«ملحمة الريف» لـ«مطهر الإرياني» نموذجاً فريداً: صباح القرية في الأدب الشعبي اليمني.. فصولٌ من الجمال المفتوح
العدد 25 - أدب شعبي
الصباح القروي.. هو المساحة الزمنية الاستثنائية التي لا زالت محاطة ببهجةٍ من الجمال الطبيعي.. ولا يُعتقد أن أحدنا ينسى صوراً ذهنية لا زالت محفورةً في ذاكرة الطفولة عن صباحات الريف، ومواقيته وطقوسه اليومية التي كانت تسير في تناغمٍ جمالي ينعدم تماماً في حياة المدينة.. ليبقى صباح القرية وحده متفرداً باختزال دلالات ومعاني عودة الإنسان والكون للحياة بعد الموت الأصغر(النوم).. إنه الصباح القروي، أو بالأخرى الصُبح الذي يتنفس بلا روح، ويفتح عيون الكائنات والأزهار على مهرجان الضوء،
ومحطة الفصْل بين آيتي الليل والنهار.. الصُّبْحُ، ليس الذي تُعْمَر دقائقه بضجيج المدينة، وكتلها الأسمنتية، وأصوات مكائن تطحن الحجر والحديد والفولاذ، بل الصُّبْحُ، الذي يذخرُ في مظاهره أبرز مشاهد الجمال الرباني، وتعاطي الإنسان معها في منتهى رقةٍ تجسدها العفوية.. نتذكر ذلك، وكما لو أننا نطلُّ من حواس عجوزٍ ريفي، يتقن معاني الصباح ودلالات الوقت، ويستقرئ أسرار الطبيعة، وفتنتها الكائنة بين الغبش والشروق بالبديهة والفطرة السليمة.
«رضَاكْ قبْل قَضَاك.. دِلّنا للخير، يا دليل الحائرين» ما زلنا نذكر هذه اللوازم الكلامية حين كانت تنطلق من أفواه آبائنا وكبار السن من جيراننا في منازل القرية في كل فجر .. لتكون هذه اللوازم وغيرها هي منطق الإنسان الريفي اليمني بعد أن يتسلل إلى قلبه صوت المؤذن العذبِ والمنَّغَّمِ بأصداء الطبيعة الساكنة، المليئة بصمت السَّحَرْ، ذلك الصوت الإيماني هو أذان الفجر، ما أن يزجي لذة السر الروحي في ذهن ذلك العجوز القروي المهاب بوقار التواضع، إلا ونفض عن عينيه بروق الأحلام ودفء حلاوتها، ليغسل مُحَيَّاه بروح الصباحِ الزاكية الأنسام، ويطلُّ برأسه من نوافذ الاطمئنان، مفتتحاً يومه بكل أو بواحدة من تلك اللوازم التي يتحــــلاها على الأذكار النبوية والدينية الصباحية، يرددها – ذهاباً وإياباً - وهو في طريقه إلى المسجد متسللاً عبر أزقة القرية المحشورة منازلها الصغيرة في أنكاب بعضها البعض.. وهذه أبرز اللوازم التي سنحاول الإشارة إليها من خلال استعراض عمل فني بديع هو الهدف الرئيسي من هذه التناولة.
إن الظواهر الطبيعية والطقوس ومظاهر الصباح الريفي - بدأت تتلاشى وتنقرض أمام زحف الحياة العصرية المدنية - تحولت في الأدب الشعبي إلى نبع زاخر بمفردات الحياة الملهمة للإنسان في فنونه وآدابه وإبداعة على مستوى الخيال والواقع .. وقلما نجد في الأدب الشعبي اليمني إلتفاتات نوعية تحفظ صورها المتنوعة من خلال ارتباطها بحياة المجتمع الشاعرية والغنائية، فنجد إن بعضاً من الفنانين والشعراء ترددت على ألسنتهم وأغانيهم بعض مظاهر وطقوس ومُفردات الصباح الريفي، لكن هذه الإلتفاتات قليلة ولا تفي بتوثيق تلك المظاهر والطقوس.. ولعل أبرز من عشق الصباح الريفي وتمعن في استقراء جمالياته وانعكس كل ذلك العشق على أبرز عمل فني وأدبي على صعيد الفنون الشعبية المرتبطة بالتعبير عن بهجة البسطاء بالصباح في القرى والأرياف، خصوصاً المزارعين والرعاة.. هو الشاعر اليمني الكبير والباحث اللغوي الموسوعي الدكتور/ مطهر بن علي الإرياني، وذلك في عمله الشعري الكبير (ملحمة الريف) أطول قصائد ديوانه الوحيد (فوق الجبل).
فتحاً جديداً في الأدب الشعبي
في نسقٍ إبداعي مغاير للمألوف في الأدب الشعبي اليمني استطاع الشاعر والأديب اليمني الكبير والباحث اللغوي الدكتور مطهر علي الإرياني تدوين المغفول عنه في سلسلة لوحات الموروث الشعبي اليومي الأصيل التي تنسجها خيوط الضوء الفاصلة بين آيتي الليل والنهار، وهو طقس الصباح الجميل الذي تشهده القرية، وما يرافقه من عادات وتقاليد وطقوس حياتية مفعمة بالبساطة، وعامرة بالسكينة ليضيف الإرياني فتحاً جديداً في تأصيل وتدوين أحد مظاهر وتفاصيل الحياة الشعبية مُتَلمساً خيوط العلاقة الراقية بين الإنسان والطبيعة بعالمها البديع.. ولكن قبل الخوض في تفاصيل أروع قصائد شعراء الريف في اليمن والجزيرة العربية.. دعونا نعرفُ من هو مطهر الإرياني إنساناً وشاعراً ولغوياً ضليعاً؟
مطهر علي الإرياني.. شاعر مبدع وعالم آثاري، ومؤرخ من ألمع المؤرخين، وفقيه لغوي، ومختص في المسند الحميري واللهجات اليمنية ماضياً وحاضراً، وخبير في الفلك ومواسم الزراعة وجغرافية اليمن وتراثها وتاريخها وآدابها العربية والقديمة، إن هذه المعرفة الموسوعية تتضافر بصورة داهشة مع مسلك أنموذجي في التواضع والسلوك مما يؤكد عمق المعرفة، وحصافة العالم، إن تنوع وتعدد منابع وروافد معارف الشاعر الإرياني قد مثّل سيلاً عَرِماً في شاعريته الغنية عن ثقافته الواسعة واطلاعه العميق وخبرته المؤزرة بعاطفة صادقة وإخلاص جم(1).
فشعرياً، أتقن الشاعر الإرياني شروط قصيدة العمود، وألم إلماماً واسعاً بالأدب الشعبي (المواويل والمهاجل والزوامل والدان والزجل والموشح والبالة والحميني) فورث تقاليد وقيم القصيدة الشعبية ككنز من الوجدان الشعبي الحي، وامتلأت مشاعره بهذا اللون من فاكهة الإبداع الشعبي ـ ومكنه ذلك من إتقان اللهجات الشعبية والقيم والتقاليد الضاربة الجذور في عمق التربية اليمنية الثرية، والتعامل مع مفرداتها بروح الشاعر المرهف والمُجِيد لفنون التعبير العميق عن الأتراح، والأفراح، ومواسم الزراعة، ومهاجل الحصاد، والرقصات الشعبية، والأغاني العامية، والفصيحة الملحونة «الحميني» وأوزانها ومفرداتها وتراكيبها، ليقدم تجديداً إبداعياً في القصيدة العامية، والأغنية الشعبية بألوان زاهية من الصور والأخيلة والنغم المعبأ بالحزن، والناضح بالفرح والحياة(2).
فوق الجبل
في مقدمةٍ نقدية وتأصيلية لأهمية الشعر الشعبي ومسارات التحول في القصيدة اليمنية وصولاً إلى مطهر بن علي الإرياني كظاهرة فنية تجلت ملامحها في قصائد الديوان الوحيد للإرياني «فوق الجبل» قال الدكتور/عبدالعزيز المقالح: «ماذا فوق الجبل ؟ فوق الجبل شعرٌ نبتت قصائده على الورق، كما تنبت المزارع في المدرجات الجبلية، وأزهرتْ على الأفواه كما تزهر أشجار (البُّن) في القمم والسفوح(3).
رغم قدرة وشاعرية الشاعر اليمني الكبير مطهر الإرياني على إجادة القصيدة العمودية، إلا إنه خرج عنها إلى القصيدة الشعبية الموغلة في الموروث الوجداني والشعبي اليمني، ومبعث هذا يرجع لأسباب فنية واجتماعية لخصها الأديب والناقد الدكتور عبد العزيز المقالح بقوله: « حاولت أن أتلمس أسباباً فنية واجتماعية وراء ذلك الخروج، فقلت: أن الأزمة التي يعاني منها الشعر العمودي والشعر عموماً، هي سبب ذلك التحول، ففي الفترة التي بدأ فيها مطهر الإرياني ينظم قصائده الشعبية، كان عدد آخر من الشعراء الشباب يشاركونه نفس الصنيع أو يفرون إلى القصيدة الجديدة أو إلى ألوان أخرى من الأدب، وكان ذلك التحول مرافقاً لبداية مرحلة التطور الاجتماعي والسياسي التي شهدها اليمن بعد وقبل سقوط الإمامة وقيام الثورة بفترة قصيرة، وأضيف هنا سبب أخر ربما استقيته من مناقشة طويلة مع الشاعر نفسه.. وهذا السبب هو إننا نريد الذهاب إلى الشعب لاستعراض المواهب الكامنة فيه وفي لغته، بدلاً من دعوته إلينا لاستعراض مواهبنا نحن المثقفين»(4).
وعن النزوع أو الميول الذاتي والفني إلى الريفية التي تطبّع الديوان - لغة ومضموناً- بطابعها القروي الأصيل، قال الدكتور المقالح:«لا أدري هل كان الشاعر مطهر الإرياني وهو يكتب ريفياته الجميلة على علم بذلك المذهب الريفي الذي ظهر في أوربا في مطلع هذا القرن، ووجد له أصداء وتلاميذ في وطننا العربي، إنه مذهب المدينة الريفية أو الحضارة الريفية، والذي كان أبرز دعاته شاعر إيرلندي مكافح وهو « جورج راسل» (5).
ملحمة الريف
( ملحمة الريف) قصيدة مطولة مكونة من أكثر من (230) بيت شعري عامي، حملها ديوان «فوق الجبل» الذي تفرد بقصائد يمنية مغناة، خلدت كثيراً من الأهازيج والمهاجل والألحان التراثية اليمنية.. والقصيدة ببنيتها الشعرية الشعبية سِفْرٌ خالدٌ اختزل في مضمونه العمودي والمقفَّى عالم الصباح القروي الإنساني، الذي يقابله نهوض الكائنات في الطبيعة، مُشَكِّلةً صفحة شاهدة على جميل صنع الإله القدير، وتفاعلات الإنسان مع عالم الصباح، مشاركاً، أو مُشاهداً، أو بطلاً على خشبة مسرحٍ عامرٍ بيقظة كونية كبرى، من خلال هذه المسرحية المكتوبة باللغة العامية واللكنة الشعبية الدارجة، والتي استطاع الشاعر مطهر الإرياني من خلالها، حشد ورصد كثير من اللوازم الكلامية والعادات والتقاليد والمظاهر والأعمال الحياتية اليومية، ابتداء من جلب الماء ومرورا بالاحتطاب، والاصطياد، ومعاركة خوف الحيوانات المفترسة، ومقارعة الطيور ومنعها من إلتقاط (الحنطة) من التراب بعد بذارها في الحقول، ولا تنتهِي المشاهد بما يجري داخل المنازل، من احتدام الجدل بين الأطفال ومخاوف الأبوين عليهم واهتمامهم بمشاكلهم، وكذا الجدل المعروف بين الزوجة وحماتها، والبنت وخالتها، ولم يغفل الشاعر أيضاً رصد مظاهر استيقاظ الكائنات مؤنسناً تصرفاتها ولغات أصواتها في سياقات شعرية أضفت على هذالعمل الفني، جواً من الدرامى والإبداع المسرحي، وقد استطاع الشاعر تطويع اللغة الشعبية واللهجة العامية القريبة للفصحى التي يفهمها ابن الشعب البسيط، حيث ( أسلمت لغة الشعب أسرارها، فالتصور بسيط كحياة ابن الشعب، والتفكير من نوع تفكير ابن الشعب)(6).
إن الشاعر مطهر الإرياني « في ملحمة الريف، وحتى في قصائده الأخرى عن الجندي، والعامل، فيها كلها شيء كبير وكثير من هذا الحب وهذه العبادة للريف، مع حرص بالغ على تسجيل صور الحياة الريفية قبل أن تنقرض، فقد نشأ الشاعر في أحضان القرية وتربى بين حقولها وتحت أشجارها، لذلك فالريف عنده هو الجمال، والصحة، والشعر، والعيش الهاني الرغيد، وريفيته لم تتوقف عند الشكل الجمالي والشاعري للريف بل تعدته إلى دعوة المدينة التي تستأثر بخيرات كل الأرياف، إلى أن تفيض على القرى من بعض ما تأخذه منها، ولكن المدينة لم تكن – فيما مضى – بخيلة على الريف فحسب بل لقد كانت ترسل إليه بين الحين والآخر من يفزع أمنه، ويقلق راحة فراخه وديوكه (7) !.
مشاهد المسرحية
ينقل لنا الشاعر مطهر الإرياني بالعدسة والريشة والموسيقى والمؤثرات الصوتية مسرحية الصباح الريفي بفصولها وتفاصيل مشاهدها المعقدة والمتعددة في سياقات شعرية تميزيت بالسردية لمظاهر الطبيعة، والجدلية بين الكائنات والبشر، والحوارية بين الضوء والظلام، وبين الأمكنة والأزمنة الصباحية المتقاربة.. ومن هنا يأتي التعقيد في الانتقال من مشهد إلى آخر حيث تنساب التقاطعات بين المشاهد والمناظر الجزئية..
وتفصيلاً يستهل الشاعر مشاهد الفصل الأول بلوحة ملونة بالتأمل، وكأن المشهد يحكي حياة الكون حين تبدأ من جديد بعد الليل.. وكيف يتمطى الليل راحلاً تزامناً مع زحف طلائع النهار، وانسحاب الظلام من مواقعه تحت حشد الضوء المُغير:
استيقظ الكون «كنِّي» به تململ وجمَّع
لـمــَـّـــا تمُّــطـــى قـُـــــــــــواهْ(8)
«يا الله رضاك» يا معين أستيقظ الريفْ واسرع
يــــــطلــب مـــن اللـــــه رِضـــاهْ
والليل لملــم مــن اطْرافـــه ذيــوله ورفَّع
مـــــــــن كـــــــل جــــانــــب رِداهْ
والفجر جيشه تقدم كلما احتل موقع
فــــــــر الــدجى من «قِداهْ»(9)
والشمس عُرْس الصباحْ في خدرها الآن تطلع
تـــــــــزفــــهــــــا أم الـــحيــــــاهْ
والصبح ما قد رفع عنها القناعْ لكن «ازْمَعْ»
يُظْهــِـــــــــرْ بشايــــر سناه(10)
بعد هذا المقطع الشعري أوالمشهد المصحوب بصور الغبش، واقتراب لحظة زفاف عروس الصباح (الشمس) يقف الشاعر مُعّرفاً الصُّبح الذي هو آية من آيات الله المتصرف في الكون بحكمته، والبديع في صنعه:
من يشهد الكائناتْ في الفجرْ يبصرْ ويسمعْ
بــــــديــــع صنـــــــــع الإلــــــــه
يشاهد اليقْظه الكبرى مع الفجر تصنـــــــع
ليـــــــــــــوم حــــــــــــــادثْ رؤاه
والصبح صفحةْ وفيها الخالق المبدعْ اوْدعْ
من حــكــمــتِـــهْ مـــــا يشـــــــاه
ومن قَراها ورَدْ للمعرفهْ خير منبــــــــــــــع
يــــــروي ويشفــــــــي ظـــمـــاه
وعاد بالحكمهْ الكبرى بأسمى وأنصـــــــع
مـــــــا يقتنــي فــــــي الــحيــاهْ
وداع النسيم
رغم أن البسطاء في كل قرى وأرياف اليمن أميون إلا إنهم عرفوا قصيدة (ملحمة الريف) المغناة من خلال مذياع صنعاء منذ بداية السبعينات، وتُعْرَفْ عندهم بـ( ما أجمل الصبح في ريف اليمن) حيث غنَّى ستة أبيات منها - فقط - فنان اليمن الكبير أحمد السيندار وبلحنٍ بديع، فصَارَت على ألسنة العامة .. هذه الأبيات تظمنتها مشاهد الفصل الثاني من تلك الملحمة الدرامية، التي ستجد نفسك عند سماعها أو قراءتها أمام حركة الطبيعة بتعدد مفرداتها (الصبح – الغصون – الخمائل – مَدْرَب السيل، أو جدول المياه – الأزهار - وكذلك الزرع - والبن - ولؤلؤ الطل اللامع في الرُّبى على طريق الضوء) التي تمكن الشاعر من أنسنتها، فتقرأها وكما لو أنك تعايش حركة مفردات الطبيعة، ومهرجان الضوء الذي يوَدّع النسيم، على خشبة المسرح المنصوبة في مخيالك الطفولي إذا كنت ممن ترعرع في القرية:
ما أجمل الصبح في ريف اليمن حين يطلع
ما أبـــــــهــــى وما اصفى هواه
لما يصفق لإقبال الطبيعة ويـــــــــــــــــرفع
لـــــهــــا روائـــــــــع سنـــــــــــــاه
وأغصان ترقصْ.. على مرِّ النسيم المودّع
مـــــــن الـخـمـائـــل شــــــــــذاه
و«مَدْرَب» الجدول النازل من الحيد الارْفَـــــعْ
يرغي ويـــــزبد بمــــــــــاه(11)
وأزهار تفتر عن لون الثنايا المشعشـــــع
وعـــــــــــــن ورود الشـفـــــــــــاه
مهذور يامن تمهذر به بلغ ما توقــــــــع
وحــقــق اللــــه مُنــــــــــــاه(12)
والزرع عبر الحقول أمواج تذهب وترجــع
زاخــــــر بـــوافــــر عطــــــــــاه
والبُّن مثل الحُّلَلَ من سندسْ أخضر مرصّع
بــالــدر دانـــــــــــي جنــــــــــــاه
ما احلى العقيق اليماني فوق سُنْدسْ موزّع
فـــــي كــــــــــل وادي تـــــــــراه
وفي الربى الخضر لُولُ الطل في الضو يلمع
مثـــــــــل الـــهــوا فــي نقــــــــاه
كرنفال الطيور
إن أجمل ما يميز الصباح القروي، هو كرنفال الطيور الدايم ومهرجانها المفعم بالرقة والجمال الأخّاذ، فتخيّل أنك تصحو على ملامح مسرحية صباحية، تتخلل مشاهدها موسيقى الطبيعة وبمؤثرات صوتية، من زقزقات العصافير والطيور، وأنت على إثر ذلك، تفرز الأصوات المتداخلة، وتسمي ما تعرفه من أنواع تلك الطيور.
هذا الكرنفال البديع تتضمنه مشاهد الفصل الثالث المطوَّلْ من المسرحية مُترجمةً من خلالها، فكرة عميقة الدلالة تؤصل الصراع في الحياة، وغلبة القوي دائماً، وإن كل ما هو على الأرض لا يمضي إلا وهمَّ الحفاظ على النوع والبقاء ملازم له:
ما أجمل الصبح يبدي «كل ساعْ» منظرْ ابـْـدع
فــــي أرضـــه أو فـي سماه(13)
أطياره أنواع طير أسرع «بوحيه» وأقلــع
دعـــــــا أَلِيفِـــــة وجـــــــاه(14)
من غصن «لي غصن» ذا يسبق و«هذاك» يتبع
«كُلّيـــْن» يلحـــــق هـــــواه(15)
وطير ينسلّ من عُشّه يرفرف وينبـــــــــــــــــــــع
ويـــــــــــورد أحلـــــى الـميــــاه
وطير مولوع بالتغريد غنـــى ورجّـــــــــــــــــــــــع
صـــــوتـــــه وطــــــرب غنـــــاه
وطير مهجور قلبه فـي نواحـــه تقطـّـــــــــــــــــع
يشكــــــــي لـــــــواعــــج أســــاه
وطير.. لله حكمه فيه يلبـــــــس ويخلـــــــــــــع
علــــــــــى مجــــــــاري هـــــــواه
ما شمّ ريح الربيــع إلا ووشــــى ووشَّــــــــــــــــــع
ريشـــــــــــــه وطـــــــــــــرز رداه
باحمر وباخضر وباصفر ينتفش لاجل تطمـع
صواحبـــــــــه فــــــــي هــــــواه
من حكمة الله ما «كُلّيْن» على الأرض «يجــــزع»
إلا وهمّــــــــــــه بـــقــــــــاه(16)
بعد هذه الصور والمشاهد يغلق الستار فجأة، ليفتح، على سلسلة مشاهد أخرى بعد استعادة الإطار الزمني للصباح، مورداً أنواعا جديدة تغاير طبيعة وخصائص الطيور السابقة، فهي تلخص حياة الطيور الجارحة:
ما أجمل الصبح خلَّ الطير تزجل، وتسجـــع
كِنُّـــــــــه لـمقصـــــــدْ عنــــــاه
حتى الجوارح على شم الشماريخ تسْمَـــــع
عقبــــانـــــاهــــــا والبُــــــــــزاه
في القمة الباشق الأبقع يصرصر ويرفـــــع
رأســـــــــه بكــــــــل اتـــجــــــاه
مالاح له صيد إلّا ابْرَزْ بأظفار «تِفْجَــــــــعْ»
وشـــــــــــل نفــســـــــه وراه(17)
ينْقَضّ مثل القَدَرْ فارد جناحين تنــــــــزع
مـــــــــن جــــــــوف صيده كِلاه
والنسر «الأخدر» من اعْلى الحيد في الجو «زوبع»
صـــاروخ يمخـــــــر سمـــاه(18)
النسر نفاث بين الطير إن «هكَّب» اسمـــــعْ
صــــــــدى حنينـــــــه وراه(19)
قد بايع الجو للنسر اليماني ووقــــــــــع
بالـملك لـــــــــــه لا ســــــــــواه
وعالم الطير للنســــــــــــــــر اليماني مطوَّع
يـــعــلــــــن لـمـلـــــكــــــــــه ولاه
وبعد هذه المشاهد سيفتح الشاعر ستار التعجب من جديد من نفس الإطار الزمني، على مشهد أكثر متعة ورقة وجمال، لنرى ماذا يجري في حضرة «الدِيَكَه» التي تتلو خُطى الصبح، في صورٍ مؤنسنة وفكاهية تكسر الممل:
ما أجمل الصبح و«الأدياك» في كل موقع
تحكــــــــــــي توالي خطاه(20)
فـ»ديك» مثل الجرس مضبوط إلى ساعة أربع
عــــــــــــن موعده ما عداه(21)
ما حلّتْ إلا وأذن والجرس كان يقرع
فـــــــــــي وقت واحد معاه(22)
«تقول» ساعة (سويسرلند) من شُغْل مصْنَعْ
يصنـــــــــــع دقيــق الأداه(23)
وديك من قريته صيح وثنى وسمَّع
صــوتــــــــــــه وقلـــــــد نـــــداه
و«ديك» ثالث خرج يحْجِلْ ومن بعده أربع
«تزْحــِلْ» وتخطبْ هـواه(24)
«ما يبْصِرْ» الحبة الا صاح من قال أنا أسرع
يشلــــــهـــــا لـــه.. «جَبَاه»(25)
القروي.. وفن الصــيد
يمثل الصيد في الريف فنا وهواية، إذ إن الصيد من أهم عادات اليمنيين في الأرياف والقرى المشارفة على سفوح الجبال والغابات والمراعي الغنية بالحيوانات، سيما الطيور الحلال ففي بداية الفصل الرابع من المسرحية يُفتح الستار، ليفاجئنا الشاعر بظهوره متوشحا إبتسامة عريضة مبطنة بالتعجب من طبيعة حب الإنسان القروي اليمني للصيد وإجادته بديهياً، متتبعاً صورة نادرة لصياد خفيف الحركة طمعاً في صيد الحمام البري، يختفي في المنعطفات والأشجار وهو يحاول أن يوّضِّع نفسه لإطلاق عياره الناري:
ما أعجب الصبح والإنسان صياد يطمع
فــــي كــــل طــــايـــر يـــــــــراه
أطيار فوق الشجر تجني ثمرْ طابْ وايْنَعْ
واعْلَـــــــــــــن لــــهـــا عن حلاه
وأطيار في البر تتبختر و«تحقي» وترتع
إمـــــــــا حــجـــل أو قـطاه(26)
وخلفها استرسل الصياد يجري وينبـــــــــــــــع
وبنـدقــــه «لــــي» اتجــاه(27)
صياد خفيف الخطى يظهر و«يغطُسْ» و«ينْكَعْ»
مثــــــل الشّبـــــــح ما تراه(28)
مجنون بالصيد فوق «الحيد» الأعلى «تشنقع»
«بايـــده» ورجلـــه حَبـــَاهْ(29)
نزل وبعد والحَّجَل «زغَّرْ» ولكن على اربـــــع
يمشـــــــي ويـجـــــري وراه(30)
وأحيان مثل الحنش يزحف وبالطرف يتبع
صيــده ويــحــســب خُـــطــــاه
والصيد فن «ابْصِرِه» كيف ابتطح؟ كيف وَضَّع؟
نفسَــــــــهْ وجـــمَّـــدْ قُــواه(31)
وأطلق بسرعة وقام ينظر فإن كان «وقّـــــــع»
فــــقــد صـــــوابــــه وتـــاه(32)
يفرح وينسى من الفرحة «حذاته» و«يدْسَعْ»
فـــي الشـــــوك يـــافعلتاه(33)
وان كان «خيّبْ» رجِعْ ينتف «قذاله» ويصفع
خــــــــــــدَّه ويلــعــن أبــــاه(34)
الصيد عنده هواية ليس بالصيد يطمع
إلا ليـــــــــرضـــــى هـــــــــــــواه
الحيوانات المفترسة
لعل أبرز ما يفاجئنا الشاعر به في مشاهد فصل المسرحية الخامس، هو مشهد مُثِير للشفقة والفكاهة، في آنٍ واحد، وهو العجوز التي يعلو عويلها، بعد أن هاجم «السار» المفترس دجاجها.. وهنا نفهم إن القرى بقربها من الجبال والغابات والمراعي، جعلها عرضة للخوف من الحيوانات المفترسة، ولا زالت الذاكرة الريفية الشعبية مثقلة بالحكايا الحقيقية والمخوِّفة للأطفال، وهذا الجانب لم يغفله الارياني في ملحمته الريفية التي نقلت واقعاً مظهرياً من هذا الموروث الطبيعي والشعبي:
عوالِم الصبح تلقي عالم الليل الاسفـــــــــــــــع
علـــــــــى اختــــــلاف اتــجـــاه
فـ»العِيل» يخًرجْ وسرْب البوم يرجعْ ويقبــــــع
في الكهـف يــغــــزل دُجَاه(35)
والفهد عايد وفي شدقه علامات تقطـــــــــــــع
بـــــكـــــل مـــــا قَــــــــد أتـــــــاه
بين «القَرَضْ» و«العَسَقْ» يمرق وجلده «مبرقع»
وفــــي عــيـــــــونـــــه دهاه(36)
ما يبصِرِهْ حَيّْ إلا صاح منه وأسرع
يهــــــــــرُبْ ويـــطـــلُــــبْ نجـاه
وبين الأحراش «سارْ» أنسل يجري و«يهبع»
«حــازق» على الصيد فاه(37)
وراه خلف عجوز فوق «المدَجّ» تقرع أربع
باربع لـمـــــــــا قــد جناه (38)
خنق جميع الدجاح وأختار بس «أُم قندعْ»
وسلـــــــهــــــــا «لا ســِقَــاه»(39)
وفي هذه المشاهد يفاجئنا الشاعر بنوع آخر من الحيوانات الجميلة التي ليست أليفة وهي الغزلان والظبى حيث تخرج مسرعة الخُطى مسرجة فرَح الصباح وعشق المراعي الوساع، ثم تختفي هذه الغزلان لتظهر بعدها الكلاب، وهي ما بين رائحة أو راجعة بين القرى.. ويظهر مشهد فكاهي يتسلل على خشبة المسرح هو نزال الكلاب والثعلب:
وسرب غزلان قال للسهلْ: هيَّا توَسَّــعْ
وهــــبَّ يعـــمــل خًـــطـــــــــــــاه
يطوي المسافات بالجري الموقع ويقطع
بـــعــد الــفــلاة الفـــــــــــــــلاه
ما تبْصِر إلا غُبارهْ في الهوى قد «تقَضّع»
ما اضعــف وما اقوى المهاه!(40)
وكلبْ لما تمطى اقْعَى بشِدْقـــــــــه وودّع
نومه وقال انتبــــــــــــاه
وكلبْ يجري ورا ثعلب ويتبع ويرجـــــع
و«الثَّعَلْ» يرجـــــــع وراه(41)
يصرخ ويعطس ويستهزيء «بدرباس الاجدع
و«لا التفت» لُهْ «فهاه»(42)
الحياة الروحية الصباحية
الفصل السادس يتضمن مشاهد المسرحية الشعرية التي تنقل نقلاً مختزلاً الجوانب الروحية الصباحية والإيمانية لتعاطي الناس مع شعيرة أذان صلاة الفجر، ومستويات الروح الإيمانية المختلفة بين شخص وآخر:
ما أجمل الصبح في ريف اليمن حين يطلع
مــــــــــارَقْ وانقــــــــــى سنــــــاه
والناس منهم من استيقظ وتمتم ورجــــــــع
وقــــــــام يــــــتــلـــــــي دعــــــاه
إما مزارع مبكر أو مسافر قد أزمـــــــــــــع
علــــــــى الســــفــــر وانتـــــواه
ومشتري له غرض في السوق يسرح ويرجع
بــــــمـــا يــــهــــمـــــه شِرَاه(43)
أما (الفقيه) فانطلق أذن على الناس واسمع
حلول وقـــــــت الـــصـــلاه(44)
والراقدين بينهم من نام مجهد فما «امْتَع»
يجيــــب داعـــــي دعــــــاه(45)
أو من رحل حين حل الفرض صلى بمنبع
كمَّـــــــل وضــــوءه بــــمــــــــــاه
وبينهم من حضر صلّى جماعة وودّع
بـــــــركعتيـــــــــــــــن لــــلإلـــــه
وبينهم من أحس البرد «فاخذى» وجمّع
مـن حول جِسْمــــِه دفـــاه(46)
ومن سمع لكن الحافز بِقَلْبْه مضعضع
فـ«ادرن» وواصــــل كـــراه(47)
وبينهم من توضَّى له ببيته و«قَرْمَعْ»
فريــضتــه فــــي «جُبَـــاه»(48)
صباح البشر في الطرقات
لم يكتفِ الشاعر في ملحمته بالنقل المباشر لصور ومشاهد العادات والتقاليد كجزءٍ من الموروث الشعبي للمجتمع اليمني، بل أسهب في رسم التفاصيل الدقيقة لمبتغيات الناس المنخرطين في الطُرقات العامة على حميرهم، غائصاً في وجدانهم ومطامحهم وسباقاتهم في كل اتجاه من الحياة، وهذا ما تجسَّد في تواصل سلسلة مشاهد الفصل السادس:
وتاجر أسرع وشلَّ «الخُرْجْ» حقَّه و«وضَّع»
عــلــى الـــحمار واعتـــلاه(49)
«مِتْوَجِّهْ» السوق «يشتي» يُوْصَلْ السوق «في سَعْ»
و»عاد هو» فـــــي حَمَـــــاهْ(50)
بضاعته للرعية (بّزْ) (قاز) (زيْتْ خروع)
«صيفــــــه»وحـــب الحياه(51)
و«زارعي» من «غبش» بكر تأزر وقوفع
و«شــلّ» فأســــه معــــــــــاه(52)
يشتي يسوي عمل في حُرّ ماله ويرْجَعْ
يضمد «مـــعــا» من دعـــاه(53)
وزارعي صاحب «الما»هب من أجل يرفع
فــــي الـحقل مجـــــرى مـيـــاه
مادام «دوْلَهْ» فهو في السايله قام «يهرع»
«سِرْبَـــــه» ويقصى قصاه(54)
«صَلَ» المغارس «قدِيْهْ» بالموت والما قد «انشع»
وربمـــــــا مــــــــا كــــفـــــــاه(55)
وحارس البن في الوادي الى البيت يرجع
وفـــــــــي يــمـينـــــه عــــصـــاه
في «إزْرَتِه» من تباشير «الجنَى» جمَّع اربع
«حِنَــــطْ» لقهــوةْ «بِدَاه»(56)
ولم يغفل الشاعر فـي مشاهد الفصل السادس لمسرحيته المفتوحة أجمل مشاهد الحياة الصباحية، المتمثلة في تصرفات الأطفال، وصراخهم وشيطنة أفكار الأشقياء منهم:
وأصوات في كل منزل، طفل صوته تقطع
ومــــــا «هَجَعْ» مـــــن بُكَـاه(57)
أُّمه وَابْوه غايبين في الحقل ما احدْ تسمَّع
ولاعــــــــــرف مـــــــــا شُكـــــــاه
وطفل ثاني سعل وابوه يصيح ليش ما سرع
هــــــــــذه الدوا فـــــي شــفـــاه
وطفل يصرخ ويظهر ان هو قام يرضع
واُمُـــــــــه تــقـــــول هِــيْ فداه
وطفلْ رابع خرج «بُطْرِي» «يزَغَبِر»وذرع
مطلـــــــــع وبـــيـــــن غـواه(58)
الصباح الأنثى
مشاكل النساء المختلفة والمعقدة وطقوس حياتهن وأعمالهن اليومية وجدلهن المشبوب بالغيرة من بعضهن، وكذا أحلامهن الوردية التي يكشف أساريرها ضوء الصباح مع انخراطهن في الأعمال اليومية، وتقاطرهن من كل صوب إلى منابع المياه والمحاطب والمراعي.. هذا ما حمله لنا الفصل السابع بمشاهده المليئة بشجون الصباح الأنثى:
الصبح بان والحسان البيض في كل «مَهْيَعْ»
مثــــل الظبـــا فــي الفلاه(59)
سويجيات العيون في الحقل «تطعم» وتقلع
طُفَــيــلــيــــات العـِضَـــــــاه(60)
وفاتنات الحواطب بين الاشجار تنزع
مــــــــن عـــــودهـا مـــاتشـــــــاه
هذه مليحه وهذه حسنها قد توزع
بـــيــــــن البنـيــــن والـــحيـــاه
وثالثهْ «عادها» في «ميعة» العمر «تُمْرَعْ»
ووردهـــــا فـــــــــــي جَنَــاه(61)
تختال بالناهد المرفوع والشعر الاسفع
يظــــــــــل جيــــــــد الـمـــهــــاه
«يتنادمين» بالحديث الطاهر الحلو تسمع
(فِــــرْتَـاشْ) حلو الشِّفاه(62)
وبينهن واحده تنزع وتقلع وتقطع
عجلــــــى على غير «اناه»(63)
حزينة الوجه والحسن الحزين المجعجع
يــدمــــــي قلـــــــوب القســــــاه
حتى طيور السما تبكي والاحجار تدمع
لــــــهــا.. ويـــــا «رَحْمتَاَه»(64)
أصلْ إنها عندها «خالهْ» من الصنف الاشوع
قـــــــد شبعتهــــــا حيــــــاه(65)
ماتظهر الا وخالتْها من السطح ترفع
صيــــــــــــاح يـــــــا وِحْشَتَــــــاه
تقول:يا «داهِجَهْ» يا«مِصْحِبَهْ» هات و«تقلع»
كــــــــلام ظـــــــاهــر جفاه(66)
من خوف هذا الكلام، كانت «بِتِعِمَل» بما «اوسعْ»
فــــي جهـــــــدهـا من قواه(67)
فـ»حزَّمَتْ» للحَطب حِزْمَه تساوي بها أربع
«مُشَّيـِمَــه» «ســـــــع أمــاه»(68)
وفي الطريق قال هاجس كل جهدِكْ مضيع
ولا تنـــــــــالـــــــــــي جـــــــــزاه
ضميرها قال ما «النُّصْحَة» مع «العَوْفْ» تنفع
أوتكفــــــــــي النــاس اذاه(69)
ما غير «شاشهد» عليها الناس من كان الاسرع
فـي عودته عـــن ســــــواه(70)
و»الواردات» في طريق المورد اسْراب «تهرع»
«بُكَــــــرْ» ورود الـمـيـــــــاه(71)
هذي تُغَنِّي وهذي تصلْح الشَّعَرْ باربع
بَنَــــــانْ تــظـــهــــــر حـــــــــلاه
وثالثهْ مُثْقَلَهْ بالنوم للجفن ترفــــع
والــجـــفـــن بـــايـــــن ونــــــــاه
أمستْ «معاها» طحين لـ«العون» لا ساعة اربع
اغـــفـــت وقـــالـــوا انتباه(72)
السياسة وحياة البسطاء
أما في الفصل الثامن فيُفْتَح الستار على قصة درامية تجسد الانعكاس السلبي للسياسة (إشارة إلى نظام الإمامة قبل ثورة 26 سبتمبر1962م) على حياة القرية وتحويلها إلى مورد مادي للنظام في المدينة من خلال إلزامها بدفع الجبايات، وقد بدأ الشاعر مشاهد هذا الفصل بتفاصيل أنسن فيها لغة وحركة فرار الديكة من مصيرهم المحتوم، المتمثل في الذبح، ضيافة إلزامية للعسكري الذي وصل منَفَّذاً على العجوز الفقيرة، في مشهدٍ لا يخلو من الضحك والأسى والتعاطف مع تلك العجوز:
كم في الصباح من عبر تبكي النواظر وتخشع
لـــــــهـــا قــــلــــــــوب الـــعُــــتَاه
فوق «الجُّبَا» دِيْك قد «جَفْجَفْ» يغَنِّي ويسْجَع
يقــــــــول: «كـــاكي ككاه»(73)
والعسكري من قفا «المزراب» «طيَّرْ» «بيهبع»
فصـــــــاح: يــــــا غــــارتاه(74)
العسكري جا أَلا يا ادياك كلين يسمــــــــــــــــع
إلــــــــى النّجـــــــاة، النّـــجــاه
وطار من اجل يتخّبَى وفي راس «مرنع»
خبَـــــــى ورا حــــوضْ ماه(75)
جا والعجوز اقبلت بعده فطار لكن اسرع
مثــــــل القطــا فـــــي الفــــلاه
خبَى بمطبقْ وهِيْ بعده تصَيِّح لك «اسْفَعْ»
مــــــــن جايعــــــات البُزاه(76)
ما حَسّ الا «يَدهْ» من خلف تمسك «وتنتع»
فصـــــــــاح واعــلـــــى نداه(77)
و»شَلَّتِهْ» وانّ صَوْتِه من نواحه تقَطّــــــعْ
يبكــــــي ومــــا ارحم بكاه(78)
يقول: يا «شِّبْتِي» «يا نا» عليها وما اسرع
«شــــامــــوت» يـــاعيبــتـاه(79)
إسكتش القطط
وفي الفصل التاسع من المسرحية المفتوحة.. يستوقفنا الشاعر «الإرياني» لحظات عامرة باغتراف الضحك اللذيذ في صباح الريف عندما يصوِّب عدسته على مشهد القطط المبكرة بينما يظل الشاعر يترجم لنا تلك اللغة المضحكة عبر أصوات معتركة.. ولكنه لا ينسى أن يؤشر في التوصيف إلينا لأخذ العبرة من وتيرة الصراع القائم الذي يحكمه منطق القوة ومصير المغرور المحتوم:
على جدار «الحوى» منظر صغير لكن اسمع
مـــاذا العِبـــــَر «ذي» وراه(80)
كيف الغرور يوقع المغرور في شر مصرع
ويــــمــتـــــــهــــــن كــبـــريــــــاه
قطين فوق الجدار الأول «ابقع» «مشرَّع»
وجِثْتِـــــه «سَــــــاع أمــــاه»(81)
والثاني اسود يداري خبث مكره وتلمع
عينــــــه بــمــا فـــــي حشـــــاه
«تقابلين» لا الوسط كُلاًّ يقول: «أَخِرْ اجْزَعْ»
علــــــى اختــــــلاف اتجاه(82)
وحلَّق القمر كُلاًّ قال: «ماناش» وأسرع
يعلــــــن لــخصمــه عــداه(83)
وصعد الأزمة القط المشرَّع فرفَّع
ذيلــــــه وقــــــــارب خُـــــطـــاه
مقوس الظهر يتقدم ورأسه قد «أشنع»
وأظـــهـــــر غـــروره وتــاه(84)
والأسود أظهر صنوف المكر فالبد وجمع
مثــــــل الـمــــــدافـــــع قـــــواه
وقام يوم «الله الله» وأبتدأ الضرب «فيسَعْ»
مـــــــــازد دَرِيت مـــن بداه(85)
حمى وطيس القتال من راقبه أو تتبع
يعـــــــرف علــــــى مـــن رحـــاه
ياصاحبي يظهر المغرور حاله تضعضع
ضعفـــــه ظهـر في «مُــوَاه»(86)
يظهر عليه: انهزم، يظهر لي: إنّه بيرجع
علـــــــــــــى قـــــفــــــــاه لا وراه
وكلب «كنِّهْ» مُخَاطِب قام «يهْفِلْ» و»يفْرَعْ»
يقــــول: «والـــــــــي ولاه»(87)
نَبَحْ فقال الضعِيفْ: «مَخْرَجْ» وسوَّى له «امْشَعْ»
وفَـــــــرَّ يـــــــا عبــــرتـــــاه(88)
لله ياصاحبي في عالمه شأن يصنع
بقــــــــدرتـــــــه مــــــايشــــــــاه
صلاة الولاء للريف
بعد ذلك سنقف جميعا، بعد أن تكون الشمس قد اصفرَّتْ كبرتقالة نستشف من لونها رائحة الحياة، والطلّ قد بدأ يغادر أو جاننا تحت تزاكي ضوء الشمس البرتقالي، وسيكون حينها الريف بمفرداته هو وجهتنا، ونحن جمهوره، نتلو صلاة الإعجاب مع مترجم الصباح الريفي الشاعر اليمني القدير مطهر بن علي الإرياني:
ما أجمل الريف! ما أحلى كل مافيه! ما أبدع
سحـــــره ومـــا اصفـــى هواه!
نوره مصفى من الأدران نهره تجمع
مــــــــن منبعــــــه فـــي صفـــاه
آمنت بالريف حيث الخالق افتن وأبدع
فـــــي الصنـــع وأعجـــز سواه
لو كان في الكون من يُعْبَدْ سوى الرب الارفعْ
واستغفــــــــــــــره لا ســمــــــاه
صليت لك يا بلادي كلما جيت موضع
أقــــمــــــت فــيــه الصــــــــــلاه
بطاهر التربه أتيمم وفي التربه أركع
وأخــــشــــع خشــــــوع التقــاه
وأعيش للريف (راهب) وأمنحه عمري أجمع
ومــــــــا (صليــبـــي)ســـــــــواه
وأعلم (مراسيم للتعميد) في كل منبع
وأغســـــــل جميــع الـخطــــاه
(ثالوثي) الطين والما والجمال المـــــنوع
فـــــــــي كـــل مــــا فــــي ربـــــاه
(نشيد الانشاد) شعري (والبخور المضوّع)
قلبــــــــي، وروحــــــــي فِــــداه
الهوامش
1 - نبأ نيوز 5 - يونيو – 2006م « مطهر علي الإرياني .. شاعــر مبــدع وعالــم آثــاري ألمــع»مقال صحفي ثقافي نقدي - للباحث والأديب عبد الباري طاهر.
2 - نفس المصدر.
3 - (4) نفس المصد (ث) ص 28
4 - نفس المصد (ث) ص 30
5 - نفس المصد (ث) ص 38
6 - كتاب «رحلة في الشعر اليمني قديمه وحديثه للشاعر عبدالله البردوني ص 351
7 - نفس المصد (ث) ص 39.
8 - كِّني: صيغة مزجية تعني «كأنني» بهذا الكون
9 - قداه: أي فر الظلام من أمام جيش الفجر..
10 - أزمع: هم أو نوى
11 - المدْرَبْ : مصب مياه السيول أو الجداول من الأماكن الصخرية المرتفعة.
12 - المهذور: بفتح الميم وسكون الهاء تسمية يمنية للشلال مضافة إليه الأسطورة الشعبية التي تقول أن المرأة العقيم إذا ما هي استحمت تحته تصبح ولوداً، أما إذا كانت ولوداً للبنات فإنها تصبح منجبة للبنين ولهذا فإن المرأة تتغنى وهي تستحم تحته قائلة :» ولد ولد يا مهذور / أما البنية محجور»، ويا من: كل من، و تمهذر به : استحم فيه.
13 - كل ساعْ : كل حين
13 - الوحي: هو الصوت الخفيف
14 - لي غصن: إلى غصن، وكُلّين : كل واحد يتبع هواه، وهذاك : أسم إشارة يعني ذاك، ويتبع: يثبت أو يقفز
15 - كلين: كل شيء،يجزع: يسير
16 - تفجع : تخيف
17 - الأخدر: النسر قوي النظر، وزوبع : أحدث زوبعة ودوي
18 - هكّبْ : أنقضّ من أعلى، وحنينه : الهدير الذي يحدثه أثناء انقضاضه
19 - الأدياك : ديوك وهي جمع ديك (ذكر الدجاج)
20 - عداه : ما تجاوز اللحظة المحددة
21 - ما حلّت : ما حانت ساعة الأذان
22 - تقول : تحسب أن، وسويسرلند : صناعة سويسرية
23 - يحجل : يتبتختر وبعده أربع دجاجات، وتزحل : تتسابق عليه
24 - ما يبصر : لا يكاد يرى الحبة إلا وخاطب الدجاجات الأربع من سبق لتلك الحبة فهي جَباه أي هدية له
25 - تحقي : تلتقط بمناقيرها، والحجل والقطاه : نوع من أنواع الطيور الحلال وهما من الحمام البري
26 - لي اتجاه : مصوبة للأمام
27 - يغطس : يختفي، وينْكع : يثبت
28 - الحيد : الشاهق والمكان المرتفع، وتشنقع : تعلق في مكان خطير، وبايده : بيديه، وحَباه : تسلقه وتعني ان الصياد تسلق الشاهق حبواً
29 - زغَّــر : بفتح الزّاي والغين المّشّددة بمعنى هجم مسرعاً على يديه ورجليه (أربع)
30 - إبْصِرْهْ : أنظر إليه كيف يمارس هواية فنّ الصيد، ابتطح : ثبت منبطحاً، وضّعْ : ثبّت نفسه وسلاحه
31 - وقَّعْ : أصاب الهدف
32 - حذاتهْ : حذاؤه، يدسع : أي يدوس ويطأ
33 - خيَّب : بتشديد الياء لم يصب الهدف، قذاله : شعر مؤخرة الرأس
34 - العِيل : جمع عيله وهي الحمامة البرية
35 - القَرَضْ والعَسَقْ : نوع من أنواع الأشجار الشوكية
36 - السّار حيوان : يشبه ابن آوى وهو يصطاد الدجاج ويغزوها ليلاً إلى أماكنها، ويِهْبَع : يقفز ويجري مسرعاً، حازق : مشدد قبضة فمه على صيده من الدجاج
37 - المدَجّ: بتحريك الدال وتشديد الجيم وهو مكان يخصص في المنزل لإيواء الدجاج، تقرع أربع بأربع : أسنانها العلوية على السفلية ندماً على دجاجها التي قتلها السار وكلها خنقاً
38 - أم قندع : هي كبيرة الدجاج التي راق للسار حملها بفمه بعد خنق جميع الدجاج، لا سقاه : إلى مخبأه أو وكره.
39 - تقضّع : أي تكسر وارتفع في الهواء
41 - الثعل : الثعلب لكنه في اللهجة الشعبية معروف بالثّعل.
42 - درباس : من أسماء الكلاب والأجدع من صفاتها أي مقطوع الإذنين، ولا التفت : وإذا التفت، أما فهاه : تعبير شعبي يمني ترافقه اشارة باليد مضروبة كف بكف أو اصبع الإبهام بالوسطى بشكل سريع وفيه دلالة على السرعة المتناهية.
43 - شِرَاه : شراؤه
44 - الفقيه : تطلق في اللهجة اليمنية على الملم إلماماً بسيطاً وهو في القرية صاحب شؤونها الدينية من العبادات إلى تعليم الصغار مبادئ القراءة والكتابة، الخرافة، إذ يغتقد إنه يصلح تمائم وحروز للمرضى.
45 - ما امتَعْ : لم يجد وقتاً لعمل شيء من الأشياء .
46 - أخذى : أسترخى واستراح في مكانه ودفاه : دفاؤه .
47 - أدرن : تصامم وتجاهل
48 - قرمع : أدى صلاته بسرعة، وجُبَاه : بفتح بضم الجيم وهي في اللهجة اليمنية تعني سطح منزله.
49 - الخُرْج : هو الكيس الذي يطرح فوق سرج الحمار ومكون من شقين متوازنين، حقَّه : أي الخاص به أو ملكه، ووضّعْ : أي ثبَّته في شكله الصحيح.
50 - يشتي يوصل في ساع : يريد الوصول بسرعة، وعاد هو في حَمَاه : لا يزال في أوج نشاطه.
51 - البَزَّ : القماش، والصيفة : زيت كبد الحوت، حبوب الحياه : فهو اسم يمني كان يطلقه اليمنيين بعض أقراص الأدوية .
52 - زارعي : مزارع : غَبَشْ: من الصباح الباكر، وقوفع: ربط ردائه مُعَمِمِاً به رأسه، وشل فأسه: أخذ الفأس الخاص بعمله.
53 - يشتي يسوي عملْ : يريد ينجز عمل مميز، حُرّ ماله : في ماله الحلال، ويتم هذا العمل من الغَبَشْ وحتى ما بعد شروق الشمس، يضمد معا من دعاه: يشارك في العمل مع أي جار يوجه له دعوة للتعاون في العمل ..
54 - يهْرَع : يحضر مسرعاً يصوب انحدار الماء إلى حقله، ودَوْلَهْ وسِرْبه : تحمل معنى واحد هو موعده لاخذ حصته من الماء لحقله .
55 - صل َالمغارس: أي إلى الغروس من الأشجار، و»قدِيهْ» هذا لظف باللهجة الشعبية اليمنية الدارجة يعبر عن حال الشيء (قدِيهْ بالموت)وصل ظمأها حد الذبول والموت، أنشع: خف وقل تدفقه في الوادي.
56 - في إزرته : في ثنايا إزاره حول خصر، وتباشير الجنى، هي طلائع موسم جني محصول البن، حِنَطْ.. جمع حنطة وهي الحبة من البُّنْ ( محصول يمني شهير) التي يعمل منها القهوة، وبِدَاه : قهوة فطوره الصباحي.
57 - ما هَجَعْ : ما كفّ ولا هدأ من البكاء
58 - يزغبر : أي طفل خرج ليبول بعد نوم الليل، ومعنى ذرَّعْ: أي جاءته الرغبة أن يبول نحو الأعلى، لتتضح دون قصد منه كم هو جاهل بأداب الخلاء. والمقصود بالشطانة : تصرّف الأطفال الأشقياء.
59 - مَهْيَعْ : في حقل أو مزرعة.
60 - تطعم : تجمع الطعم أي الأعلاف للمواشي .
61 - عادها في ميعة العمر: لم تزل في مقتبل الشباب، تُمْرَعْ: أي معرّضة للإصابة بالعين لجمالها، والمرَّاع: بتشديد الراء يعني في اللهجة اليمنية والإعتقاد : صاحب العين الخبيثة بالحسد.
62 - يتنادمين : أي يتبادلين الحديث، والحلو هو الشجي والهادئ والعامر بالأنوثة، ومعنى فِرْتاش: نوع من العزف على العود، وفي المعنى الأقرب تجسيد للشفاه بالورود الحّمر حين تفتش براعمها مسفرة عن منضر بديع وهي صورة شعرية .. وكما لو أنك تسمع أحاديثهن الشجية وتتخيل منظر تهامس الشفاه حين يتجاوبن أو يتبادلن الحديث كفرتشة الورود.
63 - اناه: غير مِتْأنية..
64 - يا رحمتاه : بالشدة والإشفاق والرثاء.
65 - الخالة : زوجة الأب وتكون في أحيان قاسية، والأشوع : الكريه والسيء، وشبعَتها حياه : جعلتها تكره الحياه.
66 - داهجة : سبهللة، مصحبة : ذات صاحب يجلس معها وهي صفات ذم وشتيمة في اللهجة اليمنية، هات وتقلع : صيغة مبالغة لما تخلع عليها خالتها من الصفات المذمومة .
67 - بتعمل بكل ما اوسع : تجهد نفسها ما تملك من قدرة وجهد عسى توقف سيل الشتايم من خالتها.
68 - حزّمت : ربطت الحزمة، تساوي بها أربع : كبيرة كأنها أربع حِزَم، ومشّيمة : عالية الكبر فوق رأسها، وسع أماه : لفظ إشارة بالعامية تطلق على كبر الحزمة الحطب المقصودة، ويصاحب النطق به إشارة باليدين.
69 - النصحة : العمل بجد، العوف : كريه الطباع.
70 - شأشهد : سأطلب الآخرين يكونوا شهوداً بيني وبينها.
71 - الواردات : النازلات على موارد (آبار أو عيون) المياه، وتهْرَعْ: تتدفق، بُكَرْ: جمع بُكْرَه وهو الصباح الباكر قبل طلوع الشمس.
72 - للعون : العون هو من التعاون أي إجتماع عدد من العمال والجيران لأنجاز عمل أحدهم من أبناء القرية، ودرجت العادة أن تتعاون النساء في طحن الحبوب بالرّحى يدوياً، لتوفير الطحين الكافي لغداء هؤلاء العمال، وبالتالي على المرأة أن تصحو تمام الساعة الرابعة مع أذان الفجر.
73 - الجّبَا :سطح المنزل، جفجف : نفض جناحيه قبل أن يكاكي، كاكي ككاه : ترجمة لفظية لصوت الديك حين يصدح به عالياً من فوق أحد المنازل.
74 - المزراب: حائط يقام حول المزرعة المجاورة للمنزل، والزرب : مجموعة كبيرة من أغصان الشجر الشوكية المتشابكة تمنع الماعز والأبقار من دخول الحول المزروع، وطيّرْ: بتشديد الياء مع الفتح أي وَصل، فصاح : أي الديك، ياغارتاه : عبارة تستخدم للنجدة.
75 - المرنَعْ: هو الممر الذي تسير فيه الدابة هبوطاً وصعوداً في عملية جرّ الماء من البئر بالمسنى، ومعنَى خبَى : تخبّى خلف حوض الماء والمطْبَقْ: يعني الزقاق.
76 - تصَيِّحْ لك اسْفَعْ : عبارة فيها دعاء العجوز على الديك بأن يتسلط عليه أسفع وهو الباز أو الجارح الجائع.
77 - العجوز : هي صاحبة الديك، أيدها : يديها، وتنتع: تشد وتنزع
78 - شَلّتِهْ : أخذته .
79 - يا شِبَّتِي : يا شبابي، يانا عليها: عبارة يمنية تفيد التحسر والنَّدم على الشيء، وشاموت : أي سأموت، يا عيبتاه: بالشدة الرثاء والإشفاق.
80 - الحوى : الحوش المحيط بالمنزل القروي، وذي : هذه .
81 - أبقع مشرّعْ: ذو ألوان متعددة، وجثته ساع أماه :عبارة يمنية تفيد استكبار الشيء تقال مصحوبة بإشارة باليدين تدل على الحجم.
82 - تقابلين : تقابلن، والوسط : منتصف الجدار الذي يسرن عليه، وأخِر أجزع : أي تنح جانباً كي أمر.
83 - حلَّقْ القِمْرْ : حل الإصرار والعناد لدى الطرفين، ما اناش : عبارة تعني الرفض.
84 - أشنع : أرتفع إلى الأعلى.
85 - يوم الله الله : تعبير عن اليوم العصيبْ، والشرَّ المستطير، وفيسع : في تلك اللحظة وبسرعة، ومازدِرِيت : لم أعد أدري من بدأ الضرب من القطين.
86 - مواه: مواؤه .
87 - كِنِّهْ : كِأنه، ويهفل : يرخي أذانه وشدقه، ويفرع : يفصل بين الطرفين المتشجارين (القطين) .
88 - مخْرَجْ : مفر وفرصة للهروب، وسوّى له امشَعْ : تعبير يدل على الانسحاب والإنسلال السريع، «والي ولاه»: عبارة يقصد بها الويل من هذا الشجار.
ملاحظــة: الهوامش مشروحة بالتفصيل في هوامش صفحات القصيدة (ملحمة الريف) المنشورة في ديوان فوق الجبل للشاعر مطهر الإرياني والذي حققه الاستاذ الدكتور / عبد العزيز المقالح.