خصوصية الخطاب الافتتاحي في الحكاية الشعبية
العدد 27 - أدب شعبي
تحظى خاصيات الإنجاز السردي في الحكايات الشعبية بسلطة مميزة في استراتيجية هذه الحكايات، حيث يعدُّ فعل الافتتاح شفرة مكونة من سلسلة الإشارات المنتظمة والمتقاطعة، التي تدل على رسالة متماسكة، ذات أبعاد جمالية، واجتماعية، وبنائية لازمت القص الشعبي الشفوي والمكتوب في كل الأمم، وعلى أساسها تتوالى الأحداث وتتراكم فيما بعد، لتنفرج حلقات الحكاية بالنهاية التي تعتبر لحظة تتويج سيرورة هذه الأحداث.
ولعل ما يسجل في الحقل النقدي العربي الحديث هو كثرة اهتمام نقادنا بالحكاية الشعبية سواء فيما تحمله من مضامين وقيم أو في مستوياتها المعروفة: الشخصيات، السرد، الزمان، والمكان… لكننا قلما نجد انشغالاً ملحوظاً، سواء على مستوى التنظير أو التطبيق، بمكون حكائي استراتيجي في علم تشكل الحكاية؛ ويتعلق الأمر بـ:«البداية» الحكائية (1).
فقد صار هذا المكون الحكائي من شدة الجهل به كالمعلوم الذي لا حاجة إلى بذل جهد يذكر فيه. وعليه، فإن ما يطبع تناول جل الباحثين له كان لا يخرج عن دائرة التعميم تارة، أو اللامبالاة والتجاهل تارة أخرى، وذلك من منطلق أنها لا تخرج عن أسلوب إعادة البدايات النمطية الشهيرة ذاتها، من خلال نماذج مهيمنة من البدايات معجما “كان يا مكان” ومحتوى (الخروج…).
وحتى حينما وضعت الحكاية الشعبية على محك المنهج البنيوي، كانت النتيجة هي عدم إيلاء عنصر “البداية” ما تستحقه من اهتمام، من حيث شعريتها، أو رهاناتها الفنية، أو دورها في تلقي الحكاية الشعبية عامة. وهذا ما نستشفه من كتابين رائدين في هذا المجال هما «مورفولوجيا الحكاية الخرافية»(1970) (Morphologie du conte merveilleux) للعالم الروسي الشهير فلاديمير بروب، وكتاب الباحثة المصرية: “قصصنا الشعبي من الرومانسية إلى الواقعية”(1974).
فكما هو معروف، فقد ضبط فلاديمير بروب في كتابه الشهير: «مورفولوجيا الحكاية الخرافية»، عناصر الحكاية العجيبة على نسق المراحل المحددة التالية: البداية (النقص ثم الخروج)، والمغامرة (مواجهة المواقف الخطرة أثناء البحث عن الهدف)، ثم النهاية (المتمثلة في العودة بعد تحقيق المهمة الصعبة، ثم الزواج مع اعتلاء كرسي الحكم أحيانا، ومعاقبة الأبطال المزيفين).
فالبداية/الاستهلال، من وجهة نظر فلاديمير بروب، يقصد بها ذلك النص التمهيدي الذي يعطينا لمحة عن الأسرة أو المدينة أو المكان الذي ستقع فيه الأحداث، أو الذي ستنطلق منه، ويتم خلاله التركيز على تعداد أوصاف الشخصيات التي ستتقمص فيما بعد دور البطل، كما أن الاستهلال ليس وظيفة وهو متغير من حكاية إلى أخرى، إلا أن وجوده في مستهل الحكاية يعين على إضاءة الخلفيات التي تُبْنَى عليها الأحداث فيما بعد(2).
هذه الوظيفة التمهيدية، لا يمكنها أن تحدث إلا بعد أن يهيأ السامع ببداية متكررة…، إلا أن بروب لم يدرس «البداية» في أية حكاية من الحكايات التي تناولها، «وإنما تجاوزها إلى الوظائف معتقدا، أو هكذا يخيل إلي، أن الاستهلال هذا من وضع الراوي أو السامع وليس من بنية الحكاية الأساس أو من وظائف»(3).
وعلى هدي المنهج البروبي نفسه، سارت الباحثة المصرية نبيلة إبراهيم في كتابها الرائد: «قصصنا الشعبي من الرومانسية إلى الواقعية»، حيث لامست فيه مفهوم الخطاب الافتتاحي، وهي تقرأ الحكاية الشعبية المصرية. غير أنها كانت كلما شرعت في تحليل حكاية شعبية معينة، كانت تتبع خطوات مكرورة معينة على النحو التالي:
ـ البداية الاستهلالية: الأسرة تتكون من الزوجة والزوج اللذين لم يرزقهما الله بأبناء.
- البداية التمهيدية: وتحوي على مجموعة من الوحدات الوظيفية:(تغيب أحد أفراد الأسرة وهو الزوج/ هناك تحذير ضمني موجه من الزوجة إلى الزوج وهو ألاَّ يأكل من تفاح الحمل…/مخالفة الزوج للمحظور بعد أن أكل تفاحة، وكانت نتيجة هذا أن ظهرت عليه أمارات الحمل.)(4).
غير أن نبيلة إبراهيم عدَّلت ـ لاحقا ـ شيئا ما من رؤيتها لأهمية المكون النصي (البداية الحكائية)، مؤكدة أن البداية الافتتاحية تمهد لظهور الوظائف التمهيدية التي استوقفت بروب طويلا. فالوظائف التمهيدية، من منظورها، ليست إلا البدايات الفعلية للحكاية، تلك التي حددها «بروب» بمغـادرة أحد أفراد الأسرة مسكنه. والمغادرة هنا إما موت أو سفر أو إبعاد، أو رحيل مؤقت أو خروج مؤقت أو لقضاء عمل، أو اختلال توازن للوضع فيضطر البطل لأن يخرج لكي يعود التوازن إلى حاله (…). هذه الوظيفة التمهيدية لا يمكنها أن تحدث إلا بعد أن يهيأ السامع باستهلال متكرر(5).
وفي اعتقادنا الشخصي، فإن هذا المكون («البداية» في الحكاية الشعبية) قمين بالدراسة والتحليل، وذلك لتَظْهِير أهميته في كل محكي شعبي(شفويا كان أم كتابيا)، بالنظر إلى استعمالاته المتعددة، ووظائفه المتنوعة، ورهاناته الفنية التي تختلف من حكاية لأخرى.
ومما يجدر ذكره في هذا المقام، أن الدرس النقدي الغربي المعاصر بات يولي بداية العمل ونهايته في جميع الأجناس الأدبية أهمية خاصة. يقول الناقد الفرنسي الشهير رولان بارث: «إن الافتتاح منطقة خطرة في الخطاب، فابتداء الخطاب فعل عسير؛ إنه الخروج من الصمت...فدراسة مفتتحات السرد إذن هامة جداً، وهذه الدراسة لم تحصل بعد...»(6).
أما حال نقدنا العربي، فقد كان أغلب نقاده في حالة حوار صامت مع خطاب «البداية»، يعتبرونه لحظة عبور عادية إلى النص، غير مبالين بدوره المركزي في البناء المعماري للحكاية الشعبية. كما أن منهم من كان يؤجل الحسم في شأن قيمة «البداية» ومدلولاتها إلى حين الانتهاء من الحكاية برمتها، ولكنهم غالباً ما لا يعودون إليها عندما تكون أحابيل الحكاية قد أخذتهم إليها، وطوَّحت بهم عند تخوم النهاية.
فالدارس المختص في مجال الحكايات الشعبية ستستوقفه ـ لا محالة ـ لحظة الافتتاح الحكائي، باعتبارها استراتيجية حكائية، تعمد إلى استعمال صيغ طقوسية متداولة، ومتعارف عليها، الهدف الأساس منها هو التعيين الضمني لبداية الحكاية (الشفوية أو المكتوبة)، إذ إن هذه الأخيرة تحمل، عادة، بعض تقاليد السرد الشفوي، وتستضمره في طياتها.
من هنا، يضطلع الخطاب الافتتاحي في الحكاية الشعبية، بمختلف صيغه، بدور التأطير الوجداني للحكاية في بدايتها ونهايتها على الأقل، مثلما كان الأمر في الثقافة العربية مع الحديث الديني، حيث الحمد والدعاء والاستغفار، إلى آخر ما هنالك من المعاني التي يلجأ الراوي إليها قصد كسب ثقة المتلقي/المستمع، وحيازة تعاطفه: ناصحا أو مخادعا.
أولا: أهمية الخطاب الافتتاحي في الحكايات الشعبية
بات من المعروف، أن كل بداية حكائية هي نوع من التموقف، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار سلطة المتلقي التي لها أحكامها النافذة، سواء بالإقبال أو بالإدبار على الحكاية. وعليه، فإن جذب المتلقي، وجعله أسير الحكاية يعتبر إستراتيجية حاسمة من استراتيجيات «البداية»(7). ذلك أن عنصر الإغراء هذا، يعتبر هامشاً جارفاً للمتلقي، بحيث ينقاد معه المتلقي إلى معرفة ما وقع، أو ما يقع، أو ما سيقع، إشباعاً لفضول جامح يتلبسه، ويجعله أسير لعبة الحكي منذ الوهلة الأولى.
1 ـ العبارات والصيغ الافتتاحية الحكائية:
تكمن أهمية الخطاب الافتتاحي في الحكاية الشعبية(8)، في كونه يعود إلى مؤلفين مجهولين وأزمنة غير محددة، وفي تعدد وتنوع هذه الخطابات التي تستهدف أساساً استئذان المستمع للدخول فوراً في صلب الحكاية. وللتوقف عند مورفولوجيا الخطاب الافتتاحي في الحكايات الشعبية، يستوجب الأمر ضرورة العناية بالأدب الشعبي، ودراسته دراسة علمية؛ لأنه سيشكل، بالنسبة لنا، ظواهر معرفية تتصل بعلم اجتماع المعرفة الذي عبر عن وجود الجماعة نفسها.
ويعد الناقد العراقي ياسين النصير من بين أبرز الدارسين لمكون البداية في الحكايات الشعبية، حيث يؤكد على أن بدايات الحكاية الشعبية تميل إلى التركيز المحدد على الصيغ التعبيرية لمحفل الافتتاح الحكائي. وفي الأغلب جرى العرف الفني أن يكرر القاص بعض الكلمات مثل «كان يا مكان» أو غيرها. وتجسد هذه البدايات وضعاً زمنياً متداخلاً بين الماضي (زمن الحكاية)، والحاضر (زمن روايتها)(9).
ومن أجل البحث الدقيق في قضايا الخطاب الافتتاحي في المحكي الشعبي العربي، ومن أجل استجلاء خصوصية هذا الخطاب في علاقته بالخطاب الافتتاحي الغربي، سنعمد إلى بسط مجموعة من الصيغ الافتتاحية من مدونة المحكي الشعبي لكل من الثقافة الشعبية العراقية والمصرية والمغربية، وذلك لإعطاء صورة تقريبية عن مختلف هذه الصيغ الافتتاحية المتداولة في عالمنا العربي.
في هذا السياق بالذات، نجد أن المحكي الشعبي المصري، يركز كثيراً على الصيغ التعبيرية الافتتاحية التالية: («مرة كان فيه ولد شاطر...»/»ابن الملك تحت الأرض، بيحب بنت واحد ملك...»/ «راجل قرداتي عجوز...»/ «واحد غني كتب على دكانه «بما لي أفعل كل ما بدالي...»/ «ملك أنجب من الدنيا ولد واحد...»/ «كان فيه ملك من ملوك زمان…»).
أما طبيعة ونوعية الصيغ الافتتاحية المأثورة في المحكي الشعبي العراقي فجاءت على الشكل التالي:(«كان يا مكان وعلى الله التكلان...»/»يحكى أنه كان في قديم الزمان...»/ «كان ما كان والله ينصر السلطان...»/ كان ما كان ولله الإذعان...»/ «كان في قديم الزمان...»/ «كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان...»/ «يحكى أنه كان في الزمان الغابرة...»/ «قيل إنه كان في قديم الزمان...»/ كان لرجل/كان لصياد خرج الشواك يوماً...»/ «خرج الاسكندر...»/ «كان لصياد زوجة...»/ «كان لملك راع يرعى له الغنم...»/ «يحكى عن صديقين...»).
أما مفتتحات الحكايات الشعبية المغربية ذات النزوع إلى الواقعية، فقد جاءت على النحو التالي:(«كانت امرأة قد أسأمت زوجها...»/ «اشترى فلان اللحم من السوق...»/ «ذات مرة كان هناك رجل اشترى...»/ «رغم أن فلانة كانت شريرة...»/ «واحد الراجل ماتت له امرأته...»/ «فلانة كانت ديما كاتلعب بالرجال...»/ «كانت هناك امرأة يشتغل زوجها...»).
ومن جهته، حافظ التراث الغربي على مفتتحات حكائية شهيرة متنوعة ومختلفة، ولكنها تظل دائما تعني شيئاً واحداً هو: افتتاح الحكاية، مهما اختلفت الصيغ التعبيرية أو تباينت. وللتمثيل على ذلك هاكم عينة من هذه البدايات:
«هذه حكاية سأحكيها على أسماعكم»/»سنحكي لكم قصة رجل…»/»بطل القصة التي سنحكيها لكم…»/ «في هذه الحكاية، سأتحدث لكم عن قصة فتاة…»/»سأحكي لكم قصة سبعة فتيان»/»هذه قصة رجل عجوز يدعى…»
وعموماً، فبداية الحكاية الشعبية العراقية لا يختلف كثيراً عن بدايات الحكاية الشعبية المغربية أو المصرية أو الجزائرية، ولا حتى فيما يتعلق بالحكايات الغربية. ومع ذلك، فإن الصيغ التعبيرية للخطاب الافتتاحي لم تثبت على تركيبة واحدة وموحدة. وهذا ما ذهب إليه ياسين النصير الذي يرى أن الاستهلال في المحكي الشعبي العراقي «لا يختلف كثيراً عن استهلال الحكاية في «ألف ليلة وليلة»، ولا عن استهلالات الحكاية الشعبية العربية إلا في بعض المفردات المصرية بالنسبة للحكايات المصرية وبعض المفردات المحلية المؤدية للغرض ذاته لكل حكاية بالنسبة للحكايات السودانية»(10).
فكل واحدة هذه من الصيغ التعبيرية، تنتج لنا ما نسميه «فعل تدشين المحكي» (Geste inaugural)، في اللحظة نفسها تقوم بتعيينه، ضمنياً، كمحكي(11). كما أن هذه الصيغ تعد شكلا من أشكال تحديد المحكي من اللامحكي (أو بين النص واللانص).
وعلى هذا الأساس، تخضع الحكاية الشعبية، كباقي الفنون الأخرى، للقيم الجمالية والمعرفية المتعارف عليها، وتتقيد بمعاييرها؛ وذلك في أفق تكريس النموذج الحكائي المقبول والمتعارف عليه، في حين تتحقق اللاحكاية خارج هذه التقاليد والأعراف الحكائية السائدة، وأحيانا تقوم على ما يدمر هذه القواعد التي تم ترسيمها، سلفاً، في نطاق ثقافة شعبية معينة.
2 ـ المفعول السحري لعبارة «كان يا مكان...» وأخواتها
من خلال تتبعنا للقاسم المشترك بين مفتتحات المحكيات الشعبية العربية والغربية، سنجد أن عبارة «كان يا مكان...» هي الأكثر تداولاً وانتشاراً في ثقافة الشعوب ككل. وهنا نتساءل عن المصدر الذي تستمد منه هذه العبارة قوة حضورها في الحكايات الشعبية عامة. وما الذي يخول لهذه الصيغة أن تصبح صيغة عالمية تتوحد من خلالها كل المحكيات الشعبية؟ وما هو سحر هذه الصيغة التعبيرية الشهيرة؟
كما لا يغيب عن أذهاننا أن فعل (كان)، يحكي ما وقع لشخصية الراوي فيما مضى من زمان، على الرغم من أن بعض أحداث الرواية قد تقع في الحاضر أو ستقع في المستقبل، لكن طبيعة السرد لا تتعلق إلا بما كان لا بما هو كائن أو ما سيكون.
فعلى المستوى التركيبي، نود أن نشير إلى أن (يا ما) ليست من اللهجة العامية؛ لأن (ما) اسم موصول بمعنى الذي لغير العاقل، والمقصود به هنا القصة التي حدثت من قبل، وسيبدأ الراوي في روايتها شفوياً على مستمعيه. و(يا) حرف نداء للبعيد، فهي موحية هنا ببعد الشقة الزمنية التي ستروي عن زمن روايتها، وهو نداء غرضه التعجب. فكأن الراوي حين ينطق به يهيئ أذهان سامعيه إلى عجائبية ما سيروي وكثرته.
والمقصود بالأثر السحري الذي يترتب عن عبارة «كان يا مكان...»، يكمن في جوهر الأمر إلى أن القص في الأزمنة الغابرة، كان يرويه الكهنة أساساً، ذلك أنه من المسلم به أن الكهنة أكثر الناس معرفة بالحكايات كما جرت العادة. وعليه، لم تكن وظيفة هذه المحكيات العجيبة تنحصر في تحقيق متعة وجمالية أسلوبية فقط، بل كان لهذا القص أبعاد وظيفية من نمط شبيه ـ في الممارسة الثقافية ـ بالاحتفالات الدينية. فقد كانت هذه المحكيات الشعبية مصحوبة بتعزيمات شفوية، وأساطير وأناشيد تؤدى خلال هذه الطقوس الدينية والسحرية، إضافة إلى باقي الممارسات الشعائرية التي كانت غالباً ما ترتبط بطقوس الكهانة.
كما أن «كان يا مكان...» هي صيغة تعبيرية ساحرة وأخاذة كذلك؛ لأنها أشبه بكلمة السر التي تنفتح بها مغارة علي بابا على مصراعيها. فبمجرد النطق بها، تفتح في ذهن القارئ دائرة التقاليد الأدبية للحكاية الشعبية على بابها الأرحب، محركة في ذهنه آلة تظل «تدور وتندفع في حركتها، ولا تتوقف هذه الحركة إلا بكلمات أخرى، مثل: «وعاشوا في ثبات ونبات»(12).
هكذا تحيلنا الصيغة التعبيرية الشهيرة «كان يا مكان…» على الإيحاءات والوقائع التالية:
- صوت الآلهة، يوم كانت الآلهة، أبناء السماء ترشُّ على الدنيا حكاياتها/أساطيرها!!
- صوت الإنسان، يوم كان إلهاً بثلثيه وإنساناً بثلثه الثالث، وكان يصارع الناس كثور وحشي، فتعشقه عشتروت إلهة الحب، وتعرض عليه حبها…
- صوت الملوك، يوم كان الملوك يملكون ألف سنة ويفتحون ألف مدينة، وينكحون ألف عاتق، ثم يصيرون إلى الأرض، فراشهم التراب ووسادهم الحجر، وجيرانهم الدود.
- صدى حلو لصوت حلو هو صوت عبلة، يوم كانت تنادي عنترة.
- صوت الجن، يوم كان الجن يبنون المنازل ويشيدون الدور والقصور، ويبرئون المرضى، ويخاطبون الناس، ويعشقون البشر، ويهتفون بهم بأصوات مفهومة تتكلم الحميرية والعربية، ويخدمون الملوك...الخ.
- وأخيراً، «كان ما كان» يوحي بصوت مخيف، هو صوت الكفار القتلة، خارجاً من نار جهنم، صوت آدمي أسود، يخرج من الأرض المنشقة وهو يشتعل ناراً من قرنه إلى قدمه، وفي عنقه سلسلة يجرها خلفه وهو يصيح(13).
أما أهميتها الأخرى ـ في سياق عملية التواصل الحكائي ما بين باث ومستقبل ـ؛ فإنها تتجلى في التنصل من مسؤولية المحكي وتبعاته. فالراوي يحيل على أن هذه الأحداث قد تكون حدثت في الزمن الماضي، أو لم تحدث فيه. وكأن هذا الراوي بدأ حكايته بتشكيك المتلقي بأنه ليس مؤلف هذه الحكايات، ومن ثم فهو غير مسؤول عن صحتها لأنه مجرد راوٍ لها، وفي إحالة الأحداث إلى الماضي فائدة أخرى للرواي، هي منحه حرية السرد؛ لأن المتلقي لا يعرف هذا الماضي، ولا يستطيع إنكار ما يسرده الراوي عليه.
3 ـ العبارات الافتتاحية، ولعبة الانتقال من الواقع إلى الخيال
يكتسب الخطاب الافتتاحي في الحكاية الشعبية أهميته، باعتباره صيغة فارقة بين عالمين، خلالها يقوم الراوي بوضع حد بين الحياة اليومية العادية للمستمع، وبين ما سيشرع في سرده من حكايات، تَمُتُّ بصلة إلى عالم الخيال لا محالة.
وقد تضمنت الصيغ السردية المؤداة عند افتتاح حلقات الحكايات الشعبية، معنى الانتقال من الواقع إلى الخيال، فيقال على سبيل المثال:
- «كَانْ يَا مَا كَانُ فِي قَدِيمِ الزَّمَان…وَاحَدْ السُّلْطَانْ، وَالسُّلْطَانْ غِيرْ اَللهْ … كَانْ كْذَبْتْ أنا يَغْفَرْ لِي اَللهْ، كَانْ كْذَبْ الشِّيطَانْ عْلِيهْ لَعْنَةْ اَللهْ» («كان يا ما كان في قديم الزمان سلطان، ولا سلطان إلاّ الله. إذا ما كذبت أنا يغفر لي الله، وإذا ما كذب الشيطان فليلعنه الله …».)(14).
وإذا كانت الكتابة مرتبطة بالتأجيل والإرجاء والغياب؛ فإن المحكي الشعبي الشفوي هو عكس الحكاية المكتوبة، إذ يستلزم المحكي الشفوي القرب والحضور والمواجهة. من هنا نجد أن استعمال هذه الصيغ الافتتاحية تشكل «اعترافاً ضمنياً بوجود المستمعين باعتبارهم شخصيات واقعية، ويُقرُّ بحضورهم الفعلي المادي أمام الراوي»(15)، أما عندما يتعذر الاتصال المباشر، وتكون هناك مسافة (مكانية أو زمنية) تفصل المخاطَب عن المخاطِب، فإن الكتابة تنوب عن الفعل.
وتتميز تجربة السماع عن تجربة القراءة في كون علاقة المستمعين بالعالم المحكي الشعبي لا تقوم فقط على دور وساطة الرموز المجردة (الكلمات والصيغ التعبيرية…)، ولكنها تأخذ بعين الاعتبار معطيات مادية مختلفة محسوسة وملموسة، منها: البعد المادي للغة والصوت، والحضور المادي للراوي، بإيقاع صوته، وصمته، وتقاسيم وجهه، وكثافة رؤيته، وحركاته الصامتة، وحركة يديه، وتنقلاته في الفضاء …هذا ما يدفعنا إلى القول: إن الاتصال الملموس بين الراوي والمستمعين هو من أخص خاصيات السرد في الحكاية الشعبية.
وبناء عليه، فإن الصيغة الافتتاحية في الحكاية، بمفعول سحرها المشوق، قادرة على نقل المستمع من وضعه المادي المحسوس إلى عوالم متخيلة، كما أن الصيغ الختامية للمحكي الشعبي كفيلة بإعادته إلى عالم الواقع، عن طريق معانٍ متضمنة في هذه الصِّيغ المستمدة من الحكاية الشعبية الجزائرية، من مثل:
- «خُرَّافَتْنَا دَخْلَتْ اَلْغَابَة، وِاَلْعَامْ اَلْجَايْ تْجِينَا صَابَة».(«حكايتنا ذهبت مع الغابة، ويكون العام المقبل عام خصب»).
- «يَغَفْرَنَّا رَبِّي...هَذَا مَا سْمَعْنَا..هَذَا مَا قُلْنَا» («الله يغفر لنا.. ما سمعناه قلناه»)(16).
ويتنامى هذا التفاعل بين الراوي والمستمعين، ويطّرد في الوضعية الافتتاحية، كما في الوضعية الختامية، إذ يورد الباحث عبد الحميد بواريو نموذجاً على ذلك، وهو على النحو التالي:
- «الراوي: قصتنا تمت، أعينكم ذبلت.
- المستمعون: عفا الله عنك يا راوي.
- الراوي:عفا الله عنكم وعنا، وليلتكم سعيدة...».
أما ردود فعل الجمهور، فتختلف باختلاف الأزمنة والعصور، وتتباين بتباين تأثير فعل الحكي ودرجة تمكنه من السامع، ذلك أن البدائيين الذين كانوا يجتمعون في كهف حول نار، يستمعون إلى من يقص لهم الحكايات، بعد نهار يملؤه الرعب والمقاومة، (الرعب من الوحوش ومقاومة الموت) لا يمنعهم من النوم إلا اللهفة والانتظار: انتظار ما ستسفر عنه أحداث الحكاية المشوقة، وهم يَهْفُون إلى طرح السؤال التالي: ثم ماذا حدث؟
وأخيراً، يسدل الستار عن أطوار الحكاية، بالكشف عن نهاية الأحداث، خلالها سيتعرف المستمعون على ما حدث، أو يخمنون ما سيحدث، وحينها يستسلمون للنوم أو يقتلون(17)؛ لأن الراوي الذي لا يتقن صناعة الحكاية، يصبح مستهدفاً في حياته، ويتأرجح مصيره ـ في النهاية ـ بين جلب النوم للمتحلقين حوله، أو القتل المتعمد من طرف الجمهور، إذا لم تكن الحكاية مشوقة وفي مستوى انتظاراتهم.
وهنا يمكن الحديث عن المجلس، باعتباره فضاء للحكي عند العرب من جهة، ومقاما تواصلياً، فيه تتحقق تلك الإستراتيجية المشتركة بين الراوي والمروي له من جهة ثانية، «فنوع الراوي، ونوع السامعين، ونوع الخطاب والزمان والفضاء وشروط المجلس…كل ذلك يساهم في تحقيق «التفاعل» بين الراوي ومتلقيه»(18).
وهذا ما يدفعنا إلى مشاطرة استنتاج الباحث بورايو نفسه، أن جميع هذه الصيغ الافتتاحية توحي بمعاني متعلقة إما بطبيعة الحكاية، أو بوظيفتها(19)، أو بظروف أدائها، ومن بين أبرز هذه الوظائف:
- الانفصال عن الواقع والاتصال بعالم الخيال في مستهل الرواية، ثم الخطوة المعاكسة عند اختتامها.
- المزاوجة بين ما هو دنيوي وما هو مقدس، وبين ما هو جدي وبين ما هو هزلي.
- التأشير إلى الحد فاصل بين ما هو محكي، وما ليس كذلك(20)، وبذلك تضفي البداية الحكائية الشرعية الاجتماعية على الخطاب المحكي، وتعمل على وضعه في إطار نسق مؤسساتي، تدير آلياته مجموع تقاليد وطقوس الحكي. كما تعمل على دمج فعل السرد في مجموع التفاعلات الاجتماعية، التي منها ما هو ذو طابع خطابي (محكيات) وغير خطابية (Non discursive) (كالرقص، الاحتفالات، الطقوس…).
كل هذا وغيره، يجعل من عبارة “ كان يا مكان”تتأبد وتخلد ليس باعتبارها قيماً تاريخية، بل تحققا جمالية وأسلوبيا، من خلال الترديد المستمر والمتواتر لهذه الصيغة الافتتاحية كما لو كانت جملة سحرية، أخاذة، لا يلحقها الابتذال والبلاء من كثرة ترديدها وتكرارها على طول الأزمنة، وعلى امتداد مختلف الأمكنة.
ثانيا: مكونات الخطاب الافتتاحي في الحكايات الشعبية
ككل المحكيات (قصة، رواية، مسرحية، سير شعبية…)، تنبني الحكاية الشعبية (الشفوية منها أو المكتوبة) على مقولتي: الزمن والشخصيات بصفة مركزية وأساسية، في حين لوحظ الدور الهامشي الذي يمكن أن يلعبه المكان، على الرغم من صعوبة تصور واضح، وقطيعة جلية ما بين الزمان والمكان.
- فما هي طبيعة الزمن في الحكايات الشعبية؟
- وما هي علاقته بباقي مكونات الحكاية الشعبية؟
- ولماذا يتم التركيز على الزمن الماضي القديم في سرد أطوار الحكاية الشعبية؟
كلها أسئلة نبتغي من خلالها الاقتراب الدقيق من ماهية هذا المكون، والتعرف على أهم الدلالات التي تثوي خلف هذا الإفراط الشديد في العودة إلى ماضي البشرية القديم في الخطاب الافتتاحي بالضبط.
1 - زمن الحكايات الشعبية بين التحديد واللاتحديد
من المعروف، أن الزمان والمكان إطاران قبليان لإدراك المستمع وفهمه لما يُحكى. فهما شرطان ذاتيان لتمثل المستمع للعالم الخارجي. وخارج هذين الإطارين؛ فإن المستمع يكون عاجزاً عن تمثل عوالم ما يقدم له من حكايات.
وإذا كان المكان يعزز إمكانيات تفاعل المستمع مع أحداث الحكاية؛ فإن الزمان يحيل على أزمنة محددة يؤول إليها خيال المستمع، ليحدد وقائع وأحداث الحكاية. كما أنه في الحكايات العجيبة، يكون السرد اللاحق للحدث هو المهيمن، وفيه يشير الراوي إلى أنه يروي أحداثاً «وقعت» في ماض بعيد أو قريب.
فالزمن يتصدر الحكايات الشفوية من خلال عبارة «كان ما كان»، التي توحي بصوت عميق، قديم من أصوات المعابد العتيقة، صوت سردي يحمل بين طياته ألف لونٍ ولون من ألوان الحياة النابضة، الزاخرة بالألغاز والأسرار!!
كما أن زمن الحكايات الشعبية العجيبة، إلى جانب ذلك، قريب من الزمن الأسطوري الذي تغذيه بعض المعتقدات المحرفة أو المشوهة التي تعتبر الزمن هو انخرام وفساد مستمران. فاللعنة التي لحقت بآدم وذريته كانت سبباً في خروجه من البراءة اللازمانية إلى حالة الوعي الزماني والشقاء الأرضي.
فكلما اقتربت حلقة ما من لحظة البدء، كانت أقل تعكرا وفسادا. على هذا النحو، يمكن تفسير «تعلق السير الشعبية تعلقا شديدا بالأنساب والألقاب وإجماعها تقريبا على سمو هذه المزية. وتكمن شيمة البطل الأولى في شرف نسبه وتواتره وتسلسله وثباته»(21).
من هذا المنطلق، فإن عبارة «كان ما كان» ليست فقط صوتاً سرديا تتوق من خلاله النفوس المتعطشة لجمال الحياة، بل هي صوت الأغوار العميقة والأزمنة السحيقة، بما فيها من آفاق فسيحة تعجُّ بالخير والبركة، والدين والمعرفة، والعلم والفلسفة!!
ولتأكيد البقاء ضمن الزمن الماضي، أو أن ما سوف يأتي من فعل للحكي قديم جداً، يردف الراوي عبارة “كان يا ما مكان” بعبارتي «سابق العصر والأوان» و«الأزمان الغابرة». وهذا ما يجلي لنا أن العالم، من منظور هؤلاء الحكائين، ثابت القيم وغير متغير، وأنه استقر منذ القدم على أفعال وأحداث بعينها.
كما أن الاستمرارية التي نعيشها، تعني الثبات على القيم القديمة، والأبطال السابقين الذين تحكي عنهم الحكاية الشعبية ليسوا إلا نماذج مختارة، مصطفاة، امتلكوا خبرة لا مثيل لها، وهم وإن كانوا بشراً لكنهم «ذوو صفات فوق بشرية، لذلك لا يمكن تكرار تلك الأفعال، وما علينا الآن، إلا أن نعيدها حكايات لنسير بها حياتنا المعاصرة»(22).
ولدى انكبابه على دراسة الصيغ الافتتاحية وطبيعة أزمنتها، وقف جون لويس مورهان على مساهمة «البداية» الحكائية في «مَوْقَعَةِ» (La mise en place) السامع أو المتلقي في عالم المحكي، وبالتالي وضع مسافة بين الراوي والمستمع.
هذه المسافة التي تقيمها الصيغ التدشينية بواسطة الكلمات الأولى، بين المستمعين وعالم المحكي، هي في عمومها ذات طابع زمني (Temporelle)، ويتجلى ذلك من خلال الصيغ النمطية التالية:
- «في سالف الأزمان، كان الرجال يجهلون الموت…»
- «فيما مضى، لم يكن الرجال يتوفرون على النار…»
- «منذ زمن قديم…»
- «في الأزمنة الغابرة…»
- «في الأزمنة الخوالي…»
فالتحديد الزمني (Détermination) مسألة هامة في المحكي الشعبي، باعتباره العنصر الذي تسند إليه وظيفة تعيين حدود سلسلة سردية معينة، حيث تكون للأحداث التي يتناولها المحكي الشعبي بداية ونهاية. هذه الحدود قد تكون بلا تعيين واضح: «فيما مضى»، أو تتحدد بصورة عامة: «في الأزمنة الخوالي»، أو تتعين من خلال حدث آخر، وهذا هو الغالب: «فيما مضى لم يكن الرجال يتوفرون على النار»(23).
هكذا نجد أن بداية الحكاية الشعبية غالباً ما تكون بالماضي «كان يا ما كان…»، ثم يتحول الزمن داخل بنية الحكاية إلى الحاضر، وبمثل هذه الانتقالة الزمنية يتداخل في بنائها فِعْلاَ الماضي والحاضر دون أن تختص بواحد منهما. وبهذا المعنى، فإن زمن الحكاية الشعبية، إذاً، هو زمن «متجدد، نابض، حي، ومستقر، ولذلك فهي دائمة الحضور، تستطيع أن تستوعب حتى الجديد في الحياة دون أن يختل بناؤها الخاص»(24).
لكن ما يثير الانتباه في هذه الصيغ الافتتاحية هو عدم تحديد وتدقيق المؤشرات الزمنية بصفة عامة، وكأنما الفارق الذي يميز بين عالم الحكي وعالم المستمعين لم يكن قابلاً للقياس، تبعاً للوحدات الزمنية الجاري بها العمل في حياتنا اليومية (اليوم، الشهر، السنة …). وهو ما يوحي لنا أن الفارق المذكور سابقاً ليس من طبيعة زمنية، كما قد يتراءى لنا ويتبادر إلى أذهاننا، بل إن المسافة المعينة بواسطة الصيغ الافتتاحية، هي في الواقع، تمثيل استعاري لنوع آخر من المسافة، يمكن أن يحيلنا على«الزمن الأسطوري» الذي يضفي على الحكاية بعدها العجائبي والغريب.
بالإضافة إلى أن عبارة «كان يا مكان...» أداة سردية عربية شعبية تماماً، تشيع في رواية الملاحم والحكايات الأسطورية العربية التي تروى شفاهة، والتي ظلت تتضخم بالتراكم التاريخي لرواية بعد رواية، يُعْمِل فيها الراوي خياله وهو يرويها على سامعيه بالإضافة والحذف والتعديل والمزيد من العجائبية قرناً بعد قرن.
وبالتالي، فإن هذه الصيغ الافتتاحية التي تتعالى على التدقيق في تاريخية المحكيات، لها حضور وازن في ثقافتنا العربية بفعل العبارة الأثيرة «كان يا مكان»، التي تنفتح على زمن غير محدد، ينطلق خلالها الراوي من نقطة لا بداية لها من منظور الحياة اليومية، وما تقتضيه معايير الزمن الكوني الذي يتشكل من مؤشرات معروفة، تضبط فوضى الزمن، وتضع مقاييس معينة لسيرورته.
ولا غرو أن يكون للفعل الناقص في عبارة «كان يا مكان» أثر كبير في إمكانية التكملة المستمرة المصاغة من حياة الشعوب، كما قد يوحي الفعل الناقص(«كان») كذلك، باستحالة احتواء فعل الحكي على شيء متكامل، لذلك يبقى الإنسان «مشدودا إلى ما يكمل تجارب الأولين، (حيث) تحمل العبارة الاستهلالية(في طياتها) الفعل الدائري للسرد»(25).
فقد تشترك في صياغة هذه الأزمنة المفارقة، عدة مجتمعات وشعوب، وذلك بإعادة صياغة الحكايات كل مرة وفي كل الأزمنة، وهذا ما يضمن لهذه الحكايات نوعاً من الاستمرارية التي لا نهاية لها، وتحيل هذه الصيغ الافتتاحية إلى تراث حضاري لا ينفذ ولا ينضب معينه...
ومن هذا المنظور، فإنه لا يمكن أن يكون موضوع الحكاية قد تَكوَّنَ، في شكله الذي انتهى إلينا، إلا بواسطة راو يُضفي عليه، كل مرة، صبغة خاصة، ولمسة مميزة. وربما أخطأ الراوي الطريق إلى الأصل بألوانه الخاصة، من هنا «تظل القصة، بوصفها كلاًّ، الشيء الحي، لأنها ترتبط دائما بالقاص، والقاص لا يروي شكلا جامدا، وإنما يحاول أن يروي حكاية كاملة ذات بداية ونهاية»(26).
ولهذا السبب لم تختلف دلالة العبارات الحكائية الأخرى، عما توحي به العبارة الشهيرة: «كان يا مكان». فهي تعني أن سارد الحكاية يقول لمن يسمع إليه، من بداية السرد، إنني سأروي لك شيئاً حدث في الزمن الماضي، وعليك أن تفهم الأحداث المروية في ضوء هذا الماضي، ولا تمتد بها إلى الحاضر. وبتلك الإحالة الصريحة إلى الماضي، «يهرب (الراوي) من سرد الأحداث المتعلقة بالحاضر، ويتنصل من مسؤولية ابتداع الأحداث من مخيلته، ويفوز بحرية السرد بإعلانه أنه مجرد وسيط بين الأحداث والمتلقي»(27).
فالماضي الذي تعنيه الحكاية لا زمني، بمعنى أنه ماض غير محدد بفترة تاريخية معينة، فما تعنيه الحكاية بعبارة «كان يا ما كان» هو ديمومة الماضي، وانفتاح الفعل الناقص على زمن غير محدود فـ «يا ما» تعني استمرارية تراجعية وليس استمرارية تقدمية(28).
وفي ضوء هذه المعطيات، فإنه لا يصح أن تبتدئ الحكاية بأي زمن قريب. أي أن أية حادثة قريبة إلى فهم الناس وأسماعهم لا تمتلك ثقلها التاريخي. فالتاريخ يكمن في «كان يا ما كان»، وليس الماضي إلا تاريخاً شعبياً، يستذكر من خلال حكاية أو حادثة. والماضي بمعناه الأشمل «استمرار رغم قدمه، فهو حاضر فيما نرويه وإن كان معزولاً بـ«كان يا ما كان» كذلك شأن ظرف الزمان «منذ قديم الزمان»(29).
2 ـ القوى الفاعلة في الحكاية الشعبية
عندما تصبح الشخصية هي نقطة انطلاق كل مشروع حكائي؛ فإن ذلك الدخول الفوري للشخصية على مسرح الأحداث، يعدُّ إيذاناً بإطلاق دينامية الأحداث منذ الوهلة الأولى، ما دامت الشخصية هي الفاعلة، أو التي يقع عليها فعل الفاعل. وهذا ما يجعل «البداية» الحكائية، التي تركز على الشخصية، تبدو وكأنها تضطلع بأدوار سردية مضاعفة: من بينها إدراج الشخصية الحكائية في المشهد الابتدائي، وفي الوقت ذاته، إمداد القارئ بمعطيات حول المكان والزمان، لجعل دخول الشخصية محاطاً بما يلزم من المعلومات، بغية تسهيل عملية ولوج المتلقي إلى عالم الحكاية الشعبية.
وفي هذا الصدد، تحدث فلاديمير بروب عن الشخصيات باعتبارها تندرج في إطار ما هو متغير في بنية الحكاية ككل. كما عمل، إلى جانب ذلك، على استنباط القوانين التي تتحكم في هذه المتغيرات، ومنها صفات الشخوص وخصائصها، وتعني لديه: «كافة الخصائص الخارجية للشخصيات: عمرها وجنسها ومكانتها ومظهرها الخارجي وخصائص هذا المظهر...الخ» (30).
كما رأى أن هذه الخصائص تضفي على الحكاية السحر والجمال والإبداع؛ لأنها وثيقة الصلة بمجتمع الحكي، وبحياته الواقعية والدينية والأدبية وبماضيه الملحمي والوثني والطقوسي كذلك.. من هنا نعتبر القوى الفاعلة في الحكايات الشعبية، كائناً مصنوعاً من صفات وأعمال بشرية. لهذا تتشابه الشخصية الحكائية والكائن البشري، ولهذا أيضاً تختلف في الصفات والأعمال والأدوار والأهمية، كما يختلف البشر لحصر معنى الشخصية في الدائرة البشرية.
أ ـ طرق تقديم الشخصيات في الحكايات الشعبية
يمكن تصنيف القوى الفاعلة التي وردت في بدايات الحكايات الشعبية التي جمعها الباحث شوقي عبد الحكيم في كتابه: «الحكاية الشعبية العربية»(31) على الشكل التالي:
أولاـ شخصيات إنسانية: ويمكن تقسيمها هي الأخرى إلى المجموعات التالية:
1 ـ شخصيات الملوك وأبناء الملوك والأغنياء: («ابن الملك ملك تحت الأرض بيحب بنت واحد ملك...»)،(«واحد غني كاتب على دكانه «بما لي أفعل ما أشاء»...»)،(«ملك أنجب من الدنيا ولد واحد...»)،(«كان فيه ملك عند بنت حلوة...»)، («الملك والوزير طلعوا يتفسحوا في الخلا...»)،(«كان قارون...»).
2 ـ شخصيات المهنيين والحرفيين والبسطاء:(«مرة كان فيه ولد شاطر راح يصطاد...»)،(«راجل قرداتي عجوز...»)، («راجل قاعد على بير ومدلل رجليه في البير...»)، («كان فيه راجل عمده...»)، («كان فيه جدع شاب...»)، («واحد عربي غلبه الزمان...»)، («واحد صرماتي...» (أي إسكافي))، («كان فيه راجل طيب...»)، («رجل عنده ثلاث أولاد وثلاث أوض(أي غرف)، قبل ما يموت جمعهم...»)، («كان في مرة فارس...»).
هكذا تسود تيمة الحكم في بدايات هذه الحكايات، من خلال تبئير الراوي على شخصية الملك، كما يمكن أن يستشف من المجموعة الثانية مستوى طبقي ومعيشي متواضع، من هنا فالغنى والسلطة والملك، راجع أساساً إلى تلك العلاقة الطبقية غير المتكافئة بين عامة الشعب من جهة، وبين تلك الفئة المحظوظة من طبقة الملوك والسلاطين والحكام والأغنياء الذين يمثلون عادة الطرف الآخر في معادلة الصراع بين الضعفاء والأغنياء.
ثانياً ـ شخصيات حيوانية: («جمل وحمار كانوا سايبين في جنينة...»)، («كان الملك الأسد، أغنى ملك في الدنيا...»).
لعل أهم ما يميز هذا النوع من الحكايات الشعبية هو أن الحيوان يلعب دور البطولة، «مثلما كانت الآلهة وأنصاف الآلهة تلعب دور البطولة في أساطير الشعوب، وخاصة أساطير الخلق والتكوين»(32). فالحكايات التي تتخذ من الحيوانات شخصياتها الرئيسة، تمكن الراوي على تجاوز الخطوط الحمراء لأية رقابة سياسية أو سلطة دينية، على مر العصور مثلما هي قادرة ـ منذ البداية ـ على كسر حواجز اللغة والمكان والزمان.
ومن خلال المتن الحكائي المنتخب أعلاه، نجد أن من أهم الحيوانات التي تحضر بقوة نذكر الجمل والحمار والأسود....فهل يتعلق الأمر هنا بحيوانات بشرية إذ يحيل الجمل على شخصية الإنسان الكتوم والصبور، وكذلك الحمار الذي يشير إلى قوة تحمل الأذى من طرف الآخر الذي يمعن في تحقيره واستغلاله واستنزاف طاقاته، مقابل الأسود الذين يمثلون الطرف النقيض للجمال والحمير، فهم يحيلون ضمنيا على الإنسان الكاسر الذي يتغذى على الحملان البشرية الوديعة. فهل يحضر الحمار والجمل كناية عن أناس طيبين، يتم الاعتداء على حقوقهم باستمرار؟ مما لا شك فيه أن نظير هذه الحكايات تستبطن رسائل متعددة، يرغب الراوي تمريرها عفو الخاطر إلى المروي لهم. ما دام هذا الاتجاه محكوم عند هؤلاء الرواة بغاية «تنكرية» تضطرهم إلى تمثيل الواقع الحقيقي بواقع متخيل آخر هو مملكة الغاب.
وفي هذه الحالة بالذات، يتم نقل هذه الحكايات من عالم البشر إلى عالم الحيوان، وذلك في نطاق التمثيل الرمزي بين واقع الفرد والجماعة في مجتمع بشري محدد وواقع آخر، يتجسد في عالم الغاب الذي لا يبتعد كثيرا عن عالم الإنسان، ما دام القاسم المشترك بين العالمين هو صراع الخير والشر.(ومثال ذلك حكايات لامارتين في «فابلاته» و»كليلة ودمنة» وغيرهما).
ثالثا ـ شخصيات معنوية قيمية: («في مرة البركة والسعد ماشيين في سكة زراعية...»).
وهنا نسجل أن التمثيل عن هذا الصراع القائم في المجتمع بما هو مفارق للواقع، إضافة إلى استحضار عالم الحيوان، يتم كذلك عبر استحضار القيم المجتمعية وأنسنتها، بحيث تغدو البركة كائناً يمشي ويتحرك، في سكة زراعية كما يمشي الإنسان ويتحرك…وبعبارة موجزة«يشترط تعالي الشرور بطلاً متعالياً ليشخص عناية السماء فوق الأرض»(33).
في نهاية المطاف، لا يهم بعد ذلك أن تكون تلك القوى الفاعلة إنسانا أو حيوانا أو جنـا أو قيمة معنوية ما دام أن هناك تغيرا مستمرا لهذه القوى من حكاية إلى أخرى، وهذا ما يشكل سلسلة من الاستبدالات الواقعية ـ بل الأهم هو هل هي قوى شريرة أم خيرة؟ وحينما تتأتى لنا الإجابة عن هذا السؤال، لن تجدي بعد ذلك طريقة الاعتداء مادامت السمة المميزة في البناء الحكائي هي فعل الاعتداء نفسه، وليس تنوع أشكاله، والأدوات التي نفذ بها...
ب ـ صيغ تقديم الشخصيات في الحكايات المرحة
يميز فلاديمير بروب بين ما هو ثابت وما هو متغير في الحكاية الخرافية، حيث يعتبر أن «الوظائف هي العنصر الوحيد الثابت في الحكاية وما دونه متغير»(34). في حين يرى أن الشخصيات هي العنصر المتغير في مورفولوجية الحكاية الخرافية.
وبالعودة إلى الحكايات الشعبية ذات الميول إلى المرح ـ في المغرب على سبيل المثال لا الحصرـ فإننا نظفر بمجموعة من الشخصيات التي ترصد علاقة المرأة ـ بصفتها شخصية محورية في هذه الحكايات ـ بالرجل في بدايات هذه الحكايات الشعبية، و«لكل نوع من الشخصيات طريقته في الظهور»(35)، وتأتي في هذا السياق وفق الصيغ التالية:
- نموذج المرأة النكدية: «كانت يَشُّو قد أسأمت زوجها الحسن إلى حد اليأس».
- نموذج المرأة العنيدة: «اشترى قبايلي اللحم من السوق وعاد مبكراً إلى بيته من أجل إكرام زوجته».
- نموذج المرأة والقاضي: «ذات مرة كان هناك رجل اشترى قمحاً».
- الرجل وزوجته الشريرة: «رغم أن مماس كانت شريرة، تزوجها رجل»
- نموذج المرأة الهَجَّالَة:«واحد الراجل ماتت له امرأته وبقي هجال».
- نموذج عايشة المراكشية اللعوب:«عايشة المراكشية كانت ديما كاتلعب بالرجال وتضحك عليهم».
- نموذج المرأة والديك:«كانت هناك امرأة يشتغل زوجها في شراء وبيع الدجاج والديكة».
هكذا نخلص إلى أن مواصفات المرأة في هذا المتن الحكائي، من خلال بدايات الحكايات تتمحور حول الصفات التالية:
- المرأة في حالة تلبس منذ مطلع الحكاية (الرجل وزوجته الشريرة مثلاً).
- المرأة باعتبارها رمزاً للنكد ومصدر الملالة والشؤم (حكاية المرأة النكدية).
- المرأة الماكرة والمخادعة (المرأة والديك).
- المرأة الغاوية والماكرة (عايشة لعبو).
في حين يصور الرجل بالمواصفات التالية:
- الرجل رب الأسرة ومعيلها( المرأة والقاضي) و(الرجل وامرأته العنيدة).
- الرجل الذي فقد زوجته (الهجال).
- الرجل التاجر (المرأة والديك).
- الزوج المغبون والتعيس (المرأة النكدية).
كل هذه المعطيات وغيرها، تقودنا إلى أن بدايات الحكاية المرحة عامة، ومنها الحكاية المرحة المغربية على وجه الخصوص، تتميز بالنزوع إلى التركيز على تقديم شرائح من النساء يتصفن عموماً بممارسات سلوكية متمردة على الثوابت، وفرض الندية على الرجل وإن على المستوى الفردي، وبصورة لا أخلاقية وفق منظور ثقافة المجتمع المتداولة فيه الحكاية.
فرغم موقع المرأة الاجتماعي الملحق بالرجل، تتجرأ على الوقوف في هذا النوع من السرد الشعبي وجهاً لوجه أمام الرجل؛ «تجابهه وتعانده وتخدعه وتكيد له وتمكر به وتحتال عليه وتعتدي عليه وعلى حقوقه، من منطلق أناني متعمد غالباً» (36).
وهذا ما يعني أن لحظات الصراع في الحكايات الشعبية المرحة، تكون نقطة انطلاقها هي اللحظة البدئية من الحكاية، وهذا الأمر يدل على ذلك الصراع الخفي تارة، والصريح تارة أخرى، بين الرجل والمرأة في ظل مجتمع ذكوري يجعل من سلطة الرجل واقعاً لا يُعْلى عليه، وهذه الوضعية الدونية للمرأة حقيقة لا يمكن أن ننكرها في ظل سيادة ثقافة تقليدية في طبيعة تعاطي الرجل مع المرأة…
فمن الاستنتاجات التي يمكن استنتاجها من هذا المتن الحكائي المنتخب، غياب المرأة الذكية والصالحة، وهذا الأمر يعكس ـ بطريقة ضمنية ـ نموذج الوعي المغربي غير البريء تجاه قضية المرأة. وهو بطبيعة الحال وعي ذكوري خالص، رؤيته للمرأة باعتبارها مصدرا للمتعة الجنسية واستمرار النسل، وخدمة البيت والسهر على توفير الجو الملائم للرجل على كافة الأصعدة. إلا أن هذه الصورة النمطية لا تنفي أنه ليست هناك حكايات تقدم المرأة منذ البداية كامرأة حكيمة مدبرة، ربة بيت ناجحة، لا تعصي أمراً لزوجها وتتفانى في خدمته (نموذج شهرزاد في «ألف ليلة وليلة»).
وعليه، فإن هذه النصوص الحكائية تنتج بطريقة ضمنية نموذج الوعي المغربي غير البريء تجاه قضية المرأة. وهو بطبيعة الحال وعي أبيسي، رؤيته للمرأة كمصدر للمتعة الجنسية واستمرار النسل، وخدمة البيت والسهر على توفير الجو الملائم لرجل على كل الأصعدة.
من خلال ما سبق، يمكن تسجيل الملاحظات الأساسية التالية:
- هيمنة لعبارة “كان يا مكان في قديم الزمان” في بدايات أغلب الحكايات الشعبية العربية، لكننا لا نعدم بدايات أخرى تكرس ما هو متعارف عليه من الابتداء بالبسملة أو الصلاة والسلام على النبي محمد (ص) كما يفعل الرواة المعاصرون.
- محاولة الراوي الشعبي الإيهام بأن ما يحكيه الآن قديم جداً، أو موغل في القدم من خلال تعابير«سالف الأوان، أو سالف العصر والأوان، أو الأزمان الغابرة…الخ».
- تداخل أزمنة الأفعال بين الماضي والمضارع، مما يعكس تداخلاً في مراحل القص ومستويات الفعل.
- تنوع وتعدد القوى الفاعلة ما بين ما هو إنساني (الملك/الحرفي..) وبين ما هو حيواني (الأسد/الحمار...)، وأخيرا ما هو قيمي (البركة والسعد).
خاتمة
تفضي بنا المعطيات السابقة إلى ضرورة تعويض الفهم البسيط حول مفهوم البداية في الحكاية الشعبية، بتمثل يرقى إلى مستوى وعي نقدي جديد بشعريته وأهمية رهاناته الفنية؛ فبدل أن تظل البداية محددة من خلال موقعها (البداية) ويجري تحليلها وفق هذا التصور ذي النظرة الضيقة، جاءت دعوتنا إلى ضرورة وضع هذا المكون الحكائي الاستراتيجي في جدل دينامي بينه وبين باقي مكونات النص الأخرى، غير أن طموحنا في النهاية هو يصبح مجال دراسة هذا المكون الأنجع والأفيد يرتد إلى معمار النص الحكائي الجامع من خلال دراسة نوعيته، وأساليبه واستراتيجياته…تفادياً لكل نظرة تجزيئية تعزل هذا المكون عن بنية النص الذي يشكل العمدة، وتفصله عنه فصلا تعسفياً.
الهوامش والمراجع
1 - تعددت تسميات «البداية» لدى النقاد العرب بتعدد وجهات نظرهم إلى النوع الأدبي المستهدف. هكذا يفضل رشيد بنحدو توظيف تسمية «المطلع»، في حين يحلو لياسين النصير وعبد العالي بوطيب استعمال لفظة «الاستهلال»، أما جليلة الطريطر فتسم البداية «فاتحة»، بينما أجمع باقي النقاد على مصطلح «البداية»، ونذكر منهم بينهم: صبري حافظ وبوشعيب حليفي وصدوق نورد الدين... وبدورنا استقر اختيارنا على مصطلح «البداية» الحكائية، لأننا نرى أن «البداية» هي المصطلح الأقرب والأنسب في هذا السياق المخصوص، ما دام «المطلع» له بعد تراثي شعري(خطاب المطالع والمقاطع)، و«الفاتحة» لها بعد ديني، أما «الاستهلال» فيتسم بكثير من التعميم...
2 - فلاديمير بروب: “مورفولوجيا الحكاية الخرافية»، ترجمة وتقديم أبو بكر باقادر، محمد عبد الرحيم نصر، منشورات النادي الأدبي الثقافي بجدة، ط: 1، 1989، ص: 83.
3 - ياسين النصيّر: “الاستهلال السردي في الحكاية والمسرحية»، مجلة:»كتابات معاصرة»، المجلد الرابع، العدد الثالث عشر: شباط ـ آذار 1992، ص:96.
4 - نبيلة إبراهيم: “قصصنا الشعبي من الرومانسية إلى الواقعية»، دار العودة ـ بيروت 1974، ص:59.
5 - نبيلة إبراهيم: “عالمية التعبير الشعبي»، مجلة: فصول، المجلد الثالث العدد الرابع، يوليو/أغسطس/سبتمبر 1983، ص:31.
6 - رولان بارث: “ التحليل النصي»، ترجمة عبد الكبير الشرقاوي، منشورات الزمن، الرباط، 2001، ص:37.
7 - Andrea Del Lungo : «Pour une poétique de l’incipit », In :»Poétique”, N° 94, 1993, p: 131.
8 - سنتناول بالدرس والتحليل أنواع محددة من الحكاية الشعبية، وأهمها : الحكاية الواقعية وحكايات الحيوان والحكاية المرحة، وذلك من خلال مفتتحات بعض الحكايات الشعبية المنتخبة في المتن الحكائي المعتمد...
9 - ياسين النصيّر: “الاستهلال السردي في الحكاية والمسرحية»، مرجع سابق، ص:96.
10 - المرجع نفسه، ص:96.
11 - Jean– louis Morhange,: «Incipit narratifs : L’entrée du lecteur dans l’univers de la fiction”, in : Poétique, N° 104, 1995,P : 390.
12 - السيد إبراهيم: “نظرية الرواية» دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 1998، ص:99.
13 - بتصرف عن كتاب موسى سليمان: “الأدب القصصي عند العرب» دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط:3، 1960، ص:6/8.
14 - عبد الحميد بورايو: «الحكاية الخرافية للمغرب العربي»، دار الطليعة، بيروت ط :1، 1992، ص: 7 ـ 8.
15 - Jean– louis Morhange : «Incipit narratifs : L’entrée du lecteur dans l’univers de la fiction” .op.cit, p : 393.
16 - عبد الحميد بورايو:”الحكاية الخرافية للمغرب العربي»، مرجع سابق، ص:8 ـ9.
17 - إ. م . فورستر: “أركان الرواية «، ترجمة موسى عاصي، جروس بريس، طرابلس ـ لبنان، ط:1، 1994، ص:24.
18 - سعيد يقطين:” قال الراوي، البنيات الحكائية في السيرة الشعبية»، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء/بيروت، ط:1 ، 1997، ص:300.
19 - يمكن تصنيف الوظائف، حسب عبد الحميد بواريو، في مجموعتين كبيرتين هما:وظائف الإنجاز، التي تمثل مسار تحول في طريقه إلى التحقق، ووظائف الحالة، والتي تمثل مساراً منتهياً وصل إلى نوع من العلاقة المستقرة نسبياً، وهي تفتح أو تغلق عددا من المسارات الإنجازية. إنها الوظائف التي تفتتح وتختتم،عادة، الحكايات، وتسمى وضعية افتتاحية أو وضعية ختامية.
- عبد الحميد بورايو :»الحكاية الخرافية للمغرب العربي»، مرجع سابق،ص:18.
20 - Jean– louis Morhange : «Incipit narratifs : L’entrée du lecteur dans l’univers de la fiction”. op.cit, p : 390.
21 - عبد العزيز لبيب: “في الجمالية الشفاهية: البطل والتمثل الجمعي للتاريخ»، مجلة:»المجلة العربية للثقافة»، السنة الثامنة عشرة ـ العدد السادس والثلاثون، مارس 1999، ص:61.
22 - ياسين النصيّر: “الاستهلال السردي في الحكاية والمسرحية»، مرجع سابق، ص:95.
23 - لا نعدم بدايات حكائية أخرى، وهي قليلة جدا، تبتدئ بفعل المضارع (أحكي، أقول…)، موحية أن تداخل أفعال الحاضر مع الماضي، يمكن أن يعطي ديمومة أسلوبية ما للحكاية.
24 - ياسين النصير: “المساحة المختفية ( قراءات في الحكاية الشعبية)»، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط:1، 1995، ص:20.
25 - المرجع نفسه، ص:94.
26 - إحسان سركيس: “الثنائية في ألف ليلة وليلة «، دار الطليعة ، بيروت ، ط: 1، 1979، ص:11.
27 - سمر روحي فيصل:”الرواية الإماراتية تعريف ونقد»، مجلة «الرافد»، العدد 86، شوال ـ ديسمبر، 2003، ص:66.
28 - ياسين النصير:”المساحة المختفية( قراءات في الحكاية الشعبية) «، مرجع سابق، ص:60.
29 - المرجع نفسه، ص:61.
30 - فلاديمير بروب: “مورفولوجيا الحكاية الخرافية»، مرجع سابق، ص:172.
31 - بدايات الحكايات الشفوية هذه مأخوذة من كتاب الباحث شوقي عبد الحكيم وهو بعنوان:”الحكاية الشعبية العربية»، دار ابن خلدون، بيروت، ط:1، 1980، ص:13.
32 - محمد رجب النجار:”حكايات الحيوان في التراث العربي « آفاق جديدة»»، مجلة:»عالم الفكر»، المجلد الرابع والعشرون، العددان الأول والثاني ـ يوليو/سبتمبر/ أكتوبر/ ديسمبر 1995، ص:187.
33 - عبد العزيز لبيب:”في الجمالية الشفاهية: البطل والتمثل الجمعي للتاريخ»، مرجع سابق، ص:70.
34 - فلاديمير بروب: “مورفولوجيا الحكاية الخرافية»، مرجع سابق، ص: 146.
35 - المرجع نفسه، ص: 166.
36 - مصطفى يعلى:”وظائف المرأة في الحكاية المغربية المرحة»، مجلة :»مناهل» (وزارة الثقافة والاتصال المغربية)، العددان: 64 ـ 65، نونبر 2001، ص:253.