فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

الحلاقة في البحرين

العدد 25 - ثقافة مادية
الحلاقة في البحرين
كاتب من البحرين

الحلاقة مهنة تتسم بالعراقة، فهي قديمة جداً،وعريقة جداً،و هي مرتبطة ارتباطا وثيقا بتلك الفترات السحيقة التي بدأ فيها الإنسان يهتم بجمال مظهره الخارجي و العناية بتصفيف شعر رأسه، وتجدر الإشارة إلى أن المجتمعات البدائية القديمة ظهرت معتقدات خرافية جعلت مهنة الحلاقة عند بعض القبائل مرتبطا بطرد الشر من النفس لتطهيرها من الأرواح الشريرة التي تسكن في شعر رأسه و شعر لحيته و شواربه.

وكون ذلك مرتبطاً بشعر الإنسان فإنه يبرز العلاقة الوثيقة بين الحلاقة وكل طبقات المجتمع من ملوك وأمراء وخلفاء وفرسان وأغنياء  وفقراء.
إن الحلاق بحكم قربه من الناس، أصبح جزءاً من الحياة السياسية  والاقتصادية، وفي بعض الأحيان الحياة الثقافية أيضاً، بحكم ارتباطه بكل شرائح المجتمع، ليستمع إلى همومهم وأفراحهم وأحزانهم ومشكلاتهم، وهوبدوره المهني أصبح أفضل ناشر ومذيع للأخبار والشائعات، بل إنه واحد من المصادر الموثوقة لدى من يرغب في الزواج والمصاهرة، ومع الزمن تطورت مهنة الحلاقة، فأصبح الحلاق يعالج بعض الأمراض التي تصيب الشعر وفروة الرأس، لما يعانيه الكثير من الناس آنذاك من بعض التقرحات الجلدية و«القرع » مما يجعله يأخذ دور الطبيب، وهنا لابد من التفريق بين رأس الرجل الأصلع ورأس الرجل الأقرع، فالصلع ظاهرة عادية غير مرضية تصيب بصيلات شعر الرجال المؤهلين وراثياً لحدوثها وتبدأ من أوائل العشرينيات من العمر، أوبعد ذلك، وقد يبدأ الصلع من المنطقة الأمامية فقط أوالخلفية، أوكليهما، وقد يصيب كل الشعر من الجانبين، وهناك سبب آخر للصلع هواختلال نسبة الهرمون الذكري وهوالأندروجين في الجسم، وينبغي ألا يفهم من ذلك وجود نسبة من الأنروجين، ولكن وجود العامل الوراثي يجعل الشعر أكثر استعداداً للاضمحلال تحت تأثير الهرمون الذكري.
أما الأقرع فإن جلد رأسه يعاني من تقرحات متفرقة في فروة الرأس، يتعذر حلها نموالشعر مما يجعل المصاب بهذا المرض يواري «قرعته» بغطاء، ففي منطقة الخليج يحرص المصاب على لبس «الغترة» ليلاً ونهاراً، وفي كل الأماكن، وكان الصبية يتغنون:
أقرع قرنقع طاح في الطاسه
صرخ على أمه يبي خرخاشه
 
وهذه كانت البداية لمعالجة الحلاقين قروحات الرأس ليضيفوا إلى مهنة الحلاقة مهنة المعالجة ومهنتي الحجامة ومهنة الختان أيضا. وكان يطلق عليه الحكيم.
وسوف يتم تناول شرح المهمات الثلاث التي يقوم بها الحلاق وهي حلاقة الشعر والختان والحجامة، بصورة تفصيلية.

الحلاقة في التاريخ:
الحلاقة مهنة عريقة عرفها الانسان منذ أن اهتم بجمالية مظهره، كما سبق أن أوضحنا، وفي بعض البيئات يتم توارثها أبا عن جد.
والفعل: حلق:حلقاً وتحلاقا، أي أزال الشعر. كما أن الحلاقة الزيان يقال له مزين باللغة الشعبية والحلاقون: «مزاينية» (3)
وتعود أقدم الوثائق التاريخية عن الحلاقة إلى فراعنة مصر، فقد كان المصريون القدماء يحلقون شعر رؤوسهم وذقونهم عند تنصيب الفرعون، وكان رئيس الكهنة الحلاق (باعتباره وحده صاحب الحق في لمس شعر الفرعون).
يذكر عبدالرحمن مسامح في كتابه «ألوان من التراث» وجود ثلاثة فئات من الحلاقين، فالفئة الأولى هم من فتحوا له دكاكين الحلاقة والفئة الثانية فهم من يفترشون الأرض حيث يفرشون بساطهم في أحد أركان السوق، وأما الفئة الثالثة فهم الذين يتجولون في القرى والأحياء حاملين عدة العمل في «جفير» ومن ثم في صندوق خشبي حتى وصول الحقائب، وكان بعض الحلاقين ذوي الخبرة والسمعة الطيبة والكفاءة والمهارة يجولون العديد من القرى القريبة من القرى التي يسكنونها.
كانت درجة حلاقة الرأس محدودة في الحلاقة الكاملة أي جزّ الشعر جزاً كاملاً، أوكما يعرف الآن على درجة الصفر للصغار والكبار، وقد تكون مشكلات غسل الشعر واحدة من الأسباب التي تدعوللتخلص من الشعر الكثيف في وقت كان الناس يغسلون شعورهم بنوع من الطين الأصفر الناعم الحبيبات أوورق «السدر» المطحون الذي تنتج عنه رغوة بسيطة أثناء الغسل، إلا أن إزالته وتنظيف الشعر من آثاره بعد ذلك تبقى عملية شاقة ومتعبة وتحتاج إلى كمية كبيرة من المياه المتدفقة.
ثم تطور نمط الحلاقة بترك جزء من الشعر في مقدمة الرأس تسمى «القصة» كمظهر جمالي وبعدها تطور إلى ترك دائرة من الشعر في وسط الرأس يقوم الحلاق بوضع «طاسه» أو«قفة « فوق رأس الصبي وقص ما حولها.
أما الشباب فكان يحلق اللحية بالكامل مع ترك شاربه كنوع من إثبات الرجولة، أما الرجال وكبار السن والشيوخ من رجال الدين فكانوا يكرمون اللحية ( على ألا تزيد عن قبضة اليد) ويهينون الشارب بتقصيره عملا بالحديث الشريف.
لقد كان البحارة الايرانيون الذين يجلبون البضائع إلى البحرين يحلقون مقدمة رؤوسهم لأسباب دينية وهي لمسح مقدمة الرأس عند الوضوء استعداداً للصلاة.

عدة الحلاق:
•  موس الحلاقة: وهوآلة حادة من الفولاذ الألماني، وهومكون من جزأين:المقبض، والموس وهي الجزء الحاد الذي يقص الشعر.
•    المسن: بكسر الميم وهوشريط جلدي يعلق أحد طرفيه في الجدار ويمسك الحلاق بالطرف الآخر بيد الحلاق ممراً الموس عليه مراراً وتكراراً ليكون حاداً بعد أن تم شحذه على مسن الحجر بحيث تكون عملية الشحذ بعد كل حلاقة.
•    المسن الحجري: وهوحجر أملس مصقول يصب عليه بعض من الماء لتسهيل انزلاق الموس وتفادي الحرارة من كثرة الاحتكاك لشحذ الموس الخاص بحلاقة الوجه.
•     المسن الحجري الخشن: يميل لونه للبني الداكن أوالمائل للزرقة حسب نوع الحجر ويستعمل لشحذ الموس الخاص بحلاقة الرأس ( هذه الأحجار تجلب من إيران أوتركيا.
•     المشط: وكان في البداية مصنوعا من الخشب وبه أسنان من كلا الطرفين وهناك مشط خاص بشعر اللحي وأسنانه من طرف واحد فقط.
•    طاسه: وإناء صغير لحفظ الماء مصنوع من النحاس الأصفر لتغطيس الفرشاة المشبعة بالصابون.
•    فرشاة صغيرة: فرشاة شعرها ناعم ولها مقبض أسطواني لخلط الصابون بالماء للحصول على رغوة تسهل انزلاق الموس على الجلد.
•    لككن: وهوإناء واسع ليس بالغزير يتم غسل الوجه والرأس بما به من ماء وثم التخلص من ما به من ماء على الأرض.
•    منشفه: وهي لتنشيف الرأس والوجه من بقايا الصابون وماء الحلاقة وإزالة آثار دماء الجروح التي يسببها عادة الموس.
•    بودرة معطره: ترش في أطراف الشعر لتخفيف حرارة الموس والجروح التي سببها.
•    مكنة الحلاقة: وتم استعمالها مؤخرا وذات مقبض من طرفين يقبض عليه ويفتح للحصول على شفرة الحلاقة في وضع يقص الشعر وله درجات تحدد حسب ما يتفق عليه من طول الشعر المراد قصه.
•    كرسي حلاقة: ( لأصحاب الدكاكين) لجلوس الرجل المراد حلاقته.
•    لوح الجلوس: خاص للأطفال الصغار يوضع على يدي الكرسي لرفع مستوى الجلسة ليكون رأس الطفل قريبا من متناول يدي الحلاق.
•    مرآة مثبتة : في الحائط ليرى الزبون الشكل النهائي لحلاقته.
•    مرآة محمولة:  يحملها الحلاق في نهاية عملية الحلاقة لعرض انعكاس خلفية رأس الزبون على المرآة المثبت على الحائط.
•    مروحة:  وكانت في السابق عبارة عن (حصيرة مشدود أحد طرفيها في سقف الدكان ) ويحرك الطرف الآخر صبي بحبل يشده ويرخيه كي يقوم بمقام المروحة اليدوية في توفير الهواء.
•    كرسيين أوثلاثة:  لرواد دكان الحلاقة إما للانتظار أولتجاذب أطراف الحديث في شتى المواضيع ومنها حكايات الغوص  والتجارة ومشاكل الناس اليومية.(3)
•    أوراق المشموم: توضع على الجروح التي يسببها الموس لتطبيبها.

العـقيـقـة:
 العقيقة هي اسم لما يذبح عن المولود، وأهل اللغة مختلفون في اشتقاقها، فقال بعضهم: أصلها الشعر النابت على رأس المولود حين ولادته، فسميت الشاة التي تذبح عنه في تلك الحالة عقيقة، فالعقيقة هي الشعر الذي يزال عن رأس المولود، وكانت العادة أن يحلق شعر المولود في اليوم السابع لولادته، لتكون بمثابة فداء له ودعاء ليحفظه الله، ولذلك قيل الذبيحة هي صاحبة الحدث، والعقيقة هي الذبيحة التي تذبح في هذه المناسبة.
ويرى البعض أن العقيقة مأخوذة من العق وهوالشق، أي قطع أوداج الذبيحة، فقيل لها عقيقة، وهي الشاة التي تذبح فداءً عن المولود، وتعق مذابحها أي تشق مذابحها.
أما آخرون ومنهم ابن فارس خيري فيرى أن العقيقة تطلق على هذا وذاك أي على الشعر المزال وعلى الذبيحة. (1)
وقد حض الاسلام على العقيقة، ومن مشروعية ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مع الغلام عقيقة فأريقواعنه دماً، وأميطوا عنه الأذى». (3)
واختلف الفقهاء في حلق شعر المولود الأنثى، فذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا فرق بين الذكر والأنثى لما جاء عن الامام محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام أن فاطمة بنت رسول الله ( ص) وزنت شعر الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وتصدقت بزنة ذلك فضةً.(6)
ومن المسائل المتعلقة بالمولود حلق رأسه والتصدق بوزنه فضة، جاء عن سمرة رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويحلق رأسه»
ولحلق رأس المولود حكمة وهدف صحي كما هومعتقد بين الناس، حيث إن إزالة الشعر الضعيف يخلفه شعر أقوى وأكثر صلابةً وأنفع للرأس، مع مافي ذلك من التخفيف على الصبي وفتح مسام الرأس ليخرج البخار منه بيسر وسهولة، وفي ذلك تقوية للحواس وبخاصة البصر والسمع والشم، ان الاحتفالات بحلاقة المولود (العقيقة) وختانه من العادات المتوارثة، تتناقلها الأجيال من عصر لآخر، ومن بلد إلى بلد آخر، ولذلك انتشرت هذه العادات وما يرافقها من طقوس من بلد لآخر، كما هي الاحتفالات في مصر الفاطمية العادات والاحتفالات إلى حد كبير.

الحلاقة والنذور:
ساد اعتقادٌ بين عامة الناس أن المرأة العاقر أوالتي يتأخر حملها لبعض سنوات تلجأ إلى ما يفرض عليها من تقديم بعض « النذور» من قبل بعض المشايخ المشعوذين أوتقوم هي من تلقاء نفسها بأن تقول « لله علي نذرا إن رزقني الله مولوداً ذكر لأفعل كذا وكذا، وتذكر ما تنوي عمله حين يتحقق لها مبتغاها» وكثير من النسوة يذهبن للمساجد التي بها قبور الصالحين لتأدية النذر.
ومن القصص الطريفة في البحرين، أن إمرأة في الأربعينيات من القرن الماضي، كان نذرها أن رزقها الله مولودا ذكراً فسوف تحلق شعره في جزيرة فيلكا التي هي تابعة لدولة الكويت في وقت كان السفر بين دول الخليج يتم بواسطة السفن الخشبية.(هذه الحكاية من الحي الذي كنت قد ترعرعت فيه )

مهنة الختان:
جاء في المعجم الوسيط بأن الختان هوموضع القطع من الذكر والأنثى، وختن الصبي ختناً وختانه قطع قُلفته فهومختون.
وكانت عادة الختان تمارس من قبل قدماء المصريين وشرعتها بعض الديانات السماوية ومنها اليهودية حيث قرر يوشع إلزام اليهود كافة بوجوب ختان أبنائهم. (5)
وتنظر اليهود للختان بأنه يؤمن للشاب اليهودي النضج الجنسي والفحولة والخصوبة.(7) وهناك الكثير من القبائل والأديان تمارس عملية الختان لأسباب دينية أوعقائدية أوصحية. بعض الشعوب البدائية تحرص النسوة من أهل الصبي (المختن ) على اقتناء الجزء المقطوع (قلفة العضوالذكوري) كهدايا يصنعن منها عقوداً أوأقراطاً. وفي بعض القبائل في استراليا تأكل (القلفة ) بعد طبخها وتجفيفها. وقبائل أخرى تقدم (القلفة ) قرباناً للالهة. (8)
الطائفة «اليزيدية» تختار العائلة اليزيدية حين تنوي ( ختن ولدها ) أحد الأشخاص سواءً كان من طبقته أومن طبقة أخرى ليصبح ( كريفا) لولده حيث يختن في حجرة ذلك الشخص، لتكوين أواصر محبة وتعاون بين هذين الشخصين بصورة عامة وبصورة خاصة (4).
 يتم تعطير الطفل بدهن العود وتبخير ثيابه وعادة تكون ثوبا فضفاضا دون الحاجة للملابس الداخلية. يتم تجليس الطفل في حضن أحد أقاربه ويجلس ( المختن) أمامه قائلا له: وهو يؤشر إلى الأعلى: شوف الحمامة فينظر الطفل إلى أعلى ويقوم المختن بقطع ( الغلفة ) وهوالجلد الزائد في العضوالذكري عند المولود. فيقوم أهل البيت بالتصفيق والغناء.
 ويتم توزيع الصدقات على الفقراء والمحتاجين وتذبح الذبائح وتوزع المأكولات والحلويات على الأطفال. (2)
مهنة الحجامة:
حـكايـة:
وتذكر الروايات التاريخية أنه عرض على الحجاج شاب متلبس في حالة سكر شديد فسأله الحجاج من أنت فأجابه شعراً:
أنا ابـــن مـــن دانت الــرقــاب له
           مـا بيـن مخزومها وهاشمها
تـأتـيـه بـالـرغـم وهـي صـاغـرة
          يـأخـذ مـن مـالها ومـن دمـهـا

فأمسك عنه، واعتقد بأنه من أقارب أمير المؤمنين، وطلب من الحرس السؤال عنه، فقيل له: إنه ابن حجام فتعجب من ذكائه، وقال لجلسائه علموا أولادكم الأدب، فوالله لولا أدبه لضربت عنقه، وعفا عنه.
لقد عرفت الحجامة كنوع من أنواع العلاج الطبي منذ آلاف السنين فقد عرفها الفراعنة في مصر القديمة وعرفها الآشوريون في بلاد ما بين النهرين.

الحجامة في اللغة:
جاء في اللسان: الحجم، المص، والحجام: المصاص، لأنه يمص فم المحجمة. والحجامة تمارس من خلال عمل شقوق في الجلد في أماكن متعددة في الظهر وفي أعلى الرقبة وتوجد أماكن عديدة يعرف مكانها «الحجام» المتمرس، وتتم العملية بمص فوهة المحجمة لتفريغها من الهواء كي يندفع الدم الفاسد من الوريد إلى داخل المحجمة أووضع قطعة قطن صغيرة في المحجمة وحرقها والحريق سوف يمتص الهواء ليحل مكانه الدم الفاسد من خلال الشقوق التي يعملها «الحجام»في موضع الحجامة.
يحرص العديد من الناس على الاحتجام في أيام محددة لاعتقادهم بأن لهذه الأيام تأثيرا إيجابيا على صحة الناس وهي اليوم السابع عشر والتاسع عشر والواحد والعشرون من الأشهر الهجرية.ويعتقدون بأن الدم يكون في هذه الأيام في زيادة يستحسن التخلص منها. ويحرص المحتجمون على مزاولة الحجامة قبل تناول الأكل ( الحجامة على الريق دواء وعلى الشبع داء ) وغالبا ما تمارس الحجامة في الصباح وقبل مغيب الشمس.
والاسلام حث على الحجامة لما لها من فوائد صحية وكان النبي محمد صلى الله عليه وآله قد احتجم في رأسه. وهوالذي قد قال في الحجامة «خير ما تداويتم به الحجامة»(9)

حلاقو البسطات:
في مدينة المنامة كان من بين الحلاقين أخوان يجلسان على الأرض لاستقبال الزبائن للحلاقة وذلك في قلب السوق بالقرب من سوق ( الكوليه ) يجلس على بساط على الأرض إثنان من المحاسنيه يستقبلان زبائنهما، وهما الحاج محسن المحاسنيه والحاج مهدي، وكلاهما من قرية جدحفص.(علي دخيل مهدي - المنامه )
ومن بين الحلاقين الذين زاولوا مهنة الحلاقة والختان والحجامة في منزله هوالمحسن علي أبوشمله وكان منزله خلف «مأتم أبوعقلين» بالقرب من كنيسة «القلب المقدس» (سالم النويدري - المنامة )
أما في سوق جدحفص فكان العديد من الحلاقين يفترشون الأرض لاستقبال الزبائن ومن يأتون لتبادل الأحاديث وأخبارالناس والقرية وأخبار مجريات الحرب العالمية الثانية آن ذاك.ومن بين الحلاقين المرحوم الحاج إبراهيم المحسن والمرحوم الحاج محسن الأريش والمرحوم الحاج عبدالله المزين. والمزين هولقب يعطى للحلاق الذي يهتم بتزين الوجه وتنظيفه من الشعر الزائد وترتيب الشوارب وقص اللحية حسب الشكل المطلوب وصباغتها بالحناء. حي (المحاسنية ) في جدحفص غالبية العوائل في هذا الحي تمتهن الحلاقة وتتوارثها أبا عن جد.(حسن الحلال - جدحفص )
العديد من القرى لا يوجد بها من يمتهن الحلاقة إما لصغرها أولانشغال واهتمام الأهالي بحرف أكثر دخلا.

الحلاقون الجائلون:
ومن بين الحلاقين سيد علي المحسن من قرية أبوصيبع كان يتنقل بين القرى المجاورة مثل قرية الحجر وقرية المقشع وقرية كرانه حاملا حقيبة أدوات الحلاقة.
 الحاج جمعه ربيع من قرية الدراز وبعده إبنه عبدالشهيد الحاج جمعه الذي يطلق عليه «مشهد جمعه» كانا يتنقلان بين القرى المجاورة مثل قرية البديع وقرية بني جمره وقرية سار وقرية مقابه وقرية باربار وكانت خدماتهما تصل إلى الرفاعين وبعض مواسم الأعياد يكون الدخل كبيرا حيث يقبل الناس على التزين وقرية الدراز يتوارث الأبناء مهنة الحلاقة عن الآباء.( أحمد المرزوق - الدراز) و( علوي عاشور - سار )
وحلاق آخر من قرية صدد هوالحاج يوسف قريش والحاج حسن قريش كانا يتنقلان بين القرى على الحمير لممارسة الحلاقة والختان والحجامة.
أما الحاج عيسى هرونه من قرية دار كليب،فقد كان يستقبل العملاء في بيته حيث كان يفترش الأرض لممارسة الحلاقة، وكثيرا ما كان يزور بعض الزبائن في قراهم. (ناصر حسين - داركليب)

حلاقوالدكاكين:
في المنامة العاصمة:
في زقاق ضيق وخلف فندق صحارى بالتحديد يقع دكان الحلاق حجي إبراهيم العسكري من أهالي السنابس ويقابله دكان حجي علي مهدي من أهالي المنامه وكان دكانه مزوداً بآلة (الجلخ) وهي قرص كبير من الحجر يدار بدواسة بالرجل.
وليس بعيدا عن نفس الموقع يقع دكان الحلاق الحاج حسن شعبان من البلاد القديم، وهؤلاء الحلاقون كانوا يحلقون لكبار السن والشباب والأطفال.
ومن بين حلاقي المنامه الحلاق قمبر الذي زاول الطب الشعبي إلى جانب الحلاقة وقد تم تحويل العديد من المرضى من مستشفى الارسالية الامريكية إليه لتلقي العلاج، يقع دكانه بالقرب من مقهى بن رجب في أحد الأزقة المتشعبة من شارع الشيخ عبدالله وكانت له مساهمات في تطوير تصفيفات شعر الشباب.(ايمان المعاوده - المنامه)

في مدينة المحرق:
اشتهر الحلاق عبدالله بن شمس الذي مارس الحلاقة والختان والحجامة والتطبيب وقد ذاع صيته بين الناس.
عبد الرحمن الحلاق هوأيضا كانت له شهرته بين الناس لما يقدمه من خدمات تمثلت في الحلاقة والختان والحجامة أيضاً (1)
ونظرا لكثرة الحلاقين في عدة مناطق من قرى البحرين فإنه لا يتسع المجال لذكرهم جميعاً.

الخاتمة:
إن التطور الحضاري قد شمل كل نواحي الحياة الاجتماعية والعملية والاقتصادية ناهيك عن التعليم والسياحة.
وهذا التطور لا يمكن أن يساهم في النهضة بكل مختلف الحياة وتطورها إلا بوضع خطة مدروسة لخلق جيل مهني يشغل المهن والحرف اليدوية يتلقى تعليمه في المعاهد داخل مملكة البحرين وخارجها للوصول بالحلاقين الشباب إلى أعلى المستويات في عالم الموضة والمستحضرات التجميلية والطبية بالعناية بالشعر والبشرة وهي اختصاصات حديثة لابد للحلاقين من مزاولتها.وهذا يشمل كلا الجنسين من الشباب.
وخير تجربة ناجحة هي دخول الشاب البحريني عيسى أحمد حبيب من جزيرة ستره الذي تخصص في حلاقة الأطفال وقد لاقت مهاراته في التعامل مع الأطفال قبولا حسنا وذلك بالاضافة إلى قدراته المهنية في إجادة الحلاقة حسب متطلبات الموضة في التسريحات الرجالية التي تتناسب مع الأطفال.
وهويعد من الحلاقين المتنقلين الذين يصلون إلى الطفل في بيته وهذا ما يعطيه الطمأنينة ويذهب عنه الخوف من الموس والمقص.
لقد تلقى الحلاق عيسى أحمد حبيب تعليمه في معهد البحرين للتدريب وقد تم ذلك بالتنسيق بين وزارة العمل وصندوق ستره الخيري وقد كان ذلك في الفترة الصباحية وممارسة عمله في إحدى الصالونات لتلقي الخبرة وذلك لمدة ستة أشهر.
إن هذه التجربة الناجحة لابد أن تعمم على جميع الصناديق الخيرية والجمعيات الاجتماعية في المدن والقرى لتدريب الشباب على الحلاقة للحصول على اكتفاء ذاتي.(11)

المراجع

الأحاديث::
5 -رواه أبوداود، كتاب العقيقة، رقم ( 2837)، وأحمد في مسنده برقم ( 20083)،
6 -رواه البيهقي في السنن الكبرى برقم ( 19052 ).
7 -رواه أبوداود، كتاب العقيقه، باب الأذان في أذن المولود، برقم( 1515 ).
الكتب والمجلات:
1 -ألوان من التراث الشعبي / عبد الرحمن مسامح  / المؤسسة العربية للطباعة والنشر / ص 100.
2 - رؤية فنية حديثة لجماليات تصميم وتشكيل أزياء المناسبات – بالفترات التاريخية المختلفه/ كفاية سليمان أحمد وأ.د. نجوى شكري محمد ود.كرامة ثابت حسن الشيخ / عالم الكتب  ص 200.
3 -مجلة التراث الشعبي العدد 5 السنة 7  - 1976  بعنوان صور من الحلاقة القديمة في الكاظمية  ص 119.
4 -مجلة التراث الشعبي العدد 11 السنة 5  - 1974  بعنوان مراسيم الختان عند اليزيدية  ص 115   - 118.
5 -من تراث البحرين الشعبي / صلاح علي المدني / الطبعة الثانية _ المطبعة الحكومية ص 236 – 238 .
6 -شيئ من التراث البحريني  / عبدالله الذوادي   .
7 -مجلة أبواب  العدد 26  السنة 7  - 2000 بعنوان الختان والحلاقة الأولى والتوارة ص 94 – 128.
8 -مجلة دراسات عربية العدد 5 مج 34  - 1998  بعنوان الوظيفة الاثنولوجية - النفسية لختان الذكور - مثال المجتمع الرعوي العربي  ص 114-121.
9 -مجلة الخفجي  العدد 3 مج 34 بعنوان الحجامة في التراث العربي ص 28 – 31.
10 - قاموس العادات والتقاليد والتعامير المصرية أحمد أمين ص 188.
11 -صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3391 - الثلثاء 20 ديسمبر 2011م الموافق 25 محرم 1433هـ - بقلم أحمد الدفراوي أحمد أمين ص 188.

أعداد المجلة