما يكون هناك تهديد على البلاد أو القبيلة من قبل قبيلة أخرى، فهي تستعد للحرب بهذه العرضة من خلال أداء استعراضي للقوة لتشجيع أبنائها على الاستعداد للقتال، ومن أهم ما اشتملت عليه العرضة في السابق هو تمرين أبناء القبيلة على الضرب بالسيف، فالحرب كانت مبارزة، يبرز فيها الفارس بسيفه وترسه ومدى المهارة في استخدامهما، كانت العرضة تشكل ميادين لتعلم مهارات الضرب بالسيف والترس، السيف يضربون به والترس يتمترسون به ضد الضربات من الخصم وما يستدعيه ذلك من خفة الحركة والقدرة على التجمع للدفاع عن القبيلة)(1).

الأصل والنشأة
إن المراجع التي تتناول موضوع العرضة نادرة جدا، وإن تم ذكرها فإن ذلك يتم في إيجاز شديد لا يتعدى بعض السطور التي تقدم وصفا عاما لمظهر العرضة، وفي بعض المراجع يتم التركيز على تقديم وعرض النصوص الشعرية من الشعر النبطي بشكل أساسي.
يذكر الراوي سعادة الشيخ عيسى بن خليفة آل خليفة: (العرضة فن من الفنون التراثية القديمة يقام في المناسبات المهمة، وهي عبارة عن أداء رجولي يختص به أهل الخليج العربي، وقيل إنها استعراض رجالي حربي تقوم به القبائل العربية قبل وبعد الحروب فيما مضى، والعرضة ذلك الفن القديم قيل إنه من بقايا استعدادات القبائل للحرب في الجاهلية، ويقال إن العرضة منبعها نجد، وكانت مختصة بقبائل عنزة الشهيرة التي يعود إليها أصل حكام الخليج العربي مثل آل خليفة وآل صباح وآل سعود، ومن بعد ذلك انتشرت العرضة في أقطار الخليج بسبب الهجرات التي قامت بها بعض القبائل حيث اختلفت مسمياتها من منطقة إلى أخرى. ففي البحرين والكويت وقطر تسمى (عرضة) وفي السعودية تسمى (عرضة نجدية) وعرضة أخرى تسمى بالعرضة الجنوبية وهي تختص بأهل الحجاز والجنوب حيث تتميز بالسرعة في اللحن والأداء، أما في الإمارات فتسمى الـ (عيالة) والـ (رزيف) كما كانت تسمى سابقا في البحرين بـ (الرزيف) أيضا وفي عمان تسمى الـ (رزفة). إن أداء العرضة تقليد ثابت يكون من خلال صفين متقابلين بعيدين عن بعضهما البعض، هذان الصفان يسميان صفوف الـ (شيالة) ويقابل هذه الصفوف رجل يلقنهم القصيدة يسمى الـ (شيال) كما يوجد كذلك الأفراد الذين يضربون على الدفوف والطبول، والأدوات المستخدمة في فن العرضة تختلف من منطقة إلى أخرى، ففي البحرين وقطر تستخدم (7) طيران وطبلين والطوس، أما في السعودية والكويت فيستخدمون الطبل النصيفي وهو عبارة عن نصف طبل يربط في اليد ويضرب به، كما أن هناك صفا للأسلحة النارية المسماه الـ (مقاميع) أو الـ (تفجان) وهي نوع من البنادق القديمة المتوارثة، يقودهم رجل يسمى راعي الـ (المعقودة) كما يوجد في الوسط الرجال الذين يلعبون بالسيوف أثناء أداء الـ (رزيف) أي الرقص بالسيف في العرضة)(2).

وظائف وأغراض العرضة
يبدو أن فن العرضة هو إطار يبرز وحدة القبيلة العربية أو التحالفات بين عدة قبائل تجمعهم مصالح مشتركة ورغبة في الدفاع عن مكتسباتها المادية والسياسية، ولاشك أن النص الشعري في فن العرضة له دور هام وأساسي، حيث من خلاله يتم تحديد الإطار العام للتوجهات وإعلان النوايا وتقديم الولاءات.
يذكر الراوي الأستاذ خميس بن حمد الرميحي: ( العرضة تعني عرض الشيء، حيث أظهره وأبانه، وقد ورد هذا المصطلح في عدة مواقع من القرآن الكريم في سورة (ص) بسم الله الرحمن الرحيم (ووهبنا لداود / سليمان نعم العبد إنه أواب إذا عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد) والمعنى هو أن من عادة سيدنا سليمان أن تعرض عليه الخيل كل يوم فلما ألهته عن ذكر ربه عقر هذه الخيل، فالمعروف هو (َعَرَضَ) بمعنى أظهر وأبان، فالعرضة هي إظهار الشيء وهو اصطلاح درجت عليه البادية والعرب في الجزيرة العربية فسميت عرضة، ولاشك أن مسمى العرضة قد جاء من الجزيرة العربية، هي قديمة وتعتبر من عادات وفنون الحرب، فكان العرب عندما يدلهم بهم أمر ما، كانت القبائل تجمع أتباعها أو مريديها أو كل من ينتمي إلى هذه القبيلة فينادى بالعرضة استعدادا للحرب، لذلك فإن العرضة هي فن من فنون الحرب عند العرب القدماء درجوا على اتباعها عند الحاجة من خلال دعوة أعضاء القبيلة للحرب(3).
كما يذكر الراوي سعادة الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة: ( العرضة من الفنون المتميزة في منطقة الخليج العربي، وهي فن خاص ذو سمات خاصة تنفرد بها دون غيرها من الفنون التراثية المعروفة، كانت العرضة في الماضي عبارة عن استعراض وإظهار للقوة حتى يراها أو يسمع عنها الأعداء لأنه قد جرت العادة أن تقام العرضة قبل الحروب وفي المناسبات الخاصة)(4).

دخول العرضة إلى البحرين
مرت البحرين عبر تاريخها الطويل بالعديد من الصراعات العسكرية وتوالت عليها حضارات وأطماع سياسية واستراتيجة كبيرة، البحرين تتكون من عدة جزر يحيط بها البحر من كل الجهات وقد عرف أهلها نوعين من النشاط الاقتصادي الذي يكفل استمرار الحياة وتوفير أسباب ومتطلبات المعيشة اليومية، حيث ينقسم أهلها إلى بحارة وفلاحين (سنه وشيعة) كما عرفت البحرين كمركز تجاري هام لصيد اللؤلؤ الطبيعي على مستوى العالم، وقد كانت واحة غناء بالبساتين والمزارع وأشجار النخيل حيث الرطب والفواكه والخضروات، وعيون الماء العذب والآبار الارتوازية ومنابع الماءالعذب الذي ينبع من قاع البحر، وقد توافر إرث كبير من الممارسات الفنية عند أداء أي نوع من أنواع النشاط الإنساني المرتبط بتلك المهن، هذا الإرث الفني لازال بحاجة لمن يقوم على جمعه ودراسته وحفظه للأجيال القادمة.
يذكر الراوي سعادة الشيخ سلمان بن محمد بن علي آل خليفة: ( لا يوجد توثيق محدد لتاريخ العرضة، ولكن من المؤكد أنها قد دخلت مع دخول آل خليفة إلى البحرين العام (1783م) وموطنها الأصلي هي منطقة نجد، والعرضة موجودة في كل دول منطقة الخليج العربي وتختلف من مكان إلى آخر، ولا شك في أن العرضة قد تطورت عن السابق في عدة جوانب هامة)(5).

 طريقة الأداء   
لاشك في أن طريقة أداء العرضة قد تطورت عن الأسلوب المتبع سابقا، حيث أصبح أكثر تنظيما وتوزيعا للأدوار التي يقوم عليها فن العرضة وذلك مع مرور الزمن، واضطرار القبائل العربية للهجرة، وتغير مواقع أداء العرضة ودخول التطور الذي شمل الجانب المعماري والهندسي للبناء الحديث في المدن الجديدة، ولكن ذلك لم يؤثر على جوهر الفكرة الأساسية أو التوزيع الأصيل للأدوار في هذا الفن، ولكن عملية التنظيم ساهمت في إبراز الجوانب الجمالية  في هذا الفن الأصيل بصورة تحمل قدرا أكبر من التشويق والإثارة.
يذكر الراوي سعادة الشيخ عيسى بن راشد بن عبدالله آل خليفة فيقول: ( فن العرضة كما تعرف في البحرين أو في الخليج العربي، تتكون من صفين متقابلين من المنشدين، جرت العادة أن يرددوا أبيات حماسية من الشعر النبطي المعروف والتي قيلت في مناسبات قومية أو حروب معينة خاضتها العائلة أو الدولة أو القبيلة التي تقوم بأداء العرضة، في منتصف ساحة العرضة يقف ضاربو الطبول، الطبل الـ (مخمر) وهو يقوم بأداء الوحدات الإيقاعية الأساسية خلال العرض والطبل الـ (لاعوب) وهو يقوم بدور أداء الضربات الزخرفية ذات الطابع الاستعراضي في تناغم وتوزيع الأدوار بينه وبين الضارب على الـ (طار) في وسط مجموعة الضاربين على الطار ويسمى الـ (صاقول)وشخص آخر يحمل قرصين من المعدن تسمى (الطوس) وهي نوع من الصاجات المعدنية الكبيرة الحجم نسبيا تصدر صوتا معدنيا رنانا عند الضرب عليها مما يثير الحماس لدى السامعين، كما أن هناك صفا من حملة البنادق وهي من البنادق القديمة جدا ومتوارثة عبر الأجيال الماضية، ثم الـ (عراضة) وهم الأشخاص الذين يعرضون أو يتمايلون في حركات إيقاعية وعادة ما يحملون السيوف في أيديهم. وقديما كان يصاحب العرضة الـ (خيالة) وهم مجموعة من الفرسان تنطلق بهم الجياد في مسافات طويلة، نقول أنهم مشاركون في العرضة تجاوزا لأنهم لا يدخلون صفوف العرضة وإنما في مسافة قريبة جدا من العرضة وتنطلق البنادق بعد كل فترة من الزمن وهي بنادق محشوة بالـ (بارود) فقط دونما تلقيمها بالرصاص الحي، لذلك فهي تصدر أصواتا قوية مدوية في ميدان العرضة)(6).   

تقاليد متوارثة
مع مرور الزمن اتخذت العرضة شكلها الذي نعرفه بها الآن، ولاشك أنها قد مرت بمراحل من التكوين والتطور، حيث نلاحظ أن هناك نظاما خاصا يتم من خلاله استعراض عناصر العرضة حيث تعتمد على الضاربين على الطار والطبل وحاملي البنادق والسيوف وصفوف المنشدين، ونلاحظ أيضا أن ضاربي الطار هم من فئة معينة من فئات المجتمع والأجناس العروفة في البحرين أي ما يعرفون بـ (المولدين) أي من ذوي الأصول الأفريقية، كذلك فإن حاملي البنادق هم من ذوي الأصول الأفريقية أيضا ممن يمثلون ما يعرف في المجتمع القديم بـ (فداوي) جمعها (افداوية) أي أنهم من عناصر الجيش الذي يمثل القبيلة، حيث أن كل قبيلة لديها عدد كبير من الخدم والحرس والمقاتلين الذين يمثلون فئات من الأجيال التي تم (استرقاقها) على مدى سنوات طيلة فيما كان يعرف سابقا بنظام (بيع وشراء) العبيد، لذلك نجد أن حاملي البنادق هم من جنود القبيلة الذين يقومون بالدفاع عنها في أوقات الحروب، لذلك لا يوجد أي تعارض عندما نشاهدهم وهم يحملون البنادق ويلوحون بها ويطلقونها في الهواء، طالما أن العرضة هي استعراض للقوة، ولكن الفارق الوحيد هو أن حاملي السيوف هم من أسياد وشيوخ القبيلة ومعهم أبناؤهم ممن يشكلون الأجيال الجديدة التي هي على استعداد للتضحية بأرواحهم فداء لقيم الولاء والتضحية.
كما يضيف الراوي سعادة الشيخ عيسى بن خليفة آل خليفة فيقول: ( فن العرضة هذا ما تركه لنا الأجداد تراثا غنيا وفنا رائعا، ولا نزال نستعين بطريقتهم في فن العرضة وأداء شيلاتهم التي تركت بصمات واضحة في سجل التاريخ، يقيمون هذه العرضة في الأعياد أو في حفلات الزواج أو إذا زارهم ضيف كبير كملك أو رئيس دولة، وهي مشهورة في جزيرة العرب لا يعرفها غيرهم بشكلها الموجود حاليا، وعندما جاء (آل خليفة) إلى البحرين جاءت معهم تقاليد أداء هذا الفن وربما كانت لديهم أنماط أخرى من فنون العرضة تختلف عن الفن الموجود حاليا. والعرضة تتكون من صفين من الرجال تكون بينهما مسافة فاصلة، وهي تقام في المجالس أو الميادين الواسعة وتستعمل فها البنادق الـ (مقمعة) القديمة، وكانت القبائل البدوية القديمة تحرص على وجود الـ (ميدان) المخصص لأداء فن العرضة وما يرافقه من فنون المبارزة بالسيف، وهناك مجموعتان من حاملي البنادق وتسمى المجموعة الـ (معقودة)وتتكون كل مجموعة من (17 - 20) رجلا وكل مجموعة يقودها رجل واحد يسمى رئيس المعقودة أو راعي المعقودة. ومن أفضل من رأيت ممن يقودون مجموعة المعقودة الشيخ علي بن محمد بن عيسى الخليفة وكذلك عدد من الرجال من عائلة الـ (دوخي)، يقوم صفا المعقودة بتلقيم البنادق بالبارود وإطلاقه في الهواء بناء على قياس زمني متفق عليه بين المؤدين، كما أن هناك صفين من المنشدين والضاربين على الـ (طار) والطبول وهناك حاملو السيوف يلعبون في وسط الميدان، والمعقودتان تدوران على الميدان واحدة تلو الأخرى، ثم يتقدم الصفان إلى الأمام والخلف وهم يرقصون في  نشوة الأداء.
الشيال يتواجد بين الصفوف يقوم بإلقاء نص القصيدة في مواجهة صفوف المنشدين أي أنه ( يشيل) القصيدة أي يلقيها مغناة وهو على اطلاع وعلم بأوزان القصائد وألحانها المختلفة ويمتلك الخبرة والمعرفة في هذا المجال وهو من المشهود لهم بحفظ الشيلات وأنغامها ويمتلك صوتا قويا يمكنه من توصيل الألحان للمؤدين، فلكل شيلة لحن أو نغم يختلف عن الأخرى، فهو ينتقل بين الصفوف لأداء تلك الشيلات وتبليغها لصفوف المنشدين، أما أفضل من كتب قصائد العرضة وتسمى الـ (شيلات) هو (علي بن مرعي) الذي يرجع أصله إلى نجد وقد كان كفيفا جاء في زمن الشيخ محمد بن خليفة الخليفة وعلي بن خليفة الخليفة وله شيلة أو قصيدة مشهورة يقول في مطلعها:
يا الله يا راعي الثنا والجود
                         يا خالقي ما فوق شانك شان
وتعتبر هذه القصيدة من أفضل الشيلات التي تحفظها البحرين, ومن الأسماء المشهورة في كتابة القصائد الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة وهو يعتبر أهم شاعر في مجال كتابة الشيلات وفهد المسلم والمدعو لحدان وآخرون(7).
الملابس
للعرضة ملابس خاصة هي من صميم الملابس الشعبية المتعارف عليها في مجتمع دول الخليج العربي، وقد تطور الاعتناء بهذه الملابس مع مرور الوقت حيث تم إبداء العناية الفائقة في إظهار الجانب الجمالي لهذا المظهر من خلال الاهتمام بإبراز الألوان البراقة واستخدام أساليب وفنون التطريز، واستخدام أشكال الملابس التي تميز بها المجتمع القديم وأصبحت مظهرا من مظاهر الانتماء الوطني والحضاري مثل لباس الـ (دقلة) والـ (سديري) والـ (زبون) والـ (شلحات) وعلى رأسها يأتي لبس العباءة العربية المطرزة بالخيوط المذهبة المعروفة باسم الـ (البشت) الذي يلبسه الأمراء والشيوخ وسادة القبائل العربية، حيث تحول حاليا إلى رمز من رموز الوجاهة والانتماء للموروث الوطني.  
يذكر الراوي سعادة الشيخ عيسى بن راشد بن عبدالله آل خليفة: (ظلت العرضة محافظة على أسلوبها القديم طيلة السنوات الماضية واعتاد العراضة في العرضة أن يرتدوا ملابس خاصة بهم تميزهم وتكون ألوانها قريبة من لون علم البلد، فقد اعتدنا في البحرين أن تكون الملابس ( من الجوخ الأحمر ) وفي السعودية من الجوخ الأخضر أو ما يعرف بالدقلة في فترة فصل الشتاء، أما في فترة الصيف فيلبس ما يعرف بالـ (زبون) وهو نوع من القماش الأبيض الخفيف يسمى (شلحات) يتدلى من المرفق إلى أسفل اليدين في امتداد طويل نسبيا لخامة القماش، أما في  الوقت الحالي فقد تم توحيد الملابس المستخدمة في العرضة من خلال لبس الـ (دقلة) والـ (سديري) التي تعتبر من الملابس التراثية القديمة،ومن التقاليد والأعراف أن يحمل علم العرضة في وسط الميدان من قبل أحد المشاركين ممن يتمتع ببنية قوية وبقامة طويلة بحيث يبدو العلم في يده مرتفعاً عاليا ً يثير النخوة في الصفوف(8).
 
نصوص العرضة
تعتمد العرضة على النص الشعري اعتمادا كليا حيث يعتبر النص الجيد هو المعيار الحقيقي لأداء العرضة وهو أهم أسباب نجاحها ورواجها لدى الفئات التي تتعاطى هذا الفن، لذلك فإن وجود الشعراء المجيدين والمتميزين بتقديم قطع ونماذج من الشعر النبطي هو سبب من أسباب افتخار واعتزاز القبيلة بهذه القلة من المبدعين في فن الكتابة التي تتناسب ومقاييس الأداء الفني الغنائي في فن العرضة، تصنف نصوص العرضة على أنها من الشعر النبطي الذي يتغنى بأمجاد القبيلة وانتصاراتها، وامتداح بطولات وشجاعة ساداتها، والتغني بجمال وصفات فتيات القبيلة.
يذكر الراوي الأستاذ خميس بن حمد الرميحي: (كانت العرضة في الماضي من مظاهر التعبير عن الفرحة في المناسبات كالأعياد أو حفلات الزواج أو في استقبال كبار الضيوف، وهناك قصائد خاصة كتبت خصيصاً للعرضة  وأغلب هذه القصائد موضوعاتها هي لتمجيد البلد أو ما قامت به الدولة أو القبيلة أو العائلة في معركة من المعارك والإشادة بهذه المعركة وبما قامت به قوات القبيلة من بسالة وعمل بطولي.
نصوص العرضة عادة ما تبدأ بإثارة الشعر الحماسي، فيبدأ النص بذكر الأمر العازمين عليه ثم التغني بالشجاعة والإقدام لخوض غمار الحرب، ثم يأتي ذكر أمير الجماعة أو أمير القبيلة أو أمير الحلف (القبلي) وتذكر كل مأثره ومميزاته، وقبل انتهاء العرضة كانوا يتغنون بفتاة القبيلة وبجمالها ويذكرون شباب القبيلة من المنهزمين والمتخلفين عن المعارك الحربية بأن هذه الفتاة لا يستحقها إلا الرجال الشجعان من أبناء القبيلة.
مع انتقال فن العرضة إلى البحرين نجد أن اللغة الشعرية قد طرأ عليها شيء من التجديد والتطوير، فالعرضة بدأت بالسيف والخيل والتغني بالشعر النبطي، ثم تطور الأمر إلى إدخال البيرق، حيث أنه من المعروف أن لكل قبيلة من القبائل العربية القديمة بيرقها الخاص، وكل قبيلة كانت ترفع بيرقها عند أداء فن العرضة، وعندما دخلت القبائل المتحالفة مع آل خليفة إلى البحرين كان لكل قبيلة بيرقها الخاص، أما اليوم وبعد أن أصبح لكل دولة بيرقها أو علمها الخاص الذي يمثلها بين الدول، فقد توحدت جميع القبائل تحت لواء علم واحد هو علم مملكة البحرين)(9).

فنون العرضة
العرضة فن من فنون الدعوة للسلم أو الحرب، وقد تكون العرضة ذات جذور اجتماعية تضرب بقدمها حتى تصل إلى العصر الجاهلي الذي تميز بالعصبيات القبلية والحروب والغزوات، ومع انتقال وترحال القبائل العربية من شبه الجزيرة العربية وخصوصا من منطقة نجد، فإن هذا التراث القبلي قد انتقل بالضرورة إلى أماكن أخرى، ومن خلال عملية البحث لدى القبائل عن الماء والمرعى وعن الأماكن الأكثر أمنا فقد تفرقت تلك القبائل مبتعدة عن مركزها الأساس، ومن ذلك هجرة قبائل الـ (عتوب) من شبه الجزيرة العربية إلى الكويت والبحرين وتفرق باقي القبائل في أماكن مختلفة فيما يعرف الآن بمنطقة (الخليج العربي) لذلك فإن لكل منطقة تراثها الخاص الذي يتميز بسمات خاصة تعكس طابع المزاج الشخصي والتفرد القبلي الذي ينعكس بالضرورة على أنماط الآداء بحيث تبدو هناك بعض الاختلافات البسيطة في نوعيته تختلف من منطقة إلى أخرى.
يذكر الراوي سعادة الشيخ عيسى بن راشد بن عبدالله آل خليفة: (العرضة من الفنون الخليجية التي انتشرت على امتداد الخليج العربي كله من الكويت حتى عمان، ولكن يختلف أداء العرضة باختلاف البلد وربما تختلف بعض الإيقاعات من بلد إلى آخر، فمثلا تكون متقاربة بين البحرين وقطر والكويت ولكنها مختلفة قليلا مع العرضة التي تقام في المملكة العربية السعودية، كما أن هناك بعض الإيقاعات الخاصة التي تتميز بالسرعة في الإمارات العربية المتحدة وفي عمان، وتسمى العرضة في عمان بالـ (رزفة) وقد يكون ذلك عبارة عن تحريف لكلمة (رزيف)، كذلك يختلف أداء العرضة في عمان عن العرضة المتعارف عليها في دول الخليج العربي وإن كان هناك نوع من العرضة مشابهة للنوع المؤدى في منطقة الخليج العربي، وتتميز الإيقاعات المؤداة في عمان بالسرعة وربما هذا ما تفرضه طبيعة عمان الجبلية، وتبقى العرضة فنا وتراثا توارثته الأجيال وهي من وسائل التعبير عن الاعتزاز بالنفس والوطن مع ترديد أبيات الشعر الذي يثير الحماس والحمية في قلوب الشباب)(10).
كما يذكر الراوي سعادة الشيخ سلمان بن محمد بن علي آل خليفة: ( إن عرضة الـ (ميدان) تعني الانتصار في الحرب على الأعداء وهي تؤدى في المناسبات الوطنية بدافع الحب والتضحية والولاء للوطن، أما عرضة الـ (مشاية) فهي تستخدم للوصول إلى هدف معين مثل المشي للحرب أو للفرح أو لتأييد الملك أو الحاكم)(11).
ويضيف الراوي المغفور له عبدالله بن جابر آل صباح : ( إن عرضة أهل الكويت والبحرين متقاربة بشكل كبير، وهي متأثرة بقرب البحر من اليابسة، لذلك تسمى العرضة الـ (بحرية) أما في المملكة العربية السعودية فهناك عرضة منطقة (حايل) وهي متميزة في أدائها وبعدهم تأتي عرضة أهل الـ (رياض) العاصمة)(12).
أما الراوي ناصر حمود الدوخي فيضيف: (توجد في فن العرضة شيلات حربية وأخرى غير حربية، كما توجد شيلات تسمى (بدوية) وهي نوع من العرضة يتم تأديتها بدون استخدام الآلات الإيقاعية، حيث تعتمد على أداء قصيدة (شيلة) من خلال صفين متقابلين من الرجال، يتناوب الصفان على أداء القصيدة من خلال تحرك الصفوف مشيا لتقابل بعضها بعضا، أما العرضة المشاية فإنها تعتمد على تحرك جموع المؤدين من مكان إلى آخر من خلال أداء فن العرضة مشيا على الأقدام، كذلك هناك نوع يسمى عرضة الخيل أو عرضة الخيالة، وتعتبر عرضة الميدان هي الشكل الأساسي للعرضة(13)، أما إيقاع العرضة فهو إيقاع ثابت ومتعارف عليه والنصوص الشعرية تعتمد بشكل أساسي على الشعر النبطي.
مطلع قصيدة لفن العرضة المشاية
يا الله إنك لا تخلينا
        لي مشينا جمعنا أردافي
كما يضيف الراوي الفنان الشعبي إبراهيم المسعد فيقول: (تتميز العرضة الـ (بحرية) بخفتها وسرعتها وهي ما تعرف بعرضة الـ (الميدان) وأشهر أنواع العرضات هي الـ (بحرية) والـ (بدوية) وكان دوري في العرضة القيام بدور الصاقول على الطار أو الضرب على الطبل اللاعوب)(14).

القبائل العربية والتمركز الجغرافي للعرضة
يقوم بأداء العرضة من هم ينتمون للمذهب السني كما تتمركز العرضة في المناطق والمدن والقرى السنية، ونجد أن هناك ارتباطا وثيقا في السمات المشتركة بين عدد من الفنون المحلية هي فنون (الصوت ولفجري والعرضة) حيث أن هذه الفنون تجمعها سمات خاصة مشتركة في المجتمع البحريني، حيث أنها تمارس من مناطق محددة على امتداد جغرافي يشمل كافة المدن والقرى السنية، كذلك تشترك في أنها فنون ذات طابع رجولي وتؤدى من مجموعة كبيرة من المؤدين، وإن كان هناك اختلافات واضحة من الناحية اللحنية إلا أنه تجمعها سمات مشتركة من الناحية المقامية.  
يذكر الراوي الأستاذ راشد المعاودة: (كانت العرضة تؤدى عند قصر الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة في منطقة القضيبية بمحافظة العاصمة، وكانت تجمع الكثير من القبائل البحرينية والمقيمين، وكان هناك ما يسمى بــ (عرضة الخيل) التي يشارك بها الخيالة على ظهور الجياد، وقد كان أبناء الشيوخ من عائلة آل خليفة (العائلة الحاكمة) هم أكثر الناس حضوراً في هذه المناسبات، وكانت هذه العرضة تنظم من قبل عائلة (الدوخي)ويشارك معهم أناس كثر من مناطق (أم الحصم - القضيبية – المنامة – فريق الفاضل – فريق بوصرة) أي الغالبية العظمى من العرب القاطنين في تلك المناطق ممن يحبون أداء العرضة، أما في محافظة المحرق فتقام عرضة عائلة (البنعلي)ويشترك معهم أناس كثيرون مثل فرقة (دار جناع بن سيف) وفرقة الفنان (مرزوق) وفرقة (دار بن حربان)  بمشاركة الفنان (إبراهيم المسعد) وتشاركهم جماعات أخرى كثيرة، حيث تقام العرضة في منطقة (بر المحرق) سابقاً بالقرب من بيت الشيخ علي بن محمد الخليفة، يشارك بها أهل المحرق ويأتي مشاركون من منطقة المنامة أيضا، في منطقة الحد تقام عرضة مشتركة بين كل من عائلة (البنعلي والصباح والمسلم) حيث أن لديهم فرقة متخصصة في أداء العرضة تشارك فيها القبائل الموجودة في هذه المنطقة، منطقة قلالي فيها فرقة (مرزوق بن آمان) حيث تشارك فيها كل من عائلة (المناعي والشروقي والجودر) وعائلات أخرى كثيرة، في منطقة الرفاع (بالمحافظة الجنوبية) يشارك فيها أهالي منطقة الرفاع وأهالي منطقتي (جو وعسكر) حيث يقومون بأداء فن العرضة في ساحة المغفور له الشيخ علي بن خليفة آل خليفة وكذلك في ساحة المغفور له الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة وكان الشيال الذي يلقن الجموع أبيات القصيدة هو عثمان الرويعي الملقب بـ (الرويعي الكبير)، أما في منطقة البديع فتشارك في أداء العرضة فرقتا أهل (الشمال والجنوب) من منطقة البديع وعائلة (الدوسري) وجموع القبائل الموجودة بتلك المنطقة بمشاركة من أهالي منطقتي (جو وعسكر)، في منطقة الجسرة تقام العرضة بمشاركة (العماير) الذين لازالت لديهم فرقة متخصصة تزاول فنون الأداء بمشاركة أهالي عسكر)(15).
تجدر الإشارة إلى أن أداء فن العرضة يتمركز في المناطق والمدن السنية وينطبق هذا التوزيع على ممارسي فن (لفجري)أيضا.

أهم شعراء العرضة  البحرينية
اعتمدت العرضة البحرينية على عدد من فحول شعراء النبط الذين تميزوا بالكتابة والقدرة على الارتجال في ميدان العرضة، وهم في الأساس من فرسان فن العرضة، الذين ألموا بأصولها وعايشوا فترة من فترات الازدهار والاستقرار السياسي لحكم (آل خليفة) حيث توارثها عدد ممن أبدعوا فيها حسب الأصول المتبعة قديما، ونجد أن الرواة لديهم اعتزاز خاص بعدد محدد من المبدعين في هذا المجال، ويحفظ لهم فن العرضة سجلا ناصعا من القصائد التي لاتزال محفوظة حتى الآن.
يذكر لنا الراوي الفنان الشعبي زايد عتيق مبارك: ( تعلمت العرضة مع والدي المرحوم (عتيق مبارك) الذي عاصر الشيخ عيسى بن علي آل خليفة وإبنه الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة إلى الشيخ سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة إلى الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة وهم جميعا من حكام البحرين، حيث كان والدي هو المسئول عن أداء العرضة منذ ذلك الزمان وكنت مع والدي منذ كان عمري (9) سنوات تقريبا، كان والدي يصطحبني معه لتعلمها وتعلم فنونها حيث أنها فن (قبيلة آل خليفة) الكرام، تعلمت منه الأصول والشيلات القديمة الأصيلة).
كما يضيف الفنان زايد عتيق فيقول: (يعتبر الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة الملقب بـ (الوائلي) من أوائل الشعراء الذين كتبوا قصائد وشيلات العرضة، حيث يعتبر هو خير من أثرى العرضة البحرينية بالقصائد والشيلات المعروفة، يليه الشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة حيث تعتبر قصائدهما أساس العرضة البحرينية، وأتى من بعدهم كتاب آخرون ولكنهم لم يصلوا إلى مرتبة الشعراء القدماء الذين تميزوا بالكتابة في ميدان العرضة، فقد شاهدت الشيخ محمد بن عيسى الخليفة وهو يلعب بالسيف في ساحة الشيخ علي بن خليفة آل خليفة وفي قصر الحاكم، وهو يقول الشعر ويعطيه للشيال للأداء الحي المباشر وهذا هو ما افتقدناه حاليا وهو (الشاعر في الميدان)، ثم أتى بعدهم كل من الشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة والشيخ خالد بن محمد آل خليفة والشاعر الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة والشيخ خالد بن أحمد آل خليفة حيث أخذوا الأصول الأساسية للكتابة للعرضة وساروا عليها، فلم يضيعوا ولم يتصنعوا في كتابة الشعر، وهذا مما ساعد على استمرار فن العرضة على الأصول القديمة(16).

أسماء وأماكن في فن العرضة
مارس أهل البحرين فن العرضة في عدد كبير من مدنها وقراها وأحيائها الشعبية القديمة، وقد كان هذا الفن هو المتنفس الأهم والأكثر قدرة على استيعاب فئات المجتمع السني، خصوصا ممن عرف عنهم الولاء لعائلة (آل خليفة) من شباب القبائل الموالية والفئات المنتمية إليها.
يذكر الراوي جمعة مسعود العميري: (كنا نقيم العرضة في قصر الحاكم ثم نتوجه إلى مدينة المحرق في بيت الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة وبيت الشيخ عبدالله بن عيسى الخليفة ثم نتوجه إلى قصر القضيبية بالعاصمة المنامة ومن ثم نتوجه لأداء العرضة في بيت صاحب السمو الملكي الشيخ خليفة بن سلمان الخليفة رئيس الوزراء، حيث تستمر العرضة مدة (7) أيام متواصلة ثم نعود فنقيم العرضة عندنا في منطقة الجسرة بالمحافظة الشمالية، ومن شيالي قصائد العرضة المعروفين والدي مسعود العميري وسعد زويد وفرحان مبارك ودوخي الكبير وعلي الدوخي، والقصد من الشيلة في العرضة هو المدح والفخر مما يولد البهجة لدى الحاضرين، أما نحن (العماير) فأول ما نبدأ بذكر الله جل جلاله(17).

جمعية العرضة البحرينية
استمر أداء فن العرضة لسنوات طويلة من خلال دعوة فرق الفنون الشعبية لإحيائها من قبل الحاكم في الأعياد والمناسبات الوطنية، وكان لابد من إيجاد إطار أو كيان مستقل ومتخصص، ومع تطور نواحي وأنشطة المجتمع البحريني وتناقص عدد الخبراء بهذا الفن ممن كان لهم الباع الطويل بالإلمام بفنونها وحفظ نصوصها، فكان أن برز إلى الوجود كيان جديد برعاية ودعم رسمي من الجهات الرسمية التي تعنى بفن العرضة للحفاظ عليها ونقل الخبرات إلى الشباب الجديد ممن تم جمعهم واحتضانهم في كيان جديد أطلق عليه إسم (جمعية العرضة البحرينية).
يذكر الراوي سعادة الشيخ أحمد بن محمد بن خليفة آل خليفة: (للحفاظ على فن العرضة البحرينية أمر صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى الخليفة عاهل المملكة عندما كان وليا للعهد بتنظيم وتوثيق فن العرضة من خلال جمع وتشجيع ودعم الشباب على أداء العرضة والتي انبثق عنها تأسيس جمعية العرضة البحرينية برعاية ديوان جلالة الملك حفظه الله ورعاه(18).

قصائد العرضة
اخترت مجموعة من القصائد الخاصة بفن العرضة كنماذج لإعطاء فكرة وتصور عن نوعية النصوص الخاصة بفن العرضة وهي كثيرة.
قصيدة للشاعر الشيخ محمد بن عيسى بن علي آل خليفة
فرسان ربعي يا أهل الصوت الصليب           يا أهل المقام الطيب اللي يذكره
بني خليفة يا موطين الحريب
      لي جاء نـهـارٍ فيــه علــمٍ يشهــده
 عند داركم انتو معدين الطليب
      والـجار حقه في العرب ما ينكره
 ذي دارنا من أول ملفى الغريب
       خـذنا قضاها عندما روى الثرى
واليوم هذا شيخنا عز القريب
     عيسى شديد الباس لي رد البرى
من زارنا يبشر بمعروف وطيب
       والضد احنا له كما أسد الشرى
قصيدة للشاعر الشيخ أحمد بن محمد بن خليفة آل خليفة
لا بتي يأهل المعزة والشرف
       مجـدكم عالـي وكــلٍ لــه يشـوف
الخليفة هم خلف كل السلف
       ذكرهم في ذروة المجــد امعـروف
 هم هل الطولات سل منهو عرف
       ينطحون بخيلهم كــل الصفـوف
خلف المتن بالنار ما تخطي الهدف
       مـا يـهــابـــون الــرزايا والـحتوف
ما يماشون الأراذل والجنف
       في ذرى العالي لهم حصـن ونـوف
كل ركب من مكارمهم غرف
     ينحرون الكوم لي جات الضيوف
هم خزام الصعب لي هاج ورائف
       عدلوه إن مال تدغن بالسيــوف    من مهابتهم إذا شخص هتف
       بأسمهــم شــفـت الـمـلا كلٍ وقف
قصيدة للشاعر الشيخ أحمد بن محمد بن خليفة آل خليفة
قال منهو تروع واستراع
             صايبه في الهوى جرح وسيع
صايبه بالهوى ظبي الرفاع
             فــــارج الــخدين بوعنق تليع
بو ثنايا بين الشهد ماع
             ذايـــب بينــهــــن عـذب نجيع
اسمر اللون وعينيه وساع
             مثـــــل عينــي ريـــم مستريــع
نظرته لين ترمي شعاع
             كنــهــا يا حــمـد حـــد الوريع
صابت العقل من راسي وضاع
             فـي هواها دعت قلبي صريع
ردوا الشان لي يا أهل الرفاع
             لابتــي يا أهل الهــزم الرفيع
قصيدة من قصائد عرضة المشاية وهي من شيلات أهل البحرين قديما
ربعنا لي ركبوا  الجيش يا طول الوعر
لا يهابـــون الـمنـايــا ولا معهـــم شـــرود
ربعة الطيب تســـرنا لـــي منـــه حضـــر
فــي نـهــار العيد يومٍ عســى يومه يعـــود
واطلب المعبود يا خوي بنـزول الـمـطــر
وقاطعوني فــــي عناهم تقاطيع الوعـر
وشاغبوني فــي صلاتي وانا على وضوء
قصيدة للشاعر الشيخ أحمد بن محمد بن خليفة آل خليفة
خليفة عرجهم مثل الذهب
      ما يخفى معــدنــه تحــت التـراب
كل من شاهد حرايبهم هرب
      واستخار وحط سيفه في لجراب
من هوايل حربهم شاف العجب
      من سيــوف داخلـة وسط لحراب
هم دروعي يوم تهتز الركب
      والـمنادي يـوم لا يسمــع جــواب
افتديهم بالعيال وبالنشب    
       واللي حـزته من الـمال اكتساب
هم كسوني ثوب عزٍ ما انكسب
       واحــدٍ مثـلــــه بــعـــزٍ وانتـســـاب
ما نسيت احسانهم فيما وجب
      لــيــن تبلـــى جثتـي تحت التراب

 ونخلص من كل ما تقدم أن أغاني العرضة تتميز بالبساطة والعذوبة في الألحان من خلال خط لحني (ميلودي) ليست به أي انتقالات لحنية أو مقامية، وترتكز تلك الألحان على نبرات إيقاع العرضة الثابت، وهو الإيقاع الأساسي الوحيد المستخدم لأداء هذا الفن من خلال مجموعة من القصائد ذات الألحان المختلفة، وتنتمي تلك الألحان إلى الذاكرة الشعبية الجماعية، حيث أنها تشكل ميراثا من الألحان الشعبية المتوارثة.
تنتمي الغالبية العظمى من ألحان العرضة في مسارها اللحني متخذة من مقام الراست انطلاقاتها اللحنية وتتمركز في منطقة الجوابات من المقام بشكل خاص أي النغمات العالية الحدة، لذلك نجد أن أغلب شيالي العرضة تنتمي أصواتهم إلى طبقة التينور أي الأصوات الرجالية القادرة على إصدار النغمات الموسيقية العالية، التي يطلق عليها في الموسيقى العربية مصطلح (منطقة الجوابات) من المقام.

المراجع

اعتمد الباحث في هذا البحث
- على حلقات تلفزيونية بعنوان (عرضة أهل البحرين)من إعداد وتقديم الشيخ عيسى بن خليفة آل خليفة, إخراج عبدالرحمن راشد الرميحي وأحمد العميري, إنتاج تلفزيون البحرين   
1 - الراوي الشيخ عبدالله بن خالد بن علي آل خليفة - الحلقة الأولى
2 - الراوي الشيخ عيسى بن خليفة آل خليفة - الحلقة الأولى
3 - الراوي الأستاذ خميس بن حمد الرميحي - الحلقة الأولى
4 - الراوي الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة - الحلقة الأولى
5 - الراوي الشيخ سلمان بن محمد بن علي آل خليفة - الحلقة الأولى
6 - الراوي الشيخ عيسى بن راشد بن عبدالله آل خليفة - الحلقة الأولى
7 - الراوي الشيخ عيسى بن خليفة آل خليفة - الحلقة الثانية
8 - الراوي الشيخ عيسى بن راشد بن عبدالله آل خليفة - الحلقة الثانية
9 - الراوي خميس بن حمد الرميحي - الحلقة الأولى
10 - الراوي الشيخ عيسى بن راشد بن عبدالله آل خليفة - الحلقة الثانية
11 - الراوي الشيخ سلمان بن محمد بن علي آل خليفة - الحلقة الثالثة
12 - الراوي المغفور له عبدالله جابر الصباح - الحلقة الثالثة
13 - الراوي ناصر حمود الدوخي - الحلقة الثالثة
14 - الراوي الفنان إبراهيم المسعد - الحلقة الرابعة
15 - الراوي الأستاذ  راشد المعاودة - الحلقة الثالثة
16 - الراوي الفنان زايد عتيق مبارك - الحلقة الأولى
17 - الراوي جمعة مسعود العميري - الحلقة الثانية
18 - الراوي الشيخ أحمد بن محمد بن خليفة آل خليفة - الحلقة الثالثة 

أعداد المجلة